Haneen
2014-12-18, 11:02 AM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.giffile:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
تهويد القدس على قدم وساق
بقلم: حديث القدس – القدس
من أجل فلسطين...الحلم والأمل
بقلم: ظافر يحيى صندوقة – القدس
تصريحات إسماعيل هنية:خطوة حكيمة وفي الاتجاه الوطني الصحيح
بقلم: د. أحمد يوسف – القدس
كيف يكون المتهم بالتعذيب مستشارا للشئون العربية؟!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
حتى يعود للعراق حضوره العربي...
بقلم: يوسف مكي - القدس
تغريد خارج السرب ..!!
بقلم: يونس العموري – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً"
بقلم: حسن البطل – الايام
السيسي رئيساً: ليس للديك فضل في بزوغ الفجر!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
الإفراج عن الأسرى: التحريض الإسرائيلي المنهجي
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
لمجابهة التصعيد السياسي الإسرائيلي الأميركي
بقلم: علي جرادات – الايام
لا للاعتراف بيهودية إسرائيل .. ولكن
بقلم: ساجي خليل – الايام
مُنافِسَة المنجمين
بقلم: توفيق وصفي – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
تغريدة الصباح - عظيم .. ممتاز
بقلم: يحيى يخلف – الحياة
إنهاء الانقسام.. لغته وشروطه
القلم: عدلي صادق - الحياة
مصر ضامنة الأمن القومي العربي!!!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
كيري ما زال يراوح !
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تهويد القدس على قدم وساق
بقلم: حديث القدس – القدس
كان هناك غموض في تصريحات وزير الخارجية الأميركي بخصوص القضايا التي نوقشت وما تزال تُناقش في المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية تحت الرعاية الأميركية. غير أن قضية القدس والحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية فيها من أكثر القضايا غموضا في تصريحاته، وذلك في ضوء سياسة التهويد التي تنتهجها اسرائيل في المدينة المقدسة : حيث الاستيطان يبتلع المزيد والمزيد مما تبقى من الأراضي الفلسطينية في القدس، دون أن توضع هذه القضية في مكانها المناسب من اهتمامات الراعي الأميركي، والمجتمع الدولي عامة.
الحكومة الاسرائيلية تعلن بانتظام، وبشكل روتيني، عن مخططات للتوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وتركز بصورة خاصة على مدينة القدس، وكأنها في سباق مع الزمن لتهويد المدينة وإحكام الطوق الاستيطاني من حولها. هذا مع استمرار المفاوضات التي لا يبدو أنها توفر الضغط الكافي، أو حتى غير الكافي، لردع الحكومة الاسرائيلية عن مواصلة عملية التهويد أو في الأقل تجميد هذه العملية حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يضع حدا للظاهرة الاستيطانية ويستأصلها من جذورها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :هل الولايات المتحدة- بكل قوتها ونفوذها وتأثيرها- عاجزة حقا عن وقف الاستيطان وتجميده؟ وهل اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة من القوة بحيث يهيمن على القرار السياسي الأميركي في الشرق الأوسط؟.
قد تكون هذه أسئلة ساذجة، لكن طرحها في الوقت الذي ترعى فيه واشنطن ما توصف بعملية سلام يفترض أنها تقوم فيه بدور نزيه يفرض طرح مثل هذه الأسئلة لأن التوصل إلى اتفاق- إن تم أصلا التوصل إليه، وهو من المشكوك فيه لدى جميع الأطراف- سيعني ضمانة تنفيذه. والتجارب السابقة مع اسرائيل عند تنفيذ، أو بالأصح عدم تنفيذ، اتفاقات من نوع إعلان أوسلو الذي ضمنته الولايات المتحدة ووقعت على ضمانته في البيت الأبيض عام 1993، أثبتت أنه حتى الضمانة الأميركية لا تكفي لتقوم اسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق. ومثل ذلك يقال عن اتفاق واي ريفر وإعلان أنابوليس.
وليس أدل على أن عملية التهويد في القدس، رغم المفاوضات ورغم تصريحات وزير الخارجية الأميركي، متواصلة بشكل منتظم وعلى قدم وساق من التقارير التي تحدثت أمس الأول عن مسارعة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في بلدية القدس في تسريع إقامة ما يزيد عن 2300 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة رامات شلومو الواقعة شمالي القدس، والمقامة على أراض فلسطينية مصادرة من بلدتي بيت حنينا وشعفاط. وتفيد هذه التقارير أن موعد طرح عطاءات بناء هذه الوحدات السكنية سيطرح قبل يوم العشرين من شهر كانون الثاني الجاري.
وهناك مخطط لإحكام الخناق الاستيطاني حول المدينة المقدسة من الشمال بربط رامات شلومو بمستوطنة راموت المقامة على أراضي بيت حنينا وبيت إكسا. ومع اتصال هذه المستوطنة برامات أشكول فإن الطوق سيكتمل حول مدينة القدس من الشمال تماما، ولن يعود هناك أي مجال للامتداد العمراني الفلسطيني من داخل القدس نحو تلك الجهة. ولا ننسى أن الامتداد نحو الشرق والجنوب له من المخططات التي نفذت وستنفذ ما سيوقفه تماما، ويعرقله نهائيا.
فهل تستطيع المفاوضات وقف التوسع الاستيطاني وتضع حدا لتهويد القدس؟ هذا هو السؤال المطروح أمام المتفاوضين الفلسطينيين والاسرائيليين وقبل كل شيء أمام الراعي الأميركي الذي يبدو متفائلا مسبقا بنتائج المفاوضاتدون أن يوضح ما آلت إليه حتى الآن أو متى سينكشف مستورها ويتضح للعالم غموضها ومجهولها.
من أجل فلسطين...الحلم والأمل
بقلم: ظافر يحيى صندوقة – القدس
شرعت صحيفة «القدس» الغراء أبوابها وصفحاتها وجندت العاملين لديها لتلبية احتياجات المواطنين المرضى والمحتاجين وأصحاب الحاجة، لتنقل صرخاتهم ونداءاتهم للمسؤولين ولأصحاب الضمائر الحية الميسورين من ابناء هذا الوطن المعطاء وكذلك لطلبة العلم الذين يبحثون عمن يأخذ بأيديهم لبر الامان.
لو أمعنا النظر وأجرينا احصاءات لهذه الصرخات والنداءات لنجد ان معظمها ينحصر في عدد قليل من المطالب مثل من يبحث عن كرسي كهربائي، او من يسأل عن طابعة «بريل» للمكفوفين او قوقعة للسمع او مريض بحاجة لعملية جراحية او من يبحث عن دواء مفقود او غالي الثمن، او طلاب يرغبون بمواصلة تحصيلهم الجامعي.
تناول الكاتب الاستاذ ابراهيم شعبان هذا الموضوع وطالب السلطة الوطنية بعمل تأمين وطني فلسطيني لكي يبتعد هؤلاء عن الاستجداء، ولأن العلاج والتعلم حق لكل مواطن، وهكذا تعمل الدول الحديثة بمجانية التعليم والعلاج لمواطنيها، وبما اننا في بداية الطريق في بناء الدولة المستقلة.
انني أرى انه على وزارة الصحة الفلسطينية ووزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية حل هذه المعضلات، فعلى سبيل المثال لو احصينا عدد المقعدين من ابناء الوطن المحتاجين لكراسي كهربائية وقامت الوزارة باستيرادهم بشكل مباشر ودون وسطاء او سماسرة او تجار، فبهذا توفر الحكومة مبالغ كبيرة من ميزانيتها، وهذا ينطبق على عدة اجهزة طبية مطلوبة.
وبخصوص المرضى الذين يحتاجون لعمليات جراحية يتم التعامل معهم سواء بتحويلهم للمستشفيات فنرى احياناً ان البعض منهم يتم تحويلهم الى مستشفيات محلية وآخرون يتم تحويلهم للمستشفيات الاسرائيلية او خارج البلاد مما يزيد الاعباء على ميزانية الحكومة.
اما بخصوص طلبة العلم فأرى ان تتكفل وزارة التربية والتعليم العالي بتوفير مقاعد للطلبة المتفوقين وليكن المعدل الادنى لكل طالب 80٪ مما فوق وضمن رسوم رمزية او بإعفاء كامل.
كانت هناك عدة مبادرات لإنشاء صندوق الطالب الجامعي لمساعدة الطلبة وهنا ارى ان يكون هذا الصندوق الممول الرئيسي لكافة الطلبة دون تشتيت للمصادر والجهات وأن تصب الاموال والمنح المقدمة من الجهات الخارجية فقط في هذا الصندوق، بحيث لا يتعرض الطالب لشروط من هنا وهناك.
وأخيراً كل التحية والتقدير لتلك الايادي البيضاء من ابناء شعبنا التي تلبي نداءات وصرخات المستغيثين وتقدم لهم المساعدة والعون وتأخذ بأيديهم الى بر الامان.
تصريحات إسماعيل هنية:خطوة حكيمة وفي الاتجاه الوطني الصحيح
بقلم: د. أحمد يوسف – القدس
منذ آب الماضي، والتصريحات التي يطلقها الأخ إسماعيل هنية؛ رئيس الوزراء في حكومة غزة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تحمل نبرة تصالحية ولغة خطاب بمفردات إيجابية، وتقدم إشارات ومبادرات بمضامين توافقية، وتعبر عن تفهم وإدراك لطبيعة المأساة وواقع الحال الفلسطيني المتردي؛ سياسياً ومالياً، إقليمياً ودولياً، وتعكس الوعي بضرورة التحرك السريع لإنقاذ السفينة قبل أن يبتلعها بحر الظلمات وتغرق في سديم مجاهله العميقة، وتضيع بذلك قضيتنا وكل موجودات حياتنا في دروب التيه والمهالك.
لا شك أن هذه الخطوة قد انتظرناها طويلاً، وهي حتى وإن اعتبرها البعض جاءت متأخرة إلا أنها القرار الصائب والحكيم، وهذا يقطع الطريق أمام المشككين، ويفتح باب الأمل لشعبنا المسكين، والذي ضاق ذرعاً بالانقسام وبالحزبية المقيتة وبالإهانات التي يتلقاها بشكل يومي؛ سواء من جيش الاحتلال أو من أجهزتنا الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن الجدير ذكرة؛ أن اللقاءات التي أجراها الأخ إسماعيل هنية (أبو العبد) خلال الشهور الثلاث الماضية مع فصائل العمل الوطني والإسلامي، ومع رؤساء منظمات المجتمع المدني، وكذلك مع الصحفيين والأكاديميين والمفكرين، واستمع إليهم وتبادل معهم الرأي والمشورة بروح أخوية وشعور عالٍ بالمسؤولية، إضافة الى نقاشات الحركة داخل إطاراتها الشورية ومكاتبها السياسية، هي - في الحقيقة - من هيأت الأجواء، ومهدت لفتح الطريق لمثل هذه الخطوة الذكية والموقف الحكيم..
إن هناك الكثير مما سوف يقال وما ستكتبه الأقلام خلال قادم الأيام، ويبقى كما قال الزعيم الألماني بسمارك: "إن القائد المحنك هو الذي يشتم قدوم الخطر (The Hoofbeats of History) ويتجهز له قبل وصوله"، حيث تقتضي الفطنة والذكاء السياسي أن لا تنتظر الحركة أو الحكومة لحظة الحشر في الزاوية، حيث تتعذر مع الضغوطات فيها القدرة على المناورة، بل عليها أن تتحرك وهي في دائرة الفضاء الأوسع من حيث الزمان والمكان، وأن تُقبل على تقديم العروض والمبادرات التي تغري وتسد الطريق أمام ذرائع التمنع والرفض.. لذا؛ ليس ضعفاً أو مهانة أن يقدم القائد والمسؤول على تقديم تنازلات لأبناء وطنه، والبحث عن التوافق والخلاص من أجل حماية مصالح شعبه وأهدافه الوطنية العليا، بل إنَّ ما يعيب هو أن نترك الوطن يضيع، وأن نسمح لعدونا أن يستبيح أرضنا وديارنا، وأن يلعب على حبل خلافاتنا الداخلية، وأن يستفرد بنا واحداً بعد الآخر، كتلك الرواية السردية في أدبياتنا الشعبية: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
إن المطلوب منا بدل غلظة القول وتنابز الألقاب وتبادل الاتهامات أن يعمل كل منا جهده كي يشدِّ من أزر أخيه، وأن يقديم كل ما يعزز موقفه ويرفع من منسوب معنوياته وثباته.. إن السلطة مأزومة في وضعها السياسي وما يجري من مفاوضات لا تبدو فيها نزاهة جهة الوساطة ولا يتوقع أحدٌ عدالتها، وهذا يستدعي منا أن نقف خلف الرئيس أبو مازن، وأن نعينه على إحسان التسديد والمقاربة في مواقفه، كي نظهر أمام العالم بأننا شعب واحد ولنا قيادة واحدة، وأن الرئيس أبو مازن – مهما بلغت صلاحياته - لن يستطيع الخروج أو التمرد على موقف يرفضه الاجماع الوطني، ولا أعتقد أن قياديا مخضرما مثله يمكن أن يتحدى الجميع، ويتخذ موقفاً منفرداً تبدو فيه "شبهة التفريط" واضحة بالحقوق والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، فالرجل مدرك بالتزامه الديني، ووطنيته النضالية، وخبرته التاريخية أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وهي تسكن – بأبعادها الإسلامية والقومية - في عقول ووجدان جميع شعوب المنطقة، وأن التاريخ لن يرحم سيرة أو مسار أي زعيم يسمح للمحتل بموطئ قدم فيها على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية.
كما أننا اليوم - وأكثر من أي وقت مضى - بحاجة ملحة لهذه الخطوة التي اتخذها الأخ أبو العبد، حتى نحمي كرامة الفلسطيني في قطاع غزة ونحفظ هيبته، بعد أن طال الحصار على أهلنا فيه، وتكالب الجميع بالعمل للضغط عليه، بهدف تركيعه وكسر إرادته.. إن غزة مأزومة ومكلومة، ونحن جميعاً في أمسِّ الحاجة لطي صفحة الماضي والتعافي من رغبات التشفي، حيث عوَّدتنا طبيعة هذا الشعب العظيم أنه صاحب مروءة ومواقف تظهر عند الشدة وفي مواجهة الأعداء.
إن كلمات الأخ أبو العبد وتصريحاته المعبرة بصدق عن توجه أخوي لكي يتوحد الصف، ونتمكن معا من حماية مستقبل شعبنا وقضيتنا، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن نرى مقابل هذا الشبر أو الذراع الذي تقربت به غزة وحركة حماس باتجاه رام الله والرئيس أبو مازن أن يتحرك إخواننا في الضفة الغربية باعاً أو أن يأتي الرئيس - الذي انتظرناه طويلاً - زائراً إلى غزة.
أتمنى ألا يُساء فهم هذه التصريحات، ونشهد غداً تحرك بطانة السوء لوضعها في سياق تفسيرات الأزمة السياسية مع الشقيقة مصر وسوريا وإيران أو النظر إليها من جهة الأوضاع المالية الخانقة التي يمر بها قطاع غزة.. إن أمانة المسؤولية الوطنية توجب علينا جميعاً ألا نكرر أخطاء بعضنا البعض، وذلك بمراهنة كل طرف – من حين لآخر - بأن الوقت يعمل لصالحه، وأن "الكرة في ملعب الآخر"، وأن إمكانيات الفوز هي في استمرار المراوغة وانتظار لحظة استسلام الخصم.!!
إن هذه الفرصة تأتي في ظروف تاريخية هامة ولحظة وطنية فارقة، وهي توجب على الأخ الرئيس أبو مازن اقتناصها، وعدم تفويتها، باعتبارها سهماً في كنانته، "سنشد عضضك بأخيك" وأن عليه الاستثمار فيها بتحسين موقفه التفاوضي وتعزيزه، بشكل لا يسمح لإسرائيل وأمريكا بالتفرد به تحت ضغط الانقسام البغيض، والظروف المالية الصعبة، وسطوة جيش الاحتلال الأمنية، وحالة الضعف والهوان التي عليها الأمة .
لقد تواصل معي الكثير من الإخوة في حركة فتح - في الداخل والخارج - معبرين عن فرحتهم وارتياحهم لتلك التصريحات، آملين أن تكون الأيام والأسابيع القادمة هي عودة الوئام ونهاية الأحزان.
قولوا معي: آمين..آمين
كيف يكون المتهم بالتعذيب مستشارا للشئون العربية؟!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
المدعو الكابتن جورج ( دورون زهافي ) والذي سمح بالكشف عن اسمه مؤخرا، أبشروا يا مقدسيين قد عين مستشارا للشئون العربية عند قائد منطقة القدس بعد أن كان يعمل في بلدية القدس - نير بركات وقبلها في الوحدة الخاصة للمهام الخاصة. هذا المتهم بتعذيب مصطفى ديراني رجل أمل القوي اللبناني الذي اختطف من جنوب لبنان للتحقيق معه بشأن مصير رون أراد الطيار الإسرائيلي المفقود، يعين كمستشار للشئون العربية لأنه غدا خبيرا بها وفهمها وفهم كيفية التعامل مع الشعب العربي الفلسطيني المقدسي . هذا الضابط المرحب به إسرائيليا وفخرهم، والمتهم بإيلاج عصا في مؤخرة وإست مصطفى ديراني وتعريته وإذلاله وضربه بل وفعل الفاحشة معه أثناء التحقيق معه، يعين مستشارا للشئون العربية، فكيف يكون هذا، وعن ماذا ينبىء، وأي فكر يقر هذا وما هي الرسالة خلفها؟!
التعذيب أكثر أنواع السلوك الرسمي قذارة وسوءا ودناءة، يقوم به موظف عام أو رجل أمن مع شخص آخر تحت سلطته، باستعمال سلوك ينتج ألما شديدا جسديا أو نفسيا للمعذب من أجل الحصول على معلومة أو اعتراف منه أو من غيره. وعادة ما يكون المعذب ( بفتح الذال ) يحوز القوة المعنوية والإيمان بعدالة قضيته، أما المعذب ( بكسر الذال ) فيحوز جميع مظاهر القوة المادية ويستعملها لكسر إرادة المعذب. فالأمر صراع بين إرادتين غير متكافئتين.
من هنا أجمعت دول العالم ولو نظريا على الأقل على حظر وتجريم التعذيب بكل أشكاله وأنواعه. فالمحققين يزعمون زورا وبهتانا بجدوى التعذيب ويروجون له، والحقائق تكذب هذا الزعم، بل تشير إلى أن التعذيب خلق مآس إنسانية غدا إصلاحها مستحيلا. لذلك سنت الأمم المتحدة ميثاقا لمنع التعذيب حيث دخل حيز التنفيذ لمن انضم إليه من الدول فقط. وقد انضمت إليه إسرائيل في بداية التسعينيات، ولكن هذا الإنضمام لم يقد إلى محاكمة شخص كدورون زهافي ( الكابتن جورج - الإسم التنكري لرجال المخابرات الإسرائيلية ) المتهم بممارسة التعذيب مع مصطفى ديراني اللبناني من حركة «أمل».
التعذيب مثل الإستيطان غدا جريمة دولية من جرائم الحرب ومن الجرائم ضد الإنسانية التي جرمها ميثاق روما لعام 1998 الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية والتي مقرها لاهاي في هولندا. إلا أن يد العدالة الدولية قاصرة عن أن تطال شخصا مثل الكابتن جورج وتقديمه لمحكمة دولية وبخاصة أن الدولة الإسرائيلية لم تنضم لميثاق روما بل ترفض الإنضمام إليه، تماما كما فعلت سيدتها في البيت الأبيض.
وحتى ما يسمى بالإختصاص العالمي لملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية وبخاصة في الدول الأوروبية فشلت في تعقب وملاحقة شخص مثل دورون زهافي وسمحت له الإفلات بفعلته، وشجعت غيره على الإستمرار بأفعاله المناهضة للإنسانية وارتكاب أبشع أنواع السلوك قاطبة ألا وهو التعذيب.
وقطعا إسرائيل وسلطاتها لم تقدم دورون زهافي لمحاكمة عادلة بتهمة التعذيب، وتخلت عن واجبها الأول بموجب معاهدة منع التعذيب التي انضمت إليها، بل قامت بترقيته وترفيعه وغدا يشغل مناصب رفيعة كلها تتصل بالمواطن العربي المضطهد، وليس بالمواطن اليهودي. فهو الخبير بالعرب وكيفية الحصول على المعلومات منهم وأصبح على دراية كافية بذلك على مر الزمان عبر استعمال وسائل خلاقة ومبدعة في خياله المريض. غير مفهوم الهدف الذي انضمت إليه إسرائيل لمعاهدة منع التعذيب ما دامت غير راغبة في تطبيقها على جميع عناصر أجهزتها الأمنية أولا وقبل كل شيء. أم أن الموضوع يتخلله تمييز عنصري، أم أن الأمر برمته مجرد مسحوق لتجميل الوجه القبيح؟!.
وإغراقا في المغالاة بزعم الطهارة والبراءة، قام الكابتن جورج برفع دعوى تعويض على السلطة الإسرائيلية لتعويضه عما تسببت له من آثار نفسية ضارة من حيث ملاحقته والتخلي عنه. ونسي الجميع ان جزاء المعذب يأخذ صورتين واحدة جزائية والأخرى مدنية. وحتى الشكل المدني بالتعويض لم يستطع مصطفى ديراني الحصول عليه من الدولة الإسرائيلية التي تشغل واحدا مثل دورون زهافي في دوائرها. وقطعا لم يحصل عليه من دورون زهافي الذي انتحل اسم الكابتن جورج.
صحيح ان أكبر المشاكل التي تواجه التعذيب إثباته، وهذا يجعل الفاعلين يفلتون من عقابه نظرا لصعوبة الإثبات. فالتعذيب يتم في أماكن نائية أو تحت الأرض حيث لا يصل إليها الكثيرون، ويتم من محققين يحملون أسماء تنكرية وغير حقيقية بزعم حمايتهم من الإنتقام منهم وبالتالي لا تعرف هويتهم الحقيقية، ويتم بأساليب لا تترك آثارا جسدية على المعذب وحتى أنه يتم بإشراف طبي صحي. ولكن حقيقة الأمر ان أية دولة تحترم نفسها وتحترم حقوق الإنسان الذي يقف على رأسه الحق في الحياة تستطيع بقليل من المثابرة وقليل من الجد أن تكتشف من يمارس التعذيب في سجونها إن لم تقف الإرادة السياسية خلفها ذلك أن لديها من الوسائل والآليات لتقطع دابر التعذيب للأبد. لكنها مصلحة الأنظمة التسلطية الإستبدادية الإحتلالية في استمرار سيف التعذيب مصلتا فوق رؤوس الأحرار المقاومين.
وبعد كل الممارسات البشعة التي يمثلها الإحتلال ضد الشعب العربي الفلسطيني المقدسي يأتيك من يزعم أن هذه دولة ديموقراطية بل واحة الديموقراطية في المنطقة التي تمثل التعايش في المنطقة. والدليل الصارخ على ذلك تعيين أشخاص عرف عنهم كراهيتهم أو شراستهم أو اضطهادهم أو تعذيبهم للعنصر العربي في مواقع المسئولية الرسمية، وعدم التعامل مع الشعب العربي الفلسطيني كوحدة سكانية بشرية ثقافية لها لغة وقيم وأمان مشتركة بل بشكل ذيلي تبعي. وتمعن في تجاهل الوقائع طمعا في إنجاز سريع يزول مع أول نسمة.
لقد مل أهل القدس ممارسات رجال الشرطة والعبث بأمنهم، وملاحقات شرطة التأمين الوطني لمصادرة حقوقهم، ومتابعات مخابرات وزارة الداخلية لحرمانهم من الإقامة في أرض الآباء والأجداد، ومراقبات بلدية القدس-نير بركات لتعذيب أهل القدس في الحصول على رخصة بناء. حلوا عنا فقد قرفناكم!!
سياسة تمييز عنصرية في كل القطاعات المقدسية يشرف عليها عسكريون بلباس مدني أمثال الكابتن جورج أو غيره فالبناء موضوع تمييزي، والتأمين الوطني تمييزي، وحتى الإقامة وليس المواطنة تمييزية. أما المخدرات والفقر والتشرد فلا أحد يلاحق ولا يكترث به. ولسان حال المسئولين الإسرائيليين يقول فليذهب المقدسيون الفلسطينيون العرب للجحيم .
