Haneen
2014-12-18, 11:00 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (232)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاثنين
6/ 1 /2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
من حق شعبنا أن يعرف !
بقلم: حديث القدس – القدس
لحساب من تعمل «داعش»؟
بقلم: الياس حرفوش – القدس
أميركا تبتعد أكثر في 2014
بقلم: حسان حيدر – القدس
الإعلامي الأول والأديب الأول والباحث الأول!!
بقلم: د.حسن عبدالله – القدس
رغم كثافة الضباب ثمة ما يستحق التوقف عنده
بقلم: طلال عوكل - الايام
الأسرى: الحرية على الأبواب
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
جولة كيري ومآلها!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
التحديق طويلاً في ملامح الديكتاتور
بقلم: غسان زقطان – الايام
تغريدة الصباح - يا ستي... اقرأْ لي الإيميل !
بقلم: محمد علي طه – الحياة
تسريبات "كيري" أو مقارباته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
الحكمة والشجاعة معا
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ليرفع الحصار عن اليرموك
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
قيادة الجامعة
بقلم: أ. د. علم الدين الخطيب – الحياة
لا شــيء يعجبني
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
من حق شعبنا أن يعرف !
بقلم: حديث القدس – القدس
مع تضارب الأنباء والتصريحات من مصادر مختلفة حول نتائج جولة المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو واعتبر أنها أحرزت «تقدما» ، ووسط ما يتسرب من أنباء من مصادر عدة حول «حقيقة» ما جرى في هذه المحادثات سواء بالنسبة للموقف الاميركي او للموقفين الفلسطيني والاسرائيلي يشعر المواطن الفلسطيني إنه وسط دوامة من التناقضات من جهة وأن «التقدم» الذي يتحدث عنه كيري وبعض المصادر الاخرى لا يخفي الخلافات الجوهرية القائمة بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي أو بين الموقف الفلسطيني المعلن وبين المقترحات الاميركية التي لا نعلم حتى اللحظة ماهيتها وهو ما يعني ان حالة من الارتباك والتشويش والقلق وربما الانتظار تطغى على الشارع الفلسطيني على الرغم من ان الرئيس محمود عباس أكد وكرر في اكثر من مناسبة الثوابت الفلسطينية والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في المفاوضات أو أي حل يمكن التوصل اليه.
وربما ان زيارة كيري بعد هذه الجولة لكل من عمان والرياض أضفت ايضا نوعا من التكهنات والشائعات من جهة وحالة التشويش من الجهة الاخرى خاصة بعد اعلان متحدث سعودي رسمي بأن الجانب السعودي يتمسك بمبادرة السلام العربية وأن من الأجدر بوزير الخارجية الاميركي الضغط على اسرائيل للاستجابة لهذه المبادرة وقبول المطالب الفلسطينية المشروعة.
واذا صحت الانباء حول ان ساعات طويلة كرسها كيري لمطالبة الجانب الفلسطيني للاعتراف باسرائيل «دولة يهودية» فان ذلك سيكون بمثابة مفارقة تدعو الى السخرية خاصة وأن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني سبق وان تبادلت الاعتراف مع اسرائيل في اطار اتفاق اوسلو منذ العام 1993 ، كما أن دول العالم التي اعترفت باسرائيل لم تعترف بها كدولة يهودية فكيف يطالب الجانب الاميركي الفلسطينيين اليوم بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية واميركا نفسها لم تقدم مثل هذا الاعتراف.
وعدا عن ذلك وإذا كانت اسرائيل تصر على هذا المطلب استنادا الى ما ورد في القرار 181 «قرار التقسيم» لعام 1947 فانه لا يحق لاسرائيل اليوم الاستناد الى قرار رفضت وترفض تطبيقه ولا يمكنها ان تنتقي منه ما تشاء وترفض ما تشاء.
كما ان ما تسرّب من انباء لا ندري مدى صحتها حول ان تكون القدس «موحدة» وعاصمة للدولتين الفلسطينية والاسرائيلية وحول قبول اسرائيل بأن تكون حدود عام 1967 اساسا للحل فان مثل هذه الأنباء ضبابية وغير واضحة المعالم. فما هي «القدس الموحدة» التي ستكون عاصمة الدولتين؟
وكيف يقال ان اسرائيل توافق على حدود عام 1967 كأساس وهي حتى هذه اللحظة تصر على ابقاء سيطرتها على منطقة الغور وعلى ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية تشمل الكتل الاستيطانية الكبرى تماما كما تصر على اعتبار «القدس الموحدة» عاصمتها الابدية ؟! ولذلك نقول اننا لم نلمس حتى الان طبيعة «التقدم» الذي يتحدث عنه كيري من جهة، كما لم نلمس أي تغير في الموقف الاسرائيلي او في السلوك الاسرائيلي. هذا عدا عن أن اسرائيل والادارة الاميركية لا زالتا تتجاهلان مبادرة السلام العربية التي تشكل الحد الادنى الذي يجمع عليه العرب كأساس للسلام والتي لا يمكن تجاوزها بأي حال.
إن ما يجب ان يقال هنا ان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات من حقه ان يعرف طبيعة المواقف والمقترحات الاميركية وكثرة المواقف الاسرائيلية التي تطرح ومن غير المعقول او المقبول ان يدور الحديث عن مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته فيما يعيش الشعب الفلسطيني هذه الحالة من التشويش وتضارب الانباء والقلق. كما ان ما يجب ان يقال ان الثوابت الفلسطينية واضحة والحقوق الفلسطينية المشروعة واضحة ولا يمكن صنع سلام حقيقي عادل ودائم وشامل دون اعتراف اسرائيل بهذه الحقوق وتخليها عن أطماعها التوسعية والاستيطانية ومحاولاتها لاملاء شروط الحل ودون تخلي الولايات المتحدة الاميركية عن انحيازها لاسرائيل وتجاهلها للشرعية الدولية وللحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الاراضي المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس العربية وحقه في رفض كل اشكال الاحتلال والهيمنة التي تسعى اسرائيل وواشنطن لتسويقها تحت يافطة السلام.
لحساب من تعمل «داعش»؟
بقلم: الياس حرفوش – القدس
هذا السؤال بات يطرح نفسه في ظل ما يحكى عن التقدم الذي يحققه مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على الجبهات في كل من سورية والعراق، إضافة إلى ما ذكره أحد المواقع على شبكة «الإنترنت» عن إعلان هذا التنظيم المسؤولية عن الانفجار الأخير الذي وقع في الضاحية الجنوبية في بيروت.
الهدف من السؤال هو البحث عن الجهة المستفيدة من تحرك هذا التنظيم وقتاله الشرس، وذات الطابع المذهبي على الجبهات التي يخوض الحرب فيها، فليس من قبيل الصدفة أن المجازر التي يرتكبها مقاتلو هذا التنظيم والطابع التكفيري الذي يتميز به خطابه يسرق البساط من تحت أقدام القوى السنّية المعتدلة في أكثر من مكان، ويمنح ورقة ذهبية للأطراف التي تتصارع معها هذه القوى، من خلال اتهامها بأنها توفر غطاء لهذا الفكر التكفيري.
نرى ذلك في أكثر من ساحة، من العراق إلى لبنان مروراً بسورية: انتعاش لنشاطات «داعش»، في ظل حماية قوى معروفة بتطرفها المذهبي، في مقابل توظيف هذا الانتعاش لتوجيه الاتهام إلى الإسلام السنّي بمجمله بأنه المسؤول عن تغذية الفكر التكفيري، فيما هو الضحية الأولى له.
في العراق، دخلت قوات رئيس الوزراء نوري المالكي في مواجهة مع المناطق ذات الأكثرية السنّية في محافظة الأنبار. تلك المناطق التي تميزت بقتالها ضد الاحتلال الأميركي للعراق، وعندما هُزم الاحتلال، تم تسليم البلد إلى القوى التي تحكمه اليوم.
هذه المناطق ذاتها هي التي تمارس إدارة المالكي بحقها سياسة إقصاء مذهبي و «تكافئها» على مقاومة الاحتلال بالحرمان السياسي والتهميش في دارات الدولة. وعندما انتفض أهل هذه المناطق وقاموا بالاعتصام للاحتجاج على ما يتعرضون له، صدرت الأوامر لقوات الجيش بفك اعتصامهم بالقوة. وتحت ضغط تلك المواجهات، قامت قوات الجيش فجأة بإخلاء مواقعها، ومعها مراكز الشرطة، فاستباح مقاتلو «داعش» المدن الرئيسية في محافظة الأنبار، وسيطروا على الفلوجة وأعلنوا قيام «ولاية إسلامية» فيها، كما يحاولون السيطرة على مدينة الرمادي. ووجد المالكي في ذلك فرصة لاعلان القتال ضد «المجاميع الارهابية» كما سماها، قاطعاً الطريق بذلك على المطالب السياسية التي يرفعها اهل الانبار.
أما في سورية، وبعد ثلاث سنوات من عجز النظام في المواجهة مع قوات المعارضة ممثلة بـ «الجيش السوري الحر» والفصائل الأخرى التي تخوض الثورة ضده، تقوم «داعش» اليوم بالجزء الأكبر من هذه المهمة، بعد أن جنّد النظام «شبيحته» وسجناءه وحتى بعض ضباط جيشه، إلى جانب هذا التنظيم، الذي تقتصر عملياته في سورية على المواجهات مع «الجيش الحر»، وعلى القضاء على كل القوى التي تنشط من أجل التغيير الديموقراطي وقيام الدولة المدنية.
فيما تركز بيانات «داعش» على تكفير قادة «الجيش الحر» وقادة «الائتلاف» و «المجلس الوطني»، وتثير الخوف بين الأقليات، من مسيحية وعلوية وكردية وغيرها. وطوال الفترة التي ظهرت فيها «داعش» على ساحة القتال في سورية، لم تسجل أي مواجهة أو عملية عسكرية قامت بها قوات النظام ضدها، وذلك على الرغم من الحرب الشعواء التي يخوضها هذا النظام ضد كل مواقع المعارضة، بكل أنواع الأسلحة، بما في ذلك المجازر التي يرتكبها في حلب وريفها بواسطة البراميل المتفجرة. هكذا باتت صورة القتال في سورية كما أرادها النظام منذ بداية الثورة في ربيع عام 2011: مواجهة مع قوى الإرهاب والتطرف، ولا علاقة لها بأي مطلب إصلاحي.
وفي لبنان، وبعد أيام قليلة على اغتيال الوزير السابق محمد شطح، تم تنفيذ عملية انتحارية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف خلق انطباع أن هناك «توازناً» في الأعمال الإرهابية التي تضرب العاصمة اللبنانية والمناطق الأخرى، ولإبعاد تهمة مسؤولية الاغتيال عن الفريق الآخر. وبالفعل لم يتأخر قادة «حزب الله» في اتهام من أطلقوا عليهم اسم «التكفيريين» بالمسؤولية عن التفجير الإرهابي في الضاحية، من غير تمييز بين خصومهم من قوى 14 آذار والقوى المتطرفة الأخرى الناشطة على الساحة اللبنانية.
في مواجهة «داعش» تنشط الآن ثورة جديدة يقوم بها مقاتلون معارضون في سورية وتنظيمات من العشائر في محافظة الأنبار العراقية وقوى معتدلة في لبنان، تعتبر أنها الضحية الأولى لهذا التنظيم الإرهابي. وهذه الثورة لا تقاتل «داعش» وحدها بل هي في مواجهة أيضاً مع الأنظمة والقوى التي وفرت لـ «داعش» فرص الحماية.
أميركا تبتعد أكثر في 2014
بقلم: حسان حيدر – القدس
كادت اخبار الولايات المتحدة تختفي عن شاشات العالم في الاسابيع الاخيرة من العام المنصرم. لم يكن هناك ما يقال عن رئيسها ولا عن سياساتها التي باتت تبنى على حسابات ومفاهيم داخلية بحتة، ومن المرجح ان تكون في العام الجديد اكثر غيابا عن قضايا العالم وهمومه، أولا لان قيادتها قررت الانسحاب من شؤونه، وثانيا لانشغالها بمشكلاتها التي يبدو انها ستتفاقم في وجه اول ملون اختارته رئيسا.
أحدث باراك اوباما هزتين كبيرتين في الشرق الاوسط خلال العام الفائت، اولاهما تراجعه عن توجيه ضربة عسكرية الى نظام الاسد رغم تأكيده المتكرر بأن الاسد هو المسؤول عن الهجمات بالسلاح الكيماوي، بحيث فتح الباب واسعاً امام الافلات من العقاب الذي كان انتقده مرارا ووعد بوقفه، والثانية مفاوضاته السرية المباشرة مع ايران والتي لم تسفر اقليمياً عن اي نتيجة ملموسة توحي بوقف الهجمة الايرانية في المنطقة.
كانت الهزتان النتيجة الواضحة للتحول الكبير الذي اعتمده الرئيس الاميركي في مقاربة السياسة الخارجية: اميركا أولاً واسرائيل ثانياً... ولا ثالث لهما. وهكذا تُرك السوريون لمصيرهم فيما حربهم الاهلية تتأجج اكثر فأكثر بلا اي أمل في حل ممكن، وتواصل ايران وادواتها في المنطقة سياسة قضم الاستقرار واستبدال نفوذها به، وازالة العقبات التي تواجهه واحدة تلو الاخرى، مثلما حصل قبل ايام في لبنان مع اغتيال الوزير السابق محمد شطح.
لم تعد الولايات المتحدة اللاعب الرئيسي الوحيد في العالم، ولم تعد كلمتها مسموعة. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي صار الجميع ينتظر موقف واشنطن كلما طرأت مشكلة كبرى في بلد ما. لكن الحال تغيرت بسرعة وصارت هناك بدائل عدة من الاميركيين.
اوروبا تتحرك وحدها تقريبا حماية لمصالحها ونفوذها بعدما ادركت ان التباين مع الولايات المتحدة يتعدى التفاصيل الصغيرة الى جوهر العلاقة بين الطرفين، خصوصا بعد فضيحة التجسس على قادتها، وبعدما استنتجت ان الحرص على التشاور قائم من طرف واحد فقط. اما روسيا فلا توفر فرصة لاثبات انها موجودة وبقوة على الساحة الدولية، وانها تنشط بفاعلية لحماية قواعدها الاقليمية مثلما تفعل في سورية واوكرانيا وجورجيا. فيما الصين التي تعمل بصمت تمسك بيدها مقادير اقتصادية هائلة توفر لها حصانة في وجه الاميركيين الذين يحتاجون بلايينها.
اما على الصعيد الاميركي الداخلي، فقد دفعت النتائج الكارثية المتوقعة خلال الولاية الثانية لاوباما بعض الاميركيين الى مقارنتها بالولاية الثانية لجورج بوش الابن التي جرّت ويلات كثيرة على مواطنيه كان ابرزها الانهيار الاقتصادي والمالي الذي ورط بلاده والعالم فيه وسلسلة الحروب الدولية المكلفة وغير المجدية. لكن مشكلات اوباما قد تكون اكبر.
فالترجيحات تشير الى ان حزبه الديموقراطي قد يخسر سيطرته على مجلس الشيوخ، وان منافسه الجمهوري سيعزز في الوقت نفسه سيطرته على مجلس النواب، ما يعني ان الرئيس سيواجه في الفترة المتبقية له اكثرية في مجلسي الكونغرس تعارض سياساته وتعرقل مشاريعه المترنحة اصلا. وقد يكون نصيبنا في الشرق الاوسط انعدام اي دور اميركي ضروري لحفظ التوازن ووقف الهجمة المنسقة بين طهران وموسكو.
الإعلامي الأول والأديب الأول والباحث الأول!!
بقلم: د.حسن عبدالله – القدس
مهنة الإعلام هي من المهن التي تتيح للعامل فيها نسج علاقات إجتماعية واسعة، حيث يصبح الإعلامي وبخاصة في ظل تطور وسائل الإتصال معروفاً لقطاعات جماهيرية مختلفة، وحينما يذهب إلى السوق أو يتجول في الشارع يشار إليه بالبنان من قبل اناس شاهدوا صوره في الصحف او من خلال مواقع الانترنت أو خلال تغطياته للنشاطات والفعاليات لصالح المحطة التلفزية التي يعمل.
وهناك قسمان من الإعلاميين:
الأول مثقف ومتمكن كلما تزداد شهرته وانتشاره يزداد تواضعًا ويشعر بمسؤولية أكبر ويسعى بشكل دؤوب لتطوير أدواته وصقلها وتعميق معارفه وخبراته. والحقيقة أن المتابع أو العامل في هذا المجال يدرك تماماً بأن هؤلاء قلة.
الثاني: إعلاميون صغار في العمر الزمني والمهني أو صغار في التجربة والمهنة رغم انهم كبار عمرياً ومضى على عملهم عقود من الزمن في المهنة، لكنهم انتفخوا منذ أن نشروا مقالاً أو مقالين في بداية التجربة، ولم تنفع معهم كل وسائل التنفيس القديمة والجديدة، أو مجرد أن بثت لهم فضائية معينة تقريرا او تقريرين وعاشوا بعد ذلك حالة من الإنتفاخ المزمن.
ولأن الذين ينضوون تحت هذا التصنيف اصيبوا بالغرور ظلوا يراوحون في المكان ذاته، لانهم ترفعوا على التعلم والقراءة والإستفادة من تجارب الآخرين، فقد "ختموا العلم" رغم انهم لم "يختموا" شيئا.
والغريب في الأمر اذا سألت احدهم، من هو الإعلامي الأول في فلسطين، يسارع كل واحد ليدق على صدره، أي أنه هو بلا منازع أو منافس، هذا اذا كان متسامحاً وأجابك عن سؤالك دون ان يوجه لك وابلاً من اللوم والإستنكار، فالسؤال بحد ذاته ينم عن شك، وكيف بك تشكك ولا تعرف الأول بتلقائية وبلا أسئلة!
التصنيف سالف الذكر الخاص بالإعلاميين ينسحب على الكتاب والباحثين، لأن غالبية الممارسين للعملية الكتابية إبداعا وبحثا يصنفون أنفسهم تحت إطار الأول مع الإصدار الأول في الشعر والقصة أو الرواية والبحث.
