Haneen
2014-12-18, 11:01 AM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.giffile:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
كيري لم يحقق التقدم المتوقع لكن المساعي لا تتوقف !!
بقلم: حديث القدس – القدس
الأسير كريم يونس ... على أبواب الحرية في الدفعة الرابعة
بقلم: عيسى قراقع - القدس
المشهد السياسي جديد كيري.. وقديمه..
بقلم: نبيل عمرو – القدس
نتنياهو يحلم ببناء قصره في الغور!
بقلم: عطالله منصور – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
مشروع جواب على يهودية إسرائيل !
بقلم: حسن البطل – الايام
مـــــــأزق فتــــــح
بقلم: هاني المصري – الايام
وقاحة "نتنياهو/ ليبرمان" ليس لها حدود!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
كلنا مخيم اليرموك
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
كيري، وسر النجاح أو الفشل..!!
بقلم: حسن خضر – الحياة
اطلبوا المصالحة ولو في المهجر!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
دغان: حماس مصلحة إسرائيلية!
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
اصمتوا... وأنقذوا مخيم اليرموك
بقلم: موفق مطر – الحياة
شـقـيـقـة الـرئـيـس
بقلم: د. أسامه الفرا – الحياة
كيري لم يحقق التقدم المتوقع لكن المساعي لا تتوقف !!
بقلم: حديث القدس – القدس
على خلاف كل التوقعات المتفائلة نسبيا التي سبقت زيارة وزيرالخارجية الاميركية جون كيري والاحاديث عن وفد ضخم من الاختصاصيين يرافقه، فقد غادرنا دون ان يحقق اي تقدم كما يبدو، وبعد عودته من زيارة عمان والرياض، الى اسرائيل، لم يلتق رئيس الوزراء الاسرائيلي ولا الرئيس عباس وتوجه الى جنيف ليبحث الترتيبات لعقد مؤتمر المصالحة السوري
لقد حمل مقترحات بالتأكيد ولم تلق تأييدا من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولم تجد هذه المقترحات "المتوازنة والعادلة" كما وصفها، القبول الذي كان يتمناه، فقد رفض نتانياهو وحكومته اي انسحاب من الاغوار، وتمسك الجانب الفلسطيني بموقفه العادل والمنطقي في رفض الاعتراف بيهودية اسرائيل والغاء حق العودة، وبالمطالبة بمرجعية حدود حزيران 1967 وبازالة المستوطنات والقدس الشرقية عاصمة للدولة الموعودة.
وكعادته فان كيري يزور الاردن والسعودية في كل جولة تقريبا، لانه يبحث عن دعم عربي ومساندة لمقترحاته وجهوده. وسيلتقي في هذا السياق وزراء الخارجية العرب الاسبوع القادم وتقول بعض المصادر ان السعودية اكدت امامه تمسك الدول العربية بمبادرة السلام العربية الشهيرة التي ترفضها اسرائيل ولا تعيرها اميركا اي اهتمام. والعلاقات العربية الفلسطينية في هذا الاطار تبدو متداخلة حيث يدعم العرب موقفنا وما نريده من جهة، وتحاول بعض الدول التأثير علينا وعلى قراراتنا، من جهة اخرى، ونحن لا نستطيع ادارة الظهر للمواقف العربية المختلفة كما نرفض اية تنازلات جديدة قد يقترحها البعض منهم.
وان كان كيري لم يحقق الاختراق الذي توقعه كثيرون في هذه الجولة، فان المساعي لا تتوقف عند هذا الحد ابدا، فالاتصالات مستمرة والزيارات متكررة ومناقشة المقترحات من كل الجوانب ومن كل الجهات المعنية، امر مطلوب تمهيدا للزيارة القادمة وتفصلنا عن نهاية نيسان وهو موعد انتهاء فترة التفاوض، فسحة زمنية تبدو كافية لتحقيق تقدم ان اتخذت واشنطن موقفا حاسما ونهائيا.
والموقف الحاسم المطلوب واضح وهو ممارسة الضغط على اسرائيل لتحقيق الحد الادنى من المطالب الفلسطينية المتفق عليها دوليا وبينها اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وليس مقطعة الاوصال بالاستيطان والتهويد كما تحاول اسرائيل. وان ارادت اميركا وان سمعت من الدول العربية موقفا واضحا وحاسما، فهي قادرة على ممارسة مثل هذا الضغط، وكانت آخر نماذجه حين قصف الرئيس الراحل صدام حسين مدنا اسرائيلية بالصواريخ واوقع اصابات واثار الذعر، ولم تسمح واشنطن لاسرائيل بالرد باي شكل من الاشكال واضطرت اسرائيل لقبول ذلك لاول مرة في تاريخها كما ان واشنطن وقعت اتفاقا مع ايران في موقف مخالف تماما لما تريده اسرائيل . والقضية قضية مصالح وتأثيرات، وعلى الدول العربية ان تضع واشنطن في هذه الدائرة لان الظروف تبدو مواتية لايجاد تسوية بعد انهاء الملف النووي الايراني تقريبا والبدء بانهاء الملف السوري، وبعد تزايد نفوذ وتواجد "القاعدة" في المنطقة كما نرى في العراق هذه الايام، مما يشكل تهديدا خطيرا يستدعي انهاء الملف الفلسطيني، وهذه نقطة ضغط جديدة وهامة لابد من الاستفادة من تداعياتها وهذه كلها مسؤولية الدول العربية بالدرجة الاولى.
الأسير كريم يونس ... على أبواب الحرية في الدفعة الرابعة
بقلم: عيسى قراقع - القدس
دخل عامه الثاني والثلاثين بتاريخ 6/ 1/ 2014، الأسير الأقدم حاليا في سجون الاحتلال وفي العالم، المثقف الكاتب والحالم والشاعر والغير قادر أن يستوعب اعتقال المشاعر الإنسانية وتكبيلها بالحديد ودياجير الظلام في عصر الانفتاح والديمقراطية وربيع حقوق الانسان.
الأسير كريم يونس ابن قرية عارة في الداخل الفلسطيني الذي طبق عليه وعلى غيره من الأسرى نظام الأبرتهايد بكل امتياز، سلبوه حق المواطنة كفلسطيني يعيش على أرضه داخل دولة اسرائيل، وسلبوه حقه الوطني والسياسي باستثنائه من كل تفاوض وصفقة واعتباره كائنا لا ينتمي الى أي ارض ولا هوية.
في رسالته الاخيرة يثمن كريم يونس موقف الرئيس ابو مازن باصراره بالافراج عن قدامى الاسرى دون استثناء بما فيهم اسرى الداخل 1948 ، معتبرا ذلك تحد كبير للمفاهيم الاسرائيلية العنصرية وكسر لمعايير الظلم التاريخي على الأسرى.
كريم يونس في الدفعة الرابعة، سيطل علينا في شهر آذار مع بقية الاسرى القدامى، حاملا روحه العنيدة وحكمته الخلاقة، وتاركا خلفه السجن بجلاديه المتوحشين، وقيودا بائسة لم تمنعه من ممارسة الجري في فضاء الحرية والكرامة.
كريم يخلع ثوب الاعدام، يشرق على فجر الجليل ولا يتلفت للوراء، فيه من الذاكرة والصمود ما يجعل دولة اسرائيل دولة صغيرة معزولة، لم ترتق الى الانسانية والعالمية، محشورة داخل أقفاص وسجون واصوات صدى.
اثنان و ثلاثون عاما وكريم يونس يبحث عن هويته واسمه وكيانه الإنساني والوطني، وقد مرّت عليه حروب واتفاقيات ومشاهد ومعاهدات وصفقات ولا زال خارج النص والفعل والقرار، كأنه بطل ينازع ظلا، وظلا يفتش عن المعنى في المكان.
اثنان و ثلاثون عاما وكريم يونس يصرخ تحت مقصلة الإعدام، يهبط ويرتفع، يشهق ويغني، ويرى الحياة أبعد من سجن ومعسكر لدولة لا تجيد سوى إطلاق النار، ويرى نفسه يرتدي شجرا وله أثر الفجر على الندى، ونشيد الطلبة في فوج المدارس لا يطيع النسيان.
يكتب لنا بأن لا نواصل السير في جنازاتنا وأن نقف أمام أمه والبحر وذكرياته، ففينا من البراهين ما يجعلنا نواصل الشهوة للحياة، ويكفينا أننا دائما على موعد مع هدف، وخطانا لا تتقدم الى فراغ في زنزانة أو صدى.
الأسير كريم يونس صدمته الروايات المغلقة، وهو الذي فتح قلبه على كل النهايات، ورأى كيف يفرح الشهداء، ويمشي الأسرى فوق الغمام ويشعلون دمهم في الليل ، ويهدأون عندما يلمع ضوء من أقاصي الجليل.
سنوات وسنوات مرت عن جسده الدبابات والسياط وخفافيش الظلام، سقط زملائه شهداءا وآخرون غادروا الى المجهول ، ولا زال في المعسكر يسمع طبول الحرب محشورا بين الموت والرجاء.
سنوات وسنوات وهو يقرأ عن استراتيجيات دولة تتضخم نوويا وكراهية وتستعد على مدار الساعة للحرب وبناء السجون وتجريف الجماد والنبات وابتلاع الماء والهواء والصحراء.
سنوات وسنوات وهو يتمنى أن نقول لا لكل شيء لا يحيى الانسان ويرمم عظامه ويعيد الى الكرامة سيادتها وبريقها، ويعوض الخسارة بحلم لا يستضيف حلما آخر يجلس في البيت وفي النوم وفي القبر يقاسمنا أدوات الغياب.
اثنان ثلاثون عاما وهو يبحث عن هويته منذ أن حكموا عليه بالإعدام الى أن أعادوه من صفقة عام 1985 حتى إعلان المبادئ وصولا الى صفقة شاليط، ولم يجد من يعيد إليه الكوشان ولا من يأخذه للنوم في حضن أمه المريضة، ولا من يفسر له معنى المؤبد في الزمن العبري.
يكتب لنا بان لا نعود الى الوراء، أن نتبع رائحة الأسرى دليلنا في الكلمات وفي المفاوضات لإنقاذ الرجال والغد والذكريات، وأن نصحح الظلم التاريخي عندما داهمنا السلام بالمستوطنات والحواجز والاعتقال واصطياد المكان.
كريم يونس يقف على شباك غرفته في سجن هداريم، ينشر قميصه البني ويتطلع الى السماء المسيجة وكأنه سيحلق بعد قليل، يسأله مروان البرغوثي الى أين يا كريم، يقول: لنذهب الى غدنا واثقين بصدق إيماننا وخيالنا السجين.
المشهد السياسي جديد كيري.. وقديمه..
بقلم: نبيل عمرو – القدس
حين وصل كيري الى تل ابيب فجر امس، قادما من الرياض وعمان، فقد حقق بالفعل مصطلح "وصل الليل بالنهار" في جهده الملح لاحراز تقدم مقنع على الطريق الصعب والمعقد، والذي يسعى الوزير لان لا يكون طويلا.
وقبل ان نعرف خلاصات ما يفعل الرجل، وحتى دون ان نعرف ما هي النقاط التي احرز فيها تقدما، وتلك التي ما تزال عالقة، فلنحاول التعرف على جديد كيري، وقديمه..
ولنبدأ بالجديد..
لقد استفاد كيري من كل دروس الاخفاق والنجاح التي احرزها من سبقوه في العمل على ساحة الشرق الاوسط. فوضع خطة عمل، يزاوج فيها العلني والسري. فالجهد والاهداف علنية وبصورة مبالغ فيها، اما الصيغ والخلاصات فسرية الى ابعد الحدود، وهذا جديد في طريقة العمل الامريكية. وهنالك جديد آخر هو انفتاح الوزير الامريكي على اطراف اخرى كانت مغيبة فيما مضى، بفعل سريان مبدأ الاحتكار الامريكي للعمل في الشرق الاوسط، بما اقتضاه ذلك من استبعاد تلك الاطراف الاقليمية والدولية المؤثرة ، وكان من نتيجة هذا الاستبعاد ، ان حُشرت العملية السياسية الشرق اوسطية في زاوية ضيقة ، وكان العامل الحاسم فيها هو الموقف الاسرائيلي المتحرر تماما من اي ضغوط.
وجديد اخر... هو تحويل العمل التفاوضي من زيارات ومحاولات سِمتها ادارة الازمات، او ملء الفراغ، الى ما يشبه المؤسسة. فالوزير كيري من خلال زياراته العشرة وجيش المستشارين والخبراء الذين جندوا للعمل معه، اختلف كثيرا عن السيدة هيلاري كلينتون التي كانت تأتي كسائحة او كواعظة فتقول كلمتين وتمضي.
وهذا الجديد الذي يميز عمل كيري ، يمكن اعتباره مجرد تغيير في الخطط والاساليب، ولكي يكتمل الجديد فلابد وان نرى تغييرا في المضمون، وهذا لم يُرى حتى الان، وان وجد فهو ما يزال حبيس الغرف المغلقة، واوراق صناع القرار النهائي وهم في الواقع ليسوا اكثر من ثلاثة، عباس نتنياهو كيري، وغير الثلاثة فهنالك من يعرف ولكن بنسب متفاوتة بقدر اهميته في العملية السياسية باجمالها.
الا ان ما يُتطلع اليه كجديد في المضمون، يكمّل الجديد في الاسلوب، هو ظهور اتجاه امريكي يتميز بقدر من الاستقلالية في تحديد سياسة موضوعية، تستطيع بلوغ حلول ان لم تكن عادلة فقريبة من العادلة، او بتعبير ادق يستطيع الطرف الفلسطيني قبوله.
حتى الان يبدو جليا تأثر جهد السيد كيري بالمضمون القديم للعمل الامريكي الشرق اوسطي، وتحديدا على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، والمضمون القديم فيه نسبة عالية من ممالأة الجشع الاسرائيلي في المطالب غير المعقولة، وفيه نسبة اعلى من اعتصار الضعف الفلسطيني بالحد الذي قد يؤدي الى خلاصات مأساوية.
ان احدا لا يستطيع تجاهل الحلف الامريكي الاسرائيلي ، كما لا يستطيع المطالبة بموازاة الفلسطيني المنهك مع الاسرائيلي الباذخ في الميزان الامريكي، الا ان ما لا يمكن ابتلاعه منطقيا واخلاقيا، هو ذلك التضافر المرعب بين اقوى قوة عالمية، مع اقوى قوة اقليمية والقاء هذا الثقل الهائل على الفلسطيني الاضعف دوليا واقليميا.
لقد شكرنا السيد كيري حين انزل الملف الفلسطيني عن الرف ونفض الغبار عنه، وطرحه مجددا للتداول الجدي ، كما شكرناه ونشكره على المواظبة وعلى بعض الكلمات الايجابية ، التي يطري فيها على استعدادنا من اجل السلام، الا اننا لا نستطيع قبول او ابتلاع الخلاصات التي يتوصل اليها مع ليبرمان ونتنياهو ليقول لنا اخيرا هذا ما حصلّته فخذوا واشكروا.
صحيح اننا بحاجة الى حل اكثر من حاجة اسرائيل، وصحيح ايضا ان معاناتنا التي تتطور وتتعمق على مدى سبعة عقود قد اعيتنا وانهكتنا واوقفت نمونا دون شعوب الارض كلها.
الا ان الصحيح ايضا والاهم، هو ان صيغة لحل دائم تقوم على اساس استخدام قوة طرف وطغيانها على ضعف الطرف الاخر لابد وان تؤدي الى زرع مرارات في النفوس ، وشعور بالظلم والاضطهاد، وهذا هو اخطر ما يهدد السلام الدائم حيث لا يعرف احد متى يكون الانفجار التالي.
ان جهود السيد كيري المؤيدة عربيا واقليميا ودوليا، ينبغي ان تؤهله لطرح مشروع سلام اكثر توازنا مما يفكر فيه الاسرائيليون، وبوسع الوزير كيري الذي عاد للتو من السعودية والاردن، وهما ركنان اساسيان في بناء الاعتدال العربي، ان يفكر جيدا في المبادرة العربية للسلام، كظهير للسلام الفلسطيني الاسرائيلي، وانجاز تاريخي لسلام عربي اسلامي اسرائيلي اوسع. ويدرك السيد كيري ان الاعتدال الفلسطيني العربي والاسلامي .. له مطالبه العادلة والممكنة والمشروعة، اما ما يحاول الاسرائيليون فرضه فهو تقويض لمبدأ الاعتدال واضعاف للقوى التي ما تزال تتمسك به.
نتنياهو يحلم ببناء قصره في الغور!
بقلم: عطالله منصور – القدس
- السجون الاسرئيلية لم تعرف يوما كانت فيه بدون نزلاء فلسطينيين، واول موجة منهم كانت " اسرى حرب" لأنهم اذنبوا يوم ولدوا لامهات فلسطينيات وانهم كانوا في مقتبل العمر يوم احتلال مدنهم أو قراهم من قبل الجيش الاسرائيلي. نجحت اسرائيل في التخلص منهم يوم أجرت عمليات تبادل الاسرى مع الدول العربية ولكن غالبيتهم عادوا للانضمام الى اسرهم في المدن والقرى التي تحولت اسرائيلية. وكان بين الفلسطينيين ممن تحولوا الى حملة الهوية الاسرائيلية ( بعد ضم المثلث) قرابة 150 عربي. كان غالبية هؤلاء من سكان قرى بعيدة عن المدن الكبرى والمؤسسات الثقافية ولم يكن في الداخل الاسرائيلي مدرسة ثاوية كاملة. الناصرة كانت المدينة الوحيدة ,التي احتضنت وحمت غالبية سكانها ومثلهم من سكان قرى مجاورة هجرهم الاحتلال, هذه " العاصمة" لم تكن سوى بلدة متواضعة لم يبلغ عدد سكانها ( واللاجئين فيها ) اكثر من 20 الف نسمة.
ولم يكن بين هذه الفئة الفلسطينية كلها سوى اقل من اصابع اليد الواحدة من الاطباء والمحامين. ولم يصمد بين هؤلاء العرب, الايتام على ماّدب الحكام الجدد, اكثر من دزينة يتيمة من اصحاب المهن الاكاديمية. وبرزت بين هؤلاء اسماء اغلبها لمحامين كرسوا اوقاتهم وجهدهم لخدمة مواطنيهم اشتهر بينهم حنا نقارة (الشيوعي) والياس كوسا ( الوطني)ومحمد نمرالهواري ( مؤسس حركة " النجادة" في يافا) بعد عودتة الى مسقط رأسه في الناصرة .
وكان علي ان اكتب هذه المقدمة لان هذه المعلومات ضرورية لفهم الاطار الذي حدثت فيه الامور التي اود في هذه الاسطرالاشارة اليها ويكفي ان اضيف بان الناخبين العرب في الكنيست الاولى والثانية والثالثة كانوا يصوتون بغالبيتهم الساحقة لقوائم الحزب الحاكم ( مباي او باسمه الحالي حزب" العمل" ).
