Haneen
2014-12-18, 11:19 AM
تحريض سافر واستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
حول اسعار الادوية في السوق الفلسطيني؟
بقلم: الدكتورعقل أبو قرع – القدس
من يفاوض من في "جنيف 2"؟!
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
معادلة.. "الخلل الاخلاقي" !!
بقلم: حمدي فراج – القدس
بين كيري وقدسنا بندقية
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
تحذيرات كيري .... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
كيري.. وتبادلية "التعويضات" ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
كيري بين أوهام الأمن.. ورشوة التعويضات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
على أبواب مواجهة مشروع كيري
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
هل يمكن أن "نلاعب" إسرائيل لعبة الأرقام ذاتها..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
مجانين بيت لحم .. مجانين الوطن
بقلم: عادل الأسطة – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
تغريدة الصباح – شوال بصل
بقلم: حنان باكير – الحياة
ما يُمليه علينا الواقع
بقلم: عدلي صادق – الحياة
الدولة الواحدة ردا على نتنياهو
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
المخيم على حافة الانفجار
بقلم: بهاء رحال – الحياة
"ملح الأرض " المسيح يقاوم في " الأغوار "
بقلم: موفق مطر – الحياة
تحريض سافر واستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
تواصل الحكومة اليمينية الاسرائيلية حملة تحريض سافرة ضد الرئيس محمود عباس وضد الشعب الفلسيني باطلاق مزاعم وافتراءات باطلة من قبل اقطابها بدءا من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه موشيه يعلون ووصولا الى وزراء وقادة احزاب في ائتلافه المتطرف اضافة الى اعضاء كنيست في محاولة لقلب الحقائق وخلط الاوراق والتهرب من استحقاقات ايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية بسد الطريق امام جهود السلام التي يقودها وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الذي لم ينج هو الآخر من التحريض ووصفه بالهلوسة واللاسامية لا لشيء سوى انه يريد عرض مقترحات لاتفاق اطار لا تنسجم واطماع الاحتلال والتوسع والاستيطان التي تجسدها هذه الحكومة الاسرائيلية.
هذه الغطرسة الاسرائيلية وهذه الأفترادات الكاذبة وتصوير الفلسطينيين على انهم وحوش آدمية وتصوير الدولة الفلسطينية العتيدة بالخطر الذي سيتهدد اسرائيل ومستوطنيها وتصوير الرئيس عباس على انه لا يمكن ان يكون شريكا في صنع السلام ..الخ من المزاعم يطلقها عتاة المتطرفين من حزب الليكود الحاكم وشركائه في الأتلاف ويطلقها قائد المؤسسة العسكرية الاسرائيلية يعلون واعضاء كنيست، يمثلون جميعا الاحتلال غير المشروع بكل بشاعته والاستيطان غير المشروع ويقفون موقفا مناهضا للسلام وللقانون الدولي ولهذا الاجماع العالمي المؤيد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو ما يعني أننا امام قيادة اسرائيلية لا توجد في موقع اخلاقي يتيح لها توجيه النقد للآخرين بل هي في الدرك الاسفل من مناهضة الشرعية الدولية وحقوق الانسان وتنتمي الى عقلية الاحتلال والتوسع على حساب الآخرين.
إن ما يجب ان يقال هنا لنتانياهو وشريكه نفتالي بينيت زعيم الحزب المتطرف "البيت اليهودي" وليعلون وغيرهم، أن القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ليسا بحاجة الى شهاداتهم الباطلة بعد ان بانت اسرائيل بقياتهم معزولة على الساحة الدولية بعد ان فشلتا في احباط الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال وبعد ان توالت حملات المقاطعة للشركات والمؤسسات الاسرائيلية في اوروبا واميركا وبعد ان ادان المجتمع الدولي بأسره ممارسات الاحتلال خاصة الاستيطان. وبعد ان شهد العالم اجمع بما في ذلك اميركا حليفة اسرائيل على مصداقية الموقف الفلسطيني وجدية القيادة الفلسطينية في صنع السلام.
واذا اعتقد كل هؤلاء ان غوغائيتهم هذه ولجوئهم لمزاعم الاتهام والتشويه ستحرف الانظار عما يمارسونه من استيطان غير مشروع وتهويد وما تنفذونه من سياسة تمييز عنصري فإنهم يخطئون خطأ جسيما ويكفي ان يتذكروا التحزيرات التي يطلقها بعض رجال الفكر في اسرائيل وبعض اصدقائهم في العالم من العزلة الدولية ومن الثمن الباهظ الذي ستدفعه اسرائيل اذا واصلت هذا النهج، كي يدركوا تماما مدى جسامة المواقف والممارسات التي يتبنونها.
والغريب العجيب ان توجه اسرائيل هذه المرة سهامها ايضا الى ولي نعمتها الولايات المتحدة الاميركية التي باتت تدرك مخاطر استمرار غض الطرف عما ترتكبه اسرائيل وعما تتبناه من مواقف فتحاول عبر جهود السلام إقامة نوع من التوازن رغم ان مواقفها لم ترتق بعد الى الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية ورغم ان وزير خارجية اسرائيل وصف "مقترحات" كيري بأنها الأفضل لاسرائيل.
لذلك نقول ان هذه الهستيريا الاسرائيلية وهذه الهلوسة وهذه اللاسامية الحقيقية التي يجسدها هذا النهج الاحتلالي الاسرائيلي ورموزه يجب ان تواجه بشكل جاد وصارم من قبل المجتمع الدولي ومن قبل الولايات المتحدة تحديدا، ومن غير المعقول ولا المقبول ان تتواصل المفاوضات فيما ترتكب اسرائيل هذا الكم الهائل من الانتهاكات والتحريض السافر في الوقت الذي يجب ان تحاسب فيه وتعاقب على انتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وفي الوقت الذي يدرك فيه العالم اجمع ان دعاة تكريس الاحتلال والاستيطان وانتهاك حقوق الانسان وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة ليسوا في موقع اخلاقي يتيح لهم كل هذه الغطرسة، بل الأجدر بهم ان يصمتوا وان يخضعوا لإرادة المجتمع الدولي.
حول اسعار الادوية في السوق الفلسطيني؟
بقلم: الدكتورعقل أبو قرع – القدس
اكثر من مرة، ذكر لي اصدقاء وزملاء من الصيادلة وغيرهم، وكذلك من المستهلكين، اي المرضى الذين يستهلكون ادوية، وكذلك من نشطاء في مجال حماية المستهلك، ان اسعار ادوية محلية، اي ادوية يتم انتاجها من خلال الصناعة الدوائية الفلسطينية، تفوق اسعار الادوية المشابهة الاجنبية، اي الادوية التي يتم استيرادهـا، سواء اكانت لشركات اجنبية عالمية او لشركات اسرائيلية.
وقبل ايام زرت اكثر من صيدلية، ولاحظت ان ذلك صحيح، ولنأخذ على سبيل المثال، احد الادوية الذي يتم تعاطية من قبل الاشخاص الذين يعانون من مرض الضغط المرتفع، وعند مقارنة حبة الدواء التي تنتجها شركة عالمية معروفة، مع تلك التي تنتجها شركة ادوية محلية فلسطينية، تحوي نفس الكمية او الجرعة ونفس التركيبة الكيميائية من المادة الفعالة، وجدنا ان سعر الدواء المحلي اي الوطني يزيد ضعفين ونصف عن نفس الدواءالاجنبي، وبالتحديد فان ثمن 10 حبات من الدواء الاجنبي يبلغ 4 شواكل، بينما يبلغ ثمن ال 10 حبات من الدواء المحلي 10 شواكل؟ وبالطبع هذا فرق كبير، وما ينطبق على هذا الدواء بالتحديد يمكن ان ينطبق على ادوية اخرى.
وفي الواقع، لم نستطع ايجاد تفسير لذلك، حيث ان المادة الفعالة من حيث الكمية والنوعية هي نفسها، وتكاليف الانتاج من المتوقع ان تكون اكثر عند المنتج الاجنبي، والدواء المحلي اسوة ببقية الادوية التي يتم انتاجها في بلادنا عبارة عن ادوية " تحويلية"، اي ان الدواء او المادة الفعالة موجودة في ادوية ومنذ فترة في الاسواق العالمية وتحت اسماء مختلفة، ولكن يقوم المصنع الفلسطيني بأستيرادها وانتاجها على شكل دواء يحمل اسما خاصا بالمصنع، اي انة لا يقوم بأبتكارها او تطويرها او بالاحرى لا يملك حق الاختراع وبالتالي ملكيتها ومن ثم يستطيع التحكم ببيعها بسعر مرتفع كما تعمل شركات الادوية العالمية حين تبتكر ومن ثم تسوق ادوية جديدة خاصة بها.
وهذا المثال المحدد عن الفرق الكبير بين اسعار الادوية المحلية والادوية الاجنبية المشابهة لا يمكن ان يصب في صالح منتج وطني، يسعى الجميع، سواء اكان جهات رسمية او اهلية الى دعمة وتشجيع المستهلك الفلسطيني للاقبال علية، خاصة في ظل الاعتقاد الراسخ والمتوارث بأن الدواء او المنتج الاجنبي هو الافضل او الامن او الاكثر فعالية او جودة، ومع وجود ادوية اخرى يزيد فيها سعر الدواء المحلي عن سعر الدواء الاجنبي المشابهة لة، فأن المستهلك او المريض الفلسطيني، اذا كان واعيا ويسأل عن خيارات، سوف يشتري الدواء الاجنبي، الذي يعتقد انه اكثر جودة وفي هذه الحالة الارخص سعرا، وما لذلك من تداعيات سلبية على الدواء المحلي، في الوقت الحاضر او في المدى البعيد.
ومن خلال خبرتي في التعامل مع فحوصات الادوية المحلية والاجنبية، ولسنوات عديدة، سواء محليا او عالميا، معروف ان الصناعة الدوائية الفسطينية تمتاز بالجودة والمواصفات التي تمتاز بها الادوية الاجنبية، وبأنها تطورت وتتطور وتقدمت على مر السنين، ومعروف ان الصناعة الدوائية الفلسطينية تغطي حوالي 50% من القيمة السوقية للادوية في فلسطين، ويبلغ حجم الاستثمارات فيها حوالي 60 مليون دولار امريكي، وتقوم بتشغيل حوالي 1000 موظف، وبالتالي من الممكن ان تتطور اكثر لتغطية اوسع من الحاجة المحلية في السوق، ومن اهم عوامل او دعائم تطورها هو ثقة المستهلك الفلسطيني بالدواء المحلي، ولبناء الثقة، وبالاضافة الى الجودة والسلامة والفعالية للدواء، من المفترض عدم رفع الاسعار او الاثقال على المستهلك بالسعر، خاصة حين يتوفر له بديل اجنبي وبسعر اقل.
وبعيدا عن المقارنة بين سعر الدواء المحلي والاجنبي، فقد تم قبل حوالي اسبوعين، اي في منتصف شهر كانون الثاني هذا العام، بدء سريان قرار وزارة الصحة بتفعيل قانون مراقبة اسعار الادوية في الاسواق الفلسطينية، وبالتالي العمل بأن لا تكون اسعار الادوية وبالاخص الاجنبي منها يفوق اسعار نفس الادوية في الدول المجاورة لنا وبالتحديد الاردن واسرائيل، ورغم الضجة الاعلامية التي رافقت ذلك، فالسؤال عند المريض او المستهلك الفلسطيني هو هل تم او يتم تطبيق ذلك عمليا، وهل تم اعلام الصيدليات اي اماكن بيع الادوية بذلك، وهل هناك رقابة حقيقية ومتابعة لتطبيق هذا القرار، واذا لا فما هي الفائدة من القرار؟
ولتطبيق هذا القرار، من المفترض تضافر الجهود، والاهم توعية اواشراك المستهلك في ذلك، وبأن يكون هناك دور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني في تطبيق هذا القرار، حيث وانه حسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية يوجد اكثر من 140 من الادوية في السوق الفلسطينية تزيد اسعارها عن مثيلاتها في الاردن او اسرائيل بفارق قد يصل الى حوالي 100 شيكل، وبالتالي فأن تطبيق القرار عمليا من المفترض ان يحدث فرقا كبيرا، خاصة عند المريض الفلسطيني الذي احتاج ويحتاج ادوية منذ سنوات وربما لسنوات قادمة.
والمستهلك الفلسطيني، اسوة بالمستهلكين في العالم، وكما يلعب دورا هاما في الابلاغ عن التلاعب باسعار منتجات من اغذية وغيرها، من المفترض ان يلعب دورا في مقاومة ارتفاع الاسعار الادوية لانه هو الذي يتعامل مباشرة مع الطبيب ومع الصيدلي ومن ثم يحصل على الدواء، وبناء عليه من المفترض ان يتم بناء قنوات تواصل بين المستهلك والجهات الرسمية لابلاغها في حال ملاحظة ارتفاع السعر او عدم صلاحية الدواء، وكذلك بأن يكون للمستهلك دورا في الحد من ظاهرة الادوية الفاسدة، وذلك من خلال الانتباة لامور تتعلق بسلامة او فعالية الدواء الذي يتناولة، واذا ما كان هناك اية مضاعفات غير طبيعية، يجب الابلاغ عنها الى الجهات المسؤولة، او حتى من خلال ملاحظة شكل الدواء، اواللون، ومدى صلابة حبة الدواء، والطعم، وبالطبع النظر وقبل اخذ الدواء الى تاريخ الصلاحية وشروط التخزين، ولكي يلعب المستهلك هذا الدور من المفترض ان يعرف الى من يتجة وكيف يتواصل او يتعامل مع الجهات ذات العلاقة، سواء اكانت رسمية او اهلية، وهذه الجهات تتحمل مسؤولية اعلام المريض او المستهلك بذلك.
من يفاوض من في "جنيف 2"؟!
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
لم نأخذ على محمل الجد، حكاية "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري"، فالائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، أخفق في توفير مظلة جامعة للمعارضات السورية على تعددها، ووفده إلى جنيف 2" لا يمثل اكثر من 45 بالمائة من قوى الائتلاف، بعد أن انسحبت منه 67 شخصية سورية معارضة، بعضها لصراع على السلطة (44 عضو محسوبين على دولة خليجية صغيرة) وبعضها الآخر، لأسباب سياسية تتصل أساساً بالموقف من المؤتمر المذكور (23 عضواً) هم كامل حصة المجلس الوطني السوري المعارض، أما «إخوان سوريا» المسلمون، فقد تموضعوا في الخانتين، لهم حصة مع المقاطعين للمؤتمر ولهم حصة مع المشاركين فيه.
في المعلومات المتوافرة عن مجريات مونترو و"جنيف 2"، أن الوفد التفاوضي، كاد ينشق على نفسه حين غادره رئيسه أحمد الجربا، حول من سيقود وفد الائتلاف إلى المفاوضات قبالة وفد النظام، وكانت التسوية باختيار هادي البحرة رئيساً، وهو ما حدا بكل "كبار" الوفد السوري المفاوض للاستنكاف عن المشاركة في مفاوضات الغرفة الواحدة والغرفتين المنفصلتين تاركين رئاسة وفد الحكومة لسفير سوريا في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، وهو أمر أضعف من مستوى وسوية المحادثات.
وفي المعلومات أيضا أن السفير الأمريكي إلى سوريا روبرت فورد، وعددا من سفراء مجموعة "أصدقاء سوريا"، يتابعون عن كثب شؤون المفاوضات، ويتولون بأنفسهم إدارة الوفد السوري المعارض، بل ويتحكمون بقراراته وأولوياته، فبعد حديث الجربا عن مهمة المؤتمر الوحيدة: نقل السلطة، رأينا المفاوضات تنتقل إلى حمص والسجناء والمساعدات الإنسانية، بخلاف ما كان يرفضه الوفد، ودائماً بطلب من واشنطن وتوجيه من سفيرها، وكان حريٌ بهؤلاء أن يجلسوا على المائدة مباشرة قبالة وفد النظام، بدل إدارة المفاوضات من خلف ستار.
الائتلاف في الأصل، إطار مصطنع، أنشأته وتحكمت بموازين القوى في داخله، واتخذت قراراته نيابة عنه، حفنة من الدول المؤثر والوازنة عربياً وإقليمياً ودوليا: وهنا نتحدث بالحصر عن دولتين عربيتين اثنتين، ودولة إقليمية واحدة (تركيا) فضلاَ عن فرنسا والولايات المتحدة، ومن يدقق في أسماء أعضاء الائتلاف، وعمليات الصراع على هيئاته القيادية وانتخاباته الداخلية، يستطيع أن يلحظ حجم ووزن كل دولة من هذه الدول في تركيبة الائتلاف وآليات صنع القرار ورسم السياسة فيه.
وثمة طيف واسع من المعارضات السورية، لم يجلس على مائدة "جنيف 2"، وكثير من هذه المعارضات، له حجم ووزن وتمثيل، يعادل الائتلاف أو يزيد عنه، لكن الإرادة الإقليمية والدولية، تريد حصر تمثيل المعارضة بالائتلاف، للأسباب المعروفة، والتي تتجلى أساساً في سعيها لفرض نفوذها في النظام السياسي السوري الجديد، خدمة لأجندات إقليمية من جهة وطمعاً في مد النفوذ والسيطرة على مقدرات سوريا الظاهرة والكامنة من جهة ثانية.
والمضحك / المبكي، أن وفد عدم التمثيل والنفوذ والصلاحيات، مطلوب منه إتمام تسويات وترتيبات، تتصل بوقف إطلاق نار وهو لا يمتلك نفوذا على المقاتلين، وإطلاح سراح المعتقلين وليس لديه فكرة كافية عنهم، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وهو يتصرف بمنطق عدائي لسوريين تحت الحصار في عدة مناطق محسوبة على النظام من وجهة نظر الفريق المفاوض، والتأسيس لنظام سياسي يجمع السوريين جميعاً، وهو الأعجز عن حفظ مكوناته، دع عنك تمثيل بقية ألوان الطيف السوري المعارض، في تذكير لنا جميعاً بأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وبقليل من المصارحة نختتم، أن وفداً وائتلافاً يخضع لكل هذه التجاذبات والإملاءات، فاقد لقراره وإرادته، لا يمكن أن يكون مؤهلاً لقيادة سوريا، وصوغ مرحلة انتقال نحو ضفاف الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
معادلة.. "الخلل الاخلاقي" !!
بقلم: حمدي فراج – القدس
في تفاصيل الخلاف بين نتنياهو وبين وزير اقتصاده من على يمينه نفتالي بينت زعيم البيت اليهودي المتشدد ، يجدر بنا ان نقرأ الاسطر وما بين الأسطر ، فلقد عاب بانيت على نتنياهو تصريحاته بشأن ابقاء مستوطنين في الدولة الفلسطينية ، بعبارات كبيرة وقاسية تعكس جيدا شخصية كريهة من التاريخ الكريه ، مثل عبارة "نسلنا لن يصفح عن زعيم يسلم بلادنا ويقسم عاصمتنا" ، لاحظوا مفردة "نسلنا" .
نتنياهو ، الذي لم يعد زعيما غضا مثل بينيت ، فهو معروف في الاوساط السياسية ، وهو الذي خلف شارون في زعامة الليكود ، وتمكن من تفويز هذا الحزب عدة مرات حتى بعد ان عرضّه شارون للانشقاق وتفريخ حزب كاديما ، غضب غضبا شديدا من بينت وطالبه بالاعتذار العلني خلال ساعات ، للدرجة التي فوجيء بها مراقبون ان ينزل الوزير بينيت المعروف بمناصرته للمستوطنين وبالتحديد العتاة منهم ، بهذه السرعة ويقدم الاعتذار .
نتنياهو لم يغضب من تصريحات وزيره التي تسيء للشعب الفلسطيني قبل اي طرف آخر ، عندما قال : ان مستوطنيه سيتم سفك دمهم في ظل الدولة الفلسطينية . غضب نتنياهو كان لسبب آخر بعيد كل البعد عما ذكر وهو انه كان يريد بتصريحه ذاك ان يكشف كيف ان الفلسطينيين سيرفضون المقترح وبالتالي انهم يرفضون السلام . ولهذا جاء في بيان مكتبه ادانة تهور بينيت في "تعريض المصالح الوطنية للخطر بما يضر بالجهود الرامية إلى الكشف عن الوجه الحقيقي للسلطة الفلسطينية " ، وكأن السلام الموعود الذي نقف عند عتباته يتقدمنا وزير خارجية امريكا جون كيري بخطواته العريضة ومقاس قدمه الكبير ، يضعنا كفلسطينيين في مصب الهجمات بين المتنافسين الاسرائيليين ، فحين يرانا هذا قتلة وسفاحين ، يريد ذاك كشف وجهنا الحقيقي من ابقاء مستوطنين تحت حكمنا .
لم يعرف بينيت ، لا عبر ثقافة اجداده ، ولا عبر ما يمرره لنسله ، وفق تعبيره العنصري ، اننا شعب نحرص على الحياة اكثر من اي شيء آخر ، نقدسها لنا ولغيرنا ، وان العرق والجنس والدين هي مقومات لشعبنا وتنوعه على مدار تاريخه الطويل ، هل سأل بينيت نفسه كيف حافظنا على قبر جدته راحيل رغم كل ما قيل عن سلوكها ، حتى احتلال جيشه عام 1967 ، وبدلا من ان يشكرنا قام باقتلاع المنطقة بكاملها لكي يصادر القبر . ترى هل سيحافظ بينيت او نتنياهو او بيرس عليه اكثر مما حافظنا ، وهو بيريس ، الذي حين ادان تصريحات بينيت ادانها بدوره من باب انهم اقوياء "ما هذا الخوف الذي ينتابنا؟ سيقتلون يهود؟ اليوم؟ كان ينبغي أن يكون مثل هذا الخوف في العام 1948 عندما لم يكن بحوزتنا أي مدفع أو دبابة أو طائرة مقابل سبعة جيوش ؟" انتهى الاقتباس .
بين كيري وقدسنا بندقية
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
كثرت في الآونة الأخيرة التسريبات حول ما سيعرضه جون كيري على الفلسطينيين والإسرائيليين وما أصبح يعرف بخطة "كيري" لحل النزاع. آخر هذه التفاصيل ورد بمقالة كتبها "توماس فريدمان" في النيويورك - تايمز وفيها استعرض، يوم الأربعاء الماضي، جوهر نقاط خطة كيري النهائية. ربما ستكون تفاصيل فريدمان الأقرب للحقيقة وربما لا، أمّا الواقع فسيتكشف في المستقبل البعيد القريب ومنه سنتعلم، مرّةً أخرى، أن ما عرض في النهاية على الفلسطينيين كخطة أمريكية ناجزة هي بالحقيقة "خطّة" كان قد اطّلع عليها الإسرائيليون كخربشة، فمسودّة، فوثيقة فجّة، فمقترح متكامل جاهز، ووضعوا عليها في كل تلك المراحل ملاحظاتهم وتحفظاتهم التي لم تقبل كلّها، مع أن الجانب الأمريكي عاملها بمراعاة قصوى وقدر كبير من الاحترام والتفهم.
من لا يقرّ بما طرأ من تغيير على علاقات أمريكا وإسرائيل منذ أيلول (2001) والعملية الإرهابية التي أسقطت البرجين التوأم وآلاف الضحايا الأمريكيين، لن يستطيع مجاراة وتفكيك طلاسم الديبلوماسية الأمريكية ودوافعها، خصوصًا فيما يتعلق بالشرق الأوسط. من سيختصر ويوقف دوافع أمريكا، بالرغم من أهمية الادعاء والتوصيف، على ذلك الحلف الخبيث بين الحركة الصهيونية المتنفّذة في المجتمع الأمريكي والممسكة بمفاصل حياته الاقتصادية والثقافية وبين تلك التيارات المسيحية المتصهينة، لن يهتدي إلى ما يسعفه من منافذ وحجج بواسطتها قد تصير أمريكا راعيًا صالحًا وليس كما هي عليه اليوم.
ما حدث كان انقلابًا صارخًا على ما ساد من مبادئ ومفاهيم تحكمت بكيفية التعاطي مع قضايا النزاع العربي الإسرائيلي وخصوصًا الفلسطيني. كانت القاعدة والفرضية تنصّان على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية هو مصدر جميع القلاقل وهو يؤدي إلى جميع أعمال العنف والإرهاب لما يسببه من مهانة تسبب الكراهية والغضب وهذه هي أم كل تداعيات العنف والقتال.
