تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 249



Haneen
2014-12-18, 11:14 AM

من الذي يعرقل المصالحة ؟!
بقلم: حديث القدس – القدس
محاولة إحياء شارون كرجل سلام
بقلم: رغيد الصلح – القدس
قرارات " لجنة القدس" هل ترى طريقها الى النور؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
لماذا كل هذا الخذلان للقدس
بقلم: راسم عبيدات-القدس
الحرّية لمروان البرغوثي
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
ما الذي يجعل إسرائيل خائفة جدا: إيران، الولايات المتحدة، والقنبلة
بقلم: آرييل آيلان روث - القدس


file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
صبري جريس: الحل للاستيطان اليهودي
بقلم: حسن البطل – الايام
هل تنتظرون انتفاضة اللاجئين؟!
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
الاقتراب من لحظتنا الجنوب إفريقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
"جنيف 2" ....هل يتجاوز خط الفشل؟
بقلم: صـــادق الــشــافـعـي – الايام
الاحتقان لدى الرأي العام ونذير الخطر
بقلم:صلاح هنية – الايام
"الهــيــبـوثـيـرمـيـا"
بقلم: رامي مهداوي
عن الأغوار وقطاع الزراعة ، والتوصية بالضم لإسرائيل
بقلم: المهندس أحمد فارس الفارس – الايام
الـجـهـابـذة
بقلم: وليد بطراوي – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
تغريدة الصباح - عساف وطوفان أنثوي
بقلم: عدلي صادق – الحياة
جورج حبش.. وفاء لذكراه
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
لوحة التضامن واللون القاتم
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
الكتابة وجدواها في ظلّ الماساة السوريّة
بقلم: د. احمد حلواني – الحياة








من الذي يعرقل المصالحة ؟!
بقلم: حديث القدس – القدس
التصريحات التي ادلى بها الشيخ حسن يوسف القيادي في حركة "حماس" التي أكد فيها أن هناك اجماع في كافة مؤسسات الحركة على ضرورة انجاز المصالحة ودعوته حركة "فتح" الى الاستجابة لما وصفه "البوادر الطيبة" التي قامت بها "حماس" لتحقيق المصالحة تثير العديد من التساؤلات خاصة وأن مضمون هذه التصريحات كنا قد سمعناه قبل ايام واسابيع من مسؤولين في حركة "فتح" اكدوا ايضا الحرص على انجاز المصالحة وطالبوا حركة "حماس" بالاستجابة للاعلان الذي اصدره الرئيس محمود عباس بخصوص تشكيل حكومة التوافق والانتخابات وتطبيق باقي بنود اتفاق المصالحة.
السؤال الأهم الذي يطرح بهذا الشأن هو: من هو حقا الذي يُعرقل تطبيق اتفاق المصالحة ؟ ولماذا لم تستجب حركة "حماس" كليا لإعلان الرئيس عباس بحيث يتم الشروع في تشكيل حكومة التوافق الوطني والاتفاق على موعد للانتخابات التشريعية والرئاسية على الرغم من ترحيبها عبر وسائل الاعلام بهذا الاعلان ؟
ومن الواضح ان من يعرقل تطبيق اتفاق المصالحة لا يمعن فقط في الاساءة للقضية العادلة لشعبنا ونضاله وتضحياته والجهود المبذولة لتحريرنا من الاحتلال وانما يتجاهل ايضا انه يفتقد لأية شرعية قانونية بعد ان انتهت الولاية القانونية للمجلس التشريعي منذ أمد طويل، في الوقت الذي يفترض فيه ان الشعب هو صاحب السيادة وصاحب الحق في انتخاب ممثليه والمتحدثين باسمه وصاحب الحق في رفض كل من يحاول فرض نفسه بعيدا عن مبادىء الديمقراطية وبعيدا عن القانون الاساسي الفلسطيني الذي يحكم النظام السياسي لدينا.
إن ما يجب ان يقال هنا أن شعبنا سئم كل هذا التضليل وكل هذه المناكفات التي تعني استمرار أمد الانقسام والامعان بالإساءة لمصالح شعبنا وحقوقه وقضيته والتنكر لحق شعبنا في انتخاب ممثليه والتنكر لحق شعبنا في ارساء ديمقراطيته واحترام سيادة القانون. ولهذا فأن شعبنا لا يمكن ان يستوعب أي محاولة لتبرير هذا التلكؤ في انهاء الانقسام ولا يمكن ان تنطلي عليه كل هذه المناكفات أو الشعارات البراقة التي ترفع باسمه وباسم مصالحه وحقوقه في الوقت الذي يدوس فيه رافعوها على ابسط حقوق شعبنا في انتخاب ممثليه أو يريدون اعادتنا الى ظلام الوصاية والحكم المفروض الى ما شاء الله.
ولهذا نقول أن على طرفي الانقسام وبمشاركة كافة القوى الاخرى المسارعة الى عقد اجتماعات متواصلة لبدء تطبيق إتفاق المصالحة بدءا من تشكيل حكومة الوفاق والاتفاق على موعد الانتخابات كخطوة اولى ثم تناقش آليات تطبيق ما تبقى من نقاط وحل اية اشكاليات اخرى لأن كل يوم يتواصل فيه الانقسام يعني ترسيخا لسواد نقطة العار التي لحقت بتاريخ نضالنا الوطني.
هذا هو المقياس لمصداقية النوايا في انهاء الانقسام وهذه هي الخطوات المطلوبة لا ان نستمر في لغة الاتهامات المتبادلة والحروب الكلامية عبر وسائل الاعلام، فشعبنا الصابر المرابط بنضاله وتضحياته يستحق ما هو أفضل من كل هذه المهاترات.
واخيرا، ربما من الجدير مجددا تذكير كل الانقساميين ان التحديات الحقيقية الجسام تكمن في الاحتلال ومخططات الاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة ...الخ مما يمارسه الاحتلال ويفرضه يوميا وهو الهم الحقيقي لكل مواطن فلسطيني، فأين هم الانقساميون من كل هذه الهموم التي يجب ان تشكل حافزا قويا لإنهاء هذا الانقسام المأساوي والاستماع لنبض الشارع والخضوع لارادة شعبنا وإتاحة الفرصة أمامه لممارسة حقوقه الطبيعية التي يحول الانقسام دون ممارستها.

محاولة إحياء شارون كرجل سلام
بقلم: رغيد الصلح – القدس
تعليقاً على وفاة أرييل شارون، قال أحد الصحفيين الأوروبيين إن رئيس الحكومة الإسرائيلي قضى ثماني سنوات في حال "الكوما" لأن السلطات المعنية في جهنم لم تقبل بإعطائه تأشيرة دخول! قيل في تفسير هذا الموقف أن الجحيم هو للسيئين الذين ارتكبوا في حياتهم المعصيات ولكن ليس في حجم الشرور التي ارتكبها شارون في حياته!! ولكن النظرة تجاه أفعال شارون مثل الفصول التي ارتكبها في قبية وصبرا وشاتيلا، تختلف من وسط سياسي أو إعلامي إلى آخر، فمقابل الأوساط التي تقيس أعمال شارون بمعايير إنسانية فتنزلها في منزلة الجرائم والارتكابات الشائنة، هناك أوساط تجدها مسوغاً لاضفاء شتى أنواع التمجيد والمديح على صاحبها . هذه الأوساط لا تقول صراحة ما تبطنه ولكن المرء لا يحتاج إلى ذكاء كبير لكي يكتشف أن هذه الأوساط لا تعد التنكيل بالعرب خروجاً عن القيم الإنسانية ولا ترى سلب الفلسطينيين حقوقهم ومستقبلهم وآمالهم انتهاكاً للحقوق البشرية .
إن هذه المواقف في نظر هذه الأوساط المفعمة بروح "الآرابوفوبيا"، هي أقرب ما تكون إلى الدفاع عن الحضارة الغربية وعن رسلها وأبنائها وكياناتها . إذا لم تكن كذلك فكيف نفهم توني بلير، رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، عندما يصف شارون بأنه "الدافئ القلب، الظريف، الساحر، الوجداني" وبأنه "ولد بروح عظيمة وقلب كبير"؟! لسنا نعلم أين كان هذا القلب الكبير، الذي يتحدث عنه بلير بصفاقة نادرة، عندما كان شارون يشرف على تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا من برج قريب من المخيم، وعندما كان يتابع المذبحة التي ارتكبت بحق من تبقى فيه من الأطفال والنساء من دون أن يتحرك قلبه ومن دون أن تتدخل العواطف والمشاعر الوجدانية فتدفع بشارون لكي يصدر أمراً بإيقاف المجزرة .
يصل العداء للعرب وللفلسطينيين إلى ذروته عندما يتحدث بلير والبليريون عن شارون وقضايا السلام . فشارون تميز، في رأي بلير، "بالعناد الحديدي الذي رافقه كدبلوماسي كما رافقه كمحارب، ومارسه في ساحة القتال مثلما اعتمده كصانع سلام" . وفي مقاربته للسلام، لم "يعمل شارون من أجله كحالم، ولكنه كان يحلم به كنهاية للحرب" هذا ما يقوله مندوب الرباعية إلى محادثات السلام في الشرق الأوسط الذي لم نسمع منه في أي يوم من الأيام رأياً في ياسر عرفات أو في غيره ممن دفعوا ثمناً باهظاً جراء التنازلات التي قدموها من أجل سير المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية . أما شارون فقد سمعنا بإنجازاته الحربية الكثيرة ومنها بالطبع قبية وصبرا وشاتيلا، فهل يفيدنا بلير أو غيره عن الإنجازات التي حققها شارون في ميدان السلام؟
تشير مجلة "الايكونوميست" في افتتاحية لها إلى الإنجاز الكبير الذي أتمه شارون عندما أجبر المستوطنين في غزة على الانتقال منها إلى قرى إسرائيلية . ولكن هذا كان بداية الطريق . فبعد إنهاء الاستيطان الإسرائيلي في غزة، كان شارون، كما تقول المجلة، عازماً على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين . من أجل هذا عمل شارون على التخلص من ياسر عرفات والتمهيد لبروز قيادة فلسطينية "معتدلة" ومن أجل ذلك أيضاً أسس شارون حزباً جديداً (كاديما) بزعامته .
لكي تكتمل الصورة، صورة شارون كرجل سلام، كان لا بد من التأكيد على أنه كان براغماتياً ولم يكن
دوغمائياً . هذه الصفة تؤكدها بداية حياته السياسية إذ كانت في صفوف حزب العمل الإسرائيلي وليس في صفوف معارضيه . ولكنه ولأسباب سياسية أكثر منها عقائدية، انتقل إلى ليكود فأصبح واحدًا من قادته . إذن، ليس في حياة شارون ما يدل على أنه متصلب في مواقفه أو أنه كان متمسكاً بالعقائد السياسية على نحو يحول بينه وبين تقديم التنازلات إلى الفلسطينيين .
يستطيع متعهدو تبييض سجلات الزعماء الإسرائيليين الأحياء والأموات أن يقولوا ما يشاؤون ولكن روايتهم عن آرييل شارون كرجل سلام لا تقنع عاقلاً . فإخراج بضع مئات من المستوطنين الإسرائيليين من غزة لم يكن إنجازاً كبيراً . لقد أثار المستوطنون ضجة إعلامية كبرى حينما اعتصموا بالمستوطنة ورفضوا مغادرتها إلا بالقوة . أما الحقيقة فإنهم استجابوا إلى إغراء الجزرة وليس إلى الخوف من العصا . فقبضوا الثمن غالياً وفي صورة تعويضات جزيلة بعد أن استقروا في مساكنهم الجديدة . ثم إن إخراج المستوطنين من غزة لم يكن خطوة على طريق إخلاء الضفة الغربية والقبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة، بالعكس كان عملاً قصد به إحكام قبضة السيطرة على الضفة الغربية . إخلاء القطاع كان مظاهرة إعلامية بقصد إضفاء مصداقية على موقف إسرائيل "الإيجابي" من مفاوضات السلام مع الفلسطينيين . إنه موقف تكتيكي يقصد منه ترسيخ وتعزيز استراتيجية شارون والصقور الإسرائيليين الرامية إلى تحقيق "إسرائيل الكبرى" .
لم يكن شارون في حياته رجل سلام، بل كان رجل حرب وعدوان وتوسع . وخلال وقوعه في الكوما لم يتغير شارون . وبعد وفاته فباستطاعة أنصاره والمعجبين به من الإسرائيليين وغير الإسرائيليين أن يبقوا على إعجابهم به كرمز للأفكار والسياسات العنصرية، ورمز للعداء للعرب وللفلسطينيين . أما محاولة إحيائه كرجل سلام، فإنها محاولة فاشلة ولا تقنع إلا الأغبياء .
قرارات " لجنة القدس" هل ترى طريقها الى النور؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في اختتام أعمال دورتها العشرين التي عقدتها في مدينة مراكش في المملكة المغربية أصدرت "لجنة القدس" عدة قرارات هامة أساسها الحفاظ على عروبة المدينة المقدسة وطابعها العربي والاسلامي، والتحذير من أي مساس بالمدينة ومسجدها الأقصى المبارك يقضي على أية فرصة للسلام باعتبار أن القدس وكما قال الرئيس محمود عباس في كلمته أمام اللجنة مفتاح السلام والعنوان المركزي والأساس لعلاقاتنا مع مختلف دول العالم.
ولأن المدينة المقدسة تمثل مكانة مرموقة عربيا وإسلاميا، حيث تحتضن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المسجدين، ولأنها موطن الإسراء والمعراج ولأنها تضم كنيسة القيامة إحدى أقدس مقدسات المسيحيين، فإن الرئيس عباس حرص على أن يشارك شخصيا في أعمال اللجنة حيث ألقى كلمة جامعة شاملة قال فيها "إن القدس هي البداية والنهاية ومفتاح السلام والقلب النابض لدولة فلسطين وعاصمتها التاريخية الأبدية، وينبغي أن تكون العنوان المركزي والأساس في علاقات الدول العربية والاسلامية مع دول العالم المختلفة".
كما حذر الرئيس عباس في كلمته من فداحة الأخطار التي تهدد الأقصى هذه الأيام، وشدد على حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الجميع للدفاع عن المدينة المقدسة، وهو بذلك يضع القادة العرب والمسلمين أمام مسؤولياتهم التاريخية للحفاظ على عروبة القدس وطابعها العربي والاسلامي ويحذر مما يدبر للمدينة المقدسة ومسجدها الأقصى المبارك، إذا لم يسارع العالمان العربي والإسلامي الى القيام بمسؤولياتهم التاريخية لدعم المقدسيين وتثبيت صمودهم في أرضهم، وافشال المخططات التي يعدها المتطرفون اليمينيون تجاه هذه المدينة ومسجدها الأقصى.
كما أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي يرأس لجنة القدس ألقى كلمة في افتتاح أعمال اللجنة أكد فيها أن المدينة المقدسة قضية المغرب الوطنية الأولى وأحد ثوابت السياسة المغربية الخارجية، وشدد على حماية المدينة من أي مخطط ودعم المرابطين فيها لايكون من خلال الشعارات الفارغة ولا من خلال استغلال هذه القضية النبيلة للمزايدات القصيمة، وقال إن حماية القدس أمر عظيم وجسيم يحتاج الى الثقة والمصداقية والحضور الوازن في مجال الدفاع عن المقدسات الاسلامية، وأن هذا يتطلب ثقة ومصداقية ومبادرات واقعية مع ضمان أساليب تنفيذها على أرض الواقع، وآليات تحويلها لأن القضية الفلسطينية بما فيها القدس الشريف هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء وأن الأمر مسؤولية كبرى أمام الله والتاريخ، وشدد على أن القدس مهد الديانات السماوية ورمز للسلام والتعايش بين الثقافات.