ويوم فرغت السجون الاسرائيلية من " اسرى الحرب راحت تمتلىء "بالمتسللين" ( اي هؤلاء الفلسطينيين الذي عادوا لزيارة اهلهم ممن نجوا من مخيمات الذل يوم تشبثوا وصمدوا على تراب وطنهم). بعض هؤلاء جاء قاصدا مجرد زيارة وبعضهم لجمع ثمار شجر زرعوه, وبعضهم جاء ليحصد غلالهم,او لزيارة قبور موتاهم ( وأعرف شخصيا شابا جاء الى والدي الشيخ من سوريا يرجوه بان يرشده الى بيوت كانت لعائلته ليحمل منها حفنة تراب من حقل كان لوالده الذي على فراش موته طلب من اولاده ان لا يدفنوه في حوران الا اذا رشوا فوق نعشه بتراب يجلبوه من هذا الحقل!). وكان بين المتسللين بعض من جاءوا ضمن عملية عسكريةلجمع المعلومات او بعض الفئات التي اعتقدت بأن لهم حقوقا اغتصبت في اوطانهم . وكان يومها سجن شطة -على الطريق بين العفولة وبيسان - احد اشهر تلك السجون . وفي مطلع ايلول 1958تمرد قرابة 200 من نزلاء سجن شطه. وحرقوا فراشهم وهاجموا الحراس واختطفوا المفاتيح وهربوا نحو الاردن ( وكانت الحدود يومها بعيدة عدة كيلومترات). وبعد ذلك سمعنا لاول مرة ان قائدالتمرد كان" صحفيا مصريا " اسمه احمد عثمان جاء الى اسرائيل عارضاعلى حكومتها ان يكون عميلا ولكن تبين لهم بانه مبعوث من المخابرات المصرية.
وكنت يومها في مرحلة التدرب على العمل الصحفي في مجلة " هعولام هزة" التي كان محررها الكاتب المعروف اوري افنيري الذي طلب مني ان اجري مقابلة من المحامي الياس كوسا في حيفا لانه اختير من قبل ضابط المخابرات المصرية احمد عثمان، قائد تمرد سجن شطة ,للدفاع عنه في المحاكم الاسرائيلية.
قال لي المرحوم الياس كوسا قي بيته بانه لم يلتق مع موكله بعد وان المخابرات المصرية تعرف عنه نشاطة السياسي, خصوصا ما كان يكتبه في الصحف الانجليزية عن سوء معاملة العرب في اسرائيل.
سألته : هل تنوي تنظيم قائمة تشارك في الانتخابات ( مع زميله المحامي نمر الهواري وجبور جبور رئيس بلدية شفاعمرو؟)
قال :الحكم العسكري يمنعني من زيارة الناصرة وشفاعمرو ويمنع اصدقائي من زيارتي في حيفا
قلت: ولو حدث وانتخبت عضوا في الكنيست فمن هو مرشحك لرئاسة الحكومة ؟
قال : ارشح لرئاسة الحكومة اكثر اعضاء الكنيست تطرفا مناحم بيغن زعيم الحيروت!
لم اسمع طيلة حياتي ردا مفاجئا اكثر . طلبت منه ان يفسر هذا الخيار
فقال : مناحم بيغن يهدد وبن غوريون (رئيس الحكومة ووزير الدفاع يومها) يخاف منه. اذا وصل بيغن الى سدة الحكم سيهاجم العرب ويكسر عبد الناصر رقبته والا فسيخرس ويعرف حدوده.
وكان طبيعيا ان اذكر بالخير الياس كوسا يوم وقّع مناحم بيغن على اتفاق السلام مع انور السادات واعاد لمصر كافة اراضيها المحتلة.
كما تذكرته وترحمت عليه يوم " انفصل" ارئيل شارون( خليفة بيغن) عن قطاع غزة وعاد الى حدود اسرائيل في 1967 مع مستوطنيه . صحيح ان بيغن ترك سيناء املا منه بانه بذلك يسهل على نفسه الاحتفاظ بالاراضي الفلسطينية. والله وحده يعرف ما كان سيحدث لو رضي المرحوم ياسر عرفات بالاشتراك في المفاوضات الى جانب انور السادات. كما يستطيع المرء ان يتهم ارئيل شارون بانه انسحب من غزة هاشم المنفصلة (جغرافيا) عن القدس والضفة الغربية مما يسهل عملية الانفصال السياسي بين فتح وحماس واضعاف الشعب الفلسطيني - ولكن الذي يتهم ارئيل شارون بشق الوحدة الفلسطينية يفتح المجال لمن يقول بان الوحدة الوطنية الفلسطينية ضعيفة البنية تقع لمجرد قيام ولد قذر برمى قشرة موز في طريقهم !
واليوم يحاول بنيامين نتنياهو ان يقلد بيغن مرة وبن غوريون مرة اخرى . يعترف مرة بحق الفلسطينيين باقامة دولة مستقلة تعيش الى جانب اسرائيل, ولكنه ارضاء لرفاق دربه يقترح على الفلسطينيين ان يعيشوا في الفضاء الخارجي لان ما تبقى من وطنهم يتحول شيئا فشيئا , وقبل انتهاء " المفاوضات" الى ارض المستوطنين وغور الاردن سيسبق الجبال في السقوط بيد السيادة الاسرائيلية.
لماذا؟ لان نتنياهو يحلم في بناء قصر شتوي في الغور بعد انشاء قصر الصيف الذي بدأ , فعلا, بتخطيطه في اورشليم (بكلفة 800 مليون شيكل!).
مشروع جواب على يهودية إسرائيل !
بقلم: حسن البطل – الايام
من فضائل منظمة التحرير الفلسطينية ـ الفصائلية أنها ميّزت الصهيونية (الشرّيرة) عن اليهودية (السماوية) من حيث أنها "الطابق الأول" في الديانات السماوية، والمسيحية "الطابق الثاني" والإسلام "الطابق الثالث".. عفواً للتشبيه!
من فضائل الصهيونية (الشرّيرة) أنها أضافت تعريفها للشعب ـ الأمة إلى التعريفين الألماني (الإرادوي) والفرنسي (الثقافوي) وقالت: كل مجموعة بشرية تعتبر نفسها شعباً فهي شعب!
أولاً، المسألة اليهودية من السؤال اليهودي، وهو سؤال لا جواب عقلانياً عليه (خذوا علماً بآراء البابا فرنسيس عن "عقلنة" الجنة والنار، و"أسطورة" آدم وحواء، علماً أن مفكرين مسلمين أوائل قالوا إن الجنة "نعيم عقلي"، وليست نعيماً جسدياً)!
أذكر في العام 1964 عقد مؤتمر في إسرائيل أثيرت فيه شكوك حول "شرعية الدولة" وأن الصحافي ـ المفكر المصري الراحل أحمد بهاء الدين رأى، في حينه، أن هذا الشك دليل على ثقة ورسوخ الدولة (أنا أشك.. أنا موجود ـ ديكارت) وهذا سابق على موضوعات "ما بعد الصهيونية ـ بوست زيونيزم" أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن المنصرم.
فتوى البابا فرنسيس العقلانية، سيكون لها تداعياتها، باعتبار مكانة الكاثوليكية في المسيحية، وكون المسيحية "طابقا ثانيا" لليهودية (يمكن اعتبار السيد المسيح يهودياً، كما يمكن اعتباره فلسطينياً.. حسب الديانة، أو حسب مكان الميلاد).
كانت الصهيونية حركة علمانية (أو إصلاحية ـ قومية في الدين اليهودي) وعندما أعلن بن ـ غوريون إقامة الدولة فقد فضّل تسميتها "إسرائيل" وليس فلسطين أو يهودا، لأن فلسطين كانت ذات غالبية عربية، ولأن "يهودا" اسم ديني وهو علماني!
قرار التقسيم الدولي 1947 قال بـ "دولة يهودية" وأخرى "عربية" لأن الدولة اليهودية لم يكن لها اسم رسمي، ولأن "الدولة العربية" الفلسطينية ملحقة بالعروبة الشاسعة!
في إسرائيل ما يكفي من المفكرين الصهاينة العلمانيين الذين يرون علاقة غير منطقية بين "اليهودية" و"الديمقراطية".. إلاّ في الغيبيات الإغريقية عن علاقة العناصر الأربعة: التراب، الماء، الهواء والنار.
البابا فرنسيس لم يكمل إصلاحاته الثورية ـ العقلية، فالله عزّ وجل لم يخلق الأرض في ستة أيام (التوراة) ويستريح في اليوم السابع، كما تقول المسيحية ويقول الإسلام، ولو أن كل يوم في حساب الربّ الأزلي "ألف عام" مما تعدّون ولو أن مشيئته "كن فيكون".
عن "مدار ـ للدراسات الإسرائيلية" صدر الكتاب الثاني لشلومو ساند: "اختراع أرض إسرائيل" بعد كتابه الأول "اختراع الشعب اليهودي" وسيصدر الثالث: "كيف لم أعد يهودياً"؟
إنه مفكر "إسرائيلي" عقلاني لأن الصهيونية واليهودية تمكنت من إقامة "شعب إسرائيلي"علماً أن يائير لبيد زعيم ومؤسس "يش عتيد ـ يوجد مستقبل" صهيوني ينحاز إلى "الإسرائيلية" الوطنية لا الأيديولوجيا ولا الديانة!
في إسرائيل، اليوم غالبية يهودية، متدينة أو غير متدينة، تشكل 75% من سكانها ويشكل الفلسطينيون العرب "الإسرائيليون" 20%، لكن في "فلسطين ـ السلطوية" يشكل المسلمون المتدينون والثقافيون غالبية كاسحة، وليس في الوارد أن يسموا دولتهم "فلسطين ـ الإسلامية ـ الديمقراطية" ولو أن الإسلام مصدر أساسي للتشريع.. والفلسطينيون مؤمنون أكثر من اليهود المؤمنين!
كيف سنعطي جواباً على مطلب "دولة يهودية ـ ديمقراطية" صار مطلباً أميركيا، وشرطاً للاتفاق النهائي لا للمفاوضات و"اتفاقية الإطار"!
قد نقول، مثلاً، إننا نعترف بأن غالبية سكان إسرائيل هم يهود، وأن الديمقراطية هي حكم الغالبية وبما لا يمس بحقوق الأقلية، علماً أن القانون الأساس لدولة إسرائيل يحكي عن "القانون الأساس لدولة إسرائيل يحكي عن "حقوق متساوية" لرعايا الدولة، لكنه لم يتحقق واقعياً بسبب النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وبشكل خاص الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي (يهود إسرائيل متساوون أكثر وفلسطينيوها متساوون أقل، وكان "الاشكناز" متساوون أكثر من "السفارديم"!).
إذا قالت إسرائيل وفلسطين إن كل اتفاق سيعرض للاستفتاء الشعبي، فإننا نقترح أن يتضمن الاستفتاء الإسرائيلي سؤالاً: هل إسرائيل علمانية ديمقراطية أم يهودية ديمقراطية؟
إذا كان 75% من سكان إسرائيل يدينون باليهودية فإن جواب السؤال يجب أن يكون موافقة أكثر من 75% على "يهودية الدولة".
سنرى في جهود كيري المشكورة غير ما يراه هو من أفكار "عادلة ومتوازنة" ولو صيغت بالغموض الخلاق والحلول الإبداعية (الابتداعية) التي هي أقرب إلى "تربيع الدائرة" أو في مكان الدائرة في المثلثات الثلاثة : متساوية الأضلاع، متساوية الساقين، مختلفة الأضلاع.
صحيح أن الدائرة تلامس الأضلاع، لكن فقط في المثلث متساوي الأضلاع تتوسط أضلاع المثلث، أي أقرب إلى الضلعين الأميركي والإسرائيلي، ميزان القوى قبل ميزان الحقوق.
المسألة اليهودية من السؤال اليهودي، ومنذ طرح المفكر اليهودي اسحق دويتشر "من هو اليهودي" إلى نتنياهو ـ بن تسيون اليهودي التوراتي، تريد إسرائيل من الفلسطينيين إعطاء جواب عليه: هو اليهودي مواطن دولة إسرائيل أو المقيم خارجها، وأما الفلسطيني فهو مواطن دولة فلسطين التي ليست وطناً لكل الفلسطينيين. حق العودة اليهودي؟ نعم. حق العودة الفلسطيني؟ لا.. لأنه يتعارض مع يهودية الدولة؟!
مـــــــأزق فتــــــح
بقلم: هاني المصري – الايام
في الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة "فتح"، انطلاقة الثورة الفلسطينيّة، أحاول أن اكتب حول ما أسمّيه "مأزق فتح"، في ظل استمرار وتكثيف الجهود الأميركيّة الرامية إلى التوصل إلى حل تصفوي جديد للقضيّة الفلسطينيّة، من خلال توظيف الضعف والانقسام الفلسطيني وتردي الوضع العربي.
منذ توقيع "اتفاق أوسلو" بقيوده المجحفة والتزاماته السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وبعد قيام السلطة واندماج "فتح" فيها، أصبحت غالبيّة أعضاء "فتح" على كل المستويات موظفين في الوزارات والأجهزة الأمنيّة والرئاسة والسفارات؛ الأمر الذي غيّر طابع "فتح" من حركة وطنيّة ثوريّة إلى جزء من سلطة لا تملك السلطة كونها قامت تحت الاحتلال، ما جعلها رهينة السلطة.
وبعد اتضاح أن طريق "أوسلو"، طريق المفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة ومن دون أوراق ضغط وقوة لن يقود - كما كان متوهمًا - إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيّة، حتى بعد تقديم الاعتراف الذهبي بحق إسرائيل في الوجود، ووقف المقاومة، بل على العكس، فقد فصل "أوسلو" القضيّة عن الشعب والأرض، وقسّم القضية إلى قضايا، والشعب إلى شعوب، والأرض إلى (أ) و(ب) و(ج)، وإلى 48 و67 وشتات، وإلى ضفة وغزة، وقدس وضفة، والمرحلة إلى مراحل انتقاليّة ونهائيّة.
وكان من نتائج "أوسلو" قبول فلسطيني بحل متفق عليه لقضيّة اللاجئين، والموافقة على مبدأ "تبادل الأراضي"، وضم الكتل الاستيطانيّة لإسرائيل في أي حل نهائي.
حتى محاولات مقايضة الدولة بحق العودة، أو الفصل ما بين الدولة والعودة، وإثبات الجدارة وبناء المؤسسات، وإثبات حسن النوايا من خلال تطبيق الالتزامات من جانب واحد؛ كلها فشلت، ما جعل "فتح" تعيش في مأزق يتفاقم أكثر وأكثر ويومًا بعد يوم، في ظل استمرار وتعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، والجدار، وتقطيع الأوصال، والعدوان، والحصار، والانقسام، وتهميش القضيّة الفلسطينيّة، وتهويد القدس وأسرلتها؛ الأمر الذي خلق أمرَ واقعٍ احتلاليًّا يجعل الحل الإسرائيلي بصيغه المتعددة هو الحل الوحيد الممكن والمطروح عمليًّا.
تأسيسًا على ما سبق، أصبحت "فتح" رهينة لعمليّة سياسيّة سمّيت زورًا وبهتانًا "عمليّة سلام"، في حين أنها عمليّة من دون سلام. عمليّة تهدف إلى شراء الوقت اللازم لإسرائيل لاستكمال تطبيق مخططاتها التي تجعل السلام مستحيلاً، وتجعل "السلام" الوحيد القابل للتطبيق هو السلام الإسرائيلي.
فـ "فتح" إذا استمرت في هذه العمليّة ستخسر روحها ومبرر وجودها، وإذا خرجت منها بصورة فوضويّة ارتجاليّة ستخسر، وقد تتمزق: بين ما كانت وما حاولت تحقيقه أيام النهوض الوطني، وبين ما أصبحت تمثله في ظل ظهور وتضخم المصالح الفرديّة والفئويّة على هامش السلطة والمصالح التي نمت فيها وبسببها.
هذا الواقع يجعل "فتح" التي تمثل أكثر من غيرها التيار الوطني العام والمركزي، والتي لا تضم فقط المتسلقين والمستفيدين والفاسدين، وإنما مئات الآلاف من الفقراء والبسطاء والمناضلين؛ مطالبةً بإجراء مراجعة تاريخيّة للتجارب التي خاضتها وقادت فيها مسيرة الكفاح الفلسطيني في مراحل صعوده وهبوطه.
لقد شهدت مسيرة "فتح" لحظات مضيئة، فيكفيها أنها قادت الثورة الفلسطينيّة التي نقلت القضيّة الفلسطينيّة بعد النكبة وحولتها من قضيّة إنسانيّة (لاجئين) إلى قضيّة تحرر وطني، لا تحل إلا بعودة اللاجئين وتعويضهم عن التشريد والمعاناة، وتمكين الشعب من تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس.
ويكفي "فتح" كذلك أنها حوّلت منظمة التحرير من إطار فوقي بيروقراطي يمثل جزءًا من النظام العربي الرسمي إلى ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، حاز على اعتراف ودعم من الشرعيات الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة، إلى أن قزّمت المنظمة بعد "أوسلو"، وأصبحت هيكلاً بلا روح ولا فعاليّة، حيث لا يناسب المرحلة الجديدة بقاء المنظمة التي تمثل الشعب الفلسطيني كله وحقوقه كافة، فتضخمت السلطة التي تمثل الضفة الغربيّة وقطاع غزة على حساب المنظمة، وأصبحت الأخيرة مجرد بند صغير في موازنة الأولى.
"فتح" الآن مطالبة بالاختيار مع حلول لحظة الحقيقة، فلا يمكن استمرار الوضع الراهن إلى الأبد، خصوصًا بعد اتضاح أن السلطة يراد لها أن تكون بلا سلطة حتى بعد أن تأخذ اسم الدولة، وبعد أن اتضح أن الاحتلال أصبح رابحًا لإسرائيل التي تتمتع بمزاياه والمجتمع الدولي يدفع التكاليف. فلم يعد هناك أي شرعيّة للعمليّة السياسيّة، التي ظهر بالدليل القاطع أنها لا يمكن أن تقود إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة على حدود 67.
على "فتح" أن تختار بين: خيار مواصلة مسار "أوسلو" والمفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة انفراديّة، وعليها في هذه الحالة أن تقبل بما يعرض على الفلسطينيين من حلول مهما جاءت تنتقص من الحقوق الفلسطينيّة، بما في ذلك "اتفاق الإطار" الذي يحاول وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري إقناع الطرفين بالتوصل إليه، وهو يمثل مرجعيّة جديدة يراد لها أن تتضمن وأن توثق كل التنازلات السابقة، يضاف إليها تنازلات جديدة، مثل الاعتراف بإسرائيل كدولة "يهوديّة". وتضمن "فتح" بذلك بقاءها لاعبًا سياسيًا ومدعومًا عربيًا ودوليًا، خصوصًا أميركيًا وإسرائيليًا، ولكن على حساب تصفية القضيّة، ولكنها في هذه الحالة لن يكون لها علاقة بما جسّدته منذ تأسيسها وكونها "أول الرصاص وأول الحجارة".
إن خطورة التوصل إلى اتفاق ينتقص من الحقوق الوطنيّة الفلسطينيّة تتضاعف، بسبب أنه لن يمر من دون مشاركة وغطاء عربي، بما يفتح الباب على مصراعيه لتطبيع عربي، وخصوصًا خليجي، مع إسرائيل من أجل التحالف في مواجهة الخطر الإيراني المزعوم.
والخيار الثاني يكون بالجرأة على اتخاذ قرار بتغيير المسار كليًا، وما يقتضيه ذلك من تغيير السياسات والممارسات، وربما القيادات، وقواعد اللعبة، ولكن في سياق الاستفادة من دروس وعِبَرِ المرحلة السابقة، والبناء على الإيجابيات والإنجازات التي ما تزال قائمة رغم كل التراجع الذي حدث، خصوصًا بعد "أوسلو". وأهم هذه الإنجازات أن القضيّة الفلسطينيّة بالرغم من تهميشها وتراجعها ما تزال حيّة، وما يزال الشعب الفلسطيني مصممًا على الكفاح لتجسيدها، كما يظهر ذلك من خلال كل أشكال الصمود والبطولة والمقاومة الفرديّة والعامة، وأشكال التضامن، وإحياء القضيّة والهويّة الوطنيّة ثقافيًا من خلال الأدب والفن والسينما والتراث.
