تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 252



Haneen
2014-12-18, 11:16 AM

إلاسكان في القدس من اهم واخطر القضايا
بقلم: حديث القدس – القدس
«بازار الدم»...
بقلم: محمد عبيد – القدس
هل نحن على الحياد إزاء ما يجري في مصر؟
بقلم: ساجي خليل – القدس
لا خوف على مصر
بقلم: نبيل عمرو – القدس
المفاوضات....لا تتعجلوا التحريض واطلاق الأحكام المسبقة
بقلم: الدكتور: أحمد يوسف – القدس
الجمهورية الصحراوية .. جرح نازف
بقلم: عبد الرحمن ابوعرفة – القدس

file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
على مقاعد الصف الخامس
بقلم: حسن البطل – الايام
خبصـــة وقايمــــة
بقلم: هاني المصري – الايام
ديغول مصر
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
مخيم يموت ... ولا ما يحزنون!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
شطارة السوق والتسويق...!
بقلم: حسن خضر – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
ما فائدة الأرقام؟
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
نتنياهو يؤكد رفض السلام
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
انتحار الجماعة وميوعة النخب
بقلم: يحيى رباح – الحياة
أسس القيادة الجامعية
بقلم: أ.د.علم الدين الخطيب – الحياة
ابو مازن في روسيا.. خطوة في الاتجاه الصحيح
بقلم: خالد مسمار – الحياة











إلاسكان في القدس من اهم واخطر القضايا
بقلم: حديث القدس – القدس
نسمع احاديث لا تنقطع عن اهمية القدس وصمود أهلها وعن القدس اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والقدس بلد الاسراء والمعراج والقدس عاصمتنا الموعودة التي لا سلام ولا اتفاق بدونها ونتحدث اكثر عن مخاطر التهويد والحفريات والاعتداء على المقدسات وتهجير السكان بالجدار وغيره من الاجراءات ... ونحن حين نسمع كل ذلك نتطلع الى الخطوات العملية ونأمل في ان يكون المتحدثون عند مستوى ومسؤولية اقوالهم ولكننا نكتشف وبسرعة ان الافعال اقل من الاقوال كثيرا وتكاد تكون معدومة كليا.
في مقدمة الافعال التي يتطلع اليها المواطنون عموما، والمقدسيون خصوصا هو الاسكان لان معركتنا بالقدس هي معركة بقاء وصمود والاسكان هو الدعامة الاولى لذلك لمواجهة الاستيطان اولا ولتثبيت المواطنين في مدينتهم وفوق ارضهم.
والاسكان في القدس ليس عملية سهلة، كما هو معروف بسبب التعقيدات الاسرائيلية من رسوم باهظة وزمن طويل لاستخراج التراخيص وطلبات اخرى كثيرة ... لكنه ليس امرا مستحيلا ولدينا اكثر من دليل على ذلك، فقد أقيمت مشاريع اسكان كبيرة نسبيا في اكثر من موقع، واقيمت عمارات كبيرة ايضا، وتشهد بعض مناطق القدس، مثل بيت صفافا وبيت حنينا، عمليات بناء ايجابية وكبيرة ... وكل المطلوب هو توفر الارادة والاخلاص والمتابعة القوية ... وطبعا الاموال التي نسمع عنها كثيرا لدعم صمود عاصمتنا علما بأن هناك اراضي واسعة وصالحة للبناء كما يؤكد مختصون فلسطينيون بهذا الشأن، وليس هناك اي مبرر للتهرب من تحمل المسؤولية بالقول ان الاحتلال يعيق ويمنع، لان التحدي الحقيقي هو ان نواجه كل اعاقات وموانع الاحتلال وليس الاستسلام لها.
لقد تأسس مجلس فلسطين للاسكان منذ العام 1991 اي منذ اكثر من عشرين عاما، وكانت القدس احد اهدافه الاساسية الاولى ... فما الذي حدث منذ ذلك التاريخ حتى اليوم ... وما الذي حققه هذا المجلس من انجازات وبصورة خاصة بالقدس .. لقد فعل القليل جدا ولا احد تقريبا يحس او يلمس دوره المأمول منه، ومع احترامنا للجميع وتفهمنا لمواقف الجميع، فقد حصل انقسام وخلافات وتبادل للاتهامات .. كنا بالتأكيد في غنى عنها وكان يجب تجاوزها او حلها بالطرق التي تضع المصلحة الوطنية اولا وفوق اية اعتبارات شخصية او خاصة.
ان الاسكان بالقدس قضية اساسية ومصيرية خاصة وان المدينة تواجه ازمة كبيرة في هذا المجال سواء في ما يتعلق بالاجور المرتفعة او ايجاد المساكن اصلا، ويؤلم المواطن المقدسي كثيرا رؤية هذه المباني الشاهقة بين القدس ورام الله وهذه المدن التي تقام هنا وهناك في بعض ضواحي رام الله وغيرها، ولا يجد شيئا منها او أقل منها في مدينته ..
ان هذه صرخة في آذان من يعنيهم الامر وآذان اصحاب رؤوس الاموال في الداخل والخارج الفلسطيني فهل هذا النداء يصل اليهم ..!!
«بازار الدم»...
بقلم: محمد عبيد – القدس
الكثيرون باتوا يتعاطون مع الدم المسفوح في أكثر من مكان في العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، بشكل مخالف لكل قوانين الكون، فهناك من يمنح الدم هوية أو هويات حسب الأهواء والأهداف والأجندات السياسية، وهناك من يجعل دماً ما محللاً وآخر محرّماً، مع أن كل الشرائع السماوية والإنسانية تنكر مثل هذا التمييز العنصري .
كثيرة هي المشاهد الدموية التي تطل علينا برأسها يومياً من خلال شاشات التلفزة وصفحات الجرائد، ويغدو المشهد على دمويته مجالاً للمزايدات وتسجيل النقاط لطرف على حساب آخر، أو لخصم على حساب خصمه، والأنكى أن كثيراً من المنظمات التي تزعم أنها تهدف إلى حماية حقوق الإنسان، تتعامل بازدواجية وكثير من الانحياز عندما تبرز دماً وتنكر أو تتغافل عن آخر، والأشد نكاية في الأمر أن المنظمات المذكورة وهي كثيرة تبالغ في الأمر لدرجة تجعل المراقب على يقين أنها لا تقل تواطؤاً عن الغارقين في دماء البشر .
في مصر تتعمد جماعة الإخوان المسلمين تحويل كل مناسبة إلى مزاد للدم، وتنتهز الفرصة تلو الأخرى لرفع سقف المأساة من خلال إصرارها على التغرير بكثير من الشباب المصري، ودفعهم إلى حتفهم غير آبهة بأن هذا الدم المصري غالٍ ومصون وغير قابل للسفك في غير مكانه وزمانه، وغير آبهة أيضاً بما ستخلفه هذه المسألة من آثار مدمرة على النسيج المجتمعي المصري، ولعلها في كل مرة تدفع أنصارها، أو من غررت بهم وسلبت قدرتهم على الحكم المنطقي على الأمور، تراهن على مزيد من هذا الاتجار الخطر بمصير الإنسان المصري .
الجماعة المحظورة تصر على أن تطبع هذا الدم بطابع سياسي، وتواصل السير في هذا الطريق المظلم تحت مسميات وشعارات أبعد ما تكون عن مفاهيمها السليمة، وأكثر ما يثير الحسرة أن الدم الذي يراق لا يعرف هذه الاعتبارات، ولا يعترف بهذه الأجندات المشبوهة، ولا يدرك أنه سيكون ثمناً لتحقيق هدف سياسي .
مأساة مركبة وإشكالية، ومسألة تحتاج من كل مصري واعٍ أن يقف عندها ويفكر ملياً، قبل أن ينجر إلى دعاية كاذبة أدمت مصر وأهلها، وحاولت ولا تزال أن تجعلهما رهينة الخوف والإرهاب والاستبداد، وحبيسة التهديدات بالعدوان باسم الوطن والدين والشرعية، وتلك جميعاً منها بريئة .
"بازار الدم" هذا يجب أن يجد طريقه إلى النهاية، ومثله بازارات في أكثر من دولة عربية أدمتها صراعات النفوذ والسلطة، لكنه في مصر يأخذ حالياً بعداً خطيراً، يتمثل في أن الجماعة التي تطلق على الدوام مزاعم الشرعية والتمثيل الشعبي، تدرك أنها ليست كذلك، وأن قاعدتها آخذة بالانحسار، بعدما سقط القناع وبان وجهها الحقيقي، وانكشفت أهدافها المبيّتة، وبعدما أدركت أن نهايتها على المستوى العالمي بدأت منذ 30 حزيران الماضي .
ما من عربي ولا مصري حريص على بلاده وما تمثله على مختلف المستويات، يقبل بالانجرار إلى هذا الفخ الخطير، والمطلوب من المصريين المزيد من الوعي، والتسامي على الجراح، وعدم الالتفات إلى الدعوات المشبوهة التي تطلقها هذه الجماعة .

هل نحن على الحياد إزاء ما يجري في مصر؟
بقلم: ساجي خليل – القدس
الشعب الفلسطيني لا يقف على الحياد، إنه قلباً وقالباً مع ثورة الشعب المصري العظيم وقيادته الشجاعة، مسانداً لمسيرته الظافرة نحو الديمقراطية والحرية والازدهار، ومناهضاً للإرهاب، ولممارسات دعاة الإسلام السياسي ..
إنه مع ثورة 25 يناير و30 حزيران بدون تحفظ ولا تردد، فلا حياد في هذه المعركة المصيرية التي سيكون لنتائجها أكبر الأثر ليس فقط على مستقبل مصر وشعبها، بل على مستقبل الأمة العربية وقضاياها القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لقد وقفت مصر إلى جانب شعبنا في كل الظروف ؛ وكانت فلسطين دائماً في قلبها وعقلها. ولا يُمكن أن تكون السياسة الفلسطينية المعلنة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحياد إزاء الصراعات الجارية في العديد من الأقطار العربية مبرراً للإحجام عن الإنحياز الكامل لثورة الشعب المصري البطل.
وصفة الحياد لا تصلح للتعامل مع كافة الأوضاع وكأنها على نفس السوية. فقد تصلح سياسة الحياد تلك في التعامل مع الحالة السورية (لاعتبارات باتت معروفة للجميع). وقد تصلح في صياغة الموقف السياسي إزاء مشكلة مثل مشكلة الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر، أو فيما يتعلق بالمشكلات والصراعات الداخلية في البحرين أو في اليمن أو العراق .. أوغيرها ، ولكنها بالنسبة لمصر مستحيلة.
من غير المعقول، بدعوى الحياد وعدم التدخل أن نتردد في الانتصار لمصر أو نتباطأ ولا نهب لمساندتها بكل ما نملك. ونحن لا نملك الكثير، وبالتأكيد لا نملك المال (شكراً للذين يملكون: شكراً للسعودية، وشكراً للإمارات، وشكراً للكويت على ما قدموه لمصر، وعلى وقفتهم المشرّفة المساندة لها)؛ لكننا نملك الموقف السياسي، ونملك التأثير المعنوي والتعبوي.
في أوج هذه الأزمة التي تمر بها مصر، وفي أوج معركتها ضد الإرهاب والتطرف والمتاجرة بالدين، ومن أجل البناء والديمقراطية والحرية، علينا أن نعلن بوضوح انحيازنا التام للشعب المصري البطل. فنحن لا يجب أن ننسى تضحيات أجيال كاملة من المصريين في سبيل فلسطين. هل ننسى شهداء مصر الذين سقطوا على أرض فلسطين دفاعاً عن القضية الفلسطينية ودفاعاً عن قضايا الأمة العربية ؟
هل ننسى دور البطل الخالد جمال عبد الناصر في مساندة الثورة الفلسطينية وحمايتها في أحلك الظروف ؟
أليس من الواجب إسماع الشعب المصري صوتنا العالي المساند له في المعركة المصيرية التي يخوضها بكل بسالة ضد قوى التخلف والظلام؟
حتى الآن لا يزال صوتنا، بكل أسف، خافتاً وخجولاً. ولا أُشير هنا إلى الصوت الرسمي فقط، بل أشير إلى صوت ومبادرات الفصائل والفعاليات الفلسطينية، ونحن لم نسمع صوت «فتح» ، أو صوتا من فصائل منظمة التحرير حول ما يجري في مصر.
لكن من الواضح أن هذا لا يكفي. هناك حاجة لوقفة حقيقية من مختلف الأطراف الفلسطينية الوطنية، الرسمية والشعبية. إن الإعلام الفلسطيني غائب عن ما يجري في مصر، وكأن الأمر لا يعنيه. فأين التلفزيون الفلسطيني والفضائيات الفلسطينية ؟ هل قالوا شيئاً فاتنا سماعه؟ أين الوفود الرسمية والشعبية التي توجهت لمصر لتعلن وقوفها إلى جانب الشعب المصري البطل ؟
أليس بالإمكان رفع العلم المصري إلى جانب العلم الفلسطيني في كافة تجمعات شعبنا ولو لمدة أسبوع واحد، كي يعرف المصريون أننا نقف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة التي يواجهونها. أين مسيرات التأييد والوفود التي تتوجه نحو سفارة مصر في رام الله أو نحو الكنيسة القبطية المصرية هناك، لتعلن وقوفها إلى جانب مصر وشعب مصر ؟ وأين مبادراتنا لدعوة سياسيين ومثقفين وشعراء وفنانين مصريين للقدوم إلى فلسطين وزيارة معالمها وليحدثونا عن ما يجري في مصر، وتكون مناسبة لنظهر لهم وللشعب المصري مساندتنا لثورتهم الباسلة، ومقدار حبنا لمصر ودرجة ارتباط مصيرنا المشترك.