في عهد بوش وتحديدًا منذ العام 2002، انقلبت أمريكا على هذه المفاهيم حين تبنّت، بشكل واضح وقاطع، ما طرحته حكومة شارون وصرّحت به دومًا: "لا مفاوضات مع الإرهاب". شعار لم يرفع ولم يقبل حتى في زمن حكومة رابين وغيرها، فصار منذ ذلك العام مطلبًا أمريكيًا ومن ثم نال إجماع "الرباعية" وأكثر.
كانت هذه البدايات التي أنجبت "خريطة الطريق"، ولأول مرّة تم ربط أي تقدم باتجاه حل قضية فلسطين بوقف كل أعمال العنف والإرهاب، كما يعرفها الجانب الإسرائيلي والأمريكي كذلك. ثم جاء الشرط المستحدث الثاني الموجب تسيير أعمال السلطة الفلسطينية وفقًا لقواعد الحكم الرشيد والشفافية الأمريكية، وما عناه ويعنيه ذلك من توابع. لقد كان الأهم من هذا وذاك إلغاء حتمية جدولة كل خطة وبرنامج بأوقات وسقوف زمنية، فالتقدم من مرحلة إلى مرحلة لم يعد منوطًا بيوم، بشهر وبسنة، بل بإنجاز ما تقدم من شرط ومطلب، وكان تقييم الأداء الفلسطيني تعجيزيًا على الغالب.
إلى ذلك، فمن يتابع ما كتبه إسرائيليون واكبوا هذه الحقبة، وكانوا شركاء فاعلين يستطيع أن يستشف الكثير من الدروس والعبر التي قد تساعد على فهم ما يجري في هذه الأيام. فعلى الرغم من ارتياح شارون والقيادة الإسرائيلية للموقف الأمريكي الجديد، بدا لهم واضحًا أن الموافقة الإسرائيلية على خريطة الطريق الأمريكية، وعلى الرغم ممّا أتبعته الحكومة الإسرائيلية لها من تحفظات، تعني أيضًا الموافقة "الشارونية" على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. افترض كثيرون أن شارون وحكومته اليمينية وافقا على ذلك وكانوا على يقين أن استحقاق إقامة الدولة الفلسطينية سيبقى فرضية نظرية تائهة على طريق ضاعت خريطته، علمًا بأن "دوف فايسجلاس" وهو أقرب مساعديه في تلك التجربة، لا يجزم في كتابه الجديد عن شارون، بأن هذا هو الدافع السياسي الوحيد لموافقة شارون على حل الدولتين.
في جميع الأحوال، احترمت القيادة الفلسطينية، ممثلة في منظمة التحرير، ما وافقت عليه من التزامات وهكذا فعلت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، ثم جاء موقف حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" ومعها الفصائل الفاعلة في غزة والتزمت بدورها ولأسبابها بالتهدئة وإن كانت هذه على مراحل وتقطعات.
على هذه الخلفية وعلى إثر استشعار وتائر الخيبة والغضب الدفين في فلسطين وعلى ضوء ما يجري في العالم العربي، وهو عامل كان له كبير الأثر على مواقف أمريكا تجاه القضية الفلسطينية وتحديد مفهوم "ألمصالح الأمريكية في المنطقة"، جاءت تحركات كيري ومبادرته.
لست في معرض تبرير أي سياسة أو نهج فلسطيني رسمي أو غياب نهج أخر، فأنا أعيش بين شعبي وأتابع ما يجري حولي في الدول الشقيقة و"الحبيبة" وأقرأ بين سطور ما يتيحه هامش النشر الإسرائيلي، ومن كل هذا أتعلم وأعبر هنا عن وجهة نظر قابلة للنقاش، فما سرّبه توماس فريدمان وما رشح من قبل، لا يفي بما اصطلح على تسميته بالثوابت الفلسطينية ولكن إذا كان الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة بحدود حزيران 67وإذا عاد الأمريكيون إلى نظام الجدولة الزمنية والمقاييس ولاستحقاقات حسبها الإسرائيليون أنها ستبقى رابعة لمستحيلات ثلاثة فهل سيصبح ما أعلنه نتنياهو مؤخرًا عن عدم ضرورة موافقة إسرائيل على كل ما يطرحه الجانب الأمريكي "ضغث" يضاف الى "إبّالة" وزير الدفاع يعلون الذي وصف كيري ب"المهلوس الاستحواذي الحالم المسيحاني"؟ أما هكذا يبرعم طلاق حتى في أحسن العائلات؟ مجرد فكرة أو أمل!
تحذيرات كيري .... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي في دافوس يوم الجمعة قبل الماضية تحدث وزير الخارجية الأميركي مطولا عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث حذر من أنه إذا أخفقت محاولاته الرامية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تحافظ على مستقبلها كدولة ديمقراطية ويهودية، وشدد على أن الوضع لا يمكن أن يستمر للأبد، وفي الوقت ذاته وجه كيري تحذيرا للفلسطينيين بأنهم يجازفون بفرصتهم الأخيرة للحصول على الدولة المستقلة.
والواقع أن كيري أصاب في تحذيره للإسرائيليين وفي الوقت عينه جانبه الصواب في توجيه التحذير للجانب الفلسطيني، وذلك لأن كيري يعلم من هو الجانب الذي يعرقل سير المفاوضات ويحول دون وصولها الى محطتها الرئيسية التي تتمثل في انسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، ومن ثم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي الفلسطينية، وهو إذ يساوي في تحذيره بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجافي الحقيقة ويظلم الجانب المظلوم.
إن الوزير كيري والعالم كله يعرف أن القيادة الفلسطينية صادقة كل الصدق في توجهها نحو تحقيق سلام عادل وشامل ينهي الصراع ويفتح صفحة جديدة من الأمن والأمان. والرئيس محمود عباس أكد منذ اللحظة الأولى لتسلمه السلطة أن الفلسطينيين قيادة وشعبا اختاروا السلام خياراً استراتيجيا، وأنهم يسعون صادقين الى تحقيقه بالوسائل السلمية البعيدة كل البعد عن العنف والقتل وسفك الدماء. ومن هذا المنطلق فإن الرئيس عباس استجاب لكل المبادرات خاصة الأميركية منها الساعية إلى تحقيق السلام، ولذلك دخل في مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وقد تم التوصل الى تفاهمات كبيرة في هذا المجال مع حكومة إيهود أولمرت السابقة، ولكن ما أن تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية خلفاً لأولمرت حتى ألغى كل تلك التفاهمات وأصر على العودة إلى المربع الأول وإلى نقطة الصفر، واتخذ من المفاوضات سبيلا لمواصلة سياسة حكومته حيث اختار الإستيطان والتوسع على تحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني.
وفي سبيل التهرب من التزامات الحكومات الإسرائيلية السابقة تجاه عملية السلام فإن رئيس الوزراء بيبي نتنياهو يضع شروطا تعجيزية أمام الجانب الفلسطيني وذلك سعيا منه لتأخير عملية السلام، من ذلك إصراره على اعتراف الجانب الفلسطيني بيهودية الدولة العبرية ورفضه الإعتراف بحدود الرابع من حزيران عام 1967، وإصراره على التواجد الإسرائيلي في منطقة الأغوار.
وفي الوقت عينه فإن نتنياهو يستغل المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لكسب الوقت وبناء المزيد من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، تنفيذاً لسياسة الأمر الواقع والتي تعد مناقضة لقرارات الشرعية الدولية التي ترفض سياسة الأمر الواقع، كما ترفض ضم أراضي الغير بالقوة. وقد أبدى الوزير كيري أكثر من مرة رفضه لسياسة الاستيطان وتساءل مستنكراً لماذا تبني إسرائيل مستوطنات في أراض ستكون جزءا من الدولة الفلسطينية؟
وقد نبه الوزير كيري في كلمته تلك أمام مؤتمر دافوس إسرائيل إلى أن استمرار الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر للأبد، وحذرها من "الديناميكية الديمغرافية" حيث أن إصرار إسرائيل على الاستمرار في السيطرة على الأراضي الفلسطينية ورفضها قيام الدولة الفلسطينية سيجعلها دولة ثنائية القومية، وخلال فترة وجيزة سيصبح العرب الفلسطينيون أكثرية في هذه الدولة وهذا ما يحذر منه العديد من القادة والزعماء الإسرائيليين وخاصة مسؤولين أمنيين سابقين.
وقد طرح الوزير كيري عدداً من المبادئ الأميركية لحل القضايا الجوهرية وتتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون دولة الفلسطينيين في أي مكان تواجدوا فيه وتكون مرجعا لكل الفلسطينيين في الوطن والشتات والمهجر، وفي ترتيبات أمنية إسرائيلية تجعل الدولة العبرية أكثر أمنا، والواقع أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لإسرائيل، لأن من شأن قيام تلك الدولة إنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من ستة عقود وإحلال عهد جديد من السلام العادل والشامل.
ومن المبادئ التي طرحها الوزير كيري أيضا لتحقيق السلام انسحاب اسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية وعلى مراحل، وحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والواقع أن مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت العربية في عام 2002 تعرضت لهذه المشكلة ووضعت الحل المناسب لها، كما أن الرئيس محمود عباس في خطاب له مؤخرا تعرض الى هذه القضية قضية اللاجئين، وقال إن حق العودة حق شخصي فمن أراد ذلك فله الحق في ذلك، ومن أراد التعويض أو غيره فله ذلك.
أما مقترح الوزير كيري باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة العبرية، فهو أمر يرفضه الفلسطينيون بشدة لأنه يعني أولا طرد مئات الآلاف من أبناء شعبنا الذين بقوا في اسرائيل عام 1948، كما أنه يعني اسقاط حق العودة لمن يريده من اللاجئين الفلسطينيين.
إن ما يطالب به الجانب الفلسطيني لتحقيق السلام إنما يتناغم وينسجم مع قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن من حق أي شعب في العالم أن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على جوها وبرها وبحرها، وأن يحكم الشعب الفلسطيني نفسه بنفسه، وأن تكون له أرضه الخاصة به ووطنه الخاص الذي يقيم عليه دولته، إن مطالبة الجانب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في الأراضي الفلسطينية الموجودة قبل حرب حزيران عام 1967 أقرته الشرعية الدولية وخطة خريطة الطريق والمبادرة العربية ورؤية حل الدولتين الأميركية.
إن الشعب الفلسطيني يريد السلام الحقيقي العادل والشامل ويريد أن تكون القدس الشرقية عاصمته ولا يريد بديلا عنها، ولن يقبل أن تكون أبو ديس أو العيزرية أو شعفاط بديلا عنها بل هي جزء منها التي تشرف على البلدة القديمة وأحياء الطور وسلوان والعيسوية وجبل المكبر والسواحرة وحي الثوري والطور وشعفاط وبيت حنينا والضاحية. هذه هي التي يعترف بها العالم كما كانت قبل حرب الخامس من حزيران عام 1967.
فالقدس هي مفتاح السلام وستكون كما أكد الرئيس محمود عباس أكثر من مرة مدينة مفتوحة أمام الجميع يصلون إليها بحرية يؤدون شعائرهم الدينية في أماكنهم المقدسة بكل حرية وأريحية، وأنها لن تعود مدينة مقسمة تفصلها الأسوار والجدران كما كانت قبل الخامس من حزيران عام 1967.
وقد أكد الوزير كيري في كلمته أمام مؤتمر دافوس الاقتصادي أن السلام مع الفلسطينيين سيجعل إسرائيل قوية، وقد أصاب في ذلك كبد الحقيقة لأن السلام مع الفلسطينيين سيفتح أبواب العواصم العربية والإسلامية أمام إسرائيل، كما أوضحت مبادرة السلام العربية التي قالت أنه في حال تحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن الدول العربية والاسلامية مجتمعة ستنهي حالة العداء مع إسرائيل وستقوم بتطبيع علاقاتها معها، وستفتح لها سفارات في عواصم تلك الدول.
أن السيطرة على أراضي الغير لا يحقق الأمن لإسرائيل خاصة وأن التكنولوجيا الحديثة كما قال الوزير كيري في خطابه يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحقيق الأمن لإسرائيل، وقد أكد عدد من القادة العسكريين الإسرائيليين والأمنيين السابقين أنه في عصر الصواريخ البعيدة المدى لم يعد هناك أهمية لاستمرار إسرائيل في السيطرة على أراض فلسطينية، كما أنهم أعلنوا أن إسرائيل يمكنها التخلي عن منطقة الأغوار دون أن يشكل ذلك تهديداً لأمنها. وأكد الوزير كيري أنه من خلال التنسيق مع الجانب الأردني يمكن أن يقيم الفلسطينيون والإسرائيليون أكثر حدود آمنة في العالم.
وقد أثبتت السلطة الفلسطينية منذ أن تسلم الرئيس عباس رئاستها أنها قادرة كل القدرة على ضبط الأمن ومنع أية محاولة من أي جهة لتعكيرصفو هذا الأمن، بحيث غدت أراضي السلطة الفلسطينية من أكثر المناطق العربية أمانا في كافة الدول العربية، حيث نرى أن الكثير من الدول العربية تشهد حالة من عدم الإستقرار الأمني وعمليات إرهابية، بينما الأرض الفلسطينية لا تشهد شيئا من ذلك.
إن على الوزير كيري أن يترجم تحذيراته إلى الجانب الإسرائيلي على أرض الواقع وأن يضغط على الحكومة الاسرائيلية لتقوم بالوفاء بما التزمت به الحكومات التي سبقتها منذ عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين الذي وقع مع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993 والذي نص على أنه خلال خمسة أعوام سيتم بحث قضايا الحل النهائي، ولكن اغتيال متطرف إسرائيلي يميني لرابين عرقل هذه المسيرة. كما أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت توصل مع القيادة الفلسطينية إلى تفاهمات كبيرة حول تحقيق السلام وخاصة حول القضايا الجوهرية. ولو سار نتنياهو على خطى أولمرت والتزم بتلك التفاهمات لأمكن تحقيق تقدم عريض في طريق تحقيق السلام.
إن الجانب الأميركي يستطيع إن أراد أن يلزم الحكومة الإسرائيلية بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه عملية السلام. وقد ثبت أن تلك الحكومة لا تستطيع معاندة الجانب الأميركي. فعندما هاجم وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعلون مؤخرا خطة كيري للسلام ووصفها بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وبخه كيري وأرغم نتنياهو وزيره يعلون على الإعتذار لكيري، وقد فعل.
إن تحذيرات كيري يجب أن تجد آذانا صاغية لدى الجانب الإسرائيلي المسؤول الأول عن تأخرعملية السلام. والعالم كله يؤيد جهود كيري لتحقيق السلام.وقد أكدت مصادر دبلوماسية غربية مؤخرا أن الأسابيع القادمة ستشهد جولات لقيادات غربية بهدف دعم جهود كيري لتحقيق السلام، من ذلك ان رئيسة وزراء ألمانيا انجيلا ميركل ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كميرون سيزوران المنطقة لدعم جهود كيري لتحقيق السلام. ونأمل أن يشكل ذلك دفعة قوية لتحقيق هذا السلام المنشود.
كيري.. وتبادلية "التعويضات" ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
لحكمة ما، أو مصادفة ما، هناك الصلوات الخمس للمسلم المؤمن. لحكمة ما، مصادفة ما، هناك في كفّ الإنسان خمس أصابع. وهناك لغير المصادفة خمس قضايا للحل النهائي الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. لكن، لخلل جيني ما، قد يكون لكفّ أو قدم إنسان ما ست أصابع.
هل جديد أفكار كيري، بلسان مارتن انديك، هو الاصبع السادس للحل النهائي العربي ـ الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أو هو "تجسير" لتفسير قرار الجمعية العامة 194 لعام 1948 بخصوص اللاجئين الفلسطينيين، الذي تحدّث عن حق العودة و/أو التعويض؟
على ما يبدو، صارت في خطة/ أفكار كيري ثلاثة عناصر لصالح إسرائيل: يهودية الدولية، سيطرة أمنية على الأغوار، وهذا الجديد: تعويضات للعرب اليهود الذين هاجروا لإسرائيل.
يمكن أن نقول إن هناك ثلاثة عناصر مقابلة تستجيب، جزئياً، المطالب الفلسطينية: التبادلية الأرضية، تسوية على أساس خطوط 1967، وعاصمة فلسطينية ما على حواشي القدس العتيقة (أبو ديس، بيت حنينا، شعفاط).
كان السيد كلينتون قد اقترح خمس سبل لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين: عودة محدودة لإسرائيل، عودة حرة إلى دولة فلسطين، التجنّس بجنسية دول اللجوء، التعويض.. والهجرة إلى بلد آخر.
بعد تبادلية الأراضي (نحن نقول بالمساحة والمثل؛ وإسرائيل تقول: بالقيمة فقط) طُرحت الفكرة الإسرائيلية لتبادلية تعويضات أخرى: بين لاجئي النكبة الفلسطينية، والنازحين العرب اليهود إلى إسرائيل؟!
صحيح، أخلاقياً، القول: ألمان نكبوا يهوداً، فما دخل الفلسطينيين (على غرار قول بيغن: أغراب عرب قتلوا فلسطينيين (في صبرا وشاتيلا) فما دخل اليهود!
هل صحيح، قانونياً وأخلاقياً، القول: نظم عربية اضطهدت يهودها العرب. فما ذنب الفلسطينيين، لتتم المقايضة والتبادلية بين نكبة وهجرة؟
الحقيقة هي (بشهادة شلومو هيليل، وزير البوليس الإسرائيلي الاسبق) أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعمّدت تفجير قنابل في المعابد اليهودية (وبخاصة في العراق، لدفع يهوده إلى الهجرة، وأن الهجرة العربية اليهودية إلى ما صار إسرائيل مقدّرة بـ 800 ألف، أي ما يعادل عدد اللاجئين الفلسطينيين؛ وأن هذه الهجرة نشلت دولة إسرائيل من الفشل، كما نشلتها الهجرة اليهودية الروسية أواخر ثمانينات وأوائل تسعينات القرن المنصرم.
.. وأيضاً، نشلتها من الإفلاس التعويضات الألمانية بالمال والسلاح، وفق اتفاقية المستشار الألماني كونراد اديناور 1959 ورئيس الوزراء الاسرائيلي بن غوريون، والمقدّرة بـ 130 مليار دولار (ولاحقاً تعويضات فردية للناجين من النازية بشكل شهري حتى نهاية أعمارهم).
ذهب "جمل" التعويضات الألمانية لخزينة دولة إسرائيل، و"أذن الجمل" للمتضررين الأحياء من "المحرقة ـ الهولوكوست".
وكالة "الأونروا" مثل كابوس أخلاقي لإسرائيل، لأنها الوحيدة التي تعمل منذ تأسيسها، وتدعي إسرائيل أن اللاجئين الحقيقيين هم ضحايا النكبة المباشرون (أي من فوق أعمار 66 سنة) وأن ذراريهم ليسوا كذلك.
لا بد أن مارتن انديك اعتمد التقديرات الإسرائيلية البالغة 300 مليار دولار تعويضات للنازحين العرب اليهود إلى إسرائيل، وهذا بأسعار اليوم، وأن تعويضات اللاجئين الفلسطينيين تقارب هذا (لن يعود اللاجئون إلى حيفا الحبيبة، وسيبقى يهود في مستوطنات الضفة)؟
أجبر التحالف ضد العراق هذه الدولة على دفع تعويضات إلى الكويت، وأيضاً تعويضات لمتضررين فرديين آخرين تحت بند "نفط مقابل غذاء".. فمن سيدفع التعويضات العربية لليهود العرب؟
إن دول اللجوء العربية للفلسطينيين لا طاقة لها مادياً على دفع تعويضات، عدا الخراب والدمار في معظمها، بحيث أن تكاليف إعادة إعمار سورية تزيد على حجم التعويضات العربية لليهود العرب النازحين لإسرائيل، ومن جهة أخرى، فإن الدول المضيفة للاجئين تطالب بحصتها من التعويضات لهم، مع أنهم حرّكوا اقتصادها، وتولّت "الأونروا" إغاثتهم، حتى شبّت ذراريهم وصارت رفداً لاقتصاديات الدول المضيفة.
هناك شيء عن الاقتصاد الأسود، أو تبييض وغسل الأموال، ويبدو أن إسرائيل ستضيف إلى جيبها تعويضات عربية (دول الخليج مثلاً) وتقوم بالتعويض على اللاجئين الفلسطينيين، دون أن تتكبد شيئاً.. ومع شعار (لا لاجئ يعود).
المسألة معقّدة، عملياً وقانونياً ومتطاولة زمنياً، بحيث أن "صندوق التعويضات" المتبادلة المقترح لاحقاً سوف يتطاول زمنياً بعمر النكبة تقريباً. ماذا عن تعويض السلطة ورعاياها عن نهب المياه ومصادرات الأراضي؟.. هذا سؤال آخر.
كيري بين أوهام الأمن.. ورشوة التعويضات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
مئات من النشطاء الفلسطينيين تجمعوا بالقرب من ثكنة عسكرية إسرائيلية قديمة في غور الأردن، يحملون أعلام فلسطين ويجمعون بقايا جذوع النخيل، في تظاهرة حاشدة لإثبات ما ليس بحاجة إلى إثبات، أن غور الأردن على الجانب الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ويأتي هذا النشاط في الوقت الذي تبحث فيه ما يسمى بـ "الرباعية الدولية" كيفية دعم "خطة كيري" فيما يسمى باتفاق الاطار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إذ ان جوهر هذه الخطة، كما تم تسريبه، توافق حول مستقبل غور الأردن، حيث تم تسريب العديد من المشاريع التي انطوت عليها خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الدعم الدولي المحتمل لهذه الخطة، بادر النشطاء في غور الأردن بالرد عليها، دعماً للموقف الرسمي الفلسطيني الرافض لوجود أية قوات إسرائيلية في هذه المنطقة، في ظل أي اتفاق محتمل، وبإمكان الجانب الفلسطيني استثمار هذه التظاهرة للرد على الضغوط الأميركية الهادفة إلى التأثير على الموقف الرسمي الفلسطيني، باعتبار أن أي اتفاق محتمل في ظل الوجود العسكري الإسرائيلي، مهما كانت تبريراته، بالإيجار أو بعدم التدخل، مرفوض شعبياً وغير مقبول وغير ممكن حتى لو أراد الجانب الرسمي الفلسطيني ذلك.
ومع أن هناك اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة، فلسطين وإسرائيل والولايات المتحدة، على أن المفاوضات سرية، إلاّ أن العديد من التسريبات ـ المتعمدة في الغالب ـ يتم نشرها سواء في وسائل الإعلام الأميركية أو الإسرائيلية، في حين أن الجانب الفلسطيني ما زال يشير إلى أنه لم يتسلم أي مبادرة أو خطة أو مشروع، بشكل رسمي، مع أن بعض المسؤولين الفلسطينيين يعلقون بين وقت وآخر على هذه التسريبات، ما يشير إلى أن هذه الخطة قد تم تداولها أثناء اجتماعات جون كيري مع الرئيس أبو مازن، وإن كانت عبر النقاشات وليس بالضرورة من خلال أوراق رسمية.
وآخر ما تم تسريبه، يتعلق بالتعويضات، وقيل إن اجتماع ميونيخ الذي على هامشه بدأت اللجنة الرباعية الدولية اجتماعاتها أمس، سيبحث بشأن ما تناولته خطة كيري حول تعويض العائلات اليهودية التي "اجبرت" على ترك البلاد العربية بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، بغية تحفيز المزيد من الإسرائيليين على دعم قيام دولة فلسطينية وفقاً لخطة كيري، علماً أن إسرائيل طالبت قبل عامين تقريباً الدول العربية بدفع 300 مليار دولار كتعويضات لليهود العرب، حسب ادعاء ما يسمى بإدارة أملاك الدولة التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية والتي أشارت إلى أن هناك 850 ألف يهودي يستحقون هذه التعويضات!