كما أن العالم ما يزال يعترف بالمنظمة واعترف بالدولة الفلسطينيّة ولو كعضو "مراقب"، وهناك حركة تضامن عالمي ما تزال مؤثرة وتتنامى، ويمكن أن تتصاعد بشكل هائل لو تم تغيير المسار الذي حول الصراع من صراع بين شعب مشرد من أرضه والاحتلال الاستعماري الإجلائي العنصري، إلى نزاع حول الحدود وطبيعة السلام والإرهاب والقوى المناهضة للإرهاب.
الواقع صعب جدًا، وتغيير المسار صعب كذلك، ولكنه بات أمرًا ملحًّا وضرورة وطنيّة كلما تأخر تعرضت القضيّة الفلسطينيّة إلى المزيد من التدهور. إن تكلفة تغيير المسار مهما بلغت والوقت اللازم لتحقيق الأهداف والحقوق الوطنيّة أقل بكثير من تكلفة استمرار مسار "أوسلو" والزمن الذي مضى على بدء هذا المسار، والممكن أن ينقضي والفلسطينيون تحت قبضته.
المهم أن تتوفر الرؤية القادرة على الاستجابة للتحديات والمخاطر التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة، والقناعة بضرورة تغيير المسار، والإرادة اللازمة لذلك، وبعدها يمكن أن يتم ذلك الأمر بالتدريج ومن دون مغامرة ولا قفز عن حقائق الوضع السياسي والتزاماته.
وقاحة "نتنياهو/ ليبرمان" ليس لها حدود!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
منذ البداية، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي لا يفتقر للذكاء ولا للحنكة، ولا للمراوغة والخداع، وحتى انه لا يفتقر للتجربة أيضاً، كان بنيامين نتنياهو يعلم أنه لن يسمح للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني بأن تتمخض عن شيء جدي، لذا فقد أسند المهمة لعدوته السياسية اللدودة، تسيبي ليفني، حتى يتمكن هو بالأساس، ليس فقط من مواصلة الضغط على المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن الفلسطيني، بالطبع، ولكن حتى لو افترضنا جدلاً، انه رغم كل شيء، قد وجد نفسه "متورطاً" في تفاهمات أو توافقات بين الطرفين مع الراعي الأميركي، فإن بإمكانه أن يلعب دور "المعارض"، أي الذي لم يشارك في التفاوض، ويزيد من تشديد الشروط، وحتى الإبقاء على إمكانية التنصل مما يمكن أن تصل إليه ليفني مع الفلسطينيين وحتى الأميركيين، في أية لحظة، وفي أي وقت.
كل ما كان ينقص نتنياهو، عند الاتفاق على إطلاق هذه الجولة التفاوضية، هو أن يجد أفيغدور ليبرمان، الشريك المفضل لديه، على كل حال، على يمينه، حتى يتقاسم الرجلان الأدوار، ويمارسان مهمة الجوقة، التي تتناغم فيما بينها، لتعزف النشاز السياسي.
وحيث إن هذا الأمر قد تحقق الآن لرئيس حكومة اليمين الإسرائيلي المتشدد، بعد انطلاقة العملية التفاوضية، ولكن قبل أن تصل إلى لحظة الحسم، نجد هذا الثنائي، قد عاد للتناغم معاً، كما كان حاله قبل سنوات، نجحا خلالها بإيقاف عجلة المفاوضات نحو ثلاث سنوات متواصلة، ومن يتابع المشهد الرسمي الإسرائيلي، يلاحظ أن أعضاء الليكود أقل تناغماً مع رئيس حزبهم مما هو حال ليبرمان، ورغم أن وزير الدفاع موشيه يعالون، يمارس دور رافع العصا الأمنية، إلا أن خبرة ليبرمان، وكذلك "تاريخ" ثنائيته مع نتنياهو، تتميز بالقدرة على إثارة الاهتمام، والقدرة على طرح الاقتراحات المثيرة جداً للجدل السياسي، بهدف الزج باستمرار بالعقبات في طريق التفاوض، وبث الإحباط في المفاوضين، وحتى محاولة دفع الطرف الفلسطيني للغضب، وقلب الطاولة، وبالتالي تحقيق مأربهما، المتمثل بوضع حد للعملية التفاوضية ولكل فكرة الحل عبر اتفاق الجانبين، وبالتالي فتح الباب أمام إسرائيل لاختيار واحد من الخيارات المريحة: الحل من جانب واحد، أو الإبقاء على واقع الحال، كما هو، ولكن مع وقف المطلب الدولي، الأوروبي ومن ثم الأميركي بإيجاد حل للملف الفلسطيني، دون اللجوء للأمم المتحدة!
وفي اللحظة التي يهم فيها جون كيري إلى طرح فكرته للحل، عبر خطة سلام، بغض النظر عما يمكن تسميتها به، والتي قال عنها هو إنها ستكون عادلة ومتوازنة، والتي قبل طرحها، حرص الرجل على الذهاب إلى كل من عمان والرياض، ليقف عند حدود مواقف العاصمتين اللتين لموقفهما تأثير في غاية الأهمية على مستقبل تلك الخطة، يقوم الثنائي الحاكم الإسرائيلي - نتنياهو/ ليبرمان، بشد الحبل إلى آخر مدى ممكن، وكما يقول المثل "العيار الذي لا يصيب يدوش"، فإن لم تقم تلك المقترحات بحرف بوصلة التفاوض، بعد أن تم تجاوز قصة البحث في الحدود أم الأمن، أيهما أولاً، يقدم ليبرمان مقترحات، ليس فقط ليس لها علاقة بملف التفاوض بين الجانبين، والذي بدأ منذ أكثر من عشرين سنة، نقصد بذلك، الفكرة العنصرية، المتمثلة "بتبادل السكان" بين المستوطنين المقيمين على الأرض الفلسطينية منذ العام 67 دون وجه حق، وبفعل قوة الاحتلال والاغتصاب، والمواطنين العرب/ الفلسطينيين، المقيمين في وطنهم بشكل شرعي وطبيعي منذ آلاف ومئات السنين، أي قبل إقامة وإعلان دولة إسرائيل نفسها، لذا فلم يطرح هذا الأمر، مطلقا على طاولة التفاوض، في أي يوم من الأيام، فلماذا يتشدق به المعارض للعملية التفاوضية، وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، الآن؟، وحتى تكتمل معزوفة النشاز السياسي، يطالب نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، والسؤال هنا هو، لم لا يطالب بهذا الأمم المتحدة، وحتى الولايات المتحدة نفسها، وهل سبق لإسرائيل وأن اعتبرت هذا الأمر شرطاً لاعتراف أية دولة في العالم بها!
أغرب ما في الأمر أن نتنياهو - رأس الحكم في إسرائيل الآن - يتهم السلطة الفلسطينية بشن حملة تحريض على الكراهية، وفي الوقت الذي يصر فيه على أن القدس والخليل وهي مدن فلسطينية محتلة بالقوة العسكرية من قبل إسرائيل العام 1967، إنما هي مدن إسرائيلية، معتبراً أن رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل إنما هو إنكار لحق إسرائيل في الوجود، السؤال هنا هو بماذا يعترف نتنياهو للفلسطينيين من حقوق، هل يعترف بحقهم في دولة ضمن حدود، أم أن وقاحته هي التي بلا حدود، حين يطالب الجلاد، وهو هنا هو بالتحديد، الضحية أن تعترف بحقوق مفترضة، لا يقره فيها أحد، بينما لا يعترف هو للضحية بحقها في الحياة والوجود الطبيعي، في دولة مستقلة!
قد تكون هذه الوقاحة السياسية مشكلة بالنسبة للفلسطينيين، لأنها تبعد حلاً ممكناً، يتطلعون إليه لوقف معاناة مستمرة منذ عقود، لكنها في الوقت نفسه مشكلة إسرائيلية، لأنها تبعد بالقدر نفسه، لحظة تحول الإسرائيليين إلى أناس عاديين أو طبيعيين، متحررين من مرض الاحتلال، وتطيل فترة عزلتهم عن المحيط، الذي إن كان يكرههم، فليس السبب التحريض من أي أحد أو من أية جهة هنا أو هناك، بل السبب هو الإسرائيليون أنفسهم، حين يتبعون سياسة فرض الذات بالقوة، وأخذ الأرض بالاحتلال، وقهر الآخرين بالقمع والإكراه، وحيث إنه لا مفر من الانسحاب، وحتى هذا برأينا الشخصي، لا يكفي، فلا بد أيضاً من تحول داخل طبيعة دولة إسرائيل نفسها، ينزع عنها - بالذات - صفة الدولة اليهودية.
كلنا مخيم اليرموك
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
مضى على حصار مخيم اليرموك 178 يوما، نفدت خلالها جميع المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، ومع نفادها انعدمت مقومات الحياة.
30 ضحية بينهم أطفال وكبار سن وشباب قضوا جوعاً حتى الآن. وعشرات قضوا أثناء محاولتهم الخروج من المخيم بحثاً عن غذاء ودواء. الدخول أو الخروج من المخيم يساوي موتا محققاً بفعل الإغلاق المحكم بالدشم ومراكز القنص.
عشرات ماتوا من القصف بمختلف أنواع السلاح والقنص.
الطفلة (فلسطين عمر) التي سقطت برصاصة قناص لم تكن آخر القائمة. ومجموعة شباب الإغاثة التي لعبت دوراً إنسانياً مدهشاً في تأمين الاحتياجات وحماية البشر لم تسلم من الاستهداف وسقط منها فادي أبو عجاج وجعفر محمد وخليل زيدان وعلي محمد دفعة واحدة أثناء محاولة تبادل متفق عليها.
تقارير المنظمات الدولية وشهادات المنكوبين داخل المخيم وحصاد القتلى والمصابين تُكذِب الادعاء الذي زعم بأن الحصار أمني فقط ! وله صلة بالأمن القومي فقط ! وبأن الغذاء والدواء يدخل من أماكن محددة.
لماذا ومن المسؤول؟ إذا صدقنا القيادة العامة بأن الحصار أمني فقط وله علاقة بالأمن القومي فقط، فلماذا يتم احتجاز المدنيين الأبرياء وسط نيران المدافع.
لماذا لا يسمح لهم بالخروج إلى منطقة آمنة بعيداً عن القتال؟ على الأقل لماذا لا يسمح للأطفال وكبار السن والمرضى والجرحى بالخروج من المنطقة المحاصرة؟ في حرب كلاسيكية طاحنة، جيش مقابل جيش عادة ما تعلن هدنة لإخلاء الجرحى وإسعافهم من منطلقات إنسانية في التعامل مع الجرحى، وبعد ساعات يستأنف القتال.
لماذا لا ينطبق هذا التقليد العالمي على مخيم اليرموك، بإخلاء الجرحى والمرضى.
ولماذا لا يسمح بإدخال المواد التموينية للمدنيين فقط، أو للأطفال فقط، وبضمان الأونروا والصليب الأحمر والهلال الأحمر.
ما يحدث في مخيم اليرموك جريمة حرب بكل المقاييس، يتحمل مسؤوليتها النظام الأسدي بالدرجة الأولى، ويشاركه المسؤولية القوى الفلسطينية التي تشارك في الحصار وفي ترويج رواية النظام.
وتتحمل المجموعات المسلحة المتشددة داخل المخيم التي رفضت إنقاذ المخيم وتحييده.
هذه القوى مسؤولة أيضا عن عدم تأمين الاحتياجات الضرورية بأي شكل من الأشكال بما في ذلك تأمين الحماية والحؤول دون وضع الأبرياء في محنة شديدة القسوة.
تقول بعض الروايات من داخل المخيم: إن المنظمات المتشددة الرافضة للحل تؤمن احتياجاتها ولا تلتفت لاحتياجات المنكوبين، بل إنها تصادر ما تجده بشكل غير مسؤول.
قد تكون هذه القوى امتداداً "لداعش" التي تقاتل المعارضين الديمقراطيين السوريين وتعتقل ناشطي الإغاثة وحقوق الإنسان والإعلاميين في مناطق مختلفة.
لقد تصرف هؤلاء خلافاً لتجربة المخيم الرائدة في حماية المنكوبين السورين الذين وفدوا إليه.
غير أن مواقف المتشددين الحمقاء أضافت عبئاً كبيراً على المخيم وألحقت الأذى بالأبرياء، لكنها لا تبرر أبداً استمرار خنق المخيم من قبل قوات النظام.
النظام الدولي وعلى رأسه الأمين العام "بان كي مون" أقام الدنيا ولم يقعدها على السلاح الكيماوي خوفاً من احتمال استخدامه ضد إسرائيل، لكنهم لم يكترثوا بالضحايا السوريين سواء الذين سقطوا بالكيماوي أو الذين يسقطون يومياً بالبراميل المتفجرة والقذائف الصاروخية والقنابل وذلك لأنه لا يوجد خطر من استخدامها ضد إسرائيل.
وبالمثل لم يلتفت النظام الدولي لمحنة مخيم اليرموك الضاغطة على كل ضمير حي.
تتحرك اليونيفيل إلى جنوب السودان بمجرد تهديد النفط، وتتحرك القوات الفرنسية إلى مالي ودول إفريقية أخرى بمجرد تهديد السيطرة على مناجم المعادن.
ويصمت النظام الدولي صمت القبور على نزيف الدم السوري والفلسطيني. لم يكن المطلوب من النظام الدولي تدخلا عسكرياً أبدا، بل كان المطلوب تفعيل الإغاثة الإنسانية من قبل المنظمات المختصة، والزام النظام بعدم ضرب الأهداف المدنية وتعريض المدنيين لويلات الحرب.
الجامعة العربية وأمينها العام نبيل العربي لم تتحرك لإنقاذ مخيم اليرموك بعد أن صمتت على قتل وتشريد السوريين والفلسطينيين.
كأن الجامعة اختفت أو غير موجودة. كأنها أصبحت عاجزة بالكامل عن الحركة والفعل والمبادرة، ولا حتى تقديم التعازي لمخيم اليرموك.
السؤال الذي ينبغي طرحه لماذا تهمد حركة الجامعة العربية مع همود حركة النظام الدولي؟ ولماذا تستفيق الجامعة على وقع التحركات الدولية؟ من يستطيع إعادة الروح لهذه المؤسسة العجوز؟
غير أن الموقف الذي يستطيع أن يترك بصماته ويؤثر على مواقف كل الأطراف هو موقف منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد.
إن تحرك المنظمة المعلن وغير المعلن لم ينجح في تأمين الحماية لمخيم اليرموك ولأبناء المخيمات الأخرى المشردين والمنكوبين.
لم يكن تدخل المنظمة بمستوى المحنة والمأساة التي يعيشها اللاجئون، ولم يكن أداء الوفود على صلة أو معنى بنبض أبناء المخيمات.
لم يكن أبناء المخيمات الفئة المستهدفة في خطاباتهم، على العكس من ذلك حرص البعض على مغازلة النظام.
ثمة امتعاض وعدم رضى تلمسه في كل مكان. عندما تكون الأزمة شائكة ومعقدة فإنها تحتاج إلى جهد نوعي وحركة دائمة.
لماذا لا توضع محنة اليرموك وأزمة اللاجئين على رأس قائمة الاهتمام الفلسطيني الرسمي، سواء على الصعيد الإعلامي، أو على صعيد الحركة السياسية باتجاه عربي ودولي، أو على صعيد تأمين الاحتياجات عبر إنشاء صندوق إغاثة.
مخيم اليرموك ومخيمات سورية كانت على الدوام خزان الثورة والمقاومة التي ظلت تزود الثورة بالمقاتلين الشجعان، يشهد على ذلك مقابر الشهداء في مخيم اليرموك والمخيمات الأخرى.
مخيمات سورية ولبنان والأردن هي التي بلورت الهوية الوطنية المكافحة. هؤلاء هم الذين جسدوا تحول القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إنسانية إلى حركة تحرر وطني تسعى إلى تقرير المصير.
لهذه المخيمات وأخص مخيم اليرموك رمزية تاريخية تركت بصماتها على كل مكونات الشعب الفلسطيني.
مهمة إنقاذ مخيم اليرموك والأخذ بيد المشردين والمنكوبين من اللاجئين في سورية ولبنان ليست ككل المهام.
عند هذه المهمة سيعاد النظر في كل شيء. ثمة مزاج سلبي آخذ بالتشكل، ثمة نفور من التنظيمات والمنظمة، وإذا لم يتم القطع مع هذا التحول السلبي بمواقف وإجراءات واستجابات مقنعة فقد يحدث ما لا تحمد عقباه.
مطلوب اجتماع مفتوح للجنة التنفيذية، مطلوب خطة إنقاذ، وتحرك سياسي فعال، وخطاب إعلامي موجه لأبناء اليرموك والمخيمات الأخرى.
والأهم هو التحرك الجماهيري الفلسطيني المتصاعد الذي لا يهدأ إلا برفع الحصار وإنقاذ 20 ألف فلسطيني مهددين بالموت تحت شعار (كلنا مخيم اليرموك).
كيري، وسر النجاح أو الفشل..!!
بقلم: حسن خضر – الحياة
انتهيت، يوم أوّل أمس، من قراءة كتاب إليوت أبرامز المعنون: "على محك صهيون: إدارة بوش والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي". صدر الكتاب في كانون الثاني من العام الماضي (2013) عن مطبعة جامعة كامبردج، وأراد له كاتبه، الذي شغل وظائف مهمة في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن يكون شهادة عن السياسة الأميركية، إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، في زمن الرئيس بوش الابن، ومحاولة لتفسير أسباب الفشل في التوصل إلى حل بين الجانبين.
عشتُ، كغيري، أحداث تلك الفترة، التي شهدت اندلاع الانتفاضة الثانية، وصعود نجم شارون (الذي يبدو أن الموت يسحبه من الغيبوبة الآن) في إسرائيل، واجتياح المدن في الضفة الغربية، وحصار المقاطعة، والرئيس عرفات. ويُضاف إلى هذا كله النشاط السياسي والدبلوماسي، الذي شهدته رام الله، بعثات ميتشل وزيني، وزيارات كولن باول، وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة.
المهم في هذا كله، أن أبرامز، الذي يعرّف نفسه بالمحافظ الجديد، يسلط الضوء على كل ما سبق، منظوراً إليه بعيون أميركية. والأهم من هذا وذاك، يُسلّط الضوء على الصراع بين أجنحة مختلفة داخل الإدارة الأميركية، تتبنى وجهات نظر متضاربة إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. وقد كانت الغلبة فيها لجناح المحافظين الجدد.
لم يأت بوش الابن، حسب رواية أبرامز، إلى سدة الحكم، بتصورات مسبقة، أو محددة، تخص السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كان الشيء الوحيد، الذي انطبع في ذهنه، وأثر على خياراته السياسية في وقت لاحق، تحذير بيل كلينتون، يوم انتهاء ولايته، من ياسر عرفات، باعتباره غير جدير بالثقة.
وفي هذا الصدد، يقول أبرامز إن تحفظات كلينتون على عرفات، كانت تبدو في نظر مستمعيه، وكأنها نوع من المس العُصابي، فقد كان شديد الانفعال، والغضب، وروى لكل من أراد الاستماع تفاصيل آخر حديث دار بينه وبين عرفات، الذي قال له: أنت رجل عظيم، فرد عليه: أيها الرئيس عرفات، لستُ عظيماً، أنا فاشل، وأنت السبب.
