Haneen
2014-12-18, 11:13 AM
هل يكون "جنيف2" بداية لخروج سوريا من الحرب المدمرة؟
حديث جريدة القدس
بسبب التخندق الأيديولوجي في الماضي اسرائيل غير جاهزة للسلام
د.حسن عبد الله /صحيفة القدس
عجائب الكلام المعسول والفارغ
عطاالله منصور/صحيفة القدس
إنهاء معاناة السوريين..
ديفيد ميليباند(ووزير خارجية بريطانيا من 2007 إلى 2010)/صحيفة القدس
لا تتعجلوا الحكم على جهود كيري لحل المسألة الفلسطينية
جيمس زغبي/صحيفة القدس
تحديات ما بعد الدستور في مصر
محمد السعيد ادريس/صحيفة القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
أطراف النهار-السياسة: شيء من "المرونة" وشيء من "الموقف"؟
حسن البطل/صحيفة الأيام
أهداف وأبعاد العدوان المرتقب على غزة
طلال عوكل/صحيفة الأيام
حقائــق راسخـة
حمادة فراعنة/صحيفة الأيام
أُبشركم بفشل مهمة كيري
د. عبد المجيد سويلم/صحيفة الأيام
طـرطشـات
د. فتحي أبو مغلي/صحيفة الأيام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
بيئة غير صحية
د. أسامة الفرا/صحيفة الحياة الجديدة
منظمة التحرير ومخيم اليرموك
بهاء رحال/الحياة الجديدة
دفاعا عن منظمة التحرير
سامح خضر/الحياة الجديدة
هل يكون "جنيف2" بداية لخروج سوريا من الحرب المدمرة؟
حديث جريدة القدس
بدأت امس اجتماعات مؤتمر «جنيف2» بحضور دولي مكثف ومعظم اطراف الصراع، ونقول معظم الاطراف لان المعارضة منقسمة ومتصارعة وبعضها يعارض الذهاب اساساً الى هذا المؤتمر، وكانت الكلمات الافتتاحية معبرة عن المواقف المختلفة واعطت الانطباع بأن احتمالات الحل تبدو مستبعدة الا ان الامور ليست كذلك، بانتظار الجلسات المغلقة التي ستبدأ غداً.
ان هناك كما يبدو، توافقاً اميركياً - روسياً بشأن ضرورة واهمية انهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري مقتنعاً بمشاركة المعارضة غير المتطرفة حتى قبل اعلان موافقتها الرسمية، وذكرت بعض المصادر ان الولايات المتحدة ساهمت باختيار اعضاء وفد المعارضة للمؤتمر، وحين سحب الامين العام للامم المتحدة دعوة ايران، لم تنسحب سوريا ولا روسيا مما يدل في الجانب الثاني دور روسيا في التأثير على النظام السوري وحليفه القوي ايران.
وهناك عوامل اخرى تميل الى ترجيح احتمال التوصل الى «اتفاق ما» بضغوط اميركا وروسيا، وابرز هذه العوامل هو سيطرة القوى المغرقة بالتطرف على مناطق في سوريا ودخولها في حرب مع المعارضة المعتدلة وتخوف العالم من نجاح هذه القوى وسيطرتها على سوريا بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات في منتهى الخطورة قد تتجاوز ليس حدود سوريا فقط ولكن منطقة الشرق الاوسط كلها.
وهناك عامل آخر يرتبط بهذه القوى وهو انتقال الصراع الدامي الى الدول المجاورة وبصورة خاصة كما يحدث في لبنان والعراق من تفجيرات واعمال قتل وتدمير تهدد استقرار ووحدة هاتين الدولتين.
لقد ادت الحرب في سوريا الى سقوط نحو 200 الف ضحية وتشريد نحو 7 ملايين سوري بالاضافة الى معاناة من ظلوا في الداخل السوري، كما عانت وتعاني المخيمات الفلسطينية المأساة بكل ابعادها كما يتجلى ذلك في مخيم اليرموك والموت جوعاً هناك … وقد لحق دمار رهيب في كل انحاء سوريا يتطلب مليارات الدولارات لاعادة البناء وسنوات طوال من العمل حتى بعد ان تتوقف الحرب المدمرة والدامية.
لكل هذه الاسباب والعوامل فان المراقبين يتوقعون ان يتم التوصل الى اتفاق ما من هذا المؤتمر، وان لم يكن كاملاً فانه قد يكون جزئياً ويخفف من المعاناة والدمار كاعلان وقف اطلاق النار ولو في بعض المناطق المأهولة مثلاً، كما يرى المراقبون ان هناك احتمالاً بان يتم التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية او من اطراف مستقلة ومحايدة، تشرف خلال فترة محددة على وقف كامل لاطلاق النار واجراء انتخابات رئاسية دون تحديد من سيترشح ومن لن يترشح. وقد كان ملفتاً للانتباه ان التلفزيون الرسمي السوري وهو ينقل مباشرة وقائع افتتاح المؤتمر نقل ايضاً كلمة رئيس المعارضة كاملة بكل ما فيها من انتقادات قاسية بحق النظام، وهذا مؤشر رأى فيه المراقبون خطوة ايجابية.
على اية حال فان كل عربي وكل انسان مخلص يأمل فعلاً الا تضيع الفرصة المتاحة للحل السلمي وان تنتهي الحرب المدمرة ويتراجع كل المغرقين بالتطرف وينتهي دورهم بالمنطقة.
بسبب التخندق الأيديولوجي في الماضي اسرائيل غير جاهزة للسلام
د.حسن عبد الله /صحيفة القدس
الإسرائيليون ليسوا جاهزين للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين، لأنهم ما زالوا يعيشون في الماضي ويختبئون خلف ايديولوجية تخضع فلسطين في إطار حكايات تاريخية بات لا يقبلها العقل العربي فحسب، وإنما العقل الغربي الذي تتغير مفاهيمه وحساباته بتطور العصر، حيث يخسر الاسرائيليون تدريجيا موقع المضطهدين بفتح الطاء، لينتقلوا في نظر العالم الى مصاف المضطهدين بكسر الهاء، لأنهم يعتقلون شعبا بأسره ويمنعون اقامة دولة خاصة به، اسوة بشعوب العالم.
الرواية اليهودية التوراتية تصطدم الآن بمفاهيم ليبرالية ومتغيرات عالمية وتوجهات ليبرالية علمانية انسانية تعبر عن نفسها من خلال حركات فاعلة في اوروبا، في حين أن الرواية الفلسطينية بدأت تشق طريقها بنجاح وما هو الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى أحد ثمار هذه المتغيرات الدولية المفاهيمية والعملية.
ومعلوم أن الفلسطينيين لا يتحدثون في السياسة والاعلام عن تدمير واقتلاع الآخرين، وهذا اصبح مفهوما وراسخا عالميا، وانما يطالبون بالحد الأدنى من حقوقهم التاريخية وأعلنوا ذلك في مواثيقهم وبرامجهم السياسية حيث أن دولتهم المطلوب اقامتها والاعتراف بها هي على اراضي الضفة الغربية والقطاع، أي على أقل من ربع مساحة فلسطين التاريخية، لدرجة أن الخطاب الاسرائيلي يبدو مضحكا اذا ما تجرأ أحد السياسيين المتطرفين أو الصحفيين والمحللين المكبلين في الماضي على اتهام الفلسطينيين باللاسامية أو تهديد وجود اسرائيل، فهذه الورقة قد سقطت تماما ولا يمكن تسويقها عالميا.
الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها تدرك طبيعة المتغيرات والتحالفات والمفاهيم الدولية، لذلك فهي معنية بالتوصل الى تسوية، والا ماذا نُسمي حراكها الأخير، مع قائمة تحفظاتنا الطويلة عليه، لأنه لا يخفى الانحياز الامريكي لإسرائيل، الأمر الذي يضرب في العمق قواعد وأسس نزاهة الوسيط، لكنها تحاول أن تمد خشبة الخلاص لاسرائيل لكي تنقذها من ذاتها ومن ايديولوجية التمترس في الذات وحولها وعدم رؤية الآخر وانكار أن العالم يتغير، علماً أن الحراك الامريكي يفشل في اختراق جدران سجن الماضي الذي تعيش فيه الافكار والحسابات والمنطلقات الاسرائيلية.
لكننا نسأل: هل يظن حكام اسرائيل أنهم يمسكون بإحكام شديد بمفاتيح العالم، وهل بمقدورهم وقف حركة التاريخ ولجم المتغيرات الدولية؟
الإجابة بالطبع كلا، وكلا هذه تمهد الطريق أمام سؤال آخر، هل يمكن لاسرائيل ان تمنع اقامة دولة فلسطينية على المديين المتوسط والبعيد؟
الجواب أيضا كلا.
فاستقلال الفلسطينيين اذن هو مسألة وقت، بعد أن تكتشف اسرائيل متأخرا نفسها انها وحيدة في مواجهة الافكار والمفاهيم والتحالفات الدولية الناشئة أو تلك التي في طريقها للنشوء والتبلور، ويعبر عن ذلك صراحة وعلناً أكاديميون وباحثون ومؤرخون ليبراليون اسرائيليون، لكن لا أحد في مراكز النفوذ وصنع القرار الاسرائيلي يستمع اليهم اليوم.
عجائب الكلام المعسول والفارغ
عطاالله منصور/صحيفة القدس
اعتاد القارىء العربي - وخاصة الفلسطيني- ان يتوقع دائما وابدا سماع اقذع العبارات عن اليهود - والصهاينة- في كل ما يقرأ ويسمع .ولا عجب في ذلك خصوصا بعد التجربة المريرة التي عشناها معهم . ومن هنا لا ارى سببا ولا مبررا لتوجيه اللوم ( اليوم) الى كتابنا . ولكنني ارى انه من واجبي ان اشير لكل ظاهرة شاذة عن الاخرين من اليهود والعرب - بغض النظر عن انتمائهم لهذا الشعب او ذاك , او لهذا الدين او لغيره . لانني اؤمن بالعدل الالهي,وانه ,تعالى, خلقنا - جميعا- متساوين " امما وشعوبا لتتعارفوا" وغالبيتنا - في العالم كله. ولدنا ونموت على دين اهلنا -ولا نعرف ,عادة ,شيئا كثيرا عن ديانة الاخرين. ومن هنا لا يحق لنا ان نلوم الاخرين ولا نسخر من معتقداتهم لان كل ديانة تتضمن الايمان باقوال واعمال لا يقبلها العقل البشري لانها "معجزات" يقبل بها المؤمن بصدق هذا الدين فقط.
ولانني لا اؤمن بان مصير اليهود او العرب الى الدمار والانقراض والزوال وان افضل ما يجب علينا ان نسعى اليه هو تسوية النزاع بيننا على قاعدة تمكن الجميع من العيش الكريم كافراد ومجتمعات نقدم افضل الامكانيات وتفتح امامهم الابواب على مصراعيها للعيش الكريم امام الاجيال القادمة، ومن هذا المنطلق ابحث بين الاطلال وعلى صفحات الكتب القديمة والجديدة عن كل اشارة وتلميح نحو فرصة اهدرت او شارة مرتجاه في سماء تاريخنا الدامس.
والحقيقة التي وصلت اليها من مراجعة تاريخ شعب فلسطين طيلة القرن الماضي اوصلتني الى حالة تقارب الاحباط ودفعتني الى البحث عن دواء يقيني من اليأس الذي بات يقرع ابواب وجداني.
ومن هنا وجدت انني لا اعثر على جواب لحيرتي حين احاول فهم فشل قيادات شعبنا العربي في مطلع القرن العشرين في اكتساب مجموعة او افرادا من اليهود الفلسطينيين الى الوقوف معنا ضد المشروع الصهيوني, خصوصا واننا ندعى بان هؤلاء عاشوا معنا كاخوة في الوطن .
لقد قادتني قدماي في السنة الاولى بعد احتلال القدس العربية في 1967 الى مكتب المرحوم الياهو اليشار بعد ان دعاني اليه واراني نشرة كانت تصدرها جمعية لليهود السفارديم يوم كان هؤلاء يفخرون بكونهم من طردوا من اسبانيا مع العرب المسلمين وانهم عاشوا مع المسلمين والعرب طيلة مئات السنين. ومن رجل الاعمال هذا سمعت وقرأت وفهمت ان القيادة العربية الوطنية لم تبذل جهدا لاكتسابهم لصالح العيش المشترك!
وفي وثائق احد المؤتمرات الصهيونية الاولى وجدت خطابا القاه احد اعضاء المؤتمر يحذر اخوته بان شراء اراضي الاقطاعيين للاستيطان اليهودي يشعل نيران الغضب الشعبي لدى الفلسطينيين ويقترح على اليهود الاقتصار على استصلاح الاراضي الجبلية والصحارى التي لا يستطيع الفلاح العربي الفقير حراثتها لنفس السبب. صحيح ان غالبية هذا الصهيوني المسالم سخروا منه ولكن احدا في شارعنا العربي لم يسمع به ولم يتكرم عليه بتحية على الطريق!.
وفي "عل همشمار" صحيفة اليسار الصهيوني قرأت مقالا كتب في ربيع 1948 يطالب فيه كاتبه بان يهتم اليهود بمزارع البيارات العربية في يافا - بعد نزوح اصحابها - لئلا يقوم اصحابها بلوم اليهود في حال جفافها!. وفي موقع اخر من نشرات هذا اليسار قرأت مقالا لاهرون كوهين, المؤرخ المعروف, يطالب اليهود بمنع نزوح الفلسطينيين من بيوتهم لانهم بهذا يعقدون الامور ويعقدون النزاع!
لقد صدمني ما قرأت في كتاب "قصتي مع الصحافة" للكاتب الفلسطيني الشهير المرحوم ناصر الدين النشاشيبي عن رفضه المطلق لفكرة اللقاء مع زعماء المعسكر الصهيوني دافيد بن غوريون وموشه شاريت رغم انها جاءت من احسان عبد القدوس مؤسس " روز اليوسف"المصرية. لماذا ؟ " لان الارهاب العربي يفل الارهاب اليهودي" فكيف تحارب خصما دون الوقوف على حقيقته ؟؟؟.
لقد حاول اليهود منذ تبني العقيدة الصهيونية حل مشكلتهم مع اوروبا على حسابنا. لقد قاموا" بالبحث عن دفاترهم العتيقة"- كما يقول مثلنا الشعبي ,ففرضوا علينا حملا فشلنا في حمله لاننا اتكلنا على قادة اتكلوا على زعماء العرب تخصصوا بتكرار عبارات عجائبية ( معسولة من جهة رغم كونها فارغة !) ولاننا لم نحاول البحث عن حلفاء محتملين , ولم نحاول تقييم وتمحيص معنى الكلام الذي نردده. مثلا : عضو كنيست ليكودي يقترح اليوم تشجيع الانفصال بين المسلمين والمسيحيين بمنح المسحيين بعض فتات الموائد فيتصدى له بعض القيادات السياسية من حركات اسلامية لدحض مزاعمه متناسين انهم سبقوه في انشاء كيانات طائفية تخدم اغراضه!.
إنهاء معاناة السوريين..
ديفيد ميليباند(ووزير خارجية بريطانيا من 2007 إلى 2010)/صحيفة القدس
من النادر أن يحقق مؤتمر للسلام السلام الفوري، لكن قلة من مؤتمرات السلام بعثت بمثل ذلك التفاؤل الضئيل، مثل المؤتمر الذي بدأ أمس في مونترو في سويسرا لمناقشة القضية السورية. وكما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: «هناك الكثير من الشك» حول ما إن كان سيمكن تحقيق تقدم. إن كان السلام بعيد المنال فيجب أن يستعيد المؤتمر، على أقل تقدير، الحدود الإنسانية الدنيا لممارسة الحرب. ويعني ذلك معالجة الوضع الإنساني البائس للمدنيين السوريين العالقين بسبب القتال بلا غذاء ولا رعاية صحية ولا تعليم ولا أمل.
كثيرا ما توصف المشكلة بأنها مشكلة دخول وكالات الإغاثة الإنسانية. ولكن هذا يشبه وصف من يعاني الخنق بأنه يعاني عدم حصوله على الهواء. المسألة أكبر من ذلك: يواجه الشعب السوري حصارا شاملا.
تعرض أكثر من تسعة ملايين مواطن سوري للتشريد من منازلهم. ودمر أو أتلف ثلث مجموع المنازل في البلد. وتضررت الخدمات العامة بشكل كبير. فحتى الشهر الماضي سوي 40 في المائة من المستشفيات بالأرض وتضرر 20 في المائة منها بدرجة كبيرة، واضطر نحو مليوني طفل لترك الدراسة العام الماضي.
لدى الأمم المتحدة أفضل تقديرات الاحتياجات الحادة. وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن 250 ألف شخص منقطعون تماما في المناطق المحاصرة في حمص وحلب ودمشق الكبرى، كما أن 2.5 مليون شخص يصعب الوصول إليهم في مناطق مثل الحسكة.
ليس من الصعب أن نفهم لماذا تستخدم القوات الحكومية الحصار سلاحا، فالمجموعات المعارضة يقاتل بعضها البعض، والمدنيون محاصرون في الوسط. في الواقع يقتل المدنيون العزل حيث يقوم القناصة باستهداف النساء والأطباء، كما تتعرض الضواحي للقصف.
ساعدت لجنة الإنقاذ الدولية في توفير الرعاية الصحية لنحو مليون سوري خلال النزاع. لكن السوريين يحرقون الملابس ليحصلوا على الدفء. وأفتى العلماء بجواز أكل القطط والكلاب. وانتشر مرض شلل الأطفال.
يجب تناول هذه المسائل في مونترو مع خطط عملية للتطبيق والمحاسبة.
أولا، الالتزام بالقانون الدولي الإنساني الذي يحكم النزاعات المسلحة ضرورة وليس خيارا لكل من الحكومة السورية والمعارضة. واستهداف المدنيين والمرافق الطبية وعمال الإغاثة غير مشروع، ويجب تحديه من قبل مناصري الطرفين.
ثانيا، حدد البيان الرئاسي للأمم المتحدة بتاريخ 2 (تشرين الأول) مسؤوليات جميع الأطراف بالسماح بتدفق الإغاثة والمساعدات الطبية. لكن لم يلتزم بذلك، مما وضع الأمم المتحدة والدول الأعضاء موضع السخرية. ودعمت جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بما فيها روسيا والصين، بيان الأمم المتحدة. فإن جرى تجاهل القرار فيجب مواجهة تلك الدول لدعم قرار ملزم من قرارات الأمم المتحدة.
ثالثا، هناك حاجة لفقرة خاصة للوصول للمجتمعات المحاصرة. وعلى أطراف النزاع تعيين مندوبين مفوضين للتفاوض حول ممرات للإغاثة وعبور المدنيين عبر خطوط النزاع. هناك خبرة من أفغانستان وحتى السودان في التفاوض لتوصيل المساعدات الإنسانية خلال الحروب الأهلية. ولدى الأمم المتحدة مجموعة من مستوى عال من الدول الأعضاء تعمل تحت رعاية مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ويجب أن يكون ضمان وصول الإغاثة لأولئك الجوعى الخائفين مثار اهتمام تلك المجموعة المباشر.
رابعا، يجب أن يكون مصير حلب هو اختبار التقدم. فحلب هي أكثر مدن سوريا ازدحاما بالسكان، إذ يكتظ فيها مليونا نسمة. وهي مدينة مقسمة الآن، ولذلك فهي بالضبط موقع لخطوط النزاع يختبر الإنسانية على جانبيه.
تمثل حلب لسوريا ما مثلته سراييفو للبوسنة، فإن كان لسوريا أن تستعيد هدوءها وجمالها يوما ما، فيجب إنقاذ هذه المدينة من الانحدار إلى الجحيم.
وإن لم يحدث شيء من كل هذا فسيكون الثمن باهظا وسيدفعه الشعب السوري في صورة الأمراض المتفشية والموت والدمار. وستدفعه المنطقة بانتشار المزيد من اللاجئين في بلدانها مما يقلل من مقدرة تلك الدول على استيعابهم. وسيدفعه العالم بأسره بتنامي الراديكالية السامة. من السهل الحديث عن إرهاق المانحين وعدم مقدرتهم على تقديم المزيد والظروف الطارئة المعقدة، وعدم توفر الخيارات الجيدة. لكن كل ذلك ليس عذرا لعودة العصور المظلمة في قلب الشرق الأوسط.