إن ما يجري في مصر اليوم هو صراع مصيري ستكون له تداعيات عميقة وحاسمة تؤثر على عموم المنطقة بما فيها على قضيتنا الوطنية؛ ما يستدعي منا تعزيز علاقتنا الإستراتيجية مع مصر لمجابهة التحديات القادمة سواء في العلاقة مع إسرائيل أو في العلاقة مع الجانب الامريكي أو على صعيد علاقاتنا الإقليمية. وهذا بلا شك يتطلب مزيداً من التنسيق مع القيادة المصرية ، والعمل على رسم سياسات تأخذ بالإعتبار التحولات الجوهرية التي ستشهدها مصر في الفترة القادمة وانعكاسات تلك التحولات على الصراع العربي والفلسطيني - الإسرائيلي.
لا خوف على مصر
بقلم: نبيل عمرو – القدس
نتمزق الماً .. كلما علمنا ان انسانا ما في بلاد العرب قتل بفعل صراع داخلي، لهذا نرفض انسانيا واخلاقيا ان تجري مقارنة اعداد القتلى بين قطر عربي وآخر، كأن نقول... في سوريا قتل اكثر من مائة الف وفي مصر اقل من ذلك بكثير، وفي لبنان اقل قليلا او اكثر كثيرا. لأننا لو دخلنا في حسبة من هذا النوع، فسوف تطالبنا اسرائيل بمنحها شهادة جودة في نسبة القتل، مع ان الاحتلال بحد ذاته قتل الوطن والشعب.
نرفض هذا النوع من الحساب، لأنه يحول المواطن العربي الى رقم، ويحول الحياة والموت كما لو انها بطاقة يانصيب فمن له حظ نجا ومن ليس له حظ قتل.
لهذا.. مطلوب من المصريين ومحبيهم الذين هم بحجم الكون كله، ولا اقول العالم العربي والاسلامي فقط، ان يقروا بحقيقة ان مصر تخوض حربا لا اغالي لو وصفتها بالمصيرية، وهي حرب تتضافر فيها قوى عديدة، على مستوى العالم بأسره، ولهذه القوى .. امتدادات داخلية تستطيع برمجة حرب تشويش والهاء، كي يتحقق حلم كثيرين في هذا العالم بان تتقوقع مصر على ذاتها، وان تستنزف طاقاتها في حرب داخلية ذات مسميات متعددة، بما يتبع ذلك من انحسار لنفوذها الاقليمي والدولي، تماما على عكس قدرها التاريخي الذي جعلها بفعل عبقرية المكان والانسان، رقما لا يمكن تجاوزه في المعادلات الاقليمية والدولية على مر العصور.
لقد مرت مصر في محن اكبر بكثير مما نشاهد الان، فمن حروبها مع اسرائيل والتي كلفتها نزفا بشريا واقتصاديا هائلا، وحروبها المتفرقة في المنطقة، وحربها طويلة الامد ضد الارهاب، الذي اوشك على افقارها حين استهدفت المنشآت السياحية ذات التأثير الاساسي في الاقتصاد الوطني المصري، واستهدفت كذلك شخصيات مصرية مؤثرة في شتى المجالات، حتى المبدع نجيب محفوظ كاد ان يفقد حياته في غمارها.
لقد تحملت مصر كل هذه الاهوال، وانتصرت عليها وكرست نفسها ليس مجرد زعيمة للعالم العربي بل كقوة حيوية تحدد اتجاهات المنطقة الاخطر في العالم وهي الشرق الاوسط.
ان ما يجري الان في مصر هو حرب المصير والهوية والشخصية والدور، ورغم فقدان اعصاب الخصوم الداخليين والخارجيين لمصر، ولجوئهم الى الارهاب المنظم او العشوائي ، الا ان المجتمع المصري قبل الدولة ومؤسساتها، يبرهن كل يوم على انه مجتمع حي عصي على التخريب والتهميش، ولعل هذه هي كلمة سر قوة مصر وتفوقها على اعدائها الداخليين والخارجيين، غير ان هذه القوة المجربة في ازمان المحن الكبرى، تحتاج دوما الى صيانة وتطوير، ليس فقط في تجاوز الارهاب الذي مهما كانت اشكاله وادواته بشعة ومؤلمة، الا انه ابدا لا يحدد مسار شعب ولا يعوق نمو امة.
ان ما يُنتظر من مصر ان تمضي قدما في مسيرة التجديد والتحديث، وان ترمم كل ما تصدع خلال السنوات الماضية، وان تعيد بناء جسورها المتينة مع اشقائها العرب اولا ، فلا مصر قوية ومؤثرة بدون العرب ولا عرب يحسب لهم حساب بدون مصر.
ان امكانات مصر الذاتية هائلة وغزيرة، واذا ما اضيفت اليها امكانات الامة العربية، التي اظهرت فاعليتها في ازمة مصر الراهنة ، عندها تضع مصر نفسها على الطريق الاسلم والاضمن للنمو ومضاعفة القوة والتأثير ، وهذا وان كان المكسب المصري الضروري في هذه الظروف بل وفي كل الظروف، الا انه المكسب الجوهري لأمة عانت كثيرا من غياب مصر المؤقت، وستزدهر كثيرا في كل المجالات حين عودتها. نعم ان مصر الان تعيش مخاضا أليماً، الا انها ستولد من جديد ويولد معها حلم أمة تهدد بالضياع.
المفاوضات....لا تتعجلوا التحريض واطلاق الأحكام المسبقة
بقلم: الدكتور: أحمد يوسف – القدس
تعودنا كلما جرت جولة من التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن نسمع أصوات احتجاج ورفض صارخة، منددة بالعملية وبالأطراف القائمة عليها، وكأن التفاوض بحد ذاته رجس من عمل الشيطان.. فيما الحقيقة أن التفاوض - أحياناً - كعملية هو وسيلة للتخذيل وكسب اتجاهات الرأي العام وتأييد المجتمع الدولي لصالح قضيتنا، والتي تتعرض لمحاولات تهميش وتشويه وحرف لمسارات التعاطف بعيداً عنا، والأخذ بما تُسوقه إسرائيل من ادعاءات وكذب لكسب مواقف الدول الغربية وسياساتها خلف هذا الكيان الغاصب.
إن التفاوض كآلية لكسب مواقف الشعوب وسياسات الدول لا بدَّ من التعاطي معه، ولكن ربما نختلف حول أبعاد العملية التفاوضية ومرجعياتها والأسس التي تقوم عليها، ولكننا يتوجب أن يكون بيننا وحدة فهم واتفاق على أن المدخل لكسب معركة الرأي العام والمجتمع الدولي تحتاج لمثل هذه الآلية، وإن كانت الحقوق – كما علمنا التاريخ - لا تُرد بها وحدها، وقديماً قال الشاعر الفلسطيني الراحل أحمد فرح عقيلان: "إنَّ ألفيِّ قذيفة من كلامٍ لا تساوي قذيفةٍ من حديدِ". فالشعوب تصنع كرامتها بالنضال، وتسترد حقوقها بدماء الشهداء وتضحيات الأحرار، وعزيمة "إحرص على الموت توهب لك الحياة".
التفاوض: علم ورؤية وتكتيك
بناءً على ما سبق، إذا سلمنا بأن التفاوض كمبدأ والعملية التفاوضية كإجراء هما أحد أدوات حل الصراع بين الدول وفض النزاعات بين الشعوب والأمم، فيتوجب علينا عدم التشكيك أو التشهير بمن يفاوض إلا بالقدر الذي تظهره النتائج أو ما يرشح من تسريبات، ويتضح معه أن هناك تفريطاً أو تنازلاتٍ مسَّت بالحقوق والثوابت الوطنية.
إن علم التفاوض اليوم هو الملجأ الآمن للأطراف الضعيفة للوصول إلى تسويات مرجعها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ووثيقة جنيف الرابعة وإعلان روما ...الخ، إضافة إلى أن الأمم المتحدة؛ كمؤسسة أممية، قد تكون – الآن - من أفضل البدائل التي يمكن اللجوء إليها للوصول إلى ترضيات وتسويات بين الأطراف المتنازعة، وإنهاء أوجه الصراع والخلاف بأقل المظالم؛ سواء ما يتعلق بالحدود والتعديات المتعلقة بجغرافيا الدول، وحركية القاطنين في مناطق جوارها أو الثروات التي تقع في مساحاتها الإقليمية.
إن علم التفاوض قد تقدم كثيراً بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وما نتج عنهما من ويلات وكوارث، وما طورته الدول من أدوات القتل والدمار وإهلاك الحرث والنسل، والتي تركت كمَّاً هائلاً من العداوات والأحقاد بين الكيانات البشرية، شاهدنا تداعياتها خلال فترة الحرب الباردة، والتي استمرت من منتصف الأربعينيات إلى أوائل التسعينيات بسقوط الاتحاد السوفيتي، وتفكك إمبراطوريته العظمى بخروج العديد من جمهورياته، وخاصة الإسلامية منها.
لقد أدركت الدول الغربية أهمية التفاوض والعملية التفاوضية لنزع فتيل التوتر والحروب، فأنشأت مراكز ومؤسسات بحثية وأقسام في الجامعات لتضع أسس وضوابط ونظريات لهذا العلم والمجال المعرفي الهام، وأهمها اليوم جامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك مؤسسة التفكير للأمام Forward Thinking في بريطانيا، وهناك اليوم أساتذة أعلام قد وضعوا ضوابط ونظريات لهذا العلم، ومن أشهرهم الأمريكي البروفسور روجر فيشر ود. سارة كوب وآخرين.
وإذا نظرنا إلى تاريخنا الإسلامي وجدناه مليئاً بالشواهد على ذلك؛ بدءاً من صلح الحديبية في مرحلة الصدام بين الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وكفار مكة، إلى صلح الرملة بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين، إلى تاريخنا المعاصر من حيث الصراع مع إسرائيل، وما اشتمل عليه من حروب طاحنة امتدت على طول ستة عقود وما تزال مرشحة للمزيد، بالرغم مما تمَّ توقيعه من اتفاقيات بين بعض الدول العربية واسرائيل.. فهناك اتفاقية كامب ديفيد، التي وقعها الرئيس السادات مع مناحيم بيغن عام 1978م، وهناك اتفاقية وادي عربة التي وقعها الملك حسين مع اسحق رابين عام 1994م، وهناك اتفاقية أوسلو– التي تم التوقيع عليها في واشنطن عام 1993م بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال.. وهناك أيضاً العمليات التفاوضية التي تمت بين حزب الله وإسرائيل عبر وسطاء غربيين، لتبادل الأسرى في السنوات التالية: 1991، 1996، 1996، 2004م.
الحقيقة، أن المشكلة ليست في التفاوض كآلية وإجراء، بقدر ما هي في أسس واستراتيجية التفاوض وأشخاص العملية التفاوضية، والأهم هو – أحياناً - توقيت التفاوض وجهة الوساطة، إذ أن الخلل يقع دائماً مع وجود اختلال صارخ في موازين القوى، ووجود تحيزات لصالح الطرف الأقوى، وتفرد جهة لا تتمتع بالحيادية والنزاهة كراعية للعملية التفاوضية، كما نشاهد اليوم فيما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط بين الفلسطينيين وإسرائيل، الأمر الذي يدفع الفلسطينيين للتوجس والرفض، كون أمريكا تاريخياً ذات سوابق أضرت بالقضية ولم تحفظ عهدها ولم تفِ بما وعدت به الفلسطينيين بعد التوقيع في واشنطن في سبتمبر 1993م.
هل نحن بحاجة للتفاوض.؟ نعم؛ ولكن..
نحن الفلسطينيين ربما لتعقيدات وضعنا السياسي، وتغول إسرائيل العسكري وما تلقاه من تحيز ودعم غربي، نجد أنفسنا اليوم - وأكثر من أي وقتٍ مضى - بحاجة لكشف أقنعة الاحتلال، وفضح سياساته العنصرية، وتظهير غياب الرؤية لديه في تسوية سلمية ترد الحقوق لأصحابها، كما تبين فداحة الظلم وحجم النكبة التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء الممارسة الاستعمارية لهذا العدو منذ العام 1948م وحتى الآن.
وفي الحقيقة، كان اتفاق أوسلو عام 1993م صدمة للشعب والقضية.. ولذلك، فإن غالبية الفلسطينيين – اليوم - يتشككون من أية محاولات لإجراء مفاوضات جديدة في ظل ما هو قائم من غياب التوازن العسكري بيننا وإسرائيل، وتراجع مكانة العرب في معادلة الصراع بالمنطقة، وحالات الاحتراب الداخلي، وغياب الموقف الموحد.. إن مرور أكثر من عشرين عاماً على توقيع ذلك الاتفاق المذكور بحصيلة من الأوهام التي أربكت ساحتنا ومزقتنا شرَّ ممزق، هو ما يجعل معظم القوى السياسية والحزبية والإطارات الوطنية ترفض تفرد أمريكا ورعايتها لأية مفاوضات قائمة، وتشكك بمصداقية جون كيري أو أي جهد تبذله إدارة الرئيس باراك أوباما، من باب "لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين" .