ومن الواضح أن غضب كلينتون، وتحذيره تركا انطباعاً قوياً لدى بوش الابن، الذي قرر مقاطعة عرفات، باعتباره غير جدير بالثقة، ولا يريد السلام، وفي وقت لاحق أصابه ما يشبه المس العُصابي، فأغلق أبواب البيت الأبيض في وجهه (بعد 13 زيارة في عهد كلينتون) وأصبحت إزاحته من أولويات الرئيس الأميركي، ومحوراً من محاور السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
عندما جاء بوش الابن، إلى البيت الأبيض، كان خياره الأوّل عدم التدخل الجدي في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وكان يشاركه الرأي نائبه ديك تشيني، والبنتاغون، ومجلس الأمن القومي، وكان هذا يتعارض مع خيارات كولن باول، وزير الخارجية. لذا، نشأ صراع مكتوم بين البيت الأبيض من ناحية، والخارجية من ناحية ثانية، وانتهى بتحييد باول، وإخراجه من اللعبة.
لذلك، وفي كل زياراته إلى المقاطعة، في رام الله، لم يكن باول مكلفاً، بالمعنى الحقيقي للكلمة، بالبحث عن حل، ولم يكن لديه ما يقدمه للفلسطينيين، سوى منحهم الإحساس بأن الولايات المتحدة لم تنفض يدها من المفاوضات. وقد بدا، في شهادة أبرامز، شخصية تراجيدية تماماً.
والواقع أن تحوّلات مهمة طرأت على تفكير المقيم الجديد في البيت الأبيض، ومن بينها أن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لا يمثل القضية المركزية في الشرق الأوسط، وحتى في العلاقة مع العالم العربي. كما أن إسرائيل القوية هي القادرة على تحقيق السلام، بينما تُسهم كل محاولة أميركية للضغط على حكومتها (كما جرى في عهد الرئيس جورج بوش الأب) في إضعافها.
وإلى هذا كله، أضاف بوش الابن معادلة أن الأمن يحقق السلام لإسرائيل، خلافاً للرأي السائد، الذي ردده مسؤولون سابقون في الإدارة الأميركية، عن حاجة إسرائيل للسلام كضمانة لأمنها. وبالتالي، أصبح أمن إسرائيل ممراً إجبارياً في نظرته إلى سبل البحث عن حل لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ووجدت مرافعات شارون الأمنية، وسياسته الهجومية، تفهماً وآذاناً صاغية في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي.
لذلك، لم تحتل المسألة الفلسطينية مكانة تستحق الذكر، في ذهن الرئيس الأميركي، ونائبه، وكبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي، إلا في سياق التحضير لغزو العراق، وبناء على إصرار من كولن باول، ووزارة الخارجية، التي أصرت على ضرورة إرضاء العرب، بعد تحطيم الشرق الأوسط.
تحطيم الشرق الأوسط، هي الكلمة التي استخدمتها كوندليزا رايس، في أوّل اجتماع مع كبار مساعديها، بعد احتلال العراق. قالت لهم: اليوم حطمنا الشرق الأوسط، في هذه الحرب، وعلينا الآن أن نبيّن للعالم كيف نعيد تركيبه.
في سياق الموضوع العراقي، إذاً، تبلورت ملامح سياسة أميركية إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بعد وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض بسبعة عشر شهراً، ودخلت رؤية الرئيس بوش لحل الدولتين قيد التداول السياسي، بصرف النظر عن مدى استعداده لتحقيقها على الأرض.
نعرف أن الولايات المتحدة لم تتمكن من لملمة الشرق الأوسط، بعد تحطيمه. وهذه الخلاصة ليست مهمة في الوقت الحاضر. ولا تهم، أيضاً، الأخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون في زمن الانتفاضة الثانية، وصبت الماء في طاحونة شارون والمحافظين الجدد.
المهم: هل يملك الوزير كيري تفويضاً حقيقياً، يحظى بالإجماع، لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أم أن محاولاته تعتبر امتداداً طبيعياً للخط التقليدي في وزارة الخارجية الأميركية؟ ثمة أسئلة وعلامات استفهام، بطبيعة الحال، ولكن مسألة توفر التفويض، والإجماع، هما مربط الفرس، إذا أردنا الكلام عن فرص النجاح أو الفشل.
اطلبوا المصالحة ولو في المهجر!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
تسببت سنوات الانقسام الفلسطيني الماضية في ولادة حالة من الشرخ العمودي في نسيج المجتمع الفلسطيني تجذرت مع مرور الزمن واحتدام السجالات وصراع المواقف وانحسار المبادرات وتقهقر محطات التفاؤل على اختلافها.
ولم يقتصر الشرخ على مساحة الوطن وإنما وصل إلى جالياتنا في المهجر ما أدى إلى توسيع دوائر اختلافها وتقوقعها في مساحاتها الفكرية والاجتماعية والثقافية وحتى الخدمية. ودبت الخلافات فيما بين البعض منها وصل إلى حدود الاستجارة بالدول المضيفة بصورة زادت من واقع التشرّخ والتمزيق.
أما التحالفات فقد باتت أكثر التصاقاً بالقواعد الشعبية ذات الأفكار العقائدية المشتركة ما زاد في حجم التباعد بين أبناء الشعب الواحد وتمترسهم خلف مواقفهم في معركة تسجيل النقاط.
وبين هذا وذاك فقد وقع الجهد المشترك والعمل الجماعي المتكامل ضحية هذا الحال المرير بصورة أنهكت القدرة على توحيد الجهود وتكثيفها خاصة في ظل نكبات الفلسطينيين المتكررة وحرب الاحتلال عليهم.
ضاع الجهد وضاعت معه القدرة على أن تصبح جالياتنا منصات لرأب الصدع أو حتى أخذ المبادرة لجمع الإخوة الفرقاء ولملمة الجراح وجسر الهوة ولم الشمل.
لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً لذلك ربما يكون الوقت مناسباً ليأخذ المهجر الفلسطيني دوره في المبادرة لجمع الشمل الفلسطيني ضمن حدود ساحاته المتعددة فيضرب نموذجا واضحاً في التآخي والقدرة أو تجاوز عثرات الزمن.
لقد عرّت تجاربنا الأخيرة حدود قدراتنا وحجم وهننا وتمزق حالنا بصورة لم نستطع أن نقف لمؤازرة إخوتنا في ساحات الخريف العربي الملتهبة بالصورة المطلوبة. وشهدت جالياتنا حالاً مماثلاً.
لذا وأمام تأخر المصالحة وتعطلها في كل مرة قاربت على التحقق والإنجاز فإن إتاحة الفرصة لتمكين جالياتنا من أن تحقق تصالحاً داخلياً فيما بينها يقود نحو العمل المشترك والجهد المتكامل سيكون أمراً طيباً لا يعفي طبعاً السياسيين من مسؤولياتهم وإخفاقاتهم وإنما ولربما يستفزهم نحو تحقيق ما يصبو إليه الناس من توحد والتحام بعد سنوات أليمة من قهر الفرقة والاختلاف.
فهل سنرى قصة نجاحٍ "مهجرية" قريبة أم يستمر مركبنا في الغرق؟
دغان: حماس مصلحة إسرائيلية!
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
أعلن رئيس الموساد السابق مئير دغان قبل يومين في ندوة عامة في كفار سابا، "أن إسرائيل قد يكون لها مصلحة في إبقاء حماس على قيد الحياة كقوة في المنطقة". كما ان رئيس الموساد الحالي، حسب بعض المصادر العليمة، طلب من بعض الدول العربية، إبقاء سيطرة حماس على القطاع، كمصلحة إسرائيلية!؟
ليس سراً ولا يمكن لأي مراقب سياسي اعتبار ما أدلى به دغان او غيره من القيادات الاسرائيلية أمراً مفاجئاً، او كأنه اكتشاف جديد، لأن الانقلاب الحمساوي منذ ان وقع في العام 2007، كان ومازال مصلحة إستراتيجية إسرائيلية. ولولا التمهيد الامني والدعم اللوجستي الاسرائيلي، وقبول البعض الرسمي العربي والاميركي، لما أمكن النجاح للانقلاب الحمساوي على الشرعية، ولأمكن وأد الانقلاب في مهده.
غير ان المصلحة الاسرائيلية المدعومة أميركيا ومن بعض العرب الرسميين في تهشيم وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني، وبالتالي تصفية القضية، أملت إسناد خيار حركة حماس في الانقضاض على الشرعية الوطنية، واختطاف محافظات الجنوب كمقدمة للانقضاض على الهوية والشخصية والقضية الفلسطينية.
ومن يعود للخلف لنهاية عقد الثمانينيات من القرن العشرين، ويعود لسيناريوهات القيادة الاسرائيلية المطروحة آنذاك في مركز "جافا"، يلحظ ان تمزيق مشروع الدولة الوطنية المستقلة إلى دولتين واحدة في غزة والاخرى في الضفة عبر إقامة بانتوستات متفرقة كما قطعة الجبن الفرنسي، كما تم تجديد مشروع غزة الكبرى، الذي وافقت عليه جماعة الاخوان المسلمين وقبض الرئيس المعزول محمد مرسي ثمن الارض المصرية، التي ستضاف لامارة حماس حتى العريش، وهو، الذي اطلقه عميدور يعقوبي، رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي، زمن وجوده في موقعه الرسمي. والمشروع ليس حديث الولادة، بل يعود لخمسينيات القرن العشرين، عندما طرحه الاميركيون لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
وبالعودة لنشوء وبروز حركة حماس في المشهد السياسي الفلسطيني مع اندلاع شرارة الانتفاضة الاولى، والآليات والسياسات، التي انتهجتها حماس منذ اللحظة الاولى لوجودها، يدلل على أن الدفع بها من قبل إسرائيل وبعض العرب الرسميين للساحة السياسية لم يكن عبثا او بالصدفة المحضة، انما كان تدبيرا معدا وفق مخطط منهجي لمواجهة تحديات ثورة الشعب الفلسطيني وأهدافها الوطنية ومن خلال أداة داخلية (حصان طروادة فلسطيني) على المشروع الكولونيالي الصهيوني وقاعدته المادية دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.
حركة حماس، فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، وجدت لتمزيق وحدة الشعب الفلسطيني، وضرب اهدافه الوطنية، وهي لا تختلف قيد أنملة مع سياسات التنظيم الدولي للجماعة، لا بل هي الاداة الضاربة لتنفيذ تلك السياسات في فلسطين ومصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن والخليج العربي ... إلخ ولعل مواصلتها التمسك بخيار الانقلاب على الشرعية، رغم تصريحات إسماعيل هنية او غيره هنا وهناك، التي تحمل بعض النفحات الايجابية، ليس سوى الدليل الأكيد على أن حركة الانقلاب غير معنية بالوحدة الوطنية. ولو كان هناك حد ادنى من الجدية، لقامت القيادات المتنفذة في الانقلاب في محافظات الجنوب باعلان تخليها عن انقلابها، ودعت الشرعية لتسلم مهامها في قيادة النظام السياسي التعددي الديمقراطي.
من هنا يمكن قراءة تصريحات دغان وتامير كوهين وغيرهما من القيادات الامنية الاسرائيلية في الحرص على المحافظة على وجود انقلاب حركة حماس على الشرعية في محافظات قطاع غزة. ولو لم يكن للانقلاب اهمية إستراتيجية في السياسة الاسرائيلية، لما نجحت حماس في انقلابها، ولما واصلت القيادات الاسرائيلية السياسية والامنية تطالب بالحفاظ عليها، لانها تشكل ضمانة لامن إسرائيل، وبالقدر ذاته عامل تمزيق لوحدة الشعب العربي الفلسطيني.
اصمتوا... وأنقذوا مخيم اليرموك
بقلم: موفق مطر – الحياة
بات انقاذ اخوتنا اللاجئين في مخيم اليرموك من الموت جوعا ومرضا، وانجاح مهمة وفد منظمة التحرير الى سوريا عملا وطنيا، وسيكون مجرما بحق الانسانية وشعب فلسطين وقضية اللاجئين وحق العودة كل مفسد ومعطل لهذه المهمة.. فللشعوب الحرة محاكم تاريخية حتى وان تأخر انعقادها أو نصب ميزان عدالتها.
يجب على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي اختطت نهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأقطار العربية كشف الموالين لقوى اقليمية ووظفوا اسلحتهم وقواهم البشرية لصالح التيار العالمي للاخوان, كذلك الذين ارتضوا ان يكونوا مجرد بندقية آلية موجهة نحو صدور الفلسطينيين، تستخدمها أجهزة استخبارات وأنظمة دكتاتورية استبدادية، فالذين لا يريدون الأمن والسلامة لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك لا يمكن اعتبارهم الا عصابات تتاجر بأرواح ابناء شعبنا في المخيم الذين عاهدوا شعب سوريا على الوفاء لحسن ضيافته منذ حوالي خمسة وستين عاما.. فالمسلحون المتجردون من القيم الأخلاقية والانسانية والوطنية، لا قضية لهم سوى استغلال حرص اللاجئين الفلسطينيين على تأمين أطفالهم ونسائهم حتى لا يكونوا ضحايا صراع بين الأشقاء السوريين.
دفع اللاجئون الفلسطينيون اثمان الصراعات بين الأنظمة العربية، كالحرب بين العراق والكويت، وكانوا ضحايا محاولات التوسع الاقليمي لدول ذات ثقل ووزن بالمنطقة كايران التي ساندت حماس في انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة، والحروب الأهلية كالتي اندلعت في لبنان عام 1975 واستمرت خمسة عشر عاما، وها هو اللاجئ الفلسطيني في مخيم اليرموك يجد نفسه داخل دوائر النيران والموت والجوع، والمرض، والتشرد والهجرة من جديد، فيما قادة الأطراف المتحاربة على الأرض يدركون جيدا أن اللاجئين الضيوف على شعب وارض سوريا أرادوا للمخيم ان يكون آمنا لأهله ولكل اللاجئين اليه دون تمييز..فحتى الهروب من شوارع الموت في الموت بات يتطلب مبالغ طائلة تدفع (خاوة) لمسلحين بداخله وخارجه لتمكين شخص من المرور عبر حواجزهم نحو وسط العاصمة دمشق القريب حيث الأمان، اما منع الامدادات الغذائية والطبية من الوصول والدخول الى المخيم بالقصف المباشر فانها جريمة ضد الانسانية، بات واضحا أن المتربصين ثأرا بالشعب الفلسطيني، من اتباع الجماعات الارهابية يتمنون رؤية الفلسطينيين يموتون جوعا ومرضا بعد قتل آلاف الأبرياء بالسلاح، فهؤلاء المجرمون يخربون الاتفاقات ويخترقونها.. انهم تجار دم وسماسرة.. مسلحون غرباء من داعش والنصرة، وكتائب بن تيمية، وآخرون باعوا انفسهم للشيطان، فلهؤلاء حساباتهم وأجنداتهم وارتباطاتهم الخارجية، أما اللاجئون الفلسطينيون فهم ضيوف، لا يريدون لشعب سوريا الشقيق الا السلام والاستقرار، فالفلسطينيون الوطنيون حافظون للعهد، أوفياء للاخوة والنخوة العربية، لا يوجهون سلاحا نحو اخوتهم الذين احترموهم وحموهم من فيل مهما كانت الأسباب.
يتحمل الجميع مسؤولية العمل بأعلى وتيرة لانقاذ اهلنا هناك.. ولكن بصمت.. فمخيم اليرموك لو تعلمون كان من اهم القواعد الشعبية للثورة الفلسطينية المعاصرة يوم كان الكثير نائما في العسل.. فمن فضاء مدرسة المنصورة الابتدائية أنشدنا: عائدون..عائدون.
شـقـيـقـة الـرئـيـس
بقلم: د. أسامه الفرا – الحياة
لقائي الأول بها كان في مبنى الهلال الأحمر في خان يونس حيث كانت تقيم مع شقيقتها الكبرى، جلست يومها استمع للسيدة وهي تضع أمامي جملة من الأفكار المتباعدة في المحتوى، الا أن المشترك فيها يتمحور حول فكرة خلق أسر فلسطينية منتجة، أنهت يومها الحديث بتوجيه دعوة لزيارة مقر الجمعية الأهلية التي تشرف عليها في مدينة غزة، وأنا أشق طريقي في ردهات هذا الصرح المميز «الهلال الأحمر» الذي كان يومها يعج بالحركة والنشاط، والوفود الأجنبية القادمة اليه والمغادرة له، ايقنت بأن الأعمال العظيمة تبنى على أفكار قد تبدو للبعض صغيرة، لكنها لا تلبث أن تنمو وتكبر لتتسع لما هو أكبر بكثير مما نعتقد. كان د. فتحي عرفات يمتلك طموحاً لا حدود له، لم يكن حالماً يكتفي بسرد الفكرة وكفى الله المؤمنين القتال، بل بصمته أخذت طبيعتها من قدرته على تحويل الفكرة لواقع ملموس، بقدرة تستفز الدهشة قبل أن تثير الاعجاب، آمن بضرورة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وسخر قدرته الفريدة في ترجمة ذلك لمؤسسة ما زالت شاهدة على عبقريته.
بعد أيام قليلة كنت في زيارة للجمعية التي تشرف عليها، لعل ما هالني يومها لا يقتصر على المنشآت المتعلقة بالجمعية، وانما قدرة هذه على ترجمة الكثير من أفكارها الى واقع تلمس تفاصيله في أروقة المؤسسة، كانت «خديجة عرفات» تتوقف بين الفينة والأخرى لتتحدث مع سيدة حول أدق التفاصيل المتعلقة بعملها، سواء كان في التطريز أو التريكو أو الخياطة، ولا يخلو الحديث أيضاً من التطرق للشأن العائلي، كما تهتم بتفاصيل العمل تهتم أيضاً بمتابعة أحوال العاملات لديها، فجأة توقفت الحاجة في غرفة صغيرة وضعت على طاولة تتوسطها مجموعة من الأحذية، تحدثت باسهاب عن صناعة الأحذية التي أدخلتها الى المؤسسة حديثاً، والمعاناة التي تجدها في جلب المادة الخام من مصر، من الواضح أن المؤسسة خلقت العديد من فرص العمل، وتحولت فيها العاملات لطاقة منتجة في الوقت الذي يتكفل المردود المادي لهن بتوفير بعض متطلبات الحياة لأسرهن.
ما يسترعي الانتباi هو الطاقة التي تتمتع بها، وايمانها العميق بقدرة المجتمع بفئاته المختلفة على المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، كان يمكن لها أن تعتمد في عملها الطوعي على شقيقها الرئيس «ياسر عرفات» في تذليل الكثير من العوائق التي تواجهها، لكن من الواضح أنها لم تلجأ لذلك قط.
مر أمامي هذا الشريط وأنا أصعد الى الطابق الثاني من مستشفى فلسطين بالقاهرة، حيث ترقد الحاجة خديجة نتيجة وعكة صحية ألمت بها، لم تبتعد بحديثها اليوم عن حديث الأمس، واختتمت حديثها بالقول «علينا أولاً أن نعرف ماذا نريد؟، وقبل ذلك علينا أن نحب بعضنا، غادرت غرفتها وأنا أسترجع ذلك الشريط يوم أن جاءت لزيارتي، وعندما همت بالمغادرة رافقتها كي أقلها الى مكان اقامتها في غزة، رفضت يومها أن أفعل ذلك ولم تفسح مجالاً للنقاش فيه، حاولت تجاهل رفضها، وعندما اقتربنا من مكان تقف على ناصيته بعض سيارات الاجرة سارعت بفتح باب السيارة لاجباري على التوقف، استقلت سيارة الأجرة وحال السائق كما هو حال الركاب معه لا يعرف أحد منهم أن التي انضمت اليهم هي شقيقة الرئيس.