والواقع أن كلمتي الرئيس عباس والعاهل المغربي شددتا على الأخطار الكبرى التي تهدد القدس ومواطنيها، ووضعتا القادة العرب والمسلمين أمام مسؤولياتهم التاريخية فالقدس أمانة كبرى سيسألون عنها يوم القيامة، ولذا لابد من تكثيف المساعي وبذل أقصى الجهود عربيا وإسلاميا ودوليا للتنبيه من الأخطار المحدقة بالمدينة المقدسة، ذلك أن القدس كمهد للديانات السماوية يجب أن تكون ومن خلال اعتبارها المدينة المفتوحة موئلا للسلام ورمزا للتعايش بين الشعوب وللتآلف بين الثقافات.
وقد بات العالم كله بما فيه الولايات المتحدة يعلم أنه لا سلام بدون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية وأنه لا يجوز لأي أحد أن يستأثر بالمدينة المقدسة و لايمكن لأي عربي ومسلم أن يتخلى عن المدينة المقدسة، كما أن قرارات الشرعية الدولية ترفض مبدأ ضم أراضي الغير بالقوة، وكذلك المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002 والتي أكدت أن السلام العادل والشامل بين الدول العربية وإسرائيل يقوم على أساس إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشريف وذلك ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967.
وجاءت قرارات لجنة القدس الأخيرة غاية في الأهمية تتناسب وخطورة المرحلة التي تمر بها المدينة المقدسة، حيث أكدت على مركزية قضية القدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية، لأنها تقع في صميم الحل السياسي، وحذرت من أن المساس بالمدينة ومسجدها الأقصى سيؤدي إلى مزيد من التوتر والعنف واليأس من شأنه أن يقضي على فرص تحقيق السلام، وفي ذات السياق فإن اللجنة أكدت أن إحلال السلام الشامل والعادل والدائم هو الخيار الذي تسعى لأجله دول منظمة التعاون الاسلامي وفق مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وبنود خارطة الطريق، كي يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.
والواقع أن القيادة الفلسطينية وبتأييد من الدول العربية اختارت السلام كخيار استراتيجي ولكن دون التفريط بالثوابت الفلسطينية ودون التنازل عن أي منها، كما أنها أكدت أن القدس ستكون مدينة مفتوحة أمام الجميع ولن يعاد تقسيمها كما كانت قبل الخامس من حزيران عام 1967، وهي بذلك تظهر انفتاحها على اتباع الديانات السماوية الثلاث، وأنها ترى أن القدس يجب أن تكون رمزاً للسلام والتعاون والتفاهم وليس سبباً للنزاع والصراع وهضم حقوق الآخرين.
ومن هنا فإن واجب المجتمع الدولي بأسره أن يستجيب للدعوة التي وجهتها له لجنة القدس في اجتماعها بتحمل مسؤولياته الكاملة في إنقاذ القدس وفي رعاية الموروث الحضاري والإنساني والعالمي الذي تمثله المدينة المقدسة، والضغط على إسرائيل لعدم المساس بها وأن القدس مدينة السلام ويجب أن تكون مركزاً وإشعاعا بكافة الحضارات الإنسانية إذ منها انطلقت منذ القديم معظم الحضارات الإنسانية التي عرفها التاريخ. وقد أكد الرئيس محمود عباس يوم الإثنين الماضي في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر "أن القدس ستكون مدينة مفتوحة لاتباع الديانات السماوية الثلاث، لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة اسرائيل بأمن وحسن جوار". فلماذا لا تأخذ الحكومة الإسرائيلية موقفا مشابها لموقف الرئيس عباس هذا، بحيث تكون القدس مدينة مفتوحة أمام الجميع. ومن هنا فإن على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل لتتخذ موفقا مماثلا لأن السلام كما أنه مصلحة فلسطينية وعربية فهو بذات الوقت مصلحة اسرائيلية ودولية.
ومن قرارات لجنة القدس في اجتماعها الأخير الخاصة بدعم المقدسيين والمحافظة على عروبة المدينة المقدسة دعوة جميع الدول الأعضاء لتقديم الدعم المالي اللازم إلى وكالة بيت مال القدس الشريف التي أنشئت في عام 1988 ضمن إطار منظمة التعاون الاسلامي حتى ترتقي الى مستوى تطلعات الحكومات والشعوب الاسلامية في الدفاع عن القدس، والواقع المؤسف أن معظم الدول العربية والاسلامية لم تقدم شيئا مما التزمت به تجاه القدس والمقدسيين، حيث أن قمة مدينة سيرت الليبية التي عقدت في شهر آذار من عام 2010 قررت تقديم مبلغ "500 مليون دولار" لدعم مدينة القدس والمقدسيين، ولم يتم حتى الآن دفع دولار واحد منها.
وفي الوقت الذي تتخلف فيه دول عربية وإسلامية عن الوفاء بالتزاماتها تجاه القدس والمقدسيين رغم إمكاناتها المالية الضخمة وثرواتها الطائلة، فإن المليونير اليهودي الأميركي موسكوفيش ينفق ملايين الدولارات لشراء عقارات وإقامة أحياء استيطانية في القدس وقد أشار العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه الافتتاحي لمؤتمر القدس الى أن دعم القدس لا يتم بالشعارات الفارغة والكلمات التي لا تترجم الى أرض الواقع. وهذا ما يزيد من معاناة المقدسيين ويفاقم من الأوضاع الخطيرة التي تتعرض لها المدينة المقدسة، حيث لا يسمعون إلا شعارات لا تخرج الى حيز التنفيذ.
كما دعت لجنة القدس في قراراتها الى إطلاق حملة شعبية لجمع التبرعات من الدول في منظمة التعاون الإسلامي لدعم المدينة المقدسة، ونرجو أن يتم تفعيل هذه القرارات في القريب العاجل من خلال حملات حكومية وشعبية واسعة يشارك فيها الاعلام بكافة أنواعه خاصة الفضائيات التي تقوم بأعظم دور في التأثير في الرأي العام، وخاصة وأن للقدس ولمسجدها الأقصى مكانة رفيعة في قلب كل مسلم والمسلمون مستعدون لبذل الغالي والنفيس للمحافظة على القدس.
ومن قرارات اللجنة أيضا دعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي الى تنظيم زيارات عمل على مختلف المستويات إلى القدس الشريف، وكذلك تشجيع رجال الأعمال العرب والمسلمين على المساهمة الفعلية في دعم مدينة القدس. والواقع أن الرئيس محمود عباس دعا وما زال يدعو العرب والمسلمين الى زيارة القدس ومسجدها الأقصى بصورة خاصة وفلسطين بصورة عامة لأن الزيارة دعم للمقدسيين وللقدس ولفلسطين، وليس تطبيعاً مع إسرائيل كما يدعي المعارضون لتلك الزيارات، وخاصة بعض رجال الدين الذين يفتون بتحريم زيارة القدس والمسجد الأقصى بزعم أن ذلك تطبيعاً. فها هي لجنة القدس تحث العرب والمسلمين على زيارة القدس ومسجدها الأقصى، فعلى العرب والمسلمين تلبية هذا النداء نصرة لإخوانهم المقدسيين ودعما لصمودهم.
ودعت لجنة القدس في قراراتها الأخيرة إلى إعلان القدس عاصمة للثقافة الإسلامية وطالبت بوضع استراتيجية إعلامية لكشف المستور للقدس الشريف، والمعلومات المغلوطة التي تروجها إسرائيل حول موقع القدس وتاريخها في بعض وسائل الإعلام، ويجب أن تسعى هذه الاستراتيجية إلى توعية الرأي العام الدولي بأهمية المحافظة على القدس كتراث عالمي للإنسانية وكرامة الإنسان والتعايش. والأمر المؤلم أن الإعلام العربي مقصر أكبر تقصير بحق القدس والمقدسيين، فرغم أن هناك المئات من الفضائيات العربية التي تبث على مدار الساعة إلا
أنها لا تعطي أية أهمية للقدس ولا لما تتعرض له من مخاطر، وأصبحت هذه المدينة مغيبة عن هذا الإعلام العربي إلا ماندر علماً أن إسرائيل بأجهزتها الإعلامية الضخمة استطاعت ترويج ادعاءاتها في العالم من خلال وسائل إعلامها المختلفة.
وقد أشارت اللجنة في قراراتها للدور الذي يقوم به العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والهاشميون في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، كما ثمنت الدور الكبير الذي يقوم به الرئيس عباس في الدفاع عن عروبة القدس ودعم المقدسيين. والذي نرجوه أخيراً أن تجد قرارات لجنة القدس طريقها إلى النور وأن تنفذ على أرض الواقع، وألا يكون مصيرها كمصير القرارات السابقة التي لم تنفذ وظلت حبيسة الأدراج. والله الموفق



لماذا كل هذا الخذلان للقدس
بقلم: راسم عبيدات-القدس
لا أحد ينتصر لها، سوى أبناءها كما هو حال مخيم اليرموك،لم ينتصر له سوى الغيورين والمخلصين من أبناء شعبنا،كذلك هي القدس، تترك وحيدة للإغتصاب والإستباحة على يد قوات الإحتلال وزعرانه ومستوطنيه، والشعارات والبيانات والمقابلات الصحفية المتلفزة والمقروءة والمسموعة حولها كثيرة ونارية لغتها وإنشاؤها، واللجان المشكلة باسمها عديدة، وما يصدر عنها من بيانات ليس أكثر من إنشاء وإطناب وإسفاف وإبتذال مللنا سماعه، وقمم تعقد من اجلها، ودعم مؤجل او على الورق يقر باسمها،لا يصل أغلبه، ولكن تنشر وتشاع أرقامه ومقاديره، لكي يزيد من إحباط المقدسيين إحباطاً على إحباط، ويسعر من حدة الخلافات والإتهامات فيما بينهم، حول دعم لم يصل، وتثار أسئلة وإتهامات من طراز، أين يذهب مثل هذا الدعم الورقي..؟؟
والناس لا تتعاطى او تقتنع بسهولة بالحقائق او الوقائع،فنحن في مجتمعات تربت على تصديق الإشاعة والتعامل معها على أساس أنها حقيقة، فنحن امة تحجر على العقل والفكر، وتطلق العنان لعواطفها ومشاعرها، فهناك من هو على قناعة تامة بأن مئات الملايين بل مليارات الدولارات من الدعم العربي والإسلامي تصل إلى القدس، إستناداً إلى ما يصدر عن القمم والمؤتمرات العربية والإسلامية التي تعقد من اجل القدس من بيانات ومعلومات وقرارات، وهذا لا ينفي وجود فساد ومرتزقة ومنتفعين ولصوص، حتى أن البعض عندما سمع بخبر ان القمة العربية الأخيرة في الدوحة أقرت (500 ) مليون دولار لدعم القدس، سارع الى إنشاء الشركات والمؤسسات، تحت يافطة وذريعة الإستثمار في القدس، حتى"يناله من الحب جانب"، ولكن إكتشف لاحقاً بأن ذلك مجرد سراب.
ولكن لا يجوز ولا ينبغي،التعاطي مع اهل المدينة على أساس اننا نقدم لكم الدعم، ولكن هذا الدعم لا يبان له أثر او يصرف في مواضيع وخانات ليست مجدية او مفيده، فالقدس فيها الكثير من الأحرار والشرفاء والعناوين المؤتمنة لمن يريد دعم القدس حقاً، وليس عملاً بالقول المأثور، كمن لم يرد الصلاة،ووجد الجامع مقفلاً ليقول"اجت منك يا جامع".
واهل القدس الذين يعيشون على الأمل، والمالكون لإرادتهم ويتولون مقارعة الإحتلال يومياً، والمستهدف لهم في كل تفاصيل حياتهم اليومية، باتوا على قناعة تامة بأنه"لن يحرث الأرض غير عجولها"،ولكن هم يستبشرون خيراً وربما يقولون بأن اللجان والقمم التي تعقد من اجل القدس، ربما باتوا على قناعة بأن الخطر داهم وجدي على القدس، وشعروا بصحوة أو وخزة ضمير من أجلها واجل أقصاها المهدد فعلياً بالتقسيم.
وأهل القدس كما الغريق الذي يتعلق بقشه من اجل النجاة، فهم يباركون ويدعمون اية مبادرة او مؤتمر شعبي أو صحفي أو لقاء يعقد لتسليط الضوء على قضاياهم وهمومهم والإنتهاكات والإجراءات القمعية التي يمارسها الإحتلال بحقهم، ويمنون النفس بأن يكون ذلك بداية تعاط جدي مع قضاياهم،ولكن يكتشفون بأن "الخل اخو الخردل" فقرار الدعم للقدس والمقدسيين، ليس بيد أي حاكم عربي،بل هناك من يعطي الأوامر لهؤلاء العربان، لمن يتبرعوا وحجم هذا التبرع واوجه صرفه، وامريكا تراقب كل مساعداتهم ودعمهم ومصارفهم، ومن يقدم على الدعم دون اوامرها، يغلق المصرف وتصادر امواله، وهنا في حادثة بسيطة وتجربة مررت بها شخصياً، ذهبت لتحويل مبلغ بسيط لإبني الدارس في اسبانيا عن طريق احد البنوك، ومن كثرة الأوراق الموقعة والأسئلة، شعرت بأنني ربما أريد بهذا المبلغ البسيط تخصيب يورانيوم،فكيف بمن يريد ان يرسل مبالغ كبيرة لدعم مشاريع في القدس،أو من اجل تعزيز صمود وبقاء المقدسيين..؟؟ .
منذ فترة ونحن نسمع عن صندوق فلسطيني سيشكل باسم القدس عقدت حوله الكثير من اللقاءات والإجتماعات، والحديث يدور عن صندوق برأسمال (100) مليون دولار،سيساهم فيه رجال أعمال فلسطينيون، من الداخل والخارج، كخطوة عملية تغنينا عن التسول و"الشحدة" المغمسة بالدم والكرامة،من عربان فاقدين لإرادتهم ونخوتهم وقرارهم وكرامتهم، وقلنا بأن ذلك سيكون بمثابة خطوة عملية تضعنا على الطريق الصحيح،ولكن يبدو بأن الأجندات الخاصة والمصالح والتزاحم على من يكون مسؤولاً عن هذا الصندوق، لن تخرجه الى حيز الفعل والتنفيذ، على الرغم بأن المؤتمرات والندوات الإقتصادية التي يعقدها رجال اعمال فلسطينيين، يقولون بان الإستثمار مجد ومربح في القدس، في أكثر من مجال وقطاع وبالذات في الإسكان وقطاع الفندقة والسياحة، ولكن من ينظرون حتى من رجال الأعمال لذلك، يحجمون عن الإستثمار في القدس،ويبدو بأن القدس هي خارج حساباتهم، ويقتربون من موضوعها ويصرخون باسمها، فقط لكي تكون شماعة وعنواناً لجلب الدعم والمال باسمها.
نحن في القدس سنضع من يعمل لأجل القدس، ومن يستثمر لصالحها او يقيم وقفية او صندوقاً باسمها فوق رؤوسنا، وسنقلدهم التيجان والنياشين، وسنقيم لهم التماثيل، ويكفي القدس المزيد من الخذلان،فمن يريد ان يخدم ويقدم للقدس،سيجد أيدي المقدسيين ممدودة له، ومن يخشى أن تنفق امواله في غير موضعها او مكانها، فهناك طريق سهل للحماية والضمان، يشتري عقاراً او أرضاً في القدس وبالذات في بلدتها القديمة، ويوقفها، وهكذا يساهم في حماية القدس من خطر التهويد، ويستثمر عقاره او ارضه لصالح المقدسيين كمؤسسة او جمعية، او حتى للسكن.