ولكن نحن لدينا مجموعة من التساؤلات أمام هذا الواقع الظالم الذي يعكس غياب العدل والإنصاف الدولي، وتسلط القوى الكبرى الموالية لإسرائيل على مقدرات وشئون المنطقة، كما أن حالة الانتكاسة التي أصابت الربيع العربي، والتهميش الحاصل للقضية الفلسطينية من بعض دول الجوار، وتراجع أهمية القضية والشعور بمظلومية الفلسطينيين لدى المجتمع الدولي.. الأمر الذي يفرض علينا مواجهة أنفسنا وطرح الأسئلة التالية:
هل نترك الرئيس أبو مازن وحيداً أم نشكل رافعة له؟
وإذا كان التفاوض مع إسرائيل محظوراً، فما هي خياراتنا وبدائلنا الأخرى؟
وهل العمل العسكري هو – الآن - أفضل الخيارات.؟
هل نحن قادرون وحدنا على إنجاز ما تتحدث به بعض القيادات الإسلامية بلغة الواثق من نفسه وإمكانياته: بترديد مقولة "نغزوهم ولا يغزوننا"، أم أن المسألة لا تتعدى تكتيكات الحرب النفسية؟
هل أمتنا ودول الجوار تتمتع بالقوة والتأثير ولديها الجاهزية لحمايتنا والدفاع عنا، وإذا استدعت الضرورة خوض معركة التحرير والعودة معنا، أم أن انتكاسة الربيع العربي قد حرمتنا مما كنا نسميه "دولة التمكين".؟
وكذلك عندما نتحدث عن (حطين 2)، وهو شيء يعاظم – بلا شك - من معنوياتنا، ويرفع من منسوب التطمينات لدينا، مما يسوقنا لطرح التساؤل التالي: هل يا ترى درسنا كيف تحقق النصر في (حطين 1) على أيدي الناصر صلاح الدين.؟ وكيف تمكن هذا القائد المسلم العظيم من توحيد بلاد مصر والشام، ونجح في تحييد كل الخصوم بالمنطقة للتفرغ لمواجهة الصليبيين، في تحركات استدعت 12 عاماً من الجهد والعمل الدؤوب.
نحن والحمد لله ثقتنا في المقاومة عالية؛ وبإمكانيات شعبنا في الصمود ومواجهة تحديات الاحتلال، ومطمئنين لحجم الاستعداد العسكري لأية حروبٍ قادمة، حتى في ظل الاختلال القائم على مستوى التقنيات الحربية والسيادة في البحر والجو، وهي حالة سبق وأن واجهناها في العدوان الموسع على غزة عام 2008/2009م، وكذلك في حرب حجارة السجيِّل في تشرين الثاني 2012م؛ حيث صنعت المقاومة إنجازاً بطعم الانتصار.
إننا - هنا - فقط نحذر من المبالغة بالشعور بالقوة، فقبل نكسة عام 1967م كانت الساحات العربية مفتوحة على مصراعيها لألسنة البعض ولحناجر البعض الآخر، وقد دفعت الأمة أكلافاً باهظة ثمن هذا الاستخفاف بعقولها، حيث كانت الفاجعة التي أطاحت بمنظومة الفكر القومي لحساب دعاة الفكر الإسلامي، حيث حدث التحول الكبير في اتجاهات الرأي العام بالمنطقة العربية لصالح الإسلاميين وشعار "الإسلام هو الحل".
ليس هناك اليوم على الساحة من هو على قناعة بأن إسرائيل سوف تعطي الفلسطينيين شيئاً ذا قيمة، وخاصة فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية على حدود 67 والقدس عاصمة لها، وهذا هو الحد الأدنى لما يمكن أن يمضي معه التفاوض أو يتوسع حوله، وأن ما يجري هو "أفكار للاستسلام وليس للسلام"، كما جاء على لسان جمال محيسن؛ عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
إن كل التصريحات القادمة من إسرائيل لا تشي بأن لديهم الجاهزية لذلك، وكل ما يبدو أنهم فقط معنيون باستمرار العملية التفاوضية؛ لأن ذلك يمنحهم مساحة للمناورة السياسية مع الدول الغربية القلقة على مصالحها بالمنطقة، والتي لهم فيها مصالح حيوية واستراتيجية ضخمة يتهددها كما يقولون "الإرهاب الإسلامي"، وخاصة إذا ما ظل هذا الجرح مفتوحاً.. ولذلك، فإنهم يتطلعون لحلٍّ ينهي حالة الصراع والتوتر المستمر بين العرب وإسرائيل.
لذا، فإن المشكلة في العملية التفاوضية هي في الحقيقة ليست مع الأمريكان، وإن كان دورهم – تاريخياً - يحمل في طياته انحيازاً للطرف الإسرائيلي، ولكنهم مع ذلك يحاولون التوصل لشيء يمكن فرضه على الفلسطينيين وتسويقه عربياً وإسلامياً.
كما أن الطرف الفلسطيني من جهته رافض لكل ما ورد من تسريبات حول خطة كيري للتسوية السياسية، والرئيس أبو مازن نفسه غير مقتنع بما يجرى داخل الغرف المغلقة من لقاءات بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكنه يبدو مضطراً لمجاراة الأمريكان، ويعمل بسياسة "لاحق العيَّار لباب الدار"، حتى لا يعطي ذريعة للإسرائيليين والمجتمع الدولي اتهامه بأنه المعطل لعملية إحلال السلام بالمنطقة.
إن نظرة فاحصة لكل ما صدر من تصريحات حول جولات كيري المكوكية وخطته ما تزال غير واضحة المعالم، وتمنحنا الثقة بأنه حتى اللحظة فإن "الإخفاق هو سيد الموقف".
وتكفي الإشارة لبعض مما قيل على ألسنة طاقم التفاوض د. صائب عريقات ومحمد إشتية، وكذلك التصريحات التي صدرت عن عزام الأحمد وياسر عبد ربه، وأخيراً ما ورد عن الرئيس الأمريكي بأن فرص نجاح كيري أقل من 50%.. إضافة لكل ما سبق، فإن ما جاء من أقوال لشخصيات إسرائيلية سياسية وأمنية ملخصها كلها "لا أمل" بتوقيع أية اتفاقات من جولات كيري المكوكية، حيث التعنت الإسرائيلي المبني على معادلة القوة والعنجهية، وأيضاً على حسابات دينية وسياسية وأمنية هو العقبة الكأداة أمام تحقيق أي تقدم في المفاوضات مع الطرف الفلسطيني.
بناءً على ما سبق، يمكننا القول: إن هذه كلها مؤشرات فشل للعملية التفاوضية وليس ارهاصاتٍ بإمكانية نجاحها.. من هنا، نطرح السؤال التالي: لماذا يستمر البعض في فتح النار على الرئيس أبو مازن والعمل على إضعاف هيبته، والرجل أكد أكثر من مرة في لقاءاته السياسية المتكررة مع جهات فلسطينية وعربية، وأيضاً في مخاطبته للأمريكان بأنه لن يقبل بأقل من حدود 67 والقدس عاصمة لفلسطين، والقضايا الأخرى ما تزال في طور التفاوض، ولا يظهر أن الرجل قدم تنازلات تستدعي كل هذه الموجات العاتية من الاتهام والتشكيك؟!
لذلك، لتمضي عملية التفاوض مع تحفظنا الشديد على ما يجري - إلى نهاية مدتها المقررة؛ أي شهر نيسان القادم، والتي ستؤدي – إذا أحسنا فلسفة التكتيك والمناورة - لفضح الموقف الإسرائيلي الرافض لقيام دولة فلسطينية، وليكسب الرئيس أبو مازن والقضية بأنه نجح في تعرية إسرائيل كدولة احتلال ذات ممارسات عنصرية (أبرتهايد) بصبغة دينية متطرفة.
إن ما أراه ضرورياً، وأتمنى على الكل الوطني والإسلامي العمل به، هو التحفظ على ما نطلقه من أحكام مسبقة واتهامات لا تجدي، فالرئيس أبو مازن برغم حالة الضعف التي عليها السلطة في رام الله، "لن يرضخ لا لأمريكا، ولا لإسرائيل".. إن الرئيس بوعيه الفكري وفهمه للسنن الكونية يدرك أن طبيعة الصراع القائم هو بين الحق والباطل، وأن المآلات هي لصالح الطرف الفلسطيني؛ طال الزمن أم قصر، وأن حنكته السياسية واتساع دائرة التشاور التي يقوم بها على كل المستويات العربية والإسلامية والدولية تمنحه الرأي والموقف الذي يمنعه من تكرار أخطاء أوسلو الكارثية.
إن المطلوب منا جميعاً - إسلاميين وقوى وطنية – هو الحفاظ على وحدة الموقف الفلسطيني، ومحاولة تشكيل رافعة للرئيس أبو مازن وشبكة أمان بأننا لن نخذله، ولن نسمح لأحد أن يلعب بورقة الانقسام لإضعاف الرئيس، طالما هو على موقفه الثابت بالحفاظ على الثوابت والمقدسات.
إن علينا أن نفهم بأن الرئيس أبو مازن يعيش في عقده الأخير، والسياسيون في العادة لا يفرطون بتاريخهم، ودائماً يسعون لترك بصمة Legacy)) أو أثر طيب تذكرهم به شعوبهم، وأنا لا أظن أن الرئيس في مثل هذا العمر الذي تخطى فيه السبعين عاماً، سينهي حياته بصفحات بلا أمجاد.
إن أفضل ما عرفت في سيرة الرئيس أبو مازن هو أنه أستاذ في فن التخذيل وكسب الاصدقاء والدول إلى جانب قضيته.
صحيحٌ، أن للرجل أخطاؤه وزلاته، ولكنه يبقى السياسي المخضرم، القادر على حشد الدعم المالي والإنساني والدولي خلف الموقف الفلسطيني.
إن الذين يفتعلون معارك كلامية بهدف خلق مشهد بطولي لتياراتهم وأحزابهم، وبهدف تسجيل موقف في غير ساحات الوغى، نقول لهم جميعاً: عليكم التريث حتى ينجلي غبار معركة التفاوض، وحينئذ يمكننا - معاً - أن نتحدى الرئيس، أو أن نقول له جميعاً: أحسنت يا سيادة الرئيس.
إن معركتنا الحقيقية مع إسرائيل ليست فقط عسكرية؛ وإن كان الفعل المقاوم أهم أركانها، بل هي سياسية ودبلوماسية وإنسانية بامتياز.. وهذه ساحات وميادين علينا ان ندخلها من باب واحد بلغة الحكمة ومنطق الحق الذي نملكه، وأيضاً بالشرعية الدولية التي نجح عدونا طوال فترات الصراع معه حرفها عن معناها، وتجنيدها – بدهاء – لصالحه.
إن علينا أن نغير طريقة التعامل مع بعضنا البعض، وبدل أن يكون بعضنا نصلاً في خاصرة الآخر فليكن سيفاً في يده؛ نحمي - معاً - مشروعنا الوطني، ونحفظ ثوابت قضيتنا، ونظهر في كل ساحات نضالنا بأننا على قلب رجل واحد.
إن الرئيس أبو مازن قد عرف كيف يفكر العدو، وكيف يتكتك لجرنا دائماً إلى مربع الرفض والظهور أمام العالم بأننا إرهابيون؛ مولعون بالقتل وسفك الدماء، ولسنا أصحاب قضية وطلاب حق سليب، وأن شعبنا قد تشرد في فيافي الأرض يلاحقه الموت في كل مكان حط فيه وأقام.
وحتى لا نظل نندب حظنا العاثر، ونبكي مع الموال: "والليِّ مضيع وطن وين الوطن يلقاه"، أتمنى أن نحفظ ألسنتنا، وليكن شعارنا: من كان يريد الخير لهذا الوطن "فليقل خيراً أو ليصمت".

الجمهورية الصحراوية .. جرح نازف
بقلم: عبد الرحمن ابوعرفة – القدس
عندما التقيت في بلد اوروبي دون ترتيب مسبق قبل اعوام مجموعة من الصحراويين، فوجئت من حجم العداء والضغينة التي يكنها هؤلاء تجاه المغرب، يتحدثون عن النظام المغربي كما يتحدث اي شعب تحت الاحتلال عَمن يحتله، يتحدثون عن الخصوصية، التميز والمعاناة التي تصل حد القمع وانتهاك الحقوق الانسانية، كان هناك اصرار منهم للتاكيد انهم عرب اقحاح ربما اكثر من المغاربة. الصحراء بلد متنازع عليه بين المغرب الذي يدعي انه جزء من ارضه، ومنظمة البوليساريو التي تدعي انها تمثل الشعب الصحراوي.
على خلاف المغرب التي حافظت على علاقة خاصة مع فرنسا كانت الصحراء مستعمرة اسبانية، الامر الذي اسس لهذا التمايز والخلاف، وطبع بآثاره المشهد المغربي لعدة عقود لتبقى إلى الآن عصية على الحسم العسكري وعلى المبادرات السياسية. النزاع بدأ منتصف السبعينيات مع انسحاب أسبانيا من الأراضي الصحراوية عام 1976 الذي اعقبه نشوب النزاع بين المغرب وموريتانيا وجبهة البوليساريو للسيطرة على الأراضي الصحروية، نفضت موريتانيا يدها عن الصراع متنازلة للقوات المغربية والصحراوية عن ساحة حرب لم يستطع فيها أي من الطرفين فرض إرادته.