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
كيري لم يحقق التقدم المتوقع لكن المساعي لا تتوقف !!
بقلم: حديث القدس – القدس
الأسير كريم يونس ... على أبواب الحرية في الدفعة الرابعة
بقلم: عيسى قراقع - القدس
المشهد السياسي جديد كيري.. وقديمه..
بقلم: نبيل عمرو – القدس
نتنياهو يحلم ببناء قصره في الغور!
بقلم: عطالله منصور – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
مشروع جواب على يهودية إسرائيل !
بقلم: حسن البطل – الايام
مـــــــأزق فتــــــح
بقلم: هاني المصري – الايام
وقاحة "نتنياهو/ ليبرمان" ليس لها حدود!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
كلنا مخيم اليرموك
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
كيري، وسر النجاح أو الفشل..!!
بقلم: حسن خضر – الحياة
اطلبوا المصالحة ولو في المهجر!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
دغان: حماس مصلحة إسرائيلية!
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
اصمتوا... وأنقذوا مخيم اليرموك
بقلم: موفق مطر – الحياة
شـقـيـقـة الـرئـيـس
بقلم: د. أسامه الفرا – الحياة
كيري لم يحقق التقدم المتوقع لكن المساعي لا تتوقف !!
بقلم: حديث القدس – القدس
على خلاف كل التوقعات المتفائلة نسبيا التي سبقت زيارة وزيرالخارجية الاميركية جون كيري والاحاديث عن وفد ضخم من الاختصاصيين يرافقه، فقد غادرنا دون ان يحقق اي تقدم كما يبدو، وبعد عودته من زيارة عمان والرياض، الى اسرائيل، لم يلتق رئيس الوزراء الاسرائيلي ولا الرئيس عباس وتوجه الى جنيف ليبحث الترتيبات لعقد مؤتمر المصالحة السوري
لقد حمل مقترحات بالتأكيد ولم تلق تأييدا من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولم تجد هذه المقترحات "المتوازنة والعادلة" كما وصفها، القبول الذي كان يتمناه، فقد رفض نتانياهو وحكومته اي انسحاب من الاغوار، وتمسك الجانب الفلسطيني بموقفه العادل والمنطقي في رفض الاعتراف بيهودية اسرائيل والغاء حق العودة، وبالمطالبة بمرجعية حدود حزيران 1967 وبازالة المستوطنات والقدس الشرقية عاصمة للدولة الموعودة.
وكعادته فان كيري يزور الاردن والسعودية في كل جولة تقريبا، لانه يبحث عن دعم عربي ومساندة لمقترحاته وجهوده. وسيلتقي في هذا السياق وزراء الخارجية العرب الاسبوع القادم وتقول بعض المصادر ان السعودية اكدت امامه تمسك الدول العربية بمبادرة السلام العربية الشهيرة التي ترفضها اسرائيل ولا تعيرها اميركا اي اهتمام. والعلاقات العربية الفلسطينية في هذا الاطار تبدو متداخلة حيث يدعم العرب موقفنا وما نريده من جهة، وتحاول بعض الدول التأثير علينا وعلى قراراتنا، من جهة اخرى، ونحن لا نستطيع ادارة الظهر للمواقف العربية المختلفة كما نرفض اية تنازلات جديدة قد يقترحها البعض منهم.
وان كان كيري لم يحقق الاختراق الذي توقعه كثيرون في هذه الجولة، فان المساعي لا تتوقف عند هذا الحد ابدا، فالاتصالات مستمرة والزيارات متكررة ومناقشة المقترحات من كل الجوانب ومن كل الجهات المعنية، امر مطلوب تمهيدا للزيارة القادمة وتفصلنا عن نهاية نيسان وهو موعد انتهاء فترة التفاوض، فسحة زمنية تبدو كافية لتحقيق تقدم ان اتخذت واشنطن موقفا حاسما ونهائيا.
والموقف الحاسم المطلوب واضح وهو ممارسة الضغط على اسرائيل لتحقيق الحد الادنى من المطالب الفلسطينية المتفق عليها دوليا وبينها اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وليس مقطعة الاوصال بالاستيطان والتهويد كما تحاول اسرائيل. وان ارادت اميركا وان سمعت من الدول العربية موقفا واضحا وحاسما، فهي قادرة على ممارسة مثل هذا الضغط، وكانت آخر نماذجه حين قصف الرئيس الراحل صدام حسين مدنا اسرائيلية بالصواريخ واوقع اصابات واثار الذعر، ولم تسمح واشنطن لاسرائيل بالرد باي شكل من الاشكال واضطرت اسرائيل لقبول ذلك لاول مرة في تاريخها كما ان واشنطن وقعت اتفاقا مع ايران في موقف مخالف تماما لما تريده اسرائيل . والقضية قضية مصالح وتأثيرات، وعلى الدول العربية ان تضع واشنطن في هذه الدائرة لان الظروف تبدو مواتية لايجاد تسوية بعد انهاء الملف النووي الايراني تقريبا والبدء بانهاء الملف السوري، وبعد تزايد نفوذ وتواجد "القاعدة" في المنطقة كما نرى في العراق هذه الايام، مما يشكل تهديدا خطيرا يستدعي انهاء الملف الفلسطيني، وهذه نقطة ضغط جديدة وهامة لابد من الاستفادة من تداعياتها وهذه كلها مسؤولية الدول العربية بالدرجة الاولى.
الأسير كريم يونس ... على أبواب الحرية في الدفعة الرابعة
بقلم: عيسى قراقع - القدس
دخل عامه الثاني والثلاثين بتاريخ 6/ 1/ 2014، الأسير الأقدم حاليا في سجون الاحتلال وفي العالم، المثقف الكاتب والحالم والشاعر والغير قادر أن يستوعب اعتقال المشاعر الإنسانية وتكبيلها بالحديد ودياجير الظلام في عصر الانفتاح والديمقراطية وربيع حقوق الانسان.
الأسير كريم يونس ابن قرية عارة في الداخل الفلسطيني الذي طبق عليه وعلى غيره من الأسرى نظام الأبرتهايد بكل امتياز، سلبوه حق المواطنة كفلسطيني يعيش على أرضه داخل دولة اسرائيل، وسلبوه حقه الوطني والسياسي باستثنائه من كل تفاوض وصفقة واعتباره كائنا لا ينتمي الى أي ارض ولا هوية.
في رسالته الاخيرة يثمن كريم يونس موقف الرئيس ابو مازن باصراره بالافراج عن قدامى الاسرى دون استثناء بما فيهم اسرى الداخل 1948 ، معتبرا ذلك تحد كبير للمفاهيم الاسرائيلية العنصرية وكسر لمعايير الظلم التاريخي على الأسرى.
كريم يونس في الدفعة الرابعة، سيطل علينا في شهر آذار مع بقية الاسرى القدامى، حاملا روحه العنيدة وحكمته الخلاقة، وتاركا خلفه السجن بجلاديه المتوحشين، وقيودا بائسة لم تمنعه من ممارسة الجري في فضاء الحرية والكرامة.
كريم يخلع ثوب الاعدام، يشرق على فجر الجليل ولا يتلفت للوراء، فيه من الذاكرة والصمود ما يجعل دولة اسرائيل دولة صغيرة معزولة، لم ترتق الى الانسانية والعالمية، محشورة داخل أقفاص وسجون واصوات صدى.
اثنان و ثلاثون عاما وكريم يونس يبحث عن هويته واسمه وكيانه الإنساني والوطني، وقد مرّت عليه حروب واتفاقيات ومشاهد ومعاهدات وصفقات ولا زال خارج النص والفعل والقرار، كأنه بطل ينازع ظلا، وظلا يفتش عن المعنى في المكان.
اثنان و ثلاثون عاما وكريم يونس يصرخ تحت مقصلة الإعدام، يهبط ويرتفع، يشهق ويغني، ويرى الحياة أبعد من سجن ومعسكر لدولة لا تجيد سوى إطلاق النار، ويرى نفسه يرتدي شجرا وله أثر الفجر على الندى، ونشيد الطلبة في فوج المدارس لا يطيع النسيان.
يكتب لنا بأن لا نواصل السير في جنازاتنا وأن نقف أمام أمه والبحر وذكرياته، ففينا من البراهين ما يجعلنا نواصل الشهوة للحياة، ويكفينا أننا دائما على موعد مع هدف، وخطانا لا تتقدم الى فراغ في زنزانة أو صدى.
الأسير كريم يونس صدمته الروايات المغلقة، وهو الذي فتح قلبه على كل النهايات، ورأى كيف يفرح الشهداء، ويمشي الأسرى فوق الغمام ويشعلون دمهم في الليل ، ويهدأون عندما يلمع ضوء من أقاصي الجليل.
سنوات وسنوات مرت عن جسده الدبابات والسياط وخفافيش الظلام، سقط زملائه شهداءا وآخرون غادروا الى المجهول ، ولا زال في المعسكر يسمع طبول الحرب محشورا بين الموت والرجاء.
سنوات وسنوات وهو يقرأ عن استراتيجيات دولة تتضخم نوويا وكراهية وتستعد على مدار الساعة للحرب وبناء السجون وتجريف الجماد والنبات وابتلاع الماء والهواء والصحراء.
سنوات وسنوات وهو يتمنى أن نقول لا لكل شيء لا يحيى الانسان ويرمم عظامه ويعيد الى الكرامة سيادتها وبريقها، ويعوض الخسارة بحلم لا يستضيف حلما آخر يجلس في البيت وفي النوم وفي القبر يقاسمنا أدوات الغياب.
اثنان ثلاثون عاما وهو يبحث عن هويته منذ أن حكموا عليه بالإعدام الى أن أعادوه من صفقة عام 1985 حتى إعلان المبادئ وصولا الى صفقة شاليط، ولم يجد من يعيد إليه الكوشان ولا من يأخذه للنوم في حضن أمه المريضة، ولا من يفسر له معنى المؤبد في الزمن العبري.
يكتب لنا بان لا نعود الى الوراء، أن نتبع رائحة الأسرى دليلنا في الكلمات وفي المفاوضات لإنقاذ الرجال والغد والذكريات، وأن نصحح الظلم التاريخي عندما داهمنا السلام بالمستوطنات والحواجز والاعتقال واصطياد المكان.
كريم يونس يقف على شباك غرفته في سجن هداريم، ينشر قميصه البني ويتطلع الى السماء المسيجة وكأنه سيحلق بعد قليل، يسأله مروان البرغوثي الى أين يا كريم، يقول: لنذهب الى غدنا واثقين بصدق إيماننا وخيالنا السجين.
المشهد السياسي جديد كيري.. وقديمه..
بقلم: نبيل عمرو – القدس
حين وصل كيري الى تل ابيب فجر امس، قادما من الرياض وعمان، فقد حقق بالفعل مصطلح "وصل الليل بالنهار" في جهده الملح لاحراز تقدم مقنع على الطريق الصعب والمعقد، والذي يسعى الوزير لان لا يكون طويلا.
وقبل ان نعرف خلاصات ما يفعل الرجل، وحتى دون ان نعرف ما هي النقاط التي احرز فيها تقدما، وتلك التي ما تزال عالقة، فلنحاول التعرف على جديد كيري، وقديمه..
ولنبدأ بالجديد..
لقد استفاد كيري من كل دروس الاخفاق والنجاح التي احرزها من سبقوه في العمل على ساحة الشرق الاوسط. فوضع خطة عمل، يزاوج فيها العلني والسري. فالجهد والاهداف علنية وبصورة مبالغ فيها، اما الصيغ والخلاصات فسرية الى ابعد الحدود، وهذا جديد في طريقة العمل الامريكية. وهنالك جديد آخر هو انفتاح الوزير الامريكي على اطراف اخرى كانت مغيبة فيما مضى، بفعل سريان مبدأ الاحتكار الامريكي للعمل في الشرق الاوسط، بما اقتضاه ذلك من استبعاد تلك الاطراف الاقليمية والدولية المؤثرة ، وكان من نتيجة هذا الاستبعاد ، ان حُشرت العملية السياسية الشرق اوسطية في زاوية ضيقة ، وكان العامل الحاسم فيها هو الموقف الاسرائيلي المتحرر تماما من اي ضغوط.
وجديد اخر... هو تحويل العمل التفاوضي من زيارات ومحاولات سِمتها ادارة الازمات، او ملء الفراغ، الى ما يشبه المؤسسة. فالوزير كيري من خلال زياراته العشرة وجيش المستشارين والخبراء الذين جندوا للعمل معه، اختلف كثيرا عن السيدة هيلاري كلينتون التي كانت تأتي كسائحة او كواعظة فتقول كلمتين وتمضي.
وهذا الجديد الذي يميز عمل كيري ، يمكن اعتباره مجرد تغيير في الخطط والاساليب، ولكي يكتمل الجديد فلابد وان نرى تغييرا في المضمون، وهذا لم يُرى حتى الان، وان وجد فهو ما يزال حبيس الغرف المغلقة، واوراق صناع القرار النهائي وهم في الواقع ليسوا اكثر من ثلاثة، عباس نتنياهو كيري، وغير الثلاثة فهنالك من يعرف ولكن بنسب متفاوتة بقدر اهميته في العملية السياسية باجمالها.
الا ان ما يُتطلع اليه كجديد في المضمون، يكمّل الجديد في الاسلوب، هو ظهور اتجاه امريكي يتميز بقدر من الاستقلالية في تحديد سياسة موضوعية، تستطيع بلوغ حلول ان لم تكن عادلة فقريبة من العادلة، او بتعبير ادق يستطيع الطرف الفلسطيني قبوله.
حتى الان يبدو جليا تأثر جهد السيد كيري بالمضمون القديم للعمل الامريكي الشرق اوسطي، وتحديدا على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، والمضمون القديم فيه نسبة عالية من ممالأة الجشع الاسرائيلي في المطالب غير المعقولة، وفيه نسبة اعلى من اعتصار الضعف الفلسطيني بالحد الذي قد يؤدي الى خلاصات مأساوية.
ان احدا لا يستطيع تجاهل الحلف الامريكي الاسرائيلي ، كما لا يستطيع المطالبة بموازاة الفلسطيني المنهك مع الاسرائيلي الباذخ في الميزان الامريكي، الا ان ما لا يمكن ابتلاعه منطقيا واخلاقيا، هو ذلك التضافر المرعب بين اقوى قوة عالمية، مع اقوى قوة اقليمية والقاء هذا الثقل الهائل على الفلسطيني الاضعف دوليا واقليميا.
لقد شكرنا السيد كيري حين انزل الملف الفلسطيني عن الرف ونفض الغبار عنه، وطرحه مجددا للتداول الجدي ، كما شكرناه ونشكره على المواظبة وعلى بعض الكلمات الايجابية ، التي يطري فيها على استعدادنا من اجل السلام، الا اننا لا نستطيع قبول او ابتلاع الخلاصات التي يتوصل اليها مع ليبرمان ونتنياهو ليقول لنا اخيرا هذا ما حصلّته فخذوا واشكروا.
صحيح اننا بحاجة الى حل اكثر من حاجة اسرائيل، وصحيح ايضا ان معاناتنا التي تتطور وتتعمق على مدى سبعة عقود قد اعيتنا وانهكتنا واوقفت نمونا دون شعوب الارض كلها.
الا ان الصحيح ايضا والاهم، هو ان صيغة لحل دائم تقوم على اساس استخدام قوة طرف وطغيانها على ضعف الطرف الاخر لابد وان تؤدي الى زرع مرارات في النفوس ، وشعور بالظلم والاضطهاد، وهذا هو اخطر ما يهدد السلام الدائم حيث لا يعرف احد متى يكون الانفجار التالي.
ان جهود السيد كيري المؤيدة عربيا واقليميا ودوليا، ينبغي ان تؤهله لطرح مشروع سلام اكثر توازنا مما يفكر فيه الاسرائيليون، وبوسع الوزير كيري الذي عاد للتو من السعودية والاردن، وهما ركنان اساسيان في بناء الاعتدال العربي، ان يفكر جيدا في المبادرة العربية للسلام، كظهير للسلام الفلسطيني الاسرائيلي، وانجاز تاريخي لسلام عربي اسلامي اسرائيلي اوسع. ويدرك السيد كيري ان الاعتدال الفلسطيني العربي والاسلامي .. له مطالبه العادلة والممكنة والمشروعة، اما ما يحاول الاسرائيليون فرضه فهو تقويض لمبدأ الاعتدال واضعاف للقوى التي ما تزال تتمسك به.
نتنياهو يحلم ببناء قصره في الغور!
بقلم: عطالله منصور – القدس
- السجون الاسرئيلية لم تعرف يوما كانت فيه بدون نزلاء فلسطينيين، واول موجة منهم كانت " اسرى حرب" لأنهم اذنبوا يوم ولدوا لامهات فلسطينيات وانهم كانوا في مقتبل العمر يوم احتلال مدنهم أو قراهم من قبل الجيش الاسرائيلي. نجحت اسرائيل في التخلص منهم يوم أجرت عمليات تبادل الاسرى مع الدول العربية ولكن غالبيتهم عادوا للانضمام الى اسرهم في المدن والقرى التي تحولت اسرائيلية. وكان بين الفلسطينيين ممن تحولوا الى حملة الهوية الاسرائيلية ( بعد ضم المثلث) قرابة 150 عربي. كان غالبية هؤلاء من سكان قرى بعيدة عن المدن الكبرى والمؤسسات الثقافية ولم يكن في الداخل الاسرائيلي مدرسة ثاوية كاملة. الناصرة كانت المدينة الوحيدة ,التي احتضنت وحمت غالبية سكانها ومثلهم من سكان قرى مجاورة هجرهم الاحتلال, هذه " العاصمة" لم تكن سوى بلدة متواضعة لم يبلغ عدد سكانها ( واللاجئين فيها ) اكثر من 20 الف نسمة.
ولم يكن بين هذه الفئة الفلسطينية كلها سوى اقل من اصابع اليد الواحدة من الاطباء والمحامين. ولم يصمد بين هؤلاء العرب, الايتام على ماّدب الحكام الجدد, اكثر من دزينة يتيمة من اصحاب المهن الاكاديمية. وبرزت بين هؤلاء اسماء اغلبها لمحامين كرسوا اوقاتهم وجهدهم لخدمة مواطنيهم اشتهر بينهم حنا نقارة (الشيوعي) والياس كوسا ( الوطني)ومحمد نمرالهواري ( مؤسس حركة " النجادة" في يافا) بعد عودتة الى مسقط رأسه في الناصرة .
وكان علي ان اكتب هذه المقدمة لان هذه المعلومات ضرورية لفهم الاطار الذي حدثت فيه الامور التي اود في هذه الاسطرالاشارة اليها ويكفي ان اضيف بان الناخبين العرب في الكنيست الاولى والثانية والثالثة كانوا يصوتون بغالبيتهم الساحقة لقوائم الحزب الحاكم ( مباي او باسمه الحالي حزب" العمل" ).
