Haneen
2014-12-18, 11:15 AM
v يجب إيجاد حل عاجل للأزمة الكارثة مع وكالة الغوث
بقلم: حديث القدس – القدس
v مصر... ما بعد ثورتين
بقلم: عمر شحادة – القدس
v العرب والسيادة..
بقلم: مصطفى زين – القدس
v لعبة الكبار والصغار في المنطقة العربية!
عبد العزيز التويجري – القدس
v الناصرة...والحلول المقترحة للأزمة
بقلم: عطاالله منصور – القدس
v مأساة مخيم اليرموك من يتحمل مسؤوليتها وإلى متى !!
بقلم: محمد خضر قرش – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
v المريض العربي
بقلم: حسن البطل – الايام
v جنيف ـ 2 : المايسترو .. والإيقاع !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
v حتى يبقى الأردن مع فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
v "التشريعي" .. أنهى ولايتين ويدخل اليوم الثالثة رغماً عنا .!
بقلم : أكرم عطا الله – الايام
v وعدي لكِ، أن أضعك في أحلامي
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
v صرخة اليرموك: "فلا نامت أعين الجبناء"
بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
v اليهود في الرواية العربية ـ 2 ـ .... واسيني الأعرج في "البيت الأندلسي"
بقلم: عادل الأسطة – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
v تغريدة الصباح – نورس حيفاوي
بقلم: حنان باكير – الحياة
v الحكيم ..في ذكراه 1 من 2
بقلم: عدلي صادق – الحياة
v ثورة مصر في ذكراها الثالثة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
v مصالح الشعب السوري أم الكبار ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
v صباح الخير يا مصر
بقلم: بهاء رحال – الحياة
يجب إيجاد حل عاجل للأزمة الكارثة مع وكالة الغوث
بقلم: حديث القدس – القدس
يواجه اللاجئون في مخيمات الضفة وضعا مأساويا في كل النواحي وعلى كل المستويات بعد اضراب العاملين في وكالة الغوث الذي يدخل يومه الخامس والخمسين اليوم للمطالبة بحقوقهم العمالية والنقابية والمعيشية وتعنت ادارة الوكالة في التجاوب مع هذه المطالب والمضربين.
لقد انقطعت الخدمات المختلفة وتعطل اكثر من 160 الف طالب عن الدراسة فترة طويلة تقترب من الشهرين وامتلأت شوارع المخيمات بالنفايات وتردت الاوضاع الصحية والانسانية وجاء عدم صرف رواتب العاملين ليزيد الاوضاع سوءا ويجعل الامر اقرب ما يكون الى العقاب الجماعي للعاملين وعائلاتهم.
كما ان نحو 28 عاملا يخوضون منذ ايام عديدة اضرابا عن الطعام احتجاجا على تصرف ادارة الوكالة وقد ادخل اثنان منهم على الاقل الى المستشفى في الخليل للمعالجة بعد ان ساءت حالتهما الصحية وتفاعلت قضية الاضراب دولياً كذلك حيث وجه فيليب جيننكس الذي يمثل اكثر من 20 مليون عامل و900 نقابة عمالية رسالة الى المفوض العام للوكالة فيليبو غراندي يشجب فيها تعامل ادارة الوكالة مع قضية الاضراب كما اعرب عن تفهمه وتأييده لمطالب العاملين المضربين.
وقدمت الحكومة الفلسطينية، كما يقول وزير العمل احمد مجدلاني، مبادرة لحل الازمة تستجيب بنودها لمطالب المضربين وتدعو الى وقف الاضراب وبدء مفاوضات جماعية وحوار بين الاطراف المعنية جميعها لحل كل القضايا موضوع الخلاف...وانتقد مجدلاني الموقف المتعنت والرافض لاي تجاوب مع مطالب المضربين والميل الى تصعيد الموقف بدل ايجاد مخرج منه.
ان الاضراب بكل تداعياته لا يجب ولا يمكن ان يستمر ولا بد من ايجاد حلول عاجلة لان الامر يتعلق بمئات آلاف من البشر وبمستقبل طلاب بعشرات الالاف.
وبمعاناة يومية انسانية لا يمكن ان يوافق احد على استمرارها لانها كارثة بكل المقاييس والمفاهيم، وتتحمل ادارة الوكالة الجزء الاكبر من المسؤولية ان لم تكن المسؤولية كلها. ان على الامم المتحدة نفسها وعلى كل المؤسسات العمالية في العالم ان تتحرك بقوة لوقف هذه المأساة التي طالت كثيراً، ويكفي اللاجئين ما يعانونه اساساً وقبل الاضراب من مشاكل وقضايا في غاية التعقيد واولها انهم لاجئون في وطنهم. كما ان على السلطة الوطنية ان تتحرك بشكل اسرع واوسع للمساعدة في ايجاد مخرج عاجل لهذه الازمة المدمرة.
مصر... ما بعد ثورتين
بقلم: عمر شحادة – القدس
لم يدر في خلد أحد أن يجتاح ذلك الطوفان البشري الملاييني شوارع وساحات القاهرة والمدن والمحافظات المصرية وأن يتمكن الشعب المصري في 30 حزيران 2013 من اجتراح ما يشبه المعجزة، بإشعال ثورة مصرية جديدة، اثر استشعاره خطر انحراف وإجهاض ثورته – ثورة 25 يناير /2011، التي اطاحت بسلطة مبارك وطغمته الحاكمة، لتنتهي السلطة التي تشكل موضوع الثورة وكل ثورة بين ايدي جماعة الإخوان المسلمين.
تلك الجماعة التي التحقت بالثورة بعد اندلاعها وغدت من قواها الفاعلة بين قوى أخرى تقليدية منهكة ضعيفة وحديثة شابة ينقصها التنظيم والتجربة، فاستطاعت توظيف خبرتها الطويلة وبنيتها المنظمة ومواردها الهائلة وعلاقاتها الخارجية والداخلية، في إحكام تفردها المتدرج بالسلطة عبر مسار متعرج ومشوش ومغلوط، وشرعت في إعادة صياغة بنى الدولة والجيش والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية طبقا لرؤيتها وأهدافها، في رِدة صريحة عن اهداف الثورة وشعاراتها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعن بناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية المنشودة التي ترعى التنوع والتعددية ويتساوى فيها المواطنون رجالا ونساء دون تمييز على اساس الدين او العرق او الجنس او المعتقد..
وإذا كانت نتائج الاستفتاء الذي جرى مؤخرا بإقرار الدستور، بمثابة الخطوة الاولى في تنفيذ خريطة المستقبل التي وضعتها غداة ثورة 30 حزيران، قوى الشعب المصري وممثليه الذين انحاز لهم الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، فإن هذا الدستور الجديد يتطلع اليه المصريون والعرب باعتباره ليس دستورا لزعيم او تيار او جماعة او جيش او حزب، بل ترجمة وتطبيقا لشعار الثورة الأم الناظم "الشعب يريد تغيير النظام" باستبدال حكم ودستور الفرد بدستور وحكم الشعب.
بعد ان انجز الشعب المصري العظيم، الذي قفز بوعيه بين ثورتين وتعلم بتجربته الذاتية خلال عام واحد من حكم الرئيس السابق د. مرسي ما لم يتعلمه منذ امد بعيد، بمشاركته الواسعة غير المسبوقة في الاستفتاء على دستوره الجديد، ومصادقته على شرعية التغيير في الثالث من تموز الماضي، فإن خطوتين ايضا للامام باجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيضعان الشعب المصري ومعه الشعوب العربية في خضم ثورة مصرية - عربية عظمى تنقلهم من حال الى حال نوعي جديد، ينهي والى الابد حالة المراوحة والتردد المستمرة بوضع حد لخلط الدين بالسياسة ولفادح الضرر بكليهما وبشعوب الامة العربية، وترسي ثقافة ديمقراطية تحررية وطنية وقومية انسانية، ودستورا يحرّم ويجرّم بناء الاحزاب والنشاط السياسي على اسس دينية او عرقية او طائفية ومذهبية تقوض وحدة المجتمع وانسجامه ومناعته الوطنية وتحوله مرتعاً لكل غاز اجنبي او فاسد مستبد دعيّ.
لعله حال نوعي جديد في ما بعد ثورتين، الذي باتت فيه جماعة الاخوان المسلمين التقليدية المحافظة القديمة المتورطة في أوالمتواطئة مع العنف والارهاب خارج الشرعية وقوى الثورة، وعلى خلاف ما يعتقد البعض بأنها فوق التاريخ فإنها امام امتحان عسير، سيكشف مدى قدرتها على البقاء بالاستجابة للتطورات والمتغيرات الموضوعية الجارية بمعزل ورغماً عن إرادتها، وعلى العودة من جديد في اطار الجماعة الوطنية والقومية والمنظومة القانونية العصرية الحديثة، للحكم المدني الديمقراطي لتحتل مكانتها الطبيعية، فتعفي نفسها والمجتمع من تبعات سياسة انتحارية وفتنة مؤلمة، فتختزل زمنا وتضحيات تذهب سدى.
واذا ما أُريد لهذه الثورة المصرية العربية العظمى الا تقع فريسة للسياسات الامريكية والعالمية، وبأن لا تلاقي مصير ما اسموه بالثورة العربية الكبرى للتخلص من الحكم العثماني عام 1916، التي وقعت فريسة لمكائد بريطانيا التي اجهزت سلفا باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 على استقلال ووحدة الدولة العربية الموعودة، وأرست الاساس عبر وعد بلفور عام 1917 لزرع اسرائيل وتجزئة وتبعية البلاد واحتجاز التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشعوب العربية.
نعم .. لعلهم يصيبون كبد الحقيقة اولئك الذين لا يضعون الاستقرار في تضاد مع الديمقراطية و يعتقدون بأنه، اذا ما اريد لهذه الثورة ان تنتصر، فلا بد ان تعلم، بأن قوى الثورة المضادة من فلول مبارك التي تسعى بأساليبها الناعمة الآن للانقضاض على ثورة 25 يناير، ستلتقي آجلا ام عاجلا مع قوى الثورة المضادة الناشئة بعد ثورة 30 حزيران، في مواجهة قوى الشعب والثورة وهي تخوض معركتها الديمقراطية السياسية والاجتماعية.
ولن تنتصر الثورة على الارض الا بعد ان تُنكس هذه القوى الرجعية المعادية للثورة راياتها وحرابها امام ارادة الشعب المصري المنتصر، ولعل في التجربة الفنزويلية البوليفارية عبرة لمن يعتبر.
وهو انتصارٌ يتعذر الظفر به، دون ان تصون طلائع الثورة وحدة قواها المحركة وبخاصة من الشباب والطلبة والجنود والضباط المتحدرين من ابناء الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والشرائح الوسطى ومن النساء اللواتي اثبتن في الاستفتاء بأن رسالة الثورة قد وصلت، وان تواصل الثورة مسيرتها بأن تضع موضع التنفيذ هدف العدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي، المستند لكتلة اجتماعية تاريخية صاحبة المصلحة الحقيقية في الديمقراطية والتغيير، باعتبارها صانعة الثورة ودرعها وحامي اهدافها، جنبا الى جنب مع ممارسة الاستقلال والكرامة الوطنية والخلاص من التبعية، التي تعني مواجهة اسرائيل العنوان والشريك للسياسة الامريكية المناوئة للثورة المصرية وأهدافها، وهما مهمتان مترابطتان عضويا لا يمكن انجاز احداهما دون الاخرى.
وبهذا المعنى فإن الثورة اليوم، تخوض أشرس معركة سياسية وثقافية وقانونية واقتصادية بمحتواها الاجتماعي لتجسد دستور وحكم الشعب، وصون مصالح السواد الاعظم من الشعب المصري والشعوب العربية، التي ستحذو عاجلا ام آجلا حذو شعب مصر في رفع مشعل الثورة الديمقراطية وإحداث الانقلاب الثوري المنشود، ما يرشح ثورة 30 حزيران بجدارة نظرا لكل ذلك، ان تسمى بالثورة المصرية والعربية العظمى.
العرب والسيادة..
بقلم: مصطفى زين – القدس
لا بد أن يشعر دعاة إلغاء سيادة الدول، وجلهم من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف التائب، بالنشوة، فقد حقق مؤتمر «جنيف 2 « حلمهم. في هذا المؤتمر لم تلغَ سيادة الدولة السورية على أرضها فحسب، بل أُلغيت سيادة الشعب السوري بمعارضيه والموالين، وبمسلحيه والسلميين.
قاد حملة إلغاء السيادة في أميركا مثقفو المحافظين الجدد في عهد جورج بوش، ومثقفون عرب في بلادنا. كان الهدف شن الحروب على دول خارجة عن إرادة واشنطن، بحجة أن الأنظمة التي تقمع شعوبها لا تستحق التمتع بالسيادة.
مؤتمر جنيف كرس إلغاء السيادة السورية. حملة إلغائها بدأت مع التمرد على الدولة في درعا، ومنذ بدأ السفراء، خصوصاً سفيري فرنسا إيريك شوفالييه والولايات المتحدة روبرت فورد، ينزلون إلى الشارع لتحريض المتظاهرين والنطق باسمهم، ووضع الشروط لإنهاء التظاهرات ثم الإشراف على تشكيل «المجلس الوطني» في إسطنبول والمشاركة الفاعلة في تأسيس «الائتلاف». ومنذ أن «نصحت» وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المسلحين آنذاك بعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطة مقابل العفو عنهم.
لم يكتف ممثلو المجتمع الدولي بذلك، بل حاولوا جاهدين نزع شرعية الحكم، من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مرة لأن النظام يفتك بشعبه، ومرات لأنه يخالف القانون الدولي ويرتكب المجازر ويمتلك أسلحة كيماوية لن يتوانى عن استخدامها ضد المدنيين. كل ذلك تمهيداً لشن حرب على دمشق تشبه الحرب على العراق أو ليبيا «لإعادة السيادة إلى الشعب» ونشر الديموقراطية والعدالة وإنصاف السوريين الذين يتعرضون للإبادة.
في كل هذه المراحل كانت القوتان العظميان، أميركا وروسيا، تخوضان معركتهما الخاصة، الأولى باسم المعارضة، والثانية باسم النظام وبالتنسيق معه. ولم يكن صوت الشعب السوري مسموعاً في عواصم القرار، عدا قلة لا تمثل إلا نفسها أو بعض «الألوية» و «الكتائب» المعتمدة في تسليحها وتدريبها وإدارة معاركها، على الخارج الذي راهن على قلب المعادلة بالقوة على الأرض. أما النظام، فمجرد وجوده في قاعة واحدة لإجراء مفاوضات مع المعارضة بإشراف دولي، يعني أنه سلّم بالأمر الواقع وبمشاركة المعارضة ومن وراءها في السيادة، وبحق المشاركين -أجانب وعرباً- في قول كلمتهم في ما يدور في دمشق، خصوصاً أن أحداً منهم ليس وسيطاً محايداً، فالجميع يسعى إلى فرض نفوذه من خلال هذا الطرف السوري أو ذاك، بعد أن تهدأ المعارك.
ليس من سيادة كاملة لأي دولة على أرضها، الحلفاء يخرقون هذه السيادة (القواعد الأميركية في ألمانيا واليابان مثال على ذلك)، لكن هذا الخرق يكون بالتفاهم بين الدولتين وبشروط يلتزم بها كل منهما. ومن غير المعهود أو من المستبعد أن تتدخل إحداهما في الشؤون الداخلية للأخرى، أو تنحاز إلى المعارضة وتدعمها لتغيير النظام فيها، أو لفرض هذا الزعيم أو ذاك.
أما عربياً، من الصومال إلى اليمن فالعراق ومصر ولبنان وكل بلاد الشام، فالسيادة ليست للأنظمة ولا للشعوب. التدخل في شؤون مصر ليس جديداً، ولم يكن نتيجة «الثورة» أو استغلالاً لها، فالولايات المتحدة كانت تدعم «الإخوان» ضد الجيش، مهددة بقطع المساعدات عنه، ثم تخلت عن هذا الموقف. وفي العراق لا يختلف اثنان على أن أميركا وإيران، فضلاً عن تركيا، تتنافسان على مد نفوذهما إلى بغداد.
أما في لبنان، فتدخل السفراء في شؤونه لا تخطئه عين، كأنه عاد إلى حكم القناصل أيام الحكم العثماني. لم يصل رئيس للجمهورية أو للحكومة أو لمجلس النواب إلى منصبه إلا بتوازنات دولية وإقليمية. وها هم اللبنانيون ينتظرون الظرف المناسب منذ تسعة شهور ليشكلوا حكومتهم، تتجاذبهم رياح «الربيع العربي» والإرادات الدولية المتضاربة. الجميع ينتظر المنتصر في سورية ليقرر موقفه. وهل نتحدث عن فلسطين وسيادتها؟ هذه السذاجة في التحليل تعبير دقيق عن تفكير مختلَف الطبقات السياسية في معظم البلدان العربية، فسائقو السيارات المصنوعة في الخارج لم يقودوها مرة إلا في اتجاه هذا الخارج.
لعبة الكبار والصغار في المنطقة العربية!
عبد العزيز التويجري – القدس
خاب مسعى اللاعبين في ساحة الأزمة السورية، بعد أن انكشفت خيوط اللعبة التي يتقنونها. فها هو «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف باسم «داعش» يضرب في العراق وفي سورية وفي الضاحية الجنوبية من بيروت في وقت واحد، بينما هو تنظيم مشبوه مغروس في المنطقة لأهداف تخريبية. فهل يُعقل ان يصل هذا التنظيم إلى معقل «حزب الله» في بيروت، الذي هو الحليف القويّ للنظام الطائفي في سورية والذراع اليُمنى لإيران بهذه السهولة لو لم يكن صنيعتهم؟ ذلك دونه خرط القتاد. إن الهدف الحقيقي من هذا العمل الإرهابي هو إبعاد الشبهة عن «داعش» ومن يقف خلفها.
لقد جاء وصول «داعش» إلى الضاحية الجنوبية من بيروت في الوقت الذي اشتدت المعارك على الأرض السورية بينه وبين الجيش الحر والتنظيمات المقاتلة الأخرى. وتبيّن للقاصي والداني أن النظام السوري بات محاصراً من كل جانب ومفضوحاً للجميع. فتمّ إرسال عناصر من «داعش» إلى بيروت للقيام بتفجير مصطنع في معقل «حزب الله»، وإظهاره في مظهر المعتدى عليه من جانب تنظيمات إرهابية تكفيرية تبرر مشاركته إلى جانب النظام السوري في محاربة الشعب الثائر المطالب بالحرية والكرامة، وتبدد الشكوك التي تلف هذا الحزب الموالي لإيران، حتى لا تنزع عنه «نضاليتُه» و «مقاومته». وهذه لعبة مكشوفة ومكر واضح.
ومن المريب في الأمر أن حسن نصر الله كان قد بادر بعد حادث تفجير السفارة الإيرانية في بيروت إلى اتهام السعودية بالوقوف وراءه، وذلك قبل القبض على الإرهابي ماجد الماجد المنتمي الى تنظيم «القاعدة»، الذي أعلن مسؤوليته عن التفجير، ثم وفاته في شكل غامض في المستشفى في بيروت. والمعروف أن ماجد الماجد هو أحد الإرهابيين المطلوبين من السلطات السعودية لارتكابه أعمالاً ً إرهابية إجرامية ضد المملكة العربية السعودية. وهذا يدلّ على أنّ وراء الأكمة ما وراءها.
وأما الدور الذي يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية على الساحة العراقية، فهو امتداد للدور الذي قامت به التنظيمات الإرهابية التي تتظاهر بالإسلام منذ سقوط نظام صدام حسين وإلى اليوم. وكانت سورية قد بدأت ترسل المقاتلين إلى العراق عبر أراضيها فوجاً إثر فوج من دون انقطاع، لصرف الأنظار عنها، وحتى تبقى في منأى من الزلزال الذي أصاب العراق. وبذلك يحقق النظام السوري ومن يسانده أهدافاً متعددة بوسيلة واحدة.
لقد بات واضحاً أن «داعش» جماعة إرهابية صُنعت من أجل ضرب الانتفاضة الشعبية في سورية المطالبة بالحرية وبالعدالة الاجتماعية وبالكرامة الإنسانية، فهي تقتل الثوار المؤمنين بالقضية الوطنية، وتوجه سلاحها إلى الجيش الحر وإلى الجماعات المسلحة التي تحارب النظام، ولا تصل إلى القوات النظامية ولا إلى القيادات السورية، ولا يستهدفها النظام بنيرانه التي يطلقها على الثوار وعلى المواطنين العزّل في مدن وبلدات وقرى عدة من سورية.
ولذلك كان التطور الذي حصل أخيراً لمواجهة «داعش» وتعقّب فلولها، بعد أن استهدفت عناصرها الفلوجة في العراق وأعطت المبررات للنظام العراقي لقمع مطالب مواطني الأنبار السنّيين، البداية لتعرية هذا الجانب من التآمر على المنطقة وزعزعة وإضعاف الجيش الحر والتنظيمات المسلحة المقاتلة من أجل سورية حرة ديموقراطية تعددية.
وكما كان تنظيم «القاعدة» لعبة غربية بالاشتراك مع أطراف إقليمية، فإن «داعش» أيضاً تنظيم يتقاطع مع «القاعدة»، ويعمل على تحقيق الأهداف نفسها. ولذلك لا يستغرب أن يلتقي التنظيمان على صعيد واحد، «القاعدة» و «داعش». فهذا من ذاك، لأن أهدافهما واحدة.
هي إذاً لعبة يلتقي فيها الكبار والصغار، والهدف هو ضرب الاستقرار في المنطقة العربية، والتمهيد لتمزيق دولها حتى تبقى إسرائيل وإيران القوتين النافذتين المهيمنتين بمباركة ودعم من القوى الغربية..
هذا الوضوح في الصورة، يحملنا على طرح سؤالين محيّرين، هما: هل تعي دول المنطقة ماذا يدبر، في العلن وليس في الخفاء، ضد مصالحها وسيادتها واستقلالها الوطني؟ وهل تدرك دول المنطقة خطورة ما يجري على الأرض، في سورية والعراق ولبنان واليمن والبحرين، على حاضرها ومستقبلها؟
إن «داعش» تنظيمٌ إرهابيٌّ يعمل ضد الشعب السوري وضد الشعب العراقي، وضد قيم الإسلام وتعاليمه السمحة، وضد استقرار المنطقة وأمنها، وليس ضد النظام الطائفي في سورية وصنوه في العراق ومن ورائهما إيران المتحكمة فيهما.
وتلك هي الحقيقة التي يجب أن تكون حاضرةً في الذهن عندما نتأمل الخريطة السياسية والقتالية في المنطقة، وحتى لا نقع ضحية للعبة الإيرانية-السورية-العراقية التي ما عادت تنطلي على أحد، أو تخدع أحداً.
الناصرة...والحلول المقترحة للأزمة
بقلم: عطاالله منصور – القدس
حكمت الناصرة منذ احتلالها من الجيش الاسرائيلي من قبل قيادات عربية تقليدية تنتمي الى عائلات وحمائل. ولكن الفئات الراديكالية الشابة وصلت الى سدة الحكم في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي بعد نجاح نادي الاطباء والمهندسين ومختلف اصحاب المهن الاكاديمية في انشاء " جبهة الناصرة الديموقراطية" مع الشيوعيين، وبعض نشطاء الحركة الطلابية.
مرشح " الجبهة" الاول كان المرحوم انيس كردوش الذي توفي خلال معركة الانتخابات وفي جنازته المهيبة في كنيسة البشارة لطائفة الروم قال رفاق دربه بانه في ساعاته الاخيرة على فراش الموت في المستشفى في حيفا رجاهم ان يستبدلوه بالشاعر الشيوعي توفيق زياد.
عرف كردوش بنشاطه اثناء دراسته الجامعية في القدس وكان محسوبا على حركة " الارض" الجناح الناصري في الحركة الوطنية ولكن رفاقه استجابوا لوصيته واجلسوا توفيق زياد رئيسا لبلدية الناصرة -حتى وفاته في حادث طرق على طريق اريحا عائدا من لقاء مع المرحوم ياسر عرفات-, وبعد وفاة توفيق زياد ورثه رفيقه في الحزب ونائبه النشيط المهندس الشاب رامز جرايسي وقبل عام ونيف اعلن رامز انه لا يطمح للبقاء في منصبه لفترة اخرى وهنا تقدم نائبه, علي سلاّم مطالبا بالمقعد في حالة اعتكاف جرايسي.
ولكن جماعة الحزب في " الجبهة" لم يقبل بالمرشح الذي لم يكن عضوا في حزبهم وحاولوا الاتفاق على مرشح اخر لمدة اشهر فلم يتمكنوا من الاتفاق على احدهم فحاولوا التخلص من علي سلام باقناع رامز بالترشح وقبل ان يتم لهم ذلك اعلن رجل الاعمال, على سلام ,الانفصال عن الجبهة وانشاء قائمة جديدة. وخلال اشهر معدودة نجح في اجتذاب مجموعة من النشطاء من مختلف الاحياء والفئات - ونجح في اجتذاب ما اهله لاقناع بعض المرشحين الاخرين بدعمه.
انتصاره كان باهرا حين جمع اصواتا تضاهي او تكاد ما حصلت عليه "الجبهة". والنتائج الاولى منحته 22 صوتا اكثر من رئيس البلدية السابق وبعد ثلاثة اشهر في المحاكم اصبح لرئيس البلدية السابق اغلبية 6 اصوات!.
والقضية لم تنته بعد.
واغلب الظن ان رئيس بلدية الناصرة الحالي, ما زال يتأرجح بين المحكمة المركزية في الناصرة والعليا في القدس - ولكنه واتباعه وقعوا في خطأ يوم الخميس الماضي حين فرضوا على الناصرة "اضرابا مفتوحا" ضد قرار المحكمة المركزية التي رفضت دعواه ضد خصومه والتي زعم فيها انهم " اقاموا الموتى لكي يصوتوا لصالحهم" كما انهم استعملوا بطاقات هوية بعض من غابوا عن البلاد يوم التصويت.
القاضية رفضت هذه الشكاوى لانها جاءت بعد ثلاثة اشهر على عملية التصويت وكان واجبا على من يرفض النتائج ان يقدم شكواه في فترة الاعتراض القانونية .
الاضراب الذي دعا اليه الائتلاف البلدي " نجح" بصورة جزئية ولكن نصرا كهذا قد يحمل في طياته خسارة اكبر. كثير ممن اغلقوا حوانيتهم او مدارس اولادهم يقولون ان مثل الاضراب يشق صفوف شعب الناصرة لانه يجعل من اهل البلد عدوا لفئة تحاول فرض مرشحها عليهم بالقوة.
تقول مصادر جدية بان الجبهة توصلت الى اتفاق مع قائمة ناصرتي على القبول بقرار المحكمة وتمكين رامز جرايسي من القيام بمهام رئاسة البلدية رسميا وتعيين نائبه السابق مديرا عاما للبلدية يتمتع بكافة الصلاحيات الادارية وتمكين جرايسي كرئيس للبلدية وكأنه رئيس دولة للامور الخارجية والمشاريع العمرانية. وفي اعتقادي ان هذا الاقتراح يناسب الكفاءات الشخصية ويخدم مصلحة الناصرة - عاصمة العرب في الجليل ويحميها من الاخطار المعيبة!.
مأساة مخيم اليرموك من يتحمل مسؤوليتها وإلى متى !!