حتى يعود للعراق حضوره العربي...
بقلم: يوسف مكي - القدس
ليس سراً، ما يعانيه العراق، من جرائم سياسية مركبة، ليست التفجيرات في المدن الرئيسية، في قلب الأسواق والأماكن العامة المكتظة بالسكان سوى واحد من مظاهرها . ولا يمكن عزل ما يجري الآن من أحداث جسام في هذا البلد العريق، من دون ربطها بالاحتلال وبالتسويات السياسية التي أعقبته . وطبيعي القول إن عراقاً قوياً كان دائماً وباستمرار بالضد من مصالح القوى الإقليمية والدولية .
الاحتلال الأمريكي، للعراق عام 2003 لم يستهدف النظام فحسب، كما هي عادة الاحتلالات الاستعمارية التقليدية، ولكنه تبنى استراتيجية، هدفت إلى هدم الدولة العراقية، وتخريب مؤسساتها . وكان حل الجيش العراقي، الذي ارتبط بالدولة الوطنية الحديثة، التي تأسست عام 1920 هو أول خطوة في اتجاه تدمير العراق، ومصادرته كياناً وهوية، وتغيير المعادلة الديمغرافية (السكانية) فيه.
القوى العراقية التي ساندت الاحتلال، انقسمت إلى شطرين . شطر موالٍ بالتمام لإيران، وعماده المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة، وهو حزب أسس في عهد شاه إيران، والهدف من تأسيسه هو تحقيق اختراق سياسي، موالٍ للشاه في الخليج العربي . وحين أطيح بنظام الشاه، أدار الحزب له ظهر المجن، وانتقل في موالاته للنظام الجديد .
المعارضة الأخرى، للنظام نشأت في الغرب، ورموزها كثر، لعل أهمهم إياد علاوي، وأحمد الجلبي، وتضامنت معهما قيادة الإخوان المسلمين، بقيادة طارق الهاشمي الذي تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، قبل أن يحتدم الصراع بينه وبين الخط الإيراني، الذي يقوده رئيس الحكومة حالياً نوري المالكي .
أفصحت المؤشرات التي ارتبطت بخريطة حظر الطيران في الشمال والجنوب، أثناء الحصار الذي فرض على العراق، إلى نية إدارة الرئيس بوش، بل كلينتون تقسيم العراق، إلى ثلاثة أقسام . وكان نائب الرئيس الأمريكي حاليا، جوزيف بايدن قد تقدم للكونغرس الأمريكي، بمشروع تقسيم العراق، ووافق الكونغرس على المشروع بأغلبية الأصوات، لكن القرار اعتبر غير ملزم للإدارة الأمريكية.
في ظل الاحتلال، أصبح انشطار الجزء الشمالي من العراق، المعروف بمنطقة كردستان، أمراً واقعاً، وغدا الإعلان عن انسلاخه الكلي عن المركز، مسألة وقت، ورهناً بتوافقات إقليمية ودولية ليس إلا . ولم يتبق سوى قيام الإقليم الجنوبي، الذي تأجل تنفيذه لأسباب موضوعية، أهمها أن النظام في المركز متحالف مع طهران .
انسحب الجيش الأمريكي من العراق، تحت وطأة ضربات المقاومة العراقية، وأيضاً بفعل الأزمة الاقتصادية القاسية في أمريكا، التي برزت بعد ما عرف بأزمة الرهن العقاري . وقد ضمن الأمريكيون مصالحهم في العراق، من خلال توقيع جملة من الاتفاقيات النفطية والأمنية .
والمؤكد أن عراقاً مفتتاً سيبقى باستمرار هدفاً أثيراً لإيران، سواء كان في السلطة مؤيدون لها أم معارضون . لم يكن فصل الجنوب، وإقامة دولة شيعية فيه ممكناً، طالما ظل حلفاء إيران مهيمنين على السلطة بالمركز، وكان البديل هو تشكيل الإقليم السني، الذي يضم الأنبار ومحافظة صلاح الدين: تكريت وسامراء وبعقوبة . ويضاف إليهم الموصل والجزء الشرقي الجنوبي من بغداد . لكن ذلك، في نتيجته سيقطع الطريق الاستراتيجي البري الموصل إلى سوريا ولبنان، فالبحر الأبيض المتوسط .
الانتفاضة الحالية في الأنبار، مركبة ومعقدة، لكن القراءات الجزئية تتكامل مع بعضها في النهاية، لتؤكد رفض العراقيين: للفساد ولهيمنة عملاء طهران وبقايا نفوذ الاحتلال على الحكم، ويأتي ذلك متزامناً مع الرغبة في إنهاء إفرازات الاحتلال . وهنا تتداخل المصالح وتتقاطع الإرادات .
يمكن القول إن الوضع السياسي في العراق، قد تبدل جوهرياً بعد الاحتلال، وأصبح تكاثر وجود الأحزاب، أشبه بمزرعة الأرانب . بعضها تأسس في المنفى وبعضها الآخر، تشكل بعد سقوط بغداد . والقليل منها كان قائماً وموجوداً فعلياً على الأرض كالأحزاب الكردية .
الأحزاب المرخص لها، لا تعكس بالضرورة وجوداً حقيقياً على الأرض . فحزب البعث، الذي قاد السلطة الوطنية حتى عشية الاحتلال عام 2002 لا يزال يعتبر القوة الأكثر تنظيماً وربما عدداً في العراق . ومن دون مشاركته في السلطة، فإن من غير المتصور قيام عراق مستقر . ويتعاطف مع الحزب عدد من المناهضين للاحتلال..
وأوضاع العراق أشبه برمال متحركة، تحالفات تنشأ وأخرى تختفي . والخصومة التاريخية، بين طرفي المعارضة السابقة: معارضة إيران ومعارضة الغرب، أخذت تتسع . وقد وجد إياد علاوي وكثير من المعارضين للسياسات الإيرانية في العراق، فرصة في انتفاضة الأنبار الشعبية، لكي يستثمروها، ويلتحقوا بها .
ما يجري الآن في الأنبار هو صراع إرادات، ومعركة كسر عظم، بين تنظيمات المعارضة السابقة . واعتقال النائب العلواني في محافظة الأنبار هو أحد تجليات هذا الصراع . والخشية هي اتجاه الأوضاع لقيام إقليم مستقل، فيما يعرف بالمثلث السني . وهو ما عبر عنه عدد من نواب المحافظة في البرلمان العراقي .
مطلب التقسيم، سيكون عبئاً آخر، على الأعباء التي تنوء بحملها أرض السواد . فهو سيكون استكمالاً لمطلب تفتيت العراق، إلى ثلاثة كيانات كرتونية . والإقليم إن حدث التقسيم، لا سمح الله، لا يملك مقومات الدولة الحديثة، بكل المقاييس . فهو بلد فقير يمثل معظم الصحراء العراقية، وتنقصه الثروة . وهو أقل المحافظات العراقية، من حيث الكثافة السكانية، وأكثرها اتساعاً في المساحة . وسيكون محاطاً، بما يشبه الكماشة من كل الجهات، بأنظمة معادية له . وسيكون عقبة كأداء، الآن وفي المستقبل في الحد من العمق الاستراتيجي للعراق وسوريا، على السواء .
وحدة العراق هي الأساس، ومواجهة التدخلات الإقليمية، شرطها وقوف كل العراقيين خلف برنامج وطني، يقضي على الإرهاب ويحقق الأمن والسلام، ويوقف عمليات التخريب والتفجير، ويضمن المساواة والتكافؤ، ويحارب الفساد والمحسوبية، ويؤمن لشعبه الأمن والتقدم والرخاء . ويعيد للعراق حضوره العربي، الحضور الذي رافق مسيرته منذ فجر التاريخ .
تغريد خارج السرب ..!!
بقلم: يونس العموري – القدس
" خراريف وتخاريف ... " تلك التي تطالعنا صباح مساء وما تحمله عناوين المرحلة بكل حيثياتها ومكوناتها ، حيث الارتجال والتخبط بكل ما يتصل بالشأن العام المُعتمد اصلا على ردات الفعل غير المحسوبة حيث بات العمل السياسي الى حد كبير ينتظر القادم من الاخر بعيدا عن امتلاكنا للإستراتيجية التي من المفروض انها تحدد آليات العمل السياسي ومناهجه وبالتالي ادواته بشكل او باخر ، ولابد من اعادة الحصان امام العربة لا ان تبقى العربة هي التي تتصدر المشهد العام .
هي " الخراريف والتخاريف "حيث الكلام الاجوف غير المعبر عن الحقيقة وشطحات القول المنطلق من عقول ليس لها ارتباط بمعايير نبض الجماهير. وهي وقائع الفعل السياسي الراهن الذي اصبح ينطوي بكثير من الاحيان على مقاييس ليس لها علاقة بالحدود الدنيا باصول الفعل السياسي عموما في ظل وقائع القضية التحررية التي رسخت قواعدها ومعاييرها ومقاييسها من خلال قوانين الفعل الجماهيري الشعبي بعيدا عن احترافية العمل السياسي ومنطلقاته ومناهجه حتى العلمية حيث التجربة وقواعد الاشتباك والإبداع الجماهيري عموما وما تفرضه المرحلة ومتغيراتها على اساس الحق بتقرير المصير والسيادة والتحرر والتحرير .
هي ( خراريف ) نستمع اليها مجبرين مقهورين ونحاول جاهدين ان نحلل الكلام ولو بشيء من المنطق فنجد ان المنطق بعيد كل البعد عن امكانية تحويل هذه ( الخراريف ) الى نقاط ارتكاز من الممكن الاعتماد عليها في مواجهة تحديات المرحلة وما يفرضه الاخر من وقائع بالقوة على خارطة التعاطي السياسي .
هي ( خراريف ) اصبحت تشكل سمة من سمات عصر والاسواق تفتتح مزاداتها بكل الاوقات وبورصة المتاجرة بالمواقف احدى اهم مكونات هذه الخراريف التي ستأتي اقناعا واقتناعا بشكلها الراهن لممارسة اعتى اشكال الاقناع بصحة هذه (الخراريف) لتتحول الى منطق يتم التسويق له في منظومة الوعي الشعبي العام .
ويكون ان يأتينا بنافل القول والقبول بما كان بالامس محرما وقد نستوعب او نتفهم التكتيك وللتكتيك اصوله وقوانيه وفقا لأليات عمل متناغمة متناسقة عموما والتغريد خارج السرب جزء من الارباك والارتباك. وبهذا السياق فأن ثمة تغاريد كثيرة متناقضة منطلقة من ما يسمى (بمؤسسة التغريد) الحصرية للواقع الراهن.
وحيث ان (الخراريف) قد صارت جزءا من اللعبة وانها بالفعل لعبة يتم التعامل معها باسلوب «الاكشن» تارة وباسلوب الاثارة تارة اخرى وقد يتصدر المرحلة الدراما الساخرة التي تعبر عن حقيقة افلاسية لما يمكن ان يتم التقدم به وتبقى الاساليب واحدة بالكيفية التي من الممكن ان يتم التعاطي معها وبها بصرف النظر عن وقائع التوتر والتوتير والمطالبات الشعبية الجماهيرية ليس مع الحقوق وما يسمى بالثوابت بل وايضا مع مستجدات الحقائق الراهنة والقبور تستقبل القتلى بازهايج تراثية وبحركات قد صارت جزءا من مكونات المشهد وبحرق الاطارات وسقوط المزيد من القتلى على بوابات المدن التي من الممكن وبشكل مجازي ان تنتفض وانتفاضتها مسيطرا عليها ولابأس من فشة الخلق والصراخ والتنفيس للعودة الى التوازنات والرواتب بالمصارف عصر هذا اليوم وستكون كاملة مكتملة .
والاطفال ينسحبون من الشوارع ليعودوا للإستجداء بحجة البيع والشراء وممارسة المهنة والتجارة مشروعة والمتاجرة باللحم الحي جزء من اللعبة ايضا .
هي ( خراريف) الاحتواء والسيطرة على صناعة القرار من خلال التحكم بصيغة مفهوم ذات القرار والمصلحة تُقضي ايضا بنوع معين من المتاجرة بالمواقف وللمواقف هنا الكثير من الحكايا الممزوجة بفنون التجارة والمتاجرة الاقليمية والدولية لتقديم حسن السلوك لنيل العطايا من هنا او هناك والعبور الى الاندية الدولية والاشتراك بالتخطيط الاقليمي واعادة ترتيب المرحلة والمنطقة والقفز على مكونات المُراد جماهيريا وشعبيا وتسويق ما يُراد له ان يكون اقليميا ودوليا من خلال ارادة اللاعبين الكبار على الساحة وان كان من ثمن فالاثمان مودعة في حسابات التكتلات والمحاور المتبدلة والمتكونة بفعل المتغيرات الراهنة واسقاط وسقوط الرؤوس الكبيرة من علامات الساعة التي قد دنت مواقيتها. تلك الساعة التي تنذر بسيطرة الغوغاء على المشهد ومحاولة تقديم انفسهم بكونهم الاحرص على الحق والحقوق وبالتالي لابد من فعل الاندثار لكل الموروثات القديمة التي اصبحت بأعرافهم واحدة من معوقات التقدم بالشيء الجديد الذي يراعي منطق قوانين اللعب السياسي على الساحة وفقا لأجندات الامراء والتغير والمتغير والتمهيد لحكم الارشاد والمرشد ولأولي الامر بحكم الاسلام السياسي الكثير من المسوغات التي من الممكن تقديمها.
هي ( خراريف) البلطجة والزعرنة التي باتت اهم العناوين المتصدرة للمشهد في ظل غياب تام لمنطق العقلنة والتعقل والرصانة، والمسلكية صارت بضاعة مفقودة فاقدة لقيمتها في مبايعات العصر الجديد ... وهذا البلطجي تراه هو من يصنع منظومة الوعي ( لمعلمه ) الاسم الجديد في عوالم الفعل السياسي الراهن ... (المعلم) باللغة العامية المحكية بمعنى ان ارادته فوق الارادة الجمعية الجماعية وحينما يريد (المعلم) فالكل سيعمل على تنفيذ الرغبات وان كان للحارس الشخصي او البلطجي الكثير من التأثير هنا حيث هو البوابة الفعلية لعقلية هذا المعلم او ذاك المتعلم وبالتالي لابد من احكام السيطرة على السيد الجديد القادم الى عالم صناعة القرار للسياسي المتنفذ من خلال البلطجي المتصدر للمشهد الان بكل ساحات الفعل والتأثير .
مرة اخرى نحاول دق الناقوس لنقول ان هذه ( الخراريف) باتت السمة والعنوان الابرز على مسلكيات العمل السياسي الذي من المفترض انه منطلق من قواعد المقاومة مفتوحة الخيارات التي تحمل في جعبتها اجبار حكومة تل ابيب على الانصياع لارادة هذا الشعب الذي ما زال طامحا طامعا بحقوقه .. وعلى استعداد دائم لإستقبال الجنازات للقتلى بصرف النظر عن الكيفية التي من خلالها يقتلون وان تعددت الاسباب فالقتل واحد والقبور ستحتضن الايقونات الجديدة على طريق الخلاص ... ولابد لهذه الخراريف من ان تتوقف ووقوفها منوط بنبذ جهابذة التخريف .
المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً"
بقلم: حسن البطل – الايام
في المثل الشعبي الفلسطيني ذي المحملين "إن شتّت (أمطرت) أو ما شتّت" غير ما في "إن نجحت (المفاوضات) أو لم تنجح". المحمل الأول للمثل: لا يهمني ولا أبالي إن أمطرت. المحمل الثاني: إن أمطرت أو لم تمطر عليّ أن أقوم بعملٍ ما، مهمّة ما.
ماذا إن نجحت المفاوضات أو لم تنجح؟ إذا نجحت فهذه معادلة مختلّة بين كفّة ميزان الحقوق وكفّة ميزان القوى!
إن لم تنجح، فهذا يعني ما كان يعنيه عرفات: "ليس كل طير يؤكل لحمه"، أي أن "عضلات" المفاوض الفلسطيني ليست في قوة عضلات المفاوض الإسرائيلي، لكن للمفاوض الفلسطيني عظاماً قوية. (سلامة عظام الطفل أهم من رخاوة عضلاته، فالعلّة في العظام تقود إلى الكساح، لكن عظاماً قويّة تعني بناء عضلات مفتولة)!
في محاكمة المفاوض الفلسطيني أنه "ساذج" كما هو الحكم عليه في مفاوضات إعلان مبادئ أوسلو (قال بيريس: كأننا نفاوض أنفسنا) لكن، في الحقيقة كان المفاوض الفلسطيني يستدرج الإسرائيلي، لأن كفة ميزان القوى والواقع كانت لصالح الإسرائيلي.
مثال: بعد أن اقترح الفلسطينيون غزة + أريحا وقبل الإسرائيليون المبدأ، قال المفاوض الفلسطيني: نحن نفهم من أريحا أنها تشمل محافظة أريحا، فطلب رابين إنهاء عملية التفاوض كلها.. وفي النتيجة قبلنا رفع علم ووضع شرطي على جسر اللنبي (اقرأوا مذكرات أحمد قريع ـ أبو علاء).
في مفاوضات أوسلو 2 بالقاهرة، لتوسيع صلاحية الحكم الذاتي إلى مدن الضفة، أثار عرفات أزمة في اللحظة الأخيرة، لأن مشروع الاتفاق كان أقل مما قدّر وطلب.. وأخيراً، وضع تحفظاته كتابة على ذيل مشروع الاتفاق.
في مفاوضات كامب ديفيد 2000 رفض عرفات اقتراحاً من ايهود باراك "كتسوية نهائية" للمطالب، يتضمن ضم 8% من الضفة دون مقابل، والاحتفاظ بالقدس الشرقية، والحرم تحت السيادة الإسرائيلية، والاحتفاظ بربع غور الأردن.. في النتيجة فشلت القمة، وحمّل كلينتون المسؤولية لعرفات، خلافاً للتفاهم بألاّ يحمل المسؤولية لأي طرف. لكن، ما لبث كلينتون أن أعلن "مبادئ حل" قبلها عرفات، وجرى التفاوض وفقها في طابا، وكادت تنجح، حسب مذكرات وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو ـ بن عامي.. إلاّ أن إيهود باراك نكص على عقبيه!
في مفاوضات ما بعد أنابوليس، وصلنا إلى مشارف اتفاق نهائي، بما فيه مبدأ المبادلات الأرضية، وتقسيم القدس، وعودة محدودة للاجئين، لكن أولمرت رفض إعطاء نسخة عن الحدود لأبو مازن.
في مفاوضات العام 2010 مع نتنياهو رفض هذا أن تبدأ من حيث انتهت المفاوضات مع أولمرت، أو حتى مبادئ كلينتون، أو مشروع مفاوضات طابا. هكذا أنهى أبو مازن المفاوضات العبثية.
في المفاوضات الحالية "الصعبة جداً جداً" علينا أن نفهم سبب دأب وإلحاح جون كيري، لأن من المهم له أن يحرز اتفاقاً بين حكومة إسرائيلية تمثل أعتى اليمين وحكومة فلسطينية هي الأكثر اعتدالاً.
صحيح، أن مناحيم بيغن، الزعيم التاريخي لليمين وافق في "كامب ديفيد" المصري ـ الإسرائيلي ـ الأميركي على "حكم ذاتي فلسطيني" و"شرطة قوية" لكنه فسّرها بحكم ذاتي للسكان وليس على الأراضي.. ودون ذكر م.ت.ف أو "دولة فلسطينية"!
.. وفي المفاوضات الحالية؟ لاحظوا أن المفاوضات على مستوى المندوبين جرت في 20 جولة، لكن كيري قام بجولته العاشرة، وعقد اجتماعه الـ 21 مع أبو مازن.
المعنى؟ المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً" ولا "مفرّطاً" كما وليس مجرداً من "خيارات" إذا فشلت المفاوضات.
لا داعي لوضع أحمال ثقيلة من "الحقوق" على كاهل المفاوض، الذي يفاوض بينما كفّة ميزان القوى مختلّة، وعلاقات إسرائيل بأميركا استراتيجية وبخاصة في تعزيزها ميزان القوى المختلّ بشكل فاحش جداً لصالح إسرائيل.
كل ما في المسألة أن صفحة "النزاع" العربي ـ الإسرائيلي طويت، وصفحة "الصراع" الفلسطيني ـ الإسرائيلي فُتح بابها على مصراعيه.. وهذا هو الإنجاز للمقاوم وللصامد وللمفاوض الفلسطيني، المتهم، ظلماً، بأن مقاومته لم تكن مجدية للتحرير، وصموده لم يكن كافياً، ومفاوضه كان "خرعاً" و"ساذجاً".
المفاوضات هذه تدور بينما "شروط الأمن" الإسرائيلي غير مقبولة من الجانب الفلسطيني؛ وشروط السيادة الفلسطينية غير مقبولة من الجانب الإسرائيلي، والأميركيون يحاولون التجسير بين شروط وشروط، انطلاقاً من: مبادئ كلينتون، مبادرة السلام العربية، مبادرة جنيف، ومشروع إيهود أولمرت للسلام.. وليس أبداً من "حكم ذاتي للسكان وليس للأراضي".
إزاء النقد للمفاوض الفلسطيني، ولأوسلو، ولكامب ديفيد 2000، هناك نقد إسرائيلي مقابل. الفلسطينيون يعضُّون بنان الندم على الاعتراف بفلسطين الـ22% والإسرائيليون يعضون بنان الندم على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكيري؟ تارة متهم أنه يميل للجانب الإسرائيلي وتارة يميل للجانب الفلسطيني.. لكن المهم أن مفاوضات كامب ديفيد 2000 كانت وفق مفهوم إسرائيلي: "لا اتفاق على شيء قبل أن يتم الاتفاق على كل شيء". هذا المبدأ صار مبدأ المفاوض الفلسطيني: تحدثنا مع كيري حول كل شيء لكن دون الاتفاق على أي شيء.
لا يُكلِّفُ الله نفساً إلاّ وُسعَها، فلماذا تُكلِّفُون المفاوض الفلسطيني بغير ما في وسعه؟**
يقول أبو مازن "القوي عايب" ويقول حكيم يهودي "العائب بعيبه يعيب".
السيسي رئيساً: ليس للديك فضل في بزوغ الفجر!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
لا شكّ أن الرابع عشر من الشهر الجاري يشكل امتحاناً هاماً ومرحلة مفصلية من تاريخ جمهورية مصر العربية، إنه اليوم الأول للاستفتاء على الدستور المصري المنبثق عن خارطة المستقبل الناجمة عن ثورة 30 حزيران التي استجابت لها القوات المسلحة المصرية، وأوقفت المد الإخواني، الأمر الذي أوقف وربما إلى الأبد، تدمير مصر ودورها وحضارتها، ذلك أن إقدام الجيش المصري على الاستجابة لتطلعات الشعب المصري، في ذلك الوقت العصيب، مكّن شعب مصر من وقف التدهور والسقوط، ووفّر الكثير من الامكانيات والدماء، بعد فشل تنظيم الإخوان في إدارة شؤون الدولة المصرية، أولاً، لعدم امتلاكه مقومات الإدارة، وثانياً لتسرعه في محاولة أخونة الدولة والمجتمع، وانكشاف مساعيهم لتحويل مصر إلى تابعة للولايات المتحدة.
تصحيح مسار ثورة 25 يناير/ كانون ثاني عبر ثورة 30 يونيو/ حزيران، ما كان له أن يحدث لولا الدور البارز وغير المفاجئ للقوات المسلحة المصرية، التي تعتبر مع أجهزة القضاء المصري ومؤسسة الأزهر، ركائز أساسية وجوهرية للدولة المصرية، ولعل دور القوات المسلحة إنقاذ ثورة 25 يناير في عدم التورط في المواجهة ونجاحها في حقن دماء المصريين، مقارنة بما حدث في ليبيا وسورية واليمن، هذا الدور تم البناء عليه لتصبح النتائج غير المتوقعة لتلك الثورة، رغم كل ما قيل ويقال عن دور "المجلس العسكري" واتهامه بالمساهمة في وصول مرسي والإخوان إلى الحكم، خشية على مصر وشعبها من بطش "الجماعة" إذا لم تصل إلى الرئاسة.