ويوم فرغت السجون الاسرائيلية من " اسرى الحرب راحت تمتلىء "بالمتسللين" ( اي هؤلاء الفلسطينيين الذي عادوا لزيارة اهلهم ممن نجوا من مخيمات الذل يوم تشبثوا وصمدوا على تراب وطنهم). بعض هؤلاء جاء قاصدا مجرد زيارة وبعضهم لجمع ثمار شجر زرعوه, وبعضهم جاء ليحصد غلالهم,او لزيارة قبور موتاهم ( وأعرف شخصيا شابا جاء الى والدي الشيخ من سوريا يرجوه بان يرشده الى بيوت كانت لعائلته ليحمل منها حفنة تراب من حقل كان لوالده الذي على فراش موته طلب من اولاده ان لا يدفنوه في حوران الا اذا رشوا فوق نعشه بتراب يجلبوه من هذا الحقل!). وكان بين المتسللين بعض من جاءوا ضمن عملية عسكريةلجمع المعلومات او بعض الفئات التي اعتقدت بأن لهم حقوقا اغتصبت في اوطانهم . وكان يومها سجن شطة -على الطريق بين العفولة وبيسان - احد اشهر تلك السجون . وفي مطلع ايلول 1958تمرد قرابة 200 من نزلاء سجن شطه. وحرقوا فراشهم وهاجموا الحراس واختطفوا المفاتيح وهربوا نحو الاردن ( وكانت الحدود يومها بعيدة عدة كيلومترات). وبعد ذلك سمعنا لاول مرة ان قائدالتمرد كان" صحفيا مصريا " اسمه احمد عثمان جاء الى اسرائيل عارضاعلى حكومتها ان يكون عميلا ولكن تبين لهم بانه مبعوث من المخابرات المصرية.
وكنت يومها في مرحلة التدرب على العمل الصحفي في مجلة " هعولام هزة" التي كان محررها الكاتب المعروف اوري افنيري الذي طلب مني ان اجري مقابلة من المحامي الياس كوسا في حيفا لانه اختير من قبل ضابط المخابرات المصرية احمد عثمان، قائد تمرد سجن شطة ,للدفاع عنه في المحاكم الاسرائيلية.
قال لي المرحوم الياس كوسا قي بيته بانه لم يلتق مع موكله بعد وان المخابرات المصرية تعرف عنه نشاطة السياسي, خصوصا ما كان يكتبه في الصحف الانجليزية عن سوء معاملة العرب في اسرائيل.
سألته : هل تنوي تنظيم قائمة تشارك في الانتخابات ( مع زميله المحامي نمر الهواري وجبور جبور رئيس بلدية شفاعمرو؟)
قال :الحكم العسكري يمنعني من زيارة الناصرة وشفاعمرو ويمنع اصدقائي من زيارتي في حيفا
قلت: ولو حدث وانتخبت عضوا في الكنيست فمن هو مرشحك لرئاسة الحكومة ؟
قال : ارشح لرئاسة الحكومة اكثر اعضاء الكنيست تطرفا مناحم بيغن زعيم الحيروت!
لم اسمع طيلة حياتي ردا مفاجئا اكثر . طلبت منه ان يفسر هذا الخيار
فقال : مناحم بيغن يهدد وبن غوريون (رئيس الحكومة ووزير الدفاع يومها) يخاف منه. اذا وصل بيغن الى سدة الحكم سيهاجم العرب ويكسر عبد الناصر رقبته والا فسيخرس ويعرف حدوده.
وكان طبيعيا ان اذكر بالخير الياس كوسا يوم وقّع مناحم بيغن على اتفاق السلام مع انور السادات واعاد لمصر كافة اراضيها المحتلة.
كما تذكرته وترحمت عليه يوم " انفصل" ارئيل شارون( خليفة بيغن) عن قطاع غزة وعاد الى حدود اسرائيل في 1967 مع مستوطنيه . صحيح ان بيغن ترك سيناء املا منه بانه بذلك يسهل على نفسه الاحتفاظ بالاراضي الفلسطينية. والله وحده يعرف ما كان سيحدث لو رضي المرحوم ياسر عرفات بالاشتراك في المفاوضات الى جانب انور السادات. كما يستطيع المرء ان يتهم ارئيل شارون بانه انسحب من غزة هاشم المنفصلة (جغرافيا) عن القدس والضفة الغربية مما يسهل عملية الانفصال السياسي بين فتح وحماس واضعاف الشعب الفلسطيني - ولكن الذي يتهم ارئيل شارون بشق الوحدة الفلسطينية يفتح المجال لمن يقول بان الوحدة الوطنية الفلسطينية ضعيفة البنية تقع لمجرد قيام ولد قذر برمى قشرة موز في طريقهم !
واليوم يحاول بنيامين نتنياهو ان يقلد بيغن مرة وبن غوريون مرة اخرى . يعترف مرة بحق الفلسطينيين باقامة دولة مستقلة تعيش الى جانب اسرائيل, ولكنه ارضاء لرفاق دربه يقترح على الفلسطينيين ان يعيشوا في الفضاء الخارجي لان ما تبقى من وطنهم يتحول شيئا فشيئا , وقبل انتهاء " المفاوضات" الى ارض المستوطنين وغور الاردن سيسبق الجبال في السقوط بيد السيادة الاسرائيلية.
لماذا؟ لان نتنياهو يحلم في بناء قصر شتوي في الغور بعد انشاء قصر الصيف الذي بدأ , فعلا, بتخطيطه في اورشليم (بكلفة 800 مليون شيكل!).
مشروع جواب على يهودية إسرائيل !
بقلم: حسن البطل – الايام
من فضائل منظمة التحرير الفلسطينية ـ الفصائلية أنها ميّزت الصهيونية (الشرّيرة) عن اليهودية (السماوية) من حيث أنها "الطابق الأول" في الديانات السماوية، والمسيحية "الطابق الثاني" والإسلام "الطابق الثالث".. عفواً للتشبيه!
من فضائل الصهيونية (الشرّيرة) أنها أضافت تعريفها للشعب ـ الأمة إلى التعريفين الألماني (الإرادوي) والفرنسي (الثقافوي) وقالت: كل مجموعة بشرية تعتبر نفسها شعباً فهي شعب!
أولاً، المسألة اليهودية من السؤال اليهودي، وهو سؤال لا جواب عقلانياً عليه (خذوا علماً بآراء البابا فرنسيس عن "عقلنة" الجنة والنار، و"أسطورة" آدم وحواء، علماً أن مفكرين مسلمين أوائل قالوا إن الجنة "نعيم عقلي"، وليست نعيماً جسدياً)!
أذكر في العام 1964 عقد مؤتمر في إسرائيل أثيرت فيه شكوك حول "شرعية الدولة" وأن الصحافي ـ المفكر المصري الراحل أحمد بهاء الدين رأى، في حينه، أن هذا الشك دليل على ثقة ورسوخ الدولة (أنا أشك.. أنا موجود ـ ديكارت) وهذا سابق على موضوعات "ما بعد الصهيونية ـ بوست زيونيزم" أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن المنصرم.
فتوى البابا فرنسيس العقلانية، سيكون لها تداعياتها، باعتبار مكانة الكاثوليكية في المسيحية، وكون المسيحية "طابقا ثانيا" لليهودية (يمكن اعتبار السيد المسيح يهودياً، كما يمكن اعتباره فلسطينياً.. حسب الديانة، أو حسب مكان الميلاد).
كانت الصهيونية حركة علمانية (أو إصلاحية ـ قومية في الدين اليهودي) وعندما أعلن بن ـ غوريون إقامة الدولة فقد فضّل تسميتها "إسرائيل" وليس فلسطين أو يهودا، لأن فلسطين كانت ذات غالبية عربية، ولأن "يهودا" اسم ديني وهو علماني!
قرار التقسيم الدولي 1947 قال بـ "دولة يهودية" وأخرى "عربية" لأن الدولة اليهودية لم يكن لها اسم رسمي، ولأن "الدولة العربية" الفلسطينية ملحقة بالعروبة الشاسعة!
في إسرائيل ما يكفي من المفكرين الصهاينة العلمانيين الذين يرون علاقة غير منطقية بين "اليهودية" و"الديمقراطية".. إلاّ في الغيبيات الإغريقية عن علاقة العناصر الأربعة: التراب، الماء، الهواء والنار.
البابا فرنسيس لم يكمل إصلاحاته الثورية ـ العقلية، فالله عزّ وجل لم يخلق الأرض في ستة أيام (التوراة) ويستريح في اليوم السابع، كما تقول المسيحية ويقول الإسلام، ولو أن كل يوم في حساب الربّ الأزلي "ألف عام" مما تعدّون ولو أن مشيئته "كن فيكون".
عن "مدار ـ للدراسات الإسرائيلية" صدر الكتاب الثاني لشلومو ساند: "اختراع أرض إسرائيل" بعد كتابه الأول "اختراع الشعب اليهودي" وسيصدر الثالث: "كيف لم أعد يهودياً"؟
إنه مفكر "إسرائيلي" عقلاني لأن الصهيونية واليهودية تمكنت من إقامة "شعب إسرائيلي"علماً أن يائير لبيد زعيم ومؤسس "يش عتيد ـ يوجد مستقبل" صهيوني ينحاز إلى "الإسرائيلية" الوطنية لا الأيديولوجيا ولا الديانة!
في إسرائيل، اليوم غالبية يهودية، متدينة أو غير متدينة، تشكل 75% من سكانها ويشكل الفلسطينيون العرب "الإسرائيليون" 20%، لكن في "فلسطين ـ السلطوية" يشكل المسلمون المتدينون والثقافيون غالبية كاسحة، وليس في الوارد أن يسموا دولتهم "فلسطين ـ الإسلامية ـ الديمقراطية" ولو أن الإسلام مصدر أساسي للتشريع.. والفلسطينيون مؤمنون أكثر من اليهود المؤمنين!
كيف سنعطي جواباً على مطلب "دولة يهودية ـ ديمقراطية" صار مطلباً أميركيا، وشرطاً للاتفاق النهائي لا للمفاوضات و"اتفاقية الإطار"!
قد نقول، مثلاً، إننا نعترف بأن غالبية سكان إسرائيل هم يهود، وأن الديمقراطية هي حكم الغالبية وبما لا يمس بحقوق الأقلية، علماً أن القانون الأساس لدولة إسرائيل يحكي عن "القانون الأساس لدولة إسرائيل يحكي عن "حقوق متساوية" لرعايا الدولة، لكنه لم يتحقق واقعياً بسبب النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وبشكل خاص الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي (يهود إسرائيل متساوون أكثر وفلسطينيوها متساوون أقل، وكان "الاشكناز" متساوون أكثر من "السفارديم"!).
إذا قالت إسرائيل وفلسطين إن كل اتفاق سيعرض للاستفتاء الشعبي، فإننا نقترح أن يتضمن الاستفتاء الإسرائيلي سؤالاً: هل إسرائيل علمانية ديمقراطية أم يهودية ديمقراطية؟
إذا كان 75% من سكان إسرائيل يدينون باليهودية فإن جواب السؤال يجب أن يكون موافقة أكثر من 75% على "يهودية الدولة".
سنرى في جهود كيري المشكورة غير ما يراه هو من أفكار "عادلة ومتوازنة" ولو صيغت بالغموض الخلاق والحلول الإبداعية (الابتداعية) التي هي أقرب إلى "تربيع الدائرة" أو في مكان الدائرة في المثلثات الثلاثة : متساوية الأضلاع، متساوية الساقين، مختلفة الأضلاع.
صحيح أن الدائرة تلامس الأضلاع، لكن فقط في المثلث متساوي الأضلاع تتوسط أضلاع المثلث، أي أقرب إلى الضلعين الأميركي والإسرائيلي، ميزان القوى قبل ميزان الحقوق.
المسألة اليهودية من السؤال اليهودي، ومنذ طرح المفكر اليهودي اسحق دويتشر "من هو اليهودي" إلى نتنياهو ـ بن تسيون اليهودي التوراتي، تريد إسرائيل من الفلسطينيين إعطاء جواب عليه: هو اليهودي مواطن دولة إسرائيل أو المقيم خارجها، وأما الفلسطيني فهو مواطن دولة فلسطين التي ليست وطناً لكل الفلسطينيين. حق العودة اليهودي؟ نعم. حق العودة الفلسطيني؟ لا.. لأنه يتعارض مع يهودية الدولة؟!
مـــــــأزق فتــــــح
بقلم: هاني المصري – الايام
في الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة "فتح"، انطلاقة الثورة الفلسطينيّة، أحاول أن اكتب حول ما أسمّيه "مأزق فتح"، في ظل استمرار وتكثيف الجهود الأميركيّة الرامية إلى التوصل إلى حل تصفوي جديد للقضيّة الفلسطينيّة، من خلال توظيف الضعف والانقسام الفلسطيني وتردي الوضع العربي.
منذ توقيع "اتفاق أوسلو" بقيوده المجحفة والتزاماته السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وبعد قيام السلطة واندماج "فتح" فيها، أصبحت غالبيّة أعضاء "فتح" على كل المستويات موظفين في الوزارات والأجهزة الأمنيّة والرئاسة والسفارات؛ الأمر الذي غيّر طابع "فتح" من حركة وطنيّة ثوريّة إلى جزء من سلطة لا تملك السلطة كونها قامت تحت الاحتلال، ما جعلها رهينة السلطة.
وبعد اتضاح أن طريق "أوسلو"، طريق المفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة ومن دون أوراق ضغط وقوة لن يقود - كما كان متوهمًا - إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيّة، حتى بعد تقديم الاعتراف الذهبي بحق إسرائيل في الوجود، ووقف المقاومة، بل على العكس، فقد فصل "أوسلو" القضيّة عن الشعب والأرض، وقسّم القضية إلى قضايا، والشعب إلى شعوب، والأرض إلى (أ) و(ب) و(ج)، وإلى 48 و67 وشتات، وإلى ضفة وغزة، وقدس وضفة، والمرحلة إلى مراحل انتقاليّة ونهائيّة.
وكان من نتائج "أوسلو" قبول فلسطيني بحل متفق عليه لقضيّة اللاجئين، والموافقة على مبدأ "تبادل الأراضي"، وضم الكتل الاستيطانيّة لإسرائيل في أي حل نهائي.
حتى محاولات مقايضة الدولة بحق العودة، أو الفصل ما بين الدولة والعودة، وإثبات الجدارة وبناء المؤسسات، وإثبات حسن النوايا من خلال تطبيق الالتزامات من جانب واحد؛ كلها فشلت، ما جعل "فتح" تعيش في مأزق يتفاقم أكثر وأكثر ويومًا بعد يوم، في ظل استمرار وتعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، والجدار، وتقطيع الأوصال، والعدوان، والحصار، والانقسام، وتهميش القضيّة الفلسطينيّة، وتهويد القدس وأسرلتها؛ الأمر الذي خلق أمرَ واقعٍ احتلاليًّا يجعل الحل الإسرائيلي بصيغه المتعددة هو الحل الوحيد الممكن والمطروح عمليًّا.
تأسيسًا على ما سبق، أصبحت "فتح" رهينة لعمليّة سياسيّة سمّيت زورًا وبهتانًا "عمليّة سلام"، في حين أنها عمليّة من دون سلام. عمليّة تهدف إلى شراء الوقت اللازم لإسرائيل لاستكمال تطبيق مخططاتها التي تجعل السلام مستحيلاً، وتجعل "السلام" الوحيد القابل للتطبيق هو السلام الإسرائيلي.
فـ "فتح" إذا استمرت في هذه العمليّة ستخسر روحها ومبرر وجودها، وإذا خرجت منها بصورة فوضويّة ارتجاليّة ستخسر، وقد تتمزق: بين ما كانت وما حاولت تحقيقه أيام النهوض الوطني، وبين ما أصبحت تمثله في ظل ظهور وتضخم المصالح الفرديّة والفئويّة على هامش السلطة والمصالح التي نمت فيها وبسببها.
هذا الواقع يجعل "فتح" التي تمثل أكثر من غيرها التيار الوطني العام والمركزي، والتي لا تضم فقط المتسلقين والمستفيدين والفاسدين، وإنما مئات الآلاف من الفقراء والبسطاء والمناضلين؛ مطالبةً بإجراء مراجعة تاريخيّة للتجارب التي خاضتها وقادت فيها مسيرة الكفاح الفلسطيني في مراحل صعوده وهبوطه.
لقد شهدت مسيرة "فتح" لحظات مضيئة، فيكفيها أنها قادت الثورة الفلسطينيّة التي نقلت القضيّة الفلسطينيّة بعد النكبة وحولتها من قضيّة إنسانيّة (لاجئين) إلى قضيّة تحرر وطني، لا تحل إلا بعودة اللاجئين وتعويضهم عن التشريد والمعاناة، وتمكين الشعب من تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس.
ويكفي "فتح" كذلك أنها حوّلت منظمة التحرير من إطار فوقي بيروقراطي يمثل جزءًا من النظام العربي الرسمي إلى ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، حاز على اعتراف ودعم من الشرعيات الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة، إلى أن قزّمت المنظمة بعد "أوسلو"، وأصبحت هيكلاً بلا روح ولا فعاليّة، حيث لا يناسب المرحلة الجديدة بقاء المنظمة التي تمثل الشعب الفلسطيني كله وحقوقه كافة، فتضخمت السلطة التي تمثل الضفة الغربيّة وقطاع غزة على حساب المنظمة، وأصبحت الأخيرة مجرد بند صغير في موازنة الأولى.
"فتح" الآن مطالبة بالاختيار مع حلول لحظة الحقيقة، فلا يمكن استمرار الوضع الراهن إلى الأبد، خصوصًا بعد اتضاح أن السلطة يراد لها أن تكون بلا سلطة حتى بعد أن تأخذ اسم الدولة، وبعد أن اتضح أن الاحتلال أصبح رابحًا لإسرائيل التي تتمتع بمزاياه والمجتمع الدولي يدفع التكاليف. فلم يعد هناك أي شرعيّة للعمليّة السياسيّة، التي ظهر بالدليل القاطع أنها لا يمكن أن تقود إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة على حدود 67.
على "فتح" أن تختار بين: خيار مواصلة مسار "أوسلو" والمفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة انفراديّة، وعليها في هذه الحالة أن تقبل بما يعرض على الفلسطينيين من حلول مهما جاءت تنتقص من الحقوق الفلسطينيّة، بما في ذلك "اتفاق الإطار" الذي يحاول وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري إقناع الطرفين بالتوصل إليه، وهو يمثل مرجعيّة جديدة يراد لها أن تتضمن وأن توثق كل التنازلات السابقة، يضاف إليها تنازلات جديدة، مثل الاعتراف بإسرائيل كدولة "يهوديّة". وتضمن "فتح" بذلك بقاءها لاعبًا سياسيًا ومدعومًا عربيًا ودوليًا، خصوصًا أميركيًا وإسرائيليًا، ولكن على حساب تصفية القضيّة، ولكنها في هذه الحالة لن يكون لها علاقة بما جسّدته منذ تأسيسها وكونها "أول الرصاص وأول الحجارة".
إن خطورة التوصل إلى اتفاق ينتقص من الحقوق الوطنيّة الفلسطينيّة تتضاعف، بسبب أنه لن يمر من دون مشاركة وغطاء عربي، بما يفتح الباب على مصراعيه لتطبيع عربي، وخصوصًا خليجي، مع إسرائيل من أجل التحالف في مواجهة الخطر الإيراني المزعوم.
والخيار الثاني يكون بالجرأة على اتخاذ قرار بتغيير المسار كليًا، وما يقتضيه ذلك من تغيير السياسات والممارسات، وربما القيادات، وقواعد اللعبة، ولكن في سياق الاستفادة من دروس وعِبَرِ المرحلة السابقة، والبناء على الإيجابيات والإنجازات التي ما تزال قائمة رغم كل التراجع الذي حدث، خصوصًا بعد "أوسلو". وأهم هذه الإنجازات أن القضيّة الفلسطينيّة بالرغم من تهميشها وتراجعها ما تزال حيّة، وما يزال الشعب الفلسطيني مصممًا على الكفاح لتجسيدها، كما يظهر ذلك من خلال كل أشكال الصمود والبطولة والمقاومة الفرديّة والعامة، وأشكال التضامن، وإحياء القضيّة والهويّة الوطنيّة ثقافيًا من خلال الأدب والفن والسينما والتراث.
