Haneen
2014-12-18, 11:22 AM
ماذا يخططون للأقصى؟
بقلم: حديث القدس – القدس
محادثات السلام الفلسطيني الفلسطيني أولاً
بقلم: رغيد الصلح – القدس
الرئيس عباس يحدد الخطوط العريضة لتحقيق السلام
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
صور الحرب السورية.. إعلانات دعائية للموت
بقلم: سوزي لينفيلد – القدس
المفاوضات لم تبدأ عند الإسرائيليين
بقلم: د. أحمد جميل عزم – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
ســـاحــة الـــبــلـــد
بقلم: حسن البطل – الايام
مرّة ثانية .. قضية اللاجئين في خطر ؟!
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
ثلاث محطات رئيسية في الخصومة بين أميركا وإسرائيل، وعن فرصتنا الحقيقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
مبروك لتونس دستورها الجديد
بقلم: صادق الشافعي – الايام
حكمة وفطنة الرأي العام الفلسطيني
بقلم: صلاح هنية – الايام
الــــــقــــــدوة
بقلم: رامي مهداوي – الايام
التَّمَسُّك بِحَق العَوْدَة ضَمانَة لِضَبطِ الجَوْدَة
بقلم:آصف قزموز – الايام
ضـــعـــف نــظـر
بقلم: وليد بطراوي – الايام
فــي غــيـابـنـا
بقلم: وليد ابو بكر – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
في وجه "الصَـحـّارة"
بقلم: عدلي صادق – الحياة
هل تجتاز اسرائيل "الخط الاحمر" الاوروبي؟
بقلم: د. اسعد عبد الرحمن – الحياة
من المسؤول عن اثارة الفتنة الطائفية واذكائها..؟
بقلم: فخري كريم – الحياة
ارتـبـاك الاحـتـلال
بقلم: بهاء رحال – الحياة
التكـفـيريـون فـي الـمـخـيـمـات
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
اين الحضور العربي؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ماذا يخططون للأقصى؟
بقلم: حديث القدس – القدس
أصبحت الاقتحامات التي ينفذها اليمينيون والمتطرفون اليهود تحت حماية قوات الأمن الاسرائيلية شبه يومية. وكان الوضع في السابق تحت السيطرة، فلم يكن يسمح بدخول الحرم القدسي الشريف لغير المسلمين إلا في أوقات نادرة، وبموافقة دائرة الأوقاف التي لها الكلمة الأولى في ترتيبات دخول الحرم :وهو مكان مقدس ليس فقط للفلسطينيين بل أيضا لكل المسلمين في مختلف أنحاء العالم.
ومن الواضح أن هناك مخططا تقوم السلطات الاسرائيلية بتنفيذه عمليا، وإن لم تعلن عنه رسميا. وملامح هذا المخطط تبدو جلية من خلال تصريحات وزراء ونواب في الائتلاف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأساس هذا المخطط هو السماح تدريجيا، وبشكل متصاعد، لليهود بدخول المسجد وأداء طقوسهم فيه، حتى لو أسفر ذلك عن صدامات مع المصلين المسلمين، أو حظر دخول عدد من الشباب المقدسيين من الذين يقصدون الحرم للصلاة، أو تلقي دروس العلم في مجالسه ومعاهده.
والمفروض أن هناك حظرا من جانب الحاخامات اليهود على دخول أبناء دينهم إلى الحرم الشريف، لكن عددا من الحاخامات من ذوي النزعة "القومية" سمحوا لأتباعهم بالذهاب إلى المسجد وتحدي المصلين المسلمين تحت حماية قوات الأمن الاسرائيلية، وهذا هو السبب في التوتر الذي يسود المدينة المقدسة، وسائر المناطق الفلسطينية.
وهذا التوتر مرشح للامتداد إلى العالمين العربي والإسلامي ما لم يتم وضع حد لهذه الاقتحامات الاستفزازية، وإعادة الأوضاع الهادئة نسبيا التي اتسمت بها الأعوام الماضية.
والمفروض أن تقوم قوات الأمن هذه بمنع المتطرفين اليهود من دخول بوابات الحرم، وليس أن تقف إلى جانبهم وتتصدى بدلا من ذلك للمصلين المسلمين بقنابل الغاز والقنابل الصوتية، لتكرس هذه الاعتداءات من جانب مقتحمي الحرم الذين لا يتورعون عن استفزاز الفلسطينيين وإثارة مشاعرهم بكل الوسائل المتاحة لهم.
المسجد الأقصى خاص بالمسلمين منذ ألف وأربعمائة عام ونيف. وما يجري حاليا يثير غضب المسلمين في كل أنحاء العالم. وما دام التيار العام للحاخامات اليهود قد حظر زيارة اليهود لهذا المكان المقدس، فالأحرى بالحكومة الاسرائيلية أن تنصاع لهذا الرأي، وأن تمنع هذه الاستفزازات ذات العواقب التي لا يمكن التكهن بها.
والمواجهات التي حدثت أمس، وتحدث على نحو شبه يومي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يفترض أن لا تحدث لو أن السلطات الاسرائيلية تصرفت بعيدا عن مخططاتها الخطيرة التي لو مضت هذه السلطات في تنفيذها فسوف تكون نتائجها كارثية على الجميع.
ولن يسمح الفلسطينيون والعرب والمسلمون بتنفيذ أي مخططات يقال أنها ترمي لتقسيم الحرم زمانيا ومكانيا. وهذا ما يجب على السلطات الاسرائيلية إدراكه والتصرف على أساسه، لمصلحة الهدوء والأمن والاستقرار في المنطقة، والعالم على وجه العموم.
محادثات السلام الفلسطيني الفلسطيني أولاً
بقلم: رغيد الصلح – القدس
تعكف الهيئات الفلسطينية المعنية حالياً على بحث البدائل التي يمكن للقيادة الفلسطينية أن تلجأ اليها اذا ما انتهت المحادثات الفلسطينية -الإسرائيلية من دون أن يحقق الفلسطينيون أي هدف من أهدافهم الوطنية . ويرجح البعض في هذه الهيئات ألا تسفر المحادثات عن فشل كامل لها بل عن مشروع اتفاق إطار تضعه الإدارة الأمريكية أو بالأحرى جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية، ومارتن أنديك، موفد كيري إلى المفاوضات ورئيس الطاقم الأمريكي الذي يتابعها .
ورغم أن معظم المقترحات والأفكار التي يتضمنها مشروع "اتفاق - إطار" مثل مساواة اللاجئين الفلسطينيين باللاجئين اليهود من البلاد العربية الى فلسطين، هي ذات منشأ إسرائيلي، فإنه من غير المتوقع أن تبارك حكومة نتنياهو المشروع فور صدوره خلال الشهر الحالي أو المقبل . بل الأرجح أن تؤخر إعلان موقفها منه إلى موعد آخر بانتظار معالجة إسرائيلية - أمريكية لردود الفعل الأوروبية على السياسة السلبية التي تتبعها حكومة نتنياهو تجاه "جهود السلام" وتجاه قيام دولتين في فلسطين .
لقد استخدم الأوروبيون أسلوب الجزرة والعصا مع الإسرائيليين من جهة تلويح الأوروبيين بأنه إذا تجاوب الإسرائيليون مع جهود السلام فإن بوابة الاتحاد الأوروبي سوف تنفتح لكي تدخله إسرائيل فتحقق أعظم الثمار نتيجة ذلك . كذلك لوح الأوروبيون بأنهم سوف يتغاضون عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان إذا وافقت حكومة نتنياهو على المبادرة الأمريكية . من جهة أخرى أعلن لارس فابورغ لارسن، سفير الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، أنه إذا فشلت المحادثات الإسرائيلية - الفلسطينية، وإذا تسبب استمرار سياسة إسرائيل الاستيطانية بهذا الفشل، فإنها ستتحمل هي "مسؤوليته" . عندها لمح مسؤولون أوروبيون إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يفرض على إسرائيل عقوبات اقتصادية، ولم يستبعد البعض من هؤلاء أن تشابه هذه العقوبات تلك التي فرضت على دولة الأبارتايد في جنوب إفريقيا فكانت من أسباب انهيارها .
أكسبت التهديدات الأوروبية بعض المصداقية بعد أن حذر وزير المال الإسرائيلي يئير لبيد الحكومة الإسرائيلية من أنه إذا نفذ الاتحاد الأوروبي تهديده فإن إسرائيل سوف تتكبد خسائر تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار . ولا ريب أن هذه الضغوط الأوروبية تثير التفاؤل في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية المؤيدة لقضية فلسطين . ولكن هل يمكن الركون إلى هذه الضغوط؟ وإذا نفذ الاتحاد الأوروبي وعيده حول العقوبات الاقتصادية فهل تكون هذه العقوبات، فعلاً، شبيهة بالتي نفذت ضد حكومة الأبارتايد؟
الأرجح ألا تصل الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على إسرائيل إلى الحد الذي يشل اقتصادها ويكبد الإسرائيليين خسائر فادحة، بل أن تتسم العقوبات بالطابع الرمزي . إن هذا النوع من العقوبات يدل على رفض الاتحاد الأوروبي للاستيطان الإسرائيلي، "من حيث المبدأ"، ولكن لا يحول، عملياً، دون استمرار بناء المستوطنات . الشق الأخير من المعادلة، أي امتناع أوروبا عن عرقلة الاستيطان هي الهدية التي ستقدمها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى نتنياهو خلال المشاورات المشتركة التي ستنعقد بينهما في إسرائيل في الرابع والخامس والعشرين من الشهر الحالي . ومن الأرجح أنه عندما توقع وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت من "أصدقاء إسرائيل في العالم الوقوف ضد حملة المقاطعة اللاسامية" فإنه يعني زعماء دوليين
مثل ميركل . إذا صحت هذه التوقعات، فإن الاتحاد الأوروبي، بتأثير من القاطرة الألمانية، سوف يخفض من سقف العقوبات التي يلوح بتطبيقها ضد إسرائيل .
إذا تمكن الإسرائيليون من فرملة المقاطعة الأوروبية، فإن المسؤولين الفلسطينيين لن يتفاجأوا كثيراً بهذا
الموقف . فعند البحث في البدائل عن توقف المفاوضات، وعندما دعا البعض منهم إلى عدم التجاوب مع مساعي تمديدها، لم يظهر عليهم أنهم يعولون كثيراً على ضغوط الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق المطالب الفلسطينية . أكثرهم كان يفتش عن الحل بعيداً عن هذه الضغوط . البعض منهم لوح بالعودة إلى حمل السلاح ضد الاحتلال . أما الأكثرية من القادة الفلسطينيين فقد دعت للذهاب إلى نيويورك، أي إلى الأمم المتحدة وإلى العمل على الانضمام إلى أكبر عدد من المنظمات الدولية تأكيداً على مصداقية المشروع الفلسطيني .
لقد خاض الفلسطينيون تجارب ناجحة على هذا الصعيد . وعندما طالبوا بأن تكون للكيان الفلسطيني صفة مراقب في الأمم المتحدة، تحولت المطالبة إلى حملة سياسية ناجحة ضد المشروع الاسرائيلي، ولمصلحة المطلب الوطني الفلسطيني . ومن المتوقع أن يتحول كل طلب تقدمه القيادة الفلسطينية لانضمام فلسطين إلى منظمة من منظمات الأمم المتحدة أو من المنظمات الدولية الأخرى، إلى معركة سياسية مفيدة . في مثل هذه المعارك تتسلط الأنظار على هشاشة المشروع الإسرائيلي، ليس من الناحية العسكرية والمادية حيث تتمتع إسرائيل هنا بالتفوق على سائر المعادين لها، ولكن من الناحية الأخلاقية والمعنوية والمبدئية . هذا الاحتمال هو حلم مرعب يثير قلق الإسرائيليين . إنه يثير قلقهم لأنه يهدد، بالفعل، بنزع الشرعية التدريجي عن إسرائيل .
ولكن فيما يمثل خوض المعارك الدبلوماسية ضد إسرائيل في أروقة الأمم المتحدة خياراً مفيداً، فإنه ينبغي ألا يكون بديلاً عن خطوات مهمة أخرى تندرج في إطار المعارك الناجحة البعيدة الأمد على هذا الصعيد .
هذه المعارك تخاض في فلسطين نفسها، وأهمها اليوم العمل على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية . فعلى هذا الصعيد تمر الحركة الوطنية الفلسطينية اليوم بانسداد تاريخي قل أن مرت به في تاريخها الطويل . ففي الماضي دأبت الفصائل الفلسطينية على تقاسم قيادة الحركة الوطنية على أساس نظام "الكوتا" . وكان هذا النظام أفضل، نسبياً، من تفرد فصيل واحد بفرض سلطته وبالقوة على الآخرين . اليوم لا تتطبق "الكوتا" كنظام سياسي وتنظيمي فحسب، ولكنها تطبق على أساس جغرافي، وهذا يتحول بدوره إلى انقسام كارثي داخل الجسم الفلسطيني . إن تطبيق الكوتا على هذا النحو يسهل تأبيدها ويسلب الفلسطينيين القدرة على التعبير عن رأيهم وعن خياراتهم، ويسحب منهم هم ومن "البيت الفلسطيني" الشرعية المطلوبة . إذا لم تتمكن الفصائل الفلسطينية من الاتفاق على كافة المبادئ الرئيسية وعلى استراتيجية بديلة عن التفاوض مع إسرائيل، فلعلها تتمكن من التفاهم على إحياء العملية الديمقراطية في فلسطين . وإحياء هذه العملية يعني بالدرجة الأولى إجراء انتخابات نيابية جديدة تعيد الروح إلى الحياة البرلمانية الفلسطينية . إن هذا الإجراء سوف يفسح المجال أمام الفلسطينيين لكي يختاروا ممثليهم وأن يختاروا الجماعات التي تستطيع ترجمة الإرادة الفلسطينية إلى سياسة ملموسة . لقد كان المجلس الوطني المنتخب مطلباً دائماً للحركة الوطنية الفلسطينية، فهل من الجائز التغاضي عن هذا المطلب عندما تتوفر شروط تحقيقه حتى ولو تحت الاحتلال؟
الرئيس عباس يحدد الخطوط العريضة لتحقيق السلام
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية يوم الأثنين قبل الماضي تحدث الرئيس محمود عباس عن رؤيته للمرحلة القادمة للعلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث توقع أن تسفر المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عن فترة انتقالية معقولة الى حين التوصل الى الحل الدائم، وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الفترة الإنتقالية ستمتد الى ثلاثة أعوام يقوم أثناءها حلف شمال الأطلسي بمراقبة تطبيق الإتفاق على الأرض.
وحول المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تم الاتفاق بين القيادة الفلسطينية ووزير الخارجية الأميركية جون كيري على أن تستمر خلال تسعة أشهر تنتهي نهاية شهر نيسان القادم، قال الرئيس عباس إن تلك المفاوضات يجب أن تسفر عن تطبيق رؤية حل الدولتين على أرض الواقع حيث تعيش إسرائيل كدولة الى جانب دولة فلسطين ضمن حدود الرابع من حزيران في أمان واستقرار.
والواقع أن رؤية حل الدولتين هي فكرة أميركية طرحها الرئيس االأميركي السابق جورج بوش الإبن، وتبناها بعد ذلك المجتمع الدولي حيث أن هناك اجماعا فلسطينيا وعربيا ودوليا على أن الحل الأمثل لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية ضمن حدود العام 1967.
كما أن مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 أكدت أن رؤية حل الدولتين هي الحل الأمثل والوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن ثم الصراع العربي الإسرائيلي من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وشددت المبادرة على أن السلام الفلسطيني الإسرائيلي مفتاح لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك مع العالم الإسلامي بحيث يتم تطبيع العلاقات بين الدول العربية والإسلامية وإسرائيل، وتفتح سفارات لإسرائيل في العواصم العربية والإسلامية، ويتم إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بين إسرائيل والعالمين العربي والإسلامي.
وقد أبدت العديد من الدول العربية خاصة دول خليجية وفي مقدمتها السعودية ودولة الإمارات مؤخرا بوادر إيجابية تجاه إسرائيل لحثها على قبول مبادرة السلام العربية حيث وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة دعوة للوزير سلفان شالوم للمشاركة في مؤتمر دولي في دبي، وشارك فيه على رأس وفد إسرائيلي، كما أن مدير الإستخبارات السعودية السابق الأمير تركي بن فيصل تحدث مباشرة مع الوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني في مؤتمر ميونخ للأمن الدولي الذي عقد مؤخرا في ألمانيا، ودعاها للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو ليقبل بمبادرة السلام العربية. وفي ذات الوقت جامل الوزيرة الإسرائيلية وأشار إلى ما تتمتع به من ذكاء وحضور سياسي.
وفي المقابلة مع الصحيفة العبرية تحدث الرئيس عباس عن البند الثاني من حيث الأهمية في طريق تحقيق السلام، وهو موضوع القدس حيث قال إن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، على أن تكون مفتوحة أمام كافة الأديان، بحيث يتمكن أتباع الديانات السماوية الثلاث من الوصول إلى أماكنهم الدينية بيسر وسهولة، ويؤدون شعائرهم الدينية في أجواء من الحرية. وذلك من خلال ترتيبات يتم الوصول اليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال المفاوضات.
والواقع وكما أكد الرئيس عباس دائما أن القدس مفتاح السلام، ولا سلام بدون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا مجمع عليه من دول العالم كافة، بما فيها الولايات المتحدة التي ترفض الإعتراف بإقدام إسرائيل على ضم القدس الشرقية إلى القدس الغربية بادعاء أنها "عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل".
وبالنسبة لقضية الحدود قال الرئيس عباس في المقابلة إن حدود الدولة الفلسطينية ستكون بيد الفلسطينيين وليس بيد الجيش الإسرائيلي، وما يقوله الرئيس في هذا الشأن هو حق من حقوق السيادة الكاملة إذ لا تقبل أية دولة في العالم أن تكون حدودها الدولية بيد قوة أجنبية أخرى لأن ذلك يعد انتقاصا من سيادة وكرامة تلك الدولة، وهذا ما تؤيده قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة. وتستطيع الدولة الفلسطينية المستقلة عند قيامها حماية تلك الحدود، بحيث تمنع أحدا من ان يخترق تلك الحدود للإعتداء على الدول المجاورة. وقد أثبتت السلطة الفلسطينية منذ أن تسلم الرئيس عباس قيادتها أنها قادرة تماما على حفظ الأمن ومنع أية محاولة لإثارة القلاقل والإضطرابات وزعزعة الإستقرار في أراضيها.
وحول قضية اللاجئين جدد الرئيس موقفه القائل بأن تلك القضية يجب أن تحل وفق مبادرة السلام العربية التي دعت إلى " حل عادل متفق عليه مع إسرائيل وفق القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي حمل رقم 194". وكان الرئيس عباس صرح مؤخرا بأن حق العودة حق شخصي يقرره اللاجئ ذاته دون ضغط من أحد لا من قريب ولا من بعيد.
وأوضح الرئيس عباس في المقابلة مع الصحيفة العبرية إنه في حال تحققت هذه البنود الأربعة وهي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وقضية القدس والحدود واللاجئين، فإنه يعتقد أن الحل سيكون مقبولا ومستقرا وشرعيا. وهكذا ألقى الرئيس الكرة في الملعب الإسرائيلي، وأكد مجددا الرغبة الفلسطينية الصادقة في التوصل إلى سلام عادل وشامل يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويحقق الأمن لإسرائيل ويفتح أمامها أبواب العواصم العربية والإسلامية لتقيم معها علاقات طبيعية كبقية العلاقات مع دول العالم المختلفة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" تعقيبا على المقابلة، إن الرئيس عباس عرض الحل على أنه فرصة للإسرائيليين مؤكدا أنه يمثل جميع أبناء الشعب الفلسطيني وأنه يرغب في التوقيع على اتفاق، وأكد أنه سيعرض ذلك الإتفاق على الإستفتاء العام، في حال تم التوصل إليه، وشدد على أن فرصة السلام هذه المتاحة قد لا تتكرر إذا أهدرت. ومن هنا فإن على إسرائيل أن تستغل هذه الفرصة التي يطرحها الرئيس وألا تضيعها من خلال الإصرار على الإستمرار في سياسة التوسع ومن خلال الإصرار على موافقتهم (أي الحكومة) ورفض الإعتراف بحدود العام 1967.
وتحدث الرئيس عباس عن الأرباح الكبيرة التي ستجنيها إسرائيل من خلال التوقيع على اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني، حيث أن سبعا وخمسين دولة عربية وإسلامية ستعترف بها، وهذا الإعتراف سيكون كاملا من خلال إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين اسرائيل وجميع هذه الدول العربية والاسلامية، وتمنى الرئيس على الإسرائيليين أن يدركوا ما معنى الحياة بسلام في المنطقة الواقعة بين موريتانيا وأندونيسيا وذلك من خلال مقارنتهم بالوضع الحالي.
وردا على العرض الإسرائيلي بأن تكون الفترة الإنتقالية لإقامة الدولة الفلسطينية تمتد من عشرة إلى خمسة عشر عاما، قال إن من يعرض مثل هذا العرض لا يريد الإنسحاب، وشدد على أن الفترة الإنتقالية المعقولة يجب ألا تزيد على ثلاثة أعوام، تنسحب إسرائيل خلالها تدريجيا من الأراضي الفلسطينية. وما عرضه الرئيس حول هذه الفترة الإنتقالية كاف جدا، إذ أنه وبموجب اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع حكومة اسرائيل في عام 1993 كانت الفترة الإنتقالية خمس سنوات، وكان المفروض بموجب تلك الإتفاقية أن يتم التوصل إلى حل حول قضايا الوضع النهائي في عام 1998، وقد مرت حتى الآن أكثر من خمس عشرة سنة دون التوصل الى ذلك الإتفاق خاصة وأن الزمن لا يعمل لصالح السلام، ودليل ذلك ما تعيشه العديد من الدول العربية من حالة عدم الإستقرار.
ولطمأنة اسرائيل وإزالة ما تقول إنه مخاوف أمنية فإن الرئيس عباس قال إنه يوافق على وجود طرف ثالث يستبدل إسرائيل خلال مرحلة الإخلاء أو بعدها وأيضا لإزالة المخاوف الفلسطينية، وقال إنه يعتقد أن حلف شمال الأطلسي هو الأنسب لأداء هذه المهمة.
وحول العلاقة مع حركة حماس، قال الرئيس عباس في المقابلة أن حماس لن تكون المشكلة، ودعا الإسرائيليين أن يتركوا مسألة حماس للقيادة الفلسطينية حيث أن القيادة الفلسطينية ستوقع الإتفاق مع إسرائيل باسم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات. وأكد أن هناك اتفاقا مكتوبا مع حماس، توافق بموجبه على إجراء المفاوضات بغية التوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية وفق حدود العام 1967. وهذا الذي قاله الرئيس حقيقة لا تقبل الجدل لأنه القائد الشرعي للشعب الفلسطيني الذي انتخبه في انتخابات تميزت بالحرية والنزاهة والشفافية والديمقراطية.
وأبدى الرئيس في المقابلة استعداده للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في أي وقت وأنه لا يرفض إلقاء كلمة في الكنيست، وكذلك لا يمانع في إلقاء نتنياهو كلمة أمام المجلس التشريعي الفلسطيني.
وهكذا حدد الرئيس في المقابلة الخطوط العريضة لتحقيق السلام، والكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فعلى القيادة الإسرائيلية انتهاز هذه الفرصة الذهبية وعدم هدرها. والله الموفق
صور الحرب السورية.. إعلانات دعائية للموت
بقلم: سوزي لينفيلد – القدس
من المريع مشاهدة الصور التي نُشرت مؤخراً، والتي يفترض أنها أتت من ذاكرة تخزين هائلة تضم 55.000 صورة، تصور جثثاً مهزولة مخنوقة ومضروبة، يُزعم أنها التُقطت في داخل سجون الرئيس السوري بشار الأسد. وهي صور محيرة أيضاً. هذه الصور التي توثق موت ما يقارب 11.000 من المعتقلين، التقطتها المعارضة، وإنما بناء على رغبة نظام السيد الأسد. أفلا تريد مثل هذه الحكومة –بل ألا تريد أي حكومة- أن تخفي جرائمها بدلاً من تسجيلها وتوثيقها؟
مع أنه لم يكن من المفترض الإفراج عن هذه الدفينة من الصور التي قيل إن أحد المنشقين قام بتهريبها إلى خارج البلاد، فإنها ليست الصور الأولى التي تحمل معالم الوحشية التي ينتجها النظام السوري. فقد نشرت قوات السيد الأسد العديد من الصور وأشرطة الفيديو الأخرى التي توثق عمليات الإعدام والتعذيب التي دبرتها وأشرفت عليها. وفي ذات الوقت، بث الجهاديون المناهضون للأسد بفخر صورهم الخاصة للعنف والتمثيل بالضحايا (التي تبدو عمليات قطع الرؤوس مفضلة فيها بشكل خاص، مصحوبة بهتافات الحشود في بعض الأحيان).
إذا كانت الحرب الأهلية الإسبانية هي أول صراع يتم تصويره على يد روبرت كوبا وغيره، بطريقة حديثة –بمعنى التقاط الصور عن قرب في ميدان المعركة وبين المدنيين- فإن الحرب الأهلية السورية ربما تكون الصراع الذي يمثل ما بعد الحداثة فعلاً، عندما يتعلق الأمر بصورها على الأقل. في هذا الصراع، ينخرط كلا الطرفين في منافسة شرسة حتى يظهرا للعالم ويظهر كل منهما للآخر كم يمكن أن يكون بربرياً وحشياً وبلا رحمة. وبمساعدة التقنيات الجديدة –كاميرات الهاتف المحمول، اليوتيوب، الإنستاغرام، ومواقع التواصل الاجتماعي- تطوف صورالوحشية هذه جميع أنحاء الكوكب. وبهذا يجري قلب الدور التقليدي للتصوير الصحفي في الحرب رأساً على عقب: بدلاً من تعرية الفظائع وفضحها، أصبحت الصور الآن بمثابة إعلانات ترويجية لهذه الفظائع.
لكن الصور السورية تصنع بالكاد شيئاً فريداً بطرق أخرى. إنها مجرد تتويج لسلالة طويلة ووضيعة من الصور التي يصنعها الجاني: الصور الخالية من الشفقة التي يلتقطها الجلاوزة لممارسات العنف والسادية التي يوقعونها بضحاياهم. وتكون بعض هذه الصور بيانية بشكل مثير للاشمئزاز، وتكشف عن الطرق التي يمكن بها تفكيك الجسد البشري؛ بينما بعضها الآخر تصويرات هادئة للرعب الإنساني والشعور بالعجز في مواجهة الموت. بعضها التقطها أشخاص يعملون لدى حكومات معترف بها بغية تسجيل عمليات القتل الجماعي بلا مبالاة؛ وثمة أخرى، عادة ما تكون متهللة، كان قد التقطها الجنود أو أفراد جماعات حرب العصابات والقوات شبه العسكرية والمنظمات الإرهابية من تلقاء أنفسهم وبلا توجيه.
لعل أكبر وأعتى مجموعة من مثل هذه الصور، والتي تجمع بين صور رسمية "معروفة المصدر"، وبين تلك التي التقطها مصورون نازيون، وجنود وأنصار مدنيون: في غيتوهات اليهود، أو في الجبهة الشرقية، في البلدان المحتلة، وحتى في بعض معسكرات الاعتقال (كان معتقل أوشفيتز يستخدم اثنين من مصوري جهاز إس إس الرسميين).
في وقت أحدث من ذلك، قام أعضاء في جبهة سيراليون الثورية الموحدة، المعروفون بعمليات البتر الجماعية لأعضاء مواطنيهم، بتصوير أنفسهم وهم يرتكبون بعضاً من فظاعاتهم. وكذلك فعل بعض بعثيي صدام حسين، وقوات "العقارب" الصربية شبه العسكرية المرعبة. وقبل بضع سنوات، قامت مجموعة حزب الإسلام، الميليشيا الإسلامية في الصومال، بدعوة مصور لتوثيق عملية قتل بالرجم لرجل متهم بارتكاب الزنا؛ وكانت الصور الناتجة أقرب إلى عدم الصلاحية للعرض أكثر من أي شيء آخر شاهدته في حياتي. وكانت بعض أكثر الصور إثارة للحرقة واستقراراً في الذاكرة هي التي جاءت في حقبة ما بعد 11/9 –بما فيها صور قطع رأس صحفي وول ستريت جورنال دانييل بيرل، وصور تعذيب السجناء في أبو غريب- والتي تقع بلا شك ضمن فئة صور الجاني.
ثمة مجموعات أخرى من صور المصورين، والتي تعرض ما يمكن وصفه بأنه "نظرة باردة" للأنظمة القاتلة وهي تقوم بعملها؛ حيث لا تكون مثل هذه الصور عنيفة بشكل واضح، ولو أنها تكون قاسية على الدوام. وكانت شرطة ستالين قد التقطت صوراً للسجناء السياسيين المدانين في سجن لوبيانكا سيئ السمعة في موسكو قبيل إعدامهم؛ وفيها تحدق وجوه أولئك السجناء فينا بحزن وخوف وحيرة. وتقع الصور الآتية حديثاً من سجون السيد الأسد السرية تحت هذا العنوان، ولو أنها أكثر وضوحاً وتصويرية بكثير. وهنا، يصبح التصوير مرة أخرى ملحقاً مفيداً وفي المتناول في صناعة الموت لدى الأنظمة الاستبدادية.
هناك رعب مزدوج في خبرة النظر إلى صور الجاني. الأول منها والأكثر وضوحاً، أنها تعرض أشياء طاردة، أشياء مرعبة، أشياء لا تطاق –أشياء نود الاعتقاد بأن البشر لا يمكن أن يفعلوها حقاً ببعضهم البعض. لكن هذا الشعور بالاشمئزاز يتكثف لدى معرفة أن هذه الصور لم تُصنع لغاية الاحتجاج على الشراسة، وإنما بقصد الحفاوة بها، أو توثيقها على الأقل. ويشهد وجود مثل هذه الصور في حد ذاته على حقيقة أن مثل هذه التصرفات يمكن أن تكون سبباً للرضا، للفخر، أو للمجد –أو حتى التسلية. (من المثير للصدمة مشاهدة كيف أن الكثير من الابتسامات تظهر في الصور النازية وفي صور سجن أبو غريب العراقي).
لعل هذا هو السبب في وجود الكثير من المقاومة لمشاهدة صور الجاني، والسبب في أنه عادة ما يجري وصفها بأنها صور "تعذيب إباحية" –وهو عذر قريب يخففنا من عبء مشاهدتها والتفكير بها. إنها تمثل تحدياً حاداً للمفاهيم الحديثة عن الشمولية والتعددية؛ للاعتقاد المعزّي بأننا "نحن" كلنا نمثل الجوهر ذاته بشكل أساسي، وبأن عائلة البشرية –ولو خالطها الجدال في بعض الأحيان- يمكن أن تجتمع على بعض القيم المشتركة الأساسية على الأقل. لكن الأمر ليس كذلك. إن صور الجاني تكشف عن المدى الرهيب الذي يمكن أن يبلغه اختلاف الناس، وكم هو من السهل إلى حد الرعب استبعاد الآخرين من فئة الإنسان. ويتضح هذا التمييز في تساؤل أحد مؤيدي السيد الأسد عن صور الجثث المعذبة: "هل هم سجناء سياسيون أبرياء، أم أنهم القاعدة؟"
كان المصورون الوثائقيون من أوائل القرن العشرين، وخاصة مصوري الحرب المبكرين، يعتقدون أن الكشف عن العنف والاضطهاد بالصور سوف يقود إلى القيام بعمل ما للإنقاذ. بل ان بعضهم حلموا بعالم بلا حرب ولا استغلال. ولا أعتقد أنهم فكروا أبداً بأن الكاميرا سوف تصبح أداة لإعلان وتأكيد الجوانب الأكثر بشاعة من الحرب وخدمة دعاية الأنظمة الاستبدادية رعباً بدلاً من النضال ضدها. لقد أصبح حلمهم كابوسنا.