لم تطرح هذه المسألة بشكل جدي، وكجزء من خطة كيري، إلاّ في الأيام القليلة الماضية، وضمن تسريبات عن المبعوث الأميركي لعملية السلام مارتن انديك في حديث هاتفي مع رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، وهي تسريبات بالغة الأهمية والخطورة، خاصة أن انديك لم ينف مضمون ما تم تسريبه، خاصة فيما يتعلق باعتراف فلسطين بدولة إسرائيل كدولة يهودية بينما تعترف اسرائيل بدولة فلسطين على حدود 1967 بعد تبادل للأراضي، علماً أن فلسطين كانت قد اعترفت بدولة إسرائيل وفقاً لاتفاق أوسلو، بينما اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1994، والأمر ليس بحاجة إلى اعتراف جديد، إلاّ إذا كان ذلك سبباً لإفشال العملية التفاوضية.
خطورة ما تم تسريبه فيما لم تأت عليه هذه التسريبات، مستقبل مدينة القدس تحديداً، فالوثيقة المسربة عبر الهاتف، اكتفت بذكر "مبادئ عامة وطموحات الطرفين بشأنها" ما يشير إلى أن خطة كيري ما تزال تقف عند العديد من الملفات، وفي طليعتها مستقبل مدينة القدس، وبينما تدعو الوثيقة إلى أن الدولة الفلسطينية ستقام على الأراضي المحتلة عام 1967، مع تبادل للاراضي، فإنه من المعروف ضمناً وصراحة، ان القدس الشرقية هي من تلك الأراضي المحتلة، واصرار اسرائيل على أن القدس الموحدة هي عاصمة دولتها، من شأنه بالتأكيد أن يهدد عملية السلام التفاوضية بالفشل، مع أن بعض التسريبات غير الموثوقة، لكن المحتملة، كطرح إسرائيلي، تشير إلى أن العاصمة الفلسطينية ستكون في منطقة "أبو ديس" وليس القدس الشرقية بكاملها.
ولا بد في هذا السياق إلى إشارة بالغة الوضوح والأهمية، أدلى بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس السبت في كلمته أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ، الإشارة المتعلقة بوهم الأمن الإسرائيلي، فقد هدد كيري، بأن هذا الوهم سيتبدد إذا لم تنجح مساعيه لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وستواجه إسرائيل مخاطر أمنية أكثر بكثير مما هو عليه الآن، مشيراً إلى اتساع ظاهرة التطرف والعنف في المنطقة.
إذن، هناك رشوة باسم التعويضات من ناحية، وهناك تهديد ذو طبيعة أمنية، عاملان ربما يحاول وزير الخارجية الأميركي تذكير القيادة الإسرائيلية بهما، رشوة وأمن محتمل بعيداً عن الأوهام، للضغط النسبي على إسرائيلي التي ما تزال تعرقل جهوده نحو التوصل إلى اتفاق سلام.. فهل تستجيب حكومة نتنياهو؟!
على أبواب مواجهة مشروع كيري
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
يتطلع الشعب الفلسطيني، إلى التوصل، إلى تسوية واقعية معقولة، بينه وبين الشعب الإسرائيلي، ولا أقول الى حل عادل، بل تسوية تنهي حالة الصراع وتوفر للشعبين المتصارعين إنهاء حالة العداء والحرب والاحتلال والعنصرية، وتضع حداً لسفك الدماء، ومحاولات الإلغاء ونفي الآخر وأن يعيشا على الأرض الواحدة على قاعدة إما تقاسم الأرض بدولتين، أو تقاسم السلطة بدولة واحدة، فالعدالة المطلقة، لن تتوفر إلا بتغيير موازين القوى، وحتى لو توفرت كما هي متوفرة لصالح الإسرائيليين، وتفوقهم السياسي والاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والاستخباري، ولكنها لم توفر لهم فرض الحل الإسرائيلي بجعل فلسطين وطناً لهم، وتحويل فلسطين العربية الإسلامية المسيحية إلى وطن لليهود وحدهم، حيث ما زال باقياً على أرض فلسطين التاريخية أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون عربي فلسطيني، في مناطق 48 مليون وأربعمائة ألف، وفي القطاع مليون وسبعمائة ألف، وعلى أرض الضفة الفلسطينية والقدس مليونان وسبعمائة ألف، رغم الطرد والتشرد عامي 48 و 67 والتجويع وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها الفلسطينيين.
والشعب العربي الفلسطيني، أيضاً، فشل للآن في إنهاء المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي اليهودي الصهيوني، على أرضه، ولم يستطع هزيمته، وبات على أرض فلسطين شعب آخر لا يقل عن ستة ملايين إسرائيلي يهودي، يستحيل طردهم واجتثاث وجودهم ومؤسساتهم، بصرف النظر عن دوافع هجرتهم إلى فلسطين سواء تم ذلك بسبب:
1- دوافع عقائدية تراثية توراتية.
2- هرباً من المذابح التي تعرضوا لها في أوروبا، ما بين الحرب العالميتين الأولى والثانية أو قبلهما أو خلالهما، على أيدي النازيين والفاشيين.
3- طمعاً بظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية أفضل، من تلك التي كانوا يعيشونها في ظل النظام الاشتراكي، السوفييتي وغيره، أو حتى لدى بعض البلدان العربية.
وبصرف النظر عن الأسباب أو الدوافع، لم يكن للشعب العربي الفلسطيني، دور في معاناة اليهود أو محاولات للمس بهم، لأن بعضهم كان جزءاً من الشعب الفلسطيني، ومع ذلك كانت نتيجة هذه الدوافع، مؤذية بحق الشعب الفلسطيني وضد مصالحه وعلى حساب حقوقه، ودفع ثمنها على أرضه.
الشعب العربي الفلسطيني، عبر مؤسساته التمثيلية، رفض المذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا، ولهذا أيضاً يرفض، ويعمل على مقاومة ما يفعله الإسرائيلي، من ممارسات قمع واغتيال وعقوبات جماعية وعمليات الطرد وقتل للفلسطينيين على أيدي المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، أو على أيدي المستوطنين، ولا شك أن نضال الشعب العربي الفلسطيني سيتواصل من أجل رفع الظلم بأشكاله المختلفة عن المكونات الفلسطينية الثلاثة:
1- من أجل إلغاء التمييز الواقع على فلسطينيي مناطق 48 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
2- من أجل جلاء الاحتلال عن فلسطينيي مناطق 67 في الضفة والقدس والقطاع.
3- من أجل إنهاء التشرد والنفي واللجوء، وتحقيق العودة واستعادة الممتلكات للذين تشردوا عام 1948.
كيري، يعمل حثيثاً من أجل التوصل إلى حل، في ضوء سلسلة المحطات التفاوضية الثلاثة الفاشلة التي جرت تحت الرعاية الأميركية:
1- مفاوضات كامب ديفيد 2000 برعاية كلينتون.
2- مفاوضات أنابوليس 2007 – 2008 برعاية بوش الابن.
3- مفاوضات الولاية الأولى للرئيس أوباما، برعاية مباشرة من قبل مستشاره المفوض السيناتور جورج ميتشيل.
وعليها يتحرك جون كيري مستفيداً مما تحقق، محاولاً اختراق حوائط الصد لدى الطرفين، الأمر الذي يتطلب توضيح حقوق الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة كما هي :
1- الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967، وفق قرار مجلس الأمن، قرار الانسحاب وعدم الضم 242.
2- حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرارات الأمم المتحدة، قرار التقسيم 181، وقرار الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515.
3- حق عودة اللاجئين إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، أي إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع وفق القرار 194 مع حق استعادة ممتلكاتهم فيها وعلى أرضها.
هذه هي جوهر حقوق الشعب العربي الفلسطيني وعليه يمكن البناء أو الموافقة أو القبول بخطة كيري، والحكم عليها بمدى ما توفر للشعب العربي الفلسطيني حقوقه، فهل يقترب كيري ومشروعه من حقوق الشعب الفلسطيني فينهي بذلك أصل الصراع وكل أشكاله ؟؟.
هل يمكن أن "نلاعب" إسرائيل لعبة الأرقام ذاتها..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
ماكنة الوقت تعمل لصالح الفلسطينيين في هذا الصراع المفتوح بينهم وبين الإسرائيليين، ربما أن أبرز الصيحات التي عبرت عن ممكنات القوة الفلسطينية تلك التي أطلقها خبير الديمغرافيا الإسرائيلي قبل عقد ونصف في مؤتمر ميزان المناعة والأمن القومي الأول وهو يراقب النمو السكاني الفلسطيني في داخل حدود دولة إسرائيل الذي ينكسر كل عام لصالحهم، بالرغم من أن التزايد السكاني اليهودي يعتمد ليس فقط على الولادة الطبيعية بل وكذلك على الهجرة التي استقرت في العقد الأخير في حدود ستة عشر ألف يهودي، قال أرنون سوفير وهو يتنبأ بتشاؤم "الساعة الرملية الديمغرافية تسير بسرعة الفهد وإجراءات الدولة تسير بسرعة السلحفاة".
ربما أن البروفسور سوفير والذي يتندر عليه الكتاب الإسرائيليون لأنه مهووس بالأعداد والأرقام والنسب السكانية ولأن اسمه "سوفير" وتعني بالعربية "العداد" حيث يقول الإسرائيليون أن سوفير يصحو كل صباح ويبدأ بتعداد العرب، لكنه ليس وحده، فقد بدأت إسرائيل لعبة الأرقام والنسب مبكراً منذ خمسينات القرن الماضي، سواء بتشجيع نسل اليهوديات وكذلك الهجرة ووضعت ميزانيات وبرامج في دولة كان عدد اليهود فيها عند التأسيس 806 آلاف، بينما كان عدد الفلسطينيين فيها 156 ألفاً وساد اعتقاد المؤسسين أنه مع هجرة اليهود سيذوب الفلسطينيون في بحر الأغلبية اليهودية.
منذ بداية التسعينات وعملية التسوية كانت الأرقام تتطاير في إسرائيل، كان أحد مرتكزات دفاع اليسار الإسرائيلي حينها ممثلا بشمعون بيرس أن حزب العمل ذهب بهذا الاتجاه مبكراً لأن هناك ضرورة للفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذه كانت ملخص دراسة نشرت منتصف التسعينات في مجلة دراسات فلسطينية، وقالت حينها "إذا لم يتم الفصل سيتساوى عدد العرب واليهود بين البحر والنهر عام 2014".
وبدءاً من عام 2014 سيبدأ الميزان بالميل لصالح الفلسطينيين، وهذا سيشكل خطراً كبيراً على إسرائيل من حيث الظهور كدولة أبرتها يد عنصري، وقد تشكل تيار فكري في الساحة السياسية في إسرائيل قد بدأ بالتنظير للفصل عن الفلسطينيين، حتى أن قادة التيار اصطحبوا أرئيل شارون صاحب نظريات التوسع والضم والأب الروحي للمستوطنات بجولة في طائرة هيلوكبتر على الحدود بين الضفة وإسرائيل ليرى كيف تزحف المناطق العربية، وكان ذلك في بداية الانتفاضة الثانية.
من هنا ولدت نظرية الفصل أو الانسحاب من طرف واحد وذلك لإدراك إسرائيل أن الفلسطينيين لن يقبلوا بالتنازل عما هو أقل من حدود 67 وأن إسرائيل هي التي تدفع ثمن الوقت الذي لا يعمل لصالحها، ومن هنا أيضا كان الجدار الذي تقيمه إسرائيل بعد أن كانت تقول كل الضفة لها، وخاصة أن أحداث التوراة كانت في الضفة وليس في الشريط الساحلي.
وعندما فشلت قمة كامب ديفيد كانت خطط الفصل تخرج من الأدراج سواء الجدار في الضفة الغربية أو بالانسحاب من قطاع غزة.
ومن هنا أيضا يجب أن نفهم أن أحد أهم أسباب الانسحاب الإسرائيلي من طرف واحد من القطاع هو التخلص من الكتلة السكانية الديمغرافية التي "تسير بسرعة الفهد" بعيدا عن اعتبارات أخرى قد تكون لعبت دوراً، ولكن الهروب من السيطرة على مليون ونصف مواطن فلسطيني سيمكن إسرائيل من أن تستمر بالحفاظ على أغلبية يهودية في الضفة وإسرائيل، وبالفعل اكتمل الهدف الإسرائيلي بما قامت به حركة حماس من سيطرة مسلحة فصلت غزة عن باقي الوطن ليكتب صحافي إسرائيلي أن "غزة خرجت من إسرائيل" وهذا عمل على تأجيل ترجيح التوازن لصالح الفلسطينيين لعقود، موفراً لإسرائيل فسحة طويلة من الزمن تخطط بهدوء وتضغط وتفاوض وتقايض وتبتز وتهدد.
نحن في بداية عام 2014 التي تقف عند أرقام مثيرة، فقد بلغ عدد اليهود في إسرائيل 6.066 مليون يشكلون 75.3 من سكان الدولة، فيما بلغ عدد الفلسطينيين فيها 1.760 مليون بما نسبته 20.7 % وإذا ما أضفناهم لسكان الضفة (2.8 مليون) وفقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء وكذلك سكان قطاع غزة (1.853) وفقا لإعلان عاهد حمادة الوكيل المساعد في الداخلية بحكومة غزة يكون لدينا 6.323 مليون فلسطيني في فلسطين التاريخية أي بزيادة عن اليهود بـ 257 ألف فلسطيني.
أمام هذه المعطيات ماذا لو قرر الفلسطينيون عدم توقيع اتفاق؟ فهذه الأرقام تعطيهم من القوة ما يمكنهم من تحمل الضغوط ورفض أية صفقة لا تقدم لهم دولة مستقلة على حدود 67 خالية من الوجود الإسرائيلي وعاصمتها القدس، ولماذا لا يلعب الفلسطينيون حينها اللعبة الإسرائيلية ذاتها؟ لعبة الأرقام والنسب التي تهرب منها إسرائيل، بالتهديد بحل السلطة في الضفة وغزة وتسليم المفاتيح لإسرائيل ولتعيد سيطرتها كأقلية على الأغلبية الفلسطينية، وليبدأ الفلسطينيون نضالا مختلفا مع هذه الدولة التي تضع أقدامها في الأرض وترفض الحد الأدنى من حقوقهم على خمس فلسطين التاريخية، فهذه هي مفاوضات التجربة الأخيرة في رحلة تقترب من ربع قرن منذ مؤتمر مدريد وإسرائيل تماطل وتكذب وتناور وتخادع، إذن آن الأوان لتغيير هذا الواقع الذي أراح إسرائيل من عبء الحكم المدني والخدمات، وأصبح العالم يدفع لتمويل السيطرة الإسرائيلية واستمرار الاحتلال ودخلنا نحن الفلسطينيين في لعبة أو لعنة الحكم قبل التحرير.
إذا لم يقدم كيري في صفقته المزمعة ما يرضي الفلسطينيين فهم ليسوا مضطرين للتوقيع، فالزمن لا يعمل ضدهم إذا ما أجادوا استخدام ممكنات قوتهم، وبإمكانهم رفع البطاقة الحمراء في وجه إسرائيل والعالم ولتعود الأقلية اليهودية للسيطرة على الأغلبية العربية ولتنقلب الطاولة على رأس إسرائيل والعالم، هذه أبرز ورقة ممكن أن يلعب بها الفلسطينيون حالياً بعد أن خذلنا العالم في المفاوضات ولم نحقق أهدافنا بالكفاح المسلح، فلنذهب لبرنامج ثالث ينبغي كسر الثنائية العاجزة "مفاوضات وقتال" ولنبدأ الصراع المدني الذي نملك إمكانيات نجاحه، ولكن هذا يتطلب مسألتين قبل رفع البطاقة الحمراء: الأولى، سرعة إعادة غزة لباقي الوطن، فلا ينبغي أن تبقى خارج المعادلة الإسرائيلية، واستمرار فصلها وغرقها بتفاصيل الحياة يجرد الفلسطينيين من ممكنات قوتهم ويقدم لإسرائيل خدمة كبيرة سواء بتخفيف العبء أو في لعبة الأرقام والنسب.
الثانية: وضع برنامج قادر على مقارعة العنصرية اليهودية ليضع إسرائيل أمام خياراتها السوداء؛ إما دولة كل مواطنيها على كل فلسطين التاريخية وإما الاستمرار كدولة أبرتها يد عنصري تحكم فيها أقلية يهودية أغلبية عربية، وهذا يتطلب مجهودات كبيرة وتغيير في الطواقم الدبلوماسية لمقارعة إسرائيل في كل الميادين.
هذه الخيارات السوداء هي مركز قوة الفلسطينيين، فلا ينبغي الخوف من عدم توقيع اتفاق، ولكن الخوف وارد في حالتين إذا ما وقعوا اتفاقاً منقوصاً تحت الضغط، أو إذا لم يوقع اتفاق واستمرت السلطة في عملها وبقيت غزة خارج الحسبة، هنا علينا أن ندرك أننا عجزنا عن إدارة معركتنا أمام خصم مدجج بمفكرين ومراكز دراسات وليس فقط بالسلاح.
مجانين بيت لحم .. مجانين الوطن
بقلم: عادل الأسطة – الايام
"مجانين بيت لحم" لأسامة العيسة، كما كتب على الغلاف، رواية صدرت عن دار نوفل في العام 2013، وقد صمم غلافها معجون وأما صورة الغلاف فـ Shutter Stock، ولم يسعفني المورد بفهم معناها.
ثمة عصفور على غصن شجرة، والعصفور يذكرنا بالعصفورية، والعصفورية هي مشفى المجانين.
وتتكون الرواية التي تقع في 254 صفحة من ثلاثة أسفار، يسبقها احتراز هو: في هذه الرواية ـ الشهرزادية، مثل ما في الروايات الأخرى: قليل من الحقائق، كثير من الخيال، وثرثرة... تماماً مثل الحياة، وتمهيد تحت عنوان "دهيشة المجانين" يتكون من صفحتين تقريباً، عما يقوله الفلسطينيون لمن لا ينسجم مع المجموع ويخرج عن السائد، وسطر على لسان المجنون عُجيل المقدسي هو: "من عرف الله سار، من سار طار، ومن طار صار"، وهو من كتاب "عقلاء المجانين" لمؤلفه الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري (ت 406هـ)، وأما السطر الأخير فيظهر في النص ثانية، في ص247 على لسان يوسف علان عن... .
وأما ما نقوله نحن في منطقة نابلس لمن نراه خرج عن المألوف السائد، ولمن نشك في سلامة عقله فهو: عبيت لحم ـ أي على بيت لحم، لا على الدهيشة، وأما ما احترز به المؤلف، فهو ليس أكثر من (كليشيه) يكررها الكتاب درءاً لأية مساءلة أو عواقب وخيمة قد تجرها عليهم كتابتهم: قليل من الحقائق، كثير من الخيال، وثرثرة.
ويخيل إليّ أن المؤلف الذي أنجز رواية، غلب على جزء منها روح البحث، اعتمد على ملفات مشفى بيت لحم للأمراض العقلية، وإن كان غيّر وبدل، لكي لا يتعرض للمساءلة، علماً بأنه في بعض أجزاء الرواية لم ينجح كثيراً في التخفي، إذ أراد ذلك، فكان يكتب كما كتب عن سلام فياض باسمه الشخصي، وعن الرئيس الروسي بوتين أيضاً باسمه الشخصي/ فمن الذي سيقول إن ما كتبه عن الختيار بعيد عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وكما يقول العنوان، فإن الرواية هي رواية مكان وشخصيات، وأما المكان فهو مدينة السيد المسيح: بيت لحم، وأما الشخصيات فهي رواد مشفى الأمراض العقلية أساساً، ورواد المدينة أيضاً، بخاصة الشخصيات البارزة والسواح، وتغدو بيت لحم الوطن الفلسطيني في زمان اللجوء في العام 1948، وفي زمان الاحتلال الثاني لبقية فلسطين في العام 1967.
"في بيت لحم أصبح كل شيء مجنوناً، لا فقط دير المجانين، ففيها نفذ الاحتلال أول عملية اغتيال لمقاوم في الانتفاضة" (ص 220) وإذا ما تتبع المرء مجانين الرواية، فإنه سيلحظ أنهم كثر وينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة، بل وإلى ديانات مختلفة وقوميات عديدة.
ثمة مجانين كانوا بشراً عاديين، قاوموا الاحتلال الإسرائيلي، فعذبهم وجنوا من التعذيب (أبو عصري، ص79)، ويتكرر هذا في بلد عربي، حيث تلصق تهمة الجنون بنشيط سياسي معارض، يعذب ويسجن ويحجز في مشفى المجانين، (ص153، ص 154)، وهناك مجانين جنوا لذكائهم (العبد العلوي، ص85) وسيجن أطباء كانوا يعالجون المجانين، فكأن من عاشر القوم صار منهم (ص95)، ولن ينسى المعالجون ما كانوا يلقونه على أيدي الأطباء، حتى إذا ما حشر الأخيرون، بعد أن جنوا، مع المجانين، قتل الأخيرون الأطباء، وثمة جنون شعري تصاب به شاعرة فتغازل، وهي زوجة شخصية مهمة عامة، شاباً هو السارد (ص 98)، وهناك سياسيون جنوا، لا بسبب تعذيبهم من الاحتلال أو النظام العربي، وإنما بسبب دكتاتورية الأمين العام للحزب اليساري، الأمين العام الذي يريد أن يكون الأمين العام والصحافي العام والأديب العام (ص 144)، وثمة جنون بالوراثة، فمنير شحاتة (ص129) هو من عائلة موصومة بالجنون، وسيربط الجنون أحياناً بالذكاء، كما في حالة برهوم الإبراهيمي (ص134).
ولم يقتصر المؤلف، وهو يأتي على شخصيات روايته، على المجانين الذكور من مسيحيين ويهود ومسلمين وفلسطينيين وعرب، بل كتب عن مجانين قادمين من أميركا وروسيا، كما كتب عن مجنونات، وجنون النساء يعود إلى أسباب عديدة.
أميرة علاء الدين جنت لأن أهلها أجبروها على الزواج ممن لا تريد (ص161)، وغيرها، مثل شفيقة المصري، تجن بسبب الصدمات السياسية والفقدان الشخصي والوطني (ص167)، وهناك هبل يتطور إلى جنون، كما لدى رفقة علي التي تقتل زوجها (ص 172)، وتجن نسوة أخريات بسبب الحرمان والفارق في سن الزواج (الخالة رسمية ص178)، وقد تجن امرأة جميلة لأن زوجها رآها وهي نائمة لا تستر جسدها، فيضربها ضرباً مبرحاً، ثم يأخذ أولاده ويهجرها (ص 183) وقد يدفع أهل الزوج السجين السياسي زوجة ابنهم إلى الجنون، لأنهم يريدون أن يتحكموا فيها في أثناء سجن زوجها (ص 181)، وغالباً ما توصف النساء، في بلادنا، بالجنون، لأسباب إجراء الطلاق وحصر الإرث.
المؤلف/ النص :
ثمة مؤلف ضمني يخبرنا عن علاقته بالمكان/ الدهيشة/ بيت لحم/ ومشفى الأمراض العقلية، وببشر هذا المكان، وغالباً ما يفصح هذا المؤلف عن هويته وعن علاقته بشخوصه، بل إنه يوضح لنا طريقته في الكتابة وآراءه النقدية في قضايا السرد والسارد والقارئ.
في الاحتراز أشار إلى أن روايته شهرزادية ـ أي أنه يقص كما كانت شهرزاد تقص، وفي مواطن أخرى يعلمنا أنه سارد غير كلي المعرفة، فقد حفظ شيئاً وغابت عنه أشياء، وفي أماكن يحدد لنا الزمن الكتابي لروايته (ص 233)، بل ويفصح لنا عن تشكل العمل الروائي وطريقته في الكتابة "حشرت نفسي مع الحضور لأراقب وأوثق من أجل روايتي هذه"، كان ذلك في 27/10/2009، حين ذهب لحفل تحدث فيه رئيس الوزراء في حينه سلام فياض.
إنه هنا مثل اميل زولا الذي عبر عن طريقته في الكتابة بقوله: "أدرس الناس كأنهم عناصر بسيطة"، بل وربما ذكرنا بطريقة الجاحظ في التأليف والكتابة عن البخلاء وعن الحيوان.