كما أن العالم ما يزال يعترف بالمنظمة واعترف بالدولة الفلسطينيّة ولو كعضو "مراقب"، وهناك حركة تضامن عالمي ما تزال مؤثرة وتتنامى، ويمكن أن تتصاعد بشكل هائل لو تم تغيير المسار الذي حول الصراع من صراع بين شعب مشرد من أرضه والاحتلال الاستعماري الإجلائي العنصري، إلى نزاع حول الحدود وطبيعة السلام والإرهاب والقوى المناهضة للإرهاب.
الواقع صعب جدًا، وتغيير المسار صعب كذلك، ولكنه بات أمرًا ملحًّا وضرورة وطنيّة كلما تأخر تعرضت القضيّة الفلسطينيّة إلى المزيد من التدهور. إن تكلفة تغيير المسار مهما بلغت والوقت اللازم لتحقيق الأهداف والحقوق الوطنيّة أقل بكثير من تكلفة استمرار مسار "أوسلو" والزمن الذي مضى على بدء هذا المسار، والممكن أن ينقضي والفلسطينيون تحت قبضته.
المهم أن تتوفر الرؤية القادرة على الاستجابة للتحديات والمخاطر التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة، والقناعة بضرورة تغيير المسار، والإرادة اللازمة لذلك، وبعدها يمكن أن يتم ذلك الأمر بالتدريج ومن دون مغامرة ولا قفز عن حقائق الوضع السياسي والتزاماته.
وقاحة "نتنياهو/ ليبرمان" ليس لها حدود!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
منذ البداية، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي لا يفتقر للذكاء ولا للحنكة، ولا للمراوغة والخداع، وحتى انه لا يفتقر للتجربة أيضاً، كان بنيامين نتنياهو يعلم أنه لن يسمح للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني بأن تتمخض عن شيء جدي، لذا فقد أسند المهمة لعدوته السياسية اللدودة، تسيبي ليفني، حتى يتمكن هو بالأساس، ليس فقط من مواصلة الضغط على المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن الفلسطيني، بالطبع، ولكن حتى لو افترضنا جدلاً، انه رغم كل شيء، قد وجد نفسه "متورطاً" في تفاهمات أو توافقات بين الطرفين مع الراعي الأميركي، فإن بإمكانه أن يلعب دور "المعارض"، أي الذي لم يشارك في التفاوض، ويزيد من تشديد الشروط، وحتى الإبقاء على إمكانية التنصل مما يمكن أن تصل إليه ليفني مع الفلسطينيين وحتى الأميركيين، في أية لحظة، وفي أي وقت.
كل ما كان ينقص نتنياهو، عند الاتفاق على إطلاق هذه الجولة التفاوضية، هو أن يجد أفيغدور ليبرمان، الشريك المفضل لديه، على كل حال، على يمينه، حتى يتقاسم الرجلان الأدوار، ويمارسان مهمة الجوقة، التي تتناغم فيما بينها، لتعزف النشاز السياسي.
وحيث إن هذا الأمر قد تحقق الآن لرئيس حكومة اليمين الإسرائيلي المتشدد، بعد انطلاقة العملية التفاوضية، ولكن قبل أن تصل إلى لحظة الحسم، نجد هذا الثنائي، قد عاد للتناغم معاً، كما كان حاله قبل سنوات، نجحا خلالها بإيقاف عجلة المفاوضات نحو ثلاث سنوات متواصلة، ومن يتابع المشهد الرسمي الإسرائيلي، يلاحظ أن أعضاء الليكود أقل تناغماً مع رئيس حزبهم مما هو حال ليبرمان، ورغم أن وزير الدفاع موشيه يعالون، يمارس دور رافع العصا الأمنية، إلا أن خبرة ليبرمان، وكذلك "تاريخ" ثنائيته مع نتنياهو، تتميز بالقدرة على إثارة الاهتمام، والقدرة على طرح الاقتراحات المثيرة جداً للجدل السياسي، بهدف الزج باستمرار بالعقبات في طريق التفاوض، وبث الإحباط في المفاوضين، وحتى محاولة دفع الطرف الفلسطيني للغضب، وقلب الطاولة، وبالتالي تحقيق مأربهما، المتمثل بوضع حد للعملية التفاوضية ولكل فكرة الحل عبر اتفاق الجانبين، وبالتالي فتح الباب أمام إسرائيل لاختيار واحد من الخيارات المريحة: الحل من جانب واحد، أو الإبقاء على واقع الحال، كما هو، ولكن مع وقف المطلب الدولي، الأوروبي ومن ثم الأميركي بإيجاد حل للملف الفلسطيني، دون اللجوء للأمم المتحدة!
وفي اللحظة التي يهم فيها جون كيري إلى طرح فكرته للحل، عبر خطة سلام، بغض النظر عما يمكن تسميتها به، والتي قال عنها هو إنها ستكون عادلة ومتوازنة، والتي قبل طرحها، حرص الرجل على الذهاب إلى كل من عمان والرياض، ليقف عند حدود مواقف العاصمتين اللتين لموقفهما تأثير في غاية الأهمية على مستقبل تلك الخطة، يقوم الثنائي الحاكم الإسرائيلي - نتنياهو/ ليبرمان، بشد الحبل إلى آخر مدى ممكن، وكما يقول المثل "العيار الذي لا يصيب يدوش"، فإن لم تقم تلك المقترحات بحرف بوصلة التفاوض، بعد أن تم تجاوز قصة البحث في الحدود أم الأمن، أيهما أولاً، يقدم ليبرمان مقترحات، ليس فقط ليس لها علاقة بملف التفاوض بين الجانبين، والذي بدأ منذ أكثر من عشرين سنة، نقصد بذلك، الفكرة العنصرية، المتمثلة "بتبادل السكان" بين المستوطنين المقيمين على الأرض الفلسطينية منذ العام 67 دون وجه حق، وبفعل قوة الاحتلال والاغتصاب، والمواطنين العرب/ الفلسطينيين، المقيمين في وطنهم بشكل شرعي وطبيعي منذ آلاف ومئات السنين، أي قبل إقامة وإعلان دولة إسرائيل نفسها، لذا فلم يطرح هذا الأمر، مطلقا على طاولة التفاوض، في أي يوم من الأيام، فلماذا يتشدق به المعارض للعملية التفاوضية، وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، الآن؟، وحتى تكتمل معزوفة النشاز السياسي، يطالب نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، والسؤال هنا هو، لم لا يطالب بهذا الأمم المتحدة، وحتى الولايات المتحدة نفسها، وهل سبق لإسرائيل وأن اعتبرت هذا الأمر شرطاً لاعتراف أية دولة في العالم بها!
أغرب ما في الأمر أن نتنياهو - رأس الحكم في إسرائيل الآن - يتهم السلطة الفلسطينية بشن حملة تحريض على الكراهية، وفي الوقت الذي يصر فيه على أن القدس والخليل وهي مدن فلسطينية محتلة بالقوة العسكرية من قبل إسرائيل العام 1967، إنما هي مدن إسرائيلية، معتبراً أن رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل إنما هو إنكار لحق إسرائيل في الوجود، السؤال هنا هو بماذا يعترف نتنياهو للفلسطينيين من حقوق، هل يعترف بحقهم في دولة ضمن حدود، أم أن وقاحته هي التي بلا حدود، حين يطالب الجلاد، وهو هنا هو بالتحديد، الضحية أن تعترف بحقوق مفترضة، لا يقره فيها أحد، بينما لا يعترف هو للضحية بحقها في الحياة والوجود الطبيعي، في دولة مستقلة!
قد تكون هذه الوقاحة السياسية مشكلة بالنسبة للفلسطينيين، لأنها تبعد حلاً ممكناً، يتطلعون إليه لوقف معاناة مستمرة منذ عقود، لكنها في الوقت نفسه مشكلة إسرائيلية، لأنها تبعد بالقدر نفسه، لحظة تحول الإسرائيليين إلى أناس عاديين أو طبيعيين، متحررين من مرض الاحتلال، وتطيل فترة عزلتهم عن المحيط، الذي إن كان يكرههم، فليس السبب التحريض من أي أحد أو من أية جهة هنا أو هناك، بل السبب هو الإسرائيليون أنفسهم، حين يتبعون سياسة فرض الذات بالقوة، وأخذ الأرض بالاحتلال، وقهر الآخرين بالقمع والإكراه، وحيث إنه لا مفر من الانسحاب، وحتى هذا برأينا الشخصي، لا يكفي، فلا بد أيضاً من تحول داخل طبيعة دولة إسرائيل نفسها، ينزع عنها - بالذات - صفة الدولة اليهودية.
كلنا مخيم اليرموك
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
مضى على حصار مخيم اليرموك 178 يوما، نفدت خلالها جميع المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، ومع نفادها انعدمت مقومات الحياة.
30 ضحية بينهم أطفال وكبار سن وشباب قضوا جوعاً حتى الآن. وعشرات قضوا أثناء محاولتهم الخروج من المخيم بحثاً عن غذاء ودواء. الدخول أو الخروج من المخيم يساوي موتا محققاً بفعل الإغلاق المحكم بالدشم ومراكز القنص.
عشرات ماتوا من القصف بمختلف أنواع السلاح والقنص.
الطفلة (فلسطين عمر) التي سقطت برصاصة قناص لم تكن آخر القائمة. ومجموعة شباب الإغاثة التي لعبت دوراً إنسانياً مدهشاً في تأمين الاحتياجات وحماية البشر لم تسلم من الاستهداف وسقط منها فادي أبو عجاج وجعفر محمد وخليل زيدان وعلي محمد دفعة واحدة أثناء محاولة تبادل متفق عليها.
تقارير المنظمات الدولية وشهادات المنكوبين داخل المخيم وحصاد القتلى والمصابين تُكذِب الادعاء الذي زعم بأن الحصار أمني فقط ! وله صلة بالأمن القومي فقط ! وبأن الغذاء والدواء يدخل من أماكن محددة.
لماذا ومن المسؤول؟ إذا صدقنا القيادة العامة بأن الحصار أمني فقط وله علاقة بالأمن القومي فقط، فلماذا يتم احتجاز المدنيين الأبرياء وسط نيران المدافع.
لماذا لا يسمح لهم بالخروج إلى منطقة آمنة بعيداً عن القتال؟ على الأقل لماذا لا يسمح للأطفال وكبار السن والمرضى والجرحى بالخروج من المنطقة المحاصرة؟ في حرب كلاسيكية طاحنة، جيش مقابل جيش عادة ما تعلن هدنة لإخلاء الجرحى وإسعافهم من منطلقات إنسانية في التعامل مع الجرحى، وبعد ساعات يستأنف القتال.
لماذا لا ينطبق هذا التقليد العالمي على مخيم اليرموك، بإخلاء الجرحى والمرضى.
ولماذا لا يسمح بإدخال المواد التموينية للمدنيين فقط، أو للأطفال فقط، وبضمان الأونروا والصليب الأحمر والهلال الأحمر.
ما يحدث في مخيم اليرموك جريمة حرب بكل المقاييس، يتحمل مسؤوليتها النظام الأسدي بالدرجة الأولى، ويشاركه المسؤولية القوى الفلسطينية التي تشارك في الحصار وفي ترويج رواية النظام.
وتتحمل المجموعات المسلحة المتشددة داخل المخيم التي رفضت إنقاذ المخيم وتحييده.
هذه القوى مسؤولة أيضا عن عدم تأمين الاحتياجات الضرورية بأي شكل من الأشكال بما في ذلك تأمين الحماية والحؤول دون وضع الأبرياء في محنة شديدة القسوة.
تقول بعض الروايات من داخل المخيم: إن المنظمات المتشددة الرافضة للحل تؤمن احتياجاتها ولا تلتفت لاحتياجات المنكوبين، بل إنها تصادر ما تجده بشكل غير مسؤول.
قد تكون هذه القوى امتداداً "لداعش" التي تقاتل المعارضين الديمقراطيين السوريين وتعتقل ناشطي الإغاثة وحقوق الإنسان والإعلاميين في مناطق مختلفة.
لقد تصرف هؤلاء خلافاً لتجربة المخيم الرائدة في حماية المنكوبين السورين الذين وفدوا إليه.
غير أن مواقف المتشددين الحمقاء أضافت عبئاً كبيراً على المخيم وألحقت الأذى بالأبرياء، لكنها لا تبرر أبداً استمرار خنق المخيم من قبل قوات النظام.
النظام الدولي وعلى رأسه الأمين العام "بان كي مون" أقام الدنيا ولم يقعدها على السلاح الكيماوي خوفاً من احتمال استخدامه ضد إسرائيل، لكنهم لم يكترثوا بالضحايا السوريين سواء الذين سقطوا بالكيماوي أو الذين يسقطون يومياً بالبراميل المتفجرة والقذائف الصاروخية والقنابل وذلك لأنه لا يوجد خطر من استخدامها ضد إسرائيل.
وبالمثل لم يلتفت النظام الدولي لمحنة مخيم اليرموك الضاغطة على كل ضمير حي.
تتحرك اليونيفيل إلى جنوب السودان بمجرد تهديد النفط، وتتحرك القوات الفرنسية إلى مالي ودول إفريقية أخرى بمجرد تهديد السيطرة على مناجم المعادن.
ويصمت النظام الدولي صمت القبور على نزيف الدم السوري والفلسطيني. لم يكن المطلوب من النظام الدولي تدخلا عسكرياً أبدا، بل كان المطلوب تفعيل الإغاثة الإنسانية من قبل المنظمات المختصة، والزام النظام بعدم ضرب الأهداف المدنية وتعريض المدنيين لويلات الحرب.
الجامعة العربية وأمينها العام نبيل العربي لم تتحرك لإنقاذ مخيم اليرموك بعد أن صمتت على قتل وتشريد السوريين والفلسطينيين.
كأن الجامعة اختفت أو غير موجودة. كأنها أصبحت عاجزة بالكامل عن الحركة والفعل والمبادرة، ولا حتى تقديم التعازي لمخيم اليرموك.
السؤال الذي ينبغي طرحه لماذا تهمد حركة الجامعة العربية مع همود حركة النظام الدولي؟ ولماذا تستفيق الجامعة على وقع التحركات الدولية؟ من يستطيع إعادة الروح لهذه المؤسسة العجوز؟
غير أن الموقف الذي يستطيع أن يترك بصماته ويؤثر على مواقف كل الأطراف هو موقف منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد.
إن تحرك المنظمة المعلن وغير المعلن لم ينجح في تأمين الحماية لمخيم اليرموك ولأبناء المخيمات الأخرى المشردين والمنكوبين.
لم يكن تدخل المنظمة بمستوى المحنة والمأساة التي يعيشها اللاجئون، ولم يكن أداء الوفود على صلة أو معنى بنبض أبناء المخيمات.
لم يكن أبناء المخيمات الفئة المستهدفة في خطاباتهم، على العكس من ذلك حرص البعض على مغازلة النظام.
ثمة امتعاض وعدم رضى تلمسه في كل مكان. عندما تكون الأزمة شائكة ومعقدة فإنها تحتاج إلى جهد نوعي وحركة دائمة.
لماذا لا توضع محنة اليرموك وأزمة اللاجئين على رأس قائمة الاهتمام الفلسطيني الرسمي، سواء على الصعيد الإعلامي، أو على صعيد الحركة السياسية باتجاه عربي ودولي، أو على صعيد تأمين الاحتياجات عبر إنشاء صندوق إغاثة.
مخيم اليرموك ومخيمات سورية كانت على الدوام خزان الثورة والمقاومة التي ظلت تزود الثورة بالمقاتلين الشجعان، يشهد على ذلك مقابر الشهداء في مخيم اليرموك والمخيمات الأخرى.
مخيمات سورية ولبنان والأردن هي التي بلورت الهوية الوطنية المكافحة. هؤلاء هم الذين جسدوا تحول القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إنسانية إلى حركة تحرر وطني تسعى إلى تقرير المصير.
لهذه المخيمات وأخص مخيم اليرموك رمزية تاريخية تركت بصماتها على كل مكونات الشعب الفلسطيني.
مهمة إنقاذ مخيم اليرموك والأخذ بيد المشردين والمنكوبين من اللاجئين في سورية ولبنان ليست ككل المهام.
عند هذه المهمة سيعاد النظر في كل شيء. ثمة مزاج سلبي آخذ بالتشكل، ثمة نفور من التنظيمات والمنظمة، وإذا لم يتم القطع مع هذا التحول السلبي بمواقف وإجراءات واستجابات مقنعة فقد يحدث ما لا تحمد عقباه.
مطلوب اجتماع مفتوح للجنة التنفيذية، مطلوب خطة إنقاذ، وتحرك سياسي فعال، وخطاب إعلامي موجه لأبناء اليرموك والمخيمات الأخرى.
والأهم هو التحرك الجماهيري الفلسطيني المتصاعد الذي لا يهدأ إلا برفع الحصار وإنقاذ 20 ألف فلسطيني مهددين بالموت تحت شعار (كلنا مخيم اليرموك).
كيري، وسر النجاح أو الفشل..!!
بقلم: حسن خضر – الحياة
انتهيت، يوم أوّل أمس، من قراءة كتاب إليوت أبرامز المعنون: "على محك صهيون: إدارة بوش والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي". صدر الكتاب في كانون الثاني من العام الماضي (2013) عن مطبعة جامعة كامبردج، وأراد له كاتبه، الذي شغل وظائف مهمة في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن يكون شهادة عن السياسة الأميركية، إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، في زمن الرئيس بوش الابن، ومحاولة لتفسير أسباب الفشل في التوصل إلى حل بين الجانبين.
عشتُ، كغيري، أحداث تلك الفترة، التي شهدت اندلاع الانتفاضة الثانية، وصعود نجم شارون (الذي يبدو أن الموت يسحبه من الغيبوبة الآن) في إسرائيل، واجتياح المدن في الضفة الغربية، وحصار المقاطعة، والرئيس عرفات. ويُضاف إلى هذا كله النشاط السياسي والدبلوماسي، الذي شهدته رام الله، بعثات ميتشل وزيني، وزيارات كولن باول، وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة.
المهم في هذا كله، أن أبرامز، الذي يعرّف نفسه بالمحافظ الجديد، يسلط الضوء على كل ما سبق، منظوراً إليه بعيون أميركية. والأهم من هذا وذاك، يُسلّط الضوء على الصراع بين أجنحة مختلفة داخل الإدارة الأميركية، تتبنى وجهات نظر متضاربة إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. وقد كانت الغلبة فيها لجناح المحافظين الجدد.
لم يأت بوش الابن، حسب رواية أبرامز، إلى سدة الحكم، بتصورات مسبقة، أو محددة، تخص السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كان الشيء الوحيد، الذي انطبع في ذهنه، وأثر على خياراته السياسية في وقت لاحق، تحذير بيل كلينتون، يوم انتهاء ولايته، من ياسر عرفات، باعتباره غير جدير بالثقة.
وفي هذا الصدد، يقول أبرامز إن تحفظات كلينتون على عرفات، كانت تبدو في نظر مستمعيه، وكأنها نوع من المس العُصابي، فقد كان شديد الانفعال، والغضب، وروى لكل من أراد الاستماع تفاصيل آخر حديث دار بينه وبين عرفات، الذي قال له: أنت رجل عظيم، فرد عليه: أيها الرئيس عرفات، لستُ عظيماً، أنا فاشل، وأنت السبب.