لا تتعجلوا الحكم على جهود كيري لحل المسألة الفلسطينية
جيمس زغبي/صحيفة القدس
عند هذه النقطة، ليست لدينا أي فكرة عما سيقترحه وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، على الإسرائيليين والفلسطينيين. ولأنها لا توجد أي تسوية سلمية في متناول اليد، قيل لنا إن الوزير يعمل بدلاً من ذلك على التوصل إلى "اتفاقية إطار عمل". أما ما هو بالضبط ما ستبدو عليه هذه الوثيقة، وماذا ستضم، وتقول، وتقترح، لهي ما تزال غير واضحة.
هل ستحدد فقط تلك القضايا التي سوف تحل؟ هل ستحدد الفجوات التي تفصل بين الجانبين وتقترح "اقتراحات تجسير" أميركية؟ هل ستصدر عن الولايات المتحدة أم سيوقع عليها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية؟ ليست هناك، عند هذه النقطة، أي إجابات عن هذه الأسئلة، لأن الجهد ما يزال عملاً قيد التقدم. وهذا هو كل ما نعرفه.
رغم رفض واشنطن الإفراج عن أي معلومات، فإن الصحافة الأميركية ما تزال تعج بالتقارير التي تتحدث عن قصة مختلفة تماماً. في وقت مبكر، كانت ثمة تقارير تحدثت عن أن الولايات المتحدة قد تبنت على الوجه الأكمل مواطن القلق الإسرائيلية فيما يتعلق بمعظم القضايا، والتي تشمل: الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في وادي الأردن، والإصرار على أنه لن يكون هناك "حق عودة" للفلسطينيين، إضافة إلى مطلب اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل "كدولة يهودية".
إذا قدر لكل شيء أن يسير وفق هوى إسرائيل، فكيف لنا أن نحكم على سلوكها في الأسبوع الماضي؟ عندما قابل كيري نتنياهو، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي تحويل مؤتمرهما الصحفي إلى جلسة يقرع فيها القيادة الفلسطينية، متهماً محمود عباس بتبني الإرهابيين وبالانخراط في التحريض، ومتسائلاً عما إذا كانت إسرائيل قد وجدت "شريكاً" أصيلاً في البحث عن السلام. وبدا أن كيري قد أخذ على حين غرة بهذا التصرف المفرط وغير المطلوب لعرض التشدد. لكن تلك لم تكن نهاية الزخم الإسرائيلي المضاد.
خلال هذه الفترة نفسها، أعلن نتنياهو الذي كان يتحدث أمام جماهير مختلفة في إسرائيل، أنه لن يوقع على أي اتفاقية تنص على أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، أو تدعو إلى إجلاء المستعمرات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الخليل وبيت إيل. وقبل أيام قليلة من ذلك، مررت مجموعة من الوزراء في المجلس الوزاري برئاسة نتنياهو اقتراحاً بتقديم تشريع للكنيست الإسرائيلي، والذي يدعو إلى ضم وادي الأردن. ثم أتبعوا ذلك الاقتراح بالقيام بزيارة لمستوطنات تلك المنطقة، معربين عن تعهدهم ونيتهم بالاحتفاظ بالسيطرة على المنطقة.
وفي الأثناء، اتخذ شريك نتنياهو في الائتلاف، نفتالي بينيت، موقفاً متطرفاً آخر بإعلانه أن حزبه سيترك الحكومة في أعقاب أي اتفاقية تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة. وأضاف شريك نتنياهو الآخر، وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، بينما يمتدح جهد كيري واصفاً عرضه بأنه "أفضل اقتراح نستطيع الحصول عليه"، أنه لن يقبل "حق العودة" حتى للاجئ فلسطيني واحد، كما علق ليبرمان دعمه على شرط تثبيت فكرة أن "تبادلات الأراضي" مع الفلسطينيين يجب أن تشتمل أيضا على التنازل عن منطقة "المثلث الصغير" الإسرائيلية التي تقطنها أغلبية عربية للكيان الفلسطيني الجديد. وفي نهاية الأسبوع، وضع نتنياهو اللمسات الأخيرة على الكعكة، عبر الإعلان عن مناقصات لإنشاء 1400 وحدة إسكان جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
إذا كانت التقارير الصحفية المبكرة صحيحة، وتكون جهود كيري قد أقرت بمواقف إسرائيل في جزئها الضخم فيما يتعلق بمعظم القضايا، فكيف ينبغي لنا أن نفهم هذا الهجوم الشامل؟ لا يمكن أن يكون الأمر هو أن نتنياهو كان يحمي موقفه السياسي فقط عن طريق تهيئة قاعدة لتقبل تنازلات صعبة في نهاية المطاف، بما أن الهجوم الخطابي المرافق إنما خدم فقط لجعل أمر تقديم التنازلات أكثر صعوبة. وللسبب نفسه، من غير المرجح أن يكون نتنياهو قد صمم هذا الجهد برمته كي يظهر لوزير الخارجية الأميركي خطورة وضعه السياسي المحلي. ربما يكون الأمر هو أن الإسرائيليين لديهم معظم ما يريدونه. وربما يضغطون على الولايات المتحدة لإجبار الفلسطينيين على القبول بإطار عمل، والذي يكون استسلاماً أكثر من كونه اتفاقية. لكن المطالب التي طرحوها مجتمعة شأنها أن تجعل من "إطار العمل" نكتة سيئة، والتي تدمر فرص التوصل إلى أي ترتيبات سياسية. وعلى ضوء الحجم الذي استثمرته الولايات المتحدة في هذه العملية، فإن من غير المرجح أنهم سيختتمونها بإصدار مثل هذه الوثيقة.
ثمة تفسير معقول أكثر، هو أن كيري جاد تماماً فيما يفعل، وأنه يدفع بجدية من أجل التوصل إلى إطار عمل يسير قدما بالسلام، وهو ما تسبب في نوع من عدم الارتياح الفعلي لدى اليمين الإسرائيلي.
هناك قاعدة مهمة تعلمتها في السياسية، وهي أنه عندما يبدأ أحد الأطراف، في غمرة المفاوضات الخاصة، بالصراخ بأعلى صوت، ثم يحمل شكاواه ومطالباته إلى الصحافة، فإنه يكون الطرف الذي يخسر.
لا يعني هذا القول إنني متفائل أو حتى آمل. فالطريق إلى الأمام تظل طويلة ومضنية. ولا أستطيع تخيل أن القيادة الفلسطينية ستستسلم وتقبل باتفاقية إطار عمل تمحو حقوق الفلسطينيين الأساسية، كما أنني لا أستطيع التصديق أن الولايات المتحدة ستقدم اقتراحا سيكون مرفوضاً مباشرة من جانب الفلسطينيين والرأي العام العربي عموماً. وتدرك الولايات المتحدة أن ثمة الكثير جداً على المحك في المنطقة، وهي ليست معنية بصب المزيد من الوقود على مشاعر الاستياء الحاضرة سلفاً.
لذلك، سيكون من الأفضل الآن أن يأخذ المرء نفساً عميقاً وأن لا يبالغ في ردة الفعل على الإشاعات وتهويلات اليمين الإسرائيلي. إن القصة لم تنته بعد.
*رئيس المعهد الأميركي العربي. مؤلف "الأصوات العربية: ما الذي يقولونه لنا ولماذا يهم، الكتاب الذي يجلب الأساطير والافتراضات والتحيزات التي تحول بيننا وبين فهم شعب العالم العربي إلى حل صادم".
تحديات ما بعد الدستور في مصر
محمد السعيد ادريس/صحيفة القدس
بإعلان النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور الجديد في مصر يكون الشعب المصري قد أسس لشرعية سياسية جديدة بديلة لشرعيتين بائدتين، شرعية نظام حكم حسني مبارك راعي دولة الفساد والاستبداد واحتكار السلطة والثروة وتكريس التبعية للخارج كأساس لسياسة مصر الخارجية، وشرعية نظام حكم الجماعة الإخوانية التي يتكشف يوماً بعد يوم مدى المخاطر التي كانت تتهدد ليس حاضر مصر ومستقبلها فقط، بل وكثير من الدول العربية، حيث انخرط الإخوان في تحالف مزدوج الأول التحالف مع الأمريكيين من أجل "التمكين" للحكم داخل مصر، حتى ولو كان هذا التحالف مرتكزاً على قاعدة التعهد بحماية وجود وأمن إسرائيل، والثاني التحالف مع تنظيم القاعدة الإرهابي لاختراق العديد من الدول العربية ضمن استراتيجية زعيم القاعدة أيمن الظواهري بإعطاء الأولوية للصراعات داخل الدول العربية على أولوية الصراع مع الغرب والجانب الاسرائيلي بهدف إسقاط العديد من النظم الحاكمة الآن، أو على الأقل التمكن من خلق وجود "جغرافي" للقاعدة في هذه الدول وفي مقدمتها مصر وبالتحديد في شبه جزيرة سيناء .
إسقاط الشعب المصري، في الاستفتاء لهاتين الشرعيتين وتأسيس "الشرعية الشعبية" القائمة على تحالف وطني واسع تجسد في نصوص الدستور الجديد يحمل دلالات مهمة كشفتها أرقام هذه النتائج والإقبال الشعبي غير المسبوق للتصويت ب"نعم" تحت مراقبة من المنظمات الحقوقية المصرية والعربية والعالمية، حيث جاءت هذه الأرقام تقول أن 20 مليون ناخب قالوا "نعم" بنسبة 1 .98%، وأن 381 ألفاً قالوا "لا" بنسبة 9 .1%، وأن نسبة المشاركة الشعبية في هذا الاستفتاء وصلت إلى 6 .38% من اجمالي من لهم حق التصويت، في حين لم تتعد نسبة المشاركة الشعبية في التصويت على دستور الإخوان 33%، ولم تتجاوز نسبة الموافقين عليه 3 .63% .
أولى هذه الدلالات أن الشعب مارس "الديمقراطية المباشرة" مرتين على مدى ثلاث سنوات، ولأول مرة في التاريخ منذ الديمقراطية اليونانية القديمة، عندما قرر عقد ما يمكن تسميته ب"الجمعية العمومية للشعب المصري" بنزول أكثر من 35 مليون مصري إلى الميادين للمطالبة بإسقاط نظام مبارك ابتداء من يوم 28 كانون الأول عام 2011 وللمطالبة بإسقاط نظام الإخوان ابتداء من يوم 30 حزيران 2013 (عدد من لهم حق التصويت من المصريين يبلغ حوالي 53 مليون مواطن)..
هذا الشعب قرر أن يؤكد مطالبه بإسقاط حكم الإخوان وشرعيتهم بالاحتكام إلى "ديمقراطية الصناديق"، ليقول لهم ولكل من يساندونهم كفى تزويراً للإرادة الشعبية المصرية، وكفى وصف ثورة الشعب المصري يوم 30 حزيران 2013 ب"الانقلاب العسكري"، فالجيش الذي انحاز لقرار الشعب باسقاط حكم نظام مبارك هو نفسه الجيش الذي انحاز لقرار الشعب بإسقاط حكم الإخوان، وبعد التصويت بهذه النسبة العالية لم يعد للإخوان شرعية، وإن الشرعية قد عادت للشعب، وبالأسلوب الذي ظل الإخوان يدافعون عنه وهو الاحتكام إلى الصناديق .
ثانية هذه الدلالات أن المصريين الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع ليقولوا "نعم" للدستور كانوا يقولون أكثر من "نعم" واحدة، فهم ذهبوا ليقولوا نعم للدستور، وليقولوا "نعم" لشرعية الإرادة الشعبية، وليقولوا "نعم" لإسقاط شرعية الإخوان، والأهم أن يقولوا "نعم" لمستقبل يسوده الأمن والأمان والحياة الحرة الكريمة، ولدولة الحرية والعزة والكرامة، وليس دولة الإخوان، أو دولة الانكسار والتبعية للخارج كما كان عهد مبارك .
فالمصريون الذين ذهبوا ليقولوا "نعم" للدستور كانوا في أمسّ الحاجة إلى تنسم عبير حياة مفعمة بالحرية والعزة والكرامة، ولم يكن رفع صور جمال عبدالناصر إلا تعبيراً عن هذا التطلع إلى مثل تلك الحياة .
ثالثة هذه الدلالات هي أن تدني نسبة المشاركة الشعبية في التصويت على الدستور ترجع إلى أسباب كثيرة ليس من بينها الاعتراض على الدستور، باستثناء القليلين، فالإخوان قاطعوا الاستفتاء على الدستور رفضاً منهم لتأسيس شرعية حكم جديدة تسلبهم ما يزعمون أنهم يدافعون عنه من شرعية . كذلك كانت إدانتهم مسبقة للدستور حتى قبل أن تبدأ كتابته، كما أن القطاع الأكبر من السلفيين قاطعوا الدستور، ربما باستثناء أغلبية أعضاء "حزب النور"، بعضهم فضل المقاطعة اعتراضاً على عدم رضاه عن المواد الخاصة بالشريعة، وبالذات المادة التي اسقطت "الطائفية الدينية" في دستور الإخوان، وبعضهم قاطع تأييداً للإخوان لكن أهم المقاطعين كانت شريحة الشباب من سن ال20 إلى ال30 وهم الشريحة الأهم من أبناء الشعب، وهذه المقاطعة هي التي في حاجة إلى دراسة وتدبر وتأمل واتخاذ قرارات .
البعض يفسر غياب الشباب عن التصويت بسببين، أولهما هو الامتحانات الجامعية المتزامنة مع الاقتراع على الدستور، وهذا حقيقي، وثانيهما أن هذه الشريحة من الشباب هي التي تعاني من مظالم البطالة القاتلة، وأن ثلاث سنوات ثورة لم تغير حياتهم للأفضل بل ربما للأسوأ، لأن من وجد من هؤلاء فرصة للعمل في السياحة أو في الشركات الخاصة فقد هذه الفرصة بسبب تداعيات أحداث الثورة على الأمن وعلى السياحة . لكن السبب الأهم الذي يجب أن يحظى بالعناية والاهتمام هو أن الكثير من الشباب، وخاصة شباب الثورة، لهم تحفظات على إدارة الدولة، بل وإدارة الثورة .
أبرز هذه التحفظات تتعلق بعودة رموز وفلول نظام مبارك مرة أخرى لتتسيد المشهد السياسي والإعلامي من خلال ركوب موجة الترويج للدستور وترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة لمنصب رئيس الجمهورية، في محاولة منهم للاغتسال والتطهر بمياه الدستور وشعبية السيسي من أوزار حكم مبارك . لكن الأخطر من هذا كله ما يروج له هؤلاء من أنهم هم أبطال ثورة 30 يونيو، وأن ثورة 25 يناير ليست إلا إنقلاباً، ما يعني أن عودتهم هي محاولة لاستعادة حكم مبارك أخذاً بقاعدة "نفي النفي إثبات" فنفي مفهوم الثورة عن ثورة 25 يناير هو نفي إسقاط نظام مبارك .
هذه الدلالات المهمة تضع أمام النظام الحالي والدولة تحديات هائلة، أولهما أن يكون المستقبل بمستوى طموح الشعب الذي تحدى إرهاب جماعة الإخوان وخرج بالملايين يقول "نعم" للدستور و"لا" للإخوان وللإرهاب . فالمصريون في تحد الآن مع أنفسهم لتنفيذ الدستور بأبوابه وفصوله ومواده من دون أدنى تقاعس، وثانيهما أن يكون الالتزام بثورتي 25 يناير و30 حزيران هو مرتكز الحكم الجديد والرئاسة الجديدة، وهذا لن يتحقق إلا بالإبعاد النهائي ليس فقط لرموز ورجال نظام مبارك ونظام الإخوان ولكن بالتخلص النهائي من كل تركة السياسات الرديئة والتمسك
بنصوص الدستور الجديد الذي اسقط شرعيتي مبارك والإخوان إلى الأبد .
هذه التحديات في حاجة إلى سياسات جديدة أبرزها المضي بنجاح في باقي استحقاقات "خريطة المستقبل" أي انتخاب رئيس للجمهورية يليق بالمصريين وثورتهم وثقتهم في مستقبلهم، رئيس يؤمن بأن الشعب هو السيد الحقيقي، وهو صاحب كل السلطان ويؤمن بدولة الحرية والعزة والكرامة، وتحقيق الكفاية والعدل في الداخل، واستقلالية وكرامة القرار الوطني في التعامل مع الخارج، وانتخاب برلمان قوي خال من رجالات مبارك والإخوان، ومليء بالكفاءات الوطنية القادرة على إكمال الدستور بالقوانين الدستورية، وتنقية تركة القوانين المصرية من آلاف التشريعات سيئة السمعة التي تتعارض مع نصوص الدستور الجديد، ثم مراقبة الرئيس والحكومة ومحاسبتهما إن اقتضت الضرورة..
أطراف النهار-السياسة: شيء من "المرونة" وشيء من "الموقف"؟
حسن البطل/صحيفة الأيام
في طريقي من بيتي إلى عملي، وفي مقطع من "شارع يافا" بين مستديرة بيتونيا ومستديرة فلسطين (سوبر ماركت السبع نجوم ـ سابقاً) تصطف على أعمدة الشارع أعلامنا وأعلام دول زائرة، ويصطف على الأرصفة جنود الأمن الوطني.. وهذا بمعدل مرة أسبوعياً، أو مرتين.
فلسطين وإسرائيل ساحة واحدة للزيارات الرسمية الأجنبية، ولعلهما الأكثر زيارات إلى دول المنطقة.
تذكرت زمناً بيروتياً زار فيه مقر المنظمة في الفاكهاني وزير خارجية أفغانستان ـ بابراك كارمال، وأثارت الدولة اللبنانية أزمة دبلوماسية جراء ذلك مع المنظمة، التي استقبلت الوزير رسمياً وبروتوكولياً.
هذا الأسبوع، زارنا وإسرائيل رئيس وزراء كندا، ستيفن هاربر، وكذا رئيس رومانيا، ترايان باسيسكو. التشريفات هي التشريفات، يهمنا جديد التصريحات.. أولاً لرئيس السلطة، وثانياً لرئيس الوزراء ورئيس الدولة الزائر.
خلال الكلمات البروتوكولية مع رئيس وزراء كندا، صدر عن رئيس السلطة توضيح لما كان يعنيه في تصريحات سابقة: لن يبقى جندي أو مستوطن في أرض الدولة الفلسطينية.
المسؤولون الإسرائيليون عقّبوا بالقول: عباس يريد دولة نقيّة من اليهود، بينما في دولة إسرائيل يهود وعرب (وآخرون). يذكرنا هذا الكلام الإسرائيلي المغالط، بكلام صدر عن اسحاق شمير تعقيباً على قصيدة درويش الشهيرة: "عابرون في كلام عابر" وفيها: خذوا موتاكم من أرضنا وارحلوا. قالوا "هذا ترانسفير أموات" لم يلتفتوا إلى عبارة شعرية جميلة: سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل"!
الرئيس أوضح بقوله: "لن يكون هناك (في دولتنا) وجود إسرائيلي رسمي". انتبهوا إلى كلمة "رسمي" فهي تعني فك الارتباط بين الأمن الإسرائيلي والاستيطان اليهودي في أراضي دولة فلسطين، أي أن مطلبنا هو جلاء (ترانسفير؟) جنود الاحتلال، وأما الاستيطان اليهودي فله حل آخر: تخيير من شاء من المستوطنين الرحيل مع جيش الاحتلال، أو الخضوع للسيادة الفلسطينية.
فيما يتعلق بـ "الكتل" الاستيطانية فالحل هو مبادلات أرضية متكافئة ومتساوية القيمة؛ وفيما يتعلق بالمستوطنات خارج الكتل، فإن على إسرائيل "مبادلات" من نوع آخر: عودة لاجئين إلى دولة إسرائيل حسب اختيارهم، مقابل بقاء عدد مماثل من المستوطنين في أرض دولة فلسطين.
صحيح، مبدئياً وقانونياً، أن الفلسطينيين في إسرائيل هم سكان البلاد الأصليون والشرعيون، وأن المستوطنين اليهود خارج أي شرعية دولية.. لكن للواقع معادلة واقعية، حتى نبطل مطالباتهم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وادعاءاتهم بأن فلسطين دولة عربية ـ فلسطينية نقيّة من اليهود.
المعنى: حق العودة مرتبط "بحق" بقاء يهود مستوطنين اختاروا، لأسباب دينية أو اقتصادية، البقاء رعايا في دولة فلسطين. إذا قالوا: "ولا لاجئ يعود" سنقول: ".. ولا لوجود إسرائيلي (لا يهودي) رسمي".
دائماً، كان الاستيطان والأمن والتوسع والسيادة عناصر متلازمة في إقامة دولة إسرائيل، ثم في الاحتلال اللاحق للأراضي الفلسطينية.