كل هذه التداعيات، زادت من مجد القوات المسلحة المصرية مع ظهور فارسها عبد الفتاح السيسي الذي أعاد إلى ذاكرة المصريين والعرب، تلك النشوة بالانتصار في عهد جمال عبد الناصر.
ورغم اختلاف الظروف والأحداث والبيئة السياسية والثورية، فقد احتل السيسي أفئدة المصريين والعرب، الذين كانوا وما زالوا بحاجة إلى زعيم من هذا الحجم، الأمر الذي دفع بالعديد من القوى السياسية والاتحادات والنقابات إلى ترشيحه لرئاسة الدولة المصرية، وقد أشارت بعض التطورات الأخيرة إلى أن السيسي قد يستجيب لهذه الدعوات الجماهيرية في مصر وفي بلاد العرب.
غير أننا نرى أن مثل هذه الاستجابة قد تؤدي إلى ما هو أخطر من الوضع الراهن، ذلك أن استحقاقات المرحلة المقبلة وعلى ضوء تركة مبارك ومرسي ستجعل من أي رئيس جديد، محرقة على المستوى الشخصي والرمزي نظراً للمعطيات السياسية والاقتصادية، والدور التدميري والإرهابي للحركات التكفيرية في سيناء كما في عموم مصر العربية، إذ تكمن الحاجة إلى وزير دفاع قوي محبوب أكثر من الحاجة إلى رئيس حتى لو كان بحجم السيسي.
ثم من قال إن العودة إلى حكم الطبقة العسكرية يتلاءم مع مخرجات ثورات الربيع العربي، خاصة في مصر، وحتى لو خلع السيسي بزته العسكرية واستبدلها بمدنية فإن العقل العسكري العاجز عن إدارة الشؤون المدنية للدولة المدنية، غير مرغوب فيه، بل إن المطلوب بقاء رجل كالسيسي وزيراً للدفاع وقائداً أعلى للقوات المسلحة، ضرورة تفرضها تلك الظروف الصعبة التي أشرنا إليها.
رغم ذلك، يبدو أن العديد من المؤشرات تفيد بأن القوات المسلحة المصرية باتت أكثر اقتراباً من إعداد نفسها كي يستجيب السيسي للمطالب الشعبية ويقال إنها اتخذت الخطوات التي تشير إلى أن السيسي، سيقدم مثلاً على ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وهو إنما ينتظر نتائج استفتاء الشعب على الدستور منتصف الشهر الجاري، خاصة وأن هناك إشاعات متعددة المصادر تفيد بأن قراراً سيصدر بإعفائه من منصبه، لكي يتاح له التقدم إلى ترشيح نفسه "كمدني" لرئاسة الجمهورية.
ومن واقع شعورنا بالدور البنّاء والمنقذ الذي قام به السيسي، ولكن ومن موقع أن الشعب هو صانع الثورات والانتصارات، فإننا ندعو السيسي إلى عدم السقوط في محرقة الرئاسة، وذلك أننا نعتقد أن دوره الوطني يمكن ترجمته من خلال موقعه الحالي، لذلك ندعوه إلى عدم الاستجابة لمطالب الشعب المصري والشعوب العربية، بل خدمة الشعب المصري والعربي من خلال قيامه بدوره البناء والفاعل كوزير للدفاع وقائد أعلى للقوات المسلحة المصرية.
وقد نجح السيسي في عدم توريط الجيش المصري، حتى اللحظة في مواجهات عنيفة ضد المعارضة التكفيرية، ولم يستخدم الجيش المصري إمكانياته المعروفة في هذه المواجهة، كونه يدرك أن هذه القوى التكفيرية ومَن وراءها تريد توريط الجيش المصري في حرب أهلية، هذا الموقف يدفعنا ويشجعنا على أن نأمل، بأن لا يتورط السيسي في رئاسة الجمهورية، ويُعمل العقل والمنطق بعدم تلبية الدعوات الجماهيرية والشعبية في مصر ومحيطها العربي.. وقد تذكرت قولاً له دلالة في هذا السياق، وهو أن صياح الديك ليس هو الذي يؤدي إلى بزوغ الفجر!!
الإفراج عن الأسرى: التحريض الإسرائيلي المنهجي
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
تعج وسائل الإعلام الإسرائيلية بحملة تحريض واسعة وممنهجة ضد القيادة الفلسطينية وضد الرئيس أبو مازن شخصياً بسبب استقباله الدفعة الأخيرة من الأسرى المحررين بالأحضان في إطار احتفال رسمي وشعبي بالإفراج عنهم.
وهذه الحملة تشبه إلى حد بعيد تلك التي قادها رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك الذي حاول الهروب من إفشاله لقمة كامب ديفيد بإلقاء التهمة على الجانب الفلسطيني الذي قيل عنه انه لا يمثل شريكاً في عملية السلام، وكان باراك نفسه ضحية لهجومه على القيادة الفلسطينية إذ سقط في الانتخابات وانتخب الإسرائيليون أريئيل شارون الذي يعرف من وجهة نظرهم كيف يعامل الفلسطينيين "الناكرين لجميل باراك الذي قدم لهم عرضاً سخياً قابلوه بالرفض والعنف".
الحملة التحريضية الحالية التي تركز على احتضان من تعتبرهم الحكومة الإسرائيلية "قتلة وإرهابيين"، تحاول في ثناياها القول إن الرئيس محمود عباس والقيادة الحالية لا يشكلون شريكاً لإسرائيل التي تبذل جهوداً من أجل السلام بما في ذلك الإفراج عن معتقلين فلسطينيين بينما هذه القيادة تفعل العكس، تشجع "الإرهاب" والتحريض ضد إسرائيل ولا تستجيب لمطالب إسرائيل الأمنية والاستيطانية التي لا يمكن بدونها التوصل إلى اتفاق.
وعملياً يمكن اعتبارها مقدمة واضحة لفشل المفاوضات ولتبرير ذلك أمام الرأي العام الإسرائيلي الذي لا بد أنه سيسأل عن السبب في فشل جولة المفاوضات الحالية. والحكومة تمهد وتهيئ الرأي العام للقادم، والطرف الفلسطيني هو الذي يتحمل المسؤولية، كيف لا والرئيس أبو مازن يحضن ويقبل الأسرى المحررين ويسمح بالتحريض ضد إسرائيل، والجعبة الإسرائيلية مليئة بمثل هذه التضليلات والأكاذيب التي لا ينضب لها معين عندما تكون الوجهة سلبية وعندما يكون الفشل هو سيد الموقف أو على الأقل النهاية الظاهرة في الأفق.
وموضوع الإفراج عن الأسرى، الذي شكل مادة جيدة لنتنياهو في وسائل الإعلام التي ظلت تكرر مشهد الاستقبال الحافل لهؤلاء الأبطال، يبدو أن استيعابه صعب على الإسرائيليين الذين يتعرضون لجرعات متواصلة ومتزايدة من الخداع والتضليل، فينسى هؤلاء مثلاً أن الحكومة الإسرائيلية هي من اتخذ القرار بالإفراج عنهم وكان واحداً من ثلاثة مطالب فلسطينية لتوفير الشروط لإنجاح العملية السياسية، وتم اختياره لأنه الأسهل على الحكومة، وينسون أيضاً أن الأسرى المفرج عنهم من خلال الاتفاق مع الإدارة الأميركية هم الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق "أوسلو" وكان يجب تحريرهم فور الاتفاق، والخلل في عدم الإفراج عنهم يتحمله المفاوضون الفلسطينيون الذين لم يدرجوا الإفراج عن الأسرى كجزء من نصوص الاتفاق وعدم ترك الموضوع لحسن نية إسرائيل.
وبالتالي تأخر الإفراج عنهم لحوالي عشرين عاماً، وأقل مدة قضاها الأسرى المفرج عنهم هي عشرون عاماً وبعضهم أمضى أكثر من ثلاثين عاماً، أي بمنطق العقوبة الإسرائيلية الجائرة وغير المعترف بها هم قضوا مددا تفوق مدة حكم أي إسرائيلي قتل فلسطينيين أبرياء سواء أكان المتهمون الإسرائيليون عسكريين أم مدنيين.
وفي كثير من الأحيان يحكم على القتلة بالتوبيخ أو تخفيض الدرجة أو منع الترقية في حال الجنود والضباط أو لبعض سنوات يحصل بعدها على العفو من الرئيس عندما يكون مدنياً متطرفاً.
والشيء الآخر الذي لا يفهمه الرأي العام في إسرائيل هو معنى الأسر في حياة الشعب الفلسطيني، حيث لا يميز هؤلاء بين مناضلين من أجل الحرية ضحوا بحريتهم من أجل حرية الشعب والوطن وبين مجرم ارتكب مخالفة ضد القانون. بل أن غالبية الإسرائيليين لا يدركون أن الأسرى هم جزء من شعب تحت الاحتلال يحق له مقاومة الاحتلال حسب القانون الدولي وتسري عليه الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحكم العلاقة بين المحتل والخاضع للاحتلال، وهذا لا يدخل في تفاصيل ما قام به كل أسير بصورة منفردة. فنحن نتحدث عن فترة لم يكن فيها أي اتفاق مع إسرائيل ولم يكن فيها أي تحديد فلسطيني لما هو المسموح وغير المسموح، وفي النهاية هم ضحايا للاحتلال بغض النظر عن كل شيء.
وعندما نتحدث عن الذين ذاقوا عذاب الأسر في الشعب الفلسطيني فهم يعدون بمئات الآلاف بمعنى أن كل بيت فلسطيني خاض التجربة بطريقة أو بأخرى، أي أننا نتحدث عن غالبية الشباب الفلسطيني في المناطق المحتلة منذ العام 1967 خصوصاً في سنوات ما قبل "أوسلو".
وهناك مسألة إضافية يبدو أن أغلب الإسرائيليين لا يدركونها وهي أهمية دمج الأسرى المحررين في عملية صنع السلام، وللحقيقة نقول إن الغالبية العظمى من الأسرى المحررين يندمجون في مؤسسات السلطة وجزء كبير منهم مؤيدون للسلام كحال الشعب الفلسطيني بصورة عامة، ومن المهم أن يشعر كل من له علاقة بقطاع الأسرى أن العملية السياسية مجزية من حيث نتائجها المباشرة على الأقل وخاصة في مجال الإفراج عن الأسرى حتى يكون تأييدها له معنى وسط هذا الجمهور. فاحتضان الأسرى ودمجهم في الحياة العامة هو مسألة حيوية من أجل السلام،
والحديث المتكرر في إسرائيل حول الأسرى والاحتفاء بهم يراد منه التمهيد لحملة إسرائيلية قادمة ضد القيادة والسلطة والشعب الفلسطيني فوراً بعد الإعلان عن فشل المفاوضات وجهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ويجب أن ينظر إليها في سياق موقف إسرائيلي واضح باتجاه إفشال المفاوضات، ويجب عدم السكوت على هذا التحريض الخطير الذي من شأنه تشجيع جهات متطرفة لارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة، ولعل ما قامت به مجموعة "شارة الثمن" او تدفيع الثمن في بعض الترجمات ضد مخيم الجلزون كنتيجة للتحريض الهائل في وسائل الإعلام هو عينة رمزية لما يمكن أن يحدث في حال استمرار هذا التحريض، ولا بد أن تقوم القيادة الفلسطينية بالرد بصورة علمية ومنهجية على هذا السلوك الإسرائيلي وتفنيد الادعاءات والأكاذيب الإسرائيلية من جهة وإظهار التحريض الفاقع الذي تقوم به المؤسسة الرسمية الإسرائيلية التي تشمل الحكومة ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية وغيرها ضد الشعب الفلسطيني وضد فكرة السلام والعيش والتسوية التي تمكن الشعبين من العيش بسلام وأمن في هذه البقعة الغالية من الأرض. ويجب أن يكون الأميركيون والأوروبيون على اطلاع بكل التفاصيل والحقائق بهذا الشأن.
لمجابهة التصعيد السياسي الإسرائيلي الأميركي
بقلم: علي جرادات – الايام
كما في مفاوضات "كامب ديفيد"، (2000)، مع حكومة باراك، وفي مفاوضات ما بعد مؤتمر أنابولس، (2007)، مع حكومة أولمرت، تنصبّ المفاوضات الجارية مع حكومة نتنياهو على جوهر الصراع أو ما سُميَ في اتفاق "أوسلو" "قضايا الوضع النهائي": اللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه والحدود والأمن، القضايا التي كان يُفترض التوصل إلى اتفاق بشأنها في أيار 1999، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن، ما يعني أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا تريد تسوية سياسية للصراع وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وأن راعي المفاوضات، الولايات المتحدة، لا يعترف بما تقره هذه القرارات من الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية. وأكثر فقد أثبتت تجربة جولات المفاوضات حول جوهر الصراع أن إسرائيل النظام المجتمعي والسياسي والعسكري والأمني وليس الحكومات فحسب غير مستعدة للاعتراف بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وأن الراعي الأميركي ليس في وارد إجبارها على إبرام تسوية تلبي أدنى الحد الأدنى من هذه الحقوق: إقامة دولة فلسطينية مستقلة وسيدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، ما يعني أن الموقف الأميركي من جوهر الصراع إنما يتقاطع، كيلا لا نقول يتطابق، مع الموقف الإسرائيلي الساعي إلى تفصيل الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية على مقاس ما فرضه المشروع الصهيوني من حقائق على الأرض لا في الأراضي المحتلة العام 1948، فحسب، إنما في الأراضي المحتلة العام 1967، أيضاً. على أية حال، إن كان سالف حقائق الموقفين الإسرائيلي والأميركي قد صار واضحاً لكل ذي بصيرة سياسية على الأقل منذ جولة مفاوضات "كامب ديفيد"، (2000)، فقد صار اليوم جلياً حتى لمن لا يعرف من السياسة غير اسمها. فوزير الخارجية الأميركي جون كيري يضغط لاستمرار المفاوضات رغم التمادي السياسي والميداني لحكومة نتنياهو الماثل ليس فقط في أنه منذ استئناف المفاوضات في تموز الماضي تم بناء 3000 وحدة سكنية استيطانية، وتم طرح عطاءات لبناء 8056 وحدة أخرى بالتزامن مع إطلاق سراح الدفعتين الأولى والثانية من الأسرى، وإعلان العزم على طرح عطاء لبناء 1400 وحدة أخرى بالتزامن مع إطلاق سراح الدفعة الثالثة، بل أيضاً في مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع قانون يشترط مبدأ التفاوض على القدس بالحصول على موافقة 80 عضو "كنيست"، وفي قيام اللجنة الوزارية ذاتها بسن مشروع قانون لـ"ضم مستوطنات منطقة الأغوار"، وفي إعلان نتنياهو أن حكومته "لن توقف للحظة مشروعها الاستيطاني في الضفة"، وأنها "ستعرض أي اتفاق لـ"الحل النهائي" على استفتاء شعبي"، وأنها "لن توقع أي اتفاق لا يتضمن شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي"، وفي "بالون الاختبار" الذي أطلقته صحيفة معاريف التي "لا تنطق عن الهوى"، وفحواه: أن هناك مقترحا إسرائيليا رسميا يجري تداوله مع جهة أميركية رسمية يقضي بضم الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى في الضفة مقابل تحويل أجزاء من منطقة المثلث يقطنها نحو 300000 من فلسطينيي الأراضي المحتلة العام 1948 إلى سلطة الدولة الفلسطينية الموعودة، ما يعني تحويل خطيئة الموافقة الفلسطينية ثم العربية على فكرة "تبادل الأراضي" إلى اختراق إستراتيجي ما انفك الفاشي ليبرمان، بدعم من نتنياهو، يعمل على تحقيقه من خلال المساواة بين فكرته الاقتلاعية العنصرية حول "تبادل السكان" وبين فكرة "تبادل الأراضي". ماذا يعني كل هذا الكلام؟ شاءت أطراف النظام الرسمي العربي المشغولة بهمومها الداخلية أو أبت، شاءت أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية المنقسمة على نفسها أو أبت، فقد بات واضحاً أن ثمة تصعيدا سياسيا نوعيا في الموقفين الإسرائيلي والأميركي يهدد - بالمعنى الإستراتيجي - جوهر القضية الفلسطينية. تطور لم يعد بوسع أحد إنكاره أو تجاهل عبثية وخطورة اختزال الرد السياسي عليه في توضيح المقبول وغير المقبول مما يطرح على طاولة التفاوض الثنائي على قرارات الشرعية الدولية تحت الرعاية الأميركية الداعمة لمطالب استمرار مصادرة أراضي الضفة واستيطانها وتهويدها وبقاء الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى والاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي" وبقاء الجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية الموعودة، وربما لنوايا ضم منطقة الغور وارتكاب جريمة تطهير عرقي جديدة ضد فلسطينيي منطقة المثلث. لذلك صار لزاما على أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية إنهاء انقسامها الداخلي والاتفاق أو التوافق على إستراتيجية سياسية جديدة جوهرها مغادرة خيار التفاوض الثنائي وإخراج ملف القضية الفلسطينية من قبضة الولايات المتحدة وإعادته إلى رعاية هيئة الأمم المتحدة ومرجعية جميع قراراتها ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 194 المتعلق بجوهر القضية الفلسطينية: حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم الأصلية. فبهذه الإستراتيجية السياسية يمكن توتير قوس الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ومعه الشعوب العربية، وبها فقط يمكن إحراج النظام الرسمي العربي وإجباره على القيام بواجبه القومي تجاه القضية الفلسطينية ومغادرة تخاذل معادلة "نرضى بما يرضى به الإخوة الفلسطينيون" والكف عن لعب دور الوسيط الضاغط لقبول إنهاء الصراع وفقاً لمقاربات الولايات المتحدة، (وآخرها وأخطرها مقاربة - خطة - كيري)، المعادية للحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية، بل ولأدنى الحد الأدنى منها. إذ كيف لعاقل أن يصدق وعود الولايات المتحدة بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وسيدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس بينما تمضي في دعم ورعاية استمرار استيطان الضفة وتهويدها وتمزيقها وفصلها عن قطاع غزة. وكل ذلك دون أن ننسى أن 45 عاماً من تراكم استيطان الضفة - وقلبها القدس - قد حول المستوطنات والمستوطنين فيها إلى حالة كيفية بقسمات خاصة يشحنها سعار أيديولوجي صهيوني متنامٍ يحرك المنظومة المجتمعية والسياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية. ما يعني أنه لئن كانت حركة "الكيبوتسات" و"طلائع" المنظمات الصهيونية الشبابية قد أسست القاعدة التحتية لقيام إسرائيل في العام 1948، ثم توسعها على كامل أرض فلسطين في العام 1967، فإن الحركات الاستيطانية اليوم تشكل التعبير الأوضح عن محاولات قادة إسرائيل انتزاع الاعتراف بما حققه المشروع الاستيطاني الصهيوني الاحلالي على الأرض، وعما تشهده إسرائيل - منذ سنوات - من تحولات بنيوية نحو المزيد من التطرف السياسي والتشدد الأيديولوجي، وعن مساعي حكومة نتنياهو تفصيل الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية على مقاس أهداف الرؤية الصهيونية وشروطها. هنا يتضح بما لا يدع مجالاً للشك كم هو واسع ونوعي انتقال مستوطني الضفة والقدس إلى مركز صناعة القرار سواء داخل مكتب رئاسة الوزراء أو داخل الحكومة أو داخل "الكنيست" أو داخل المؤسستين العسكرية والأمنية. يشي بذلك كله، عدا التمادي السياسي والميداني لحكومة نتنياهو، التصعيد غير المسبوق في اعتداءات مستوطني الضفة والقدس ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وحقولهم ومقدساتهم. إذ صحيح أن هذه الاعتداءات لم تنقطع يوماً منذ احتلال الضفة وغزة في العام 1967، لكن الطابع العصابي المنظم الذي دشنته منظمات السطو على الأرض مثل "عصبة غوش إيمونيم"، مثلاً، صار أكثر سفوراً واتساعاً وعلانية ويحظى بتبنٍ سياسي وعسكري وأمني رسمي من حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو - ليبرمان - بينت التي ما انفك وزير الخارجية الأميركي جون كيري يمتدح التزامها بمواصلة التفاوض ويتبنى مطالبها الأمنية ويضغط على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مباشرة ومن خلال وزراء الخارجية العرب للقبول بهذه المطالب التعجيزية المفتعلة حتى من وجهة نظر أوساط سياسية وعسكرية وأمنية إسرائيلية لا يحركها الإقرار بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، إنما الحلم الصهيوني ببقاء إسرائيل دولة يهودية ودرء مخاطر عزلتها وتحولها إلى دولة ثنائية القومية.
لا للاعتراف بيهودية إسرائيل .. ولكن
بقلم: ساجي خليل – الايام
إذا ما أعلنت إسرائيل أن حدودها القومية السيادية هي حدود الرابع من حزيران 1967، فليس هناك ما يمنع، من وجهة نظري، أن يُعلن الرئيس محمود عباس، أبو مازن، بأن (الفلسطينيين لن يكون لديهم أية مطالب قومية أو وطنية في إسرائيل)، حيث إن أية مطالبات أو حقوق للفلسطينيين الذين هُجّروا العام 1948 لن تكون ذات طابع قومي بل ستكون مطالبات فردية وقانونية تتعلق بحقوقهم في العودة إلى بيوتهم وأملاكهم الخاصة، أو استعادة تلك الأملاك، باعتبارها حقوقاً فردية أصيلة لا يملك أحد حق التنازل عنها، بالإضافة إلى مطالبات التعويض عن الأضرار والخسائر التي لحقت بهم.
وما سيُعلنه الفلسطينيون بهذا الخصوص سيكون مستنداً إلى قرارات المجلس الوطني الفلسطيني التي صدرت في الجزائر العام 1988، والتي قررت أن حدود الكيان السياسي الذي سيمارس فيه الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره الوطني وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة هي حدود الرابع من حزيران 1967.
إن قيام إسرائيل بإعلان حدودها القومية سيخلق ظروفاً جديدة أمام المفاوضات في ضوء ما يطرح الآن من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتفحص ما يمكن وما لا يمكن أن يوافق عليه الفلسطينيون. ومن أجل الوضوح المبكر، لا بد من التأكيد على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي حال، الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.
ولن تستطيع حكومة إسرائيل ولا الوسيط الأميركي فرض الرواية الدينية /الصهيونية على الفلسطينيين. فالاعتراف بيهودية إسرائيل يعني ببساطة القبول بإنكار الرواية الفلسطينية والعربية لتاريخ فلسطين؛ والتسليم بإلغاء ما يزيد على ثلاثة آلاف عام من تاريخ التواجد العربي الأصيل في فلسطين، منذ ما قبل الفتوحات الإسلامية، والقفز عن حقائق التاريخ والامتداد الإنساني والتمازج والتفاعل الحضاري والتجاري بين عرب الجزيرة العربية وبلاد الشام وفلسطين قبل الأديان.
الفلسطينيون لن يقبلوا أية صيغة تلمح إلى أن وجودهم كان حدثاً طارئاً أو عابراً على البلاد وعلى المنطقة.
الرفض الفلسطيني للاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، أو يهودية أرض إسرائيل، لا يعود فقط لكونه يمس بهوية ومصالح ومستقبل الفلسطينيين العرب في إسرائيل، سكان البلاد الأصليين، على الأهمية البالغة لهذا الاعتبار، بل أيضاً لأنه يمس الرواية التاريخية الفلسطينية والثقافة والقيم والتاريخ الفلسطيني.
والفلسطينيون لن يعتذروا ولن يتنكروا لوجودهم التاريخي الأصيل والعميق والمتواصل في المنطقة.
وإذا كانت صلة اليهودية واليهود بالمنطقة هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة ومن التاريخ الفلسطيني؛ فإنها بالتأكيد ليست كل ذلك التاريخ، بل ربما هي الجزء الأصغر منه.