المفاوضات لم تبدأ عند الإسرائيليين
بقلم: د. أحمد جميل عزم – القدس
ربما من المفيد مقارنة طبيعة النقاش والتعاطي مع "أفكار" وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بين الطرفين العربي، وتحديداً الفلسطيني والآن الأردني أيضاً، وبين الطرف الإسرائيلي.
يُناقش الطرفان الفلسطيني، والأردني، بغضب، خصوصاً على المستويات الشعبية، تفاصيل ما يطرحه كيري لتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. أمّا الإسرائيليون، فيتركز النقاش لديهم على: هل يجب أن يكون هناك تفاوض؟ والتساؤل: لماذا يصر كيري على أنّه يجب أن تكون هناك تسوية؟
هناك طرف تجهده التفاصيل، وطرف ما يزال على أطراف الفكرة. ولكن، هل نعلم التفاصيل؟
لا يكاد ينعقد لقاء بين فلسطينيين أو أردنيين معنيين بعملية التسوية، مع مسؤولين مُطّلعين، أو يُفترض أنهم مطّلعون على المفاوضات، إلا كان السؤال عن التفاصيل، وعن حقيقة مبادرة كيري. أمّا الإسرائيليون، ففي اجتماعاتهم، بما في ذلك الاجتماعات الحكومية الرسمية، فإنهم لا يطلبون تفاصيل، بل يناقشون بالدرجة الأولى إن كان ضروريا حقاً التعاطي بجدية مع تصريحات كيري عن المقاطعة المتوقعة من العالم (وليس الولايات المتحدة) لإسرائيل إذا لم يصلوا لاتفاق؛ والهجوم على المقاطعة الأوروبية بشأن الاستيطان، واتهامها بأنها "لاسامية"، وليست شيئا مرتبطا بسياسات الاحتلال. أما المواقف المتكررة من الاستيطان واللاجئين والدولة اليهودية، فتبرز في الإعلام الخارجي أكثر منها في اللقاءات الحكومية الرسمية الإسرائيلية الداخلية، والرأي العام الإسرائيلي.
يلتقط الفلسطينيون، والأردنيون، تصريحا هنا وخبرا هناك، ليحاولوا استشفاف ما يسمى على نطاق واسع "مبادرة كيري"، التي من المؤكد أن كيري نفسه لم يطرحها بعد، وعلى الأغلب لم يبلورها حتى الآن نهائياً، حتى في عقله. وعمليا، حتى السياسي العربي الرسمي المتصل بالشأن التفاوضي، لا بد له من جمع ما سمعه من كيري ذاته، أو ممن حضروا اللقاءات معه ومع مساعديه، وتقصّي الأمور، ومقارنة التغير في طروحات الرجل من لقاء لآخر، ليستنتج معالم "مشروع" متوقع قد يقدمه الرجل؛ فلا توجد نقاط ووثائق محددة. وهذا طبيعي، فجولات التفاوض الرسمية متوقفة منذ أمد، ولكن "حديث المبادرة" مستمر.
إذا ما فعلنا الشيء ذاته، وقمنا بمحاولة تقديم كشف حساب للحظة الراهنة، فقد بات ثابتا أنّ ما يطرحه كيري هو اتفاق إطار للمفاوضات، وليس اتفاق إطار للحل. وهذا ما أكده وزير الخارجية ناصر جودة أمام مجلس النواب الأردني قبل يومين.
الأفكار المطروحة عامة جداً. مثلا، موقف كيري بأنّ العاصمة الفلسطينية يمكن أن تكون "في القدس"، بحاجة للكثير من التفاوض. فالفلسطينيون يريدون أن تكون العاصمة في شرق القدس، وتحديداً ضمن الحدود البلدية التي كانت نحو ستة كيلومترات مربعة وفق الحدود الأردنية قبل العام 1967. أمّا بالطرح الأميركي، فإن العاصمة قد تكون في أي مكان ضمن منطقة واسعة، وربما في مناطق لا يعتبرها الإسرائيليون جزءا من القدس الآن، بإرسالها (العاصمة) إلى منطقة قريبة من رام الله، أو إلى العيزرية وأبوديس شرقا، بحيث يعاد تعريف القدس، وبحيث يمكن للفلسطينيين القول إنّ عاصمتهم في القدس، وأن يقول الإسرائيليون إن هذه ليست القدس كما يفهمونها. وحتى الآن، ما يزال التوصل إلى اتفاق على هذا بعيداً. وهذه فكرة قديمة.
بالنسبة إلى غور الأردن، تتفاوت الطروحات بين الحديث عن بقاء عسكري لأربعين عاما، وبين انسحاب تدريجي مدته ثلاث سنوات، وما تزال الهوة بعيدة. والحقيقة أنّ النقطة الأصعب في الغور، هي من سيسطر على المعابر؟ فمن دون سيطرة فلسطينية تامة على المعابر لدخول الناس والبضائع، لا معنى لأي اتفاق. وهذه النقطة لم تناقش في العمق بعد.
وفي موضوع اللاجئين، فإن ما يجري الآن هو محاولة تثبيت مفاهيم لا ترقى إلى اتفاق أو إلى أن تكون مبادئ حل. وقد اشتعل الاهتمام بفكرة التوطين في الأردن بسبب طروحات هذه النقطة، أمّا على الأرض، فجدل الإسرائيليين حول هذه النقطة ما يزال يتراوح بين الرفض المطلق لفكرة العودة إلى المناطق المحتلة، ووزراء يرفضون حتى عودة اللاجئين إلى الضفة الغربية.
بكلمات أخرى؛ نقاشات الإسرائيليين الداخلية، تعكس قناعة بأنّ الحديث عن التفاصيل ما يزال مؤجلا، لحين القناعة بأنّ هناك تفاصيل.
ســـاحــة الـــبــلـــد
بقلم: حسن البطل – الايام
شوية لغو في اللغة؛ وفي اللغة أن البلد قرية، أو مدينة، أو دولة؛ والدولة بلد أو بلاد، كأن تنعت الدول العربية بالبلاد العربية، أو تحلم بالعيش في "البلد الأمين"!
شوية لغو في الطب؛ وفي الطب أن مركز الجسم (المدينة) هو قلبها؛ وقلبها ساحة، ميدان، تصبُّ فيه وتتفرّع منه طرق وشوارع.
لمدينة رام الله (كانت قرية وصارت مدينة، ومدينة تصير حاضرة) مركز هو قلبها، وقلبها هو ساحتان، والساحتان أشبه بأُذين أو بُطين القلب، وبعض علل القلب الخلقية ثغرة تخلط الدم بين الأُذين الأيسر والأُذين الأيمن.
ما بعرف إن كانت ساحة المنارة هي البُطين وساحة الساعة (كانت ساحة المهاجرين، ثم صارت ميدان ياسر عرفات) هي الأُذين.
قلب المدينة خضع لعمليات تجميلية منذ هلّت حقبة السلطة. ساحة المنارة الأشهر بين الساحتين وساحات البلد، استقرت على تصميم تربض فيه "الأسود الأربعة" كناية كما يُقال عن عائلات أربع كانت قد أسّست القرية/ المدينة/ الحاضرة، منذ قرن ونصف!
يبدو لي أن عملية تجميلية في الساحة الأخرى؛ المهاجرين/ الساعة/ ميدان ياسر عرفات، كانت فاشلة (هل يشفع لفشلها سارية حجرية تعلوها ماسورة يتسلّق عليها رجل، ليرفع علم البلاد)؟
لسببٍ ما، اختار مصمِّمُو ساحة الساعة لتغدو تحمل اسم ميدان عرفات، رصف الساحة بحجر أسود نافر (طوبزي) هو وشارع المعارض الذي يصبُّ فيه، وشارع آخر صغير، بدلاً من فرشها بلجاف من الإسمنت.
ليش هيك عملية تجميلية فاشلة، ولا تليق باسم الرئيس المؤسّس؟ على ما يبدو اختار المصمِّم / المصمِّمُون حجراً أسود صناعياً، غير مقاوم لضغط عجلات السيارات، أو غير قوي ومتماسك من الانفراط الفيزيائي أو الكيميائي بتأثير المطر.
النتيجة تذكرني بحسرة مصمِّم الأزياء الفرنسي ـ العالمي بيار كاردان، الذي تأسّف لأن غيره سبقه في اختراع سروال الجينز، الأكثر شيوعاً في السراويل، للرجال وللنساء.. والأولاد، أيضاً.
جاءت موضة لتعديل سروال الجينز عن طريق "المزع" (ثغرة عند الركبتين) ثم عن طريق "الترقيع" (رقع متعمّدة شاعت بين طلبة الجامعات في العالم).. وأخيراً هذه الموضة التي هي "التبقيع" أي إزالة اللون الأسود ببقع بيضاء بواسطة مادة كيميائية.
طيّب، شو علاقة هذا برصف ميدان عرفات؟ سريعاً بعد شهور من رصفه بحجر أسود صناعي، احتاج "رقعة" هنا وأخرى هناك، ثم "بقعة" بيضاء من حجر مختلف وصلب وأبيض تسد مكان ثغرة حجر أسود تالف.
ومن بعد؟ صارت "الرجرجة" على حجر أسود نافر "مطبّات" تكاثرت، بحيث تحتاج الساحة عملية تجميلية جذرية أخرى.. إما باستبدال الرصف بالحجارة بغطاء من الاسمنت، وإما بإعادة رصفها بحجارة صلبة طبيعية متوفرة بكثرة وبجودة عالية في "بلد الحجارة" والرخام الذي هو مقالع جبال وتلال هذه الضفة الفلسطينية المصدّرة للحجارة الجيّدة لأربعة أركان العالم.
الحال الحالية إهانة للرئيس المؤسّس، بعد إهانة سابقة بإكساء ضريحه بحجر مغشوش لا يقاوم عوامل التعرية الفيزيائية والكيميائية.. وكتبتُ هذه "النصيحة" ما أرغم السلطة على كسوة حجرية جيدة وجديدة للضريح.
رصف الساحة/ الميدان بالحجر الصناعي الأسود كان استعارة وتقليداً لبعض شوارع عمّان القديمة (البلد) ويبدو أنها أقوى مقاومة وأحسن صنعاً، وأنها طبيعية.
ما أعرفه، أن الحجارة البازلتية السوداء متوفرة في الجولان وحوران وسواحل طبريا، ومنها كانت حجارة حواف الأرصفة في شوارع سورية، وهي مقاومة للانفراط الميكانيكي والكيميائي، وكذا بعض أبنية صفد مثلاً منها.
كسوة ميدان ياسر عرفات، آخر خطوات تجديد وإعادة بناء البنية التحتية لشوارع مركز المدينة وقلبها، وهي خطوات ناجحة، بما فيها إعادة رصف الأرصفة بحجارة صناعية سهلة التفكيك، وتشجير الأرصفة.. لكن تبقى ثغرة هي حجارة ميدان عرفات، التي صارت مهترئة، ومرقّعة.. وبحالة مزرية. ليش هيك؟ فعلاً ليش عملتم هكذا بحجارة قبر الرئيس وحجارة ميدانه؟ عيب عليكم!
مرّة ثانية .. قضية اللاجئين في خطر ؟!
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
إضراب في الضفة الغربية يستمر أكثر من شهرين تغلق فيه المدارس والمراكز الطبية ومراكز توزيع المواد الغذائية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وكأن ما يحدث لا يثير علامة استفهام كبيرة.
مخيم اليرموك يحاصر لأشهر طويلة ويموت سكانه جوعاً، ويضطر الآلاف منهم إلى هجرة ثالثة وربما رابعة، وهذه المرة إلى بلاد ما وراء البحار، ولا أحد يتدخل بشكل جدّي لوقف نزيف المخيم وباقي المخيمات الفلسطينية في سورية التي تتعرض إلى ما يتعرض له مخيم اليرموك... وهذا يثير علامة استفهام أخرى؟!
أصوات شبابية تعلو في المخيمات الفلسطينية في لبنان، تطالب بفتح باب الهجرة للشباب الفلسطينيين الممنوعين من العمل في لبنان... تحسبها في البداية أصوات احتجاج في مخيمات شمال لبنان... ولكن سرعان ما تكتشف أن لا أحد يهتم بهذه القضية سوى سفارات بعض الدول الأجنبية التي تلتقي هذه المجموعات وترحّب بفكرتها وتدعمها...
وحين تبدو الأمور جدّية وليست فقط خطوة احتجاجية، تحاول القوى الوطنية الفلسطينية أن تتدخّل، فتحذّر من خطورة هذه الحركة على المخيمات وقضية اللاجئين... ولكن القائمين على هذه الفكرة يرفضون ويُصرُّون على مواقفهم، هذا يطرح، أيضاً، عشرات علامات الاستفهام.
آلاف الشبّان في مخيمات قطاع غزة، أيضاً، يحاولون الهرب من واقع لا يستطيع أحد منهم تحمّله، وفي ظل استطلاعات رأي عديدة تجد أن الغالبية المطلقة من هؤلاء الشبّان ترغب في الهجرة... علماً أن قطاع غزة قائم على أغلبية من اللاجئين؟!
هل هذه خيوط لا رابط بينها، أم أن هناك خطة منهجية لتصفية قضية اللاجئين، وبكل السبل المتاحة وبدعم من دول غربية، بدأت تقدم إغراءات حقيقية للاجئين الفلسطينيين، وخاصة أبناء المخيمات في لبنان وسورية وغيرها من مناطق اللجوء.
وفي ظل المتغيرات في المنطقة، فإن فكرة إنهاء قضية اللاجئين تبدو أكثر سهولة، ومع الضغوط السياسية والاقتصادية الممارسة بحق هذه الفئة الواسعة من أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم القدرة المتواصلة على الصمود أمام هذه الضغوط تبدو إمكانية تحقيق أهداف تصفية القضية أكثر بكثير من المتوقع.
أما بالنسبة لوكالة الغوث، فإنه لم يبق من هذه الوكالة سوى هيكلها الوظيفي، بمعنى أن كثيراً من الخدمات التي كانت تقدمها الوكالة للاجئين خلال العقود الماضية، بدأت تتقلص رويداً رويداً حتى باتت شبه معدومة.
في قطاع غزة نظّمت الاعتصامات والمسيرات المتتالية أمام مكاتب وكالة الغوث، خاصة في المخيمات، من أجل إعادة النظر في قَطْع المساعدات الغذائية.. ولكن دون جدوى.
وكالة الغوث تعاني عجزاً كبيراً، علماً أن المموّل الرئيس منذ الخمسينيات والستينيات، وحتى نهاية القرن العشرين هو الولايات المتحدة والدول الغربية على أساس أن هذه الدول هي الأساس في إقامة دولة إسرائيل ودعمها، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم في العام 1948.
إلاّ أن هذه المعادلة تغيّرت عندما أصبحت دول خليجية جزءاً من الدول المانحة بشكل أساسي لوكالة الغوث... فبدأت كثير من الدول الغربية تقلّص مساهمتها في هذا الدعم، بحيث تضاعف العجز في ميزانية الوكالة، وأصبحت مهددة بالإفلاس.
إذن، هي ليست أوضاعاً تربطها المصادفة فقط، وإنما خيوط تُنسج بدقة وعلى مهل هنا وهناك في الدول المضيفة للاجئين؛ من أجل هدف واحد هو تصفية قضية اللاجئين، وبالتالي التخلص من أكثر قضايا الحلّ النهائي صعوبة، خاصة أن الإسرائيليين يعلنون عن استعدادهم للتفاوض حول قضايا الحل النهائي وفق أفكارهم، ولكن عند وصولهم إلى قضية اللاجئين، يُجمعون يساراً ويميناً بما في ذلك القوى الإسرائيلية التي تصفُ نفسها بالديمقراطية أو الليبرالية على مبدأ رفض حق العودة دون نقاش، بل أكثر من ذلك، فقد بدؤوا يرفضون مجرد أن تطرح قضية اللاجئين في أي محفل يوجدون فيه.
قضية اللاجئين أمام مفترق تصفية خطير، بحاجة إلى جهد جماعي... وإعادة النظر في كل المفاهيم السابقة حول اللجوء والتهجير والعلاقات مع الدول المضيفة ووكالة الغوث... وإلاّ اقرؤوا الفاتحة على روح هذه القضية!.
ثلاث محطات رئيسية في الخصومة بين أميركا وإسرائيل، وعن فرصتنا الحقيقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
أصبحنا نعرف الآن من فيض ما يسرب من معلومات ما الذي يعرضه علينا في النسخة الجديدة من العروض الأميركية، جون كيري في اتفاقية الإطار، لكن التغير الوحيد والمثير في هذا الفصل الأخير هو أن إطلاق الرصاص الذي يسمع صداه هذه المرة وبخلاف العادة او ما هو متوقع، يتم بين الإسرائيليين والعراب الأميركي، بين التابع وولي النعمة، وحيث يظهر جون كيري في هذا المشهد النادر كما لو أنه الكاوبوي المغامر الشجاع والميدان الذي لا يأبه بكل الصعاب ويمضي مقترحاً ما كما لو أنه رسول السلام الذي قرر أن يضع حداً لهذا النزاع الممل، دون الاكتراث لصيحات الإسرائيليين الذين باتوا يرون في شخص كيري ومشروعه خطراً داهماً بدا كما لو أنهم لم يتحسبوا له من قبل، بلغتهم على حين غرة. لا يعرفون الى الآن كيف يوقفونه أو يبطلون مفعوله، حين بدا لهم لبعض الوقت وكأن الظروف لانت أمامهم ليسددوا ضربتهم الأخيرة باستكمال ما لم يحققوه في العام 1948 اي بالسيطرة على كل الضفة الغربية، وهو اعتقاد تبين لاحقاً انه لم يكن سوى خداع للنفس ومن قبيل الوهم والسراب، لأنه لا الفلسطينيون ولا العالم هم أنفسهم العام 1948، هذا ببساطة وليس له شأن بشخص جون كيري.
والواقع أننا نعرف الآن أو نتحقق من أن الغرب الأميركي الأوربي، الذي ساعد على إقامة إسرائيل، او اختراعها سيان، إنما هو وافق او أقر بوجود هذه الإسرائيل فقط في حدود العام 1948. وهذا هو جوهر السجال والخلاف معها اليوم. الذي تجاوز التعبير عنه الوسائل الدبلوماسية التقليدية الناعمة، والمهذبة في إطار التصريحات والمواقف وانتقل الى الصفحة الثانية بالإجراءات العملية والتهديد بالعقوبات والبدء عمليا التدرج بتنفيذ هذه العقوبات الاقتصادية والمسألة في بعدها التاريخي والاستراتيجي تتعلق بتغير الوظيفة والدور، لزرع واستنبات هذا العدو الغريب، كما فكر دهاقنة الامبراطورية البريطانية، منذ منتصف القرن التاسع عشر، بالمرستون وخلفاؤه، بالميزة الاستراتيجية، التي يتيحها إقامة هذا الجسم الغريب على هذا الساحل من المتوسط الذي يشكل جسراً بين قناة السويس والمستعمرات البريطانية في الهند لحماية الطريق والممر الإستراتيجي.
لقد قضي على أحلام وتطلعات محمد علي في السيطرة على بلاد الشام لهذا السبب، كما تم التفكير بإقامة هذا العازل او الجسر لهذا السبب نفسه أيضاً، لكن مع تغير هذا الدور في زمن خلافة الأميركيين للنفوذ البريطاني وازدهار هذا الدور ليبلغ ذروته بعد حرب العام 1967، زمن الحرب الباردة حيث تحولت اسرائيل الى بندقية، او حاملة طائرات ككنز استراتيجي في إخماد وقمع النزعات التحررية الراديكالية للقومية العربية، في مصر وسورية وحتى العراق، فان هذا الدور كان مقضياً عليه بالانتهاء، منذ ان استبدلت أميركا القفازات الإسرائيلية، بالتدخل العسكري المباشر في حربها ضد العراق، لإخراج صدام حسين من الكويت، وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه فعلياً العام 1991.
فهل كانت مصادفة انه في هذا العام القدري والمفصلي، أقدم جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس بيكر، على التلويح أمام إسحاق شامير، وإسرائيل بالعقوبات "وضمانات القروض" ودق بيكر على الطاولة وقال: هذا هو رقم هاتفي، والنتيجة انصاع شامير لتهديد القيصر وجاء الى مؤتمر مدريد راكعاً.
ثلاث محطات رئيسية يجب ان نتوقف عندها لدى تحليلنا للقرارات الاستراتيجية، التي اتخذتها الولايات المتحدة فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي وقفة تأملية في إمعان التفكير العميق لمساعدة أنفسنا في استنباط واتخاذ القرار والخيار الصحيح، في هذه الظروف من المشروع الذي يطرحه كيري:
1- إن المحطة الأولى هي الضغوط القاسية التي مارسها الجنرال أيزنهاور العام 1956، لإرغام بن غوريون على الانسحاب من سيناء وغزة، واللحظة التاريخية هنا، تتمثل باستراتيجية هجومية أميركية في سعي الامبراطورية لوراثة النفوذ الاستعماري القديم. وكانت أزمة السويس العام 1956، بمشاركة اسرائيل، العدوان على مصر مع بريطانيا وفرنسا، بمثابة عمل سافر ضد الأميركيين وما كان لهم سوى تلقين إسرائيل الدرس.
2- دعوة أميركا العام 1991، لعقد مؤتمر مدريد للسلام والانخراط الأميركي المباشر في مفاوضات السلام، اللحظة هنا تتعلق بالانتصار الأميركي الحاسم على الاتحاد السوفياتي، واستقرار الظروف أمامها للتحول إلى قيادة واحدية للعالم بصورة انفرادية كقطب وحيد، وكان الرابط هنا هو إعادة الولايات المتحدة تشكيل النظام الأمني الإقليمي في الشرق الأوسط، وهي العملية التي ستبلغ ذروتها في مفاوضات كامب ديفيد برعاية بيل كلينتون.
3- إن المحطة الثالثة التي نقف عندها الآن، إنما تتمثل لحظتها التاريخية بسعي إدارة أوباما والإمبراطورية التي أنهكتها نزعتها الحربية التوسعية وتمددها إلى إعادة موضعة استراتيجيتها بما يتلاءم مع الهدف الرئيسي لها، وهو الصراع على آسيا لمواجهة تهديد الصين القوة الاقتصادية الصاعدة في القرن الواحد والعشرين، وهي لحظة يتدنى فيها فعل الدور الإسرائيلي على مستوى أهميته في خدمة المصالح الأميركية الى الحضيض او الصفر. حين يتضح بخلاف المقاربة الأميركية في الشرق الأوسط أن هدف الإستراتيجية الوحيد بات ينحصر في إغلاق وتصفية الثغرات في الخطوط الخلفية لتركيز جهد الاستراتيجية وثقلها الحاسم نحو آسيا وحتى إفريقيا لمحاصرة الصين في آسيا ومنافستها في إفريقيا.
هنا يترافق أو يتزامن هذا التحول الأخير مع مبادرتين دبلوماسيتين، قاسمهما المشترك إغلاق الملفات المفتوحة في الإقليم وهما: التصالح مع إيران، والاتفاق مع روسيا لعقد مؤتمر جنيف الثاني، وهو ما يمثل تحولاً راديكالياً في السياسات إزاء الشرق الأوسط، لكن هذا التحول يبدو مفهوماً تماماً إذا ما نظرنا إليه في سياقه التاريخي باعتباره يخدم إعادة تكييف الاستراتيجية الأميركية مع الواقع الدولي الجديد، والتحديات الاقتصادية التي تواجهها أميركا.
هل هي إذن فرصتنا الحقيقية أو الأخيرة إذا كانت هذه الاحتمالية على النقيض من ذلك لعدونا؟ وحيث لا يمكن للحقيقة ان تكون الشيء ونقيضه في نفس الوقت، وبالتالي يتوجب علينا أن نظهر القدرة والحنكة لإدارة استثمار سياسي، ناجح لها، من أجل انتزاع أو استخلاص أفضل وضع تفاوضي لنا، وما هي الخيارات المطروحة أمامنا في جميع الأحوال.
إن رجلاً يقع على عاتقه عند هذا المنعطف موازنة الأمور، تقدير الموقف واتخاذ القرار الذي سيكون صعباً في كل الأحوال وهذا الرجل هو الرئيس أبو مازن، ولكن هل لهذا السبب وتقديرهم لشخصية ابو مازن الذي لعب هو أيضاً بورقته الذكية، لشد الخناق، الطوق والحبل عليهم، فانهم يديرون منذ وقت، لعبتهم القديمة، بسحب البساط من تحت أقدام الرجل من خلال معادلات فلسطينية داخلية كما فعلوا مع عرفات، في حملة التشويه والتشكيك في السنوات التي أعقبت فشل مفاوضات كامب ديفيد لإنهائه سياسياً قبل التخلص منه جسدياً لخلق حالة من الفراغ وانعدام الوزن في مركز القيادة الفلسطينية لإفشال المحاولة التي يقوم بها الأميركيون اذا كان من شأن ذلك ان يمنحهم الوقت لتغيير المعادلات الجغرافية على الأرض في الضفة الغربية، وهو السبب الرئيسي لغضبهم من كيري وانزعاجهم لأنهم يعتقدون انه بمبادرته يقطع الطريق أو ما تبقى من إكمال هذه الطريق في تغيير المعادلة على الأرض.
وقد نلخص القصة، تلخيصاً مكثفاً وموجزاً، بأبرز الجمل والكلمات التي تم تبادلها في هذا الديالوج، كما لو أننا بإزاء مشهد شكسبيري :
موشي يعالون: مالنا وهذا الرجل يظن نفسه المسيح المخلص او المنقذ، أعطوه جائزة نوبل ودعوه يتركنا وشأننا.
الإدارة الأميركية : اعتذر وإلا !
يعالون مرة أُخرى: يعتذر
تسيبي ليفني: إذا لم توافق يا أبو مازن على يهودية الدولة ستدفع الثمن غالياً.
جون كيري هذه المرة: إذا لم توافق إسرائيل ستدفع الثمن غالياً، عقوبات وعزلة دولية، وكل الترسانة التي استخدمها المجتمع الدولي ضد جنوب إفريقيا العنصرية.
نتنياهو وشركاؤه في الحكومة : لن نتفاوض والمسدس مسلط على رأسنا، وإسرائيل لا تخيفها التهديدات.
ابو مازن لا يخفي ابتسامته: نقبل بوجود حلف الأطلسي لحفظ أمننا وأمنهم.
وفي هذه الأثناء يصدر موقف لافت من "حماس": اسمع يا أبو مازن، نحن مستعدون لحمايتك، في وجه تهديداتهم، والرسالة تصلب.
والمسألة واضحة انهم يجرون أنفسهم الى اللحظة الجنوب أفريقية، فلنسهل الأمر عليهم وهذه عملية أظن ان الرئيس أبو مازن يجيدها، فالفرصة الحقيقية لنا هي إيصالهم الى القطيعة والعزلة مع العالم، هذه هي لحظتنا.
مبروك لتونس دستورها الجديد
بقلم: صادق الشافعي – الايام
نجح التونسيون في إنجاز دستورهم لما بعد ثورتهم وبأريحية عالية وأغلبية كبيرة.
وعلى ذلك يستحقون التهنئة ومعها التقدير، ويستحقون تهنئة إضافية لأن الدستور الذي أقروه بقدر ما هو أفضل دستور حظيت به تونس فإنه يعتبر من الدساتير المتقدمة بالمعايير الدولية.
وتستحق النخب السياسية الشكر لأنها نجحت، رغم الاختلاف البين بينها بالرؤى والمرجعيات العقائدية والبرامج السياسية، في ضبط خلافاتها في قنوات السياسة والمؤسسات، وفي تغليب مصلحة الوطن ومصالح أهل الوطن.
أما اتحاد الشغل التونسي فيستحق تحية خاصة لدوره المميز في كل الأحداث.
ما جعل هذا الإنجاز ممكناً وبهذه الطريقة المفرحة هو أولاً وبالأساس، نضج وقوة المجتمع التونسي وقدرته على فرض إرادته.
وليست قوة المجتمع المدني هذه منتج جديد من منتجات الثورة الشعبية الأخيرة بل كانت موجودة ومستقرة تكونت نتيجة لنضالات طويلة خاضها المجتمع التونسي وقواه السياسية والأهلية وظلت الديمقراطية والسلمية والحداثة عناوين أساسية وثابتة في تلك النضالات.
كما قامت على أساس الوطنية التونسية التي كانت أشد تعبيراً ووضوحاً وأكملت ذاتها بالعروبة والإسلام.
ثم أنها كانت حصيلة إنجازات تراكمت عبر تلك السنين.
من أهم تلك الإنجازات:
- إن تونس كانت أول بلد عربي امتلك دستوراً عمره أكثر من قرن من الزمن.
– إن تونس تمتلك واحدة من أعرق التجارب النقابية، وأغناها بالذات في أوساط الحركة العمالية ( ظل اسم الحبيب عاشور من تونس الى جانب اسم الشفيع احمد الشيخ من السودان أبرز الأسماء العربية في هذا المجال وأكثرها احتراماً وتقديراً وتأثيراً).
– إن تونس امتلكت قانوناً للأحوال المدنية رائداً، بالذات في مجال حقوق المرأة، تقدم في المحتوى على قوانين الأنظمة العربية وسبقها بالزمان بعشرات السنين.
– إن تونس تمتلك مجتمعاً شاباً، وواحدة من أعلى معدلات التعليم، وبالذات في درجاته العليا، مع تواصل واسع مع الغرب عموماً وبالذات مراكزه العلمية والتعليمية.
هذه الإنجازات وغيرها هي التي قادت إلى نجاح الثورة التونسية، وان تكون أول الثورات. وهي التي شكلت نضج وقوة المجتمع التونسي.
وهذه الإنجازات بقدر ما صبغت المجتمع التونسي بصبغة الحداثة، فإنها قادت إلى اتساع ملحوظ في حجم الطبقات الوسطى، وهي ما حماه، الى درجة كبيرة، من نمو قوى التطرف بغض النظر عن عنوانها، وأبعده عن مسارح الصراعات الإقليمية.
وهي نفسها التي تشكل العوامل الأساسية التي تجعل التجربة التونسية تبدو متقدمة على التجارب الأخرى إذا ما اردنا المقارنة، وبالذات مع التجربة المصرية، وخصوصاً لجهة السلمية والسلاسة.
مع التأكيد أن التجربة المصرية تسير بشكل سليم وحثيث نحو الاستقرار وتحقيق أهداف 25 يناير على الرغم مما تواجهه من عقبات ومصاعب ومؤامرات واسعة محلية وخارجية، وأن إقرار الدستور وبالنسبة العالية من التأييد التي أُقر بها شكّل خطوة إستراتيجية هامة على هذا الطريق.
لكن في تفاصيل المقارنة بين التجربتين يبرز أكثر من عامل لعب دوراً كبيراً في حصول الفروق بينهما، على الرغم من أن التيار الديني الأساسي في كلا البلدين يأتي من نفس المنبع، حركة الإخوان المسلمين، حتى لو سلمنا بوجود فروقات في الجانب التنظيمي.
العامل الأول، إن حركة النهضة في تونس ولعوامل تكمن في طبيعة المجتمع التونسي وقوته أولاً، ثم في تجربتها الخاصة، أثبتت بالتجربة، وحتى الآن، أنها أكثر براغماتية ومرونة وأكثر استعداداً لإيثار مصلحة الاستقرار الوطني على التقيد بانتمائها الأيديولوجي والوفاء له من نظيرتها في مصر. فهل ستبقى كذلك ام ترتد الى موقع المغالبة والاستئثار المنسجم مع فكرها إذا ما وصلت إلى درجة من التمكن تسمح لها بذلك؟ وهل سيمكنها المجتمع من ذلك.