لدينا إذن معضلة الأول، ولدينا في المقابل فراغ في مرتبة الثاني والثالث والرابع والمئة.
أما القسم الثاني فيندرج ضمن التوصيف التالي:
فقد كان الصحفي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يعمل ويكدح يقرأ ويتابع "وينشف ريقه" قبل ان يتسنى له نشر تقرير أو مقالة، حيث الإشتراطات والمعايير المشددة وضعف الخيارات، فلم يكن في الضفة والقطاع سوى ثلاث صحف، وأن العمل كان محصورا في الصحافة المكتوبة وما أكثر الذين تمنوا الإلتحاق بصحيفة حتى لو كان الامر تطوعًا.
لذلك فإنه مطلوب من الصحفي الصغير أن يجتهد كثيراً ويسلخ من عمره السنوات حتى يغدو كبيرا، ومع ذلك لا يطلق على نفسه الصحفي الأول، لان هناك أوائل يصطفون أمامه يجلهم وينحني إحتراما لتجاربهم، وكذلك الامر بالنسبة إلى الكاتب أو الشاعر الشاب، فنشر قصيدة كان يستدعي الاحتفال والاحتفاء والشعور بالامتنان للمحرر الكبير الذي قدر موهبته الشابة وأخذ بيده لينشر نتاجه الأول، لكنه كان من الصعب جدًا أن يطلق على نفسه الأديب الأول، لانه بدأ يتلمس تجارب الأوائل ويكتشفها ويشعر أن الاقتراب منها يعني الإجتهاد ثم الإجتهاد وتدريب الموهبة وصقل الأدوات والإرتقاء بالإمكانات.
إن مهنة الإعلام والعمل الكتابي والإبداعي يتطلبان ثقافة معمقة ومعرفة دقيقة بتفاصيل الحياة الداخلية، إلى جانب معرفة ما يدور في العالم القريب والبعيد، وقبل ذلك يتطلبان نفساً طويلاً وعملاً دؤوباً مضنياً يستند إلى قراءة وقراءة. أي أن الوصول إلى الصف الأول يحتاج إلى التدرج البطيء الصبور من المئة الى التسعة والتسعين فالثمانين والسبعين... الخ. عندها يمكن لمن اختار هذا الطريق أن يصل الى الأول. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف السبيل للوصول إلى الأول، الجواب أن تبدأ بعيداً بعيداً عن الأول. لأنك اذا بدأت من الأول ستظل أخيرًا مدى الدهر.
رغم كثافة الضباب ثمة ما يستحق التوقف عنده
بقلم: طلال عوكل - الايام
كثرة التصريحات التي تصدر عن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بشأن فشل المفاوضات في إحداث اختراق، لا تعني بالضرورة أن الجهد الأميركي المنسق مع الاتحاد الأوروبي، قد وصل إلى طريق مسدود، أو أن مصيره بالضرورة، سيصل إلى طريق مسدود.
ثمة عزم أميركي أوروبي، على متابعة الفرصة التي أتيحت للمفاوضات، بهدف تحريك عملية السلام، المتوقفة منذ زمن طويل، بدون الخوض في خلفيات وأسباب هذا العزم، وأيضاً بدون تجاهل أن الولايات المتحدة، لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً ومحايداً، بعكس ما قاله وزير الخارجية جون كيري عند مغادرته الأراضي المحتلة في جولته العاشرة، الذي أكد أن الدور الأميركي سيكون عادلاً ومتوازناً، بدون الخوض في كل ذلك، فإنه ينبغي على الفلسطينيين من كل الأجناس والاتجاهات ان ينظروا بجدية بالغة، لمجريات الدور الاميركي.
الكل من الطرفين متشائم، والفلسطيني أكثر تشاؤماً، والكل ينفي وجود مبادرات أميركية مكتوبة أو مكتملة، لكن ذلك، لا يدعو إلى تجاهل التفاؤل الذي عبر عنه مرتين الوزير كيري، بما في ذلك بعد جولته التاسعة.
وعبر عنه لمرة واحدة الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد جولة كيري التاسعة، حين تحدث عن تقدم في المفاوضات.
وبغض النظر عما اذا كانت هناك قنوات تفاوض سرية، موازية للمفاوضات الرسمية العلنية، التي يديرها الدكتور صائب عريقات، أسوة بما جرى خلال مؤتمر مدريد، ومفاوضات أوسلو الموازية، فإن المفاوضات الحقيقية تدور على مستوى القمة، الدكتور عريقات الذي يتمسك باستقالته، منتظراً قرار الرئيس محمود عباس، هو الأكثر تشاؤماً، إذ صرح بأنه لم يعد أخلاقياً يحتمل استمرار المفاوضات، في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية، هذه المفاوضات، التي كان آخر جلساتها الرسمية في الخامس من تشرين الثاني الماضي. هذا يعني أن ثمة قناة أخرى تفاوضية، مرجعيتها المباشرة، كيري وليس مارتن انديك، والرئيس محمود عباس، وليس عريقات، وبنيامين نتنياهو وليس تسيبي ليفني.
المفاوضات ليست فلسطينية إسرائيلية مباشرة، ما يجعل القناة الرسمية، مجرد غطاء، لمفاوضات يديرها الوزير كيري، مع كل من عباس ونتنياهو ولا تقوم على خطة أميركية جاهزة، أو أفكار نهائية أو شبه نهائية. من الواضح أن كيري بدأ جهوده بالاستماع، ثم أخذ يقدم أفكاراً، لفحص مدى إمكانية تعديلها في ضوء ردود الطرفين، بهدف جسر الهوة. من الواضح أن الولايات المتحدة، تبدي استعداداً عالياً، لتقديم ضمانات أمنية وغير أمنية، لتعويض ما يراه الطرفان خصوصاً الإسرائيلي، بسبب وفي حال رفض الآخر للمتطلبات الحيوية.
وفق التصريحات العلنية، المعززة بممارسات عملية من قبل الطرف الإسرائيلي خصوصاً يبدو أن تحقيق اتفاق سلام، أمر أقرب إلى المستحيل، الطرف الإسرائيلي يتمسك بقوة، بشرط الاعتراف بيهودية الدولة، ويرفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، ويتمسك بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ويرفض رفضاً قاطعاً الموافقة على حق عودة اللاجئين، أو التخلي عن أطماعه الأمنية في منطقة الغور، والحدود مع الأردن.
أما الطرف الفلسطيني فهو بحسب الرسالة، التي أرسلها الرئيس عباس للرئيس الأميركي باراك أوباما في الثامن من كانون الأول الماضي، بعد لقائه كيري، فإنه حدد ما لا يقبل به.
بحسب الدكتور عريقات، خلال مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية، تضمنت رسالة الرئيس عباس، أربع لاءات، الأولى: لا نستطيع قبول إسرائيل كدولة يهودية، والثانية، لا نستطيع قبول أي دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، بدون القدس، والثالثة: لا نستطيع قبول أي إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية براً وبحراً وجواً ومعبراً. أما الرابعة والأخيرة، فإن الفلسطينيين لا يستطيعون قبل أي حل من دون ممارسة اللاجئين الفلسطينيين حقهم في الخيار حسب القرار 194، حق العودة والتعويض والافراج عن المعتقلين حال التوقيع على الاتفاق.
إذا كان الفلسطينيون يقفون على حدود الشرعية الدولية، ولا يتجاوزون سقفها في مطالباتهم، فان المشكلة هي في أن المطالب الإسرائيلية تتجاوز كثيراً، حدود الشرعية، بل انها لا تعترف بما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية، وتسعى في الأساس، لإعادة صياغة دورها الاحتلالي.
المشكلة إذاً ليست عند إسرائيل، المعروفة، بسياساتها الاحتلالية وأطماعها، ومواقفها من الشرعية الدولية، وإنما المشكلة عند الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين عليهما أن ينتصرا للشرعية الدولية، وإلاّ كانا إلى جانب الطرف الذي يستهتر بالشرعية الدولية.
إن إسرائيل لا تستطيع أن تتحدى المجتمع الدولي. في حال التزمت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي بحدود القانون الدولي والشرعية الدولية، خاصة وأن إسرائيل ما تزال دولة غير مستقلة وغير قادرة على تأمين بقائها وقوتها بدون دعم الولايات المتحدة، والدول التي صنعتها.
الباحث الأسترالي اليهودي جدعون بوليا، قدم دراسة أكاديمية مؤخراً، حملت عنوان "أستراليا تهدد الأكاديميين اليهود"، يستنتج أن الولايات المتحدة، صرفت مبالغ أسطورية، قدّرها بأربعين تريليون دولار هي تكلفة بقاء إسرائيل، ولدعم استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والعسكري، وهي ما تزال الضامنة الأكيدة لبقاء إسرائيل واستقرارها فهل يمكن للعصابة المتطرفة التي تدير السياسة الإسرائيلية أن تتحدى الإرادة الأميركية في حال توفر هذه الإرادة؟
إذا كانت إسرائيل مصرة على الاستمرار بسياساتها الإجرامية، التي ينتفض عليها عريقات، فإن المشكلة هي أن الفلسطينيين مترددون في توظيف ما لديهم من أوراق وخيارات لمواجهة هذه السياسات الإجرامية، لكن طغيان التشاؤم على تصريحات المسؤولين الفلسطينيين قد لا يعكس الحقيقة.
زيارة كيري للسعودية صاحبة المبادرة العربية للسلام، وقائدة مجلس التعاون الخليجي، والدولة المركزية في ضوء تطورات الوضع العربي، هذه الزيارة تنطوي على معان وأبعاد، ترجح صحة الانطباعات الإيجابية التي يطلقها كيري. فقط نشير إلى أن أي اتفاق تسوية، يتطلب دعماً عربياً سياسياً، ومادياً، وسيرتب على العرب أن يدفعوا جزءاً من الثمن، ألم تنص مبادرة السلام العربية على استعداد العرب للتطبيع بعد التوقيع؟
الأسرى: الحرية على الأبواب
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
خرجت الدفعة الثالثة من الأسرى قبل أيام، وحملت معها فرحة حتى لو كانت قليلة، حيث رأى النور ثلة وكوكبة من قدامى الأسرى الذين أمضوا أكثر من عقدين من أعمارهم خلف القضبان القاسية للسجون. فرحة تستحق الدموع والزفرات والآهات المكبوتة في انتظارها طوال تلك السنين.
وفيما ظل آخرون في السجن، فإن خروج البعض حمل أملاً بأن ثمة حرية قادمة، وأن هناك من يبحث عنها ويعمل على تحقيقها رغم كل شيء.
هكذا يمكن للحياة أن تستمر، حيث يتغذى الأمل بقوت الممكن، وحيث تصبح الفرحة جزءاً من قاموس التفاصيل ولو كانت قاسية وغير مكتملة.
كان المشهد مهيباً، حيث المئات في عتمة الليل يقفون أمام بوابة "إيرز" منتظرين الأسرى المفرج عنهم. ترتفع الأعلام وتبدأ الحناجر بالهتاف، ثم العناقات الطويلة وزفرات اللقاء الموجعة، ودموع الفرح وزغاريد النسوة ودهشة الأطفال.
كان الشابان رامي بربخ وإبراهيم أبو على يريان النور بعد قرابة عشرين عاماً امضياها متنقلين في السجون ينتظرون تلك اللحظة التي لم يشكا للحظة مثل بقية زملائهم الأسرى أنها قادمة لا محالة مهما طال عمر السجن، ومهما اشتدت قسوة السجان. عادا بعد رحلة طويلة إلى حضن العائلة ولمة الأصحاب ودفء الحياة المفقود، انضما إلى قائمة آلاف الأسرى المحررين الذين خرجوا رغماً عن انف السجان وإرادته، ليواصلا الحياة ما استطاعا إليها سبيلاً.
بالطبع تجد المفاوضات التي يخوضها الرئيس محمود عباس خصوماً كثر ومعارضين أكثر ومنتقدين يبرعون في تفصيل الكلام واجتراحه، وربما يكونون محقين في كل ما يقولون، وربما يوافقهم حتى الرئيس محمود عباس في بعض ما يقولون، لكن كل هذا الكلام الجميل والكبير المترع بالأماني مرات وبالتشاؤم من الواقع في مرات أخرى، لا يساوي فرحة أم بخروج ابنها، ولا عناق شابة لوالدها الذي دخل السجن وهي لم تخطُ على الأرض، لتعانقه وهي شابة يافعة، وربما تكون تزوجت وانجبت.
عالم السياسة في مرات كثيرة غير عالم الواقع، ربما نقول للأسف - حيث إن هذا الأسف هو جوهر هذا الفرق. فالأم التي غادرت الشباب وربما ستغادر الكهولة والحياة بعد قليل، ماذا تريد من السياسة غير أن يطلق سراح ولدها الذي لم تفرح بعناقه منذ سنوات تعدها بالثانية وبدقة القلب. هنا يجب على السياسة أن تكون انعكاساً لرغبة الناس ولتطلعاتهم. على الأقل حرية الأسرى أغلى ثمناً من مقايضة الأمن بالخبز – أيضا على ما في مثل هذا الموقف من عاطفة.
والدتي لم تفرق معها أوسلو كثيراً، حيث لم تر في أوسلو إلا فرصة أن يخرج أخي نعيم من السجن. لم تعن لها الاتفاقية عام 1993 ولا المسيرات الكبيرة التي خرجت مؤيدة لها أو معارضة لها سوى أن ثمة فرصة تلوح في الأفق قد تحمل لها ابنها على غيوم الحرية. لذا خرجت مؤيدة للاتفاق الذي سينهي سنوات الفراق ولحظات الانتظار، لكنها ماتت رغم ذلك، ولم تف أوسلو بوعدها إلا بعد رحيلها بأربع سنوات، حيث سينعم أخي بالحرية بعدها عام 1999. ثمة مئات بل آلاف الأمهات والآباء مثل أمي لم يروا في أي اتفاق أو مفاوضات إلا ما تعنيه لهم.
ما أقصده أن احتياجات الناس وأمنياتها تقترن بالواقع الذي تعيشه وبطبيعة الفرحة التي تنتظرها. من هنا فإن المواقف والآراء السياسية لا تبنى في مرات كثيرة على أفكار كبرى، بل على مشاعر اكبر وأهم في الحياة. بالطبع أمي أيضا مثل كل أمهات الأسرى لم تعن موافقتها وإذا شاء أحدهم مقايضتها تلك التخلي عن حقوقها السياسية التي كانت ترضعنا إياها مع حليب ثديها ونحن أطفال، بل كانت تتعامل مع السياسة بتجرد.
الأسرى الذين دفعوا عمرهم من أجل أن يستمر الكفاح الوطني لتحقيق الغايات والتطلعات والحقوق، هم الشعلة الحقيقة التي تنير الطريق. أم ضياء الآغا التي لم تكل ولم تمل رغم الخيبات والانكسارات التي أصابتها حين لم يخرج ابناها ضياء ومحمد، ظلت وفية لقضية الأسرى ولنضالاتهم، فهي في كل فعالية وفي كل مناسبة تقف تعطي ضياء ومحمد الأمل بأن الحرية قادمة. حتى في تلك اللحظات الأليمة التي فوجئت بان اسم ابنها ضياء لم يدرج ضمن كشف المفرج عنهم – بعد أن تأملت أنه سيفرج عنه - خرجت مهنئة مشاركة أمهات الأسرى فرحتهن.
أم ضياء مثال حقيقي للأمل الفلسطيني المجبول بالألم والمنقوع بالدموع، دون أن يمسه اليأس، تنتظر الدفعة الرابعة لعلها تحمل لها ضياء على الأقل الذي ظل واحداً من آخر أسرى قطاع غزة الذين سجنوا قبل اتفاق أوسلو ولم ير الحرية. أم ضياء لن تتنازل عن هذا الأمل الذي تعرف أنه سيتحقق.
المشهد الآخر الأكثر دفئاً، هو تلك اللقاءات التي لم تحدث فقط من عهد قريب مع زملاء الأسر الذين خرجوا قبل أشهر أو قبل سنوات، حيث الأسئلة الكثيرة عن من بقي هناك من زملاء القيد خلف القضبان. أسئلة وتفاصيل وإشارات وعبارات مشتركة، لكنها تحمل هذا الانتماء للحظة نضال مشتركة ساهمت في صقل الشخصية وبناء الهوية. ثمة من بقي ينتظر هناك في السجون أن يطلق سراحه، وثمة أمهات ما زلن يذهبن كل خميس إلى مقر الصليب الأحمر في شارع الشهداء يحملن صور أبنائهن، لا يصبن بالملل ولا يتسلل إليهن اليأس مثل أم ضياء تماماً ومثل أمي قبل قرابة عقدين، وثمة أمل كبير مصابون نحن الفلسطينيين به، كما يقول شاعرنا الكبير محمود درويش إن هؤلاء الذين لم تفتح لهم أبواب الحرية سيرونها قريباً.
لا أحد يعرف مآلات مهلة التفاوض التي يديرها جون كيري وهي تقترب من نهايتها، خاصة مع قرارات الضم الإسرائيلية الجديدة، لكن المؤكد أن هؤلاء الذين نعموا بنسيم الحرية يستحقونها ويستحق كثيرون مثلها.
جولة كيري ومآلها!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
لم تصل جهود الوزير كيري، خلال جولته العاشرة، لإسرائيل وفلسطين، ولقاءاته المكثفة مع رئيس الوزراء نتنياهو، والرئيس محمود عباس، إلى شيء محدد. كان الوزير كيري، يهدف من خلال لقاءاته المتكررة والمكثفة، إلى نقاط، يمكن اعتبارها إطاراً للمفاوضات، من شأنها وضع أسس جديدة، لانطلاق المفاوضات ووصولها الى اتفاق شامل.
كان هدف كيري الأساسي، الوصول إلى "إنجاز"، يعتمد عليه للانتقال إلى نقاط أخرى.. ما اعترض مسار كيري هذا، هو المزيد من الطلبات الإسرائيلية والاشتراطات حول تلك النقاط. لم تصل جهود كيري، خلال جولته العاشرة، إلى ما هدف إليه وما أمله... لم يفشل كيري، لكنه لم ينجح، وبالتالي بقيت جهوده تراوح مكانها. ما نتج عن هذه الجولة، تأمل إسرائيل في تكراره وتواصله، حتى انتهاء فترة التسعة شهور وهي فترة التفاوض الراهنة، وفي هذا التكتيك، ما يذكر بالتكتيك الإسرائيلي، مع المبعوثين الأميركيين خلال السنوات السابقة منذ 1994 وحتى الآن.