ولأجل كتابة روايته لا يمانع من الذهاب إلى حيث يقيم المجانين، ليجلس معهم، وليصغي إلى قصصهم، حتى إنه كاد يصاب بلوثة عقلية، كما قال له زملاؤه: "كان الكثير من الأصدقاء قد لاحظوا ما وصفوه بتدهور حالتي، وتوقعوا لي مصيراً في دير المجانين، بعدما علموا أنني أكتب هذه الرواية، وقال عمار الجوري: "من كتب عن قوم صار مثلهم"، وتعهد ضاحكاً بأن لا ينساني بالزيارة" (ص234) كما كان هو ـ أي المؤلف ـ يزور المجانين.
من الذي أوحى له بكتابة الرواية هذه؟ إنه يوسف علان الطالب في التوجيهية في العام 1967، وقد قبض عليه في الشارع قرب قبة راحيل، وتعرض لضرب مبرح جعله مجنوناً وهو "ما أشعل لدي شرارة الشغف لأكتب هذا العمل بعدما أطلعني على أوراق العبد علوي التي كانت عبارة عن مسوّدات لكتابة شيء عن الدير ومجانينه" (ص116).
وكان العبد علوي مجتهداً ومبرزاً في التعليم، وأن ذكاءه الخارق المفترض أودى به إلى الجنون، بدلاً من الجامعات. (ص88).
بنية الرواية :
تتكون الرواية من ثلاثة أسفار هي: سفر تكوين وسفر من لا أسفار لهم وسفر مشمشي، يقع الأول الذي يركز على المكان وتكونه على تاريخ الدهيشة وبيت لحم، وسبب تسمية الدهيشة بهذا الاسم، ويدرج تحته عشرة عناوين فرعية على شكل أسئلة، ويقع الثاني الذي يركز على المجانين في ثمانية عشر عنوانا، كل عنوان يحمل شخصية من شخصيات المجانين إلاّ عنوانين اثنين لا يعودان لشخصيات: عبيد ومجانين ومجنونات العائلة، ومع أن بعض العناوين يخص شخصية معينة إلاّ أنه يأتي على غيرها، وأما السفر الثالث فتدرج تحته تسعة عناوين فرعية، ويأتي على مجانين فلسطينيين وغير فلسطينيين جنوا بعد أوسلو أو أصيبوا بلوثة المكان.
وهذا البناء يذكرنا برواية اميل حبيبي "المتشائل" (1974) وسيتذكرها المرء بخاصة، وهو يقرأ الجزء الأول، ويبدو تأثر الكاتب فيها واضحاً، على أكثر من صعيد: صيغة السؤال في العنوان، وتشابه الواقعين، فما كتبه أسامة تحت عنوان "كيف أصبح سروال أبي علما؟"(ص53) يذكرنا بعنوان اميل: "كيف أصبح علم الاستسلام، فوق عصا مكنسة، علم الثورة على الدولة؟"، وكما أكثر اميل من التناص، أكثر أسامة منه أيضاً، وهذا جانب يحتاج إلى مقالة خاصة.
نقد: تضاف هذه الرواية إلى روايات مثل "بقايا" أحمد حرب و"مقامات العشاق والتجار" لأحمد رفيق عوض، و"رام الله الشقراء" لعباد يحيى. ويبدو النقد فيها عالياً ونغمته مرتفعة أكثر ما يكون، وتبدو صورة الفلسطيني فيها جارحة، ويغدو الوطن وطن مجانين حقا و.. و.. و.. .
تغريدة الصباح – شوال بصل
بقلم: حنان باكير – الحياة
لمضيفينا اللبنانيين ايضا، ذاكرتهم عن ضيوفهم الفلسطينيين. حدّثتني امرأة من برج البراجنة، عن الفلسطيني "عبد طه" الذي استأجر بيتا عندهم، منذ بداية النكبة قالت: كان عبد، يعيش بشعور الزائر.. يحكي لجيرانه هول ما لاقاه حتى وصل الى برج البراجنة، كان دمث الاخلاق ومرحا، يحكي عن بلدته بكل الحب والحنين، وللجلوس تحت احدى شجرات حديقته..لكنه دائم التوتر والتحفز، بانتظار ان يسمع مناديا يدعوه للعودة. فغربته لن تتعدى الخمسة عشر يوما!
ذات يوم خريفي، من اول خريف مرّ على النكبة.. مرّت قرب البيت عربة بصل. اشترى الفلسطيني طه كيلوا واحدا. فقال له المالك اللبناني: هذا بصل المونة، لم لا تشتري "شوالا"؟! كان الشوال خمسة كيلوات. فردّ عليه بنبض قويّ: يه يه! الله يسامحك يا جاري، بدّك يانا نبقى ضيوفكن لنأكل شوال بصل كامل؟؟ فال الله ولا فالك! عودتنا قريبة قريبة.
مرّ زمن.. بدأ اليأس يدب في نفس عبد طه، صار يحمل شوال البصل ويدخل بيته مطأطئ الرأس. كنا نشعر به ونسكت.. هذا ما قالته. وجد عملا له. بعد ان كان يصرف مما حمله من مال معه..
في زمن الثورة، استعاد العبد امله وتفاؤله.. وعاد يردد لنا بابتسامة: قربت عودتنا... كبرت عائلته.. وكثرت معها "شوالات" بصل التموين!
بعد اجتياح عام 1982، وما تلاها من حروب متناسخة، هدّت ذلك الرجل، الذي تقدّم في العمر وما زال مستمرا في حمل شوالات البصل بصمت وحزن، وعندما نقول له: ربنا يرجعكن لدياركن.. كان يقول بانكسار: الله كريم!
رحل الفلسطيني العبد عن الدنيا منذ سنوات قليلة... فمن يحصي عدد شوالات البصل التي استهلكها، ومن يعرف عدد شوالات البصل المتبقية لاستهلاك نسله في لبنان!!
فنجان قهوة
روت لي امي نادرة. لا ادري ان كانت حقيقية ام طرفة، يتندّر بها جيراننا اللبنانيون في برج البراجنة. قالت: يحكى ان امرأة فلسطينية زارت جارتها اللبنانية. كان ذلك، في زمن حداثة النكبة. زارتها صباحا، لشرب فنجان قهوة، لم يكن فنجان القهوة ضروريا او يعني شيئا للعائلة اللبنانية، كما هو عندنا، حيث لا تكتمل الزيارة بغير فنجان القهوة. كانت جدتي تقول عنه: اسود وببيّض الوجه!
قامت المرأة اللبنانية بكل مستلزمات الضيافة، من الفاكهة وحلويات محلية الصنع.. ما عدا فنجان القهوة.. ثم انتظرت انتهاء الزيارة.. لكن املها خاب.. حان موعد وجبة الغداء، فتناولن الغداء معا.. والمرأة الفلسطينية لم تغادر.. ارتبكت المرأة المضيفة واحتارت بأمر هذه الزيارة اللامنتهية.. خرجت الى البلكونة، وهمست لجارتها اللبنانية ايضا: ما العمل؟ سألتها الجارة: هل ضيفتك فلسطينية؟ اجابتها بنعم. قالت: هل عملت لها فنجان قهوة؟ لا ولكني قمت بالواجب وزيادة! اجابتها: كل هذا لا يعني لها شيئا دون فنجان القهوة، انها فلسطينية!
دخلت المرأة، وحضّرت فنجانين من القهوة. شربت الفلسطينية فنجان قهوتها.. وبعد كلمات الشكر لحسن الضيافة، انهت زيارتها.
ما يُمليه علينا الواقع
بقلم: عدلي صادق – الحياة
باتت كل المرارات التي نشأت بسبب الانقلاب الحمساوي في غزة؛ في موضع متأخر قياساً على ما يتهدد المجموع الفلسطيني، من تحديات ومخاطر. فقد واجه خطا التسوية والمقاومة، انسداداً لا انفتاح له، دون وحدة الكيانية الفلسطينية على أسس دستورية وقانونية، ودون التوافق على استراتيجية عمل وطني واحدة، وإعادة الاعتبار الى منطق الحوار والاحتكام للعقل. وليس عيباً ولا نقيصة أن يعلن الطرفان المتخاصمان، عن صعوبة ما يواجهانه سلماً أو قتالاً. إن نظرة واحدة على استراتيجية المحتلين، خلال الأعوام السبعة الماضية، تجعلنا وجهاً لوجه أمام الحقيقة. فهؤلاء الأوغاد المحتلون، قد فعلوا كل شيء، لكي لا يكون بمقدور الفلسطيني أن يسالم أو أن يقاتل. وقد استفادوا من حال الخصومة على كل صعيد، ولم يعد خافياً على كل ذي بصر وبصيرة، أنهم المستفيدون من هذه الحال، وانطلقوا في خططهم من فرضية أن الفلسطينيين منقسمون، وأن التحقق الحضاري الديموقراطي مُعطلٌ، وأن ابتعاد غزة يفتح لمقارباتهم للتسوية، طريقاً التفافية، تسهّل عليهم تجزئة المصير الفلسطيني، توطئة لاندثاره وإعادته الى وضعية الوصاية، التي كانت قبل انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة!
نحن هنا، لا ندعو الى الأخذ بأي رأي، غير رأي الشعب في موضوع التفويض بتحمل المسؤولية. وما على كل طرف فصائلي، إلا أن يُظهر جدارته في العمل في هذه الظروف العسيرة، لكي يحظى بقبول الشعب. لقد مرت سبع سنين ونحن معلقون في الهواء، بلا مرجعيات مؤسسية، وبلا قدرة على تحقيق شروط العمل، على النحو الذي يلبي طموحات الجماهير التي ظلت لعقود، تحلم بالدولة ذات المؤسسات المقتدرة، التي تحسم أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والإدارة. ففي هذه الحال الراهنة، توصل الطرفان المتخاصمان الى قناعة، بأن الارتهان للأمريكيين، أو الارتهان لجماعة "الإخوان" لن يفيدنا، وما عليهما إلا المصارحة بما اقتنعا به. ذلك علماً بأن كل لبيب، في وسعه أن يلتقط من سياق الأحداث، عنصر الربط بين الأمريكيين و"الإخوان". إن هؤلاء الأمريكيين يسعون الى مواقف وقرارات من وراء ظهر شعبنا، وعند التماشي مع رغبتهم، سيكون الطرفان قد أسهما في تغييب إرادة الشعب الفلسطيني، التي لا تقبل بديلاً عن استرجاع الحق، وفق محددات التسوية والقرارات الدولية!
واقع السجال الآن، أن طرفي الخصومة يُراد لهما دخول بيت الطاعة. والطرفان الأمريكي والإسرائيلي، يسابقان الزمن، ويسعيان الى اختطاف موقف في شكل إطار مؤقت لتسوية يرفضها الشعب، ويعرف مظالمها. ولا بأس عندهم أن يكون ما يسعون اليه، سبباً في تكريس عدم الاستقرار في بلادنا وفي الإقليم، وإدامة الصراع جيلاً بعد جيل. هم يستندون الى قوتهم الغاشمة، وسيجعلون أية مقاومة، يضطلع بها طرف لوحده إرهاباً، في حال موافقة أي طرف فلسطيني على طروحاتهم. لذا فإن الأشرف لنا والأصدق مع شعبنا، إشهار موقف التمسك بمحددات العملية السلمية، التي تتيح شيئاً من العدالة، بحيث نسالم فيها أو نخاصم عليها!
وكيف لنا أن نتمسك بشيء، وأن نؤثر وأن نصمد، وأن نتواصل مع العالم، دون وحدة الموقف الفلسطيني. الآن سقطت أوهام التسوية مثلما سقطت أوهام الزلازل. فلا "فتح" بمقدورها إنجاح مشروعها الواقعي، لأن واقعيتها اصطدمت بصلافة الاحتلال وحكومته العنصرية التي لا تعترف لنا بأية حقوق، ولا "حماس" بمقدورها أن تتبنى مشروع مقاومة من غزة، لا تساعد عليه ظروف المكان ولا دروس التجارب، ولا أحوال الإقليم وبخاصة في الجوار.
الأمريكيون والمحتلون الإسرائيليون، يسابقون الزمن أيضاً، للاستفادة من الانهيار في العالم العربي، وهم الذين يغذّون الصراعات ونزعات التباغض ، مثلما يغذّون النعرات من كل نوع، في الأوطان العربية. أوقاتنا صعبة وملتبسة، وليت الأمر يقتصر على أن لا أحد يمكن أن يساعدنا فعلياً. فقد تداعت الأمور وكأن لا أحد يريدنا، إذ ترى فينا بعض الأطراف خطراً ديموفرافيا، بينما ترانا أطراف أخرى خطراً أمنياً، فعلى ماذا نراهن إن لم نثبت عملياً بأننا نريد أنفسنا، ومهتمون بوطننا حصراً، وأننا متمسكون بمشروع استقلالنا الوطني، وأننا نبني مرتكزات صمود شعبنا، بنزاهة وشفافية وبتوسيع دوائر المشاركة، وبالاحتكام الى إرادة الشعب؟ خلاصة القول لا بد مما ليس منه بُد!
الدولة الواحدة ردا على نتنياهو
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
في خضم الفذلكة والفهلوة السياسية الاسرائيلية، طرح نتنياهو، رئيس الحكومة الاسرائيلية على هامش فعاليات مؤتمر دافوس قبل ايام، بانه لن يقتلع اي مستعمرة إسرائيلية من اراضي الدولة الفلسطينية، ولن يرغم اي مستعمر على الرحيل، وسيبقي على العديد من المستعمرات في اراضي الدولة الفلسطينية. الامر الذي اثار حفيظة نفتالي بينيت، وزير الاقتصاد الاسرائيلي، ودفعه لمهاجمة رئيس حكومته، وفي الوقت ذاته رفض فكرة بقاء يهودي في اراضي دولة فلسطين. وشهدت الساحة الحزبية والسياسية الاسرائيلية جدلا حامي الوطيس حول الفكرة، التي ادعى مكتب نتنياهو، انها شكل من اشكال المناورة وبالون اختبار لقياس رد فعل الرئيس محمود عباس.
نتنياهو يعلم ، ان الرئيس عباس، ما زال متمسكا بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويرفض بشكل جازم وجود إسرائيلي واحد على اراضي الدولة الفلسطينية. وبالتالي مناورة بيبي مفضوحة ومكشوفة، ولا تنطلي على الرئيس عباس ولا على القيادة الفلسطينية. فضلا عن ان ابو مازن لن يشعر بالخجل في اعلان موقفه للمرة المليون، القائل : لا كبيرة لوجود اي إسرائيلي يمثل دولة الاحتلال مهما كان اسم وعنوان هذا الوجود على الارض الفلسطينية. كما رفض، وسيرفض اي تبادل للاراضي وفق الوصفة العنصرية والتطهيرية العرقية لليبرمان باستثناء النسبة المحدود، التي تضم الكتل الاستيطانية الاستعمارية ولا تزيد نسبتها عن 1,9 % اما موضوع بلدات المثلث فلن تخضع للمساومة او حتى لمجرد القبول بطرحها على طاولة المفاوضات.
نتنياهو إن كان فعلا يرغب ببقاء المستعمرات على اراضي الدولة الفلسطينية، امامه خيار واحد، هو اعلان قبوله إقامة الدولة الواحدة لكل مواطنيها دون تمييز عرقي او ديني او قومي وبحيث يتم بحث موضوع الديمغرافيا بشكل جذري في فلسطين التاريخية، ومعالجة موضوعة عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، وتحديد اراضي الوقف او اراضي الدولة لاعادة توزيعها بما يستجيب لاعادة توزيع السكان، وفتح ابواب المدن اليهودية والمستعمرات المقامة امام الفلسطينيين للشراء والسكن والمشاركة في ادارة بلدياتها ومجالسها المحلية بعد إعادة النظر في القوانين العنصرية الاسرائيلية، ووقف حملات التحريض العنصرية من الحاخامات وغلاة اليمين الصهيوني المتطرف. وهناك قضايا اساسية تتعلق باعادة نظر شاملة في دستور البلاد وعلمها وهويتها وطبيعة جيشها ووظيفتها الاستعمارية ونظامها التربوي التعليمي وثقافتها واللغة او اللغات الاساسية، ونشيدها الوطني ومركبات الدولة من الالف إلى الياء.
لكن السؤال: هل نتنياهو جاهز لفكرة الدولة الواحدة ؟ وهل هو مستعد لتحمل نتائج هذه الفكرة؟ وان لم يكن مستعدا وما زال يناور لقطع الطريق على التسوية السياسية، فما هي خياراته غير مواصلة الاستيطان الاستعماري والحرب والعنف وتعميق العنصرية وسياسة التطهير العرقي وتصاعد الفاشية داخل المجتمع الاسرائيلي؟
الخيارات ليست كبيرة امام نتنياهو وحكومته، فإما خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 او الدولة الواحدة لكل مواطنيها. وعليه استثمار الوقت المتبقي من فترة التسعة شهور والتقدم نحو خيار الدولتين او الاعلان الواضح امام إسرائيل والفلسطينيين والعرب واقطاب الرباعية والعالم، انه يتجه الى دولة واحدة، عندئذ ستختلف آليات التفاوض ومعايير المعادلة السياسية القائمة.
المخيم على حافة الانفجار
بقلم: بهاء رحال – الحياة
الاضراب الذي يقوم به موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للمطالبة بحقوقهم والذي أخذ يتصاعد بشكل دراماتيكي منذ ايامه الاولى حيث تزامن مع اعلان بعض الموظفين اضرابهم عن الطعام واعتصامهم في خيام الاعتصام التي اقيمت احتجاجا على تعنت الوكالة في قبول مطالبهم العادلة والتي هدفها ضمان حقوق العاملين في هذه المؤسسة الدولية وتسوية اوضاعهم الوظيفية والمعيشية الا ان الاخيرة لا تزال ترفض ولا تزال تغض الطرف عن الاستجابة حتى للوساطة التي قامت بها السلطة من جانبها واعلنت عن موقف غير واضح وغير مفهوم وتجاهلت وتتجاهل حتى اليوم هذا الاضراب وكأن شيئا لم يكن وكانه لم يحدث شيء ضاربة بعرض الحائط كل الدعوات وكل النداءات التي خرجت من اللجان الشعبية ومن الفصائل الوطنية ومن اللاجئين في ارض المخيمات التي لم يعد الامر يطاق فيها، حيث اصابها الشلل التام في كافة المرافق الحياتية والصحية والتعليمية وتوقفت كل الخدمات بشكل غير مسبوق خاصة وان الوكالة الاممية لا تزال ترفض الاستجابة لمطالب موظفيها وكأنها بداية للتخلص من مسؤوليتها القانونية والتهرب من التزاماتها المكلفة ومما يزيد الشك في ذلك هو حالة التراخي التي تتعامل بها الوكالة مع الاضراب والنظر اليه كأنه شيء عابر.
لقد دخل اضراب موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مراحل متقدمة وتدهورت صحة بعض المضربين عن الطعام وانهار النظام المعيشي داخل المخيمات بفعل توقف الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الكثير من اوجه الحياة بفعل هذا الاضراب الذي لم يجد حتى يومنا اية حلول ولا يبدو ان الوكالة من جهتها تتعامل مع القضية بجدية بل انها اتخذت من اسلوب التراخي واللامبالاه وسيلة للدفاع عن نفسها أو طريقة لمواجهة الاضراب وتنكرت لمسؤولياتها المطالبة بتقديمها وكأنها بدأت تتنكر للمخيم, والمخيم يشهد حالة من الحذر وينتظر حلا سريعا لهذه المعاناة ويدعو الجميع الى تحمل مسؤولياته وعلى رأسهم وكالة الغوث وان تخرج من مواقفها الباهتة لتقدم حلا يضمن انهاء الاضراب وعودة العاملين الى اماكن عملهم، والا فلتتحملوا النتائج ولا يعجبكم سكوت المخيم فهذا سكوت الحليم، وهو سكوت ماقبل العاصفة، فاحذروا من المخيم اذا غضب واحذروا من ردة فعله فهو يقف على حافة الانفجار من هذا الوضع الكارثي الذي ألحق الضرر بكل شيء وخاصة بالطلبة الذين يتهددهم ضياع العام الدراسي، فلا تقفوا صامتين.
"ملح الأرض " المسيح يقاوم في " الأغوار "
بقلم: موفق مطر – الحياة
قال الفلسطيني الدكتور صائب عريقات, للاسرائيلية تسيبي ليفني: "لقد سكنت عائلتي الكنعانية في أريحا قبل وصول بني إسرائيل بقيادة يهوشع بن نون إلى المدينة بـ3 آلاف عام". أما ليفني وزيرة العدل بحكومة سرائيل فإنها لم تجد بدا من التسليم برواية صاحب الحق, فردت بلغة السياسة الحديثة ( المصالح ) فقالت حسب ما نشر في صحيفة اسرائيلية: "على الإسرائيليين والفلسطينيين ألا يسألوا بعضهم البعض أية رواية أصدق، وإنما كيف يمكن بناء المستقبل فإسرائيل ترغب بالسلام لأن ذلك مصلحتها"!!.
كان بديهيا تهرب ليفني من مناقشة الحق التاريخي للفلسطينيين في أرض فلسطين, واللجوء الى البديهية التي على اساسها انطلقت عملية السلام منذ مؤتمر مدريد, وأطلق العرب مبادرتهم للسلام ألا وهي أن السلام مصلحة لطرفي الصراع .
تعلم ليفني أن الاستناد الى القوة العسكرية والاحتلال الاستيطاني, يقضي نهائيا على امكانية الالتقاء عند محطة السلام، كمصلحة في الحد الأدنى وكمنهج للحياة دائم بين الشعوب, فالاحتلال يلغي مبدأ التقاء المصالح, ولا يسمح بتكوين منطق الحد الأدنى من التعايش فالمصالح اما ان تكون متوازنة ان لم تكن متساوية بين طرفين, أو تكون على حساب حقوق وإنسانية طرف, وهنا يصبح اسمها استعبادا واستبدادا لا يمكن لإنسان حر كالفلسطيني الخضوع له.
المفاوض المناضل الفلسطيني عريقات عضو مركزية حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" قال هذا لليفني في مؤتمر الأمن بميونخ الألمانية.. وبالتوازي يدلنا محمود العالول وهو عضو مركزية في ذات حركة التحرر التي تقود المقاومة الشعبية السلمية هنا في فلسطين، عن المعنى الذي قصده السيد المسيح رسول المحبة والسلام بعبارة ( ملح الأرض ), فيقول بجوار حجارة بيوت مقدسة في قرية دير عين حجلة في الأغوار: " الأغوار فلسطينية وقرية "عين حجلة" هي أرض لكنيسة (دير حجلة ) وهي في الأصل قرية فلسطينية كنعانية تقع على الطريق الواصل بين البحر الميت وبيسان... سنبقى متواجدين في قريتنا مهما بلغت التحديات".. اذن نحن بالسلام ومن اجل السلام نقاوم.
قال السيد المسيح لتلامذته: "أنتم ملح الأرض "تعطون لحياة الناس مذاقها الطيب, وقدر الفلسطيني ان يكون ملح ارضه, يضحي, يذوب, من أجلها, فلأرض فلسطين مذاق لا يعلمه إلا انسانها, فوحده يعرف مقادير ونوع (الملح ).
قرر الفلسطينيون ( ملح الأرض ) اعادة الحياة لقرية عين حجلة, وتسليط الأضواء على محتلي ومستوطني وسارقي ثروات الأغوار الفلسطينية ومواردها, ففي الأغوار الفلسطينية يسرق جنرالات الاقتصاد الاسرائيلي بتغطية من جنرالات جيش اسرائيل و (تقاريرهم الأمنية الاستراتيجية ) ثروات بلادنا, بعضهم على سبيل المثال لا الحصر شركة "مهادرين", أكبر شركة منتجة مصدرة للخضار والفواكه، وشركة المستوطنين "هاديكلام" للتمور, وشركة انتاج مستحضرات التجميل من ثروات البحر الميت "أهافا".
انهم يسرقون طين وملح البحر الميت .. لكن ارضنا لا يطيب لها إلا ملح انسانها.