فبدلاً من ان تستثمروا اموالكم في اوروبا او تتبرعوا بها لصالح مؤسسات اوروبية، فهناك القدس،ليس من ناحية دينية وحضارية وقومية ووطنية، بل ومن ناحية استثمارية، تستثمرون ويكون استثماركم جزءاً من واجب قومي ووطني وديني تجاه المدينة ومقدساتها.

الحرّية لمروان البرغوثي
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
لم أتوقّع أن يبقى مروان البرغوثي أسيرًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي هذه المدة الطويلة التي ستقفل على اثنتي عشرة سنة في نيسان القادم.
ما زلت أذكر ذلك الصباح من نيسان، عندما زرته في معتقل المسكوبية في القدس بعد ثلاثة أيام من عملية اختطافه من وسط مدينة رام الله. في غرفة جانبية معدّة لزيارة المحامين، جلست مسكونًا بقلق وشكّ بنجاح المحاولة والزيارة. فوفقًا لتجربتي، اعتاد المحققون الإسرائيليون منع زيارة المحامي عن أسير أمنيّ، لأنهم يستهدفون، في أيام التحقيق الأولى، إطباق عزل الأسير كي لا يتمكّن من مقابلة محاميه وتركه فريسة للوحدة والشعور بأن "الأهل والأصحاب" قد نسوه، وهذا قد يؤدي إلى كسر روحه ومناعته.
جاءني مروان وظني أنه فوجئ مثلي من نجاح الزيارة، في أقلّ من ثانية تعانقنا. تدافعت الأسئلة والأجوبة، كان همّه أن يطمئن على عائلته التي أحبها كالوطن. لساعتين صارت تلك الغرفة الهزيلة الصغيرة قصرًا من شوق ولهفة. لم يكن قلقًا ولا خائفًا من اختطافه واعتقاله في داخل إسرائيل. تحدث ببطء محاولًا أن لا يهدر كثيرًا من هواء رئتيه المتعبتين. وجهه بدا أصغر ممّا ألفته، بيد أنه ظلّ محافظًا على "نمنمته"، لاحظت أن سوادًا غلب سمرته المعهودة، لم يكن كسواد الليل ولا كسواد قلب حاقد، كان داكنًا موشحًا بخضرة خفيفة تشي بملاحته. "لم أنم يا جواد! لأكثر من أربع وعشرين ساعة... يمنعون عني النوم بأساليب شيطانية.. صدّقني، هذ أبشع صنوف التعذيب.. أكاد أجن، فأنا منهك وأحيانًا أفقد المقدرة على التفكير والتركيز ..". توقف ليستجمع قوّة وأردف: "يخططون لضرب شرعية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية من خلال اعتقالي ومحاكمتي، يريدون النيل من الرئيس عرفات، ويستهدفون نزع شرعية تنظيم فتح والمجلس التشريعي..".
لن أسرد هنا ما كان في هذا اللقاء ولا ما تلاه من لقاءات وتفاصيل، فحكايتي مع مروان البرغوثي طويلة، إليها، حتمًا سأعود، أمّا اليوم فأكتب عنها لأنني حضرت مؤتمرًا في رام الله خصّص للحديث عن قضية الأسرى الفلسطينيين المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. رئيس وزراء فلسطين تحدّث عن قضية الأسرى ووعد بالعمل من أجل الافراج عن مروان البرغوثي وأسرى آخرين. مثله فعل بعض الخطباء الآخرين.
في لحظة أعادني الخطباء إلى تلك الأيام ولتفاصيل القضية التي كانت وفقًا لعديد من المعطيات والعوامل فريدةً ومميزةً. من يقرأ لائحة الاتهام التي أنزلت بحق مروان يعرف ما كان حجم التخطيط والأهداف التي حاولت إسرائيل أن تصيبها، ومن تابع حجم ما استثمرته إسرائيل من طواقم قضائية مهنية وإعلامية ودبلوماسية من أجل اقناع "العالم" بأنها استطاعت اعتقال أكبر الإرهابيين الذي يمثل عمليًا قيادة إرهابية لشعب من الإرهابيين؛ لعرف كم كانت مهمة إفشال إسرائيل وطنية عليا وتاريخية. من راجع ما استجلبته هذه القضية من حراك دولي رسمي ومؤسساتي وشعبي لقدّر أهميتها وخطورة الدور الذي لعبه مروان وأهمية الموقف المبدئي الذي هيمن.
أكتب ذلك لأذكّر جيل هذه الأيام ببعض التفاصيل الهامة المنسية ولأؤكد أن للإفراج عن مروان البرغوثي أهمية تتعدى ما يستحقه الشخص، فهي بمعانٍ عديدة إعادة اعتراف لكثير من القيم والمكتسبات التي حاولت إسرائيل هدمها، وهي كذلك إقرار بما عكسته وعنته تلك المحكمة من مواقف ومعارك؛ في طليعتها، إفشال ما سعت إليه إسرائيل الرسمية والنجاح بقلب المعادلة بعد أن تحول الاحتلال لمتهم يجب أن يقاضى ويحاكم.
اليوم عدت إلى ذلك اللقاء الأوّل والأهم، وتذكّرت كيف نجحت فيه بالاطمئنان عليه، لا سيّما وبعض الصحافة الإسرائيلية قد نشرت عن أسف/غضب رئيس الحكومة شارون عندما علم باعتقال مروان بدل قتله والتخلّص منه! وفيه اتفقت ومروان على خط الدفاع المبدئي والحاسم الذي سنتبعه، وحسبه لن نعترف بقانونية اعتقاله من رام الله، فهذه عملية اختطاف باطلة، ولن نعترف بقانونية التحقيق معه وهو النائب المنتخب والقائد السياسي المعروف، ولذلك كل ما يجري بحقه باطل، ولن نعترف بصلاحية محاكم الاحتلال، سواء كانت عسكرية أو مدنية، فهذه المحاكم باطلة تخدم الاحتلال، وهو سيّد البطلان والظلم، ولن نقبل أن نتعاطى مع أي لائحة اتهام قد تعدّها نيابة الدولة مهما جاء فيها، فحق الفلسطيني بمقاومة الاحتلال حق مكفول، والاحتلال هو من يجب أن يتهم ويحاكم بأفعاله وممارساته وجرائمه ضدالشعب الفلسطيني.
تذكّرت كيف تركته ليعود إلى محققين لن يدعوه ينام، فصار يحلم كالعاشقين، يرتبون غدهم على إيقاعات القلب وعين لا تغفو.
كنت خائفًا عليه، فهم لن يتحملوا إصراراه. لقد أحسّوا أنّهم اعتقلوا أكثر من مروان، ولذا فإنهم سيحاولون تحطيم الرمز وتدمير الفكر والفكرة.
على باب المسكوبية في القدس نقلت للصحفيين ما قاله مروان، وأعلنت موقفنا، وما أصبح فيما بعد مشهورًا بملف: "مروان البرغوثي"- ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. وها هي السنين تمر وما زال الملف مفتوحًا.
لقد قرأت مؤخرًا عن ما يحظى به مروان البرغوثي من شعبية ومكانة في صفوف أبناء شعبه. لم تكن هذه هي المرّة الأولى التي أنبئنا فيها بهذه الشعبية الجارفة. إنها قد تخيف حكام إسرائيل، وقد تخيف آخرين. أمّا اليوم فلقد سمعنا التزامًا من دولة رئيس الوزراء، وقبلها ومرارًا سمعنا التزام فخامة الرئيس محمود عبّاس، وعليه، فهل سيكون هذا العام عام الإفراج عن مروان البرغوثي؟
ما الذي يجعل إسرائيل خائفة جدا: إيران، الولايات المتحدة، والقنبلة
بقلم: آرييل آيلان روث - القدس
-تأمل إدارة أوباما أن تسفر صفقتها الأخيرة مع إيران عن جعل الشرق الأوسط منطقة أكثر استقراراً. لكن ظهور نتيجة معاكسة يظل احتمالاً ممكناً بنفس المقدار على الأقل. وبالنسبة لإسرائيل بشكل خاص، تشكل الصفقة نذير سوء –ليس بسبب ما تقوله عن إمكانية امتلاك إيران أسلحة نووية، وإنما بسبب ما يخشى الكثيرون أنها تقوله عن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل. بالإضافة إلى الاعتقاد بأن الاتفاق نفسه ليس جيداً، يشتبه الإسرائيليون بأن سعي الولايات المتحدة إليه يوشر على نهاية تورط الولايات المتحدة العميق في المنطقة، والذي اعتمدت عليه إسرائيل طويلاً في التغلب على العزلة. ومن دون شبكة الأمان الأميركية، يمكن أن تعمد إسرائيل إلى تحدي التوقعات الأميركية، وتحاول التعامل مع التهديدات الناشئة بطريقة وقائية استباقية، غير متناسبة، وأحادية الجانب تماماً.
حسب بعض التقديرات، لم تكن إسرائيل أكثر أمناً مما هي الآن أبداً. فقد تمكنت معاهدة السلام مع مصر، التي تشكل حجر الزاوية في أمن إسرائيل للسنوات الثلاثين الأخيرة، من النجاة من فترة مغلفة بالشك من الحكم الإسلامي في مصر، وأصبحت تحرسها مرة أخرى حكومة عسكرية مصرية تبدو عازمة على إبقائها قائمة. والسلام مع الأردن يبدو متيناً كما هو حاله دائماً. وأبعد إلى الشرق، يقف العراق على بعد عدة عقود من إعادة بناء مؤسسة عسكرية يمكن أن تكون قوية بما يكفي لتهديد إسرائيل. بل ان الأحداث في سورية توفر المزيد من حسن الطالع. ويبدو من المرجح أن الرئيس الأسد، المجرد من أسلحته الكيميائية التي كانت بمثابة إجابته البائسة على ترسانة إسرائيل النووية المثيرة للإعجاب- سوف ينجو من حربه الأهلية. وبينما تصبح الأحداث في سورية تحت السيطرة، يفترض أن تظل مرتفعات الجولان هادئة. وسوف يمر وقت طويل قبل أن يتمكن الجيش السوري من تهديد إسرائيل فعلاً.
على الرغم من هذه الظروف الجيدة موضوعياً، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حملة انتقاد شرسة ضد الاتفاق المؤقت مع إيران، والمدعوم من الولايات المتحدة، باعتباره سياسة مضللة فظيعة، سيكون من شأنها أن تؤدي إلى صعود إيران في نهاية المطاف كقوة نووية. ولا ينبغي أن يشكل رد فعل إسرائيل مفاجأة، لأن معارضة البلد القوية لاحتمال نشوء أي قوة نووية أخرى في منطقتها هي حقيقة ثابتة. وقد برهنت على ذلك الغارات التي شنتها إسرائيل على العراق في العام 1981 وعلى سورية في العام 2007، والتي هدفت إلى تدمير البنية التحتية النووية الوليدة في البلدين. ومن المرجح أن تكون حقيقة عدم شن إسرائيل غارة مماثلة ضد إيران حتى الآن انعكاساً للتحديات التقنية والسياسية -الداخلية والدولية على حد سواء- التي يمكن أن تترتب على مهاجمة إيران.
حتى يفهم السبب في ذلك، يجب على المرء أن ينظر قليلاً إلى الخلف. كان رئيس وزراء إسرائيل المؤسس، ديفيد بن-غوريون، يؤمن بأنه نظراً لوضع إسرائيل كدولة يهودية صغيرة وغير مرحب بها إقليمياً في منطقة مسلمة، فإن أمن بلده يتطلب أن يكون لها راع من القوى العظمى. ومع أن إسرائيل ستضطر دائماً إلى خوض معاركها الخاصة، كما كان يعتقد، فإن الراعي يمكن أن يزودها بالأسلحة لشن هذه الحروب، وبالموارد الدبلوماسية لحماية المكاسب التي تجنيها منها. وكانت سياسة إسرائيل الأمنية، تاريخياً، أكثر ضبطاً للنفس عندما تكون علاقتها مع القوة العظمى الراعية في أفضل أحوالها. على سبيل المثال، هناك قبول إسرائيل بوضع نهاية قبل الأوان لقتالها في شبه جزيرة سيناء في تشرين الأول 1973، والذي جاء بناء على رغبة الولايات المتحدة التي لم تكن علاقاتها معها أقوى مما كانت عليه في تلك الفترة. وكذلك كان انضباطها في وجه صواريخ سكود العراقية في العام 1991. وفي كلتا الحالتين، ذهب السلوك الإسرائيلي في عكس طبع السياسات الإسرائيلية المفضلة. في الحالة الأولى، تسبب إنهاء القتال في سيناء قبل أن تتمكن إسرائيل من إحكام الحصار على القوات المصرية وطردها من الضفة الشرقية لسيناء في منح الرئيس المصري أنور السادات الانتصار السياسي الذي كان يسعى إليه. وفي الثانية، يمكن القول بأن عدم الرد الإسرائيلي في وجه صواريخ سكود العراقية شجع المنظمات مثل حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي على الاعتقاد بأن التزام إسرائيل بالانتقام الدموي، الذي تم تأسيسه بحزم في الخمسينيات، أصبح يخفت.
الآن، قارن سلوك إسرائيل في هاتين الحالتين بسياستها في أيار 1967، عندما شعرت بأنها أصبحت مهجورة من القوة العظمى الراعية. في أعقاب إغلاق الرئيس المصري جمال عبد الناصر لمضائق تيران، سعت إسرائيل إلى الحصول على إعادة طمأنة من شريكتها التقليدية، فرنسا، إلى أنها سوف تضغط على مصر بنفسها لفتح المضائق، أو أنها ستقف إلى جانب إسرائيل في حال سعت الأخيرة إلى فتح المضائق بنفسها. لكن الرئيس الفرنسي شال دي غول، الذي كان يتطلع إلى إصلاح سمعة فرنسا في الشرق الأوسط بعد العنف المفرد للحرب الأهلية الجزائرية، رفض ذلك الطلب. ولما لم تكن أي من المملكة المتحدة ولا الولايات المتحدة تعرض على إسرائيل مكاناً تحت مظلتيهما الدفاعيتين آنذاك، وجدت إسرائيل نفسها وحيدة على نحو محزن –وفقاً لجولدا مائير التي أصبحت فيما بعد رئيسة الوزراء. وكان رد فعل إسرائيل على إحساسها الغامر بالعزلة هو نوبة من العنف الذي حول الشرق الأوسط –في بحر ستة أيام- وخلق مشكلات لإسرائيل ولبقية العالم، والتي ما تزال بلا حل حتى اليوم.
في هذه الأوقات، تهدد إعادة ترتيب الولايات المتحدة لسياساتها الخارجية بعد الحروب المكلفة في العراق وأفغانستان، في وجه صين تزداد قوة باطراد واقتصاد ضعيف، بإعادة إغراق إسرائيل ثانية في تلك الأيام الحزينة. ويجب على واشنطن إدراك ذلك إذا كانت تريد أن تفهم ردة فعل إسرائيل على صفقة الولايات المتحدة مع إيران. تقول إدارة أوباما أن هذه الصفقة هي مجرد اتفاق مؤقت، وأنه في حال فشل، فإن الخيار العسكري يبقى مطروحاً على الطاولة، لكن هذه المزاعم تظل محل شك كبير. فمنذ غزو العراق، أرسلت الولايات المتحدة إشارات عن التردد العميق في استخدام القوة تحت أي ظروف يحتمل أن يتسبب بخسارة أرواح أميركية، أو يضر بمصالح أميركا الأخرى بشكل خطير. وكانت مشاركة الولايات المتحدة الفاترة في ليبيا واحدة من هذه الإشارات. كما كان قرارها السماح لسورية باختراق "الخط الأحمر" في موضوع الأسلحة الكيميائية إشارة أخرى.