والثاني، إن حركة الإخوان في مصر تشكل الكتلة الأكبر بمراحل في جسم حركة الإخوان المسلمين العالمية، وتجربتها الأولى والأهم وأنها تحتل موقع القيادة الأولى فيها. وهذا ما يجعل معركتها حول السلطة معركة عالمية، تخوضها حركة الإخوان العالمية بكل قواها وبكل أسلحتها، وينخرط فيها كل فروعها وتحالفاتها، عن قناعة مكينة عندهم أن سقوط التجربة الإخوانية المصرية تعني سقوط كل تجربتهم في عموم المنطقة، وستفرز تأثيرات سلبية عميقة على وجود ودور ومستقبل كل فروعها.
والثالث، وجود قوى متطرفة من التيار الإسلامي في مصر تعتمد العنف والسلاح وبعضها يشكل امتدادا لقوى متطرفة عالمية، وهي قوى كانت موجودة ولها تشكيلاتها وفعلها قبل 25 يناير بسنوات والتحق معظمها بنظام الإخوان المسلمين حين اقتنصوا السلطة، وعندما أسقطوا منها بقوة الجماهير الشعبية العارمة، عادت هذه القوى إلى العنف والإرهاب تحت مظلتهم، ولتكون سيفا في يدهم في محاولتهم لاستعادة السلطة.
ثم، إن التجربة التونسية، وإن من مدخل سلبي، تستفيد مما يحصل في مصر من فوضى وأعمال عنف وتخريب وإراقة دماء تنفذها حركة الإخوان واتباعها ومن يستظلون بظلها في سعيهم المحموم لاستعادة السلطة. خشية من التونسيين أن يفتح اختلافهم الباب أمام انتقال هذه الحالة أو ما يشبهها اليهم بعد أن ظلوا في منأى عنها إلى حد كبير.
إقرار الدستور التونسي إنجاز عظيم سيكون له ما بعده الكثير: خير عميم على استقرار وتقدم تونس، وأمان وتقدم ورفاه لأهلها، ونموذج يمكن أن تحتذيه تجارب التغيير الأخرى.
حكمة وفطنة الرأي العام الفلسطيني
بقلم: صلاح هنية – الايام
الحديث في أوساط الرأي العام مختلف تماماً وبمعاير مختلفة تماماً خصوصاً عندما تستمع لذلك بعد انقضاء صلاة الجمعة وخلال تجوالك في السوق وتلتقي الناس هناك وتستمع لهم أو تسترق السمع في محل بيع السمك لحوار اثنين، أو أن يستوقفك أحدهم في الطريق ويصب جام غضبه على الوضع بمنطق واضح وصريح. بعد انقضاء صلاة الجمعة استوقفني ثلاثة أمام باب المسجد أحدهم قال "يا أخي أنا متفق معك، لماذا لا يعاقب من يتاجر في الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات والمخزنة بطريقة غير سليمة " فرد عليه شريك الحوار وقال "أنا أشك أنه يتم ضبط هذه الكميات من الأغذية الفاسدة وما هي الا محاولة لإثبات وجود من جهات رسمية، ولكن أنا واثق انه لا يوجد هذا الكم، اذا صح القول فقد باتوا في كل جهات الرقابة فقط ينظفون مخازن ومحلات التجار من الأغذية الفاسدة ويجمعونها وعليها السلام". فتغير المزاج لدى الأول وقال "إذن اطلبوا منهم أن ينظموا عرضا للأغذية الفاسدة ويضعوها في الساحة المقابلة لمسجد جمال عبد الناصر في البيرة، وليكن يوما تعليمياً للمستهلك ما هي الأغذية الفاسدة وكيف يتم التعرف عليها، ولينظموا حملة إتلاف لها أمام أعين مجموعة من المواطنين حتى نتأكد من صدقية هذه الإعلانات عن الضبط". فتدخل آخر وقال "والله يا جماعة ما في حد مستفيد من هذه القضية الا رامي ليفي في المستوطنات فهو بناء على هذه الإعلانات عن كميات الضبط بآلاف الأطنان الرابح الأكبر وهنا تكمن المشكلة". الخبير المتقاعد قال " كنا عندما نضبط بحكم الوظيفة نقوم بتشكيل لجنة إتلاف بحضور الجهة التي ضبطت والنيابة ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك الفلسطيني ووزارة الزراعة وأمام كاميرات تلفزيون فلسطين والإعلام، اليوم لماذا تغير هذا الإجراء لا ندري". للأمانة والموضوعية لم أشأ التصرف بصياغة النقاش حتى لا يفقد رونقه وصدقيته، ولكنه مؤشر مهم على تشكك الرأي العام من حجم ما يتم الإعلان عن ضبطه لتسجيل سبق لهذه الجهة ولتلك، وحتى البحث العلمي المحكم بات متشككا بصدقية الإعلان عن حجم ما يضبط. عملياً ومنطقياً لا يجوز أن يظل الخطاب الرسمي الفلسطيني بخصوص الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتشجيع المنتجات الفلسطينية والإفراط باستخدام المبيدات الزراعية وتوفر الأدوية في صيدليات وعيادات وزارة الصحة وسياسة عدادات المياه مسبقة الدفع موسمياً وتبريرياً ومكرراً، بل يجب أن تطور أدواته ومضمونه وتعميمه ليصل على شكل رسائل قصيرة واضحة ذات مضمون للرأي العام يخفف قليلا من درجة القلق ومن درجة الاستخفاف ومن حدة الرغبة بالتوجه صوب عناوين أخرى لا نريدها. وفي ضوء الفضاء المفتوح فإن المواطن الفلسطيني بات متابعاً حثيثاً لأنماط مختلفة من التعامل مع القضايا المفصلية التي تمس حياة المواطن بكبسة زر على المحرك عن بعد ليتابع خبراً في هذه الفضائية أو تلك فيجد إجراءً ونظاماً وقراراً لهذه الوزارة او تلك تخص حقوقه الأساسية، أو بكبسة زر عبر الشبكة العنكبوتية ليرى كيف يعالج العالم قضايا المستهلك في الاتصالات والمواصلات والدواء والمياه والكهرباء. بات تكرار الحديث في الخطاب الإعلامي الرسمي عن عدم السيطرة على المعابر والحدود، وعن خسائر للاقتصاد الفلسطيني جراء تحكم الاحتلال في المناطق المصنفة (ج)، وعن أن مديونية البلديات لفاتورة المياه تصل مليار شيكل كيف سنستردها، والحديث عن مديونية الكهرباء، لا يأتي بأي فائدة على مستوى الرأي العام الفلسطيني من كثرة التكرار وقلة الإجراءات التي تصنع استجابة لهذه التحديات وتحويلها إلى فرص بالشراكة الحقيقية مع الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته. فصل المقال "الرأي العام الفلسطيني لا يطلب المستحيل ولم يعد يرفع توقعاته في ضوء ما يعايشه يومياً وساعة بساعة، ولكنه لا زال ينظر بأمل وبواقعية لصناعة نوع من الفرق على أرض الواقع بما يليق بفلسطين سكاناً وجغرافية وتاريخاً وحضارةً وتراثاً".
الــــــقــــــدوة
بقلم: رامي مهداوي – الايام
أعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين 3 شباط استقالة د. ناصر القدوة نائب المبعوث الأممي والعربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، وقد أفادت التقارير والأخبار أن القدوة أعرب عن رغبته بالعمل في مهمة أخرى لدى الأمم المتحدة. وشكره بان كي مون على مساهمته في الملف السوري.
بعد هذا الخبر، تذكرت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19 في اجتماعها السابع والستين في 29 تشرين الثاني 2012، في هذا القرار تم منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة.
في الأساس يرقي القرار مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، بهذا القرار أتيح لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل: صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية، غرفة التجارة الدولية، منظمة العمل الدولية، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، اليونسكو، المحكمة الجنائية الدولية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة الصحة العالمية، المنظمة الدولية للمعايير......الخ.
مع انهيار مفاوضات مستر كيري _كما هو متوقع_ بدأت أصوات متنوعة مختلفة من كتّاب ومثقفين وأحزاب تطالب منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالانضمام الى المنظمات الدولية كجزء من مواجهة إسرائيل على الساحات الدولية المختلفة.
بصراحة مفاجأة لي أن أجد بعض ممن يدعون أنهم "مفكرون" بطرح هذا الأمر وكأنه "هز الكتف بحنية" والأخطر من هذا من أسمعهم في المؤتمرات بصوتهم العالي مطالبين الدخول في كافة المنظمات الدولية وكأنه الأمور طبخة مسلوقة... أو رسم على الشاطئ دون معرفة أو اكتراث لموعد المد والجزر.
لهذا وبكل حب واحترام من جهة وواجب والتزام عليك أخي د. ناصر القدوة أن تعود الى تراب فلسطين لحمل ملف الانضمام الى المنظمات الدولية بطريقة مدروسة وعلمية وليس "همبكه" الكلمة التي استخدمتها في وصف فيلم قناة الجزيرة حول اغتيال القائد ياسر عرفات. الجميع يشهد لك في خبرتك بهذا الملف، لهذا أعتقد من الواجب عليك أن تعود لفلسطين وتخوض هذه المعارك.
وهنا أقول معارك وليس معركة، لأنه يا د. ناصر وأنت سيد العارفين ستخوض معارك داخلية وخارجية، في كل عمل يكون هناك معارك، لهذا لن تكون الأمور وردية، وربما المعارك الدولية والدبلوماسية ستكون أسهل عليك، من الترتيبات الداخلية في إعداد هذا الملف، لكن بالنهاية يجب أن تأتي وتخوض في جميع المعارك لنتمكن من إنجاز ما علينا إنجازه.
وما علينا إنجازه هو معرفة ما هي المنظمات التي سنستفيد منها على كافة الأصعدة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية، الثقافية.... الخ، لهذا علينا أن لا ننسى بأننا "دولة" تحت الاحتلال علينا قياس كل خطوة بخطوة ومعرفة مقدار الربح والخسارة عند الانضمام، لأنه كل منظمة لها شروطها وواجبتها وحقوقها، على سبيل المثال لا الحصر شروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية هل نستطيع أن نتجاوب معها: نظام الحماية الجمركية تكفلها المنظمة ولكنها تطالب بأن تكون بالحد الأدنى قدر الاستطاعة وان توفرها من خلال التعريفات الجمركية، الحظر التام على وضع قيود كمية على ما يتم استيراده مثل فرض كميات محدده من سلعة معينة بسبب الخوف من الإغراق أو حماية الصناعة الوطنية .. بل يجب استخدام نظام التعرفة الجمركية فقط، يجب عدم استخدام التجارة التمييزية بمعنى استثناء دولة عن بقية الدول بوضع منطقة حرة أو بدون رسوم.... هذا جزء بسيط من الشروط، علينا أن نتصور ما بعد الشروط وأثره علينا.
حتى أيضاً المحكمة الجنائية الدولية أقول للذين يطبلون ويزمرون مطالبين بأن نكون عضوا بها من أجل محاسبة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين بأن الأمور بحاجة الى حسبة بالورق والقلم حتى ولو كنّا نحن من وقع عليه فعل الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
أخي د. ناصر؛ أعتقد أيضاً أن عليك إعداد الكادر البشري لهذا الملف، وهناك العديد من الشباب الفلسطيني المنتشر في العالم جاهز لهذه اللحظة، فالبعض يتخيل فقط بأنه علينا فقط الدخول بوضع العلم الفلسطيني في هذه المنظمات دون الاكتراث بالكادر المتخصص كل في مجاله، معتقدين بأن دخول المنظمات الدولية مثل المشاركة في البطولات الرياضية ليكون عنواننا المشاركة فقط من أجل المشاركة!!. أنا كلي إيمان بأن شبابنا بخبراتهم التي اكتسبوها في عملهم الدولي مستعدون لتقديم ما عليهم من واجب لحظة نداء الوطن، نعم نحن بحاجة للخبرات الدبلوماسية والتقنية المهنية في الجوانب العملية، وفي هذا المجال نثق بخبراتك في كيفية بناء الفرق المتعددة كل حسب احتياجه.
نعم، حان الوقت لتعود وتشمر عن ذراعك لتعمل في الحقل، مهما كانت الظروف صعبة ومهما كانت المعيقات، دعني أقول لك بأن غيابك عن الحقل يساعد في نمو الأعشاب والطفيليات الضارة، غيابك لا يساعد في الحصاد وإنما يجعل الحقل مباحا لمن ليس متخصصا ولمن يتصور مبتسماً عند موعد الحصاد دون اكتراثه بالمنتج. سامحني إن قلت لك بأن غيابك هو هروب من الواقع وتحمل المسؤولية، فلا يكفي أن نصف المرض وإنما علينا علاجه قبل فوات الأوان.... عليك أن تشمر عن ذراعك.
التَّمَسُّك بِحَق العَوْدَة ضَمانَة لِضَبطِ الجَوْدَة
بقلم:آصف قزموز – الايام
منذ أن أسدلت الستارة على إنجاز قيام دولة إسرائيل، لتُرفع عن مسرح بدء المعاناة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني يدفع الأثمان تِلوَ الأثمان باهظةً دون وجه حق، بسبب قرارات أممية تعهدت بها إسرائيل ولم تنفذها ولا سيما قرار حق العودة رقم 194، في جميع المراحل على امتداد أكثر من نصف قرن دون تحقيق أي تقدم يذكر في مسألة العودة، علماً بأن إسرائيل كانت قد تعهدت منذ اللحظة الأولى لموافقة الأمم المتحدة على انضمامها كعضو في الهيئة الدولية، بتنفيذ هذا القرار المتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم رقم 194. وبموجب هذا القرار الدولي، للاجئين الفلسطينيين الحق في العودة وفي التعويض في آنٍ معاً، وليس كما تتداوله بعض الأوساط على أنه خيار ما بين العودة أو التعويض. ولعل ما يميز الحالة الفلسطينية بهذا الشأن عن سابقاتها ولاحقاتها من حالات اللاجئين أو المهجرين بسبب الحروب على سبيل المثال، هو أن المنظمة الدولية العتيدة أقرت صراحةً من خلال قراراتها، أن الشعب الفلسطيني له الحق في العودة إلى دياره كشعبٍ طُرد من أرضه، وليس كمجموعة من الناس الذين يخرجون من أرضهم بسب الحروب الأهلية أو غيرها، وبالتالي هناك اعتراف بنا كشعب وأرض وليس كحالة انسانية كما يصورها البعض، ما يجعل التمسك بهذه النقطة علامة حاسمة في مستقبل حق العودة وتنفيذه عاجلاً أم آجلاً أم غير ذلك.
وها نحن اليوم، ومع إطلالة كل مرحلة، نقف أمام معطيات ومواقف إسرائيلية متطرفة تقف حائلاً ليس دون إنفاذ هذا الحق الفلسطيني وحسب، وإنما دون تحقيق أي تقدم يذكر في التفاوض من أجل سلام متوازن وعادل يحافظ على حقوقنا المشروعة دون المساس بحقوق الغير ومصالحهم المشروعة، وها هو رئيس الشين بيت الاسرائيلي، يصرح وبالفم الملآن أن فشل المفاوضات لن يجلب المزيد من العنف، بالقول "حتى ولو فشلت مفاوضات السلام لا نتوقع قيام انتفاضة ثالثة"، معترفاً في الوقت ذاته، أن ما أسماه الهجمات الفلسطينية على إسرائيليين خلال العام المنصرم 2013 كانت من أعمال "أفراد وليس منظمات إرهابية" على حد قوله.
وبرغم كل الوقائع التي فرضتها اسرائيل عنوةً على الأرض الفلسطينية والحقوق الفلسطينية الأخرى، من منطلق سياسات حكوماتها المتطرفة في فهم الحفاظ على أمن إسرائيل وهواجسها الأمنية، القائمة على تخوفاتها من أي عملية سلام، إلاَّ أن صراعاً حاداً ما زال يطفو على السطح حول مساعي اسرائيل للخلاص من قرار حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم وأرضهم كشعب طُرد من وطنه بالقوة، والعمل على إلغائه، ذلك لأنه كان أيضاً قد تضمن آلية خاصة لتنفيذه، اشتملت على حقهم في اختيار العودة، وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر وأضرار، سواءً عادوا أم لم يعودوا، إضافة الى إنشاء مؤسسة دولية وهي الأونروا التي تعنى بإغاثة اللاجئين وتأمين احتياجاتهم الحياتية لحين عودتهم، وأكثر من ذلك، فقد نص القرار كذلك على إنشاء لجنة توفيق دولية، تكون مهمتها تسهيل وتأمين عودة هؤلاء الفلسطينيين وإعادة تأهيلهم اجتماعياً واقتصادياً.
ولعل ما يفضح سِر هذا الإصرار الاسرائيلي على إلغاء هذا الحق وعدم إنفاذ هذا القرار، سواء بالرفض أو المماطلة والتسويف أم عبر خلق الوقائع وتغيير الحقائق على الأرض للحيلولة دون التزامهم، هي هذه النواتج المتضمنة في هذا القرار والتي تمثل الأدلة القانونية والمادية لحقوق شعبنا في العودة لأرضه، لا بل إنه يشكل أيضاً المسوغ الوطني والقانوني لتمسك القيادة الفلسطينية بهذا الحق المشروع.
لكن خطير الأمر هذه الأيام ونحن نشهد ونسمع أصواتاً إسرائيلية من هنا وهناك، تطلق اصواتها في التلكك والتطرف بوجه الحقوق التاريخية لشعبنا بهدف تقويضها وإفراغها من مضمونها المكفول قانوناً بقرارات الشرعية الدولية، عبر فزاعاتٍ اعتراضية عمياء، لا ترى سوى ذاتها الضيقة، وهي تنادي بوضع اليهود الذين هاجروا من البلدان العربية طوعاً أو كرهاً، على قدم المساواة مع حقوق شعبنا الذي أخرج من دياره إكراهاً بالقوة والخداع، وذلك في سياق تمويت وتعويم هذا الحق الدامغ، لشعبنا، ومساواة الضحية بالجلاد، لإرهاق كاهلنا الفلسطيني بثمن لقضية لا ذنب لنا فيها، سيما وأن تهجير اليهود من البلدان العربية، في الوقت الذي ألبس لباس الانتصار لشعبنا عبر تهجيرهم، والذي كان في حقيقة الأمر من حيث يدرون أم لا يدرون قد شكل عملياً أكبر خدمة أسديت مجاناً للحركة الصهيونية أواسط القرن الماضي في إطار عملية إقامة دولة إسرائيل آنذاك، والتي كانت بأمس الحاجة لتهجير المزيد من اليهود لإسرائيل وتأمين الديمغرافية اللازمة لقيامها.
في معمعان ذات الهجمة على حق العودة ومحاولات تقويضه، نشهد اليوم استعار حدة سياسات الهدم الاحتلالي للوجود الفلسطيني وتحديداً في مناطق الأغوار ومدينة القدس، المستهدفة في أي حل من قبل السياسات الاستيطانية المتطرفة التي لا ترغب في سلام مع الفلسطينيين من أصلُه، وهي في ذات الوقت تسير جميعها في نسق واحد متبادل على طريقة "خذني جيتك"، بدءاً من فرض الوقائع الاستيطانية وتوسعها اليومي، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت ونهب الموارد والمقدرات بوضع اليد، وإطلاق فزاعة الاعتراف بيهودية الدولة في وجهنا كشرط تعجيزي للحل، ناهيك عن قوانين التمييز العنصري الداعمة لكل هذا، وجميعها تتوحد في وجهنا حكومة ومعارضة، منقضةً علينا سلطةً وشعباً وأرضاً ومعارضة، مجسدين مفارقة عجيبة، هي أن المعارضين على الجانب الفلسطيني يهجمون بذات التوقيت والضراوة وذات الاتجاه علينا، مع ذات الهجوم الاسرائيلي الذي طالما تجلى فيه التوحد الاسرائيلي حكومة ومعارضة، على نحو يجعل من معارضتهم سنداً داعماً لحكوماتهم المتعاقبة في معمعان الهجوم علينا.
نحن ندرك أن ثمة فارقا كبيرا ما بين امتلاك الحق والإقرار به شرعاً وبين الممكن الموضوعي المنطقي في أشكال وتجليات ومساحات وحدود القدرة على التطبيق على الأرض من على قاعدة الإلزام بالقرارات الدولية، لذا يجب أن ندرك الى جانب ذلك، أن كل أوراقنا وأوراقهم ستتفاوض على طاولة واحدة، ولا بد من التوافق بين الطرفين على الصيغ المرضية لشعبنا والضامنة لحقوقه ومعادلاتها بالمثل والقيمة التي ترضي أصحاب الحق أولاً وليس غيرهم، أي أن شعبنا هو من سيقرر القبول من عدمه وصاحب الكلمة الأخيرة في ذلك، سواء بعودة كاملة بالنص الحرفي للقرار مع كامل الإضافات في التعويض والآليات، أم بعودة مجزوءة بآليات متوائمة مع الظروف الممكنة وتعويضنا ببدائل مساوية في الكم والكيف ومرضية لشعبنا صاحب الحق، وذلك في ظل التعقيدات التي تجسدت على الأرض على امتداد السنوات الطويلة، وبالتالي هم الذين بحاجة للتفاوض معنا ومفاصلتنا على ذلك وإرضائنا وليس نحن، ولكن كل هذا لا يتم الفصال فيه إلاَّ بعد الإقرار بكامل الحق المشروع لشعبنا في القرار دون نقصان، والكلمة النهائية في القبول والعدم هي للشعب الفلسطيني.
لكنني أعود وأتساءل، لماذا ينجح الإسرائيليون دوماً في الاصطفاف والتوحد معارضة وموالاة وحكومة ضد سلطتنا وقيادتنا ومشروعنا الوطني برمته وفي الهجوم علينا هجمة رجل واحد، بينما معارضتنا تستمر في هجومها مع الهاجمين وفي ظل هجمتهم دون مراعاة لفروق التوقيت وأحكامها في الهجوم حتى لا تفيد الخصم وذلك أضعف الإيمان وأبجدية البديهيات في مفاهيم وحدة وصراع الأضداد، ولو من باب مقولة" أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي ع الغريب"، الذي تراعيه المعارضة والسلطة في إسرائيل حق الرعاية، وتستثمر به تاريخياً لصالح شعبها أيما استثمار. فوا عجبي!! نعم، ضاق خُلْقي يا صَبي، من هالجو العَصَبي، فوا عجبي فوا عجبي فوا عجبي... والعصمة لن تكونَ إلاَّ لِنَبِي.
ضـــعـــف نــظـر
بقلم: وليد بطراوي – الايام
تشتد في الآونة الأخيرة مقولة "يجب إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل"، وقد أصبحت "كليشيه" دائم في كثير من المقالات والندوات وورشات العمل والمقابلات. كيف سنعيد النظر فيها؟ ومن سيعيد النظر فيها؟ وهل هناك أصلاً مجال لإعادة النظر فيها؟ وهل تعتقدون أن إسرائيل ستقبل إعادة النظر فيها؟ وإذا قبلت إسرائيل فهل هناك ضمانة بأن ما سينتج عن إعادة النظر فيها سيكون أفضل منها؟
البوصلة المفقودة
على صفحة "فيسبوك" الخاصة بها كتبت نائب في التشريعي عن أنها أرسلت "قليلاً" من ملفات فساد وصلتها عن إحدى الوزارات الى وسائل الإعلام، وتضيف " لم يجرؤ أحد نشرها" (هكذا كتبتها وأنا اقتبسها بأخطائها). وصلتها تعليقات كثيرة منها اتهامات لوسائل الإعلام بالفساد، وأُخرى تقول إن الإعلام إعلام سلطة وتابع، وان لا استقلالية للإعلام، وان الإعلام جبان، والصحافيين أصحاب مصالح. كما صفق لها الكثيرون من خلال تعليقاتهم، وبعض الإعلاميين قالوا "ما وصلنا شيء، ابعثيهم وبننشر". أما أنا فعلقت "اذا كان الهدف محاربة الفساد لماذا إرساله الى وسائل الإعلام؟ إن كان الهدف المحاسبة والمساءلة فليرسل إذاً الى هيئة مكافحة الفساد وخاصة أن هذا دوركم كنائب في "التشريعي". دورنا في وسائل الإعلام ان نتابع ونراقب ماذا سيحدث بعد ذلك وفي حال كانت هناك إثباتات وبينات ولم تتم المحاسبة يأتي دورنا. الأصل اتباع القنوات الصحيحة لمحاربة الفساد وخاصة أنكم عضو "تشريعي". أما من قال لها أرسليهم وسننشر، فأقول "على أي أساس ستنشرون؟"
انه إرهاب فكافحوه.
تصريحات كثيرة صدرت عن مسؤولين إسرائيليين ومنهم ضباط في الإدارة المدنية الإسرائيلية أن المستوطنين الذين يشنون حملات "دفع الثمن" هم مجموعة صغيرة معروفة لديهم وانهم خارجون عن القانون، وقد ذهب البعض الى وصفهم بانهم "إرهابيون". إذا كانت مجموعة صغيرة ومعروفة لديكم كما تقولون فلماذا لا يتم اعتقالهم ومداهمة بيوتهم كما تداهمون بيوت الفلسطينيين وتعتلقونهم؟ ألستم قادرين على ذلك؟ وبما أنكم تصفونهم بالإرهابيين لماذا لا تكافحون الإرهاب. أما يا من تطلبون من الفلسطينيين "نبذ العنف" و"مكافحة الإرهاب" لماذا لا تطالبون إسرائيل بالمثل؟
الدفا عفا
السابعة والربع من صباح الخميس الماضي، البرد "زمهرير"، مركبة تابعة لإحدى المؤسسات العامة تنقل عمالاً، يجلس مسؤولو المؤسسة في المقاعد الداخلية للمركبة مغلقين النوافذ، في صندوق المركبة المكشوف يجلس العمال مرتجفين!
ليلة ويوم
بين ليلة ويوم قامت بلدية رام الله قبل فترة بالتغييرات على حركة المرور، وحولت بعض الطرق إلى طريق باتجاه واحد. وقتها كتبت عن الأمر، فدعاني المسؤولون وأطلعوني على خطة مرورية شاملة يتم بموجبها تحويل العديد من الشوارع الى طرق باتجاه واحد. وقد أشدتُ بالخطة حينها، لأنها فعلاً ستسهل حركة المرور وستمنع الاختناقات، لكن للأسف منذ ذلك اليوم وحتى الآن لم يتم ذلك، مع ان الأمر يحتاج الى ليلة ويوم للتنفيذ بعد أن يتم نشر إعلان لمدة أسبوع على الأقل في الصحف ومن خلال الإذاعات والتلفزيونات. فهل ستفاجئنا البلدية بهذا الجديد؟
لو كنت مسؤولاً
وتركت منصبي، لما قلت "يجب" و "يجب" و"يجب"، لأن هناك من سيسألني "ماذا كنت تفعل اذاً وأنت في منصبك؟"
الشاطر أنا
الواحد في هالأيام لازم يزبط حاله، خاصة انهم بيحكوا عن احتمال تغيير وزاري، طبعا دايماً في حكي عن تغيير وزاري. وعلشان هيك الشطارة انك ما تترك مناسبة الا وتكون أول واحد موجود، وما يقوم مسؤول بزيارة لمكان، الا وتكون هناك. والأشطر انك تبدأ تمدح اللي لازم ينمدحوا مش لأنه عملهم عظيم، لأنه كفتهم راجحة في التشكيل الوزاري، وما تخلي انتقاد إلا وتحكيه عن اللي مش رايح يطلعلهم حصة في الكعكة. وبالطبع تقول لو انك كنت مكانهم لكان شو عملت، وكيف كان حطيت استراتيجية منيحة ومش خربطيطة. يعني الوقت الآن هو احسن وقت لأنك تكون شاطر.
فــي غــيـابـنـا
بقلم: وليد ابو بكر – الايام
خلال وجودي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أتيح لي أن أكون متحدّثاً رئيسياً في ندوتين تطبيقيتين حول الأعمال المسرحية التي قدّمت في مهرجانين متتاليين: الأول هو مهرجان المسرح العربي، الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح سنويا في بلد عربي، وكانت دورته الأخيرة في الشارقة؛ والثاني هو المهرجان الدولي للمونودراما الذي تقيمه كل عامين دائرة الثقافة والإعلام في الفجيرة. وفي المهرجانين، لم تكن هناك مشاركة مسرحية فلسطينية، وإن كان وجود تكريم سلمان ناطور في الأول، ككاتب مسرحي، يشكل بعض التعويض.
كان من حسن حظي ـ في المرّتين ـ أن تكون الندوة حول مسرحية أعرفها جيدا، وسبق لي أن شاهدتها في عروض سابقة، وإن كانت مختلفة، كما كان العملان أجنبيين، ولمؤلفين مهمين، أزعم أنني أعرف كلّ ما كتبا، وأني شاهدت بعض إنتاجهما على المسرح، أو في السينما.
في الشارقة، طرحت وجهة نظر مختصرة عن عرض "ليل داخلي"، الذي قدمته فرقة سورية خاصة. العرض معدّ عن المسرحية الوحيدة التي كتبها ماركيز، الروائي الكولومبي الشهير، الحائز على جائزة نوبل، والذي سبق أن قدّمت روايته "قصة موت معلن" مسرحيا، كما تحوّلت إلى فيلم سينمائي إيطالي، شاهدته برفقة الكاتب في إحدى دورات مهرجان موسكو السينمائي. وفي تلك المناسبة، التي استمرّت عدة أيام، تحدث عن أنه شرع في كتابة عمل مسرحيّ.
المسرحية تحمل في الأصل اسم "خطبة لاذعة ضدّ رجل جالس"، وهي تقدّم لحظة حساب قاسية، تقوم بها زوجة غاضبة ضدّ ما عانته من زوجها عشية احتفالهما "التظاهري الاستعراضي" باليوبيل الفضي لزواجهما، وهي تستخدم ـ في النصّ الأصلي ـ شتائم لا تستطيع أن تصل إلى خشبة مسرح عربي، في مواضيع الزيف السياسي والإعلامي، والخيانة الزوجية الصريحة.
المسرحية، باسمها الأصلي، قدّمتها الفنانة الراحلة مها الصالح قبل أكثر من عشر سنوات، واعتبرت ـ في حينه ـ من أجرأ ما قدمت. وبدلا من الرجل الدمية، الذي استخدمه ماركيز في نصه، وحرقه في النهاية، جلس على المسرح رجل حقيقيّ مشغول بجريدته، دون أية استجابة لما تقوله المرأة التي أحبته كل هذا العمر، لكنه بقي متناسيا هذا الحب وسط حياة الزيف التي اختارها، عندما ورث الثروة واللقب بعد فقر.
الرجل الذي كان يجلس كممثل صامت أمام مها الصالح، سامر إسماعيل، هو الذي أخرج العرض الجديد، الذي أدت دوره الرئيسي الممثلة روبين عيسى، في أول إخراج له، وأول تمثيل لها. وكان لا بدّ خلال الندوة من حديث مقارن: بين نص ماركيز والنصّ المعدّ، وأداء مها الصالح وروبين، للوصول إلى نتيجة واضحة: حمل هذا العرض كثيرا من المتعة والفكر للجمهور الذي أحبه، عندما حول زمن الجريدة إلى زمن "الفيسبوك"، واستغل ذلك كأداة لعرض أحداث مأساوية معاصرة على شاشة خلفية، تحاكم الزيف السياسي الإعلاميّ بشكل أوسع.
العرض الآخر، كان مسرحية "الآنسة جوليا" التي كتبها السويدي الأشهر ستريندبيرغ، وترجمت إلى العربية أوائل خمسينيات القرن العشرين، مع مسرحية "الأب"، وقدّمت مرات عديدة في بلدان عربية مختلفة. وحين نوهت بالكاتب، أشرت إلى أن شوارع رئيسية في ستوكهولم عمدت إلى "صبّ" بعض كتاباته بالحديد الصلب على الأرصفة، لأنهم هكذا يحترمون كتابهم.