ومنذ الانسحاب الاسباني اعترفت بالجمهورية الصحراوية نحو 80 دولة عادت 14 دولة وسحبت اعترافها خلال الفترة 1997 – 2011 مما يبقى العدد 68 دولة منها 27 دولة افريقية. معظم الدول التي سحبت اعترافها هي عبارة عن دول صغيرة جدا او جزر معزولة باستثناء دول مثل مدغشقر وافغانستان وبيرو ويوغوسلافيا وكولومبيا وليبيريا والهند وكينيا. الجمهورية الصحراوية ليست عضوا في الامم المتحدة ولا في جامعة الدول العربية ولا تعترف بها اي من الدول الكبيرة او الدول دائمة العضوية في مجلس الامن، بالمقابل لا يعترف اي بلد عضو في الامم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
ولا تعترف بالجمهورية الصحراوية سوى اربع دول عربية هي الجزائر وليبيا وسوريا وموريتانيا المستعمرة الفرنسية السابقة، والتي سبق للمغرب ان اعتبرها جزءا من اراضيه قبل استقلالها عام 1961 والتي دخلت في نزاع على الصحراء الغربية كذلك. جمهورية الصحراء عضو كامل في منظمة الوحدة الافريقية الامر الذي ادى انسحاب المغرب من هذه المنظمة.
ولا تختلف الدول ذات العلاقة، المغرب والجزائر وموريتانيا على حقيقة وجود خصوصية لشعب الصحراء، الاختلاف هو حول طبيعة الحل، هل هو بالاستفتاء على تقرير المصير ام الحكم الذاتي ضمن اطار المغرب الفيدرالي. يحتل المغرب جزء كبيرا من الصحراء بينما يسيطر البوليساريو على العاصمة مدينة العيون واقليم الساقية الحمراء بالاساس. الشكوك تسيطر على الاطراف بعضها تجاه بعض الامر الذي لا يوفر الفرصة لاي حل لان يرى النور.
يبقى الوضع في الصحراء قنبلة يمكن ان تنفجر على شكل حرب او مناوشات بين المغرب والجزائر او المغرب وموريتانيا.
المفاوضات انطلقت عام 2007 بين المغرب وجبهة البوليساريو حول النزاع في الصحراء الغربية برعاية الأمم المتحدة وحضور كل من الجزائر وموريتانيا، هل تحمل هذه المفاوضات آفاقا حقيقية تنهي نزاعا استمر أكثر من ثلاثة عقود؟ رحلة البحث عن بديل سلمي هدف صعب للغاية نظرا لإصرار كل من الجانبين على وجهة نظره، لا مجال للانفصال بالنسبة للمغرب ولا مجال للوصاية بالنسبة للصحراويين، الحل الوسط جاء من الأمم المتحدة على شكل مشروع جوهره حكم ذاتي عال للصحراويين تحت السيادة المغربية، فكرة رفضها الصحراويون، والمغاربة متشككون من إجراء استفتاء لتقرير المصير، بالتحديد في تحديد هوية وعدد من يشملهم الاستفتاء. النتيجة بقاء الخلاف على حاله وجمود لم يقطعه سوى مخاوف من انفلات أمني في منطقة هشة الاستقرار.
الأمل الذي كثيرا ما راود سكان الصحراء يمكن ان يرى النور اخيرا من مبادرة مغربية تدعو إلى مفاوضات مباشرة وصريحة من أجل تجاوز هذه المحنة على شكل حكم ذاتي موسع تحت السيادة المغربية. المقترح المغربي يتحدث عن حكومة محلية و برلمان محلي للصحراء وعن موارد مالية مستقلة والحكم الذاتي يتم باستفتاء شعبي وطني على مستوى المغرب ومحلي على مستوى الأقاليم الجنوبية في الصحراء. في حين أن البوليساريو متمسكة بحقها غير القابل للتفاوض كما تقول معتبرة أن هذا الحق يحترم الشرعية الدولية ويطالب بتقرير المصير من خلال استفتاء حر.
مهما كانت النتائج فالمطلوب أن تكلل هذه المبادرات بما يتوافق مع تصور مستقبلي للعلاقات مع المغرب والتي ينبغى ان تكون وطيدة وعلاقات يفرضها الجوار كما تفرضها الجغرافيا ويفرضها التاريخ وتفرضها المصالح كذلك، لقد تم اكتشاف مناجم غنية بالثروات الطبيعية في أراضي الصحراء الغربية ويقدر الفوسفات المكتشف بـثلث الاحتياط العالمي، اضافة الى وجود مناجم الحديد والنحاس وتتمتع الصحراء الغربية بأنها تتربع على أغنى حوض سمكي في إفريقيا، وكذلك وجود حوض هائل الضخامة من المياه الجوفية. وبقدر ما تحمل هذه المقومات من امكانات مستقبلية، فانها تحمل كذلك مجالا لمطامع لا تقل اهمية، المطلوب هو ايجاد المعادلة الذهبية التي تُمكن الطرفين من الاستفادة من الامكانات دون الوقوع ضحية لمصيدة المطامع.
وعلى المغرب ان يحترم خصوصيات المنطقة، وأن يعطي الصحراويين الحق في تسيير شؤونهم بأنفسهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكذلك انتخاب هيئاتهم المحلية بما فيها بلديات وبرلمان، ان قرار الأمم المتحدة 1415 الذي ينص على تقرير المصير، لا يعني بأي وجه من الوجوه تقسيم أو تفتيت أو تشتيت الدول أو وحدة التراب الوطني لأي دولة.
نزاع الصحراء مر بمحطات مهمة كثيرة والمطلوب الآن فرصة جدية باتجاه حلحلة هذا النزاع الذي يوصف بأنه الأقدم من نوعه في القارة الأفريقية. بالاضافة الى اهميته العربية. ان حقيقة ان الشاطىء الشرقي الخليجي يعيش ظروفاً غير مستقرة، يعتبر مدعاة لان يكون الشاطىء الغربي الاطلسي اكثر استقراراً، حيث ان كليهما يعتبر جداراً يسهل النفاذ منه الى الداخل اذا لم يتم تحصينه.



على مقاعد الصف الخامس
بقلم: حسن البطل – الايام
"عضلة القلب" من عمل التلميذ أحمد، و"الجمجمة " من عمل زميله خيرالدين.. و"الجهاز العصبي" من عمل زميلهما محمد. الأعمال معلّقة على جدران الصف الخامس، في مدرسة بيرزيت الأساسية للذكور.
وأنا الذي كنت في الصف الخامس، منتصف الخمسينيات، أجلس، مرّة أخرى، على مقاعد الأولاد في قاعة الصفّ، وكنّا نسمّيها "الرِّحلاي" ولعلّها من "الراحلة " أيّ المطيّة، أي أية دابّة من الدّواب.
"العمر أولاد هربوا من القبلة ".. أو أولاد شرفتني إدارة المدرسة بالوقوف مع مدير المدرسة الأستاذ بدر شريتح، وهيئة التدريس، لتسليم "كومة" من جوائز التفوق على طابور من الأولاد الشاطرين.
هذا الامتياز أنعش جهازي العصبي وعضلة قلبي.. ودماغي، خصوصاً عندما بكى غلام في الصفِّ السّادس "المتخرّج" وقد ارتدى زيّ الأمير، ولكن المرتبة الأولى خطفها تلميذ منافس، ربّما بالقرعة بعد تساوي العلامات.
المدير السابق للمدرسة، الأستاذ وليد، أدارها عشرين عاماً.. ربّما بعض تلاميذه يدرسون في جامعة بيرزيت القريبة، وكل ما في المدرسة، من باحة مرتبة لتكون ملعب كرة سلة أيضاً، إلى أصص زهور صناعية في الشرفات، إلى مجلس الآباء تحمل بصمات المدير السابق وليد، أو مربي الأجيال، الذي سلّم المدير الجديد، الأستاذ بدر أمانة إدارة المدرسة الأساسية، وتطويرها لتكون نموذجية.
فوجئت أن زميليّ في القسم الرياضي لـ "الأيام" محمود وإياد، زميلان أيضاً في الهيئة التدريسية؛ الأوّل معلّم لغة عربيّة؛ والثّاني معلّم رياضيّات.
الولد حسام، ابن زميلي فيصل قرقطي، حاز المرتبة الأولى على الصفِّ الخامس (وللمرّة الخامسة). نظرت في لائحة علاماته فكانت كالتالي: في تسع مواد حاز درجة ممتاز وفي المادة العاشرة درجة جيّد جداً.. ومعلّموه نجحوا معه أيضاً فقد حاز علامة 91 في العربية، بينما ولد في تونس، ودخل صفَّه الأوّل في قبرص في مدرسة إنكليزيّة اللغة (99 علامة). أما في اللغة الفرنسيّة، فعلينا أن نشكر المدير السابق وليد الذي أدخلها لغة أجنبيّة ثانية.
اقترحتُ على المدير الجديد فكرة تطوير نشاطات لا منهجيّة، فبإمكان محرِّرنا الرياضي أن يلقي محاضرة بسيطة وشيِّقة عن الرياضة، وزميلي الشاعر درساً في الإلقاء الشعري، وطرائف الشعراء الأقدمين.. ما دام هؤلاء الآباء أعضاء في مجلس الآباء .
التلامذة: أحمد، محمد، وخير اللّه صعدوا صفّاً، وبقيت أعمالهم معلَّقة في الصفِّ القديم.. الذي سيغدو المدرسة القديمة. كم أودّ لو أزور "مدرسة سيف الدولة الابتدائية الزراعية للبنين" في ريف دمشق، وألقي نظرة على وجهي كما كان في "الصورة التذكارية" لـ "خرِّيجي" الصفِّ الخامس.
حسناً، فعل عبدالجواد صالح، عندما ناضل لتحويل "المدرسة الهاشمية " في البيرة إلى مركز "بلدنا" للفن الشعبي. بدلاً من هدمها وبناء عمارة تجارية مكانها.
* * *
لديّ "شهادة "معلَّقة في غرفة أولاد صافي صافي، ابن بيت نبالا، وهي مقالتي (الثلاثاء 82/4/1998، العدد 824)، بعنوان "النبالي الصغير" التي كتبتها عنه وعن ولده عندما تعارفنا في الشارع الرئيسي لرام الله، وكان صافي صافي منهمكاً في لجنة نكبة أعدّت لها " جمعية بيت نبالا الخيريّة " .
في الشارع ذاته، أمس، استوقفني صافي صافي، فإذا بي أمام "عائلة نبالية" من ستة أنفار (مع الأبوين) وفي أيدي الجميع قرون بوظة.. وقال لي: "النبالي الصغير" عن "برواز" معلَّق في غرفة الأولاد، إلى جانب صور عن "بيت نبالا".
خجلي غالب فخري، وإحساسي بمسؤولية الكلمة في نقش وعي الصغار غلب الخجل والفخر.
قبل أقلّ من خمسين عاماً كنت في عمر أولاده، وكنت أحلم بفلسطين وأبيع قرون البوظة أيضاً في حَواري قرية في المنفى السوري.
"العمر أولاد..".. وابنتي الكبرى توشك على التخرُّج من الجامعة، وثماني عيون "نبالية " لأولاد صغار تحدِّق في هذا "الأستاذ" الذي شرَّفوه.. وجعلوا مقالته صورة في "برواز"!
* * *
من تسليم شهادات للأولاد، إلى تعليق "شهادتي" في غرفة أولاد، وضعني طلاّب قسم الصحافة في جامعة بيرزيت على... "المشرحة".. فقد صارت مقالاتي موضوعاً للدراسة، ولاستطلاع الرأي.. وهكذا غدوت "كلاسيك".. بعدما، كنت قبل أربعين عاماً، مجرّد تلميذ شاطر، يقرأ أستاذ العربية مواضيعه على صفوف المدرسة في مادة "الإنشاء" و"الوصف ". أما طالبة قسم الصحافة عبير فتسألني عن "سر الأسلوب" في الكتابة الصحافية.. وأنا لا أدري ماذا أقول.. وربّما لأنّني أقارن بين "عضلة القلب" كما يرسمها ولد في الصفِّ الخامس.. وصورتها في أطلس طبّي.. وذلك الإحساس عندما جلست في عمر الخمسين على مقاعد أولاد الصفِّ الخامس.
خبصـــة وقايمــــة
بقلم: هاني المصري – الايام
تعيش النخبة الفلسطينيّة حالة من الفوضى والانتظار لاقتراب مهمّة كيري من لحظة الحقيقة، حيث أنها يمكن أن تبلور "اتفاق إطار" يشكل مرجعيّة جديدة للمفاوضات اللاحقة، وهناك حيرة بين القبول أو الرفض أو بالاستنجاد بجواب "لعم". ويمكن أن يطلب كيري تمديد المفاوضات لأخذ فرصة أكبر علّه ينجح فيما فشل فيه حتى الآن.
"خبصة وقايمة" .. هذه هي الوصفة المناسبة لحالتنا الراهنة.
فإذا بدأنا باللجنة التنفيذيّة للمنظمة، التي من المفترض أنها المرجعيّة العليا للشعب الفلسطيني، سنجد أنها اجتمعت مؤخرًا في هذا الوضع الحرج بعد مرور أكثر من شهرين على اجتماعها السابق، في نفس الوقت الذي جاء فيه كيري مرات عدة، فعلى ما يبدو أنّ لأعضاء اللجنة انشغالات أخرى تشغلهم عن الاجتماعات التي تعالج تطورات مهمّة كيري، أو أنّ عدم عقد الاجتماع جاء عقابًا لهم على رفضهم، أو عدم قبولهم، أو عدم وضوح ما اتفقوا عليه حينما ناقشوا استئناف المفاوضات، فهناك من يقول من أعضاء اللجنة أنّها وافقت على استئناف المفاوضات، واعترض ستة أو سبعة أعضاء، وهناك من يقول أنها عارضت استئناف المفاوضات بأغلبيّة كبيرة، وبعض آخر يقول إنها عارضت في البداية، ثم عادت ووافقت فيما بعد. طبعًا، هذه الفوضى ترجع إلى أن اللجنة لا تقوم بعملها كمؤسسة فيها شراكة وعمل جماعي ولا تصوت – حتى عند الخلاف وتنوع الاجتهادات - إلا فيما نَدَر؛ ما يؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في كيفية اتخاذ القرار بدلًا من احتكاره من قبل شخص واحد.