يحاول الوزير كيري، الآن، الضغط على الفلسطينيين عبر دول اقليمية وأبرزها المملكة العربية السعودية، الضغط على نقاط لا يمكن الاستجابة لها، ومنها الاقرار بيهودية الدولة الإسرائيلية.
لعله من نافلة القول، إنه ودون ضغط أميركي مباشر ـ واضح على إسرائيل، لن تتقدم المفاوضات قيد أنملة، وستبوء جهود كيري بالفشل، كما فشلت جهود أميركية كثيرة سابقة.
الفشل هذه المرة، سيعتبر فشلاً للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، وسيترتب على هذا الفشل، تراجع أميركي. كما وستعتبر فشلاً للجهود الدبلوماسية الرامية لإنجاح المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
والفشل هذه المرة، سيترتب عليه حكماً، توجه فلسطين بوصفها دولة غير عضو للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولمؤسسات العمل الدولي كافة.
إعادة طرح القضية الفلسطينية، على الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكون بمثابة الإعلان الرسمي عن وفاة الاتفاقات المعقودة بين (م.ت.ف) بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودولة إسرائيل، وسيكون بمثابة، مطالبة الفلسطينيين للمجتمع الدولي، بضرورة إيجاد حل لمشكلتهم المستعصية.
الآن، وبعد مسارات تاريخية صعبة:
• 1948 ـ 1964 استلاب الشخصية الوطنية الفلسطينية.
• 1965 ـ 1993 النهوض الوطني الفلسطيني عبر الثورة المسلحة، واستخدام الوسائل كافة ومنها الدبلوماسية للإقرار والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
• 1994 ـ 2014 بذل المحاولات كافة لإنجاح المفاوضات والاتفاق مع إسرائيل حول حل يكفل الحقوق الوطنية الفلسطينية.
الآن ستعود القضية الفلسطينية، مجدداً، لأروقة الأمم المتحدة وهيئات العمل الدولي، ومنها محكمة لاهاي الدولية.
هنالك مرحلة جديدة، ستعتمد على ما جرى، وأبرزها المواقف الإسرائيلية، التي قالت دون التوصل إلى حل شامل، وبات المجتمع الدولي، يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية في هذه القضية المستعصية.
التحديق طويلاً في ملامح الديكتاتور
بقلم: غسان زقطان – الايام
تبدو الكتابة عن "المفاوضات" التي يقودها وزير الخارجية الأميركي السيد "كيري" نوعاً من الحل يسمح بتفادي الدخول في حقل الألغام المتمثل في فوضى المنطقة، وتداخل الأحداث الممتدة من التصويت على الدستور في تونس، الى الحرب ضد "داعش"، مروراً بإعلان الحكومة المؤقتة في مصر "جماعة الإخوان المسلمين " جماعة إرهابية، والدعوة المتصاعدة لمحاربتها.
على المستوى الفلسطيني يمكن ببساطة قول أشياء أكثر عمومية تسمح بهروب بعض "اليساريين" الذين رفعوا صور بشار الأسد خلال ثلاث سنوات، في الأقل، وحدقوا في ملامح الديكتاتور بشيء من التعبد بدل أن يلتفتوا إلى مسيرة الجثث التي تواصل صعودها في سورية، أو أولئك الذين اغلقوا عيونهم عن الكابوس الذي تحول إليه حلم الثورة وصور التصفيات والإعدامات والجلد في الساحات العامة، وكل تلك "الثقافة" الهيستيرية المتوحشة التي وصلت مع "ثوار" من نوع "النصرة" و"داعش"...، المتمثلة بالتكفير والتحريم والخطف والاغتيال وفرض النقاب ومراقبة حضور صلاة الجمعة واغتصاب القاصرات تحت فتاوى "شرعية" لشيوخ ينبعون من كل زاوية... وتحويل الثقافة الإسلامية العظيمة فعلا إلى "هيستيريا جنسية".
وسط هذه الفوضى يمكن أن تسمع ناطقا باسم "حماس"، على سبيل المثال، وليكن اسمه "أبو زهري" وهو يتحدث عن رفض "جماعته" لأية نتيجة قد تفضي إليها المفاوضات الجارية، يمكن ان يكون الناطق يساريا أيضا وتحت مسمى مختلف، في النهاية، يبدو أن "أبو زهري" يلائم الجميع.
الحقيقة أنني لا أدافع عن "المفاوضات" ولا أفكر بذلك، فثمة الكثير مما يقال في هذا الشأن، لعل أبسطها هو الغياب الكامل لرغبة الحكومة المتطرفة في اسرائيل بالتوصل إلى أي نوع من الحلول، فهي بدورها قائمة على غياب هذا الحل، وهي تواصل بفجاجة وعلى نحو يفتقر إلى الذكاء، هذه المرة، أسلوبها التقليدي في إضافة بنود جديدة على الطاولة، بحيث تتحول إلى قضايا رئيسية، فيما يبقى الجوهري خارج التفاوض.
كما أنني أرى، وهذا ما يراه كثيرون، أن ثمة عناصر جديدة ومؤثرة في المشهد الدولي لم يجر استثمارها بشكل حقيقي، هذا اذا اعتبرنا ان مفاوضينا يفكرون أصلا بهذه الطريقة، أهمها حركة المقاطعة التي تتصاعد في مواجهة الدولة العبرية، والتي ربما كانت إحدى نقاط انطلاقها في "ديربان" في جنوب افريقيا 2001، وها هي تصل الدائرة الأكاديمية في الولايات المتحدة مرورا بالقرار الأوروبي الحازم والذي دخل حيز التنفيذ بمقاطعة كل ما يصدر عن المستوطنات.
ولكن الأمر يبدو مثيرا للريبة عندما يشكك متحدث باسم "انقلاب حماس" في غزة بجدوى المفاوضات، رغم أن مهمته الوحيدة الآن، هي انهاء الانقسام على الأقل، لتحسين الشروط الوطنية سواء بمفاوضات أو بدون مفاوضات، وان يقدم اعتذارا طويلا دون بلاغة عن الأذى الكبير الذي ألحقه فصيله وتحالفاته وبلاغته بالشعب الفلسطيني وقضيته وثقافته ومشروعه الوطني، والذي ساهم بفعالية في إضعاف المفاوض الفلسطيني، للدرجة التي يعتبر فيها مسؤول الموساد السابق "دغان"، في سياق تصريح أخير، أن حجة إسرائيل قائمة في النهاية للتهرب من أي ضغط للتوقيع على اتفاق من خلال انقسام الفلسطينيين.
إن أية تهمة من نوع "تغليب مصلحة الفصيل على المصلحة الوطنية"، ستبدو في هذا السياق نوعا من سلم النجاة، أو وسيلة إنقاذ، فقد تم تجاوز هذا الخط منذ الانقلاب وسكوت بقية القوى بتنويعاتها وتكيفها الفصائلي مع نتائجه الكارثية، التي نواصل جميعا دفع فواتيرها المكلفة، والأمر أن ثمة من يدافع عن مصلحته وامتيازاته الشخصية في مواجهة مصالح الفصيل نفسه، ان الخديعة التي تقودها هذه "النخبة" تشمل أحزابها وفصائلها بالمستوى نفسه الذي تفسد فيه المشروع الوطني، فيما يشبه متلازمة موت الأحزاب التي تبدأ بإحلال الحزب بديلا للشعب وصولا الى إحلال "نخبة الحزب" بديلا لقاعدته.
تغريدة الصباح - يا ستي... اقرأْ لي الإيميل !
بقلم: محمد علي طه – الحياة
اختفت مهن وحِرف يدويّة قدّمت خدمات للنّاس في زمن أجدادنا وآبائنا بل في زمن طفولة البعض منّا حتى في شبابه، فقد قضت الصّناعة الحديثة على مهنة الكندرجي الذي كان يقيس قدميّ الزّبون ويصنع له الحذاء ثمّ قضت على حِرفة الاسكافي الذي كان يجلس على مقعده وأمامه السّندان وبيده الشّاكوش وفي فمه المسامير الصّغيرة ويصلّح الأحذية فيضع لهذا الحذاء نصف نعل أو ميّالة أو تشريبة ولذاك الحذاء رقعة جلديّة ولا يكفّ عن الثّرثرة في أثناء عمله، وكنّا في الشمال نتندّر على الاسكافيّ الشفاعمريّ الذي يضرب بالشاكوش على الحذاء ويتحدّث عن ستالين وايزنهاور وديغول. وانقرضت مهنة راعي العجول وراعي السخول وراعي الخيول كما اختفت مهنة السّروجيّ الذي يصنع السّرج للخيول وللحمير فلا خيول ولا حمير في بلداتنا وقرانا في هذه الأيّام بينما كانت كلّ عائلة تملك حماراً في السّنوات الغابرة، وصار الحمار اليوم حيواناً نادر الوجود ولا يراه أطفالنا إلا في حديقة الحيوان. وماذا عن الجمّال الذي غنّى له أبناء وبنات شعبنا أغاني الحبّ والشوق والفراق في الأفراح والليالي الملاح؟
عذّب الجمّال قلبي يومٍ نوى عالرحيل
قلت له جمّال خُذني! قال أنا دربي طويل
لا ناقة ولا جمل في بلداتنا اليوم!.
وأين مهنة الحصّاد والدرّاس؟ بل أين البيدر والنورج وأغاني الدرّاسين؟
هل يعرف أحد من شبّان هذه الأيّام مهنة السمكري الذي كان يصلّح القنديل واللوكس والبريموس فيضع له فونة أو رأساً أو جلدة؟ ومن يعرف من الجيل الجديد البريموس الذي كان يسمّيه بعض القرويّين «البابور»؟ ومن يعرف اللوكس الذي كنّا نسهر على ضوئه ونحيي الحفلات على نوره؟
وأين مهن الكلاس والصّبّاغ والسّقاء والمبيّض الذي كنّا نتفرّج عليه وهو يلفّ ويدور داخل لجن النّحاس أو الدّست ويعيد للملاعق والصّواني والطّناجر لونها الأبيض الناصع؟
لا أبكي على تلك الحِرف ولا أقول سقى الله أيّامها لأنّ ما حدث لها أمر طبيعيّ ووليد عصرنا الصّناعيّ، ولو كانت هناك حاجة إليها لبقيت كما بقي النّجّار والحدّاد والخيّاط والصّائغ الذين تعصرنوا وتطوّروا.
واليوم بعد أن صار البريد الإلكترونيّ جزء مهماً وأساسيّاً في حياتنا وحلّ في مكاتبنا وبيوتنا وحقائبنا فسوف تختفي مكاتب البريد والبرق ومهنة ساعي البريد لأنّ المراسلات لا تحتاج إلى برقيّات ولا إلى رسائل ورقيّة عاديّة أو مسجّلة أو مستعجلة ولا تحتاج إلى طوابع بريد. ولن تكون مشكلة في تعامل المسنّات والمسنّين في هذا الأمر الجديد فالبركة في الحفيدات وفي الأحفاد، ولا بأس أن يسمع الحفيد جدته العجوز وهي تطلب منه: يا ستي..! اقرأ لي الإيميل!!.
تسريبات "كيري" أو مقارباته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ربما يكون من الأفضل، عدم إظهار أي اكتراث لما يجري تسريبه في هذه الأثناء، حول ما يُسمى "خطة كيري". فعلى الأرجح ليست هناك خطة، سوى تلك التي يمكن أن نطلق عليها عملية جس نبض للرأي العام الفلسطيني، بمقاربات لاختبار الصيغ التي يمكن طرحها، ومن ثم تمريرها، أو التسمك بها على اعتبار أن ردود الأفعال الفلسطينية الرافضة لها، ستكون محدودة. ومحسوبكم يرغب في توجيه رسالة الى الأميركيين، الذين تتابع قنصليتهم في القدس ما نكتب. فمن المفيد ابلاغهم أن يأخذوها من قصيرها. فإن أرادوا أن يحترمهم العالم وإن أرادوا أن تراجع الأمم مواقفها حيال أميركا التي باتت في وجدان الشعوب دولة مكروهة بامتيار، وإن رغبوا في أن يرى فيهم العالم، وسيطاً منـزَّهاً؛ فليس عليهم سوى أن يغيّروا منطق التعاطي مع قضية هذا النزاع وأن يضغطوا بوسائلهم المتاحة ـ وهي حاسمة لو أرادوا ـ على الطرف الذي يخرق مبادئ السلم العالمي ويحتل أراضي الغير بالقوة، وينكر حقوق الآدميين في ممتلكاتهم في الأراضي التي أقام عليها دولته في العام 1948. أما أن يُعينوا المحتل لكي يتطفل على ما تبقى من أراضي الوطن التاريخي لضحاياه، وأن يشجعوا على إنكار حقوق البشر، وأن يمتثلوا لممارسات متطرفين معتوهين، منفلتين على أراضي الناس وممتلكاتها وأمام عيون أصحابها؛ فإن هذا ينـزع عنهم أهلية الوساطة ومهابة القوة العظمى. وبالطبع، لن يفلحوا في إخضاع الشعب الفلسطيني، ولا في العثور على من يؤيد مقارباتهم الموتورة!
ولكي نكون واضحين أكثر، نقول للأميركيين، لا تتعبوا أنفسكم، ولا تحاولوا الضحك على ذقوننا بتكرار الحديث عن "تنازلات مؤلمة" و"قيادات شجاعة". ذلك لأن التسوية حتى وفق الصيغة التي تطمح اليها الأمم المساندة لقضية فلسطين، وهي صيغة الدولة المستقلة في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وفي قلبها مدينة القدس الشرقية؛ ليست كافية لأن يُعلن الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، عن عدم وجود متطلبات لأي طرف من الطرف الآخر. هناك الحق البيّن والمعلوم للاجئين الفلسطينيين، وهذا يتشكل من الحقوق الفردية للناس. ومثلما يعلم الأميركيون لا يملك الرئيس أوباما، ولا يملك الكونغرس، أن يتنازلا باسم أي مواطن أو أي أجنبي، عن عقار يمتلكه في الولايات المتحدة؛ الى شخص آخر. فالدولة أو القيادة أو الحكومة، مهما بلغت من سمو السيادة، لا تملك التنازل عن الحقوق الفردية للناس. وعلى هذا الأساس، يمكن لأية قيادة فلسطينية، في حال التوصل الى تسوية، أن تلتزم بمبدأ انتهاء النزاع المسلح، على أن يكون الطرف المدجج بالسلاح التقليدي والنووي، ملزماً بالكف عن الأذى وعن العدوان، وأن تضمن هذه التسوية، للاجئ الفلسطيني، الحق في أخذ المقتضى القانوني النافذ، لاسترجاع حقه. أما أن تُعاد صياغة التاريخ وأن تُفبرَك مفردات العدالة ومنطقها، وفق أهواء معتوهين فائحين متطرفين، يكذبون مثلما يتنفسون؛ فإن هذا لا يصل بنا الى التسوية!
لا نكترث للتسريبات المحمّلة بمقاربات وأفكار، لا يعرف واحدنا لها وجهاً من مؤخرة، كأن يُقال ـ مثلاً ـ إن قُدساً كبرى موحدة، يمكن أن تُعتبر عاصمة لدولتين. هنا، لا يُقال شيءٌ عن "قوارير" المستوطنات في المدينة. ولا يقال كيف ستدار المدينة كـ"عاصمة موحدة لدولتين". فالخوازيق يكون مسكوتاً عنها في البداية ثم تظهر لاحقاً. ولو سلّمنا على استحياء بشيء من هذه العناوين، فإن الخوازيق تتكفل بجعلنا اضحوكة، وينقلب الناس على من يسلّم. ففي مثال القدس من التسريبات، لا يُقال بدايةً، ما إذا كانت الشراكة في العاصمة، ستكون على مستوى الإدارة البلدية، أم إن المدينة، بشقيها الشرقي والغربي، يمكن تجريفها من السلطة العسكرية والأمنية، لصالح منظمة بلدية!
ثمة محاولة للتحايل على منطق القانون الدولي الذي يقضي بإنهاء الاحتلال للشق الشرقي من المدينة، ويمكن العودة الى قرار الأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29/11/1947 الذي ينص على أن القدس مع محيطها، خالية من الوجود العسكري العربي واليهودي وتخضع لإدارة دولية مؤقتاً. وكانت الولايات المتحدة الأميركية نفسها هي التي تزعمت التصويت على ذلك القرار. إن واشطن، في تسريباتها، كأنما تريد اليوم، الالتفاف على وضع القدس الشرقية بصيغة كاذبة وغير عملية، فتزعم أن المدينة يمكن أن تصبح موحدة وعاصمة لدولتين، بينما في الواقع، هي ترمي الى تكريس السيطرة العسكرية والأمنية للطرف الإسرائيلي، ولن يكون في وسع الطرف الفلسطيني أن يتقي شر المعتدين أو اتخاذ مقر سياسي حكومي لنفسه، لا في القدس الشرقية ولا في الغربية بالطبع ؟!
إن المسعى النـزيه للتسوية، لن يكون بمفارقة السياسة الأميركية لنصوص ومنطوق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. لا سبيل لنجاج أية محاولات تقوم على الخديعة والتدليس. هناك سبيل واحد، وهو وقف القوى الظلامية الصهيونية التي تهدد السلم في هذه المنطقة، عند حدها، وإنفاذ قرارات الشرعية الدولية. بخلاف ذلك لا ينبغي أن يضيّع الأميركيون وقتهم ولا أن يتعبوا أنفسهم. فليس هناك من يستطيع التماشي معهم فيما يسعون اليه!