بقلم: محمد خضر قرش – القدس
المتابع لما يجري في مخيم اليرموك على وجه الخصوص وسوريا بشكل عام منذ بداية الاحداث قبل نحو ثلاث سنوات يلاحظ بوضوح، أن ما يجري فيها لا يهدف الى اسقاط الرئيس بشار الاسد وتغيير نظام الحكم "الدكتاتوري العلوي النصيري البعثي الفاسد العلماني القومي" !! كما يصفه المتآمرون لتبرير اعمالهم الاجرامية بحق الشعبين السوري والفلسطيني. وعلى الذين يدمرون الدولة والحضارة السورية ان يجيبوا بوضوح وبشكل مباشر على سؤال: ما هي علاقة كل ما يجري في مخيم اليرموك باسقاط بشار؟! وما هي علاقة سرقة ونهب المصانع وتفكيكها ونقلها من حلب إلى تركيا باسقاط بشار؟! وما هي علاقة احتجاز المطرانين وخطف الراهبات المؤمنات البريئات من معبدهن في كنيسة معلولا وحجز حرياتهن باسقاط بشار؟! وما هي علاقة حجز وأسر المواطنين اللبنانيين المدنيين في أعزاز باسقاط بشار الاسد؟!
وما هي علاقة تفجير السيارات في سوق الحميدية وباب توما والسبع بحرات وركن الدين والفنادق والشوارع باسقاط بشار الأسد؟!.وما هي علاقة قيام المعارضة بالإستيلاء على المعابر الحدودية والتركية خاصة باسقاط بشار؟! وما هي علاقة سرقة وتهريب آثار سوريا إلى الخارج باسقاط بشار؟! وما علاقة قيام منظمتي "صقور الجولان" و"ابابيل حوران"! بسرقة وتفكيك مخيم اليرموك باسقاط بشار الأسد!! وما هي علاقة اطلاق الصواريخ على البقاع وبعلبك باسقاط بشار؟! وما هي علاقة تفجير السفارة الايرانية والعمليات الانتحارية الارهابية في الضاحية الجنوبية وبيروت باسقاط بشار؟!.وما هي علاقة حرق وتخريب المساجد والكنائس العربية السورية باسقاط بشار ؟!وما هي علاقة جز وقطع رؤوس المدنيين باسقاط بشار؟!
من المؤكد بان ما يجري من تدمير ممنهج ومخطط له لتاريخ وحضارة سوريا العربية لا يماثله سوى ما قام به جنود هولاكو المغولي التتري والقوى الانكشارية أعداء العلم والثقافة لبغداد عام 656 هجرية حيث تم احراق مكتباتها وكل ما يمت للحضارة العربية والاسلامية بصلة لدرجة أن نهر دجلة تحول لونه إلى الأزرق بسبب أطنان المخطوطات والوثائق والكتب التي القيت في مياهه.وما يتم في سوريا الآن يعتبر استكمالا لما فعلته قوات الغزو الاميركي والاطلسي للعراق وليبيا قبل ذلك.
وعلى الذين يشاركون في التدمير الممنهج لسوريا ولمخيم اليرموك أن يعلموا انهم ينفذون مخططا جهنميا شيطانيا لتقسيم الوطن العربي وتحويله إلى دويلات متناحرة لصالح أعدء الأمة العربية والاسلامية. ذلك هو باختصار ما تقوم به "داعش" و"النصرة" و"صقور الجولان" و"ابابيل حوران" و"احرار الشام" و"لواء الصحابة"و"العهدة العمرية" و"ابن تيمية والجيش الحر واكناف بيت المقدس!! فاسقاط بشار الأسد ليس هو الهدف على الاطلاق.وانما تدمير سوريا وتقسيمها كما حصل في العراق وليبيا والسودان والصومال قبل ذلك،وكما يحاول بعض القتلة والمأجورين والارهابيين المرتبطين بالخارج نقل التخريب والقتل إلى أرض الكنانة ،مصر الغالية والعزيزة علينا جميعا.
لماذا مخيم اليرموك ؟؟؟
لا بد من التأكيد بان ما يتم في مخيم اليرموك حاليا لا يخرج عن كونه مخططا دوليا تقوم عدة أطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل لتصفية قضية اللاجئين من خلال تدمير المخيمات وتهجير الفلسطينيين القاطنين فيها تدريجيا .
وعليه فلم يكن مخيم اليرموك هو الأول الذي تتآمر عليه قوى الجهل والظلام والتخلف والارهاب فقد سبقه مخيمات جسر الباشا وتل الزعتر وشاتيلا وجنين ونهر البارد. فالمخيمان الأول والثاني تم تدميرهما اثناء الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1976 بمشاركة قوى لبنانية تناصب الشعب الفلسطيني العداء لكونهما يقعان في المنطقة الشرقية من بيروت حيث الاغلبية السكانية غير مؤيدة. والثالث (شاتيلا) والذي تم بالتعاون الكامل بين القوات اللبنانية برئاسة كل من سمير جعجع وايلي حبيقة في ذلك الوقت والجيش الإسرائيلي اثناء الاجتياح الذي تم بقيادة شارون عام 1982 حيث تم تهجير الآلاف من السكان إلى بعض الدول الأوروبية (الدنمارك والسويد واستراليا وكندا والنرويج ).
اما مخيم جنين فقد تم تدميره بالكامل على أيدي القوات الإسرائيلية في أوج الانتفاضة الثانية عام 2002،إلا انه تم بناؤه فيما بعد ،اما مخيم نهر البارد فقد كان لمنظمة فتح الاسلام الموالية للقاعدة والتي لجأت إلى المخيم وفتحت معركة مع الجيش اللبناني كان من نتيجتها تدمير المخيم وتهجير معظم سكانه وهروب قادة فتح الاسلام رغم الحصار الشديد الذي كان مضروبا على المخيم آنذاك!! .
ومن الغريب والمستهجن أن تطلق المنظمات على نفسها أسماء نضالية وكفاحية وإسلامية لها مكانة في قلوب العرب والمسلمين كفتح الاسلام والعهدة العمرية وصقور الجولان وابابيل حوران واكناف بيت المقدس ولواء الصحابة وابن تيمية ..الخ كل هذا من اجل تشويه ديننا الحنيف وتاريخنا العربي.
فمنظمة "فتح الاسلام" الارهابية المسؤولة عن تدمير مخيم البارد لم تنتسب لفتح الوطنية يوما ولم تنتم للإسلام الحنيف فهي ومشغلوها وممولوها يريدون تشوية النضال الوطني وديننا الإسلامي وكذلك حال بقية المنظمات الارهابية التي سينكشف قريبا من يقف وراءها ومن يخطط لها .
أوليس غريبا أن تتوقف هذه المنظمات كليا عن مهاجمة المصالح الاميركية والغرب الكافر!!! حسب مبادئها أوليس غريبا أيضا أن تجد في المستشفيات الإسرائيلية ملجأ للعلاج ومكانا آمنا لها وممرا للدخول إلى الجولان السوري المحتل ؟!
ألم يجد إرهابيو "داعش" و"النصرة" و"العهدة العمرية" و"لواء الصحابة" مكانا آخرا غير مخيم اليرموك لإسقاط بشار؟!
المنظمات الارهابية المشار إليها هي المسؤولة عن تدمير مخيم اليرموك وتهجير سكانه .ومن الضروري هنا أن نضع علامات استفهام كبيرة عن الاسباب والدوافع التي جعلت المنظمات الارهابية تدخل مخيم اليرموك لإسقاط بشار!! فالاحياء التي تحيط بدمشق وقصر المهاجرين حيث يمارس الرئيس بشار مهامه وصلاحياته الدستورية كثيرة وكلها أفضل من مخيم اليرموك . من حق شعبنا ان يسأل لماذا دخلت المنظمات الارهابية المخيم في هذا الوقت بالذات حيث تجري المفاوضات بين منظمة التحرير والولايات المتحدة وإسرائيل على قضية اللاجئين ؟
ومن الاهمية بمكان ان نقول لكل من يريد اسقاط بشار الأسد واحتلال قصر المهاجرين انطلاقا من مخيم اليرموك أنه متواطىء ومشارك بالكامل في تصفية قضية اللاجئين .لمخيم اليرموك رمزيته المرتبطة بحقوق اللاجئين وعليهم ان يخرجوا منه ويغادروه . فالمشكلة التي يواجهها الوطنيون الفلسطينيون والسوريون أن قادة المنظمات الارهابية المتواجدة في المخيم لا يعترفون برمزية المكان واهميته لقضية اللاجئين وانما يعتبرونه بمثابة أرض الرباط والجهاد الذين سينطلقون منه لاسقاط بشار والوثوب إلى قصر المهاجرين هكذا قال احد قادة المنظمات الارهابية لعضو اللجنة التنفيذية الذي زار المخيم أخيرا.
المريض العربي
بقلم: حسن البطل – الايام
"لنا مدنية سلفت/ سنحييها وإن دثرت"؟ بلاش النشيد الغابر عن المستقبل الزاهر.. ربما لأن الإسلامية ـ السلفية لا تروقني، كما لا تروقني الإسلامية الجهادية.
"تحالفات جديدة، وعداوات جديدة.. وفوضى في كل مكان" هكذا كان جواب شوـ إن ـ لاي، رئيس وزراء صين ماوـ تسي ـ تونغ على سؤال: كيف ترى العالم بعد أربعين سنة؟
قال قائل ما: لا أدري من هو، إن العالم العربي/ الوطن العربي مثل جسم. إن شكا عضو منه تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحُمّى.
العالم العربي مريض، كما كانت الإمبراطورية العثمانية، في أفولها "الرجل المريض. يقول دعاة "الإسلام الحنيف" عن دعاة "الإسلام العنيف" أنهم ليسوا من الإسلام في شيء.. لكن السلفيين قد يشكلون رصيداً للجهاديين (الطالبان مثلاً، والإخوان المسلمون مثلاً.. دون أن ننسى السلفية الجهادية).
مرتان، في حال الصحة وفي حال المرض، أيقنت أوروبا بوجود جسم ما يسمى "العالم العربي". مرة بعد حرب اكتوبر 1973، حيث بدا العالم العربي "قوة سادسة" عالمية؛ ومرة أخرى في تداعيات "الربيع العربي" منذ 2011.
هل نرى في مصر، منذ يناير الماضي ـ إلى يناير الحالي، نموذجاً عن حال الصحة وحال المرض، فهي، مثلاً، تشبه مكانة البرازيل في أميركا الجنوبية في مكانتها من العالم العربي.
كانوا يقولون عن البرازيل إنها "قارة المستقبل" هل نقول إن مصر مستقبل العالم العربي؟ أو أن جمال عبد الناصر، الذي ثار على حكم مدني ـ برلماني فاسد، يشبه الجنرال خوان بيرون، المستبد العادل.
أو أن الفريق ـ أول عبد الفتاح السيسي يريد لبلاده استعادة الدور الناصري، أي المستبد ـ العادل، كما طمح عبد الناصر لاستعادة دور محمد علي الكبير، الذي "وحد" مصر وبلاد الشام، وردم الفجوة الحضارية بين مصر وأوروبا بحيث تقلصت إلى 40 عاماً، قبل أن تتكالب عليه فرنسا وبريطانيا وامبراطورية آل عثمان.. وايضاً، العنعنات الطائفية والمذهبية في بلاد الشام.
في أوائل ستينات القرن المنصرم، أي ذروة مشروع التحديث والنهضة الناصري، كانت كوريا الجنوبية تحت حكم ديكتاتوري للجنرال نغوين كاو ـ كي. انظروا كيف كانت كوريا الجنوبية متخلفة أكثر من السودان لا مصر، وكيف صارت بلاد "السامسونغ".
في زمن يقارب هذا، كانت البرازيل بلاداً للانقلابات العسكرية، بعد موت الانقلابي خوان بيرون، ثم حكم مدني غير كفؤ، جعل البلاد ذات مديونية هائلة، رغم ثرواتها الأسطورية.
.. إلى أن حكم البرازيل رجل ديمقراطي وتحديثي ومتنور هو لولاـ دي سيلفا، قائد النهضة البرازيلية الجديدة، الذي حكم البلاد فترتين دستوريتين متعاقبتين، وأصر على التنحي وعدم الترشح، رغم ضغط الشعب، لولاية ثالثة.
"خارطة الطريق" وضعها جيش مصر، بقيادة السيسي، وخطواتها الدستورية جرى تعديلها، بحيث صارت الانتخابات الرئاسية تتقدم على الانتخابات التشريعية، وبحيث أن السيسي يرى في "الاستفتاء" الذي جرى بنسبة تسعينية (ولو شارك فيه 38% من أصحاب حق الاقتراع) تفويضاً لترشيح قائد الجيش رئيساً لجمهورية مصر الثانية، بعد جمهورية "الأهرامات" الثلاثة: ناصر، السادات، مبارك.
تقول قاعدة فقهية إن "الضرورات تبيح المحظورات" وضرورات مصر الحالية أن يترأسها قائد عسكري، ربما لأن مرحلة الانتقال إلى رئيس مدني تتطلب "مستبدا عادلا" بخاصة بعد أن ضرب الإرهاب في سيناء، ثم في قلب مصر، وصار جيش مصر مسؤولاً عن منع تسرب الإرهابيين، من ثلاث جهات: سيناء، ليبيا.. والسودان، أيضاً.
استعار حسن نصر الله شيئاً من القرآن، وأسقطه على إسرائيل، قبل مرض العالم العربي بحُمّى "الربيع العربي" وقال إنها "أوهن من خيوط العنكبوت".
الواقع أن إسرائيل وإيران وتركيا ركائز مختلفة لديمقراطيات مختلفة، بينما يبحث العالم العربي عن نموذجه الديمقراطي من حكم الاستبداد إلى حكم الشعب.
.. لكن؟ من علائم الفوضى أن المعارضين للأنظمة ـ النظام السوري مثلاً، يتهمون اليسار بالانحراف (وليس كل اليسار هكذا)، والقوميين بممالأة النظام (وليس كل القوميين العرب هكذا) والليبراليين (وليس كل الليبراليين هكذا).
يوجد، حقاً، "عالم عربي" في الصحة وفي المرض؟!
***
تعقيباً على عمود السبت 24 الجاري:
Rose Shomali: صبري جريس كان مدير مركز الأبحاث في بيروت، وكان فيصل حوراني رئيس تحرير مجلة "شؤون فلسطينية".
Mahmoud El-Khatib: صبري جريس لم يكن، أبداً، رئيساً لمركز الأبحاث الفلسطيني، كان مديراً عاماً (إدارياً). ولم يكن، أبداً، رئيساً لتحرير (شؤون فلسطينية). هذا تزوير وافتراء ومصادرة لجهود الآخرين!
** من المحرر: دورك يا محمود محمود في إدارة "شؤون فلسطينية" بعد استقالة فيصل حوراني. ربما سهوت، لكن لم أُزوِّر أو أفتري أو أصادر جهودك المشكورة. لا أهمية للمسميات. أنا كنت رسمياً مدير تحرير "فلسطين الثورة" ـ قبرص.. وفعلياً رئيس التحرير.. كما تعرف!
جنيف ـ 2 : المايسترو .. والإيقاع !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
افتتح مؤتمر جنيف ـ 2 الخاص بسورية، بعيداً عن مدينة جنيف التي يلتصق اسم المؤتمر بها، إذ كان الافتتاح في مدينة "مونترو" التي يتخذ مهرجان موسيقى الجاز منها مركزه وشهرته، من المؤكد أن هذا الأمر لم يخطر على بال منظمي المؤتمر، إلاّ أن ذلك يوفر فرصة "الإيحاء" خاصة وأن موسيقى الجاز لا تحتاج إلى الالتزام بالنوتة الموسيقية، كما أنها ليست بحاجة الى مايسترو، والأمر يتعلق بالإيقاع "الثانوي" لضبط العازف الذي لا يتقيد إلاّ بأحاسيسه اللحظية.
وإذا ما ترجمت هذه الإيحاءات المنطقية ـ غير الواقعية ـ على المؤتمر، للاحظنا أن المؤتمر يتجنب وضع جدول أعمال، في حين يتعاون الصديقان اللدودان، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة، لعب قائد الإيقاع، في حين أن المايسترو المفترض ـ الأخضر الإبراهيمي ـ يحاول التنسيق بين الإيقاع والعازفين من طرفي المعادلة: النظام والمعارضة.
تجاوز المؤتمر بنجاح عقدة انعقاده، وتبددت الشكوك التي سادت قبل الانعقاد، رغم انتكاسة دعوة إيران للمشاركة فيه، وكل يوم يمضي، خلال الأسبوع الذي تقرر، والمباحثات جارية، يشكل إنجازاً هاماً، ذلك أن أحداً لا يتوقع التوصل إلى إنجازات باهرة، الأمر الذي كان يدركه الأخضر الإبراهيمي عندما نجح في جمع الطرفين تحت قبة واحدة، حتى لو لم يتحدث الطرفان مباشرة مع بعضهما البعض، وحتى لو اقتصر الحديث في البداية على الأخضر الإبراهيمي نفسه.
البداية الحقيقية لمؤتمر جنيف ـ 2، كانت قصة "الكيماوي السوري" ذلك أن حل هذا الملف من خلال المبادرة الروسية والاستجابة الغربية بقيادة أميركا، كان البوابة الحقيقية لتسهيل انعقاد المؤتمر رغم الشروط والشروط المضادة التي أوحت بأن هذا المؤتمر لن يعقد أبداً. الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيسي في هذا السباق، إذ دفعت بكل قوة لإجبار المعارضة على الانضمام إلى المؤتمر، حتى لو كان ذلك سبباً في انشقاقها وتصدعها، وهو ما حدث بالفعل، والولايات المتحدة أيضاً، كانت وراء فتح ملف "جرائم الحرب التي قام بها النظام السوري" قبل يومين فقط من موعد افتتاح المؤتمر، الولايات المتحدة كانت على علم بهذا الملف قبل شهرين، لكنها ساهمت في نشر الملف في الوقت المتزامن مع بدء الاعداد لافتتاح المؤتمر، في محاولة منها للضغط على الجانب السوري الرسمي، وسائل الإعلام المختلفة تناولت الملفين في وقت متزامن، جرائم الحرب التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري، وانعقاد مؤتمر جنيف ـ 2.
الكلمة السحرية لتوافق الطرفين على الالتزام بما تم في مؤتمر جنيف الأول، هي كلمة "مبادئ" وللتذكير كانت هذه الكلمة، أيضاً، هي التي أدت إلى توافقات في دساتير بعض الأنظمة العربية حول "مبادئ" الشريعة الإسلامية، إذ تسمح هذه الكلمة التي باتت مصطلحاً، للتفسير المرن للمقصود منها، وبحيث يفسرها كل طرف بما يخدم رؤيته وموقفه، لذلك اتفق الطرفان، الرسمي والمعارضة على "مبادئ" اتفاق جنيف واحد، للمفاوضات الجارية الآن، بعد إزالة الاستعصاء الذي كان يمكن أن يهدد استمرار العملية التفاوضية. الأخضر الإبراهيمي، المايسترو المفاوض المخضرم، لجأ إلى الأسلوب السهل في فن التفاوض، البدء بالقضايا الأكثر سهولة وتأجيل القضايا الساخنة إلى وقت لاحق، الملفات السهلة هي المتعلقة بتبادل الأسرى، وتسهيل وصول الامدادات الغذائية والدوائية إلى المناطق المحاصرة، وربما وقف لاطلاق النار في مناطق محددة، بداية بمدينة "حمص" وهذا فعلاً ما جرى أمس السبت، وربما كان هذا هو السبب وراء عدم حضور أعضاء مهمين من الجانب الرسمي السوري للنقاش الذي جرى، خاصة مع غياب وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة بثينة شعبان، وغياب بعض أعضاء الوفد المعارض، مثل ميشيل كيلو، الذي قيل تبريراً لغيابه، إنه عضو وفد المؤتمر وليس عضواً في فريق التفاوض في الجانب المعارض.
وحتى الملفات "السهلة" التي أشرنا إليها، ستظل أصعب من أن يتم حلها، وبفرض التوصل إلى توافق بشأنها، فإن تطبيقها على الميدان بالغ الصعوبة، بل إنها مستحيلة التطبيق، ذلك أن المعارضة التي تفاوض في جنيف، منقسمة بشدة، وهناك شكوك، من جانب فصائل المعارضة الأخرى حول مدى تمثيلها للمعارضة، كما أنها لا تملك قوة على الأرض، بل إنها الفصائل المسلحة، التكفيرية والارهابية منها على وجه الخصوص، هي التي تملك الكلمة الفصل بشأن هذه الملفات، وهي التي أعلنت جهاراً أنها ستعيق أي محاولة لتنفيذ أية تفاهمات حول الأسرى أو وقف إطلاق النار أو فك الحصار، واعلنت بوضوح أنها ضد مؤتمر جنيف ـ 2 وكل ما سيصدر عنه، ومن المحتمل أن يلقي الجانب الرسمي بقنبلته في الوقت المناسب، لكي يقول إن عدم وجود ضمانات بقدرة المعارضة المفاوضة على تنفيذ ما يتم التوصل إليه، هو السبب الرئيسي وراء فشل مؤتمر جنيف ـ 2!!
حتى يبقى الأردن مع فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
الذين لم يحتكوا بالأردنيين من الفلسطينيين، ولم يتصادموا معهم، ولم يتعايشوا معهم، ولم يقتسموا معهم لقمة العيش والكرامة والمواطنة والمساواة، لا يفهمون الأردنيين، ولا يحق لهم أن يجتهدوا في فهم الأردنيين لأنهم لا يستطيعون تحسس مخاوفهم، وقلقهم على وطنهم، وعلى بلدهم، وعلى مستقبلهم وأمنهم.
أوسلو، كان محطة نوعية مهمة، ونقلة جوهرية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد نقل الموضوع الفلسطيني برمته، باستثناء قضيتي اللاجئين والنازحين، وهم نصف الشعب العربي الفلسطيني، ومع ذلك انتقل جوهر الصراع وعنوانه وقيادته ونضاله وحقوقه من المنفى إلى الوطن الفلسطيني، فالصراع قبل أوسلو هو فلسطيني - أردني، وفلسطيني - سوري، وفلسطيني - لبناني، وفي بعض الأحيان وبدرجة أقل، فلسطيني - عراقي، وفلسطيني - مصري، بصرف النظر من المخطئ، هل كان الفلسطينيون هم المخطئين؟ أم النظم العربية وشعوبها؟؟، المهم كان الصراع بينيا، بين العربي والعربي، بين الشقيق وشقيقه، وداخل جبهة المواجهة العربية مع العدو الوطني والقومي، وكان العدو هو المستفيد الوحيد من الصراع الفلسطيني مع أشقائه العرب، والفلسطيني هو الذي دفع ثمن هذا الصراع، إلى أن انفجرت الانتفاضة الشعبية العام 1987 داخل الوطن والتي خلقت الأداة الضاغطة على إسحق رابين "بطل حروب إسرائيل" وقائدها، وعلى دولته المحتلة وعلى مشروعه الاستعماري التوسعي، فأذعن وأدرك أنه لا يستطيع هزيمة الشعب الفلسطيني وأطفال الحجارة والنضال المدني الباسل الذي خاضه الشبان والنساء وقادة العمل الوطني الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع ومعهم متضامنون من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة فكانت النتيجة: الاعتراف الإسرائيلي العلني بالحقائق الثلاث، أولاً بالشعب الفلسطيني، وثانياً بمنظمة التحرير، وثالثاً بالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى أرضية هذا الاعتراف المدعوم أميركياً، الذي تم إعلانه وتوقيعه في حديقة الورود في البيت الأبيض يوم 13/9/1993، تمت سلسلة الإجراءات العملية على الأرض:
1- الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا أولاً.
2- عودة الرئيس ياسر عرفات، ومعه عاد أكثر من 320 ألف فلسطيني في السنوات الخمس الانتقالية 94 – 99.
3- ولادة السلطة الوطنية كمقدمة وكمشروع مؤسساتي لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمنشودة.
اتفاق أوسلو قدم خدمة نوعية للشعب الفلسطيني، بنقل الصراع والعنوان والقضية من المنفى إلى الوطن، دفع ثمنها إسحق رابين باغتياله لأنه خان إسرائيل، وتنازل عن أرض إسرائيل، للعدو الفلسطيني، كما قال قادة اليمين الإسرائيلي ومنهم نتنياهو نفسه.
اتفاق أوسلو قدم خدمة للشعب الفلسطيني وهي حصيلة نضاله، ولكنه في نفس الوقت، قدم خدمة جليلة إستراتيجية للأردن وللأردنيين، لأنه ألغى المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي "الوطن البديل" أي جعل الأردن وطناً بديلاً لفلسطين، لسببين من وجهة نظر المستعمرين الإسرائيليين أولهما: أن شرق الأردن جزء من خارطة إسرائيل، وأن الإسرائيليين حصلوا على الجزء الأصغر من إسرائيل الكبرى فمساحة فلسطين (إسرائيل) 27 ألف كيلومتر مربع بينما مساحة الأردن 96 ألف كيلو متر مربع، ولذلك ليذهب الفلسطينيون إلى شرق الأردن ويقيموا دولتهم عليها ويتركوا غرب الأردن للإسرائيليين.
ثانيهما: أن أغلبية سكان شرق الأردن هم أصلاً من الفلسطينيين، ومن هنا قيمة أوسلو أردنياً أنه أنهى مؤامرة الوطن البديل عن الأردن.
ولكن مقابل مشروع الوطن البديل، هنالك أيضاً مؤامرة أخرى بديلة، وهي الخيار الأردني أي عودة الأردن تعسفاً ليحكم ويتحكم بما تبقى من الضفة الفلسطينية الواقعة بين الجدارين ليشكل امتداداً للأردن، فيبقى الأردن ويتحول إلى وعاء لاستيعاب تدفق النازحين إليه باعتبار ما تبقى من الضفة الفلسطينية جزءاً من الدولة الأردنية تحت مسميات الفدرالية والكونفدرالية، وفي كلا الحالتين مؤامرة على الأردنيين وعلى الفلسطينيين، فقد سقط الوطن البديل ليكون الخيار الأردني تحت مسميات الوحدة الفدرالية أو الكونفدرالية هو المشروع المقبل، وهي مسميات مرفوضة من قبل الأردنيين، لأنها تمس أمنهم واستقرارهم وهوية بلدهم ووطنيتهم.
ما يتفوه به بعض القيادات الفلسطينية حتى ولو من باب الوطنية أو القومية الزائدة على أننا شعب واحد أردني فلسطيني، أو أننا نعمل من أجل الوحدة الأردنية الفلسطينية تحت أي مسميات وحدوية، لا يستسيغها الأردنيون ولا يقبلون بها، وهي في نظرهم هروب من قبل الفلسطينيين عن مواجهة عدوهم وعجزهم أمامه وفشلهم في استعادة حقوقهم من بين مخالبه ومن جشعه ومن بطنه.
أخطأ من قال أو اختار أو قبل أن تكون قوات أردنية على أرض فلسطين بديلاً لقوات الاحتلال، فهي ربما ستخلق احتكاكاً غير مرغوب فيه مثلما ستوجد قلقاً أردنياً مشروعاً لا داعي له.
لقد سبق وحسم جلالة الملك عبد الله موقفه علناً بقوله: لا نقبل استبدال الدبابة الإسرائيلية بالدبابة الأردنية، فلماذا يصر البعض على استفزاز الأردنيين ودفعهم نحو التوتر والاحتقان، سواء لأسباب تكتيكية لإحراج الإسرائيليين، أو لأسباب مبدئية لأنه يؤمن أننا شعب واحد، ونحن ليس كذلك، لنا هويتان وننتمي لقومية عربية واحدة، بجوازي سفر، ولنا قيادة أردنية للأردنيين، وقيادة فلسطينية للفلسطينيين مثلما يوجد برلمانيون منتخبون بهويتين مختلفتين، فلماذا الخلط غير المرغوب؟؟.