المطلوب هو فك الارتباط بين هذه العناصر الأربعة، وبخاصة في الأغوار، حيث السيادة والسيطرة والاستيطان والأمن موجودة في "ضم الأغوار" أو "تأجيرها".
الرئيس رفض أي ضم وأي تأجير، لأن "المؤقت هو اسم آخر للدائم" كما يقول مثل فرنسي، وكما تقول دروس أوسلو.
إذا أبدى الرئيس بعض "المرونة" في توضيح الموقف السابق "لن يبقى إسرائيلي في أرضنا" فإنه خلال كلمات بروتوكولية متبادلة مع الرئيس الروماني كرّر الموقف الثابت: لا تمديد لفترة المفاوضات.
المعنى؟ إذا تم الوصول إلى اتفاق إطار خلال مهلة الشهور التسعة، فإنه يمكن التفاوض المفصّل حول التنفيذ. مثلاً: نحن نقول بثلاث سنوات لإجلاء المستوطنين خارج الكتل (مقابل تبادلات) وهم يقولون بعشر سنوات، أي في غير ولاية نتنياهو، ونحن نقول: نقبل بخمس سنوات!
إذا لم نتوصل وإياهم إلى اتفاق إطار، بعد صعوبة التوصل لاتفاق نهائي، خلال المهلة الأميركية (تسعة شهور) فإننا سوف نطلب عضوية كاملة في الجمعية العامة، وباقي وكالاتها المتفرعة.
إن شيئاً من "المرونة" مقرون بشيء من "الموقف" وهذا وذاك جزء من سياسة تفاوضية.
نحن نريد سلاماً للمستقبل، لأجيالنا وأجيالهم. وقال الرئيس الروماني في ما معناه: التمسك بالتاريخ (جذور الصراع) لا يصنع المستقبل، وأوروبا طوت النزاع التاريخي الذي يجب أن يبقى "في القلب وفي الكتب"!
أهداف وأبعاد العدوان المرتقب على غزة
طلال عوكل/صحيفة الأيام
على نحو ملحوظ تتصاعد حمى العدوانية الإسرائيلية، التي لا تتوقف في الضفة الغربية والقدس، عبر التهويد والاستيطان المكثف، والمزيد من عمليات الدهم، والاعتقال، والقتل، وفي قطاع غزة، حيث تعمد إسرائيل إلى تصعيد متدرج. يهدد نتنياهو بأن يصل قريباً إلى مستوى عمل عسكري عدواني واسع.
التصعيد الميداني الإسرائيلي يترافق مع تصعيد سياسي يتصل مباشرة بملفات التفاوض، وبالجهد الأميركي الذي يديره وزير الخارجية جون كيري، ويتضمن توسيع دائرة التحريض على السلطة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لا يتمتع بأهلية الشريك مرة، ويتهم بالتطرف كل الوقت.
في علاقة عكسية مع هذا التصعيد المدروس والمنهجي، تتراجع التصريحات التي تحمل معاني التفاؤل بشأن إمكانية نجاح كيري في دفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، نحو التوصل إلى اتفاق ما، حده الأدنى تجنب إغلاق الملف وإعلان الفشل، وإتاحة المزيد من الوقت لاستمرار المفاوضات.
الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي سبق له، أن عبّر عن تفاؤله بعد الجولة التاسعة لوزير خارجيته، أدلى خلال هذا الأسبوع بتصريح لافت، عبّر من خلاله عن تشاؤمه، حين قال إن حظوظ النجاح، تتراجع إلى خمسين في المئة.
غير أن كيري المتفائل، قد عبر بطريقة أخرى، عن تشاؤمه حين أجل زيارته للمنطقة، التي كانت مقررة كما ورد على لسانه، بعد أربعة أيام من جولته السابقة، وآثر، دعوة وفدي التفاوض إلى واشنطن، رغم أنهما كانا خارج دائرة المفاوضات الفعلية التي أدارها كيري مع الرئيس عباس، ونتنياهو.
كيري عبر عن استيائه من تصريحات بعض وزراء حكومة نتنياهو، لكنه على الأرجح فشل في محاولته، الحصول على موقف عربي أراده أن يكون أكثر "كرماً" من الموقف الفلسطيني، وفشل، أيضاً، في انتزاع بعض التنازلات من الحكومة الإسرائيلية، التي رفضت فعلياً كل ما تقدم به من أفكار. كيري وإدارته، والأوروبيون، يدركون، بأن إسرائيل هي الطرف المسؤول عن إعاقة، وإفشال المسعى الأميركي، ولكنهم لا يصرّحون بذلك علنياً، الآن بحجة عدم استفزاز اسرائيل، ودائماً بسبب الانحياز الكامل للرؤية الإسرائيلية. هكذا تحاول إسرائيل، لاحباط الجهد الأميركي، ولإنقاذ الإدارة الأميركية من حرج الاعتراف بالفشل، والاعتراف بمسؤولية إسرائيل عن فشل المفاوضات، فتلجأ تارة لإعلان المزيد من العطاءات الاستيطانية، وأحياناً لتصعيد العدوان العسكري.
وإذا كانت الاعلانات الاستيطانية، لم تؤد حتى الآن لا إلى وقف المفاوضات ولا إلى موقف أميركي، أوروبي واضح، يدين السلوك الإسرائيلي المعطل للجهد الأميركي، فإن إسرائيل ستلجأ إلى خلط الأوراق عبر عدوان عسكري كبير على قطاع غزة، تحت ستار كثيف من الدعاية والتحريض. تتوقع إسرائيل أنها يمكن أن تقوم بعدوان واسع على قطاع غزة، لا يشبه من حيث الأهداف الميدانية، العدوانات السابقة، وفي اتجاه أقسى مما عرفناه، بدون أن تكون هناك ردود فعل عربية واسعة، وضاغطة إلى حد يجبرها على وقف عدوانها. فالوضع العربي ضعيف، مشتت، منشغل في الأوضاع والأوجاع الداخلية، ويركز ما يتمتع منه ببعض الهدوء، على أجندات وأولويات مختلفة.
وعلى الصعيد الفلسطيني تتوقع إسرائيل أن تؤدي وحشية العدوان، وأهدافه، وحجمه وطبيعته إلى إحراج القيادة الفلسطينية، أو دفعها لاتخاذ موقف يؤدي بها إلى قطع المفاوضات، قبل انتهاء المدة المقررة لها، فتكون، قد أعفت نفسها من مسؤولية فشل المفاوضات، وألقت بالكرة في حضن الفلسطينيين، وأيضاً تكون قد أعفت الولايات المتحدة من حرج إعلان الفشل، أو إدانة إسرائيل.
وعدا عن ذلك فإن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي توعد نتنياهو بأن يكون قريباً جداً، من شأنه أن يقطع الطريق على المساعي الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية.
الحسابات الفلسطينية في مواجهة عدوان إجرامي، متعدد الأهداف ينبغي أن تأخذ هذه المرة في الحسبان، أن الظروف التي استدعت من إسرائيل التعامل مع الانقسام باعتباره ذخراً استراتيجياً لم تعد قائمة.
كانت إسرائيل قبل ثورة الثلاثين من آذار العام الماضي في مصر، مستعدة لتحمل الآثار الناجمة عن تلقيها، الصواريخ التي تطلقها المقاومة طالما أن لديها أهدافا سياسية استراتيجية، ولكن فشل هذه الأهداف، تجعلها تتعامل بطريقة مختلفة مع ما تملكه المقاومة من صواريخ وأعتدة وأسلحة، وان تنظر لما تمتلكه المقاومة في غزة على أنه ينطوي على تهديد أمني وعسكري استراتيجي لا يمكنها احتمال مواصلة الصمت عنه، أو التعامل معه تكتيكياً.
لقد بقي من أهداف الانقسام بالنسبة لإسرائيل، إضعاف الكل الفلسطيني، ومواصلة التشكيك بالتمثيل الفلسطيني، وبأهلية الشراكة في عملية السلام، بالإضافة إلى توفير الذرائع لمن يريد من العرب التنصل من مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية وشعبها.
وإذا كانت الحرب على قطاع غزة، ستؤدي من بين ما تؤدي إليه إلحاق ضرر جسيم بعملية التفاوض، فإن الحاجة تسقط لمواصلة ادعاء إسرائيل بعدم وجود شريك فلسطيني.
الحديث عن عدوان إسرائيلي واسع وقريب، لا يستند فقط إلى، التصريحات النارية التي تصدر عن مسؤولين سياسيين وأمنيين، وإنما إلى متابعة حثيثة، للتدرجية التي تسلكها العدوانية الإسرائيلية. وسواء استندنا إلى الوقائع، أو إلى التجربة العملية أو إلى التحليل، فإن كل ذلك يقودنا إلى أن لجوء إسرائيل إلى أسلوب الاغتيالات كما حصل أول من أمس، وقبل ذلك بيومين، فإن هذا يعني أن العدوان على غزة، قد أصبح قريباً جداً، وأقرب من إمكانية تحقيق المصالحة، التي لا تزال محبوسة في صندوق الحسابات الخاطئة.
حقائــق راسخـة
حمادة فراعنة/صحيفة الأيام
في محاضرة للسيد عزام الأحمد استضافها أحد المراكز الإعلامية في عمان، انصبت تعليقات المستمعين على نقد المفاوضات العبثية، وضرورة وقفها، لأنها باختصار فاشلة، لم تحقق النتائج المطلوبة باستعادة شعبنا العربي الفلسطيني حقوقه الكاملة غير المنقوصة، أو على الأقل جزء منها، وكانت مشاركتي تقوم على ما يلي:
أولاً: لقد فشلت التجارب التفاوضية مع العدو الإسرائيلي برعاية كلينتون في كامب ديفيد 2000، وأنابوليس في عهد بوش 2008، والتقريبية في عهد أوباما، والاستكشافية برعاية أردنية في عمان 2012، وتعثر المفاوضات الحالية التي ينشط بها جون كيري لسببين: أولهما تصلب الموقف الإسرائيلي، وثانيهما تمسك الموقف الفلسطيني بحقوق شعبه، ولذلك، طالما أن الإسرائيليين متصلبون ومتطرفون، فأنا أقترح على الأخ عزام نقل اقتراحنا للقيادة الفلسطينية بإبداء المرونة، والتساهل مع الإسرائيليين طالما أنهم أولاد عمنا وجيراننا في القضايا العالقة، وأولاها الاعتراف بيهودية الدولة، وثانيها عدم عودة اللاجئين، وثالثها عدم التمسك بالقدس عاصمة للدولة المستقلة، ورابعها عدم التمسك بالسيادة وقبول إسرائيليين على أرض الدولة الفلسطينية، وبذلك نشطب كلمة فشل المفاوضات، ونتحدث عن نجاح المفاوضات واستتباب السلام والطمأنينة وحسن الجوار، لأن المفاوض الفلسطيني طالما بقي متمسكاً بحقوق شعبه وبحدها الأدنى لن تنجح المفاوضات وستبقى نتائجها فاشلة، فالفشل يعود إلى تمسك منظمة التحرير بحقوق شعبها الفلسطيني ولو تراخت وتنازلت لتم نجاح المفاوضات!!.
ومع ذلك وفي ظل هذه المفاوضات وفشلها، حققت منظمة التحرير مجموعة من الإنجازات العملية:
أولاً: الانتصار في الحصول على عضوية اليونسكو بـ 107 أصوات يوم 30/10/2011، وهزيمة إسرائيل ومن معها ومن يؤيدها.
ثانياً: الانتصار بالحصول عضوية الدولة المراقب لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012 بـ 138 صوتاً مقابل 9 أصوات فقط حصلت عليها إسرائيل ومن معها.
ثالثاً: الموقف الأوروبي المفتوح على التقدم والتطور باتجاه مقاطعة الاستيطان والمستوطنين، وهذا كله لم يتم إلا بفعل عاملين اثنين متلازمين، أولهما: حكمة القيادة الفلسطينية في التعامل مع الوقائع والمستجدات وسير الأحداث، وثانيهما: عدالة المطالب الفلسطينية وواقعيتها.
المفاوضات، وسيلة، وليست غاية، وهي وسيلة مثلها مثل العمليات الاستشهادية والكفاح المسلح والانتفاضة المدنية، يتم التعامل معها وتوظيفها والاعتماد عليها طالما أنها تحقق نتائج ولا تدمر حقوق الشعب العربي الفلسطيني ولا تلغيها أو تمس بمضمونها، ومن يطالب بإلغائها كوسيلة وكعنوان للعمل بسبب الفشل، عليه أيضاً أن يطالب بوقف النضال الفلسطيني برمته لأنه فشل في تحرير فلسطين، فهل نتوقف عن النضال؟؟ أم نلغي تحرير فلسطين باعتباره هدفاً صعب المنال لم يتحقق بعد خمسين سنة من عمر الثورة الفلسطينية؟؟.
لقد انتهت دولة الخلافة الإسلامية، وانهارت الدولة الأموية، وتبعتها الدولة العباسية وهزمت الخلافة الإسلامية التركية فهل نلغي الإسلام؟؟ وتم هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي أمام المعسكر الأميركي في الحرب الباردة، فهل نتحول إلى الرأسمالية المتفوقة؟؟ وأخفق رموز التيار القومي الثلاثة عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين، رغم تضحياتهم في مواجهة الاستعمار وإسرائيل والرجعية، فهل نتراجع عن قناعاتنا القومية في وحدة العرب وحريتهم؟؟.
صحيح أن موازين القوى لصالح عدونا الذي يحتل كامل أرضنا، ونهب حقوقنا، واعتدى على كرامتنا، ولا يزال، ولكن ثمة حقائق ملموسة مادية يجب أن ننطلق منها لوضع خريطة العمل لتحقيق ثلاثة شروط للانتصار، أولها برنامج وطني موحد، وثانيها مؤسسة تمثيلية موحدة، وثالثها أدوات كفاحية متفق عليها، والحقائق هي:
أولاً: أن الكتلة الأكبر من الشعب العربي الفلسطيني ما زالت تقيم على أرض فلسطين التاريخية، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 تتجاوز الخمسة ملايين ونصف المليون نسمة.
ثانياً: عدالة مطالب شعبنا الفلسطيني وحقوقه المجسدة بقرارات الأمم المتحدة، وهي جميعها منصفة لصالحه بدءاً من قرار التقسيم 181 مروراً بقرار عودة اللاجئين واستعادة ممتلكاتهم 194، وقرار الانسحاب وعدم الضم 242، وقرار حل الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515، ولذلك يجب أن تكون قرارات الأمم المتحدة هي عنوان قضيتنا ومطلبها.
ثالثاً: لقد فشل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي في تحقيق كامل هدفه في احتلال فلسطين وطرد كامل شعبها، فها هو نصف الشعب العربي الفلسطيني على كامل أرض وطنه، وعدده لا يقل عن عدد اليهود الإسرائيليين على كامل أرض فلسطين.
رابعاً: منظمة التحرير ممثلة الشعب الفلسطيني، وهي بمثابة جبهة وطنية موحدة تمثل الشعب والقضية والحقوق، ومعترف بها بهذا المضمون وبهذا الشكل، رغم وجود انقسامات أو تجاوزات، ومثلما هي حقيقة مادية ملموسة، فحقيقتها انعكاس للواقع التعددي الذي يميز الشعب الفلسطيني، فالتعددية صفة أصيلة في مفاصله، تتمثل بالفصائل من فتح حتى حماس ومن اليساريين والقوميين حتى الجهاد الإسلامي، وهذه ميزة قوة للشعب الفلسطيني إذا تم الحفاظ عليها على قاعدة التعددية والوحدة، في إطار البرنامج الموحد، والمؤسسة التمثيلية الموحدة، واختيار الأدوات الكفاحية، والاتفاق عليها وتوظيفها.
ليس الشعب الفلسطيني وحده في مأزق، أو أن الإسرائيليين مرتاحون، رغم أنهم في الموقع الأقوى، ولكن طرفي الصراع كل منهما في أزمة وكلاهما في مأزق، والأمر سجال بينهما، ولا يوجد خيار أمام الشعب الفلسطيني سوى مواصلة النضال حتى يذعن الإسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني ويحترمها ويقبل بها، وبالتالي يستعيدها مهما طال الوقت، فلن يضيع الحق الفلسطيني ووراءه صاحب حق وهو الفلسطيني.
أُبشركم بفشل مهمة كيري
د. عبد المجيد سويلم/صحيفة الأيام
انتقل السيد كيري في طروحاته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في غضون عدة أشهر فقط، من مهمة الحل الشامل إلى اتفاقية إطار فإلى ورقة مبادئ.
هذا الانتقال هو في الواقع السياق "المنطقي" لمهمة كيري، طالما أن الإدارة الأميركية تبحث في إيجاد صيغة ما ترضي الطرفين معاً من على قاعدة مُجحفة أصلاً.
القاعدة المجحفة هي بالأساس تحقيق الحد الأقصى الممكن من الطموحات الإسرائيلية مقابل تحقيق الحد الأدنى الممكن للفلسطينيين، هذا أولاً. أما ثانياً، فإن تحقيق المطامح الإسرائيلية (والتي هي في الجوهر الأطماع الإسرائيلية) أمر مكرّس على الأرض، في حين أن تحقيق المطامح الفلسطينية أمر في علم الغيب، أو هو برسم الموافقة الإسرائيلية عليها. وأما ثالثاً، فإن الإدارة الأميركية تبحث عن الكيفية التي تستخرج من بطن الأطماع الإسرائيلية شيئاً ما يقدم للفلسطينيين.
بعبارة أخرى، الولايات المتحدة لا تبحث عن أحقية الأطماع الإسرائيلية من عدمها، وإنما عن الاحتياطات الكامنة في لبّ الأطماع الإسرائيلية علّها تصلح في سدّ بعض الاحتياجات الفلسطينية.
اكتشف السيد كيري ولمس بأصابعه العشر، أن ما كانت تقوله إسرائيل حول "استعدادها" للدخول في عملية سياسية معمّقة للبحث عن تسوية تاريخية شاملة، أمر مستحيل، وأن الحديث الإسرائيلي حول هذه المسألة بالذات هو مجرّد دعاية سياسية ليس لها في الواقع أي سند حقيقي.
اكتشف كيري ذلك مبكراً عندما طرح خطته حول الأمن والحدود. فقد تبيّن الآن أن إسرائيل لم تتزحزح قيد أُنملة عن شرط تواجدها العسكري على الحدود الشرقية، ولم تتخل عن "حقها" الحصري في مراقبة المعابر، وان جوهر ما يمكن أن توافق عليه من وجود طرف أو أطراف ثالثة أو اخرى لا يجب ان يشكل قيداً على الدور الإسرائيلي.
كما أن إسرائيل لم تبد حتى تاريخه أية مرونة فيما يتعلق بقضية القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، وأن كل ما أبدته حتى الآن هو الإبقاء على القدس الكبرى موحدة، على أن يكون للفلسطينيين تواجد رسمي هو من حيث الجوهر شكل للحكم البلدي على بعض الأحياء المحيطة بالقدس وخارج كامل منطقة "الحوض المقدس".
باختصار لا يوجد من حيث الجوهر شيء اسمه القدس الشرقية، ولا يوجد شيء اسمه عاصمة للدولة.
أما في قضية اللاجئين فالرفض الإسرائيلي مطلق وقطعي، والحديث عن حالات إنسانية وجمع شمل ممكن من ناحية المبدأ ولكن ليس باعتباره حقاً وطنياً أو سياسياً بأي حال من الأحوال.
أما الاستيطان فالقاعدة التي تراها إسرائيل مناسبة هي التالية:
الاستيطان حق إسرائيلي، نابع من كون إسرائيل دولة الشعب اليهودي بالأساس، ولهذا لا يوجد شيء اسمه انهاء أو تصفية الاستيطان، وإنما إعادة تنظيم هذا الاستيطان في اطار جغرافي جديد يتمثل في ضمّ الكتل الاستيطانية التي يمكن أن تكون ثلاث أو أربع أو خمس أو حتى عشر كتل بحيث تبقى على ما هي عليه، ويضاف لها كل ما سيتم بناؤه في السنوات القادمة بعد أن يضم اليه فوراً كل ما يسمى بالاستيطان العشوائي.
باختصار، أيضاً، يتم ضم كل المستوطنات إلى إسرائيل بغض النظر عن "سيادة الدولة الفلسطينية"، وبغض النظر عن حجم الاستقطاع الجغرافي الذي سيترتب على هذا الضم، على أن يتم البحث عن الوسائل التي يمكن أن تعوّض الفلسطينيين عن هذا الاستقطاع، وليس شرطاً أن تكون عملية تبادل الاراضي هي الوسيلة الوحيدة.