تسبب الحسابات الأميركية مصدر قلق لإسرائيل. وبالنسبة لإسرائيل، تبقى النظرة الأمنية بعيدة الأمد مثيرة للقلق لثلاثة أسباب. أولاً، كشف الربيع العربي عن نزعات شعبية قوية باتجاه السياسات الإسلامية في المنطقة، مما يعطي الساسة العرب الذين يحاولون ركوب موجة الإرادة الشعبية ميلاً أقل بكثير إلى استيعاب إسرائيل مما كان لدى الأوتوقراطيين الذين سبقوهم. وتشير هذه الأولويات المتغيرة إلى أن السلام الذي تتمتع به إسرائيل مع مصر والأردن يظل غير مضمون. يجب على إسرائيل أن تتهيأ للأسوأ -معاهدات سلام ملغاة، وتشكل تأييد شعبي عربي مخلص للمعارضة النشطة لإسرائيل في داخل العالم العربي. ثانياً، إن قدرة إسرائيل على ردع العدوان تتآكل. ولو قام أحد بتصوير درجة اعتمادية ردعها على رسم بياني، فإن النقطة العالية ستكون نهاية حرب العام 1967. وبدءاً من انتصار إسرائيل غير المكتمل في العام 1973، مروراً بقرارها عدم الانتقام من العراق في العام 1991، انتهاءاً إلى نجاح حزب الله وحماس في كسب تنازلات إقليمية من خلال التمرد، ظهر أن تكاليف معارضة إسرائيل قد انخفضت بشكل ملحوظ. ثالثاً، غياب الحزم الأميركي في التعامل مع مسألة سورية وإيران يترك الانطباع بأن الولايات المتحدة تسعى إلى فك ارتباطها من الشرق الأوسط، وتحويل أنظارها إلى أماكن أخرى. وإذا ما كانت الولايات المتحدة تسعى، لأي سبب، إلى خفض مستوى علاقاتها مع إسرائيل، فإنه ليس من الواضح إلى أين يمكن أن تتحول إسرائيل من أجل الحصول على الأسلحة والغطاء الدبلوماسي. ويرجح أن لا يكون حال الإنتاج المحلي من الأسلحة المتطورة أفضل من حال الوسائل الاقتصادية لإسرائيل (ولو انه ليس أفضل من وسائلها التكنولوجية)، كما أوضح الجهد الفاشل لإنتاج طائرة مقاتلة إسرائيلية الصنع في الثمانينيات. أضف إلى ذلك الاستقبال البارد الذي تلقاه إسرائيل لدى معظم الجهات الفاعلة في النظام الدولي غير الولايات المتحدة، وسوف يتضح لك السبب في أن إسرائيل تشعر بالقلق.
سوف يقول البعض أن مخاوف إسرائيل مبالغ فيها، وأن الدعم الأميركي لإسرائيل لا يتزعزع. وفي الواقع، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري يؤكدان هذه الفكرة نفسها لعدة أسابيع. ويمكن منح إسرائيل العذر إذا هي أحست بمجرد ارتياح بارد فقط من هذه التطمينات. ففي نهاية المطاف، كما يقول القول المأثور للورد بالمرستون، ليس للدول أصدقاء دائمون، وإنما مصالح فقط. ولقياس الكيفية التي يحتمل أن تتصرف بها إسرائيل منذ الآن فصاعداً، فإن نقطة الاستبصار المرجحة تأتي من ملاحظات ثيودوروس حول السبب في شن إسبارطة حربها ضد أثينا. إن قوة تخشى احتمال الأفول، يكون لديها كل حافز لتوجيه الضربة الأولى على أمل تأخير سقوطها المحتمل.
بما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما يزال يهدد باتخاذ إجراءات ضد إيران لسنوات، أصبح الكثيرون ينظرون إليه الآن مثل الولد الذي يطلق نداءات كاذبة. إنهم يعتقدون أن إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة إيران في خضم مناورة دبلوماسية أميركية قائمة. لكن هؤلاء المراقبين سيحسنون صنعاً إذا تذكروا السادات، الذي أعلن كلاً من عامي 1971 و1972 على أنه عام اتخاذ القرار ضد إسرائيل، فقط ليكون محط السخرية في نهايات السنتين عندما لم تغادر جيوشه ثكناتها أبداً. وقد ارتكبت إسرائيل خطأ التقليل من شأن السادات وحصلت على قصاصها العادل عندما قام بشن الهجوم أخيراً في العام 1973. وبالمثل، لا ينبغي أن يفترض أحد أن خطر الحرب قد ولى الآن. على نحو ينطوي على مفارقة، ربما يجعل الانخراط الدبلوماسي للولايات المتحدة مع إيران من احتمال شن إسرائيل الهجوم أكثر احتمالاً الآن، لأنها لو فعلت ذلك في وقت لاحق، فإنه ربما يكون قد فات الأوان.

صبري جريس: الحل للاستيطان اليهودي
بقلم: حسن البطل – الايام
تعريف: صبري جريس، ابن فسوطة الجليلية، خريج الحقوق من الجامعة العبرية. أحد ثلاثة أركان في "حركة الأرض" إبان ستينيات القرن المنصرم. رئيس مركز الابحاث - م.ت.ف في بيروت وقبرص. رئيس تحرير شهرية "شؤون فلسطينية" في بيروت وقبرص.
له "تاريخ الصهيونية" من جزأين. أول مرجع يستند الى مصادر في ثلاث لغات: عبرية، إنكليزية، عربية، وهو مرجع جدير للدراسات الأكاديمية العليا في جامعات فلسطين عن الحركة الصهيونية.
حالياً، عاد الى قريته فسوطة بعد اتفاقية اوسلو.
* * *
يضيق المجال عن نشر نص "مقالة بحثية"، لكنها أضافت معلومتين إلى معلومة مثبتة حول موضوع شراء الاستيطان اليهودي (الييشوف) 6٪ من مساحة أراضي فلسطين قبل النكبة ومعظمها للإقطاعيين العرب في لبنان وسورية؟
معلومة أولى: هي من أخصب الأراضي وأغلاها في الجليل الأعلى وبين حيفا ويافا.
معلومة ثانية: استغلت الصهيونية (الييشوف قبل الدولة) تشويهات وتناقض في قانون الأراضي العثماني المؤقت لعام 1856، لكنه بقي سارياً طيلة قرن [لاحقاً استفادت من قوانين الانتداب والحكم الأردني - ح.ب].
نقلت اسرائيل الصهيونية خبرتها في استيطان فلسطين الى استيطان الأراضي الفلسطينية عن طريق متلازمة: أمن. استيطان. ضم. سيادة. ولا يشبه استيطان الضفة سابقا في استيطان سيناء وقطاع غزة. لذا، يقترح صبري جريس اقتراحات "خلاّقة":
1- نشأ وضع قانوني بالاعتراف بفلسطين دولة ضمن حدود 1967.
2- أولاً تثبيت الحدود دولياً، وبعد ذلك تأتي مسألة تبادل الأراضي. مطلب تثبيت حدود 1967 يشكل مطلباً مطلقاً لا رجعة عنه".
3- حل مشكلة الاستيطان يبدأ بسحب الجيش الإسرائيلي [فك الارتباط بين الأمن والاستيطان والسيادة ح.ب].
4- المستوطنون يستطيعون - إن شاؤوا - البقاء مواطنين فلسطينيين (مثل الفلسطينيين في إسرائيل). من لا يوافق عليه الانسحاب مع جيش الاحتلال.
5- المستوطنات المخلاة تبقى دون هدم (كما هُدمت في سيناء وغزة) كتعويضات تدفعها إسرائيل عن أضرار عقود من الاحتلال للضفة [نهب مياه الضفة، ومصادرات أراض .. الخ].
6- "يقيناً أن الأكثرية الساحقة من المستوطنين لو سمعت أن الجيش ينوي الانسحاب من مناطقهم لقاموا بالانسحاب قبله".
7- سيبقى فهم اقلية لأسباب دينية محضة / او اقتصادية .. ربما بضعة آلاف.
8- في مسألة تبادل الأراضي غير معروف أين تقع الأراضي التي ستلحق بالدولة الفلسطينية.
يقال: توسيع قطاع غزة، الأهم من توسيع قطاع غزة هو "الممر الآمن" مع الضفة اولاً وتحت "سيطرة" فعلية مدنية فلسطينية وليس عبر "التنسيق" كما جرى في أعقاب أوسلو لفترة.
9- مدّ أنابيب مياه وغاز ونفط وكهرباء واتصالات وانترنت ..الخ عبر الممر الآمن. "بدون ذلك لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية متكاملة تجمع هذين الشطرين بصورة عملية وناجحة. لا بد من المطالبة بسيادة فلسطينية على الممر الآمن ولو من ناحية مبدئية على الأقل".
* * *
"ولسبب ما يبدو أن كبار "الإستراتيجيين" الإسرائيليين اقنعوا أنفسهم أن إسرائيل، مع توقيعها على أوسلو، رغم المعارضة لها داخل إسرائيل من هنا وهناك، تمكنت أخيراً من "احتواء" القضية الفلسطينية ووضعها في الجيب الصهيوني، من خلال حشرها في قضايا منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتجاهل أو تهميش أبعادها الأخرى، كحق تقرير المصير والعودة وما شابه. وعندها عادت حليمة الى عادتها القديمة، وراح الإسرائيليون، بعد ان سلموا السلطة الفلسطينية السيطرة على المواقع الفلسطينية الآهلة بالسكان، في مدن الضفة وجوارها، فيما سمى المناطق "أ"، يزرعون المستوطنات، بوتيرة متصاعدة، في مناطق الضفة الريفية، فيما عرف بالمناطق "ج"، التي تضم معظم أراضي الضفة، خلال هدف واضح للسعي الى السيطرة على اكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية، شرط ان تضم اقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، حتى لا يؤدي ضمها لإسرائيل، ان حدث ذلك يوماً، الى الاخلال بـ "التوازن" السكاني داخلها، ما قد يعرّض "طابعها" اليهودي للخطر. ويلاحظ، في هذا الصدد، ان النشاط الاستيطاني الصهيوني، في الضفة الغربية خصوصاً، قد استشرى وتضاعف مرات عديدة بعد اوسلو بالمقارنة ما كان عليه الوضع قبلها (..) المفاوض الفلسطيني، نتيجة لانعدام التكافؤ في ميزان القوى، لم يكن عملياً "يفاوض" إسرائيل، في اي من جولات اللقاءات معها، بل كان يتلقى إملاءاتها من جهة ويفتش عن عروض قد ترضيها من جهة أُخرى.
هل تنتظرون انتفاضة اللاجئين؟!
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
يقترب إضراب موظفي وكالة الغوث في الضفة الغربية من شهره الثاني... المدارس مغلقة، والطلبة في الشوارع، والعيادات والمراكز الصحية مغلقة، والمرضى ليس لهم إلاّ الصبر، خاصة الذين يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون إلى أدوية لا يستطيعون ابتياعها في ظل ظروفهم الاقتصادية المتردّية... الشوارع تتراكم فيها أطنان من النفايات الصلبة، ومراكز تطعيم الأطفال لا تقدم شيئاً... .
إذن هي مأساة جديدة تضرب المخيمات الفلسطينية، دون أن ترقى ردود الأفعال الجماهيرية - من كل الفئات سواء أكانت أحزاباً سياسياً أم قطاعاً خاصاً أم مؤسسات أهلية أم نخباً باختلاف تشكيلاتها وعلى رأس ذلك السلطة الوطنية بأذرعها المختلفة - إلى الحد الأدنى المطلوب لإيجاد حلول لهذا الوضع المأساوي.
قبل عشرة أيام تحركت بعض المخيمات... وكادت الأمور تفلت من عقالها... وربما لو تطورت الأوضاع في هذه المخيمات، لأصبح الوضع ككرة الثلج المتسارعة... ولكن ربما في اللحظات الأخيرة، ونتيجة لتدخل أطراف متعددة تمت السيطرة على الوضع.
السؤال هنا لكل مسؤول ومواطن فلسطيني: إلى متى يمكن أن يصبر اللاجئون في المخيمات على هذه الأوضاع... وإلى متى سيتم تجاهل هذا الوضع الذي أصبح على حافة الانفجار الحقيقي؟
في الأيام الأخيرة سمعنا تصريحات غريبة من بعض المسؤولين في مؤسسات تمثل اللاجئين ولعلّ أسوأها تصريحهم بأنهم على مسافة واحدة من مطالب العاملين ومن إدارة وكالة الغوث... كان الأجدر بهم التأكيد أنهم مع مطالب العاملين دون تردد وضد مواقف وكالة الغوث.. وأن يوجهوا سؤالاً يطرحه كثير من الموظفين الفلسطينيين: كم هي رواتب المسؤولين الأجانب في مقرات الوكالة، وكم تمثل نسبتها من مداخيل الوكالة السنوية؟.
ربما راتب واحد من الفئات العليا التي يسيطر عليها الأجانب هي أكثر من رواتب عشرين مدرساً على الأقل...
حتى عندما تمت زيادة الرواتب قبل عدة سنوات كان النصيب الأعلى من هذه الزيادات لذوي الرواتب العليا من الأجانب.
إذن نحن لسنا على مسافة واحدة... ولسنا مع قرار التقليصات المتواصلة للخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين سواء الصحية أو التغذوية أو غيرها... لأن التقليصات المستمرة والممنهجة هي تعبير حقيقي عن رغبة البعض في تصفية قضية اللاجئين من خلال إنهاء عمليات وكالة الغوث التي تشكل رمزاً لقضية اللاجئين.
ما يتعرض له اللاجئون في الضفة يتعرض له اللاجئون في قطاع غزة وفي مخيمات اللجوء في الأقطار العربية المجاورة.
والمتتبع لأحوال اللاجئين في لبنان أو سورية يلاحظ أن هناك تعمداً وبطرق شتى للتخلص من المخيمات واللاجئين بكافة السبل المتوافرة بالتدمير والقتل والتجويع والتهجير... .
إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه... وإذا ما ضاعت السنة الدراسية على عشرات آلاف الطلبة اللاجئين في مدارس الضفة... وإذا ازدادت معاناة المرضى... وإذا ما استمر مسؤولو الوكالة في تعنُّتهم، بل في مخططهم التصفوي، فإن الحل لذلك هو انتفاضة اللاجئين على النظام الدولي الذي ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تهجيرهم وتجويعهم في المخيمات وهو اليوم يحاول التخلص منهم بكل الوسائل الممكنة.
المطلوب تحرك سريع وجدّي من الجميع قبل أن تتدهور الأمور وتصل إلى نقطة اللاعودة.
الاقتراب من لحظتنا الجنوب إفريقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
أتابع المفاوضات بيننا وبين إسرائيل ككاتب في الشأن السياسي العام منذ العام 1991، أي منذ البداية الفعلية لهذه المفاوضات بانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في خريف ذلك العام، وانبثاق جولات التفاوض الماراثونية عن هذا المؤتمر في واشنطن، وهي المفاوضات التي ترأسها عن الجانب الفلسطيني حيدر عبد الشافي، الذي كان في ذلك الوقت هو كبير المفاوضين، وكانت السيدة حنان عشراوي الناطقة الإعلامية باسم الفريق التفاوضي، بينما كان عرفات في تونس يتابع سيرها عبر مندوبه الخاص إليها الدكتور نبيل شعث، الذي بدا كما لو أنه المشرف او المنسق العام او ضابط الاتصال بين عرفات والوفد المفاوض. هكذا ربع قرن من عمري المهني تقريباً والمفاوضات تجري كفيلم أميركي طويل، يكبر فيه الممثلون في العمر ويشيخون وبعضهم يموت، ولكن المفاوضات، الفيلم الطويل لا ينتهي، واذا أضفنا الى ذلك عشر سنوات أخرى من الحجلان والمناورات والمبادرات والمماحكات والمراودات قبل بلوغ رقصة التانغو الأخيرة في واشنطن، وبعد ذلك في أوسلو. فإننا نتحدث عما مجموعة 35 عاماً من هذه المراودات عن النفس، وكل هذا النكاح لا يسبب الحمل المنتظر بعد.