وفي اجتماعها الأخير، هاج وماج أغلبيّة أعضاء اللجنة، وطالبوا برفض "خطة كيري"، ووقف المفاوضات، والتوجّه إلى الأمم المتحدة، والانضمام لمؤسساتها وتوقيع اتفاقاتها، وطلب منهم الرئيس الانتظار لحين انتهاء مدة الأشهر التسعة، التي ستنتهي في نهاية نيسان المقبل، وأخبرهم بأن اللجنة المركزيّة لحركة فتح ترى في غالبيتها ما يرى أعضاء اللجنة التنفيذيّة، لكنّه أكد أنّ اتخاذ القرار بشأن المفاوضات (استمرارها من عدمه) من اختصاص اللجنة التنفيذيّة. ولإيجاد مخرج طلب الرئيس إحالة الأمر إلى اللجنة السياسيّة لتقوم ببحث الأمر ورفع توصياتها إلى اللجنة التنفيذيّة. وبالفعل، اجتمعت اللجنة السياسيّة ورفعت توصياتها التي تقضي بالتوجه إلى الأمم المتحدة، ولكنها لم تتضمن توقيت ذلك، ولم تربط ما بين التوجه وبين الاستمرار في المفاوضات من عدمه. وهذه التوصيات بانتظار عقد اجتماع آخر للجنة التنفيذيّة، ولا أحد يعرف متى سيعقد هذا الاجتماع، قبل انتهاء مدة الأشهر التسعة أو بعدها، قبل تحديد الموقف من تمديد المفاوضات أم بعده؟!
وإذا أخذنا "حماس"، نجد أنها حائرة هي الأخرى حول كيفيّة التصرف في ظل المأزق الذي تعيشه بعد تدهور علاقاتها بمصر وإيران وسوريا. هل تنتظر عودة شرعيّة مرسي رغم أنّ عجلة "خارطة الطريق" تدور، والاستفتاء أقرّ الدستور، والانتخابات الرئاسيّة ستسبق البرلمانيّة، وإذا ترشّح عبد الفتاح السيسي – على الأرجح - سيفوز؟
"حماس" حائرة، هل تُصَعِّد مع إسرائيل، وثمن ذلك كبيرٌ جدًا، خصوصًا أن البيئة العربيّة والإقليميّة والدوليّة غير مناسبة تمامًا، فلن تحصل "حماس" على التعاطف التي حصلت عليه في العدوانَين الأخيرين. وإسرائيل قد ترى بأن الفرصة سانحة لتوجيه ضربة قويّة لـ"حماس" ولجميع فصائل المقاومة؛ لذا نرى "حماس" حريصة على استمرار التهدئة.
أو أن تختار توتير العلاقات أكثر وأكثر مع مصر، خصوصًا بعد إغلاق الأنفاق، وتشديد الحصار، وشنّ حملات إعلاميّة مصريّة ضد "حماس" بوصفها امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وتهديدها بإسقاط حكومتها في غزة؛ لكنّ هذا الخيار، مكلف جدًا لـ"حماس"، لأنّ الردّ المصري سيكون غير مسبوق، ولن يؤدي التوتير بالضرورة إلى تحسين العلاقات المصرية – الحمساوية.
أو لا يبقى أمامها سوى العمل من أجل تفعيل ملف المصالحة، ولكنها تخشى من مصالحة في وقت غير مناسب لها، وبشروط منافستها "فتح"، وأن تُستَخدم المصالحة للتغطية على المفاوضات، أو ما يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات من "اتفاق إطار" ينتقص من الحقوق الفلسطينيّة من دون أن تؤدي إلى الشراكة في إطار السلطة والمنظمة.
إذا انتقلنا إلى آخر تصريحات الرئيس، سنجد أنه بعد حديثه عن عدم رغبته بالعودة إلى صفد وأنّ هذا قرار شخصيّ (مع أنه حق فردي ووطني)، وأنه يميز ما بين عدم شرعيّة الاحتلال وشرعيّة إسرائيل بالرغم من أنها تقوم بهذا الاحتلال؛ تحدث مؤخرًا عن حريّة اللاجئ الشخصيّة بالاختيار بالنسبة للعودة تمامًا مثل الزواج.
كما وجّه الرئيس دعوة إلى نتنياهو لإلقاء خطاب في المجلس التشريعي غير المنعقد والمعطّل والمنتهية مدّته القانونيّة منذ زمن طويل، مثلما انتهت مدة الرئيس، وأبدى استعداده لإلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي شرط أن يتحدث كما يريد، وليس ضمن الشروط التي وضعها نتنياهو عندما وجه له الدعوة واشترط حينها أن يعترف بإسرائيل كدولة "يهوديّة" وغيرها من الاشتراطات التي رفضها الرئيس.
لا أعرف ما المغزى من توجيه مثل هذه الدعوة؟ وإبداء الاستعداد لتلبية دعوة نتنياهو في وقت يبدي فيه نتنياهو وحكومته تطرفًا غير مسبوق ونشاطًا عدوانيًّا واستيطانيًا بمعدلات هائلة، والوضع الفلسطيني سيء جدًا، ما يقتضي تركيز الجهود على ترتيب البيت الفلسطيني، وبلورة إستراتيجيّات قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد القضيّة الفلسطينيّة. ويجدر التنويه إلى أننا لا نعرف متى سيرد موسى أبو مرزوق على أسئلة عزّام الأحمد حتى يقوم بزيارة غزة والشروع في تشكيل الحكومة وتحديد موعد الانتخابات.
لم نعد من سيرأس الحكومة، الرئيس أو رامي الحمد الله أو شخصية مستقلة أخرى، ومتى ستُجرى الانتخابات بعد ستة أشهر أو تفويض فصائلي للرئيس بتحديد موعدها متى شاء.
وإذا انتقلنا إلى ياسر عبد ربه، لا نكاد أن نتعرف عليه ونحن نسمعه يقوم بتوجيه سلسلة من الانتقادات للمفاوضات ولـ"خطة كيري"، التي فنّدها بشكل رائع، ولدرجة المطالبة بالتوجه الفوري إلى الأمم المتحدة، وبعقد "جنيف" الفلسطيني. فهل هذه التصريحات صحوة، ومراجعة لـ"اتفاق جنيف" التي تعكس بعض مقترحات كيري جزءًا منه، بما في ذلك الاعتراف بإسرائيل كدولة يهوديّة، أو للشعب اليهودي، أم ماذا؟
أما صائب عريقات، فلم نعد ندري: هل هو كبير المفاوضين، أم كبير المعارضين؟ وهل استقال، أو سحب الاستقالة، أم بانتظار أن يقبلها الرئيس، ويعين بدلًا منه رئيسًا لدائرة المفاوضات؟
عريقات الآن يقول إننا ارتكبنا خطأً إستراتيجيًّا بعدم استكمال التوجه إلى الأمم المتحدة، ويطالب بتصحيح الخطأ فورًا. وهكذا فعل زميله في اللجنة المركزيّة محمد شتيّة، المستقيل معه استقالة نافذة من وفد المفاوضات، حيث أضاف على ما سبق دعوته إلى تحويل السلطة إلى "سلطة مقاومة". أما زميلهم الآخر في اللجنة المركزيّة توفيق الطيراوي، فقد ذهب إلى أبعد منهما، وطالب بالعودة إلى المقاومة بجميع أشكالها. أما نبيل عمرو فهو يكاد ينفرد بالتفاؤل رغم خصومته المستمرة مع الرئيس، ويعتقد بإمكانيّة التوصل إلى تسوية، ويدعو إلى قبولها، لأن تسوية غير مكتملة أحسن من لا شيء.
فيما يرى منير شفيق، المفكر المعروف، أن إسرائيل بعد الثورات العربيّة وبعد تراجع الدور الأميركي، ونتائج عدوانها على لبنان وعدوانَيْهَا على غزة في أسوأ أوضاعها، والانتفاضة قادمة حتمًا بوقت ليس ببعيد، وستنتصر على إسرائيل خلال عدة أشهر لا أكثر وستدحر الاحتلال. وبدوره توقع فتحي حماد، وزير داخليّة حكومة "حماس"، زوال دولة إسرائيل خلال ثماني سنوات لا أقل ولا أكثر.
وإذا نظرنا إلى ما يحدث في مخيم اليرموك، وما يتعرض له اللاجئون في سورية، وكيف تعاملت القيادة والفصائل والمنظمة، التي من المفترض أنها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، نجد أننا تضامنّا متأخرين مع جزء من شعبنا، بالرغم من أنه لا يتعرض لحصار ونكبة جديدة فقط، وإنما يموت جوعًا. فلتسقط كل الاعتبارات السياسيّة التي تمنع عمل كل ما يلزم وكل ما هو ممكن لوقف الموت جوعًا. ما سبق غيض من فيض، ويجعل الحديث أننا في "خبصة وقايمة" ليس فيه أي مبالغة!!
ديغول مصر
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
ابتدع فقهاء السنة بعد انتصار معاوية بن أبي سفيان، وعبر الحروب بين المسلمين (الجمل وصفين) مقولة البيعة للأمام المتغلب درءاً للفتنة بين المسلمين، أي أن حقن الدماء أهم من الخوض في الجدل إن كان هذا الطرف على حق ام ذاك، وكان عمرو بن العاص، وتعليقاً على إقدام جماعته أو معسكره على قتل الصحابي عمار بن ياسر والذي كان النبي (ص) قد قال عنه "تقتله الفئة الباغية" قد قام بقلب الحقيقة، حين قال بأن من قتله إنما هو من أرسله الى الحرب، وليس من وجه له الطعنة القاتلة!
نقول هذا بمناسبة إصرار جماعة الإخوان المسلمين وبعض حلفائهم _ وان كان لا ينطلي على أحد بدعة "جماعة بيت المقدس" _ على الاستمرار بممارسة العنف والقتل بحق الجنود وأمناء الشرطة وحتى المدنيين المصريين، حيث انهم باتباعهم لهذا الطريق، يختلفون حتى عن جماعات "داعش" وجبهة النصرة في سورية، التي تحارب هناك بدافع إسقاط النظام الحاكم في سورية، والذي يعارض حكمه، ربما اكثر من نصف الشعب السوري، أما في مصر، فقد تبين دون أي شك او ريب بأن الغالبية الساحقة من الشعب المصري قد وافقت على عزل مرسي العياط وتؤيد خارطة المستقبل، وبعد إقرار الدستور لم تعد هناك، حتى بمنطق السياسة التي تفارق أحيانا منطق الحق والقانون، من إمكانية لعودة الأمور الى الوراء، فلم يفعل هذا الإخوان؟!
إنها الحماقة بكل ما تحمل من معنى، وما هي إلا دليل على المرض الاجتماعي والعقد النفسية التي تجعل من بعض البشر عاجزين تماما عن العيش في هذا الزمان وفي ذلك المجتمع البشري، لذا فإن رد فعل الشعب المصري الذي رفع شعار " الشعب يريد إعدام الإخوان " بعد تفجيرات الجمعة الماضية والتي تعبر عن قرار الإخوان بهدم المعبد على من فيه، بأنه لم يعد هناك من مناص إلا اجتثاث الإخوان، وربما كل الجماعات المتطرفة والمتشددة، وحتى الفكر المتزمت والمنغلق كله، وفي كل تجلياته وتمظهراته المختلفة !
ولا شك ان تلك التفجيرات سعت الى حرمان الشعب المصري من الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، في ميدان التحرير بالذات _ وقد كان بيان ما يسمى بجماعة بيت المقدس واضحا في هذا حين طالب المصريين بالجلوس في بيوتهم _ ومن ثم في كل المناطق المصرية، وربما كانت محاولة يائسة وأخيرة لقطع الطريق على الانتقال المؤكد لمصر من المرحلة الانتقالية لمحطة الثبات والاستقرار والتي باتت ملامحها أكثر وضوحا بعد إقرار الدستور والتحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
الآن وبعد أن حسم الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور الجدل بإقرار أيهما أولا : الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية، بإعلانه تعديلا في خارطة الطريق يتمثل بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، بعد ان تزايدت الأصوات المطالبة بهذا، حتى لا تؤثر المعركة الانتخابية المرتبطة بانتخابات مجلس الشعب على الوحدة القائمة الآن، على أساس معاداة الإخوان والتي تشمل أغلبية كاسحة للقوى السياسية وللشعب المصري، وبهدف تحقيق الاستقرار للبلاد الذي يوفره إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن، حيث من المستبعد ان يؤدي إجراء أنتخابات الرئاسة الى تشكل معسكرات سياسية متخاصمة، خاصة إذا ما ترشح المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الحالي، والذي بات بطلا قوميا، كما هو متوقع في أية لحظة استجابة للمطالبات الشعبية بترشحه لمنصب الرئيس.
وعلى عكس ما يسعى الإخوان والجماعات المتطرفة التي تمارس عمليات إرهاب الشعب المصري، كلما ازدادت وتيرة العنف ازدادت المطالبات بترشح السيسي، حيث أنه مع الخوف وبهدف الحصول على الاستقرار والأمن وضمان وجود حكم يستمر في محاربة الإخوان الذين يزيدون من كره الشعب المصري لهم، كلما مارسوا عمليات الإرهاب بالتفجير والقتل، لا يجد المصريون أفضل من السيسي رئيسا لبلادهم.
