تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 264



Haneen
2014-12-18, 11:25 AM

الاستهتار الاسرائيلي سياسيا !!
بقلم: حديث القدس – القدس
«جمائل» أميركا وأخواتها في البئر الإسرائيلية
بقلم: فؤاد مطر – القدس
إنفصال اسرائيلي أحادي الجانب
بقلم: فايز رشيد – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.jpg
مات مشروع.. عاش مشروع !
بقلم: حسن البطل – الايام
مؤتمر وطني بأسرع وقت
بقلم: هاني المصري – الايام
بالتأكيد : "حماس" تريد المصالحة!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
فرصة سانحة لإنهاء الانقسام
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.jpg
وراء الكلام - لم لا يكون ذلك الآن؟
بقلم: احمد دحبور – الحياة
عين حجلة تجربة متقدمة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
فاضل الربيعي وفلسطين
بقلم: بكر أبو بكر – الحياة
المستجيرون باستخبارات اسرائيل
بقلم: موفق مطر – الحياة
حبذا لو يغير البعض أسلوبه في الخطابة!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
واقعية البطولة
بقلم: محمود ابو الهيجاء – الحياة


الاستهتار الاسرائيلي سياسيا !!
بقلم: حديث القدس – القدس
الممارسات الاسرائيلية الميدانية معروفة للجميع ومرفوضة من الجميع ايضا، فلسطينيا وعربيا ودوليا، واستهتار اسرائيل بالقرارات والشرعية الدولية معروف هو الآخر وقد مارسته في اكثر من موقف وما تزال، إلا ان اسرائيل بدأت في الفترة الاخيرة استهتارا من نوع جديد هو الاستهتار الدبلوماسي، وقد مارسته بشكل فظ وسيء للغاية مع رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله حين اوقفت موكبه ومرافقيه على حواجزها الثابتة او المتحركة اكثر من مرة بذرائع مختلفة وغير مبررة ولفترات طويلة كذلك. كما اوقفت محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام على حاجز فترة طويلة وبدون اية مبررات منطقية.
إلا ان الاستفزاز السياسي والاستهتار الدبلوماسي بلغ ذروته بالامس حين تدخلت اسرائيل ضد زيارة كان من المقرر ان يقوم بها د. الحمد الله مع رئيس البرلمان الاوروبي الزائر مارتن شولز، الى منطقة الخان الاحمر في الاغوار، وقيل انها طلبت ان تفرض هي برنامج الزيارة وهددت باستخدام القوة في حال الضرورة، الامر الذي اضطر معه رئيس الوزراء الى الغاء الزيارة.
ولقد كان رئيس البرلمان الاوروبي طرفا وشاهدا على ما حدث وادرك بنفسه ما هي الممارسات الاسرائيلية التي لا تراعي اصولا دبلوماسية ولا تحترم مؤسسات او صفات رسمية .. وبهذا فان الغاء الزيارة لا بد ان يعطي دلالة ربما تفوق ما كان سيتم لو سمحت اسرائيل بها ولم تمنعها.
هذه الجلافة في التعامل تدل على مدى الغطرسة الاسرائيلية والاستهتار بكل شيء، لان الحمد الله لم يكن ليذهب مع ضيفه الاوروبي ليقوم باعمال ضد اسرائيل او ما تسميها امنها، ولم يكن يحمل قنابل بدلا حجارة بالطبع وانما كان يريد ان يشرح وضعا شرحا ميدانيا ويبين للضيف الاوروبي الكبير مشهدا من سياسة التوسع الاسرائيلية، وقد ادى الرفض الاسرائيلي الغرض بدون الزيارة.
ولعل هذا الموقف سيصل الى من يعنيهم الامر في الاتحاد الاوروبي الذي بدأ يدرك بالقول ويمارس بالفعل سياسة ضد الاستيطان الاسراذيلي ويفرض عقوبات اخذت تثير غضب ومخاوف الدوائر الاسرائيلية الرسمية وتخصص الميزانيات لمواجهتها ... وهو موقف يؤكد ان اسرائيل لا تحترم عرفا ولا اصولا ولا تمارس سوى منطق الاعتزاز بالقوة وهو منطق كارثي على الجميع في النهاية.
من اليرموك الى مخيمات الضفة
بعد معاناة طويلة وصلت حد الموت جوعا، استطاعت منظمة التحرير تحقيق مخرج للوضع المأساوي في مخيم اليرموك وتم - كما ذكرت آخر الانباء بالامس - انسحاب كل المسلحين من المخيم مما يسمح بادخال الغذاء والماء والدواء اليه ومساعدة المحتاجين واسعاف المرضى، وهو تطور ايجابي هام رغم تأخره طويلا، ونأمل ان يستمر الالتزام به من كل الاطراف المعنية.