عند هذه النقطة، اكتشف كيري أن الحل الشامل هو أمر مستحيل وخارج نطاق "المنطق" و"الواقع". وعند هذه النقطة من "اكتشاف" كيري ظهرت بوادر الفشل الذريع، فلجأ السيد كيري إلى "حيلة" اتفاق الاطار. "اتفاق الاطار" الذي حاول كيري أن يجرب حظه من خلاله ليس هو الحل وإنما الاطار "المتصور" للحل، ولكنه الطريقة التي من خلالها يمكن تمديد المفاوضات إذا لزم الأمر (وكان الأمر لازماً بوضوح شديد)، وهو الطريقة التي من خلالها يمكن "إيهام" الطرفين بأنه حقق ما كان يتطلع إليه دون أن يقدم التنازلات التي قد تفضي إلى تهديد مكانته السياسية.
ومع أن اتفاق الاطار كان يمكن أن يكرس الاطماع الإسرائيلية ويبقي الطموحات الفلسطينية في مهب الريح وتحت رحمة الاحتلال نفسه، الا أن السيد كيري تأبط مشروع الدفاع عن يهودية الدولة كبداية "ضرورية" من وجهة نظره لصياغة "الاطار"، وذهب في رحلة مستعجلة إلى كل من السعودية والأردن لحشد الدعم المطلوب في محاولة لرشوة نتنياهو بالموافقة على ذلك الاطار العام.
عاد كيري واكتشف ان نتنياهو ليس مستعداً للتوقيع على اتفاقية الاطار إذا تضمنت أية اشارات ولو هلامية إلى قضية الحدود (حدود الرابع من حزيران) أو السيادة على الأرض أو انهاء الاحتلال او الاستيطان او اللاجئين. ولم تعد قضية الدولة اليهودية هي المطلب الأهم لموافقة نتنياهو على اتفاقية الاطار.
عاد كيري من جولته العربية دون الحصول على تأييد عربي ليهودية الدولة، واصطدم برفض نتنياهو لاتفاقية الاطار من جديد.
لم يعد أمام كيري سوى "ورقة المبادئ" والتي لا تعني شيئاً في الواقع سوى نقطة واحدة، وهي العمل على تمديد فترة المفاوضات من أجل التفاوض على هذه الورقة، علّها تتحول يوماً ما إلى قاعدة لاتفاق إطار جديد، وعلّها تتحول على المدى المباشر إلى نوع جديد من المرجعية الجديدة للمفاوضات المفتوحة.
ولذلك فإن مهمة السيد كيري انحدرت وتدحرجت من الحل الشامل إلى اتفاقية اطار، ثم إلى ورقة مبادئ ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بأي حل على الاطلاق. كيري الآن مشغول بالهمّ السوري، وهو يراهن على أن يحقق شيئاً ما هناك قد يساعده في "لحلحلة" الوضع هنا، لكن الواقع يقول إن الوضع هناك قد لا يكون أسهل من الوضع هنا، وعلى العموم فإن نجاح كيري هناك لا يعني أبداً بأن الحل هنا بات ممكناً أو أسهل مما كان عليه، وهذه النظرية بالأساس نظرية خائبة، وقد يكون الحل على الجبهة السورية سبباً لعدم الحل هنا وليس العكس.
بغض النظر عن العلاقة ما بين الحلّين، فإن السيد كيري في طريقه للبحث عن حل هنا قد فشل، لأن إسرائيل حولت إمكانية نجاحه إلى مستحيل.
كيري يعرف ذلك، ويعرف أن إفشاله هو مهمة إسرائيلية خالصة ومعلنة، ويعود له الطريقة المناسبة للإعلان عن هذا الفشل، ويعود له تحديد موعد هذا الإعلان. أما أنا فأُبشركم بفشل مهمة السيد كيري.
طـرطشـات
د. فتحي أبو مغلي/صحيفة الأيام
لست رجل قانون حتى أفتي في قضية مهمة وشائكة، ألا وهي مفهوم "حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير" التي تمنح الرئيس صلاحيات إصدار قرارات بقوانين، فغياب البرلمان أو المجلس التشريعي لمدة قصيرة، أو عدم قدرته على الاجتماع لفترة زمنية ما، تمنح الرئيس وفق المادة 43 من القانون الأساسي الحق في إصدار قرارات بقوانين لها قوة القوانين، وتبقى نافذة لحين عودة المجلس التشريعي لعقد جلساته، حيث يقوم بمراجعة القرارات الصادرة عن الرئيس ويقرها كقوانين أو يعدلها أو يغيرها. المشكلة هي أننا في حالة انقسام نتج عنه شلل للمجلس التشريعي، ومر عليه الآن سبع سنوات عجاف، فهل هذا الغياب طويل الأمد لـ "التشريعي" تنطبق علية حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، أم إننا أمام وضع خاص لم يعالجه القانون الأساسي ويحتاج لتفكير إبداعي مختلف.
تذكرني تصريحات بعض الوزراء وكبار المسؤولين بتصريحات احمد سعيد والزعماء العرب قبل وخلال هزيمة حزيران: الوزير الفلاني وفر على خزينة الدولة نصف مليار شيكل، والثاني خفض الدين العام بمئات الملايين، والثالث خفض كلفة الدواء بخمسمائة مليون، والمزاد يعلو وتعلو الأرقام الفلكية التي لو جمعناها لكل وزارة لفاقت ميزانية الوزارة نفسها. تواضعوا يا أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، واعملوا بصمت، فالمواطن يرى ويسمع ويعرف الحقيقة المرة التي تحاولون تجميلها وتأكدوا أنكم لن تحصدوا إلا ما زرع من قبلكم، ولن تزرعوا إلا ما تسمح به إمكانات البلد وقدراتكم.
مناهجنا الدراسية في المدارس والجامعات وبشهادة الخبراء، لم تنجح في تنمية مهارات التحليل والاكتشاف لدى المتعلمين ولا تشجعهم على الإبداع، بل تعمل فقط على حشو أدمغتهم بمعلومات محدودة الفائدة، "تعذب الطالب في حفظها، فضلاً على أن هذه المناهج جامدة لا تواكب تقدم التكنولوجيا الحديثة، إضافة لافتقار مؤسساتنا التعليمية للوسائل التعليمية المساندة والاستخدام الجيد للتكنولوجيا الحديثة في التعليم، إلى جانب بعد المناهج الدراسية عن المجتمع المحيط بالمتعلم، واعتبار الاختبارات التحريرية وكأنها المصدر الوحيد لقياس التحصيل، وكأن اجتياز الاختبارات هو الغاية الوحيدة من العملية التعليمية، فإلى متى؟!.
أظهرت دراسة متخصصة أجريت مؤخراً أن حوالي 40% من السجائر المتداولة في الأسواق الفلسطينية مهرّبة، أي أنها لا تخضع للتعرفة الجمركية المفروضة على منتجات السجائر القانونية. وقدرت الدراسة أن قيمة الضرائب الضائعة على خزينة الدولة تصل إلى 400-450 مليون شيكل. وأضافت الدراسة أن 97% من مدخني هذه الأصناف غير القانونية، قد لجؤوا إليها نظرا لارتفاع أسعار السجائر القانونية، سواء محلية الصنع أو الأجنبية المستوردة قانونياً، وللأسف فإن مروجي هذه الدراسة يستعملونها كحجة ودعوة لتخفيض أسعار السجائر القانونية، فيا حبذا لو قاموا بدل ذلك بالدعوة إلى الامتناع عن التدخين حفاظا على نقودهم وصحتهم وما تتكبده الخزينة من خسائر من تهريب السجائر ممكن توفيره على الدولة والمواطن من تخفيف الآثار المترتبة عن التدخين في علاج الأمراض الصدرية والسرطان.
سلفان شالوم صرح لصحيفة جيروزاليم بوست أنه أصيب بالدهشة حينما رأى أن كل الوزراء والمسؤولين العرب لم يغادروا القاعة أثناء وجوده في المؤتمر في أبو ظبي. وكان سلفان شالوم قد شارك في أعمال الدورة الرابعة للجمعية العامة للمنظمة الدولية للطاقة المتجددة على رأس بعثة بلادة، أنا بصراحة كنت سأصاب بالدهشة لو غادر أعضاء الوفود العربية القاعة بسبب وجود الوفد الإسرائيلي. (للتنويه، فقط الوفد الكويتي فقط اعتذر عن المشاركة "محتجا" على مشاركة إسرائيل واعتبرها تطبيعاً بفرض الأمر الواقع على العرب).
مجموعة من أبناء نابلس ومثقفيها أنشؤوا منذ فترة صفحة على الفيس بوك، اسموها "نابلس سؤال وجواب"، يتداولون عليها صورا" وأحداثا تتعلق بموروث المدينة الحضاري من أماكن وشخصيات وأحداث. نقاش حضاري ينتج عنه التعرف والتعريف بالمدينة وثرواتها الثقافية ويشكل مدرسة لمن لا يعرف المدينة من أبنائها أو محبيها، وقد يؤسس هذا النقاش كما أراه يتطور إلى تشكيل جسم قد يتحمل مسؤولية حماية تراث المدينة وتوثيقه وصيانته.
بيئة غير صحية
د. أسامة الفرا/صحيفة الحياة الجديدة
كان علي أن ألجأ إلى مقهى في مدينة 6 اكتوبر أنتظر أن يفرغ ابني من امتحان اللغة، اصطحبت معي كتاب د. كمال الجنزوري “طريقي” الذي ينقل فيه تجربته الشخصية من القرية إلى رئاسة وزراء مصر، وهو الشخصية التي حظيت باحترام الطيف السياسي المختلف في مصر، المقهى يعج بالكثير من الطلبة وأمامهم كتبهم الجامعية، من الواضح أن لهجة غالبيتهم تنبئ بأنهم جاؤوا من بلدان عربية مختلفة، واللهجة السورية هي الحاضر الأكبر، منهم الطلبة ومنهم من جاوز ذلك بكثير، لعل الصورة تختصر الكثير من الكلام في مكانة مصر الحاضنة للشعوب العربية، البعض منهم جاء إليها طلباً للعلم والبعض جاءها لتنمية أعماله فيما البعض الآخر وجدها ملاذا له من قسوة الأحداث التي تعصف ببلاده.
وما إن اقترب موعد صلاة الجمعة حتى أخذت طريقي إلى مسجد “الحصري” القريب من المكان، الذي يتسم ببراعة التصميم وأهمية المكان الذي يتوسط المدينة ناهيك عن اسمه الذي جاء تكريماً للقارئ الشهير محمود خليل الحصري، وهو الذي رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم المختلفة بما فيها مقر الامم المتحدة والقاعة الملكية في لندن، وما إن انتهت الصلاة حتى تجمع البعض من مؤيدي جماعة الاخوان المسلمين أمام المسجد مرددين هتافات مناهضة للدستور، أسرعت الخطى لأبتعد عن المكان، فمجرد تواجد فلسطيني في مثل هذه الأماكن حتى وإن جاء من باب المصادفة يجلب له الاتهام، والتهمة عادة ما تكون من العيار الثقيل التي تثقل الكاهل وتوقف مبررات التفسير رهينة الحنجرة دون أن يسمح لها بمغادرتها.
مساء نقلت بوابة الأهرام خبراً مفاده إلقاء القبض على مجموعة من مثيري الشغب في منطقة “ألف مسكن” بالقاهرة، واشار الخبر الى أن من بين هؤلاء ثلاثة فلسطينيين ممن شاركوا في الاعتداء على قوات الأمن، كم هي الأخبار المتعددة التي تتناقلها وسائل الاعلام والتي تشير إلى مثل ذلك، هل حقاً يمكن لفلسطيني أن يشارك في مثل هذه التظاهرات؟ وهل يمكن لفلسطيني أن تسول له نفسه بالاعتداء على قوات الأمن المصرية؟ وما المصلحة لفلسطيني يقيم في القاهرة أو جاء إليها زائراً أن يفعل ذلك؟، ولماذا تحول الفلسطيني إلى محل شبهة واتهام؟، أسئلة كثيرة ليس المطلوب منا أن نبحث عن إجابة لها، بقدر ما هو مطلوب منا أن نعيد بيئة العلاقات الأخوية المميزة بين الشعبين إلى سابق عهدها.
ما تتداوله وسائل الاعلام المصرية يومياً من اتهامات للفلسطينيين بحاجة لأن نولي الأمر الاهتمام اللازم، فهي كرة ثلج متدحرجة تكبر أمام أعيننا، وتأخرنا في معالجتها سيؤدي حتماً إلى اتساع الفجوة بين الشعبين، ويخلق بيئة غير صحية تعرض جسد العلاقة لأمراض قد يصعب علاجها لاحقاً، والحقيقة التي يجب أن ندركها اليوم قبل الغد أن الكل الفلسطيني متضرر من ذلك، والضرر لا يمكن له أن يلحق بفئة منا دون الأخرى، والجميع منا يدرك قيمة مصر لفلسطين، فهي ليست دولة عربية يمكن لنا أن نستغني عنها أو حتى أن نقلل من وزنها الكبير الحاضن لقضيتنا، وبالتالي مطلوب من فتح وحماس وكافة القوى الفلسطينية أن تعمل معاً وسوياً من أجل تنقية هذه الأجواء ونزع فتيل التوتير من بين يدي وسائل الاعلام.
منظمة التحرير ومخيم اليرموك
بهاء رحال/الحياة الجديدة
هل فشلت منظمة التحرير الفسطينية في انهاء معاناة اهلنا في مخيم اليرموك؟ هذا هو السؤال الاكثر تداولاً هذه الايام خاصة بعد ان اشتد الحصار على اهلنا في المخيم ووصلت معاناتهم الى الجوع والموت جوعاً بسبب نقص الاغذية، حيث تناقلت كل وسائل الاعلام صور المعاناة التي المت بأهل المخيم ما زاد النقمة على دور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها صاحبة الولاية والوصاية وباعتبارها مسؤولة عن كل الشعب الفلسطيني سواء كان في الوطن المحتل او مخيمات اللجوء والشتات.
فهل كانت المنظمة بحجم الأماني التي علقها المحاصرون عليها وهل كانت حقاً قادرة على رفع الظلم عن أهل المخيم؟ وهل تقاعست عن دورها المنوط بها؟ وهل اخضعت ما يجري الى تقويم وتقييم على مستوى قيادي مسؤول وماذا عن دورها الدولي؟ وكيف تعاملت مع ما يجري على الأرض؟ ولماذا لم تطالب بحماية دولية وأممية لأهلنا في مخيم اليرموك؟ وماذا عن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي تبدأ بالسؤال وتنتهي بالتشكيك والتقصير والبعض يذهب الى حد التخوين والتفريط.
وقد لا يعرف الكثيرون من يحاصر المخيم هناك، هل هو النظام ام المعارضة، ويقع الخلط بين مصطلحات جديدة يكون الكثير منا لا يفهمها، بين داعش والجماعات الأسدية والسلفية والجهادية وغيرها من اسماء لا حصر لها ولا نهاية، وليس المهم ان نفهم من يعبث بالساحة السورية، ولكن المهم ان نعرف من يحاصر المخيم ومن يمنع رغيف الخبز عن اصوات الجياع ومن يرتكب المجازر هناك، هذا هو المهم خاصة ان المخيم لم يكن جزءاً من صراع ولم يكن يوماً جزءاً من اي حالة خلاف، فلماذا وصلت الأوضاع الى هذه الحالة التي تشوبها كل صور الخلاف بلا اجماع فلسطيني على اتهام الجهة المباشرة في حصار المخيم؟ لماذا هذا الصمت وهذا التضليل؟ ولماذا لا يتم الكشف عن الجهة التي تحاصر المخيم ولصالح من هذا التعتيم على الأمر الذي لم يعد مقبولاً؟ ولم نعد نصدق لا جماعة النظام والمتعاطفين معهم ولا جماعة المعارضة والمتعاطفين معهم.
نحن في امس الحاجة كفلسطينيين الى معرفة الحقيقة، نريد الحقيقة ولا نريد غيرها، نريد صدق الكلام لكي نبدأ بمراجعة شاملة وكاملة ونأتي على محاسبة منظمة التحرير وغيرها وتحديداً ان كانت هناك فصائل او تنظيمات مهدت او شاركت او عملت على السقوط في هذا الفخ الذي اطاح بمخيم اليرموك واوصله الى هذه الحالة من البؤس والجوع والموت وهذا التعب الشديد الذي يحيط بأرض المخيم.
دفاعا عن منظمة التحرير
سامح خضر/الحياة الجديدة
بدأت مؤخرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي موجة من الاحتجاجات والتطاول على سياسة منظمة التحرير ورموزها والقائمين عليها متذرعين بضعف أداء المنظمة وقلة حيلتها تجاه ما يجري في مخيم اليرموك. ولعل ما يذهب إليه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صحيحا في جزء منه ولكنه غير موضوعي في جزء آخر أكبر، كون أحكامهم على أداء منظمة التحرير من حيث الأداء لا تجري وفق أسس موضوعية قائمة على الدراسة وتحليل مضمون هذا الأداء، بل هي في جوهرها ترديد لمواقف وجمل تنم عن جهل من يرددها بالدور الحقيقي الذي تقوم به المنظمة على مستويات اقليمية مختلفة.
المؤلم أن بعض هؤلاء الصحفيين منتسبين فعليا لمهنة الصحافة وهي مهنة البحث عن الحقيقة وايجاد الأدلة.
ما أعلمه عن الصحافة هو حيادية الصحفي حتى في الموضوعات التي تمسه شخصيا، فلا يجوز أن يبدي الصحفي رأيه في قضية مجتمعية أو سياسية، ولكن عليه طرح هذه القضية على الجمهور لخلق تفاعل ايجابي حولها يؤدي إلى حلول.
نعم، تعاني منظمة التحرير منذ التوقيع على اتفاق أوسلو من رداءة الخطاب الاعلامي الموجه إلى الداخل والخارج ايضا. خطاب يفتقر للتجديد والتنوع.. يفقد بمرور الوقت تأثيره على المتلقي ويجعل المتابعين له غير مكترثين به وما يؤول إليه.
لم يطرأ أي جديد على الخطاب الاعلامي السياسي الفلسطيني لدرجة أصبح بالامكان فيها استباق المتحدثين في الشأن الفلسطيني بالجمل التي اعتادوا على تكرارها دون تحديث على مسامعنا طوال 21 عاماً هي عمر السلطة الوطنية الفلسطينية تقريبا.
فلسطين تتآكل مقوماتها الفكرية ويتآكل نسيجها الاجتماعي جراء افراط البعض في النقد والتطاول. ولا عجب أن ينتقل السباب والتطاول والتجريح إلى طلاب الجامعات، وكلنا رأى وسمع واستنكر ما قاله طلاب جامعة بيرزيت بحق زوارهم من متحدثين وساسة خلال فترات سابقة. لم لا وحفلات السباب لم تتوقف عبر وسائل الاعلام المختلفة ممن هم أكبر منهم سنا وأعمق منهم خبرة، وتجاه رموز وطنية وسياسية لها تاريخ نضالي كبير. لم لا وقد سمحت المؤسسات والنقابات بخروج متحدثين بإسمها ليخلطوا الشأن العام بالخاص بخطاب اعلامي مقزز يخدم فكرة التحشيد والتجييش والتجحيش في أحيان كثيرة.
منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطنية وكافة المؤسسات الوطنية بحاجة إلى وضع استراتيجية للتعامل مع مجريات الأمور وللحديث بصراحة أكبر وبشفافية عما يجري وما تقوم به على الأرض، أما وأن يتصدر المشهد الاعلامي يوميا نفس الأشخاص معتمدين على نفس الخطاب الاعلامي فلا عجب حين ينفض المؤيدين وتتزايد الانتقادات والهجوم.
ما يحدث الآن على الساحة الاعلامية الفلسطينية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أشبه بكرة اللهب التي تتحرك مسرعة باتجاه الأخضر واليابس واضعة قيما وطنية وانسانية كبيرة على المحك وستطالنا جميعا ما لم نؤسس لحوار مجتمعي جاد يعاد فيه التأكيد على قيمنا الوطنية دون مبالغة واسفاف ووضع النقد في اطاره الصحيح والبناء.
اذا ما أمسكنا جميعنا معاول الهدم فلن يبقى لنا شيء ليدافع عنا. نحن ما زلنا تحت الاحتلال وبحاجة لكل مؤسسة تستطيع الوقوف ولو عرجاء لوقف مخططات اسرائيل تجاهنا وتجاه قضيتنا.
نعم هنا أدافع عن منظمة التحرير لأنها البيت الأول ولأنها الحصن الأخير الذي به نلوذ كلما عصفت الرياح الاقليمية بقضيتنا.