تحريض سافر واستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
حول اسعار الادوية في السوق الفلسطيني؟
بقلم: الدكتورعقل أبو قرع – القدس
من يفاوض من في "جنيف 2"؟!
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
معادلة.. "الخلل الاخلاقي" !!
بقلم: حمدي فراج – القدس
بين كيري وقدسنا بندقية
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
تحذيرات كيري .... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
كيري.. وتبادلية "التعويضات" ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
كيري بين أوهام الأمن.. ورشوة التعويضات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
على أبواب مواجهة مشروع كيري
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
هل يمكن أن "نلاعب" إسرائيل لعبة الأرقام ذاتها..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
مجانين بيت لحم .. مجانين الوطن
بقلم: عادل الأسطة – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
تغريدة الصباح – شوال بصل
بقلم: حنان باكير – الحياة
ما يُمليه علينا الواقع
بقلم: عدلي صادق – الحياة
الدولة الواحدة ردا على نتنياهو
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
المخيم على حافة الانفجار
بقلم: بهاء رحال – الحياة
"ملح الأرض " المسيح يقاوم في " الأغوار "
بقلم: موفق مطر – الحياة
تحريض سافر واستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
تواصل الحكومة اليمينية الاسرائيلية حملة تحريض سافرة ضد الرئيس محمود عباس وضد الشعب الفلسيني باطلاق مزاعم وافتراءات باطلة من قبل اقطابها بدءا من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه موشيه يعلون ووصولا الى وزراء وقادة احزاب في ائتلافه المتطرف اضافة الى اعضاء كنيست في محاولة لقلب الحقائق وخلط الاوراق والتهرب من استحقاقات ايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية بسد الطريق امام جهود السلام التي يقودها وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الذي لم ينج هو الآخر من التحريض ووصفه بالهلوسة واللاسامية لا لشيء سوى انه يريد عرض مقترحات لاتفاق اطار لا تنسجم واطماع الاحتلال والتوسع والاستيطان التي تجسدها هذه الحكومة الاسرائيلية.
هذه الغطرسة الاسرائيلية وهذه الأفترادات الكاذبة وتصوير الفلسطينيين على انهم وحوش آدمية وتصوير الدولة الفلسطينية العتيدة بالخطر الذي سيتهدد اسرائيل ومستوطنيها وتصوير الرئيس عباس على انه لا يمكن ان يكون شريكا في صنع السلام ..الخ من المزاعم يطلقها عتاة المتطرفين من حزب الليكود الحاكم وشركائه في الأتلاف ويطلقها قائد المؤسسة العسكرية الاسرائيلية يعلون واعضاء كنيست، يمثلون جميعا الاحتلال غير المشروع بكل بشاعته والاستيطان غير المشروع ويقفون موقفا مناهضا للسلام وللقانون الدولي ولهذا الاجماع العالمي المؤيد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو ما يعني أننا امام قيادة اسرائيلية لا توجد في موقع اخلاقي يتيح لها توجيه النقد للآخرين بل هي في الدرك الاسفل من مناهضة الشرعية الدولية وحقوق الانسان وتنتمي الى عقلية الاحتلال والتوسع على حساب الآخرين.
إن ما يجب ان يقال هنا لنتانياهو وشريكه نفتالي بينيت زعيم الحزب المتطرف "البيت اليهودي" وليعلون وغيرهم، أن القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ليسا بحاجة الى شهاداتهم الباطلة بعد ان بانت اسرائيل بقياتهم معزولة على الساحة الدولية بعد ان فشلتا في احباط الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال وبعد ان توالت حملات المقاطعة للشركات والمؤسسات الاسرائيلية في اوروبا واميركا وبعد ان ادان المجتمع الدولي بأسره ممارسات الاحتلال خاصة الاستيطان. وبعد ان شهد العالم اجمع بما في ذلك اميركا حليفة اسرائيل على مصداقية الموقف الفلسطيني وجدية القيادة الفلسطينية في صنع السلام.
واذا اعتقد كل هؤلاء ان غوغائيتهم هذه ولجوئهم لمزاعم الاتهام والتشويه ستحرف الانظار عما يمارسونه من استيطان غير مشروع وتهويد وما تنفذونه من سياسة تمييز عنصري فإنهم يخطئون خطأ جسيما ويكفي ان يتذكروا التحزيرات التي يطلقها بعض رجال الفكر في اسرائيل وبعض اصدقائهم في العالم من العزلة الدولية ومن الثمن الباهظ الذي ستدفعه اسرائيل اذا واصلت هذا النهج، كي يدركوا تماما مدى جسامة المواقف والممارسات التي يتبنونها.
والغريب العجيب ان توجه اسرائيل هذه المرة سهامها ايضا الى ولي نعمتها الولايات المتحدة الاميركية التي باتت تدرك مخاطر استمرار غض الطرف عما ترتكبه اسرائيل وعما تتبناه من مواقف فتحاول عبر جهود السلام إقامة نوع من التوازن رغم ان مواقفها لم ترتق بعد الى الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية ورغم ان وزير خارجية اسرائيل وصف "مقترحات" كيري بأنها الأفضل لاسرائيل.
لذلك نقول ان هذه الهستيريا الاسرائيلية وهذه الهلوسة وهذه اللاسامية الحقيقية التي يجسدها هذا النهج الاحتلالي الاسرائيلي ورموزه يجب ان تواجه بشكل جاد وصارم من قبل المجتمع الدولي ومن قبل الولايات المتحدة تحديدا، ومن غير المعقول ولا المقبول ان تتواصل المفاوضات فيما ترتكب اسرائيل هذا الكم الهائل من الانتهاكات والتحريض السافر في الوقت الذي يجب ان تحاسب فيه وتعاقب على انتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وفي الوقت الذي يدرك فيه العالم اجمع ان دعاة تكريس الاحتلال والاستيطان وانتهاك حقوق الانسان وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة ليسوا في موقع اخلاقي يتيح لهم كل هذه الغطرسة، بل الأجدر بهم ان يصمتوا وان يخضعوا لإرادة المجتمع الدولي.
حول اسعار الادوية في السوق الفلسطيني؟
بقلم: الدكتورعقل أبو قرع – القدس
اكثر من مرة، ذكر لي اصدقاء وزملاء من الصيادلة وغيرهم، وكذلك من المستهلكين، اي المرضى الذين يستهلكون ادوية، وكذلك من نشطاء في مجال حماية المستهلك، ان اسعار ادوية محلية، اي ادوية يتم انتاجها من خلال الصناعة الدوائية الفلسطينية، تفوق اسعار الادوية المشابهة الاجنبية، اي الادوية التي يتم استيرادهـا، سواء اكانت لشركات اجنبية عالمية او لشركات اسرائيلية.
وقبل ايام زرت اكثر من صيدلية، ولاحظت ان ذلك صحيح، ولنأخذ على سبيل المثال، احد الادوية الذي يتم تعاطية من قبل الاشخاص الذين يعانون من مرض الضغط المرتفع، وعند مقارنة حبة الدواء التي تنتجها شركة عالمية معروفة، مع تلك التي تنتجها شركة ادوية محلية فلسطينية، تحوي نفس الكمية او الجرعة ونفس التركيبة الكيميائية من المادة الفعالة، وجدنا ان سعر الدواء المحلي اي الوطني يزيد ضعفين ونصف عن نفس الدواءالاجنبي، وبالتحديد فان ثمن 10 حبات من الدواء الاجنبي يبلغ 4 شواكل، بينما يبلغ ثمن ال 10 حبات من الدواء المحلي 10 شواكل؟ وبالطبع هذا فرق كبير، وما ينطبق على هذا الدواء بالتحديد يمكن ان ينطبق على ادوية اخرى.
وفي الواقع، لم نستطع ايجاد تفسير لذلك، حيث ان المادة الفعالة من حيث الكمية والنوعية هي نفسها، وتكاليف الانتاج من المتوقع ان تكون اكثر عند المنتج الاجنبي، والدواء المحلي اسوة ببقية الادوية التي يتم انتاجها في بلادنا عبارة عن ادوية " تحويلية"، اي ان الدواء او المادة الفعالة موجودة في ادوية ومنذ فترة في الاسواق العالمية وتحت اسماء مختلفة، ولكن يقوم المصنع الفلسطيني بأستيرادها وانتاجها على شكل دواء يحمل اسما خاصا بالمصنع، اي انة لا يقوم بأبتكارها او تطويرها او بالاحرى لا يملك حق الاختراع وبالتالي ملكيتها ومن ثم يستطيع التحكم ببيعها بسعر مرتفع كما تعمل شركات الادوية العالمية حين تبتكر ومن ثم تسوق ادوية جديدة خاصة بها.
وهذا المثال المحدد عن الفرق الكبير بين اسعار الادوية المحلية والادوية الاجنبية المشابهة لا يمكن ان يصب في صالح منتج وطني، يسعى الجميع، سواء اكان جهات رسمية او اهلية الى دعمة وتشجيع المستهلك الفلسطيني للاقبال علية، خاصة في ظل الاعتقاد الراسخ والمتوارث بأن الدواء او المنتج الاجنبي هو الافضل او الامن او الاكثر فعالية او جودة، ومع وجود ادوية اخرى يزيد فيها سعر الدواء المحلي عن سعر الدواء الاجنبي المشابهة لة، فأن المستهلك او المريض الفلسطيني، اذا كان واعيا ويسأل عن خيارات، سوف يشتري الدواء الاجنبي، الذي يعتقد انه اكثر جودة وفي هذه الحالة الارخص سعرا، وما لذلك من تداعيات سلبية على الدواء المحلي، في الوقت الحاضر او في المدى البعيد.
ومن خلال خبرتي في التعامل مع فحوصات الادوية المحلية والاجنبية، ولسنوات عديدة، سواء محليا او عالميا، معروف ان الصناعة الدوائية الفسطينية تمتاز بالجودة والمواصفات التي تمتاز بها الادوية الاجنبية، وبأنها تطورت وتتطور وتقدمت على مر السنين، ومعروف ان الصناعة الدوائية الفلسطينية تغطي حوالي 50% من القيمة السوقية للادوية في فلسطين، ويبلغ حجم الاستثمارات فيها حوالي 60 مليون دولار امريكي، وتقوم بتشغيل حوالي 1000 موظف، وبالتالي من الممكن ان تتطور اكثر لتغطية اوسع من الحاجة المحلية في السوق، ومن اهم عوامل او دعائم تطورها هو ثقة المستهلك الفلسطيني بالدواء المحلي، ولبناء الثقة، وبالاضافة الى الجودة والسلامة والفعالية للدواء، من المفترض عدم رفع الاسعار او الاثقال على المستهلك بالسعر، خاصة حين يتوفر له بديل اجنبي وبسعر اقل.
وبعيدا عن المقارنة بين سعر الدواء المحلي والاجنبي، فقد تم قبل حوالي اسبوعين، اي في منتصف شهر كانون الثاني هذا العام، بدء سريان قرار وزارة الصحة بتفعيل قانون مراقبة اسعار الادوية في الاسواق الفلسطينية، وبالتالي العمل بأن لا تكون اسعار الادوية وبالاخص الاجنبي منها يفوق اسعار نفس الادوية في الدول المجاورة لنا وبالتحديد الاردن واسرائيل، ورغم الضجة الاعلامية التي رافقت ذلك، فالسؤال عند المريض او المستهلك الفلسطيني هو هل تم او يتم تطبيق ذلك عمليا، وهل تم اعلام الصيدليات اي اماكن بيع الادوية بذلك، وهل هناك رقابة حقيقية ومتابعة لتطبيق هذا القرار، واذا لا فما هي الفائدة من القرار؟
ولتطبيق هذا القرار، من المفترض تضافر الجهود، والاهم توعية اواشراك المستهلك في ذلك، وبأن يكون هناك دور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني في تطبيق هذا القرار، حيث وانه حسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية يوجد اكثر من 140 من الادوية في السوق الفلسطينية تزيد اسعارها عن مثيلاتها في الاردن او اسرائيل بفارق قد يصل الى حوالي 100 شيكل، وبالتالي فأن تطبيق القرار عمليا من المفترض ان يحدث فرقا كبيرا، خاصة عند المريض الفلسطيني الذي احتاج ويحتاج ادوية منذ سنوات وربما لسنوات قادمة.
والمستهلك الفلسطيني، اسوة بالمستهلكين في العالم، وكما يلعب دورا هاما في الابلاغ عن التلاعب باسعار منتجات من اغذية وغيرها، من المفترض ان يلعب دورا في مقاومة ارتفاع الاسعار الادوية لانه هو الذي يتعامل مباشرة مع الطبيب ومع الصيدلي ومن ثم يحصل على الدواء، وبناء عليه من المفترض ان يتم بناء قنوات تواصل بين المستهلك والجهات الرسمية لابلاغها في حال ملاحظة ارتفاع السعر او عدم صلاحية الدواء، وكذلك بأن يكون للمستهلك دورا في الحد من ظاهرة الادوية الفاسدة، وذلك من خلال الانتباة لامور تتعلق بسلامة او فعالية الدواء الذي يتناولة، واذا ما كان هناك اية مضاعفات غير طبيعية، يجب الابلاغ عنها الى الجهات المسؤولة، او حتى من خلال ملاحظة شكل الدواء، اواللون، ومدى صلابة حبة الدواء، والطعم، وبالطبع النظر وقبل اخذ الدواء الى تاريخ الصلاحية وشروط التخزين، ولكي يلعب المستهلك هذا الدور من المفترض ان يعرف الى من يتجة وكيف يتواصل او يتعامل مع الجهات ذات العلاقة، سواء اكانت رسمية او اهلية، وهذه الجهات تتحمل مسؤولية اعلام المريض او المستهلك بذلك.
من يفاوض من في "جنيف 2"؟!
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
لم نأخذ على محمل الجد، حكاية "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري"، فالائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، أخفق في توفير مظلة جامعة للمعارضات السورية على تعددها، ووفده إلى جنيف 2" لا يمثل اكثر من 45 بالمائة من قوى الائتلاف، بعد أن انسحبت منه 67 شخصية سورية معارضة، بعضها لصراع على السلطة (44 عضو محسوبين على دولة خليجية صغيرة) وبعضها الآخر، لأسباب سياسية تتصل أساساً بالموقف من المؤتمر المذكور (23 عضواً) هم كامل حصة المجلس الوطني السوري المعارض، أما «إخوان سوريا» المسلمون، فقد تموضعوا في الخانتين، لهم حصة مع المقاطعين للمؤتمر ولهم حصة مع المشاركين فيه.
في المعلومات المتوافرة عن مجريات مونترو و"جنيف 2"، أن الوفد التفاوضي، كاد ينشق على نفسه حين غادره رئيسه أحمد الجربا، حول من سيقود وفد الائتلاف إلى المفاوضات قبالة وفد النظام، وكانت التسوية باختيار هادي البحرة رئيساً، وهو ما حدا بكل "كبار" الوفد السوري المفاوض للاستنكاف عن المشاركة في مفاوضات الغرفة الواحدة والغرفتين المنفصلتين تاركين رئاسة وفد الحكومة لسفير سوريا في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، وهو أمر أضعف من مستوى وسوية المحادثات.
وفي المعلومات أيضا أن السفير الأمريكي إلى سوريا روبرت فورد، وعددا من سفراء مجموعة "أصدقاء سوريا"، يتابعون عن كثب شؤون المفاوضات، ويتولون بأنفسهم إدارة الوفد السوري المعارض، بل ويتحكمون بقراراته وأولوياته، فبعد حديث الجربا عن مهمة المؤتمر الوحيدة: نقل السلطة، رأينا المفاوضات تنتقل إلى حمص والسجناء والمساعدات الإنسانية، بخلاف ما كان يرفضه الوفد، ودائماً بطلب من واشنطن وتوجيه من سفيرها، وكان حريٌ بهؤلاء أن يجلسوا على المائدة مباشرة قبالة وفد النظام، بدل إدارة المفاوضات من خلف ستار.
الائتلاف في الأصل، إطار مصطنع، أنشأته وتحكمت بموازين القوى في داخله، واتخذت قراراته نيابة عنه، حفنة من الدول المؤثر والوازنة عربياً وإقليمياً ودوليا: وهنا نتحدث بالحصر عن دولتين عربيتين اثنتين، ودولة إقليمية واحدة (تركيا) فضلاَ عن فرنسا والولايات المتحدة، ومن يدقق في أسماء أعضاء الائتلاف، وعمليات الصراع على هيئاته القيادية وانتخاباته الداخلية، يستطيع أن يلحظ حجم ووزن كل دولة من هذه الدول في تركيبة الائتلاف وآليات صنع القرار ورسم السياسة فيه.
وثمة طيف واسع من المعارضات السورية، لم يجلس على مائدة "جنيف 2"، وكثير من هذه المعارضات، له حجم ووزن وتمثيل، يعادل الائتلاف أو يزيد عنه، لكن الإرادة الإقليمية والدولية، تريد حصر تمثيل المعارضة بالائتلاف، للأسباب المعروفة، والتي تتجلى أساساً في سعيها لفرض نفوذها في النظام السياسي السوري الجديد، خدمة لأجندات إقليمية من جهة وطمعاً في مد النفوذ والسيطرة على مقدرات سوريا الظاهرة والكامنة من جهة ثانية.
والمضحك / المبكي، أن وفد عدم التمثيل والنفوذ والصلاحيات، مطلوب منه إتمام تسويات وترتيبات، تتصل بوقف إطلاق نار وهو لا يمتلك نفوذا على المقاتلين، وإطلاح سراح المعتقلين وليس لديه فكرة كافية عنهم، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وهو يتصرف بمنطق عدائي لسوريين تحت الحصار في عدة مناطق محسوبة على النظام من وجهة نظر الفريق المفاوض، والتأسيس لنظام سياسي يجمع السوريين جميعاً، وهو الأعجز عن حفظ مكوناته، دع عنك تمثيل بقية ألوان الطيف السوري المعارض، في تذكير لنا جميعاً بأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وبقليل من المصارحة نختتم، أن وفداً وائتلافاً يخضع لكل هذه التجاذبات والإملاءات، فاقد لقراره وإرادته، لا يمكن أن يكون مؤهلاً لقيادة سوريا، وصوغ مرحلة انتقال نحو ضفاف الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
معادلة.. "الخلل الاخلاقي" !!
بقلم: حمدي فراج – القدس
في تفاصيل الخلاف بين نتنياهو وبين وزير اقتصاده من على يمينه نفتالي بينت زعيم البيت اليهودي المتشدد ، يجدر بنا ان نقرأ الاسطر وما بين الأسطر ، فلقد عاب بانيت على نتنياهو تصريحاته بشأن ابقاء مستوطنين في الدولة الفلسطينية ، بعبارات كبيرة وقاسية تعكس جيدا شخصية كريهة من التاريخ الكريه ، مثل عبارة "نسلنا لن يصفح عن زعيم يسلم بلادنا ويقسم عاصمتنا" ، لاحظوا مفردة "نسلنا" .
نتنياهو ، الذي لم يعد زعيما غضا مثل بينيت ، فهو معروف في الاوساط السياسية ، وهو الذي خلف شارون في زعامة الليكود ، وتمكن من تفويز هذا الحزب عدة مرات حتى بعد ان عرضّه شارون للانشقاق وتفريخ حزب كاديما ، غضب غضبا شديدا من بينت وطالبه بالاعتذار العلني خلال ساعات ، للدرجة التي فوجيء بها مراقبون ان ينزل الوزير بينيت المعروف بمناصرته للمستوطنين وبالتحديد العتاة منهم ، بهذه السرعة ويقدم الاعتذار .
نتنياهو لم يغضب من تصريحات وزيره التي تسيء للشعب الفلسطيني قبل اي طرف آخر ، عندما قال : ان مستوطنيه سيتم سفك دمهم في ظل الدولة الفلسطينية . غضب نتنياهو كان لسبب آخر بعيد كل البعد عما ذكر وهو انه كان يريد بتصريحه ذاك ان يكشف كيف ان الفلسطينيين سيرفضون المقترح وبالتالي انهم يرفضون السلام . ولهذا جاء في بيان مكتبه ادانة تهور بينيت في "تعريض المصالح الوطنية للخطر بما يضر بالجهود الرامية إلى الكشف عن الوجه الحقيقي للسلطة الفلسطينية " ، وكأن السلام الموعود الذي نقف عند عتباته يتقدمنا وزير خارجية امريكا جون كيري بخطواته العريضة ومقاس قدمه الكبير ، يضعنا كفلسطينيين في مصب الهجمات بين المتنافسين الاسرائيليين ، فحين يرانا هذا قتلة وسفاحين ، يريد ذاك كشف وجهنا الحقيقي من ابقاء مستوطنين تحت حكمنا .
لم يعرف بينيت ، لا عبر ثقافة اجداده ، ولا عبر ما يمرره لنسله ، وفق تعبيره العنصري ، اننا شعب نحرص على الحياة اكثر من اي شيء آخر ، نقدسها لنا ولغيرنا ، وان العرق والجنس والدين هي مقومات لشعبنا وتنوعه على مدار تاريخه الطويل ، هل سأل بينيت نفسه كيف حافظنا على قبر جدته راحيل رغم كل ما قيل عن سلوكها ، حتى احتلال جيشه عام 1967 ، وبدلا من ان يشكرنا قام باقتلاع المنطقة بكاملها لكي يصادر القبر . ترى هل سيحافظ بينيت او نتنياهو او بيرس عليه اكثر مما حافظنا ، وهو بيريس ، الذي حين ادان تصريحات بينيت ادانها بدوره من باب انهم اقوياء "ما هذا الخوف الذي ينتابنا؟ سيقتلون يهود؟ اليوم؟ كان ينبغي أن يكون مثل هذا الخوف في العام 1948 عندما لم يكن بحوزتنا أي مدفع أو دبابة أو طائرة مقابل سبعة جيوش ؟" انتهى الاقتباس .
بين كيري وقدسنا بندقية
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
كثرت في الآونة الأخيرة التسريبات حول ما سيعرضه جون كيري على الفلسطينيين والإسرائيليين وما أصبح يعرف بخطة "كيري" لحل النزاع. آخر هذه التفاصيل ورد بمقالة كتبها "توماس فريدمان" في النيويورك - تايمز وفيها استعرض، يوم الأربعاء الماضي، جوهر نقاط خطة كيري النهائية. ربما ستكون تفاصيل فريدمان الأقرب للحقيقة وربما لا، أمّا الواقع فسيتكشف في المستقبل البعيد القريب ومنه سنتعلم، مرّةً أخرى، أن ما عرض في النهاية على الفلسطينيين كخطة أمريكية ناجزة هي بالحقيقة "خطّة" كان قد اطّلع عليها الإسرائيليون كخربشة، فمسودّة، فوثيقة فجّة، فمقترح متكامل جاهز، ووضعوا عليها في كل تلك المراحل ملاحظاتهم وتحفظاتهم التي لم تقبل كلّها، مع أن الجانب الأمريكي عاملها بمراعاة قصوى وقدر كبير من الاحترام والتفهم.
من لا يقرّ بما طرأ من تغيير على علاقات أمريكا وإسرائيل منذ أيلول (2001) والعملية الإرهابية التي أسقطت البرجين التوأم وآلاف الضحايا الأمريكيين، لن يستطيع مجاراة وتفكيك طلاسم الديبلوماسية الأمريكية ودوافعها، خصوصًا فيما يتعلق بالشرق الأوسط. من سيختصر ويوقف دوافع أمريكا، بالرغم من أهمية الادعاء والتوصيف، على ذلك الحلف الخبيث بين الحركة الصهيونية المتنفّذة في المجتمع الأمريكي والممسكة بمفاصل حياته الاقتصادية والثقافية وبين تلك التيارات المسيحية المتصهينة، لن يهتدي إلى ما يسعفه من منافذ وحجج بواسطتها قد تصير أمريكا راعيًا صالحًا وليس كما هي عليه اليوم.
ما حدث كان انقلابًا صارخًا على ما ساد من مبادئ ومفاهيم تحكمت بكيفية التعاطي مع قضايا النزاع العربي الإسرائيلي وخصوصًا الفلسطيني. كانت القاعدة والفرضية تنصّان على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية هو مصدر جميع القلاقل وهو يؤدي إلى جميع أعمال العنف والإرهاب لما يسببه من مهانة تسبب الكراهية والغضب وهذه هي أم كل تداعيات العنف والقتال.