ولقد كان ذلك وهماً عظيماً قبل هذه السنين الاعتقاد المفعم بالأمل والتوقعات، ولكن المؤيد بتجارب التاريخ بأنه ما ان نبلغ عتبة المفاوضات، هذه اللحظة التاريخية التي يجلس فيها الأعداء على الطاولة السحرية ويتكلمان احدهما الى الآخر وجها لوجه، فإن السلام ينبثق من رحم هذه القوة السحرية التي تملكها الكلمات، وفشلت في تحقيقها الحروب. تماما مثل انتظار ظهور آلهة الحكمة الإغريقية "منيرفا" عند لحظة الغسق، اختلاط النور بالظلمة عند هذا الغسق الذي يخدع البصر، وقد نسينا عند هذا المنعطف التعوذ من شر هذا الغاسق اذا وقب. وانه وحده التفسير السوقي للتاريخ الذي يمكن ان يتسبب بهذا الخداع الذاتي لمكر التاريخ، والذي يمكن ان ينشأ عنه هذا الوهم العظيم بأن سيناريو المفاوضات بين الفيتناميين وأميركا، يمكن تكرارها بنفس النسخة هنا بيننا وبين الإسرائيليين. وهكذا في لحظة مبكرة من بدء هذه المفاوضات قال عرفات: إنني ابحث عن ديغول الإسرائيلي، ورددنا مثله: أين ديغول ؟ وهل رابين هو ديغول إسرائيل المنتظر؟.
لعله كان بالفعل ديغول او غودو المنتظر، لكن ديغول في الحالة الإسرائيلية لم يكن ممكنا أكمال دوره التاريخي، وما كان له ان يلعب هذا الدور في تمثيلية صممت أصلا لتستمر كملهاة تاريخية بلا نهاية، فقتل الرجل قبل ان يكمل النص لأنه ربما حاول الخروج عن النص.
وآنذاك حاولنا في إطار هذا الوهم وكنوع ربما من تشاؤم او حذر باطني في اللاوعي، عقلنة إدراكنا او وعينا بحقائق الصراع او المسألة، بتأطير او قل ترشيد هذا الإدراك ببعض المفاهيم المهدأة او المخفضة للحرارة، من قبيل ان هذا الصراع لا يمكن حله او حسمه بالضربة القاضية، وبالتالي ان نجمع النقاط ونراكمها، أي إحلال النفس الطويلة بدلا من النفس القصيرة، التي هي من طبيعة البرجوازية الصغيرة وصفة مذمومة للأشخاص من برج الحمل.
ونسينا نحن او تناسينا انه ما كان لديغول آخر ان يبرز في هذه الإسرائيل، اذا كان ديغول الأصلي وغير المزور هو الذي تحدث بافتخار عن فرنسا العظيمة الجديرة بذاتها. وان فرنسا عانت من آفة أخيل، كانت تفصلها حدود بحرية "بحر الروم" عن الجزائر، بينما نهاريا على مرمى حجر من قلقيلية، وكذا تل أبيب على مرمى صاروخ من غزة. ام تراها المسألة الدعوة ليست سوى نوع من التذاكي الفلسطيني، الإغواء الماكر لاستدراج جوليات المتجبر وترويض الحية. حتى رأينا بالأخير انفسنا بدلا من ديغول نقف أمام شارون، اذا لم يكن ثمة في هذه الإسرائيل التي ولدت من رحم غير شرعي، إمكانية أو احتمال أن يظهر فيها زعيم او رجل تاريخي يستطيع التفوق على نفسه وعليها.
وفي السياق نفسه ومن قبيل ترويض انفسنا بالحكمة الخالدة، وقد بلغنا في استدارتنا حول انفسنا ما تفعله الحية بلدغ ذيلها، روضنا انفسنا على القبول بالعدالة الممكنة اذا كان من المستحيل الحصول على العدالة المطلقة. وقد عبر عن هذا الممكن الذي هو تعبير عن فض الاشتباك بين المثالية والواقعية، عرفات نفسه بتكرار القول مرارا بأننا لا نطلب القمر أي المستحيل.
ولكننا في غضون هذه العملية التي بدأناها مبكرا للتماهي مع إعادة تكييف أهدافنا المطروحة، ومع ما هو ممكن وقابل للتحقيق، غفلنا عن سؤال الاستراتيجية فيما اذا كان تلويحنا بالحد الأدنى من مطالبنا يمكن ان يكون موقفا تفاوضيا سليما؟ كمتراس دفاعي صلب غير قابل للاختراق. اذا كانت رافعة الشرعية الدولية او الإجماع الدولي، او ما يسمى بالمجتمع الدولي، انما هي رافعة مخادعة ومهتزة اذا كانت تفتقد هي بدورها الى قوة ضاغطة، تمس المصالح الصلبة لمجموع هذه الأطراف الذين ينطقون باسم هذه الشرعية، أي مصالح الممثلين الحقيقيين لهذه الشرعية او المحكومية العالمية.
ولقد كان خطاب عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1974، واحدا من أبلغ وأقوى خطابات العرب الموجهة الى الغرب في القرن العشرين. لكنه ما ان انتهى عقد السبعينيات فإن ما عرض على عرفات وعلينا لا يتجاوز الحكم الذاتي أي "الاستقلال الداخلي" بحسب الصيغة المبتكرة التي طرحها الفرنسيون العام 1956 على الحبيب بورقيبة. واليوم لعله من الباعث على الفضول والتأمل ان نلاحظ ان ثلاث محطات رئيسية، ثلاثة مواقف نادرة شهدها عقد السبعينيات، كأنها كانت تشير الى المحاور الرئيسية التي سوف تحدد لاحقا البدائل الثلاثة الممكنة التي سنواصل الصراع معها :
1- في العام 1971 طرحنا حل الدولة العلمانية الديمقراطية التي توازي اليوم خيار الدولة ثنائية القومية.
2- إقامة السلطة الوطنية على أي جزء يتم تحريره وهو ما يعادل حل الدولتين.
3- وأخيرا الحكم الذاتي الذي طرح على هامش المفاوضات المصرية الإسرائيلية في "الميناهاوس"، تمهيدا لاتفاقية كامب ديفيد. وهو الخيار الذي لم يكن ممكنا لعرفات القبول به بينما كانت سورية حافظ الأسد والعراق يقيدان قدرته على القيام بهذه المناورة وقبول دعوة السادات للتفاوض المبكر على الحكم الذاتي الذي وافق عليه في اوسلو بعد 15 عاما.
وفي التصور الافتراضي قد يمكن القول إن إنجاز فتح التاريخي قوتها الدافعة، يتمثل اليوم بتحقيقها إقامة السلطة الوطنية او الحكم الذاتي، وإحداث النقلة من الثورة إلى عتبة الدولة بل وتحقيق الاعتراف بالدولة السياسية. كما يمكن ان ننظر إلى ان انجاز حركة حماس قوتها الدافعة يتمثل بتحرير جزء من هذه الدولة بقوة السلاح والمقاومة، وبلورتها لخطة فعلية واستراتيجية لهذه المقاومة المسلحة، ولكن في بؤرة او شطر محدود جغرافيا من هذه الدولة، دون ان تبدو هذه القوة الدافعة قادرة على تحقيق هدف تحرير كامل الدولة.
فما هي إذن قوام القوة الدافعة في الطريق الى تحقيق او التفاعل مع الخيار الثالث المتبقي ؟ وهو خيار الدولة الديمقراطية العلمانية او ثنائية القومية ؟ هل هو العدو نفسه أي بنيامين نتنياهو هذه المرة ؟ إذا كانت الضفة الغربية هي التماس الجغرافي الذي يشكل قلب فلسطين التاريخية، وحجر الجسر او القنطرة في تلاحمها الجغرافي، واي حل يستثني ربطها الجغرافي بغزة شطرها الآخر المكمل، أي اقل من كامل السيادة الفلسطينية عليها، إنما هو الذهاب الى هذا الخيار الثالث، الخيار الوحيد ربما الممكن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حلا نهائيا، وتحقيق الرضا المتبادل اذا كان يبدو من شبه المستحيل على الطرفين ان يقضي احدهما على الآخر، اقله في المدى القريب.
ويبدو سيناريو اللحظة الجنوب إفريقية هو الأقرب الى الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، وكل ذلك بفعل الاستيطان. أو ليس التحرك الأوروبي وعزلة إسرائيل الدولية اليوم، ما يشي بلحظة تذكر او تعيد رسم المشهد الجنوب إفريقي؟.
"جنيف 2" ....هل يتجاوز خط الفشل؟
بقلم: صـــادق الــشــافـعـي – الايام
بعد طول معاناة وممانعة وتأجيل، تم انعقاد مؤتمر جنيف 2. أما عن نجاحه فتلك قصة أخرى. إن مقياس نجاح المؤتمر كما تطمح رسالة الدعوة الرسمية لحضوره : " مساعدة الأطراف السورية في إنهاء العنف وتحقيق اتفاق شامل على تسوية سياسية وتطبيق بيان "جنيف 1 " في شكل كامل ....." والنقطة المركزية في بيان جنيف-1 تنص على : "إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها ان تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وان تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية ويمكن ان تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأُخرى ويجب ان تشكل على أساس الموافقة المتبادلة".
يبدو تحقيق هذا الهدف في هذا المؤتمر بالتحديد وكأن "دونه خرط القتاد"، فقد سلطت جلسة الافتتاح الضوء على حقيقة وجود تباعد واسع في المواقف، والكثير من العقبات التي تحول دون ذلك.
* فعلى مستوى المعارضة الرسمية السياسية – الائتلاف بالتحديد - احتاج الأمر الى ممارسة " أصدقاء سورية" اي أصدقاءهم ضغوطات هائلة عليهم وصلت حد التهديد حتى قررت الموافقة على المشاركة ( القرار اتخذ بأغلبية 58 من اصل 75 هم كل من حضر الاجتماع من اصل 120، كما اضطرت لتجاهل نص صريح في نظامها الأساسي يمنع التفاوض مع النظام) ناهيك عن إدراكها الأكيد انها لا تمثل كل القوى المسلحة وبالذات تلك القوى الأكثر فاعلية وسيطرة على الأرض، ولا تستطيع إلزامهم بما يمكن ان تصل اليه من تفاهمات او اتفاقات. وناهيك أيضا، عن عدم دعوة قوى المعارضة الأخرى الى المؤتمر فاقتصرت المشاركة عليها. هذا يعني ان مشاركتها تبقى ضعيفة التمثيل، كما تبقى قلقة ومترددة ومتخوفة، وتبقى ايضا عاجزة عن اتخاذ اي قرار، ولو قليل الأهمية. وعن الدخول في تفاهمات تفرض عليها التزامات ومترتبات، فما بالك بالدخول في اتفاقات، الا اذا فرض ذلك عليها نزولا عند رغبة ومصالح وربما تهديد أصدقائهم، وحتى في هذه الحالة فهي تعلم انها عاجزة عن فرضه على القوى الأُخرى وعلى الأرض.
وقد يكون وضعها هذا هو الذي يدفعها الى إعلان شروط اقرب الى التعجيزية، لا تتناسب بأي مقياس مع الحقائق السياسية والعسكرية والشعبية والتحالفية القائمة. وتعرف هي قبل غيرها أنها ليست قادرة على الاضطلاع بتنفيذ تلك الشروط وتلبية ومتطلباتها حتى لو فرض جدلا، انه تم قبولها والاتفاق عليها.
فهي اذن شروط تعجيزية هدف الإصرار عليها – اذا ما استمرت بالتمسك يها وهو امر مشكوك فيه تماما – هو المراهنة على إفشال المؤتمر، او التسكين المؤقت لمعارضتها الداخلية.
* لم يتم تشكيل لجان تحضيرية متخصصة تسبق انعقاد المؤتمر لإعداد أوراق عمل ومقترحات ولحلحلة وتيسير الأمور الإجرائية وتوضيح الأمور الملتبسة بما يسهل عمل المؤتمر ويساعد على إنجاحه، ولم يكن ذلك ممكنا، أساسا لان الدعوة للمؤتمر جاءت متأخرة ولأن المعارضة الرسمية المدعوة وحدها الى المؤتمر لم تحسم قرارها بالمشاركة إلا على أبواب انعقاده.
* عدم دعوة إيران للمشاركة في المؤتمر. فعلى الرغم من العدد الكبير من المدعوين ومعظمهم ليسوا معنيين مباشرة بالأزمة السورية وتأثيرهم ودورهم شبه معدوم فيها، وسيكون كذلك في أعمال المؤتمر، وهو ما يحول المؤتمر الى مظاهرة، فان القيمين على المؤتمر والداعين له لم ينجحوا في النهاية في معالجة دعوة إيران بالشكل المناسب لتأمين مشاركتها.
إن غياب إيران يضعف المؤتمر ويقلل من فرص نجاحه، كما يضعف جهود المتابعة بعد انفضاضه. فإيران، وبغض النظر عن اي اختلاف في رؤية دورها وتقييمه، فإنها دولة معنية بدرجة أولى بالحدث السوري وصاحبة دور وتأثير كبيرين فيه.
ان انعقاد المؤتمر، والقوى التي اتفقت عليه وسعت الى انعقاده، وكل ما سبقه من لقاءات وتفاهمات يشير الى حقيقتين هامتين :
الأولى : وهي الأقسى، ان القرار بالمسألة السورية قد اصبح وبدرجة كبيرة بيد دول وقوى خارجية لا بيد أهلها وقواها، واذا كان النظام قد احتفظ لنفسه بهامشه في صنع القرار بسبب من تماسكه وتماسك مؤسساته ووحدة تمثيله، ومن مبدئية وعقلانية تحالفاته وثبات موقفها وصلابته، فان قوى المعارضة بغالبيتها الكبرى وعلى اختلاف تنوعها وتعددها قد أسلمت قرارها بالكامل لقوى ومرجعيات خارجية إقليمية ودولية.
الثانية : بروز وتكرس تفاهم أميركي/ روسي يجد تعبيره في اكثر من عنوان غير العنوان السوري، ويقوم على قاعدة الاعتراف والقبول الغربي عموما، بالدور الروسي وتنامي دوره وتأثيره على المستوى العالمي، وباتجاه تبلور نظام عالمي متعدد الأقطاب.
على الحقائق القائمة في سورية وعلى ارضها، وعلى التفاهم الأميركي/ الروسي المشار اليه ستعتمد المحاولة الصعبة للخروج من مؤتمر جنيف بما يتجاوز خط الفشل.
والمؤتمر يتجاوز خط الفشل اذا تمكن من فتح الطريق لاستمرار العمل السياسي ووضعه على سكته المناسبة واقر الآليات المناسبة لتطويره والبناء عليه، وإذا تمكن من الخروج باتفاق على إنجازات أولية وملحة مهما كانت بداياتها متواضعة، وقد يكون أهمها وأولها الاتفاق على وقف آلة القتل والتدمير والتهجير وإيصال المساعدات الإنسانية الى كل الناس في كل المناطق المحتاجة، والتزام وتعاون كل القوى السورية، ومعها حلفاؤها، في تحقيق ذلك، ثم التعاون بينها لمواجهة الإرهاب والتصدي له ولقواه المنظمة.
وإذا حصل وتجاوز المؤتمر خط الفشل، فان ذلك يعطي الأمل بإمكانية الوصول الى حل سياسي تنجزه بالدرجة الأولى القوى السياسية والمجتمعية السورية على اتساع وتنوع أطيافها ومكوناتها، وعلى قواعد الوطنية السورية العريقة.