العرض الذي أدته أستاذة سويدية في الدراما، تحوّل إلى مونودراما، واتخذ شكل المختبر المسرحيّ، الذي روت فيه الممثلة تجربة استعداد لعرض، ومثلت ـ صوتيا في الغالب، دون أن تستغني عن بعض الأداء الحركي، وتعبيرات الوجه البليغة ـ جميع الأدوار، في انتقالات سريعة وخفيفة ومرحة، تشدّ الجمهور بشكل تام، رغم صعوبة اللغة، وصعوبة متابعة الترجمة المرافقة، وذلك لأنها تذكر بشكل واضح، بالحكواتي الذي نعرفه في تراثنا.
عندما نشر تلخيص لهذه الندوة في مجلة المهرجان، وضع اسمي كمدير للندوة، وإلى جانبه عبارة "من سورية"! وهنا تذكرت غياب اسم فلسطين عن المهرجان الكبير كله. وحين تساءلت عن السبب، عرفت أنه لم تكن هناك تزكية لأيّ عمل فلسطيني يستحقّ المشاركة، كما تقرّر لجان متخصصة، تطلع على الأعمال المرشحة؛ فحزنت على حال مسرحنا، وعلى حال ثقافتنا!.
في وجه "الصَـحـّارة"
بقلم: عدلي صادق – الحياة
أصدقاؤنا التقليديون في الهند، باتوا على وشك ابتلاع خازوق انتخابي كبير، لا يستحقه "حزب المؤتمر" الذي سَلَخَ من العمر 128 عاماً مفعمة بالنضال والمآثر، أوصل فيها بلاد الهند، الى الاستقلال ثم الى حال النهوض والى النادي النووي!
المؤلم أن جماعة "المؤتمر" ليست لديهم مشكلة سوى بعض الحبات الفائحة "المخمّجة" التي اعتلت الصف الأول من صندوق بندورتهم. فليس أضَر على حزب أو حكومة أو قيادة، من الاستئناس بدجالين مفوّهين، يلعبون بالبيضة والحجر، ويعرفون كيف يُبهجون قلب صاحب القرار، فيمكثون في دائرته، أو تنفتح لهم النوافذ عليها.
هنا، يكون صاحب القرار الحزبي أو السلطوي قد خوزق نفسه دون أن يدري، واختزل تاريخه الذي سوف يرويه الآخرون فيما بعد، ليصبح مجرد حكاية كاريكاتورية بين غشيم ودجال. إن هذا هو ما فعله "حزب المؤتمر" الهندي بنفسه، عندما تعمد على امتداد نحو 45 عاماً، تعطيل ثم إنفاذ الإقرار التشريعي للائحة "لوك بال" لمحاربة الفساد. تماماً مثلما خوزقت "فتح" نفسها عندما سكتت على أنماط فساد. وللمفارقة إن الحزب سلّم بضرورة اللائحة، ومرّر التشريع المتعلق بها في البرلمان، قبل نحو شهرين فقط (في 18/12/2013) أي بعد وقوع الفأس في الرأس. فقد خسر "المؤتمر" أربع معارك انتخابية عامة كبرى، من بين خمس جرت في خمس ولايات، من بينها العاصمة دلهي. ولو تأملنا سر التلكؤ في إقرار التشريع الذي يجعل هيئة مكافحة الفساد، ذات أسنان ومخالب، ومستقلة كمفوضية الانتخابات ومؤسسة القضاء؛ ستطالعنا الحقيقة المؤسفة وهي أن قيادة الحزب ورئاسة الحكومة تالياً، رفضتا بشدة جعل بعض المقامات "العُليا" في السياسة والاقتصاد والاجتماع، في متناول أيدي "لاك بال" لكي تستدعيهم للتحقيق أو تزجهم في السجن. كاد أن يُقتل مشروع "لاك بال" فترعرع الفاسدون وتناسلوا وأحسوا بالأمان، حتى خرج من رحم الغانديّة ناسكٌ مثابر وعنيد، اسمه "آنا هازار" بادر الى الإعلان عن الصوم المديد، أمام البرلمان، الى حين إقرار اللائحة. وسرعان ما سرت فكرته في البلاد كما تسري النار في الهشيم. كسروا صيامه بإقرار مبدئي للمشروع، ثم تحدثوا عن تعديلات في صلاحيات الهيئة في القراءة النهائية، فأعلن "هازار" عن استعداده للعودة الى الصوم وأن مئات ألوف الناشطين في جميع الولايات ستصوم معه. وفي أجواء السجال، بدأت وقائع الانتخابات العامة في دلهي وراجستان وماديا براديش، تسفر عن نتائج كارثية دون أن يسعف الحزب فوزه في إحدى الولايات الصغيرة. كانت نتائج العاصمة هي التي أوجعت "المؤتمر" إذ لم يحصل الحزب حاضنة التراث الغني لتجارب المهاتما غاندي ونهرو وانديرا، إلا على ثمانية مقاعد من بين الـ 43 التي فاز بها في انتخابات 2008. والأنكى في هذه النتيجة، أن خمسة مقاعد من بين الثمانية التي أفلت بها الحزب في دلهي، جاءت من جمهور الناخبين المسلمين في أحيائهم، ما يجعل المؤشر واضحاً على "أكلة الهواء" التي تنتظر "المؤتمر" في مناطق الكثافة الهندوسية.
نظرة الهنود الفلسفية لممارسات الفساد، تُزاوج بين السرقة اختلاساً أو انحطاطاً في الذمة، وعدم الكفاءة لدى موظفي الإدارة وبيروقراطيتهم. فهاتان الذميمتان هما توأم الفساد، لأنهما تتكاملان وتتخلّقان إحداهما من الأخرى، وتحفران انفاقاً بينهما. الموظف العام عندما يكون لطخاً ولا يؤدي عمله بكفائة ولا حتى بالتعثر؛ موصوف في لائحة "لوك بال" بأنه محصلة فساد جارٍ، بمعنى أن وجوده نفسه من نوع السيئة ـ لا الحسنة ـ الجارية. لكن الأطرف أن السلطة أو الحزب أو الحاكم الذي يحمي فائحاً كذوباً مضروب الذمة، لاعباً بالبيضة والحجر، وعلى مرأى ومسمع من مجتمع حي؛ إنما يخوزق نفسه وحزبه وتاريخه وسيرته، لمجرد أنه استخف دم الفائح وطاوعه وأحس بفائدته، لا سيما عندما (في حال الحكم العربي) يبلغه النبأ المهم، وهو أن السيدة أميمة بنت مناف العدنانية، هي في الواقع أم زينب بنت جحش وبنت عمة حبيبنا المصطفى عليه السلام.
قيل إن مصرياً صعيديا استقل حافلة صغيرة مزدحمة متجهاً الى نجعه وحقله والى حيث أكل خبزه ومستقبله، وكان الفصل شتاء. اثنان أو ثلاثة من المسافرين أطلقوا ريحاً فيما النوافذ مغلقة. حلّ العفن في قلب "البوكسة" فشقَّ النظيف جلبابه، ثم قفز من قفص الحافلة ومن "حزب" الرحلة الطويلة، وهتف بصوت عالٍ: رووحي زهزقت.
هل تجتاز اسرائيل "الخط الاحمر" الاوروبي؟
بقلم: د. اسعد عبد الرحمن – الحياة
تحاول اسرائيل تفادي تفاقم الحملة المطالبة بمقاطعة منتجات المستوطنات/ "المستوطنات" وانشطتها التي قد تؤدي الى عقوبات محتملة من الاتحاد الاوروبي. بل ان رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) عقد جلسة تباحث خاصة لوزراء الحكومة تناولت موضوع زيادة قوة تهديد المقاطعات والعقوبات على اسرائيل من قبل حكومات وشركات تجارية وجامعات ومؤسسات مجتمع اهلي في الغرب بسبب الاحتلال في الضفة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" ذكرت فيه عشر شركات عامة وخاصة قطعت علاقاتها مؤخرا مع شركات اسرائيلية بسبب مساهمتها في "الاستيطان"، ما دعا وزير المالية الاسرائيلي (يائير لابيد) الى التحذير من الأسوأ في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث كشف عن خلاصات تقرير وضعته اجهزته حول عواقب مقاطعة جزئية من طرف الاتحاد الاوروبي الذي يمثل ثلث تبادلات اسرائيل. واشار التقرير الى ان "الصادرات قد تتراجع بحوالى 20 مليار شيقل سنويا (4,2 مليار يورو) علاوة على تراجع اجمالي الناتج الداخلي بحوالى 11 مليار شيقل سنويا، وتسريح 9800 موظف على الفور".
وقال "اننا في مرحلة فاصلة في حركة المقاطعة، علينا التحرك بشكل طارئ"، متحدثا عن سابقة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
من جانبه، كتب (ريتشارد كوهين) يقول: "الاكثر اهمية في حملات المقاطعة هو ما تمثله من ان هناك عدم تعاطف واسع الانتشار ودائم التزايد تجاه اسرائيل.. ومهما كان السبب تظل الحقيقة ان احتلال اسرائيل القاسي للضفة الغربية يضعها في خط الدفاع". وفي سياق متمم، قال (ايلي بردنشتاين): "يخلق الاتحاد الاوروبي اجواء وامزجة تشجع المقاطعات الكاملة لاسرائيل والتي ستجعلها دولة منبوذة".
ويضيف: "السياسة الاوروبية تشجع ايضا دولا في اجزاء اخرى من العالم للتصرف بشكل مشابه. واذا لم يطرأ تغيير حقيقي في سياسة اسرائيل بالنسبة للاستيطان فان المقاطعات لن تتوقف عند الخط الاخضر، والضرر اللاحق باسرائيل سيكون حقيقيا".
ومن جهته، خلص مركز تجديد الديمقراطية الاسرائيلية "المولاد" في تقريره الدوري الاخير، الى ان "مقاطعة اسرائيل لا تزال على هامش السياسة الدولية، الا ان سياسة نتنياهو الصادمة لاميركا تنذر بالخطر".
ونبه التقرير الى "الشيزوفرانيا التي تعتري سياسة اسرائيل، فبينما هي تعلن الالتزام بسياسة الدولتين، نجدها تمارس في الضفة وقطاع غزة سياسات لا تمت لقبولها بخطة الدولتين".
وختم المركز، الذي يصدر تقارير دورية عن الحالة الدولية الاسرائيلية من حيث اتجاهات الراي العالمي حول سياساتها، بالقول "الخروج من هذه الشيزوفرانيا يكمن في الوصول الى حل ياخذ في الاعتبار بقوة القيم الديمقراطية المستقرة في الغرب".
وفي هذا الاطار جاءت التوترات الاخيرة بين وزير الخارجية الاميركية (جون كيري) و(نتنياهو)، عندما اشار الاول الى الحملة المتصاعدة لنزع الشرعية عن اسرائيل والحديث عن المقاطعة اذا استمر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وفي نطاق سياسة العصا والجزرة التي تمارسها اوروبا تجاه اسرائيل، تاتي تصريحات سفير الاتحاد الاوروبي الجديد لدى تل ابيب (لارسن فابورغ-اندرسون) الذي بدأ عمله بتحذير اسرائيل من انها "ستجد نفسها معزولة في حال فشل التسوية مع الفلسطينيين واستمرارها بالاستيطان".
وقال (اندرسون) محذرا اسرائيل ومحددا "الخط الاحمر" الاوروبي: "اذا ما واصلت اسرائيل الاستيطان، وانتهت المحادثات دون نتيجة، اخشى ان تجد اسرائيل نفسها معزولة عن اوروبا، ربما ليست بقرارات حكومية رسمية، بل بسبب الارادة الشعبية، ومن جانب مؤسسات اقتصادية". وفي رده المميز على تهمة الدوافع اللاسامية لدى كل من يدين بناء "المستوطنات" او يقاطع اسرائيل، يقول المؤرخ الاسرائيلي المعروف (زئيف ستيرنهيل) الخبير في شؤون الفاشية في اوروبا ان "معاداة السامية ليست الدافع وراء حملة مقاطعة المستوطنات التي تتسع في اوروبا". واضاف ان "المقاطعة هي اولا نوع من الانتفاضة على الاستيطان والفصل العنصري السائدين في الاراضي" الفلسطينية، معتبرا ان "هذا الراي يشاطره افراد من جميع اطياف الساحة السياسية، بما في ذلك اشخاص يحتقرون معاداة السامية ويدعمون اسرائيل بالكامل".
من المسؤول عن اثارة الفتنة الطائفية واذكائها..؟
بقلم: فخري كريم – الحياة
في تزامن لافت تجاور الاسلام الحداثي واطر الاسلام السياسي الاصولي وبواكير حوامل النزوع السلفي المتطرف في اعقاب انهيار الدولة العثمانية، ونشوء الدول شبه المدنية على انقاضها، بتدبير من بريطانيا وفرنسا وما ابرم من اتفاقيات ومعاهدات تقاسمٍ للنفوذ.
وظهرت حركة التحديث الاسلامي (ممثلة بمحمد عبده وعلي عبدالرازق ومحمد حسين النائيني وهبة الدين الشهرستاني وغيرهم) وكأنها توأم لثورة النهضة الفكرية وظهير لها. واتسع نفوذ الحركتين وتصلّب عودهما في خضم معارك فكرية صاخبة وفي ظل يقظة اجتماعية، تداخلت فيها تشوفات الشرائح الاكثر وعيا لنفض التخلف عن المجتمع وانقاذه من براثن الجهل والفاقة والتبعية والتقاليد الرثة، والتطلع الوطني للتحرر والتقدم والنهوض.
ورغم المسائل الاشكالية المحورية المعقدة التي اثيرت في تلك المرحلة الحُبلى بالقضايا الكبرى بجراة تميزت بالتحدي للتابوات اليقينية التي تسللت الى كل مسامات المجتمع المنغلق، فان السجال بشأنها لم يخرج، الا نادرا واستثناءً، عن حدود الحوار وتبادل الرأي، او التعريض احيانا ليتخذ طابع التنديد. وكان طبيعيا ان يُنَشر كراسٌ بعنوان "الايمان والالحاد" يحمل في متنه، مقالا لداعية ملحد وردا ايمانيا عليه يوزَعُ ويُباعُ في المكتبات، ويدور حوله حوار في المنتديات الثقافية، مع ما رافقته من ضجة في الاوساط الاجتماعية وصحافة تلك الايام.
كان التسامح الديني مفتوحا على اكثر الاراء مخالفة للمالوف، في شتى حقول المعارف الدينية والاجتماعية والسياسية وحول التاريخ واحداثه. ومن بين الاحداث الكبرى التي شهدتها مرحلة التحديث والتنوير، دعوة قاسم امين لتحرير المرأة ومعركة الحجاب والسفور واستكشاف طه حسين المعرفي حول الشعر الجاهلي، وما خرج به من استنتاجات راى فيها البعض هرطقة وفسادا في الرأي، وانتهت بتقديمه الى القضاء وقرار المحكمة بسحب الكتاب من التداول. لكن التسامح وبعد النظر والحفاظ على حرمة الرأي "والرائي" طال "دار العدالة" وقضاته، وعكس المستوى الثقافي والمعرفي العميق لقضاة تلك المرحلة، وتبدّى بجلاءٍ ووضوح، في مطالعة القاضي الذي تولى محاكمة طه حسين. والاحكام التي بناها في تقييم الكتاب وما جاء فيه من استنتاج غير مالوف، تستحق ان تكون مادة للتدريس في معاهد وكليات الحقوق والقانون، واساسا يمعن النظر فيه القضاة الذين ينظرون في دعاوى النشر والرأي والعقيدة.
ان الانفصام بين المركز الديني وسلطة الدولة واستقلاليته عنها، لم يجرِ التعبير عنه خارج الاطر الرسمية لهذا المركز، بل في الازهر الشريف نفسه، حيث كتب علي عبد الرازق احد اعضاء هيئة الازهر "اصول الحكم في الاسلام"، مواصلا رسالة محمد عبده وجمال الدين الافغاني ومشايخ كبار، اغتنت الحياة الدينية باضافتهم التحديثية، وعززت من مكانة الاسلام وقربته من ضمائر المسلمين، ورفعت من شأنه في عيون المستشرقين، والكتاب والمفكرين في اوروبا والغرب، وصارت لهم مصدرا لاغناء بحوثهم ودراساتهم الاسلامية.
وفي الضفة الاخرى، حيث المرجعية الاسلامية الشيعية العليا، كان الانفصام التاريخي قد اتخذ سبيلا ضاغطا لتقويم العلاقة بين السلطة السياسية في ايران "الشيعية" والمجتمع، عبر علماء الدين انذاك، وكان ابرزهم محمد كاظم الخراساني، المرجع البارز في حوزة النجف، وتوجت هذه الدعوة برسالة النائيني "تنبيه الامة وتنزيه الملة" لتقييد السلطة الملكية بدستور، من دون ان يطلب علماء الدين ان يكونوا هم السلطة او الولاية السياسية، بل طالبوا بحكم يستند الى ارادة الشعب المعطلة، فظهر انقسام في الرأي وجدل فكري وسياسي هز الاوضاع التقليدية داخل الحوزة وفي السلطة، نتيجة خروج البعض عن هذا الرأي وما ينطوي عليه من نزوع اصلاحي، واصطفافه الى جانب الارادة الملكية المتغطرسة.
وتبلور الانقسام في المجتمعات العربية - الاسلامية، باشكال ومستويات ووتائر مختلفة، عكست مستوى تطور الوعي فيها، ودرجة التطور الاجتماعي والثقافي، ودار الصراع حول قضايا محورية، تلعب دورا حاسما في تقرير مصائرها، وتحديد وجهة تطورها. ولم تكن تلك القضايا والصراع المحتدم حولها، تدور بعيدا عن تدخل وتاثير المؤسسة الدينية، ورجال الدين، بل كانت تتفاعل وتتحرك، تحت تاثير مواقفهم المبنية على استرجاع مصادر السلف، المحصنة بذاتها، المقصية عن دواعي تغير الاحوال، وتبدل الازمان، او المفتوحة على التلاقح مع مايفرضه الزمن من قوانين وقواعد للعيش. وفي كلتا الحالتين، كان التاثير على المجتمع وخياراته، فاعلا ومؤثرا، سواء كان سلبا او ايجابا، تقهقرا الى الوراء او تقدما الى مدارج الانفتاح والرقي، واللحاق بركب الحضارة والتقدم الانساني. ومن اخطر تلك القضايا، اضافة الى الدعوة لتحرير المراة، وحرية الرأي والعقيدة، قضية التعليم بوجه عام وحق التعليم والعمل للمراة.
ان انفصال الدولة عن المؤسسة الدينية، بل وتشكيلها قوة ضغط من نواتات منها، تضم قامات بارزة، على الدولة وفي المجتمع، تطالب وتشجع على الاصلاح السياسي والاجتماعي، هو امر اشاع حراكا مشبعا بالجدل والتوثب بين طلائع فكرية وثقافية وسياسية، لاثارة المزيد من قضايا الرأي العام، والتجرؤ على الاقتراب من "تابوات"، كان مجرد ذكر بعضها، دون تناولها بالنقد او التعريض بها، يعتبر من كبائر الالحاد والهرطقة.
وكلما جرى تَمَثّل قضية اشكالية، والتعامل معها في اطار الاختلاف في الرأي، واخضاعها للجدل، اثيرت غيرها لتفتح الابواب على مسارات مشرعة على الانفتاح الفكري والاجتماعي، وتعزز حركة الاصلاح والتحديث، وتعزل القوى الاكثر غلوّا وانغلاقا، وتشيع مناخات ارحب لحرية الرأي والاعتقاد والاجتهاد.
ولم يكن لذلك الحراك والنهوض ان يتخذ مدياته المؤثرة، وينتزع المبادأة من قوى التخلف، ويسطّح منطلقاتها الفكرية، لو لم تلتق ارادة التغيير والاصلاح، مع الرياح الفكرية والسياسية التي هبّت على العالم القديم، وهزّت اركانه، وزعزعت القناعة بقيمه ومسلماته في المجتمعات الاكثر تطورا ووعيا واستعدادا لتلقي الجديد النابض والتفاعل الايجابي معه.
كانت تلك لحظة تحولٍ نوعي في حركة التطور الذي اجتاح العالم كله، ولم تتخلف المجتمعات العربية الاسلامية المنفلتة توا من قيود الدولة العثمانية، عن ذلك الركب.
ارتـبـاك الاحـتـلال
بقلم: بهاء رحال – الحياة
منذ ان بدأت المفاوضات التي حددت مسارها بسقف زمني مقداره تسعة اشهر ينتهي في نيسان المقبل وحكومة الاحتلال تتخبط في سياساتها التي تحاول من خلالها التهرب من كل التزاماتها بشتى الطرق وبكل الوسائل منها ما هو جديد ومنها ما هو قديم والتشابه فيما بينهما واحد وهو روح العنصرية والكراهية التي تسكن تلك الاساليب التي تحمل العداء وتتمسك بنظرية الاحتلال والاستيطان القائم على الأرض بفعل القوة والارهاب، فتارة تسعى لتوجيه اتهامات للقيادة الفلسطينية وتارة اخرى في وضع العراقيل على الأرض من خلال زيادة التعديات والاعتداءات وتصعيد عملياتها تجاه المواطنين وتجاه كل ما هو فلسطيني من شجر وحجر وانسان، حيث يات هذا الارتباك بعدما فشلت في كسب رأي عام دولي داعم لها كما كانت العادة وبعد ان فضح امرها ولدى كثيرا من دول العالم التي فهمت الحقيقة ولم تعد مضللة كما كانت تفعل في السابق من خلال ترويج دعايتها الكاذبة، لهذا نجدها بهذا الشكل الذي هي عليه اليوم كحكومة ضعيفة تطلق تصريحات مجنونة هنا وهناك وتمارس على الأرض عهر الاحتلال وظلاميته والتي كان آخرها الدعوة لتغيير القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس الذي اعلن عن مواقفة الثابته المتمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني التي لا يمكن لاي فلسطيني كان من كان ان يتنازل عنها وهي مكفولة بقوانين دولية وبقرارات صدرت عن مجلس الأمن خاصة فيما يتعلق بالحدود والقدس واللاجئين والسيادة الكاملة على اراضي الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.
حكومة الاحتلال ازدادت تخبطا في الفترة الاخيرة وبدأ يعلو صوتها العنصري وتدافعت للاعلان عن ضرورة تغيير القيادة والرئيس محمود عباس المتمسك بالاجماع الفلسطيني والرافض للتنازل عن اية حقوق وجدد ذلك في كل المحافل الدولية والعربية والاقليمية، وبهذا الشكل الوقح ينادي الاحتلال الباحث عن قيادة عميلة تلبي له اهدافة وتوافقه على ما يسعى وما يخطط وهذا النوع من القيادة لن يجده الا في كوكب آخر، وليس في فلسطين وعليه ان يعلم جيدا ان الشعب الفلسطيني بكل فصائله وبكل توجهاته السياسية يقف اليوم مع القيادة والرئيس في خندق واحد وهو خندق الدفاع عن الثوابت والحقوق الوطنية وعلى المجتمع الدولي ان يتحمل كامل المسؤولية عما سوف تسفر عنه الاوضاع بفعل هذا الارهاب الممارس من قبل دولة الاحتلال وحكومتها اليمينية المتطرفه وقبل فوات الأوان.
التكـفـيريـون فـي الـمـخـيـمـات
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تشهد الساحة اللبنانية صراعا مفتوحا من خلال لبوسها ثوب العمليات الارهابية ضد مراكز وقيادات تياري 8 و14 آذار وغيرها من القوى السياسية الناشطة على الساحة، بهدف تعميق الهوة والانقسام بين الكتل والقوى المختلفة، والحؤول دون خروج لبنان من دوامة العنف والعنف المضاد، مع امكانية صب الزيت على الجمر المتقد تحت الرماد.
وللاسف ان المخيمات الفلسطينية ليست بعيدة عن تلك النيران، لا بل ان العديد من القوى الدولية والاقليمية والمحلية، تعزز وجودها عبر تفريخ جماعات تكفيرية داخل المخيمات، لا تقتصر عند حدود جماعة "فتح الاسلام" و"عصبة الانصار" و"الاحباش" و"انصار الشام" وجماعة "احمد الاسير" بل دفعت بـ "داعش" و"القاعدة" وفرعها "النصرة"، وذلك لتخوض حروبها بالوكالة ضد خصومها. ولعل الهدف المعلن والابرز من عملية تفريخ الجماعات التكفيرية ذات الخلفية "السنية"، هو محاربة "حزب الله"، وتقليم اظافره ليس في المخيمات، انما في المناطق المحيطة بها، فضلا عن استخدام عناصر تلك الجماعات في تنفيذ العمليات الارهابية، وما كشفت عنه العمليات الارهابية، التي تمت ضد مراكز ومؤسسات حزب الله في الضاحية الجنوبية، تشير الى ان بعض العناصر كان من التابعية الفلسطينية، الذين ارتبطوا بتلك الجماعات وبحركة حماس على حد سواء، رغم نفي قادة الحركة في لبنان أي صلة بهم.
واذا افترض المرء، ان الهدف المعلن، هو حزب الله والنظام السوري وامتداداته وايران ومصالحها في لبنان، فان الاهداف الأبعد والاخطر، تكمن في العبث بمصير المخيمات الفلسطينية جميعها في لبنان من الجنوب الى بيروت الى البقاع الى الشمال، لا سيما وان عناصر تلك الجماعات التكفيرية، باتت موجودة فعلا في مخيمات عين الحلوة والمية ومية والرشيدية وبرج البراجنة وشاتيلا والبقاع والبارد والبداوي، لوضعها على مقصلة التصفية والتهجير والترحيل مترافقة مع ما يطرح من افكار اميركية واسرائيلية واوروبية وغيرها من اهل المنطقة العربية باسقاط حق العودة، وشطبه كليا.
ومن يعود لحرب واهداف مخيم نهر البارد ايار 2007، التي لم تنته ذيولها حتى الان، يدرك، ان تلك الحرب المسعورة، استهدفت تصفية المخيم وتهجير أبنائه، لكن تلك الاهداف لم تنجح تماما. ما استدعى من قوى الشر الاسرائيلية والاميركية ومن يسير في فلكهم من العرب اعادة استحضار السيناريو بادوات جديدة / قديمة، هي جماعات تكفيرية، التي تدعي زورا وبهتانا، انها تريد الدفاع عن المخيمات والقدس والمقدسات الاسلامية، من خلال ضرب حزب الله وسوريا النظام والنفوذ "الشيعي". غير ان المخيمات والمقدسات وفلسطين والدين الاسلامي براء من تلك الجماعات، لانها ليست اكثر من اداة تدمير وتمزيق لوحدة ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان، ووضعهم في "بوز المدفع"، للعب دور الوكيل عن القوى التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وضرب دوره الحيادي الايجابي، الذي شقه الرئيس محمود عباس، للنأي بالمخيمات وابناء الشعب عن أي منزلقات خطرة تمس سيادة واستقلال لبنان. هناك اهداف اخرى، ما زالت مطروحة، منها اقامة قاعدة عسكرية اميركية في القليعات القريبة من طرابلس، المتاخمة للحدود السورية اللبنانية؛ وحماية أمن اسرائيل.
الخطر الداهم والجاثم على المخيمات وفي قلبها، يحتاج الى تحرك فلسطيني سريع من قبل قيادة منظمة التحرير، تتمثل في: اولا تعزيز دور ومكانة حركة فتح في المخيمات عبر آليات مغايرة لما هو قائم الان، وبالتالي تعزيز وتكريس وجود منظمة التحرير وفصائلها والتصدي لتلك الجماعات التكفيرية، ودحرها من المخيمات كلها، وعقد اتفاقات مع الدولة اللبنانية والقوى المتضررة من تلك الجماعات لبلورة عمل مشترك لتصفية ممثليها ومراكزهم وتجفيف نفوذها نهائيا، وحماية العلاقات الاخوية مع الشعب اللبناني بقواه ومشاربه المختلفة، وتعزيز مكانة الدولة اللبنانية، ولكن دون بقاء دبابات جيشها على بوابات المخيمات تحاصرها، كأنها سجون.
اين الحضور العربي؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة
تحتدم المعركة حول المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، حيث الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو يتشرنق حول نفسه، يتحصن بالعربدة، بلعبة حافة الهاوية، باطلاق المزيد من الاتهامات والتهديدات ضد القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس ابو مازن، ويواصل جنون الاستيطان، ويتشبث بما يمكن تسميته البدع المستفزة مثل بدعة الامن ويهودية الدولة، ويحاول احراق الوقت دون جدوى، ويراهن على ارتباك الوضع العربي، وعدم قدرة الادارة الاميركية على الدفاع عن مقولاتها الرئيسية واهمها حل الدولتين.
الى أين يقود ذلك كله ؟
بالتأكيد هذا السلوك الاسرائيلي اذا استمر على هذا النحو، سوف يضاعف من عوامل الاحتكاك السلبي والتدهور الامني، ويجعل الابواب مفتوحة أمام موجات من العنف، لأن فشل المفاوضات مع استمرار الاستيطان واستمرار العربدة سوف يخلق موضوعيا حالة مواتية للعنف.
والأكثر اثارة ان المبادرات التي تقدمها القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات من أجل التقدم نحو الحل النهائي المتمثل بانهاء وجود الاحتلال، تعامل من قبل الحكومة الاسرائيلية بسلبية شديدة، بل تعامل بنوع من الاستفزاز، وكأن هذه الحكومة الاسرائيلية لا تملك وسيلة أخرى ولا رؤية اخرى، وكأنها تقول (أنا أو الطوفان) ولذلك فإن فكرة انهيار هذه الحكومة اصبحت واردة، واصبحت هي الأقرب الى الخلاص، فعندما تكون الحكومة الاسرائيلية عاجزة عن التقدم الى الأمام، وعاجزة عن التعاطي مع المبادرات الفلسطينية ومصرة على رفض الرسائل الاوروبية العديدة ورسائل المجتمع الدولي، فانها لن تكون طرفا في اي معادلة سياسية، وربما لا يكون أمامها سوى الذهاب الى انتخابات مبكرة، فاما ان يعود نتنياهو بتفويض جديد وقوي، وإما ان يثبت المجتمع الاسرائيلي ان لديه بدائل وخيارات أخرى.
فلسطينيا نحن لم نقف مكتوفي الأيدي أمام ضيق الأفق الاسرائيلي بل تحركنا في مجال المبادرات حين طرح الرئيس ابو مازن فكرة قوات دولية، قوات الناتو تحديدا للحفاظ على الحالة الأمنية من خطر الانفجار ولتهدئة الهواجس الاسرائيلية، كما تضمنت المبادرة ان يأخذ الانسحاب الاسرائيلي من حدود الدولة الفلسطينية المدى الزمني الملائم، خمس سنوات، وقد كان هذا الطرح بمثابة انقاذ للجهود الاميركية ودعم للموقف الاوروبي الذي يتمحور حول عدم شرعية الاستيطان، واتاحة الفرصة للحل بناءً على استمرار المفاوضات في هذه الفترة، ولكن كل ذلك واجهته الحكومة الاسرائيلية بالصخب والعنف وبالشتائم والانكار.
ولكن الغائب الأكبر في هذه المعركة المحتدمة هو الحضور العربي، فأين الحضور العربي؟ ولماذا لا يتقدم التنسيق الفلسطيني العربي لكي يملأ الفراغ؟ علما بأن الحضور العربي ممكن جدا في المجلات السياسية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية والعلاقات الدولية، بدل ان يظل العرب يبحثون عن مشاكل وأولويات أخرى، بعيدة أو وهمية يهربون اليها بينما فلسطين تدخل في هذه المرحلة طورا جديدا من الاشتباك.