هل يكون "جنيف2" بداية لخروج سوريا من الحرب المدمرة؟
حديث جريدة القدس
بسبب التخندق الأيديولوجي في الماضي اسرائيل غير جاهزة للسلام
د.حسن عبد الله /صحيفة القدس
عجائب الكلام المعسول والفارغ
عطاالله منصور/صحيفة القدس
إنهاء معاناة السوريين..
ديفيد ميليباند(ووزير خارجية بريطانيا من 2007 إلى 2010)/صحيفة القدس
لا تتعجلوا الحكم على جهود كيري لحل المسألة الفلسطينية
جيمس زغبي/صحيفة القدس
تحديات ما بعد الدستور في مصر
محمد السعيد ادريس/صحيفة القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
أطراف النهار-السياسة: شيء من "المرونة" وشيء من "الموقف"؟
حسن البطل/صحيفة الأيام
أهداف وأبعاد العدوان المرتقب على غزة
طلال عوكل/صحيفة الأيام
حقائــق راسخـة
حمادة فراعنة/صحيفة الأيام
أُبشركم بفشل مهمة كيري
د. عبد المجيد سويلم/صحيفة الأيام
طـرطشـات
د. فتحي أبو مغلي/صحيفة الأيام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
بيئة غير صحية
د. أسامة الفرا/صحيفة الحياة الجديدة
منظمة التحرير ومخيم اليرموك
بهاء رحال/الحياة الجديدة
دفاعا عن منظمة التحرير
سامح خضر/الحياة الجديدة
هل يكون "جنيف2" بداية لخروج سوريا من الحرب المدمرة؟
حديث جريدة القدس
بدأت امس اجتماعات مؤتمر «جنيف2» بحضور دولي مكثف ومعظم اطراف الصراع، ونقول معظم الاطراف لان المعارضة منقسمة ومتصارعة وبعضها يعارض الذهاب اساساً الى هذا المؤتمر، وكانت الكلمات الافتتاحية معبرة عن المواقف المختلفة واعطت الانطباع بأن احتمالات الحل تبدو مستبعدة الا ان الامور ليست كذلك، بانتظار الجلسات المغلقة التي ستبدأ غداً.
ان هناك كما يبدو، توافقاً اميركياً - روسياً بشأن ضرورة واهمية انهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري مقتنعاً بمشاركة المعارضة غير المتطرفة حتى قبل اعلان موافقتها الرسمية، وذكرت بعض المصادر ان الولايات المتحدة ساهمت باختيار اعضاء وفد المعارضة للمؤتمر، وحين سحب الامين العام للامم المتحدة دعوة ايران، لم تنسحب سوريا ولا روسيا مما يدل في الجانب الثاني دور روسيا في التأثير على النظام السوري وحليفه القوي ايران.
وهناك عوامل اخرى تميل الى ترجيح احتمال التوصل الى «اتفاق ما» بضغوط اميركا وروسيا، وابرز هذه العوامل هو سيطرة القوى المغرقة بالتطرف على مناطق في سوريا ودخولها في حرب مع المعارضة المعتدلة وتخوف العالم من نجاح هذه القوى وسيطرتها على سوريا بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات في منتهى الخطورة قد تتجاوز ليس حدود سوريا فقط ولكن منطقة الشرق الاوسط كلها.
وهناك عامل آخر يرتبط بهذه القوى وهو انتقال الصراع الدامي الى الدول المجاورة وبصورة خاصة كما يحدث في لبنان والعراق من تفجيرات واعمال قتل وتدمير تهدد استقرار ووحدة هاتين الدولتين.
لقد ادت الحرب في سوريا الى سقوط نحو 200 الف ضحية وتشريد نحو 7 ملايين سوري بالاضافة الى معاناة من ظلوا في الداخل السوري، كما عانت وتعاني المخيمات الفلسطينية المأساة بكل ابعادها كما يتجلى ذلك في مخيم اليرموك والموت جوعاً هناك … وقد لحق دمار رهيب في كل انحاء سوريا يتطلب مليارات الدولارات لاعادة البناء وسنوات طوال من العمل حتى بعد ان تتوقف الحرب المدمرة والدامية.
لكل هذه الاسباب والعوامل فان المراقبين يتوقعون ان يتم التوصل الى اتفاق ما من هذا المؤتمر، وان لم يكن كاملاً فانه قد يكون جزئياً ويخفف من المعاناة والدمار كاعلان وقف اطلاق النار ولو في بعض المناطق المأهولة مثلاً، كما يرى المراقبون ان هناك احتمالاً بان يتم التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية او من اطراف مستقلة ومحايدة، تشرف خلال فترة محددة على وقف كامل لاطلاق النار واجراء انتخابات رئاسية دون تحديد من سيترشح ومن لن يترشح. وقد كان ملفتاً للانتباه ان التلفزيون الرسمي السوري وهو ينقل مباشرة وقائع افتتاح المؤتمر نقل ايضاً كلمة رئيس المعارضة كاملة بكل ما فيها من انتقادات قاسية بحق النظام، وهذا مؤشر رأى فيه المراقبون خطوة ايجابية.
على اية حال فان كل عربي وكل انسان مخلص يأمل فعلاً الا تضيع الفرصة المتاحة للحل السلمي وان تنتهي الحرب المدمرة ويتراجع كل المغرقين بالتطرف وينتهي دورهم بالمنطقة.
بسبب التخندق الأيديولوجي في الماضي اسرائيل غير جاهزة للسلام
د.حسن عبد الله /صحيفة القدس
الإسرائيليون ليسوا جاهزين للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين، لأنهم ما زالوا يعيشون في الماضي ويختبئون خلف ايديولوجية تخضع فلسطين في إطار حكايات تاريخية بات لا يقبلها العقل العربي فحسب، وإنما العقل الغربي الذي تتغير مفاهيمه وحساباته بتطور العصر، حيث يخسر الاسرائيليون تدريجيا موقع المضطهدين بفتح الطاء، لينتقلوا في نظر العالم الى مصاف المضطهدين بكسر الهاء، لأنهم يعتقلون شعبا بأسره ويمنعون اقامة دولة خاصة به، اسوة بشعوب العالم.
الرواية اليهودية التوراتية تصطدم الآن بمفاهيم ليبرالية ومتغيرات عالمية وتوجهات ليبرالية علمانية انسانية تعبر عن نفسها من خلال حركات فاعلة في اوروبا، في حين أن الرواية الفلسطينية بدأت تشق طريقها بنجاح وما هو الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى أحد ثمار هذه المتغيرات الدولية المفاهيمية والعملية.
ومعلوم أن الفلسطينيين لا يتحدثون في السياسة والاعلام عن تدمير واقتلاع الآخرين، وهذا اصبح مفهوما وراسخا عالميا، وانما يطالبون بالحد الأدنى من حقوقهم التاريخية وأعلنوا ذلك في مواثيقهم وبرامجهم السياسية حيث أن دولتهم المطلوب اقامتها والاعتراف بها هي على اراضي الضفة الغربية والقطاع، أي على أقل من ربع مساحة فلسطين التاريخية، لدرجة أن الخطاب الاسرائيلي يبدو مضحكا اذا ما تجرأ أحد السياسيين المتطرفين أو الصحفيين والمحللين المكبلين في الماضي على اتهام الفلسطينيين باللاسامية أو تهديد وجود اسرائيل، فهذه الورقة قد سقطت تماما ولا يمكن تسويقها عالميا.
الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها تدرك طبيعة المتغيرات والتحالفات والمفاهيم الدولية، لذلك فهي معنية بالتوصل الى تسوية، والا ماذا نُسمي حراكها الأخير، مع قائمة تحفظاتنا الطويلة عليه، لأنه لا يخفى الانحياز الامريكي لإسرائيل، الأمر الذي يضرب في العمق قواعد وأسس نزاهة الوسيط، لكنها تحاول أن تمد خشبة الخلاص لاسرائيل لكي تنقذها من ذاتها ومن ايديولوجية التمترس في الذات وحولها وعدم رؤية الآخر وانكار أن العالم يتغير، علماً أن الحراك الامريكي يفشل في اختراق جدران سجن الماضي الذي تعيش فيه الافكار والحسابات والمنطلقات الاسرائيلية.
لكننا نسأل: هل يظن حكام اسرائيل أنهم يمسكون بإحكام شديد بمفاتيح العالم، وهل بمقدورهم وقف حركة التاريخ ولجم المتغيرات الدولية؟
الإجابة بالطبع كلا، وكلا هذه تمهد الطريق أمام سؤال آخر، هل يمكن لاسرائيل ان تمنع اقامة دولة فلسطينية على المديين المتوسط والبعيد؟
الجواب أيضا كلا.
فاستقلال الفلسطينيين اذن هو مسألة وقت، بعد أن تكتشف اسرائيل متأخرا نفسها انها وحيدة في مواجهة الافكار والمفاهيم والتحالفات الدولية الناشئة أو تلك التي في طريقها للنشوء والتبلور، ويعبر عن ذلك صراحة وعلناً أكاديميون وباحثون ومؤرخون ليبراليون اسرائيليون، لكن لا أحد في مراكز النفوذ وصنع القرار الاسرائيلي يستمع اليهم اليوم.
عجائب الكلام المعسول والفارغ
عطاالله منصور/صحيفة القدس
اعتاد القارىء العربي - وخاصة الفلسطيني- ان يتوقع دائما وابدا سماع اقذع العبارات عن اليهود - والصهاينة- في كل ما يقرأ ويسمع .ولا عجب في ذلك خصوصا بعد التجربة المريرة التي عشناها معهم . ومن هنا لا ارى سببا ولا مبررا لتوجيه اللوم ( اليوم) الى كتابنا . ولكنني ارى انه من واجبي ان اشير لكل ظاهرة شاذة عن الاخرين من اليهود والعرب - بغض النظر عن انتمائهم لهذا الشعب او ذاك , او لهذا الدين او لغيره . لانني اؤمن بالعدل الالهي,وانه ,تعالى, خلقنا - جميعا- متساوين " امما وشعوبا لتتعارفوا" وغالبيتنا - في العالم كله. ولدنا ونموت على دين اهلنا -ولا نعرف ,عادة ,شيئا كثيرا عن ديانة الاخرين. ومن هنا لا يحق لنا ان نلوم الاخرين ولا نسخر من معتقداتهم لان كل ديانة تتضمن الايمان باقوال واعمال لا يقبلها العقل البشري لانها "معجزات" يقبل بها المؤمن بصدق هذا الدين فقط.
ولانني لا اؤمن بان مصير اليهود او العرب الى الدمار والانقراض والزوال وان افضل ما يجب علينا ان نسعى اليه هو تسوية النزاع بيننا على قاعدة تمكن الجميع من العيش الكريم كافراد ومجتمعات نقدم افضل الامكانيات وتفتح امامهم الابواب على مصراعيها للعيش الكريم امام الاجيال القادمة، ومن هذا المنطلق ابحث بين الاطلال وعلى صفحات الكتب القديمة والجديدة عن كل اشارة وتلميح نحو فرصة اهدرت او شارة مرتجاه في سماء تاريخنا الدامس.
والحقيقة التي وصلت اليها من مراجعة تاريخ شعب فلسطين طيلة القرن الماضي اوصلتني الى حالة تقارب الاحباط ودفعتني الى البحث عن دواء يقيني من اليأس الذي بات يقرع ابواب وجداني.
ومن هنا وجدت انني لا اعثر على جواب لحيرتي حين احاول فهم فشل قيادات شعبنا العربي في مطلع القرن العشرين في اكتساب مجموعة او افرادا من اليهود الفلسطينيين الى الوقوف معنا ضد المشروع الصهيوني, خصوصا واننا ندعى بان هؤلاء عاشوا معنا كاخوة في الوطن .
لقد قادتني قدماي في السنة الاولى بعد احتلال القدس العربية في 1967 الى مكتب المرحوم الياهو اليشار بعد ان دعاني اليه واراني نشرة كانت تصدرها جمعية لليهود السفارديم يوم كان هؤلاء يفخرون بكونهم من طردوا من اسبانيا مع العرب المسلمين وانهم عاشوا مع المسلمين والعرب طيلة مئات السنين. ومن رجل الاعمال هذا سمعت وقرأت وفهمت ان القيادة العربية الوطنية لم تبذل جهدا لاكتسابهم لصالح العيش المشترك!
وفي وثائق احد المؤتمرات الصهيونية الاولى وجدت خطابا القاه احد اعضاء المؤتمر يحذر اخوته بان شراء اراضي الاقطاعيين للاستيطان اليهودي يشعل نيران الغضب الشعبي لدى الفلسطينيين ويقترح على اليهود الاقتصار على استصلاح الاراضي الجبلية والصحارى التي لا يستطيع الفلاح العربي الفقير حراثتها لنفس السبب. صحيح ان غالبية هذا الصهيوني المسالم سخروا منه ولكن احدا في شارعنا العربي لم يسمع به ولم يتكرم عليه بتحية على الطريق!.
وفي "عل همشمار" صحيفة اليسار الصهيوني قرأت مقالا كتب في ربيع 1948 يطالب فيه كاتبه بان يهتم اليهود بمزارع البيارات العربية في يافا - بعد نزوح اصحابها - لئلا يقوم اصحابها بلوم اليهود في حال جفافها!. وفي موقع اخر من نشرات هذا اليسار قرأت مقالا لاهرون كوهين, المؤرخ المعروف, يطالب اليهود بمنع نزوح الفلسطينيين من بيوتهم لانهم بهذا يعقدون الامور ويعقدون النزاع!
لقد صدمني ما قرأت في كتاب "قصتي مع الصحافة" للكاتب الفلسطيني الشهير المرحوم ناصر الدين النشاشيبي عن رفضه المطلق لفكرة اللقاء مع زعماء المعسكر الصهيوني دافيد بن غوريون وموشه شاريت رغم انها جاءت من احسان عبد القدوس مؤسس " روز اليوسف"المصرية. لماذا ؟ " لان الارهاب العربي يفل الارهاب اليهودي" فكيف تحارب خصما دون الوقوف على حقيقته ؟؟؟.
لقد حاول اليهود منذ تبني العقيدة الصهيونية حل مشكلتهم مع اوروبا على حسابنا. لقد قاموا" بالبحث عن دفاترهم العتيقة"- كما يقول مثلنا الشعبي ,ففرضوا علينا حملا فشلنا في حمله لاننا اتكلنا على قادة اتكلوا على زعماء العرب تخصصوا بتكرار عبارات عجائبية ( معسولة من جهة رغم كونها فارغة !) ولاننا لم نحاول البحث عن حلفاء محتملين , ولم نحاول تقييم وتمحيص معنى الكلام الذي نردده. مثلا : عضو كنيست ليكودي يقترح اليوم تشجيع الانفصال بين المسلمين والمسيحيين بمنح المسحيين بعض فتات الموائد فيتصدى له بعض القيادات السياسية من حركات اسلامية لدحض مزاعمه متناسين انهم سبقوه في انشاء كيانات طائفية تخدم اغراضه!.
إنهاء معاناة السوريين..
ديفيد ميليباند(ووزير خارجية بريطانيا من 2007 إلى 2010)/صحيفة القدس
من النادر أن يحقق مؤتمر للسلام السلام الفوري، لكن قلة من مؤتمرات السلام بعثت بمثل ذلك التفاؤل الضئيل، مثل المؤتمر الذي بدأ أمس في مونترو في سويسرا لمناقشة القضية السورية. وكما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: «هناك الكثير من الشك» حول ما إن كان سيمكن تحقيق تقدم. إن كان السلام بعيد المنال فيجب أن يستعيد المؤتمر، على أقل تقدير، الحدود الإنسانية الدنيا لممارسة الحرب. ويعني ذلك معالجة الوضع الإنساني البائس للمدنيين السوريين العالقين بسبب القتال بلا غذاء ولا رعاية صحية ولا تعليم ولا أمل.
كثيرا ما توصف المشكلة بأنها مشكلة دخول وكالات الإغاثة الإنسانية. ولكن هذا يشبه وصف من يعاني الخنق بأنه يعاني عدم حصوله على الهواء. المسألة أكبر من ذلك: يواجه الشعب السوري حصارا شاملا.
تعرض أكثر من تسعة ملايين مواطن سوري للتشريد من منازلهم. ودمر أو أتلف ثلث مجموع المنازل في البلد. وتضررت الخدمات العامة بشكل كبير. فحتى الشهر الماضي سوي 40 في المائة من المستشفيات بالأرض وتضرر 20 في المائة منها بدرجة كبيرة، واضطر نحو مليوني طفل لترك الدراسة العام الماضي.
لدى الأمم المتحدة أفضل تقديرات الاحتياجات الحادة. وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن 250 ألف شخص منقطعون تماما في المناطق المحاصرة في حمص وحلب ودمشق الكبرى، كما أن 2.5 مليون شخص يصعب الوصول إليهم في مناطق مثل الحسكة.
ليس من الصعب أن نفهم لماذا تستخدم القوات الحكومية الحصار سلاحا، فالمجموعات المعارضة يقاتل بعضها البعض، والمدنيون محاصرون في الوسط. في الواقع يقتل المدنيون العزل حيث يقوم القناصة باستهداف النساء والأطباء، كما تتعرض الضواحي للقصف.
ساعدت لجنة الإنقاذ الدولية في توفير الرعاية الصحية لنحو مليون سوري خلال النزاع. لكن السوريين يحرقون الملابس ليحصلوا على الدفء. وأفتى العلماء بجواز أكل القطط والكلاب. وانتشر مرض شلل الأطفال.
يجب تناول هذه المسائل في مونترو مع خطط عملية للتطبيق والمحاسبة.
أولا، الالتزام بالقانون الدولي الإنساني الذي يحكم النزاعات المسلحة ضرورة وليس خيارا لكل من الحكومة السورية والمعارضة. واستهداف المدنيين والمرافق الطبية وعمال الإغاثة غير مشروع، ويجب تحديه من قبل مناصري الطرفين.
ثانيا، حدد البيان الرئاسي للأمم المتحدة بتاريخ 2 (تشرين الأول) مسؤوليات جميع الأطراف بالسماح بتدفق الإغاثة والمساعدات الطبية. لكن لم يلتزم بذلك، مما وضع الأمم المتحدة والدول الأعضاء موضع السخرية. ودعمت جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بما فيها روسيا والصين، بيان الأمم المتحدة. فإن جرى تجاهل القرار فيجب مواجهة تلك الدول لدعم قرار ملزم من قرارات الأمم المتحدة.
ثالثا، هناك حاجة لفقرة خاصة للوصول للمجتمعات المحاصرة. وعلى أطراف النزاع تعيين مندوبين مفوضين للتفاوض حول ممرات للإغاثة وعبور المدنيين عبر خطوط النزاع. هناك خبرة من أفغانستان وحتى السودان في التفاوض لتوصيل المساعدات الإنسانية خلال الحروب الأهلية. ولدى الأمم المتحدة مجموعة من مستوى عال من الدول الأعضاء تعمل تحت رعاية مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ويجب أن يكون ضمان وصول الإغاثة لأولئك الجوعى الخائفين مثار اهتمام تلك المجموعة المباشر.
رابعا، يجب أن يكون مصير حلب هو اختبار التقدم. فحلب هي أكثر مدن سوريا ازدحاما بالسكان، إذ يكتظ فيها مليونا نسمة. وهي مدينة مقسمة الآن، ولذلك فهي بالضبط موقع لخطوط النزاع يختبر الإنسانية على جانبيه.
تمثل حلب لسوريا ما مثلته سراييفو للبوسنة، فإن كان لسوريا أن تستعيد هدوءها وجمالها يوما ما، فيجب إنقاذ هذه المدينة من الانحدار إلى الجحيم.
وإن لم يحدث شيء من كل هذا فسيكون الثمن باهظا وسيدفعه الشعب السوري في صورة الأمراض المتفشية والموت والدمار. وستدفعه المنطقة بانتشار المزيد من اللاجئين في بلدانها مما يقلل من مقدرة تلك الدول على استيعابهم. وسيدفعه العالم بأسره بتنامي الراديكالية السامة. من السهل الحديث عن إرهاق المانحين وعدم مقدرتهم على تقديم المزيد والظروف الطارئة المعقدة، وعدم توفر الخيارات الجيدة. لكن كل ذلك ليس عذرا لعودة العصور المظلمة في قلب الشرق الأوسط.