فصلة اليهود التاريخية مع المنطقة وإن لم تنقطع تماماً، إلا إنها تقطّعت خلال فترات زمنية تاريخية ليست قصيرة، ولا يستطيع أحد احتكار تاريخ المنطقة ومصادرته لحساب تصوراته ورؤيته الخاصة.
ولكن الفلسطينيين عموماً، كما أعتقد، مستعدون للتعاطي مع حقائق الحياة وحقائق التاريخ.
ولذلك لن يكون صعباً عليهم الإقرار، في سياق معين، بالصلة التاريخية لليهودية واليهود في فلسطين، بل وأكثر من ذلك الإقرار بصلة اليهود الروحية والعاطفية بالأماكن التي يعتبرونها مقدسة، دون المساس بمقدسات أصحاب الديانات الأخرى وبحقوقهم الوطنية والسيادية.
في سياق كهذا فقط يمكن التقدم في المفاوضات، وليس في سياق المطالبة غير المعقولة بالاعتراف بالصفة اليهودية لدولة إسرائيل.
مُنافِسَة المنجمين
بقلم: توفيق وصفي – الايام
استهزأت السيدة المسنة بالمنجمين والفلكيين عشية عرض رؤاهم لما سيشهده البشر في العام الجديد، هاتفة وهي تقذف شاشة التلفاز بمخدة صغيرة أنها قادرة على التوقع بواقعية أكثر من تنجيمهم، لأن الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير في التفكير والخيال، فكل شيء واضح!
كادت نوح وهي تذرف دموعها إشفاقا على جوعى مخيم اليرموك الدمشقي، ضمن تقرير عن الحرب الدائرة حولهم وفيهم. لم تدرِ على من تصب لعناتها، أَعلى أطراف الحرب السوريين، أم على من يُغذّونها من عرب وعجم، ثم انفردت بنفسها كمن يتخيل مصير هؤلاء في العام الجديد، لتعود بعد قليل بتحليل مثير للقشعريرة، توصلت إليه في إغماضتها القصيرة.
قالت منافِسة الفلكيين المدمنة على المسلسلات التركية إن الخارج من فوهة بركان هائج يرى كل شيء بعينين ملتهبتين، ويحس به وهو على مرمى الحمم وفي نطاق سحب الدخان البركاني القاتمة، متسائلة عن مبعث الحيرة إزاء مصيره التالي، وأن الحتمي أن عاما كاملا لن يكفي للنجاة من الآتي، قبل أن ترسم ملامح المتهرب من كشف السر، وهي تتحفظ عن عرض مزيد من التفاصيل.
أَضْحكها كلامٌ عن المصالحة، لا يرجح خيرا ولا شرا، وتهكمت على المذيع الذي يحاول استدراج ضيفه المنجم لذكر ما ينتظر هذا الملف في العام الجديد قائلة "وما يدريه، نحن أدرى بهذا الملف، فش مصالحة"، مردفة بيقين "المكتوب باين من عنوانه".. وعند إشارة الفلكي إلى أن ثمة انتفاضة فلسطينية ثالثة صاحت "العجوز" باستنكار صريح "على مين ننتفض، على إسرائيل ولا فتح ولا حماس"، رد أحد أحفادها بحدة قائلا إن عليها ألا تساوي بين الثلاثة!
قاطعته الجدة بعد أن صلت على النبي بأن للشعب خصومة عند كل منهم، فإسرائيل تحتل وتحاصر وتمنع وتقتل وتعتقل وتجوع وتُعَتّم، بينما يزيد ذلك مرارةً وقسوة خصامُ فتح وحماس، الذي يبعد الشعب عن هدفه المركزي في الحرية والاستقلال، ويجعل منه شعبا يتسول لقمته وكهرباءه ووقوده ودواءه، كرعية بلا راع ولا ميزانية ولا أمان. صمتت برهة وكأنها تبحث عن خاتمة تمنح الأمل لمن يتحلقون حولها متدثرين بالأغطية، ثم قالت بنبرة حانية إن هذا الشعب منهك ومحبط وحزين، ولا يمكن انتظار فعل منه يقلب الدنيا ويغيّر حاله، فمن أين سيعطي بعد أن انهارت نزعة الكفاح في روحه على مذبح الانقسام، إلا إذا تمالك نفسه ولم شتاته على قاعدة رفض دوام الحال، وأن أي غد لن يكون أفضل ما دام كلٌ يغني على ليلاه.
قالت السيدة: أنظروا إلى وجوه الناس في الصباح والمساء، كلها مصبوغة بالنكد والضيق والقنوط، يستثقلون إلقاء التحية أو الرد عليها، عيونهم تتحول إلى محاجر للحسد والحقد والتوعد وهي تحدق في الآخرين، كصبي متسول أرهقه دوام النهار والليل دون أن يجمع ما يرُضي أباه، فاضطجع على الرصيف وانهمك في مراقبة المارة وما يحملونه من أكياس ملأى بما لذ وطاب، إلى أن غلبه النعاس فنام، غير مبال بمئات الأقدام العابرة.
تغريدة الصباح - عظيم .. ممتاز
بقلم: يحيى يخلف – الحياة
في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وكنت مقيما في بيروت زارنا الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي، فاحتفى به اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، واحتفى به ايضا اتحاد الكتاب اللبنانيين الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور سهيل ادريس. حظي البياتي برعاية واهتمام من قبل الكتاب والمثقفين الفلسطينيين الكبار: محمود درويش، معين بسيسو، بسام ابوشريف، ماجد ابوشرار، وكاتب هذه السطور وغيرهم، وحظي برعاية واهتمام كذلك من ادباء لبنان: الدكتور حسين مروة، محمد دكروب، وسهيل ادريس وقائمة طويلة اخرى.
سهيل ادريس كان اكثرنا رعاية وكرما، فسهيل ادريس رئيس وعميد الكتاب، هو صاحب مجلة الآداب التي كانت حاضنة الأدب والأدباء، وحاملة رسالة التجديد والتحديث، ونافذة التيارات الفكرية وخصوصا تيار الوجودية وممثله جان بول سارتر، وهو صاحب دار الآداب التي قدمت للقارئ العربي ابداعات المجددين للأدب المعاصر من نازك الملائكة الى بدر شاكر السياب الى عبد الوهاب البياتي، ونزار قباني، وصلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطي حجازي، ونجيب محفوظ وقائمة طويلة من اصحاب القامات العالية. الدكتور سهيل كان اكثرنا اهتماما ورعاية لضيفنا الكبير، ولشدة تأثره بهذا الكرم تمنى البياتي على سهيل ادريس ان يأتي لزيارة بغداد محل اقامته ليرد له التحية بأحسن منها.
وتشاء الظروف بعد شهور قليلة ان يعقد المؤتمر العام لاتحاد الأدباء العرب في مدينة بغداد، وان يسافر الوفدان الفلسطيني واللبناني معا في الطائرة المتوجهة من بيروت الى بغداد، وكنت من ضمن الوفد الفلسطيني، والدكتور سهيل ادريس رئيسا للوفد اللبناني، وكان جلوسي الى جانب مقعده في الطائرة.
وكان موضوع حديثنا في الطائرة صديقنا عبد الوهاب البياتي وأهمية الالتقاء به في بغداد، وقد زودني برقم هاتفه تأكيدا منه على اهمية الموضوع.
وصلنا مطار بغداد وانتقلنا الى فندق ميليا منصور، واثناء انتظارنا اجراءات التسجيل واستلام مفاتيح الغرف طلب مني سهيل ادريس ان اتصل هاتفيا بالبياتي واخبره بوصولنا، وبما ان هاتفه قد صار معي، فقد طلبت البياتي من قمرة السنترال في الفندق، واتصلت به، قلت له انني والدكتور سهيل قد وصلنا، فأجابني البياتي: عظيم.. ممتاز، وقلت له اننا في فندق ميليا منصور فأجاب: عظيم ممتاز، وسوى ذلك لم يقل شيئا.
أبلغت الدكتور سهيل، فقال لي: لا تقلق سيأتي مساء لزيارتنا. لكنه لم يأت مساء، فقال الدكتور: لا تقلق سيأتي غدا..ابتدأ المؤتمر وانشغلنا بأعماله، ومر يوم آخر ولم يأت البياتي. انتاب سهيل ادريس القلق، وقرر ان يتصل بنفسه، وقال له على الهاتف وصلنا وشاركنا بأعمال المؤتمر، فأجابه البياتي: عظيم..ممتاز، وقال له الدكتور سهيل: نرغب في رؤيتك، فرد قائلا: عظيم .. ممتاز.
ومر يوم جديد آخر دون ان يأتي لزيارتنا، ثم انتهى المؤتمر، وانتقلنا الى المطار للعودة الى بيروت، وفي المطار كان الدكتور سهيل في حيرة، وكان يحاول رغم صدمته ان يجد له عذرا، فالدكتور رجل دمث ومفعم برائحة الإنسان. قال لي لعلّه مريضا، أو لعلّ في اسرته حالة وفاه، أو لعلّ، ولعلّ، ولعلّ..
واستجابة لرغبته، ذهبت الى المقسم، وطلبت البياتي. رد علي فقلت له: اننا في المطار بعد ان انتهت زيارتنا، وانني والدكتور سهيل أحببنا أن نودعه، فأجابني بصوت طبيعي لا يشي بمرض او انزعاج: عظيم.. ممتاز، عظيم ممتاز.
إنهاء الانقسام.. لغته وشروطه
القلم: عدلي صادق - الحياة
على الرغم من العناصر الإيجابية في الطرح التصالحي الأخير لإسماعيل هنية، رئيس حكومة الانقلاب والأمر الواقع في غزة؛ إلا أن هناك بعض المآخذ على المنطق الذي تحدث به الرجل، وعلى ما أوحى به. فكأن هنية وحكومته، أو أية حكومة وأي زعيم، لهم الحق في منح أو منع الحقوق الأساسية والدستورية للناس. فمثل هذا الحق، لا تملكه أية حكومة نظامية أو طبيعية، فما بالك بحكومة انقلاب على النظام السياسي ارتكبت جرائم وتعديات على المواطنين وجلبت كوارث!
على قدر ما كنا وما زلنا نأمل في إنهاء سريع للانقسام؛ فإننا نرفض تماماً أن ينصّب أي طرف نفسه وصياً على الحقوق الطبيعية للفلسطينيين، معارضين كانوا أو موالين. بل إن الفلسفة التي نراها أساساً حميداً وصالحاً لإنهاء الانقسام الحاصل بين قوى العمل الفلسطيني؛ هي حصراً، تلك التي تعطي للشعب الفلسطيني الحق في اختيار قيادته دون إملاء من "فتح" أو من "حماس". وفي الحقيقة إن أياً من وثائق المصالحة التي وقّعت عليها الحركتان، لم تكن ملبية للشروط الدستورية وإنما جاءت بمثابة تفاهمات ذات طابع أمني وإداري، وهي كلها من نوع الصيغ التي تسمى صيغ "إدارة الأزمة". لقد كتبنا عن ذلك في حينه، لأن الصيغ الارتجالية لن تفيد أياً من الحركتين، وسيكون من شأن اعتمادها، تخليق المزيد من خيبات الأمل للشعب الفلسطيني، عند الوقوع المحتم للانتكاسات. لذا بات من واجب الراغبين في إنهاء الانقسام، أن يضعوا النقاط على الحروف، تحاشياً لتضييع الوقت ولدفع احتمالات اليأس من قيام أية مصالحة. ولما كان رأينا على هذا النحو، جاءت التطورات مصداقاً لما توقعنا، إذ تعطل تنفيذ الصيغ والخطط المرتجلة قبل البدء فيها، وباتت الوعود بمصالحة وشيكة، مثيرة للسخرية، لأنها أصلاً لم تقم على أسس قانونية ودستورية، ولم تأخذ في الحسبان شروط قيام الكيانات السياسية المهابة والراسخة، بصرف النظر عمن يحكم لفترة زمنية، بموجب نتائج صناديق الاقتراع!
قرأنا الكثير من التعليقات على الثغرات التي حملها الطرح التصالحي الذي قدمه اسماعيل هنية. والعبد لله كاتب هذه السطور، لم يتوقع من هنية طرحاً حصيفاً من الناحية الدستورية، ولم يتوقع منه ـ بالطبع ـ قولاً راشداً الى حد الإدراك بأن "حماس" و"فتح" والفصائل لا تمتلك الأوطان. فمثلما لم يكن من حق "حماس" الإعلان عن ممنوعين من الدخول، فليس من حقها أن تتقمص ثوب الكرام المتفضلين، الذين يسمحون بالدخول، وكأن الوطن بستانهم الموروث!
ربما يُقال إن هذا يعكس عيباً فاضحاً في ثقافة الدولة، وهو العيب نفسه الذي جعل هنية ينتشي بمنصب رئيس الوزراء، ويتوهم أن المهارات كلها تتكفل بها الخطابة، ويضحك ويرسم إشارة النصر، ويعدُ بالصلاة قريباً في القدس المحررة. وهناك من يعزو هذه اللغة القاصرة الى كون رئاسة الحكومة هي أول وظيفة عمل لهنية خارج الشرنقة الحزبية.
لن تقوم مصالحة دون البدء بخطوات تصويب دستوري: حركة "حماس" تعلن إنهاء كل مظاهر الانقلاب المسلح، على صعيدي الهيمنة الأمنية ومظهر حكومة الأمر الواقع. ثم تقدم حكومة تسيير الأعمال استقالتها، ويكلف رئيس السلطة شخصية مستقلة لتشكيل حكومة تسيير أعمال توافقية أو من كفاءات، ويُصار الى تفعيل لجنة الانتخابات المركزية لكي تبدأ التحضير لانتخابات عامة لبرلمان السلطة ورئاستها، على أن نذهب فيما بعد، الى معالجة المشكلة المزمنة التي تعاني منها أطر منظمة التحرير الفلسطينية. أما أن تنحو مقاربات إنهاء الانقسام، منحى التوافق على الهيمنة، والتقاسم بين فصيلين، فمعنى ذلك من الوجهة الدستورية، أن الطرفين يطيحان بالحق الديموقراطي للشعب الفلسطيني الذي هو المقصد الأول لولاء الوطنيين. ومن الوجهة الفتحاوية، معناه أن يسلم الطرف الذي جرت مطاردته وإهانته وتخوينه بعد الانقلاب عليه؛ أن الطرف المنقلب ما زال صاحب حق في أن يكون شريكاً في تحديد مصير النظام السياسي الفلسطيني، أو حتى في التوافق على التدابير الجديدة للعودة الى صناديق الاقتراع. الصواب الدستوري هو أن يكون من حق الجميع، ممن لم يرتكبوا جرائم، من أي طرف كانوا؛ المشاركة في المنافسات الانتخابية، وأن يتحصلوا على حقهم في العمل السياسي!
مصر ضامنة الأمن القومي العربي!!!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
يوم الثلاثاء القادم، الرابع عشر من يناير كانون الثاني، سيحضر بقوة استثنائية في الذاكرة العربية، لأنه اليوم الأول في الاستفتاء على الدستور الجديد، دستور مصر نحو المستقبل، وهو الخطوة الرئيسية الأولى نحو معافاة مصر، وتقدمها لتكون كما يجب أن تكون، دولة محورية في قلب أمتها العربية، وقارتها الإفريقية، وعالمها الإسلامي، وبالتالي قوة وازنة في النظام الدولي.
من خلال القراءة العميقة للوقائع اليومية المصرية، فإن جماعة الإخوان المسلمين يخوضون معركة يائسة بالمطلق، ومهزومة بالكامل، بل وأكثر من ذلك فإنهم يخوضون ضد مصر معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل هم يؤدون دوراً يصل إلى حد الخطيئة هم أصغر منه ألف مرة، بل إنهم حتى لا يحيطون بأبعاده، ولذلك فإنهم ينتحرون بالمجان، فإلى الجحيم وإلى مزبلة التاريخ وبئس المصير، لأنهم تعودوا أن يعيشوا على الصفقات الخفية، وتعودوا أن يلعبوا الأدوار المطلوبة منهم دون عقل، ولذلك نرى انهيارهم التراجيدي بعد خمس وثمانين سنة، ولو كان لهم انتماء ولو بالحد الأدنى لما قبلوا القيام بهذا الدور المأساوي الذي يغرقون فيه الآن.
الوقائع اليومية والأسرار الخفية التي يكشف عنها الدكتور عبد الرحمن علي وهو باحث عنيد وصحفي شجاع في برنامجه الصندوق الأسود، تثبت أن كثيراً من القوى الدولية والإقليمية كانت قد استثمرت بشكل باهظ في التآمر على مصر، لأنه ما دامت مصر قائمة ? وخاصة في حالة الحد الأقصى ? فإن الأمن القومي العربي الذي يتفرع إلى ملايين التفاصيل، سيكون حاضراً بقوة، ويدور ويحتشد حول محور رئيسي، محور قوي، محور فعلي ممثلاً بمصر، وهذه هي الفكرة الرئيسية التي تعبر عن نفسها الآن وتضيء العقل والوجدان العربي.
هذا الاستثمار الباهظ دولياً وإقليمياً في تخريب مصر، كان في العشر سنوات الأخيرة، وربما أكثر من ذلك، مفلوت اليد بلا حدود، وكان الإخوان المسلمون بتفريعاتهم هم حصان الرهان الأصلي، بالإضافة إلى مجموعات اجتماعية أخرى من الشباب، وبعض الفئات الأخرى الذين تعمق لديهم الشعور الزائف بالاستهانة بمصر كما لو أن الأمور لعبة بسيطة! وحين اصطدم هؤلاء بعمق الدولة المصرية، باستنفار الشخصية المصرية، وبالعمق الحضاري للشعب المصري، بالمكونات الرئيسية للأمن القومي العربي في الحالة المصرية، اتضح أن هؤلاء المتآمرين في الخارج والداخل ليسوا سوى بلهاء واهمين.
فلسطينياً: نحن أكثر طرف في العالم العربي يتأثر تاريخياً بمجريات الشأن المصري، قرارات الحرب والسلم لا يبدو لها أدنى وزن دون الحضور المصري، الصراعات العربية ليس لها وازن حقيقي سوى مصر، ومفردات العذاب الفلسطينية لا يستطيع أن يبلسمها سوى مصر، انظروا مثلاً إلى المأساة الجديدة، مأساة مخيم اليرموك الذي يناضل الآن من أجل استمرار الحياة، لو أن مصر حاضرة بكل مجالها الحيوي لما وصلت الأمور إلى هذا الحد، بل إن المحاولات الفاشلة لاستئناف عملية السلام، الحلقة المفقوده فيها هي الحضور المصري.
نتوجه اليوم بكل العقول والقلوب والعيون إلى مصر، ويجب على العرب الذين يؤمنون أن لهم أمناً قومياً عربياً، أن يخوضوا المعركة إلى جانب مصر، إلى جانب الشعب المصري وإلى جانب الدولة المصرية، حتى أولئك الذين لهم خلافات مع مصر، أو طموحات غير مشروعة منافسة لها، أو أدوار يلعبونها بإغراء من هنا أو هناك، يجب أن يقفوا مع مصر، لأنهم دون مصر سيفقدون أدوارهم ويقعون في الكارثة بلا ثمن.
هذا الأسبوع حتى الرابع عشر القادم وهو أسبوع حاسم، لأن المستوى الثالث والرابع من تنظيم الإخوان المسلمين الذي نراه الآن، تربى في العتمة لا عقل ولا تجربة، غير قادر على التراجع ولا المراجعة، وهو لا يستحق سوى الهزيمة الساحقة والنهائية.
كيري ما زال يراوح !
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
الجولة العاشرة لوزير خارجية الولايات المتحدة للمنطقة، التي بدأت في الثاني من كانون الثاني الحالي، وجمعته مع الرئيس محمود عباس، ورئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، والملك عبدالله الثاني (الاردن)، والملك عبدالله بن عبد العزيز (السعودية)، أضف إلى إرسال مارتن إنديك إلى القاهرة، لم تحمل جديدا، لا وثيقة ولا رؤية محددة.
مازال رئيس الديبلوماسية الاميركية يتلمس طريقه نحو إحداث اختراق في جدار الاستعصاء الاسرائيلي، لكن كيري لم يغادر الرؤية الاسرائيلية في العديد من النقاط الاستراتيجية، منها: اللاجئين والقدس والاغوار و«يهودية» الدولة الاسرائيلية والمسألة الامنية وحدود الدولة الفلسطينية، حيث يميل لاستخدام مصطلحات فضفاضة وعائمة، كشكل من أشكال الالتفاف على الثوابت الوطنية. كما انه يستخدم سلاح التهديد والوعيد للرئيس ابو مازن والقيادة والشعب على حد سواء، للي الارادة الوطنية، وفي ذات الوقت يتساوق مع الرؤية الاسرائيلية، مما يعمق نقاط التباعد بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. وبالتالي لا يشي بالاقتراب من بلوغ حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
لا شك لدى المراقب، ان كيري لديه رغبة شخصية وأميركية في تحقيق تقدم وانجاز في التسوية السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، لكن دون ان يملك الرؤية والادوات والاليات الاميركية الكفيلة بتحقيق اختراق، الامر الذي يشير إلى عدم إمكانية تحقيق القفزة المرادة. لان هناك فرق شاسع بين الرغبة وحلم الحصول على جائزة نوبل للسلام ودخول التاريخ، وبين الواقع.
الادارة الاميركية برئاسة اوباما تحسب الف حساب لمصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة نهاية 2015، ولا يمكن لاركان الادارة تجاهل مواقع نفوذ انصار إسرائيل في مجلسي الشيوخ والنواب والايباك وحتى داخل الادارة نفسها، لذا تفكر مليا جدا قبل ان تلجأ لاستخدام آليات عمل حقيقية، تسهم من خلالها في الضغط على حكومة نتنياهو لالزامها باستحقاقات عملية السلام خشية ان ترتد سلبا على مستقبل الحزب الديمقراطي لاحقا. اضف إلى ان اعتبار إقامة الدولة الفلسطينية مصلحة حيوية أميركية؛ امراً مشكوكا به طالما لا يوجد دعم عربي حقيقي للقيادة الفلسطينية، وكون بعض العرب الرسميين يهتزون في مقاعدهم من إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولضعف الحالة الفلسطينية الناجمة عن الانقسام والانقلاب الحمساوي، ولغياب ضغط دولي حقيقي على دولة إسرائيل واميركا على حد سواء.
القراءة الموضوعية لمساعي جون كيري على المسار الفلسطيني / الاسرائيلي حتى اللحظة الراهنة، بقدر ما توحي بجدية رغبة الادارة في تحقيق تسوية سياسية على اساس خيار الدولتين، بقدر ما تشير إلى غياب الارادة الاميركية الحقيقية في تحقيق التسوية. وكل ما تطمح اليه حاليا إيجاد إطار مطاطي عام يتضمن مصطلحات مبهمة في كافة المفاصل الاساسية، وترك الامور مفتوحة على المجهول دون تحقيق تقدم حقيقي وجدي.
القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس أمام مفترق طرق حقيقي، إما ان تواصل الصمود والتمسك بالثوابت الوطنية، التي حددها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية،وهذا المؤكد؛ وإما «الاستجابة» للضغوط الاميركية، والخيار الثاني من خلال المعرفة المسؤولة بوجهة نظر الرئيس ابو مازن، مرفوض جملة وتفصيلا، حتى لو كان نتاج ذلك فرض العقوبات الاقتصادية والمالية الاميركية، لقناعة الرئيس والوفد المفاوض والقيادة بمستوياتها المختلفة، ان الشعب والقيادة قدما اقصى ما يمكن لهما أن يقدماه، ولا يمكن التنازل عن شبر واحد من اراضي الدولة على حدود الرابع من حزيران 1967 وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، ورفض القبول المبدئي بـ«يهودية» دولة إسرائيل، ورفض وجود أي جندي إسرائيلي على الارض الفلسطينية,,
كثير من المراقبين الاعلاميين يذهبون بعيدا في حدود تفاؤلهم، وينسجون تقديرات من بنات خيالهم الكثير من الوهم.. والوقائع القادمة ستعيدهم لرشدهم. لكن ان الاهم، على الشعب الفلسطيني وقواه السياسية الحية الاستعداد لمواجهة التحديات الاعظم القادمة للدفاع عن الثوابت الوطنية.