بعد القرار الرئاسي بإجراء انتخابات الرئاسة أولا وترقية السيسي الى أعلى رتبة عسكرية وهي رتبة المشير، تحتاج الحكومة الانتقالية الى تعديل وزاري، يقلل من فجوة الخلافات القائمة بين أعضاء الحكومة، وكذلك لشغل وزارتي الإنتاج الحربي التي شغرت بعد وفاة الفريق أول طيار رضا حافظ مطلع ديسمبر / كانون أول الماضي، ووزارة التعاون الدولي الشاغرة بسبب استقالة الدكتور زياد بهاء الدين، وأغلب الظن ان التعديل الوزاري ينتظر قرار المشير السيسي بالترشح للرئاسة، ومن ثم استقالته أيضا من الحكومة لتعيين خلف له، سيكون على الأرجح الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان الحالي.
أغلب الظن بأن السيسي سيتخذ خلال أيام قليلة قراره، بتقديم استقالته من منصبه كوزير للدفاع، والتقدم بأوراق ترشحه لرئاسة البلاد، حيث أن كل المؤشرات تقول بانه سيفوز بنسبة تزيد على 80% أيا يكن منافسه، ذلك أنه لن يكون مرشحا لحزب او تكتل او جماعة ولا حتى لمعسكر ما، ولا حتى مرشحا للجيش أو العسكر، كما يوحي بذلك خصومه أو أعداؤه الحاليون من الإخوان، بل سيكون مرشحا شعبيا، وطنيا / إسلاميا، مستقلا، يذكر بشخصية عبد الناصر، وكذلك الأبطال القوميين الذين قادوا بلادهم الى النصر والتحرر أمثال دوايت أيزنهاور الأميركي وشارل ديغول الفرنسي، بطل تحرير فرسنا من الاحتلال النازي. لذا فإنه سيفوز من الجولة الأولى، حتى لو تضمنت قائمة منافسيه : حمدين صباحي، عبد المنعم أبو الفتوح، سامي عنان .... الخ.
وكرئيس، سيكون السيسي أقرب الى ديغول منه الى عبد الناصر، لأن دستور مصر 2014، قد قلص صلاحيات الرئيس ومنع إمكانية تحوله الى " ديكتاتور " أو حاكم مطلق، وعلى الأغلب في عهده ستصبح صورة الرئيس أكثر احتراما، حيث من المؤكد ان يتم تعميد حكم أقرب الى التجربة الفرنسية في عهد الجمهورية الخامسة خلال الجمهورية المصرية الثانية، حيث نظام الحكم سيكون مختلطا بين الرئاسي والبرلماني، ولن يتحول الرئيس الى دكتاتور، لأن الدستور لن يمنحه أكثر من فرصة ثانية للترشح للرئاسة.
مخيم يموت ... ولا ما يحزنون!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
* 4 شهداء نتيجة الجوع والجفاف في مخيم اليرموك، والعدد مرشح للارتفاع الى 6، أغلبهم مسنون وسيجري تشييعهم من مسجد فلسطين بعد صلاة الظهر1- .المسن محمد حسن سعيد جربوع 2- المسنة صالحة عيسى 3- المسنة سعدة سعيد خطاب 4- شاب مجهول الهوية. يوم الاثنين 27/1 .
* وكان متحدث من مستشفى فلسطين داخل مخيم اليرموك قد نبه لوجود عشرات الحالات معظمها لمسنين ومسنات يعانون من مرض الجفاف الناجم عن فقدان الغذاء بسبب حصار المخيم للشهر السابع على التوالي، وقال ان المستشفى يفتقد الى الأمصال وحتى للسكر ولأبسط المقومات لإنقاذ العشرات الذين يصلون الى المستشفى في حالة خطيرة. 27/1
* دفنت اليوم الشهيدة " نجمة جمعة قــويــدر " جراء الجوع والجفاف ليعود المشيعون ويجدوا ابــنــها محمود عبد الله وقـد تــوفـي أيـضـا بسبب الجوع". 26/1
* استشهد 5 من سكان مخيم اليرموك، 4 منهم قضوا على مذبح الجوع، وآخر مسن نتيجة القنص خلال بحثه عن الأعشاب في مزارع الحجر الأسود. الشهداء هم : 1- محمد حسين عمايري - جوع وجفاف2- رئيفة محمد قرعيس - 50 سنة - جوع وجفاف 3- سعيد سليم درباس - 66 سنة - جوع وجفاف 4- نبعة جمعة قويدر - 65 سنة - جوع وجفاف 5- أبو مروان - 65 سنة- استشهد قنصا خلال البحث عن الطعام في مزارع الحجر الأسود. 26/1
* استشهاد الطفل "عبد الجليل خميس" إثر الجفاف الناجم عن سوء التغذية بسبب الحصار المشدد المفروض على مخيم اليرموك25/1.
79 شهيدا على مذبح الجوع في مخيم اليرموك المحاصر منذ سبعة شهور وحتى اليوم، تحولت حياة من تبقى في المخيم الى جحيم لا يطاق. مشهد امرأة على "اليوتيوب" تقطع القلوب وهي تصرخ في وجه وفد الفصائل وترفع أمامهم عددا من الأطفال حولها دائخين من الجوع أحدهم مصاب باليرقان وتقول لأعضاء الوفد : يا كلاب يا حيوانات شو ذنب هؤلاء، خافوا من الله. ونثرت ما في جعبتها من حشائش كانت قد جمعتها وقالت: شوفوا الحيوانات لا تأكلها ألا يعيبكم هذا! رز ما في، حليب للأطفال ما في، زيت ما في، أطفالنا عم بموتوا وانتم تتفرجون. ووجهت خطابها الى بشار قائلة: يا بشار إحنا مسالمين إحنا مش مقاتلين، واستعرضت النساء من حولها واحدة بعد الأخرى قائلة: هذه مسلحة وهذه مسلحة ! وين السلاح؟ خافوا الله بدكم ضمانات، عيب والله إحنا اللي بدنا ضمانات. .. كلكم كلاب وحيوانات".
"يوتيوب" آخر يصور كيف يتم قلي "لوح الصبر" بالزيت بعد تقشيره وتقطيعه الى ما يشبه البطاطا، الأطفال الذين تناولوا الوجبة قالوا :إن طعمه مر ولا يقبل حتى الجمل اكله لكننا سنأكله.
"يوتيوب" آخر لمقاتل من النصرة يوزع على كل طفل حبة تمر ويتدافع الأطفال نحوه في مشهد دعوي رخيص، مشهد يطرح تقاعس المسلحين عن تأمين الغذاء للأطفال والمدنيين لطالما هم يجدون ما يأكلونه. ويطرح مسؤولية المسلحين عن بيع كيلو السكر بـ 10 آلاف ليرة وكذلك السلع الأخرى بمبالغ أعلى، ما أدى ويؤدي الى موت من لا يملكون اي نقود. طالما انه يمكن إيصال مواد فلماذا لا يتم توزيعها بالعدل ومنع السوق السوداء.
المفجع ليس الموت جوعا وحده، المفجع اكثر هو الصمت على هذا النوع من الموت، وهو ابشع أنواع الجرائم بحق الإنسانية. خلال 3 ايام استشهد جوعا 12 فلسطينيا كانت حالتهم مثيرة للحزن والغضب والاحتجاج ومفجرة للمشاعر الإنسانية. غير أن موتهم شديد الاستفزاز لم ينعكس على وسائل الإعلام الفلسطينية. هل هو تعتيم ام عدم اكتراث، وفي الحالين مصيبة.
إذا كان الصمت جزءا من سياسة التعتيم فهذا يعني حرص وسائل الإعلام على عدم إغضاب المسؤول الفعلي عن جريمة قتل أبناء اليرموك بسلاح الجوع. وإذا كان عدم اكتراث فإن ثمة خللا فادحا في الوطنية الفلسطينية الجامعة وفي مضمونها الإنساني. ما يحدث شيء خطير.
بعد الاتفاق الذي ابرمه الوفد الفلسطيني بيومين، توقف وصول طرود الغذاء، وتوقف خروج الأطفال والنساء والمرضى المسنين، واستمر مسلسل الموت جوعا بمعدلات اكبر وأشد إيلاما. السبب قاله مندوب القيادة العامة أمام حشد من أبناء المخيم ووفد الفصائل. قال :المخيم يجب ان يكون تحت سيادة الدولة السورية والجيش السوري وبعد ذلك سنمضي في الحل. هذا يؤكد استخدام حياة البشر وموتهم لفرض شروط على طرف آخر مستقل عن رغبة وقرار أهالي المخيم. هذا يعني أن موت هؤلاء وحياتهم من مسؤولية النظام أولا وقبل كل شيء. لان النظام يستطيع ان يسمح للأطفال والنساء والمسنين بالخروج وبتحييدهم عن الصراع. تماما كما هو عليه الاتفاق "النظري" الذي توصل اليه مؤتمر جنيف 2 حول المحاصرين في حمص. الوفد الفلسطيني قفز بخفة عن واقع الصراع وابرم اتفاقا سياسيا ورهن الجانب الإنساني بتطبيق الاتفاق او بسيادة الدولة على المخيم في ظل صراع مستعصي على الحل، الاتفاق كان يعني استمرار مسلسل الموت جوعا. واعتقد الوفد والمستوى السياسي الفصائلي ان تأييد النظام او مغازلته سيحل المشكلة. لكن ما حدث كشف بؤس هذا النوع من التفكير السياسي.
لنترك الحل السياسي لمؤتمر جنيف 2 و3 ووو ما يهمنا إنقاذ حياة البشر الذي لا ينفصل عن إنقاذ حياة الأبرياء السوريين. وهذه مسؤولية دولية. من المفترض مطالبة الأخضر الإبراهيمي وبان كي مون والجامعة العربية ومجلس الأمن التدخل لإنقاذ أبناء اليرموك كجزء لا يتجزأ من إنقاذ السوريين. ومن المفترض إطلاق خطاب سياسي وإعلامي بمستوى مأساة أبناء اليرموك وتسليط الضغوط على النظام والقيادة العامة والمجموعات الفلسطينية التي تحاصر المخيم وتمنع خروج الأطفال والنساء والمسنين.
شطارة السوق والتسويق...!
بقلم: حسن خضر – الايام
لم يسبق لبني البشر أن تمكنوا من الحصول على هذا القدر من المعلومات، كما يحدث الآن. فلا يحتاج الأمر إلى أكثر من الوصول إلى شبكة الإنترنت، أو مشاهدة ما لا يحصى من القنوات الفضائية. هذا جديد، تماماً، ومن شأنه تغيير الحياة، والثقافة، والسياسة، والسلوك الفردي والجمعي.
ولم يسبق، لهم، أيضاً، أن تعرّضوا لهذا القدر من فوضى المعرفة، والتحليل، والتضليل، وغسيل الدماغ والضمائر. ثمة سهولة في الحصول على المعلومات، وصعوبة في معرفة الحقيقة، في ظل فوضى تدفق أنهار من الكلمات، والصور، والمشاهد. هذا لا يحدث يومياً، مثلاً، بل على مدار الساعة.
بيد أن هذه الفوضى ليست عفوية تماماً. فمن يتحكم بما ينبغي، وما لا ينبغي، أن يصبح خبراً رئيساً على الإنترنت، أو شاشة التلفزيون، وصفحات الجرائد، هو الذي يملك مالاً، وخبرات ومهارات تقنية، ودعائية، أكثر من الآخرين. وهو، بالتالي، الأكثر تأثيراً على عقول بني البشر. وهذا، أيضاً، لا يعني أن الأكثر مالاً، وخبرة، وتقنية، وتأثيراً، هو الأكثر صدقاً واحتراماً للحقيقة والواقع.
ثمة مصالح متضاربة، ورهانات تجارية، وسياسية، ومغامرات ومجازفات. وهذه الأشياء، كلها، عناصر أساسية في الاقتصاد السياسي للمعرفة، في القرن الحادي والعشرين، والألفية الثالثة. ورغم أن هذه الأشياء خارج الموضوع، إلا أن الكلام عنها ضروري لتفسير فوضى التحليل، والتأويل، وطريقة الهيمنة على عقول بني البشر. وهذا يحدث، أيضاً، على مدار الساعة.
لم تكن أشرطة بن لادن المسجلة بعد فراره إلى باكستان حدثاً كبيراً، بالمعنى السياسي والإعلامي، لكن "الجزيرة" القطرية كانت تجتهد في تحويلها إلى خبر رئيس، وإلى موضوع للتحليل، والتأويل، فتستدعي معلقين و"مفكرين"، يعرفون مسبقاً، ما الذي يجب أن يقولونه، لإرضاء أصحاب القناة.
وبالقدر نفسه، لم يكن بث الوصايا المصوّرة للإرهابيين، الذين فجروا طائرات مدنية بركابها في نيويورك وواشنطن، فعلاً مقبولاً بالمعنى الأخلاقي، والسياسي، والمهني. لكن "الجزيرة" القطرية بثت الوصايا المصوّرة كاملة، وعلى مدار أيام.
ثمة ما لا يحصى من الأمثلة، ومن بينها مشهد لجريح يحتضر، بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة، وبدلاً من إسعافه، يطلب منه مراسل القناة نفسها أن ينطق بالشهادة، بينما عدسة الكاميرا مصوّبة على شفتيه. فالمراسل يعرف، بالضبط، المشاهد التي يحتاجها أصحابها المحطة أكثر من غيرها.