أقولها وبكل صراحة: نحن لسنا شعبا واحدا، نحن شعبان بهويتين، مثل الجزائريين والمغاربة، ومثل الكويتيين والسعوديين، فلا تتوهموا بالكلام الدبلوماسي الذي يقوله البعض للبعض الآخر، فهو لا يقبله أردني واحد، فلماذا الوهم واختلاق المعارك الوهمية غير المطلوبة، ليتجه الفلسطينيون غرباً نحو حل مشاكلهم مع الإسرائيليين الذين يحتلون أرضهم ويصادرون حقوقهم ويعتدون على كرامتهم، ويتركوا الأردن وأهله ليقدموا التأييد والمساندة لفلسطين وشعبها وقيادتها بقدر استطاعتهم، فالأعباء الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه الأردنيين تكفيهم فلا تثقلوا عليهم، بمزيد من الأعباء والقلق!.
"التشريعي" .. أنهى ولايتين ويدخل اليوم الثالثة رغماً عنا .!
بقلم : أكرم عطا الله – الايام
بلا طقوس سوى من بعض الهزل يدخل أولئك المخلدون من أعضاء المجلس التشريعي المنتهية ولايته اليوم دورتهم الثالثة دون استشارة أولئك المغلوب على أمرهم والذين صدقوا يوما أنهم يشاركون في بناء نظامهم السياسي حين اصطفوا طوابير قبل ثماني سنوات أمام صناديق اقتراعهم معتقدين بسذاجة أن لهم مكاناً في غابة السياسة .. مساكين لأنهم صدقوا أن أحزابهم وقواهم تعطيهم من الكرامة ما يحقق لهم مشاركة سياسية كباقي شعوب الأرض.
هكذا وبكل بساطة تمديد تلقائي إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، ومدهش ألا نرى واحدا من أولئك المؤبدين على رقابنا رغما عنا يعلن احترامه لهذا الشعب ويقدم استقالته من هذا المجلس الذي يعيش البطالة منذ انتخابه ولا زال سوى من بعض الامتيازات الشخصية يوفرها لأعضائه باعتبارهم من السادة وليسوا من الرعية، لا أحد فعلها الا المرحوم حيدر عبد الشافي حين أدرك أنه لم يعد قادرا على خدمة شعبه انسحب بهدوء ليسجل في ذاكرتنا صفحة بيضاء في تاريخه الناصع وليس مثلهم .
لا أحد فعلها لا من اليمين ولا من اليسار ..لا من الدكتاتوريين ولا من الديمقراطيين ،لا الذين يخافون الله ولا الذين يخافون الشعب، كلهم في السلطة سواء حتى اليسار الذي أرهقنا في الحديث عن الديمقراطية وإرادة الشعوب وبالرغم من حضوره الذي يشبه غيابه في "التشريعي" إلا أن إصرار ممثليه على الاحتفاظ باللقب بعد انتهاء التكليف يثير شكا حول مصداقيته تماما مثل أحزاب الصراع على السلطة.
محاكمة التاريخ ستسجل أننا ذهبنا يوما لاختيار ممثلينا لنكتشف أنهم احتلونا، فلدينا مجلس معطل لو انحل أو قدم كل الأعضاء استقالتهم لن يشعر الشعب الفلسطيني بغيابه أو أنه خسر شيئا، فهو لا يراقب حكومات ولا يضع قوانين ولا يوقف تغول أجهزة أمن ،أعضاؤه حزبيون، انقساميون قسموه إلى مجلسين اصطف كل منهم خلف حركته وحكومته التي كانت جزءا من مأساة الوطن .
يستمر أعضاء المجلس التشريعي في احتلال مقاعدهم بقوة السلاح لا بقوة القانون بحماية الأجهزة الأمنية لا بأصوات الشعب، فهذه كانت لفترة محددة ومحدودة ولولا سطوة القوة لتمكن الشعب من حل هذا المجلس المشلول منذ زمن ولكن الجميع يعرف ماذا ستفعل القوى الأمنية فيما لو خرج الناس للشوارع أو للسيطرة على هذا المجلس لإرغامه على الرحيل، التجربة كانت أمامنا في غزة وفي الضفة لن تكون أفضل .
ذلك طبعا لن يبرر عجز هذا الشعب عن اتخاذ القرار وعجزه عن الحركة إلى الحد الذي يمكن أن يقال أنه لا يستحق أكثر من هذا الأداء الرديء، فكيف يمكن أن يصمت الفرد على ضياع أدنى حقوقه وكيف يقبل أن يتحول التمثيل بالإرادة إلى التمثيل بالقوة ؟ فأعضاء "التشريعي" قتلوا كل الشرعيات ووجهوا ضربة قاصمة للقيم الديمقراطية بتشبثهم بمقاعدهم الوثيرة يعتدون يوميا على حقنا في اختيار ممثلينا، يديرون ظهورهم ويخرجون ألسنتهم لنا جميعا قائلين بصوت واحد اذهبوا للجحيم .
الحقيقة أننا أمام قدر كبير من غياب الثقافة السياسية وممارسة الحكم سواء لدى المواطن أم لدى ممثليه المنتهية ولايتهم، فالانتخابات هي عبارة عن عقد اجتماعي محدد يقوم خلالها الشعب صاحب السلطة الحقيقية باختيار أو تكليف البعض للعمل لديه لمدة أربع سنوات، وهذه هي مدة التعاقد ينتهي التكليف بعدها أو يعاد تجديده مرة أخرى، يبدو أن لا أحد يفهم بأن أي يوم بعد مدة العقد تصبح اغتصابا للسلطة وتجاوزا للقانون وللأعراف السياسية التي تعارفت عليها النظم التي أعادت صياغة طبيعة العلاقة بين الشعب والسلطة .
فالشعب هو سيد السلطات ومصدرها يعطيها لمن تشاء ويحجبها عمن يشاء، وهو الحاكم الفعلي، وتنعقد المحاكمة كل أربع سنوات وفقا للقانون، فالانتخابات هو يوم إصدار الشعب قراره بالمكافأة أو العقاب، بالتكليف أو الإعفاء، بالإعلان عن النجاح أو الفشل ،ولكن هذا لا يحدث عندنا، فعندما جرت الانتخابات كان أحد الفائزين بعضوية المجلس شاب في حوالي الثلاثين من عمره صرح قائلا : نحن جئنا لنحكم أربعين سنة، يظهر أن ذلك الشاب حسب عمره الزمني حتى السبعين وأراد أن يقضي بقية حياته في المجلس ويبدو أن نبوءته تتحقق.
هل يعقل طوال عقدين من إنشاء السلطة ألا تجرى الانتخابات سوى مرتين، هذا لا يحدث في أكثر الدول تخلفا، وأكثر الشعوب بلاهة حتى في مجاهل أفريقيا تتم الانتخابات في موعدها بالرغم من الحروب القبلية والصراعات، لكن يبدو أن لدينا أحزابا وقوى ونظاما سياسيا وشعبا منسجمين تماما في مستوى الوعي السياسي حتى يمر موعد الانتخابات دون أن يخجل أي من أعضاء المجلس لأنه يتجاوز الرخصة المحددة له، فهناك خلل في فهم العلاقة بين الشعب والسلطة، خلل في الثقافة السياسية، فالشعب هو السيد صاحب الأرض والسيادة ومالك الوطن وأعضاء السلطة ليسوا سوى خدم لديه، وكم هي رائعة مقولة رئيس الوزراء البريطاني الأشهر ونستون تشرشل الذي كان يذيل كل خطاباته للشعب البريطاني يكلمه " خادمكم المطيع " ولنا أن نتصور أن يقوم السيد بتوظيف خادم لديه لمدة محددة وبعد نهاية هذه المدة يبقى ذلك الخادم يعمل لدى السيد رغما عنه ويهدده بإطلاق النار لو فكر بطرده ويجدد عقده لوحده .
البرلمان الفلسطيني الأول استمر عقدا من الزمن بفعل تواطؤ كان قد نشأ بين السلطة والمعارضة، بين حركة فتح وباقي القوى المعارضة التي لم تضغط للدفاع عن حق المواطن في إجراء الانتخابات في موعدها لأن الأمر لا يعنيها ولأن لا تريد السقوط في "مستنقع" أوسلو، ولكن وهج السلطة أسال لعابها لتزحف بعد سنوات إلى حيث ما توفره امتيازات أوسلو لتغيير شكل التواطؤ مرة أخرى بالتقاسم الهادئ على حساب الوطن والمواطن .
كان عدد أعضاء البرلمان الأول 88 عضوا واتفقت الفصائل على رفعه إلى مائة واثنين وثلاثين حتى تتمكن من إدخال أكبر عدد من كوادرها لتتم رشوة الصف الأول والثاني بامتيازات المقعد الوثير وجواز السفر وحصانة وسيارة وراتب كبير، وها هو يمدد لنفسه تلقائيا ومن لم يعجبه بإمكانه أن يضرب رأسه في الجدار العازل الطويل الذي تبينه إسرائيل في الضفة أو يشرب من بحر غزة، ولكن شريطة ألا يتجاوز الأميال التي حددتها إسرائيل في اتفاقية التهدئة الأخيرة .
ما رأيكم أن نخاطب أي عضو في المجلس التشريعي بـ " المنتهية ولايته" وللتذكير فهو مصطلح أهدته حماس لقاموسنا السياسي حين شارفت ولاية الرئيس على الانتهاء ثم سحبته من التداول عندما أصبح كوادرها المنتخبون منتهية ولايتهم .. يا لهذا التواطؤ حين تصبح مصلحتهم ضد القانون ..!
وعدي لكِ، أن أضعك في أحلامي
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
دون سابق إنذار بادرتني قائلة: "أريد أن اشتري حلماً، بيعيني أحد أحلامك أو اقرضيني بعضاً منهم". بينما كنت أخفي صدمتي ودهشتي من ما قذفته في طبقي، شعرت بمعنى كلمات لم أكن أحبها كثيرا، " من مأمنه يؤتى الحَذِر".
هي من نوعية المخلوقات التي لا يكاد المرء يشعر بها، مركون في أحد الزوايا على مكتب منزوٍ. لا تلفت الانتباه ولا أحد يلتفت اليها ولا تسعى لذلك. يمكن أن يعتبرها البعض كأحد المخلوقات الفائضة عن الحاجة لغايات استكمال المشهد الوظيفي، لا تضر أو تنفع، وفراغها يمكن أن يعبئه أي أحد. بدأت أفكر في إجابة مقنعة بينما أتأملها وأستمع لسأمها من نفسها. امرأة متوارية خلف قلق ما، شاحبة لا يمكن تقدير عمرها أو أن عمرها يسير بتثاقل. ربما نسيها الزمن في شروده أو لدى ذهوله الدائم عن المخابئ. بدأت استوعب ملامحها، سنوات عمرها، ألوانها، خفوت صوتها.
ملخص قصة الباحثة عن حلم للبيع أو التأجير، انها امرأة سيئة الطالع من برج السرطان الكئيب، فقد ولدت في لحظة كانت فيها الأبراج في حالة اشتباك فلكي يتربع فيها زحل الفضاء. لذلك اعتادت على رؤية الأشياء الخافتة والمتقهقرة إلى الوراء. منذ الصرخة الأولى وضع في فمها قطعة من المطاط تلتهي بها عن عدم الاكتراث. ومن ثم اعتادت على المسكّنات والوعود والتأجيل وطبخات البحص. وفتحت عيونها على أخذ نصيبها وإرثها بنصف حظ.
في لحظة ما أضاء رأسها، قررت وقف تأجيل كل شيء، تأجيل الحظ والكرامة والصرخة الثانية. أصبحت جاهزة لفك قيودها والاعلان عن عدم قدرتها على احتمال التواري ومضغ المطاط وحياة القهر والذل، لم تعد قادرة على تحمل التمييز ضدها كالقدر المسلّط على الرقاب، ووصلت إلى النقطة التي ستطلق العنان لثورتها الحبيسة، وإيقاف هدر حياتها. ومن حيث لا تدري خلق الاضطهاد لديها الحافز لتحلم بالتحرر من الاستلاب. فلم تعد تحتمل مسؤولين لا يتمتعون بالمعرفة وكل ما يبرعون به الفهلوة ومعرفة استخدام السياسات. فجأة رأت حياتها على حقيقتها، انسانة رفيعة العلم تُدار ممن يفهم السياسات ويجيدون التسلق والفهلوة. فجأة يصحو في أعماقها شعور لم تعرفه أو تختبره، كل ما هنالك انها قرأت عنه، العزة والكرامة.
قلت لها: لست من الوعّاظ، لكني أعرف أن الأحلام موجودة في حياتنا ولا تغادرنا، نغيرها ونبدِّلها بأيدينا علاوة على توالدها في كل يوم جديد. بعض الأحلام جميل يحملنا إلى دنيا بعيدة تنسينا قسوة الزمن وأهله، وبعضها سيبقى حلما لا يتحقق أبدا. لا يمكننا إقراض أحلامنا أو تأجيرها، وإن اقرضتك بعض أحلامي قد تنامين وتصحين كل يوم ولنهاية العمر دون أن تجدي أحدا منها يتحقق، لكني أستطيع أن أعدك أن تكوني في بؤرة أحلامي، لكن عديني بأن تحرري تفاعلك وتطلقي ما بداخلك، والحفر والتقدم بذاتك وعدم انتظار قدوم الحظ بل اذهبي بوعي اليه، بشرط التوقف عن هدر شخصيتك وشحوبها بيدك، إيقاف تواريك الإرادوي حتى لا يُستغَل من محترفي الفهلوة..وقبل كل شيء، أن تتعلمي قول كلمة "لا" في وقتها وأوانها.
صرخة اليرموك: "فلا نامت أعين الجبناء"
بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
"لقد شهدت مئة زحف، وما في بدني موضع شبر، إلاّ وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، فلا نامت أعين الجبناء".
خالد بن الوليد
تلاحقني صور أهلي في اليرموك،
تلاحقني صور الأحباء والأصدقاء، وكل من قابلت، ومن لم أقابل، أثناء زياراتي للمخيم.
يطل الشهداء غسان الشهابي، وحسان حسان، وعبد العزيز الخضراء، وزهرة يوسف الزين، ومصطفى بحطيطي، وأسامة أبو هاشم، وسعيد الفواز، وثائر فاعوري؛ ممن استشهدوا قنصاً أو جوعاً.
تطلّ مجموعة أصدقاء "عائدون"، و"دار الشجرة للذاكرة الفلسطينية"، و"العاشقون".
يطل العزيزان بثينة وعلي، وأبو عرب وسميح، ثم هالة وجمال، اللذان صحباني لمقابلة المناضلة: "خزنة الخطيب"، جدة جمال/ التي قاتلت مع الشهيد عز الدين القسام، في حيفا، والتي هجِّرت إلى اليرموك، ثم رحلت، قبل أن تشهد فظاعة ما حدث ويحدث في المخيم الحبيب.
أبحث عن بيوتهم؛ فلا أجد سوى الخراب والدمار والأنقاض،
وأبحث عن أصواتهم الحرة؛ فلا أسمع سوى صوت الصمت، الذي يخرج على هيئة صرخات ممتزجة بالقهر.
*****
اليرموك اليوم واليرموك أمس،
ما بين حلم العودة، الحلم الذي عاش من أجله المهجَّرون إلى اليرموك، وربوا عليه أولادهم، وأولاد أولادهم،
وما بين حلم اليقظة، الحلم الذي أحال حياتهم جحيماً مستعراً، وعذاباً يومياً.
*****
اليرموك اليوم واليرموك أمس أمس،
ما بين النصر والهزيمة،
ما بين جيش موحَّد عربي، انتصر على الإمبراطورية البيزنطية، بقيادة موحدة، تحت راية الإسلام، في معركة اليرموك، التي شكلت، استناداً إلى المؤرخين الأجانب، واحدة من أكثر المعارك الحاسمة في تاريخ البشرية،
وما بين جيش، وجماعات مسلحة مفتتة، اختلفوا على كل شيء؛ لكنهم اتحدوا على محاصرة وقتال المدنيين، في مخيم اليرموك، في معركة هدفت إلى معاقبة سكان المخيم، على حسهم القومي، عبر إذلالهم، ومحاولة تحويلهم من مناضلين إلى متسولين، وإعادتهم إلى المربع الأول، وإثارة النعرة الطائفية، والقبلية بينهم.
*****
أمس أمس،
كان لقيادة المعركة أثر كبير في النصر الذي أحرزه المسلمون في معركة اليرموك،
شكلت القيادة مثالاً يحتذى في التاريخ العسكري؛ لأن قوة عسكرية صغيرة العدد؛ تغلبت على قوة عسكرية كثيرة العدد، بفضل القيادة الحكيمة، والذكية، والمبدعة، وبعيدة النظر، والشّجاعة،
واليوم اليوم،
كان لقيادة المعركة أثر كبير في الإحساس بالهزيمة المعنوية؛ ما أدى إلى تهجير الآلاف ممن يستطيعون الرحيل، من اليرموك إلى المجهول.
وشكلت بعض فضائيات العالم العربي معيناً، في تشويه صورة المخيم، وتاريخه المشرِّف؛ مما رسخ في ذاكرة الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية، وشعوب العالم.
*****
أدمتني مشاهد تلقي المساعدات الإنسانية،
أدمتني فكرة التركيز على المساعدات الإغاثية، على أهميتها،
لم أجرؤ على أن أحدِّق في العيون الغائرة، أو أن أنظر إلى الابتسامة الكئيبة فوق الوجوه المتغضنة، أو إلى الأجسام الهزيلة،
ورغم أني أغمضت عيني؛ إلاّ أني رأيت القلوب المحطمة، وأصابع الاتهام التي يرفعها أهل المخيم، في وجه الكون بأسره.
ما بين الحياد والالتزام القومي؛ ضاعت البوصلة، وتاه الطريق، وأظلمت الدنيا،
تغنى الشعب العربي من المحيط إلى الخليج بأغنيات الوحدة العربية، والمصير المشترك،
لكن بعض القيادات العربية، سرعان ما نسيت شعارات الوحدة، وأغنيات الوحدة، وطالبت بتحييد كل من يقيم على أرضها، من غير شعبها، وعرَّضت من يخالف ذلك للاعتقال والطرد، وأحياناً عرَّضته للتعذيب والموت،
وتكبر المصيبة، حين تبدأ الشعوب العربية، التي ضللت، - عبر وسائل الإعلام -، في تبني شعارات الأنظمة العربية، وفي معاملة الأشقاء العرب معاملة الغرباء؛ ما يتسبب في حدوث شرخ بين الإخوة، يبدأ خفياً، ثم يتمدد على القلب، ويعمي البصر والبصيرة، ويطيح بكل منطق.
وتتعاظم المصيبة؛ حين تتبنى حركات التحرر الوطني، هذه المقولة، وتعمل عل ترسيخها؛ فهذا يعني التخلي عن شعاراتها، التي تربط حركتها التحررية بالحركات الثورية، عبر العالم، ما يؤدي إلى تعميق الفردية، وإلى نبذ الاحتكام إلى العقل، وتغييب القانون، لصالح الشرذمة والتفتت إلى طوائف وعشائر وقبائل.
كيف يمكن أن نقنع أطفالنا، الذين أنشأناهم/ن على حب الوطن العربي الكبير، وحب الإنسانية، بأن يقلصوا المساحة، ويختزلوا الحلم، ويعودوا إلى أحضان القبيلة فحسب؟!
يا الله، أية وحدة عربية نتحدث عنها؟! وأي حلم قومي نغتاله اليوم بأيدينا؟!
وأي مصير مظلم ينتظر الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج؟!
"إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
*****
كيف يمكن أن نبعد شبح الرعب والموت، بأنواعه، عن أهلنا، في مخيم اليرموك؟!
ما هو المطلوب لإنقاذ المخيم (ربع سكانه من السوريين)؟ والذي هاجر وهجِّر معظم قاطنيه إلى شتى دول العالم، حتى بقي فيه قرابة 20, 000 مواطن/ة؟
لو كان وصول المساعدات الغذائية، من طعام وشراب ودواء، وتدفق الأموال؛ هي التي تنشر الأمن والأمان بين سكان المخيم، لاقتصرت مطالباتنا على تكثيف جهود الإغاثة.
ولو كان الحصار يطال الفلسطينيين، دون أشقائهم، لكان المطلب، توفير ممر آمن لهم وحدهم؛
لكنا نعرف أن المساعدات الإنسانية، والطبية، والمادية؛ لن تنشر الأمن والأمان، وأنهم سوف يظلون معرضين للقتل والاعتقال والتعذيب والموت؛ كما يتعرض السوريون جميعاً.
كما نعرف أن الحصار مفروض على مناطق متعددة، في البلاد؛ وليس على مخيم اليرموك فحسب؛ الأمر الذي يستدعي إبراز البعد السياسي لقضية المخيم، دون إغفال البعد الإنساني.
علينا مطالبة المجتمع الدولي بالضغط لوقف آلة القتل الجهنمية، بأشكالها كافة: القصف بالمدافع وطائرات الهليكوبتر، والدبابات، والقتل الهمجي البربري، ثم رفع الحصار، وفتح ممرات إنسانية، والإفراج عن المعتقلين/ات، ثم عودة المهجَّرين إلى بيوتهم.
***** هل هي نكبة فلسطينية جديدة؟ نكبة أعظم من النكبة الأولى؟ أم نكبة النكبة؟!
اليهود في الرواية العربية ـ 2 ـ .... واسيني الأعرج في "البيت الأندلسي"
بقلم: عادل الأسطة – الايام
"البيت الأندلسي" عنوان رواية لواسيني الأعرج صدرت في العام 2010 عن منشورات الجمل في بغداد، وتقع في 447 صفحة، يكتب فيها واسيني عن موريسكي غادر اسبانيا إبان محاكم التفتيش، وأقام في الجزائر، وقرر أن يبني بيتاً على غرار بيت رآه والفتاة اليهودية التي أحبها هناك، في الأندلس.
وسيقام هذا البيت في مدينة الجزائر وسيصمد أمام الزمن قروناً عديدة يتعرض خلالها إلى تغيرات وتبدلات، ويؤول، زمن استقلال الجزائر، إلى الهدم. كأنما لسان حال الرواية، وهي تعرض للتحولات التي ألمت بالبيت خلال قرون، يقول: إن عرّبت خرّبت.
يصدر واسيني روايته بسطر دال هو "إن البيوت الخالية تموت يتيمة" ويدرج تحته اسم من بنى البيت وهو (غاليليو الروخو) (سيدي أحمد بن خليل) ويورد أسفل السطر بيت الشاعر أبي البقاء الرندي: "وهذه الدار لا تبقي على أحد/ ولا يدوم على حال لها شان".
والرواية من ألفها إلى يائها تطنب في قول ما قاله الروخو وما توصل إليه الرندي. لم يبق أحد ممن بنوا البيت وأقاموا فيه، بل إن البيت لم يدم على حال، وقد آلَ إلى زوال.
بطل الرواية، باني البيت، هو صاحب المقولة ـ طبعاً الرواية تقوم على أساس التوازي بين زمنين؛ زمن تاريخي يعود إلى 400 عام، وزمن يتطابق وزمن الكتابة تقريباً. الزمن التاريخي هو زمن طرد المسلمين من الأندلس ولجوئهم الى شمال افريقيا، وزمن الكتابة هو سنوات ما بعد استقلال الجزائر، وما بين زمن الهجرة وبناء البيت وزمن هدم البيت / زمن الكتابة أزمنة عديدة يعرض لها السارد/ون من خلال الإتيان على ما ألم بالبيت من تغيرات خلال أربعة قرون.
من هو غاليليو الروخو؟ وما هي صورة المرأة اليهودية؟
نتعرف في بداية الرواية الى حياته، فقد كان هذا "الموريسكي بحاراً طيباً شارك في حروب كثيرة قبل أن يتخلى عن الديانة المسيحية ويسلم عندما دخل إلى الجزائر. كان متزوجاً من يهودية تركت كل شيء وراءها وتبعته لتعيش معه قسوة المنفى..." ص19 و"هذه اليهودية هي حنا سلطانة" لها وجه سمح وشعر أحمر" ص44، لها صوت لم يكن يضاهيه صوت آخر، وكانت في لباسها الفضفاض المصنوع من الحرير والساتان الهندي والصيني، المطرز بالياقوت واللؤلؤ وأحجار البندقية الجميلة، كانت كأنها جسد معشق بكل الألوان" ص53 وعطرها عطر مميز لا يباع ولا يشترى. ص54.
سلطانة بلاثيوس هذه كانت في جمالها بلا شك، وفي زهوها واستقامة جسدها ورشاقتها، وظل جسدها سرها العظيم الذي لا يعرفه إلاّ الرجل الذي أحبته وغامرت من أجله وهجرت عائلتها، كانت مستعدة للموت والسفر في بحر لم تكن تعرف عنه الشيء الكثير، لولا أخوها الدون فريدريكو دي طوليدو، لأكلتها القفار، وخلاء المدن البعيدة" ص55.
وستتعزز هذه الصورة البهائية لسلطانة في صفحات لاحقة من الرواية، هكذا رآها الروخو في المكتبة في الأندلس: مشرقة كالقمر وممتلئة كتفاحة، وحين جاءته، لأول مرة على المكتبة "كانت ترمي شعرها إلى الوراء كالغجريات" ص93. وهي ذات ابتسامة رائعة رائقة، ص163، لأجلها كتب شعراً، وكانت تعني له الكثير، فقد منحته الحب ومنحته الحياة، ورأى أن لا قيمة للمال وأملاك الدنيا بلا سيدة الروح والمحتلة لعش القلب" وحين انفصل عنها، قبل أن يلتقي بها ثانية، اشتاق إلى صوتها، حنينها، وجها، وهذا هو ما أعطاه القدرة على الصبر والمقاومة في المنفى. ص171 ولقد ظل الروخو متعلقاً بها بعد أن افترقا بسبب التهجير، ولم يكن الدين ليفصل بينهما فلا "عاش دين يفصلني عن قلبي وعن أحاسيسي العميقة" (ص179). سلطانة هذه عنيدة وذات حاسة أنيقة وذوق فني معماري.
في الكتابة عن اليهود في الأدب العالمي، بل وفي الأدب العربي الذي أتى على حياتهم في العالم العربي في ق19، كانت هذه الصورة للمرأة اليهودية تطالعنا، وقد توقفت أمامها وأنا أكتب عن صورة اليهود في رواية عبد الرحمن منيف "أرض السواد" (1999). هكذا تبدو المرأة اليهودية: إنها تتبع هوى قلبها وتغامر من أجل حبها. وهذا النموذج وجدناه في رواية إلياس خوري "باب الشمس"، فاليهودية الألمانية في القدس أحبت فلسطينياً ولما عارض أهلها تخلت عنهم وهربت معه وأقامت في غزة. (ينظر كتابي: اليهود في الرواية العربية، جدل الذات والآخر).