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
تهويد القدس على قدم وساق
بقلم: حديث القدس – القدس
من أجل فلسطين...الحلم والأمل
بقلم: ظافر يحيى صندوقة – القدس
تصريحات إسماعيل هنية:خطوة حكيمة وفي الاتجاه الوطني الصحيح
بقلم: د. أحمد يوسف – القدس
كيف يكون المتهم بالتعذيب مستشارا للشئون العربية؟!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
حتى يعود للعراق حضوره العربي...
بقلم: يوسف مكي - القدس
تغريد خارج السرب ..!!
بقلم: يونس العموري – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً"
بقلم: حسن البطل – الايام
السيسي رئيساً: ليس للديك فضل في بزوغ الفجر!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
الإفراج عن الأسرى: التحريض الإسرائيلي المنهجي
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
لمجابهة التصعيد السياسي الإسرائيلي الأميركي
بقلم: علي جرادات – الايام
لا للاعتراف بيهودية إسرائيل .. ولكن
بقلم: ساجي خليل – الايام
مُنافِسَة المنجمين
بقلم: توفيق وصفي – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
تغريدة الصباح - عظيم .. ممتاز
بقلم: يحيى يخلف – الحياة
إنهاء الانقسام.. لغته وشروطه
القلم: عدلي صادق - الحياة
مصر ضامنة الأمن القومي العربي!!!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
كيري ما زال يراوح !
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تهويد القدس على قدم وساق
بقلم: حديث القدس – القدس
كان هناك غموض في تصريحات وزير الخارجية الأميركي بخصوص القضايا التي نوقشت وما تزال تُناقش في المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية تحت الرعاية الأميركية. غير أن قضية القدس والحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية فيها من أكثر القضايا غموضا في تصريحاته، وذلك في ضوء سياسة التهويد التي تنتهجها اسرائيل في المدينة المقدسة : حيث الاستيطان يبتلع المزيد والمزيد مما تبقى من الأراضي الفلسطينية في القدس، دون أن توضع هذه القضية في مكانها المناسب من اهتمامات الراعي الأميركي، والمجتمع الدولي عامة.
الحكومة الاسرائيلية تعلن بانتظام، وبشكل روتيني، عن مخططات للتوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وتركز بصورة خاصة على مدينة القدس، وكأنها في سباق مع الزمن لتهويد المدينة وإحكام الطوق الاستيطاني من حولها. هذا مع استمرار المفاوضات التي لا يبدو أنها توفر الضغط الكافي، أو حتى غير الكافي، لردع الحكومة الاسرائيلية عن مواصلة عملية التهويد أو في الأقل تجميد هذه العملية حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يضع حدا للظاهرة الاستيطانية ويستأصلها من جذورها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :هل الولايات المتحدة- بكل قوتها ونفوذها وتأثيرها- عاجزة حقا عن وقف الاستيطان وتجميده؟ وهل اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة من القوة بحيث يهيمن على القرار السياسي الأميركي في الشرق الأوسط؟.
قد تكون هذه أسئلة ساذجة، لكن طرحها في الوقت الذي ترعى فيه واشنطن ما توصف بعملية سلام يفترض أنها تقوم فيه بدور نزيه يفرض طرح مثل هذه الأسئلة لأن التوصل إلى اتفاق- إن تم أصلا التوصل إليه، وهو من المشكوك فيه لدى جميع الأطراف- سيعني ضمانة تنفيذه. والتجارب السابقة مع اسرائيل عند تنفيذ، أو بالأصح عدم تنفيذ، اتفاقات من نوع إعلان أوسلو الذي ضمنته الولايات المتحدة ووقعت على ضمانته في البيت الأبيض عام 1993، أثبتت أنه حتى الضمانة الأميركية لا تكفي لتقوم اسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق. ومثل ذلك يقال عن اتفاق واي ريفر وإعلان أنابوليس.
وليس أدل على أن عملية التهويد في القدس، رغم المفاوضات ورغم تصريحات وزير الخارجية الأميركي، متواصلة بشكل منتظم وعلى قدم وساق من التقارير التي تحدثت أمس الأول عن مسارعة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في بلدية القدس في تسريع إقامة ما يزيد عن 2300 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة رامات شلومو الواقعة شمالي القدس، والمقامة على أراض فلسطينية مصادرة من بلدتي بيت حنينا وشعفاط. وتفيد هذه التقارير أن موعد طرح عطاءات بناء هذه الوحدات السكنية سيطرح قبل يوم العشرين من شهر كانون الثاني الجاري.
وهناك مخطط لإحكام الخناق الاستيطاني حول المدينة المقدسة من الشمال بربط رامات شلومو بمستوطنة راموت المقامة على أراضي بيت حنينا وبيت إكسا. ومع اتصال هذه المستوطنة برامات أشكول فإن الطوق سيكتمل حول مدينة القدس من الشمال تماما، ولن يعود هناك أي مجال للامتداد العمراني الفلسطيني من داخل القدس نحو تلك الجهة. ولا ننسى أن الامتداد نحو الشرق والجنوب له من المخططات التي نفذت وستنفذ ما سيوقفه تماما، ويعرقله نهائيا.
فهل تستطيع المفاوضات وقف التوسع الاستيطاني وتضع حدا لتهويد القدس؟ هذا هو السؤال المطروح أمام المتفاوضين الفلسطينيين والاسرائيليين وقبل كل شيء أمام الراعي الأميركي الذي يبدو متفائلا مسبقا بنتائج المفاوضاتدون أن يوضح ما آلت إليه حتى الآن أو متى سينكشف مستورها ويتضح للعالم غموضها ومجهولها.
من أجل فلسطين...الحلم والأمل
بقلم: ظافر يحيى صندوقة – القدس
شرعت صحيفة «القدس» الغراء أبوابها وصفحاتها وجندت العاملين لديها لتلبية احتياجات المواطنين المرضى والمحتاجين وأصحاب الحاجة، لتنقل صرخاتهم ونداءاتهم للمسؤولين ولأصحاب الضمائر الحية الميسورين من ابناء هذا الوطن المعطاء وكذلك لطلبة العلم الذين يبحثون عمن يأخذ بأيديهم لبر الامان.
لو أمعنا النظر وأجرينا احصاءات لهذه الصرخات والنداءات لنجد ان معظمها ينحصر في عدد قليل من المطالب مثل من يبحث عن كرسي كهربائي، او من يسأل عن طابعة «بريل» للمكفوفين او قوقعة للسمع او مريض بحاجة لعملية جراحية او من يبحث عن دواء مفقود او غالي الثمن، او طلاب يرغبون بمواصلة تحصيلهم الجامعي.
تناول الكاتب الاستاذ ابراهيم شعبان هذا الموضوع وطالب السلطة الوطنية بعمل تأمين وطني فلسطيني لكي يبتعد هؤلاء عن الاستجداء، ولأن العلاج والتعلم حق لكل مواطن، وهكذا تعمل الدول الحديثة بمجانية التعليم والعلاج لمواطنيها، وبما اننا في بداية الطريق في بناء الدولة المستقلة.
انني أرى انه على وزارة الصحة الفلسطينية ووزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية حل هذه المعضلات، فعلى سبيل المثال لو احصينا عدد المقعدين من ابناء الوطن المحتاجين لكراسي كهربائية وقامت الوزارة باستيرادهم بشكل مباشر ودون وسطاء او سماسرة او تجار، فبهذا توفر الحكومة مبالغ كبيرة من ميزانيتها، وهذا ينطبق على عدة اجهزة طبية مطلوبة.
وبخصوص المرضى الذين يحتاجون لعمليات جراحية يتم التعامل معهم سواء بتحويلهم للمستشفيات فنرى احياناً ان البعض منهم يتم تحويلهم الى مستشفيات محلية وآخرون يتم تحويلهم للمستشفيات الاسرائيلية او خارج البلاد مما يزيد الاعباء على ميزانية الحكومة.
اما بخصوص طلبة العلم فأرى ان تتكفل وزارة التربية والتعليم العالي بتوفير مقاعد للطلبة المتفوقين وليكن المعدل الادنى لكل طالب 80٪ مما فوق وضمن رسوم رمزية او بإعفاء كامل.
كانت هناك عدة مبادرات لإنشاء صندوق الطالب الجامعي لمساعدة الطلبة وهنا ارى ان يكون هذا الصندوق الممول الرئيسي لكافة الطلبة دون تشتيت للمصادر والجهات وأن تصب الاموال والمنح المقدمة من الجهات الخارجية فقط في هذا الصندوق، بحيث لا يتعرض الطالب لشروط من هنا وهناك.
وأخيراً كل التحية والتقدير لتلك الايادي البيضاء من ابناء شعبنا التي تلبي نداءات وصرخات المستغيثين وتقدم لهم المساعدة والعون وتأخذ بأيديهم الى بر الامان.
تصريحات إسماعيل هنية:خطوة حكيمة وفي الاتجاه الوطني الصحيح
بقلم: د. أحمد يوسف – القدس
منذ آب الماضي، والتصريحات التي يطلقها الأخ إسماعيل هنية؛ رئيس الوزراء في حكومة غزة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تحمل نبرة تصالحية ولغة خطاب بمفردات إيجابية، وتقدم إشارات ومبادرات بمضامين توافقية، وتعبر عن تفهم وإدراك لطبيعة المأساة وواقع الحال الفلسطيني المتردي؛ سياسياً ومالياً، إقليمياً ودولياً، وتعكس الوعي بضرورة التحرك السريع لإنقاذ السفينة قبل أن يبتلعها بحر الظلمات وتغرق في سديم مجاهله العميقة، وتضيع بذلك قضيتنا وكل موجودات حياتنا في دروب التيه والمهالك.
لا شك أن هذه الخطوة قد انتظرناها طويلاً، وهي حتى وإن اعتبرها البعض جاءت متأخرة إلا أنها القرار الصائب والحكيم، وهذا يقطع الطريق أمام المشككين، ويفتح باب الأمل لشعبنا المسكين، والذي ضاق ذرعاً بالانقسام وبالحزبية المقيتة وبالإهانات التي يتلقاها بشكل يومي؛ سواء من جيش الاحتلال أو من أجهزتنا الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن الجدير ذكرة؛ أن اللقاءات التي أجراها الأخ إسماعيل هنية (أبو العبد) خلال الشهور الثلاث الماضية مع فصائل العمل الوطني والإسلامي، ومع رؤساء منظمات المجتمع المدني، وكذلك مع الصحفيين والأكاديميين والمفكرين، واستمع إليهم وتبادل معهم الرأي والمشورة بروح أخوية وشعور عالٍ بالمسؤولية، إضافة الى نقاشات الحركة داخل إطاراتها الشورية ومكاتبها السياسية، هي - في الحقيقة - من هيأت الأجواء، ومهدت لفتح الطريق لمثل هذه الخطوة الذكية والموقف الحكيم..
إن هناك الكثير مما سوف يقال وما ستكتبه الأقلام خلال قادم الأيام، ويبقى كما قال الزعيم الألماني بسمارك: "إن القائد المحنك هو الذي يشتم قدوم الخطر (The Hoofbeats of History) ويتجهز له قبل وصوله"، حيث تقتضي الفطنة والذكاء السياسي أن لا تنتظر الحركة أو الحكومة لحظة الحشر في الزاوية، حيث تتعذر مع الضغوطات فيها القدرة على المناورة، بل عليها أن تتحرك وهي في دائرة الفضاء الأوسع من حيث الزمان والمكان، وأن تُقبل على تقديم العروض والمبادرات التي تغري وتسد الطريق أمام ذرائع التمنع والرفض.. لذا؛ ليس ضعفاً أو مهانة أن يقدم القائد والمسؤول على تقديم تنازلات لأبناء وطنه، والبحث عن التوافق والخلاص من أجل حماية مصالح شعبه وأهدافه الوطنية العليا، بل إنَّ ما يعيب هو أن نترك الوطن يضيع، وأن نسمح لعدونا أن يستبيح أرضنا وديارنا، وأن يلعب على حبل خلافاتنا الداخلية، وأن يستفرد بنا واحداً بعد الآخر، كتلك الرواية السردية في أدبياتنا الشعبية: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
إن المطلوب منا بدل غلظة القول وتنابز الألقاب وتبادل الاتهامات أن يعمل كل منا جهده كي يشدِّ من أزر أخيه، وأن يقديم كل ما يعزز موقفه ويرفع من منسوب معنوياته وثباته.. إن السلطة مأزومة في وضعها السياسي وما يجري من مفاوضات لا تبدو فيها نزاهة جهة الوساطة ولا يتوقع أحدٌ عدالتها، وهذا يستدعي منا أن نقف خلف الرئيس أبو مازن، وأن نعينه على إحسان التسديد والمقاربة في مواقفه، كي نظهر أمام العالم بأننا شعب واحد ولنا قيادة واحدة، وأن الرئيس أبو مازن – مهما بلغت صلاحياته - لن يستطيع الخروج أو التمرد على موقف يرفضه الاجماع الوطني، ولا أعتقد أن قياديا مخضرما مثله يمكن أن يتحدى الجميع، ويتخذ موقفاً منفرداً تبدو فيه "شبهة التفريط" واضحة بالحقوق والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، فالرجل مدرك بالتزامه الديني، ووطنيته النضالية، وخبرته التاريخية أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وهي تسكن – بأبعادها الإسلامية والقومية - في عقول ووجدان جميع شعوب المنطقة، وأن التاريخ لن يرحم سيرة أو مسار أي زعيم يسمح للمحتل بموطئ قدم فيها على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية.
كما أننا اليوم - وأكثر من أي وقت مضى - بحاجة ملحة لهذه الخطوة التي اتخذها الأخ أبو العبد، حتى نحمي كرامة الفلسطيني في قطاع غزة ونحفظ هيبته، بعد أن طال الحصار على أهلنا فيه، وتكالب الجميع بالعمل للضغط عليه، بهدف تركيعه وكسر إرادته.. إن غزة مأزومة ومكلومة، ونحن جميعاً في أمسِّ الحاجة لطي صفحة الماضي والتعافي من رغبات التشفي، حيث عوَّدتنا طبيعة هذا الشعب العظيم أنه صاحب مروءة ومواقف تظهر عند الشدة وفي مواجهة الأعداء.
إن كلمات الأخ أبو العبد وتصريحاته المعبرة بصدق عن توجه أخوي لكي يتوحد الصف، ونتمكن معا من حماية مستقبل شعبنا وقضيتنا، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن نرى مقابل هذا الشبر أو الذراع الذي تقربت به غزة وحركة حماس باتجاه رام الله والرئيس أبو مازن أن يتحرك إخواننا في الضفة الغربية باعاً أو أن يأتي الرئيس - الذي انتظرناه طويلاً - زائراً إلى غزة.
أتمنى ألا يُساء فهم هذه التصريحات، ونشهد غداً تحرك بطانة السوء لوضعها في سياق تفسيرات الأزمة السياسية مع الشقيقة مصر وسوريا وإيران أو النظر إليها من جهة الأوضاع المالية الخانقة التي يمر بها قطاع غزة.. إن أمانة المسؤولية الوطنية توجب علينا جميعاً ألا نكرر أخطاء بعضنا البعض، وذلك بمراهنة كل طرف – من حين لآخر - بأن الوقت يعمل لصالحه، وأن "الكرة في ملعب الآخر"، وأن إمكانيات الفوز هي في استمرار المراوغة وانتظار لحظة استسلام الخصم.!!
إن هذه الفرصة تأتي في ظروف تاريخية هامة ولحظة وطنية فارقة، وهي توجب على الأخ الرئيس أبو مازن اقتناصها، وعدم تفويتها، باعتبارها سهماً في كنانته، "سنشد عضضك بأخيك" وأن عليه الاستثمار فيها بتحسين موقفه التفاوضي وتعزيزه، بشكل لا يسمح لإسرائيل وأمريكا بالتفرد به تحت ضغط الانقسام البغيض، والظروف المالية الصعبة، وسطوة جيش الاحتلال الأمنية، وحالة الضعف والهوان التي عليها الأمة .
لقد تواصل معي الكثير من الإخوة في حركة فتح - في الداخل والخارج - معبرين عن فرحتهم وارتياحهم لتلك التصريحات، آملين أن تكون الأيام والأسابيع القادمة هي عودة الوئام ونهاية الأحزان.
قولوا معي: آمين..آمين
كيف يكون المتهم بالتعذيب مستشارا للشئون العربية؟!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
المدعو الكابتن جورج ( دورون زهافي ) والذي سمح بالكشف عن اسمه مؤخرا، أبشروا يا مقدسيين قد عين مستشارا للشئون العربية عند قائد منطقة القدس بعد أن كان يعمل في بلدية القدس - نير بركات وقبلها في الوحدة الخاصة للمهام الخاصة. هذا المتهم بتعذيب مصطفى ديراني رجل أمل القوي اللبناني الذي اختطف من جنوب لبنان للتحقيق معه بشأن مصير رون أراد الطيار الإسرائيلي المفقود، يعين كمستشار للشئون العربية لأنه غدا خبيرا بها وفهمها وفهم كيفية التعامل مع الشعب العربي الفلسطيني المقدسي . هذا الضابط المرحب به إسرائيليا وفخرهم، والمتهم بإيلاج عصا في مؤخرة وإست مصطفى ديراني وتعريته وإذلاله وضربه بل وفعل الفاحشة معه أثناء التحقيق معه، يعين مستشارا للشئون العربية، فكيف يكون هذا، وعن ماذا ينبىء، وأي فكر يقر هذا وما هي الرسالة خلفها؟!
التعذيب أكثر أنواع السلوك الرسمي قذارة وسوءا ودناءة، يقوم به موظف عام أو رجل أمن مع شخص آخر تحت سلطته، باستعمال سلوك ينتج ألما شديدا جسديا أو نفسيا للمعذب من أجل الحصول على معلومة أو اعتراف منه أو من غيره. وعادة ما يكون المعذب ( بفتح الذال ) يحوز القوة المعنوية والإيمان بعدالة قضيته، أما المعذب ( بكسر الذال ) فيحوز جميع مظاهر القوة المادية ويستعملها لكسر إرادة المعذب. فالأمر صراع بين إرادتين غير متكافئتين.
من هنا أجمعت دول العالم ولو نظريا على الأقل على حظر وتجريم التعذيب بكل أشكاله وأنواعه. فالمحققين يزعمون زورا وبهتانا بجدوى التعذيب ويروجون له، والحقائق تكذب هذا الزعم، بل تشير إلى أن التعذيب خلق مآس إنسانية غدا إصلاحها مستحيلا. لذلك سنت الأمم المتحدة ميثاقا لمنع التعذيب حيث دخل حيز التنفيذ لمن انضم إليه من الدول فقط. وقد انضمت إليه إسرائيل في بداية التسعينيات، ولكن هذا الإنضمام لم يقد إلى محاكمة شخص كدورون زهافي ( الكابتن جورج - الإسم التنكري لرجال المخابرات الإسرائيلية ) المتهم بممارسة التعذيب مع مصطفى ديراني اللبناني من حركة «أمل».
التعذيب مثل الإستيطان غدا جريمة دولية من جرائم الحرب ومن الجرائم ضد الإنسانية التي جرمها ميثاق روما لعام 1998 الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية والتي مقرها لاهاي في هولندا. إلا أن يد العدالة الدولية قاصرة عن أن تطال شخصا مثل الكابتن جورج وتقديمه لمحكمة دولية وبخاصة أن الدولة الإسرائيلية لم تنضم لميثاق روما بل ترفض الإنضمام إليه، تماما كما فعلت سيدتها في البيت الأبيض.
وحتى ما يسمى بالإختصاص العالمي لملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية وبخاصة في الدول الأوروبية فشلت في تعقب وملاحقة شخص مثل دورون زهافي وسمحت له الإفلات بفعلته، وشجعت غيره على الإستمرار بأفعاله المناهضة للإنسانية وارتكاب أبشع أنواع السلوك قاطبة ألا وهو التعذيب.
وقطعا إسرائيل وسلطاتها لم تقدم دورون زهافي لمحاكمة عادلة بتهمة التعذيب، وتخلت عن واجبها الأول بموجب معاهدة منع التعذيب التي انضمت إليها، بل قامت بترقيته وترفيعه وغدا يشغل مناصب رفيعة كلها تتصل بالمواطن العربي المضطهد، وليس بالمواطن اليهودي. فهو الخبير بالعرب وكيفية الحصول على المعلومات منهم وأصبح على دراية كافية بذلك على مر الزمان عبر استعمال وسائل خلاقة ومبدعة في خياله المريض. غير مفهوم الهدف الذي انضمت إليه إسرائيل لمعاهدة منع التعذيب ما دامت غير راغبة في تطبيقها على جميع عناصر أجهزتها الأمنية أولا وقبل كل شيء. أم أن الموضوع يتخلله تمييز عنصري، أم أن الأمر برمته مجرد مسحوق لتجميل الوجه القبيح؟!.
وإغراقا في المغالاة بزعم الطهارة والبراءة، قام الكابتن جورج برفع دعوى تعويض على السلطة الإسرائيلية لتعويضه عما تسببت له من آثار نفسية ضارة من حيث ملاحقته والتخلي عنه. ونسي الجميع ان جزاء المعذب يأخذ صورتين واحدة جزائية والأخرى مدنية. وحتى الشكل المدني بالتعويض لم يستطع مصطفى ديراني الحصول عليه من الدولة الإسرائيلية التي تشغل واحدا مثل دورون زهافي في دوائرها. وقطعا لم يحصل عليه من دورون زهافي الذي انتحل اسم الكابتن جورج.
صحيح ان أكبر المشاكل التي تواجه التعذيب إثباته، وهذا يجعل الفاعلين يفلتون من عقابه نظرا لصعوبة الإثبات. فالتعذيب يتم في أماكن نائية أو تحت الأرض حيث لا يصل إليها الكثيرون، ويتم من محققين يحملون أسماء تنكرية وغير حقيقية بزعم حمايتهم من الإنتقام منهم وبالتالي لا تعرف هويتهم الحقيقية، ويتم بأساليب لا تترك آثارا جسدية على المعذب وحتى أنه يتم بإشراف طبي صحي. ولكن حقيقة الأمر ان أية دولة تحترم نفسها وتحترم حقوق الإنسان الذي يقف على رأسه الحق في الحياة تستطيع بقليل من المثابرة وقليل من الجد أن تكتشف من يمارس التعذيب في سجونها إن لم تقف الإرادة السياسية خلفها ذلك أن لديها من الوسائل والآليات لتقطع دابر التعذيب للأبد. لكنها مصلحة الأنظمة التسلطية الإستبدادية الإحتلالية في استمرار سيف التعذيب مصلتا فوق رؤوس الأحرار المقاومين.
وبعد كل الممارسات البشعة التي يمثلها الإحتلال ضد الشعب العربي الفلسطيني المقدسي يأتيك من يزعم أن هذه دولة ديموقراطية بل واحة الديموقراطية في المنطقة التي تمثل التعايش في المنطقة. والدليل الصارخ على ذلك تعيين أشخاص عرف عنهم كراهيتهم أو شراستهم أو اضطهادهم أو تعذيبهم للعنصر العربي في مواقع المسئولية الرسمية، وعدم التعامل مع الشعب العربي الفلسطيني كوحدة سكانية بشرية ثقافية لها لغة وقيم وأمان مشتركة بل بشكل ذيلي تبعي. وتمعن في تجاهل الوقائع طمعا في إنجاز سريع يزول مع أول نسمة.
لقد مل أهل القدس ممارسات رجال الشرطة والعبث بأمنهم، وملاحقات شرطة التأمين الوطني لمصادرة حقوقهم، ومتابعات مخابرات وزارة الداخلية لحرمانهم من الإقامة في أرض الآباء والأجداد، ومراقبات بلدية القدس-نير بركات لتعذيب أهل القدس في الحصول على رخصة بناء. حلوا عنا فقد قرفناكم!!
سياسة تمييز عنصرية في كل القطاعات المقدسية يشرف عليها عسكريون بلباس مدني أمثال الكابتن جورج أو غيره فالبناء موضوع تمييزي، والتأمين الوطني تمييزي، وحتى الإقامة وليس المواطنة تمييزية. أما المخدرات والفقر والتشرد فلا أحد يلاحق ولا يكترث به. ولسان حال المسئولين الإسرائيليين يقول فليذهب المقدسيون الفلسطينيون العرب للجحيم .