ومن الواضح أن غضب كلينتون، وتحذيره تركا انطباعاً قوياً لدى بوش الابن، الذي قرر مقاطعة عرفات، باعتباره غير جدير بالثقة، ولا يريد السلام، وفي وقت لاحق أصابه ما يشبه المس العُصابي، فأغلق أبواب البيت الأبيض في وجهه (بعد 13 زيارة في عهد كلينتون) وأصبحت إزاحته من أولويات الرئيس الأميركي، ومحوراً من محاور السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
عندما جاء بوش الابن، إلى البيت الأبيض، كان خياره الأوّل عدم التدخل الجدي في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وكان يشاركه الرأي نائبه ديك تشيني، والبنتاغون، ومجلس الأمن القومي، وكان هذا يتعارض مع خيارات كولن باول، وزير الخارجية. لذا، نشأ صراع مكتوم بين البيت الأبيض من ناحية، والخارجية من ناحية ثانية، وانتهى بتحييد باول، وإخراجه من اللعبة.
لذلك، وفي كل زياراته إلى المقاطعة، في رام الله، لم يكن باول مكلفاً، بالمعنى الحقيقي للكلمة، بالبحث عن حل، ولم يكن لديه ما يقدمه للفلسطينيين، سوى منحهم الإحساس بأن الولايات المتحدة لم تنفض يدها من المفاوضات. وقد بدا، في شهادة أبرامز، شخصية تراجيدية تماماً.
والواقع أن تحوّلات مهمة طرأت على تفكير المقيم الجديد في البيت الأبيض، ومن بينها أن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لا يمثل القضية المركزية في الشرق الأوسط، وحتى في العلاقة مع العالم العربي. كما أن إسرائيل القوية هي القادرة على تحقيق السلام، بينما تُسهم كل محاولة أميركية للضغط على حكومتها (كما جرى في عهد الرئيس جورج بوش الأب) في إضعافها.
وإلى هذا كله، أضاف بوش الابن معادلة أن الأمن يحقق السلام لإسرائيل، خلافاً للرأي السائد، الذي ردده مسؤولون سابقون في الإدارة الأميركية، عن حاجة إسرائيل للسلام كضمانة لأمنها. وبالتالي، أصبح أمن إسرائيل ممراً إجبارياً في نظرته إلى سبل البحث عن حل لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ووجدت مرافعات شارون الأمنية، وسياسته الهجومية، تفهماً وآذاناً صاغية في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي.
لذلك، لم تحتل المسألة الفلسطينية مكانة تستحق الذكر، في ذهن الرئيس الأميركي، ونائبه، وكبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي، إلا في سياق التحضير لغزو العراق، وبناء على إصرار من كولن باول، ووزارة الخارجية، التي أصرت على ضرورة إرضاء العرب، بعد تحطيم الشرق الأوسط.
تحطيم الشرق الأوسط، هي الكلمة التي استخدمتها كوندليزا رايس، في أوّل اجتماع مع كبار مساعديها، بعد احتلال العراق. قالت لهم: اليوم حطمنا الشرق الأوسط، في هذه الحرب، وعلينا الآن أن نبيّن للعالم كيف نعيد تركيبه.
في سياق الموضوع العراقي، إذاً، تبلورت ملامح سياسة أميركية إزاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بعد وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض بسبعة عشر شهراً، ودخلت رؤية الرئيس بوش لحل الدولتين قيد التداول السياسي، بصرف النظر عن مدى استعداده لتحقيقها على الأرض.
نعرف أن الولايات المتحدة لم تتمكن من لملمة الشرق الأوسط، بعد تحطيمه. وهذه الخلاصة ليست مهمة في الوقت الحاضر. ولا تهم، أيضاً، الأخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون في زمن الانتفاضة الثانية، وصبت الماء في طاحونة شارون والمحافظين الجدد.
المهم: هل يملك الوزير كيري تفويضاً حقيقياً، يحظى بالإجماع، لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أم أن محاولاته تعتبر امتداداً طبيعياً للخط التقليدي في وزارة الخارجية الأميركية؟ ثمة أسئلة وعلامات استفهام، بطبيعة الحال، ولكن مسألة توفر التفويض، والإجماع، هما مربط الفرس، إذا أردنا الكلام عن فرص النجاح أو الفشل.
اطلبوا المصالحة ولو في المهجر!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
تسببت سنوات الانقسام الفلسطيني الماضية في ولادة حالة من الشرخ العمودي في نسيج المجتمع الفلسطيني تجذرت مع مرور الزمن واحتدام السجالات وصراع المواقف وانحسار المبادرات وتقهقر محطات التفاؤل على اختلافها.
ولم يقتصر الشرخ على مساحة الوطن وإنما وصل إلى جالياتنا في المهجر ما أدى إلى توسيع دوائر اختلافها وتقوقعها في مساحاتها الفكرية والاجتماعية والثقافية وحتى الخدمية. ودبت الخلافات فيما بين البعض منها وصل إلى حدود الاستجارة بالدول المضيفة بصورة زادت من واقع التشرّخ والتمزيق.
أما التحالفات فقد باتت أكثر التصاقاً بالقواعد الشعبية ذات الأفكار العقائدية المشتركة ما زاد في حجم التباعد بين أبناء الشعب الواحد وتمترسهم خلف مواقفهم في معركة تسجيل النقاط.
وبين هذا وذاك فقد وقع الجهد المشترك والعمل الجماعي المتكامل ضحية هذا الحال المرير بصورة أنهكت القدرة على توحيد الجهود وتكثيفها خاصة في ظل نكبات الفلسطينيين المتكررة وحرب الاحتلال عليهم.
ضاع الجهد وضاعت معه القدرة على أن تصبح جالياتنا منصات لرأب الصدع أو حتى أخذ المبادرة لجمع الإخوة الفرقاء ولملمة الجراح وجسر الهوة ولم الشمل.
لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً لذلك ربما يكون الوقت مناسباً ليأخذ المهجر الفلسطيني دوره في المبادرة لجمع الشمل الفلسطيني ضمن حدود ساحاته المتعددة فيضرب نموذجا واضحاً في التآخي والقدرة أو تجاوز عثرات الزمن.
لقد عرّت تجاربنا الأخيرة حدود قدراتنا وحجم وهننا وتمزق حالنا بصورة لم نستطع أن نقف لمؤازرة إخوتنا في ساحات الخريف العربي الملتهبة بالصورة المطلوبة. وشهدت جالياتنا حالاً مماثلاً.
لذا وأمام تأخر المصالحة وتعطلها في كل مرة قاربت على التحقق والإنجاز فإن إتاحة الفرصة لتمكين جالياتنا من أن تحقق تصالحاً داخلياً فيما بينها يقود نحو العمل المشترك والجهد المتكامل سيكون أمراً طيباً لا يعفي طبعاً السياسيين من مسؤولياتهم وإخفاقاتهم وإنما ولربما يستفزهم نحو تحقيق ما يصبو إليه الناس من توحد والتحام بعد سنوات أليمة من قهر الفرقة والاختلاف.
فهل سنرى قصة نجاحٍ "مهجرية" قريبة أم يستمر مركبنا في الغرق؟
دغان: حماس مصلحة إسرائيلية!
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
أعلن رئيس الموساد السابق مئير دغان قبل يومين في ندوة عامة في كفار سابا، "أن إسرائيل قد يكون لها مصلحة في إبقاء حماس على قيد الحياة كقوة في المنطقة". كما ان رئيس الموساد الحالي، حسب بعض المصادر العليمة، طلب من بعض الدول العربية، إبقاء سيطرة حماس على القطاع، كمصلحة إسرائيلية!؟
ليس سراً ولا يمكن لأي مراقب سياسي اعتبار ما أدلى به دغان او غيره من القيادات الاسرائيلية أمراً مفاجئاً، او كأنه اكتشاف جديد، لأن الانقلاب الحمساوي منذ ان وقع في العام 2007، كان ومازال مصلحة إستراتيجية إسرائيلية. ولولا التمهيد الامني والدعم اللوجستي الاسرائيلي، وقبول البعض الرسمي العربي والاميركي، لما أمكن النجاح للانقلاب الحمساوي على الشرعية، ولأمكن وأد الانقلاب في مهده.
غير ان المصلحة الاسرائيلية المدعومة أميركيا ومن بعض العرب الرسميين في تهشيم وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني، وبالتالي تصفية القضية، أملت إسناد خيار حركة حماس في الانقضاض على الشرعية الوطنية، واختطاف محافظات الجنوب كمقدمة للانقضاض على الهوية والشخصية والقضية الفلسطينية.
ومن يعود للخلف لنهاية عقد الثمانينيات من القرن العشرين، ويعود لسيناريوهات القيادة الاسرائيلية المطروحة آنذاك في مركز "جافا"، يلحظ ان تمزيق مشروع الدولة الوطنية المستقلة إلى دولتين واحدة في غزة والاخرى في الضفة عبر إقامة بانتوستات متفرقة كما قطعة الجبن الفرنسي، كما تم تجديد مشروع غزة الكبرى، الذي وافقت عليه جماعة الاخوان المسلمين وقبض الرئيس المعزول محمد مرسي ثمن الارض المصرية، التي ستضاف لامارة حماس حتى العريش، وهو، الذي اطلقه عميدور يعقوبي، رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي، زمن وجوده في موقعه الرسمي. والمشروع ليس حديث الولادة، بل يعود لخمسينيات القرن العشرين، عندما طرحه الاميركيون لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
وبالعودة لنشوء وبروز حركة حماس في المشهد السياسي الفلسطيني مع اندلاع شرارة الانتفاضة الاولى، والآليات والسياسات، التي انتهجتها حماس منذ اللحظة الاولى لوجودها، يدلل على أن الدفع بها من قبل إسرائيل وبعض العرب الرسميين للساحة السياسية لم يكن عبثا او بالصدفة المحضة، انما كان تدبيرا معدا وفق مخطط منهجي لمواجهة تحديات ثورة الشعب الفلسطيني وأهدافها الوطنية ومن خلال أداة داخلية (حصان طروادة فلسطيني) على المشروع الكولونيالي الصهيوني وقاعدته المادية دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.
حركة حماس، فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، وجدت لتمزيق وحدة الشعب الفلسطيني، وضرب اهدافه الوطنية، وهي لا تختلف قيد أنملة مع سياسات التنظيم الدولي للجماعة، لا بل هي الاداة الضاربة لتنفيذ تلك السياسات في فلسطين ومصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن والخليج العربي ... إلخ ولعل مواصلتها التمسك بخيار الانقلاب على الشرعية، رغم تصريحات إسماعيل هنية او غيره هنا وهناك، التي تحمل بعض النفحات الايجابية، ليس سوى الدليل الأكيد على أن حركة الانقلاب غير معنية بالوحدة الوطنية. ولو كان هناك حد ادنى من الجدية، لقامت القيادات المتنفذة في الانقلاب في محافظات الجنوب باعلان تخليها عن انقلابها، ودعت الشرعية لتسلم مهامها في قيادة النظام السياسي التعددي الديمقراطي.
من هنا يمكن قراءة تصريحات دغان وتامير كوهين وغيرهما من القيادات الامنية الاسرائيلية في الحرص على المحافظة على وجود انقلاب حركة حماس على الشرعية في محافظات قطاع غزة. ولو لم يكن للانقلاب اهمية إستراتيجية في السياسة الاسرائيلية، لما نجحت حماس في انقلابها، ولما واصلت القيادات الاسرائيلية السياسية والامنية تطالب بالحفاظ عليها، لانها تشكل ضمانة لامن إسرائيل، وبالقدر ذاته عامل تمزيق لوحدة الشعب العربي الفلسطيني.
اصمتوا... وأنقذوا مخيم اليرموك
بقلم: موفق مطر – الحياة
بات انقاذ اخوتنا اللاجئين في مخيم اليرموك من الموت جوعا ومرضا، وانجاح مهمة وفد منظمة التحرير الى سوريا عملا وطنيا، وسيكون مجرما بحق الانسانية وشعب فلسطين وقضية اللاجئين وحق العودة كل مفسد ومعطل لهذه المهمة.. فللشعوب الحرة محاكم تاريخية حتى وان تأخر انعقادها أو نصب ميزان عدالتها.
يجب على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي اختطت نهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأقطار العربية كشف الموالين لقوى اقليمية ووظفوا اسلحتهم وقواهم البشرية لصالح التيار العالمي للاخوان, كذلك الذين ارتضوا ان يكونوا مجرد بندقية آلية موجهة نحو صدور الفلسطينيين، تستخدمها أجهزة استخبارات وأنظمة دكتاتورية استبدادية، فالذين لا يريدون الأمن والسلامة لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك لا يمكن اعتبارهم الا عصابات تتاجر بأرواح ابناء شعبنا في المخيم الذين عاهدوا شعب سوريا على الوفاء لحسن ضيافته منذ حوالي خمسة وستين عاما.. فالمسلحون المتجردون من القيم الأخلاقية والانسانية والوطنية، لا قضية لهم سوى استغلال حرص اللاجئين الفلسطينيين على تأمين أطفالهم ونسائهم حتى لا يكونوا ضحايا صراع بين الأشقاء السوريين.
دفع اللاجئون الفلسطينيون اثمان الصراعات بين الأنظمة العربية، كالحرب بين العراق والكويت، وكانوا ضحايا محاولات التوسع الاقليمي لدول ذات ثقل ووزن بالمنطقة كايران التي ساندت حماس في انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة، والحروب الأهلية كالتي اندلعت في لبنان عام 1975 واستمرت خمسة عشر عاما، وها هو اللاجئ الفلسطيني في مخيم اليرموك يجد نفسه داخل دوائر النيران والموت والجوع، والمرض، والتشرد والهجرة من جديد، فيما قادة الأطراف المتحاربة على الأرض يدركون جيدا أن اللاجئين الضيوف على شعب وارض سوريا أرادوا للمخيم ان يكون آمنا لأهله ولكل اللاجئين اليه دون تمييز..فحتى الهروب من شوارع الموت في الموت بات يتطلب مبالغ طائلة تدفع (خاوة) لمسلحين بداخله وخارجه لتمكين شخص من المرور عبر حواجزهم نحو وسط العاصمة دمشق القريب حيث الأمان، اما منع الامدادات الغذائية والطبية من الوصول والدخول الى المخيم بالقصف المباشر فانها جريمة ضد الانسانية، بات واضحا أن المتربصين ثأرا بالشعب الفلسطيني، من اتباع الجماعات الارهابية يتمنون رؤية الفلسطينيين يموتون جوعا ومرضا بعد قتل آلاف الأبرياء بالسلاح، فهؤلاء المجرمون يخربون الاتفاقات ويخترقونها.. انهم تجار دم وسماسرة.. مسلحون غرباء من داعش والنصرة، وكتائب بن تيمية، وآخرون باعوا انفسهم للشيطان، فلهؤلاء حساباتهم وأجنداتهم وارتباطاتهم الخارجية، أما اللاجئون الفلسطينيون فهم ضيوف، لا يريدون لشعب سوريا الشقيق الا السلام والاستقرار، فالفلسطينيون الوطنيون حافظون للعهد، أوفياء للاخوة والنخوة العربية، لا يوجهون سلاحا نحو اخوتهم الذين احترموهم وحموهم من فيل مهما كانت الأسباب.
يتحمل الجميع مسؤولية العمل بأعلى وتيرة لانقاذ اهلنا هناك.. ولكن بصمت.. فمخيم اليرموك لو تعلمون كان من اهم القواعد الشعبية للثورة الفلسطينية المعاصرة يوم كان الكثير نائما في العسل.. فمن فضاء مدرسة المنصورة الابتدائية أنشدنا: عائدون..عائدون.
شـقـيـقـة الـرئـيـس
بقلم: د. أسامه الفرا – الحياة
لقائي الأول بها كان في مبنى الهلال الأحمر في خان يونس حيث كانت تقيم مع شقيقتها الكبرى، جلست يومها استمع للسيدة وهي تضع أمامي جملة من الأفكار المتباعدة في المحتوى، الا أن المشترك فيها يتمحور حول فكرة خلق أسر فلسطينية منتجة، أنهت يومها الحديث بتوجيه دعوة لزيارة مقر الجمعية الأهلية التي تشرف عليها في مدينة غزة، وأنا أشق طريقي في ردهات هذا الصرح المميز «الهلال الأحمر» الذي كان يومها يعج بالحركة والنشاط، والوفود الأجنبية القادمة اليه والمغادرة له، ايقنت بأن الأعمال العظيمة تبنى على أفكار قد تبدو للبعض صغيرة، لكنها لا تلبث أن تنمو وتكبر لتتسع لما هو أكبر بكثير مما نعتقد. كان د. فتحي عرفات يمتلك طموحاً لا حدود له، لم يكن حالماً يكتفي بسرد الفكرة وكفى الله المؤمنين القتال، بل بصمته أخذت طبيعتها من قدرته على تحويل الفكرة لواقع ملموس، بقدرة تستفز الدهشة قبل أن تثير الاعجاب، آمن بضرورة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وسخر قدرته الفريدة في ترجمة ذلك لمؤسسة ما زالت شاهدة على عبقريته.
بعد أيام قليلة كنت في زيارة للجمعية التي تشرف عليها، لعل ما هالني يومها لا يقتصر على المنشآت المتعلقة بالجمعية، وانما قدرة هذه على ترجمة الكثير من أفكارها الى واقع تلمس تفاصيله في أروقة المؤسسة، كانت «خديجة عرفات» تتوقف بين الفينة والأخرى لتتحدث مع سيدة حول أدق التفاصيل المتعلقة بعملها، سواء كان في التطريز أو التريكو أو الخياطة، ولا يخلو الحديث أيضاً من التطرق للشأن العائلي، كما تهتم بتفاصيل العمل تهتم أيضاً بمتابعة أحوال العاملات لديها، فجأة توقفت الحاجة في غرفة صغيرة وضعت على طاولة تتوسطها مجموعة من الأحذية، تحدثت باسهاب عن صناعة الأحذية التي أدخلتها الى المؤسسة حديثاً، والمعاناة التي تجدها في جلب المادة الخام من مصر، من الواضح أن المؤسسة خلقت العديد من فرص العمل، وتحولت فيها العاملات لطاقة منتجة في الوقت الذي يتكفل المردود المادي لهن بتوفير بعض متطلبات الحياة لأسرهن.
ما يسترعي الانتباi هو الطاقة التي تتمتع بها، وايمانها العميق بقدرة المجتمع بفئاته المختلفة على المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، كان يمكن لها أن تعتمد في عملها الطوعي على شقيقها الرئيس «ياسر عرفات» في تذليل الكثير من العوائق التي تواجهها، لكن من الواضح أنها لم تلجأ لذلك قط.
مر أمامي هذا الشريط وأنا أصعد الى الطابق الثاني من مستشفى فلسطين بالقاهرة، حيث ترقد الحاجة خديجة نتيجة وعكة صحية ألمت بها، لم تبتعد بحديثها اليوم عن حديث الأمس، واختتمت حديثها بالقول «علينا أولاً أن نعرف ماذا نريد؟، وقبل ذلك علينا أن نحب بعضنا، غادرت غرفتها وأنا أسترجع ذلك الشريط يوم أن جاءت لزيارتي، وعندما همت بالمغادرة رافقتها كي أقلها الى مكان اقامتها في غزة، رفضت يومها أن أفعل ذلك ولم تفسح مجالاً للنقاش فيه، حاولت تجاهل رفضها، وعندما اقتربنا من مكان تقف على ناصيته بعض سيارات الاجرة سارعت بفتح باب السيارة لاجباري على التوقف، استقلت سيارة الأجرة وحال السائق كما هو حال الركاب معه لا يعرف أحد منهم أن التي انضمت اليهم هي شقيقة الرئيس.