في الضفة الغربية تم "انجاز" من نوع آخر وهو انهاء او تعليق اضراب العاملين في وكالة الغوث الذي استمر 65 يوما وذلك بوساطة من الرئاسة تم بموجبها التوصل الى وثيقة تفاهم بين ادارة الوكالة واتحاد العاملين. وقد تعطلت الدراسة ومعظم نواحي الحياة الصحية والبيئية والمجتمعية في اثناء فترة الاضراب وامتلأت شوارع المخيمات بالنفايات وبعشرات آلاف الطلاب الذين تعطلت دراستهم.
اننا نأمل ونطالب بالتزام الاطراف كلها بوثيقة التفاهم بكل بنودها، كما نأمل ان يتم فعلا تنفيذ خطط تعويض الطلاب والطالبات عما فاتهم طيلة فترة اغلاق المدارس.

«جمائل» أميركا وأخواتها في البئر الإسرائيلية
بقلم: فؤاد مطر – القدس
ها هم الإسرائيليون وبالذات بعض أهل الحكم ورجال الدين المؤثرين والأحزاب التي تحترف التطرف يعضون الأيادي الأوروبية تواصلا مع جولات من العض للأيادي الأميركية.
ومثلما قال هؤلاء عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي يحاول ومن دون أن يخفف من مستوى التعاطف مع إسرائيل في موضوع المسعى الذي يقوم به لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أقسى أنواع الكلام، فإنهم ألحقوا التهجم على رئيس الدبلوماسية الأميركية بالتهجم على الحكومات الأوروبية.
عن كيري، الذي قام حتى التهجم عليه بعشرين جولة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون «إن وزير الخارجية جون كيري يتصرف انطلاقا من هوس في غير محله، وحماسة تبشيرية، ولا يستطيع أن يعلمني أي شيء عن النزاع مع الفلسطينيين، وإن الأمر الوحيد القادر على حل الوضع مع الفلسطينيين هو في حال منح جون كيري جائزة نوبل ليتركنا بسلام..».
مباشرة بعد هذا التهجم بساعات استدعى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان سفراء كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وقال لهم إن موقف بلادهم ليس مقبولا ويثير شعورا بأنهم فقط يبحثون عن ذرائع لتوجيه الاتهامات إلى إسرائيل. وكان رئيس الوزراء نتنياهو نفسه وصف الانتقادات الأوروبية للتوسع الاستيطاني بأنها «تتسم بالنفاق».
هذا التصرف يثير الاستغراب من عدة نواح؛ فهو يوضح أن الحكومة الإسرائيلية بأقطابها الثلاثة، نتنياهو وليبرمان ويعالون، ومعهم وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، تلتقي عند نقطة واحدة هي رفض أي مسعى للتسوية حتى إذا جاء من الحاضنين التاريخيين (الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية). كما يوضح أمرا أساسيا وهو أن وزير الدفاع يعالون، الذي ليس مألوفا منه إقحام نفسه بتصريحات حول أمور ذات طابع دبلوماسي ما دام هنالك وزير خارجية، يخطط لترؤس الحكومة على نحو ما حدث مع الجنرالات السابقين إسحق رابين وآرييل شارون وإيهود باراك، وأنه عندما يتهجم على رئيس الدبلوماسية الأميركية فإنه يبدو في ذلك كمن يجرب كفاءته أو يعرض بضاعته السياسية. بل لعله ما دام التهجم تزامن مع رحيل آرييل شارون يبعث من خلال مفردات التهجم برسالة مفادها أنه جاهز ليكون شارون الثاني..
أي بما معناه لا مجال أمام أي تسوية، وأن على الوزير جون كيري أن يطوي السعي الذي يقوم به ويصطف إلى جانب المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل الذي حاول في عام 2009 اقتباس الحل الذي أسهم في إنجازه في آيرلندا الشمالية وتطبيقه بالنسبة إلى موضوع المستوطنات، ثم أشبعه الإسرائيليون استهانات إلى حد أنه آثر طي هذا المسعى الذي هو كما المسعى المتجدد مع وزير الخارجية جون كيري وأيضا الموقف المتعقل من جانب الاتحاد الأوروبي، إنما هي محاولات من أطراف حاضنة وداعمة لإسرائيل ماضيا وحاضرا ودائما، لكن الإسرائيليين لا يتحملون أي مسعى يضع بعض الحق في نصابه.