الاحتقان لدى الرأي العام ونذير الخطر
بقلم:صلاح هنية – الايام
الاحتقان لدى الرأي العام الفلسطيني لا يبشر بخير وله مظاهر عدة أبرزها سيادة ظاهرة نفي الآخر وعدم قبوله .... سيادة ظاهرة التخوين والتكفير ... سيادة ظاهرة الانتقام من الآخر بطريقة ليست أخلاقية ولا مهنية ... سيادة ظاهرة تحول الغالبية العظمى إلى ظاهرة صوتية دون مضمون ... سيادة ظاهرة أن يرى شخص بعينه انه يملك فلسطين ولا شريك له ... سيادة ظاهرة هيمنة القطاع الخاص على كافة مناحي الحياة .. انقلاب مفهوم النقد الموضوعي إلى تجريح وتشهير باشخاص وتنظيمات وليس نقد فكرة أو سلوك.
قد تبدو الصورة عادية في نظر النظام السياسي الفلسطيني بمكوناته كافة وليست نذير خطر ويعتبرون أن هذه الرؤية تضخيم غير موزون، لكن المؤشرات باتت واضحة. ما حصل مع الوزير المجدلاني في جامعة بيرزيت بغض النظر عن من يقف وراءه ( أي لون سياسي ) وبغض النظر ضد ( أي لون سياسي) موجه وقد تكون رسالة ملغومة طلب من المجدلاني ايصالها، بغض النظر عن مطالبتنا بتنمية مهارات التفكير والنقاش الموضوعي والبحث العلمي في جامعاتنا الفلسطينية، وبغض النظر عن المعايير الأخلاقية وأسس الحوار العلمي الذي يجب ان يعزز.
المؤشرات باتت ظاهرة للعيان باستخدام لغة خطيرة عبر الإعلام الفيسبوكي تعبر عن حالة الاحتقان وان كتب أحدهم بموضوعية يصبح مداناً، وإن طالب بإشغال العقل قيل له مش مقبول بطريقة تصر على الغاء العقل.
المؤشرات باتت ظاهرة للعيان من خلال إضراب الاطباء ضد قرار التفرغ للعمل في وزارة الصحة وضد التدوير في وزارة الصحة وإصرارهم على التصعيد.
المؤشرات باتت واضحة تماماً من خلال عدم الإفصاح عن اتفاقية شراء الغاز لصالح شركة فلسطين لتوليد الطاقة.
المؤشرات واضحة من خلال حجم القضايا المنظورة لدى الشرطة الفلسطينية (وكان الله في عونهم) وهذا مظهر من مظاهر الاحتقان.
الحلول واضحة وجلية قبل أن تفوت الفرصة المتاحة للتفريج عن الاحتقان، ولست واعظاً ولا ملهماً ولكنني ارى الخطوة الاولى فتح قنوات التأثير على النظام السياسي الفلسطيني وعدم الاكتفاء بسياسة عدم التعاطي مع حالة الاحتقان على قاعدة أن ما يدور في الغرف المغلقة لدى صناعة القرار وبلورة الموقف مختلف تماماً عن الإشاعات والاحتقان.
الحل أن تزيد العناية بالمواطن، بالمستهلك، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحريات العامة، بالعاطلين والمعطلين عن العمل، بشبكة الأمان الاجتماعي، برقابة الاسعار، بمحاربة ومقاضاة ومعاقبة مروجي الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية.
يجب ان تحدث نقلة نوعية في معالجة قضايا الناس ميدانياً بعيداً عن سياسة (العطايا البيضاء) ونموذج (بابا نويل) بل يجب أن يكون حجم ونوع التدخل الحكومي الميداني موازيا لحجم الهجوم الاستيطاني والاحتلالي، ولا يعقل ان نستعيض عن التدخل بالمزيد من الشعارات.
كف يد الشركات العملاقة عن التحكم في مناحي الحياة الفلسطينية برعاية وزارة الاقتصاد الوطني التي تنتظر قراره بخصوص قانون تشجيع الاستثمار ولا تقيم وزنا مثلا لكليات الاقتصاد والتجارة في الجامعات، ولا جمعية الاقتصادين الفلسطينيين، ولا صوت مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الحال في موضوع التزود بالغاز لتوليد الطاقة.
اعادة الاعتبار لجناح التعليم العالي في دولة فلسطين وفتح ابواب الحوار الوطني حول هوية التعليم الذي نريد.
يجب إعادة الاعتبار للوظيفة العمومية وانهاء حالة الانطفاء فيها وتحفيز الطاقات الكامنة فيها وتأهيلها لتكون أكثر ملامسة لاحتياجات القطاعات التي تغطيها، ونعيد الاعتبار للوظيفة العمومية على اساس كما قال القائد المؤسس ياسر عرفات :انتم في مهمة نضالية ولستم موظفين بيروقراطيين عاديين.
يجب إعادة الاعتبار للحلقات الوسيطة بين رأس هرم النظام السياسي الفلسطيني وبين الرأي العام وقواه الفاعلة والمؤثرة حتى نحقق هدف الاتصال والتواصل.
يجب إعادة الاعتبار لملف الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفي الاتحادات الشعبية، واذا استمرت استحالة شرط تحقق الانتخابات فلتكن انتخابات من خلال تحويل الوطن إلى دائرة واحدة يكون من حق اهلنا في قطاع غزة الترشح بحرية ونحن قاعدتهم الانتخابية وضمانة تمثيلهم.
يجب ان نفعل شيئا لنحقق حياة افضل في فلسطين لأن فلسطين وشعبها تستحق ويستحق.
"الهــيــبـوثـيـرمـيـا"
بقلم: رامي مهداوي
كنت أحاول قراءة أو تشريح واقعنا من زاوية طبية، لكن بصراحة فشلت أكثر من مرة بالتشريح ووصف ما لا أستطيع قراءته من منظور طبي لأني لم أدرس الطب ولا الصيدلة أو حتى التمريض، فقررت الابتعاد عن المحاولات الفاشلة بسبب التغيرات المستمرة لواقعنا وليس لأنني لم أدرس الطب، وعشان أختصر عليكم بالصدفة قبل أيام وقع تحت يدي مقال للاقتصادي "راوول ميجر" بعنوان" الاقتصاد العالمي يعاني من الهيبوثيرميا". ما بخفي عليكم إذا قلتلكم بأنه مصطلح الهيبوثيرميا "Hypothermia" أثار فضولي لأكتشف بأن هذا المصلح هو مصطلح طبي المقصود به " انخفاض في درجة حرارة لبّ الجسم والتي تظهر بدايةً برودة في القدمين. قد تكون أول الأعراض ليست بالشيء الخطير ولكن التعرض الشديد للبرد ولفترات طويلة ينتج عنه أعراض مثل قضمة الصقيع، يحاول عندها جوهر الجسم إنقاذ نفسه على حساب الأطراف، وذلك بالحفاظ على درجة الحرارة المطلوبة من خلال الاستقلاب”Metabolism” بمعنى تقليص ضخ الدم إلى الأنسجة المحيطة مثل الأطراف وبواسطة الارتجاف".
بدأت أبحث في هذا المصلح لأكتشف بأنه أيضاً أستخدم بالتاريخ لوصف ما حدث للإمبراطورية الرومانية خلال مرحلة إنهيارها، وبدون زعل أسقطت هذا المصطلح على حالنا الفلسطيني، لهذا أدعي هنا _يارب أكون مخطئ_ بان الواقع الفلسطيني هو مطابق لمراحل متقدمة من الهيبوثيرميا. لهذا سأضع بعض الدلائل على ذلك من خلال الواقع الحالي وليس التمنيات أو ما نريده، أي بتحليل الجسد الفلسطيني، وبعيداً عن أي فلسفة لأن الطب والتشريح له علاقة بالجسد وليس بأحلام الجسد.
إذا اعتبرت بأن الأطراف الأكثر بعدا في الجسد الفلسطيني هم الشتات والمهجر، فإن العلاقة بينها وبين الجسد أصبحت علاقة فتور وتوتر لدرجة بأن المهجر الواحد أصبح له مشاكله وفي بعض الأحيان إنقسم على ذاته، مع الأخذ بعين الإعتبار بأن هذه الأطراف شكلت في الماضي نواة العمل والتحرك في مختلف الأصعدة ليتم وضع بصمتنا الفلسطينية في المحافل الدولية، لكن ما يحدث الآن هو إنقاذ النواة في الجسد على حساب هذه الأطراف البعيدة.
تشريح آخر من منظور مختلف، إذا نظرنا الى خارطة المؤسسات المختلفة التابعة للجسد الفلسطيني، واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية نواة المؤسسات والجسد، لنصفها بأنها تمثل القلب من جميع النواحي نظراً لامتلاكها الإرث التاريخي، وإذا اعتبرنا الاتحادات والهيئات المختلفة التابعة لهذا القلب هي الأطراف، سنكتشف بأن هذه الأطراف متجمدة من البرودة بنسب مختلفة، بالتالي القلب سيعمل على الحفاظ على ذاته فقط قدر المستطاع لأن هذا القلب هرم وضربت به الشيخوخة ولا يستطيع أن يتحمل ضخ دماء جديدة للأطراف قبل تغير نفسه وبقناعة تامة منه، وإن لم يكن هناك قناعة بالتغيير والعمل أعقد بأن الزوال هو المصير المرتقب، بالتالي خلق نواة أخرى بأدوات جديدة تلبي احتياجات الجسد.
إذا قمنا بربط الفقرتين السابقتين ببعضهما البعض، نجد بأن الحفاظ على الذات هو القاتل الخفي للجسد مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الأطراف هي الضحية، بالتالي الإنتاج بحد ذاته هو المعدوم بما أن الأطراف هي المنتج النهائي لأي عمل في المحصلة النهائية، مما يؤدي الى انعدام المناعة عند الأفراد المكونين لهذا الجسد ليكون عرضة للأمراض والأزمات المختلفة من قضايا اجتماعية، سياسية، اقتصادية وفي حالتنا الفلسطينية عدم القدرة على التحرر. ومن أجل الحفاظ على الذات الفردية "الأبوية في مختلف مستوياتها وماكنتها" يعمل المحور على إنقاذ ذاته وإبعاد العدوى عن ذاته عن طريق ضخ الدم بغير حق المتمثل في " المال، المكافآت، التعينات، الترقيات، التمييز......الخ" الى الأنسجة المحيطة والأطراف، بهدف منع تفاقم أي أزمة في الأطراف ربما تؤدي الى انعكاس مباشر في جوهر الجسم بحد ذاته، إذا ما استمرت الأحداث لفترات طويلة.
إن ما يحدث الآن في أطراف الجسد الفلسطيني ليس فقط تجمدا بسبب الحفاظ على الجوهر، وإنما الأطراف بعد تجربتها مع الجوهر أصبحت تريد الحفاظ على ذاتها من أي طارئ في المستقبل مهما كلف الأمر، لدرجة بأن كل طرف أصبح يعتبر نفسه هو القائد، العقل، الزعيم، القلب، أنا أو لا أحد، مما أدى أيضاً الى تضارب الأطراف ببعضها البعض.
أعتقد في النهاية بأن الفرد المكون الأساسي لجميع الجسد الفلسطيني سيتحرك ويتحرك بشكل بطيء للحفاظ على بقايا الجسد مهما كلف الأمر من خسارات، في بعض الأحيان يتم قطع طرف ما حتى يستمر الجسد بالعمل والحياة. لهذا إن ضخ الدم الى الأطراف بهدف الحفاظ على اللب هي سياسة خاطئة وغير مدروسة في حالتنا الفلسطينية، لهذا على جميع الأفراد المكونين الأساسيين للجسد إعادة إنتاج الذات بطرق جديدة لأن الطرف واللب في الجسد الفلسطيني بحالة هيبوثيرميا، لنسرع في علاج ذاتنا بذاتنا قبل أن أن قول إنّا لله وإنّا اليه راجعون.

عن الأغوار وقطاع الزراعة ، والتوصية بالضم لإسرائيل
بقلم: المهندس أحمد فارس الفارس – الايام
تبلغ مساحة الأغوار 1.5 مليون دونم أي ما يعادل 29% من مساحة الضفة الغربية، وتعتبر الأغوار دفيئة طبيعية وتشكل سلة غذاء فلسطين لمساحتها الواسعة وخصوبة تربتها وتوافر المياه فيها التي بدأت بالتناقص سنة تلو الأخرى نتيجة سرقتها والضخ الجائر من قبل المستوطنين.
تشكل الأغوار 55% من مساحة الأراضي المروية في الضفة تنتج العديد من المحاصيل قرابة 60% من الخضار و100% من التمور والنباتات الطبيعية والعطرية ومن العنب اللابذري المبكر والعديد من المحاصيل الهامة ذات الجدوى الاقتصادية المرتفعة.
يوجد في الأغوار 32 مستوطنة بدأت كمستوطنات عسكرية وتحول جزء كبير منها ليصبح زراعيا وعسكرياً، كل ذلك على حساب الثروات الفلسطينية من ماء وأرض بهدف الاستيلاء على الأغوار بشكل كامل، وبالتوازي مع ذلك كان هنالك سياسة تضييق الخناق على المزارع الفلسطيني ليترك أرضه ويهجر مهنة الزراعة ويتحول إلى عمالة رخيصة في المزارع والمصانع المقامة في المستوطنات، ويصبح زبوناً مستهلكا للمنتجات الإسرائيلية بشكل كبير.
وقد جاءت التوصية الأخيرة من لجنة وزارية إسرائيلية بضم الأغوار استكمالا لشتى أنواع المضايقات، وليشكل ضربة تكاد تكون قاصمه للقطاع الزراعي الذي يعتبر رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد الوطني الفلسطيني، حيث يساهم بقرابة 100مليون دولار في الدخل القومي الفلسطيني، ويوفر قرابة 20 ألف فرصة عمل في الأغوار فقط!! اذن هي حرب اقتصادية بامتياز على القطاع الزراعي الذي يشكل عموداً أساسياً من أعمدة الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
لا يختلف اثنان على ان للإسرائيليين أطماعا كبيرة في الأغوار، يتحدثون عن امن إسرائيل وعن حدود شرقية وذرائع كثيرة منها التخوف من هجوم من الجهة الشرقية اذا حصل أي خلل سياسي في الأردن، ولا أريد ان أخوض في الأمور السياسية هنا، ولكن الأطماع الحقيقية هي "ثروات الأغوار" وهنا أود ان أشير إلى تقرير البنك الدولي والذي يقول بأن خسارة الفلسطينيين نتيجة عدم وصولهم الى مواردهم الطبيعية وثرواتهم في الأغوار ومن نهر الأردن والبحر الميت تصل 3.4 مليار دولار سنويا!!!
قبل قرابة اسبوع قرأت مقالة لكاتبة إسرائيلية هي" ليندا جراد شتاين" تقول انه يوجد في الأغوار 2000 شخص !!! وبالإمكان حل المشكلة. ولكني أقول لها إنه يوجد في الأغوار ما يزيد على 60 ألف شخص، وليس بالإمكان حل المشكلة، فقد سرقت الأرض والمياه ومعظم ثرواتنا في الأغوار، وها هي تتكلم عن سرقة وتزوير في عدد السكان وتريد ان تختزل سكان الأغوار الى 2000 شخص فقط!!!
الاحتلال يشدد الخناق على كافة مزارعي الأغوار ويمعن في التدمير والمصادرة والهدم، فيدمر قطاع الثروة الحيوانية من خلال إغلاق مساحات شاسعة من المراعي بذرائع امنية ويعتبرها مناطق عسكرية مغلقة، كما صادر الاحتلال ومستوطنوه وسرقوا الكثير من الأغنام، والبعض الآخر يتعرض لغرامات باهظة كما حصل مع بعض المزارعين الذين صادرت لهم قوات الاحتلال جرارات زراعية، الأمثلة تطول وتتعدد ولكن السبب واحد والإجراءات متعددة من هدم ومصادرة وتجريف وإخطارات وغيرها من شتى وسائل القمع والتهجير للاستيلاء على الأغوار ونهب خيراتها.