في عهد بوش وتحديدًا منذ العام 2002، انقلبت أمريكا على هذه المفاهيم حين تبنّت، بشكل واضح وقاطع، ما طرحته حكومة شارون وصرّحت به دومًا: "لا مفاوضات مع الإرهاب". شعار لم يرفع ولم يقبل حتى في زمن حكومة رابين وغيرها، فصار منذ ذلك العام مطلبًا أمريكيًا ومن ثم نال إجماع "الرباعية" وأكثر.
كانت هذه البدايات التي أنجبت "خريطة الطريق"، ولأول مرّة تم ربط أي تقدم باتجاه حل قضية فلسطين بوقف كل أعمال العنف والإرهاب، كما يعرفها الجانب الإسرائيلي والأمريكي كذلك. ثم جاء الشرط المستحدث الثاني الموجب تسيير أعمال السلطة الفلسطينية وفقًا لقواعد الحكم الرشيد والشفافية الأمريكية، وما عناه ويعنيه ذلك من توابع. لقد كان الأهم من هذا وذاك إلغاء حتمية جدولة كل خطة وبرنامج بأوقات وسقوف زمنية، فالتقدم من مرحلة إلى مرحلة لم يعد منوطًا بيوم، بشهر وبسنة، بل بإنجاز ما تقدم من شرط ومطلب، وكان تقييم الأداء الفلسطيني تعجيزيًا على الغالب.
إلى ذلك، فمن يتابع ما كتبه إسرائيليون واكبوا هذه الحقبة، وكانوا شركاء فاعلين يستطيع أن يستشف الكثير من الدروس والعبر التي قد تساعد على فهم ما يجري في هذه الأيام. فعلى الرغم من ارتياح شارون والقيادة الإسرائيلية للموقف الأمريكي الجديد، بدا لهم واضحًا أن الموافقة الإسرائيلية على خريطة الطريق الأمريكية، وعلى الرغم ممّا أتبعته الحكومة الإسرائيلية لها من تحفظات، تعني أيضًا الموافقة "الشارونية" على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. افترض كثيرون أن شارون وحكومته اليمينية وافقا على ذلك وكانوا على يقين أن استحقاق إقامة الدولة الفلسطينية سيبقى فرضية نظرية تائهة على طريق ضاعت خريطته، علمًا بأن "دوف فايسجلاس" وهو أقرب مساعديه في تلك التجربة، لا يجزم في كتابه الجديد عن شارون، بأن هذا هو الدافع السياسي الوحيد لموافقة شارون على حل الدولتين.
في جميع الأحوال، احترمت القيادة الفلسطينية، ممثلة في منظمة التحرير، ما وافقت عليه من التزامات وهكذا فعلت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، ثم جاء موقف حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" ومعها الفصائل الفاعلة في غزة والتزمت بدورها ولأسبابها بالتهدئة وإن كانت هذه على مراحل وتقطعات.
على هذه الخلفية وعلى إثر استشعار وتائر الخيبة والغضب الدفين في فلسطين وعلى ضوء ما يجري في العالم العربي، وهو عامل كان له كبير الأثر على مواقف أمريكا تجاه القضية الفلسطينية وتحديد مفهوم "ألمصالح الأمريكية في المنطقة"، جاءت تحركات كيري ومبادرته.
لست في معرض تبرير أي سياسة أو نهج فلسطيني رسمي أو غياب نهج أخر، فأنا أعيش بين شعبي وأتابع ما يجري حولي في الدول الشقيقة و"الحبيبة" وأقرأ بين سطور ما يتيحه هامش النشر الإسرائيلي، ومن كل هذا أتعلم وأعبر هنا عن وجهة نظر قابلة للنقاش، فما سرّبه توماس فريدمان وما رشح من قبل، لا يفي بما اصطلح على تسميته بالثوابت الفلسطينية ولكن إذا كان الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة بحدود حزيران 67وإذا عاد الأمريكيون إلى نظام الجدولة الزمنية والمقاييس ولاستحقاقات حسبها الإسرائيليون أنها ستبقى رابعة لمستحيلات ثلاثة فهل سيصبح ما أعلنه نتنياهو مؤخرًا عن عدم ضرورة موافقة إسرائيل على كل ما يطرحه الجانب الأمريكي "ضغث" يضاف الى "إبّالة" وزير الدفاع يعلون الذي وصف كيري ب"المهلوس الاستحواذي الحالم المسيحاني"؟ أما هكذا يبرعم طلاق حتى في أحسن العائلات؟ مجرد فكرة أو أمل!
تحذيرات كيري .... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي في دافوس يوم الجمعة قبل الماضية تحدث وزير الخارجية الأميركي مطولا عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث حذر من أنه إذا أخفقت محاولاته الرامية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تحافظ على مستقبلها كدولة ديمقراطية ويهودية، وشدد على أن الوضع لا يمكن أن يستمر للأبد، وفي الوقت ذاته وجه كيري تحذيرا للفلسطينيين بأنهم يجازفون بفرصتهم الأخيرة للحصول على الدولة المستقلة.
والواقع أن كيري أصاب في تحذيره للإسرائيليين وفي الوقت عينه جانبه الصواب في توجيه التحذير للجانب الفلسطيني، وذلك لأن كيري يعلم من هو الجانب الذي يعرقل سير المفاوضات ويحول دون وصولها الى محطتها الرئيسية التي تتمثل في انسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، ومن ثم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي الفلسطينية، وهو إذ يساوي في تحذيره بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجافي الحقيقة ويظلم الجانب المظلوم.
إن الوزير كيري والعالم كله يعرف أن القيادة الفلسطينية صادقة كل الصدق في توجهها نحو تحقيق سلام عادل وشامل ينهي الصراع ويفتح صفحة جديدة من الأمن والأمان. والرئيس محمود عباس أكد منذ اللحظة الأولى لتسلمه السلطة أن الفلسطينيين قيادة وشعبا اختاروا السلام خياراً استراتيجيا، وأنهم يسعون صادقين الى تحقيقه بالوسائل السلمية البعيدة كل البعد عن العنف والقتل وسفك الدماء. ومن هذا المنطلق فإن الرئيس عباس استجاب لكل المبادرات خاصة الأميركية منها الساعية إلى تحقيق السلام، ولذلك دخل في مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وقد تم التوصل الى تفاهمات كبيرة في هذا المجال مع حكومة إيهود أولمرت السابقة، ولكن ما أن تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية خلفاً لأولمرت حتى ألغى كل تلك التفاهمات وأصر على العودة إلى المربع الأول وإلى نقطة الصفر، واتخذ من المفاوضات سبيلا لمواصلة سياسة حكومته حيث اختار الإستيطان والتوسع على تحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني.
وفي سبيل التهرب من التزامات الحكومات الإسرائيلية السابقة تجاه عملية السلام فإن رئيس الوزراء بيبي نتنياهو يضع شروطا تعجيزية أمام الجانب الفلسطيني وذلك سعيا منه لتأخير عملية السلام، من ذلك إصراره على اعتراف الجانب الفلسطيني بيهودية الدولة العبرية ورفضه الإعتراف بحدود الرابع من حزيران عام 1967، وإصراره على التواجد الإسرائيلي في منطقة الأغوار.
وفي الوقت عينه فإن نتنياهو يستغل المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لكسب الوقت وبناء المزيد من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، تنفيذاً لسياسة الأمر الواقع والتي تعد مناقضة لقرارات الشرعية الدولية التي ترفض سياسة الأمر الواقع، كما ترفض ضم أراضي الغير بالقوة. وقد أبدى الوزير كيري أكثر من مرة رفضه لسياسة الاستيطان وتساءل مستنكراً لماذا تبني إسرائيل مستوطنات في أراض ستكون جزءا من الدولة الفلسطينية؟
وقد نبه الوزير كيري في كلمته تلك أمام مؤتمر دافوس إسرائيل إلى أن استمرار الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر للأبد، وحذرها من "الديناميكية الديمغرافية" حيث أن إصرار إسرائيل على الاستمرار في السيطرة على الأراضي الفلسطينية ورفضها قيام الدولة الفلسطينية سيجعلها دولة ثنائية القومية، وخلال فترة وجيزة سيصبح العرب الفلسطينيون أكثرية في هذه الدولة وهذا ما يحذر منه العديد من القادة والزعماء الإسرائيليين وخاصة مسؤولين أمنيين سابقين.
وقد طرح الوزير كيري عدداً من المبادئ الأميركية لحل القضايا الجوهرية وتتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون دولة الفلسطينيين في أي مكان تواجدوا فيه وتكون مرجعا لكل الفلسطينيين في الوطن والشتات والمهجر، وفي ترتيبات أمنية إسرائيلية تجعل الدولة العبرية أكثر أمنا، والواقع أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لإسرائيل، لأن من شأن قيام تلك الدولة إنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من ستة عقود وإحلال عهد جديد من السلام العادل والشامل.
ومن المبادئ التي طرحها الوزير كيري أيضا لتحقيق السلام انسحاب اسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية وعلى مراحل، وحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والواقع أن مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت العربية في عام 2002 تعرضت لهذه المشكلة ووضعت الحل المناسب لها، كما أن الرئيس محمود عباس في خطاب له مؤخرا تعرض الى هذه القضية قضية اللاجئين، وقال إن حق العودة حق شخصي فمن أراد ذلك فله الحق في ذلك، ومن أراد التعويض أو غيره فله ذلك.
أما مقترح الوزير كيري باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة العبرية، فهو أمر يرفضه الفلسطينيون بشدة لأنه يعني أولا طرد مئات الآلاف من أبناء شعبنا الذين بقوا في اسرائيل عام 1948، كما أنه يعني اسقاط حق العودة لمن يريده من اللاجئين الفلسطينيين.
إن ما يطالب به الجانب الفلسطيني لتحقيق السلام إنما يتناغم وينسجم مع قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن من حق أي شعب في العالم أن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على جوها وبرها وبحرها، وأن يحكم الشعب الفلسطيني نفسه بنفسه، وأن تكون له أرضه الخاصة به ووطنه الخاص الذي يقيم عليه دولته، إن مطالبة الجانب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في الأراضي الفلسطينية الموجودة قبل حرب حزيران عام 1967 أقرته الشرعية الدولية وخطة خريطة الطريق والمبادرة العربية ورؤية حل الدولتين الأميركية.
إن الشعب الفلسطيني يريد السلام الحقيقي العادل والشامل ويريد أن تكون القدس الشرقية عاصمته ولا يريد بديلا عنها، ولن يقبل أن تكون أبو ديس أو العيزرية أو شعفاط بديلا عنها بل هي جزء منها التي تشرف على البلدة القديمة وأحياء الطور وسلوان والعيسوية وجبل المكبر والسواحرة وحي الثوري والطور وشعفاط وبيت حنينا والضاحية. هذه هي التي يعترف بها العالم كما كانت قبل حرب الخامس من حزيران عام 1967.
فالقدس هي مفتاح السلام وستكون كما أكد الرئيس محمود عباس أكثر من مرة مدينة مفتوحة أمام الجميع يصلون إليها بحرية يؤدون شعائرهم الدينية في أماكنهم المقدسة بكل حرية وأريحية، وأنها لن تعود مدينة مقسمة تفصلها الأسوار والجدران كما كانت قبل الخامس من حزيران عام 1967.
وقد أكد الوزير كيري في كلمته أمام مؤتمر دافوس الاقتصادي أن السلام مع الفلسطينيين سيجعل إسرائيل قوية، وقد أصاب في ذلك كبد الحقيقة لأن السلام مع الفلسطينيين سيفتح أبواب العواصم العربية والإسلامية أمام إسرائيل، كما أوضحت مبادرة السلام العربية التي قالت أنه في حال تحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن الدول العربية والاسلامية مجتمعة ستنهي حالة العداء مع إسرائيل وستقوم بتطبيع علاقاتها معها، وستفتح لها سفارات في عواصم تلك الدول.
أن السيطرة على أراضي الغير لا يحقق الأمن لإسرائيل خاصة وأن التكنولوجيا الحديثة كما قال الوزير كيري في خطابه يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحقيق الأمن لإسرائيل، وقد أكد عدد من القادة العسكريين الإسرائيليين والأمنيين السابقين أنه في عصر الصواريخ البعيدة المدى لم يعد هناك أهمية لاستمرار إسرائيل في السيطرة على أراض فلسطينية، كما أنهم أعلنوا أن إسرائيل يمكنها التخلي عن منطقة الأغوار دون أن يشكل ذلك تهديداً لأمنها. وأكد الوزير كيري أنه من خلال التنسيق مع الجانب الأردني يمكن أن يقيم الفلسطينيون والإسرائيليون أكثر حدود آمنة في العالم.
وقد أثبتت السلطة الفلسطينية منذ أن تسلم الرئيس عباس رئاستها أنها قادرة كل القدرة على ضبط الأمن ومنع أية محاولة من أي جهة لتعكيرصفو هذا الأمن، بحيث غدت أراضي السلطة الفلسطينية من أكثر المناطق العربية أمانا في كافة الدول العربية، حيث نرى أن الكثير من الدول العربية تشهد حالة من عدم الإستقرار الأمني وعمليات إرهابية، بينما الأرض الفلسطينية لا تشهد شيئا من ذلك.
إن على الوزير كيري أن يترجم تحذيراته إلى الجانب الإسرائيلي على أرض الواقع وأن يضغط على الحكومة الاسرائيلية لتقوم بالوفاء بما التزمت به الحكومات التي سبقتها منذ عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين الذي وقع مع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993 والذي نص على أنه خلال خمسة أعوام سيتم بحث قضايا الحل النهائي، ولكن اغتيال متطرف إسرائيلي يميني لرابين عرقل هذه المسيرة. كما أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت توصل مع القيادة الفلسطينية إلى تفاهمات كبيرة حول تحقيق السلام وخاصة حول القضايا الجوهرية. ولو سار نتنياهو على خطى أولمرت والتزم بتلك التفاهمات لأمكن تحقيق تقدم عريض في طريق تحقيق السلام.
إن الجانب الأميركي يستطيع إن أراد أن يلزم الحكومة الإسرائيلية بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه عملية السلام. وقد ثبت أن تلك الحكومة لا تستطيع معاندة الجانب الأميركي. فعندما هاجم وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعلون مؤخرا خطة كيري للسلام ووصفها بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وبخه كيري وأرغم نتنياهو وزيره يعلون على الإعتذار لكيري، وقد فعل.
إن تحذيرات كيري يجب أن تجد آذانا صاغية لدى الجانب الإسرائيلي المسؤول الأول عن تأخرعملية السلام. والعالم كله يؤيد جهود كيري لتحقيق السلام.وقد أكدت مصادر دبلوماسية غربية مؤخرا أن الأسابيع القادمة ستشهد جولات لقيادات غربية بهدف دعم جهود كيري لتحقيق السلام، من ذلك ان رئيسة وزراء ألمانيا انجيلا ميركل ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كميرون سيزوران المنطقة لدعم جهود كيري لتحقيق السلام. ونأمل أن يشكل ذلك دفعة قوية لتحقيق هذا السلام المنشود.
كيري.. وتبادلية "التعويضات" ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
لحكمة ما، أو مصادفة ما، هناك الصلوات الخمس للمسلم المؤمن. لحكمة ما، مصادفة ما، هناك في كفّ الإنسان خمس أصابع. وهناك لغير المصادفة خمس قضايا للحل النهائي الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. لكن، لخلل جيني ما، قد يكون لكفّ أو قدم إنسان ما ست أصابع.
هل جديد أفكار كيري، بلسان مارتن انديك، هو الاصبع السادس للحل النهائي العربي ـ الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أو هو "تجسير" لتفسير قرار الجمعية العامة 194 لعام 1948 بخصوص اللاجئين الفلسطينيين، الذي تحدّث عن حق العودة و/أو التعويض؟
على ما يبدو، صارت في خطة/ أفكار كيري ثلاثة عناصر لصالح إسرائيل: يهودية الدولية، سيطرة أمنية على الأغوار، وهذا الجديد: تعويضات للعرب اليهود الذين هاجروا لإسرائيل.
يمكن أن نقول إن هناك ثلاثة عناصر مقابلة تستجيب، جزئياً، المطالب الفلسطينية: التبادلية الأرضية، تسوية على أساس خطوط 1967، وعاصمة فلسطينية ما على حواشي القدس العتيقة (أبو ديس، بيت حنينا، شعفاط).
كان السيد كلينتون قد اقترح خمس سبل لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين: عودة محدودة لإسرائيل، عودة حرة إلى دولة فلسطين، التجنّس بجنسية دول اللجوء، التعويض.. والهجرة إلى بلد آخر.
بعد تبادلية الأراضي (نحن نقول بالمساحة والمثل؛ وإسرائيل تقول: بالقيمة فقط) طُرحت الفكرة الإسرائيلية لتبادلية تعويضات أخرى: بين لاجئي النكبة الفلسطينية، والنازحين العرب اليهود إلى إسرائيل؟!
صحيح، أخلاقياً، القول: ألمان نكبوا يهوداً، فما دخل الفلسطينيين (على غرار قول بيغن: أغراب عرب قتلوا فلسطينيين (في صبرا وشاتيلا) فما دخل اليهود!
هل صحيح، قانونياً وأخلاقياً، القول: نظم عربية اضطهدت يهودها العرب. فما ذنب الفلسطينيين، لتتم المقايضة والتبادلية بين نكبة وهجرة؟
الحقيقة هي (بشهادة شلومو هيليل، وزير البوليس الإسرائيلي الاسبق) أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعمّدت تفجير قنابل في المعابد اليهودية (وبخاصة في العراق، لدفع يهوده إلى الهجرة، وأن الهجرة العربية اليهودية إلى ما صار إسرائيل مقدّرة بـ 800 ألف، أي ما يعادل عدد اللاجئين الفلسطينيين؛ وأن هذه الهجرة نشلت دولة إسرائيل من الفشل، كما نشلتها الهجرة اليهودية الروسية أواخر ثمانينات وأوائل تسعينات القرن المنصرم.
.. وأيضاً، نشلتها من الإفلاس التعويضات الألمانية بالمال والسلاح، وفق اتفاقية المستشار الألماني كونراد اديناور 1959 ورئيس الوزراء الاسرائيلي بن غوريون، والمقدّرة بـ 130 مليار دولار (ولاحقاً تعويضات فردية للناجين من النازية بشكل شهري حتى نهاية أعمارهم).
ذهب "جمل" التعويضات الألمانية لخزينة دولة إسرائيل، و"أذن الجمل" للمتضررين الأحياء من "المحرقة ـ الهولوكوست".
وكالة "الأونروا" مثل كابوس أخلاقي لإسرائيل، لأنها الوحيدة التي تعمل منذ تأسيسها، وتدعي إسرائيل أن اللاجئين الحقيقيين هم ضحايا النكبة المباشرون (أي من فوق أعمار 66 سنة) وأن ذراريهم ليسوا كذلك.
لا بد أن مارتن انديك اعتمد التقديرات الإسرائيلية البالغة 300 مليار دولار تعويضات للنازحين العرب اليهود إلى إسرائيل، وهذا بأسعار اليوم، وأن تعويضات اللاجئين الفلسطينيين تقارب هذا (لن يعود اللاجئون إلى حيفا الحبيبة، وسيبقى يهود في مستوطنات الضفة)؟
أجبر التحالف ضد العراق هذه الدولة على دفع تعويضات إلى الكويت، وأيضاً تعويضات لمتضررين فرديين آخرين تحت بند "نفط مقابل غذاء".. فمن سيدفع التعويضات العربية لليهود العرب؟
إن دول اللجوء العربية للفلسطينيين لا طاقة لها مادياً على دفع تعويضات، عدا الخراب والدمار في معظمها، بحيث أن تكاليف إعادة إعمار سورية تزيد على حجم التعويضات العربية لليهود العرب النازحين لإسرائيل، ومن جهة أخرى، فإن الدول المضيفة للاجئين تطالب بحصتها من التعويضات لهم، مع أنهم حرّكوا اقتصادها، وتولّت "الأونروا" إغاثتهم، حتى شبّت ذراريهم وصارت رفداً لاقتصاديات الدول المضيفة.
هناك شيء عن الاقتصاد الأسود، أو تبييض وغسل الأموال، ويبدو أن إسرائيل ستضيف إلى جيبها تعويضات عربية (دول الخليج مثلاً) وتقوم بالتعويض على اللاجئين الفلسطينيين، دون أن تتكبد شيئاً.. ومع شعار (لا لاجئ يعود).
المسألة معقّدة، عملياً وقانونياً ومتطاولة زمنياً، بحيث أن "صندوق التعويضات" المتبادلة المقترح لاحقاً سوف يتطاول زمنياً بعمر النكبة تقريباً. ماذا عن تعويض السلطة ورعاياها عن نهب المياه ومصادرات الأراضي؟.. هذا سؤال آخر.
كيري بين أوهام الأمن.. ورشوة التعويضات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
مئات من النشطاء الفلسطينيين تجمعوا بالقرب من ثكنة عسكرية إسرائيلية قديمة في غور الأردن، يحملون أعلام فلسطين ويجمعون بقايا جذوع النخيل، في تظاهرة حاشدة لإثبات ما ليس بحاجة إلى إثبات، أن غور الأردن على الجانب الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ويأتي هذا النشاط في الوقت الذي تبحث فيه ما يسمى بـ "الرباعية الدولية" كيفية دعم "خطة كيري" فيما يسمى باتفاق الاطار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إذ ان جوهر هذه الخطة، كما تم تسريبه، توافق حول مستقبل غور الأردن، حيث تم تسريب العديد من المشاريع التي انطوت عليها خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الدعم الدولي المحتمل لهذه الخطة، بادر النشطاء في غور الأردن بالرد عليها، دعماً للموقف الرسمي الفلسطيني الرافض لوجود أية قوات إسرائيلية في هذه المنطقة، في ظل أي اتفاق محتمل، وبإمكان الجانب الفلسطيني استثمار هذه التظاهرة للرد على الضغوط الأميركية الهادفة إلى التأثير على الموقف الرسمي الفلسطيني، باعتبار أن أي اتفاق محتمل في ظل الوجود العسكري الإسرائيلي، مهما كانت تبريراته، بالإيجار أو بعدم التدخل، مرفوض شعبياً وغير مقبول وغير ممكن حتى لو أراد الجانب الرسمي الفلسطيني ذلك.
ومع أن هناك اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة، فلسطين وإسرائيل والولايات المتحدة، على أن المفاوضات سرية، إلاّ أن العديد من التسريبات ـ المتعمدة في الغالب ـ يتم نشرها سواء في وسائل الإعلام الأميركية أو الإسرائيلية، في حين أن الجانب الفلسطيني ما زال يشير إلى أنه لم يتسلم أي مبادرة أو خطة أو مشروع، بشكل رسمي، مع أن بعض المسؤولين الفلسطينيين يعلقون بين وقت وآخر على هذه التسريبات، ما يشير إلى أن هذه الخطة قد تم تداولها أثناء اجتماعات جون كيري مع الرئيس أبو مازن، وإن كانت عبر النقاشات وليس بالضرورة من خلال أوراق رسمية.
وآخر ما تم تسريبه، يتعلق بالتعويضات، وقيل إن اجتماع ميونيخ الذي على هامشه بدأت اللجنة الرباعية الدولية اجتماعاتها أمس، سيبحث بشأن ما تناولته خطة كيري حول تعويض العائلات اليهودية التي "اجبرت" على ترك البلاد العربية بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، بغية تحفيز المزيد من الإسرائيليين على دعم قيام دولة فلسطينية وفقاً لخطة كيري، علماً أن إسرائيل طالبت قبل عامين تقريباً الدول العربية بدفع 300 مليار دولار كتعويضات لليهود العرب، حسب ادعاء ما يسمى بإدارة أملاك الدولة التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية والتي أشارت إلى أن هناك 850 ألف يهودي يستحقون هذه التعويضات!