الحكمة والشجاعة معا
بقلم: يحيى رباح – الحياة
لا جديد على الاطلاق في ممارسات التصعيد الاسرائيلي, لأن اسرائيل تمثل الاحتلال, وفعل الاحتلال بحد ذاته هو اقصى افعال العدوان, ونحن لا نسعى الى احتلال مهذب، بل هدفنا الرئيسي المقدس وجوهر نضالنا هو التخلص النهائي من هذا الاحتلال, عبر قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية, دون ان يتمكن هذا الاحتلال الاسرائيلي من اعادة انتاج نفسه بأي صورة من الصور، لا عبر الذرائع الامنية ولا عبر الذرائع الاقتصادية ولا عبر اية ذرائع اخرى, هذا الموقف الكامل الشامل هو الذي جاءت بناء عليه الجهود الاميركية والعالمية الاخيرة لاستئناف عملية السلام من خلال المفاوضات التي بدأت في الثلاثين من تموز الماضي, بعد التمهيد لها بزيارة الرئيس باراك اوباما الى المنطقة في نهاية شهر آذار من السنة المنصرمة, ثم بدأت بعد ذلك جولات وزير الخارجية جون كيري التي كان آخرها الجولة العاشرة التي انتهت يوم السبت على امل ان تعقبها جولات اخرى.
واضح جدا, ان التكتيك الذي يستخدمه جون كيري هو تكتيك جديد, يقوم على نفس طويل, ودوران الافكار, وحشد اكبر المؤيدين لهذه الافكار من جانب الطرفين الرئيسين فلسطين واسرائيل وبقية الاعضاء المؤثرين في المنطقة، وهذا هو السبب الذي جعل كيري لا يقدم حتى الآن نصوصا مكتوبة او افكارا نهائية, بل مجرد افكار تطرح ويقيس هو ردات الفعل المختلفة لكي يعرف كيف يفتت العراقيل.
الاسرائيليون يتراجعون الى خطوط الدفاع القديمة جدا, وجوهرها حدود عام 67 التي اقرت في اتفاقات الهدنة عام 1949, والتي اعترفوا بها حين اعترفوا بالقرار 242, وهم يكتشفون انه جاء الآن زمن الاستحقاق, وليس لديهم لا حكومات ولا زعماء على مستوى هذا الاستحقاق, فيقومون بمحاولات التفلت والنكوص التي تضعهم في خانة العصابة اكثر من خانة الدولة المسؤولة, مثل طرح يهودية الدولة, او الضرورات الوهمية الامنية, وجنون عمليات الاستيطان, وذهاب وزير خارجيتهم بشكل استعراضي احمق لوضع حجر الاساس لمستوطنة بالاغوار بينما كانت طائرة جون كيري تستعد للهبوط في مطار بن غوريون, والاعلام الصاخب عن بناء استيطاني في قلب مدينة القدس عاصمة فلسطين, وكل ذلك من السلوكيات المشينة لا ينجح في جعل الحوار والاهتمام يبتعد عن موضوع الدولة الفلسطينية في حدود عام 67.
لو نظرنا الى اقوال القادة الاسرائيليين انها حتى على المستوى الاسرائيلي لا تكتسب اية مصداقية, فليبرمان يتحدث عن الاساس الاقتصادي والامني للدولة الفلسطينية، فمن يصدقك, لمن تعزف مزاميرك؟ والجميع يعلم انكم انتم من تحطمون قواعد الاقتصاد وتضخمون هواجس الامن.
من جانبنا الفلسطيني: خطابنا السياسي يتقدم الى الامام يقتنع به عدد متزايد من الدول في العالم, ونحن نشق له الطريق في الداخل والخارج, ونتحاور مع جيراننا العرب حول بعض التشويشات الاسرائيلية وان لا نبني مواقف صارخة بناء على التسريبات التي يجيدها الاسرائيليون وها قد اكتشفنا بعد كل الاكتشافات ان جون كيري طرح افكارا ولم يقدم شروطا ومطالب نهائية, فلماذا النحيب قبل الاوان؟
علينا الثقة بانفسنا ومشروعنا الوطني الذي يستقر في عقل العالم, صحيح اننا امام مفصل حاد, ولكن اسرائيل ايضا تدخل المأزق, ونتنياهو يعيد قراءة كتابه (مكان تحت الشمس) ويكتشف ان الزمن غير الزمن وان المصالح الدولية متغيرة, وان الفلسطينيين من النضج السياسي بحيث لا يقدمون لخصمهم ما يطلبه مجانا, والحمد لله ان الخطاب السياسي الفلسطيني مسؤول عنه من الالف الى الياء الرئيس ابو مازن الذي ابلغ الجميع بوضوح وبساطة ودون أية مؤثرات تراجيدية, وان النقاش كله والجهد كله يدور حول هذا الخطاب السياسي حول مشروعنا الوطني, حول دولة فلسطينية مستقلة مستعدة للقيام بكل ما عليها من التزامات.
ليرفع الحصار عن اليرموك
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
الاجتماعات والمبادرات والاتفاقات المتوالية بين منظمة التحرير وما يسمى قوى التحالف الـ 14 من جهة مع النظام السوري وقوى المعارضة السورية المتواجدة داخل احياء المخيم وفي محيطه من جهة أخرى، لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، لان ابناء شعبنا داخل المخيم يئنون تحت وطأة القتل والحصار المتعمد من قبل كل الاطراف النظام والمعارضة على حد سواء، وبحاجة ماسة لرفع الحصار عن المخيم من قبل قوات الجيش والاجهزة الامنية السورية ومن لف لفهم من فصائل دمشق الفلسطينية، ليتمكنوا من إدخال المساعدات والمواد التموينية واحتياجاتهم الضرورية ليواصلوا البقاء والعيش بالحد الادنى الممكن.
ابناء شعبنا داخل المخيم يموتون جوعا وعطشا وحصارا مميتا، في الوقت الذي تتمتع به قوى الشر التكفيرية داخل المخيم من "داعش" و"جبهة النصرة" و"احرار الشام" و"أكناف بيت المقدس" و"كتائب ابن تيمية" .. الخ من اسماء وعناوين تلك الجماعات بدخول وخروج السلاح والعتاد والطعام منها واليها بسهولة ويسر، كيف ؟ ولماذا يحاصر ابناء المخيم ولا يحاصر القتلة؟ وما هي نتائج هذه السياسة التدميرية القاتلة؟ أيمكن لها ان تحقق للنظام واجهزته الاهداف المرادة ام انها تعطي نتائج عكسية؟ وما هي الغاية من مواصلة حصار ابناء الشعب الفلسطيني؟ أهناك اهداف سياسية بالتواطؤ مع قوى إقليمية ودولية لنكبة جديدة للفلسطينيين؟
الشعب والقيادة الفلسطينية في الصراع الدائر بين النظام الاسدي ومعارضيه منذ البداية اتخذوا قرارا واضحا وجليا يرتكز إلى مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية"، خرج على هذا المبدأ طرفان، الاول الجبهة الشعبية / القيادة العامة؛ والثاني حركة حماس، وكل منها في اتجاه، القيادة العامة مع النظام بحكم ارتباطاتها الامنية تاريخيا معه؛ اما حماس فوقفت مع جماعة النصرة والجماعات التكفيرية الاخرى، منسجمة مع نفسها وموقعها الفكري والسياسي. بتعبير آخر، السمة العامة للموقف الفلسطيني كانت إيجابية، ما ترك انطباعا ايجابيا عند الفريقين المتحاربين، مع ان كل منهما شاء توريط اي قوة او جماعة او شخص من ابناء فلسطين في معاركه ضد الطرف الآخر.
عود إلى جادة الاجابة عن الاسئلة، فإن سماح او تغاضي او ضعف إمكانيات النظام السوري عن فرض الحصار على الجماعات التكفيرية، لا يعني السماح له بفرض الحصار على ابناء المخيم الابطال، لأنه لا ذنب لهم في وجود تلك الجماعات. ووجودها في المخيم نتاج ضعف قدرة النظام على فرض سيطرته على المنطقة، وايضا لكفر المواطنين السوريين الموجودين بالمخيم (لان المخيم يحتضن سوريين وفلسطينيين) وفي محيطه بسياسات النظام، ولرغبتها بالتخلص منه. كما ان الحصار القاتل على المخيم، يفرض على الشباب الباقي مع ذويه البحث عن لقمة العيش حتى ولو من الشيطان، أي حتى لو من الجماعات التكفيرية، الامر الذي يؤدي إلى انخراط مجموعات منهم مع تلك الجماعات لستر جوعه وجوع عائلته، ولدرأ اخطاء وبطش تلك الجماعات ضد المواطنين. وبالتالي حصار المخيم لا يمكن نظام بشار من حصد النتائج الايجابية المرادة، في حين لو استخدم سياسة واقعية ومسؤولة تجاه المواطنين في المخيم فإن المردود الايجابي سيكون اكبر كثيرا من السياسة المميتة الحالية.
إذاً: على قيادة النظام السوري وبغض النظر عن الاتفاق السياسي مع المعارضة بتلاوينها المختلفة، فك الحصار او ايجاد قناة او ممر لادخال المواد التموينية والاغاثية الاخرى لابناء المخيم، والكف عن التذرع بان قوى المعارضة تحول دون وصول تلك المواد، لانها ذريعة واهية ولا تمت للحقيقة بصلة. وبالتالي البعد الانساني له الاولوية على البعد السياسي. وعلى وفد المنظمة المتجه الى سوريا خلال اليومين القادمين الضغط لاعطاء هذا الجانب الاهمية القصوى، التي تستحق، والابتعاد عن مراوغة اهل النظام والمعارضة.
قيادة الجامعة
بقلم: أ. د. علم الدين الخطيب – الحياة
إن مصطلح قيادة الجامعة يشير إلى رئيس الجامعة ونوّابه وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام ولا شك أن هذه القيادة هي التي تؤدي إلى نجاح الجامعة في أداء مهمتها وتحقيق أهدافها أو الفشل في كل ذلك.
ولكي تكون هذه القيادة ناجحة فلا بد لها من مواصفات معينة تنطبق على أفرادها بدءا من رئيس القسم وانتهاء برئيس الجامعة وسنتعرض لهذا الموضوع في عدة مقالات نظرا لطوله ولأهميته وضرورته ويمكن أن نلخص تلك الصفات في عدة نقاط هي :
1 _ توافر الصحة
إذا كان توافر الصحة أمرا مهما بالنسبة لكل فرد فهو أساس لقيادات الجامعة التي تعمل غالبا الساعات الطوال تحت ضغط شديد ونعني بالصحة الجيدة كلا من الصحة البدنية والصحة العقلية ولعل من الواضح أن الصحة البدنية الضعيفة تقف حائلا دون نجاح الفرد في القيادة الفعالة, وهناك علاقة ثابتة بين الصحة البدنية والصحة العقلية وتتضمن عبارة " العقل السليم في الجسم السليم " التكامل الفعال ولا شك أن القائد الجامعي الذي يستطيع التفكير بوضوح بطريقة فعالة بالرغم من وقوعه تحت ضغط انفعالي قوي والذي يتمتع بالقوة البدنية التي تساعده على تجنب التعب الشديد في أداء عمله اليومي هو الشخص الذي يتمتع بالصحة العقلية والبدنية.
2_ أن يكون ذا كفاية
أما أن يكون القائد الجامعي ذا كفاية فمعناه ببساطة استطاعته أداء واجباته ومن الصعب بطبيعة الحال أن تحدد قدرته على القيام بعمله أو اخفاقه فيه أو أن يمارس هذا العمل في فترة من الوقت ويمكننا بالإضافة إلى ذلك الاستدلال على كفايته من سجلات أعماله السابقة.
فقد يحمل مرشح لوظيفة إدارية ما قائمة من المؤهلات الفنية في صورة درجات ورتب علمية حصل عليها ومقررات دراسية قام بتدريسها ولكن فحص السجلات الدالة على عمله السابق قد توضح فشلا في ذلك العمل ويحكم أعضاء هيئة التدريس على قدرة القائد الجديد بعد أن تتاح له فرصة العمل فترة من الوقت وذلك في ضوء مدى فهمه لواجباته ومسؤولياته وتنفيذه لها ومدى فهمه لعمل بقية أعضاء هيئة التدريس وتقديره لهم.
3_ القدرة على البت في الأمور بطريقة حاسمة
يواجه القائد الجامعي يوميا مسائل ومشكلات تتطلب قرارات سريعة وصحيحة وليس أدل على قدرته في العمل في طبيعة قراراته والطريقة التي يصدرها بها وتتضمن قدرة القائد الجامعي في البت بالأمور بطريقة حاسمة معرفته بالأهداف العامة والسياسات الأساسية وثقته في نفسه وفي أعضاء هيئة التدريس لديه وقدرته على تحليل المشكلات وتقبله للنصيحة من غيره ومقدرته على ترجمة الأفكار إلى أعمال ولا تعني هذه الصفة أن يكون القائد الجامعي مندفعا أو متعسفا فالاندفاع يدل على نقص في التخطيط ونقص في التبصر ولا يعني التفكير في مشكلة ما مجرد اتخاذ قرار فيها بل تنفيذ القرار أيضا أو بعبارة أخرى ترجمة الأفكار إلى أفعال ويتضمن تنفيذ القرار تحديد الوقت اللازم لتنفيذه فبعض المشكلات تتطلب قرارا سريعا يعقبه تنفيذ سريع أيضا وبعضها يتطلب اتخاذ قرار في وقت ما وتنفيذه في وقت آخر.
4_ يمكن الاعتماد عليه
يجب أن يرى فيه رؤساؤه وأعضاء هيئة التدريس الذين يعملون معه أنه أهل للاعتماد عليه فيعتبره رؤساؤه أهلا لذلك إذا قام بتنفيذ الواجبات والمسؤوليات المكلف بها بما يتفق والسياسة العامة الموضوعة للجامعة والمعيار الأساسي هنا هو تماسك أفعاله مع أقواله. وتصرفه بحزم ودقة في حل المشكلات التي تعرض عليه, ولا شك أن درجة بعده عن المعيار المقبول في أية ناحية من النواحي الأخرى مثل الصحة والكفاية والبت في الأمور بطريقة حاسمة يضعف من صفة الاعتماد عليه.
لا شــيء يعجبني
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
التأفف يرافقنا كأنه ظل لنا، لا نختلف حول مضمونه ولكن نختلف في أدوات التعبير عنه، يلجأ اليه الغني والفقير، الموظف والعاطل عن العمل، المثقف والأمي، المنصهر في هموم المجتمع وشجونه والمتربع على مقعده في برجه العاجي، كأننا نحاكي في شكوانا رائعة شاعرنا الكبير محمود درويش «لا شيء يعجبني»، هل حقاً لا نرى سوى الألوان الرمادية أم أننا نمتلك القدرة الفائقة على استحضارها والعيش في كنفها؟، والأهم هل التذمر يخرجنا مما نحن فيه وينقلنا الى مساحة وردية تختفي فيها المنغصات؟، وهل بات قدرنا أن تعابير وجوهنا تعتبر الابتسامة ضيفاً ثقيلاً عليها غير مرحب به؟.
لجأت بعض الدول الى فكرة تبادل الأدوار، قد تبدو غريبة بعض الشيء، لكنها تنقلك الى بيئة مغايرة لما اعتدت عليه، حيث أجبرت موظفيها من أصحاب «العمل الذهني» على خوض تجربة «العمل البدني» لمدة شهر، مؤكد أن ذلك سيدخلك الى حيز المقارنة، ومؤكد أن التأفف والتذمر منه يختلف عما كنت تعيشه أو يعيش معك، المهم أن نمط الحياة المختلف والمغاير لما أنت عليه لن يحررك من الشكوى بقدر ما يشعرك بشكوى الآخرين، مؤكد أن للشكوى لدينا قواعد صلبة نتكيء عليها، وليس من المنطق في شيء تجاهلها أو القفز عنها، ومفرداتها تتمدد طولاً وعرضاً في مكونات حياتنا، وتتغلغل فينا الى أدق التفاصيل، لكن السؤال هل التأفف منها يقتلعها من جذورها ويخرجها مع عاصفة الزفير المنطلقة من أعماقنا ويلقي بها في الفضاء الرحب؟، مؤكد أن قوة الزفير لا تغير من البيئة المحيطة بنا، وكل ما تفعله تعديلاً في كيمياء الجسد بما يفاقم من الثقل الملقى على كاهله.
ليوم كامل غادرت القراءة والكتابة «رغماً عن أنفي»، تنقلت فيه بين أعمال المنزل المختلفة، كنت ضيفاً ثقيل الظل على أركان المطبخ، لم أعتد منه سوى متعلقات صناعة فنجان من القهوة، هذه المرة كان علي أن اتعرف على مكوناته المختلفة المطلوبة لصناعة وجبة غذائية، لم أفكر قط في «طبخة» من العهد القديم بتعقيداتها ومتاهة الطرق المؤدية لصناعتها، بل بحثت عن واحدة يسهل المضي في كنفها، لا تتطلب خبرة واسعة أو جهد مضني، كم هو شاق أن تقتل الوقت في تفاصيل متعددة لا يتمخض عنها سوى وجبة غذائية، وقد تنسى شيئاً يفسد عليك صنيعك وتجني خيبة أمل تجدها في عيون من يشاركك المائدة، حتى وان أغرقك بكلمات الثناء والمديح، حقيقة الأمر لم أهتم بجودة المنتج بقدر ما استوقفني الوقت الذي تمضيه المرأة العربية في أروقة مطبخها، وكم هو مفيد أن نترجم تفهمنا لمعاناتها بقليل من الكلمات حتى وان كانت من باب المجاملة ليس الا، مؤكد أن تذمري من واجبات هذا اليوم مختلفة، تفوق بكثير ما اعتدت عليه من تأفف وتذمر.
لن نقف على حقيقة العمل الذي ينجزه البعض الا من خلال ممارسة العمل ذاته، وكم تهون شكوانا اذا ما نظرنا لشكوى الآخرين، والمدينة الفاضلة التي تداعب خيالنا لا وجود لها على كوكبنا، والخروج من معاناتنا لا يأتي من بوابة التذمر، بل لا نجافي الحقيقة اذا ما قلنا انه يشدد الخناق علينا، ولعل هذا ما ذهب اليه العلماء فيما بات يعرف بعلم الطاقة، فنحن نجيد توليد الطاقة السلبية التي يبدع التذمر في حمل شحناتها، ولا نعمل على خلق الايجابي منها، فالعقل الباطني لدينا ما زال يرفض أن نخرج من التذمر الذي يعيش فينا ونهوى العيش فيه.