لا تتعجلوا الحكم على جهود كيري لحل المسألة الفلسطينية
جيمس زغبي/صحيفة القدس
عند هذه النقطة، ليست لدينا أي فكرة عما سيقترحه وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، على الإسرائيليين والفلسطينيين. ولأنها لا توجد أي تسوية سلمية في متناول اليد، قيل لنا إن الوزير يعمل بدلاً من ذلك على التوصل إلى "اتفاقية إطار عمل". أما ما هو بالضبط ما ستبدو عليه هذه الوثيقة، وماذا ستضم، وتقول، وتقترح، لهي ما تزال غير واضحة.
هل ستحدد فقط تلك القضايا التي سوف تحل؟ هل ستحدد الفجوات التي تفصل بين الجانبين وتقترح "اقتراحات تجسير" أميركية؟ هل ستصدر عن الولايات المتحدة أم سيوقع عليها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية؟ ليست هناك، عند هذه النقطة، أي إجابات عن هذه الأسئلة، لأن الجهد ما يزال عملاً قيد التقدم. وهذا هو كل ما نعرفه.
رغم رفض واشنطن الإفراج عن أي معلومات، فإن الصحافة الأميركية ما تزال تعج بالتقارير التي تتحدث عن قصة مختلفة تماماً. في وقت مبكر، كانت ثمة تقارير تحدثت عن أن الولايات المتحدة قد تبنت على الوجه الأكمل مواطن القلق الإسرائيلية فيما يتعلق بمعظم القضايا، والتي تشمل: الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في وادي الأردن، والإصرار على أنه لن يكون هناك "حق عودة" للفلسطينيين، إضافة إلى مطلب اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل "كدولة يهودية".
إذا قدر لكل شيء أن يسير وفق هوى إسرائيل، فكيف لنا أن نحكم على سلوكها في الأسبوع الماضي؟ عندما قابل كيري نتنياهو، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي تحويل مؤتمرهما الصحفي إلى جلسة يقرع فيها القيادة الفلسطينية، متهماً محمود عباس بتبني الإرهابيين وبالانخراط في التحريض، ومتسائلاً عما إذا كانت إسرائيل قد وجدت "شريكاً" أصيلاً في البحث عن السلام. وبدا أن كيري قد أخذ على حين غرة بهذا التصرف المفرط وغير المطلوب لعرض التشدد. لكن تلك لم تكن نهاية الزخم الإسرائيلي المضاد.
خلال هذه الفترة نفسها، أعلن نتنياهو الذي كان يتحدث أمام جماهير مختلفة في إسرائيل، أنه لن يوقع على أي اتفاقية تنص على أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، أو تدعو إلى إجلاء المستعمرات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الخليل وبيت إيل. وقبل أيام قليلة من ذلك، مررت مجموعة من الوزراء في المجلس الوزاري برئاسة نتنياهو اقتراحاً بتقديم تشريع للكنيست الإسرائيلي، والذي يدعو إلى ضم وادي الأردن. ثم أتبعوا ذلك الاقتراح بالقيام بزيارة لمستوطنات تلك المنطقة، معربين عن تعهدهم ونيتهم بالاحتفاظ بالسيطرة على المنطقة.
وفي الأثناء، اتخذ شريك نتنياهو في الائتلاف، نفتالي بينيت، موقفاً متطرفاً آخر بإعلانه أن حزبه سيترك الحكومة في أعقاب أي اتفاقية تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة. وأضاف شريك نتنياهو الآخر، وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، بينما يمتدح جهد كيري واصفاً عرضه بأنه "أفضل اقتراح نستطيع الحصول عليه"، أنه لن يقبل "حق العودة" حتى للاجئ فلسطيني واحد، كما علق ليبرمان دعمه على شرط تثبيت فكرة أن "تبادلات الأراضي" مع الفلسطينيين يجب أن تشتمل أيضا على التنازل عن منطقة "المثلث الصغير" الإسرائيلية التي تقطنها أغلبية عربية للكيان الفلسطيني الجديد. وفي نهاية الأسبوع، وضع نتنياهو اللمسات الأخيرة على الكعكة، عبر الإعلان عن مناقصات لإنشاء 1400 وحدة إسكان جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
إذا كانت التقارير الصحفية المبكرة صحيحة، وتكون جهود كيري قد أقرت بمواقف إسرائيل في جزئها الضخم فيما يتعلق بمعظم القضايا، فكيف ينبغي لنا أن نفهم هذا الهجوم الشامل؟ لا يمكن أن يكون الأمر هو أن نتنياهو كان يحمي موقفه السياسي فقط عن طريق تهيئة قاعدة لتقبل تنازلات صعبة في نهاية المطاف، بما أن الهجوم الخطابي المرافق إنما خدم فقط لجعل أمر تقديم التنازلات أكثر صعوبة. وللسبب نفسه، من غير المرجح أن يكون نتنياهو قد صمم هذا الجهد برمته كي يظهر لوزير الخارجية الأميركي خطورة وضعه السياسي المحلي. ربما يكون الأمر هو أن الإسرائيليين لديهم معظم ما يريدونه. وربما يضغطون على الولايات المتحدة لإجبار الفلسطينيين على القبول بإطار عمل، والذي يكون استسلاماً أكثر من كونه اتفاقية. لكن المطالب التي طرحوها مجتمعة شأنها أن تجعل من "إطار العمل" نكتة سيئة، والتي تدمر فرص التوصل إلى أي ترتيبات سياسية. وعلى ضوء الحجم الذي استثمرته الولايات المتحدة في هذه العملية، فإن من غير المرجح أنهم سيختتمونها بإصدار مثل هذه الوثيقة.
ثمة تفسير معقول أكثر، هو أن كيري جاد تماماً فيما يفعل، وأنه يدفع بجدية من أجل التوصل إلى إطار عمل يسير قدما بالسلام، وهو ما تسبب في نوع من عدم الارتياح الفعلي لدى اليمين الإسرائيلي.
هناك قاعدة مهمة تعلمتها في السياسية، وهي أنه عندما يبدأ أحد الأطراف، في غمرة المفاوضات الخاصة، بالصراخ بأعلى صوت، ثم يحمل شكاواه ومطالباته إلى الصحافة، فإنه يكون الطرف الذي يخسر.
لا يعني هذا القول إنني متفائل أو حتى آمل. فالطريق إلى الأمام تظل طويلة ومضنية. ولا أستطيع تخيل أن القيادة الفلسطينية ستستسلم وتقبل باتفاقية إطار عمل تمحو حقوق الفلسطينيين الأساسية، كما أنني لا أستطيع التصديق أن الولايات المتحدة ستقدم اقتراحا سيكون مرفوضاً مباشرة من جانب الفلسطينيين والرأي العام العربي عموماً. وتدرك الولايات المتحدة أن ثمة الكثير جداً على المحك في المنطقة، وهي ليست معنية بصب المزيد من الوقود على مشاعر الاستياء الحاضرة سلفاً.
لذلك، سيكون من الأفضل الآن أن يأخذ المرء نفساً عميقاً وأن لا يبالغ في ردة الفعل على الإشاعات وتهويلات اليمين الإسرائيلي. إن القصة لم تنته بعد.
*رئيس المعهد الأميركي العربي. مؤلف "الأصوات العربية: ما الذي يقولونه لنا ولماذا يهم، الكتاب الذي يجلب الأساطير والافتراضات والتحيزات التي تحول بيننا وبين فهم شعب العالم العربي إلى حل صادم".
تحديات ما بعد الدستور في مصر
محمد السعيد ادريس/صحيفة القدس
بإعلان النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور الجديد في مصر يكون الشعب المصري قد أسس لشرعية سياسية جديدة بديلة لشرعيتين بائدتين، شرعية نظام حكم حسني مبارك راعي دولة الفساد والاستبداد واحتكار السلطة والثروة وتكريس التبعية للخارج كأساس لسياسة مصر الخارجية، وشرعية نظام حكم الجماعة الإخوانية التي يتكشف يوماً بعد يوم مدى المخاطر التي كانت تتهدد ليس حاضر مصر ومستقبلها فقط، بل وكثير من الدول العربية، حيث انخرط الإخوان في تحالف مزدوج الأول التحالف مع الأمريكيين من أجل "التمكين" للحكم داخل مصر، حتى ولو كان هذا التحالف مرتكزاً على قاعدة التعهد بحماية وجود وأمن إسرائيل، والثاني التحالف مع تنظيم القاعدة الإرهابي لاختراق العديد من الدول العربية ضمن استراتيجية زعيم القاعدة أيمن الظواهري بإعطاء الأولوية للصراعات داخل الدول العربية على أولوية الصراع مع الغرب والجانب الاسرائيلي بهدف إسقاط العديد من النظم الحاكمة الآن، أو على الأقل التمكن من خلق وجود "جغرافي" للقاعدة في هذه الدول وفي مقدمتها مصر وبالتحديد في شبه جزيرة سيناء .
إسقاط الشعب المصري، في الاستفتاء لهاتين الشرعيتين وتأسيس "الشرعية الشعبية" القائمة على تحالف وطني واسع تجسد في نصوص الدستور الجديد يحمل دلالات مهمة كشفتها أرقام هذه النتائج والإقبال الشعبي غير المسبوق للتصويت ب"نعم" تحت مراقبة من المنظمات الحقوقية المصرية والعربية والعالمية، حيث جاءت هذه الأرقام تقول أن 20 مليون ناخب قالوا "نعم" بنسبة 1 .98%، وأن 381 ألفاً قالوا "لا" بنسبة 9 .1%، وأن نسبة المشاركة الشعبية في هذا الاستفتاء وصلت إلى 6 .38% من اجمالي من لهم حق التصويت، في حين لم تتعد نسبة المشاركة الشعبية في التصويت على دستور الإخوان 33%، ولم تتجاوز نسبة الموافقين عليه 3 .63% .
أولى هذه الدلالات أن الشعب مارس "الديمقراطية المباشرة" مرتين على مدى ثلاث سنوات، ولأول مرة في التاريخ منذ الديمقراطية اليونانية القديمة، عندما قرر عقد ما يمكن تسميته ب"الجمعية العمومية للشعب المصري" بنزول أكثر من 35 مليون مصري إلى الميادين للمطالبة بإسقاط نظام مبارك ابتداء من يوم 28 كانون الأول عام 2011 وللمطالبة بإسقاط نظام الإخوان ابتداء من يوم 30 حزيران 2013 (عدد من لهم حق التصويت من المصريين يبلغ حوالي 53 مليون مواطن)..
هذا الشعب قرر أن يؤكد مطالبه بإسقاط حكم الإخوان وشرعيتهم بالاحتكام إلى "ديمقراطية الصناديق"، ليقول لهم ولكل من يساندونهم كفى تزويراً للإرادة الشعبية المصرية، وكفى وصف ثورة الشعب المصري يوم 30 حزيران 2013 ب"الانقلاب العسكري"، فالجيش الذي انحاز لقرار الشعب باسقاط حكم نظام مبارك هو نفسه الجيش الذي انحاز لقرار الشعب بإسقاط حكم الإخوان، وبعد التصويت بهذه النسبة العالية لم يعد للإخوان شرعية، وإن الشرعية قد عادت للشعب، وبالأسلوب الذي ظل الإخوان يدافعون عنه وهو الاحتكام إلى الصناديق .
ثانية هذه الدلالات أن المصريين الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع ليقولوا "نعم" للدستور كانوا يقولون أكثر من "نعم" واحدة، فهم ذهبوا ليقولوا نعم للدستور، وليقولوا "نعم" لشرعية الإرادة الشعبية، وليقولوا "نعم" لإسقاط شرعية الإخوان، والأهم أن يقولوا "نعم" لمستقبل يسوده الأمن والأمان والحياة الحرة الكريمة، ولدولة الحرية والعزة والكرامة، وليس دولة الإخوان، أو دولة الانكسار والتبعية للخارج كما كان عهد مبارك .
فالمصريون الذين ذهبوا ليقولوا "نعم" للدستور كانوا في أمسّ الحاجة إلى تنسم عبير حياة مفعمة بالحرية والعزة والكرامة، ولم يكن رفع صور جمال عبدالناصر إلا تعبيراً عن هذا التطلع إلى مثل تلك الحياة .
ثالثة هذه الدلالات هي أن تدني نسبة المشاركة الشعبية في التصويت على الدستور ترجع إلى أسباب كثيرة ليس من بينها الاعتراض على الدستور، باستثناء القليلين، فالإخوان قاطعوا الاستفتاء على الدستور رفضاً منهم لتأسيس شرعية حكم جديدة تسلبهم ما يزعمون أنهم يدافعون عنه من شرعية . كذلك كانت إدانتهم مسبقة للدستور حتى قبل أن تبدأ كتابته، كما أن القطاع الأكبر من السلفيين قاطعوا الدستور، ربما باستثناء أغلبية أعضاء "حزب النور"، بعضهم فضل المقاطعة اعتراضاً على عدم رضاه عن المواد الخاصة بالشريعة، وبالذات المادة التي اسقطت "الطائفية الدينية" في دستور الإخوان، وبعضهم قاطع تأييداً للإخوان لكن أهم المقاطعين كانت شريحة الشباب من سن ال20 إلى ال30 وهم الشريحة الأهم من أبناء الشعب، وهذه المقاطعة هي التي في حاجة إلى دراسة وتدبر وتأمل واتخاذ قرارات .
البعض يفسر غياب الشباب عن التصويت بسببين، أولهما هو الامتحانات الجامعية المتزامنة مع الاقتراع على الدستور، وهذا حقيقي، وثانيهما أن هذه الشريحة من الشباب هي التي تعاني من مظالم البطالة القاتلة، وأن ثلاث سنوات ثورة لم تغير حياتهم للأفضل بل ربما للأسوأ، لأن من وجد من هؤلاء فرصة للعمل في السياحة أو في الشركات الخاصة فقد هذه الفرصة بسبب تداعيات أحداث الثورة على الأمن وعلى السياحة . لكن السبب الأهم الذي يجب أن يحظى بالعناية والاهتمام هو أن الكثير من الشباب، وخاصة شباب الثورة، لهم تحفظات على إدارة الدولة، بل وإدارة الثورة .
أبرز هذه التحفظات تتعلق بعودة رموز وفلول نظام مبارك مرة أخرى لتتسيد المشهد السياسي والإعلامي من خلال ركوب موجة الترويج للدستور وترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة لمنصب رئيس الجمهورية، في محاولة منهم للاغتسال والتطهر بمياه الدستور وشعبية السيسي من أوزار حكم مبارك . لكن الأخطر من هذا كله ما يروج له هؤلاء من أنهم هم أبطال ثورة 30 يونيو، وأن ثورة 25 يناير ليست إلا إنقلاباً، ما يعني أن عودتهم هي محاولة لاستعادة حكم مبارك أخذاً بقاعدة "نفي النفي إثبات" فنفي مفهوم الثورة عن ثورة 25 يناير هو نفي إسقاط نظام مبارك .
هذه الدلالات المهمة تضع أمام النظام الحالي والدولة تحديات هائلة، أولهما أن يكون المستقبل بمستوى طموح الشعب الذي تحدى إرهاب جماعة الإخوان وخرج بالملايين يقول "نعم" للدستور و"لا" للإخوان وللإرهاب . فالمصريون في تحد الآن مع أنفسهم لتنفيذ الدستور بأبوابه وفصوله ومواده من دون أدنى تقاعس، وثانيهما أن يكون الالتزام بثورتي 25 يناير و30 حزيران هو مرتكز الحكم الجديد والرئاسة الجديدة، وهذا لن يتحقق إلا بالإبعاد النهائي ليس فقط لرموز ورجال نظام مبارك ونظام الإخوان ولكن بالتخلص النهائي من كل تركة السياسات الرديئة والتمسك
بنصوص الدستور الجديد الذي اسقط شرعيتي مبارك والإخوان إلى الأبد .
هذه التحديات في حاجة إلى سياسات جديدة أبرزها المضي بنجاح في باقي استحقاقات "خريطة المستقبل" أي انتخاب رئيس للجمهورية يليق بالمصريين وثورتهم وثقتهم في مستقبلهم، رئيس يؤمن بأن الشعب هو السيد الحقيقي، وهو صاحب كل السلطان ويؤمن بدولة الحرية والعزة والكرامة، وتحقيق الكفاية والعدل في الداخل، واستقلالية وكرامة القرار الوطني في التعامل مع الخارج، وانتخاب برلمان قوي خال من رجالات مبارك والإخوان، ومليء بالكفاءات الوطنية القادرة على إكمال الدستور بالقوانين الدستورية، وتنقية تركة القوانين المصرية من آلاف التشريعات سيئة السمعة التي تتعارض مع نصوص الدستور الجديد، ثم مراقبة الرئيس والحكومة ومحاسبتهما إن اقتضت الضرورة..
أطراف النهار-السياسة: شيء من "المرونة" وشيء من "الموقف"؟
حسن البطل/صحيفة الأيام
في طريقي من بيتي إلى عملي، وفي مقطع من "شارع يافا" بين مستديرة بيتونيا ومستديرة فلسطين (سوبر ماركت السبع نجوم ـ سابقاً) تصطف على أعمدة الشارع أعلامنا وأعلام دول زائرة، ويصطف على الأرصفة جنود الأمن الوطني.. وهذا بمعدل مرة أسبوعياً، أو مرتين.
فلسطين وإسرائيل ساحة واحدة للزيارات الرسمية الأجنبية، ولعلهما الأكثر زيارات إلى دول المنطقة.
تذكرت زمناً بيروتياً زار فيه مقر المنظمة في الفاكهاني وزير خارجية أفغانستان ـ بابراك كارمال، وأثارت الدولة اللبنانية أزمة دبلوماسية جراء ذلك مع المنظمة، التي استقبلت الوزير رسمياً وبروتوكولياً.
هذا الأسبوع، زارنا وإسرائيل رئيس وزراء كندا، ستيفن هاربر، وكذا رئيس رومانيا، ترايان باسيسكو. التشريفات هي التشريفات، يهمنا جديد التصريحات.. أولاً لرئيس السلطة، وثانياً لرئيس الوزراء ورئيس الدولة الزائر.
خلال الكلمات البروتوكولية مع رئيس وزراء كندا، صدر عن رئيس السلطة توضيح لما كان يعنيه في تصريحات سابقة: لن يبقى جندي أو مستوطن في أرض الدولة الفلسطينية.
المسؤولون الإسرائيليون عقّبوا بالقول: عباس يريد دولة نقيّة من اليهود، بينما في دولة إسرائيل يهود وعرب (وآخرون). يذكرنا هذا الكلام الإسرائيلي المغالط، بكلام صدر عن اسحاق شمير تعقيباً على قصيدة درويش الشهيرة: "عابرون في كلام عابر" وفيها: خذوا موتاكم من أرضنا وارحلوا. قالوا "هذا ترانسفير أموات" لم يلتفتوا إلى عبارة شعرية جميلة: سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل"!
الرئيس أوضح بقوله: "لن يكون هناك (في دولتنا) وجود إسرائيلي رسمي". انتبهوا إلى كلمة "رسمي" فهي تعني فك الارتباط بين الأمن الإسرائيلي والاستيطان اليهودي في أراضي دولة فلسطين، أي أن مطلبنا هو جلاء (ترانسفير؟) جنود الاحتلال، وأما الاستيطان اليهودي فله حل آخر: تخيير من شاء من المستوطنين الرحيل مع جيش الاحتلال، أو الخضوع للسيادة الفلسطينية.
فيما يتعلق بـ "الكتل" الاستيطانية فالحل هو مبادلات أرضية متكافئة ومتساوية القيمة؛ وفيما يتعلق بالمستوطنات خارج الكتل، فإن على إسرائيل "مبادلات" من نوع آخر: عودة لاجئين إلى دولة إسرائيل حسب اختيارهم، مقابل بقاء عدد مماثل من المستوطنين في أرض دولة فلسطين.
صحيح، مبدئياً وقانونياً، أن الفلسطينيين في إسرائيل هم سكان البلاد الأصليون والشرعيون، وأن المستوطنين اليهود خارج أي شرعية دولية.. لكن للواقع معادلة واقعية، حتى نبطل مطالباتهم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وادعاءاتهم بأن فلسطين دولة عربية ـ فلسطينية نقيّة من اليهود.
المعنى: حق العودة مرتبط "بحق" بقاء يهود مستوطنين اختاروا، لأسباب دينية أو اقتصادية، البقاء رعايا في دولة فلسطين. إذا قالوا: "ولا لاجئ يعود" سنقول: ".. ولا لوجود إسرائيلي (لا يهودي) رسمي".
دائماً، كان الاستيطان والأمن والتوسع والسيادة عناصر متلازمة في إقامة دولة إسرائيل، ثم في الاحتلال اللاحق للأراضي الفلسطينية.