حتى يعود للعراق حضوره العربي...
بقلم: يوسف مكي - القدس
ليس سراً، ما يعانيه العراق، من جرائم سياسية مركبة، ليست التفجيرات في المدن الرئيسية، في قلب الأسواق والأماكن العامة المكتظة بالسكان سوى واحد من مظاهرها . ولا يمكن عزل ما يجري الآن من أحداث جسام في هذا البلد العريق، من دون ربطها بالاحتلال وبالتسويات السياسية التي أعقبته . وطبيعي القول إن عراقاً قوياً كان دائماً وباستمرار بالضد من مصالح القوى الإقليمية والدولية .
الاحتلال الأمريكي، للعراق عام 2003 لم يستهدف النظام فحسب، كما هي عادة الاحتلالات الاستعمارية التقليدية، ولكنه تبنى استراتيجية، هدفت إلى هدم الدولة العراقية، وتخريب مؤسساتها . وكان حل الجيش العراقي، الذي ارتبط بالدولة الوطنية الحديثة، التي تأسست عام 1920 هو أول خطوة في اتجاه تدمير العراق، ومصادرته كياناً وهوية، وتغيير المعادلة الديمغرافية (السكانية) فيه.
القوى العراقية التي ساندت الاحتلال، انقسمت إلى شطرين . شطر موالٍ بالتمام لإيران، وعماده المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة، وهو حزب أسس في عهد شاه إيران، والهدف من تأسيسه هو تحقيق اختراق سياسي، موالٍ للشاه في الخليج العربي . وحين أطيح بنظام الشاه، أدار الحزب له ظهر المجن، وانتقل في موالاته للنظام الجديد .
المعارضة الأخرى، للنظام نشأت في الغرب، ورموزها كثر، لعل أهمهم إياد علاوي، وأحمد الجلبي، وتضامنت معهما قيادة الإخوان المسلمين، بقيادة طارق الهاشمي الذي تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، قبل أن يحتدم الصراع بينه وبين الخط الإيراني، الذي يقوده رئيس الحكومة حالياً نوري المالكي .
أفصحت المؤشرات التي ارتبطت بخريطة حظر الطيران في الشمال والجنوب، أثناء الحصار الذي فرض على العراق، إلى نية إدارة الرئيس بوش، بل كلينتون تقسيم العراق، إلى ثلاثة أقسام . وكان نائب الرئيس الأمريكي حاليا، جوزيف بايدن قد تقدم للكونغرس الأمريكي، بمشروع تقسيم العراق، ووافق الكونغرس على المشروع بأغلبية الأصوات، لكن القرار اعتبر غير ملزم للإدارة الأمريكية.
في ظل الاحتلال، أصبح انشطار الجزء الشمالي من العراق، المعروف بمنطقة كردستان، أمراً واقعاً، وغدا الإعلان عن انسلاخه الكلي عن المركز، مسألة وقت، ورهناً بتوافقات إقليمية ودولية ليس إلا . ولم يتبق سوى قيام الإقليم الجنوبي، الذي تأجل تنفيذه لأسباب موضوعية، أهمها أن النظام في المركز متحالف مع طهران .
انسحب الجيش الأمريكي من العراق، تحت وطأة ضربات المقاومة العراقية، وأيضاً بفعل الأزمة الاقتصادية القاسية في أمريكا، التي برزت بعد ما عرف بأزمة الرهن العقاري . وقد ضمن الأمريكيون مصالحهم في العراق، من خلال توقيع جملة من الاتفاقيات النفطية والأمنية .
والمؤكد أن عراقاً مفتتاً سيبقى باستمرار هدفاً أثيراً لإيران، سواء كان في السلطة مؤيدون لها أم معارضون . لم يكن فصل الجنوب، وإقامة دولة شيعية فيه ممكناً، طالما ظل حلفاء إيران مهيمنين على السلطة بالمركز، وكان البديل هو تشكيل الإقليم السني، الذي يضم الأنبار ومحافظة صلاح الدين: تكريت وسامراء وبعقوبة . ويضاف إليهم الموصل والجزء الشرقي الجنوبي من بغداد . لكن ذلك، في نتيجته سيقطع الطريق الاستراتيجي البري الموصل إلى سوريا ولبنان، فالبحر الأبيض المتوسط .
الانتفاضة الحالية في الأنبار، مركبة ومعقدة، لكن القراءات الجزئية تتكامل مع بعضها في النهاية، لتؤكد رفض العراقيين: للفساد ولهيمنة عملاء طهران وبقايا نفوذ الاحتلال على الحكم، ويأتي ذلك متزامناً مع الرغبة في إنهاء إفرازات الاحتلال . وهنا تتداخل المصالح وتتقاطع الإرادات .
يمكن القول إن الوضع السياسي في العراق، قد تبدل جوهرياً بعد الاحتلال، وأصبح تكاثر وجود الأحزاب، أشبه بمزرعة الأرانب . بعضها تأسس في المنفى وبعضها الآخر، تشكل بعد سقوط بغداد . والقليل منها كان قائماً وموجوداً فعلياً على الأرض كالأحزاب الكردية .
الأحزاب المرخص لها، لا تعكس بالضرورة وجوداً حقيقياً على الأرض . فحزب البعث، الذي قاد السلطة الوطنية حتى عشية الاحتلال عام 2002 لا يزال يعتبر القوة الأكثر تنظيماً وربما عدداً في العراق . ومن دون مشاركته في السلطة، فإن من غير المتصور قيام عراق مستقر . ويتعاطف مع الحزب عدد من المناهضين للاحتلال..
وأوضاع العراق أشبه برمال متحركة، تحالفات تنشأ وأخرى تختفي . والخصومة التاريخية، بين طرفي المعارضة السابقة: معارضة إيران ومعارضة الغرب، أخذت تتسع . وقد وجد إياد علاوي وكثير من المعارضين للسياسات الإيرانية في العراق، فرصة في انتفاضة الأنبار الشعبية، لكي يستثمروها، ويلتحقوا بها .
ما يجري الآن في الأنبار هو صراع إرادات، ومعركة كسر عظم، بين تنظيمات المعارضة السابقة . واعتقال النائب العلواني في محافظة الأنبار هو أحد تجليات هذا الصراع . والخشية هي اتجاه الأوضاع لقيام إقليم مستقل، فيما يعرف بالمثلث السني . وهو ما عبر عنه عدد من نواب المحافظة في البرلمان العراقي .
مطلب التقسيم، سيكون عبئاً آخر، على الأعباء التي تنوء بحملها أرض السواد . فهو سيكون استكمالاً لمطلب تفتيت العراق، إلى ثلاثة كيانات كرتونية . والإقليم إن حدث التقسيم، لا سمح الله، لا يملك مقومات الدولة الحديثة، بكل المقاييس . فهو بلد فقير يمثل معظم الصحراء العراقية، وتنقصه الثروة . وهو أقل المحافظات العراقية، من حيث الكثافة السكانية، وأكثرها اتساعاً في المساحة . وسيكون محاطاً، بما يشبه الكماشة من كل الجهات، بأنظمة معادية له . وسيكون عقبة كأداء، الآن وفي المستقبل في الحد من العمق الاستراتيجي للعراق وسوريا، على السواء .
وحدة العراق هي الأساس، ومواجهة التدخلات الإقليمية، شرطها وقوف كل العراقيين خلف برنامج وطني، يقضي على الإرهاب ويحقق الأمن والسلام، ويوقف عمليات التخريب والتفجير، ويضمن المساواة والتكافؤ، ويحارب الفساد والمحسوبية، ويؤمن لشعبه الأمن والتقدم والرخاء . ويعيد للعراق حضوره العربي، الحضور الذي رافق مسيرته منذ فجر التاريخ .
تغريد خارج السرب ..!!
بقلم: يونس العموري – القدس
" خراريف وتخاريف ... " تلك التي تطالعنا صباح مساء وما تحمله عناوين المرحلة بكل حيثياتها ومكوناتها ، حيث الارتجال والتخبط بكل ما يتصل بالشأن العام المُعتمد اصلا على ردات الفعل غير المحسوبة حيث بات العمل السياسي الى حد كبير ينتظر القادم من الاخر بعيدا عن امتلاكنا للإستراتيجية التي من المفروض انها تحدد آليات العمل السياسي ومناهجه وبالتالي ادواته بشكل او باخر ، ولابد من اعادة الحصان امام العربة لا ان تبقى العربة هي التي تتصدر المشهد العام .
هي " الخراريف والتخاريف "حيث الكلام الاجوف غير المعبر عن الحقيقة وشطحات القول المنطلق من عقول ليس لها ارتباط بمعايير نبض الجماهير. وهي وقائع الفعل السياسي الراهن الذي اصبح ينطوي بكثير من الاحيان على مقاييس ليس لها علاقة بالحدود الدنيا باصول الفعل السياسي عموما في ظل وقائع القضية التحررية التي رسخت قواعدها ومعاييرها ومقاييسها من خلال قوانين الفعل الجماهيري الشعبي بعيدا عن احترافية العمل السياسي ومنطلقاته ومناهجه حتى العلمية حيث التجربة وقواعد الاشتباك والإبداع الجماهيري عموما وما تفرضه المرحلة ومتغيراتها على اساس الحق بتقرير المصير والسيادة والتحرر والتحرير .
هي ( خراريف ) نستمع اليها مجبرين مقهورين ونحاول جاهدين ان نحلل الكلام ولو بشيء من المنطق فنجد ان المنطق بعيد كل البعد عن امكانية تحويل هذه ( الخراريف ) الى نقاط ارتكاز من الممكن الاعتماد عليها في مواجهة تحديات المرحلة وما يفرضه الاخر من وقائع بالقوة على خارطة التعاطي السياسي .
هي ( خراريف ) اصبحت تشكل سمة من سمات عصر والاسواق تفتتح مزاداتها بكل الاوقات وبورصة المتاجرة بالمواقف احدى اهم مكونات هذه الخراريف التي ستأتي اقناعا واقتناعا بشكلها الراهن لممارسة اعتى اشكال الاقناع بصحة هذه (الخراريف) لتتحول الى منطق يتم التسويق له في منظومة الوعي الشعبي العام .
ويكون ان يأتينا بنافل القول والقبول بما كان بالامس محرما وقد نستوعب او نتفهم التكتيك وللتكتيك اصوله وقوانيه وفقا لأليات عمل متناغمة متناسقة عموما والتغريد خارج السرب جزء من الارباك والارتباك. وبهذا السياق فأن ثمة تغاريد كثيرة متناقضة منطلقة من ما يسمى (بمؤسسة التغريد) الحصرية للواقع الراهن.
وحيث ان (الخراريف) قد صارت جزءا من اللعبة وانها بالفعل لعبة يتم التعامل معها باسلوب «الاكشن» تارة وباسلوب الاثارة تارة اخرى وقد يتصدر المرحلة الدراما الساخرة التي تعبر عن حقيقة افلاسية لما يمكن ان يتم التقدم به وتبقى الاساليب واحدة بالكيفية التي من الممكن ان يتم التعاطي معها وبها بصرف النظر عن وقائع التوتر والتوتير والمطالبات الشعبية الجماهيرية ليس مع الحقوق وما يسمى بالثوابت بل وايضا مع مستجدات الحقائق الراهنة والقبور تستقبل القتلى بازهايج تراثية وبحركات قد صارت جزءا من مكونات المشهد وبحرق الاطارات وسقوط المزيد من القتلى على بوابات المدن التي من الممكن وبشكل مجازي ان تنتفض وانتفاضتها مسيطرا عليها ولابأس من فشة الخلق والصراخ والتنفيس للعودة الى التوازنات والرواتب بالمصارف عصر هذا اليوم وستكون كاملة مكتملة .
والاطفال ينسحبون من الشوارع ليعودوا للإستجداء بحجة البيع والشراء وممارسة المهنة والتجارة مشروعة والمتاجرة باللحم الحي جزء من اللعبة ايضا .
هي ( خراريف) الاحتواء والسيطرة على صناعة القرار من خلال التحكم بصيغة مفهوم ذات القرار والمصلحة تُقضي ايضا بنوع معين من المتاجرة بالمواقف وللمواقف هنا الكثير من الحكايا الممزوجة بفنون التجارة والمتاجرة الاقليمية والدولية لتقديم حسن السلوك لنيل العطايا من هنا او هناك والعبور الى الاندية الدولية والاشتراك بالتخطيط الاقليمي واعادة ترتيب المرحلة والمنطقة والقفز على مكونات المُراد جماهيريا وشعبيا وتسويق ما يُراد له ان يكون اقليميا ودوليا من خلال ارادة اللاعبين الكبار على الساحة وان كان من ثمن فالاثمان مودعة في حسابات التكتلات والمحاور المتبدلة والمتكونة بفعل المتغيرات الراهنة واسقاط وسقوط الرؤوس الكبيرة من علامات الساعة التي قد دنت مواقيتها. تلك الساعة التي تنذر بسيطرة الغوغاء على المشهد ومحاولة تقديم انفسهم بكونهم الاحرص على الحق والحقوق وبالتالي لابد من فعل الاندثار لكل الموروثات القديمة التي اصبحت بأعرافهم واحدة من معوقات التقدم بالشيء الجديد الذي يراعي منطق قوانين اللعب السياسي على الساحة وفقا لأجندات الامراء والتغير والمتغير والتمهيد لحكم الارشاد والمرشد ولأولي الامر بحكم الاسلام السياسي الكثير من المسوغات التي من الممكن تقديمها.
هي ( خراريف) البلطجة والزعرنة التي باتت اهم العناوين المتصدرة للمشهد في ظل غياب تام لمنطق العقلنة والتعقل والرصانة، والمسلكية صارت بضاعة مفقودة فاقدة لقيمتها في مبايعات العصر الجديد ... وهذا البلطجي تراه هو من يصنع منظومة الوعي ( لمعلمه ) الاسم الجديد في عوالم الفعل السياسي الراهن ... (المعلم) باللغة العامية المحكية بمعنى ان ارادته فوق الارادة الجمعية الجماعية وحينما يريد (المعلم) فالكل سيعمل على تنفيذ الرغبات وان كان للحارس الشخصي او البلطجي الكثير من التأثير هنا حيث هو البوابة الفعلية لعقلية هذا المعلم او ذاك المتعلم وبالتالي لابد من احكام السيطرة على السيد الجديد القادم الى عالم صناعة القرار للسياسي المتنفذ من خلال البلطجي المتصدر للمشهد الان بكل ساحات الفعل والتأثير .
مرة اخرى نحاول دق الناقوس لنقول ان هذه ( الخراريف) باتت السمة والعنوان الابرز على مسلكيات العمل السياسي الذي من المفترض انه منطلق من قواعد المقاومة مفتوحة الخيارات التي تحمل في جعبتها اجبار حكومة تل ابيب على الانصياع لارادة هذا الشعب الذي ما زال طامحا طامعا بحقوقه .. وعلى استعداد دائم لإستقبال الجنازات للقتلى بصرف النظر عن الكيفية التي من خلالها يقتلون وان تعددت الاسباب فالقتل واحد والقبور ستحتضن الايقونات الجديدة على طريق الخلاص ... ولابد لهذه الخراريف من ان تتوقف ووقوفها منوط بنبذ جهابذة التخريف .
المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً"
بقلم: حسن البطل – الايام
في المثل الشعبي الفلسطيني ذي المحملين "إن شتّت (أمطرت) أو ما شتّت" غير ما في "إن نجحت (المفاوضات) أو لم تنجح". المحمل الأول للمثل: لا يهمني ولا أبالي إن أمطرت. المحمل الثاني: إن أمطرت أو لم تمطر عليّ أن أقوم بعملٍ ما، مهمّة ما.
ماذا إن نجحت المفاوضات أو لم تنجح؟ إذا نجحت فهذه معادلة مختلّة بين كفّة ميزان الحقوق وكفّة ميزان القوى!
إن لم تنجح، فهذا يعني ما كان يعنيه عرفات: "ليس كل طير يؤكل لحمه"، أي أن "عضلات" المفاوض الفلسطيني ليست في قوة عضلات المفاوض الإسرائيلي، لكن للمفاوض الفلسطيني عظاماً قوية. (سلامة عظام الطفل أهم من رخاوة عضلاته، فالعلّة في العظام تقود إلى الكساح، لكن عظاماً قويّة تعني بناء عضلات مفتولة)!
في محاكمة المفاوض الفلسطيني أنه "ساذج" كما هو الحكم عليه في مفاوضات إعلان مبادئ أوسلو (قال بيريس: كأننا نفاوض أنفسنا) لكن، في الحقيقة كان المفاوض الفلسطيني يستدرج الإسرائيلي، لأن كفة ميزان القوى والواقع كانت لصالح الإسرائيلي.
مثال: بعد أن اقترح الفلسطينيون غزة + أريحا وقبل الإسرائيليون المبدأ، قال المفاوض الفلسطيني: نحن نفهم من أريحا أنها تشمل محافظة أريحا، فطلب رابين إنهاء عملية التفاوض كلها.. وفي النتيجة قبلنا رفع علم ووضع شرطي على جسر اللنبي (اقرأوا مذكرات أحمد قريع ـ أبو علاء).
في مفاوضات أوسلو 2 بالقاهرة، لتوسيع صلاحية الحكم الذاتي إلى مدن الضفة، أثار عرفات أزمة في اللحظة الأخيرة، لأن مشروع الاتفاق كان أقل مما قدّر وطلب.. وأخيراً، وضع تحفظاته كتابة على ذيل مشروع الاتفاق.
في مفاوضات كامب ديفيد 2000 رفض عرفات اقتراحاً من ايهود باراك "كتسوية نهائية" للمطالب، يتضمن ضم 8% من الضفة دون مقابل، والاحتفاظ بالقدس الشرقية، والحرم تحت السيادة الإسرائيلية، والاحتفاظ بربع غور الأردن.. في النتيجة فشلت القمة، وحمّل كلينتون المسؤولية لعرفات، خلافاً للتفاهم بألاّ يحمل المسؤولية لأي طرف. لكن، ما لبث كلينتون أن أعلن "مبادئ حل" قبلها عرفات، وجرى التفاوض وفقها في طابا، وكادت تنجح، حسب مذكرات وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو ـ بن عامي.. إلاّ أن إيهود باراك نكص على عقبيه!
في مفاوضات ما بعد أنابوليس، وصلنا إلى مشارف اتفاق نهائي، بما فيه مبدأ المبادلات الأرضية، وتقسيم القدس، وعودة محدودة للاجئين، لكن أولمرت رفض إعطاء نسخة عن الحدود لأبو مازن.
في مفاوضات العام 2010 مع نتنياهو رفض هذا أن تبدأ من حيث انتهت المفاوضات مع أولمرت، أو حتى مبادئ كلينتون، أو مشروع مفاوضات طابا. هكذا أنهى أبو مازن المفاوضات العبثية.
في المفاوضات الحالية "الصعبة جداً جداً" علينا أن نفهم سبب دأب وإلحاح جون كيري، لأن من المهم له أن يحرز اتفاقاً بين حكومة إسرائيلية تمثل أعتى اليمين وحكومة فلسطينية هي الأكثر اعتدالاً.
صحيح، أن مناحيم بيغن، الزعيم التاريخي لليمين وافق في "كامب ديفيد" المصري ـ الإسرائيلي ـ الأميركي على "حكم ذاتي فلسطيني" و"شرطة قوية" لكنه فسّرها بحكم ذاتي للسكان وليس على الأراضي.. ودون ذكر م.ت.ف أو "دولة فلسطينية"!
.. وفي المفاوضات الحالية؟ لاحظوا أن المفاوضات على مستوى المندوبين جرت في 20 جولة، لكن كيري قام بجولته العاشرة، وعقد اجتماعه الـ 21 مع أبو مازن.
المعنى؟ المفاوض الفلسطيني ليس "خرعاً" ولا "ساذجاً" ولا "مفرّطاً" كما وليس مجرداً من "خيارات" إذا فشلت المفاوضات.
لا داعي لوضع أحمال ثقيلة من "الحقوق" على كاهل المفاوض، الذي يفاوض بينما كفّة ميزان القوى مختلّة، وعلاقات إسرائيل بأميركا استراتيجية وبخاصة في تعزيزها ميزان القوى المختلّ بشكل فاحش جداً لصالح إسرائيل.
كل ما في المسألة أن صفحة "النزاع" العربي ـ الإسرائيلي طويت، وصفحة "الصراع" الفلسطيني ـ الإسرائيلي فُتح بابها على مصراعيه.. وهذا هو الإنجاز للمقاوم وللصامد وللمفاوض الفلسطيني، المتهم، ظلماً، بأن مقاومته لم تكن مجدية للتحرير، وصموده لم يكن كافياً، ومفاوضه كان "خرعاً" و"ساذجاً".
المفاوضات هذه تدور بينما "شروط الأمن" الإسرائيلي غير مقبولة من الجانب الفلسطيني؛ وشروط السيادة الفلسطينية غير مقبولة من الجانب الإسرائيلي، والأميركيون يحاولون التجسير بين شروط وشروط، انطلاقاً من: مبادئ كلينتون، مبادرة السلام العربية، مبادرة جنيف، ومشروع إيهود أولمرت للسلام.. وليس أبداً من "حكم ذاتي للسكان وليس للأراضي".
إزاء النقد للمفاوض الفلسطيني، ولأوسلو، ولكامب ديفيد 2000، هناك نقد إسرائيلي مقابل. الفلسطينيون يعضُّون بنان الندم على الاعتراف بفلسطين الـ22% والإسرائيليون يعضون بنان الندم على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكيري؟ تارة متهم أنه يميل للجانب الإسرائيلي وتارة يميل للجانب الفلسطيني.. لكن المهم أن مفاوضات كامب ديفيد 2000 كانت وفق مفهوم إسرائيلي: "لا اتفاق على شيء قبل أن يتم الاتفاق على كل شيء". هذا المبدأ صار مبدأ المفاوض الفلسطيني: تحدثنا مع كيري حول كل شيء لكن دون الاتفاق على أي شيء.
لا يُكلِّفُ الله نفساً إلاّ وُسعَها، فلماذا تُكلِّفُون المفاوض الفلسطيني بغير ما في وسعه؟**
يقول أبو مازن "القوي عايب" ويقول حكيم يهودي "العائب بعيبه يعيب".
السيسي رئيساً: ليس للديك فضل في بزوغ الفجر!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
لا شكّ أن الرابع عشر من الشهر الجاري يشكل امتحاناً هاماً ومرحلة مفصلية من تاريخ جمهورية مصر العربية، إنه اليوم الأول للاستفتاء على الدستور المصري المنبثق عن خارطة المستقبل الناجمة عن ثورة 30 حزيران التي استجابت لها القوات المسلحة المصرية، وأوقفت المد الإخواني، الأمر الذي أوقف وربما إلى الأبد، تدمير مصر ودورها وحضارتها، ذلك أن إقدام الجيش المصري على الاستجابة لتطلعات الشعب المصري، في ذلك الوقت العصيب، مكّن شعب مصر من وقف التدهور والسقوط، ووفّر الكثير من الامكانيات والدماء، بعد فشل تنظيم الإخوان في إدارة شؤون الدولة المصرية، أولاً، لعدم امتلاكه مقومات الإدارة، وثانياً لتسرعه في محاولة أخونة الدولة والمجتمع، وانكشاف مساعيهم لتحويل مصر إلى تابعة للولايات المتحدة.
تصحيح مسار ثورة 25 يناير/ كانون ثاني عبر ثورة 30 يونيو/ حزيران، ما كان له أن يحدث لولا الدور البارز وغير المفاجئ للقوات المسلحة المصرية، التي تعتبر مع أجهزة القضاء المصري ومؤسسة الأزهر، ركائز أساسية وجوهرية للدولة المصرية، ولعل دور القوات المسلحة إنقاذ ثورة 25 يناير في عدم التورط في المواجهة ونجاحها في حقن دماء المصريين، مقارنة بما حدث في ليبيا وسورية واليمن، هذا الدور تم البناء عليه لتصبح النتائج غير المتوقعة لتلك الثورة، رغم كل ما قيل ويقال عن دور "المجلس العسكري" واتهامه بالمساهمة في وصول مرسي والإخوان إلى الحكم، خشية على مصر وشعبها من بطش "الجماعة" إذا لم تصل إلى الرئاسة.