وإذا استعرضنا قطاعات أُخرى مثل الخضار والنخيل فالاحتلال يسعى الى تدمير هذه القطاعات ومنعها من التطور ومنافسة منتجاتهم، فالأغوار تنتج نحو3000 طن من التمور عالية الجودة، نصدر 2000 طن منها /2013 .
ولا ننسى قبل قرابة عام ونصف عندما أخطرت قوات الاحتلال 45 ألف دونم من النخيل بالإزالة والتي تعود لمزارعين فلسطينيين يزرعونها شرق مدينة أريحا في أراض مستأجرة لمدة 25 سنة من وزارة الأوقاف، وهي أراضي وقف زمن السلطان الظاهر بيبرس قبل 750 عاماً تقريباً.
كما تمنع قوات الاحتلال إقامة اية محطات تجارب في الأغوار بعد استيلائها على محطة التجارب الفلسطينية المقامة في منطقة الجفتلك وذلك بهدف منع تطور قطاع الزراعة في الأغوار، على النقيض تماما تقدم لمزارعي المستوطنات كل التسهيلات للاستمرار والبقاء في الأغوار فيتم خصم 70-75% من ثمن الكهرباء والمياه المقدمة لهم، ويتم تأمينهم بنظام تأمين متطور ومدعوم من الحكومة التي تعوضهم عن الأضرار والخسائر المباشرة وغير المباشرة، بينما المزارع الفلسطيني يتعرض لشتى أنواع الخسارة ولم يكن هناك أي نوع من أنواع التأمين، إلا أن الرئيس محمود عباس وبجهود حثيثة من وزير الزراعة م. وليد عساف اقر قانون التأمين الزراعي وصندوق درء المخاطر ليقف الى جانب المزارعين ويعمل على تعويضهم عن الخسارة التي يتعرضون لها يوماً تلو الآخر.
اما قطاع المياه، فالشرح يطول عن السرقة والنهب والضخ الجائر، الإسرائيليون يسرقون ما يزيد على 350 مليون م3 سنوياً من حصة الفلسطينيين في الأغوار، حيث تبلغ حصتنا من نهر الأردن كإحدى الدول المشاطئة له 262 مليون م3 لا نأخذ منها ولا مترا مكعبا واحدا، وإنما يتم ضخها الى الجنوب ليستفيد منها الإسرائيليون ويتوسعون ويزرعون صحراء النقب بشتى أنواع المحاصيل.
ويتم سرقة 100 مليون م3 من الآبار الموجودة في الأغوار لصالح المستوطنات الإسرائيلية، حيث يتبع المستوطنون سياسة الضخ الجائر للمياه والتي تؤدي الى التملح بهدف جعل المياه والأرض مالحة، كما يتم منع معظم الأسمدة الكيميائية بحجج امنية، ويتم السماح للقليل منها والذي يحتوي على نسبة عالية من الكلور، الأمر الذي يؤدي الى زيادة ملوحة التربة فتنخفض إنتاجية الأراضي وتقل جودة المنتج وهذا ما يصبو إليه المستوطنون.
نذكر ان خطوط مياه "مكروت" الإسرائيلية تقطع أراضي المزارعين الفلسطينيين طولاً وعرضاً وتنقل المياه إلى المستوطنين من كافة المناطق، أما الفلسطيني فلا يأخذ قطرة ماء منها، كما يمنع المزارع الفلسطيني من حفر الآبار الارتوازية او ان يزيد عمق بئره وهو مقيد بعملية الضخ، فلا يجوز ان يتجاوز الكمية المحددة له، حيث يقوم الإسرائيليون بوضع عدادات رقمية على الآبار الفلسطينية يتم قراءتها عبر الأقمار الصناعية من مكاتب ما يسمى "بيت إيل" وذلك بهدف الحد من الرقعة الزراعية بشكل كبير.
وقد قامت قوات الاحتلال بتدمير وهدم العديد من الآبار في الأغوار ومنع حفر الآبار الجديدة بهدف ضرب القطاع الزراعي والحد من زيادة الأراضي الزراعية وخاصة بعض المحاصيل التي تحتاج الى كميات كبيرة من المياه مثل الموز والحمضيات والتي أوشكت ان تنتهي تماما من الأغوار، وعلى العكس نلاحظ ان المستوطنات يوجد فيها زراعة ومزارع متعددة من الموز والحمضيات فهم لديهم وفرة في المياه، وكذلك لا ننسى مزارع الورود التي تحتاج الى مياه وكهرباء بكميات كبيرة.
الأغوار هي العمود الفقري للتنمية الاقتصادية، الا ان أطماع الإسرائيليين ونيتهم المبيتة لضم الأغوار والاستيلاء على ما تبقى من مقدراتنا وثرواتنا هناك، بحاجة الى تكثيف الجهود لحشد المزيد من الدعم الدولي والضغط على الحكومة الاسرائيلية وتوفير مزيد من الدعم للمزارعين الصامدين.
الـجـهـابـذة
بقلم: وليد بطراوي – الايام
لست سياسياً ولا ادعي فهمي بالسياسة، لكن لي لي رأياً فيها، وأعتقد أن السياسي الجيد هو من يستطيع أن يقنع الآخرين برفضه لأمر او فكرة ما، من خلال وضع البدائل المنطقية والواقعية والذكية، اي SMART وهي اختصار للكلمات الانجليزية: محددة، قابلة للقياس، قابلة للتنفيذ، واقعية، ولها إطار زمني. اقرأ واسمع أشاهد جهابذة في السياسة يخرجون علينا كل يوم برفضهم لمسار سياسي معين، ولا يضعون البدائل وإنما يكتفون بالشعارات التي تستثير عواطف الناس ولا تخاطب العقل، فتراهم يرتبكون عندما تسألهم "ما البديل برأيكم؟"، فيهربون من السؤال بإجابة تستثير عواطف الناس مرة أخرى، لأن ليس لديهم ما يمكن ان يقنع العقل!
جلسة وناسة!
خلال تسجيل حلقة جديدة من برنامج "حر الكلام" وموضوعها "الأغوار"، سؤال كان حاضراً وبشدة "ماذا بعد ان عقدت الحكومة الفلسطينية جلستها في الأغوار؟" جمهور البرنامج الذي حضر من الأغوار خصيصاً لمواجهة المحافظ ووكيل وزارة الحكم المحلي، حمل معه مطالب محددة، وقد جهز نفسه متسلحاً بالأرقام والإحصاءات والميزانيات، ورغم كل المحاولات لالقاء اللوم على الاحتلال، إلا أن الجمهور كان واضحاً بان الاحتلال يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لكن هذا لا يعفي السلطة الوطنية الفلسطينية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني من مسؤولياتها تجاه الأغوار، وان على الحكومة بالتحديد اتخاذ القرارات ورصد الميزانيات لدعم الأغوار حتى لا تتحول جلستها الرمزية الى جلسة وناسة! بالمناسبة سيتم بث الحلقة الساعة الثامنة من مساء يوم الاثنين القادم على شاشة تلفزيون فلسطين.
اشهد يا عالم
لوحات إعلانية من أضخم الأحجام، وإعلانات في الصحف من اكبرها مساحة تدعو التبرع الى أهلنا في مخيم اليرموك. بتقديراتي البسيطة فان ما يصرف على هذه اللوحات والإعلانات يمكن ان يكون مبلغاً كافياً لدعم الأهل في اليرموك، فالمسألة إنسانية يجب ان لا تستغل لأهداف تجارية، ففي إحدى المدارس الخاصة تم جمع مبلغ 9500 شيقل من خلال رسائل للأهل بالبريد الإلكتروني في فترة زمنية قياسية.
موجة وإعجاب
بما ان الحديث بالحديث يذكر، مبادرة بسيطة من صديقة ومجموعة من الشبان والشابات المتطوعين والمتطوعات أدخلت البهجة والفرح الى قلوب حوالي 100 طفل وطفلة مريض ومريضة في مستشفيات قطاع غزة. لاحظت خلالها أمرين: الأول ان شخصيات في حكومة حماس ركبوا الموجة واستغلوها وظهروا في الصور وادلوا بتصريحات وكأنهم أصحاب المبادرة. أما الأمر الثاني فانه عندما وضعت صديقتي الخبر على صفحة "فيس بوك" الخاصة بها، وصل عدد المعجبين الى حوالي 67 "لايك" وما لا يزيد عن 20 تعليقاً. بينما عندما تضع أغنية او صورة لها يصل عدد المعجبين بالمئات وتنهال التعليقات دون توقف! كتبت لها تعليقاً ختمته بالقول "كل يغني على ليلاه، فاعذرينا"!
لو كنت مسؤولاً
لو كنت وزيراً للداخلية لأصدرت قراراً بمنع نشر أفراد الأمن على المفترقات بالطريقة التي تنتشر فيها هذه القوات في رام الله والبيرة، وبمنعهم من إيقاف مركباتهم على الأرصفة وعند المفترقات بطريقة تحجب الرؤية، ولأضفت لقراري منع ارتدائهم للخوذات الا في حالات الطؤارئ، ومنع اي مظاهر من مظاهر استعراض القوة في الطرق والأماكن العامة.
الشاطر انا
في عندي زميلة مشكلتها انه اللي في راسها ع لسانها أو ع الفيسبوك. قبل كم يوم كتبت " لانو مخي تجاري قررت افتح محل دشاديش لكل اللي قدموا وظائف على قطر وراح يكون لونهم ازرق عشان العين". طبعاً الشطارة انك تسرق فكرة الغير وتشتغل عليها. فسألتها "محل الدشاديش من وين بدو يجيب الدشاديش؟" ما عرفت الجواب. وعلشان هيك البزنس الجديد هو مشغل بس يخيّط دشاديش زرقا، مش بس علشان يردوا العين، وكمان علشان لما يروحوا ع قطر يكون الواحد فيهم واضح مثل الطور الابرق، وما يلبسوا أبيض وينحسبوا ع انهم مواطنين، وما يلبسوا اخضر وينحسبوا ع حماس، ولا اصفر وينحسبوا ع فتح. وكمان لما نعمل الدشاديش لون ازرق بنكون ملتزمين باللون "الوطني" اللي ملصق فينا طول عمره، لون "الانروا". وكمان بنستفيد انه بنستغل القماش الأزرق الزايد اللي مش راح تستخدمه "الانروا" لأنه شكلها راح تسكر!
تغريدة الصباح - عساف وطوفان أنثوي
بقلم: عدلي صادق – الحياة
في غضون بضعة أشهر، مرّ على المطرب الفلسطيني الصاعد محمد عساف، من حكايا الصبايا، ما لم يمر على عبد الحليم حافظ طوال ما يزيد على ثُلث القرن. ربما تكون التلفزة وتقنيات التصوير، وكميات الإضاءة وألوانها، وديكورات مسارح الغناء؛ من بين الأسباب التي أضفت على الشاب جاذبية مضافة، شأنه في ذلك شأن مطربين سبقوه الى الصعود، أو مطربات صعدن وقيل في جمالهن الكثير من المبالغات.
في حديث للشاب الفلسطيني الذي نشأ في مخيم خان يونس، قال إنه تعرض لمواقف "غريبة" من الجنس اللطيف. وقد رأى الشاب أن المواقف غريبة، على الرغم من تجاوزه لمحاذير السلام مع مليحات، بالتقبيل الخاطف من الوجنتين، وهذا أمر لا يحدث في خان يونس وسواها. لكن كثيرات طلبن قبلات متأنية، بل سيدة مُعجبة، عرضت عليه تزويجه من إحدى ست بنات أنجبتهن، ما يعني ضمناً أنها لم تنجح قبل العرض، في تزويج واحدة من الست المستورات، لأي من الماكثين خارج بقعة الضوء. وفي هذا السياق الغرائبي، تقدمت فتاة من عساف، تطلب منه التوقيع على ورقة في يدها. ولما دقق الشاب قبل أن يُوقع، اكتشف أنها الورقة ليست إلا وثيقة عقد قران، لا يعلم واحدنا كيف جرى إعدادها وعرضها للتوقيع في غياب المأذون. ربما لو كان عساف قد وقّع في عُجالة، لتأخر سفره وانشغل في اجراءات الطلاق. هنا ارتفعت نشوة الطرب، عند الأنثى، فأطاحت بسُنن الحياة وبمعنى الرابطة الزوجية. ولا غرابة في تلك الواقعة، قياساً على تلك الفتاة التي عرضت عليه الزواج مقابل كل ما تمتلك من مال وفير، ومعه جنسية بلادها. فقد استمتعت الأنثى الميسورة بغناء عساف، ورغبت في امتلاكه، فيما هي تعلم المعلوم، وهو أن الجنسية الفلسطينية تسبب لحاملها عُثاراً في المطارات والمعابر، وانسداداً لآفاق السفر. ربما تحسست الفتاة في غمرة ابتهاجها، مواضع الألم والضعف في الحال الفلسطينية، وبات ضرورياً لكي يستريح العرض، أن تنتشل عساف من الواقع الفلسطيني.
العرب عموماً وتاريخياً، مغرومون بالطرب، وفي تاريخ صدر الإسلام كان لبعض المطربات وجاهة تضاهي وجاهة الفاتحين. وفي العصر العباسي حسب كتاب "الأغاني" للأصفهاني، لم يتمالك الخليفة العباسي أبو محمد الهادي نفسه، فشق ثوبه طرباً وهتف: وإني لتعروني لذكراك هزةٌ، كما ينتفض العصفور حين يبللّه القَطْرُ، ثم مزّق جبّته، وهو الذي اشتهر بقتل من يتهمهم بالزندقة. فلا عجب عندئذٍ من جنون الصبايا، اللاتي هزّهن السماع وفتنتهن صورة المغني على مسرح الغناء فتبللن كالعصافير. لكن ما فعله ذلك الرجل، لا يُقاس بما فعله "خليفة" أسبق هو محمد المأمون، الذي وثب من مجلسه فطرح بالمغني أرضاً وقبّله، ثم أمر له بعشرين ألف درهم عاجلة. فمجنونات اليوم لم يصلن الى درجة المبادرة عملياً بالتقبيل الفوري. أما هارون الرشيد، والد محمد الأمين، فقد أدار رأسه بالمغني الذي أطربه، وأمر بتعيينه والياً على مصر، وكانت تلك الأعطية أكثر سخاءً من تعيين أي مطرب مُجيد، سفيراً للنوايا الحسنة.
واللافت أن صغر سن الشاب محمد عساف وبراءته المفترضة في السلوك الشخصي، ووسامته وعذوبة صوته، أتاحت للمخيلات الأنثوية الذهاب الى بعيد، لكي تبلغ غاية المُنى. فهو لم يعرف المجون في الحياة، وإن كان، فيما يغني، تقليداً، يُفجر ينابيع الوجد.
غير أن الشاب، الذي وجد نفسه فجأة، منذ تلك المسابقة التي فاز فيها، ماكثاً في قلب وسط فني، تتسم الحياة فيه بفسوق وانفتاح بلا حدود؛ بات بصدد تحدٍ عسير، لا بد أن يجد فيه مشقة كبرى، في للحفاظ على سمات الحياة التي يألفها. ولعل "مبادرات" الصبايا هي الأخطر. لكن الملاحظات الأولى تفيد بأن العزم استقر على التكيف مع بعض "الموجود" طلباً ــ على الأقل ــ لسهولة الاتصال مع مصادر الموسيقا والانتاج الفني. وبدا إنه يلتمس للسانه تعديلاً في لهجة التخاطب. أما المال الذي جناه وسيجنيه، فلا نعلم إن كان سيفعل بالشاب، ما فعله بآخرين مثله، نشأوا في بيئات متواضعة. غير أن إعلاء الكوفية، سيظل كافياً للوقاية على ما نتوقع!