هل سلطانة هي الشخصية اليهودية الوحيدة في رواية البيت الأندلسي؟
كانت الأندلس، كما قرأنا، موطناً تعايش فيه المسلمون واليهود بقدر من الحب والوئام والصفاء، وغدت رمزاً للتعايش.هل كانت رواية واسيني رواية ترمز إلى هذا، ولهذا كان هناك زواج وحب ما بين الروخو وسلطانة؟ وليست سلطانة هي الشخصية الوحيدة اليهودية في الرواية. هناك شخصية ثانية ذكورية ذات دلالات رمزية ايضاً، هي شخصية ميمون البلنسي.
كما تحضر سلطانة في أكثر من صفحة من صفحات الرواية، يحضر أيضاً ميمون، ويكون مهماً للروخو، كما كانت سلطانة مهمة له. وميمون هذا هو صانع الذهب اليهودي الذي كان الروخو يعمل معه، وكان وسيلته للاستمرار.. إنه رجل طيب، "ووضعه كان شبيهاً بوضعي جاء مع الدفعات الأولى من المارانوس الذين طردوا من الأندلس.. مارانوس وموريسكوس كنا في نفس العاصفة" ص153، واليهودي هذا صديق للروخو كان يجد معه متعة خاصة للراحة بعد تعب اليوم على ظهر السفينة أو في محل الذهب" ص154. إنه طيب، رجل أمين وصاحب حرفة" ص155، وهو يعمل كثيراً ولا يتكلم إلاّ قليلاً، ص156، ويكرر دائماً حكمة الذئب المعروفة: اللي تتكلمه اجريه يا وليدي" ص157، وهو موضع ثقة الحكام، إذ يثقون بصنعته، لأنه صناع ماهر لا يكرر، فأخطر شيء في صنعته ـ الذهب ـ هو التكرار، وفوق هذا فهو رجل حكيم: إذا أردت أن تربح جاري زبونك... أعطه ما يدهشه حتى ولو خسرت من رأسمالك في المرة الأولى. والطريف أنه لا يبخل بأسرار مهنته على صديقه الروخو، فهو يعطيه إياها، وينصحه بأن يركز على الحرفة، لا على الكتب، ص182. وميمون هو رجل عاقل تزوج مرة واحدة ثم أضرب عن النساء، فقد غادرته زوجته من أجل محارب مسيحي، وإذ يتذكر هذا يبدو حزيناً، ولكنه كان صافياً كقطرة" لأول مرة أشعر أن العمر كان قد خط علاماته على أصابعه الرشيقة. ووجهه المضاء بشعاع الأولياء، ولكن نفس الزمن القاسي لم يمسس ولا ذرة واحدة من رشاقة يديه وذاكرته الحية ونباهته القوية" ص184.
والرواية التي لا تخلو من نعت بعض التجار اليهود بالربا والتعاطي به ترسم صورة مغايرة لميمون، صورة تخرج عن التصور التقليدي لهم الذي بدا في مسرحية (شكسبير): تاجر البندقية، فميمون يساعد الآخرين ويقدم المال دون أن يسأل عن فوائد. هكذا يساعد الآخرين، وحين يتلكأ المسيحيون عن مساعدة المسيحي (سرفانتيس) يتقدم اليهودي ليساعده، على الرغم من أن المسيحيين طردوه من الأندلس، هكذا يخاطب الروخو (سرفانتيس): "أنت حر، عليك أن تشكر صبحاً ومساء هذا الرجل الذي قام بالمستحيل لإنقاذك وليس بني جلدتك" ص299.
وثمة إتيان على يهود آخرين غير سلطانة وميمون. يهوديات يشاركن في فرقة الموسيقى، ويهود ذكور تجار يشترون المخطوطات والمنازل ويبيعونها، وثمة ربط بين اليهود والسحر، بل وثمة جني يهودي يسكن البيت، كان طيباً في أثناء إقامة سلطانة فيه، فلما ماتت غدا جنياً شريراً.
كل ما تقدم كان توصيفاً للنماذج اليهودية التي ظهرت في الرواية. هكذا قدم الكاتب اليهود في روايته، قدمهم بما يتماثل مع الصورة المعروفة لهم في الذاكرة عن حياتهم والمسلمين في الأندلس، ولكن هذا لا يمنع من أن يثير المرء أسئلة عديدة هي: ما الذي يرمي إليه الكاتب من وراء هذا؟ وماذا يمكن أن تخدم هذه الصورة ومن؟ وماذا سيقول القارئ الفلسطيني إذا ما قرأ هذه الرواية، دون أن يقرأ رواية "سوناتا لأشباح القدس"؟ هل سيسيء الظن بالكاتب؟ هل سينعته، مثلاً، بأنه كاتب مطبع؟ وقد لا تروق هذه الأمثلة لمحبي الروائي، ولكنها تظل أسئلة مشروعة.
تغريدة الصباح – نورس حيفاوي
بقلم: حنان باكير – الحياة
كعادتي التي لن أغيّرها.. سأظل أحكي عن أحبابي الراحلين بفرح. لأني بالفرح أستحضر أرواحهم. علي أبو طوق. هكذا من دون أي لقب أو رتوش. بل اسمه، لقب لكل المعاني الإنسانية. هو نورس حيفاوي أفلت من بحر حيفا.. وحلّق فوق سماء كل المخيمات مبشّرا بعودة النوارس الى موطنها.
علي أبو طوق.. قائد/ عفوا قدّيس، مخيمي صبرا وشاتيلا. يصادف يوم السابع والعشرين من كانون الثاني، ذكرى إصابته بقذيفة فقدت ضميرها، حملته بعيدا عنّا. أعادت روحه الى حيفا، واحتضن مسجد المخيّم جسده.
يوم التقيته لأول مرة، خلت نفسي سأقف امام قائد عسكري ضخم. فوجئت بإنسان رقيق، مهذب وجنتلمان.. وعلى قدر من الاستحياء! مع تواتر اللقاءات.. رأيت الف شخصية وروح في جسد واحد! رأيت كم أحبّه الأطفال وكيف كان لديه الوقت ليحلّ النزاعات بينهم بعد ان يحتكموا إليه، وكيف ان حكمه لا يردّ. سرت معه في أزقة المخيم، كان مدججا بالسلاح، وعندما يشاهد طفلا.. يدسّ يده في جيبه ليخرج لهم حبات الشوكولا والسكاكر، وينقلب طفلا مثلهم. كان قسم الاطفال» ورحمة علي»!
ذات مرة، استوقف امرأة بشعر طويل..أخرج من أحد جيوب بنطاله العسكري، ربطة شعر وقال لها: « ضبّي شعرك، مش ناقصنا قمل في المخيم».
مخازن تموينه، ضمّت حفاضات الاطفال وعلب وزجاجات الحليب... وحتى الألعاب. لم يغب عن باله النساء ايضا! فقام بتموين مستلزماتهن الخاصة جدا. وربطات الشعر.
فترات الهدنة، كانت تحوّله الى عامل نظافة لأزقة المخيّم ومجاريرها..
أخبرته ذات مرة عن فنان تشكيليّ فلسطيني، يعاني المرض ولا طاقة له لتأمين العلاج. قلت لعلي: سأحضر لزيارتك مع الفنان. أجابني على الفور: مثل هؤلاء، نحن نذهب اليهم.. لم أفهم كيف سيذهب اليهم! في اليوم التالي أرسل وفدا من امرأتين الى بيته مع مبلغ من المال.. وأجرى له مخصصا شهريا.. كان يصله بانتظام!
شغل فكري هاجس كان يطلّ عليّ من وقت لآخر.. هل يعقل أن يكون هذا الانسان الرقيق مقاتلا أو قائدا !! تبخّر الهاجس، يوم كنت في المخيّم وبدا واضحا سقوط وقف اطلاق النار.... صرخ بي أن اخرجي بسرعة! لم أخرج.. أريد رؤية عيني ذلك الطفل الكبير وقد انقلبت الى عيني نسر كاسر وبدأ بتوزيع العناصر على كل المحاور! وقفت مندهشة، فصرخ بي بغضب: ألم تسمعيني اخرجي، مش ناقصنا انت بعد!! فهرولت مسرعة خوفا من ان يطلق رصاصة انذار فوق رأسي..
وللفرح مكان في المخيّم وفي قلوب المحاصرين. أنشأ عليّ، فرقة دبكة.. كانت التدريبات تتم في ملجأ تحت اكوام الردم وبإشرافه. الدبكة تمدّ الناس بالفرح وبالعزيمة التي تعينهم على تحمل جحيم الحصار. ربما هو تعد على خصوصيته.. ولكني راح « بق البحصة» وأحكي. بعد وفاته كان منزل امه الفقيرة مرهونا!
في جلسة، بدا كئيبا، قال لي بألم وشت به عيناه: أليس غريبا أننا حملنا السلاح لإلغاء المخيم بتحقيق العودة، واليوم نحمل السلاح للحفاظ على المخيم من اجل حق العودة!!!
الحكيم ..في ذكراه 1 من 2
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما أجمل سيرته. وما أكثر مفارقاتها المثيرة. منذ أن كان طفلاً، حتى بلغ سوّية الرمز الموقر، الذي لا يختلف عليه اثنان وطنيان. ففي تلقائيته وهو يروي حكايات سنواته الأولى، يعطيك "الحكيم" وصفاً ضمنياً، لشكل الوعي العام، لدى المكوّن المسيحي في المجتمع الفلسطيني. فأبوه، صاحب الدكان الصغير في اللد، ثم صاحب الدكان الأكبر في يافا، امتلك عاطفة وطنية مشبوبة، أما أخوه الأكبر فكان يتأجج بثورية عالية، فلا يدع تظاهرة احتجاجية دون المشاركة فيها. اجتذبه خطاب المعلمين في مدرسته الابتدائية في اللد، وعندما غادر مسقط رأسه مع أسرته التي ارتحلت الى يافا، وهو في الثالثة عشرة من العمر؛ كان قد تهيأ لتلازم المسارين: التعليم ومقاومة مشروع الاستيطان الصهيوني والتواطؤ البريطاني معه. حمل في قلبه دقيقة الصمت التي فاجأ بها معلّم الحساب تلامذته الصغار، ومن بينهم "جورج"، في الساعة الثامنة والنصف مع ذات صباح: في هذه اللحظة، هناك شُبان فلسطينيون يُعلّقون على أعواد المشانق، لأنهم يناضلون من أجل وطنهم.
في المدرسة الأرثوذكسية في يافا، أحب "جورج" معلم اللغة العربية اللبناني الجنوبي "منح خوري" الذي كان يقرأ الشعر كأنه يُغنيه، فحفظه التلامذة عن ظهر قلب. وبسبب عدم توافر الصفوف الثانوية في تلك المدرسة، انتقل التلميذ الذي كان "جورج" الى القدس ليلتحق بمدرسة "ترّاسنتا" ثم عاد الى يافا معلماً ابتدائياً ومكث عامين، قبل أن يسافر الى بيروت في العام 1944 للالتحاق بكلية الطب في الجامعة الأمريكية.
خلال عامي التدريس لم يعرف "جورج" من ترف العيش سوى التظاهرات الوطنية والتردد على النادي الأرثوذكسي في يافا، يلتهم في مكتبته، المجلات والصحف الواردة من القاهرة وبيروت، وينمي وعيه الوطني، بقراءات أخرى. وكان يمارس مع هذا كله، قليل من السباحة والانغماس في مياه عروس البحر.
بدأت الصدمات الكبرى، مع صدور قرار التقسيم فتساءل الشاب مثلما قال مستذكراً: "كان صعباً عليَّ أن أتصور تقسيم وطني فلسطين. فقد راودتني أسئلة من نوع: الأمة العربية أمة كبيرة وعظيمة فكيف يهزمها بعض العصابات؟"!
احتل اليهود يافا، فعادت الأسرة أدراجها الى اللد. ثم احتلوا اللد، فنزحت الأسرة الى رام الله، ومنها الى عمّان، وسافر "جورج" من هناك لمتابعة دراسته في بيروت.
قبل خروج الأسرة من اللد، بدأت أولى محاولاته الجسورة. عاد في إجازته الصيفية، الى المدينة المستهدفة. سألته أمه التي فوجئت بعودته: ما الذي تريد أن تفعله يا بُني؟ واستطرد شقيقه الأكبر باستفهام آخر: لعلك تريد أن تقاتل، فماذا تستطيع أن تفعل؟ أجاب مخففاً قلق الأسرة: لقد بدأتُ دراسة الطب، ويمكنني المساعدة في هذا المجال. إن الطائرات الصهيونية تقصف وتصيب الناس، واللد باتت تزدحم بالنازحين من مناطق أخرى. وهكذا التحق "جورج" بمستشفى اللد، الذي كان يعج بالجرحى، مساعداً لطبيب فيه، اسمه "مصطفى زحلان".
ارسلت الأم تطلب عودته سريعاً الى المنزل، ولما أصرّ على البقاء في المستشفى، اضطرت لإبلاغه النبأ: لقد توفيت شقيقتك الكبرى. وعلى امتداد المسافة من المشفى الى المنزل، رأى الشهداء والجرحى، الذين يعرف بعضهم شخصياً، ممددين على جوانب الطريق.
لم تستطع الأسرة الوصول الى المقبرة، فدُفنت شقيقته في مكان قريب، أي في لا مقبرة. كان الناس يأنسون لوجود "قوة عربية" في تخوم المدينة. لكن الصهاينة هجموا دون أن تستوقفهم تلك "القوة" ولم يلق المقاومون في المدينة سنداً، فانكسرت مقاومتهم بعد أن عايش "جورج" أوقاتهم وارتبط بهم. ظل يتذكر مرات قالوا فيها "إن القتال كان جيداً اليوم"، وقد كانت تلك أياماً رمضانية. بعد ثلاث ساعات من الدفن، جاءت اللحظات التي لم تفارق "جورج" حتى الرمق الأخير من حياته: اقتحم اليهود المنزل وراحوا يصرخون باللغة العربية "برّه.. برَّه..أخرجوا". خرجوا جميعاً تحت تهديد السلاح. أمه وأبوه راجليْن ومعهم القليل من المتعلقات. أما هو فحمل شقيقته الصغرى التي رُوّعت ولم تقو على المشي. وكلما تعثروا أو أعياهم المسير، كان يهود آخرون يصيحون عليهم:"إمشوا .. إمشوا بسرعة". قطعوا مسافة طويلة، فوصلوا الى نقطة التفتيش التي أقامها الغزاة عند مدخل المدينة. يتذكر "جورج" أن أحد أبناء جيرانه، واسمه "أمين حنحن" رفض التفتيش لأن بعض المال في جيبه هو الذي سيعينه على تدبير أمره. قتلوه على الفور وسلبوه ميتاً، فاندفعت أمه وشقيقته نحوه، وقد علا صراخهما والنحيب. خرجت الأسرة مع الناس، دون أن تعرف الى أين تتجه. كان "بشارة" الشقيق الأصغر للشهيد؛ صديق "جورج" وزميله في المدرسة ويلعب معه. ظل "الحكيم" طوال حياته يبكي بحُرقة كلما تذكر الواقعة التي علمته البكاء أينما ووقتما وقعت كارثة للفلسطينيين والعرب. ففي يوم اغتيال "أبو جهاد" بعد نحو أربعين عاماً، أغلق "جورج حبش" على نفسه ليبكى طوال النهار. فقد امتزجت في وعاء روحه، صورتا "بشارة وخليل". الأول قتلوه لأنه أصر على الاحتفاظ برمق الحياة وكُلفة بعض الخبز، والثاني قتلوه لأنه أصر على استرداد ولو بعض الحق. إن تجربة "الحكيم" الأولى مع ألم النكبة، تجيب، بحيثاتها، عن سؤال يتعلق بتجربة الرجل ومواقفه وتمسكه بالأمنيات القصوى. فقد عاش ومات نبيلاً زاهداً، لا يتزحزح عن قناعاته الرئيسة قيد أنمله، على الرغم من كل الوقائع المضادة، دون أن ينتقص ذلك من كون "الحكيم" حكيماً. فله في صلابة مواقفه حق طبيعي. ونعرض غداً لبعض محطات مسعاه السياسي والكفاحي، ولبعض مناقبه، لمناسبة ذكرى رحيله!
ثورة مصر في ذكراها الثالثة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تأتي الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير المصرية في اعقاب تطهير الثورة من الادران التي علقت بها في ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وتصفية الدور التخريبي لجماعة الاخوان، وتحرير الارادة المصرية بنجاح الاستفتاء على دستور مصر الجديد بنسبة وصلت الى 98%، وانطلاق قطار خارطة الطريق إلى اهدافه الوطنية والقومية لترسيخ مكانة الشرعية الجديدة والتحولات الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الساحة المصرية.
المحروسة مصر تقف شامخة في ذكرى ثورة 25 كانون الثاني 2011، رغم انفلات الارهاب الاخواني من عقاله، الذي يستهدف عودة التاريخ للوراء، والانقضاض على الحضارة المصرية الفرعونية والعربية والاسلامية الممتدة على مساحة سبعة آلاف عام، خدمة لاهداف فئوية واجندات اقليمية ودولية، ولتمزيق وحدة الارض والشعب والتاريخ والثقافة المصرية كمقدمة لبيعها في سوق النخاسة لاسرائيل واميركا وتركيا وقطر ومن لف لفهم في أصقاع الارض.
عشية الاحتفالات بالذكرى الثالثة للثورة استشرست يد الارهاب الاخواني الدموية، التي تلبس اسماء وعناوين جماعات تكفيرية مختلفة لتبديد فرحة المصريين، فقامت في صباح الـ 24 من يناير الحالي يعمل انتحاري على مديرية امن القاهرة، أدى الى استشهاد اربعة واصابة العشرات، واوقعت اضرارا مادية في المبنى والمباني المجاورة، وتلا ذلك أكثر مع عمل تخريبي مترافقة بمظاهرات لانصارها في العديد من المحافظات المصرية، وذلك للحؤول دون الاحتفالات المصرية بالثورة، ولقطع الصلة بين الثورتين المجيدتين 25 يناير و30 يونيو، لا سيما ان تلك الجماعة الارهابية، تدعي انها "المالك الخاص" لثورة يناير العظيمة.
لكن قوى النظام المصري الجديد المدعومة من قطاعات الشعب على امتداد طبقاته وفئاته وشرائحه الاجتماعية، كانت لهم بالمرصاد، ونجحوا بامتياز في الربط العميق بين الثورتين، وفصلت بينها وبين تلك الجماعة وتنظيمها الدولي، وأعادت الاعتبار لاهداف ثورة يناير العظيمة من خلال ثورة الثلاثين من يونيو. وأكدوا ان ثورة 25 يناير، التي التحق بها الاخوان بعد تفجرها بايام، وتمكنوا من خطف قاطرتها من قوى الشعب المرتبكة عبر التواطؤ مع الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل، هي البنت الشرعي للشعب ولقوى مصر الحية، صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير والنهوض الثوري بالارادة المصرية، ووضع المحروسة مجددا في موقعها العربي الاول، وحماية مكانتها الاقليمية كقطب مركزي، ولاعب إستراتيجي في المعادلات الدولية.
ثورة يناير العظيمة حاملة أحلام وآمال المصريين جميعا باستثناء تلك الجماعة المارقة، كفيلة بالاستناد لارادة الشعب على التصدي الشجاع للمحاولات الارهابية اليائسة لتنظيم الاخوان المسلمين وادواتها التخريبية وخاصة جماعة الانقلاب الحمساوية على الشرعية الوطنية الفلسطينية في محافظات الجنوب، وسحق مشروعها الاخواني المريب والمعادي لمصالح الشعب المصري والامة العربية برمتها.
مصر الثورة وجيشها وشرطتها واجهزتها الامنية الوطنية والشجاعة، ماضية قدما نحو اهداف الثورة بخطى ثابتة، ولن يثنيها ارهاب الجماعة المارقة مهما كانت التضحيات والارباكات. لان طريق الثورة، أي ثورة دائما صعب ومعقد، ولن تكون مسارات الثورة سالكة. كون قوى الثورة المضادة مدعومة من قوى الشر الاقليمية والعالمية، تعمل بكل ما اوتيت من قوة لتعطيل المسيرة في كل زاوية وشارع ومؤسسة عبر سلاح الارهاب والقتل والتدمير لوقف دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لعلها تستطيع من خطف راس الثورة مجددا، وتحقيق مآربها المتناقضة مع حرية وتقدم وتطور الشعب المصري العظيم. لكن هيهات ان تعود حركة التاريخ للوراء لاسيما وان الشعب المصري المدعوم بالجيش المصري البطل وقيادته الشجاعة والمخلصة ممثلة بشخص الفريق اول عبد الفتاح السيسي ورفاقه، وعوا جيدا أن جماعة الاخوان باتوا من الماضي، لانهم لم يكونوا يوما منذ تأسيسهم في 1928 إلآ من الماضي البائس، ورواد تخريب وتمزيق لوحدة الارض والشعب المصري. لذا لن يسمحوا لهم برفع رأسهم، وسيشقوا طريق الثورة والعدالة الاجتماعية وتعميق الحريات السياسية والشخصية، وعودة مصر رافعة لشعوب الامة العربية كلها.
مصالح الشعب السوري أم الكبار ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
نود رؤية والتماس عملية دولية جادة لإنقاذ الشعب السوري، وليس لإنقاذ مصالح الكبار من الانهيار!..فعملية إنقاذ الشعب السوري الشقيق ووحدة سوريا من الانفراط سينقذ معه مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان، ويمنع الغاء أو تبديد حق العودة.
ستحرق المواقف المتصلبة المتشددة من أي طرف اشرعة سفينة النجاة للشعب السوري، وستتركها هيكلا تلطمه أمواج الصراع حتى يبلعها المحيط لا سمح الله !.
لم تقدم الدول الكبرى المتصارعة بأدواتها على الأرض في سوريا رؤية واضحة للحل، ولم تقرر وضع حد للصراع بعد. فقرارات المؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية سابقة، فقد ظلت حبرا على ورق فيما المحتل الاسرائيلي يتمدد باستيطانه، ويكبر بتحديه للقوانين والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية.
انطلق مؤتمر جنيف2 على أرضية مؤتمر جنيف1 الذي نص على تشكيل هيئة حكومية سورية انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات، ووعود اميركية وأوروبية لائتلاف المعارضة بعدم تمكين بشار الأسد من مستقبل سوريا..لكن خطاب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال إن الرئيس الأسد خط احمر !!... ورد وزير الخارجية الأميركي كيري بأنه لا دور للاسد في سوريا المستقبلية قد باعد بين الرأسين الأكبرين المتصارعين في سوريا والمؤتمر: روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية.
تسعى روسيا لإثبات مقولتها المتطابقة مع رواية النظام بان ما يحدث في سوريا هو معركة ضد الارهاب، رغم علم وإدراك جميع المراقبين ان روسيا تدافع ليس عن النظام وحسب بل عن آخر قلاع مصالحها في المنطقة، فتكوين محور مضاد أمر بديهي لدولة كبرى كروسيا في ظل تحول سوريا الى ميدان صراع دولي، لمواجهة محور اميركي اوروبي وبعض الرسمي العربي، لذا لم يكن مفاجئا أن يُسمِع وزير الخارجية الروسي لافروف العالم صدى مصطلح (الكارثة ) عندما قال:" ان ابعاد ايران عن مؤتمر جنيف 2 خطأ كبير.. لكن ليس كارثة " فرجل السياسة الأول في روسيا يعلم جيدا معنى محاولة محور الادارة الأميركية وأوروبا قصقصة جناح روسيا صبيحة انعقاد مؤتمر جنيف 2.. لكن الادارة الروسية المتميزة بدقة حساباتها، وقراءتها للأحداث بالمنطقة بحكم ارتباطاتها العضوية تتعامل مع النظام كحليف استراتيجي بخلاف الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الأنظمة العربية اللذين لم يصلوا الى ولو نسبة ضئيلة من (التحالف ) مع ائتلاف المعارضة السورية !..ولم يفلحوا بإقناع الشعب السوري بسياسة تكاد تخلو من دافعها الانساني والقانوني والأخلاقي.
لم يستلم حلفاء اسرائيل إلا قليلا من السلاح الكيميائي ومخزونه لدى النظام في سوريا، ولم تتضح بعد ملامح خارطة حدود الدويلات الطائفية العرقية في سوريا، ولم تتعمق بالمستوى المطلوب حتى الآن، رغم الجرائم المرعبة ضد الانسانية التي تشتم منها رائحة نفس طائفي...وعليه فان طريق جنيف ما زالت وعرة مرصوفة بالجمر.. رغم آمالنا وتمنياتنا بالسلام لشعبينا السوري والفلسطيني في سوريا الشعب العربي الشقيق.
صباح الخير يا مصر
بقلم: بهاء رحال – الحياة
التفجيرات الاخيرة التي شهدتها شوارع القاهرة تؤكد ان ايدي الارهاب لا تتوانى عن محاولاتها في زعزعة الاستقرار الذي تعيشه مصر، وهي تصرّ على العبث وضرب الامان بمثل هذه المشاهد الدموية التي يندى لها جبين الانسانية من خلال استهداف المواطنين الابرياء أو من خلال استهداف قوى الامن والجيش المصري الذي اثبت وبجدارة انه بمستوى التحدي وانه صمام الامان القوي والصلب الحامي للبلاد والعباد وانه يضع الامن القومي المصري فوق كل اعتبار ولا يتردد في ضرب معاقل الارهاب والمجموعات المأجورة التي تسعى لضرب الاستقرار خدمة لمصالح اخرى هدفها العبث بالامن القومي المصري وبالدولة المصرية والسيادة المصرية، وبعد ان كانت سيناء معقلا لعمليات بعض الجماعات الارهابية هذه، انتقل الامر الى وسط شوارع القاهرة وهذا دليل جديد على ان تلك الجماعات القاتلة تخطط لما هو اخطر واصعب ولدموية ابشع بوتيرة اعلى وعنف يتزامن مع كل وقت اذا ما ضرب الجيش المصري بيد من حديد واذا ما اتخذت القوى الامنية اجراءات حازمة وصارمة بحق هؤلاء الخارجين عن الوطن والوطنية وعن الانسانية والاخلاق وعن الدين والقيم والمبادئ، واذا لم يتكاتف الشعب المصري بكل فئاته لمواجهة تلك المجموعات الضالة التي تخرج بين وقت واخر علينا بعمليات القتل الجبانة والتفجيرات التي تستهدف ارواح وممتلكات الشعب المصري وتهدف الى ضرب الامن الداخلي والامان الذي تعيشه مصر والذي هو ثمرة جهد عظيم للجيش المصري وتلاحم الشعب بكل اطيافة الوطنية وفئاته الثقافية والدينية والسياسية، عدا اولئك الذين يمسكون بروح العداء والكراهية ونفس الانتقام ويتخذون من الارهاب طريقا دمويا يعصف بالبلاد، وهذا هو التحدي الكبير والامتحان الصعب الذي تقف فيه مصر بكامل عظمتها على ابوابه وكلنا امل بها وكلها امل بابنائها لتنتصر وينتصر شعب مصر حين يجتث الارهاب وحين ينتصر على كل ايدي الظلام والظلاميين والعابثين وكل من يريد بها شرا وكل من يحاول النيل من عظمتها وعظمة رجالها الاوفياء القادرين على ابقاء رايتها مرفوعة لتبقى صباحاتها اجمل ويبقى النيل طوق النجاة يروي الحياة بالمحبة والتسامح والازدهار والتقدم ويمنح الدنيا شعاع نور، فصباح الخير يا مصر، صباح الخير يا ست الدنيا، صباح الخير يا ام المصريين وامنا جميعا التي نحبها وتحبنا، وليحرسك الله يا محروسة برجال ابنائك القادرين على صون ارضك وامنك واستقرارك فهم خير اجناد الارض.
v يجب إيجاد حل عاجل للأزمة الكارثة مع وكالة الغوث
بقلم: حديث القدس – القدس
v مصر... ما بعد ثورتين
بقلم: عمر شحادة – القدس
v العرب والسيادة..