كان المهم في نظر هؤلاء تسويق الإسلام السياسي، وتحويله، وتحويل ممثليه من جماعات هامشية إلى ظاهرة عامة، ولم يكونوا بعيدين عن اتجاه الريح الأميركية في الشرق الأوسط. وهناك الكثير مثلهم في أربعة أركان الأرض.
ولكن لماذا هذه الأمثلة؟
لأنها وسيلة إيضاح لمعنى العلاقة بين المال، والتقنية، والمصالح، والرهانات السياسية، وضياع الحقيقة، في ظل وفرة للمعلومات، وتعددية للمصادر، توحي للوهلة الأولى بقدرة الأفراد على المعرفة والتمييز. وهذا، للأسف، وهم كبير.
فما ينبغي، بمنطق الاقتصاد السياسي للإعلام، أن يكون خبراً، أو مشهداً رئيساً، سرعان ما يُعاد إنتاجه في ما لا يحصى من المقالات، والتحليلات، على صفحات الجرائد، والإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، وطبعاً في المقاهي، والبيوت، وكل أماكن الاحتكاك بين بني الشر في الفضاء الاجتماعي العام.
والمهم، أن ما لا ينبغي، بالمنطق نفسه، أن يكون خبراً، أو مشهداً رئيساً، يخرج من التداول، على الرغم من وجوده في الواقع. وبهذا المعنى تتحقق المعرفة في الواقع الافتراضي، وعن طريقه، أكثر من تحققها في الواقع الفعلي، الحي، والمُعاش. وغالباً ما يصنع الواقع الافتراضي أشخاص على قدر متواضع من المعرفة، وعلى قدر كبير من الشطارة في فنون التسويق.
آخر الأمثلة: في العالم العربي سجال طويل وعريض حول معنى ثورات الربيع العربي، وحول حقيقة ما جري في مصر، والإطاحة بحكم الإخوان في ثورة شعبية نالت تأييد وحماية الجيش. وهنا، أيضاً، يتجلى الواقع الافتراضي، في ظل فوضى عارمة. فهناك من يتكلّم عمّا حدث باعتباره انقلاباً عسكرياً.
ولكن ماذا لو عرفنا، مثلاً، أن الجيش لم يكن يحكم مصر في عهد مبارك. هذه هي فرضية حازم قنديل، المحاضر في علم الاجتماع في جامعة كامبردج، وقد صاغها في صورة تحليل عميق لعلاقة الجيش بالسلطة السياسية في مصر، منذ عهد عبد الناصر، وحتى عهد مبارك.
ومن المؤسف أن كتاب قنديل الصادر بالإنكليزية، قبل أشهر قليلة، والذي نال تقدير مايكل مان، أحد أهم علماء الاجتماع في أيامنا، لن يتوفر للقارئ العربي، ولن تجتهد أجهزة الإعلام في تحويله إلى موضوع للنقاش.
وبهذا المعنى يدخل الكتاب، وتدخل فرضيته الرئيسة، في باب ما لا ينبغي أن يكون، لأن كبار الحيتان في الاقتصاد السياسي للإعلام، في الشرق والغرب على حد سواء، لا يحبون تصديع الرؤوس بالأفكار النظرية، والتحليلات العميقة، تكفيهم رؤوس أقلام، ومداخلات "مفكرين" على مقياس هذه الفضائية أو تلك.
لذا، يظل السجال في الشأن العام فقيراً، على الرغم من وفرة وتعددية المصادر، ووهم الحرية الفردية في الوصول إلى الحقيقة. وبهذا المعنى، أيضاً، تتجلى ضرورة العودة إلى تحذير بيير بورديو من خطر التلفزيون على المعرفة الموضوعية. لم تكن الفضائيات، ولا الإنترنت، والهواتف الذكية، وشبكات التواصل الاجتماعي، شائعة عندما أطلق بورديو تحذيره. ويمكن دون مجازفة، إضافتها إلى القائمة في زمن الواقع الافتراضي، وشطارة السوق والتسويق.

ما فائدة الأرقام؟
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
المرأة الفلسطينية في المركز الثالث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث التحاقها بالاختصاصات العلمية: معلومة اطلقها أحد باحثي المعهد الكندي للبحوث الدولية في القاهرة مؤخراً خلال ندوة خصصت لمناقشة حال المرأة العربية في عالم العلم والعلوم.
الأرقام تدعو للفخر وتبعث في النفس سروراً مهماًً، لكن المتابع لدقائق الأمور لا يلبث إلا ويشعر بالحزن الشديد عندما يتذكر بأن دخول المرأة الخريجة إلى سوق العمل لا يزيد سنوياً في مجالات عدة عن 4% ومنها مجال المعلوماتية والاتصالات.
حقيقة الأمور أن الكثيرين في العالم الثالث تدهشهم الأرقام ونندهش نحن لاندهاشهم, لكن الأمور لا تتغير رغم هذا القدر من الاندهاش فيبقى الفقر وبؤس الحال.
والسبب في ذلك هو غياب الاعتماد على الأرقام في معالجة القضايا الحساسة وتبني النهج الإغاثي في العمل وإهمال البعد التنموي. فالأرقام تحتاج إلى أن تتحول إلى معلومات تقدم معرفة مهمة بالأمر ليتعامل معها صاحب القرار بالحكمة المطلوبة والقرار اللازم لمعالجة القضايا والهموم التي تتناولها تلك الأرقام على اختلافها.
النهج السائد في العالم الثالث وبكل صراحة لا يحترم استخدام الأرقام في صناعة القرار وبالتالي فإن الحديث عن القرار المستند للإحصائيات والمعطيات يبقى أسطورة ولا يندرج في إطار الأولويات ما يعني بأن المؤسسات البحثية ومراكز الإحصاء وجنودها المجهولين جميعاً يبقون ضحية الإحباط المستدام.
إسناد القرار التنموي إلى المعطيات البحثية هو السبيل الوحيد للإنجاز والخروج من دائرة الاندهاش. وعليه فإن المحفز الرئيس للبحث هو نجاحه في التأثير في صناعة القرار وصناعه الذين سيرون وفي حال استخدامهم للأرقام أن ضالتهم التي كانوا يرجونها قد عثروا عليها.
لقد آن الأوان لخروج القيادات من دائرة الإعجاب بالأرقام التي تناسب توقعاتهم وحربهم ضد تلك التي لا تتقاطع مع رغباتهم وما يخدم صورتهم. لا بد أيضاً من الاطلاع على مسيرة الدول التي أضناها الفقر أو القتل أو الجوع أو شح المال فعادت وخرجت من الركام ككوريا الجنوبية وروندا والأوروغواي وغيرها.
وعندما تقتنع الدول بأهمية تطويع الأرقام لصالح قراراتها التنموية والمصيرية فإن ولادة مراكز البحث المرتبطة بالرئاسة والحكومة أو استخدام المراكز ذات المصداقية يصبح أمراً بديهياً. فإذا كان الجهل هو العدو الأكبر للتنمية فإن البحث وحتى تاريخه يبقى ضحية القيادة البائسة وسوء الإدارة.
نتنياهو يؤكد رفض السلام
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أكد بعد لقائه وزير خارجية الولايات المتحدة في مؤتمر دافوس لمدة ساعتين قبل يومين إصراره على "عدم إخلاء أي مستوطنة بالضفة.."، واوضح بشكل لا لبس فيه حسب ما نقله موقع صحيفة "معاريف" الالكتروني في مؤتمر صحفي يوم الجمعة الماضي ردا على سؤال بخصوص إخلاء المستعمرات:" قلت في الماضي وأكرر ذلك اليوم، لا انوي إخلاء أي مستوطنة او (اقتلاع) أي إسرائيلي". ليس هذا فحسب، بل ان رئيس ائتلاف اليمين المتطرف الحاكم، أشار إلى ان "مسألة التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين غير واردة، وحتى على إطار اتفاق". معتبرا ان "الاميركيين يتحدثون عن اقتراح خاص بهم لاطار لادارة المفاوضات، وأن الحديث لا يدور عن اتفاق بل عن مسلك للتقدم". ولخلط الامور عاد نتنياهو للقول " انه لا يعرف ما ستسفر عنه جهود وزير الخارجية الاميركي جون كيري، مضيفا، ان اللقاء الذي عقده معه في دافوس امس كان جيدا". وللتضليل أكثر، قال رئيس حكومة إسرائيل: " نريد ان نرى دولتين، دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ولكن قبل ذلك، نريد اعترافا بـ"يهودية " الدولة الاسرائيلية، لأن هذا هو جذر المشكلة، وليس الدولة والمسألة الفلسطينية".
من يقرأ مواقف نتنياهو يلحظ بشكل واضح ودون اية رتوش او مساحيق، انه ليس معنيا بخيار السلام لا من قريب او بعيد. وليس مستعدا لاكثر من طرح عبارات غامضة ومتناقضة حول الدولة الفلسطينية، بهدف إيهام المراقبين غير الملمين بالعملية السياسية، ان زعيم الليكود لديه "الاستعداد" للقبول بـ"خيار الدولتين"، لكن الحقيقة تقول غير ذلك، ولمن لا يعرف، فإن مجرد طرح لغم "يهودية" الدولة الاسرائيلية ينسف العملية السياسية من جذورها. أضف إلى ان الحاكم الاسرائيلي، اشار سلفا، الى انه لن "يخلي اي مستعمرة في الضفة" ولن يسحب اي مستعمر من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967.
أضف إلى ذلك، هناك لاءات إسرائيلية معروفة سلفا، منها: لا عودة للاجئين الفلسطينيين؛ ولا انسحاب من القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية؛ ولا انسحاب من الاغوار الفلسطينية؛ والاصرار على التدخل الساخن في اراضي الدولة الفلسطينية وقتما تريد وفي المكان الذي تريد ودون سابق إنذار، ان نتنياهو يتخوف من دولة " حليفة " لايران؟! وهناك الغام اخرى لا تقل اهمية عما ورد في التعديلات للحدود والمعابر والاجواء والمياه الاقليمية والثروات الطبيعية... إلخ. النتيجة النهائية للموقف الاسرائيلي من عملية السلام، هي نسفها من جذورها. وتبديد جهود وزير خارجية الادارة الاميركية جون كيري.
هناك بعض من يحاول التذاكي من الاسرائيليين والاميركيين وغيرهم، ممن يتحدثون عن ضرورة الوصول لقواسم مشتركة، وتقديم تنازلات متبادلة من الطرفين لتجاوز العقبات الموجودة. وينسى هؤلاء ان القيادة الفلسطينية، كانت منذ حوارات أوسلو في 1993 وقبل ذلك عندما وافقت على البرنامج السياسي في 1974 (النقاط العشر) واعلنت على الملأ قبولها بخيار إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كانت قدمت سلفا التنازلات المطلوبة منها، لانها عمليا قبلت بنصف ما منحها إياه قرار التقسيم الدولي 181، اي قبلت بـ 22% من مساحة فلسطين التاريخية. وبالتالي الحديث عن تنازلات متبادلة، هو شكل استفزازي وعدواني يستهدف تبديد المشروع الوطني الفلسطيني بحده الادنى، المتوافق عليه والمقبول عمليا من القطاعات العظمى من الفلسطينيين.
من يريد تحقيق السلام وتنفيذ خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، عليه ان يلزم إسرائيل باستحقاقات التسوية السياسية وفق مرجعيات السلام وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، غير ذلك تكون الجهود الاميركية، شكلا من السير إلى المجهول، والتغطية على السياسة الاستعمارية الاسرائيلية.
انتحار الجماعة وميوعة النخب
بقلم: يحيى رباح – الحياة
في الاسبوعين الاخيرين تطورت المواقف اكثر في الصراع الدائر في مصر منذ ثلاث سنوات, وتحددت اكثر ملامح الاطراف الرئيسية في الصراع, حيث الشعب المصري بكل شرائحه الاجتماعية, وبكل مكوناته الدينية من مسلمين ومسيحيين, وبكل قواه غير التقليدية التي هي خارج الاحزاب, هو الذي يعتلي المسرح, وهو الذي يبادر الى الفعل الذي يتجاوز المألوف كما حدث في الاستفتاء على الدستور وفي الاحتفال في ذكرى الخامس والعشرين من يناير, وفي تحديد اسبقية الانتخابات الرئاسية, وفي دفع الفريق اول عبد الفتاح السيسي للذهاب دون تردد الى سباق الرئاسة حيث لا يستطيع ان ينافسه احد.
في مواجهة الشعب المصري تصر جماعة الاخوان المسلمين على ممارسة الارهاب كخيار وحيد, وهو إرهاب مكشوف متحالفة في ذلك مع كل اعداء مصر الدوليين والاقليميين وتابعيهم المحليين, واندفاع هذه الجماعة الى الارهاب كما حدث في حادثي تفجير مديرية امن المنصورة وتفجير مديرية امن القاهرة وبقية الاحداث الاخرى لترويع الشعب المصري حتى لا يذهب الى الاستفتاء وحتى لا يخرج الى الاحتفال, يؤكد ان هذه الجماعة قد فقدت العقل والتوازن, ووصلت الى حضيض اليأس, وذهبت بقرار جماعي الى الانتحار, لانها تعلم مسبقا ان الشعب المصري لديه تاريخيا خصائص تجعل وحدته الوطنية جزءا عضويا من وجوده, وان الدولة المصرية بكل مفرداتها هي دولة قوية وعميقة وان الجيش المصري وطني بامتياز وقوي بامتياز, وان الاعداء الدوليين والاقليميين الذين يتآمرون عليه مع جماعة الاخوان المسلمين ما زالوا يتخوفون من النتائج التي تترتب على الصراع المفتوح معه.