ماذا يخططون للأقصى؟
بقلم: حديث القدس – القدس
محادثات السلام الفلسطيني الفلسطيني أولاً
بقلم: رغيد الصلح – القدس
الرئيس عباس يحدد الخطوط العريضة لتحقيق السلام
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
صور الحرب السورية.. إعلانات دعائية للموت
بقلم: سوزي لينفيلد – القدس
المفاوضات لم تبدأ عند الإسرائيليين
بقلم: د. أحمد جميل عزم – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
ســـاحــة الـــبــلـــد
بقلم: حسن البطل – الايام
مرّة ثانية .. قضية اللاجئين في خطر ؟!
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
ثلاث محطات رئيسية في الخصومة بين أميركا وإسرائيل، وعن فرصتنا الحقيقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
مبروك لتونس دستورها الجديد
بقلم: صادق الشافعي – الايام
حكمة وفطنة الرأي العام الفلسطيني
بقلم: صلاح هنية – الايام
الــــــقــــــدوة
بقلم: رامي مهداوي – الايام
التَّمَسُّك بِحَق العَوْدَة ضَمانَة لِضَبطِ الجَوْدَة
بقلم:آصف قزموز – الايام
ضـــعـــف نــظـر
بقلم: وليد بطراوي – الايام
فــي غــيـابـنـا
بقلم: وليد ابو بكر – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
في وجه "الصَـحـّارة"
بقلم: عدلي صادق – الحياة
هل تجتاز اسرائيل "الخط الاحمر" الاوروبي؟
بقلم: د. اسعد عبد الرحمن – الحياة
من المسؤول عن اثارة الفتنة الطائفية واذكائها..؟
بقلم: فخري كريم – الحياة
ارتـبـاك الاحـتـلال
بقلم: بهاء رحال – الحياة
التكـفـيريـون فـي الـمـخـيـمـات
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
اين الحضور العربي؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ماذا يخططون للأقصى؟
بقلم: حديث القدس – القدس
أصبحت الاقتحامات التي ينفذها اليمينيون والمتطرفون اليهود تحت حماية قوات الأمن الاسرائيلية شبه يومية. وكان الوضع في السابق تحت السيطرة، فلم يكن يسمح بدخول الحرم القدسي الشريف لغير المسلمين إلا في أوقات نادرة، وبموافقة دائرة الأوقاف التي لها الكلمة الأولى في ترتيبات دخول الحرم :وهو مكان مقدس ليس فقط للفلسطينيين بل أيضا لكل المسلمين في مختلف أنحاء العالم.
ومن الواضح أن هناك مخططا تقوم السلطات الاسرائيلية بتنفيذه عمليا، وإن لم تعلن عنه رسميا. وملامح هذا المخطط تبدو جلية من خلال تصريحات وزراء ونواب في الائتلاف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأساس هذا المخطط هو السماح تدريجيا، وبشكل متصاعد، لليهود بدخول المسجد وأداء طقوسهم فيه، حتى لو أسفر ذلك عن صدامات مع المصلين المسلمين، أو حظر دخول عدد من الشباب المقدسيين من الذين يقصدون الحرم للصلاة، أو تلقي دروس العلم في مجالسه ومعاهده.
والمفروض أن هناك حظرا من جانب الحاخامات اليهود على دخول أبناء دينهم إلى الحرم الشريف، لكن عددا من الحاخامات من ذوي النزعة "القومية" سمحوا لأتباعهم بالذهاب إلى المسجد وتحدي المصلين المسلمين تحت حماية قوات الأمن الاسرائيلية، وهذا هو السبب في التوتر الذي يسود المدينة المقدسة، وسائر المناطق الفلسطينية.
وهذا التوتر مرشح للامتداد إلى العالمين العربي والإسلامي ما لم يتم وضع حد لهذه الاقتحامات الاستفزازية، وإعادة الأوضاع الهادئة نسبيا التي اتسمت بها الأعوام الماضية.
والمفروض أن تقوم قوات الأمن هذه بمنع المتطرفين اليهود من دخول بوابات الحرم، وليس أن تقف إلى جانبهم وتتصدى بدلا من ذلك للمصلين المسلمين بقنابل الغاز والقنابل الصوتية، لتكرس هذه الاعتداءات من جانب مقتحمي الحرم الذين لا يتورعون عن استفزاز الفلسطينيين وإثارة مشاعرهم بكل الوسائل المتاحة لهم.
المسجد الأقصى خاص بالمسلمين منذ ألف وأربعمائة عام ونيف. وما يجري حاليا يثير غضب المسلمين في كل أنحاء العالم. وما دام التيار العام للحاخامات اليهود قد حظر زيارة اليهود لهذا المكان المقدس، فالأحرى بالحكومة الاسرائيلية أن تنصاع لهذا الرأي، وأن تمنع هذه الاستفزازات ذات العواقب التي لا يمكن التكهن بها.
والمواجهات التي حدثت أمس، وتحدث على نحو شبه يومي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يفترض أن لا تحدث لو أن السلطات الاسرائيلية تصرفت بعيدا عن مخططاتها الخطيرة التي لو مضت هذه السلطات في تنفيذها فسوف تكون نتائجها كارثية على الجميع.
ولن يسمح الفلسطينيون والعرب والمسلمون بتنفيذ أي مخططات يقال أنها ترمي لتقسيم الحرم زمانيا ومكانيا. وهذا ما يجب على السلطات الاسرائيلية إدراكه والتصرف على أساسه، لمصلحة الهدوء والأمن والاستقرار في المنطقة، والعالم على وجه العموم.
محادثات السلام الفلسطيني الفلسطيني أولاً
بقلم: رغيد الصلح – القدس
تعكف الهيئات الفلسطينية المعنية حالياً على بحث البدائل التي يمكن للقيادة الفلسطينية أن تلجأ اليها اذا ما انتهت المحادثات الفلسطينية -الإسرائيلية من دون أن يحقق الفلسطينيون أي هدف من أهدافهم الوطنية . ويرجح البعض في هذه الهيئات ألا تسفر المحادثات عن فشل كامل لها بل عن مشروع اتفاق إطار تضعه الإدارة الأمريكية أو بالأحرى جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية، ومارتن أنديك، موفد كيري إلى المفاوضات ورئيس الطاقم الأمريكي الذي يتابعها .
ورغم أن معظم المقترحات والأفكار التي يتضمنها مشروع "اتفاق - إطار" مثل مساواة اللاجئين الفلسطينيين باللاجئين اليهود من البلاد العربية الى فلسطين، هي ذات منشأ إسرائيلي، فإنه من غير المتوقع أن تبارك حكومة نتنياهو المشروع فور صدوره خلال الشهر الحالي أو المقبل . بل الأرجح أن تؤخر إعلان موقفها منه إلى موعد آخر بانتظار معالجة إسرائيلية - أمريكية لردود الفعل الأوروبية على السياسة السلبية التي تتبعها حكومة نتنياهو تجاه "جهود السلام" وتجاه قيام دولتين في فلسطين .
لقد استخدم الأوروبيون أسلوب الجزرة والعصا مع الإسرائيليين من جهة تلويح الأوروبيين بأنه إذا تجاوب الإسرائيليون مع جهود السلام فإن بوابة الاتحاد الأوروبي سوف تنفتح لكي تدخله إسرائيل فتحقق أعظم الثمار نتيجة ذلك . كذلك لوح الأوروبيون بأنهم سوف يتغاضون عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان إذا وافقت حكومة نتنياهو على المبادرة الأمريكية . من جهة أخرى أعلن لارس فابورغ لارسن، سفير الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، أنه إذا فشلت المحادثات الإسرائيلية - الفلسطينية، وإذا تسبب استمرار سياسة إسرائيل الاستيطانية بهذا الفشل، فإنها ستتحمل هي "مسؤوليته" . عندها لمح مسؤولون أوروبيون إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يفرض على إسرائيل عقوبات اقتصادية، ولم يستبعد البعض من هؤلاء أن تشابه هذه العقوبات تلك التي فرضت على دولة الأبارتايد في جنوب إفريقيا فكانت من أسباب انهيارها .
أكسبت التهديدات الأوروبية بعض المصداقية بعد أن حذر وزير المال الإسرائيلي يئير لبيد الحكومة الإسرائيلية من أنه إذا نفذ الاتحاد الأوروبي تهديده فإن إسرائيل سوف تتكبد خسائر تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار . ولا ريب أن هذه الضغوط الأوروبية تثير التفاؤل في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية المؤيدة لقضية فلسطين . ولكن هل يمكن الركون إلى هذه الضغوط؟ وإذا نفذ الاتحاد الأوروبي وعيده حول العقوبات الاقتصادية فهل تكون هذه العقوبات، فعلاً، شبيهة بالتي نفذت ضد حكومة الأبارتايد؟
الأرجح ألا تصل الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على إسرائيل إلى الحد الذي يشل اقتصادها ويكبد الإسرائيليين خسائر فادحة، بل أن تتسم العقوبات بالطابع الرمزي . إن هذا النوع من العقوبات يدل على رفض الاتحاد الأوروبي للاستيطان الإسرائيلي، "من حيث المبدأ"، ولكن لا يحول، عملياً، دون استمرار بناء المستوطنات . الشق الأخير من المعادلة، أي امتناع أوروبا عن عرقلة الاستيطان هي الهدية التي ستقدمها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى نتنياهو خلال المشاورات المشتركة التي ستنعقد بينهما في إسرائيل في الرابع والخامس والعشرين من الشهر الحالي . ومن الأرجح أنه عندما توقع وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت من "أصدقاء إسرائيل في العالم الوقوف ضد حملة المقاطعة اللاسامية" فإنه يعني زعماء دوليين
مثل ميركل . إذا صحت هذه التوقعات، فإن الاتحاد الأوروبي، بتأثير من القاطرة الألمانية، سوف يخفض من سقف العقوبات التي يلوح بتطبيقها ضد إسرائيل .
إذا تمكن الإسرائيليون من فرملة المقاطعة الأوروبية، فإن المسؤولين الفلسطينيين لن يتفاجأوا كثيراً بهذا
الموقف . فعند البحث في البدائل عن توقف المفاوضات، وعندما دعا البعض منهم إلى عدم التجاوب مع مساعي تمديدها، لم يظهر عليهم أنهم يعولون كثيراً على ضغوط الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق المطالب الفلسطينية . أكثرهم كان يفتش عن الحل بعيداً عن هذه الضغوط . البعض منهم لوح بالعودة إلى حمل السلاح ضد الاحتلال . أما الأكثرية من القادة الفلسطينيين فقد دعت للذهاب إلى نيويورك، أي إلى الأمم المتحدة وإلى العمل على الانضمام إلى أكبر عدد من المنظمات الدولية تأكيداً على مصداقية المشروع الفلسطيني .
لقد خاض الفلسطينيون تجارب ناجحة على هذا الصعيد . وعندما طالبوا بأن تكون للكيان الفلسطيني صفة مراقب في الأمم المتحدة، تحولت المطالبة إلى حملة سياسية ناجحة ضد المشروع الاسرائيلي، ولمصلحة المطلب الوطني الفلسطيني . ومن المتوقع أن يتحول كل طلب تقدمه القيادة الفلسطينية لانضمام فلسطين إلى منظمة من منظمات الأمم المتحدة أو من المنظمات الدولية الأخرى، إلى معركة سياسية مفيدة . في مثل هذه المعارك تتسلط الأنظار على هشاشة المشروع الإسرائيلي، ليس من الناحية العسكرية والمادية حيث تتمتع إسرائيل هنا بالتفوق على سائر المعادين لها، ولكن من الناحية الأخلاقية والمعنوية والمبدئية . هذا الاحتمال هو حلم مرعب يثير قلق الإسرائيليين . إنه يثير قلقهم لأنه يهدد، بالفعل، بنزع الشرعية التدريجي عن إسرائيل .
ولكن فيما يمثل خوض المعارك الدبلوماسية ضد إسرائيل في أروقة الأمم المتحدة خياراً مفيداً، فإنه ينبغي ألا يكون بديلاً عن خطوات مهمة أخرى تندرج في إطار المعارك الناجحة البعيدة الأمد على هذا الصعيد .
هذه المعارك تخاض في فلسطين نفسها، وأهمها اليوم العمل على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية . فعلى هذا الصعيد تمر الحركة الوطنية الفلسطينية اليوم بانسداد تاريخي قل أن مرت به في تاريخها الطويل . ففي الماضي دأبت الفصائل الفلسطينية على تقاسم قيادة الحركة الوطنية على أساس نظام "الكوتا" . وكان هذا النظام أفضل، نسبياً، من تفرد فصيل واحد بفرض سلطته وبالقوة على الآخرين . اليوم لا تتطبق "الكوتا" كنظام سياسي وتنظيمي فحسب، ولكنها تطبق على أساس جغرافي، وهذا يتحول بدوره إلى انقسام كارثي داخل الجسم الفلسطيني . إن تطبيق الكوتا على هذا النحو يسهل تأبيدها ويسلب الفلسطينيين القدرة على التعبير عن رأيهم وعن خياراتهم، ويسحب منهم هم ومن "البيت الفلسطيني" الشرعية المطلوبة . إذا لم تتمكن الفصائل الفلسطينية من الاتفاق على كافة المبادئ الرئيسية وعلى استراتيجية بديلة عن التفاوض مع إسرائيل، فلعلها تتمكن من التفاهم على إحياء العملية الديمقراطية في فلسطين . وإحياء هذه العملية يعني بالدرجة الأولى إجراء انتخابات نيابية جديدة تعيد الروح إلى الحياة البرلمانية الفلسطينية . إن هذا الإجراء سوف يفسح المجال أمام الفلسطينيين لكي يختاروا ممثليهم وأن يختاروا الجماعات التي تستطيع ترجمة الإرادة الفلسطينية إلى سياسة ملموسة . لقد كان المجلس الوطني المنتخب مطلباً دائماً للحركة الوطنية الفلسطينية، فهل من الجائز التغاضي عن هذا المطلب عندما تتوفر شروط تحقيقه حتى ولو تحت الاحتلال؟
الرئيس عباس يحدد الخطوط العريضة لتحقيق السلام
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية يوم الأثنين قبل الماضي تحدث الرئيس محمود عباس عن رؤيته للمرحلة القادمة للعلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث توقع أن تسفر المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عن فترة انتقالية معقولة الى حين التوصل الى الحل الدائم، وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الفترة الإنتقالية ستمتد الى ثلاثة أعوام يقوم أثناءها حلف شمال الأطلسي بمراقبة تطبيق الإتفاق على الأرض.
وحول المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تم الاتفاق بين القيادة الفلسطينية ووزير الخارجية الأميركية جون كيري على أن تستمر خلال تسعة أشهر تنتهي نهاية شهر نيسان القادم، قال الرئيس عباس إن تلك المفاوضات يجب أن تسفر عن تطبيق رؤية حل الدولتين على أرض الواقع حيث تعيش إسرائيل كدولة الى جانب دولة فلسطين ضمن حدود الرابع من حزيران في أمان واستقرار.
والواقع أن رؤية حل الدولتين هي فكرة أميركية طرحها الرئيس االأميركي السابق جورج بوش الإبن، وتبناها بعد ذلك المجتمع الدولي حيث أن هناك اجماعا فلسطينيا وعربيا ودوليا على أن الحل الأمثل لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية ضمن حدود العام 1967.
كما أن مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 أكدت أن رؤية حل الدولتين هي الحل الأمثل والوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن ثم الصراع العربي الإسرائيلي من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وشددت المبادرة على أن السلام الفلسطيني الإسرائيلي مفتاح لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك مع العالم الإسلامي بحيث يتم تطبيع العلاقات بين الدول العربية والإسلامية وإسرائيل، وتفتح سفارات لإسرائيل في العواصم العربية والإسلامية، ويتم إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بين إسرائيل والعالمين العربي والإسلامي.
وقد أبدت العديد من الدول العربية خاصة دول خليجية وفي مقدمتها السعودية ودولة الإمارات مؤخرا بوادر إيجابية تجاه إسرائيل لحثها على قبول مبادرة السلام العربية حيث وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة دعوة للوزير سلفان شالوم للمشاركة في مؤتمر دولي في دبي، وشارك فيه على رأس وفد إسرائيلي، كما أن مدير الإستخبارات السعودية السابق الأمير تركي بن فيصل تحدث مباشرة مع الوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني في مؤتمر ميونخ للأمن الدولي الذي عقد مؤخرا في ألمانيا، ودعاها للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو ليقبل بمبادرة السلام العربية. وفي ذات الوقت جامل الوزيرة الإسرائيلية وأشار إلى ما تتمتع به من ذكاء وحضور سياسي.
وفي المقابلة مع الصحيفة العبرية تحدث الرئيس عباس عن البند الثاني من حيث الأهمية في طريق تحقيق السلام، وهو موضوع القدس حيث قال إن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، على أن تكون مفتوحة أمام كافة الأديان، بحيث يتمكن أتباع الديانات السماوية الثلاث من الوصول إلى أماكنهم الدينية بيسر وسهولة، ويؤدون شعائرهم الدينية في أجواء من الحرية. وذلك من خلال ترتيبات يتم الوصول اليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال المفاوضات.
والواقع وكما أكد الرئيس عباس دائما أن القدس مفتاح السلام، ولا سلام بدون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا مجمع عليه من دول العالم كافة، بما فيها الولايات المتحدة التي ترفض الإعتراف بإقدام إسرائيل على ضم القدس الشرقية إلى القدس الغربية بادعاء أنها "عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل".
وبالنسبة لقضية الحدود قال الرئيس عباس في المقابلة إن حدود الدولة الفلسطينية ستكون بيد الفلسطينيين وليس بيد الجيش الإسرائيلي، وما يقوله الرئيس في هذا الشأن هو حق من حقوق السيادة الكاملة إذ لا تقبل أية دولة في العالم أن تكون حدودها الدولية بيد قوة أجنبية أخرى لأن ذلك يعد انتقاصا من سيادة وكرامة تلك الدولة، وهذا ما تؤيده قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة. وتستطيع الدولة الفلسطينية المستقلة عند قيامها حماية تلك الحدود، بحيث تمنع أحدا من ان يخترق تلك الحدود للإعتداء على الدول المجاورة. وقد أثبتت السلطة الفلسطينية منذ أن تسلم الرئيس عباس قيادتها أنها قادرة تماما على حفظ الأمن ومنع أية محاولة لإثارة القلاقل والإضطرابات وزعزعة الإستقرار في أراضيها.
وحول قضية اللاجئين جدد الرئيس موقفه القائل بأن تلك القضية يجب أن تحل وفق مبادرة السلام العربية التي دعت إلى " حل عادل متفق عليه مع إسرائيل وفق القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي حمل رقم 194". وكان الرئيس عباس صرح مؤخرا بأن حق العودة حق شخصي يقرره اللاجئ ذاته دون ضغط من أحد لا من قريب ولا من بعيد.
وأوضح الرئيس عباس في المقابلة مع الصحيفة العبرية إنه في حال تحققت هذه البنود الأربعة وهي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وقضية القدس والحدود واللاجئين، فإنه يعتقد أن الحل سيكون مقبولا ومستقرا وشرعيا. وهكذا ألقى الرئيس الكرة في الملعب الإسرائيلي، وأكد مجددا الرغبة الفلسطينية الصادقة في التوصل إلى سلام عادل وشامل يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويحقق الأمن لإسرائيل ويفتح أمامها أبواب العواصم العربية والإسلامية لتقيم معها علاقات طبيعية كبقية العلاقات مع دول العالم المختلفة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" تعقيبا على المقابلة، إن الرئيس عباس عرض الحل على أنه فرصة للإسرائيليين مؤكدا أنه يمثل جميع أبناء الشعب الفلسطيني وأنه يرغب في التوقيع على اتفاق، وأكد أنه سيعرض ذلك الإتفاق على الإستفتاء العام، في حال تم التوصل إليه، وشدد على أن فرصة السلام هذه المتاحة قد لا تتكرر إذا أهدرت. ومن هنا فإن على إسرائيل أن تستغل هذه الفرصة التي يطرحها الرئيس وألا تضيعها من خلال الإصرار على الإستمرار في سياسة التوسع ومن خلال الإصرار على موافقتهم (أي الحكومة) ورفض الإعتراف بحدود العام 1967.
وتحدث الرئيس عباس عن الأرباح الكبيرة التي ستجنيها إسرائيل من خلال التوقيع على اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني، حيث أن سبعا وخمسين دولة عربية وإسلامية ستعترف بها، وهذا الإعتراف سيكون كاملا من خلال إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين اسرائيل وجميع هذه الدول العربية والاسلامية، وتمنى الرئيس على الإسرائيليين أن يدركوا ما معنى الحياة بسلام في المنطقة الواقعة بين موريتانيا وأندونيسيا وذلك من خلال مقارنتهم بالوضع الحالي.
وردا على العرض الإسرائيلي بأن تكون الفترة الإنتقالية لإقامة الدولة الفلسطينية تمتد من عشرة إلى خمسة عشر عاما، قال إن من يعرض مثل هذا العرض لا يريد الإنسحاب، وشدد على أن الفترة الإنتقالية المعقولة يجب ألا تزيد على ثلاثة أعوام، تنسحب إسرائيل خلالها تدريجيا من الأراضي الفلسطينية. وما عرضه الرئيس حول هذه الفترة الإنتقالية كاف جدا، إذ أنه وبموجب اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع حكومة اسرائيل في عام 1993 كانت الفترة الإنتقالية خمس سنوات، وكان المفروض بموجب تلك الإتفاقية أن يتم التوصل إلى حل حول قضايا الوضع النهائي في عام 1998، وقد مرت حتى الآن أكثر من خمس عشرة سنة دون التوصل الى ذلك الإتفاق خاصة وأن الزمن لا يعمل لصالح السلام، ودليل ذلك ما تعيشه العديد من الدول العربية من حالة عدم الإستقرار.
ولطمأنة اسرائيل وإزالة ما تقول إنه مخاوف أمنية فإن الرئيس عباس قال إنه يوافق على وجود طرف ثالث يستبدل إسرائيل خلال مرحلة الإخلاء أو بعدها وأيضا لإزالة المخاوف الفلسطينية، وقال إنه يعتقد أن حلف شمال الأطلسي هو الأنسب لأداء هذه المهمة.
وحول العلاقة مع حركة حماس، قال الرئيس عباس في المقابلة أن حماس لن تكون المشكلة، ودعا الإسرائيليين أن يتركوا مسألة حماس للقيادة الفلسطينية حيث أن القيادة الفلسطينية ستوقع الإتفاق مع إسرائيل باسم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات. وأكد أن هناك اتفاقا مكتوبا مع حماس، توافق بموجبه على إجراء المفاوضات بغية التوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية وفق حدود العام 1967. وهذا الذي قاله الرئيس حقيقة لا تقبل الجدل لأنه القائد الشرعي للشعب الفلسطيني الذي انتخبه في انتخابات تميزت بالحرية والنزاهة والشفافية والديمقراطية.
وأبدى الرئيس في المقابلة استعداده للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في أي وقت وأنه لا يرفض إلقاء كلمة في الكنيست، وكذلك لا يمانع في إلقاء نتنياهو كلمة أمام المجلس التشريعي الفلسطيني.
وهكذا حدد الرئيس في المقابلة الخطوط العريضة لتحقيق السلام، والكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فعلى القيادة الإسرائيلية انتهاز هذه الفرصة الذهبية وعدم هدرها. والله الموفق
صور الحرب السورية.. إعلانات دعائية للموت
بقلم: سوزي لينفيلد – القدس
من المريع مشاهدة الصور التي نُشرت مؤخراً، والتي يفترض أنها أتت من ذاكرة تخزين هائلة تضم 55.000 صورة، تصور جثثاً مهزولة مخنوقة ومضروبة، يُزعم أنها التُقطت في داخل سجون الرئيس السوري بشار الأسد. وهي صور محيرة أيضاً. هذه الصور التي توثق موت ما يقارب 11.000 من المعتقلين، التقطتها المعارضة، وإنما بناء على رغبة نظام السيد الأسد. أفلا تريد مثل هذه الحكومة –بل ألا تريد أي حكومة- أن تخفي جرائمها بدلاً من تسجيلها وتوثيقها؟
مع أنه لم يكن من المفترض الإفراج عن هذه الدفينة من الصور التي قيل إن أحد المنشقين قام بتهريبها إلى خارج البلاد، فإنها ليست الصور الأولى التي تحمل معالم الوحشية التي ينتجها النظام السوري. فقد نشرت قوات السيد الأسد العديد من الصور وأشرطة الفيديو الأخرى التي توثق عمليات الإعدام والتعذيب التي دبرتها وأشرفت عليها. وفي ذات الوقت، بث الجهاديون المناهضون للأسد بفخر صورهم الخاصة للعنف والتمثيل بالضحايا (التي تبدو عمليات قطع الرؤوس مفضلة فيها بشكل خاص، مصحوبة بهتافات الحشود في بعض الأحيان).
إذا كانت الحرب الأهلية الإسبانية هي أول صراع يتم تصويره على يد روبرت كوبا وغيره، بطريقة حديثة –بمعنى التقاط الصور عن قرب في ميدان المعركة وبين المدنيين- فإن الحرب الأهلية السورية ربما تكون الصراع الذي يمثل ما بعد الحداثة فعلاً، عندما يتعلق الأمر بصورها على الأقل. في هذا الصراع، ينخرط كلا الطرفين في منافسة شرسة حتى يظهرا للعالم ويظهر كل منهما للآخر كم يمكن أن يكون بربرياً وحشياً وبلا رحمة. وبمساعدة التقنيات الجديدة –كاميرات الهاتف المحمول، اليوتيوب، الإنستاغرام، ومواقع التواصل الاجتماعي- تطوف صورالوحشية هذه جميع أنحاء الكوكب. وبهذا يجري قلب الدور التقليدي للتصوير الصحفي في الحرب رأساً على عقب: بدلاً من تعرية الفظائع وفضحها، أصبحت الصور الآن بمثابة إعلانات ترويجية لهذه الفظائع.
لكن الصور السورية تصنع بالكاد شيئاً فريداً بطرق أخرى. إنها مجرد تتويج لسلالة طويلة ووضيعة من الصور التي يصنعها الجاني: الصور الخالية من الشفقة التي يلتقطها الجلاوزة لممارسات العنف والسادية التي يوقعونها بضحاياهم. وتكون بعض هذه الصور بيانية بشكل مثير للاشمئزاز، وتكشف عن الطرق التي يمكن بها تفكيك الجسد البشري؛ بينما بعضها الآخر تصويرات هادئة للرعب الإنساني والشعور بالعجز في مواجهة الموت. بعضها التقطها أشخاص يعملون لدى حكومات معترف بها بغية تسجيل عمليات القتل الجماعي بلا مبالاة؛ وثمة أخرى، عادة ما تكون متهللة، كان قد التقطها الجنود أو أفراد جماعات حرب العصابات والقوات شبه العسكرية والمنظمات الإرهابية من تلقاء أنفسهم وبلا توجيه.
لعل أكبر وأعتى مجموعة من مثل هذه الصور، والتي تجمع بين صور رسمية "معروفة المصدر"، وبين تلك التي التقطها مصورون نازيون، وجنود وأنصار مدنيون: في غيتوهات اليهود، أو في الجبهة الشرقية، في البلدان المحتلة، وحتى في بعض معسكرات الاعتقال (كان معتقل أوشفيتز يستخدم اثنين من مصوري جهاز إس إس الرسميين).
في وقت أحدث من ذلك، قام أعضاء في جبهة سيراليون الثورية الموحدة، المعروفون بعمليات البتر الجماعية لأعضاء مواطنيهم، بتصوير أنفسهم وهم يرتكبون بعضاً من فظاعاتهم. وكذلك فعل بعض بعثيي صدام حسين، وقوات "العقارب" الصربية شبه العسكرية المرعبة. وقبل بضع سنوات، قامت مجموعة حزب الإسلام، الميليشيا الإسلامية في الصومال، بدعوة مصور لتوثيق عملية قتل بالرجم لرجل متهم بارتكاب الزنا؛ وكانت الصور الناتجة أقرب إلى عدم الصلاحية للعرض أكثر من أي شيء آخر شاهدته في حياتي. وكانت بعض أكثر الصور إثارة للحرقة واستقراراً في الذاكرة هي التي جاءت في حقبة ما بعد 11/9 –بما فيها صور قطع رأس صحفي وول ستريت جورنال دانييل بيرل، وصور تعذيب السجناء في أبو غريب- والتي تقع بلا شك ضمن فئة صور الجاني.
ثمة مجموعات أخرى من صور المصورين، والتي تعرض ما يمكن وصفه بأنه "نظرة باردة" للأنظمة القاتلة وهي تقوم بعملها؛ حيث لا تكون مثل هذه الصور عنيفة بشكل واضح، ولو أنها تكون قاسية على الدوام. وكانت شرطة ستالين قد التقطت صوراً للسجناء السياسيين المدانين في سجن لوبيانكا سيئ السمعة في موسكو قبيل إعدامهم؛ وفيها تحدق وجوه أولئك السجناء فينا بحزن وخوف وحيرة. وتقع الصور الآتية حديثاً من سجون السيد الأسد السرية تحت هذا العنوان، ولو أنها أكثر وضوحاً وتصويرية بكثير. وهنا، يصبح التصوير مرة أخرى ملحقاً مفيداً وفي المتناول في صناعة الموت لدى الأنظمة الاستبدادية.
هناك رعب مزدوج في خبرة النظر إلى صور الجاني. الأول منها والأكثر وضوحاً، أنها تعرض أشياء طاردة، أشياء مرعبة، أشياء لا تطاق –أشياء نود الاعتقاد بأن البشر لا يمكن أن يفعلوها حقاً ببعضهم البعض. لكن هذا الشعور بالاشمئزاز يتكثف لدى معرفة أن هذه الصور لم تُصنع لغاية الاحتجاج على الشراسة، وإنما بقصد الحفاوة بها، أو توثيقها على الأقل. ويشهد وجود مثل هذه الصور في حد ذاته على حقيقة أن مثل هذه التصرفات يمكن أن تكون سبباً للرضا، للفخر، أو للمجد –أو حتى التسلية. (من المثير للصدمة مشاهدة كيف أن الكثير من الابتسامات تظهر في الصور النازية وفي صور سجن أبو غريب العراقي).
لعل هذا هو السبب في وجود الكثير من المقاومة لمشاهدة صور الجاني، والسبب في أنه عادة ما يجري وصفها بأنها صور "تعذيب إباحية" –وهو عذر قريب يخففنا من عبء مشاهدتها والتفكير بها. إنها تمثل تحدياً حاداً للمفاهيم الحديثة عن الشمولية والتعددية؛ للاعتقاد المعزّي بأننا "نحن" كلنا نمثل الجوهر ذاته بشكل أساسي، وبأن عائلة البشرية –ولو خالطها الجدال في بعض الأحيان- يمكن أن تجتمع على بعض القيم المشتركة الأساسية على الأقل. لكن الأمر ليس كذلك. إن صور الجاني تكشف عن المدى الرهيب الذي يمكن أن يبلغه اختلاف الناس، وكم هو من السهل إلى حد الرعب استبعاد الآخرين من فئة الإنسان. ويتضح هذا التمييز في تساؤل أحد مؤيدي السيد الأسد عن صور الجثث المعذبة: "هل هم سجناء سياسيون أبرياء، أم أنهم القاعدة؟"
كان المصورون الوثائقيون من أوائل القرن العشرين، وخاصة مصوري الحرب المبكرين، يعتقدون أن الكشف عن العنف والاضطهاد بالصور سوف يقود إلى القيام بعمل ما للإنقاذ. بل ان بعضهم حلموا بعالم بلا حرب ولا استغلال. ولا أعتقد أنهم فكروا أبداً بأن الكاميرا سوف تصبح أداة لإعلان وتأكيد الجوانب الأكثر بشاعة من الحرب وخدمة دعاية الأنظمة الاستبدادية رعباً بدلاً من النضال ضدها. لقد أصبح حلمهم كابوسنا.