بقلم: مصطفى زين – القدس
v لعبة الكبار والصغار في المنطقة العربية!
عبد العزيز التويجري – القدس
v الناصرة...والحلول المقترحة للأزمة
بقلم: عطاالله منصور – القدس
v مأساة مخيم اليرموك من يتحمل مسؤوليتها وإلى متى !!
بقلم: محمد خضر قرش – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
v المريض العربي
بقلم: حسن البطل – الايام
v جنيف ـ 2 : المايسترو .. والإيقاع !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
v حتى يبقى الأردن مع فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
v "التشريعي" .. أنهى ولايتين ويدخل اليوم الثالثة رغماً عنا .!
بقلم : أكرم عطا الله – الايام
v وعدي لكِ، أن أضعك في أحلامي
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
v صرخة اليرموك: "فلا نامت أعين الجبناء"
بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
v اليهود في الرواية العربية ـ 2 ـ .... واسيني الأعرج في "البيت الأندلسي"
بقلم: عادل الأسطة – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
v تغريدة الصباح – نورس حيفاوي
بقلم: حنان باكير – الحياة
v الحكيم ..في ذكراه 1 من 2
بقلم: عدلي صادق – الحياة
v ثورة مصر في ذكراها الثالثة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
v مصالح الشعب السوري أم الكبار ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
v صباح الخير يا مصر
بقلم: بهاء رحال – الحياة
يجب إيجاد حل عاجل للأزمة الكارثة مع وكالة الغوث
بقلم: حديث القدس – القدس
يواجه اللاجئون في مخيمات الضفة وضعا مأساويا في كل النواحي وعلى كل المستويات بعد اضراب العاملين في وكالة الغوث الذي يدخل يومه الخامس والخمسين اليوم للمطالبة بحقوقهم العمالية والنقابية والمعيشية وتعنت ادارة الوكالة في التجاوب مع هذه المطالب والمضربين.
لقد انقطعت الخدمات المختلفة وتعطل اكثر من 160 الف طالب عن الدراسة فترة طويلة تقترب من الشهرين وامتلأت شوارع المخيمات بالنفايات وتردت الاوضاع الصحية والانسانية وجاء عدم صرف رواتب العاملين ليزيد الاوضاع سوءا ويجعل الامر اقرب ما يكون الى العقاب الجماعي للعاملين وعائلاتهم.
كما ان نحو 28 عاملا يخوضون منذ ايام عديدة اضرابا عن الطعام احتجاجا على تصرف ادارة الوكالة وقد ادخل اثنان منهم على الاقل الى المستشفى في الخليل للمعالجة بعد ان ساءت حالتهما الصحية وتفاعلت قضية الاضراب دولياً كذلك حيث وجه فيليب جيننكس الذي يمثل اكثر من 20 مليون عامل و900 نقابة عمالية رسالة الى المفوض العام للوكالة فيليبو غراندي يشجب فيها تعامل ادارة الوكالة مع قضية الاضراب كما اعرب عن تفهمه وتأييده لمطالب العاملين المضربين.
وقدمت الحكومة الفلسطينية، كما يقول وزير العمل احمد مجدلاني، مبادرة لحل الازمة تستجيب بنودها لمطالب المضربين وتدعو الى وقف الاضراب وبدء مفاوضات جماعية وحوار بين الاطراف المعنية جميعها لحل كل القضايا موضوع الخلاف...وانتقد مجدلاني الموقف المتعنت والرافض لاي تجاوب مع مطالب المضربين والميل الى تصعيد الموقف بدل ايجاد مخرج منه.
ان الاضراب بكل تداعياته لا يجب ولا يمكن ان يستمر ولا بد من ايجاد حلول عاجلة لان الامر يتعلق بمئات آلاف من البشر وبمستقبل طلاب بعشرات الالاف.
وبمعاناة يومية انسانية لا يمكن ان يوافق احد على استمرارها لانها كارثة بكل المقاييس والمفاهيم، وتتحمل ادارة الوكالة الجزء الاكبر من المسؤولية ان لم تكن المسؤولية كلها. ان على الامم المتحدة نفسها وعلى كل المؤسسات العمالية في العالم ان تتحرك بقوة لوقف هذه المأساة التي طالت كثيراً، ويكفي اللاجئين ما يعانونه اساساً وقبل الاضراب من مشاكل وقضايا في غاية التعقيد واولها انهم لاجئون في وطنهم. كما ان على السلطة الوطنية ان تتحرك بشكل اسرع واوسع للمساعدة في ايجاد مخرج عاجل لهذه الازمة المدمرة.
مصر... ما بعد ثورتين
بقلم: عمر شحادة – القدس
لم يدر في خلد أحد أن يجتاح ذلك الطوفان البشري الملاييني شوارع وساحات القاهرة والمدن والمحافظات المصرية وأن يتمكن الشعب المصري في 30 حزيران 2013 من اجتراح ما يشبه المعجزة، بإشعال ثورة مصرية جديدة، اثر استشعاره خطر انحراف وإجهاض ثورته – ثورة 25 يناير /2011، التي اطاحت بسلطة مبارك وطغمته الحاكمة، لتنتهي السلطة التي تشكل موضوع الثورة وكل ثورة بين ايدي جماعة الإخوان المسلمين.
تلك الجماعة التي التحقت بالثورة بعد اندلاعها وغدت من قواها الفاعلة بين قوى أخرى تقليدية منهكة ضعيفة وحديثة شابة ينقصها التنظيم والتجربة، فاستطاعت توظيف خبرتها الطويلة وبنيتها المنظمة ومواردها الهائلة وعلاقاتها الخارجية والداخلية، في إحكام تفردها المتدرج بالسلطة عبر مسار متعرج ومشوش ومغلوط، وشرعت في إعادة صياغة بنى الدولة والجيش والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية طبقا لرؤيتها وأهدافها، في رِدة صريحة عن اهداف الثورة وشعاراتها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعن بناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية المنشودة التي ترعى التنوع والتعددية ويتساوى فيها المواطنون رجالا ونساء دون تمييز على اساس الدين او العرق او الجنس او المعتقد..
وإذا كانت نتائج الاستفتاء الذي جرى مؤخرا بإقرار الدستور، بمثابة الخطوة الاولى في تنفيذ خريطة المستقبل التي وضعتها غداة ثورة 30 حزيران، قوى الشعب المصري وممثليه الذين انحاز لهم الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، فإن هذا الدستور الجديد يتطلع اليه المصريون والعرب باعتباره ليس دستورا لزعيم او تيار او جماعة او جيش او حزب، بل ترجمة وتطبيقا لشعار الثورة الأم الناظم "الشعب يريد تغيير النظام" باستبدال حكم ودستور الفرد بدستور وحكم الشعب.
بعد ان انجز الشعب المصري العظيم، الذي قفز بوعيه بين ثورتين وتعلم بتجربته الذاتية خلال عام واحد من حكم الرئيس السابق د. مرسي ما لم يتعلمه منذ امد بعيد، بمشاركته الواسعة غير المسبوقة في الاستفتاء على دستوره الجديد، ومصادقته على شرعية التغيير في الثالث من تموز الماضي، فإن خطوتين ايضا للامام باجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيضعان الشعب المصري ومعه الشعوب العربية في خضم ثورة مصرية - عربية عظمى تنقلهم من حال الى حال نوعي جديد، ينهي والى الابد حالة المراوحة والتردد المستمرة بوضع حد لخلط الدين بالسياسة ولفادح الضرر بكليهما وبشعوب الامة العربية، وترسي ثقافة ديمقراطية تحررية وطنية وقومية انسانية، ودستورا يحرّم ويجرّم بناء الاحزاب والنشاط السياسي على اسس دينية او عرقية او طائفية ومذهبية تقوض وحدة المجتمع وانسجامه ومناعته الوطنية وتحوله مرتعاً لكل غاز اجنبي او فاسد مستبد دعيّ.
لعله حال نوعي جديد في ما بعد ثورتين، الذي باتت فيه جماعة الاخوان المسلمين التقليدية المحافظة القديمة المتورطة في أوالمتواطئة مع العنف والارهاب خارج الشرعية وقوى الثورة، وعلى خلاف ما يعتقد البعض بأنها فوق التاريخ فإنها امام امتحان عسير، سيكشف مدى قدرتها على البقاء بالاستجابة للتطورات والمتغيرات الموضوعية الجارية بمعزل ورغماً عن إرادتها، وعلى العودة من جديد في اطار الجماعة الوطنية والقومية والمنظومة القانونية العصرية الحديثة، للحكم المدني الديمقراطي لتحتل مكانتها الطبيعية، فتعفي نفسها والمجتمع من تبعات سياسة انتحارية وفتنة مؤلمة، فتختزل زمنا وتضحيات تذهب سدى.
واذا ما أُريد لهذه الثورة المصرية العربية العظمى الا تقع فريسة للسياسات الامريكية والعالمية، وبأن لا تلاقي مصير ما اسموه بالثورة العربية الكبرى للتخلص من الحكم العثماني عام 1916، التي وقعت فريسة لمكائد بريطانيا التي اجهزت سلفا باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 على استقلال ووحدة الدولة العربية الموعودة، وأرست الاساس عبر وعد بلفور عام 1917 لزرع اسرائيل وتجزئة وتبعية البلاد واحتجاز التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشعوب العربية.
نعم .. لعلهم يصيبون كبد الحقيقة اولئك الذين لا يضعون الاستقرار في تضاد مع الديمقراطية و يعتقدون بأنه، اذا ما اريد لهذه الثورة ان تنتصر، فلا بد ان تعلم، بأن قوى الثورة المضادة من فلول مبارك التي تسعى بأساليبها الناعمة الآن للانقضاض على ثورة 25 يناير، ستلتقي آجلا ام عاجلا مع قوى الثورة المضادة الناشئة بعد ثورة 30 حزيران، في مواجهة قوى الشعب والثورة وهي تخوض معركتها الديمقراطية السياسية والاجتماعية.
ولن تنتصر الثورة على الارض الا بعد ان تُنكس هذه القوى الرجعية المعادية للثورة راياتها وحرابها امام ارادة الشعب المصري المنتصر، ولعل في التجربة الفنزويلية البوليفارية عبرة لمن يعتبر.
وهو انتصارٌ يتعذر الظفر به، دون ان تصون طلائع الثورة وحدة قواها المحركة وبخاصة من الشباب والطلبة والجنود والضباط المتحدرين من ابناء الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والشرائح الوسطى ومن النساء اللواتي اثبتن في الاستفتاء بأن رسالة الثورة قد وصلت، وان تواصل الثورة مسيرتها بأن تضع موضع التنفيذ هدف العدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي، المستند لكتلة اجتماعية تاريخية صاحبة المصلحة الحقيقية في الديمقراطية والتغيير، باعتبارها صانعة الثورة ودرعها وحامي اهدافها، جنبا الى جنب مع ممارسة الاستقلال والكرامة الوطنية والخلاص من التبعية، التي تعني مواجهة اسرائيل العنوان والشريك للسياسة الامريكية المناوئة للثورة المصرية وأهدافها، وهما مهمتان مترابطتان عضويا لا يمكن انجاز احداهما دون الاخرى.
وبهذا المعنى فإن الثورة اليوم، تخوض أشرس معركة سياسية وثقافية وقانونية واقتصادية بمحتواها الاجتماعي لتجسد دستور وحكم الشعب، وصون مصالح السواد الاعظم من الشعب المصري والشعوب العربية، التي ستحذو عاجلا ام آجلا حذو شعب مصر في رفع مشعل الثورة الديمقراطية وإحداث الانقلاب الثوري المنشود، ما يرشح ثورة 30 حزيران بجدارة نظرا لكل ذلك، ان تسمى بالثورة المصرية والعربية العظمى.
العرب والسيادة..
بقلم: مصطفى زين – القدس
لا بد أن يشعر دعاة إلغاء سيادة الدول، وجلهم من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف التائب، بالنشوة، فقد حقق مؤتمر «جنيف 2 « حلمهم. في هذا المؤتمر لم تلغَ سيادة الدولة السورية على أرضها فحسب، بل أُلغيت سيادة الشعب السوري بمعارضيه والموالين، وبمسلحيه والسلميين.
قاد حملة إلغاء السيادة في أميركا مثقفو المحافظين الجدد في عهد جورج بوش، ومثقفون عرب في بلادنا. كان الهدف شن الحروب على دول خارجة عن إرادة واشنطن، بحجة أن الأنظمة التي تقمع شعوبها لا تستحق التمتع بالسيادة.
مؤتمر جنيف كرس إلغاء السيادة السورية. حملة إلغائها بدأت مع التمرد على الدولة في درعا، ومنذ بدأ السفراء، خصوصاً سفيري فرنسا إيريك شوفالييه والولايات المتحدة روبرت فورد، ينزلون إلى الشارع لتحريض المتظاهرين والنطق باسمهم، ووضع الشروط لإنهاء التظاهرات ثم الإشراف على تشكيل «المجلس الوطني» في إسطنبول والمشاركة الفاعلة في تأسيس «الائتلاف». ومنذ أن «نصحت» وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المسلحين آنذاك بعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطة مقابل العفو عنهم.
لم يكتف ممثلو المجتمع الدولي بذلك، بل حاولوا جاهدين نزع شرعية الحكم، من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مرة لأن النظام يفتك بشعبه، ومرات لأنه يخالف القانون الدولي ويرتكب المجازر ويمتلك أسلحة كيماوية لن يتوانى عن استخدامها ضد المدنيين. كل ذلك تمهيداً لشن حرب على دمشق تشبه الحرب على العراق أو ليبيا «لإعادة السيادة إلى الشعب» ونشر الديموقراطية والعدالة وإنصاف السوريين الذين يتعرضون للإبادة.
في كل هذه المراحل كانت القوتان العظميان، أميركا وروسيا، تخوضان معركتهما الخاصة، الأولى باسم المعارضة، والثانية باسم النظام وبالتنسيق معه. ولم يكن صوت الشعب السوري مسموعاً في عواصم القرار، عدا قلة لا تمثل إلا نفسها أو بعض «الألوية» و «الكتائب» المعتمدة في تسليحها وتدريبها وإدارة معاركها، على الخارج الذي راهن على قلب المعادلة بالقوة على الأرض. أما النظام، فمجرد وجوده في قاعة واحدة لإجراء مفاوضات مع المعارضة بإشراف دولي، يعني أنه سلّم بالأمر الواقع وبمشاركة المعارضة ومن وراءها في السيادة، وبحق المشاركين -أجانب وعرباً- في قول كلمتهم في ما يدور في دمشق، خصوصاً أن أحداً منهم ليس وسيطاً محايداً، فالجميع يسعى إلى فرض نفوذه من خلال هذا الطرف السوري أو ذاك، بعد أن تهدأ المعارك.
ليس من سيادة كاملة لأي دولة على أرضها، الحلفاء يخرقون هذه السيادة (القواعد الأميركية في ألمانيا واليابان مثال على ذلك)، لكن هذا الخرق يكون بالتفاهم بين الدولتين وبشروط يلتزم بها كل منهما. ومن غير المعهود أو من المستبعد أن تتدخل إحداهما في الشؤون الداخلية للأخرى، أو تنحاز إلى المعارضة وتدعمها لتغيير النظام فيها، أو لفرض هذا الزعيم أو ذاك.
أما عربياً، من الصومال إلى اليمن فالعراق ومصر ولبنان وكل بلاد الشام، فالسيادة ليست للأنظمة ولا للشعوب. التدخل في شؤون مصر ليس جديداً، ولم يكن نتيجة «الثورة» أو استغلالاً لها، فالولايات المتحدة كانت تدعم «الإخوان» ضد الجيش، مهددة بقطع المساعدات عنه، ثم تخلت عن هذا الموقف. وفي العراق لا يختلف اثنان على أن أميركا وإيران، فضلاً عن تركيا، تتنافسان على مد نفوذهما إلى بغداد.
أما في لبنان، فتدخل السفراء في شؤونه لا تخطئه عين، كأنه عاد إلى حكم القناصل أيام الحكم العثماني. لم يصل رئيس للجمهورية أو للحكومة أو لمجلس النواب إلى منصبه إلا بتوازنات دولية وإقليمية. وها هم اللبنانيون ينتظرون الظرف المناسب منذ تسعة شهور ليشكلوا حكومتهم، تتجاذبهم رياح «الربيع العربي» والإرادات الدولية المتضاربة. الجميع ينتظر المنتصر في سورية ليقرر موقفه. وهل نتحدث عن فلسطين وسيادتها؟ هذه السذاجة في التحليل تعبير دقيق عن تفكير مختلَف الطبقات السياسية في معظم البلدان العربية، فسائقو السيارات المصنوعة في الخارج لم يقودوها مرة إلا في اتجاه هذا الخارج.
لعبة الكبار والصغار في المنطقة العربية!
عبد العزيز التويجري – القدس
خاب مسعى اللاعبين في ساحة الأزمة السورية، بعد أن انكشفت خيوط اللعبة التي يتقنونها. فها هو «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف باسم «داعش» يضرب في العراق وفي سورية وفي الضاحية الجنوبية من بيروت في وقت واحد، بينما هو تنظيم مشبوه مغروس في المنطقة لأهداف تخريبية. فهل يُعقل ان يصل هذا التنظيم إلى معقل «حزب الله» في بيروت، الذي هو الحليف القويّ للنظام الطائفي في سورية والذراع اليُمنى لإيران بهذه السهولة لو لم يكن صنيعتهم؟ ذلك دونه خرط القتاد. إن الهدف الحقيقي من هذا العمل الإرهابي هو إبعاد الشبهة عن «داعش» ومن يقف خلفها.
لقد جاء وصول «داعش» إلى الضاحية الجنوبية من بيروت في الوقت الذي اشتدت المعارك على الأرض السورية بينه وبين الجيش الحر والتنظيمات المقاتلة الأخرى. وتبيّن للقاصي والداني أن النظام السوري بات محاصراً من كل جانب ومفضوحاً للجميع. فتمّ إرسال عناصر من «داعش» إلى بيروت للقيام بتفجير مصطنع في معقل «حزب الله»، وإظهاره في مظهر المعتدى عليه من جانب تنظيمات إرهابية تكفيرية تبرر مشاركته إلى جانب النظام السوري في محاربة الشعب الثائر المطالب بالحرية والكرامة، وتبدد الشكوك التي تلف هذا الحزب الموالي لإيران، حتى لا تنزع عنه «نضاليتُه» و «مقاومته». وهذه لعبة مكشوفة ومكر واضح.
ومن المريب في الأمر أن حسن نصر الله كان قد بادر بعد حادث تفجير السفارة الإيرانية في بيروت إلى اتهام السعودية بالوقوف وراءه، وذلك قبل القبض على الإرهابي ماجد الماجد المنتمي الى تنظيم «القاعدة»، الذي أعلن مسؤوليته عن التفجير، ثم وفاته في شكل غامض في المستشفى في بيروت. والمعروف أن ماجد الماجد هو أحد الإرهابيين المطلوبين من السلطات السعودية لارتكابه أعمالاً ً إرهابية إجرامية ضد المملكة العربية السعودية. وهذا يدلّ على أنّ وراء الأكمة ما وراءها.
وأما الدور الذي يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية على الساحة العراقية، فهو امتداد للدور الذي قامت به التنظيمات الإرهابية التي تتظاهر بالإسلام منذ سقوط نظام صدام حسين وإلى اليوم. وكانت سورية قد بدأت ترسل المقاتلين إلى العراق عبر أراضيها فوجاً إثر فوج من دون انقطاع، لصرف الأنظار عنها، وحتى تبقى في منأى من الزلزال الذي أصاب العراق. وبذلك يحقق النظام السوري ومن يسانده أهدافاً متعددة بوسيلة واحدة.
لقد بات واضحاً أن «داعش» جماعة إرهابية صُنعت من أجل ضرب الانتفاضة الشعبية في سورية المطالبة بالحرية وبالعدالة الاجتماعية وبالكرامة الإنسانية، فهي تقتل الثوار المؤمنين بالقضية الوطنية، وتوجه سلاحها إلى الجيش الحر وإلى الجماعات المسلحة التي تحارب النظام، ولا تصل إلى القوات النظامية ولا إلى القيادات السورية، ولا يستهدفها النظام بنيرانه التي يطلقها على الثوار وعلى المواطنين العزّل في مدن وبلدات وقرى عدة من سورية.
ولذلك كان التطور الذي حصل أخيراً لمواجهة «داعش» وتعقّب فلولها، بعد أن استهدفت عناصرها الفلوجة في العراق وأعطت المبررات للنظام العراقي لقمع مطالب مواطني الأنبار السنّيين، البداية لتعرية هذا الجانب من التآمر على المنطقة وزعزعة وإضعاف الجيش الحر والتنظيمات المسلحة المقاتلة من أجل سورية حرة ديموقراطية تعددية.
وكما كان تنظيم «القاعدة» لعبة غربية بالاشتراك مع أطراف إقليمية، فإن «داعش» أيضاً تنظيم يتقاطع مع «القاعدة»، ويعمل على تحقيق الأهداف نفسها. ولذلك لا يستغرب أن يلتقي التنظيمان على صعيد واحد، «القاعدة» و «داعش». فهذا من ذاك، لأن أهدافهما واحدة.
هي إذاً لعبة يلتقي فيها الكبار والصغار، والهدف هو ضرب الاستقرار في المنطقة العربية، والتمهيد لتمزيق دولها حتى تبقى إسرائيل وإيران القوتين النافذتين المهيمنتين بمباركة ودعم من القوى الغربية..
هذا الوضوح في الصورة، يحملنا على طرح سؤالين محيّرين، هما: هل تعي دول المنطقة ماذا يدبر، في العلن وليس في الخفاء، ضد مصالحها وسيادتها واستقلالها الوطني؟ وهل تدرك دول المنطقة خطورة ما يجري على الأرض، في سورية والعراق ولبنان واليمن والبحرين، على حاضرها ومستقبلها؟
إن «داعش» تنظيمٌ إرهابيٌّ يعمل ضد الشعب السوري وضد الشعب العراقي، وضد قيم الإسلام وتعاليمه السمحة، وضد استقرار المنطقة وأمنها، وليس ضد النظام الطائفي في سورية وصنوه في العراق ومن ورائهما إيران المتحكمة فيهما.
وتلك هي الحقيقة التي يجب أن تكون حاضرةً في الذهن عندما نتأمل الخريطة السياسية والقتالية في المنطقة، وحتى لا نقع ضحية للعبة الإيرانية-السورية-العراقية التي ما عادت تنطلي على أحد، أو تخدع أحداً.
الناصرة...والحلول المقترحة للأزمة
بقلم: عطاالله منصور – القدس
حكمت الناصرة منذ احتلالها من الجيش الاسرائيلي من قبل قيادات عربية تقليدية تنتمي الى عائلات وحمائل. ولكن الفئات الراديكالية الشابة وصلت الى سدة الحكم في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي بعد نجاح نادي الاطباء والمهندسين ومختلف اصحاب المهن الاكاديمية في انشاء " جبهة الناصرة الديموقراطية" مع الشيوعيين، وبعض نشطاء الحركة الطلابية.
مرشح " الجبهة" الاول كان المرحوم انيس كردوش الذي توفي خلال معركة الانتخابات وفي جنازته المهيبة في كنيسة البشارة لطائفة الروم قال رفاق دربه بانه في ساعاته الاخيرة على فراش الموت في المستشفى في حيفا رجاهم ان يستبدلوه بالشاعر الشيوعي توفيق زياد.
عرف كردوش بنشاطه اثناء دراسته الجامعية في القدس وكان محسوبا على حركة " الارض" الجناح الناصري في الحركة الوطنية ولكن رفاقه استجابوا لوصيته واجلسوا توفيق زياد رئيسا لبلدية الناصرة -حتى وفاته في حادث طرق على طريق اريحا عائدا من لقاء مع المرحوم ياسر عرفات-, وبعد وفاة توفيق زياد ورثه رفيقه في الحزب ونائبه النشيط المهندس الشاب رامز جرايسي وقبل عام ونيف اعلن رامز انه لا يطمح للبقاء في منصبه لفترة اخرى وهنا تقدم نائبه, علي سلاّم مطالبا بالمقعد في حالة اعتكاف جرايسي.
ولكن جماعة الحزب في " الجبهة" لم يقبل بالمرشح الذي لم يكن عضوا في حزبهم وحاولوا الاتفاق على مرشح اخر لمدة اشهر فلم يتمكنوا من الاتفاق على احدهم فحاولوا التخلص من علي سلام باقناع رامز بالترشح وقبل ان يتم لهم ذلك اعلن رجل الاعمال, على سلام ,الانفصال عن الجبهة وانشاء قائمة جديدة. وخلال اشهر معدودة نجح في اجتذاب مجموعة من النشطاء من مختلف الاحياء والفئات - ونجح في اجتذاب ما اهله لاقناع بعض المرشحين الاخرين بدعمه.
انتصاره كان باهرا حين جمع اصواتا تضاهي او تكاد ما حصلت عليه "الجبهة". والنتائج الاولى منحته 22 صوتا اكثر من رئيس البلدية السابق وبعد ثلاثة اشهر في المحاكم اصبح لرئيس البلدية السابق اغلبية 6 اصوات!.
والقضية لم تنته بعد.
واغلب الظن ان رئيس بلدية الناصرة الحالي, ما زال يتأرجح بين المحكمة المركزية في الناصرة والعليا في القدس - ولكنه واتباعه وقعوا في خطأ يوم الخميس الماضي حين فرضوا على الناصرة "اضرابا مفتوحا" ضد قرار المحكمة المركزية التي رفضت دعواه ضد خصومه والتي زعم فيها انهم " اقاموا الموتى لكي يصوتوا لصالحهم" كما انهم استعملوا بطاقات هوية بعض من غابوا عن البلاد يوم التصويت.
القاضية رفضت هذه الشكاوى لانها جاءت بعد ثلاثة اشهر على عملية التصويت وكان واجبا على من يرفض النتائج ان يقدم شكواه في فترة الاعتراض القانونية .
الاضراب الذي دعا اليه الائتلاف البلدي " نجح" بصورة جزئية ولكن نصرا كهذا قد يحمل في طياته خسارة اكبر. كثير ممن اغلقوا حوانيتهم او مدارس اولادهم يقولون ان مثل الاضراب يشق صفوف شعب الناصرة لانه يجعل من اهل البلد عدوا لفئة تحاول فرض مرشحها عليهم بالقوة.
تقول مصادر جدية بان الجبهة توصلت الى اتفاق مع قائمة ناصرتي على القبول بقرار المحكمة وتمكين رامز جرايسي من القيام بمهام رئاسة البلدية رسميا وتعيين نائبه السابق مديرا عاما للبلدية يتمتع بكافة الصلاحيات الادارية وتمكين جرايسي كرئيس للبلدية وكأنه رئيس دولة للامور الخارجية والمشاريع العمرانية. وفي اعتقادي ان هذا الاقتراح يناسب الكفاءات الشخصية ويخدم مصلحة الناصرة - عاصمة العرب في الجليل ويحميها من الاخطار المعيبة!.
مأساة مخيم اليرموك من يتحمل مسؤوليتها وإلى متى !!