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (232)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاثنين
6/ 1 /2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
من حق شعبنا أن يعرف !
بقلم: حديث القدس – القدس
لحساب من تعمل «داعش»؟
بقلم: الياس حرفوش – القدس
أميركا تبتعد أكثر في 2014
بقلم: حسان حيدر – القدس
الإعلامي الأول والأديب الأول والباحث الأول!!
بقلم: د.حسن عبدالله – القدس
رغم كثافة الضباب ثمة ما يستحق التوقف عنده
بقلم: طلال عوكل - الايام
الأسرى: الحرية على الأبواب
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
جولة كيري ومآلها!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
التحديق طويلاً في ملامح الديكتاتور
بقلم: غسان زقطان – الايام
تغريدة الصباح - يا ستي... اقرأْ لي الإيميل !
بقلم: محمد علي طه – الحياة
تسريبات "كيري" أو مقارباته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
الحكمة والشجاعة معا
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ليرفع الحصار عن اليرموك
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
قيادة الجامعة
بقلم: أ. د. علم الدين الخطيب – الحياة
لا شــيء يعجبني
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
من حق شعبنا أن يعرف !
بقلم: حديث القدس – القدس
مع تضارب الأنباء والتصريحات من مصادر مختلفة حول نتائج جولة المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو واعتبر أنها أحرزت «تقدما» ، ووسط ما يتسرب من أنباء من مصادر عدة حول «حقيقة» ما جرى في هذه المحادثات سواء بالنسبة للموقف الاميركي او للموقفين الفلسطيني والاسرائيلي يشعر المواطن الفلسطيني إنه وسط دوامة من التناقضات من جهة وأن «التقدم» الذي يتحدث عنه كيري وبعض المصادر الاخرى لا يخفي الخلافات الجوهرية القائمة بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي أو بين الموقف الفلسطيني المعلن وبين المقترحات الاميركية التي لا نعلم حتى اللحظة ماهيتها وهو ما يعني ان حالة من الارتباك والتشويش والقلق وربما الانتظار تطغى على الشارع الفلسطيني على الرغم من ان الرئيس محمود عباس أكد وكرر في اكثر من مناسبة الثوابت الفلسطينية والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في المفاوضات أو أي حل يمكن التوصل اليه.
وربما ان زيارة كيري بعد هذه الجولة لكل من عمان والرياض أضفت ايضا نوعا من التكهنات والشائعات من جهة وحالة التشويش من الجهة الاخرى خاصة بعد اعلان متحدث سعودي رسمي بأن الجانب السعودي يتمسك بمبادرة السلام العربية وأن من الأجدر بوزير الخارجية الاميركي الضغط على اسرائيل للاستجابة لهذه المبادرة وقبول المطالب الفلسطينية المشروعة.
واذا صحت الانباء حول ان ساعات طويلة كرسها كيري لمطالبة الجانب الفلسطيني للاعتراف باسرائيل «دولة يهودية» فان ذلك سيكون بمثابة مفارقة تدعو الى السخرية خاصة وأن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني سبق وان تبادلت الاعتراف مع اسرائيل في اطار اتفاق اوسلو منذ العام 1993 ، كما أن دول العالم التي اعترفت باسرائيل لم تعترف بها كدولة يهودية فكيف يطالب الجانب الاميركي الفلسطينيين اليوم بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية واميركا نفسها لم تقدم مثل هذا الاعتراف.
وعدا عن ذلك وإذا كانت اسرائيل تصر على هذا المطلب استنادا الى ما ورد في القرار 181 «قرار التقسيم» لعام 1947 فانه لا يحق لاسرائيل اليوم الاستناد الى قرار رفضت وترفض تطبيقه ولا يمكنها ان تنتقي منه ما تشاء وترفض ما تشاء.
كما ان ما تسرّب من انباء لا ندري مدى صحتها حول ان تكون القدس «موحدة» وعاصمة للدولتين الفلسطينية والاسرائيلية وحول قبول اسرائيل بأن تكون حدود عام 1967 اساسا للحل فان مثل هذه الأنباء ضبابية وغير واضحة المعالم. فما هي «القدس الموحدة» التي ستكون عاصمة الدولتين؟
وكيف يقال ان اسرائيل توافق على حدود عام 1967 كأساس وهي حتى هذه اللحظة تصر على ابقاء سيطرتها على منطقة الغور وعلى ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية تشمل الكتل الاستيطانية الكبرى تماما كما تصر على اعتبار «القدس الموحدة» عاصمتها الابدية ؟! ولذلك نقول اننا لم نلمس حتى الان طبيعة «التقدم» الذي يتحدث عنه كيري من جهة، كما لم نلمس أي تغير في الموقف الاسرائيلي او في السلوك الاسرائيلي. هذا عدا عن أن اسرائيل والادارة الاميركية لا زالتا تتجاهلان مبادرة السلام العربية التي تشكل الحد الادنى الذي يجمع عليه العرب كأساس للسلام والتي لا يمكن تجاوزها بأي حال.
إن ما يجب ان يقال هنا ان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات من حقه ان يعرف طبيعة المواقف والمقترحات الاميركية وكثرة المواقف الاسرائيلية التي تطرح ومن غير المعقول او المقبول ان يدور الحديث عن مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته فيما يعيش الشعب الفلسطيني هذه الحالة من التشويش وتضارب الانباء والقلق. كما ان ما يجب ان يقال ان الثوابت الفلسطينية واضحة والحقوق الفلسطينية المشروعة واضحة ولا يمكن صنع سلام حقيقي عادل ودائم وشامل دون اعتراف اسرائيل بهذه الحقوق وتخليها عن أطماعها التوسعية والاستيطانية ومحاولاتها لاملاء شروط الحل ودون تخلي الولايات المتحدة الاميركية عن انحيازها لاسرائيل وتجاهلها للشرعية الدولية وللحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الاراضي المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس العربية وحقه في رفض كل اشكال الاحتلال والهيمنة التي تسعى اسرائيل وواشنطن لتسويقها تحت يافطة السلام.
لحساب من تعمل «داعش»؟
بقلم: الياس حرفوش – القدس
هذا السؤال بات يطرح نفسه في ظل ما يحكى عن التقدم الذي يحققه مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على الجبهات في كل من سورية والعراق، إضافة إلى ما ذكره أحد المواقع على شبكة «الإنترنت» عن إعلان هذا التنظيم المسؤولية عن الانفجار الأخير الذي وقع في الضاحية الجنوبية في بيروت.
الهدف من السؤال هو البحث عن الجهة المستفيدة من تحرك هذا التنظيم وقتاله الشرس، وذات الطابع المذهبي على الجبهات التي يخوض الحرب فيها، فليس من قبيل الصدفة أن المجازر التي يرتكبها مقاتلو هذا التنظيم والطابع التكفيري الذي يتميز به خطابه يسرق البساط من تحت أقدام القوى السنّية المعتدلة في أكثر من مكان، ويمنح ورقة ذهبية للأطراف التي تتصارع معها هذه القوى، من خلال اتهامها بأنها توفر غطاء لهذا الفكر التكفيري.
نرى ذلك في أكثر من ساحة، من العراق إلى لبنان مروراً بسورية: انتعاش لنشاطات «داعش»، في ظل حماية قوى معروفة بتطرفها المذهبي، في مقابل توظيف هذا الانتعاش لتوجيه الاتهام إلى الإسلام السنّي بمجمله بأنه المسؤول عن تغذية الفكر التكفيري، فيما هو الضحية الأولى له.
في العراق، دخلت قوات رئيس الوزراء نوري المالكي في مواجهة مع المناطق ذات الأكثرية السنّية في محافظة الأنبار. تلك المناطق التي تميزت بقتالها ضد الاحتلال الأميركي للعراق، وعندما هُزم الاحتلال، تم تسليم البلد إلى القوى التي تحكمه اليوم.
هذه المناطق ذاتها هي التي تمارس إدارة المالكي بحقها سياسة إقصاء مذهبي و «تكافئها» على مقاومة الاحتلال بالحرمان السياسي والتهميش في دارات الدولة. وعندما انتفض أهل هذه المناطق وقاموا بالاعتصام للاحتجاج على ما يتعرضون له، صدرت الأوامر لقوات الجيش بفك اعتصامهم بالقوة. وتحت ضغط تلك المواجهات، قامت قوات الجيش فجأة بإخلاء مواقعها، ومعها مراكز الشرطة، فاستباح مقاتلو «داعش» المدن الرئيسية في محافظة الأنبار، وسيطروا على الفلوجة وأعلنوا قيام «ولاية إسلامية» فيها، كما يحاولون السيطرة على مدينة الرمادي. ووجد المالكي في ذلك فرصة لاعلان القتال ضد «المجاميع الارهابية» كما سماها، قاطعاً الطريق بذلك على المطالب السياسية التي يرفعها اهل الانبار.
أما في سورية، وبعد ثلاث سنوات من عجز النظام في المواجهة مع قوات المعارضة ممثلة بـ «الجيش السوري الحر» والفصائل الأخرى التي تخوض الثورة ضده، تقوم «داعش» اليوم بالجزء الأكبر من هذه المهمة، بعد أن جنّد النظام «شبيحته» وسجناءه وحتى بعض ضباط جيشه، إلى جانب هذا التنظيم، الذي تقتصر عملياته في سورية على المواجهات مع «الجيش الحر»، وعلى القضاء على كل القوى التي تنشط من أجل التغيير الديموقراطي وقيام الدولة المدنية.
فيما تركز بيانات «داعش» على تكفير قادة «الجيش الحر» وقادة «الائتلاف» و «المجلس الوطني»، وتثير الخوف بين الأقليات، من مسيحية وعلوية وكردية وغيرها. وطوال الفترة التي ظهرت فيها «داعش» على ساحة القتال في سورية، لم تسجل أي مواجهة أو عملية عسكرية قامت بها قوات النظام ضدها، وذلك على الرغم من الحرب الشعواء التي يخوضها هذا النظام ضد كل مواقع المعارضة، بكل أنواع الأسلحة، بما في ذلك المجازر التي يرتكبها في حلب وريفها بواسطة البراميل المتفجرة. هكذا باتت صورة القتال في سورية كما أرادها النظام منذ بداية الثورة في ربيع عام 2011: مواجهة مع قوى الإرهاب والتطرف، ولا علاقة لها بأي مطلب إصلاحي.
وفي لبنان، وبعد أيام قليلة على اغتيال الوزير السابق محمد شطح، تم تنفيذ عملية انتحارية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف خلق انطباع أن هناك «توازناً» في الأعمال الإرهابية التي تضرب العاصمة اللبنانية والمناطق الأخرى، ولإبعاد تهمة مسؤولية الاغتيال عن الفريق الآخر. وبالفعل لم يتأخر قادة «حزب الله» في اتهام من أطلقوا عليهم اسم «التكفيريين» بالمسؤولية عن التفجير الإرهابي في الضاحية، من غير تمييز بين خصومهم من قوى 14 آذار والقوى المتطرفة الأخرى الناشطة على الساحة اللبنانية.
في مواجهة «داعش» تنشط الآن ثورة جديدة يقوم بها مقاتلون معارضون في سورية وتنظيمات من العشائر في محافظة الأنبار العراقية وقوى معتدلة في لبنان، تعتبر أنها الضحية الأولى لهذا التنظيم الإرهابي. وهذه الثورة لا تقاتل «داعش» وحدها بل هي في مواجهة أيضاً مع الأنظمة والقوى التي وفرت لـ «داعش» فرص الحماية.
أميركا تبتعد أكثر في 2014
بقلم: حسان حيدر – القدس
كادت اخبار الولايات المتحدة تختفي عن شاشات العالم في الاسابيع الاخيرة من العام المنصرم. لم يكن هناك ما يقال عن رئيسها ولا عن سياساتها التي باتت تبنى على حسابات ومفاهيم داخلية بحتة، ومن المرجح ان تكون في العام الجديد اكثر غيابا عن قضايا العالم وهمومه، أولا لان قيادتها قررت الانسحاب من شؤونه، وثانيا لانشغالها بمشكلاتها التي يبدو انها ستتفاقم في وجه اول ملون اختارته رئيسا.
أحدث باراك اوباما هزتين كبيرتين في الشرق الاوسط خلال العام الفائت، اولاهما تراجعه عن توجيه ضربة عسكرية الى نظام الاسد رغم تأكيده المتكرر بأن الاسد هو المسؤول عن الهجمات بالسلاح الكيماوي، بحيث فتح الباب واسعاً امام الافلات من العقاب الذي كان انتقده مرارا ووعد بوقفه، والثانية مفاوضاته السرية المباشرة مع ايران والتي لم تسفر اقليمياً عن اي نتيجة ملموسة توحي بوقف الهجمة الايرانية في المنطقة.
كانت الهزتان النتيجة الواضحة للتحول الكبير الذي اعتمده الرئيس الاميركي في مقاربة السياسة الخارجية: اميركا أولاً واسرائيل ثانياً... ولا ثالث لهما. وهكذا تُرك السوريون لمصيرهم فيما حربهم الاهلية تتأجج اكثر فأكثر بلا اي أمل في حل ممكن، وتواصل ايران وادواتها في المنطقة سياسة قضم الاستقرار واستبدال نفوذها به، وازالة العقبات التي تواجهه واحدة تلو الاخرى، مثلما حصل قبل ايام في لبنان مع اغتيال الوزير السابق محمد شطح.
لم تعد الولايات المتحدة اللاعب الرئيسي الوحيد في العالم، ولم تعد كلمتها مسموعة. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي صار الجميع ينتظر موقف واشنطن كلما طرأت مشكلة كبرى في بلد ما. لكن الحال تغيرت بسرعة وصارت هناك بدائل عدة من الاميركيين.
اوروبا تتحرك وحدها تقريبا حماية لمصالحها ونفوذها بعدما ادركت ان التباين مع الولايات المتحدة يتعدى التفاصيل الصغيرة الى جوهر العلاقة بين الطرفين، خصوصا بعد فضيحة التجسس على قادتها، وبعدما استنتجت ان الحرص على التشاور قائم من طرف واحد فقط. اما روسيا فلا توفر فرصة لاثبات انها موجودة وبقوة على الساحة الدولية، وانها تنشط بفاعلية لحماية قواعدها الاقليمية مثلما تفعل في سورية واوكرانيا وجورجيا. فيما الصين التي تعمل بصمت تمسك بيدها مقادير اقتصادية هائلة توفر لها حصانة في وجه الاميركيين الذين يحتاجون بلايينها.
اما على الصعيد الاميركي الداخلي، فقد دفعت النتائج الكارثية المتوقعة خلال الولاية الثانية لاوباما بعض الاميركيين الى مقارنتها بالولاية الثانية لجورج بوش الابن التي جرّت ويلات كثيرة على مواطنيه كان ابرزها الانهيار الاقتصادي والمالي الذي ورط بلاده والعالم فيه وسلسلة الحروب الدولية المكلفة وغير المجدية. لكن مشكلات اوباما قد تكون اكبر.
فالترجيحات تشير الى ان حزبه الديموقراطي قد يخسر سيطرته على مجلس الشيوخ، وان منافسه الجمهوري سيعزز في الوقت نفسه سيطرته على مجلس النواب، ما يعني ان الرئيس سيواجه في الفترة المتبقية له اكثرية في مجلسي الكونغرس تعارض سياساته وتعرقل مشاريعه المترنحة اصلا. وقد يكون نصيبنا في الشرق الاوسط انعدام اي دور اميركي ضروري لحفظ التوازن ووقف الهجمة المنسقة بين طهران وموسكو.
الإعلامي الأول والأديب الأول والباحث الأول!!
بقلم: د.حسن عبدالله – القدس
مهنة الإعلام هي من المهن التي تتيح للعامل فيها نسج علاقات إجتماعية واسعة، حيث يصبح الإعلامي وبخاصة في ظل تطور وسائل الإتصال معروفاً لقطاعات جماهيرية مختلفة، وحينما يذهب إلى السوق أو يتجول في الشارع يشار إليه بالبنان من قبل اناس شاهدوا صوره في الصحف او من خلال مواقع الانترنت أو خلال تغطياته للنشاطات والفعاليات لصالح المحطة التلفزية التي يعمل.
وهناك قسمان من الإعلاميين:
الأول مثقف ومتمكن كلما تزداد شهرته وانتشاره يزداد تواضعًا ويشعر بمسؤولية أكبر ويسعى بشكل دؤوب لتطوير أدواته وصقلها وتعميق معارفه وخبراته. والحقيقة أن المتابع أو العامل في هذا المجال يدرك تماماً بأن هؤلاء قلة.
الثاني: إعلاميون صغار في العمر الزمني والمهني أو صغار في التجربة والمهنة رغم انهم كبار عمرياً ومضى على عملهم عقود من الزمن في المهنة، لكنهم انتفخوا منذ أن نشروا مقالاً أو مقالين في بداية التجربة، ولم تنفع معهم كل وسائل التنفيس القديمة والجديدة، أو مجرد أن بثت لهم فضائية معينة تقريرا او تقريرين وعاشوا بعد ذلك حالة من الإنتفاخ المزمن.
ولأن الذين ينضوون تحت هذا التصنيف اصيبوا بالغرور ظلوا يراوحون في المكان ذاته، لانهم ترفعوا على التعلم والقراءة والإستفادة من تجارب الآخرين، فقد "ختموا العلم" رغم انهم لم "يختموا" شيئا.
والغريب في الأمر اذا سألت احدهم، من هو الإعلامي الأول في فلسطين، يسارع كل واحد ليدق على صدره، أي أنه هو بلا منازع أو منافس، هذا اذا كان متسامحاً وأجابك عن سؤالك دون ان يوجه لك وابلاً من اللوم والإستنكار، فالسؤال بحد ذاته ينم عن شك، وكيف بك تشكك ولا تعرف الأول بتلقائية وبلا أسئلة!
التصنيف سالف الذكر الخاص بالإعلاميين ينسحب على الكتاب والباحثين، لأن غالبية الممارسين للعملية الكتابية إبداعا وبحثا يصنفون أنفسهم تحت إطار الأول مع الإصدار الأول في الشعر والقصة أو الرواية والبحث.