لم تطرح هذه المسألة بشكل جدي، وكجزء من خطة كيري، إلاّ في الأيام القليلة الماضية، وضمن تسريبات عن المبعوث الأميركي لعملية السلام مارتن انديك في حديث هاتفي مع رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، وهي تسريبات بالغة الأهمية والخطورة، خاصة أن انديك لم ينف مضمون ما تم تسريبه، خاصة فيما يتعلق باعتراف فلسطين بدولة إسرائيل كدولة يهودية بينما تعترف اسرائيل بدولة فلسطين على حدود 1967 بعد تبادل للأراضي، علماً أن فلسطين كانت قد اعترفت بدولة إسرائيل وفقاً لاتفاق أوسلو، بينما اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1994، والأمر ليس بحاجة إلى اعتراف جديد، إلاّ إذا كان ذلك سبباً لإفشال العملية التفاوضية.
خطورة ما تم تسريبه فيما لم تأت عليه هذه التسريبات، مستقبل مدينة القدس تحديداً، فالوثيقة المسربة عبر الهاتف، اكتفت بذكر "مبادئ عامة وطموحات الطرفين بشأنها" ما يشير إلى أن خطة كيري ما تزال تقف عند العديد من الملفات، وفي طليعتها مستقبل مدينة القدس، وبينما تدعو الوثيقة إلى أن الدولة الفلسطينية ستقام على الأراضي المحتلة عام 1967، مع تبادل للاراضي، فإنه من المعروف ضمناً وصراحة، ان القدس الشرقية هي من تلك الأراضي المحتلة، واصرار اسرائيل على أن القدس الموحدة هي عاصمة دولتها، من شأنه بالتأكيد أن يهدد عملية السلام التفاوضية بالفشل، مع أن بعض التسريبات غير الموثوقة، لكن المحتملة، كطرح إسرائيلي، تشير إلى أن العاصمة الفلسطينية ستكون في منطقة "أبو ديس" وليس القدس الشرقية بكاملها.
ولا بد في هذا السياق إلى إشارة بالغة الوضوح والأهمية، أدلى بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس السبت في كلمته أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ، الإشارة المتعلقة بوهم الأمن الإسرائيلي، فقد هدد كيري، بأن هذا الوهم سيتبدد إذا لم تنجح مساعيه لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وستواجه إسرائيل مخاطر أمنية أكثر بكثير مما هو عليه الآن، مشيراً إلى اتساع ظاهرة التطرف والعنف في المنطقة.
إذن، هناك رشوة باسم التعويضات من ناحية، وهناك تهديد ذو طبيعة أمنية، عاملان ربما يحاول وزير الخارجية الأميركي تذكير القيادة الإسرائيلية بهما، رشوة وأمن محتمل بعيداً عن الأوهام، للضغط النسبي على إسرائيلي التي ما تزال تعرقل جهوده نحو التوصل إلى اتفاق سلام.. فهل تستجيب حكومة نتنياهو؟!
على أبواب مواجهة مشروع كيري
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
يتطلع الشعب الفلسطيني، إلى التوصل، إلى تسوية واقعية معقولة، بينه وبين الشعب الإسرائيلي، ولا أقول الى حل عادل، بل تسوية تنهي حالة الصراع وتوفر للشعبين المتصارعين إنهاء حالة العداء والحرب والاحتلال والعنصرية، وتضع حداً لسفك الدماء، ومحاولات الإلغاء ونفي الآخر وأن يعيشا على الأرض الواحدة على قاعدة إما تقاسم الأرض بدولتين، أو تقاسم السلطة بدولة واحدة، فالعدالة المطلقة، لن تتوفر إلا بتغيير موازين القوى، وحتى لو توفرت كما هي متوفرة لصالح الإسرائيليين، وتفوقهم السياسي والاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والاستخباري، ولكنها لم توفر لهم فرض الحل الإسرائيلي بجعل فلسطين وطناً لهم، وتحويل فلسطين العربية الإسلامية المسيحية إلى وطن لليهود وحدهم، حيث ما زال باقياً على أرض فلسطين التاريخية أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون عربي فلسطيني، في مناطق 48 مليون وأربعمائة ألف، وفي القطاع مليون وسبعمائة ألف، وعلى أرض الضفة الفلسطينية والقدس مليونان وسبعمائة ألف، رغم الطرد والتشرد عامي 48 و 67 والتجويع وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها الفلسطينيين.
والشعب العربي الفلسطيني، أيضاً، فشل للآن في إنهاء المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي اليهودي الصهيوني، على أرضه، ولم يستطع هزيمته، وبات على أرض فلسطين شعب آخر لا يقل عن ستة ملايين إسرائيلي يهودي، يستحيل طردهم واجتثاث وجودهم ومؤسساتهم، بصرف النظر عن دوافع هجرتهم إلى فلسطين سواء تم ذلك بسبب:
1- دوافع عقائدية تراثية توراتية.
2- هرباً من المذابح التي تعرضوا لها في أوروبا، ما بين الحرب العالميتين الأولى والثانية أو قبلهما أو خلالهما، على أيدي النازيين والفاشيين.
3- طمعاً بظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية أفضل، من تلك التي كانوا يعيشونها في ظل النظام الاشتراكي، السوفييتي وغيره، أو حتى لدى بعض البلدان العربية.
وبصرف النظر عن الأسباب أو الدوافع، لم يكن للشعب العربي الفلسطيني، دور في معاناة اليهود أو محاولات للمس بهم، لأن بعضهم كان جزءاً من الشعب الفلسطيني، ومع ذلك كانت نتيجة هذه الدوافع، مؤذية بحق الشعب الفلسطيني وضد مصالحه وعلى حساب حقوقه، ودفع ثمنها على أرضه.
الشعب العربي الفلسطيني، عبر مؤسساته التمثيلية، رفض المذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا، ولهذا أيضاً يرفض، ويعمل على مقاومة ما يفعله الإسرائيلي، من ممارسات قمع واغتيال وعقوبات جماعية وعمليات الطرد وقتل للفلسطينيين على أيدي المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، أو على أيدي المستوطنين، ولا شك أن نضال الشعب العربي الفلسطيني سيتواصل من أجل رفع الظلم بأشكاله المختلفة عن المكونات الفلسطينية الثلاثة:
1- من أجل إلغاء التمييز الواقع على فلسطينيي مناطق 48 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
2- من أجل جلاء الاحتلال عن فلسطينيي مناطق 67 في الضفة والقدس والقطاع.
3- من أجل إنهاء التشرد والنفي واللجوء، وتحقيق العودة واستعادة الممتلكات للذين تشردوا عام 1948.
كيري، يعمل حثيثاً من أجل التوصل إلى حل، في ضوء سلسلة المحطات التفاوضية الثلاثة الفاشلة التي جرت تحت الرعاية الأميركية:
1- مفاوضات كامب ديفيد 2000 برعاية كلينتون.
2- مفاوضات أنابوليس 2007 – 2008 برعاية بوش الابن.
3- مفاوضات الولاية الأولى للرئيس أوباما، برعاية مباشرة من قبل مستشاره المفوض السيناتور جورج ميتشيل.
وعليها يتحرك جون كيري مستفيداً مما تحقق، محاولاً اختراق حوائط الصد لدى الطرفين، الأمر الذي يتطلب توضيح حقوق الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة كما هي :
1- الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967، وفق قرار مجلس الأمن، قرار الانسحاب وعدم الضم 242.
2- حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرارات الأمم المتحدة، قرار التقسيم 181، وقرار الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515.
3- حق عودة اللاجئين إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، أي إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع وفق القرار 194 مع حق استعادة ممتلكاتهم فيها وعلى أرضها.
هذه هي جوهر حقوق الشعب العربي الفلسطيني وعليه يمكن البناء أو الموافقة أو القبول بخطة كيري، والحكم عليها بمدى ما توفر للشعب العربي الفلسطيني حقوقه، فهل يقترب كيري ومشروعه من حقوق الشعب الفلسطيني فينهي بذلك أصل الصراع وكل أشكاله ؟؟.
هل يمكن أن "نلاعب" إسرائيل لعبة الأرقام ذاتها..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
ماكنة الوقت تعمل لصالح الفلسطينيين في هذا الصراع المفتوح بينهم وبين الإسرائيليين، ربما أن أبرز الصيحات التي عبرت عن ممكنات القوة الفلسطينية تلك التي أطلقها خبير الديمغرافيا الإسرائيلي قبل عقد ونصف في مؤتمر ميزان المناعة والأمن القومي الأول وهو يراقب النمو السكاني الفلسطيني في داخل حدود دولة إسرائيل الذي ينكسر كل عام لصالحهم، بالرغم من أن التزايد السكاني اليهودي يعتمد ليس فقط على الولادة الطبيعية بل وكذلك على الهجرة التي استقرت في العقد الأخير في حدود ستة عشر ألف يهودي، قال أرنون سوفير وهو يتنبأ بتشاؤم "الساعة الرملية الديمغرافية تسير بسرعة الفهد وإجراءات الدولة تسير بسرعة السلحفاة".
ربما أن البروفسور سوفير والذي يتندر عليه الكتاب الإسرائيليون لأنه مهووس بالأعداد والأرقام والنسب السكانية ولأن اسمه "سوفير" وتعني بالعربية "العداد" حيث يقول الإسرائيليون أن سوفير يصحو كل صباح ويبدأ بتعداد العرب، لكنه ليس وحده، فقد بدأت إسرائيل لعبة الأرقام والنسب مبكراً منذ خمسينات القرن الماضي، سواء بتشجيع نسل اليهوديات وكذلك الهجرة ووضعت ميزانيات وبرامج في دولة كان عدد اليهود فيها عند التأسيس 806 آلاف، بينما كان عدد الفلسطينيين فيها 156 ألفاً وساد اعتقاد المؤسسين أنه مع هجرة اليهود سيذوب الفلسطينيون في بحر الأغلبية اليهودية.
منذ بداية التسعينات وعملية التسوية كانت الأرقام تتطاير في إسرائيل، كان أحد مرتكزات دفاع اليسار الإسرائيلي حينها ممثلا بشمعون بيرس أن حزب العمل ذهب بهذا الاتجاه مبكراً لأن هناك ضرورة للفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذه كانت ملخص دراسة نشرت منتصف التسعينات في مجلة دراسات فلسطينية، وقالت حينها "إذا لم يتم الفصل سيتساوى عدد العرب واليهود بين البحر والنهر عام 2014".
وبدءاً من عام 2014 سيبدأ الميزان بالميل لصالح الفلسطينيين، وهذا سيشكل خطراً كبيراً على إسرائيل من حيث الظهور كدولة أبرتها يد عنصري، وقد تشكل تيار فكري في الساحة السياسية في إسرائيل قد بدأ بالتنظير للفصل عن الفلسطينيين، حتى أن قادة التيار اصطحبوا أرئيل شارون صاحب نظريات التوسع والضم والأب الروحي للمستوطنات بجولة في طائرة هيلوكبتر على الحدود بين الضفة وإسرائيل ليرى كيف تزحف المناطق العربية، وكان ذلك في بداية الانتفاضة الثانية.
من هنا ولدت نظرية الفصل أو الانسحاب من طرف واحد وذلك لإدراك إسرائيل أن الفلسطينيين لن يقبلوا بالتنازل عما هو أقل من حدود 67 وأن إسرائيل هي التي تدفع ثمن الوقت الذي لا يعمل لصالحها، ومن هنا أيضا كان الجدار الذي تقيمه إسرائيل بعد أن كانت تقول كل الضفة لها، وخاصة أن أحداث التوراة كانت في الضفة وليس في الشريط الساحلي.
وعندما فشلت قمة كامب ديفيد كانت خطط الفصل تخرج من الأدراج سواء الجدار في الضفة الغربية أو بالانسحاب من قطاع غزة.
ومن هنا أيضا يجب أن نفهم أن أحد أهم أسباب الانسحاب الإسرائيلي من طرف واحد من القطاع هو التخلص من الكتلة السكانية الديمغرافية التي "تسير بسرعة الفهد" بعيدا عن اعتبارات أخرى قد تكون لعبت دوراً، ولكن الهروب من السيطرة على مليون ونصف مواطن فلسطيني سيمكن إسرائيل من أن تستمر بالحفاظ على أغلبية يهودية في الضفة وإسرائيل، وبالفعل اكتمل الهدف الإسرائيلي بما قامت به حركة حماس من سيطرة مسلحة فصلت غزة عن باقي الوطن ليكتب صحافي إسرائيلي أن "غزة خرجت من إسرائيل" وهذا عمل على تأجيل ترجيح التوازن لصالح الفلسطينيين لعقود، موفراً لإسرائيل فسحة طويلة من الزمن تخطط بهدوء وتضغط وتفاوض وتقايض وتبتز وتهدد.
نحن في بداية عام 2014 التي تقف عند أرقام مثيرة، فقد بلغ عدد اليهود في إسرائيل 6.066 مليون يشكلون 75.3 من سكان الدولة، فيما بلغ عدد الفلسطينيين فيها 1.760 مليون بما نسبته 20.7 % وإذا ما أضفناهم لسكان الضفة (2.8 مليون) وفقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء وكذلك سكان قطاع غزة (1.853) وفقا لإعلان عاهد حمادة الوكيل المساعد في الداخلية بحكومة غزة يكون لدينا 6.323 مليون فلسطيني في فلسطين التاريخية أي بزيادة عن اليهود بـ 257 ألف فلسطيني.
أمام هذه المعطيات ماذا لو قرر الفلسطينيون عدم توقيع اتفاق؟ فهذه الأرقام تعطيهم من القوة ما يمكنهم من تحمل الضغوط ورفض أية صفقة لا تقدم لهم دولة مستقلة على حدود 67 خالية من الوجود الإسرائيلي وعاصمتها القدس، ولماذا لا يلعب الفلسطينيون حينها اللعبة الإسرائيلية ذاتها؟ لعبة الأرقام والنسب التي تهرب منها إسرائيل، بالتهديد بحل السلطة في الضفة وغزة وتسليم المفاتيح لإسرائيل ولتعيد سيطرتها كأقلية على الأغلبية الفلسطينية، وليبدأ الفلسطينيون نضالا مختلفا مع هذه الدولة التي تضع أقدامها في الأرض وترفض الحد الأدنى من حقوقهم على خمس فلسطين التاريخية، فهذه هي مفاوضات التجربة الأخيرة في رحلة تقترب من ربع قرن منذ مؤتمر مدريد وإسرائيل تماطل وتكذب وتناور وتخادع، إذن آن الأوان لتغيير هذا الواقع الذي أراح إسرائيل من عبء الحكم المدني والخدمات، وأصبح العالم يدفع لتمويل السيطرة الإسرائيلية واستمرار الاحتلال ودخلنا نحن الفلسطينيين في لعبة أو لعنة الحكم قبل التحرير.
إذا لم يقدم كيري في صفقته المزمعة ما يرضي الفلسطينيين فهم ليسوا مضطرين للتوقيع، فالزمن لا يعمل ضدهم إذا ما أجادوا استخدام ممكنات قوتهم، وبإمكانهم رفع البطاقة الحمراء في وجه إسرائيل والعالم ولتعود الأقلية اليهودية للسيطرة على الأغلبية العربية ولتنقلب الطاولة على رأس إسرائيل والعالم، هذه أبرز ورقة ممكن أن يلعب بها الفلسطينيون حالياً بعد أن خذلنا العالم في المفاوضات ولم نحقق أهدافنا بالكفاح المسلح، فلنذهب لبرنامج ثالث ينبغي كسر الثنائية العاجزة "مفاوضات وقتال" ولنبدأ الصراع المدني الذي نملك إمكانيات نجاحه، ولكن هذا يتطلب مسألتين قبل رفع البطاقة الحمراء: الأولى، سرعة إعادة غزة لباقي الوطن، فلا ينبغي أن تبقى خارج المعادلة الإسرائيلية، واستمرار فصلها وغرقها بتفاصيل الحياة يجرد الفلسطينيين من ممكنات قوتهم ويقدم لإسرائيل خدمة كبيرة سواء بتخفيف العبء أو في لعبة الأرقام والنسب.
الثانية: وضع برنامج قادر على مقارعة العنصرية اليهودية ليضع إسرائيل أمام خياراتها السوداء؛ إما دولة كل مواطنيها على كل فلسطين التاريخية وإما الاستمرار كدولة أبرتها يد عنصري تحكم فيها أقلية يهودية أغلبية عربية، وهذا يتطلب مجهودات كبيرة وتغيير في الطواقم الدبلوماسية لمقارعة إسرائيل في كل الميادين.
هذه الخيارات السوداء هي مركز قوة الفلسطينيين، فلا ينبغي الخوف من عدم توقيع اتفاق، ولكن الخوف وارد في حالتين إذا ما وقعوا اتفاقاً منقوصاً تحت الضغط، أو إذا لم يوقع اتفاق واستمرت السلطة في عملها وبقيت غزة خارج الحسبة، هنا علينا أن ندرك أننا عجزنا عن إدارة معركتنا أمام خصم مدجج بمفكرين ومراكز دراسات وليس فقط بالسلاح.
مجانين بيت لحم .. مجانين الوطن
بقلم: عادل الأسطة – الايام
"مجانين بيت لحم" لأسامة العيسة، كما كتب على الغلاف، رواية صدرت عن دار نوفل في العام 2013، وقد صمم غلافها معجون وأما صورة الغلاف فـ Shutter Stock، ولم يسعفني المورد بفهم معناها.
ثمة عصفور على غصن شجرة، والعصفور يذكرنا بالعصفورية، والعصفورية هي مشفى المجانين.
وتتكون الرواية التي تقع في 254 صفحة من ثلاثة أسفار، يسبقها احتراز هو: في هذه الرواية ـ الشهرزادية، مثل ما في الروايات الأخرى: قليل من الحقائق، كثير من الخيال، وثرثرة... تماماً مثل الحياة، وتمهيد تحت عنوان "دهيشة المجانين" يتكون من صفحتين تقريباً، عما يقوله الفلسطينيون لمن لا ينسجم مع المجموع ويخرج عن السائد، وسطر على لسان المجنون عُجيل المقدسي هو: "من عرف الله سار، من سار طار، ومن طار صار"، وهو من كتاب "عقلاء المجانين" لمؤلفه الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري (ت 406هـ)، وأما السطر الأخير فيظهر في النص ثانية، في ص247 على لسان يوسف علان عن... .
وأما ما نقوله نحن في منطقة نابلس لمن نراه خرج عن المألوف السائد، ولمن نشك في سلامة عقله فهو: عبيت لحم ـ أي على بيت لحم، لا على الدهيشة، وأما ما احترز به المؤلف، فهو ليس أكثر من (كليشيه) يكررها الكتاب درءاً لأية مساءلة أو عواقب وخيمة قد تجرها عليهم كتابتهم: قليل من الحقائق، كثير من الخيال، وثرثرة.
ويخيل إليّ أن المؤلف الذي أنجز رواية، غلب على جزء منها روح البحث، اعتمد على ملفات مشفى بيت لحم للأمراض العقلية، وإن كان غيّر وبدل، لكي لا يتعرض للمساءلة، علماً بأنه في بعض أجزاء الرواية لم ينجح كثيراً في التخفي، إذ أراد ذلك، فكان يكتب كما كتب عن سلام فياض باسمه الشخصي، وعن الرئيس الروسي بوتين أيضاً باسمه الشخصي/ فمن الذي سيقول إن ما كتبه عن الختيار بعيد عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وكما يقول العنوان، فإن الرواية هي رواية مكان وشخصيات، وأما المكان فهو مدينة السيد المسيح: بيت لحم، وأما الشخصيات فهي رواد مشفى الأمراض العقلية أساساً، ورواد المدينة أيضاً، بخاصة الشخصيات البارزة والسواح، وتغدو بيت لحم الوطن الفلسطيني في زمان اللجوء في العام 1948، وفي زمان الاحتلال الثاني لبقية فلسطين في العام 1967.
"في بيت لحم أصبح كل شيء مجنوناً، لا فقط دير المجانين، ففيها نفذ الاحتلال أول عملية اغتيال لمقاوم في الانتفاضة" (ص 220) وإذا ما تتبع المرء مجانين الرواية، فإنه سيلحظ أنهم كثر وينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة، بل وإلى ديانات مختلفة وقوميات عديدة.
ثمة مجانين كانوا بشراً عاديين، قاوموا الاحتلال الإسرائيلي، فعذبهم وجنوا من التعذيب (أبو عصري، ص79)، ويتكرر هذا في بلد عربي، حيث تلصق تهمة الجنون بنشيط سياسي معارض، يعذب ويسجن ويحجز في مشفى المجانين، (ص153، ص 154)، وهناك مجانين جنوا لذكائهم (العبد العلوي، ص85) وسيجن أطباء كانوا يعالجون المجانين، فكأن من عاشر القوم صار منهم (ص95)، ولن ينسى المعالجون ما كانوا يلقونه على أيدي الأطباء، حتى إذا ما حشر الأخيرون، بعد أن جنوا، مع المجانين، قتل الأخيرون الأطباء، وثمة جنون شعري تصاب به شاعرة فتغازل، وهي زوجة شخصية مهمة عامة، شاباً هو السارد (ص 98)، وهناك سياسيون جنوا، لا بسبب تعذيبهم من الاحتلال أو النظام العربي، وإنما بسبب دكتاتورية الأمين العام للحزب اليساري، الأمين العام الذي يريد أن يكون الأمين العام والصحافي العام والأديب العام (ص 144)، وثمة جنون بالوراثة، فمنير شحاتة (ص129) هو من عائلة موصومة بالجنون، وسيربط الجنون أحياناً بالذكاء، كما في حالة برهوم الإبراهيمي (ص134).
ولم يقتصر المؤلف، وهو يأتي على شخصيات روايته، على المجانين الذكور من مسيحيين ويهود ومسلمين وفلسطينيين وعرب، بل كتب عن مجانين قادمين من أميركا وروسيا، كما كتب عن مجنونات، وجنون النساء يعود إلى أسباب عديدة.
أميرة علاء الدين جنت لأن أهلها أجبروها على الزواج ممن لا تريد (ص161)، وغيرها، مثل شفيقة المصري، تجن بسبب الصدمات السياسية والفقدان الشخصي والوطني (ص167)، وهناك هبل يتطور إلى جنون، كما لدى رفقة علي التي تقتل زوجها (ص 172)، وتجن نسوة أخريات بسبب الحرمان والفارق في سن الزواج (الخالة رسمية ص178)، وقد تجن امرأة جميلة لأن زوجها رآها وهي نائمة لا تستر جسدها، فيضربها ضرباً مبرحاً، ثم يأخذ أولاده ويهجرها (ص 183) وقد يدفع أهل الزوج السجين السياسي زوجة ابنهم إلى الجنون، لأنهم يريدون أن يتحكموا فيها في أثناء سجن زوجها (ص 181)، وغالباً ما توصف النساء، في بلادنا، بالجنون، لأسباب إجراء الطلاق وحصر الإرث.
المؤلف/ النص :
ثمة مؤلف ضمني يخبرنا عن علاقته بالمكان/ الدهيشة/ بيت لحم/ ومشفى الأمراض العقلية، وببشر هذا المكان، وغالباً ما يفصح هذا المؤلف عن هويته وعن علاقته بشخوصه، بل إنه يوضح لنا طريقته في الكتابة وآراءه النقدية في قضايا السرد والسارد والقارئ.
في الاحتراز أشار إلى أن روايته شهرزادية ـ أي أنه يقص كما كانت شهرزاد تقص، وفي مواطن أخرى يعلمنا أنه سارد غير كلي المعرفة، فقد حفظ شيئاً وغابت عنه أشياء، وفي أماكن يحدد لنا الزمن الكتابي لروايته (ص 233)، بل ويفصح لنا عن تشكل العمل الروائي وطريقته في الكتابة "حشرت نفسي مع الحضور لأراقب وأوثق من أجل روايتي هذه"، كان ذلك في 27/10/2009، حين ذهب لحفل تحدث فيه رئيس الوزراء في حينه سلام فياض.
إنه هنا مثل اميل زولا الذي عبر عن طريقته في الكتابة بقوله: "أدرس الناس كأنهم عناصر بسيطة"، بل وربما ذكرنا بطريقة الجاحظ في التأليف والكتابة عن البخلاء وعن الحيوان.