المفاوضات لم تبدأ عند الإسرائيليين
بقلم: د. أحمد جميل عزم – القدس
ربما من المفيد مقارنة طبيعة النقاش والتعاطي مع "أفكار" وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بين الطرفين العربي، وتحديداً الفلسطيني والآن الأردني أيضاً، وبين الطرف الإسرائيلي.
يُناقش الطرفان الفلسطيني، والأردني، بغضب، خصوصاً على المستويات الشعبية، تفاصيل ما يطرحه كيري لتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. أمّا الإسرائيليون، فيتركز النقاش لديهم على: هل يجب أن يكون هناك تفاوض؟ والتساؤل: لماذا يصر كيري على أنّه يجب أن تكون هناك تسوية؟
هناك طرف تجهده التفاصيل، وطرف ما يزال على أطراف الفكرة. ولكن، هل نعلم التفاصيل؟
لا يكاد ينعقد لقاء بين فلسطينيين أو أردنيين معنيين بعملية التسوية، مع مسؤولين مُطّلعين، أو يُفترض أنهم مطّلعون على المفاوضات، إلا كان السؤال عن التفاصيل، وعن حقيقة مبادرة كيري. أمّا الإسرائيليون، ففي اجتماعاتهم، بما في ذلك الاجتماعات الحكومية الرسمية، فإنهم لا يطلبون تفاصيل، بل يناقشون بالدرجة الأولى إن كان ضروريا حقاً التعاطي بجدية مع تصريحات كيري عن المقاطعة المتوقعة من العالم (وليس الولايات المتحدة) لإسرائيل إذا لم يصلوا لاتفاق؛ والهجوم على المقاطعة الأوروبية بشأن الاستيطان، واتهامها بأنها "لاسامية"، وليست شيئا مرتبطا بسياسات الاحتلال. أما المواقف المتكررة من الاستيطان واللاجئين والدولة اليهودية، فتبرز في الإعلام الخارجي أكثر منها في اللقاءات الحكومية الرسمية الإسرائيلية الداخلية، والرأي العام الإسرائيلي.
يلتقط الفلسطينيون، والأردنيون، تصريحا هنا وخبرا هناك، ليحاولوا استشفاف ما يسمى على نطاق واسع "مبادرة كيري"، التي من المؤكد أن كيري نفسه لم يطرحها بعد، وعلى الأغلب لم يبلورها حتى الآن نهائياً، حتى في عقله. وعمليا، حتى السياسي العربي الرسمي المتصل بالشأن التفاوضي، لا بد له من جمع ما سمعه من كيري ذاته، أو ممن حضروا اللقاءات معه ومع مساعديه، وتقصّي الأمور، ومقارنة التغير في طروحات الرجل من لقاء لآخر، ليستنتج معالم "مشروع" متوقع قد يقدمه الرجل؛ فلا توجد نقاط ووثائق محددة. وهذا طبيعي، فجولات التفاوض الرسمية متوقفة منذ أمد، ولكن "حديث المبادرة" مستمر.
إذا ما فعلنا الشيء ذاته، وقمنا بمحاولة تقديم كشف حساب للحظة الراهنة، فقد بات ثابتا أنّ ما يطرحه كيري هو اتفاق إطار للمفاوضات، وليس اتفاق إطار للحل. وهذا ما أكده وزير الخارجية ناصر جودة أمام مجلس النواب الأردني قبل يومين.
الأفكار المطروحة عامة جداً. مثلا، موقف كيري بأنّ العاصمة الفلسطينية يمكن أن تكون "في القدس"، بحاجة للكثير من التفاوض. فالفلسطينيون يريدون أن تكون العاصمة في شرق القدس، وتحديداً ضمن الحدود البلدية التي كانت نحو ستة كيلومترات مربعة وفق الحدود الأردنية قبل العام 1967. أمّا بالطرح الأميركي، فإن العاصمة قد تكون في أي مكان ضمن منطقة واسعة، وربما في مناطق لا يعتبرها الإسرائيليون جزءا من القدس الآن، بإرسالها (العاصمة) إلى منطقة قريبة من رام الله، أو إلى العيزرية وأبوديس شرقا، بحيث يعاد تعريف القدس، وبحيث يمكن للفلسطينيين القول إنّ عاصمتهم في القدس، وأن يقول الإسرائيليون إن هذه ليست القدس كما يفهمونها. وحتى الآن، ما يزال التوصل إلى اتفاق على هذا بعيداً. وهذه فكرة قديمة.
بالنسبة إلى غور الأردن، تتفاوت الطروحات بين الحديث عن بقاء عسكري لأربعين عاما، وبين انسحاب تدريجي مدته ثلاث سنوات، وما تزال الهوة بعيدة. والحقيقة أنّ النقطة الأصعب في الغور، هي من سيسطر على المعابر؟ فمن دون سيطرة فلسطينية تامة على المعابر لدخول الناس والبضائع، لا معنى لأي اتفاق. وهذه النقطة لم تناقش في العمق بعد.
وفي موضوع اللاجئين، فإن ما يجري الآن هو محاولة تثبيت مفاهيم لا ترقى إلى اتفاق أو إلى أن تكون مبادئ حل. وقد اشتعل الاهتمام بفكرة التوطين في الأردن بسبب طروحات هذه النقطة، أمّا على الأرض، فجدل الإسرائيليين حول هذه النقطة ما يزال يتراوح بين الرفض المطلق لفكرة العودة إلى المناطق المحتلة، ووزراء يرفضون حتى عودة اللاجئين إلى الضفة الغربية.
بكلمات أخرى؛ نقاشات الإسرائيليين الداخلية، تعكس قناعة بأنّ الحديث عن التفاصيل ما يزال مؤجلا، لحين القناعة بأنّ هناك تفاصيل.
ســـاحــة الـــبــلـــد
بقلم: حسن البطل – الايام
شوية لغو في اللغة؛ وفي اللغة أن البلد قرية، أو مدينة، أو دولة؛ والدولة بلد أو بلاد، كأن تنعت الدول العربية بالبلاد العربية، أو تحلم بالعيش في "البلد الأمين"!
شوية لغو في الطب؛ وفي الطب أن مركز الجسم (المدينة) هو قلبها؛ وقلبها ساحة، ميدان، تصبُّ فيه وتتفرّع منه طرق وشوارع.
لمدينة رام الله (كانت قرية وصارت مدينة، ومدينة تصير حاضرة) مركز هو قلبها، وقلبها هو ساحتان، والساحتان أشبه بأُذين أو بُطين القلب، وبعض علل القلب الخلقية ثغرة تخلط الدم بين الأُذين الأيسر والأُذين الأيمن.
ما بعرف إن كانت ساحة المنارة هي البُطين وساحة الساعة (كانت ساحة المهاجرين، ثم صارت ميدان ياسر عرفات) هي الأُذين.
قلب المدينة خضع لعمليات تجميلية منذ هلّت حقبة السلطة. ساحة المنارة الأشهر بين الساحتين وساحات البلد، استقرت على تصميم تربض فيه "الأسود الأربعة" كناية كما يُقال عن عائلات أربع كانت قد أسّست القرية/ المدينة/ الحاضرة، منذ قرن ونصف!
يبدو لي أن عملية تجميلية في الساحة الأخرى؛ المهاجرين/ الساعة/ ميدان ياسر عرفات، كانت فاشلة (هل يشفع لفشلها سارية حجرية تعلوها ماسورة يتسلّق عليها رجل، ليرفع علم البلاد)؟
لسببٍ ما، اختار مصمِّمُو ساحة الساعة لتغدو تحمل اسم ميدان عرفات، رصف الساحة بحجر أسود نافر (طوبزي) هو وشارع المعارض الذي يصبُّ فيه، وشارع آخر صغير، بدلاً من فرشها بلجاف من الإسمنت.
ليش هيك عملية تجميلية فاشلة، ولا تليق باسم الرئيس المؤسّس؟ على ما يبدو اختار المصمِّم / المصمِّمُون حجراً أسود صناعياً، غير مقاوم لضغط عجلات السيارات، أو غير قوي ومتماسك من الانفراط الفيزيائي أو الكيميائي بتأثير المطر.
النتيجة تذكرني بحسرة مصمِّم الأزياء الفرنسي ـ العالمي بيار كاردان، الذي تأسّف لأن غيره سبقه في اختراع سروال الجينز، الأكثر شيوعاً في السراويل، للرجال وللنساء.. والأولاد، أيضاً.
جاءت موضة لتعديل سروال الجينز عن طريق "المزع" (ثغرة عند الركبتين) ثم عن طريق "الترقيع" (رقع متعمّدة شاعت بين طلبة الجامعات في العالم).. وأخيراً هذه الموضة التي هي "التبقيع" أي إزالة اللون الأسود ببقع بيضاء بواسطة مادة كيميائية.
طيّب، شو علاقة هذا برصف ميدان عرفات؟ سريعاً بعد شهور من رصفه بحجر أسود صناعي، احتاج "رقعة" هنا وأخرى هناك، ثم "بقعة" بيضاء من حجر مختلف وصلب وأبيض تسد مكان ثغرة حجر أسود تالف.
ومن بعد؟ صارت "الرجرجة" على حجر أسود نافر "مطبّات" تكاثرت، بحيث تحتاج الساحة عملية تجميلية جذرية أخرى.. إما باستبدال الرصف بالحجارة بغطاء من الاسمنت، وإما بإعادة رصفها بحجارة صلبة طبيعية متوفرة بكثرة وبجودة عالية في "بلد الحجارة" والرخام الذي هو مقالع جبال وتلال هذه الضفة الفلسطينية المصدّرة للحجارة الجيّدة لأربعة أركان العالم.
الحال الحالية إهانة للرئيس المؤسّس، بعد إهانة سابقة بإكساء ضريحه بحجر مغشوش لا يقاوم عوامل التعرية الفيزيائية والكيميائية.. وكتبتُ هذه "النصيحة" ما أرغم السلطة على كسوة حجرية جيدة وجديدة للضريح.
رصف الساحة/ الميدان بالحجر الصناعي الأسود كان استعارة وتقليداً لبعض شوارع عمّان القديمة (البلد) ويبدو أنها أقوى مقاومة وأحسن صنعاً، وأنها طبيعية.
ما أعرفه، أن الحجارة البازلتية السوداء متوفرة في الجولان وحوران وسواحل طبريا، ومنها كانت حجارة حواف الأرصفة في شوارع سورية، وهي مقاومة للانفراط الميكانيكي والكيميائي، وكذا بعض أبنية صفد مثلاً منها.
كسوة ميدان ياسر عرفات، آخر خطوات تجديد وإعادة بناء البنية التحتية لشوارع مركز المدينة وقلبها، وهي خطوات ناجحة، بما فيها إعادة رصف الأرصفة بحجارة صناعية سهلة التفكيك، وتشجير الأرصفة.. لكن تبقى ثغرة هي حجارة ميدان عرفات، التي صارت مهترئة، ومرقّعة.. وبحالة مزرية. ليش هيك؟ فعلاً ليش عملتم هكذا بحجارة قبر الرئيس وحجارة ميدانه؟ عيب عليكم!
مرّة ثانية .. قضية اللاجئين في خطر ؟!
بقلم : عبد الناصر النجار – الايام
إضراب في الضفة الغربية يستمر أكثر من شهرين تغلق فيه المدارس والمراكز الطبية ومراكز توزيع المواد الغذائية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وكأن ما يحدث لا يثير علامة استفهام كبيرة.
مخيم اليرموك يحاصر لأشهر طويلة ويموت سكانه جوعاً، ويضطر الآلاف منهم إلى هجرة ثالثة وربما رابعة، وهذه المرة إلى بلاد ما وراء البحار، ولا أحد يتدخل بشكل جدّي لوقف نزيف المخيم وباقي المخيمات الفلسطينية في سورية التي تتعرض إلى ما يتعرض له مخيم اليرموك... وهذا يثير علامة استفهام أخرى؟!
أصوات شبابية تعلو في المخيمات الفلسطينية في لبنان، تطالب بفتح باب الهجرة للشباب الفلسطينيين الممنوعين من العمل في لبنان... تحسبها في البداية أصوات احتجاج في مخيمات شمال لبنان... ولكن سرعان ما تكتشف أن لا أحد يهتم بهذه القضية سوى سفارات بعض الدول الأجنبية التي تلتقي هذه المجموعات وترحّب بفكرتها وتدعمها...
وحين تبدو الأمور جدّية وليست فقط خطوة احتجاجية، تحاول القوى الوطنية الفلسطينية أن تتدخّل، فتحذّر من خطورة هذه الحركة على المخيمات وقضية اللاجئين... ولكن القائمين على هذه الفكرة يرفضون ويُصرُّون على مواقفهم، هذا يطرح، أيضاً، عشرات علامات الاستفهام.
آلاف الشبّان في مخيمات قطاع غزة، أيضاً، يحاولون الهرب من واقع لا يستطيع أحد منهم تحمّله، وفي ظل استطلاعات رأي عديدة تجد أن الغالبية المطلقة من هؤلاء الشبّان ترغب في الهجرة... علماً أن قطاع غزة قائم على أغلبية من اللاجئين؟!
هل هذه خيوط لا رابط بينها، أم أن هناك خطة منهجية لتصفية قضية اللاجئين، وبكل السبل المتاحة وبدعم من دول غربية، بدأت تقدم إغراءات حقيقية للاجئين الفلسطينيين، وخاصة أبناء المخيمات في لبنان وسورية وغيرها من مناطق اللجوء.
وفي ظل المتغيرات في المنطقة، فإن فكرة إنهاء قضية اللاجئين تبدو أكثر سهولة، ومع الضغوط السياسية والاقتصادية الممارسة بحق هذه الفئة الواسعة من أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم القدرة المتواصلة على الصمود أمام هذه الضغوط تبدو إمكانية تحقيق أهداف تصفية القضية أكثر بكثير من المتوقع.
أما بالنسبة لوكالة الغوث، فإنه لم يبق من هذه الوكالة سوى هيكلها الوظيفي، بمعنى أن كثيراً من الخدمات التي كانت تقدمها الوكالة للاجئين خلال العقود الماضية، بدأت تتقلص رويداً رويداً حتى باتت شبه معدومة.
في قطاع غزة نظّمت الاعتصامات والمسيرات المتتالية أمام مكاتب وكالة الغوث، خاصة في المخيمات، من أجل إعادة النظر في قَطْع المساعدات الغذائية.. ولكن دون جدوى.
وكالة الغوث تعاني عجزاً كبيراً، علماً أن المموّل الرئيس منذ الخمسينيات والستينيات، وحتى نهاية القرن العشرين هو الولايات المتحدة والدول الغربية على أساس أن هذه الدول هي الأساس في إقامة دولة إسرائيل ودعمها، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم في العام 1948.
إلاّ أن هذه المعادلة تغيّرت عندما أصبحت دول خليجية جزءاً من الدول المانحة بشكل أساسي لوكالة الغوث... فبدأت كثير من الدول الغربية تقلّص مساهمتها في هذا الدعم، بحيث تضاعف العجز في ميزانية الوكالة، وأصبحت مهددة بالإفلاس.
إذن، هي ليست أوضاعاً تربطها المصادفة فقط، وإنما خيوط تُنسج بدقة وعلى مهل هنا وهناك في الدول المضيفة للاجئين؛ من أجل هدف واحد هو تصفية قضية اللاجئين، وبالتالي التخلص من أكثر قضايا الحلّ النهائي صعوبة، خاصة أن الإسرائيليين يعلنون عن استعدادهم للتفاوض حول قضايا الحل النهائي وفق أفكارهم، ولكن عند وصولهم إلى قضية اللاجئين، يُجمعون يساراً ويميناً بما في ذلك القوى الإسرائيلية التي تصفُ نفسها بالديمقراطية أو الليبرالية على مبدأ رفض حق العودة دون نقاش، بل أكثر من ذلك، فقد بدؤوا يرفضون مجرد أن تطرح قضية اللاجئين في أي محفل يوجدون فيه.
قضية اللاجئين أمام مفترق تصفية خطير، بحاجة إلى جهد جماعي... وإعادة النظر في كل المفاهيم السابقة حول اللجوء والتهجير والعلاقات مع الدول المضيفة ووكالة الغوث... وإلاّ اقرؤوا الفاتحة على روح هذه القضية!.
ثلاث محطات رئيسية في الخصومة بين أميركا وإسرائيل، وعن فرصتنا الحقيقية
بقلم: حسين حجازي – الايام
أصبحنا نعرف الآن من فيض ما يسرب من معلومات ما الذي يعرضه علينا في النسخة الجديدة من العروض الأميركية، جون كيري في اتفاقية الإطار، لكن التغير الوحيد والمثير في هذا الفصل الأخير هو أن إطلاق الرصاص الذي يسمع صداه هذه المرة وبخلاف العادة او ما هو متوقع، يتم بين الإسرائيليين والعراب الأميركي، بين التابع وولي النعمة، وحيث يظهر جون كيري في هذا المشهد النادر كما لو أنه الكاوبوي المغامر الشجاع والميدان الذي لا يأبه بكل الصعاب ويمضي مقترحاً ما كما لو أنه رسول السلام الذي قرر أن يضع حداً لهذا النزاع الممل، دون الاكتراث لصيحات الإسرائيليين الذين باتوا يرون في شخص كيري ومشروعه خطراً داهماً بدا كما لو أنهم لم يتحسبوا له من قبل، بلغتهم على حين غرة. لا يعرفون الى الآن كيف يوقفونه أو يبطلون مفعوله، حين بدا لهم لبعض الوقت وكأن الظروف لانت أمامهم ليسددوا ضربتهم الأخيرة باستكمال ما لم يحققوه في العام 1948 اي بالسيطرة على كل الضفة الغربية، وهو اعتقاد تبين لاحقاً انه لم يكن سوى خداع للنفس ومن قبيل الوهم والسراب، لأنه لا الفلسطينيون ولا العالم هم أنفسهم العام 1948، هذا ببساطة وليس له شأن بشخص جون كيري.
والواقع أننا نعرف الآن أو نتحقق من أن الغرب الأميركي الأوربي، الذي ساعد على إقامة إسرائيل، او اختراعها سيان، إنما هو وافق او أقر بوجود هذه الإسرائيل فقط في حدود العام 1948. وهذا هو جوهر السجال والخلاف معها اليوم. الذي تجاوز التعبير عنه الوسائل الدبلوماسية التقليدية الناعمة، والمهذبة في إطار التصريحات والمواقف وانتقل الى الصفحة الثانية بالإجراءات العملية والتهديد بالعقوبات والبدء عمليا التدرج بتنفيذ هذه العقوبات الاقتصادية والمسألة في بعدها التاريخي والاستراتيجي تتعلق بتغير الوظيفة والدور، لزرع واستنبات هذا العدو الغريب، كما فكر دهاقنة الامبراطورية البريطانية، منذ منتصف القرن التاسع عشر، بالمرستون وخلفاؤه، بالميزة الاستراتيجية، التي يتيحها إقامة هذا الجسم الغريب على هذا الساحل من المتوسط الذي يشكل جسراً بين قناة السويس والمستعمرات البريطانية في الهند لحماية الطريق والممر الإستراتيجي.
لقد قضي على أحلام وتطلعات محمد علي في السيطرة على بلاد الشام لهذا السبب، كما تم التفكير بإقامة هذا العازل او الجسر لهذا السبب نفسه أيضاً، لكن مع تغير هذا الدور في زمن خلافة الأميركيين للنفوذ البريطاني وازدهار هذا الدور ليبلغ ذروته بعد حرب العام 1967، زمن الحرب الباردة حيث تحولت اسرائيل الى بندقية، او حاملة طائرات ككنز استراتيجي في إخماد وقمع النزعات التحررية الراديكالية للقومية العربية، في مصر وسورية وحتى العراق، فان هذا الدور كان مقضياً عليه بالانتهاء، منذ ان استبدلت أميركا القفازات الإسرائيلية، بالتدخل العسكري المباشر في حربها ضد العراق، لإخراج صدام حسين من الكويت، وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه فعلياً العام 1991.
فهل كانت مصادفة انه في هذا العام القدري والمفصلي، أقدم جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس بيكر، على التلويح أمام إسحاق شامير، وإسرائيل بالعقوبات "وضمانات القروض" ودق بيكر على الطاولة وقال: هذا هو رقم هاتفي، والنتيجة انصاع شامير لتهديد القيصر وجاء الى مؤتمر مدريد راكعاً.
ثلاث محطات رئيسية يجب ان نتوقف عندها لدى تحليلنا للقرارات الاستراتيجية، التي اتخذتها الولايات المتحدة فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي وقفة تأملية في إمعان التفكير العميق لمساعدة أنفسنا في استنباط واتخاذ القرار والخيار الصحيح، في هذه الظروف من المشروع الذي يطرحه كيري:
1- إن المحطة الأولى هي الضغوط القاسية التي مارسها الجنرال أيزنهاور العام 1956، لإرغام بن غوريون على الانسحاب من سيناء وغزة، واللحظة التاريخية هنا، تتمثل باستراتيجية هجومية أميركية في سعي الامبراطورية لوراثة النفوذ الاستعماري القديم. وكانت أزمة السويس العام 1956، بمشاركة اسرائيل، العدوان على مصر مع بريطانيا وفرنسا، بمثابة عمل سافر ضد الأميركيين وما كان لهم سوى تلقين إسرائيل الدرس.
2- دعوة أميركا العام 1991، لعقد مؤتمر مدريد للسلام والانخراط الأميركي المباشر في مفاوضات السلام، اللحظة هنا تتعلق بالانتصار الأميركي الحاسم على الاتحاد السوفياتي، واستقرار الظروف أمامها للتحول إلى قيادة واحدية للعالم بصورة انفرادية كقطب وحيد، وكان الرابط هنا هو إعادة الولايات المتحدة تشكيل النظام الأمني الإقليمي في الشرق الأوسط، وهي العملية التي ستبلغ ذروتها في مفاوضات كامب ديفيد برعاية بيل كلينتون.
3- إن المحطة الثالثة التي نقف عندها الآن، إنما تتمثل لحظتها التاريخية بسعي إدارة أوباما والإمبراطورية التي أنهكتها نزعتها الحربية التوسعية وتمددها إلى إعادة موضعة استراتيجيتها بما يتلاءم مع الهدف الرئيسي لها، وهو الصراع على آسيا لمواجهة تهديد الصين القوة الاقتصادية الصاعدة في القرن الواحد والعشرين، وهي لحظة يتدنى فيها فعل الدور الإسرائيلي على مستوى أهميته في خدمة المصالح الأميركية الى الحضيض او الصفر. حين يتضح بخلاف المقاربة الأميركية في الشرق الأوسط أن هدف الإستراتيجية الوحيد بات ينحصر في إغلاق وتصفية الثغرات في الخطوط الخلفية لتركيز جهد الاستراتيجية وثقلها الحاسم نحو آسيا وحتى إفريقيا لمحاصرة الصين في آسيا ومنافستها في إفريقيا.
هنا يترافق أو يتزامن هذا التحول الأخير مع مبادرتين دبلوماسيتين، قاسمهما المشترك إغلاق الملفات المفتوحة في الإقليم وهما: التصالح مع إيران، والاتفاق مع روسيا لعقد مؤتمر جنيف الثاني، وهو ما يمثل تحولاً راديكالياً في السياسات إزاء الشرق الأوسط، لكن هذا التحول يبدو مفهوماً تماماً إذا ما نظرنا إليه في سياقه التاريخي باعتباره يخدم إعادة تكييف الاستراتيجية الأميركية مع الواقع الدولي الجديد، والتحديات الاقتصادية التي تواجهها أميركا.
هل هي إذن فرصتنا الحقيقية أو الأخيرة إذا كانت هذه الاحتمالية على النقيض من ذلك لعدونا؟ وحيث لا يمكن للحقيقة ان تكون الشيء ونقيضه في نفس الوقت، وبالتالي يتوجب علينا أن نظهر القدرة والحنكة لإدارة استثمار سياسي، ناجح لها، من أجل انتزاع أو استخلاص أفضل وضع تفاوضي لنا، وما هي الخيارات المطروحة أمامنا في جميع الأحوال.
إن رجلاً يقع على عاتقه عند هذا المنعطف موازنة الأمور، تقدير الموقف واتخاذ القرار الذي سيكون صعباً في كل الأحوال وهذا الرجل هو الرئيس أبو مازن، ولكن هل لهذا السبب وتقديرهم لشخصية ابو مازن الذي لعب هو أيضاً بورقته الذكية، لشد الخناق، الطوق والحبل عليهم، فانهم يديرون منذ وقت، لعبتهم القديمة، بسحب البساط من تحت أقدام الرجل من خلال معادلات فلسطينية داخلية كما فعلوا مع عرفات، في حملة التشويه والتشكيك في السنوات التي أعقبت فشل مفاوضات كامب ديفيد لإنهائه سياسياً قبل التخلص منه جسدياً لخلق حالة من الفراغ وانعدام الوزن في مركز القيادة الفلسطينية لإفشال المحاولة التي يقوم بها الأميركيون اذا كان من شأن ذلك ان يمنحهم الوقت لتغيير المعادلات الجغرافية على الأرض في الضفة الغربية، وهو السبب الرئيسي لغضبهم من كيري وانزعاجهم لأنهم يعتقدون انه بمبادرته يقطع الطريق أو ما تبقى من إكمال هذه الطريق في تغيير المعادلة على الأرض.
وقد نلخص القصة، تلخيصاً مكثفاً وموجزاً، بأبرز الجمل والكلمات التي تم تبادلها في هذا الديالوج، كما لو أننا بإزاء مشهد شكسبيري :
موشي يعالون: مالنا وهذا الرجل يظن نفسه المسيح المخلص او المنقذ، أعطوه جائزة نوبل ودعوه يتركنا وشأننا.
الإدارة الأميركية : اعتذر وإلا !
يعالون مرة أُخرى: يعتذر
تسيبي ليفني: إذا لم توافق يا أبو مازن على يهودية الدولة ستدفع الثمن غالياً.
جون كيري هذه المرة: إذا لم توافق إسرائيل ستدفع الثمن غالياً، عقوبات وعزلة دولية، وكل الترسانة التي استخدمها المجتمع الدولي ضد جنوب إفريقيا العنصرية.
نتنياهو وشركاؤه في الحكومة : لن نتفاوض والمسدس مسلط على رأسنا، وإسرائيل لا تخيفها التهديدات.
ابو مازن لا يخفي ابتسامته: نقبل بوجود حلف الأطلسي لحفظ أمننا وأمنهم.
وفي هذه الأثناء يصدر موقف لافت من "حماس": اسمع يا أبو مازن، نحن مستعدون لحمايتك، في وجه تهديداتهم، والرسالة تصلب.
والمسألة واضحة انهم يجرون أنفسهم الى اللحظة الجنوب أفريقية، فلنسهل الأمر عليهم وهذه عملية أظن ان الرئيس أبو مازن يجيدها، فالفرصة الحقيقية لنا هي إيصالهم الى القطيعة والعزلة مع العالم، هذه هي لحظتنا.
مبروك لتونس دستورها الجديد
بقلم: صادق الشافعي – الايام
نجح التونسيون في إنجاز دستورهم لما بعد ثورتهم وبأريحية عالية وأغلبية كبيرة.
وعلى ذلك يستحقون التهنئة ومعها التقدير، ويستحقون تهنئة إضافية لأن الدستور الذي أقروه بقدر ما هو أفضل دستور حظيت به تونس فإنه يعتبر من الدساتير المتقدمة بالمعايير الدولية.
وتستحق النخب السياسية الشكر لأنها نجحت، رغم الاختلاف البين بينها بالرؤى والمرجعيات العقائدية والبرامج السياسية، في ضبط خلافاتها في قنوات السياسة والمؤسسات، وفي تغليب مصلحة الوطن ومصالح أهل الوطن.
أما اتحاد الشغل التونسي فيستحق تحية خاصة لدوره المميز في كل الأحداث.
ما جعل هذا الإنجاز ممكناً وبهذه الطريقة المفرحة هو أولاً وبالأساس، نضج وقوة المجتمع التونسي وقدرته على فرض إرادته.
وليست قوة المجتمع المدني هذه منتج جديد من منتجات الثورة الشعبية الأخيرة بل كانت موجودة ومستقرة تكونت نتيجة لنضالات طويلة خاضها المجتمع التونسي وقواه السياسية والأهلية وظلت الديمقراطية والسلمية والحداثة عناوين أساسية وثابتة في تلك النضالات.
كما قامت على أساس الوطنية التونسية التي كانت أشد تعبيراً ووضوحاً وأكملت ذاتها بالعروبة والإسلام.
ثم أنها كانت حصيلة إنجازات تراكمت عبر تلك السنين.
من أهم تلك الإنجازات:
- إن تونس كانت أول بلد عربي امتلك دستوراً عمره أكثر من قرن من الزمن.
– إن تونس تمتلك واحدة من أعرق التجارب النقابية، وأغناها بالذات في أوساط الحركة العمالية ( ظل اسم الحبيب عاشور من تونس الى جانب اسم الشفيع احمد الشيخ من السودان أبرز الأسماء العربية في هذا المجال وأكثرها احتراماً وتقديراً وتأثيراً).
– إن تونس امتلكت قانوناً للأحوال المدنية رائداً، بالذات في مجال حقوق المرأة، تقدم في المحتوى على قوانين الأنظمة العربية وسبقها بالزمان بعشرات السنين.
– إن تونس تمتلك مجتمعاً شاباً، وواحدة من أعلى معدلات التعليم، وبالذات في درجاته العليا، مع تواصل واسع مع الغرب عموماً وبالذات مراكزه العلمية والتعليمية.
هذه الإنجازات وغيرها هي التي قادت إلى نجاح الثورة التونسية، وان تكون أول الثورات. وهي التي شكلت نضج وقوة المجتمع التونسي.
وهذه الإنجازات بقدر ما صبغت المجتمع التونسي بصبغة الحداثة، فإنها قادت إلى اتساع ملحوظ في حجم الطبقات الوسطى، وهي ما حماه، الى درجة كبيرة، من نمو قوى التطرف بغض النظر عن عنوانها، وأبعده عن مسارح الصراعات الإقليمية.
وهي نفسها التي تشكل العوامل الأساسية التي تجعل التجربة التونسية تبدو متقدمة على التجارب الأخرى إذا ما اردنا المقارنة، وبالذات مع التجربة المصرية، وخصوصاً لجهة السلمية والسلاسة.
مع التأكيد أن التجربة المصرية تسير بشكل سليم وحثيث نحو الاستقرار وتحقيق أهداف 25 يناير على الرغم مما تواجهه من عقبات ومصاعب ومؤامرات واسعة محلية وخارجية، وأن إقرار الدستور وبالنسبة العالية من التأييد التي أُقر بها شكّل خطوة إستراتيجية هامة على هذا الطريق.
لكن في تفاصيل المقارنة بين التجربتين يبرز أكثر من عامل لعب دوراً كبيراً في حصول الفروق بينهما، على الرغم من أن التيار الديني الأساسي في كلا البلدين يأتي من نفس المنبع، حركة الإخوان المسلمين، حتى لو سلمنا بوجود فروقات في الجانب التنظيمي.
العامل الأول، إن حركة النهضة في تونس ولعوامل تكمن في طبيعة المجتمع التونسي وقوته أولاً، ثم في تجربتها الخاصة، أثبتت بالتجربة، وحتى الآن، أنها أكثر براغماتية ومرونة وأكثر استعداداً لإيثار مصلحة الاستقرار الوطني على التقيد بانتمائها الأيديولوجي والوفاء له من نظيرتها في مصر. فهل ستبقى كذلك ام ترتد الى موقع المغالبة والاستئثار المنسجم مع فكرها إذا ما وصلت إلى درجة من التمكن تسمح لها بذلك؟ وهل سيمكنها المجتمع من ذلك.