لدينا إذن معضلة الأول، ولدينا في المقابل فراغ في مرتبة الثاني والثالث والرابع والمئة.
أما القسم الثاني فيندرج ضمن التوصيف التالي:
فقد كان الصحفي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يعمل ويكدح يقرأ ويتابع "وينشف ريقه" قبل ان يتسنى له نشر تقرير أو مقالة، حيث الإشتراطات والمعايير المشددة وضعف الخيارات، فلم يكن في الضفة والقطاع سوى ثلاث صحف، وأن العمل كان محصورا في الصحافة المكتوبة وما أكثر الذين تمنوا الإلتحاق بصحيفة حتى لو كان الامر تطوعًا.
لذلك فإنه مطلوب من الصحفي الصغير أن يجتهد كثيراً ويسلخ من عمره السنوات حتى يغدو كبيرا، ومع ذلك لا يطلق على نفسه الصحفي الأول، لان هناك أوائل يصطفون أمامه يجلهم وينحني إحتراما لتجاربهم، وكذلك الامر بالنسبة إلى الكاتب أو الشاعر الشاب، فنشر قصيدة كان يستدعي الاحتفال والاحتفاء والشعور بالامتنان للمحرر الكبير الذي قدر موهبته الشابة وأخذ بيده لينشر نتاجه الأول، لكنه كان من الصعب جدًا أن يطلق على نفسه الأديب الأول، لانه بدأ يتلمس تجارب الأوائل ويكتشفها ويشعر أن الاقتراب منها يعني الإجتهاد ثم الإجتهاد وتدريب الموهبة وصقل الأدوات والإرتقاء بالإمكانات.
إن مهنة الإعلام والعمل الكتابي والإبداعي يتطلبان ثقافة معمقة ومعرفة دقيقة بتفاصيل الحياة الداخلية، إلى جانب معرفة ما يدور في العالم القريب والبعيد، وقبل ذلك يتطلبان نفساً طويلاً وعملاً دؤوباً مضنياً يستند إلى قراءة وقراءة. أي أن الوصول إلى الصف الأول يحتاج إلى التدرج البطيء الصبور من المئة الى التسعة والتسعين فالثمانين والسبعين... الخ. عندها يمكن لمن اختار هذا الطريق أن يصل الى الأول. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف السبيل للوصول إلى الأول، الجواب أن تبدأ بعيداً بعيداً عن الأول. لأنك اذا بدأت من الأول ستظل أخيرًا مدى الدهر.
رغم كثافة الضباب ثمة ما يستحق التوقف عنده
بقلم: طلال عوكل - الايام
كثرة التصريحات التي تصدر عن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بشأن فشل المفاوضات في إحداث اختراق، لا تعني بالضرورة أن الجهد الأميركي المنسق مع الاتحاد الأوروبي، قد وصل إلى طريق مسدود، أو أن مصيره بالضرورة، سيصل إلى طريق مسدود.
ثمة عزم أميركي أوروبي، على متابعة الفرصة التي أتيحت للمفاوضات، بهدف تحريك عملية السلام، المتوقفة منذ زمن طويل، بدون الخوض في خلفيات وأسباب هذا العزم، وأيضاً بدون تجاهل أن الولايات المتحدة، لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً ومحايداً، بعكس ما قاله وزير الخارجية جون كيري عند مغادرته الأراضي المحتلة في جولته العاشرة، الذي أكد أن الدور الأميركي سيكون عادلاً ومتوازناً، بدون الخوض في كل ذلك، فإنه ينبغي على الفلسطينيين من كل الأجناس والاتجاهات ان ينظروا بجدية بالغة، لمجريات الدور الاميركي.
الكل من الطرفين متشائم، والفلسطيني أكثر تشاؤماً، والكل ينفي وجود مبادرات أميركية مكتوبة أو مكتملة، لكن ذلك، لا يدعو إلى تجاهل التفاؤل الذي عبر عنه مرتين الوزير كيري، بما في ذلك بعد جولته التاسعة.
وعبر عنه لمرة واحدة الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد جولة كيري التاسعة، حين تحدث عن تقدم في المفاوضات.
وبغض النظر عما اذا كانت هناك قنوات تفاوض سرية، موازية للمفاوضات الرسمية العلنية، التي يديرها الدكتور صائب عريقات، أسوة بما جرى خلال مؤتمر مدريد، ومفاوضات أوسلو الموازية، فإن المفاوضات الحقيقية تدور على مستوى القمة، الدكتور عريقات الذي يتمسك باستقالته، منتظراً قرار الرئيس محمود عباس، هو الأكثر تشاؤماً، إذ صرح بأنه لم يعد أخلاقياً يحتمل استمرار المفاوضات، في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية، هذه المفاوضات، التي كان آخر جلساتها الرسمية في الخامس من تشرين الثاني الماضي. هذا يعني أن ثمة قناة أخرى تفاوضية، مرجعيتها المباشرة، كيري وليس مارتن انديك، والرئيس محمود عباس، وليس عريقات، وبنيامين نتنياهو وليس تسيبي ليفني.
المفاوضات ليست فلسطينية إسرائيلية مباشرة، ما يجعل القناة الرسمية، مجرد غطاء، لمفاوضات يديرها الوزير كيري، مع كل من عباس ونتنياهو ولا تقوم على خطة أميركية جاهزة، أو أفكار نهائية أو شبه نهائية. من الواضح أن كيري بدأ جهوده بالاستماع، ثم أخذ يقدم أفكاراً، لفحص مدى إمكانية تعديلها في ضوء ردود الطرفين، بهدف جسر الهوة. من الواضح أن الولايات المتحدة، تبدي استعداداً عالياً، لتقديم ضمانات أمنية وغير أمنية، لتعويض ما يراه الطرفان خصوصاً الإسرائيلي، بسبب وفي حال رفض الآخر للمتطلبات الحيوية.
وفق التصريحات العلنية، المعززة بممارسات عملية من قبل الطرف الإسرائيلي خصوصاً يبدو أن تحقيق اتفاق سلام، أمر أقرب إلى المستحيل، الطرف الإسرائيلي يتمسك بقوة، بشرط الاعتراف بيهودية الدولة، ويرفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، ويتمسك بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ويرفض رفضاً قاطعاً الموافقة على حق عودة اللاجئين، أو التخلي عن أطماعه الأمنية في منطقة الغور، والحدود مع الأردن.
أما الطرف الفلسطيني فهو بحسب الرسالة، التي أرسلها الرئيس عباس للرئيس الأميركي باراك أوباما في الثامن من كانون الأول الماضي، بعد لقائه كيري، فإنه حدد ما لا يقبل به.
بحسب الدكتور عريقات، خلال مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية، تضمنت رسالة الرئيس عباس، أربع لاءات، الأولى: لا نستطيع قبول إسرائيل كدولة يهودية، والثانية، لا نستطيع قبول أي دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، بدون القدس، والثالثة: لا نستطيع قبول أي إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية براً وبحراً وجواً ومعبراً. أما الرابعة والأخيرة، فإن الفلسطينيين لا يستطيعون قبل أي حل من دون ممارسة اللاجئين الفلسطينيين حقهم في الخيار حسب القرار 194، حق العودة والتعويض والافراج عن المعتقلين حال التوقيع على الاتفاق.
إذا كان الفلسطينيون يقفون على حدود الشرعية الدولية، ولا يتجاوزون سقفها في مطالباتهم، فان المشكلة هي في أن المطالب الإسرائيلية تتجاوز كثيراً، حدود الشرعية، بل انها لا تعترف بما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية، وتسعى في الأساس، لإعادة صياغة دورها الاحتلالي.
المشكلة إذاً ليست عند إسرائيل، المعروفة، بسياساتها الاحتلالية وأطماعها، ومواقفها من الشرعية الدولية، وإنما المشكلة عند الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين عليهما أن ينتصرا للشرعية الدولية، وإلاّ كانا إلى جانب الطرف الذي يستهتر بالشرعية الدولية.
إن إسرائيل لا تستطيع أن تتحدى المجتمع الدولي. في حال التزمت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي بحدود القانون الدولي والشرعية الدولية، خاصة وأن إسرائيل ما تزال دولة غير مستقلة وغير قادرة على تأمين بقائها وقوتها بدون دعم الولايات المتحدة، والدول التي صنعتها.
الباحث الأسترالي اليهودي جدعون بوليا، قدم دراسة أكاديمية مؤخراً، حملت عنوان "أستراليا تهدد الأكاديميين اليهود"، يستنتج أن الولايات المتحدة، صرفت مبالغ أسطورية، قدّرها بأربعين تريليون دولار هي تكلفة بقاء إسرائيل، ولدعم استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والعسكري، وهي ما تزال الضامنة الأكيدة لبقاء إسرائيل واستقرارها فهل يمكن للعصابة المتطرفة التي تدير السياسة الإسرائيلية أن تتحدى الإرادة الأميركية في حال توفر هذه الإرادة؟
إذا كانت إسرائيل مصرة على الاستمرار بسياساتها الإجرامية، التي ينتفض عليها عريقات، فإن المشكلة هي أن الفلسطينيين مترددون في توظيف ما لديهم من أوراق وخيارات لمواجهة هذه السياسات الإجرامية، لكن طغيان التشاؤم على تصريحات المسؤولين الفلسطينيين قد لا يعكس الحقيقة.
زيارة كيري للسعودية صاحبة المبادرة العربية للسلام، وقائدة مجلس التعاون الخليجي، والدولة المركزية في ضوء تطورات الوضع العربي، هذه الزيارة تنطوي على معان وأبعاد، ترجح صحة الانطباعات الإيجابية التي يطلقها كيري. فقط نشير إلى أن أي اتفاق تسوية، يتطلب دعماً عربياً سياسياً، ومادياً، وسيرتب على العرب أن يدفعوا جزءاً من الثمن، ألم تنص مبادرة السلام العربية على استعداد العرب للتطبيع بعد التوقيع؟
الأسرى: الحرية على الأبواب
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
خرجت الدفعة الثالثة من الأسرى قبل أيام، وحملت معها فرحة حتى لو كانت قليلة، حيث رأى النور ثلة وكوكبة من قدامى الأسرى الذين أمضوا أكثر من عقدين من أعمارهم خلف القضبان القاسية للسجون. فرحة تستحق الدموع والزفرات والآهات المكبوتة في انتظارها طوال تلك السنين.
وفيما ظل آخرون في السجن، فإن خروج البعض حمل أملاً بأن ثمة حرية قادمة، وأن هناك من يبحث عنها ويعمل على تحقيقها رغم كل شيء.
هكذا يمكن للحياة أن تستمر، حيث يتغذى الأمل بقوت الممكن، وحيث تصبح الفرحة جزءاً من قاموس التفاصيل ولو كانت قاسية وغير مكتملة.
كان المشهد مهيباً، حيث المئات في عتمة الليل يقفون أمام بوابة "إيرز" منتظرين الأسرى المفرج عنهم. ترتفع الأعلام وتبدأ الحناجر بالهتاف، ثم العناقات الطويلة وزفرات اللقاء الموجعة، ودموع الفرح وزغاريد النسوة ودهشة الأطفال.
كان الشابان رامي بربخ وإبراهيم أبو على يريان النور بعد قرابة عشرين عاماً امضياها متنقلين في السجون ينتظرون تلك اللحظة التي لم يشكا للحظة مثل بقية زملائهم الأسرى أنها قادمة لا محالة مهما طال عمر السجن، ومهما اشتدت قسوة السجان. عادا بعد رحلة طويلة إلى حضن العائلة ولمة الأصحاب ودفء الحياة المفقود، انضما إلى قائمة آلاف الأسرى المحررين الذين خرجوا رغماً عن انف السجان وإرادته، ليواصلا الحياة ما استطاعا إليها سبيلاً.
بالطبع تجد المفاوضات التي يخوضها الرئيس محمود عباس خصوماً كثر ومعارضين أكثر ومنتقدين يبرعون في تفصيل الكلام واجتراحه، وربما يكونون محقين في كل ما يقولون، وربما يوافقهم حتى الرئيس محمود عباس في بعض ما يقولون، لكن كل هذا الكلام الجميل والكبير المترع بالأماني مرات وبالتشاؤم من الواقع في مرات أخرى، لا يساوي فرحة أم بخروج ابنها، ولا عناق شابة لوالدها الذي دخل السجن وهي لم تخطُ على الأرض، لتعانقه وهي شابة يافعة، وربما تكون تزوجت وانجبت.
عالم السياسة في مرات كثيرة غير عالم الواقع، ربما نقول للأسف - حيث إن هذا الأسف هو جوهر هذا الفرق. فالأم التي غادرت الشباب وربما ستغادر الكهولة والحياة بعد قليل، ماذا تريد من السياسة غير أن يطلق سراح ولدها الذي لم تفرح بعناقه منذ سنوات تعدها بالثانية وبدقة القلب. هنا يجب على السياسة أن تكون انعكاساً لرغبة الناس ولتطلعاتهم. على الأقل حرية الأسرى أغلى ثمناً من مقايضة الأمن بالخبز – أيضا على ما في مثل هذا الموقف من عاطفة.
والدتي لم تفرق معها أوسلو كثيراً، حيث لم تر في أوسلو إلا فرصة أن يخرج أخي نعيم من السجن. لم تعن لها الاتفاقية عام 1993 ولا المسيرات الكبيرة التي خرجت مؤيدة لها أو معارضة لها سوى أن ثمة فرصة تلوح في الأفق قد تحمل لها ابنها على غيوم الحرية. لذا خرجت مؤيدة للاتفاق الذي سينهي سنوات الفراق ولحظات الانتظار، لكنها ماتت رغم ذلك، ولم تف أوسلو بوعدها إلا بعد رحيلها بأربع سنوات، حيث سينعم أخي بالحرية بعدها عام 1999. ثمة مئات بل آلاف الأمهات والآباء مثل أمي لم يروا في أي اتفاق أو مفاوضات إلا ما تعنيه لهم.
ما أقصده أن احتياجات الناس وأمنياتها تقترن بالواقع الذي تعيشه وبطبيعة الفرحة التي تنتظرها. من هنا فإن المواقف والآراء السياسية لا تبنى في مرات كثيرة على أفكار كبرى، بل على مشاعر اكبر وأهم في الحياة. بالطبع أمي أيضا مثل كل أمهات الأسرى لم تعن موافقتها وإذا شاء أحدهم مقايضتها تلك التخلي عن حقوقها السياسية التي كانت ترضعنا إياها مع حليب ثديها ونحن أطفال، بل كانت تتعامل مع السياسة بتجرد.
الأسرى الذين دفعوا عمرهم من أجل أن يستمر الكفاح الوطني لتحقيق الغايات والتطلعات والحقوق، هم الشعلة الحقيقة التي تنير الطريق. أم ضياء الآغا التي لم تكل ولم تمل رغم الخيبات والانكسارات التي أصابتها حين لم يخرج ابناها ضياء ومحمد، ظلت وفية لقضية الأسرى ولنضالاتهم، فهي في كل فعالية وفي كل مناسبة تقف تعطي ضياء ومحمد الأمل بأن الحرية قادمة. حتى في تلك اللحظات الأليمة التي فوجئت بان اسم ابنها ضياء لم يدرج ضمن كشف المفرج عنهم – بعد أن تأملت أنه سيفرج عنه - خرجت مهنئة مشاركة أمهات الأسرى فرحتهن.
أم ضياء مثال حقيقي للأمل الفلسطيني المجبول بالألم والمنقوع بالدموع، دون أن يمسه اليأس، تنتظر الدفعة الرابعة لعلها تحمل لها ضياء على الأقل الذي ظل واحداً من آخر أسرى قطاع غزة الذين سجنوا قبل اتفاق أوسلو ولم ير الحرية. أم ضياء لن تتنازل عن هذا الأمل الذي تعرف أنه سيتحقق.
المشهد الآخر الأكثر دفئاً، هو تلك اللقاءات التي لم تحدث فقط من عهد قريب مع زملاء الأسر الذين خرجوا قبل أشهر أو قبل سنوات، حيث الأسئلة الكثيرة عن من بقي هناك من زملاء القيد خلف القضبان. أسئلة وتفاصيل وإشارات وعبارات مشتركة، لكنها تحمل هذا الانتماء للحظة نضال مشتركة ساهمت في صقل الشخصية وبناء الهوية. ثمة من بقي ينتظر هناك في السجون أن يطلق سراحه، وثمة أمهات ما زلن يذهبن كل خميس إلى مقر الصليب الأحمر في شارع الشهداء يحملن صور أبنائهن، لا يصبن بالملل ولا يتسلل إليهن اليأس مثل أم ضياء تماماً ومثل أمي قبل قرابة عقدين، وثمة أمل كبير مصابون نحن الفلسطينيين به، كما يقول شاعرنا الكبير محمود درويش إن هؤلاء الذين لم تفتح لهم أبواب الحرية سيرونها قريباً.
لا أحد يعرف مآلات مهلة التفاوض التي يديرها جون كيري وهي تقترب من نهايتها، خاصة مع قرارات الضم الإسرائيلية الجديدة، لكن المؤكد أن هؤلاء الذين نعموا بنسيم الحرية يستحقونها ويستحق كثيرون مثلها.
جولة كيري ومآلها!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
لم تصل جهود الوزير كيري، خلال جولته العاشرة، لإسرائيل وفلسطين، ولقاءاته المكثفة مع رئيس الوزراء نتنياهو، والرئيس محمود عباس، إلى شيء محدد. كان الوزير كيري، يهدف من خلال لقاءاته المتكررة والمكثفة، إلى نقاط، يمكن اعتبارها إطاراً للمفاوضات، من شأنها وضع أسس جديدة، لانطلاق المفاوضات ووصولها الى اتفاق شامل.
كان هدف كيري الأساسي، الوصول إلى "إنجاز"، يعتمد عليه للانتقال إلى نقاط أخرى.. ما اعترض مسار كيري هذا، هو المزيد من الطلبات الإسرائيلية والاشتراطات حول تلك النقاط. لم تصل جهود كيري، خلال جولته العاشرة، إلى ما هدف إليه وما أمله... لم يفشل كيري، لكنه لم ينجح، وبالتالي بقيت جهوده تراوح مكانها. ما نتج عن هذه الجولة، تأمل إسرائيل في تكراره وتواصله، حتى انتهاء فترة التسعة شهور وهي فترة التفاوض الراهنة، وفي هذا التكتيك، ما يذكر بالتكتيك الإسرائيلي، مع المبعوثين الأميركيين خلال السنوات السابقة منذ 1994 وحتى الآن.