جورج حبش.. وفاء لذكراه
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تمر الذكرى السادسة لرحيل الدكتور حورج حبش، الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الـ26 من يناير الحالي، وهي مناسبة لإحياء ذكرى الرجل، صاحب القامة الرمزية المهمة في الساحتين الوطنية والقومية؛ وكون ذكرى رحيله تحل مع انتهاء اعمال المؤتمر السابع للجبهة الشعبية، ولتسليط الضوء على بعض خصال الحكيم.
مؤسس حركة القوميين العرب احتل موقعا قياديا رئيسيا في الساحات العربية؛ ولعب دورا مركزيا في النضال القومي والوطني. وتميز جورج حبش بالمواقف ذات الطابع الاستراتيجي، بقي أمينا لقناعاته الفكرية الاولى، وواصل العمل على هديها، رغم انها أثقلت تجربته الكفاحية بالصعود والهبوط في المنعطفات الفكرية والسياسية والتنظيمية، التي مرت بها الحركة والجبهة الشعبية.
واتسمت شخصية حبش بالصلابة والشجاعة والمصداقية العالية، ما اسبغ عليه صفة حكيم الثورة، التي لم يحصل عليها لكونه طبيبا، وانما نتاج قناعة قطاع واسع من ابناء الثورة الفلسطينية المعاصرة والمراقبين السياسيين لأهمية دور وسياسات الرجل في العملية الكفاحية.
واستطاع ان يسجل لشخصه السبق في التنحي عن موقعه الاول في قيادة الجبهة لمنح الجيل الجديد الفرصة في تولي مهام القيادة وخاصة موقع الأمين العام، وهو ما لم يتحل به أي أمين عام في الساحة الفلسطينية. ولم يتنح حبش عن موقع الأمين العام بسبب المرض، ولا بسبب عدم قدرته على القيادة، وانما نتاج قناعة بضرورة خلق الفرص امام الدم الجديد من القيادات، وهو ما لم يتميز به حتى من خلفه في موقع الامانة العامة، واقصد المناضل الاسير احمد سعدات، الذي اعيد انتخابه بالاجماع في المؤتمر السابع وفاء لتجربته الريادية في الكفاح، وكونه يقبع منذ احد عشر عاما في زنازين الاحتلال والاسرائيلي. إعادة انتخاب سعدات من قبل اعضاء المؤتمر، أمر طبيعي ومشروع، ولم يكن من الممكن لرفاقه أن يتخذوا موقفا مغايرا للنتيجة آنفة الذكر. ولكن كما ذكرت في زاوية سابقة، كان الأجدر بأبي غسان ان يبادر هو من موقعه وبشجاعته المعهودة بالطلب من رفاقه اعفاءه من مهام منصبه، لاعطاء الفرصة لادارة العملية القيادية بأريحية نسبية.
كثيرة خصال جورج حبش، رغم ما نعته به العديد من رفاقه القدامى، الذين انشقوا عنه أو تركوا الحركة والجبهة على حد سواء. ولكل شخص عايش الرجل الحق في وضع التقييم، الذي يراه من وجهة نظره. غير ان الجميع يجمع على ان جورج حبش كان رمزا وطنيا وقوميا ملهما لقطاعات واسعة من الجماهير الفلسطينية والعربية.
مع ذلك وبشكل موضوعي ومسؤول، فإن الحكيم وقع في اخطاء إستراتيجية في مسيرة الحركة والجبهة على حد سواء، ليس هنا المجال لذكرها كلها، لكن يمكن ايراد بعضها باختصار شديد:
اولا: غياب الرؤية العقلانية بين المسألتين الوطنية والقومية.
ثانيا: الارتباك والتعثر في العلاقة مع اهل النظام العربي الرسمي.
ثالثا: القراءة الخاطئة للعلاقة بين التحرير والوحدة العربية، وبين القرار الوطني المستقل والبعد القومي.
رابعا: عدم مشاركة الجبهة الشعبية في معركة الكرامة، والنأي بالنفس نتيجة الفهم الخاطئ لمفهوم حرب التحرير الشعبية، والقراءة السطحية للمبادئ الناظمة للعملية الكفاحية.
خامسا: التخندق في مربع السياسة الانتظارية، التي شكلت عبئا ثقيلا على مكانة الشعبية في الساحة الوطنية.
سادسا: عدم إدراك أهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ما جعل الشعبية تتعامل معها بخفة.
سابعا: مع ان الحكيم كان، هو، من صاغ برنامج النقاط العشر بخط يده، إلا ان الشعبية قاطعت ذهاب الرئيس عرفات للأمم المتحدة، ومن ثم قامت بشق الساحة الوطنية بتشكيلها جبهة الرفض.
ثامنا: الرهان على فصائل الجملة الثورية الديماغوجية في الساحات العربية، وإدارة الظهر للقوى الوطنية والقومية باتجهاتها المختلفة.
تاسعا: عدم الربط العملي والمسؤول بين الشعار الاستراتيجي والممارسة التكتيكية في المنعطافات السياسية المهمة في مسيرة الثورة..... إلخ
مع ذلك، كان الحكيم منارة قومية ووطنية، وسيبقى رمزا من رموز الكفاح الشجاعة في الميادين المختلفة، ولن ينسى الشعب العربي الفلسطيني ولا قياداته وفصائله المكانة المميزة للرجل، وليس فقط رفاقه في الشعبية. رحم الله جورج حبش.



لوحة التضامن واللون القاتم
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
في السنة النهائية من دراستنا الجامعية جاءت الامتحانات مترافقة مع شهر رمضان، فضل البعض من الأساتذة أن يكون الامتحان الشفوي في الفترة الممتدة من الافطار وحتى السحور، واللجنة الممتحنة تضم في عضويتها من داخل الكلية ومن خارجها، تناول زميلي إفطاره على عجل، كان من الواضح أن القلق يتملكه، فهو على موعد مع امتحان مادة العقاقير، وهي من كثرة ما تعج باسماء لاتينية لنباتات من الصعب هضمها، تجبرك على مغادرة مساحة الفهم إلى جادة الحفظ، المهم دخل زميلي إلى اللجنة الممتحنة متثاقلاً بالخوف الذي سيطر عليه، وليس هنالك خوف أشد وطأة من الشعور بالخوف ذاته، بادره الدكتور بالسؤال عن اسمه وجنسيته، بعد أن نطق زميلي بصعوبة الاسم كاملاً أتبعه بكلمة "فلسطين"، لاحقه الدكتور بسؤال يطلب فيه تحديداً أكثر دقة مستعرضاً قائمة طويلة من المدن الفلسطينية، استرجع زميلي شيئاً من القوة التي فارقته منذ اقترب من قاعة الامتحان وقال بشيء من الزهو من "القدس"، كأن القدس أطاحت جانباً المادة ومعها مهنة اللجنة، تلاحقت الأسئلة تسأل عن أحوال المدينة وأهلها ومقدساتها وما فعله الاحتلال بها، وتفرعت الأسئلة إلى أبجديات الحياة في كنفها، اكتفت اللجنة يومها بما وجهته لزميلي من أسئلة تتعلق بالمدينة المقدسة، واختتم رئيس اللجنة بالقول "ربنا ينصركم"، عادت الابتسامة إلى وجه زميلي وهو يصافح أعضاء اللجنة عله يجد في المصافحة ما يؤكد له صحة ما سمعت أذناه.
التعاطف مع الشعب الفلسطيني تجد له مكاناً أينما وطأت قدماك على أديم هذه الأرض، يختلف من بقعة إلى اخرى وتختلف معها أدوات التعبير عنه، يصل أحياناً إلى الحد الذي يستقي اهميته من قداسة المكان، حيث تفيض فيها المشاعر الروحانية لتطغى على ما سواها، واحياناً له علاقة بالتاريخ واحترام التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني على مدار عقود عدة، وأحياناً يقف البعض بتعاطفه عند القواسم المشتركة في رفض الظلم والقهر والاستعمار باشكاله المختلفة، ليس بالضرورة أن تشترك مع هؤلاء في المعتقدات والأصول العرقية، بل تتسع لتتكئ على القيم الانسانية ومفرداتها.
لوحة التضامن معنا ومع القضية الفلسطينية بكل ما تحمله من ألوان جميلة، وما تفرضه علينا من شعور بالفخر والاعتزاز، تعزز لدينا الأمل بمستقبل أفضل، إلا أن البعض يصرعلى إدخال ألوان قاتمة إليها، هذه الألوان وإن حاول أصحابها استحضار شيئاً من قداسة فلسطين على مسمياتها، إلا أن المؤكد أن حجارة فلسطين لا تمنحهم شرف هذا الانتماء، ولا يمكن لعاقل أن تنطلي عليه تلك الأكذوبة التي طالما تغنى بها البعض بأن الطريق إلى القدس يمر عبر عواصم عربية ثم لا يلبث أن يتوقف فيها ولا يبرحها، ولا يمكن أن نستوعب بأن الطريق إلى القدس يسبقه استهداف أبرياء في هذه العاصمة العربية أو تلك، كيف يمكن لعاقل أن يستوعب أن تفجير سيارة مفخخة في بغداد أو دمشق او القاهرة يمهد الطريق إلى بيت المقدس؟.
المؤسف أن البعض تجرأ على اراقة الدماء، والمؤسف أكثر أن هذه الأفعال عادة ما يتم تغليفها بمسميات مقدسة، والأخطر هم أولئك الذين أعطوا فاعليها صكوك غفران تضمن لهم الجنة، الطريق إلى القدس معروف لمن أراد أن يسلكه، ولا يمكن له باي حال من الأحوال أن يسمح باراقة دم مسلم، فإن كان هدم الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل المسلم، فكيف يمكن للبعض ادعاء تعاطفه مع القدس باراقة الدماء البريئة؟، مؤكد أن هذه الوان قاتمة لا علاقة لها بألوان القدس ولا بلوحة التضامن مع أهلها.
الكتابة وجدواها في ظلّ الماساة السوريّة
بقلم: د. احمد حلواني – الحياة
يسألني صديقي لماذا توقفت عن الكتابة في الشأن السوري، وهل المأساة وصلت الى نقطة اللاحل؟.
بعد لحظات من التنهّد والتأوّه، قلت ان الكتابة عن الحالة السورية بحاجة الى الجمع بين الواقع والتخييل، أو بين الواقع والاسطورة، بين الحدث والتاريخ. وفتح مجال المقارنة الواسع بحثا عن جدوى ضائعة حتى الآن.
لم يعد التحليل ممكنا، ولا سرد الوقائع ناجعا، المنطق معكوس، والسياسة بعد ان دخلت ميدان العلوم عادت سيرتها الاولى، بلا دين، التناقض الدولي صارخ الى حدّ الابتذال، والمصالح الاقليمية متضاربة، في ظل الحرمان والتشرّد والمرض والفاقة والقلق المُفضي الى الضياع، حتى اصبح البحث في فنجان البصّارة هو الملجأ الاكثر تداولا، أو انتظار نتائج ورقة اليانصيب في حال وجودها الصعب.
المنظمات الدولية تعلن فشلها في معالجة الكارثة الانسانية السورية وتفاقمها، وتصدر بياناتها الاحصائية معلنة انّ نصف سكان سورية البالغ 22 مليون نسمة بات بحاجة ماسّة للمساعدة، كما تعلن ان اجمالي الضحايا ارتفع الى اكثر من 120 الف قتيل (شهيد) اضافة الى اكثر من نصف مليون جريح ومصاب جلّهم بحاجة الى اطراف صناعية، وانّ اكثر من سبعة ملايين شخص اجبروا على مغادرة مناطقهم الاصلية بينهم ثلاثة ملايين لاجئ واربعة ملايين نازح داخليا بحثا عن ملاذ امن غير موجود.
وفي وقت يعلن فيه ان مليونين ونصف المليون عالقون اومحاصرون، كما حال مخيّم اليرموك بدمشق والمعضّمية وداريّا والرّستن. تعلن المنظمات الدولية نفسها ان حوالي 200 الف شخص ماتوا لعدم حصولهم على الدواء والغذاء، كما تعلن مسؤولة حقوق الانسان في الامم المتحدة، ان الصعوبات التي تعترض وصول المساعدات الى المحاصرين في مخيّم اليرموك بدمشق يمكن ان تصل الى جريمة حرب من جرّاء العقوبات الجماعية على المدنيين في المخيّم. وهو المعلم الابرز للاجئين الفلسطينيين في سورية.
وتضيف الاحصاءات عن تدمير مليون ونصف المليون منزل وتضرّر اكثر من نصف المراكز الصحية، وتدمير اكثر من 2400 مدرسة وخروج حوالي المليوني طفل من المدارس.(علما ان هذه الاحصائيات هي بنت وقتها لأن التدمير والقصف بالبراميل المتفجّرة مستمر دون انقطاع والارقام الى ازدياد، والقنص مستمر بعنف لايعرف الراحة أو النوم).بالرغم من انعقاد جنيف2 الذي وصف الاعداد له احد الكتاب الاعزّاء، بالمقلوب، فبدل وقف الاقتتال قبل انعقاد المؤتمر وخلاله واطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين وفتح ممرات امنة للمساعدات كشرط للمشاركة بالمؤتمر، تمّ ترك الامرمفتوحا، كما كلمات الافتتاح للطرفين السوريين، لدرجة مطالبة بان كيمون الامين العام للامم المتحدة ورئيس المؤتمر الى عدم مخالفة نظام المؤتمر المتّفق عليه والالتزام بالبنائية الايجابية في الكلمة.
وبعد: كيف للمرء ان يكتب في ظلّ هذه الاجواء، اذا كانت الكتابة تحمل هدفا في ايجاد حلٍّ للقضيّة المدروسة، فلم يعد التحليل العلمي مجديا، في مسيرة الاحداث الماساوية السورية، بعد ان كانت سورية عبر تاريخها الحضاري العريق والطويل تُعرف بطيبة شعبها ومحبته العشقية لوطنه الصغير والكبير، واحتضانه لجميع اللاجئين الوافدين اليه من منطلق(شام شريف) اخوّة، وانسانيّة، وتبرّكا، وايمانا بفعل الخير والسعي له.
لقد تابعت جلسة افتتاح مؤتمر جنيف2 في مونترو السويسرية، من منطلق ان المؤتمر يشكّل حالة مفصليّة في الجانبين المحتملين ايجابا وسلبا، ووجدت في كلمتي الوفدين السوريين تعارضا متطابقا مع الواقع، وكانت الكلمتان أعدّتا كعملية دعائية وفق نظريّة اعلام الانظمة الشمولية التي عشنا تحت رحمتها مدّة طويلة،كادت ان تحوّل المتلقين الى ببغاوات أو كان ذلك هدفها الاساسي.
لقد جعلت كلمتا الوفدين السوريين جانب الايجاب من نتائج المؤتمر تتضاءل لصالح السلبي ونتائجه المدمّرة؟
ويبقى السؤال قائما، متى ستنتهي هذه اللعبة الدولية على حساب سورية؟
تلك هي الماساة، وتلك هي أسباب الحيرة، فطالما ان الكل يصمّ اذنيه عن التحليل والتفسير والاجتهاد بالراي الحكيم،وطالما ان المصالح الدولية هي المتحكّمة في الشان السوري وبدماء الشعب السوري وبنيته الاقتصادية والمجتمعيّة ومستقبله المامول، فليس لنا الا الامل بوطنية السوريين ويقظة عربيّة مساعدة، ودوليّة انسانيّة تتماشى والشرعة الدولية في وقف الاقتتال وحماية الشعوب واغاثة المرضى واللاجئين والمحتاجين، وبالله المستعان.