والثاني، إن حركة الإخوان في مصر تشكل الكتلة الأكبر بمراحل في جسم حركة الإخوان المسلمين العالمية، وتجربتها الأولى والأهم وأنها تحتل موقع القيادة الأولى فيها. وهذا ما يجعل معركتها حول السلطة معركة عالمية، تخوضها حركة الإخوان العالمية بكل قواها وبكل أسلحتها، وينخرط فيها كل فروعها وتحالفاتها، عن قناعة مكينة عندهم أن سقوط التجربة الإخوانية المصرية تعني سقوط كل تجربتهم في عموم المنطقة، وستفرز تأثيرات سلبية عميقة على وجود ودور ومستقبل كل فروعها.
والثالث، وجود قوى متطرفة من التيار الإسلامي في مصر تعتمد العنف والسلاح وبعضها يشكل امتدادا لقوى متطرفة عالمية، وهي قوى كانت موجودة ولها تشكيلاتها وفعلها قبل 25 يناير بسنوات والتحق معظمها بنظام الإخوان المسلمين حين اقتنصوا السلطة، وعندما أسقطوا منها بقوة الجماهير الشعبية العارمة، عادت هذه القوى إلى العنف والإرهاب تحت مظلتهم، ولتكون سيفا في يدهم في محاولتهم لاستعادة السلطة.
ثم، إن التجربة التونسية، وإن من مدخل سلبي، تستفيد مما يحصل في مصر من فوضى وأعمال عنف وتخريب وإراقة دماء تنفذها حركة الإخوان واتباعها ومن يستظلون بظلها في سعيهم المحموم لاستعادة السلطة. خشية من التونسيين أن يفتح اختلافهم الباب أمام انتقال هذه الحالة أو ما يشبهها اليهم بعد أن ظلوا في منأى عنها إلى حد كبير.
إقرار الدستور التونسي إنجاز عظيم سيكون له ما بعده الكثير: خير عميم على استقرار وتقدم تونس، وأمان وتقدم ورفاه لأهلها، ونموذج يمكن أن تحتذيه تجارب التغيير الأخرى.
حكمة وفطنة الرأي العام الفلسطيني
بقلم: صلاح هنية – الايام
الحديث في أوساط الرأي العام مختلف تماماً وبمعاير مختلفة تماماً خصوصاً عندما تستمع لذلك بعد انقضاء صلاة الجمعة وخلال تجوالك في السوق وتلتقي الناس هناك وتستمع لهم أو تسترق السمع في محل بيع السمك لحوار اثنين، أو أن يستوقفك أحدهم في الطريق ويصب جام غضبه على الوضع بمنطق واضح وصريح. بعد انقضاء صلاة الجمعة استوقفني ثلاثة أمام باب المسجد أحدهم قال "يا أخي أنا متفق معك، لماذا لا يعاقب من يتاجر في الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات والمخزنة بطريقة غير سليمة " فرد عليه شريك الحوار وقال "أنا أشك أنه يتم ضبط هذه الكميات من الأغذية الفاسدة وما هي الا محاولة لإثبات وجود من جهات رسمية، ولكن أنا واثق انه لا يوجد هذا الكم، اذا صح القول فقد باتوا في كل جهات الرقابة فقط ينظفون مخازن ومحلات التجار من الأغذية الفاسدة ويجمعونها وعليها السلام". فتغير المزاج لدى الأول وقال "إذن اطلبوا منهم أن ينظموا عرضا للأغذية الفاسدة ويضعوها في الساحة المقابلة لمسجد جمال عبد الناصر في البيرة، وليكن يوما تعليمياً للمستهلك ما هي الأغذية الفاسدة وكيف يتم التعرف عليها، ولينظموا حملة إتلاف لها أمام أعين مجموعة من المواطنين حتى نتأكد من صدقية هذه الإعلانات عن الضبط". فتدخل آخر وقال "والله يا جماعة ما في حد مستفيد من هذه القضية الا رامي ليفي في المستوطنات فهو بناء على هذه الإعلانات عن كميات الضبط بآلاف الأطنان الرابح الأكبر وهنا تكمن المشكلة". الخبير المتقاعد قال " كنا عندما نضبط بحكم الوظيفة نقوم بتشكيل لجنة إتلاف بحضور الجهة التي ضبطت والنيابة ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك الفلسطيني ووزارة الزراعة وأمام كاميرات تلفزيون فلسطين والإعلام، اليوم لماذا تغير هذا الإجراء لا ندري". للأمانة والموضوعية لم أشأ التصرف بصياغة النقاش حتى لا يفقد رونقه وصدقيته، ولكنه مؤشر مهم على تشكك الرأي العام من حجم ما يتم الإعلان عن ضبطه لتسجيل سبق لهذه الجهة ولتلك، وحتى البحث العلمي المحكم بات متشككا بصدقية الإعلان عن حجم ما يضبط. عملياً ومنطقياً لا يجوز أن يظل الخطاب الرسمي الفلسطيني بخصوص الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتشجيع المنتجات الفلسطينية والإفراط باستخدام المبيدات الزراعية وتوفر الأدوية في صيدليات وعيادات وزارة الصحة وسياسة عدادات المياه مسبقة الدفع موسمياً وتبريرياً ومكرراً، بل يجب أن تطور أدواته ومضمونه وتعميمه ليصل على شكل رسائل قصيرة واضحة ذات مضمون للرأي العام يخفف قليلا من درجة القلق ومن درجة الاستخفاف ومن حدة الرغبة بالتوجه صوب عناوين أخرى لا نريدها. وفي ضوء الفضاء المفتوح فإن المواطن الفلسطيني بات متابعاً حثيثاً لأنماط مختلفة من التعامل مع القضايا المفصلية التي تمس حياة المواطن بكبسة زر على المحرك عن بعد ليتابع خبراً في هذه الفضائية أو تلك فيجد إجراءً ونظاماً وقراراً لهذه الوزارة او تلك تخص حقوقه الأساسية، أو بكبسة زر عبر الشبكة العنكبوتية ليرى كيف يعالج العالم قضايا المستهلك في الاتصالات والمواصلات والدواء والمياه والكهرباء. بات تكرار الحديث في الخطاب الإعلامي الرسمي عن عدم السيطرة على المعابر والحدود، وعن خسائر للاقتصاد الفلسطيني جراء تحكم الاحتلال في المناطق المصنفة (ج)، وعن أن مديونية البلديات لفاتورة المياه تصل مليار شيكل كيف سنستردها، والحديث عن مديونية الكهرباء، لا يأتي بأي فائدة على مستوى الرأي العام الفلسطيني من كثرة التكرار وقلة الإجراءات التي تصنع استجابة لهذه التحديات وتحويلها إلى فرص بالشراكة الحقيقية مع الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته. فصل المقال "الرأي العام الفلسطيني لا يطلب المستحيل ولم يعد يرفع توقعاته في ضوء ما يعايشه يومياً وساعة بساعة، ولكنه لا زال ينظر بأمل وبواقعية لصناعة نوع من الفرق على أرض الواقع بما يليق بفلسطين سكاناً وجغرافية وتاريخاً وحضارةً وتراثاً".
الــــــقــــــدوة
بقلم: رامي مهداوي – الايام
أعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين 3 شباط استقالة د. ناصر القدوة نائب المبعوث الأممي والعربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، وقد أفادت التقارير والأخبار أن القدوة أعرب عن رغبته بالعمل في مهمة أخرى لدى الأمم المتحدة. وشكره بان كي مون على مساهمته في الملف السوري.
بعد هذا الخبر، تذكرت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19 في اجتماعها السابع والستين في 29 تشرين الثاني 2012، في هذا القرار تم منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة.
في الأساس يرقي القرار مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، بهذا القرار أتيح لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل: صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية، غرفة التجارة الدولية، منظمة العمل الدولية، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، اليونسكو، المحكمة الجنائية الدولية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة الصحة العالمية، المنظمة الدولية للمعايير......الخ.
مع انهيار مفاوضات مستر كيري _كما هو متوقع_ بدأت أصوات متنوعة مختلفة من كتّاب ومثقفين وأحزاب تطالب منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالانضمام الى المنظمات الدولية كجزء من مواجهة إسرائيل على الساحات الدولية المختلفة.
بصراحة مفاجأة لي أن أجد بعض ممن يدعون أنهم "مفكرون" بطرح هذا الأمر وكأنه "هز الكتف بحنية" والأخطر من هذا من أسمعهم في المؤتمرات بصوتهم العالي مطالبين الدخول في كافة المنظمات الدولية وكأنه الأمور طبخة مسلوقة... أو رسم على الشاطئ دون معرفة أو اكتراث لموعد المد والجزر.
لهذا وبكل حب واحترام من جهة وواجب والتزام عليك أخي د. ناصر القدوة أن تعود الى تراب فلسطين لحمل ملف الانضمام الى المنظمات الدولية بطريقة مدروسة وعلمية وليس "همبكه" الكلمة التي استخدمتها في وصف فيلم قناة الجزيرة حول اغتيال القائد ياسر عرفات. الجميع يشهد لك في خبرتك بهذا الملف، لهذا أعتقد من الواجب عليك أن تعود لفلسطين وتخوض هذه المعارك.
وهنا أقول معارك وليس معركة، لأنه يا د. ناصر وأنت سيد العارفين ستخوض معارك داخلية وخارجية، في كل عمل يكون هناك معارك، لهذا لن تكون الأمور وردية، وربما المعارك الدولية والدبلوماسية ستكون أسهل عليك، من الترتيبات الداخلية في إعداد هذا الملف، لكن بالنهاية يجب أن تأتي وتخوض في جميع المعارك لنتمكن من إنجاز ما علينا إنجازه.
وما علينا إنجازه هو معرفة ما هي المنظمات التي سنستفيد منها على كافة الأصعدة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية، الثقافية.... الخ، لهذا علينا أن لا ننسى بأننا "دولة" تحت الاحتلال علينا قياس كل خطوة بخطوة ومعرفة مقدار الربح والخسارة عند الانضمام، لأنه كل منظمة لها شروطها وواجبتها وحقوقها، على سبيل المثال لا الحصر شروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية هل نستطيع أن نتجاوب معها: نظام الحماية الجمركية تكفلها المنظمة ولكنها تطالب بأن تكون بالحد الأدنى قدر الاستطاعة وان توفرها من خلال التعريفات الجمركية، الحظر التام على وضع قيود كمية على ما يتم استيراده مثل فرض كميات محدده من سلعة معينة بسبب الخوف من الإغراق أو حماية الصناعة الوطنية .. بل يجب استخدام نظام التعرفة الجمركية فقط، يجب عدم استخدام التجارة التمييزية بمعنى استثناء دولة عن بقية الدول بوضع منطقة حرة أو بدون رسوم.... هذا جزء بسيط من الشروط، علينا أن نتصور ما بعد الشروط وأثره علينا.
حتى أيضاً المحكمة الجنائية الدولية أقول للذين يطبلون ويزمرون مطالبين بأن نكون عضوا بها من أجل محاسبة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين بأن الأمور بحاجة الى حسبة بالورق والقلم حتى ولو كنّا نحن من وقع عليه فعل الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
أخي د. ناصر؛ أعتقد أيضاً أن عليك إعداد الكادر البشري لهذا الملف، وهناك العديد من الشباب الفلسطيني المنتشر في العالم جاهز لهذه اللحظة، فالبعض يتخيل فقط بأنه علينا فقط الدخول بوضع العلم الفلسطيني في هذه المنظمات دون الاكتراث بالكادر المتخصص كل في مجاله، معتقدين بأن دخول المنظمات الدولية مثل المشاركة في البطولات الرياضية ليكون عنواننا المشاركة فقط من أجل المشاركة!!. أنا كلي إيمان بأن شبابنا بخبراتهم التي اكتسبوها في عملهم الدولي مستعدون لتقديم ما عليهم من واجب لحظة نداء الوطن، نعم نحن بحاجة للخبرات الدبلوماسية والتقنية المهنية في الجوانب العملية، وفي هذا المجال نثق بخبراتك في كيفية بناء الفرق المتعددة كل حسب احتياجه.
نعم، حان الوقت لتعود وتشمر عن ذراعك لتعمل في الحقل، مهما كانت الظروف صعبة ومهما كانت المعيقات، دعني أقول لك بأن غيابك عن الحقل يساعد في نمو الأعشاب والطفيليات الضارة، غيابك لا يساعد في الحصاد وإنما يجعل الحقل مباحا لمن ليس متخصصا ولمن يتصور مبتسماً عند موعد الحصاد دون اكتراثه بالمنتج. سامحني إن قلت لك بأن غيابك هو هروب من الواقع وتحمل المسؤولية، فلا يكفي أن نصف المرض وإنما علينا علاجه قبل فوات الأوان.... عليك أن تشمر عن ذراعك.
التَّمَسُّك بِحَق العَوْدَة ضَمانَة لِضَبطِ الجَوْدَة
بقلم:آصف قزموز – الايام
منذ أن أسدلت الستارة على إنجاز قيام دولة إسرائيل، لتُرفع عن مسرح بدء المعاناة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني يدفع الأثمان تِلوَ الأثمان باهظةً دون وجه حق، بسبب قرارات أممية تعهدت بها إسرائيل ولم تنفذها ولا سيما قرار حق العودة رقم 194، في جميع المراحل على امتداد أكثر من نصف قرن دون تحقيق أي تقدم يذكر في مسألة العودة، علماً بأن إسرائيل كانت قد تعهدت منذ اللحظة الأولى لموافقة الأمم المتحدة على انضمامها كعضو في الهيئة الدولية، بتنفيذ هذا القرار المتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم رقم 194. وبموجب هذا القرار الدولي، للاجئين الفلسطينيين الحق في العودة وفي التعويض في آنٍ معاً، وليس كما تتداوله بعض الأوساط على أنه خيار ما بين العودة أو التعويض. ولعل ما يميز الحالة الفلسطينية بهذا الشأن عن سابقاتها ولاحقاتها من حالات اللاجئين أو المهجرين بسبب الحروب على سبيل المثال، هو أن المنظمة الدولية العتيدة أقرت صراحةً من خلال قراراتها، أن الشعب الفلسطيني له الحق في العودة إلى دياره كشعبٍ طُرد من أرضه، وليس كمجموعة من الناس الذين يخرجون من أرضهم بسب الحروب الأهلية أو غيرها، وبالتالي هناك اعتراف بنا كشعب وأرض وليس كحالة انسانية كما يصورها البعض، ما يجعل التمسك بهذه النقطة علامة حاسمة في مستقبل حق العودة وتنفيذه عاجلاً أم آجلاً أم غير ذلك.
وها نحن اليوم، ومع إطلالة كل مرحلة، نقف أمام معطيات ومواقف إسرائيلية متطرفة تقف حائلاً ليس دون إنفاذ هذا الحق الفلسطيني وحسب، وإنما دون تحقيق أي تقدم يذكر في التفاوض من أجل سلام متوازن وعادل يحافظ على حقوقنا المشروعة دون المساس بحقوق الغير ومصالحهم المشروعة، وها هو رئيس الشين بيت الاسرائيلي، يصرح وبالفم الملآن أن فشل المفاوضات لن يجلب المزيد من العنف، بالقول "حتى ولو فشلت مفاوضات السلام لا نتوقع قيام انتفاضة ثالثة"، معترفاً في الوقت ذاته، أن ما أسماه الهجمات الفلسطينية على إسرائيليين خلال العام المنصرم 2013 كانت من أعمال "أفراد وليس منظمات إرهابية" على حد قوله.
وبرغم كل الوقائع التي فرضتها اسرائيل عنوةً على الأرض الفلسطينية والحقوق الفلسطينية الأخرى، من منطلق سياسات حكوماتها المتطرفة في فهم الحفاظ على أمن إسرائيل وهواجسها الأمنية، القائمة على تخوفاتها من أي عملية سلام، إلاَّ أن صراعاً حاداً ما زال يطفو على السطح حول مساعي اسرائيل للخلاص من قرار حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم وأرضهم كشعب طُرد من وطنه بالقوة، والعمل على إلغائه، ذلك لأنه كان أيضاً قد تضمن آلية خاصة لتنفيذه، اشتملت على حقهم في اختيار العودة، وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر وأضرار، سواءً عادوا أم لم يعودوا، إضافة الى إنشاء مؤسسة دولية وهي الأونروا التي تعنى بإغاثة اللاجئين وتأمين احتياجاتهم الحياتية لحين عودتهم، وأكثر من ذلك، فقد نص القرار كذلك على إنشاء لجنة توفيق دولية، تكون مهمتها تسهيل وتأمين عودة هؤلاء الفلسطينيين وإعادة تأهيلهم اجتماعياً واقتصادياً.
ولعل ما يفضح سِر هذا الإصرار الاسرائيلي على إلغاء هذا الحق وعدم إنفاذ هذا القرار، سواء بالرفض أو المماطلة والتسويف أم عبر خلق الوقائع وتغيير الحقائق على الأرض للحيلولة دون التزامهم، هي هذه النواتج المتضمنة في هذا القرار والتي تمثل الأدلة القانونية والمادية لحقوق شعبنا في العودة لأرضه، لا بل إنه يشكل أيضاً المسوغ الوطني والقانوني لتمسك القيادة الفلسطينية بهذا الحق المشروع.
لكن خطير الأمر هذه الأيام ونحن نشهد ونسمع أصواتاً إسرائيلية من هنا وهناك، تطلق اصواتها في التلكك والتطرف بوجه الحقوق التاريخية لشعبنا بهدف تقويضها وإفراغها من مضمونها المكفول قانوناً بقرارات الشرعية الدولية، عبر فزاعاتٍ اعتراضية عمياء، لا ترى سوى ذاتها الضيقة، وهي تنادي بوضع اليهود الذين هاجروا من البلدان العربية طوعاً أو كرهاً، على قدم المساواة مع حقوق شعبنا الذي أخرج من دياره إكراهاً بالقوة والخداع، وذلك في سياق تمويت وتعويم هذا الحق الدامغ، لشعبنا، ومساواة الضحية بالجلاد، لإرهاق كاهلنا الفلسطيني بثمن لقضية لا ذنب لنا فيها، سيما وأن تهجير اليهود من البلدان العربية، في الوقت الذي ألبس لباس الانتصار لشعبنا عبر تهجيرهم، والذي كان في حقيقة الأمر من حيث يدرون أم لا يدرون قد شكل عملياً أكبر خدمة أسديت مجاناً للحركة الصهيونية أواسط القرن الماضي في إطار عملية إقامة دولة إسرائيل آنذاك، والتي كانت بأمس الحاجة لتهجير المزيد من اليهود لإسرائيل وتأمين الديمغرافية اللازمة لقيامها.
في معمعان ذات الهجمة على حق العودة ومحاولات تقويضه، نشهد اليوم استعار حدة سياسات الهدم الاحتلالي للوجود الفلسطيني وتحديداً في مناطق الأغوار ومدينة القدس، المستهدفة في أي حل من قبل السياسات الاستيطانية المتطرفة التي لا ترغب في سلام مع الفلسطينيين من أصلُه، وهي في ذات الوقت تسير جميعها في نسق واحد متبادل على طريقة "خذني جيتك"، بدءاً من فرض الوقائع الاستيطانية وتوسعها اليومي، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت ونهب الموارد والمقدرات بوضع اليد، وإطلاق فزاعة الاعتراف بيهودية الدولة في وجهنا كشرط تعجيزي للحل، ناهيك عن قوانين التمييز العنصري الداعمة لكل هذا، وجميعها تتوحد في وجهنا حكومة ومعارضة، منقضةً علينا سلطةً وشعباً وأرضاً ومعارضة، مجسدين مفارقة عجيبة، هي أن المعارضين على الجانب الفلسطيني يهجمون بذات التوقيت والضراوة وذات الاتجاه علينا، مع ذات الهجوم الاسرائيلي الذي طالما تجلى فيه التوحد الاسرائيلي حكومة ومعارضة، على نحو يجعل من معارضتهم سنداً داعماً لحكوماتهم المتعاقبة في معمعان الهجوم علينا.
نحن ندرك أن ثمة فارقا كبيرا ما بين امتلاك الحق والإقرار به شرعاً وبين الممكن الموضوعي المنطقي في أشكال وتجليات ومساحات وحدود القدرة على التطبيق على الأرض من على قاعدة الإلزام بالقرارات الدولية، لذا يجب أن ندرك الى جانب ذلك، أن كل أوراقنا وأوراقهم ستتفاوض على طاولة واحدة، ولا بد من التوافق بين الطرفين على الصيغ المرضية لشعبنا والضامنة لحقوقه ومعادلاتها بالمثل والقيمة التي ترضي أصحاب الحق أولاً وليس غيرهم، أي أن شعبنا هو من سيقرر القبول من عدمه وصاحب الكلمة الأخيرة في ذلك، سواء بعودة كاملة بالنص الحرفي للقرار مع كامل الإضافات في التعويض والآليات، أم بعودة مجزوءة بآليات متوائمة مع الظروف الممكنة وتعويضنا ببدائل مساوية في الكم والكيف ومرضية لشعبنا صاحب الحق، وذلك في ظل التعقيدات التي تجسدت على الأرض على امتداد السنوات الطويلة، وبالتالي هم الذين بحاجة للتفاوض معنا ومفاصلتنا على ذلك وإرضائنا وليس نحن، ولكن كل هذا لا يتم الفصال فيه إلاَّ بعد الإقرار بكامل الحق المشروع لشعبنا في القرار دون نقصان، والكلمة النهائية في القبول والعدم هي للشعب الفلسطيني.
لكنني أعود وأتساءل، لماذا ينجح الإسرائيليون دوماً في الاصطفاف والتوحد معارضة وموالاة وحكومة ضد سلطتنا وقيادتنا ومشروعنا الوطني برمته وفي الهجوم علينا هجمة رجل واحد، بينما معارضتنا تستمر في هجومها مع الهاجمين وفي ظل هجمتهم دون مراعاة لفروق التوقيت وأحكامها في الهجوم حتى لا تفيد الخصم وذلك أضعف الإيمان وأبجدية البديهيات في مفاهيم وحدة وصراع الأضداد، ولو من باب مقولة" أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي ع الغريب"، الذي تراعيه المعارضة والسلطة في إسرائيل حق الرعاية، وتستثمر به تاريخياً لصالح شعبها أيما استثمار. فوا عجبي!! نعم، ضاق خُلْقي يا صَبي، من هالجو العَصَبي، فوا عجبي فوا عجبي فوا عجبي... والعصمة لن تكونَ إلاَّ لِنَبِي.
ضـــعـــف نــظـر
بقلم: وليد بطراوي – الايام
تشتد في الآونة الأخيرة مقولة "يجب إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل"، وقد أصبحت "كليشيه" دائم في كثير من المقالات والندوات وورشات العمل والمقابلات. كيف سنعيد النظر فيها؟ ومن سيعيد النظر فيها؟ وهل هناك أصلاً مجال لإعادة النظر فيها؟ وهل تعتقدون أن إسرائيل ستقبل إعادة النظر فيها؟ وإذا قبلت إسرائيل فهل هناك ضمانة بأن ما سينتج عن إعادة النظر فيها سيكون أفضل منها؟
البوصلة المفقودة
على صفحة "فيسبوك" الخاصة بها كتبت نائب في التشريعي عن أنها أرسلت "قليلاً" من ملفات فساد وصلتها عن إحدى الوزارات الى وسائل الإعلام، وتضيف " لم يجرؤ أحد نشرها" (هكذا كتبتها وأنا اقتبسها بأخطائها). وصلتها تعليقات كثيرة منها اتهامات لوسائل الإعلام بالفساد، وأُخرى تقول إن الإعلام إعلام سلطة وتابع، وان لا استقلالية للإعلام، وان الإعلام جبان، والصحافيين أصحاب مصالح. كما صفق لها الكثيرون من خلال تعليقاتهم، وبعض الإعلاميين قالوا "ما وصلنا شيء، ابعثيهم وبننشر". أما أنا فعلقت "اذا كان الهدف محاربة الفساد لماذا إرساله الى وسائل الإعلام؟ إن كان الهدف المحاسبة والمساءلة فليرسل إذاً الى هيئة مكافحة الفساد وخاصة أن هذا دوركم كنائب في "التشريعي". دورنا في وسائل الإعلام ان نتابع ونراقب ماذا سيحدث بعد ذلك وفي حال كانت هناك إثباتات وبينات ولم تتم المحاسبة يأتي دورنا. الأصل اتباع القنوات الصحيحة لمحاربة الفساد وخاصة أنكم عضو "تشريعي". أما من قال لها أرسليهم وسننشر، فأقول "على أي أساس ستنشرون؟"
انه إرهاب فكافحوه.
تصريحات كثيرة صدرت عن مسؤولين إسرائيليين ومنهم ضباط في الإدارة المدنية الإسرائيلية أن المستوطنين الذين يشنون حملات "دفع الثمن" هم مجموعة صغيرة معروفة لديهم وانهم خارجون عن القانون، وقد ذهب البعض الى وصفهم بانهم "إرهابيون". إذا كانت مجموعة صغيرة ومعروفة لديكم كما تقولون فلماذا لا يتم اعتقالهم ومداهمة بيوتهم كما تداهمون بيوت الفلسطينيين وتعتلقونهم؟ ألستم قادرين على ذلك؟ وبما أنكم تصفونهم بالإرهابيين لماذا لا تكافحون الإرهاب. أما يا من تطلبون من الفلسطينيين "نبذ العنف" و"مكافحة الإرهاب" لماذا لا تطالبون إسرائيل بالمثل؟
الدفا عفا
السابعة والربع من صباح الخميس الماضي، البرد "زمهرير"، مركبة تابعة لإحدى المؤسسات العامة تنقل عمالاً، يجلس مسؤولو المؤسسة في المقاعد الداخلية للمركبة مغلقين النوافذ، في صندوق المركبة المكشوف يجلس العمال مرتجفين!
ليلة ويوم
بين ليلة ويوم قامت بلدية رام الله قبل فترة بالتغييرات على حركة المرور، وحولت بعض الطرق إلى طريق باتجاه واحد. وقتها كتبت عن الأمر، فدعاني المسؤولون وأطلعوني على خطة مرورية شاملة يتم بموجبها تحويل العديد من الشوارع الى طرق باتجاه واحد. وقد أشدتُ بالخطة حينها، لأنها فعلاً ستسهل حركة المرور وستمنع الاختناقات، لكن للأسف منذ ذلك اليوم وحتى الآن لم يتم ذلك، مع ان الأمر يحتاج الى ليلة ويوم للتنفيذ بعد أن يتم نشر إعلان لمدة أسبوع على الأقل في الصحف ومن خلال الإذاعات والتلفزيونات. فهل ستفاجئنا البلدية بهذا الجديد؟
لو كنت مسؤولاً
وتركت منصبي، لما قلت "يجب" و "يجب" و"يجب"، لأن هناك من سيسألني "ماذا كنت تفعل اذاً وأنت في منصبك؟"
الشاطر أنا
الواحد في هالأيام لازم يزبط حاله، خاصة انهم بيحكوا عن احتمال تغيير وزاري، طبعا دايماً في حكي عن تغيير وزاري. وعلشان هيك الشطارة انك ما تترك مناسبة الا وتكون أول واحد موجود، وما يقوم مسؤول بزيارة لمكان، الا وتكون هناك. والأشطر انك تبدأ تمدح اللي لازم ينمدحوا مش لأنه عملهم عظيم، لأنه كفتهم راجحة في التشكيل الوزاري، وما تخلي انتقاد إلا وتحكيه عن اللي مش رايح يطلعلهم حصة في الكعكة. وبالطبع تقول لو انك كنت مكانهم لكان شو عملت، وكيف كان حطيت استراتيجية منيحة ومش خربطيطة. يعني الوقت الآن هو احسن وقت لأنك تكون شاطر.
فــي غــيـابـنـا
بقلم: وليد ابو بكر – الايام
خلال وجودي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أتيح لي أن أكون متحدّثاً رئيسياً في ندوتين تطبيقيتين حول الأعمال المسرحية التي قدّمت في مهرجانين متتاليين: الأول هو مهرجان المسرح العربي، الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح سنويا في بلد عربي، وكانت دورته الأخيرة في الشارقة؛ والثاني هو المهرجان الدولي للمونودراما الذي تقيمه كل عامين دائرة الثقافة والإعلام في الفجيرة. وفي المهرجانين، لم تكن هناك مشاركة مسرحية فلسطينية، وإن كان وجود تكريم سلمان ناطور في الأول، ككاتب مسرحي، يشكل بعض التعويض.
كان من حسن حظي ـ في المرّتين ـ أن تكون الندوة حول مسرحية أعرفها جيدا، وسبق لي أن شاهدتها في عروض سابقة، وإن كانت مختلفة، كما كان العملان أجنبيين، ولمؤلفين مهمين، أزعم أنني أعرف كلّ ما كتبا، وأني شاهدت بعض إنتاجهما على المسرح، أو في السينما.
في الشارقة، طرحت وجهة نظر مختصرة عن عرض "ليل داخلي"، الذي قدمته فرقة سورية خاصة. العرض معدّ عن المسرحية الوحيدة التي كتبها ماركيز، الروائي الكولومبي الشهير، الحائز على جائزة نوبل، والذي سبق أن قدّمت روايته "قصة موت معلن" مسرحيا، كما تحوّلت إلى فيلم سينمائي إيطالي، شاهدته برفقة الكاتب في إحدى دورات مهرجان موسكو السينمائي. وفي تلك المناسبة، التي استمرّت عدة أيام، تحدث عن أنه شرع في كتابة عمل مسرحيّ.
المسرحية تحمل في الأصل اسم "خطبة لاذعة ضدّ رجل جالس"، وهي تقدّم لحظة حساب قاسية، تقوم بها زوجة غاضبة ضدّ ما عانته من زوجها عشية احتفالهما "التظاهري الاستعراضي" باليوبيل الفضي لزواجهما، وهي تستخدم ـ في النصّ الأصلي ـ شتائم لا تستطيع أن تصل إلى خشبة مسرح عربي، في مواضيع الزيف السياسي والإعلامي، والخيانة الزوجية الصريحة.
المسرحية، باسمها الأصلي، قدّمتها الفنانة الراحلة مها الصالح قبل أكثر من عشر سنوات، واعتبرت ـ في حينه ـ من أجرأ ما قدمت. وبدلا من الرجل الدمية، الذي استخدمه ماركيز في نصه، وحرقه في النهاية، جلس على المسرح رجل حقيقيّ مشغول بجريدته، دون أية استجابة لما تقوله المرأة التي أحبته كل هذا العمر، لكنه بقي متناسيا هذا الحب وسط حياة الزيف التي اختارها، عندما ورث الثروة واللقب بعد فقر.
الرجل الذي كان يجلس كممثل صامت أمام مها الصالح، سامر إسماعيل، هو الذي أخرج العرض الجديد، الذي أدت دوره الرئيسي الممثلة روبين عيسى، في أول إخراج له، وأول تمثيل لها. وكان لا بدّ خلال الندوة من حديث مقارن: بين نص ماركيز والنصّ المعدّ، وأداء مها الصالح وروبين، للوصول إلى نتيجة واضحة: حمل هذا العرض كثيرا من المتعة والفكر للجمهور الذي أحبه، عندما حول زمن الجريدة إلى زمن "الفيسبوك"، واستغل ذلك كأداة لعرض أحداث مأساوية معاصرة على شاشة خلفية، تحاكم الزيف السياسي الإعلاميّ بشكل أوسع.
العرض الآخر، كان مسرحية "الآنسة جوليا" التي كتبها السويدي الأشهر ستريندبيرغ، وترجمت إلى العربية أوائل خمسينيات القرن العشرين، مع مسرحية "الأب"، وقدّمت مرات عديدة في بلدان عربية مختلفة. وحين نوهت بالكاتب، أشرت إلى أن شوارع رئيسية في ستوكهولم عمدت إلى "صبّ" بعض كتاباته بالحديد الصلب على الأرصفة، لأنهم هكذا يحترمون كتابهم.