يحاول الوزير كيري، الآن، الضغط على الفلسطينيين عبر دول اقليمية وأبرزها المملكة العربية السعودية، الضغط على نقاط لا يمكن الاستجابة لها، ومنها الاقرار بيهودية الدولة الإسرائيلية.
لعله من نافلة القول، إنه ودون ضغط أميركي مباشر ـ واضح على إسرائيل، لن تتقدم المفاوضات قيد أنملة، وستبوء جهود كيري بالفشل، كما فشلت جهود أميركية كثيرة سابقة.
الفشل هذه المرة، سيعتبر فشلاً للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، وسيترتب على هذا الفشل، تراجع أميركي. كما وستعتبر فشلاً للجهود الدبلوماسية الرامية لإنجاح المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
والفشل هذه المرة، سيترتب عليه حكماً، توجه فلسطين بوصفها دولة غير عضو للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولمؤسسات العمل الدولي كافة.
إعادة طرح القضية الفلسطينية، على الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكون بمثابة الإعلان الرسمي عن وفاة الاتفاقات المعقودة بين (م.ت.ف) بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودولة إسرائيل، وسيكون بمثابة، مطالبة الفلسطينيين للمجتمع الدولي، بضرورة إيجاد حل لمشكلتهم المستعصية.
الآن، وبعد مسارات تاريخية صعبة:
• 1948 ـ 1964 استلاب الشخصية الوطنية الفلسطينية.
• 1965 ـ 1993 النهوض الوطني الفلسطيني عبر الثورة المسلحة، واستخدام الوسائل كافة ومنها الدبلوماسية للإقرار والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
• 1994 ـ 2014 بذل المحاولات كافة لإنجاح المفاوضات والاتفاق مع إسرائيل حول حل يكفل الحقوق الوطنية الفلسطينية.
الآن ستعود القضية الفلسطينية، مجدداً، لأروقة الأمم المتحدة وهيئات العمل الدولي، ومنها محكمة لاهاي الدولية.
هنالك مرحلة جديدة، ستعتمد على ما جرى، وأبرزها المواقف الإسرائيلية، التي قالت دون التوصل إلى حل شامل، وبات المجتمع الدولي، يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية في هذه القضية المستعصية.
التحديق طويلاً في ملامح الديكتاتور
بقلم: غسان زقطان – الايام
تبدو الكتابة عن "المفاوضات" التي يقودها وزير الخارجية الأميركي السيد "كيري" نوعاً من الحل يسمح بتفادي الدخول في حقل الألغام المتمثل في فوضى المنطقة، وتداخل الأحداث الممتدة من التصويت على الدستور في تونس، الى الحرب ضد "داعش"، مروراً بإعلان الحكومة المؤقتة في مصر "جماعة الإخوان المسلمين " جماعة إرهابية، والدعوة المتصاعدة لمحاربتها.
على المستوى الفلسطيني يمكن ببساطة قول أشياء أكثر عمومية تسمح بهروب بعض "اليساريين" الذين رفعوا صور بشار الأسد خلال ثلاث سنوات، في الأقل، وحدقوا في ملامح الديكتاتور بشيء من التعبد بدل أن يلتفتوا إلى مسيرة الجثث التي تواصل صعودها في سورية، أو أولئك الذين اغلقوا عيونهم عن الكابوس الذي تحول إليه حلم الثورة وصور التصفيات والإعدامات والجلد في الساحات العامة، وكل تلك "الثقافة" الهيستيرية المتوحشة التي وصلت مع "ثوار" من نوع "النصرة" و"داعش"...، المتمثلة بالتكفير والتحريم والخطف والاغتيال وفرض النقاب ومراقبة حضور صلاة الجمعة واغتصاب القاصرات تحت فتاوى "شرعية" لشيوخ ينبعون من كل زاوية... وتحويل الثقافة الإسلامية العظيمة فعلا إلى "هيستيريا جنسية".
وسط هذه الفوضى يمكن أن تسمع ناطقا باسم "حماس"، على سبيل المثال، وليكن اسمه "أبو زهري" وهو يتحدث عن رفض "جماعته" لأية نتيجة قد تفضي إليها المفاوضات الجارية، يمكن ان يكون الناطق يساريا أيضا وتحت مسمى مختلف، في النهاية، يبدو أن "أبو زهري" يلائم الجميع.
الحقيقة أنني لا أدافع عن "المفاوضات" ولا أفكر بذلك، فثمة الكثير مما يقال في هذا الشأن، لعل أبسطها هو الغياب الكامل لرغبة الحكومة المتطرفة في اسرائيل بالتوصل إلى أي نوع من الحلول، فهي بدورها قائمة على غياب هذا الحل، وهي تواصل بفجاجة وعلى نحو يفتقر إلى الذكاء، هذه المرة، أسلوبها التقليدي في إضافة بنود جديدة على الطاولة، بحيث تتحول إلى قضايا رئيسية، فيما يبقى الجوهري خارج التفاوض.
كما أنني أرى، وهذا ما يراه كثيرون، أن ثمة عناصر جديدة ومؤثرة في المشهد الدولي لم يجر استثمارها بشكل حقيقي، هذا اذا اعتبرنا ان مفاوضينا يفكرون أصلا بهذه الطريقة، أهمها حركة المقاطعة التي تتصاعد في مواجهة الدولة العبرية، والتي ربما كانت إحدى نقاط انطلاقها في "ديربان" في جنوب افريقيا 2001، وها هي تصل الدائرة الأكاديمية في الولايات المتحدة مرورا بالقرار الأوروبي الحازم والذي دخل حيز التنفيذ بمقاطعة كل ما يصدر عن المستوطنات.
ولكن الأمر يبدو مثيرا للريبة عندما يشكك متحدث باسم "انقلاب حماس" في غزة بجدوى المفاوضات، رغم أن مهمته الوحيدة الآن، هي انهاء الانقسام على الأقل، لتحسين الشروط الوطنية سواء بمفاوضات أو بدون مفاوضات، وان يقدم اعتذارا طويلا دون بلاغة عن الأذى الكبير الذي ألحقه فصيله وتحالفاته وبلاغته بالشعب الفلسطيني وقضيته وثقافته ومشروعه الوطني، والذي ساهم بفعالية في إضعاف المفاوض الفلسطيني، للدرجة التي يعتبر فيها مسؤول الموساد السابق "دغان"، في سياق تصريح أخير، أن حجة إسرائيل قائمة في النهاية للتهرب من أي ضغط للتوقيع على اتفاق من خلال انقسام الفلسطينيين.
إن أية تهمة من نوع "تغليب مصلحة الفصيل على المصلحة الوطنية"، ستبدو في هذا السياق نوعا من سلم النجاة، أو وسيلة إنقاذ، فقد تم تجاوز هذا الخط منذ الانقلاب وسكوت بقية القوى بتنويعاتها وتكيفها الفصائلي مع نتائجه الكارثية، التي نواصل جميعا دفع فواتيرها المكلفة، والأمر أن ثمة من يدافع عن مصلحته وامتيازاته الشخصية في مواجهة مصالح الفصيل نفسه، ان الخديعة التي تقودها هذه "النخبة" تشمل أحزابها وفصائلها بالمستوى نفسه الذي تفسد فيه المشروع الوطني، فيما يشبه متلازمة موت الأحزاب التي تبدأ بإحلال الحزب بديلا للشعب وصولا الى إحلال "نخبة الحزب" بديلا لقاعدته.
تغريدة الصباح - يا ستي... اقرأْ لي الإيميل !
بقلم: محمد علي طه – الحياة
اختفت مهن وحِرف يدويّة قدّمت خدمات للنّاس في زمن أجدادنا وآبائنا بل في زمن طفولة البعض منّا حتى في شبابه، فقد قضت الصّناعة الحديثة على مهنة الكندرجي الذي كان يقيس قدميّ الزّبون ويصنع له الحذاء ثمّ قضت على حِرفة الاسكافي الذي كان يجلس على مقعده وأمامه السّندان وبيده الشّاكوش وفي فمه المسامير الصّغيرة ويصلّح الأحذية فيضع لهذا الحذاء نصف نعل أو ميّالة أو تشريبة ولذاك الحذاء رقعة جلديّة ولا يكفّ عن الثّرثرة في أثناء عمله، وكنّا في الشمال نتندّر على الاسكافيّ الشفاعمريّ الذي يضرب بالشاكوش على الحذاء ويتحدّث عن ستالين وايزنهاور وديغول. وانقرضت مهنة راعي العجول وراعي السخول وراعي الخيول كما اختفت مهنة السّروجيّ الذي يصنع السّرج للخيول وللحمير فلا خيول ولا حمير في بلداتنا وقرانا في هذه الأيّام بينما كانت كلّ عائلة تملك حماراً في السّنوات الغابرة، وصار الحمار اليوم حيواناً نادر الوجود ولا يراه أطفالنا إلا في حديقة الحيوان. وماذا عن الجمّال الذي غنّى له أبناء وبنات شعبنا أغاني الحبّ والشوق والفراق في الأفراح والليالي الملاح؟
عذّب الجمّال قلبي يومٍ نوى عالرحيل
قلت له جمّال خُذني! قال أنا دربي طويل
لا ناقة ولا جمل في بلداتنا اليوم!.
وأين مهنة الحصّاد والدرّاس؟ بل أين البيدر والنورج وأغاني الدرّاسين؟
هل يعرف أحد من شبّان هذه الأيّام مهنة السمكري الذي كان يصلّح القنديل واللوكس والبريموس فيضع له فونة أو رأساً أو جلدة؟ ومن يعرف من الجيل الجديد البريموس الذي كان يسمّيه بعض القرويّين «البابور»؟ ومن يعرف اللوكس الذي كنّا نسهر على ضوئه ونحيي الحفلات على نوره؟
وأين مهن الكلاس والصّبّاغ والسّقاء والمبيّض الذي كنّا نتفرّج عليه وهو يلفّ ويدور داخل لجن النّحاس أو الدّست ويعيد للملاعق والصّواني والطّناجر لونها الأبيض الناصع؟
لا أبكي على تلك الحِرف ولا أقول سقى الله أيّامها لأنّ ما حدث لها أمر طبيعيّ ووليد عصرنا الصّناعيّ، ولو كانت هناك حاجة إليها لبقيت كما بقي النّجّار والحدّاد والخيّاط والصّائغ الذين تعصرنوا وتطوّروا.
واليوم بعد أن صار البريد الإلكترونيّ جزء مهماً وأساسيّاً في حياتنا وحلّ في مكاتبنا وبيوتنا وحقائبنا فسوف تختفي مكاتب البريد والبرق ومهنة ساعي البريد لأنّ المراسلات لا تحتاج إلى برقيّات ولا إلى رسائل ورقيّة عاديّة أو مسجّلة أو مستعجلة ولا تحتاج إلى طوابع بريد. ولن تكون مشكلة في تعامل المسنّات والمسنّين في هذا الأمر الجديد فالبركة في الحفيدات وفي الأحفاد، ولا بأس أن يسمع الحفيد جدته العجوز وهي تطلب منه: يا ستي..! اقرأ لي الإيميل!!.
تسريبات "كيري" أو مقارباته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ربما يكون من الأفضل، عدم إظهار أي اكتراث لما يجري تسريبه في هذه الأثناء، حول ما يُسمى "خطة كيري". فعلى الأرجح ليست هناك خطة، سوى تلك التي يمكن أن نطلق عليها عملية جس نبض للرأي العام الفلسطيني، بمقاربات لاختبار الصيغ التي يمكن طرحها، ومن ثم تمريرها، أو التسمك بها على اعتبار أن ردود الأفعال الفلسطينية الرافضة لها، ستكون محدودة. ومحسوبكم يرغب في توجيه رسالة الى الأميركيين، الذين تتابع قنصليتهم في القدس ما نكتب. فمن المفيد ابلاغهم أن يأخذوها من قصيرها. فإن أرادوا أن يحترمهم العالم وإن أرادوا أن تراجع الأمم مواقفها حيال أميركا التي باتت في وجدان الشعوب دولة مكروهة بامتيار، وإن رغبوا في أن يرى فيهم العالم، وسيطاً منـزَّهاً؛ فليس عليهم سوى أن يغيّروا منطق التعاطي مع قضية هذا النزاع وأن يضغطوا بوسائلهم المتاحة ـ وهي حاسمة لو أرادوا ـ على الطرف الذي يخرق مبادئ السلم العالمي ويحتل أراضي الغير بالقوة، وينكر حقوق الآدميين في ممتلكاتهم في الأراضي التي أقام عليها دولته في العام 1948. أما أن يُعينوا المحتل لكي يتطفل على ما تبقى من أراضي الوطن التاريخي لضحاياه، وأن يشجعوا على إنكار حقوق البشر، وأن يمتثلوا لممارسات متطرفين معتوهين، منفلتين على أراضي الناس وممتلكاتها وأمام عيون أصحابها؛ فإن هذا ينـزع عنهم أهلية الوساطة ومهابة القوة العظمى. وبالطبع، لن يفلحوا في إخضاع الشعب الفلسطيني، ولا في العثور على من يؤيد مقارباتهم الموتورة!
ولكي نكون واضحين أكثر، نقول للأميركيين، لا تتعبوا أنفسكم، ولا تحاولوا الضحك على ذقوننا بتكرار الحديث عن "تنازلات مؤلمة" و"قيادات شجاعة". ذلك لأن التسوية حتى وفق الصيغة التي تطمح اليها الأمم المساندة لقضية فلسطين، وهي صيغة الدولة المستقلة في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وفي قلبها مدينة القدس الشرقية؛ ليست كافية لأن يُعلن الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، عن عدم وجود متطلبات لأي طرف من الطرف الآخر. هناك الحق البيّن والمعلوم للاجئين الفلسطينيين، وهذا يتشكل من الحقوق الفردية للناس. ومثلما يعلم الأميركيون لا يملك الرئيس أوباما، ولا يملك الكونغرس، أن يتنازلا باسم أي مواطن أو أي أجنبي، عن عقار يمتلكه في الولايات المتحدة؛ الى شخص آخر. فالدولة أو القيادة أو الحكومة، مهما بلغت من سمو السيادة، لا تملك التنازل عن الحقوق الفردية للناس. وعلى هذا الأساس، يمكن لأية قيادة فلسطينية، في حال التوصل الى تسوية، أن تلتزم بمبدأ انتهاء النزاع المسلح، على أن يكون الطرف المدجج بالسلاح التقليدي والنووي، ملزماً بالكف عن الأذى وعن العدوان، وأن تضمن هذه التسوية، للاجئ الفلسطيني، الحق في أخذ المقتضى القانوني النافذ، لاسترجاع حقه. أما أن تُعاد صياغة التاريخ وأن تُفبرَك مفردات العدالة ومنطقها، وفق أهواء معتوهين فائحين متطرفين، يكذبون مثلما يتنفسون؛ فإن هذا لا يصل بنا الى التسوية!
لا نكترث للتسريبات المحمّلة بمقاربات وأفكار، لا يعرف واحدنا لها وجهاً من مؤخرة، كأن يُقال ـ مثلاً ـ إن قُدساً كبرى موحدة، يمكن أن تُعتبر عاصمة لدولتين. هنا، لا يُقال شيءٌ عن "قوارير" المستوطنات في المدينة. ولا يقال كيف ستدار المدينة كـ"عاصمة موحدة لدولتين". فالخوازيق يكون مسكوتاً عنها في البداية ثم تظهر لاحقاً. ولو سلّمنا على استحياء بشيء من هذه العناوين، فإن الخوازيق تتكفل بجعلنا اضحوكة، وينقلب الناس على من يسلّم. ففي مثال القدس من التسريبات، لا يُقال بدايةً، ما إذا كانت الشراكة في العاصمة، ستكون على مستوى الإدارة البلدية، أم إن المدينة، بشقيها الشرقي والغربي، يمكن تجريفها من السلطة العسكرية والأمنية، لصالح منظمة بلدية!
ثمة محاولة للتحايل على منطق القانون الدولي الذي يقضي بإنهاء الاحتلال للشق الشرقي من المدينة، ويمكن العودة الى قرار الأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29/11/1947 الذي ينص على أن القدس مع محيطها، خالية من الوجود العسكري العربي واليهودي وتخضع لإدارة دولية مؤقتاً. وكانت الولايات المتحدة الأميركية نفسها هي التي تزعمت التصويت على ذلك القرار. إن واشطن، في تسريباتها، كأنما تريد اليوم، الالتفاف على وضع القدس الشرقية بصيغة كاذبة وغير عملية، فتزعم أن المدينة يمكن أن تصبح موحدة وعاصمة لدولتين، بينما في الواقع، هي ترمي الى تكريس السيطرة العسكرية والأمنية للطرف الإسرائيلي، ولن يكون في وسع الطرف الفلسطيني أن يتقي شر المعتدين أو اتخاذ مقر سياسي حكومي لنفسه، لا في القدس الشرقية ولا في الغربية بالطبع ؟!
إن المسعى النـزيه للتسوية، لن يكون بمفارقة السياسة الأميركية لنصوص ومنطوق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. لا سبيل لنجاج أية محاولات تقوم على الخديعة والتدليس. هناك سبيل واحد، وهو وقف القوى الظلامية الصهيونية التي تهدد السلم في هذه المنطقة، عند حدها، وإنفاذ قرارات الشرعية الدولية. بخلاف ذلك لا ينبغي أن يضيّع الأميركيون وقتهم ولا أن يتعبوا أنفسهم. فليس هناك من يستطيع التماشي معهم فيما يسعون اليه!