كل هذه التداعيات، زادت من مجد القوات المسلحة المصرية مع ظهور فارسها عبد الفتاح السيسي الذي أعاد إلى ذاكرة المصريين والعرب، تلك النشوة بالانتصار في عهد جمال عبد الناصر.
ورغم اختلاف الظروف والأحداث والبيئة السياسية والثورية، فقد احتل السيسي أفئدة المصريين والعرب، الذين كانوا وما زالوا بحاجة إلى زعيم من هذا الحجم، الأمر الذي دفع بالعديد من القوى السياسية والاتحادات والنقابات إلى ترشيحه لرئاسة الدولة المصرية، وقد أشارت بعض التطورات الأخيرة إلى أن السيسي قد يستجيب لهذه الدعوات الجماهيرية في مصر وفي بلاد العرب.
غير أننا نرى أن مثل هذه الاستجابة قد تؤدي إلى ما هو أخطر من الوضع الراهن، ذلك أن استحقاقات المرحلة المقبلة وعلى ضوء تركة مبارك ومرسي ستجعل من أي رئيس جديد، محرقة على المستوى الشخصي والرمزي نظراً للمعطيات السياسية والاقتصادية، والدور التدميري والإرهابي للحركات التكفيرية في سيناء كما في عموم مصر العربية، إذ تكمن الحاجة إلى وزير دفاع قوي محبوب أكثر من الحاجة إلى رئيس حتى لو كان بحجم السيسي.
ثم من قال إن العودة إلى حكم الطبقة العسكرية يتلاءم مع مخرجات ثورات الربيع العربي، خاصة في مصر، وحتى لو خلع السيسي بزته العسكرية واستبدلها بمدنية فإن العقل العسكري العاجز عن إدارة الشؤون المدنية للدولة المدنية، غير مرغوب فيه، بل إن المطلوب بقاء رجل كالسيسي وزيراً للدفاع وقائداً أعلى للقوات المسلحة، ضرورة تفرضها تلك الظروف الصعبة التي أشرنا إليها.
رغم ذلك، يبدو أن العديد من المؤشرات تفيد بأن القوات المسلحة المصرية باتت أكثر اقتراباً من إعداد نفسها كي يستجيب السيسي للمطالب الشعبية ويقال إنها اتخذت الخطوات التي تشير إلى أن السيسي، سيقدم مثلاً على ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وهو إنما ينتظر نتائج استفتاء الشعب على الدستور منتصف الشهر الجاري، خاصة وأن هناك إشاعات متعددة المصادر تفيد بأن قراراً سيصدر بإعفائه من منصبه، لكي يتاح له التقدم إلى ترشيح نفسه "كمدني" لرئاسة الجمهورية.
ومن واقع شعورنا بالدور البنّاء والمنقذ الذي قام به السيسي، ولكن ومن موقع أن الشعب هو صانع الثورات والانتصارات، فإننا ندعو السيسي إلى عدم السقوط في محرقة الرئاسة، وذلك أننا نعتقد أن دوره الوطني يمكن ترجمته من خلال موقعه الحالي، لذلك ندعوه إلى عدم الاستجابة لمطالب الشعب المصري والشعوب العربية، بل خدمة الشعب المصري والعربي من خلال قيامه بدوره البناء والفاعل كوزير للدفاع وقائد أعلى للقوات المسلحة المصرية.
وقد نجح السيسي في عدم توريط الجيش المصري، حتى اللحظة في مواجهات عنيفة ضد المعارضة التكفيرية، ولم يستخدم الجيش المصري إمكانياته المعروفة في هذه المواجهة، كونه يدرك أن هذه القوى التكفيرية ومَن وراءها تريد توريط الجيش المصري في حرب أهلية، هذا الموقف يدفعنا ويشجعنا على أن نأمل، بأن لا يتورط السيسي في رئاسة الجمهورية، ويُعمل العقل والمنطق بعدم تلبية الدعوات الجماهيرية والشعبية في مصر ومحيطها العربي.. وقد تذكرت قولاً له دلالة في هذا السياق، وهو أن صياح الديك ليس هو الذي يؤدي إلى بزوغ الفجر!!
الإفراج عن الأسرى: التحريض الإسرائيلي المنهجي
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
تعج وسائل الإعلام الإسرائيلية بحملة تحريض واسعة وممنهجة ضد القيادة الفلسطينية وضد الرئيس أبو مازن شخصياً بسبب استقباله الدفعة الأخيرة من الأسرى المحررين بالأحضان في إطار احتفال رسمي وشعبي بالإفراج عنهم.
وهذه الحملة تشبه إلى حد بعيد تلك التي قادها رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك الذي حاول الهروب من إفشاله لقمة كامب ديفيد بإلقاء التهمة على الجانب الفلسطيني الذي قيل عنه انه لا يمثل شريكاً في عملية السلام، وكان باراك نفسه ضحية لهجومه على القيادة الفلسطينية إذ سقط في الانتخابات وانتخب الإسرائيليون أريئيل شارون الذي يعرف من وجهة نظرهم كيف يعامل الفلسطينيين "الناكرين لجميل باراك الذي قدم لهم عرضاً سخياً قابلوه بالرفض والعنف".
الحملة التحريضية الحالية التي تركز على احتضان من تعتبرهم الحكومة الإسرائيلية "قتلة وإرهابيين"، تحاول في ثناياها القول إن الرئيس محمود عباس والقيادة الحالية لا يشكلون شريكاً لإسرائيل التي تبذل جهوداً من أجل السلام بما في ذلك الإفراج عن معتقلين فلسطينيين بينما هذه القيادة تفعل العكس، تشجع "الإرهاب" والتحريض ضد إسرائيل ولا تستجيب لمطالب إسرائيل الأمنية والاستيطانية التي لا يمكن بدونها التوصل إلى اتفاق.
وعملياً يمكن اعتبارها مقدمة واضحة لفشل المفاوضات ولتبرير ذلك أمام الرأي العام الإسرائيلي الذي لا بد أنه سيسأل عن السبب في فشل جولة المفاوضات الحالية. والحكومة تمهد وتهيئ الرأي العام للقادم، والطرف الفلسطيني هو الذي يتحمل المسؤولية، كيف لا والرئيس أبو مازن يحضن ويقبل الأسرى المحررين ويسمح بالتحريض ضد إسرائيل، والجعبة الإسرائيلية مليئة بمثل هذه التضليلات والأكاذيب التي لا ينضب لها معين عندما تكون الوجهة سلبية وعندما يكون الفشل هو سيد الموقف أو على الأقل النهاية الظاهرة في الأفق.
وموضوع الإفراج عن الأسرى، الذي شكل مادة جيدة لنتنياهو في وسائل الإعلام التي ظلت تكرر مشهد الاستقبال الحافل لهؤلاء الأبطال، يبدو أن استيعابه صعب على الإسرائيليين الذين يتعرضون لجرعات متواصلة ومتزايدة من الخداع والتضليل، فينسى هؤلاء مثلاً أن الحكومة الإسرائيلية هي من اتخذ القرار بالإفراج عنهم وكان واحداً من ثلاثة مطالب فلسطينية لتوفير الشروط لإنجاح العملية السياسية، وتم اختياره لأنه الأسهل على الحكومة، وينسون أيضاً أن الأسرى المفرج عنهم من خلال الاتفاق مع الإدارة الأميركية هم الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق "أوسلو" وكان يجب تحريرهم فور الاتفاق، والخلل في عدم الإفراج عنهم يتحمله المفاوضون الفلسطينيون الذين لم يدرجوا الإفراج عن الأسرى كجزء من نصوص الاتفاق وعدم ترك الموضوع لحسن نية إسرائيل.
وبالتالي تأخر الإفراج عنهم لحوالي عشرين عاماً، وأقل مدة قضاها الأسرى المفرج عنهم هي عشرون عاماً وبعضهم أمضى أكثر من ثلاثين عاماً، أي بمنطق العقوبة الإسرائيلية الجائرة وغير المعترف بها هم قضوا مددا تفوق مدة حكم أي إسرائيلي قتل فلسطينيين أبرياء سواء أكان المتهمون الإسرائيليون عسكريين أم مدنيين.
وفي كثير من الأحيان يحكم على القتلة بالتوبيخ أو تخفيض الدرجة أو منع الترقية في حال الجنود والضباط أو لبعض سنوات يحصل بعدها على العفو من الرئيس عندما يكون مدنياً متطرفاً.
والشيء الآخر الذي لا يفهمه الرأي العام في إسرائيل هو معنى الأسر في حياة الشعب الفلسطيني، حيث لا يميز هؤلاء بين مناضلين من أجل الحرية ضحوا بحريتهم من أجل حرية الشعب والوطن وبين مجرم ارتكب مخالفة ضد القانون. بل أن غالبية الإسرائيليين لا يدركون أن الأسرى هم جزء من شعب تحت الاحتلال يحق له مقاومة الاحتلال حسب القانون الدولي وتسري عليه الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحكم العلاقة بين المحتل والخاضع للاحتلال، وهذا لا يدخل في تفاصيل ما قام به كل أسير بصورة منفردة. فنحن نتحدث عن فترة لم يكن فيها أي اتفاق مع إسرائيل ولم يكن فيها أي تحديد فلسطيني لما هو المسموح وغير المسموح، وفي النهاية هم ضحايا للاحتلال بغض النظر عن كل شيء.
وعندما نتحدث عن الذين ذاقوا عذاب الأسر في الشعب الفلسطيني فهم يعدون بمئات الآلاف بمعنى أن كل بيت فلسطيني خاض التجربة بطريقة أو بأخرى، أي أننا نتحدث عن غالبية الشباب الفلسطيني في المناطق المحتلة منذ العام 1967 خصوصاً في سنوات ما قبل "أوسلو".
وهناك مسألة إضافية يبدو أن أغلب الإسرائيليين لا يدركونها وهي أهمية دمج الأسرى المحررين في عملية صنع السلام، وللحقيقة نقول إن الغالبية العظمى من الأسرى المحررين يندمجون في مؤسسات السلطة وجزء كبير منهم مؤيدون للسلام كحال الشعب الفلسطيني بصورة عامة، ومن المهم أن يشعر كل من له علاقة بقطاع الأسرى أن العملية السياسية مجزية من حيث نتائجها المباشرة على الأقل وخاصة في مجال الإفراج عن الأسرى حتى يكون تأييدها له معنى وسط هذا الجمهور. فاحتضان الأسرى ودمجهم في الحياة العامة هو مسألة حيوية من أجل السلام،
والحديث المتكرر في إسرائيل حول الأسرى والاحتفاء بهم يراد منه التمهيد لحملة إسرائيلية قادمة ضد القيادة والسلطة والشعب الفلسطيني فوراً بعد الإعلان عن فشل المفاوضات وجهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ويجب أن ينظر إليها في سياق موقف إسرائيلي واضح باتجاه إفشال المفاوضات، ويجب عدم السكوت على هذا التحريض الخطير الذي من شأنه تشجيع جهات متطرفة لارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة، ولعل ما قامت به مجموعة "شارة الثمن" او تدفيع الثمن في بعض الترجمات ضد مخيم الجلزون كنتيجة للتحريض الهائل في وسائل الإعلام هو عينة رمزية لما يمكن أن يحدث في حال استمرار هذا التحريض، ولا بد أن تقوم القيادة الفلسطينية بالرد بصورة علمية ومنهجية على هذا السلوك الإسرائيلي وتفنيد الادعاءات والأكاذيب الإسرائيلية من جهة وإظهار التحريض الفاقع الذي تقوم به المؤسسة الرسمية الإسرائيلية التي تشمل الحكومة ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية وغيرها ضد الشعب الفلسطيني وضد فكرة السلام والعيش والتسوية التي تمكن الشعبين من العيش بسلام وأمن في هذه البقعة الغالية من الأرض. ويجب أن يكون الأميركيون والأوروبيون على اطلاع بكل التفاصيل والحقائق بهذا الشأن.
لمجابهة التصعيد السياسي الإسرائيلي الأميركي
بقلم: علي جرادات – الايام
كما في مفاوضات "كامب ديفيد"، (2000)، مع حكومة باراك، وفي مفاوضات ما بعد مؤتمر أنابولس، (2007)، مع حكومة أولمرت، تنصبّ المفاوضات الجارية مع حكومة نتنياهو على جوهر الصراع أو ما سُميَ في اتفاق "أوسلو" "قضايا الوضع النهائي": اللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه والحدود والأمن، القضايا التي كان يُفترض التوصل إلى اتفاق بشأنها في أيار 1999، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن، ما يعني أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا تريد تسوية سياسية للصراع وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وأن راعي المفاوضات، الولايات المتحدة، لا يعترف بما تقره هذه القرارات من الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية. وأكثر فقد أثبتت تجربة جولات المفاوضات حول جوهر الصراع أن إسرائيل النظام المجتمعي والسياسي والعسكري والأمني وليس الحكومات فحسب غير مستعدة للاعتراف بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وأن الراعي الأميركي ليس في وارد إجبارها على إبرام تسوية تلبي أدنى الحد الأدنى من هذه الحقوق: إقامة دولة فلسطينية مستقلة وسيدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، ما يعني أن الموقف الأميركي من جوهر الصراع إنما يتقاطع، كيلا لا نقول يتطابق، مع الموقف الإسرائيلي الساعي إلى تفصيل الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية على مقاس ما فرضه المشروع الصهيوني من حقائق على الأرض لا في الأراضي المحتلة العام 1948، فحسب، إنما في الأراضي المحتلة العام 1967، أيضاً. على أية حال، إن كان سالف حقائق الموقفين الإسرائيلي والأميركي قد صار واضحاً لكل ذي بصيرة سياسية على الأقل منذ جولة مفاوضات "كامب ديفيد"، (2000)، فقد صار اليوم جلياً حتى لمن لا يعرف من السياسة غير اسمها. فوزير الخارجية الأميركي جون كيري يضغط لاستمرار المفاوضات رغم التمادي السياسي والميداني لحكومة نتنياهو الماثل ليس فقط في أنه منذ استئناف المفاوضات في تموز الماضي تم بناء 3000 وحدة سكنية استيطانية، وتم طرح عطاءات لبناء 8056 وحدة أخرى بالتزامن مع إطلاق سراح الدفعتين الأولى والثانية من الأسرى، وإعلان العزم على طرح عطاء لبناء 1400 وحدة أخرى بالتزامن مع إطلاق سراح الدفعة الثالثة، بل أيضاً في مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع قانون يشترط مبدأ التفاوض على القدس بالحصول على موافقة 80 عضو "كنيست"، وفي قيام اللجنة الوزارية ذاتها بسن مشروع قانون لـ"ضم مستوطنات منطقة الأغوار"، وفي إعلان نتنياهو أن حكومته "لن توقف للحظة مشروعها الاستيطاني في الضفة"، وأنها "ستعرض أي اتفاق لـ"الحل النهائي" على استفتاء شعبي"، وأنها "لن توقع أي اتفاق لا يتضمن شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي"، وفي "بالون الاختبار" الذي أطلقته صحيفة معاريف التي "لا تنطق عن الهوى"، وفحواه: أن هناك مقترحا إسرائيليا رسميا يجري تداوله مع جهة أميركية رسمية يقضي بضم الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى في الضفة مقابل تحويل أجزاء من منطقة المثلث يقطنها نحو 300000 من فلسطينيي الأراضي المحتلة العام 1948 إلى سلطة الدولة الفلسطينية الموعودة، ما يعني تحويل خطيئة الموافقة الفلسطينية ثم العربية على فكرة "تبادل الأراضي" إلى اختراق إستراتيجي ما انفك الفاشي ليبرمان، بدعم من نتنياهو، يعمل على تحقيقه من خلال المساواة بين فكرته الاقتلاعية العنصرية حول "تبادل السكان" وبين فكرة "تبادل الأراضي". ماذا يعني كل هذا الكلام؟ شاءت أطراف النظام الرسمي العربي المشغولة بهمومها الداخلية أو أبت، شاءت أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية المنقسمة على نفسها أو أبت، فقد بات واضحاً أن ثمة تصعيدا سياسيا نوعيا في الموقفين الإسرائيلي والأميركي يهدد - بالمعنى الإستراتيجي - جوهر القضية الفلسطينية. تطور لم يعد بوسع أحد إنكاره أو تجاهل عبثية وخطورة اختزال الرد السياسي عليه في توضيح المقبول وغير المقبول مما يطرح على طاولة التفاوض الثنائي على قرارات الشرعية الدولية تحت الرعاية الأميركية الداعمة لمطالب استمرار مصادرة أراضي الضفة واستيطانها وتهويدها وبقاء الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى والاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي" وبقاء الجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية الموعودة، وربما لنوايا ضم منطقة الغور وارتكاب جريمة تطهير عرقي جديدة ضد فلسطينيي منطقة المثلث. لذلك صار لزاما على أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية إنهاء انقسامها الداخلي والاتفاق أو التوافق على إستراتيجية سياسية جديدة جوهرها مغادرة خيار التفاوض الثنائي وإخراج ملف القضية الفلسطينية من قبضة الولايات المتحدة وإعادته إلى رعاية هيئة الأمم المتحدة ومرجعية جميع قراراتها ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 194 المتعلق بجوهر القضية الفلسطينية: حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم الأصلية. فبهذه الإستراتيجية السياسية يمكن توتير قوس الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ومعه الشعوب العربية، وبها فقط يمكن إحراج النظام الرسمي العربي وإجباره على القيام بواجبه القومي تجاه القضية الفلسطينية ومغادرة تخاذل معادلة "نرضى بما يرضى به الإخوة الفلسطينيون" والكف عن لعب دور الوسيط الضاغط لقبول إنهاء الصراع وفقاً لمقاربات الولايات المتحدة، (وآخرها وأخطرها مقاربة - خطة - كيري)، المعادية للحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية، بل ولأدنى الحد الأدنى منها. إذ كيف لعاقل أن يصدق وعود الولايات المتحدة بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وسيدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس بينما تمضي في دعم ورعاية استمرار استيطان الضفة وتهويدها وتمزيقها وفصلها عن قطاع غزة. وكل ذلك دون أن ننسى أن 45 عاماً من تراكم استيطان الضفة - وقلبها القدس - قد حول المستوطنات والمستوطنين فيها إلى حالة كيفية بقسمات خاصة يشحنها سعار أيديولوجي صهيوني متنامٍ يحرك المنظومة المجتمعية والسياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية. ما يعني أنه لئن كانت حركة "الكيبوتسات" و"طلائع" المنظمات الصهيونية الشبابية قد أسست القاعدة التحتية لقيام إسرائيل في العام 1948، ثم توسعها على كامل أرض فلسطين في العام 1967، فإن الحركات الاستيطانية اليوم تشكل التعبير الأوضح عن محاولات قادة إسرائيل انتزاع الاعتراف بما حققه المشروع الاستيطاني الصهيوني الاحلالي على الأرض، وعما تشهده إسرائيل - منذ سنوات - من تحولات بنيوية نحو المزيد من التطرف السياسي والتشدد الأيديولوجي، وعن مساعي حكومة نتنياهو تفصيل الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية على مقاس أهداف الرؤية الصهيونية وشروطها. هنا يتضح بما لا يدع مجالاً للشك كم هو واسع ونوعي انتقال مستوطني الضفة والقدس إلى مركز صناعة القرار سواء داخل مكتب رئاسة الوزراء أو داخل الحكومة أو داخل "الكنيست" أو داخل المؤسستين العسكرية والأمنية. يشي بذلك كله، عدا التمادي السياسي والميداني لحكومة نتنياهو، التصعيد غير المسبوق في اعتداءات مستوطني الضفة والقدس ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وحقولهم ومقدساتهم. إذ صحيح أن هذه الاعتداءات لم تنقطع يوماً منذ احتلال الضفة وغزة في العام 1967، لكن الطابع العصابي المنظم الذي دشنته منظمات السطو على الأرض مثل "عصبة غوش إيمونيم"، مثلاً، صار أكثر سفوراً واتساعاً وعلانية ويحظى بتبنٍ سياسي وعسكري وأمني رسمي من حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو - ليبرمان - بينت التي ما انفك وزير الخارجية الأميركي جون كيري يمتدح التزامها بمواصلة التفاوض ويتبنى مطالبها الأمنية ويضغط على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مباشرة ومن خلال وزراء الخارجية العرب للقبول بهذه المطالب التعجيزية المفتعلة حتى من وجهة نظر أوساط سياسية وعسكرية وأمنية إسرائيلية لا يحركها الإقرار بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، إنما الحلم الصهيوني ببقاء إسرائيل دولة يهودية ودرء مخاطر عزلتها وتحولها إلى دولة ثنائية القومية.
لا للاعتراف بيهودية إسرائيل .. ولكن
بقلم: ساجي خليل – الايام
إذا ما أعلنت إسرائيل أن حدودها القومية السيادية هي حدود الرابع من حزيران 1967، فليس هناك ما يمنع، من وجهة نظري، أن يُعلن الرئيس محمود عباس، أبو مازن، بأن (الفلسطينيين لن يكون لديهم أية مطالب قومية أو وطنية في إسرائيل)، حيث إن أية مطالبات أو حقوق للفلسطينيين الذين هُجّروا العام 1948 لن تكون ذات طابع قومي بل ستكون مطالبات فردية وقانونية تتعلق بحقوقهم في العودة إلى بيوتهم وأملاكهم الخاصة، أو استعادة تلك الأملاك، باعتبارها حقوقاً فردية أصيلة لا يملك أحد حق التنازل عنها، بالإضافة إلى مطالبات التعويض عن الأضرار والخسائر التي لحقت بهم.
وما سيُعلنه الفلسطينيون بهذا الخصوص سيكون مستنداً إلى قرارات المجلس الوطني الفلسطيني التي صدرت في الجزائر العام 1988، والتي قررت أن حدود الكيان السياسي الذي سيمارس فيه الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره الوطني وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة هي حدود الرابع من حزيران 1967.
إن قيام إسرائيل بإعلان حدودها القومية سيخلق ظروفاً جديدة أمام المفاوضات في ضوء ما يطرح الآن من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتفحص ما يمكن وما لا يمكن أن يوافق عليه الفلسطينيون. ومن أجل الوضوح المبكر، لا بد من التأكيد على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي حال، الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.
ولن تستطيع حكومة إسرائيل ولا الوسيط الأميركي فرض الرواية الدينية /الصهيونية على الفلسطينيين. فالاعتراف بيهودية إسرائيل يعني ببساطة القبول بإنكار الرواية الفلسطينية والعربية لتاريخ فلسطين؛ والتسليم بإلغاء ما يزيد على ثلاثة آلاف عام من تاريخ التواجد العربي الأصيل في فلسطين، منذ ما قبل الفتوحات الإسلامية، والقفز عن حقائق التاريخ والامتداد الإنساني والتمازج والتفاعل الحضاري والتجاري بين عرب الجزيرة العربية وبلاد الشام وفلسطين قبل الأديان.
الفلسطينيون لن يقبلوا أية صيغة تلمح إلى أن وجودهم كان حدثاً طارئاً أو عابراً على البلاد وعلى المنطقة.
الرفض الفلسطيني للاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، أو يهودية أرض إسرائيل، لا يعود فقط لكونه يمس بهوية ومصالح ومستقبل الفلسطينيين العرب في إسرائيل، سكان البلاد الأصليين، على الأهمية البالغة لهذا الاعتبار، بل أيضاً لأنه يمس الرواية التاريخية الفلسطينية والثقافة والقيم والتاريخ الفلسطيني.
والفلسطينيون لن يعتذروا ولن يتنكروا لوجودهم التاريخي الأصيل والعميق والمتواصل في المنطقة.
وإذا كانت صلة اليهودية واليهود بالمنطقة هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة ومن التاريخ الفلسطيني؛ فإنها بالتأكيد ليست كل ذلك التاريخ، بل ربما هي الجزء الأصغر منه.