ونقول ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن الإطار الذي يطرحه جون كيري ومع ذلك تتهجم عليه إسرائيل (في أشخاص أصحاب المناصب السيادية، نتنياهو ووزراء الدفاع والخارجية والاقتصاد) ينص على إقامة دولة فلسطينية «بلا معابر أو حدود أو عاصمة مع بقاء الكتل الاستيطانية والاعتراف بإسرائيل دولة يهودية»، على نحو ما يقوله أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه. وإذا كان هذا ما يقترحه الوزير كيري ومع ذلك تنهمر التهجمات عليه، فكيف هو حاله لو أنه يريد الوصول بسعيه إلى وضْع المبادرة العربية للسلام موضع التنفيذ؟
وهي المبادرة التي صاغها الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحظيت بالإجماع في القمة العربية الدورية في بيروت.
نخلص إلى القول إن إسرائيل تريد من كيري 2014 أن يكون مثل كيري 2004 الذي كان مرشحا لرئاسة الجمهورية ضد جورج بوش الابن وغازل زمنذاك الناخبين اليهود أملا في الفوز الذي لم يتحقق، قائلا «إنني خلال عشرين سنة في مجلس الشيوخ كنت فخورا بالتزامي غير المتزعزع بدولة يهودية آمنة، وانعكس ذلك في كل قرار تم التصويت عليه وفي كل رسالة تم توقيعها، وإنني أضمن لكم أن هذا الدعم وهذه الجهود لصالح حليفتنا الديمقراطية والحيوية سوف يستمر».
بين الأقوال المأثورة والأمثلة الشعبية في تراثنا وتراث أمم أخرى ما يلخّص حالة جون كيري والحكومات الأوروبية مع إسرائيل، ومنها المثل القائل «يشرب من البئر ويرمي فيها حجرا».
وبالنسبة إلى إسرائيل فإنها على مدى أكثر من ستة عقود تعبُّ من البئر الأميركية - الأوروبية عبا مواقف سياسية وأموالا وأسلحة و«فيتوات» واحدا بعد الآخر، وعند أول لفْت انتباه لها ترمي في البئر حجارة هي عبارة عن مهاترات كلامية...

إنفصال اسرائيلي أحادي الجانب
بقلم: فايز رشيد – القدس
قدّم الجنرال عاموس يادلين رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أحد أهم استخلاصات المعهد وذلك في افتتاح دورته السنوية السابعة فيما يخص المفاوضات والصراع مع الفلسطينيين . الجنرال يادلين يتوقع فشل المفاوضات وحتمية وصولها إلى طريقٍ مسدود، محملاً المسؤولية للفلسطينيين والإسرائيليين، فالفلسطينيون من وجهة نظره لم يحسموا أمرهم تجاه التسوية الإقليمية، ويرفضون الاعتراف بيهودية الدولة، ويتمسكون بحق العودة . لكنه في إشارته للمسؤولية الإسرائيلية لم يتطرق إلى جوانبها مطلقاً .
بالمعنى الفعلي فإن يادلين يتبنى وجهة نظر كثير من الإسرائيليين منهم تسيبي ليفني مسؤولة ملف المفاوضات في الحكومة الإسرائيلية. هؤلاء يحذرون من استمرار الوضع القائم، واستمرار السيطرة والاحتلال وسياسة تشجيع الاستيطان التي ستؤدي حتماً (مثلما يقولون) إلى القضاء على فرص حل الدولتين لصالح دولة واحدة تقضي على يهودية الدولة . إضافة إلى أن استمرار السيطرة على الفلسطينيين سيعمّق من عزلة إسرائيل ويزيد من حملة المقاطعة عليها ونزع شرعيتها .
يادلين يصل إلى استنتاج آخر: أنه وبرغم اتفاقه مع نتنياهو على أن تسوية الصراع مع الفلسطينيين لن ينهي التهديدات الشرق أوسطية الأمنية والسياسية التي تواجهها إسرائيل، لكنه يعتقد أن التقدم على المسار الفلسطيني سيعزز من وضع إسرائيل ويساعدها على التقدم في مواجهة التحديات الأخرى التي يقف في المقدمة منها التحدي الإيراني .
لكل ذلك يدعو يادلين حكومة نتنياهو إلى تبني خطة الانفصال عن الفلسطينيين، فهو يرى أن على إسرائيل في إطار هذه الخطة أن تنسحب من قرابة 85% من مساحة الضفة الغربية . الجنرال يرى في هذا الأمر خطة بديلة لفشل المفاوضات . هذه الخطة (وفقاً له) ستنقذ إسرائيل من مخاطر عديدة، في الوقت الذي يتوجب فيه أن تحافظ على مصالحها الحيوية، وتبقي فرصة واقعية على الأرض مستقبلاً لحل الدولتين .