الحكمة والشجاعة معا
بقلم: يحيى رباح – الحياة
لا جديد على الاطلاق في ممارسات التصعيد الاسرائيلي, لأن اسرائيل تمثل الاحتلال, وفعل الاحتلال بحد ذاته هو اقصى افعال العدوان, ونحن لا نسعى الى احتلال مهذب، بل هدفنا الرئيسي المقدس وجوهر نضالنا هو التخلص النهائي من هذا الاحتلال, عبر قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية, دون ان يتمكن هذا الاحتلال الاسرائيلي من اعادة انتاج نفسه بأي صورة من الصور، لا عبر الذرائع الامنية ولا عبر الذرائع الاقتصادية ولا عبر اية ذرائع اخرى, هذا الموقف الكامل الشامل هو الذي جاءت بناء عليه الجهود الاميركية والعالمية الاخيرة لاستئناف عملية السلام من خلال المفاوضات التي بدأت في الثلاثين من تموز الماضي, بعد التمهيد لها بزيارة الرئيس باراك اوباما الى المنطقة في نهاية شهر آذار من السنة المنصرمة, ثم بدأت بعد ذلك جولات وزير الخارجية جون كيري التي كان آخرها الجولة العاشرة التي انتهت يوم السبت على امل ان تعقبها جولات اخرى.
واضح جدا, ان التكتيك الذي يستخدمه جون كيري هو تكتيك جديد, يقوم على نفس طويل, ودوران الافكار, وحشد اكبر المؤيدين لهذه الافكار من جانب الطرفين الرئيسين فلسطين واسرائيل وبقية الاعضاء المؤثرين في المنطقة، وهذا هو السبب الذي جعل كيري لا يقدم حتى الآن نصوصا مكتوبة او افكارا نهائية, بل مجرد افكار تطرح ويقيس هو ردات الفعل المختلفة لكي يعرف كيف يفتت العراقيل.
الاسرائيليون يتراجعون الى خطوط الدفاع القديمة جدا, وجوهرها حدود عام 67 التي اقرت في اتفاقات الهدنة عام 1949, والتي اعترفوا بها حين اعترفوا بالقرار 242, وهم يكتشفون انه جاء الآن زمن الاستحقاق, وليس لديهم لا حكومات ولا زعماء على مستوى هذا الاستحقاق, فيقومون بمحاولات التفلت والنكوص التي تضعهم في خانة العصابة اكثر من خانة الدولة المسؤولة, مثل طرح يهودية الدولة, او الضرورات الوهمية الامنية, وجنون عمليات الاستيطان, وذهاب وزير خارجيتهم بشكل استعراضي احمق لوضع حجر الاساس لمستوطنة بالاغوار بينما كانت طائرة جون كيري تستعد للهبوط في مطار بن غوريون, والاعلام الصاخب عن بناء استيطاني في قلب مدينة القدس عاصمة فلسطين, وكل ذلك من السلوكيات المشينة لا ينجح في جعل الحوار والاهتمام يبتعد عن موضوع الدولة الفلسطينية في حدود عام 67.
لو نظرنا الى اقوال القادة الاسرائيليين انها حتى على المستوى الاسرائيلي لا تكتسب اية مصداقية, فليبرمان يتحدث عن الاساس الاقتصادي والامني للدولة الفلسطينية، فمن يصدقك, لمن تعزف مزاميرك؟ والجميع يعلم انكم انتم من تحطمون قواعد الاقتصاد وتضخمون هواجس الامن.
من جانبنا الفلسطيني: خطابنا السياسي يتقدم الى الامام يقتنع به عدد متزايد من الدول في العالم, ونحن نشق له الطريق في الداخل والخارج, ونتحاور مع جيراننا العرب حول بعض التشويشات الاسرائيلية وان لا نبني مواقف صارخة بناء على التسريبات التي يجيدها الاسرائيليون وها قد اكتشفنا بعد كل الاكتشافات ان جون كيري طرح افكارا ولم يقدم شروطا ومطالب نهائية, فلماذا النحيب قبل الاوان؟
علينا الثقة بانفسنا ومشروعنا الوطني الذي يستقر في عقل العالم, صحيح اننا امام مفصل حاد, ولكن اسرائيل ايضا تدخل المأزق, ونتنياهو يعيد قراءة كتابه (مكان تحت الشمس) ويكتشف ان الزمن غير الزمن وان المصالح الدولية متغيرة, وان الفلسطينيين من النضج السياسي بحيث لا يقدمون لخصمهم ما يطلبه مجانا, والحمد لله ان الخطاب السياسي الفلسطيني مسؤول عنه من الالف الى الياء الرئيس ابو مازن الذي ابلغ الجميع بوضوح وبساطة ودون أية مؤثرات تراجيدية, وان النقاش كله والجهد كله يدور حول هذا الخطاب السياسي حول مشروعنا الوطني, حول دولة فلسطينية مستقلة مستعدة للقيام بكل ما عليها من التزامات.
ليرفع الحصار عن اليرموك
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
الاجتماعات والمبادرات والاتفاقات المتوالية بين منظمة التحرير وما يسمى قوى التحالف الـ 14 من جهة مع النظام السوري وقوى المعارضة السورية المتواجدة داخل احياء المخيم وفي محيطه من جهة أخرى، لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، لان ابناء شعبنا داخل المخيم يئنون تحت وطأة القتل والحصار المتعمد من قبل كل الاطراف النظام والمعارضة على حد سواء، وبحاجة ماسة لرفع الحصار عن المخيم من قبل قوات الجيش والاجهزة الامنية السورية ومن لف لفهم من فصائل دمشق الفلسطينية، ليتمكنوا من إدخال المساعدات والمواد التموينية واحتياجاتهم الضرورية ليواصلوا البقاء والعيش بالحد الادنى الممكن.
ابناء شعبنا داخل المخيم يموتون جوعا وعطشا وحصارا مميتا، في الوقت الذي تتمتع به قوى الشر التكفيرية داخل المخيم من "داعش" و"جبهة النصرة" و"احرار الشام" و"أكناف بيت المقدس" و"كتائب ابن تيمية" .. الخ من اسماء وعناوين تلك الجماعات بدخول وخروج السلاح والعتاد والطعام منها واليها بسهولة ويسر، كيف ؟ ولماذا يحاصر ابناء المخيم ولا يحاصر القتلة؟ وما هي نتائج هذه السياسة التدميرية القاتلة؟ أيمكن لها ان تحقق للنظام واجهزته الاهداف المرادة ام انها تعطي نتائج عكسية؟ وما هي الغاية من مواصلة حصار ابناء الشعب الفلسطيني؟ أهناك اهداف سياسية بالتواطؤ مع قوى إقليمية ودولية لنكبة جديدة للفلسطينيين؟
الشعب والقيادة الفلسطينية في الصراع الدائر بين النظام الاسدي ومعارضيه منذ البداية اتخذوا قرارا واضحا وجليا يرتكز إلى مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية"، خرج على هذا المبدأ طرفان، الاول الجبهة الشعبية / القيادة العامة؛ والثاني حركة حماس، وكل منها في اتجاه، القيادة العامة مع النظام بحكم ارتباطاتها الامنية تاريخيا معه؛ اما حماس فوقفت مع جماعة النصرة والجماعات التكفيرية الاخرى، منسجمة مع نفسها وموقعها الفكري والسياسي. بتعبير آخر، السمة العامة للموقف الفلسطيني كانت إيجابية، ما ترك انطباعا ايجابيا عند الفريقين المتحاربين، مع ان كل منهما شاء توريط اي قوة او جماعة او شخص من ابناء فلسطين في معاركه ضد الطرف الآخر.
عود إلى جادة الاجابة عن الاسئلة، فإن سماح او تغاضي او ضعف إمكانيات النظام السوري عن فرض الحصار على الجماعات التكفيرية، لا يعني السماح له بفرض الحصار على ابناء المخيم الابطال، لأنه لا ذنب لهم في وجود تلك الجماعات. ووجودها في المخيم نتاج ضعف قدرة النظام على فرض سيطرته على المنطقة، وايضا لكفر المواطنين السوريين الموجودين بالمخيم (لان المخيم يحتضن سوريين وفلسطينيين) وفي محيطه بسياسات النظام، ولرغبتها بالتخلص منه. كما ان الحصار القاتل على المخيم، يفرض على الشباب الباقي مع ذويه البحث عن لقمة العيش حتى ولو من الشيطان، أي حتى لو من الجماعات التكفيرية، الامر الذي يؤدي إلى انخراط مجموعات منهم مع تلك الجماعات لستر جوعه وجوع عائلته، ولدرأ اخطاء وبطش تلك الجماعات ضد المواطنين. وبالتالي حصار المخيم لا يمكن نظام بشار من حصد النتائج الايجابية المرادة، في حين لو استخدم سياسة واقعية ومسؤولة تجاه المواطنين في المخيم فإن المردود الايجابي سيكون اكبر كثيرا من السياسة المميتة الحالية.
إذاً: على قيادة النظام السوري وبغض النظر عن الاتفاق السياسي مع المعارضة بتلاوينها المختلفة، فك الحصار او ايجاد قناة او ممر لادخال المواد التموينية والاغاثية الاخرى لابناء المخيم، والكف عن التذرع بان قوى المعارضة تحول دون وصول تلك المواد، لانها ذريعة واهية ولا تمت للحقيقة بصلة. وبالتالي البعد الانساني له الاولوية على البعد السياسي. وعلى وفد المنظمة المتجه الى سوريا خلال اليومين القادمين الضغط لاعطاء هذا الجانب الاهمية القصوى، التي تستحق، والابتعاد عن مراوغة اهل النظام والمعارضة.
قيادة الجامعة
بقلم: أ. د. علم الدين الخطيب – الحياة
إن مصطلح قيادة الجامعة يشير إلى رئيس الجامعة ونوّابه وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام ولا شك أن هذه القيادة هي التي تؤدي إلى نجاح الجامعة في أداء مهمتها وتحقيق أهدافها أو الفشل في كل ذلك.
ولكي تكون هذه القيادة ناجحة فلا بد لها من مواصفات معينة تنطبق على أفرادها بدءا من رئيس القسم وانتهاء برئيس الجامعة وسنتعرض لهذا الموضوع في عدة مقالات نظرا لطوله ولأهميته وضرورته ويمكن أن نلخص تلك الصفات في عدة نقاط هي :
1 _ توافر الصحة
إذا كان توافر الصحة أمرا مهما بالنسبة لكل فرد فهو أساس لقيادات الجامعة التي تعمل غالبا الساعات الطوال تحت ضغط شديد ونعني بالصحة الجيدة كلا من الصحة البدنية والصحة العقلية ولعل من الواضح أن الصحة البدنية الضعيفة تقف حائلا دون نجاح الفرد في القيادة الفعالة, وهناك علاقة ثابتة بين الصحة البدنية والصحة العقلية وتتضمن عبارة " العقل السليم في الجسم السليم " التكامل الفعال ولا شك أن القائد الجامعي الذي يستطيع التفكير بوضوح بطريقة فعالة بالرغم من وقوعه تحت ضغط انفعالي قوي والذي يتمتع بالقوة البدنية التي تساعده على تجنب التعب الشديد في أداء عمله اليومي هو الشخص الذي يتمتع بالصحة العقلية والبدنية.
2_ أن يكون ذا كفاية
أما أن يكون القائد الجامعي ذا كفاية فمعناه ببساطة استطاعته أداء واجباته ومن الصعب بطبيعة الحال أن تحدد قدرته على القيام بعمله أو اخفاقه فيه أو أن يمارس هذا العمل في فترة من الوقت ويمكننا بالإضافة إلى ذلك الاستدلال على كفايته من سجلات أعماله السابقة.
فقد يحمل مرشح لوظيفة إدارية ما قائمة من المؤهلات الفنية في صورة درجات ورتب علمية حصل عليها ومقررات دراسية قام بتدريسها ولكن فحص السجلات الدالة على عمله السابق قد توضح فشلا في ذلك العمل ويحكم أعضاء هيئة التدريس على قدرة القائد الجديد بعد أن تتاح له فرصة العمل فترة من الوقت وذلك في ضوء مدى فهمه لواجباته ومسؤولياته وتنفيذه لها ومدى فهمه لعمل بقية أعضاء هيئة التدريس وتقديره لهم.
3_ القدرة على البت في الأمور بطريقة حاسمة
يواجه القائد الجامعي يوميا مسائل ومشكلات تتطلب قرارات سريعة وصحيحة وليس أدل على قدرته في العمل في طبيعة قراراته والطريقة التي يصدرها بها وتتضمن قدرة القائد الجامعي في البت بالأمور بطريقة حاسمة معرفته بالأهداف العامة والسياسات الأساسية وثقته في نفسه وفي أعضاء هيئة التدريس لديه وقدرته على تحليل المشكلات وتقبله للنصيحة من غيره ومقدرته على ترجمة الأفكار إلى أعمال ولا تعني هذه الصفة أن يكون القائد الجامعي مندفعا أو متعسفا فالاندفاع يدل على نقص في التخطيط ونقص في التبصر ولا يعني التفكير في مشكلة ما مجرد اتخاذ قرار فيها بل تنفيذ القرار أيضا أو بعبارة أخرى ترجمة الأفكار إلى أفعال ويتضمن تنفيذ القرار تحديد الوقت اللازم لتنفيذه فبعض المشكلات تتطلب قرارا سريعا يعقبه تنفيذ سريع أيضا وبعضها يتطلب اتخاذ قرار في وقت ما وتنفيذه في وقت آخر.
4_ يمكن الاعتماد عليه
يجب أن يرى فيه رؤساؤه وأعضاء هيئة التدريس الذين يعملون معه أنه أهل للاعتماد عليه فيعتبره رؤساؤه أهلا لذلك إذا قام بتنفيذ الواجبات والمسؤوليات المكلف بها بما يتفق والسياسة العامة الموضوعة للجامعة والمعيار الأساسي هنا هو تماسك أفعاله مع أقواله. وتصرفه بحزم ودقة في حل المشكلات التي تعرض عليه, ولا شك أن درجة بعده عن المعيار المقبول في أية ناحية من النواحي الأخرى مثل الصحة والكفاية والبت في الأمور بطريقة حاسمة يضعف من صفة الاعتماد عليه.
لا شــيء يعجبني
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
التأفف يرافقنا كأنه ظل لنا، لا نختلف حول مضمونه ولكن نختلف في أدوات التعبير عنه، يلجأ اليه الغني والفقير، الموظف والعاطل عن العمل، المثقف والأمي، المنصهر في هموم المجتمع وشجونه والمتربع على مقعده في برجه العاجي، كأننا نحاكي في شكوانا رائعة شاعرنا الكبير محمود درويش «لا شيء يعجبني»، هل حقاً لا نرى سوى الألوان الرمادية أم أننا نمتلك القدرة الفائقة على استحضارها والعيش في كنفها؟، والأهم هل التذمر يخرجنا مما نحن فيه وينقلنا الى مساحة وردية تختفي فيها المنغصات؟، وهل بات قدرنا أن تعابير وجوهنا تعتبر الابتسامة ضيفاً ثقيلاً عليها غير مرحب به؟.
لجأت بعض الدول الى فكرة تبادل الأدوار، قد تبدو غريبة بعض الشيء، لكنها تنقلك الى بيئة مغايرة لما اعتدت عليه، حيث أجبرت موظفيها من أصحاب «العمل الذهني» على خوض تجربة «العمل البدني» لمدة شهر، مؤكد أن ذلك سيدخلك الى حيز المقارنة، ومؤكد أن التأفف والتذمر منه يختلف عما كنت تعيشه أو يعيش معك، المهم أن نمط الحياة المختلف والمغاير لما أنت عليه لن يحررك من الشكوى بقدر ما يشعرك بشكوى الآخرين، مؤكد أن للشكوى لدينا قواعد صلبة نتكيء عليها، وليس من المنطق في شيء تجاهلها أو القفز عنها، ومفرداتها تتمدد طولاً وعرضاً في مكونات حياتنا، وتتغلغل فينا الى أدق التفاصيل، لكن السؤال هل التأفف منها يقتلعها من جذورها ويخرجها مع عاصفة الزفير المنطلقة من أعماقنا ويلقي بها في الفضاء الرحب؟، مؤكد أن قوة الزفير لا تغير من البيئة المحيطة بنا، وكل ما تفعله تعديلاً في كيمياء الجسد بما يفاقم من الثقل الملقى على كاهله.
ليوم كامل غادرت القراءة والكتابة «رغماً عن أنفي»، تنقلت فيه بين أعمال المنزل المختلفة، كنت ضيفاً ثقيل الظل على أركان المطبخ، لم أعتد منه سوى متعلقات صناعة فنجان من القهوة، هذه المرة كان علي أن اتعرف على مكوناته المختلفة المطلوبة لصناعة وجبة غذائية، لم أفكر قط في «طبخة» من العهد القديم بتعقيداتها ومتاهة الطرق المؤدية لصناعتها، بل بحثت عن واحدة يسهل المضي في كنفها، لا تتطلب خبرة واسعة أو جهد مضني، كم هو شاق أن تقتل الوقت في تفاصيل متعددة لا يتمخض عنها سوى وجبة غذائية، وقد تنسى شيئاً يفسد عليك صنيعك وتجني خيبة أمل تجدها في عيون من يشاركك المائدة، حتى وان أغرقك بكلمات الثناء والمديح، حقيقة الأمر لم أهتم بجودة المنتج بقدر ما استوقفني الوقت الذي تمضيه المرأة العربية في أروقة مطبخها، وكم هو مفيد أن نترجم تفهمنا لمعاناتها بقليل من الكلمات حتى وان كانت من باب المجاملة ليس الا، مؤكد أن تذمري من واجبات هذا اليوم مختلفة، تفوق بكثير ما اعتدت عليه من تأفف وتذمر.
لن نقف على حقيقة العمل الذي ينجزه البعض الا من خلال ممارسة العمل ذاته، وكم تهون شكوانا اذا ما نظرنا لشكوى الآخرين، والمدينة الفاضلة التي تداعب خيالنا لا وجود لها على كوكبنا، والخروج من معاناتنا لا يأتي من بوابة التذمر، بل لا نجافي الحقيقة اذا ما قلنا انه يشدد الخناق علينا، ولعل هذا ما ذهب اليه العلماء فيما بات يعرف بعلم الطاقة، فنحن نجيد توليد الطاقة السلبية التي يبدع التذمر في حمل شحناتها، ولا نعمل على خلق الايجابي منها، فالعقل الباطني لدينا ما زال يرفض أن نخرج من التذمر الذي يعيش فينا ونهوى العيش فيه.