المطلوب هو فك الارتباط بين هذه العناصر الأربعة، وبخاصة في الأغوار، حيث السيادة والسيطرة والاستيطان والأمن موجودة في "ضم الأغوار" أو "تأجيرها".
الرئيس رفض أي ضم وأي تأجير، لأن "المؤقت هو اسم آخر للدائم" كما يقول مثل فرنسي، وكما تقول دروس أوسلو.
إذا أبدى الرئيس بعض "المرونة" في توضيح الموقف السابق "لن يبقى إسرائيلي في أرضنا" فإنه خلال كلمات بروتوكولية متبادلة مع الرئيس الروماني كرّر الموقف الثابت: لا تمديد لفترة المفاوضات.
المعنى؟ إذا تم الوصول إلى اتفاق إطار خلال مهلة الشهور التسعة، فإنه يمكن التفاوض المفصّل حول التنفيذ. مثلاً: نحن نقول بثلاث سنوات لإجلاء المستوطنين خارج الكتل (مقابل تبادلات) وهم يقولون بعشر سنوات، أي في غير ولاية نتنياهو، ونحن نقول: نقبل بخمس سنوات!
إذا لم نتوصل وإياهم إلى اتفاق إطار، بعد صعوبة التوصل لاتفاق نهائي، خلال المهلة الأميركية (تسعة شهور) فإننا سوف نطلب عضوية كاملة في الجمعية العامة، وباقي وكالاتها المتفرعة.
إن شيئاً من "المرونة" مقرون بشيء من "الموقف" وهذا وذاك جزء من سياسة تفاوضية.
نحن نريد سلاماً للمستقبل، لأجيالنا وأجيالهم. وقال الرئيس الروماني في ما معناه: التمسك بالتاريخ (جذور الصراع) لا يصنع المستقبل، وأوروبا طوت النزاع التاريخي الذي يجب أن يبقى "في القلب وفي الكتب"!
أهداف وأبعاد العدوان المرتقب على غزة
طلال عوكل/صحيفة الأيام
على نحو ملحوظ تتصاعد حمى العدوانية الإسرائيلية، التي لا تتوقف في الضفة الغربية والقدس، عبر التهويد والاستيطان المكثف، والمزيد من عمليات الدهم، والاعتقال، والقتل، وفي قطاع غزة، حيث تعمد إسرائيل إلى تصعيد متدرج. يهدد نتنياهو بأن يصل قريباً إلى مستوى عمل عسكري عدواني واسع.
التصعيد الميداني الإسرائيلي يترافق مع تصعيد سياسي يتصل مباشرة بملفات التفاوض، وبالجهد الأميركي الذي يديره وزير الخارجية جون كيري، ويتضمن توسيع دائرة التحريض على السلطة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لا يتمتع بأهلية الشريك مرة، ويتهم بالتطرف كل الوقت.
في علاقة عكسية مع هذا التصعيد المدروس والمنهجي، تتراجع التصريحات التي تحمل معاني التفاؤل بشأن إمكانية نجاح كيري في دفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، نحو التوصل إلى اتفاق ما، حده الأدنى تجنب إغلاق الملف وإعلان الفشل، وإتاحة المزيد من الوقت لاستمرار المفاوضات.
الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي سبق له، أن عبّر عن تفاؤله بعد الجولة التاسعة لوزير خارجيته، أدلى خلال هذا الأسبوع بتصريح لافت، عبّر من خلاله عن تشاؤمه، حين قال إن حظوظ النجاح، تتراجع إلى خمسين في المئة.
غير أن كيري المتفائل، قد عبر بطريقة أخرى، عن تشاؤمه حين أجل زيارته للمنطقة، التي كانت مقررة كما ورد على لسانه، بعد أربعة أيام من جولته السابقة، وآثر، دعوة وفدي التفاوض إلى واشنطن، رغم أنهما كانا خارج دائرة المفاوضات الفعلية التي أدارها كيري مع الرئيس عباس، ونتنياهو.
كيري عبر عن استيائه من تصريحات بعض وزراء حكومة نتنياهو، لكنه على الأرجح فشل في محاولته، الحصول على موقف عربي أراده أن يكون أكثر "كرماً" من الموقف الفلسطيني، وفشل، أيضاً، في انتزاع بعض التنازلات من الحكومة الإسرائيلية، التي رفضت فعلياً كل ما تقدم به من أفكار. كيري وإدارته، والأوروبيون، يدركون، بأن إسرائيل هي الطرف المسؤول عن إعاقة، وإفشال المسعى الأميركي، ولكنهم لا يصرّحون بذلك علنياً، الآن بحجة عدم استفزاز اسرائيل، ودائماً بسبب الانحياز الكامل للرؤية الإسرائيلية. هكذا تحاول إسرائيل، لاحباط الجهد الأميركي، ولإنقاذ الإدارة الأميركية من حرج الاعتراف بالفشل، والاعتراف بمسؤولية إسرائيل عن فشل المفاوضات، فتلجأ تارة لإعلان المزيد من العطاءات الاستيطانية، وأحياناً لتصعيد العدوان العسكري.
وإذا كانت الاعلانات الاستيطانية، لم تؤد حتى الآن لا إلى وقف المفاوضات ولا إلى موقف أميركي، أوروبي واضح، يدين السلوك الإسرائيلي المعطل للجهد الأميركي، فإن إسرائيل ستلجأ إلى خلط الأوراق عبر عدوان عسكري كبير على قطاع غزة، تحت ستار كثيف من الدعاية والتحريض. تتوقع إسرائيل أنها يمكن أن تقوم بعدوان واسع على قطاع غزة، لا يشبه من حيث الأهداف الميدانية، العدوانات السابقة، وفي اتجاه أقسى مما عرفناه، بدون أن تكون هناك ردود فعل عربية واسعة، وضاغطة إلى حد يجبرها على وقف عدوانها. فالوضع العربي ضعيف، مشتت، منشغل في الأوضاع والأوجاع الداخلية، ويركز ما يتمتع منه ببعض الهدوء، على أجندات وأولويات مختلفة.
وعلى الصعيد الفلسطيني تتوقع إسرائيل أن تؤدي وحشية العدوان، وأهدافه، وحجمه وطبيعته إلى إحراج القيادة الفلسطينية، أو دفعها لاتخاذ موقف يؤدي بها إلى قطع المفاوضات، قبل انتهاء المدة المقررة لها، فتكون، قد أعفت نفسها من مسؤولية فشل المفاوضات، وألقت بالكرة في حضن الفلسطينيين، وأيضاً تكون قد أعفت الولايات المتحدة من حرج إعلان الفشل، أو إدانة إسرائيل.
وعدا عن ذلك فإن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي توعد نتنياهو بأن يكون قريباً جداً، من شأنه أن يقطع الطريق على المساعي الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية.
الحسابات الفلسطينية في مواجهة عدوان إجرامي، متعدد الأهداف ينبغي أن تأخذ هذه المرة في الحسبان، أن الظروف التي استدعت من إسرائيل التعامل مع الانقسام باعتباره ذخراً استراتيجياً لم تعد قائمة.
كانت إسرائيل قبل ثورة الثلاثين من آذار العام الماضي في مصر، مستعدة لتحمل الآثار الناجمة عن تلقيها، الصواريخ التي تطلقها المقاومة طالما أن لديها أهدافا سياسية استراتيجية، ولكن فشل هذه الأهداف، تجعلها تتعامل بطريقة مختلفة مع ما تملكه المقاومة من صواريخ وأعتدة وأسلحة، وان تنظر لما تمتلكه المقاومة في غزة على أنه ينطوي على تهديد أمني وعسكري استراتيجي لا يمكنها احتمال مواصلة الصمت عنه، أو التعامل معه تكتيكياً.
لقد بقي من أهداف الانقسام بالنسبة لإسرائيل، إضعاف الكل الفلسطيني، ومواصلة التشكيك بالتمثيل الفلسطيني، وبأهلية الشراكة في عملية السلام، بالإضافة إلى توفير الذرائع لمن يريد من العرب التنصل من مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية وشعبها.
وإذا كانت الحرب على قطاع غزة، ستؤدي من بين ما تؤدي إليه إلحاق ضرر جسيم بعملية التفاوض، فإن الحاجة تسقط لمواصلة ادعاء إسرائيل بعدم وجود شريك فلسطيني.
الحديث عن عدوان إسرائيلي واسع وقريب، لا يستند فقط إلى، التصريحات النارية التي تصدر عن مسؤولين سياسيين وأمنيين، وإنما إلى متابعة حثيثة، للتدرجية التي تسلكها العدوانية الإسرائيلية. وسواء استندنا إلى الوقائع، أو إلى التجربة العملية أو إلى التحليل، فإن كل ذلك يقودنا إلى أن لجوء إسرائيل إلى أسلوب الاغتيالات كما حصل أول من أمس، وقبل ذلك بيومين، فإن هذا يعني أن العدوان على غزة، قد أصبح قريباً جداً، وأقرب من إمكانية تحقيق المصالحة، التي لا تزال محبوسة في صندوق الحسابات الخاطئة.
حقائــق راسخـة
حمادة فراعنة/صحيفة الأيام
في محاضرة للسيد عزام الأحمد استضافها أحد المراكز الإعلامية في عمان، انصبت تعليقات المستمعين على نقد المفاوضات العبثية، وضرورة وقفها، لأنها باختصار فاشلة، لم تحقق النتائج المطلوبة باستعادة شعبنا العربي الفلسطيني حقوقه الكاملة غير المنقوصة، أو على الأقل جزء منها، وكانت مشاركتي تقوم على ما يلي:
أولاً: لقد فشلت التجارب التفاوضية مع العدو الإسرائيلي برعاية كلينتون في كامب ديفيد 2000، وأنابوليس في عهد بوش 2008، والتقريبية في عهد أوباما، والاستكشافية برعاية أردنية في عمان 2012، وتعثر المفاوضات الحالية التي ينشط بها جون كيري لسببين: أولهما تصلب الموقف الإسرائيلي، وثانيهما تمسك الموقف الفلسطيني بحقوق شعبه، ولذلك، طالما أن الإسرائيليين متصلبون ومتطرفون، فأنا أقترح على الأخ عزام نقل اقتراحنا للقيادة الفلسطينية بإبداء المرونة، والتساهل مع الإسرائيليين طالما أنهم أولاد عمنا وجيراننا في القضايا العالقة، وأولاها الاعتراف بيهودية الدولة، وثانيها عدم عودة اللاجئين، وثالثها عدم التمسك بالقدس عاصمة للدولة المستقلة، ورابعها عدم التمسك بالسيادة وقبول إسرائيليين على أرض الدولة الفلسطينية، وبذلك نشطب كلمة فشل المفاوضات، ونتحدث عن نجاح المفاوضات واستتباب السلام والطمأنينة وحسن الجوار، لأن المفاوض الفلسطيني طالما بقي متمسكاً بحقوق شعبه وبحدها الأدنى لن تنجح المفاوضات وستبقى نتائجها فاشلة، فالفشل يعود إلى تمسك منظمة التحرير بحقوق شعبها الفلسطيني ولو تراخت وتنازلت لتم نجاح المفاوضات!!.
ومع ذلك وفي ظل هذه المفاوضات وفشلها، حققت منظمة التحرير مجموعة من الإنجازات العملية:
أولاً: الانتصار في الحصول على عضوية اليونسكو بـ 107 أصوات يوم 30/10/2011، وهزيمة إسرائيل ومن معها ومن يؤيدها.
ثانياً: الانتصار بالحصول عضوية الدولة المراقب لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012 بـ 138 صوتاً مقابل 9 أصوات فقط حصلت عليها إسرائيل ومن معها.
ثالثاً: الموقف الأوروبي المفتوح على التقدم والتطور باتجاه مقاطعة الاستيطان والمستوطنين، وهذا كله لم يتم إلا بفعل عاملين اثنين متلازمين، أولهما: حكمة القيادة الفلسطينية في التعامل مع الوقائع والمستجدات وسير الأحداث، وثانيهما: عدالة المطالب الفلسطينية وواقعيتها.
المفاوضات، وسيلة، وليست غاية، وهي وسيلة مثلها مثل العمليات الاستشهادية والكفاح المسلح والانتفاضة المدنية، يتم التعامل معها وتوظيفها والاعتماد عليها طالما أنها تحقق نتائج ولا تدمر حقوق الشعب العربي الفلسطيني ولا تلغيها أو تمس بمضمونها، ومن يطالب بإلغائها كوسيلة وكعنوان للعمل بسبب الفشل، عليه أيضاً أن يطالب بوقف النضال الفلسطيني برمته لأنه فشل في تحرير فلسطين، فهل نتوقف عن النضال؟؟ أم نلغي تحرير فلسطين باعتباره هدفاً صعب المنال لم يتحقق بعد خمسين سنة من عمر الثورة الفلسطينية؟؟.
لقد انتهت دولة الخلافة الإسلامية، وانهارت الدولة الأموية، وتبعتها الدولة العباسية وهزمت الخلافة الإسلامية التركية فهل نلغي الإسلام؟؟ وتم هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي أمام المعسكر الأميركي في الحرب الباردة، فهل نتحول إلى الرأسمالية المتفوقة؟؟ وأخفق رموز التيار القومي الثلاثة عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين، رغم تضحياتهم في مواجهة الاستعمار وإسرائيل والرجعية، فهل نتراجع عن قناعاتنا القومية في وحدة العرب وحريتهم؟؟.
صحيح أن موازين القوى لصالح عدونا الذي يحتل كامل أرضنا، ونهب حقوقنا، واعتدى على كرامتنا، ولا يزال، ولكن ثمة حقائق ملموسة مادية يجب أن ننطلق منها لوضع خريطة العمل لتحقيق ثلاثة شروط للانتصار، أولها برنامج وطني موحد، وثانيها مؤسسة تمثيلية موحدة، وثالثها أدوات كفاحية متفق عليها، والحقائق هي:
أولاً: أن الكتلة الأكبر من الشعب العربي الفلسطيني ما زالت تقيم على أرض فلسطين التاريخية، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 تتجاوز الخمسة ملايين ونصف المليون نسمة.
ثانياً: عدالة مطالب شعبنا الفلسطيني وحقوقه المجسدة بقرارات الأمم المتحدة، وهي جميعها منصفة لصالحه بدءاً من قرار التقسيم 181 مروراً بقرار عودة اللاجئين واستعادة ممتلكاتهم 194، وقرار الانسحاب وعدم الضم 242، وقرار حل الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515، ولذلك يجب أن تكون قرارات الأمم المتحدة هي عنوان قضيتنا ومطلبها.
ثالثاً: لقد فشل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي في تحقيق كامل هدفه في احتلال فلسطين وطرد كامل شعبها، فها هو نصف الشعب العربي الفلسطيني على كامل أرض وطنه، وعدده لا يقل عن عدد اليهود الإسرائيليين على كامل أرض فلسطين.
رابعاً: منظمة التحرير ممثلة الشعب الفلسطيني، وهي بمثابة جبهة وطنية موحدة تمثل الشعب والقضية والحقوق، ومعترف بها بهذا المضمون وبهذا الشكل، رغم وجود انقسامات أو تجاوزات، ومثلما هي حقيقة مادية ملموسة، فحقيقتها انعكاس للواقع التعددي الذي يميز الشعب الفلسطيني، فالتعددية صفة أصيلة في مفاصله، تتمثل بالفصائل من فتح حتى حماس ومن اليساريين والقوميين حتى الجهاد الإسلامي، وهذه ميزة قوة للشعب الفلسطيني إذا تم الحفاظ عليها على قاعدة التعددية والوحدة، في إطار البرنامج الموحد، والمؤسسة التمثيلية الموحدة، واختيار الأدوات الكفاحية، والاتفاق عليها وتوظيفها.
ليس الشعب الفلسطيني وحده في مأزق، أو أن الإسرائيليين مرتاحون، رغم أنهم في الموقع الأقوى، ولكن طرفي الصراع كل منهما في أزمة وكلاهما في مأزق، والأمر سجال بينهما، ولا يوجد خيار أمام الشعب الفلسطيني سوى مواصلة النضال حتى يذعن الإسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني ويحترمها ويقبل بها، وبالتالي يستعيدها مهما طال الوقت، فلن يضيع الحق الفلسطيني ووراءه صاحب حق وهو الفلسطيني.
أُبشركم بفشل مهمة كيري
د. عبد المجيد سويلم/صحيفة الأيام
انتقل السيد كيري في طروحاته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في غضون عدة أشهر فقط، من مهمة الحل الشامل إلى اتفاقية إطار فإلى ورقة مبادئ.
هذا الانتقال هو في الواقع السياق "المنطقي" لمهمة كيري، طالما أن الإدارة الأميركية تبحث في إيجاد صيغة ما ترضي الطرفين معاً من على قاعدة مُجحفة أصلاً.
القاعدة المجحفة هي بالأساس تحقيق الحد الأقصى الممكن من الطموحات الإسرائيلية مقابل تحقيق الحد الأدنى الممكن للفلسطينيين، هذا أولاً. أما ثانياً، فإن تحقيق المطامح الإسرائيلية (والتي هي في الجوهر الأطماع الإسرائيلية) أمر مكرّس على الأرض، في حين أن تحقيق المطامح الفلسطينية أمر في علم الغيب، أو هو برسم الموافقة الإسرائيلية عليها. وأما ثالثاً، فإن الإدارة الأميركية تبحث عن الكيفية التي تستخرج من بطن الأطماع الإسرائيلية شيئاً ما يقدم للفلسطينيين.
بعبارة أخرى، الولايات المتحدة لا تبحث عن أحقية الأطماع الإسرائيلية من عدمها، وإنما عن الاحتياطات الكامنة في لبّ الأطماع الإسرائيلية علّها تصلح في سدّ بعض الاحتياجات الفلسطينية.
اكتشف السيد كيري ولمس بأصابعه العشر، أن ما كانت تقوله إسرائيل حول "استعدادها" للدخول في عملية سياسية معمّقة للبحث عن تسوية تاريخية شاملة، أمر مستحيل، وأن الحديث الإسرائيلي حول هذه المسألة بالذات هو مجرّد دعاية سياسية ليس لها في الواقع أي سند حقيقي.
اكتشف كيري ذلك مبكراً عندما طرح خطته حول الأمن والحدود. فقد تبيّن الآن أن إسرائيل لم تتزحزح قيد أُنملة عن شرط تواجدها العسكري على الحدود الشرقية، ولم تتخل عن "حقها" الحصري في مراقبة المعابر، وان جوهر ما يمكن أن توافق عليه من وجود طرف أو أطراف ثالثة أو اخرى لا يجب ان يشكل قيداً على الدور الإسرائيلي.
كما أن إسرائيل لم تبد حتى تاريخه أية مرونة فيما يتعلق بقضية القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، وأن كل ما أبدته حتى الآن هو الإبقاء على القدس الكبرى موحدة، على أن يكون للفلسطينيين تواجد رسمي هو من حيث الجوهر شكل للحكم البلدي على بعض الأحياء المحيطة بالقدس وخارج كامل منطقة "الحوض المقدس".
باختصار لا يوجد من حيث الجوهر شيء اسمه القدس الشرقية، ولا يوجد شيء اسمه عاصمة للدولة.
أما في قضية اللاجئين فالرفض الإسرائيلي مطلق وقطعي، والحديث عن حالات إنسانية وجمع شمل ممكن من ناحية المبدأ ولكن ليس باعتباره حقاً وطنياً أو سياسياً بأي حال من الأحوال.
أما الاستيطان فالقاعدة التي تراها إسرائيل مناسبة هي التالية:
الاستيطان حق إسرائيلي، نابع من كون إسرائيل دولة الشعب اليهودي بالأساس، ولهذا لا يوجد شيء اسمه انهاء أو تصفية الاستيطان، وإنما إعادة تنظيم هذا الاستيطان في اطار جغرافي جديد يتمثل في ضمّ الكتل الاستيطانية التي يمكن أن تكون ثلاث أو أربع أو خمس أو حتى عشر كتل بحيث تبقى على ما هي عليه، ويضاف لها كل ما سيتم بناؤه في السنوات القادمة بعد أن يضم اليه فوراً كل ما يسمى بالاستيطان العشوائي.
باختصار، أيضاً، يتم ضم كل المستوطنات إلى إسرائيل بغض النظر عن "سيادة الدولة الفلسطينية"، وبغض النظر عن حجم الاستقطاع الجغرافي الذي سيترتب على هذا الضم، على أن يتم البحث عن الوسائل التي يمكن أن تعوّض الفلسطينيين عن هذا الاستقطاع، وليس شرطاً أن تكون عملية تبادل الاراضي هي الوسيلة الوحيدة.