ولأجل كتابة روايته لا يمانع من الذهاب إلى حيث يقيم المجانين، ليجلس معهم، وليصغي إلى قصصهم، حتى إنه كاد يصاب بلوثة عقلية، كما قال له زملاؤه: "كان الكثير من الأصدقاء قد لاحظوا ما وصفوه بتدهور حالتي، وتوقعوا لي مصيراً في دير المجانين، بعدما علموا أنني أكتب هذه الرواية، وقال عمار الجوري: "من كتب عن قوم صار مثلهم"، وتعهد ضاحكاً بأن لا ينساني بالزيارة" (ص234) كما كان هو ـ أي المؤلف ـ يزور المجانين.
من الذي أوحى له بكتابة الرواية هذه؟ إنه يوسف علان الطالب في التوجيهية في العام 1967، وقد قبض عليه في الشارع قرب قبة راحيل، وتعرض لضرب مبرح جعله مجنوناً وهو "ما أشعل لدي شرارة الشغف لأكتب هذا العمل بعدما أطلعني على أوراق العبد علوي التي كانت عبارة عن مسوّدات لكتابة شيء عن الدير ومجانينه" (ص116).
وكان العبد علوي مجتهداً ومبرزاً في التعليم، وأن ذكاءه الخارق المفترض أودى به إلى الجنون، بدلاً من الجامعات. (ص88).
بنية الرواية :
تتكون الرواية من ثلاثة أسفار هي: سفر تكوين وسفر من لا أسفار لهم وسفر مشمشي، يقع الأول الذي يركز على المكان وتكونه على تاريخ الدهيشة وبيت لحم، وسبب تسمية الدهيشة بهذا الاسم، ويدرج تحته عشرة عناوين فرعية على شكل أسئلة، ويقع الثاني الذي يركز على المجانين في ثمانية عشر عنوانا، كل عنوان يحمل شخصية من شخصيات المجانين إلاّ عنوانين اثنين لا يعودان لشخصيات: عبيد ومجانين ومجنونات العائلة، ومع أن بعض العناوين يخص شخصية معينة إلاّ أنه يأتي على غيرها، وأما السفر الثالث فتدرج تحته تسعة عناوين فرعية، ويأتي على مجانين فلسطينيين وغير فلسطينيين جنوا بعد أوسلو أو أصيبوا بلوثة المكان.
وهذا البناء يذكرنا برواية اميل حبيبي "المتشائل" (1974) وسيتذكرها المرء بخاصة، وهو يقرأ الجزء الأول، ويبدو تأثر الكاتب فيها واضحاً، على أكثر من صعيد: صيغة السؤال في العنوان، وتشابه الواقعين، فما كتبه أسامة تحت عنوان "كيف أصبح سروال أبي علما؟"(ص53) يذكرنا بعنوان اميل: "كيف أصبح علم الاستسلام، فوق عصا مكنسة، علم الثورة على الدولة؟"، وكما أكثر اميل من التناص، أكثر أسامة منه أيضاً، وهذا جانب يحتاج إلى مقالة خاصة.
نقد: تضاف هذه الرواية إلى روايات مثل "بقايا" أحمد حرب و"مقامات العشاق والتجار" لأحمد رفيق عوض، و"رام الله الشقراء" لعباد يحيى. ويبدو النقد فيها عالياً ونغمته مرتفعة أكثر ما يكون، وتبدو صورة الفلسطيني فيها جارحة، ويغدو الوطن وطن مجانين حقا و.. و.. و.. .
تغريدة الصباح – شوال بصل
بقلم: حنان باكير – الحياة
لمضيفينا اللبنانيين ايضا، ذاكرتهم عن ضيوفهم الفلسطينيين. حدّثتني امرأة من برج البراجنة، عن الفلسطيني "عبد طه" الذي استأجر بيتا عندهم، منذ بداية النكبة قالت: كان عبد، يعيش بشعور الزائر.. يحكي لجيرانه هول ما لاقاه حتى وصل الى برج البراجنة، كان دمث الاخلاق ومرحا، يحكي عن بلدته بكل الحب والحنين، وللجلوس تحت احدى شجرات حديقته..لكنه دائم التوتر والتحفز، بانتظار ان يسمع مناديا يدعوه للعودة. فغربته لن تتعدى الخمسة عشر يوما!
ذات يوم خريفي، من اول خريف مرّ على النكبة.. مرّت قرب البيت عربة بصل. اشترى الفلسطيني طه كيلوا واحدا. فقال له المالك اللبناني: هذا بصل المونة، لم لا تشتري "شوالا"؟! كان الشوال خمسة كيلوات. فردّ عليه بنبض قويّ: يه يه! الله يسامحك يا جاري، بدّك يانا نبقى ضيوفكن لنأكل شوال بصل كامل؟؟ فال الله ولا فالك! عودتنا قريبة قريبة.
مرّ زمن.. بدأ اليأس يدب في نفس عبد طه، صار يحمل شوال البصل ويدخل بيته مطأطئ الرأس. كنا نشعر به ونسكت.. هذا ما قالته. وجد عملا له. بعد ان كان يصرف مما حمله من مال معه..
في زمن الثورة، استعاد العبد امله وتفاؤله.. وعاد يردد لنا بابتسامة: قربت عودتنا... كبرت عائلته.. وكثرت معها "شوالات" بصل التموين!
بعد اجتياح عام 1982، وما تلاها من حروب متناسخة، هدّت ذلك الرجل، الذي تقدّم في العمر وما زال مستمرا في حمل شوالات البصل بصمت وحزن، وعندما نقول له: ربنا يرجعكن لدياركن.. كان يقول بانكسار: الله كريم!
رحل الفلسطيني العبد عن الدنيا منذ سنوات قليلة... فمن يحصي عدد شوالات البصل التي استهلكها، ومن يعرف عدد شوالات البصل المتبقية لاستهلاك نسله في لبنان!!
فنجان قهوة
روت لي امي نادرة. لا ادري ان كانت حقيقية ام طرفة، يتندّر بها جيراننا اللبنانيون في برج البراجنة. قالت: يحكى ان امرأة فلسطينية زارت جارتها اللبنانية. كان ذلك، في زمن حداثة النكبة. زارتها صباحا، لشرب فنجان قهوة، لم يكن فنجان القهوة ضروريا او يعني شيئا للعائلة اللبنانية، كما هو عندنا، حيث لا تكتمل الزيارة بغير فنجان القهوة. كانت جدتي تقول عنه: اسود وببيّض الوجه!
قامت المرأة اللبنانية بكل مستلزمات الضيافة، من الفاكهة وحلويات محلية الصنع.. ما عدا فنجان القهوة.. ثم انتظرت انتهاء الزيارة.. لكن املها خاب.. حان موعد وجبة الغداء، فتناولن الغداء معا.. والمرأة الفلسطينية لم تغادر.. ارتبكت المرأة المضيفة واحتارت بأمر هذه الزيارة اللامنتهية.. خرجت الى البلكونة، وهمست لجارتها اللبنانية ايضا: ما العمل؟ سألتها الجارة: هل ضيفتك فلسطينية؟ اجابتها بنعم. قالت: هل عملت لها فنجان قهوة؟ لا ولكني قمت بالواجب وزيادة! اجابتها: كل هذا لا يعني لها شيئا دون فنجان القهوة، انها فلسطينية!
دخلت المرأة، وحضّرت فنجانين من القهوة. شربت الفلسطينية فنجان قهوتها.. وبعد كلمات الشكر لحسن الضيافة، انهت زيارتها.
ما يُمليه علينا الواقع
بقلم: عدلي صادق – الحياة
باتت كل المرارات التي نشأت بسبب الانقلاب الحمساوي في غزة؛ في موضع متأخر قياساً على ما يتهدد المجموع الفلسطيني، من تحديات ومخاطر. فقد واجه خطا التسوية والمقاومة، انسداداً لا انفتاح له، دون وحدة الكيانية الفلسطينية على أسس دستورية وقانونية، ودون التوافق على استراتيجية عمل وطني واحدة، وإعادة الاعتبار الى منطق الحوار والاحتكام للعقل. وليس عيباً ولا نقيصة أن يعلن الطرفان المتخاصمان، عن صعوبة ما يواجهانه سلماً أو قتالاً. إن نظرة واحدة على استراتيجية المحتلين، خلال الأعوام السبعة الماضية، تجعلنا وجهاً لوجه أمام الحقيقة. فهؤلاء الأوغاد المحتلون، قد فعلوا كل شيء، لكي لا يكون بمقدور الفلسطيني أن يسالم أو أن يقاتل. وقد استفادوا من حال الخصومة على كل صعيد، ولم يعد خافياً على كل ذي بصر وبصيرة، أنهم المستفيدون من هذه الحال، وانطلقوا في خططهم من فرضية أن الفلسطينيين منقسمون، وأن التحقق الحضاري الديموقراطي مُعطلٌ، وأن ابتعاد غزة يفتح لمقارباتهم للتسوية، طريقاً التفافية، تسهّل عليهم تجزئة المصير الفلسطيني، توطئة لاندثاره وإعادته الى وضعية الوصاية، التي كانت قبل انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة!
نحن هنا، لا ندعو الى الأخذ بأي رأي، غير رأي الشعب في موضوع التفويض بتحمل المسؤولية. وما على كل طرف فصائلي، إلا أن يُظهر جدارته في العمل في هذه الظروف العسيرة، لكي يحظى بقبول الشعب. لقد مرت سبع سنين ونحن معلقون في الهواء، بلا مرجعيات مؤسسية، وبلا قدرة على تحقيق شروط العمل، على النحو الذي يلبي طموحات الجماهير التي ظلت لعقود، تحلم بالدولة ذات المؤسسات المقتدرة، التي تحسم أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والإدارة. ففي هذه الحال الراهنة، توصل الطرفان المتخاصمان الى قناعة، بأن الارتهان للأمريكيين، أو الارتهان لجماعة "الإخوان" لن يفيدنا، وما عليهما إلا المصارحة بما اقتنعا به. ذلك علماً بأن كل لبيب، في وسعه أن يلتقط من سياق الأحداث، عنصر الربط بين الأمريكيين و"الإخوان". إن هؤلاء الأمريكيين يسعون الى مواقف وقرارات من وراء ظهر شعبنا، وعند التماشي مع رغبتهم، سيكون الطرفان قد أسهما في تغييب إرادة الشعب الفلسطيني، التي لا تقبل بديلاً عن استرجاع الحق، وفق محددات التسوية والقرارات الدولية!
واقع السجال الآن، أن طرفي الخصومة يُراد لهما دخول بيت الطاعة. والطرفان الأمريكي والإسرائيلي، يسابقان الزمن، ويسعيان الى اختطاف موقف في شكل إطار مؤقت لتسوية يرفضها الشعب، ويعرف مظالمها. ولا بأس عندهم أن يكون ما يسعون اليه، سبباً في تكريس عدم الاستقرار في بلادنا وفي الإقليم، وإدامة الصراع جيلاً بعد جيل. هم يستندون الى قوتهم الغاشمة، وسيجعلون أية مقاومة، يضطلع بها طرف لوحده إرهاباً، في حال موافقة أي طرف فلسطيني على طروحاتهم. لذا فإن الأشرف لنا والأصدق مع شعبنا، إشهار موقف التمسك بمحددات العملية السلمية، التي تتيح شيئاً من العدالة، بحيث نسالم فيها أو نخاصم عليها!
وكيف لنا أن نتمسك بشيء، وأن نؤثر وأن نصمد، وأن نتواصل مع العالم، دون وحدة الموقف الفلسطيني. الآن سقطت أوهام التسوية مثلما سقطت أوهام الزلازل. فلا "فتح" بمقدورها إنجاح مشروعها الواقعي، لأن واقعيتها اصطدمت بصلافة الاحتلال وحكومته العنصرية التي لا تعترف لنا بأية حقوق، ولا "حماس" بمقدورها أن تتبنى مشروع مقاومة من غزة، لا تساعد عليه ظروف المكان ولا دروس التجارب، ولا أحوال الإقليم وبخاصة في الجوار.
الأمريكيون والمحتلون الإسرائيليون، يسابقون الزمن أيضاً، للاستفادة من الانهيار في العالم العربي، وهم الذين يغذّون الصراعات ونزعات التباغض ، مثلما يغذّون النعرات من كل نوع، في الأوطان العربية. أوقاتنا صعبة وملتبسة، وليت الأمر يقتصر على أن لا أحد يمكن أن يساعدنا فعلياً. فقد تداعت الأمور وكأن لا أحد يريدنا، إذ ترى فينا بعض الأطراف خطراً ديموفرافيا، بينما ترانا أطراف أخرى خطراً أمنياً، فعلى ماذا نراهن إن لم نثبت عملياً بأننا نريد أنفسنا، ومهتمون بوطننا حصراً، وأننا متمسكون بمشروع استقلالنا الوطني، وأننا نبني مرتكزات صمود شعبنا، بنزاهة وشفافية وبتوسيع دوائر المشاركة، وبالاحتكام الى إرادة الشعب؟ خلاصة القول لا بد مما ليس منه بُد!
الدولة الواحدة ردا على نتنياهو
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
في خضم الفذلكة والفهلوة السياسية الاسرائيلية، طرح نتنياهو، رئيس الحكومة الاسرائيلية على هامش فعاليات مؤتمر دافوس قبل ايام، بانه لن يقتلع اي مستعمرة إسرائيلية من اراضي الدولة الفلسطينية، ولن يرغم اي مستعمر على الرحيل، وسيبقي على العديد من المستعمرات في اراضي الدولة الفلسطينية. الامر الذي اثار حفيظة نفتالي بينيت، وزير الاقتصاد الاسرائيلي، ودفعه لمهاجمة رئيس حكومته، وفي الوقت ذاته رفض فكرة بقاء يهودي في اراضي دولة فلسطين. وشهدت الساحة الحزبية والسياسية الاسرائيلية جدلا حامي الوطيس حول الفكرة، التي ادعى مكتب نتنياهو، انها شكل من اشكال المناورة وبالون اختبار لقياس رد فعل الرئيس محمود عباس.
نتنياهو يعلم ، ان الرئيس عباس، ما زال متمسكا بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويرفض بشكل جازم وجود إسرائيلي واحد على اراضي الدولة الفلسطينية. وبالتالي مناورة بيبي مفضوحة ومكشوفة، ولا تنطلي على الرئيس عباس ولا على القيادة الفلسطينية. فضلا عن ان ابو مازن لن يشعر بالخجل في اعلان موقفه للمرة المليون، القائل : لا كبيرة لوجود اي إسرائيلي يمثل دولة الاحتلال مهما كان اسم وعنوان هذا الوجود على الارض الفلسطينية. كما رفض، وسيرفض اي تبادل للاراضي وفق الوصفة العنصرية والتطهيرية العرقية لليبرمان باستثناء النسبة المحدود، التي تضم الكتل الاستيطانية الاستعمارية ولا تزيد نسبتها عن 1,9 % اما موضوع بلدات المثلث فلن تخضع للمساومة او حتى لمجرد القبول بطرحها على طاولة المفاوضات.
نتنياهو إن كان فعلا يرغب ببقاء المستعمرات على اراضي الدولة الفلسطينية، امامه خيار واحد، هو اعلان قبوله إقامة الدولة الواحدة لكل مواطنيها دون تمييز عرقي او ديني او قومي وبحيث يتم بحث موضوع الديمغرافيا بشكل جذري في فلسطين التاريخية، ومعالجة موضوعة عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، وتحديد اراضي الوقف او اراضي الدولة لاعادة توزيعها بما يستجيب لاعادة توزيع السكان، وفتح ابواب المدن اليهودية والمستعمرات المقامة امام الفلسطينيين للشراء والسكن والمشاركة في ادارة بلدياتها ومجالسها المحلية بعد إعادة النظر في القوانين العنصرية الاسرائيلية، ووقف حملات التحريض العنصرية من الحاخامات وغلاة اليمين الصهيوني المتطرف. وهناك قضايا اساسية تتعلق باعادة نظر شاملة في دستور البلاد وعلمها وهويتها وطبيعة جيشها ووظيفتها الاستعمارية ونظامها التربوي التعليمي وثقافتها واللغة او اللغات الاساسية، ونشيدها الوطني ومركبات الدولة من الالف إلى الياء.
لكن السؤال: هل نتنياهو جاهز لفكرة الدولة الواحدة ؟ وهل هو مستعد لتحمل نتائج هذه الفكرة؟ وان لم يكن مستعدا وما زال يناور لقطع الطريق على التسوية السياسية، فما هي خياراته غير مواصلة الاستيطان الاستعماري والحرب والعنف وتعميق العنصرية وسياسة التطهير العرقي وتصاعد الفاشية داخل المجتمع الاسرائيلي؟
الخيارات ليست كبيرة امام نتنياهو وحكومته، فإما خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 او الدولة الواحدة لكل مواطنيها. وعليه استثمار الوقت المتبقي من فترة التسعة شهور والتقدم نحو خيار الدولتين او الاعلان الواضح امام إسرائيل والفلسطينيين والعرب واقطاب الرباعية والعالم، انه يتجه الى دولة واحدة، عندئذ ستختلف آليات التفاوض ومعايير المعادلة السياسية القائمة.
المخيم على حافة الانفجار
بقلم: بهاء رحال – الحياة
الاضراب الذي يقوم به موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للمطالبة بحقوقهم والذي أخذ يتصاعد بشكل دراماتيكي منذ ايامه الاولى حيث تزامن مع اعلان بعض الموظفين اضرابهم عن الطعام واعتصامهم في خيام الاعتصام التي اقيمت احتجاجا على تعنت الوكالة في قبول مطالبهم العادلة والتي هدفها ضمان حقوق العاملين في هذه المؤسسة الدولية وتسوية اوضاعهم الوظيفية والمعيشية الا ان الاخيرة لا تزال ترفض ولا تزال تغض الطرف عن الاستجابة حتى للوساطة التي قامت بها السلطة من جانبها واعلنت عن موقف غير واضح وغير مفهوم وتجاهلت وتتجاهل حتى اليوم هذا الاضراب وكأن شيئا لم يكن وكانه لم يحدث شيء ضاربة بعرض الحائط كل الدعوات وكل النداءات التي خرجت من اللجان الشعبية ومن الفصائل الوطنية ومن اللاجئين في ارض المخيمات التي لم يعد الامر يطاق فيها، حيث اصابها الشلل التام في كافة المرافق الحياتية والصحية والتعليمية وتوقفت كل الخدمات بشكل غير مسبوق خاصة وان الوكالة الاممية لا تزال ترفض الاستجابة لمطالب موظفيها وكأنها بداية للتخلص من مسؤوليتها القانونية والتهرب من التزاماتها المكلفة ومما يزيد الشك في ذلك هو حالة التراخي التي تتعامل بها الوكالة مع الاضراب والنظر اليه كأنه شيء عابر.
لقد دخل اضراب موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مراحل متقدمة وتدهورت صحة بعض المضربين عن الطعام وانهار النظام المعيشي داخل المخيمات بفعل توقف الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الكثير من اوجه الحياة بفعل هذا الاضراب الذي لم يجد حتى يومنا اية حلول ولا يبدو ان الوكالة من جهتها تتعامل مع القضية بجدية بل انها اتخذت من اسلوب التراخي واللامبالاه وسيلة للدفاع عن نفسها أو طريقة لمواجهة الاضراب وتنكرت لمسؤولياتها المطالبة بتقديمها وكأنها بدأت تتنكر للمخيم, والمخيم يشهد حالة من الحذر وينتظر حلا سريعا لهذه المعاناة ويدعو الجميع الى تحمل مسؤولياته وعلى رأسهم وكالة الغوث وان تخرج من مواقفها الباهتة لتقدم حلا يضمن انهاء الاضراب وعودة العاملين الى اماكن عملهم، والا فلتتحملوا النتائج ولا يعجبكم سكوت المخيم فهذا سكوت الحليم، وهو سكوت ماقبل العاصفة، فاحذروا من المخيم اذا غضب واحذروا من ردة فعله فهو يقف على حافة الانفجار من هذا الوضع الكارثي الذي ألحق الضرر بكل شيء وخاصة بالطلبة الذين يتهددهم ضياع العام الدراسي، فلا تقفوا صامتين.
"ملح الأرض " المسيح يقاوم في " الأغوار "
بقلم: موفق مطر – الحياة
قال الفلسطيني الدكتور صائب عريقات, للاسرائيلية تسيبي ليفني: "لقد سكنت عائلتي الكنعانية في أريحا قبل وصول بني إسرائيل بقيادة يهوشع بن نون إلى المدينة بـ3 آلاف عام". أما ليفني وزيرة العدل بحكومة سرائيل فإنها لم تجد بدا من التسليم برواية صاحب الحق, فردت بلغة السياسة الحديثة ( المصالح ) فقالت حسب ما نشر في صحيفة اسرائيلية: "على الإسرائيليين والفلسطينيين ألا يسألوا بعضهم البعض أية رواية أصدق، وإنما كيف يمكن بناء المستقبل فإسرائيل ترغب بالسلام لأن ذلك مصلحتها"!!.
كان بديهيا تهرب ليفني من مناقشة الحق التاريخي للفلسطينيين في أرض فلسطين, واللجوء الى البديهية التي على اساسها انطلقت عملية السلام منذ مؤتمر مدريد, وأطلق العرب مبادرتهم للسلام ألا وهي أن السلام مصلحة لطرفي الصراع .
تعلم ليفني أن الاستناد الى القوة العسكرية والاحتلال الاستيطاني, يقضي نهائيا على امكانية الالتقاء عند محطة السلام، كمصلحة في الحد الأدنى وكمنهج للحياة دائم بين الشعوب, فالاحتلال يلغي مبدأ التقاء المصالح, ولا يسمح بتكوين منطق الحد الأدنى من التعايش فالمصالح اما ان تكون متوازنة ان لم تكن متساوية بين طرفين, أو تكون على حساب حقوق وإنسانية طرف, وهنا يصبح اسمها استعبادا واستبدادا لا يمكن لإنسان حر كالفلسطيني الخضوع له.
المفاوض المناضل الفلسطيني عريقات عضو مركزية حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" قال هذا لليفني في مؤتمر الأمن بميونخ الألمانية.. وبالتوازي يدلنا محمود العالول وهو عضو مركزية في ذات حركة التحرر التي تقود المقاومة الشعبية السلمية هنا في فلسطين، عن المعنى الذي قصده السيد المسيح رسول المحبة والسلام بعبارة ( ملح الأرض ), فيقول بجوار حجارة بيوت مقدسة في قرية دير عين حجلة في الأغوار: " الأغوار فلسطينية وقرية "عين حجلة" هي أرض لكنيسة (دير حجلة ) وهي في الأصل قرية فلسطينية كنعانية تقع على الطريق الواصل بين البحر الميت وبيسان... سنبقى متواجدين في قريتنا مهما بلغت التحديات".. اذن نحن بالسلام ومن اجل السلام نقاوم.
قال السيد المسيح لتلامذته: "أنتم ملح الأرض "تعطون لحياة الناس مذاقها الطيب, وقدر الفلسطيني ان يكون ملح ارضه, يضحي, يذوب, من أجلها, فلأرض فلسطين مذاق لا يعلمه إلا انسانها, فوحده يعرف مقادير ونوع (الملح ).
قرر الفلسطينيون ( ملح الأرض ) اعادة الحياة لقرية عين حجلة, وتسليط الأضواء على محتلي ومستوطني وسارقي ثروات الأغوار الفلسطينية ومواردها, ففي الأغوار الفلسطينية يسرق جنرالات الاقتصاد الاسرائيلي بتغطية من جنرالات جيش اسرائيل و (تقاريرهم الأمنية الاستراتيجية ) ثروات بلادنا, بعضهم على سبيل المثال لا الحصر شركة "مهادرين", أكبر شركة منتجة مصدرة للخضار والفواكه، وشركة المستوطنين "هاديكلام" للتمور, وشركة انتاج مستحضرات التجميل من ثروات البحر الميت "أهافا".
انهم يسرقون طين وملح البحر الميت .. لكن ارضنا لا يطيب لها إلا ملح انسانها.