العرض الذي أدته أستاذة سويدية في الدراما، تحوّل إلى مونودراما، واتخذ شكل المختبر المسرحيّ، الذي روت فيه الممثلة تجربة استعداد لعرض، ومثلت ـ صوتيا في الغالب، دون أن تستغني عن بعض الأداء الحركي، وتعبيرات الوجه البليغة ـ جميع الأدوار، في انتقالات سريعة وخفيفة ومرحة، تشدّ الجمهور بشكل تام، رغم صعوبة اللغة، وصعوبة متابعة الترجمة المرافقة، وذلك لأنها تذكر بشكل واضح، بالحكواتي الذي نعرفه في تراثنا.
عندما نشر تلخيص لهذه الندوة في مجلة المهرجان، وضع اسمي كمدير للندوة، وإلى جانبه عبارة "من سورية"! وهنا تذكرت غياب اسم فلسطين عن المهرجان الكبير كله. وحين تساءلت عن السبب، عرفت أنه لم تكن هناك تزكية لأيّ عمل فلسطيني يستحقّ المشاركة، كما تقرّر لجان متخصصة، تطلع على الأعمال المرشحة؛ فحزنت على حال مسرحنا، وعلى حال ثقافتنا!.
في وجه "الصَـحـّارة"
بقلم: عدلي صادق – الحياة
أصدقاؤنا التقليديون في الهند، باتوا على وشك ابتلاع خازوق انتخابي كبير، لا يستحقه "حزب المؤتمر" الذي سَلَخَ من العمر 128 عاماً مفعمة بالنضال والمآثر، أوصل فيها بلاد الهند، الى الاستقلال ثم الى حال النهوض والى النادي النووي!
المؤلم أن جماعة "المؤتمر" ليست لديهم مشكلة سوى بعض الحبات الفائحة "المخمّجة" التي اعتلت الصف الأول من صندوق بندورتهم. فليس أضَر على حزب أو حكومة أو قيادة، من الاستئناس بدجالين مفوّهين، يلعبون بالبيضة والحجر، ويعرفون كيف يُبهجون قلب صاحب القرار، فيمكثون في دائرته، أو تنفتح لهم النوافذ عليها.
هنا، يكون صاحب القرار الحزبي أو السلطوي قد خوزق نفسه دون أن يدري، واختزل تاريخه الذي سوف يرويه الآخرون فيما بعد، ليصبح مجرد حكاية كاريكاتورية بين غشيم ودجال. إن هذا هو ما فعله "حزب المؤتمر" الهندي بنفسه، عندما تعمد على امتداد نحو 45 عاماً، تعطيل ثم إنفاذ الإقرار التشريعي للائحة "لوك بال" لمحاربة الفساد. تماماً مثلما خوزقت "فتح" نفسها عندما سكتت على أنماط فساد. وللمفارقة إن الحزب سلّم بضرورة اللائحة، ومرّر التشريع المتعلق بها في البرلمان، قبل نحو شهرين فقط (في 18/12/2013) أي بعد وقوع الفأس في الرأس. فقد خسر "المؤتمر" أربع معارك انتخابية عامة كبرى، من بين خمس جرت في خمس ولايات، من بينها العاصمة دلهي. ولو تأملنا سر التلكؤ في إقرار التشريع الذي يجعل هيئة مكافحة الفساد، ذات أسنان ومخالب، ومستقلة كمفوضية الانتخابات ومؤسسة القضاء؛ ستطالعنا الحقيقة المؤسفة وهي أن قيادة الحزب ورئاسة الحكومة تالياً، رفضتا بشدة جعل بعض المقامات "العُليا" في السياسة والاقتصاد والاجتماع، في متناول أيدي "لاك بال" لكي تستدعيهم للتحقيق أو تزجهم في السجن. كاد أن يُقتل مشروع "لاك بال" فترعرع الفاسدون وتناسلوا وأحسوا بالأمان، حتى خرج من رحم الغانديّة ناسكٌ مثابر وعنيد، اسمه "آنا هازار" بادر الى الإعلان عن الصوم المديد، أمام البرلمان، الى حين إقرار اللائحة. وسرعان ما سرت فكرته في البلاد كما تسري النار في الهشيم. كسروا صيامه بإقرار مبدئي للمشروع، ثم تحدثوا عن تعديلات في صلاحيات الهيئة في القراءة النهائية، فأعلن "هازار" عن استعداده للعودة الى الصوم وأن مئات ألوف الناشطين في جميع الولايات ستصوم معه. وفي أجواء السجال، بدأت وقائع الانتخابات العامة في دلهي وراجستان وماديا براديش، تسفر عن نتائج كارثية دون أن يسعف الحزب فوزه في إحدى الولايات الصغيرة. كانت نتائج العاصمة هي التي أوجعت "المؤتمر" إذ لم يحصل الحزب حاضنة التراث الغني لتجارب المهاتما غاندي ونهرو وانديرا، إلا على ثمانية مقاعد من بين الـ 43 التي فاز بها في انتخابات 2008. والأنكى في هذه النتيجة، أن خمسة مقاعد من بين الثمانية التي أفلت بها الحزب في دلهي، جاءت من جمهور الناخبين المسلمين في أحيائهم، ما يجعل المؤشر واضحاً على "أكلة الهواء" التي تنتظر "المؤتمر" في مناطق الكثافة الهندوسية.
نظرة الهنود الفلسفية لممارسات الفساد، تُزاوج بين السرقة اختلاساً أو انحطاطاً في الذمة، وعدم الكفاءة لدى موظفي الإدارة وبيروقراطيتهم. فهاتان الذميمتان هما توأم الفساد، لأنهما تتكاملان وتتخلّقان إحداهما من الأخرى، وتحفران انفاقاً بينهما. الموظف العام عندما يكون لطخاً ولا يؤدي عمله بكفائة ولا حتى بالتعثر؛ موصوف في لائحة "لوك بال" بأنه محصلة فساد جارٍ، بمعنى أن وجوده نفسه من نوع السيئة ـ لا الحسنة ـ الجارية. لكن الأطرف أن السلطة أو الحزب أو الحاكم الذي يحمي فائحاً كذوباً مضروب الذمة، لاعباً بالبيضة والحجر، وعلى مرأى ومسمع من مجتمع حي؛ إنما يخوزق نفسه وحزبه وتاريخه وسيرته، لمجرد أنه استخف دم الفائح وطاوعه وأحس بفائدته، لا سيما عندما (في حال الحكم العربي) يبلغه النبأ المهم، وهو أن السيدة أميمة بنت مناف العدنانية، هي في الواقع أم زينب بنت جحش وبنت عمة حبيبنا المصطفى عليه السلام.
قيل إن مصرياً صعيديا استقل حافلة صغيرة مزدحمة متجهاً الى نجعه وحقله والى حيث أكل خبزه ومستقبله، وكان الفصل شتاء. اثنان أو ثلاثة من المسافرين أطلقوا ريحاً فيما النوافذ مغلقة. حلّ العفن في قلب "البوكسة" فشقَّ النظيف جلبابه، ثم قفز من قفص الحافلة ومن "حزب" الرحلة الطويلة، وهتف بصوت عالٍ: رووحي زهزقت.
هل تجتاز اسرائيل "الخط الاحمر" الاوروبي؟
بقلم: د. اسعد عبد الرحمن – الحياة
تحاول اسرائيل تفادي تفاقم الحملة المطالبة بمقاطعة منتجات المستوطنات/ "المستوطنات" وانشطتها التي قد تؤدي الى عقوبات محتملة من الاتحاد الاوروبي. بل ان رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) عقد جلسة تباحث خاصة لوزراء الحكومة تناولت موضوع زيادة قوة تهديد المقاطعات والعقوبات على اسرائيل من قبل حكومات وشركات تجارية وجامعات ومؤسسات مجتمع اهلي في الغرب بسبب الاحتلال في الضفة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" ذكرت فيه عشر شركات عامة وخاصة قطعت علاقاتها مؤخرا مع شركات اسرائيلية بسبب مساهمتها في "الاستيطان"، ما دعا وزير المالية الاسرائيلي (يائير لابيد) الى التحذير من الأسوأ في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث كشف عن خلاصات تقرير وضعته اجهزته حول عواقب مقاطعة جزئية من طرف الاتحاد الاوروبي الذي يمثل ثلث تبادلات اسرائيل. واشار التقرير الى ان "الصادرات قد تتراجع بحوالى 20 مليار شيقل سنويا (4,2 مليار يورو) علاوة على تراجع اجمالي الناتج الداخلي بحوالى 11 مليار شيقل سنويا، وتسريح 9800 موظف على الفور".
وقال "اننا في مرحلة فاصلة في حركة المقاطعة، علينا التحرك بشكل طارئ"، متحدثا عن سابقة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
من جانبه، كتب (ريتشارد كوهين) يقول: "الاكثر اهمية في حملات المقاطعة هو ما تمثله من ان هناك عدم تعاطف واسع الانتشار ودائم التزايد تجاه اسرائيل.. ومهما كان السبب تظل الحقيقة ان احتلال اسرائيل القاسي للضفة الغربية يضعها في خط الدفاع". وفي سياق متمم، قال (ايلي بردنشتاين): "يخلق الاتحاد الاوروبي اجواء وامزجة تشجع المقاطعات الكاملة لاسرائيل والتي ستجعلها دولة منبوذة".
ويضيف: "السياسة الاوروبية تشجع ايضا دولا في اجزاء اخرى من العالم للتصرف بشكل مشابه. واذا لم يطرأ تغيير حقيقي في سياسة اسرائيل بالنسبة للاستيطان فان المقاطعات لن تتوقف عند الخط الاخضر، والضرر اللاحق باسرائيل سيكون حقيقيا".
ومن جهته، خلص مركز تجديد الديمقراطية الاسرائيلية "المولاد" في تقريره الدوري الاخير، الى ان "مقاطعة اسرائيل لا تزال على هامش السياسة الدولية، الا ان سياسة نتنياهو الصادمة لاميركا تنذر بالخطر".
ونبه التقرير الى "الشيزوفرانيا التي تعتري سياسة اسرائيل، فبينما هي تعلن الالتزام بسياسة الدولتين، نجدها تمارس في الضفة وقطاع غزة سياسات لا تمت لقبولها بخطة الدولتين".
وختم المركز، الذي يصدر تقارير دورية عن الحالة الدولية الاسرائيلية من حيث اتجاهات الراي العالمي حول سياساتها، بالقول "الخروج من هذه الشيزوفرانيا يكمن في الوصول الى حل ياخذ في الاعتبار بقوة القيم الديمقراطية المستقرة في الغرب".
وفي هذا الاطار جاءت التوترات الاخيرة بين وزير الخارجية الاميركية (جون كيري) و(نتنياهو)، عندما اشار الاول الى الحملة المتصاعدة لنزع الشرعية عن اسرائيل والحديث عن المقاطعة اذا استمر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وفي نطاق سياسة العصا والجزرة التي تمارسها اوروبا تجاه اسرائيل، تاتي تصريحات سفير الاتحاد الاوروبي الجديد لدى تل ابيب (لارسن فابورغ-اندرسون) الذي بدأ عمله بتحذير اسرائيل من انها "ستجد نفسها معزولة في حال فشل التسوية مع الفلسطينيين واستمرارها بالاستيطان".
وقال (اندرسون) محذرا اسرائيل ومحددا "الخط الاحمر" الاوروبي: "اذا ما واصلت اسرائيل الاستيطان، وانتهت المحادثات دون نتيجة، اخشى ان تجد اسرائيل نفسها معزولة عن اوروبا، ربما ليست بقرارات حكومية رسمية، بل بسبب الارادة الشعبية، ومن جانب مؤسسات اقتصادية". وفي رده المميز على تهمة الدوافع اللاسامية لدى كل من يدين بناء "المستوطنات" او يقاطع اسرائيل، يقول المؤرخ الاسرائيلي المعروف (زئيف ستيرنهيل) الخبير في شؤون الفاشية في اوروبا ان "معاداة السامية ليست الدافع وراء حملة مقاطعة المستوطنات التي تتسع في اوروبا". واضاف ان "المقاطعة هي اولا نوع من الانتفاضة على الاستيطان والفصل العنصري السائدين في الاراضي" الفلسطينية، معتبرا ان "هذا الراي يشاطره افراد من جميع اطياف الساحة السياسية، بما في ذلك اشخاص يحتقرون معاداة السامية ويدعمون اسرائيل بالكامل".
من المسؤول عن اثارة الفتنة الطائفية واذكائها..؟
بقلم: فخري كريم – الحياة
في تزامن لافت تجاور الاسلام الحداثي واطر الاسلام السياسي الاصولي وبواكير حوامل النزوع السلفي المتطرف في اعقاب انهيار الدولة العثمانية، ونشوء الدول شبه المدنية على انقاضها، بتدبير من بريطانيا وفرنسا وما ابرم من اتفاقيات ومعاهدات تقاسمٍ للنفوذ.
وظهرت حركة التحديث الاسلامي (ممثلة بمحمد عبده وعلي عبدالرازق ومحمد حسين النائيني وهبة الدين الشهرستاني وغيرهم) وكأنها توأم لثورة النهضة الفكرية وظهير لها. واتسع نفوذ الحركتين وتصلّب عودهما في خضم معارك فكرية صاخبة وفي ظل يقظة اجتماعية، تداخلت فيها تشوفات الشرائح الاكثر وعيا لنفض التخلف عن المجتمع وانقاذه من براثن الجهل والفاقة والتبعية والتقاليد الرثة، والتطلع الوطني للتحرر والتقدم والنهوض.
ورغم المسائل الاشكالية المحورية المعقدة التي اثيرت في تلك المرحلة الحُبلى بالقضايا الكبرى بجراة تميزت بالتحدي للتابوات اليقينية التي تسللت الى كل مسامات المجتمع المنغلق، فان السجال بشأنها لم يخرج، الا نادرا واستثناءً، عن حدود الحوار وتبادل الرأي، او التعريض احيانا ليتخذ طابع التنديد. وكان طبيعيا ان يُنَشر كراسٌ بعنوان "الايمان والالحاد" يحمل في متنه، مقالا لداعية ملحد وردا ايمانيا عليه يوزَعُ ويُباعُ في المكتبات، ويدور حوله حوار في المنتديات الثقافية، مع ما رافقته من ضجة في الاوساط الاجتماعية وصحافة تلك الايام.
كان التسامح الديني مفتوحا على اكثر الاراء مخالفة للمالوف، في شتى حقول المعارف الدينية والاجتماعية والسياسية وحول التاريخ واحداثه. ومن بين الاحداث الكبرى التي شهدتها مرحلة التحديث والتنوير، دعوة قاسم امين لتحرير المرأة ومعركة الحجاب والسفور واستكشاف طه حسين المعرفي حول الشعر الجاهلي، وما خرج به من استنتاجات راى فيها البعض هرطقة وفسادا في الرأي، وانتهت بتقديمه الى القضاء وقرار المحكمة بسحب الكتاب من التداول. لكن التسامح وبعد النظر والحفاظ على حرمة الرأي "والرائي" طال "دار العدالة" وقضاته، وعكس المستوى الثقافي والمعرفي العميق لقضاة تلك المرحلة، وتبدّى بجلاءٍ ووضوح، في مطالعة القاضي الذي تولى محاكمة طه حسين. والاحكام التي بناها في تقييم الكتاب وما جاء فيه من استنتاج غير مالوف، تستحق ان تكون مادة للتدريس في معاهد وكليات الحقوق والقانون، واساسا يمعن النظر فيه القضاة الذين ينظرون في دعاوى النشر والرأي والعقيدة.
ان الانفصام بين المركز الديني وسلطة الدولة واستقلاليته عنها، لم يجرِ التعبير عنه خارج الاطر الرسمية لهذا المركز، بل في الازهر الشريف نفسه، حيث كتب علي عبد الرازق احد اعضاء هيئة الازهر "اصول الحكم في الاسلام"، مواصلا رسالة محمد عبده وجمال الدين الافغاني ومشايخ كبار، اغتنت الحياة الدينية باضافتهم التحديثية، وعززت من مكانة الاسلام وقربته من ضمائر المسلمين، ورفعت من شأنه في عيون المستشرقين، والكتاب والمفكرين في اوروبا والغرب، وصارت لهم مصدرا لاغناء بحوثهم ودراساتهم الاسلامية.
وفي الضفة الاخرى، حيث المرجعية الاسلامية الشيعية العليا، كان الانفصام التاريخي قد اتخذ سبيلا ضاغطا لتقويم العلاقة بين السلطة السياسية في ايران "الشيعية" والمجتمع، عبر علماء الدين انذاك، وكان ابرزهم محمد كاظم الخراساني، المرجع البارز في حوزة النجف، وتوجت هذه الدعوة برسالة النائيني "تنبيه الامة وتنزيه الملة" لتقييد السلطة الملكية بدستور، من دون ان يطلب علماء الدين ان يكونوا هم السلطة او الولاية السياسية، بل طالبوا بحكم يستند الى ارادة الشعب المعطلة، فظهر انقسام في الرأي وجدل فكري وسياسي هز الاوضاع التقليدية داخل الحوزة وفي السلطة، نتيجة خروج البعض عن هذا الرأي وما ينطوي عليه من نزوع اصلاحي، واصطفافه الى جانب الارادة الملكية المتغطرسة.
وتبلور الانقسام في المجتمعات العربية - الاسلامية، باشكال ومستويات ووتائر مختلفة، عكست مستوى تطور الوعي فيها، ودرجة التطور الاجتماعي والثقافي، ودار الصراع حول قضايا محورية، تلعب دورا حاسما في تقرير مصائرها، وتحديد وجهة تطورها. ولم تكن تلك القضايا والصراع المحتدم حولها، تدور بعيدا عن تدخل وتاثير المؤسسة الدينية، ورجال الدين، بل كانت تتفاعل وتتحرك، تحت تاثير مواقفهم المبنية على استرجاع مصادر السلف، المحصنة بذاتها، المقصية عن دواعي تغير الاحوال، وتبدل الازمان، او المفتوحة على التلاقح مع مايفرضه الزمن من قوانين وقواعد للعيش. وفي كلتا الحالتين، كان التاثير على المجتمع وخياراته، فاعلا ومؤثرا، سواء كان سلبا او ايجابا، تقهقرا الى الوراء او تقدما الى مدارج الانفتاح والرقي، واللحاق بركب الحضارة والتقدم الانساني. ومن اخطر تلك القضايا، اضافة الى الدعوة لتحرير المراة، وحرية الرأي والعقيدة، قضية التعليم بوجه عام وحق التعليم والعمل للمراة.
ان انفصال الدولة عن المؤسسة الدينية، بل وتشكيلها قوة ضغط من نواتات منها، تضم قامات بارزة، على الدولة وفي المجتمع، تطالب وتشجع على الاصلاح السياسي والاجتماعي، هو امر اشاع حراكا مشبعا بالجدل والتوثب بين طلائع فكرية وثقافية وسياسية، لاثارة المزيد من قضايا الرأي العام، والتجرؤ على الاقتراب من "تابوات"، كان مجرد ذكر بعضها، دون تناولها بالنقد او التعريض بها، يعتبر من كبائر الالحاد والهرطقة.
وكلما جرى تَمَثّل قضية اشكالية، والتعامل معها في اطار الاختلاف في الرأي، واخضاعها للجدل، اثيرت غيرها لتفتح الابواب على مسارات مشرعة على الانفتاح الفكري والاجتماعي، وتعزز حركة الاصلاح والتحديث، وتعزل القوى الاكثر غلوّا وانغلاقا، وتشيع مناخات ارحب لحرية الرأي والاعتقاد والاجتهاد.
ولم يكن لذلك الحراك والنهوض ان يتخذ مدياته المؤثرة، وينتزع المبادأة من قوى التخلف، ويسطّح منطلقاتها الفكرية، لو لم تلتق ارادة التغيير والاصلاح، مع الرياح الفكرية والسياسية التي هبّت على العالم القديم، وهزّت اركانه، وزعزعت القناعة بقيمه ومسلماته في المجتمعات الاكثر تطورا ووعيا واستعدادا لتلقي الجديد النابض والتفاعل الايجابي معه.
كانت تلك لحظة تحولٍ نوعي في حركة التطور الذي اجتاح العالم كله، ولم تتخلف المجتمعات العربية الاسلامية المنفلتة توا من قيود الدولة العثمانية، عن ذلك الركب.
ارتـبـاك الاحـتـلال
بقلم: بهاء رحال – الحياة
منذ ان بدأت المفاوضات التي حددت مسارها بسقف زمني مقداره تسعة اشهر ينتهي في نيسان المقبل وحكومة الاحتلال تتخبط في سياساتها التي تحاول من خلالها التهرب من كل التزاماتها بشتى الطرق وبكل الوسائل منها ما هو جديد ومنها ما هو قديم والتشابه فيما بينهما واحد وهو روح العنصرية والكراهية التي تسكن تلك الاساليب التي تحمل العداء وتتمسك بنظرية الاحتلال والاستيطان القائم على الأرض بفعل القوة والارهاب، فتارة تسعى لتوجيه اتهامات للقيادة الفلسطينية وتارة اخرى في وضع العراقيل على الأرض من خلال زيادة التعديات والاعتداءات وتصعيد عملياتها تجاه المواطنين وتجاه كل ما هو فلسطيني من شجر وحجر وانسان، حيث يات هذا الارتباك بعدما فشلت في كسب رأي عام دولي داعم لها كما كانت العادة وبعد ان فضح امرها ولدى كثيرا من دول العالم التي فهمت الحقيقة ولم تعد مضللة كما كانت تفعل في السابق من خلال ترويج دعايتها الكاذبة، لهذا نجدها بهذا الشكل الذي هي عليه اليوم كحكومة ضعيفة تطلق تصريحات مجنونة هنا وهناك وتمارس على الأرض عهر الاحتلال وظلاميته والتي كان آخرها الدعوة لتغيير القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس الذي اعلن عن مواقفة الثابته المتمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني التي لا يمكن لاي فلسطيني كان من كان ان يتنازل عنها وهي مكفولة بقوانين دولية وبقرارات صدرت عن مجلس الأمن خاصة فيما يتعلق بالحدود والقدس واللاجئين والسيادة الكاملة على اراضي الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.
حكومة الاحتلال ازدادت تخبطا في الفترة الاخيرة وبدأ يعلو صوتها العنصري وتدافعت للاعلان عن ضرورة تغيير القيادة والرئيس محمود عباس المتمسك بالاجماع الفلسطيني والرافض للتنازل عن اية حقوق وجدد ذلك في كل المحافل الدولية والعربية والاقليمية، وبهذا الشكل الوقح ينادي الاحتلال الباحث عن قيادة عميلة تلبي له اهدافة وتوافقه على ما يسعى وما يخطط وهذا النوع من القيادة لن يجده الا في كوكب آخر، وليس في فلسطين وعليه ان يعلم جيدا ان الشعب الفلسطيني بكل فصائله وبكل توجهاته السياسية يقف اليوم مع القيادة والرئيس في خندق واحد وهو خندق الدفاع عن الثوابت والحقوق الوطنية وعلى المجتمع الدولي ان يتحمل كامل المسؤولية عما سوف تسفر عنه الاوضاع بفعل هذا الارهاب الممارس من قبل دولة الاحتلال وحكومتها اليمينية المتطرفه وقبل فوات الأوان.
التكـفـيريـون فـي الـمـخـيـمـات
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تشهد الساحة اللبنانية صراعا مفتوحا من خلال لبوسها ثوب العمليات الارهابية ضد مراكز وقيادات تياري 8 و14 آذار وغيرها من القوى السياسية الناشطة على الساحة، بهدف تعميق الهوة والانقسام بين الكتل والقوى المختلفة، والحؤول دون خروج لبنان من دوامة العنف والعنف المضاد، مع امكانية صب الزيت على الجمر المتقد تحت الرماد.
وللاسف ان المخيمات الفلسطينية ليست بعيدة عن تلك النيران، لا بل ان العديد من القوى الدولية والاقليمية والمحلية، تعزز وجودها عبر تفريخ جماعات تكفيرية داخل المخيمات، لا تقتصر عند حدود جماعة "فتح الاسلام" و"عصبة الانصار" و"الاحباش" و"انصار الشام" وجماعة "احمد الاسير" بل دفعت بـ "داعش" و"القاعدة" وفرعها "النصرة"، وذلك لتخوض حروبها بالوكالة ضد خصومها. ولعل الهدف المعلن والابرز من عملية تفريخ الجماعات التكفيرية ذات الخلفية "السنية"، هو محاربة "حزب الله"، وتقليم اظافره ليس في المخيمات، انما في المناطق المحيطة بها، فضلا عن استخدام عناصر تلك الجماعات في تنفيذ العمليات الارهابية، وما كشفت عنه العمليات الارهابية، التي تمت ضد مراكز ومؤسسات حزب الله في الضاحية الجنوبية، تشير الى ان بعض العناصر كان من التابعية الفلسطينية، الذين ارتبطوا بتلك الجماعات وبحركة حماس على حد سواء، رغم نفي قادة الحركة في لبنان أي صلة بهم.
واذا افترض المرء، ان الهدف المعلن، هو حزب الله والنظام السوري وامتداداته وايران ومصالحها في لبنان، فان الاهداف الأبعد والاخطر، تكمن في العبث بمصير المخيمات الفلسطينية جميعها في لبنان من الجنوب الى بيروت الى البقاع الى الشمال، لا سيما وان عناصر تلك الجماعات التكفيرية، باتت موجودة فعلا في مخيمات عين الحلوة والمية ومية والرشيدية وبرج البراجنة وشاتيلا والبقاع والبارد والبداوي، لوضعها على مقصلة التصفية والتهجير والترحيل مترافقة مع ما يطرح من افكار اميركية واسرائيلية واوروبية وغيرها من اهل المنطقة العربية باسقاط حق العودة، وشطبه كليا.
ومن يعود لحرب واهداف مخيم نهر البارد ايار 2007، التي لم تنته ذيولها حتى الان، يدرك، ان تلك الحرب المسعورة، استهدفت تصفية المخيم وتهجير أبنائه، لكن تلك الاهداف لم تنجح تماما. ما استدعى من قوى الشر الاسرائيلية والاميركية ومن يسير في فلكهم من العرب اعادة استحضار السيناريو بادوات جديدة / قديمة، هي جماعات تكفيرية، التي تدعي زورا وبهتانا، انها تريد الدفاع عن المخيمات والقدس والمقدسات الاسلامية، من خلال ضرب حزب الله وسوريا النظام والنفوذ "الشيعي". غير ان المخيمات والمقدسات وفلسطين والدين الاسلامي براء من تلك الجماعات، لانها ليست اكثر من اداة تدمير وتمزيق لوحدة ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان، ووضعهم في "بوز المدفع"، للعب دور الوكيل عن القوى التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وضرب دوره الحيادي الايجابي، الذي شقه الرئيس محمود عباس، للنأي بالمخيمات وابناء الشعب عن أي منزلقات خطرة تمس سيادة واستقلال لبنان. هناك اهداف اخرى، ما زالت مطروحة، منها اقامة قاعدة عسكرية اميركية في القليعات القريبة من طرابلس، المتاخمة للحدود السورية اللبنانية؛ وحماية أمن اسرائيل.
الخطر الداهم والجاثم على المخيمات وفي قلبها، يحتاج الى تحرك فلسطيني سريع من قبل قيادة منظمة التحرير، تتمثل في: اولا تعزيز دور ومكانة حركة فتح في المخيمات عبر آليات مغايرة لما هو قائم الان، وبالتالي تعزيز وتكريس وجود منظمة التحرير وفصائلها والتصدي لتلك الجماعات التكفيرية، ودحرها من المخيمات كلها، وعقد اتفاقات مع الدولة اللبنانية والقوى المتضررة من تلك الجماعات لبلورة عمل مشترك لتصفية ممثليها ومراكزهم وتجفيف نفوذها نهائيا، وحماية العلاقات الاخوية مع الشعب اللبناني بقواه ومشاربه المختلفة، وتعزيز مكانة الدولة اللبنانية، ولكن دون بقاء دبابات جيشها على بوابات المخيمات تحاصرها، كأنها سجون.
اين الحضور العربي؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة
تحتدم المعركة حول المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، حيث الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو يتشرنق حول نفسه، يتحصن بالعربدة، بلعبة حافة الهاوية، باطلاق المزيد من الاتهامات والتهديدات ضد القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس ابو مازن، ويواصل جنون الاستيطان، ويتشبث بما يمكن تسميته البدع المستفزة مثل بدعة الامن ويهودية الدولة، ويحاول احراق الوقت دون جدوى، ويراهن على ارتباك الوضع العربي، وعدم قدرة الادارة الاميركية على الدفاع عن مقولاتها الرئيسية واهمها حل الدولتين.
الى أين يقود ذلك كله ؟
بالتأكيد هذا السلوك الاسرائيلي اذا استمر على هذا النحو، سوف يضاعف من عوامل الاحتكاك السلبي والتدهور الامني، ويجعل الابواب مفتوحة أمام موجات من العنف، لأن فشل المفاوضات مع استمرار الاستيطان واستمرار العربدة سوف يخلق موضوعيا حالة مواتية للعنف.
والأكثر اثارة ان المبادرات التي تقدمها القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات من أجل التقدم نحو الحل النهائي المتمثل بانهاء وجود الاحتلال، تعامل من قبل الحكومة الاسرائيلية بسلبية شديدة، بل تعامل بنوع من الاستفزاز، وكأن هذه الحكومة الاسرائيلية لا تملك وسيلة أخرى ولا رؤية اخرى، وكأنها تقول (أنا أو الطوفان) ولذلك فإن فكرة انهيار هذه الحكومة اصبحت واردة، واصبحت هي الأقرب الى الخلاص، فعندما تكون الحكومة الاسرائيلية عاجزة عن التقدم الى الأمام، وعاجزة عن التعاطي مع المبادرات الفلسطينية ومصرة على رفض الرسائل الاوروبية العديدة ورسائل المجتمع الدولي، فانها لن تكون طرفا في اي معادلة سياسية، وربما لا يكون أمامها سوى الذهاب الى انتخابات مبكرة، فاما ان يعود نتنياهو بتفويض جديد وقوي، وإما ان يثبت المجتمع الاسرائيلي ان لديه بدائل وخيارات أخرى.
فلسطينيا نحن لم نقف مكتوفي الأيدي أمام ضيق الأفق الاسرائيلي بل تحركنا في مجال المبادرات حين طرح الرئيس ابو مازن فكرة قوات دولية، قوات الناتو تحديدا للحفاظ على الحالة الأمنية من خطر الانفجار ولتهدئة الهواجس الاسرائيلية، كما تضمنت المبادرة ان يأخذ الانسحاب الاسرائيلي من حدود الدولة الفلسطينية المدى الزمني الملائم، خمس سنوات، وقد كان هذا الطرح بمثابة انقاذ للجهود الاميركية ودعم للموقف الاوروبي الذي يتمحور حول عدم شرعية الاستيطان، واتاحة الفرصة للحل بناءً على استمرار المفاوضات في هذه الفترة، ولكن كل ذلك واجهته الحكومة الاسرائيلية بالصخب والعنف وبالشتائم والانكار.
ولكن الغائب الأكبر في هذه المعركة المحتدمة هو الحضور العربي، فأين الحضور العربي؟ ولماذا لا يتقدم التنسيق الفلسطيني العربي لكي يملأ الفراغ؟ علما بأن الحضور العربي ممكن جدا في المجلات السياسية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية والعلاقات الدولية، بدل ان يظل العرب يبحثون عن مشاكل وأولويات أخرى، بعيدة أو وهمية يهربون اليها بينما فلسطين تدخل في هذه المرحلة طورا جديدا من الاشتباك.