بقلم: محمد خضر قرش – القدس
المتابع لما يجري في مخيم اليرموك على وجه الخصوص وسوريا بشكل عام منذ بداية الاحداث قبل نحو ثلاث سنوات يلاحظ بوضوح، أن ما يجري فيها لا يهدف الى اسقاط الرئيس بشار الاسد وتغيير نظام الحكم "الدكتاتوري العلوي النصيري البعثي الفاسد العلماني القومي" !! كما يصفه المتآمرون لتبرير اعمالهم الاجرامية بحق الشعبين السوري والفلسطيني. وعلى الذين يدمرون الدولة والحضارة السورية ان يجيبوا بوضوح وبشكل مباشر على سؤال: ما هي علاقة كل ما يجري في مخيم اليرموك باسقاط بشار؟! وما هي علاقة سرقة ونهب المصانع وتفكيكها ونقلها من حلب إلى تركيا باسقاط بشار؟! وما هي علاقة احتجاز المطرانين وخطف الراهبات المؤمنات البريئات من معبدهن في كنيسة معلولا وحجز حرياتهن باسقاط بشار؟! وما هي علاقة حجز وأسر المواطنين اللبنانيين المدنيين في أعزاز باسقاط بشار الاسد؟!
وما هي علاقة تفجير السيارات في سوق الحميدية وباب توما والسبع بحرات وركن الدين والفنادق والشوارع باسقاط بشار الأسد؟!.وما هي علاقة قيام المعارضة بالإستيلاء على المعابر الحدودية والتركية خاصة باسقاط بشار؟! وما هي علاقة سرقة وتهريب آثار سوريا إلى الخارج باسقاط بشار؟! وما علاقة قيام منظمتي "صقور الجولان" و"ابابيل حوران"! بسرقة وتفكيك مخيم اليرموك باسقاط بشار الأسد!! وما هي علاقة اطلاق الصواريخ على البقاع وبعلبك باسقاط بشار؟! وما هي علاقة تفجير السفارة الايرانية والعمليات الانتحارية الارهابية في الضاحية الجنوبية وبيروت باسقاط بشار؟!.وما هي علاقة حرق وتخريب المساجد والكنائس العربية السورية باسقاط بشار ؟!وما هي علاقة جز وقطع رؤوس المدنيين باسقاط بشار؟!
من المؤكد بان ما يجري من تدمير ممنهج ومخطط له لتاريخ وحضارة سوريا العربية لا يماثله سوى ما قام به جنود هولاكو المغولي التتري والقوى الانكشارية أعداء العلم والثقافة لبغداد عام 656 هجرية حيث تم احراق مكتباتها وكل ما يمت للحضارة العربية والاسلامية بصلة لدرجة أن نهر دجلة تحول لونه إلى الأزرق بسبب أطنان المخطوطات والوثائق والكتب التي القيت في مياهه.وما يتم في سوريا الآن يعتبر استكمالا لما فعلته قوات الغزو الاميركي والاطلسي للعراق وليبيا قبل ذلك.
وعلى الذين يشاركون في التدمير الممنهج لسوريا ولمخيم اليرموك أن يعلموا انهم ينفذون مخططا جهنميا شيطانيا لتقسيم الوطن العربي وتحويله إلى دويلات متناحرة لصالح أعدء الأمة العربية والاسلامية. ذلك هو باختصار ما تقوم به "داعش" و"النصرة" و"صقور الجولان" و"ابابيل حوران" و"احرار الشام" و"لواء الصحابة"و"العهدة العمرية" و"ابن تيمية والجيش الحر واكناف بيت المقدس!! فاسقاط بشار الأسد ليس هو الهدف على الاطلاق.وانما تدمير سوريا وتقسيمها كما حصل في العراق وليبيا والسودان والصومال قبل ذلك،وكما يحاول بعض القتلة والمأجورين والارهابيين المرتبطين بالخارج نقل التخريب والقتل إلى أرض الكنانة ،مصر الغالية والعزيزة علينا جميعا.
لماذا مخيم اليرموك ؟؟؟
لا بد من التأكيد بان ما يتم في مخيم اليرموك حاليا لا يخرج عن كونه مخططا دوليا تقوم عدة أطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل لتصفية قضية اللاجئين من خلال تدمير المخيمات وتهجير الفلسطينيين القاطنين فيها تدريجيا .
وعليه فلم يكن مخيم اليرموك هو الأول الذي تتآمر عليه قوى الجهل والظلام والتخلف والارهاب فقد سبقه مخيمات جسر الباشا وتل الزعتر وشاتيلا وجنين ونهر البارد. فالمخيمان الأول والثاني تم تدميرهما اثناء الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1976 بمشاركة قوى لبنانية تناصب الشعب الفلسطيني العداء لكونهما يقعان في المنطقة الشرقية من بيروت حيث الاغلبية السكانية غير مؤيدة. والثالث (شاتيلا) والذي تم بالتعاون الكامل بين القوات اللبنانية برئاسة كل من سمير جعجع وايلي حبيقة في ذلك الوقت والجيش الإسرائيلي اثناء الاجتياح الذي تم بقيادة شارون عام 1982 حيث تم تهجير الآلاف من السكان إلى بعض الدول الأوروبية (الدنمارك والسويد واستراليا وكندا والنرويج ).
اما مخيم جنين فقد تم تدميره بالكامل على أيدي القوات الإسرائيلية في أوج الانتفاضة الثانية عام 2002،إلا انه تم بناؤه فيما بعد ،اما مخيم نهر البارد فقد كان لمنظمة فتح الاسلام الموالية للقاعدة والتي لجأت إلى المخيم وفتحت معركة مع الجيش اللبناني كان من نتيجتها تدمير المخيم وتهجير معظم سكانه وهروب قادة فتح الاسلام رغم الحصار الشديد الذي كان مضروبا على المخيم آنذاك!! .
ومن الغريب والمستهجن أن تطلق المنظمات على نفسها أسماء نضالية وكفاحية وإسلامية لها مكانة في قلوب العرب والمسلمين كفتح الاسلام والعهدة العمرية وصقور الجولان وابابيل حوران واكناف بيت المقدس ولواء الصحابة وابن تيمية ..الخ كل هذا من اجل تشويه ديننا الحنيف وتاريخنا العربي.
فمنظمة "فتح الاسلام" الارهابية المسؤولة عن تدمير مخيم البارد لم تنتسب لفتح الوطنية يوما ولم تنتم للإسلام الحنيف فهي ومشغلوها وممولوها يريدون تشوية النضال الوطني وديننا الإسلامي وكذلك حال بقية المنظمات الارهابية التي سينكشف قريبا من يقف وراءها ومن يخطط لها .
أوليس غريبا أن تتوقف هذه المنظمات كليا عن مهاجمة المصالح الاميركية والغرب الكافر!!! حسب مبادئها أوليس غريبا أيضا أن تجد في المستشفيات الإسرائيلية ملجأ للعلاج ومكانا آمنا لها وممرا للدخول إلى الجولان السوري المحتل ؟!
ألم يجد إرهابيو "داعش" و"النصرة" و"العهدة العمرية" و"لواء الصحابة" مكانا آخرا غير مخيم اليرموك لإسقاط بشار؟!
المنظمات الارهابية المشار إليها هي المسؤولة عن تدمير مخيم اليرموك وتهجير سكانه .ومن الضروري هنا أن نضع علامات استفهام كبيرة عن الاسباب والدوافع التي جعلت المنظمات الارهابية تدخل مخيم اليرموك لإسقاط بشار!! فالاحياء التي تحيط بدمشق وقصر المهاجرين حيث يمارس الرئيس بشار مهامه وصلاحياته الدستورية كثيرة وكلها أفضل من مخيم اليرموك . من حق شعبنا ان يسأل لماذا دخلت المنظمات الارهابية المخيم في هذا الوقت بالذات حيث تجري المفاوضات بين منظمة التحرير والولايات المتحدة وإسرائيل على قضية اللاجئين ؟
ومن الاهمية بمكان ان نقول لكل من يريد اسقاط بشار الأسد واحتلال قصر المهاجرين انطلاقا من مخيم اليرموك أنه متواطىء ومشارك بالكامل في تصفية قضية اللاجئين .لمخيم اليرموك رمزيته المرتبطة بحقوق اللاجئين وعليهم ان يخرجوا منه ويغادروه . فالمشكلة التي يواجهها الوطنيون الفلسطينيون والسوريون أن قادة المنظمات الارهابية المتواجدة في المخيم لا يعترفون برمزية المكان واهميته لقضية اللاجئين وانما يعتبرونه بمثابة أرض الرباط والجهاد الذين سينطلقون منه لاسقاط بشار والوثوب إلى قصر المهاجرين هكذا قال احد قادة المنظمات الارهابية لعضو اللجنة التنفيذية الذي زار المخيم أخيرا.
المريض العربي
بقلم: حسن البطل – الايام
"لنا مدنية سلفت/ سنحييها وإن دثرت"؟ بلاش النشيد الغابر عن المستقبل الزاهر.. ربما لأن الإسلامية ـ السلفية لا تروقني، كما لا تروقني الإسلامية الجهادية.
"تحالفات جديدة، وعداوات جديدة.. وفوضى في كل مكان" هكذا كان جواب شوـ إن ـ لاي، رئيس وزراء صين ماوـ تسي ـ تونغ على سؤال: كيف ترى العالم بعد أربعين سنة؟
قال قائل ما: لا أدري من هو، إن العالم العربي/ الوطن العربي مثل جسم. إن شكا عضو منه تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحُمّى.
العالم العربي مريض، كما كانت الإمبراطورية العثمانية، في أفولها "الرجل المريض. يقول دعاة "الإسلام الحنيف" عن دعاة "الإسلام العنيف" أنهم ليسوا من الإسلام في شيء.. لكن السلفيين قد يشكلون رصيداً للجهاديين (الطالبان مثلاً، والإخوان المسلمون مثلاً.. دون أن ننسى السلفية الجهادية).
مرتان، في حال الصحة وفي حال المرض، أيقنت أوروبا بوجود جسم ما يسمى "العالم العربي". مرة بعد حرب اكتوبر 1973، حيث بدا العالم العربي "قوة سادسة" عالمية؛ ومرة أخرى في تداعيات "الربيع العربي" منذ 2011.
هل نرى في مصر، منذ يناير الماضي ـ إلى يناير الحالي، نموذجاً عن حال الصحة وحال المرض، فهي، مثلاً، تشبه مكانة البرازيل في أميركا الجنوبية في مكانتها من العالم العربي.
كانوا يقولون عن البرازيل إنها "قارة المستقبل" هل نقول إن مصر مستقبل العالم العربي؟ أو أن جمال عبد الناصر، الذي ثار على حكم مدني ـ برلماني فاسد، يشبه الجنرال خوان بيرون، المستبد العادل.
أو أن الفريق ـ أول عبد الفتاح السيسي يريد لبلاده استعادة الدور الناصري، أي المستبد ـ العادل، كما طمح عبد الناصر لاستعادة دور محمد علي الكبير، الذي "وحد" مصر وبلاد الشام، وردم الفجوة الحضارية بين مصر وأوروبا بحيث تقلصت إلى 40 عاماً، قبل أن تتكالب عليه فرنسا وبريطانيا وامبراطورية آل عثمان.. وايضاً، العنعنات الطائفية والمذهبية في بلاد الشام.
في أوائل ستينات القرن المنصرم، أي ذروة مشروع التحديث والنهضة الناصري، كانت كوريا الجنوبية تحت حكم ديكتاتوري للجنرال نغوين كاو ـ كي. انظروا كيف كانت كوريا الجنوبية متخلفة أكثر من السودان لا مصر، وكيف صارت بلاد "السامسونغ".
في زمن يقارب هذا، كانت البرازيل بلاداً للانقلابات العسكرية، بعد موت الانقلابي خوان بيرون، ثم حكم مدني غير كفؤ، جعل البلاد ذات مديونية هائلة، رغم ثرواتها الأسطورية.
.. إلى أن حكم البرازيل رجل ديمقراطي وتحديثي ومتنور هو لولاـ دي سيلفا، قائد النهضة البرازيلية الجديدة، الذي حكم البلاد فترتين دستوريتين متعاقبتين، وأصر على التنحي وعدم الترشح، رغم ضغط الشعب، لولاية ثالثة.
"خارطة الطريق" وضعها جيش مصر، بقيادة السيسي، وخطواتها الدستورية جرى تعديلها، بحيث صارت الانتخابات الرئاسية تتقدم على الانتخابات التشريعية، وبحيث أن السيسي يرى في "الاستفتاء" الذي جرى بنسبة تسعينية (ولو شارك فيه 38% من أصحاب حق الاقتراع) تفويضاً لترشيح قائد الجيش رئيساً لجمهورية مصر الثانية، بعد جمهورية "الأهرامات" الثلاثة: ناصر، السادات، مبارك.
تقول قاعدة فقهية إن "الضرورات تبيح المحظورات" وضرورات مصر الحالية أن يترأسها قائد عسكري، ربما لأن مرحلة الانتقال إلى رئيس مدني تتطلب "مستبدا عادلا" بخاصة بعد أن ضرب الإرهاب في سيناء، ثم في قلب مصر، وصار جيش مصر مسؤولاً عن منع تسرب الإرهابيين، من ثلاث جهات: سيناء، ليبيا.. والسودان، أيضاً.
استعار حسن نصر الله شيئاً من القرآن، وأسقطه على إسرائيل، قبل مرض العالم العربي بحُمّى "الربيع العربي" وقال إنها "أوهن من خيوط العنكبوت".
الواقع أن إسرائيل وإيران وتركيا ركائز مختلفة لديمقراطيات مختلفة، بينما يبحث العالم العربي عن نموذجه الديمقراطي من حكم الاستبداد إلى حكم الشعب.
.. لكن؟ من علائم الفوضى أن المعارضين للأنظمة ـ النظام السوري مثلاً، يتهمون اليسار بالانحراف (وليس كل اليسار هكذا)، والقوميين بممالأة النظام (وليس كل القوميين العرب هكذا) والليبراليين (وليس كل الليبراليين هكذا).
يوجد، حقاً، "عالم عربي" في الصحة وفي المرض؟!
***
تعقيباً على عمود السبت 24 الجاري:
Rose Shomali: صبري جريس كان مدير مركز الأبحاث في بيروت، وكان فيصل حوراني رئيس تحرير مجلة "شؤون فلسطينية".
Mahmoud El-Khatib: صبري جريس لم يكن، أبداً، رئيساً لمركز الأبحاث الفلسطيني، كان مديراً عاماً (إدارياً). ولم يكن، أبداً، رئيساً لتحرير (شؤون فلسطينية). هذا تزوير وافتراء ومصادرة لجهود الآخرين!
** من المحرر: دورك يا محمود محمود في إدارة "شؤون فلسطينية" بعد استقالة فيصل حوراني. ربما سهوت، لكن لم أُزوِّر أو أفتري أو أصادر جهودك المشكورة. لا أهمية للمسميات. أنا كنت رسمياً مدير تحرير "فلسطين الثورة" ـ قبرص.. وفعلياً رئيس التحرير.. كما تعرف!
جنيف ـ 2 : المايسترو .. والإيقاع !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
افتتح مؤتمر جنيف ـ 2 الخاص بسورية، بعيداً عن مدينة جنيف التي يلتصق اسم المؤتمر بها، إذ كان الافتتاح في مدينة "مونترو" التي يتخذ مهرجان موسيقى الجاز منها مركزه وشهرته، من المؤكد أن هذا الأمر لم يخطر على بال منظمي المؤتمر، إلاّ أن ذلك يوفر فرصة "الإيحاء" خاصة وأن موسيقى الجاز لا تحتاج إلى الالتزام بالنوتة الموسيقية، كما أنها ليست بحاجة الى مايسترو، والأمر يتعلق بالإيقاع "الثانوي" لضبط العازف الذي لا يتقيد إلاّ بأحاسيسه اللحظية.
وإذا ما ترجمت هذه الإيحاءات المنطقية ـ غير الواقعية ـ على المؤتمر، للاحظنا أن المؤتمر يتجنب وضع جدول أعمال، في حين يتعاون الصديقان اللدودان، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة، لعب قائد الإيقاع، في حين أن المايسترو المفترض ـ الأخضر الإبراهيمي ـ يحاول التنسيق بين الإيقاع والعازفين من طرفي المعادلة: النظام والمعارضة.
تجاوز المؤتمر بنجاح عقدة انعقاده، وتبددت الشكوك التي سادت قبل الانعقاد، رغم انتكاسة دعوة إيران للمشاركة فيه، وكل يوم يمضي، خلال الأسبوع الذي تقرر، والمباحثات جارية، يشكل إنجازاً هاماً، ذلك أن أحداً لا يتوقع التوصل إلى إنجازات باهرة، الأمر الذي كان يدركه الأخضر الإبراهيمي عندما نجح في جمع الطرفين تحت قبة واحدة، حتى لو لم يتحدث الطرفان مباشرة مع بعضهما البعض، وحتى لو اقتصر الحديث في البداية على الأخضر الإبراهيمي نفسه.
البداية الحقيقية لمؤتمر جنيف ـ 2، كانت قصة "الكيماوي السوري" ذلك أن حل هذا الملف من خلال المبادرة الروسية والاستجابة الغربية بقيادة أميركا، كان البوابة الحقيقية لتسهيل انعقاد المؤتمر رغم الشروط والشروط المضادة التي أوحت بأن هذا المؤتمر لن يعقد أبداً. الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيسي في هذا السباق، إذ دفعت بكل قوة لإجبار المعارضة على الانضمام إلى المؤتمر، حتى لو كان ذلك سبباً في انشقاقها وتصدعها، وهو ما حدث بالفعل، والولايات المتحدة أيضاً، كانت وراء فتح ملف "جرائم الحرب التي قام بها النظام السوري" قبل يومين فقط من موعد افتتاح المؤتمر، الولايات المتحدة كانت على علم بهذا الملف قبل شهرين، لكنها ساهمت في نشر الملف في الوقت المتزامن مع بدء الاعداد لافتتاح المؤتمر، في محاولة منها للضغط على الجانب السوري الرسمي، وسائل الإعلام المختلفة تناولت الملفين في وقت متزامن، جرائم الحرب التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري، وانعقاد مؤتمر جنيف ـ 2.
الكلمة السحرية لتوافق الطرفين على الالتزام بما تم في مؤتمر جنيف الأول، هي كلمة "مبادئ" وللتذكير كانت هذه الكلمة، أيضاً، هي التي أدت إلى توافقات في دساتير بعض الأنظمة العربية حول "مبادئ" الشريعة الإسلامية، إذ تسمح هذه الكلمة التي باتت مصطلحاً، للتفسير المرن للمقصود منها، وبحيث يفسرها كل طرف بما يخدم رؤيته وموقفه، لذلك اتفق الطرفان، الرسمي والمعارضة على "مبادئ" اتفاق جنيف واحد، للمفاوضات الجارية الآن، بعد إزالة الاستعصاء الذي كان يمكن أن يهدد استمرار العملية التفاوضية. الأخضر الإبراهيمي، المايسترو المفاوض المخضرم، لجأ إلى الأسلوب السهل في فن التفاوض، البدء بالقضايا الأكثر سهولة وتأجيل القضايا الساخنة إلى وقت لاحق، الملفات السهلة هي المتعلقة بتبادل الأسرى، وتسهيل وصول الامدادات الغذائية والدوائية إلى المناطق المحاصرة، وربما وقف لاطلاق النار في مناطق محددة، بداية بمدينة "حمص" وهذا فعلاً ما جرى أمس السبت، وربما كان هذا هو السبب وراء عدم حضور أعضاء مهمين من الجانب الرسمي السوري للنقاش الذي جرى، خاصة مع غياب وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة بثينة شعبان، وغياب بعض أعضاء الوفد المعارض، مثل ميشيل كيلو، الذي قيل تبريراً لغيابه، إنه عضو وفد المؤتمر وليس عضواً في فريق التفاوض في الجانب المعارض.
وحتى الملفات "السهلة" التي أشرنا إليها، ستظل أصعب من أن يتم حلها، وبفرض التوصل إلى توافق بشأنها، فإن تطبيقها على الميدان بالغ الصعوبة، بل إنها مستحيلة التطبيق، ذلك أن المعارضة التي تفاوض في جنيف، منقسمة بشدة، وهناك شكوك، من جانب فصائل المعارضة الأخرى حول مدى تمثيلها للمعارضة، كما أنها لا تملك قوة على الأرض، بل إنها الفصائل المسلحة، التكفيرية والارهابية منها على وجه الخصوص، هي التي تملك الكلمة الفصل بشأن هذه الملفات، وهي التي أعلنت جهاراً أنها ستعيق أي محاولة لتنفيذ أية تفاهمات حول الأسرى أو وقف إطلاق النار أو فك الحصار، واعلنت بوضوح أنها ضد مؤتمر جنيف ـ 2 وكل ما سيصدر عنه، ومن المحتمل أن يلقي الجانب الرسمي بقنبلته في الوقت المناسب، لكي يقول إن عدم وجود ضمانات بقدرة المعارضة المفاوضة على تنفيذ ما يتم التوصل إليه، هو السبب الرئيسي وراء فشل مؤتمر جنيف ـ 2!!
حتى يبقى الأردن مع فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
الذين لم يحتكوا بالأردنيين من الفلسطينيين، ولم يتصادموا معهم، ولم يتعايشوا معهم، ولم يقتسموا معهم لقمة العيش والكرامة والمواطنة والمساواة، لا يفهمون الأردنيين، ولا يحق لهم أن يجتهدوا في فهم الأردنيين لأنهم لا يستطيعون تحسس مخاوفهم، وقلقهم على وطنهم، وعلى بلدهم، وعلى مستقبلهم وأمنهم.
أوسلو، كان محطة نوعية مهمة، ونقلة جوهرية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد نقل الموضوع الفلسطيني برمته، باستثناء قضيتي اللاجئين والنازحين، وهم نصف الشعب العربي الفلسطيني، ومع ذلك انتقل جوهر الصراع وعنوانه وقيادته ونضاله وحقوقه من المنفى إلى الوطن الفلسطيني، فالصراع قبل أوسلو هو فلسطيني - أردني، وفلسطيني - سوري، وفلسطيني - لبناني، وفي بعض الأحيان وبدرجة أقل، فلسطيني - عراقي، وفلسطيني - مصري، بصرف النظر من المخطئ، هل كان الفلسطينيون هم المخطئين؟ أم النظم العربية وشعوبها؟؟، المهم كان الصراع بينيا، بين العربي والعربي، بين الشقيق وشقيقه، وداخل جبهة المواجهة العربية مع العدو الوطني والقومي، وكان العدو هو المستفيد الوحيد من الصراع الفلسطيني مع أشقائه العرب، والفلسطيني هو الذي دفع ثمن هذا الصراع، إلى أن انفجرت الانتفاضة الشعبية العام 1987 داخل الوطن والتي خلقت الأداة الضاغطة على إسحق رابين "بطل حروب إسرائيل" وقائدها، وعلى دولته المحتلة وعلى مشروعه الاستعماري التوسعي، فأذعن وأدرك أنه لا يستطيع هزيمة الشعب الفلسطيني وأطفال الحجارة والنضال المدني الباسل الذي خاضه الشبان والنساء وقادة العمل الوطني الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع ومعهم متضامنون من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة فكانت النتيجة: الاعتراف الإسرائيلي العلني بالحقائق الثلاث، أولاً بالشعب الفلسطيني، وثانياً بمنظمة التحرير، وثالثاً بالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى أرضية هذا الاعتراف المدعوم أميركياً، الذي تم إعلانه وتوقيعه في حديقة الورود في البيت الأبيض يوم 13/9/1993، تمت سلسلة الإجراءات العملية على الأرض:
1- الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا أولاً.
2- عودة الرئيس ياسر عرفات، ومعه عاد أكثر من 320 ألف فلسطيني في السنوات الخمس الانتقالية 94 – 99.
3- ولادة السلطة الوطنية كمقدمة وكمشروع مؤسساتي لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمنشودة.
اتفاق أوسلو قدم خدمة نوعية للشعب الفلسطيني، بنقل الصراع والعنوان والقضية من المنفى إلى الوطن، دفع ثمنها إسحق رابين باغتياله لأنه خان إسرائيل، وتنازل عن أرض إسرائيل، للعدو الفلسطيني، كما قال قادة اليمين الإسرائيلي ومنهم نتنياهو نفسه.
اتفاق أوسلو قدم خدمة للشعب الفلسطيني وهي حصيلة نضاله، ولكنه في نفس الوقت، قدم خدمة جليلة إستراتيجية للأردن وللأردنيين، لأنه ألغى المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي "الوطن البديل" أي جعل الأردن وطناً بديلاً لفلسطين، لسببين من وجهة نظر المستعمرين الإسرائيليين أولهما: أن شرق الأردن جزء من خارطة إسرائيل، وأن الإسرائيليين حصلوا على الجزء الأصغر من إسرائيل الكبرى فمساحة فلسطين (إسرائيل) 27 ألف كيلومتر مربع بينما مساحة الأردن 96 ألف كيلو متر مربع، ولذلك ليذهب الفلسطينيون إلى شرق الأردن ويقيموا دولتهم عليها ويتركوا غرب الأردن للإسرائيليين.
ثانيهما: أن أغلبية سكان شرق الأردن هم أصلاً من الفلسطينيين، ومن هنا قيمة أوسلو أردنياً أنه أنهى مؤامرة الوطن البديل عن الأردن.
ولكن مقابل مشروع الوطن البديل، هنالك أيضاً مؤامرة أخرى بديلة، وهي الخيار الأردني أي عودة الأردن تعسفاً ليحكم ويتحكم بما تبقى من الضفة الفلسطينية الواقعة بين الجدارين ليشكل امتداداً للأردن، فيبقى الأردن ويتحول إلى وعاء لاستيعاب تدفق النازحين إليه باعتبار ما تبقى من الضفة الفلسطينية جزءاً من الدولة الأردنية تحت مسميات الفدرالية والكونفدرالية، وفي كلا الحالتين مؤامرة على الأردنيين وعلى الفلسطينيين، فقد سقط الوطن البديل ليكون الخيار الأردني تحت مسميات الوحدة الفدرالية أو الكونفدرالية هو المشروع المقبل، وهي مسميات مرفوضة من قبل الأردنيين، لأنها تمس أمنهم واستقرارهم وهوية بلدهم ووطنيتهم.
ما يتفوه به بعض القيادات الفلسطينية حتى ولو من باب الوطنية أو القومية الزائدة على أننا شعب واحد أردني فلسطيني، أو أننا نعمل من أجل الوحدة الأردنية الفلسطينية تحت أي مسميات وحدوية، لا يستسيغها الأردنيون ولا يقبلون بها، وهي في نظرهم هروب من قبل الفلسطينيين عن مواجهة عدوهم وعجزهم أمامه وفشلهم في استعادة حقوقهم من بين مخالبه ومن جشعه ومن بطنه.
أخطأ من قال أو اختار أو قبل أن تكون قوات أردنية على أرض فلسطين بديلاً لقوات الاحتلال، فهي ربما ستخلق احتكاكاً غير مرغوب فيه مثلما ستوجد قلقاً أردنياً مشروعاً لا داعي له.
لقد سبق وحسم جلالة الملك عبد الله موقفه علناً بقوله: لا نقبل استبدال الدبابة الإسرائيلية بالدبابة الأردنية، فلماذا يصر البعض على استفزاز الأردنيين ودفعهم نحو التوتر والاحتقان، سواء لأسباب تكتيكية لإحراج الإسرائيليين، أو لأسباب مبدئية لأنه يؤمن أننا شعب واحد، ونحن ليس كذلك، لنا هويتان وننتمي لقومية عربية واحدة، بجوازي سفر، ولنا قيادة أردنية للأردنيين، وقيادة فلسطينية للفلسطينيين مثلما يوجد برلمانيون منتخبون بهويتين مختلفتين، فلماذا الخلط غير المرغوب؟؟.