فصلة اليهود التاريخية مع المنطقة وإن لم تنقطع تماماً، إلا إنها تقطّعت خلال فترات زمنية تاريخية ليست قصيرة، ولا يستطيع أحد احتكار تاريخ المنطقة ومصادرته لحساب تصوراته ورؤيته الخاصة.
ولكن الفلسطينيين عموماً، كما أعتقد، مستعدون للتعاطي مع حقائق الحياة وحقائق التاريخ.
ولذلك لن يكون صعباً عليهم الإقرار، في سياق معين، بالصلة التاريخية لليهودية واليهود في فلسطين، بل وأكثر من ذلك الإقرار بصلة اليهود الروحية والعاطفية بالأماكن التي يعتبرونها مقدسة، دون المساس بمقدسات أصحاب الديانات الأخرى وبحقوقهم الوطنية والسيادية.
في سياق كهذا فقط يمكن التقدم في المفاوضات، وليس في سياق المطالبة غير المعقولة بالاعتراف بالصفة اليهودية لدولة إسرائيل.
مُنافِسَة المنجمين
بقلم: توفيق وصفي – الايام
استهزأت السيدة المسنة بالمنجمين والفلكيين عشية عرض رؤاهم لما سيشهده البشر في العام الجديد، هاتفة وهي تقذف شاشة التلفاز بمخدة صغيرة أنها قادرة على التوقع بواقعية أكثر من تنجيمهم، لأن الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير في التفكير والخيال، فكل شيء واضح!
كادت نوح وهي تذرف دموعها إشفاقا على جوعى مخيم اليرموك الدمشقي، ضمن تقرير عن الحرب الدائرة حولهم وفيهم. لم تدرِ على من تصب لعناتها، أَعلى أطراف الحرب السوريين، أم على من يُغذّونها من عرب وعجم، ثم انفردت بنفسها كمن يتخيل مصير هؤلاء في العام الجديد، لتعود بعد قليل بتحليل مثير للقشعريرة، توصلت إليه في إغماضتها القصيرة.
قالت منافِسة الفلكيين المدمنة على المسلسلات التركية إن الخارج من فوهة بركان هائج يرى كل شيء بعينين ملتهبتين، ويحس به وهو على مرمى الحمم وفي نطاق سحب الدخان البركاني القاتمة، متسائلة عن مبعث الحيرة إزاء مصيره التالي، وأن الحتمي أن عاما كاملا لن يكفي للنجاة من الآتي، قبل أن ترسم ملامح المتهرب من كشف السر، وهي تتحفظ عن عرض مزيد من التفاصيل.
أَضْحكها كلامٌ عن المصالحة، لا يرجح خيرا ولا شرا، وتهكمت على المذيع الذي يحاول استدراج ضيفه المنجم لذكر ما ينتظر هذا الملف في العام الجديد قائلة "وما يدريه، نحن أدرى بهذا الملف، فش مصالحة"، مردفة بيقين "المكتوب باين من عنوانه".. وعند إشارة الفلكي إلى أن ثمة انتفاضة فلسطينية ثالثة صاحت "العجوز" باستنكار صريح "على مين ننتفض، على إسرائيل ولا فتح ولا حماس"، رد أحد أحفادها بحدة قائلا إن عليها ألا تساوي بين الثلاثة!
قاطعته الجدة بعد أن صلت على النبي بأن للشعب خصومة عند كل منهم، فإسرائيل تحتل وتحاصر وتمنع وتقتل وتعتقل وتجوع وتُعَتّم، بينما يزيد ذلك مرارةً وقسوة خصامُ فتح وحماس، الذي يبعد الشعب عن هدفه المركزي في الحرية والاستقلال، ويجعل منه شعبا يتسول لقمته وكهرباءه ووقوده ودواءه، كرعية بلا راع ولا ميزانية ولا أمان. صمتت برهة وكأنها تبحث عن خاتمة تمنح الأمل لمن يتحلقون حولها متدثرين بالأغطية، ثم قالت بنبرة حانية إن هذا الشعب منهك ومحبط وحزين، ولا يمكن انتظار فعل منه يقلب الدنيا ويغيّر حاله، فمن أين سيعطي بعد أن انهارت نزعة الكفاح في روحه على مذبح الانقسام، إلا إذا تمالك نفسه ولم شتاته على قاعدة رفض دوام الحال، وأن أي غد لن يكون أفضل ما دام كلٌ يغني على ليلاه.
قالت السيدة: أنظروا إلى وجوه الناس في الصباح والمساء، كلها مصبوغة بالنكد والضيق والقنوط، يستثقلون إلقاء التحية أو الرد عليها، عيونهم تتحول إلى محاجر للحسد والحقد والتوعد وهي تحدق في الآخرين، كصبي متسول أرهقه دوام النهار والليل دون أن يجمع ما يرُضي أباه، فاضطجع على الرصيف وانهمك في مراقبة المارة وما يحملونه من أكياس ملأى بما لذ وطاب، إلى أن غلبه النعاس فنام، غير مبال بمئات الأقدام العابرة.
تغريدة الصباح - عظيم .. ممتاز
بقلم: يحيى يخلف – الحياة
في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وكنت مقيما في بيروت زارنا الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي، فاحتفى به اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، واحتفى به ايضا اتحاد الكتاب اللبنانيين الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور سهيل ادريس. حظي البياتي برعاية واهتمام من قبل الكتاب والمثقفين الفلسطينيين الكبار: محمود درويش، معين بسيسو، بسام ابوشريف، ماجد ابوشرار، وكاتب هذه السطور وغيرهم، وحظي برعاية واهتمام كذلك من ادباء لبنان: الدكتور حسين مروة، محمد دكروب، وسهيل ادريس وقائمة طويلة اخرى.
سهيل ادريس كان اكثرنا رعاية وكرما، فسهيل ادريس رئيس وعميد الكتاب، هو صاحب مجلة الآداب التي كانت حاضنة الأدب والأدباء، وحاملة رسالة التجديد والتحديث، ونافذة التيارات الفكرية وخصوصا تيار الوجودية وممثله جان بول سارتر، وهو صاحب دار الآداب التي قدمت للقارئ العربي ابداعات المجددين للأدب المعاصر من نازك الملائكة الى بدر شاكر السياب الى عبد الوهاب البياتي، ونزار قباني، وصلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطي حجازي، ونجيب محفوظ وقائمة طويلة من اصحاب القامات العالية. الدكتور سهيل كان اكثرنا اهتماما ورعاية لضيفنا الكبير، ولشدة تأثره بهذا الكرم تمنى البياتي على سهيل ادريس ان يأتي لزيارة بغداد محل اقامته ليرد له التحية بأحسن منها.
وتشاء الظروف بعد شهور قليلة ان يعقد المؤتمر العام لاتحاد الأدباء العرب في مدينة بغداد، وان يسافر الوفدان الفلسطيني واللبناني معا في الطائرة المتوجهة من بيروت الى بغداد، وكنت من ضمن الوفد الفلسطيني، والدكتور سهيل ادريس رئيسا للوفد اللبناني، وكان جلوسي الى جانب مقعده في الطائرة.
وكان موضوع حديثنا في الطائرة صديقنا عبد الوهاب البياتي وأهمية الالتقاء به في بغداد، وقد زودني برقم هاتفه تأكيدا منه على اهمية الموضوع.
وصلنا مطار بغداد وانتقلنا الى فندق ميليا منصور، واثناء انتظارنا اجراءات التسجيل واستلام مفاتيح الغرف طلب مني سهيل ادريس ان اتصل هاتفيا بالبياتي واخبره بوصولنا، وبما ان هاتفه قد صار معي، فقد طلبت البياتي من قمرة السنترال في الفندق، واتصلت به، قلت له انني والدكتور سهيل قد وصلنا، فأجابني البياتي: عظيم.. ممتاز، وقلت له اننا في فندق ميليا منصور فأجاب: عظيم ممتاز، وسوى ذلك لم يقل شيئا.
أبلغت الدكتور سهيل، فقال لي: لا تقلق سيأتي مساء لزيارتنا. لكنه لم يأت مساء، فقال الدكتور: لا تقلق سيأتي غدا..ابتدأ المؤتمر وانشغلنا بأعماله، ومر يوم آخر ولم يأت البياتي. انتاب سهيل ادريس القلق، وقرر ان يتصل بنفسه، وقال له على الهاتف وصلنا وشاركنا بأعمال المؤتمر، فأجابه البياتي: عظيم..ممتاز، وقال له الدكتور سهيل: نرغب في رؤيتك، فرد قائلا: عظيم .. ممتاز.
ومر يوم جديد آخر دون ان يأتي لزيارتنا، ثم انتهى المؤتمر، وانتقلنا الى المطار للعودة الى بيروت، وفي المطار كان الدكتور سهيل في حيرة، وكان يحاول رغم صدمته ان يجد له عذرا، فالدكتور رجل دمث ومفعم برائحة الإنسان. قال لي لعلّه مريضا، أو لعلّ في اسرته حالة وفاه، أو لعلّ، ولعلّ، ولعلّ..
واستجابة لرغبته، ذهبت الى المقسم، وطلبت البياتي. رد علي فقلت له: اننا في المطار بعد ان انتهت زيارتنا، وانني والدكتور سهيل أحببنا أن نودعه، فأجابني بصوت طبيعي لا يشي بمرض او انزعاج: عظيم.. ممتاز، عظيم ممتاز.
إنهاء الانقسام.. لغته وشروطه
القلم: عدلي صادق - الحياة
على الرغم من العناصر الإيجابية في الطرح التصالحي الأخير لإسماعيل هنية، رئيس حكومة الانقلاب والأمر الواقع في غزة؛ إلا أن هناك بعض المآخذ على المنطق الذي تحدث به الرجل، وعلى ما أوحى به. فكأن هنية وحكومته، أو أية حكومة وأي زعيم، لهم الحق في منح أو منع الحقوق الأساسية والدستورية للناس. فمثل هذا الحق، لا تملكه أية حكومة نظامية أو طبيعية، فما بالك بحكومة انقلاب على النظام السياسي ارتكبت جرائم وتعديات على المواطنين وجلبت كوارث!
على قدر ما كنا وما زلنا نأمل في إنهاء سريع للانقسام؛ فإننا نرفض تماماً أن ينصّب أي طرف نفسه وصياً على الحقوق الطبيعية للفلسطينيين، معارضين كانوا أو موالين. بل إن الفلسفة التي نراها أساساً حميداً وصالحاً لإنهاء الانقسام الحاصل بين قوى العمل الفلسطيني؛ هي حصراً، تلك التي تعطي للشعب الفلسطيني الحق في اختيار قيادته دون إملاء من "فتح" أو من "حماس". وفي الحقيقة إن أياً من وثائق المصالحة التي وقّعت عليها الحركتان، لم تكن ملبية للشروط الدستورية وإنما جاءت بمثابة تفاهمات ذات طابع أمني وإداري، وهي كلها من نوع الصيغ التي تسمى صيغ "إدارة الأزمة". لقد كتبنا عن ذلك في حينه، لأن الصيغ الارتجالية لن تفيد أياً من الحركتين، وسيكون من شأن اعتمادها، تخليق المزيد من خيبات الأمل للشعب الفلسطيني، عند الوقوع المحتم للانتكاسات. لذا بات من واجب الراغبين في إنهاء الانقسام، أن يضعوا النقاط على الحروف، تحاشياً لتضييع الوقت ولدفع احتمالات اليأس من قيام أية مصالحة. ولما كان رأينا على هذا النحو، جاءت التطورات مصداقاً لما توقعنا، إذ تعطل تنفيذ الصيغ والخطط المرتجلة قبل البدء فيها، وباتت الوعود بمصالحة وشيكة، مثيرة للسخرية، لأنها أصلاً لم تقم على أسس قانونية ودستورية، ولم تأخذ في الحسبان شروط قيام الكيانات السياسية المهابة والراسخة، بصرف النظر عمن يحكم لفترة زمنية، بموجب نتائج صناديق الاقتراع!
قرأنا الكثير من التعليقات على الثغرات التي حملها الطرح التصالحي الذي قدمه اسماعيل هنية. والعبد لله كاتب هذه السطور، لم يتوقع من هنية طرحاً حصيفاً من الناحية الدستورية، ولم يتوقع منه ـ بالطبع ـ قولاً راشداً الى حد الإدراك بأن "حماس" و"فتح" والفصائل لا تمتلك الأوطان. فمثلما لم يكن من حق "حماس" الإعلان عن ممنوعين من الدخول، فليس من حقها أن تتقمص ثوب الكرام المتفضلين، الذين يسمحون بالدخول، وكأن الوطن بستانهم الموروث!
ربما يُقال إن هذا يعكس عيباً فاضحاً في ثقافة الدولة، وهو العيب نفسه الذي جعل هنية ينتشي بمنصب رئيس الوزراء، ويتوهم أن المهارات كلها تتكفل بها الخطابة، ويضحك ويرسم إشارة النصر، ويعدُ بالصلاة قريباً في القدس المحررة. وهناك من يعزو هذه اللغة القاصرة الى كون رئاسة الحكومة هي أول وظيفة عمل لهنية خارج الشرنقة الحزبية.
لن تقوم مصالحة دون البدء بخطوات تصويب دستوري: حركة "حماس" تعلن إنهاء كل مظاهر الانقلاب المسلح، على صعيدي الهيمنة الأمنية ومظهر حكومة الأمر الواقع. ثم تقدم حكومة تسيير الأعمال استقالتها، ويكلف رئيس السلطة شخصية مستقلة لتشكيل حكومة تسيير أعمال توافقية أو من كفاءات، ويُصار الى تفعيل لجنة الانتخابات المركزية لكي تبدأ التحضير لانتخابات عامة لبرلمان السلطة ورئاستها، على أن نذهب فيما بعد، الى معالجة المشكلة المزمنة التي تعاني منها أطر منظمة التحرير الفلسطينية. أما أن تنحو مقاربات إنهاء الانقسام، منحى التوافق على الهيمنة، والتقاسم بين فصيلين، فمعنى ذلك من الوجهة الدستورية، أن الطرفين يطيحان بالحق الديموقراطي للشعب الفلسطيني الذي هو المقصد الأول لولاء الوطنيين. ومن الوجهة الفتحاوية، معناه أن يسلم الطرف الذي جرت مطاردته وإهانته وتخوينه بعد الانقلاب عليه؛ أن الطرف المنقلب ما زال صاحب حق في أن يكون شريكاً في تحديد مصير النظام السياسي الفلسطيني، أو حتى في التوافق على التدابير الجديدة للعودة الى صناديق الاقتراع. الصواب الدستوري هو أن يكون من حق الجميع، ممن لم يرتكبوا جرائم، من أي طرف كانوا؛ المشاركة في المنافسات الانتخابية، وأن يتحصلوا على حقهم في العمل السياسي!
مصر ضامنة الأمن القومي العربي!!!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
يوم الثلاثاء القادم، الرابع عشر من يناير كانون الثاني، سيحضر بقوة استثنائية في الذاكرة العربية، لأنه اليوم الأول في الاستفتاء على الدستور الجديد، دستور مصر نحو المستقبل، وهو الخطوة الرئيسية الأولى نحو معافاة مصر، وتقدمها لتكون كما يجب أن تكون، دولة محورية في قلب أمتها العربية، وقارتها الإفريقية، وعالمها الإسلامي، وبالتالي قوة وازنة في النظام الدولي.
من خلال القراءة العميقة للوقائع اليومية المصرية، فإن جماعة الإخوان المسلمين يخوضون معركة يائسة بالمطلق، ومهزومة بالكامل، بل وأكثر من ذلك فإنهم يخوضون ضد مصر معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل هم يؤدون دوراً يصل إلى حد الخطيئة هم أصغر منه ألف مرة، بل إنهم حتى لا يحيطون بأبعاده، ولذلك فإنهم ينتحرون بالمجان، فإلى الجحيم وإلى مزبلة التاريخ وبئس المصير، لأنهم تعودوا أن يعيشوا على الصفقات الخفية، وتعودوا أن يلعبوا الأدوار المطلوبة منهم دون عقل، ولذلك نرى انهيارهم التراجيدي بعد خمس وثمانين سنة، ولو كان لهم انتماء ولو بالحد الأدنى لما قبلوا القيام بهذا الدور المأساوي الذي يغرقون فيه الآن.
الوقائع اليومية والأسرار الخفية التي يكشف عنها الدكتور عبد الرحمن علي وهو باحث عنيد وصحفي شجاع في برنامجه الصندوق الأسود، تثبت أن كثيراً من القوى الدولية والإقليمية كانت قد استثمرت بشكل باهظ في التآمر على مصر، لأنه ما دامت مصر قائمة ? وخاصة في حالة الحد الأقصى ? فإن الأمن القومي العربي الذي يتفرع إلى ملايين التفاصيل، سيكون حاضراً بقوة، ويدور ويحتشد حول محور رئيسي، محور قوي، محور فعلي ممثلاً بمصر، وهذه هي الفكرة الرئيسية التي تعبر عن نفسها الآن وتضيء العقل والوجدان العربي.
هذا الاستثمار الباهظ دولياً وإقليمياً في تخريب مصر، كان في العشر سنوات الأخيرة، وربما أكثر من ذلك، مفلوت اليد بلا حدود، وكان الإخوان المسلمون بتفريعاتهم هم حصان الرهان الأصلي، بالإضافة إلى مجموعات اجتماعية أخرى من الشباب، وبعض الفئات الأخرى الذين تعمق لديهم الشعور الزائف بالاستهانة بمصر كما لو أن الأمور لعبة بسيطة! وحين اصطدم هؤلاء بعمق الدولة المصرية، باستنفار الشخصية المصرية، وبالعمق الحضاري للشعب المصري، بالمكونات الرئيسية للأمن القومي العربي في الحالة المصرية، اتضح أن هؤلاء المتآمرين في الخارج والداخل ليسوا سوى بلهاء واهمين.
فلسطينياً: نحن أكثر طرف في العالم العربي يتأثر تاريخياً بمجريات الشأن المصري، قرارات الحرب والسلم لا يبدو لها أدنى وزن دون الحضور المصري، الصراعات العربية ليس لها وازن حقيقي سوى مصر، ومفردات العذاب الفلسطينية لا يستطيع أن يبلسمها سوى مصر، انظروا مثلاً إلى المأساة الجديدة، مأساة مخيم اليرموك الذي يناضل الآن من أجل استمرار الحياة، لو أن مصر حاضرة بكل مجالها الحيوي لما وصلت الأمور إلى هذا الحد، بل إن المحاولات الفاشلة لاستئناف عملية السلام، الحلقة المفقوده فيها هي الحضور المصري.
نتوجه اليوم بكل العقول والقلوب والعيون إلى مصر، ويجب على العرب الذين يؤمنون أن لهم أمناً قومياً عربياً، أن يخوضوا المعركة إلى جانب مصر، إلى جانب الشعب المصري وإلى جانب الدولة المصرية، حتى أولئك الذين لهم خلافات مع مصر، أو طموحات غير مشروعة منافسة لها، أو أدوار يلعبونها بإغراء من هنا أو هناك، يجب أن يقفوا مع مصر، لأنهم دون مصر سيفقدون أدوارهم ويقعون في الكارثة بلا ثمن.
هذا الأسبوع حتى الرابع عشر القادم وهو أسبوع حاسم، لأن المستوى الثالث والرابع من تنظيم الإخوان المسلمين الذي نراه الآن، تربى في العتمة لا عقل ولا تجربة، غير قادر على التراجع ولا المراجعة، وهو لا يستحق سوى الهزيمة الساحقة والنهائية.
كيري ما زال يراوح !
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
الجولة العاشرة لوزير خارجية الولايات المتحدة للمنطقة، التي بدأت في الثاني من كانون الثاني الحالي، وجمعته مع الرئيس محمود عباس، ورئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، والملك عبدالله الثاني (الاردن)، والملك عبدالله بن عبد العزيز (السعودية)، أضف إلى إرسال مارتن إنديك إلى القاهرة، لم تحمل جديدا، لا وثيقة ولا رؤية محددة.
مازال رئيس الديبلوماسية الاميركية يتلمس طريقه نحو إحداث اختراق في جدار الاستعصاء الاسرائيلي، لكن كيري لم يغادر الرؤية الاسرائيلية في العديد من النقاط الاستراتيجية، منها: اللاجئين والقدس والاغوار و«يهودية» الدولة الاسرائيلية والمسألة الامنية وحدود الدولة الفلسطينية، حيث يميل لاستخدام مصطلحات فضفاضة وعائمة، كشكل من أشكال الالتفاف على الثوابت الوطنية. كما انه يستخدم سلاح التهديد والوعيد للرئيس ابو مازن والقيادة والشعب على حد سواء، للي الارادة الوطنية، وفي ذات الوقت يتساوق مع الرؤية الاسرائيلية، مما يعمق نقاط التباعد بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. وبالتالي لا يشي بالاقتراب من بلوغ حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
لا شك لدى المراقب، ان كيري لديه رغبة شخصية وأميركية في تحقيق تقدم وانجاز في التسوية السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، لكن دون ان يملك الرؤية والادوات والاليات الاميركية الكفيلة بتحقيق اختراق، الامر الذي يشير إلى عدم إمكانية تحقيق القفزة المرادة. لان هناك فرق شاسع بين الرغبة وحلم الحصول على جائزة نوبل للسلام ودخول التاريخ، وبين الواقع.
الادارة الاميركية برئاسة اوباما تحسب الف حساب لمصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة نهاية 2015، ولا يمكن لاركان الادارة تجاهل مواقع نفوذ انصار إسرائيل في مجلسي الشيوخ والنواب والايباك وحتى داخل الادارة نفسها، لذا تفكر مليا جدا قبل ان تلجأ لاستخدام آليات عمل حقيقية، تسهم من خلالها في الضغط على حكومة نتنياهو لالزامها باستحقاقات عملية السلام خشية ان ترتد سلبا على مستقبل الحزب الديمقراطي لاحقا. اضف إلى ان اعتبار إقامة الدولة الفلسطينية مصلحة حيوية أميركية؛ امراً مشكوكا به طالما لا يوجد دعم عربي حقيقي للقيادة الفلسطينية، وكون بعض العرب الرسميين يهتزون في مقاعدهم من إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولضعف الحالة الفلسطينية الناجمة عن الانقسام والانقلاب الحمساوي، ولغياب ضغط دولي حقيقي على دولة إسرائيل واميركا على حد سواء.
القراءة الموضوعية لمساعي جون كيري على المسار الفلسطيني / الاسرائيلي حتى اللحظة الراهنة، بقدر ما توحي بجدية رغبة الادارة في تحقيق تسوية سياسية على اساس خيار الدولتين، بقدر ما تشير إلى غياب الارادة الاميركية الحقيقية في تحقيق التسوية. وكل ما تطمح اليه حاليا إيجاد إطار مطاطي عام يتضمن مصطلحات مبهمة في كافة المفاصل الاساسية، وترك الامور مفتوحة على المجهول دون تحقيق تقدم حقيقي وجدي.
القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس أمام مفترق طرق حقيقي، إما ان تواصل الصمود والتمسك بالثوابت الوطنية، التي حددها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية،وهذا المؤكد؛ وإما «الاستجابة» للضغوط الاميركية، والخيار الثاني من خلال المعرفة المسؤولة بوجهة نظر الرئيس ابو مازن، مرفوض جملة وتفصيلا، حتى لو كان نتاج ذلك فرض العقوبات الاقتصادية والمالية الاميركية، لقناعة الرئيس والوفد المفاوض والقيادة بمستوياتها المختلفة، ان الشعب والقيادة قدما اقصى ما يمكن لهما أن يقدماه، ولا يمكن التنازل عن شبر واحد من اراضي الدولة على حدود الرابع من حزيران 1967 وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، ورفض القبول المبدئي بـ«يهودية» دولة إسرائيل، ورفض وجود أي جندي إسرائيلي على الارض الفلسطينية,,
كثير من المراقبين الاعلاميين يذهبون بعيدا في حدود تفاؤلهم، وينسجون تقديرات من بنات خيالهم الكثير من الوهم.. والوقائع القادمة ستعيدهم لرشدهم. لكن ان الاهم، على الشعب الفلسطيني وقواه السياسية الحية الاستعداد لمواجهة التحديات الاعظم القادمة للدفاع عن الثوابت الوطنية.