الشعب المصري ومعه دولته القوية العميقة لا يواجه فقط العدو الخارجي او ارهاب الجماعة المنتحرة, بل يواجه ايضا تركة ثقيلة من مخرجات النظام السابق الذي ادى الى تجريف واسع النطاق في الحياة السياسية والثقافية, وفي الدور الباهت والمتردد والمنافق احيانا الذي تقوم به النخب السياسية والثقافية, وهذا ما نراه واضحا في تردد الحكومة وبطء القضاء وفي الالتباس المخجل في مواقف العديد من المثقفين عند قراءة المشهد المصري حتى انهم في كثير من الأحيان يستثيرون حالة من التندر من قبل شرائح الشعب المصري الذي يدفع ثمن المواجهة البطولية, ولقد اصبحت هذه النخب متهمة بميوعة الهوية في كثير من الاحيان.
إعلان الرئيس عدلي منصور عن زيادة عدد الدوائر الخاصة في القضاء لسرعة تحقيق العدالة الناجزة في مواجهة ارهاب الجماعة يجعل من هزيمة الجماعة أمراً محتوما في اسرع وقت, كما ان اعلان الرئيس ان الانتخابات الرئاسية ستكون هي الخطوة التالية بعد الاستفتاء على الدستور سيؤدي الى حسم موضوع تشعب النقاش فيه, ويتساوق مع الارادة الشعبية الشاملة في تقدم الفريق اول عبد الفتاح السيسي الى الانتخابات, لان المعركة الكبرى تتطلب ان يواصل الشعب المصري دوره التاريخي بقيادة رئيس يحظى بهذا القدر الخارق من الثقة والتأييد.
المعركة التي تخوضها مصر ضد الارهاب الدولي هي معركة تخص الاقليم كله, والمفروض ان تلعب العديد من الدول العربية دورا شجاعا مستحقا الى جانب الشقيقة مصر, لان النجاح المطلوب والانتصار المؤكد في هذه المعركة سيغير وجه المنطقة, ويمنحها المزيد من الثقة بنفسها لتدير قضاياها بقوة وبافضل الشروط .
أسس القيادة الجامعية
بقلم: أ.د.علم الدين الخطيب – الحياة
إن القيادة الجامعية الجيدة والتي تسعى لتحقيق الأهداف المنشودة تعتمد على عدد من الأسس السيكولوجية والتي من أهمها ما يلي:
أولا: تحديد مركز كل فرد: ويقصد بها توصيف عمل كل فرد من العاملين في الجامعة.
وهذا يعني تعريف كل فرد بالأعمال المطلوبة منه ودرجة إتقانه لهذا العمل, وهذا يؤدي إلى عدم تداخل المهام، لأن عدم وجود هذا التحديد وهذا ما هو جار في بعض جامعاتنا ويجعل هناك صراعا على الاختصاصات وتداخلاً في العمل, ما يؤدي إلى ضياع الجهد وتكرار العمل وإيجاد الخصومات الشخصية بسبب التنازع على تلك الاختصاصات. أما تحديد الحد الأدنى لدرجة الاتقان المطلوبة, لأن عدم معرفة الفرد لأثر جهوده في القيام بأعباء وظيفته يضعف مقدار الجهد الذي يبذل في سبيلها, أما تلك المعرفة فتؤدي إلى نوع من الاستقرار الانفعالي يساعده على أداء عمله بحماس بدلا من أدائه بفتور.
ثانيا : تهيئة الفرص لكل فرد كي يعمل إلى أقصى حد تسمح به قدراته: لأن تهيئة مثل هذه الفرص للفرد من الوسائل الفعالة التي تشجعه على بذل الجزء الاكبر من طاقته الكلية للعمل فاعتقاد الفرد في وجود فرص النمو أمامه عامل قوي يدفعه للنمو الحقيقي وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا فالترقيات التي تحدث في تلك الجامعات تعتمد على أهل الولاء وليس أهل الخبرة ما يؤدي لأن تخسر الجامعات كثيرا من الجهود المبدعة الخلاقة.
ثالثا: تقديم الثناء حينما يلزم: يعتبر هذا المبدأ من المبادئ المهمة في العلاقات الانسانية والادارية الجيدة. لأن القيادة في الإدارة الجامعية تتطلب الوقوف على جميع مشكلات أعضاء الكلية أو الجامعة, ويجب الثناء على كل من استطاع أن يعالج مشكلة من المشكلات بطريقة فعالة, كما يجب توجيه الثناء لمن يستحقه في أقرب فرصة ممكنة, لأن التأخر في توجيه الثناء أو المديح أسوأ من عدم توجيهه في بعض الأحيان. وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا لأن الإدارة تفهم هذا المبدأ بطريقة خاطئة. فهم يعتقدون أن توجيه الثناء أو المديح يشعر الموظف بانه صاحب فضل على الجامعة ولا بد للموظف أن يشعر دائما أنه مهما فعل فإن هذا واجبه وأن الجامعة صاحبة فضل عليه, والحقيقة أن هذا الفهم يرجع إلى عدم تحديد مركز كل فرد.
رابعا: تبليغ كل عضو من أعضاء الجامعة مقدما بالتغيرات التي ستؤثر في عمله: يجب على إدارة الجامعة في حالة اضطرارها لإحداث تغييرات وظيفية أو في الواجبات التي يكلف العامل في الجامعة وخاصة عضو هيئة التدريس إبلاغه بذلك مقدما وبمدة زمنية كافية لجعله يتأقلم نفسيا مع التغير الجديد, ويجب أن لا يكتفي بنشره إدارية أو قرار إداري, وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا لدرجة أنه يصدر أحيانا قرارا بتغيير رئيس الجامعة, ويتم تنفيذ ذلك في غضون ساعات معدودة من صدور القرار ودون إبداء الأسباب فبالله عليكم كيف سيكون حال الجامعة وحال رئيسها عندما يتم ذلك!


ابو مازن في روسيا.. خطوة في الاتجاه الصحيح
بقلم: خالد مسمار – الحياة
خطوة صائبة ومهمة تلك التي خطاها الأخ أبو مازن تجاه روسيا الاتحادية. الكل الفلسطيني يشخص بناظريه منتظراً ما سيفعله رئيسه تجاه التعنت والصّلف الصهيوني ممثلاً بحكومة نتنياهو وما يصدر عن وزرائها التي كان آخرها تصريح تسفي ليفني التهديدية لشخص الرئيس ابو مازن، وما يتسّرب او ما يقال على لسان الراعي الاميركي، وزير الخارجية جون كيري، والذي يصّب تماماً في مصلحة كيان الاحتلال.
تفاءل العرب وتفاءل الفلسطينيون في بداية مكوكية كيري وما صدر عنه من ايجابيات تجاه الحل النهائي.
لكن سرعان ما تبّدل الحال عندما اقتربت الشهور التّسع، التي وافقنا على السير خلالها في المفاوضات، على الانتهاء.
كان الحديث عن الحل النهائي خلال تلك المدة.. فتراجع الى الحديث عن إطار.. ثمّ عن إطار للإطار ! ثم الى التمديد لنهاية العام.. ويبدو انهم يريدوننا ان نستمر في المفاوضات الى ما لا نهاية... (واصبر يا حمار تا يجيلك العليق )!
لكن قيادتنا وعت الدرس مبكراً ! نعم بعد عشرين عاماً.. ولكن ان تكون صاحياً خير من ان تكون مضروبا على دماغك.
الوضع من حولنا ليس سهلاً.
الكل فيه يتخبط.. والكل مشغول بمشاكله، والاحتلال يستغل الاوضاع.. فهذه فرصته ليتشدّد ويماطل بل ويتوعد.
فهل ننتظر ما سيجود به علينا كيري وما تمليه علينا خطته ؟! وكما يقال.. المكتوب واضح من عنوانه. فلم يعد شيء مخفياً علينا. كان هناك (جنيف) للمشكلة الدولية مع ايران.. والآن (جنيف) اخرى بالنسبة لسوريا.. فلمَ لا يكون لنا – نحن الفلسطينين..جنيفنا ؟! اعتقد ان خطوة الاخ ابو مازن الى موسكو هي خطوة موفقة.
فالاتحاد الروسي له وزنه العالمي حالياً.. ويحسب حسابه، وعادت موسكو لتتبوأ موقعها على الخارطة السياسية العالمية، فلم تعد الولايات المتحدة الاميركية هي المهيمنة على مقدرات النظام الدولي ولم تعد وحيدة القرن في هذا العالم والمنفردة فيما يرسم له.. ابو مازن خطا خطوة في الاتجاه الصحيح اعتقد انها ستربك المحتل الصهيوني كما تربك كيري.
المهم الاستمرار في هذا النهج، ما يعطى المعنوية العالية لجماهير شعبنا الفلسطيني اننا لسنا وحدنا في مواجهة التعنت الاميركي – الاسرائيلي.. وعلينا ان نصبر في مواجهة التحديات القادمة وهي صعبة ومريرة ونتحرك لمواجهة المحتلين حتى نجبرهم على الانسحاب من أرضنا ومائنا وهوائنا وسمائنا ولن تخذلنا امتنا.. ولن يخذلنا احرار العالم الذي اصبح، اكثر من اي وقت آخر، يتفهّم قضيتنا ويدعمنا في المحافل الدولية.
والنصر دائما حليف الشعوب المناضلة.
أبو مازن بميدان معركة العقل
بقلم: موفق مطر – الحياة
لا نحتاج الى أدلة لاثبات جدية التهديدات الاسرائيلية لحياة الرئيس ابو مازن, فنظرة الى ضريح الزعيم الشهيد ياسر عرفات, ستجعل أي متردد مقتنعا أنهم لا يستهدفون حياة الرئيس ابو مازن الشخصية وحسب, بل روح ابو مازن الوطنية ومنهجه وانجازاته كقائد لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني المنتخب, اذ ليس عبثا جهر قادة المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني بتقديراتهم وأحكامهم حول خطورة الفلسطيني محمود عباس على مشروع اسرائيل المدفوع بقوة شرعنة الاحتلال والاستيطان, وتحويل الدين أو الطائفة الى قومية ودولة.
يدرك قادة دولة الاحتلال أن اعتراف حوالي 140 دولة بفلسطين كدولة, وبحق شعب فلسطين بهذا الجزء من أرضه التاريخية لتقوم دولته عليها, هي بداية انكفاء المشروع الاحتلالي الاستيطاني الصهيوني, أو على الأقل وقوفه عند شارات الحدود الجغرافية التي كانت قائمة حتى الرابع من حزيران من العام 1967، فالأرض بالنسبة للمشروع الصهيوني ركيزة لتبرير الرواية النظرية, ولتثبيت دعائم «الدولة اليهودية», او «دولة اليهود» ولتوفير مقومات الحياة لتمدد حدود الدولة, فالأرض ليست لتأمين الموارد, وضمان الأمن وحسب, بل لبث الحياة بالمشروع الصهيوني من حيث السعة والنوع, وعلاقتها بالثقافة والمعتقدات الدينية السائدة لدى شعوب المنطقة, فالاستيطان عماد « الدولة اليهودية « والمستوطنون يحتاجون لأراض ذات موارد لاستيعابهم تمهيدا لتهويدها ثقافيا وسياسيا, وضمها قانونيا ونيل اعتراف العالم بها – ان استطاعوا - ضمن حدود دولة اسرائيل الهلامية حتى الآن !!.
استخلص قادة الاحتلال أن منهج ابو مازن السياسي يقوم على استراتيجية الحفاظ على عناصر الهوية الوطنية الفلسطينية, وتعزيز مقومات ديمومتها, بأشكال حضارية سلمية لعنفية, تلقى قبولا وحضورا لدى شعوب الدول والحكومات التي لطالما اعتمدت اسرائيل على تأييدها ودعمها, فأبو مازن يهتم بحياة الانسان الفلسطيني, وليس معنيا بالخطاب الانفعالي المفتوح الى ساحات الموت العبثي, فحكومة اسرائيل ضمنت الغلبة والتفوق بالخبرة والتجارب العملية – بالحروب والعمليات النوعية - لسلاح جيشها المتطور على كل من يفكر بمحاربتها بالسلاح, لكنهم من الصعب التفوق على عقل وطني فلسطيني, معزز بثقافة الحياة والأمل بالمستقبل, وارادة المؤمن بحقوقه, ومبدع لأساليب انسانية عصرية لمخاطبة العالم, فالانتصار للحق بالعقل امضى واقوى وأقوم من السلاح – فكل اسلحة العالم لن تضمن لاسرائيل حقا تغتصبه من ارض دولة فلسطين بعد اعتراف العالم ذاته بحدود هذه الدولة, ولا تكفل لها شرعنة اجراء عنصري ضد المواطنين الفلسطينيين, او تعفيها من جريمة حرب او ضد الانسانية فالأسلحة تخط كتبها نيرانا ودمارا ودخانا وغبارا في ميادين المعارك والحروب, لكنها لا تخط في الذاكرة الانسانية حقوقا تاريخية وثقافة السلام.
لا تحتمل الحالة الفلسطينية قراءة انفعالية, شخصانية, فئوية, عصبوية, حزبية, وفصائلية ضيقة لسياسة الرئيس ومنهجه, لكنها تحتمل اكثر مما نتصور حوارا وطنيا صادقا معمقا, لتطوير ودعم تمسك الرئيس بثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه, فالقائد التاريخي هو من يقتله خصومه بالسلاح لخسرانهم معركة العقل ضده !.