أقولها وبكل صراحة: نحن لسنا شعبا واحدا، نحن شعبان بهويتين، مثل الجزائريين والمغاربة، ومثل الكويتيين والسعوديين، فلا تتوهموا بالكلام الدبلوماسي الذي يقوله البعض للبعض الآخر، فهو لا يقبله أردني واحد، فلماذا الوهم واختلاق المعارك الوهمية غير المطلوبة، ليتجه الفلسطينيون غرباً نحو حل مشاكلهم مع الإسرائيليين الذين يحتلون أرضهم ويصادرون حقوقهم ويعتدون على كرامتهم، ويتركوا الأردن وأهله ليقدموا التأييد والمساندة لفلسطين وشعبها وقيادتها بقدر استطاعتهم، فالأعباء الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه الأردنيين تكفيهم فلا تثقلوا عليهم، بمزيد من الأعباء والقلق!.
"التشريعي" .. أنهى ولايتين ويدخل اليوم الثالثة رغماً عنا .!
بقلم : أكرم عطا الله – الايام
بلا طقوس سوى من بعض الهزل يدخل أولئك المخلدون من أعضاء المجلس التشريعي المنتهية ولايته اليوم دورتهم الثالثة دون استشارة أولئك المغلوب على أمرهم والذين صدقوا يوما أنهم يشاركون في بناء نظامهم السياسي حين اصطفوا طوابير قبل ثماني سنوات أمام صناديق اقتراعهم معتقدين بسذاجة أن لهم مكاناً في غابة السياسة .. مساكين لأنهم صدقوا أن أحزابهم وقواهم تعطيهم من الكرامة ما يحقق لهم مشاركة سياسية كباقي شعوب الأرض.
هكذا وبكل بساطة تمديد تلقائي إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، ومدهش ألا نرى واحدا من أولئك المؤبدين على رقابنا رغما عنا يعلن احترامه لهذا الشعب ويقدم استقالته من هذا المجلس الذي يعيش البطالة منذ انتخابه ولا زال سوى من بعض الامتيازات الشخصية يوفرها لأعضائه باعتبارهم من السادة وليسوا من الرعية، لا أحد فعلها الا المرحوم حيدر عبد الشافي حين أدرك أنه لم يعد قادرا على خدمة شعبه انسحب بهدوء ليسجل في ذاكرتنا صفحة بيضاء في تاريخه الناصع وليس مثلهم .
لا أحد فعلها لا من اليمين ولا من اليسار ..لا من الدكتاتوريين ولا من الديمقراطيين ،لا الذين يخافون الله ولا الذين يخافون الشعب، كلهم في السلطة سواء حتى اليسار الذي أرهقنا في الحديث عن الديمقراطية وإرادة الشعوب وبالرغم من حضوره الذي يشبه غيابه في "التشريعي" إلا أن إصرار ممثليه على الاحتفاظ باللقب بعد انتهاء التكليف يثير شكا حول مصداقيته تماما مثل أحزاب الصراع على السلطة.
محاكمة التاريخ ستسجل أننا ذهبنا يوما لاختيار ممثلينا لنكتشف أنهم احتلونا، فلدينا مجلس معطل لو انحل أو قدم كل الأعضاء استقالتهم لن يشعر الشعب الفلسطيني بغيابه أو أنه خسر شيئا، فهو لا يراقب حكومات ولا يضع قوانين ولا يوقف تغول أجهزة أمن ،أعضاؤه حزبيون، انقساميون قسموه إلى مجلسين اصطف كل منهم خلف حركته وحكومته التي كانت جزءا من مأساة الوطن .
يستمر أعضاء المجلس التشريعي في احتلال مقاعدهم بقوة السلاح لا بقوة القانون بحماية الأجهزة الأمنية لا بأصوات الشعب، فهذه كانت لفترة محددة ومحدودة ولولا سطوة القوة لتمكن الشعب من حل هذا المجلس المشلول منذ زمن ولكن الجميع يعرف ماذا ستفعل القوى الأمنية فيما لو خرج الناس للشوارع أو للسيطرة على هذا المجلس لإرغامه على الرحيل، التجربة كانت أمامنا في غزة وفي الضفة لن تكون أفضل .
ذلك طبعا لن يبرر عجز هذا الشعب عن اتخاذ القرار وعجزه عن الحركة إلى الحد الذي يمكن أن يقال أنه لا يستحق أكثر من هذا الأداء الرديء، فكيف يمكن أن يصمت الفرد على ضياع أدنى حقوقه وكيف يقبل أن يتحول التمثيل بالإرادة إلى التمثيل بالقوة ؟ فأعضاء "التشريعي" قتلوا كل الشرعيات ووجهوا ضربة قاصمة للقيم الديمقراطية بتشبثهم بمقاعدهم الوثيرة يعتدون يوميا على حقنا في اختيار ممثلينا، يديرون ظهورهم ويخرجون ألسنتهم لنا جميعا قائلين بصوت واحد اذهبوا للجحيم .
الحقيقة أننا أمام قدر كبير من غياب الثقافة السياسية وممارسة الحكم سواء لدى المواطن أم لدى ممثليه المنتهية ولايتهم، فالانتخابات هي عبارة عن عقد اجتماعي محدد يقوم خلالها الشعب صاحب السلطة الحقيقية باختيار أو تكليف البعض للعمل لديه لمدة أربع سنوات، وهذه هي مدة التعاقد ينتهي التكليف بعدها أو يعاد تجديده مرة أخرى، يبدو أن لا أحد يفهم بأن أي يوم بعد مدة العقد تصبح اغتصابا للسلطة وتجاوزا للقانون وللأعراف السياسية التي تعارفت عليها النظم التي أعادت صياغة طبيعة العلاقة بين الشعب والسلطة .
فالشعب هو سيد السلطات ومصدرها يعطيها لمن تشاء ويحجبها عمن يشاء، وهو الحاكم الفعلي، وتنعقد المحاكمة كل أربع سنوات وفقا للقانون، فالانتخابات هو يوم إصدار الشعب قراره بالمكافأة أو العقاب، بالتكليف أو الإعفاء، بالإعلان عن النجاح أو الفشل ،ولكن هذا لا يحدث عندنا، فعندما جرت الانتخابات كان أحد الفائزين بعضوية المجلس شاب في حوالي الثلاثين من عمره صرح قائلا : نحن جئنا لنحكم أربعين سنة، يظهر أن ذلك الشاب حسب عمره الزمني حتى السبعين وأراد أن يقضي بقية حياته في المجلس ويبدو أن نبوءته تتحقق.
هل يعقل طوال عقدين من إنشاء السلطة ألا تجرى الانتخابات سوى مرتين، هذا لا يحدث في أكثر الدول تخلفا، وأكثر الشعوب بلاهة حتى في مجاهل أفريقيا تتم الانتخابات في موعدها بالرغم من الحروب القبلية والصراعات، لكن يبدو أن لدينا أحزابا وقوى ونظاما سياسيا وشعبا منسجمين تماما في مستوى الوعي السياسي حتى يمر موعد الانتخابات دون أن يخجل أي من أعضاء المجلس لأنه يتجاوز الرخصة المحددة له، فهناك خلل في فهم العلاقة بين الشعب والسلطة، خلل في الثقافة السياسية، فالشعب هو السيد صاحب الأرض والسيادة ومالك الوطن وأعضاء السلطة ليسوا سوى خدم لديه، وكم هي رائعة مقولة رئيس الوزراء البريطاني الأشهر ونستون تشرشل الذي كان يذيل كل خطاباته للشعب البريطاني يكلمه " خادمكم المطيع " ولنا أن نتصور أن يقوم السيد بتوظيف خادم لديه لمدة محددة وبعد نهاية هذه المدة يبقى ذلك الخادم يعمل لدى السيد رغما عنه ويهدده بإطلاق النار لو فكر بطرده ويجدد عقده لوحده .
البرلمان الفلسطيني الأول استمر عقدا من الزمن بفعل تواطؤ كان قد نشأ بين السلطة والمعارضة، بين حركة فتح وباقي القوى المعارضة التي لم تضغط للدفاع عن حق المواطن في إجراء الانتخابات في موعدها لأن الأمر لا يعنيها ولأن لا تريد السقوط في "مستنقع" أوسلو، ولكن وهج السلطة أسال لعابها لتزحف بعد سنوات إلى حيث ما توفره امتيازات أوسلو لتغيير شكل التواطؤ مرة أخرى بالتقاسم الهادئ على حساب الوطن والمواطن .
كان عدد أعضاء البرلمان الأول 88 عضوا واتفقت الفصائل على رفعه إلى مائة واثنين وثلاثين حتى تتمكن من إدخال أكبر عدد من كوادرها لتتم رشوة الصف الأول والثاني بامتيازات المقعد الوثير وجواز السفر وحصانة وسيارة وراتب كبير، وها هو يمدد لنفسه تلقائيا ومن لم يعجبه بإمكانه أن يضرب رأسه في الجدار العازل الطويل الذي تبينه إسرائيل في الضفة أو يشرب من بحر غزة، ولكن شريطة ألا يتجاوز الأميال التي حددتها إسرائيل في اتفاقية التهدئة الأخيرة .
ما رأيكم أن نخاطب أي عضو في المجلس التشريعي بـ " المنتهية ولايته" وللتذكير فهو مصطلح أهدته حماس لقاموسنا السياسي حين شارفت ولاية الرئيس على الانتهاء ثم سحبته من التداول عندما أصبح كوادرها المنتخبون منتهية ولايتهم .. يا لهذا التواطؤ حين تصبح مصلحتهم ضد القانون ..!
وعدي لكِ، أن أضعك في أحلامي
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
دون سابق إنذار بادرتني قائلة: "أريد أن اشتري حلماً، بيعيني أحد أحلامك أو اقرضيني بعضاً منهم". بينما كنت أخفي صدمتي ودهشتي من ما قذفته في طبقي، شعرت بمعنى كلمات لم أكن أحبها كثيرا، " من مأمنه يؤتى الحَذِر".
هي من نوعية المخلوقات التي لا يكاد المرء يشعر بها، مركون في أحد الزوايا على مكتب منزوٍ. لا تلفت الانتباه ولا أحد يلتفت اليها ولا تسعى لذلك. يمكن أن يعتبرها البعض كأحد المخلوقات الفائضة عن الحاجة لغايات استكمال المشهد الوظيفي، لا تضر أو تنفع، وفراغها يمكن أن يعبئه أي أحد. بدأت أفكر في إجابة مقنعة بينما أتأملها وأستمع لسأمها من نفسها. امرأة متوارية خلف قلق ما، شاحبة لا يمكن تقدير عمرها أو أن عمرها يسير بتثاقل. ربما نسيها الزمن في شروده أو لدى ذهوله الدائم عن المخابئ. بدأت استوعب ملامحها، سنوات عمرها، ألوانها، خفوت صوتها.
ملخص قصة الباحثة عن حلم للبيع أو التأجير، انها امرأة سيئة الطالع من برج السرطان الكئيب، فقد ولدت في لحظة كانت فيها الأبراج في حالة اشتباك فلكي يتربع فيها زحل الفضاء. لذلك اعتادت على رؤية الأشياء الخافتة والمتقهقرة إلى الوراء. منذ الصرخة الأولى وضع في فمها قطعة من المطاط تلتهي بها عن عدم الاكتراث. ومن ثم اعتادت على المسكّنات والوعود والتأجيل وطبخات البحص. وفتحت عيونها على أخذ نصيبها وإرثها بنصف حظ.
في لحظة ما أضاء رأسها، قررت وقف تأجيل كل شيء، تأجيل الحظ والكرامة والصرخة الثانية. أصبحت جاهزة لفك قيودها والاعلان عن عدم قدرتها على احتمال التواري ومضغ المطاط وحياة القهر والذل، لم تعد قادرة على تحمل التمييز ضدها كالقدر المسلّط على الرقاب، ووصلت إلى النقطة التي ستطلق العنان لثورتها الحبيسة، وإيقاف هدر حياتها. ومن حيث لا تدري خلق الاضطهاد لديها الحافز لتحلم بالتحرر من الاستلاب. فلم تعد تحتمل مسؤولين لا يتمتعون بالمعرفة وكل ما يبرعون به الفهلوة ومعرفة استخدام السياسات. فجأة رأت حياتها على حقيقتها، انسانة رفيعة العلم تُدار ممن يفهم السياسات ويجيدون التسلق والفهلوة. فجأة يصحو في أعماقها شعور لم تعرفه أو تختبره، كل ما هنالك انها قرأت عنه، العزة والكرامة.
قلت لها: لست من الوعّاظ، لكني أعرف أن الأحلام موجودة في حياتنا ولا تغادرنا، نغيرها ونبدِّلها بأيدينا علاوة على توالدها في كل يوم جديد. بعض الأحلام جميل يحملنا إلى دنيا بعيدة تنسينا قسوة الزمن وأهله، وبعضها سيبقى حلما لا يتحقق أبدا. لا يمكننا إقراض أحلامنا أو تأجيرها، وإن اقرضتك بعض أحلامي قد تنامين وتصحين كل يوم ولنهاية العمر دون أن تجدي أحدا منها يتحقق، لكني أستطيع أن أعدك أن تكوني في بؤرة أحلامي، لكن عديني بأن تحرري تفاعلك وتطلقي ما بداخلك، والحفر والتقدم بذاتك وعدم انتظار قدوم الحظ بل اذهبي بوعي اليه، بشرط التوقف عن هدر شخصيتك وشحوبها بيدك، إيقاف تواريك الإرادوي حتى لا يُستغَل من محترفي الفهلوة..وقبل كل شيء، أن تتعلمي قول كلمة "لا" في وقتها وأوانها.
صرخة اليرموك: "فلا نامت أعين الجبناء"
بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
"لقد شهدت مئة زحف، وما في بدني موضع شبر، إلاّ وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، فلا نامت أعين الجبناء".
خالد بن الوليد
تلاحقني صور أهلي في اليرموك،
تلاحقني صور الأحباء والأصدقاء، وكل من قابلت، ومن لم أقابل، أثناء زياراتي للمخيم.
يطل الشهداء غسان الشهابي، وحسان حسان، وعبد العزيز الخضراء، وزهرة يوسف الزين، ومصطفى بحطيطي، وأسامة أبو هاشم، وسعيد الفواز، وثائر فاعوري؛ ممن استشهدوا قنصاً أو جوعاً.
تطلّ مجموعة أصدقاء "عائدون"، و"دار الشجرة للذاكرة الفلسطينية"، و"العاشقون".
يطل العزيزان بثينة وعلي، وأبو عرب وسميح، ثم هالة وجمال، اللذان صحباني لمقابلة المناضلة: "خزنة الخطيب"، جدة جمال/ التي قاتلت مع الشهيد عز الدين القسام، في حيفا، والتي هجِّرت إلى اليرموك، ثم رحلت، قبل أن تشهد فظاعة ما حدث ويحدث في المخيم الحبيب.
أبحث عن بيوتهم؛ فلا أجد سوى الخراب والدمار والأنقاض،
وأبحث عن أصواتهم الحرة؛ فلا أسمع سوى صوت الصمت، الذي يخرج على هيئة صرخات ممتزجة بالقهر.
*****
اليرموك اليوم واليرموك أمس،
ما بين حلم العودة، الحلم الذي عاش من أجله المهجَّرون إلى اليرموك، وربوا عليه أولادهم، وأولاد أولادهم،
وما بين حلم اليقظة، الحلم الذي أحال حياتهم جحيماً مستعراً، وعذاباً يومياً.
*****
اليرموك اليوم واليرموك أمس أمس،
ما بين النصر والهزيمة،
ما بين جيش موحَّد عربي، انتصر على الإمبراطورية البيزنطية، بقيادة موحدة، تحت راية الإسلام، في معركة اليرموك، التي شكلت، استناداً إلى المؤرخين الأجانب، واحدة من أكثر المعارك الحاسمة في تاريخ البشرية،
وما بين جيش، وجماعات مسلحة مفتتة، اختلفوا على كل شيء؛ لكنهم اتحدوا على محاصرة وقتال المدنيين، في مخيم اليرموك، في معركة هدفت إلى معاقبة سكان المخيم، على حسهم القومي، عبر إذلالهم، ومحاولة تحويلهم من مناضلين إلى متسولين، وإعادتهم إلى المربع الأول، وإثارة النعرة الطائفية، والقبلية بينهم.
*****
أمس أمس،
كان لقيادة المعركة أثر كبير في النصر الذي أحرزه المسلمون في معركة اليرموك،
شكلت القيادة مثالاً يحتذى في التاريخ العسكري؛ لأن قوة عسكرية صغيرة العدد؛ تغلبت على قوة عسكرية كثيرة العدد، بفضل القيادة الحكيمة، والذكية، والمبدعة، وبعيدة النظر، والشّجاعة،
واليوم اليوم،
كان لقيادة المعركة أثر كبير في الإحساس بالهزيمة المعنوية؛ ما أدى إلى تهجير الآلاف ممن يستطيعون الرحيل، من اليرموك إلى المجهول.
وشكلت بعض فضائيات العالم العربي معيناً، في تشويه صورة المخيم، وتاريخه المشرِّف؛ مما رسخ في ذاكرة الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية، وشعوب العالم.
*****
أدمتني مشاهد تلقي المساعدات الإنسانية،
أدمتني فكرة التركيز على المساعدات الإغاثية، على أهميتها،
لم أجرؤ على أن أحدِّق في العيون الغائرة، أو أن أنظر إلى الابتسامة الكئيبة فوق الوجوه المتغضنة، أو إلى الأجسام الهزيلة،
ورغم أني أغمضت عيني؛ إلاّ أني رأيت القلوب المحطمة، وأصابع الاتهام التي يرفعها أهل المخيم، في وجه الكون بأسره.
ما بين الحياد والالتزام القومي؛ ضاعت البوصلة، وتاه الطريق، وأظلمت الدنيا،
تغنى الشعب العربي من المحيط إلى الخليج بأغنيات الوحدة العربية، والمصير المشترك،
لكن بعض القيادات العربية، سرعان ما نسيت شعارات الوحدة، وأغنيات الوحدة، وطالبت بتحييد كل من يقيم على أرضها، من غير شعبها، وعرَّضت من يخالف ذلك للاعتقال والطرد، وأحياناً عرَّضته للتعذيب والموت،
وتكبر المصيبة، حين تبدأ الشعوب العربية، التي ضللت، - عبر وسائل الإعلام -، في تبني شعارات الأنظمة العربية، وفي معاملة الأشقاء العرب معاملة الغرباء؛ ما يتسبب في حدوث شرخ بين الإخوة، يبدأ خفياً، ثم يتمدد على القلب، ويعمي البصر والبصيرة، ويطيح بكل منطق.
وتتعاظم المصيبة؛ حين تتبنى حركات التحرر الوطني، هذه المقولة، وتعمل عل ترسيخها؛ فهذا يعني التخلي عن شعاراتها، التي تربط حركتها التحررية بالحركات الثورية، عبر العالم، ما يؤدي إلى تعميق الفردية، وإلى نبذ الاحتكام إلى العقل، وتغييب القانون، لصالح الشرذمة والتفتت إلى طوائف وعشائر وقبائل.
كيف يمكن أن نقنع أطفالنا، الذين أنشأناهم/ن على حب الوطن العربي الكبير، وحب الإنسانية، بأن يقلصوا المساحة، ويختزلوا الحلم، ويعودوا إلى أحضان القبيلة فحسب؟!
يا الله، أية وحدة عربية نتحدث عنها؟! وأي حلم قومي نغتاله اليوم بأيدينا؟!
وأي مصير مظلم ينتظر الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج؟!
"إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
*****
كيف يمكن أن نبعد شبح الرعب والموت، بأنواعه، عن أهلنا، في مخيم اليرموك؟!
ما هو المطلوب لإنقاذ المخيم (ربع سكانه من السوريين)؟ والذي هاجر وهجِّر معظم قاطنيه إلى شتى دول العالم، حتى بقي فيه قرابة 20, 000 مواطن/ة؟
لو كان وصول المساعدات الغذائية، من طعام وشراب ودواء، وتدفق الأموال؛ هي التي تنشر الأمن والأمان بين سكان المخيم، لاقتصرت مطالباتنا على تكثيف جهود الإغاثة.
ولو كان الحصار يطال الفلسطينيين، دون أشقائهم، لكان المطلب، توفير ممر آمن لهم وحدهم؛
لكنا نعرف أن المساعدات الإنسانية، والطبية، والمادية؛ لن تنشر الأمن والأمان، وأنهم سوف يظلون معرضين للقتل والاعتقال والتعذيب والموت؛ كما يتعرض السوريون جميعاً.
كما نعرف أن الحصار مفروض على مناطق متعددة، في البلاد؛ وليس على مخيم اليرموك فحسب؛ الأمر الذي يستدعي إبراز البعد السياسي لقضية المخيم، دون إغفال البعد الإنساني.
علينا مطالبة المجتمع الدولي بالضغط لوقف آلة القتل الجهنمية، بأشكالها كافة: القصف بالمدافع وطائرات الهليكوبتر، والدبابات، والقتل الهمجي البربري، ثم رفع الحصار، وفتح ممرات إنسانية، والإفراج عن المعتقلين/ات، ثم عودة المهجَّرين إلى بيوتهم.
***** هل هي نكبة فلسطينية جديدة؟ نكبة أعظم من النكبة الأولى؟ أم نكبة النكبة؟!
اليهود في الرواية العربية ـ 2 ـ .... واسيني الأعرج في "البيت الأندلسي"
بقلم: عادل الأسطة – الايام
"البيت الأندلسي" عنوان رواية لواسيني الأعرج صدرت في العام 2010 عن منشورات الجمل في بغداد، وتقع في 447 صفحة، يكتب فيها واسيني عن موريسكي غادر اسبانيا إبان محاكم التفتيش، وأقام في الجزائر، وقرر أن يبني بيتاً على غرار بيت رآه والفتاة اليهودية التي أحبها هناك، في الأندلس.
وسيقام هذا البيت في مدينة الجزائر وسيصمد أمام الزمن قروناً عديدة يتعرض خلالها إلى تغيرات وتبدلات، ويؤول، زمن استقلال الجزائر، إلى الهدم. كأنما لسان حال الرواية، وهي تعرض للتحولات التي ألمت بالبيت خلال قرون، يقول: إن عرّبت خرّبت.
يصدر واسيني روايته بسطر دال هو "إن البيوت الخالية تموت يتيمة" ويدرج تحته اسم من بنى البيت وهو (غاليليو الروخو) (سيدي أحمد بن خليل) ويورد أسفل السطر بيت الشاعر أبي البقاء الرندي: "وهذه الدار لا تبقي على أحد/ ولا يدوم على حال لها شان".
والرواية من ألفها إلى يائها تطنب في قول ما قاله الروخو وما توصل إليه الرندي. لم يبق أحد ممن بنوا البيت وأقاموا فيه، بل إن البيت لم يدم على حال، وقد آلَ إلى زوال.
بطل الرواية، باني البيت، هو صاحب المقولة ـ طبعاً الرواية تقوم على أساس التوازي بين زمنين؛ زمن تاريخي يعود إلى 400 عام، وزمن يتطابق وزمن الكتابة تقريباً. الزمن التاريخي هو زمن طرد المسلمين من الأندلس ولجوئهم الى شمال افريقيا، وزمن الكتابة هو سنوات ما بعد استقلال الجزائر، وما بين زمن الهجرة وبناء البيت وزمن هدم البيت / زمن الكتابة أزمنة عديدة يعرض لها السارد/ون من خلال الإتيان على ما ألم بالبيت من تغيرات خلال أربعة قرون.
من هو غاليليو الروخو؟ وما هي صورة المرأة اليهودية؟
نتعرف في بداية الرواية الى حياته، فقد كان هذا "الموريسكي بحاراً طيباً شارك في حروب كثيرة قبل أن يتخلى عن الديانة المسيحية ويسلم عندما دخل إلى الجزائر. كان متزوجاً من يهودية تركت كل شيء وراءها وتبعته لتعيش معه قسوة المنفى..." ص19 و"هذه اليهودية هي حنا سلطانة" لها وجه سمح وشعر أحمر" ص44، لها صوت لم يكن يضاهيه صوت آخر، وكانت في لباسها الفضفاض المصنوع من الحرير والساتان الهندي والصيني، المطرز بالياقوت واللؤلؤ وأحجار البندقية الجميلة، كانت كأنها جسد معشق بكل الألوان" ص53 وعطرها عطر مميز لا يباع ولا يشترى. ص54.
سلطانة بلاثيوس هذه كانت في جمالها بلا شك، وفي زهوها واستقامة جسدها ورشاقتها، وظل جسدها سرها العظيم الذي لا يعرفه إلاّ الرجل الذي أحبته وغامرت من أجله وهجرت عائلتها، كانت مستعدة للموت والسفر في بحر لم تكن تعرف عنه الشيء الكثير، لولا أخوها الدون فريدريكو دي طوليدو، لأكلتها القفار، وخلاء المدن البعيدة" ص55.
وستتعزز هذه الصورة البهائية لسلطانة في صفحات لاحقة من الرواية، هكذا رآها الروخو في المكتبة في الأندلس: مشرقة كالقمر وممتلئة كتفاحة، وحين جاءته، لأول مرة على المكتبة "كانت ترمي شعرها إلى الوراء كالغجريات" ص93. وهي ذات ابتسامة رائعة رائقة، ص163، لأجلها كتب شعراً، وكانت تعني له الكثير، فقد منحته الحب ومنحته الحياة، ورأى أن لا قيمة للمال وأملاك الدنيا بلا سيدة الروح والمحتلة لعش القلب" وحين انفصل عنها، قبل أن يلتقي بها ثانية، اشتاق إلى صوتها، حنينها، وجها، وهذا هو ما أعطاه القدرة على الصبر والمقاومة في المنفى. ص171 ولقد ظل الروخو متعلقاً بها بعد أن افترقا بسبب التهجير، ولم يكن الدين ليفصل بينهما فلا "عاش دين يفصلني عن قلبي وعن أحاسيسي العميقة" (ص179). سلطانة هذه عنيدة وذات حاسة أنيقة وذوق فني معماري.
في الكتابة عن اليهود في الأدب العالمي، بل وفي الأدب العربي الذي أتى على حياتهم في العالم العربي في ق19، كانت هذه الصورة للمرأة اليهودية تطالعنا، وقد توقفت أمامها وأنا أكتب عن صورة اليهود في رواية عبد الرحمن منيف "أرض السواد" (1999). هكذا تبدو المرأة اليهودية: إنها تتبع هوى قلبها وتغامر من أجل حبها. وهذا النموذج وجدناه في رواية إلياس خوري "باب الشمس"، فاليهودية الألمانية في القدس أحبت فلسطينياً ولما عارض أهلها تخلت عنهم وهربت معه وأقامت في غزة. (ينظر كتابي: اليهود في الرواية العربية، جدل الذات والآخر).
هل سلطانة هي الشخصية اليهودية الوحيدة في رواية البيت الأندلسي؟
كانت الأندلس، كما قرأنا، موطناً تعايش فيه المسلمون واليهود بقدر من الحب والوئام والصفاء، وغدت رمزاً للتعايش.هل كانت رواية واسيني رواية ترمز إلى هذا، ولهذا كان هناك زواج وحب ما بين الروخو وسلطانة؟ وليست سلطانة هي الشخصية الوحيدة اليهودية في الرواية. هناك شخصية ثانية ذكورية ذات دلالات رمزية ايضاً، هي شخصية ميمون البلنسي.