عند هذه النقطة، اكتشف كيري أن الحل الشامل هو أمر مستحيل وخارج نطاق "المنطق" و"الواقع". وعند هذه النقطة من "اكتشاف" كيري ظهرت بوادر الفشل الذريع، فلجأ السيد كيري إلى "حيلة" اتفاق الاطار. "اتفاق الاطار" الذي حاول كيري أن يجرب حظه من خلاله ليس هو الحل وإنما الاطار "المتصور" للحل، ولكنه الطريقة التي من خلالها يمكن تمديد المفاوضات إذا لزم الأمر (وكان الأمر لازماً بوضوح شديد)، وهو الطريقة التي من خلالها يمكن "إيهام" الطرفين بأنه حقق ما كان يتطلع إليه دون أن يقدم التنازلات التي قد تفضي إلى تهديد مكانته السياسية.
ومع أن اتفاق الاطار كان يمكن أن يكرس الاطماع الإسرائيلية ويبقي الطموحات الفلسطينية في مهب الريح وتحت رحمة الاحتلال نفسه، الا أن السيد كيري تأبط مشروع الدفاع عن يهودية الدولة كبداية "ضرورية" من وجهة نظره لصياغة "الاطار"، وذهب في رحلة مستعجلة إلى كل من السعودية والأردن لحشد الدعم المطلوب في محاولة لرشوة نتنياهو بالموافقة على ذلك الاطار العام.
عاد كيري واكتشف ان نتنياهو ليس مستعداً للتوقيع على اتفاقية الاطار إذا تضمنت أية اشارات ولو هلامية إلى قضية الحدود (حدود الرابع من حزيران) أو السيادة على الأرض أو انهاء الاحتلال او الاستيطان او اللاجئين. ولم تعد قضية الدولة اليهودية هي المطلب الأهم لموافقة نتنياهو على اتفاقية الاطار.
عاد كيري من جولته العربية دون الحصول على تأييد عربي ليهودية الدولة، واصطدم برفض نتنياهو لاتفاقية الاطار من جديد.
لم يعد أمام كيري سوى "ورقة المبادئ" والتي لا تعني شيئاً في الواقع سوى نقطة واحدة، وهي العمل على تمديد فترة المفاوضات من أجل التفاوض على هذه الورقة، علّها تتحول يوماً ما إلى قاعدة لاتفاق إطار جديد، وعلّها تتحول على المدى المباشر إلى نوع جديد من المرجعية الجديدة للمفاوضات المفتوحة.
ولذلك فإن مهمة السيد كيري انحدرت وتدحرجت من الحل الشامل إلى اتفاقية اطار، ثم إلى ورقة مبادئ ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بأي حل على الاطلاق. كيري الآن مشغول بالهمّ السوري، وهو يراهن على أن يحقق شيئاً ما هناك قد يساعده في "لحلحلة" الوضع هنا، لكن الواقع يقول إن الوضع هناك قد لا يكون أسهل من الوضع هنا، وعلى العموم فإن نجاح كيري هناك لا يعني أبداً بأن الحل هنا بات ممكناً أو أسهل مما كان عليه، وهذه النظرية بالأساس نظرية خائبة، وقد يكون الحل على الجبهة السورية سبباً لعدم الحل هنا وليس العكس.
بغض النظر عن العلاقة ما بين الحلّين، فإن السيد كيري في طريقه للبحث عن حل هنا قد فشل، لأن إسرائيل حولت إمكانية نجاحه إلى مستحيل.
كيري يعرف ذلك، ويعرف أن إفشاله هو مهمة إسرائيلية خالصة ومعلنة، ويعود له الطريقة المناسبة للإعلان عن هذا الفشل، ويعود له تحديد موعد هذا الإعلان. أما أنا فأُبشركم بفشل مهمة السيد كيري.
طـرطشـات
د. فتحي أبو مغلي/صحيفة الأيام
لست رجل قانون حتى أفتي في قضية مهمة وشائكة، ألا وهي مفهوم "حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير" التي تمنح الرئيس صلاحيات إصدار قرارات بقوانين، فغياب البرلمان أو المجلس التشريعي لمدة قصيرة، أو عدم قدرته على الاجتماع لفترة زمنية ما، تمنح الرئيس وفق المادة 43 من القانون الأساسي الحق في إصدار قرارات بقوانين لها قوة القوانين، وتبقى نافذة لحين عودة المجلس التشريعي لعقد جلساته، حيث يقوم بمراجعة القرارات الصادرة عن الرئيس ويقرها كقوانين أو يعدلها أو يغيرها. المشكلة هي أننا في حالة انقسام نتج عنه شلل للمجلس التشريعي، ومر عليه الآن سبع سنوات عجاف، فهل هذا الغياب طويل الأمد لـ "التشريعي" تنطبق علية حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، أم إننا أمام وضع خاص لم يعالجه القانون الأساسي ويحتاج لتفكير إبداعي مختلف.
تذكرني تصريحات بعض الوزراء وكبار المسؤولين بتصريحات احمد سعيد والزعماء العرب قبل وخلال هزيمة حزيران: الوزير الفلاني وفر على خزينة الدولة نصف مليار شيكل، والثاني خفض الدين العام بمئات الملايين، والثالث خفض كلفة الدواء بخمسمائة مليون، والمزاد يعلو وتعلو الأرقام الفلكية التي لو جمعناها لكل وزارة لفاقت ميزانية الوزارة نفسها. تواضعوا يا أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، واعملوا بصمت، فالمواطن يرى ويسمع ويعرف الحقيقة المرة التي تحاولون تجميلها وتأكدوا أنكم لن تحصدوا إلا ما زرع من قبلكم، ولن تزرعوا إلا ما تسمح به إمكانات البلد وقدراتكم.
مناهجنا الدراسية في المدارس والجامعات وبشهادة الخبراء، لم تنجح في تنمية مهارات التحليل والاكتشاف لدى المتعلمين ولا تشجعهم على الإبداع، بل تعمل فقط على حشو أدمغتهم بمعلومات محدودة الفائدة، "تعذب الطالب في حفظها، فضلاً على أن هذه المناهج جامدة لا تواكب تقدم التكنولوجيا الحديثة، إضافة لافتقار مؤسساتنا التعليمية للوسائل التعليمية المساندة والاستخدام الجيد للتكنولوجيا الحديثة في التعليم، إلى جانب بعد المناهج الدراسية عن المجتمع المحيط بالمتعلم، واعتبار الاختبارات التحريرية وكأنها المصدر الوحيد لقياس التحصيل، وكأن اجتياز الاختبارات هو الغاية الوحيدة من العملية التعليمية، فإلى متى؟!.
أظهرت دراسة متخصصة أجريت مؤخراً أن حوالي 40% من السجائر المتداولة في الأسواق الفلسطينية مهرّبة، أي أنها لا تخضع للتعرفة الجمركية المفروضة على منتجات السجائر القانونية. وقدرت الدراسة أن قيمة الضرائب الضائعة على خزينة الدولة تصل إلى 400-450 مليون شيكل. وأضافت الدراسة أن 97% من مدخني هذه الأصناف غير القانونية، قد لجؤوا إليها نظرا لارتفاع أسعار السجائر القانونية، سواء محلية الصنع أو الأجنبية المستوردة قانونياً، وللأسف فإن مروجي هذه الدراسة يستعملونها كحجة ودعوة لتخفيض أسعار السجائر القانونية، فيا حبذا لو قاموا بدل ذلك بالدعوة إلى الامتناع عن التدخين حفاظا على نقودهم وصحتهم وما تتكبده الخزينة من خسائر من تهريب السجائر ممكن توفيره على الدولة والمواطن من تخفيف الآثار المترتبة عن التدخين في علاج الأمراض الصدرية والسرطان.
سلفان شالوم صرح لصحيفة جيروزاليم بوست أنه أصيب بالدهشة حينما رأى أن كل الوزراء والمسؤولين العرب لم يغادروا القاعة أثناء وجوده في المؤتمر في أبو ظبي. وكان سلفان شالوم قد شارك في أعمال الدورة الرابعة للجمعية العامة للمنظمة الدولية للطاقة المتجددة على رأس بعثة بلادة، أنا بصراحة كنت سأصاب بالدهشة لو غادر أعضاء الوفود العربية القاعة بسبب وجود الوفد الإسرائيلي. (للتنويه، فقط الوفد الكويتي فقط اعتذر عن المشاركة "محتجا" على مشاركة إسرائيل واعتبرها تطبيعاً بفرض الأمر الواقع على العرب).
مجموعة من أبناء نابلس ومثقفيها أنشؤوا منذ فترة صفحة على الفيس بوك، اسموها "نابلس سؤال وجواب"، يتداولون عليها صورا" وأحداثا تتعلق بموروث المدينة الحضاري من أماكن وشخصيات وأحداث. نقاش حضاري ينتج عنه التعرف والتعريف بالمدينة وثرواتها الثقافية ويشكل مدرسة لمن لا يعرف المدينة من أبنائها أو محبيها، وقد يؤسس هذا النقاش كما أراه يتطور إلى تشكيل جسم قد يتحمل مسؤولية حماية تراث المدينة وتوثيقه وصيانته.
بيئة غير صحية
د. أسامة الفرا/صحيفة الحياة الجديدة
كان علي أن ألجأ إلى مقهى في مدينة 6 اكتوبر أنتظر أن يفرغ ابني من امتحان اللغة، اصطحبت معي كتاب د. كمال الجنزوري “طريقي” الذي ينقل فيه تجربته الشخصية من القرية إلى رئاسة وزراء مصر، وهو الشخصية التي حظيت باحترام الطيف السياسي المختلف في مصر، المقهى يعج بالكثير من الطلبة وأمامهم كتبهم الجامعية، من الواضح أن لهجة غالبيتهم تنبئ بأنهم جاؤوا من بلدان عربية مختلفة، واللهجة السورية هي الحاضر الأكبر، منهم الطلبة ومنهم من جاوز ذلك بكثير، لعل الصورة تختصر الكثير من الكلام في مكانة مصر الحاضنة للشعوب العربية، البعض منهم جاء إليها طلباً للعلم والبعض جاءها لتنمية أعماله فيما البعض الآخر وجدها ملاذا له من قسوة الأحداث التي تعصف ببلاده.
وما إن اقترب موعد صلاة الجمعة حتى أخذت طريقي إلى مسجد “الحصري” القريب من المكان، الذي يتسم ببراعة التصميم وأهمية المكان الذي يتوسط المدينة ناهيك عن اسمه الذي جاء تكريماً للقارئ الشهير محمود خليل الحصري، وهو الذي رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم المختلفة بما فيها مقر الامم المتحدة والقاعة الملكية في لندن، وما إن انتهت الصلاة حتى تجمع البعض من مؤيدي جماعة الاخوان المسلمين أمام المسجد مرددين هتافات مناهضة للدستور، أسرعت الخطى لأبتعد عن المكان، فمجرد تواجد فلسطيني في مثل هذه الأماكن حتى وإن جاء من باب المصادفة يجلب له الاتهام، والتهمة عادة ما تكون من العيار الثقيل التي تثقل الكاهل وتوقف مبررات التفسير رهينة الحنجرة دون أن يسمح لها بمغادرتها.
مساء نقلت بوابة الأهرام خبراً مفاده إلقاء القبض على مجموعة من مثيري الشغب في منطقة “ألف مسكن” بالقاهرة، واشار الخبر الى أن من بين هؤلاء ثلاثة فلسطينيين ممن شاركوا في الاعتداء على قوات الأمن، كم هي الأخبار المتعددة التي تتناقلها وسائل الاعلام والتي تشير إلى مثل ذلك، هل حقاً يمكن لفلسطيني أن يشارك في مثل هذه التظاهرات؟ وهل يمكن لفلسطيني أن تسول له نفسه بالاعتداء على قوات الأمن المصرية؟ وما المصلحة لفلسطيني يقيم في القاهرة أو جاء إليها زائراً أن يفعل ذلك؟، ولماذا تحول الفلسطيني إلى محل شبهة واتهام؟، أسئلة كثيرة ليس المطلوب منا أن نبحث عن إجابة لها، بقدر ما هو مطلوب منا أن نعيد بيئة العلاقات الأخوية المميزة بين الشعبين إلى سابق عهدها.
ما تتداوله وسائل الاعلام المصرية يومياً من اتهامات للفلسطينيين بحاجة لأن نولي الأمر الاهتمام اللازم، فهي كرة ثلج متدحرجة تكبر أمام أعيننا، وتأخرنا في معالجتها سيؤدي حتماً إلى اتساع الفجوة بين الشعبين، ويخلق بيئة غير صحية تعرض جسد العلاقة لأمراض قد يصعب علاجها لاحقاً، والحقيقة التي يجب أن ندركها اليوم قبل الغد أن الكل الفلسطيني متضرر من ذلك، والضرر لا يمكن له أن يلحق بفئة منا دون الأخرى، والجميع منا يدرك قيمة مصر لفلسطين، فهي ليست دولة عربية يمكن لنا أن نستغني عنها أو حتى أن نقلل من وزنها الكبير الحاضن لقضيتنا، وبالتالي مطلوب من فتح وحماس وكافة القوى الفلسطينية أن تعمل معاً وسوياً من أجل تنقية هذه الأجواء ونزع فتيل التوتير من بين يدي وسائل الاعلام.
منظمة التحرير ومخيم اليرموك
بهاء رحال/الحياة الجديدة
هل فشلت منظمة التحرير الفسطينية في انهاء معاناة اهلنا في مخيم اليرموك؟ هذا هو السؤال الاكثر تداولاً هذه الايام خاصة بعد ان اشتد الحصار على اهلنا في المخيم ووصلت معاناتهم الى الجوع والموت جوعاً بسبب نقص الاغذية، حيث تناقلت كل وسائل الاعلام صور المعاناة التي المت بأهل المخيم ما زاد النقمة على دور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها صاحبة الولاية والوصاية وباعتبارها مسؤولة عن كل الشعب الفلسطيني سواء كان في الوطن المحتل او مخيمات اللجوء والشتات.
فهل كانت المنظمة بحجم الأماني التي علقها المحاصرون عليها وهل كانت حقاً قادرة على رفع الظلم عن أهل المخيم؟ وهل تقاعست عن دورها المنوط بها؟ وهل اخضعت ما يجري الى تقويم وتقييم على مستوى قيادي مسؤول وماذا عن دورها الدولي؟ وكيف تعاملت مع ما يجري على الأرض؟ ولماذا لم تطالب بحماية دولية وأممية لأهلنا في مخيم اليرموك؟ وماذا عن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي تبدأ بالسؤال وتنتهي بالتشكيك والتقصير والبعض يذهب الى حد التخوين والتفريط.
وقد لا يعرف الكثيرون من يحاصر المخيم هناك، هل هو النظام ام المعارضة، ويقع الخلط بين مصطلحات جديدة يكون الكثير منا لا يفهمها، بين داعش والجماعات الأسدية والسلفية والجهادية وغيرها من اسماء لا حصر لها ولا نهاية، وليس المهم ان نفهم من يعبث بالساحة السورية، ولكن المهم ان نعرف من يحاصر المخيم ومن يمنع رغيف الخبز عن اصوات الجياع ومن يرتكب المجازر هناك، هذا هو المهم خاصة ان المخيم لم يكن جزءاً من صراع ولم يكن يوماً جزءاً من اي حالة خلاف، فلماذا وصلت الأوضاع الى هذه الحالة التي تشوبها كل صور الخلاف بلا اجماع فلسطيني على اتهام الجهة المباشرة في حصار المخيم؟ لماذا هذا الصمت وهذا التضليل؟ ولماذا لا يتم الكشف عن الجهة التي تحاصر المخيم ولصالح من هذا التعتيم على الأمر الذي لم يعد مقبولاً؟ ولم نعد نصدق لا جماعة النظام والمتعاطفين معهم ولا جماعة المعارضة والمتعاطفين معهم.
نحن في امس الحاجة كفلسطينيين الى معرفة الحقيقة، نريد الحقيقة ولا نريد غيرها، نريد صدق الكلام لكي نبدأ بمراجعة شاملة وكاملة ونأتي على محاسبة منظمة التحرير وغيرها وتحديداً ان كانت هناك فصائل او تنظيمات مهدت او شاركت او عملت على السقوط في هذا الفخ الذي اطاح بمخيم اليرموك واوصله الى هذه الحالة من البؤس والجوع والموت وهذا التعب الشديد الذي يحيط بأرض المخيم.
دفاعا عن منظمة التحرير
سامح خضر/الحياة الجديدة
بدأت مؤخرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي موجة من الاحتجاجات والتطاول على سياسة منظمة التحرير ورموزها والقائمين عليها متذرعين بضعف أداء المنظمة وقلة حيلتها تجاه ما يجري في مخيم اليرموك. ولعل ما يذهب إليه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صحيحا في جزء منه ولكنه غير موضوعي في جزء آخر أكبر، كون أحكامهم على أداء منظمة التحرير من حيث الأداء لا تجري وفق أسس موضوعية قائمة على الدراسة وتحليل مضمون هذا الأداء، بل هي في جوهرها ترديد لمواقف وجمل تنم عن جهل من يرددها بالدور الحقيقي الذي تقوم به المنظمة على مستويات اقليمية مختلفة.
المؤلم أن بعض هؤلاء الصحفيين منتسبين فعليا لمهنة الصحافة وهي مهنة البحث عن الحقيقة وايجاد الأدلة.
ما أعلمه عن الصحافة هو حيادية الصحفي حتى في الموضوعات التي تمسه شخصيا، فلا يجوز أن يبدي الصحفي رأيه في قضية مجتمعية أو سياسية، ولكن عليه طرح هذه القضية على الجمهور لخلق تفاعل ايجابي حولها يؤدي إلى حلول.
نعم، تعاني منظمة التحرير منذ التوقيع على اتفاق أوسلو من رداءة الخطاب الاعلامي الموجه إلى الداخل والخارج ايضا. خطاب يفتقر للتجديد والتنوع.. يفقد بمرور الوقت تأثيره على المتلقي ويجعل المتابعين له غير مكترثين به وما يؤول إليه.
لم يطرأ أي جديد على الخطاب الاعلامي السياسي الفلسطيني لدرجة أصبح بالامكان فيها استباق المتحدثين في الشأن الفلسطيني بالجمل التي اعتادوا على تكرارها دون تحديث على مسامعنا طوال 21 عاماً هي عمر السلطة الوطنية الفلسطينية تقريبا.
فلسطين تتآكل مقوماتها الفكرية ويتآكل نسيجها الاجتماعي جراء افراط البعض في النقد والتطاول. ولا عجب أن ينتقل السباب والتطاول والتجريح إلى طلاب الجامعات، وكلنا رأى وسمع واستنكر ما قاله طلاب جامعة بيرزيت بحق زوارهم من متحدثين وساسة خلال فترات سابقة. لم لا وحفلات السباب لم تتوقف عبر وسائل الاعلام المختلفة ممن هم أكبر منهم سنا وأعمق منهم خبرة، وتجاه رموز وطنية وسياسية لها تاريخ نضالي كبير. لم لا وقد سمحت المؤسسات والنقابات بخروج متحدثين بإسمها ليخلطوا الشأن العام بالخاص بخطاب اعلامي مقزز يخدم فكرة التحشيد والتجييش والتجحيش في أحيان كثيرة.
منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطنية وكافة المؤسسات الوطنية بحاجة إلى وضع استراتيجية للتعامل مع مجريات الأمور وللحديث بصراحة أكبر وبشفافية عما يجري وما تقوم به على الأرض، أما وأن يتصدر المشهد الاعلامي يوميا نفس الأشخاص معتمدين على نفس الخطاب الاعلامي فلا عجب حين ينفض المؤيدين وتتزايد الانتقادات والهجوم.
ما يحدث الآن على الساحة الاعلامية الفلسطينية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أشبه بكرة اللهب التي تتحرك مسرعة باتجاه الأخضر واليابس واضعة قيما وطنية وانسانية كبيرة على المحك وستطالنا جميعا ما لم نؤسس لحوار مجتمعي جاد يعاد فيه التأكيد على قيمنا الوطنية دون مبالغة واسفاف ووضع النقد في اطاره الصحيح والبناء.
اذا ما أمسكنا جميعنا معاول الهدم فلن يبقى لنا شيء ليدافع عنا. نحن ما زلنا تحت الاحتلال وبحاجة لكل مؤسسة تستطيع الوقوف ولو عرجاء لوقف مخططات اسرائيل تجاهنا وتجاه قضيتنا.
نعم هنا أدافع عن منظمة التحرير لأنها البيت الأول ولأنها الحصن الأخير الذي به نلوذ كلما عصفت الرياح الاقليمية بقضيتنا.