كما تحضر سلطانة في أكثر من صفحة من صفحات الرواية، يحضر أيضاً ميمون، ويكون مهماً للروخو، كما كانت سلطانة مهمة له. وميمون هذا هو صانع الذهب اليهودي الذي كان الروخو يعمل معه، وكان وسيلته للاستمرار.. إنه رجل طيب، "ووضعه كان شبيهاً بوضعي جاء مع الدفعات الأولى من المارانوس الذين طردوا من الأندلس.. مارانوس وموريسكوس كنا في نفس العاصفة" ص153، واليهودي هذا صديق للروخو كان يجد معه متعة خاصة للراحة بعد تعب اليوم على ظهر السفينة أو في محل الذهب" ص154. إنه طيب، رجل أمين وصاحب حرفة" ص155، وهو يعمل كثيراً ولا يتكلم إلاّ قليلاً، ص156، ويكرر دائماً حكمة الذئب المعروفة: اللي تتكلمه اجريه يا وليدي" ص157، وهو موضع ثقة الحكام، إذ يثقون بصنعته، لأنه صناع ماهر لا يكرر، فأخطر شيء في صنعته ـ الذهب ـ هو التكرار، وفوق هذا فهو رجل حكيم: إذا أردت أن تربح جاري زبونك... أعطه ما يدهشه حتى ولو خسرت من رأسمالك في المرة الأولى. والطريف أنه لا يبخل بأسرار مهنته على صديقه الروخو، فهو يعطيه إياها، وينصحه بأن يركز على الحرفة، لا على الكتب، ص182. وميمون هو رجل عاقل تزوج مرة واحدة ثم أضرب عن النساء، فقد غادرته زوجته من أجل محارب مسيحي، وإذ يتذكر هذا يبدو حزيناً، ولكنه كان صافياً كقطرة" لأول مرة أشعر أن العمر كان قد خط علاماته على أصابعه الرشيقة. ووجهه المضاء بشعاع الأولياء، ولكن نفس الزمن القاسي لم يمسس ولا ذرة واحدة من رشاقة يديه وذاكرته الحية ونباهته القوية" ص184.
والرواية التي لا تخلو من نعت بعض التجار اليهود بالربا والتعاطي به ترسم صورة مغايرة لميمون، صورة تخرج عن التصور التقليدي لهم الذي بدا في مسرحية (شكسبير): تاجر البندقية، فميمون يساعد الآخرين ويقدم المال دون أن يسأل عن فوائد. هكذا يساعد الآخرين، وحين يتلكأ المسيحيون عن مساعدة المسيحي (سرفانتيس) يتقدم اليهودي ليساعده، على الرغم من أن المسيحيين طردوه من الأندلس، هكذا يخاطب الروخو (سرفانتيس): "أنت حر، عليك أن تشكر صبحاً ومساء هذا الرجل الذي قام بالمستحيل لإنقاذك وليس بني جلدتك" ص299.
وثمة إتيان على يهود آخرين غير سلطانة وميمون. يهوديات يشاركن في فرقة الموسيقى، ويهود ذكور تجار يشترون المخطوطات والمنازل ويبيعونها، وثمة ربط بين اليهود والسحر، بل وثمة جني يهودي يسكن البيت، كان طيباً في أثناء إقامة سلطانة فيه، فلما ماتت غدا جنياً شريراً.
كل ما تقدم كان توصيفاً للنماذج اليهودية التي ظهرت في الرواية. هكذا قدم الكاتب اليهود في روايته، قدمهم بما يتماثل مع الصورة المعروفة لهم في الذاكرة عن حياتهم والمسلمين في الأندلس، ولكن هذا لا يمنع من أن يثير المرء أسئلة عديدة هي: ما الذي يرمي إليه الكاتب من وراء هذا؟ وماذا يمكن أن تخدم هذه الصورة ومن؟ وماذا سيقول القارئ الفلسطيني إذا ما قرأ هذه الرواية، دون أن يقرأ رواية "سوناتا لأشباح القدس"؟ هل سيسيء الظن بالكاتب؟ هل سينعته، مثلاً، بأنه كاتب مطبع؟ وقد لا تروق هذه الأمثلة لمحبي الروائي، ولكنها تظل أسئلة مشروعة.
تغريدة الصباح – نورس حيفاوي
بقلم: حنان باكير – الحياة
كعادتي التي لن أغيّرها.. سأظل أحكي عن أحبابي الراحلين بفرح. لأني بالفرح أستحضر أرواحهم. علي أبو طوق. هكذا من دون أي لقب أو رتوش. بل اسمه، لقب لكل المعاني الإنسانية. هو نورس حيفاوي أفلت من بحر حيفا.. وحلّق فوق سماء كل المخيمات مبشّرا بعودة النوارس الى موطنها.
علي أبو طوق.. قائد/ عفوا قدّيس، مخيمي صبرا وشاتيلا. يصادف يوم السابع والعشرين من كانون الثاني، ذكرى إصابته بقذيفة فقدت ضميرها، حملته بعيدا عنّا. أعادت روحه الى حيفا، واحتضن مسجد المخيّم جسده.
يوم التقيته لأول مرة، خلت نفسي سأقف امام قائد عسكري ضخم. فوجئت بإنسان رقيق، مهذب وجنتلمان.. وعلى قدر من الاستحياء! مع تواتر اللقاءات.. رأيت الف شخصية وروح في جسد واحد! رأيت كم أحبّه الأطفال وكيف كان لديه الوقت ليحلّ النزاعات بينهم بعد ان يحتكموا إليه، وكيف ان حكمه لا يردّ. سرت معه في أزقة المخيم، كان مدججا بالسلاح، وعندما يشاهد طفلا.. يدسّ يده في جيبه ليخرج لهم حبات الشوكولا والسكاكر، وينقلب طفلا مثلهم. كان قسم الاطفال» ورحمة علي»!
ذات مرة، استوقف امرأة بشعر طويل..أخرج من أحد جيوب بنطاله العسكري، ربطة شعر وقال لها: « ضبّي شعرك، مش ناقصنا قمل في المخيم».
مخازن تموينه، ضمّت حفاضات الاطفال وعلب وزجاجات الحليب... وحتى الألعاب. لم يغب عن باله النساء ايضا! فقام بتموين مستلزماتهن الخاصة جدا. وربطات الشعر.
فترات الهدنة، كانت تحوّله الى عامل نظافة لأزقة المخيّم ومجاريرها..
أخبرته ذات مرة عن فنان تشكيليّ فلسطيني، يعاني المرض ولا طاقة له لتأمين العلاج. قلت لعلي: سأحضر لزيارتك مع الفنان. أجابني على الفور: مثل هؤلاء، نحن نذهب اليهم.. لم أفهم كيف سيذهب اليهم! في اليوم التالي أرسل وفدا من امرأتين الى بيته مع مبلغ من المال.. وأجرى له مخصصا شهريا.. كان يصله بانتظام!
شغل فكري هاجس كان يطلّ عليّ من وقت لآخر.. هل يعقل أن يكون هذا الانسان الرقيق مقاتلا أو قائدا !! تبخّر الهاجس، يوم كنت في المخيّم وبدا واضحا سقوط وقف اطلاق النار.... صرخ بي أن اخرجي بسرعة! لم أخرج.. أريد رؤية عيني ذلك الطفل الكبير وقد انقلبت الى عيني نسر كاسر وبدأ بتوزيع العناصر على كل المحاور! وقفت مندهشة، فصرخ بي بغضب: ألم تسمعيني اخرجي، مش ناقصنا انت بعد!! فهرولت مسرعة خوفا من ان يطلق رصاصة انذار فوق رأسي..
وللفرح مكان في المخيّم وفي قلوب المحاصرين. أنشأ عليّ، فرقة دبكة.. كانت التدريبات تتم في ملجأ تحت اكوام الردم وبإشرافه. الدبكة تمدّ الناس بالفرح وبالعزيمة التي تعينهم على تحمل جحيم الحصار. ربما هو تعد على خصوصيته.. ولكني راح « بق البحصة» وأحكي. بعد وفاته كان منزل امه الفقيرة مرهونا!
في جلسة، بدا كئيبا، قال لي بألم وشت به عيناه: أليس غريبا أننا حملنا السلاح لإلغاء المخيم بتحقيق العودة، واليوم نحمل السلاح للحفاظ على المخيم من اجل حق العودة!!!
الحكيم ..في ذكراه 1 من 2
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما أجمل سيرته. وما أكثر مفارقاتها المثيرة. منذ أن كان طفلاً، حتى بلغ سوّية الرمز الموقر، الذي لا يختلف عليه اثنان وطنيان. ففي تلقائيته وهو يروي حكايات سنواته الأولى، يعطيك "الحكيم" وصفاً ضمنياً، لشكل الوعي العام، لدى المكوّن المسيحي في المجتمع الفلسطيني. فأبوه، صاحب الدكان الصغير في اللد، ثم صاحب الدكان الأكبر في يافا، امتلك عاطفة وطنية مشبوبة، أما أخوه الأكبر فكان يتأجج بثورية عالية، فلا يدع تظاهرة احتجاجية دون المشاركة فيها. اجتذبه خطاب المعلمين في مدرسته الابتدائية في اللد، وعندما غادر مسقط رأسه مع أسرته التي ارتحلت الى يافا، وهو في الثالثة عشرة من العمر؛ كان قد تهيأ لتلازم المسارين: التعليم ومقاومة مشروع الاستيطان الصهيوني والتواطؤ البريطاني معه. حمل في قلبه دقيقة الصمت التي فاجأ بها معلّم الحساب تلامذته الصغار، ومن بينهم "جورج"، في الساعة الثامنة والنصف مع ذات صباح: في هذه اللحظة، هناك شُبان فلسطينيون يُعلّقون على أعواد المشانق، لأنهم يناضلون من أجل وطنهم.
في المدرسة الأرثوذكسية في يافا، أحب "جورج" معلم اللغة العربية اللبناني الجنوبي "منح خوري" الذي كان يقرأ الشعر كأنه يُغنيه، فحفظه التلامذة عن ظهر قلب. وبسبب عدم توافر الصفوف الثانوية في تلك المدرسة، انتقل التلميذ الذي كان "جورج" الى القدس ليلتحق بمدرسة "ترّاسنتا" ثم عاد الى يافا معلماً ابتدائياً ومكث عامين، قبل أن يسافر الى بيروت في العام 1944 للالتحاق بكلية الطب في الجامعة الأمريكية.
خلال عامي التدريس لم يعرف "جورج" من ترف العيش سوى التظاهرات الوطنية والتردد على النادي الأرثوذكسي في يافا، يلتهم في مكتبته، المجلات والصحف الواردة من القاهرة وبيروت، وينمي وعيه الوطني، بقراءات أخرى. وكان يمارس مع هذا كله، قليل من السباحة والانغماس في مياه عروس البحر.
بدأت الصدمات الكبرى، مع صدور قرار التقسيم فتساءل الشاب مثلما قال مستذكراً: "كان صعباً عليَّ أن أتصور تقسيم وطني فلسطين. فقد راودتني أسئلة من نوع: الأمة العربية أمة كبيرة وعظيمة فكيف يهزمها بعض العصابات؟"!
احتل اليهود يافا، فعادت الأسرة أدراجها الى اللد. ثم احتلوا اللد، فنزحت الأسرة الى رام الله، ومنها الى عمّان، وسافر "جورج" من هناك لمتابعة دراسته في بيروت.
قبل خروج الأسرة من اللد، بدأت أولى محاولاته الجسورة. عاد في إجازته الصيفية، الى المدينة المستهدفة. سألته أمه التي فوجئت بعودته: ما الذي تريد أن تفعله يا بُني؟ واستطرد شقيقه الأكبر باستفهام آخر: لعلك تريد أن تقاتل، فماذا تستطيع أن تفعل؟ أجاب مخففاً قلق الأسرة: لقد بدأتُ دراسة الطب، ويمكنني المساعدة في هذا المجال. إن الطائرات الصهيونية تقصف وتصيب الناس، واللد باتت تزدحم بالنازحين من مناطق أخرى. وهكذا التحق "جورج" بمستشفى اللد، الذي كان يعج بالجرحى، مساعداً لطبيب فيه، اسمه "مصطفى زحلان".
ارسلت الأم تطلب عودته سريعاً الى المنزل، ولما أصرّ على البقاء في المستشفى، اضطرت لإبلاغه النبأ: لقد توفيت شقيقتك الكبرى. وعلى امتداد المسافة من المشفى الى المنزل، رأى الشهداء والجرحى، الذين يعرف بعضهم شخصياً، ممددين على جوانب الطريق.
لم تستطع الأسرة الوصول الى المقبرة، فدُفنت شقيقته في مكان قريب، أي في لا مقبرة. كان الناس يأنسون لوجود "قوة عربية" في تخوم المدينة. لكن الصهاينة هجموا دون أن تستوقفهم تلك "القوة" ولم يلق المقاومون في المدينة سنداً، فانكسرت مقاومتهم بعد أن عايش "جورج" أوقاتهم وارتبط بهم. ظل يتذكر مرات قالوا فيها "إن القتال كان جيداً اليوم"، وقد كانت تلك أياماً رمضانية. بعد ثلاث ساعات من الدفن، جاءت اللحظات التي لم تفارق "جورج" حتى الرمق الأخير من حياته: اقتحم اليهود المنزل وراحوا يصرخون باللغة العربية "برّه.. برَّه..أخرجوا". خرجوا جميعاً تحت تهديد السلاح. أمه وأبوه راجليْن ومعهم القليل من المتعلقات. أما هو فحمل شقيقته الصغرى التي رُوّعت ولم تقو على المشي. وكلما تعثروا أو أعياهم المسير، كان يهود آخرون يصيحون عليهم:"إمشوا .. إمشوا بسرعة". قطعوا مسافة طويلة، فوصلوا الى نقطة التفتيش التي أقامها الغزاة عند مدخل المدينة. يتذكر "جورج" أن أحد أبناء جيرانه، واسمه "أمين حنحن" رفض التفتيش لأن بعض المال في جيبه هو الذي سيعينه على تدبير أمره. قتلوه على الفور وسلبوه ميتاً، فاندفعت أمه وشقيقته نحوه، وقد علا صراخهما والنحيب. خرجت الأسرة مع الناس، دون أن تعرف الى أين تتجه. كان "بشارة" الشقيق الأصغر للشهيد؛ صديق "جورج" وزميله في المدرسة ويلعب معه. ظل "الحكيم" طوال حياته يبكي بحُرقة كلما تذكر الواقعة التي علمته البكاء أينما ووقتما وقعت كارثة للفلسطينيين والعرب. ففي يوم اغتيال "أبو جهاد" بعد نحو أربعين عاماً، أغلق "جورج حبش" على نفسه ليبكى طوال النهار. فقد امتزجت في وعاء روحه، صورتا "بشارة وخليل". الأول قتلوه لأنه أصر على الاحتفاظ برمق الحياة وكُلفة بعض الخبز، والثاني قتلوه لأنه أصر على استرداد ولو بعض الحق. إن تجربة "الحكيم" الأولى مع ألم النكبة، تجيب، بحيثاتها، عن سؤال يتعلق بتجربة الرجل ومواقفه وتمسكه بالأمنيات القصوى. فقد عاش ومات نبيلاً زاهداً، لا يتزحزح عن قناعاته الرئيسة قيد أنمله، على الرغم من كل الوقائع المضادة، دون أن ينتقص ذلك من كون "الحكيم" حكيماً. فله في صلابة مواقفه حق طبيعي. ونعرض غداً لبعض محطات مسعاه السياسي والكفاحي، ولبعض مناقبه، لمناسبة ذكرى رحيله!
ثورة مصر في ذكراها الثالثة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تأتي الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير المصرية في اعقاب تطهير الثورة من الادران التي علقت بها في ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وتصفية الدور التخريبي لجماعة الاخوان، وتحرير الارادة المصرية بنجاح الاستفتاء على دستور مصر الجديد بنسبة وصلت الى 98%، وانطلاق قطار خارطة الطريق إلى اهدافه الوطنية والقومية لترسيخ مكانة الشرعية الجديدة والتحولات الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الساحة المصرية.
المحروسة مصر تقف شامخة في ذكرى ثورة 25 كانون الثاني 2011، رغم انفلات الارهاب الاخواني من عقاله، الذي يستهدف عودة التاريخ للوراء، والانقضاض على الحضارة المصرية الفرعونية والعربية والاسلامية الممتدة على مساحة سبعة آلاف عام، خدمة لاهداف فئوية واجندات اقليمية ودولية، ولتمزيق وحدة الارض والشعب والتاريخ والثقافة المصرية كمقدمة لبيعها في سوق النخاسة لاسرائيل واميركا وتركيا وقطر ومن لف لفهم في أصقاع الارض.
عشية الاحتفالات بالذكرى الثالثة للثورة استشرست يد الارهاب الاخواني الدموية، التي تلبس اسماء وعناوين جماعات تكفيرية مختلفة لتبديد فرحة المصريين، فقامت في صباح الـ 24 من يناير الحالي يعمل انتحاري على مديرية امن القاهرة، أدى الى استشهاد اربعة واصابة العشرات، واوقعت اضرارا مادية في المبنى والمباني المجاورة، وتلا ذلك أكثر مع عمل تخريبي مترافقة بمظاهرات لانصارها في العديد من المحافظات المصرية، وذلك للحؤول دون الاحتفالات المصرية بالثورة، ولقطع الصلة بين الثورتين المجيدتين 25 يناير و30 يونيو، لا سيما ان تلك الجماعة الارهابية، تدعي انها "المالك الخاص" لثورة يناير العظيمة.
لكن قوى النظام المصري الجديد المدعومة من قطاعات الشعب على امتداد طبقاته وفئاته وشرائحه الاجتماعية، كانت لهم بالمرصاد، ونجحوا بامتياز في الربط العميق بين الثورتين، وفصلت بينها وبين تلك الجماعة وتنظيمها الدولي، وأعادت الاعتبار لاهداف ثورة يناير العظيمة من خلال ثورة الثلاثين من يونيو. وأكدوا ان ثورة 25 يناير، التي التحق بها الاخوان بعد تفجرها بايام، وتمكنوا من خطف قاطرتها من قوى الشعب المرتبكة عبر التواطؤ مع الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل، هي البنت الشرعي للشعب ولقوى مصر الحية، صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير والنهوض الثوري بالارادة المصرية، ووضع المحروسة مجددا في موقعها العربي الاول، وحماية مكانتها الاقليمية كقطب مركزي، ولاعب إستراتيجي في المعادلات الدولية.
ثورة يناير العظيمة حاملة أحلام وآمال المصريين جميعا باستثناء تلك الجماعة المارقة، كفيلة بالاستناد لارادة الشعب على التصدي الشجاع للمحاولات الارهابية اليائسة لتنظيم الاخوان المسلمين وادواتها التخريبية وخاصة جماعة الانقلاب الحمساوية على الشرعية الوطنية الفلسطينية في محافظات الجنوب، وسحق مشروعها الاخواني المريب والمعادي لمصالح الشعب المصري والامة العربية برمتها.
مصر الثورة وجيشها وشرطتها واجهزتها الامنية الوطنية والشجاعة، ماضية قدما نحو اهداف الثورة بخطى ثابتة، ولن يثنيها ارهاب الجماعة المارقة مهما كانت التضحيات والارباكات. لان طريق الثورة، أي ثورة دائما صعب ومعقد، ولن تكون مسارات الثورة سالكة. كون قوى الثورة المضادة مدعومة من قوى الشر الاقليمية والعالمية، تعمل بكل ما اوتيت من قوة لتعطيل المسيرة في كل زاوية وشارع ومؤسسة عبر سلاح الارهاب والقتل والتدمير لوقف دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لعلها تستطيع من خطف راس الثورة مجددا، وتحقيق مآربها المتناقضة مع حرية وتقدم وتطور الشعب المصري العظيم. لكن هيهات ان تعود حركة التاريخ للوراء لاسيما وان الشعب المصري المدعوم بالجيش المصري البطل وقيادته الشجاعة والمخلصة ممثلة بشخص الفريق اول عبد الفتاح السيسي ورفاقه، وعوا جيدا أن جماعة الاخوان باتوا من الماضي، لانهم لم يكونوا يوما منذ تأسيسهم في 1928 إلآ من الماضي البائس، ورواد تخريب وتمزيق لوحدة الارض والشعب المصري. لذا لن يسمحوا لهم برفع رأسهم، وسيشقوا طريق الثورة والعدالة الاجتماعية وتعميق الحريات السياسية والشخصية، وعودة مصر رافعة لشعوب الامة العربية كلها.
مصالح الشعب السوري أم الكبار ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
نود رؤية والتماس عملية دولية جادة لإنقاذ الشعب السوري، وليس لإنقاذ مصالح الكبار من الانهيار!..فعملية إنقاذ الشعب السوري الشقيق ووحدة سوريا من الانفراط سينقذ معه مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان، ويمنع الغاء أو تبديد حق العودة.
ستحرق المواقف المتصلبة المتشددة من أي طرف اشرعة سفينة النجاة للشعب السوري، وستتركها هيكلا تلطمه أمواج الصراع حتى يبلعها المحيط لا سمح الله !.
لم تقدم الدول الكبرى المتصارعة بأدواتها على الأرض في سوريا رؤية واضحة للحل، ولم تقرر وضع حد للصراع بعد. فقرارات المؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية سابقة، فقد ظلت حبرا على ورق فيما المحتل الاسرائيلي يتمدد باستيطانه، ويكبر بتحديه للقوانين والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية.
انطلق مؤتمر جنيف2 على أرضية مؤتمر جنيف1 الذي نص على تشكيل هيئة حكومية سورية انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات، ووعود اميركية وأوروبية لائتلاف المعارضة بعدم تمكين بشار الأسد من مستقبل سوريا..لكن خطاب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال إن الرئيس الأسد خط احمر !!... ورد وزير الخارجية الأميركي كيري بأنه لا دور للاسد في سوريا المستقبلية قد باعد بين الرأسين الأكبرين المتصارعين في سوريا والمؤتمر: روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية.
تسعى روسيا لإثبات مقولتها المتطابقة مع رواية النظام بان ما يحدث في سوريا هو معركة ضد الارهاب، رغم علم وإدراك جميع المراقبين ان روسيا تدافع ليس عن النظام وحسب بل عن آخر قلاع مصالحها في المنطقة، فتكوين محور مضاد أمر بديهي لدولة كبرى كروسيا في ظل تحول سوريا الى ميدان صراع دولي، لمواجهة محور اميركي اوروبي وبعض الرسمي العربي، لذا لم يكن مفاجئا أن يُسمِع وزير الخارجية الروسي لافروف العالم صدى مصطلح (الكارثة ) عندما قال:" ان ابعاد ايران عن مؤتمر جنيف 2 خطأ كبير.. لكن ليس كارثة " فرجل السياسة الأول في روسيا يعلم جيدا معنى محاولة محور الادارة الأميركية وأوروبا قصقصة جناح روسيا صبيحة انعقاد مؤتمر جنيف 2.. لكن الادارة الروسية المتميزة بدقة حساباتها، وقراءتها للأحداث بالمنطقة بحكم ارتباطاتها العضوية تتعامل مع النظام كحليف استراتيجي بخلاف الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الأنظمة العربية اللذين لم يصلوا الى ولو نسبة ضئيلة من (التحالف ) مع ائتلاف المعارضة السورية !..ولم يفلحوا بإقناع الشعب السوري بسياسة تكاد تخلو من دافعها الانساني والقانوني والأخلاقي.
لم يستلم حلفاء اسرائيل إلا قليلا من السلاح الكيميائي ومخزونه لدى النظام في سوريا، ولم تتضح بعد ملامح خارطة حدود الدويلات الطائفية العرقية في سوريا، ولم تتعمق بالمستوى المطلوب حتى الآن، رغم الجرائم المرعبة ضد الانسانية التي تشتم منها رائحة نفس طائفي...وعليه فان طريق جنيف ما زالت وعرة مرصوفة بالجمر.. رغم آمالنا وتمنياتنا بالسلام لشعبينا السوري والفلسطيني في سوريا الشعب العربي الشقيق.
صباح الخير يا مصر
بقلم: بهاء رحال – الحياة
التفجيرات الاخيرة التي شهدتها شوارع القاهرة تؤكد ان ايدي الارهاب لا تتوانى عن محاولاتها في زعزعة الاستقرار الذي تعيشه مصر، وهي تصرّ على العبث وضرب الامان بمثل هذه المشاهد الدموية التي يندى لها جبين الانسانية من خلال استهداف المواطنين الابرياء أو من خلال استهداف قوى الامن والجيش المصري الذي اثبت وبجدارة انه بمستوى التحدي وانه صمام الامان القوي والصلب الحامي للبلاد والعباد وانه يضع الامن القومي المصري فوق كل اعتبار ولا يتردد في ضرب معاقل الارهاب والمجموعات المأجورة التي تسعى لضرب الاستقرار خدمة لمصالح اخرى هدفها العبث بالامن القومي المصري وبالدولة المصرية والسيادة المصرية، وبعد ان كانت سيناء معقلا لعمليات بعض الجماعات الارهابية هذه، انتقل الامر الى وسط شوارع القاهرة وهذا دليل جديد على ان تلك الجماعات القاتلة تخطط لما هو اخطر واصعب ولدموية ابشع بوتيرة اعلى وعنف يتزامن مع كل وقت اذا ما ضرب الجيش المصري بيد من حديد واذا ما اتخذت القوى الامنية اجراءات حازمة وصارمة بحق هؤلاء الخارجين عن الوطن والوطنية وعن الانسانية والاخلاق وعن الدين والقيم والمبادئ، واذا لم يتكاتف الشعب المصري بكل فئاته لمواجهة تلك المجموعات الضالة التي تخرج بين وقت واخر علينا بعمليات القتل الجبانة والتفجيرات التي تستهدف ارواح وممتلكات الشعب المصري وتهدف الى ضرب الامن الداخلي والامان الذي تعيشه مصر والذي هو ثمرة جهد عظيم للجيش المصري وتلاحم الشعب بكل اطيافة الوطنية وفئاته الثقافية والدينية والسياسية، عدا اولئك الذين يمسكون بروح العداء والكراهية ونفس الانتقام ويتخذون من الارهاب طريقا دمويا يعصف بالبلاد، وهذا هو التحدي الكبير والامتحان الصعب الذي تقف فيه مصر بكامل عظمتها على ابوابه وكلنا امل بها وكلها امل بابنائها لتنتصر وينتصر شعب مصر حين يجتث الارهاب وحين ينتصر على كل ايدي الظلام والظلاميين والعابثين وكل من يريد بها شرا وكل من يحاول النيل من عظمتها وعظمة رجالها الاوفياء القادرين على ابقاء رايتها مرفوعة لتبقى صباحاتها اجمل ويبقى النيل طوق النجاة يروي الحياة بالمحبة والتسامح والازدهار والتقدم ويمنح الدنيا شعاع نور، فصباح الخير يا مصر، صباح الخير يا ست الدنيا، صباح الخير يا ام المصريين وامنا جميعا التي نحبها وتحبنا، وليحرسك الله يا محروسة برجال ابنائك القادرين على صون ارضك وامنك واستقرارك فهم خير اجناد الارض.