لكن يادلين يعتقد أن الانفصال له سمعة سيئة لدى الجمهور الإسرائيلي (مثلما هاجم البعض الانسحاب من لبنان ومن قطاع غزة . لذلك فهو يقترح أن يكون الانفصال منسقاً مع الفلسطينيين ومع دولٍ أخرى ومؤسسات دولية وذلك حتى تستطيع إسرائيل جني أكبر الانجازات والفوائد من ذلك .
واقع الأمر أن هذه الخطة التي يقدمها الجنرال يادلين تتماهى مع الخطة التي كان قد تقدم بها الجنرال يادين بعد الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية مباشرةً، وهي تتماشى مع خطة وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أبا إيبان، التي لا تزال مرجعاً سياسياً وأمنياً للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في القضية الفلسطينية . كان شارون هو القيادي الإسرائيلي الأول الذي قام بفكرة الانفصال عن الفلسطينيين في خطته الانطوائية الأولى (في قطاع غزة) ويقال إن شارون كان يمتلك خطة انطواء ثانية للانفصال عن الضفة الغربية.
وكان عازماً على تطبيقها لو استمر في الحكم، فقد أسس شارون لذلك عبر إقامة جدار الفصل، ولاحقاً أولمرت وموفاز سارا على نفس الطريق، خطة يادلين بدأت تلاقي قبولاً لدى البعض في اسرائيل وتحديداً بعض النخب السياسية والأكاديمية الحاكمة . الجنرال مثل كل قادة إسرائيل يسعى إلى التخلص من الكثافة السكانية الكبيرة في غالبية المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد ضم أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية عام 1967 .
الخطة أيضاً وبطريق غير مباشرة تهدف إلى إعادة تموضع القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية كما حدث في قطاع غزة، هي شكل من أشكال الاحتلال، وتستمر في مصادرة الحقوق والحريات الفلسطينية ولكن بشكل يخلص إسرائيل من أعباء الاحتلال المباشر ومن ثمنه، بالشكل الذي يريح إسرائيل أيضاً على مستوى الأمن والسمعة، ويقطع الطريق فعلياً على تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على كل الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس، ويفتح ربما لاحقاً خيارات إقليمية أخرى .
بالمعنى الفعلي فإن خطة يادلين قديمة ويجري إلباسها ثوباً جديداً وهي تعبير عن استمرار عقلية الاحتلال حتى فيما يسمى ب"معسكر السلام" وفي الشارع الإسرائيلي والنخب الأكاديمية والحاكمة .
فيما يتعلق بإمكانية تطبيق خطة الانفصال هذه على أرض الواقع فهي تصل إلى مستوى الاستحالة لأسباب عديدة أبرزها:
أولاً: إن أطراف الائتلاف الحكومي الاسرائيلي الحاكم من غلاة المستوطنين المتطرفين، ومعظم الأطراف لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني من الأساس، وهي تنادي ب"أرض إسرائيل التاريخية من النهر إلى البحر"، وجزء كبير من هذه الأطراف تنادي بدولة إسرائيل الكبرى . والقدس بالنسبة لكل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي هي "العاصمة الأبدية والموحدة" لاسرائيل.
ثانياً: ما زال الاستيطان في الضفة الغربية قائماً ومتسارعاً . وهناك التوسع الاستيطاني والمعبر عنه بآلاف الوحدات السكنية الجديدة التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية والتي ستقرها مستقبلاً . خطة الانفصال تعني وقف الاستيطان عند حدوده الحالية وهذا ما لا يريده الجانب الاسرائيلي لا حالياً ولا في المدى المنظور .
ثالثاً: النظرة الاحتلالية بالنسبة لغزة مختلفة عنها للضفة الغربية، فالقطاع نظراً لكثافته السكانية الكبيرة لا يشكل مطلباً احتلالياً مباشراً، فقد تمنى رابين أن يصحو يوماً "ويكون البحر قد ابتلع غزة" . أما الضفة الغربية فهي بالنسبة للاسرائيليين المنطقة التي لا يمكن التخلي عنها، فجبالها ومرتفعاتها ضرورية "لأمن إسرائيل" ولذلك فإن أحد الاشتراطات الإسرائيلية للتسوية مع الفلسطينيين بقاء قوات الاحتلال في غور الأردن .
جملة القول: إن هناك تبايناً في الرأي في الشارع الإسرائيلي بشأن الانفصال الأحادي الجانب عن الضفة الغربية، لكن احتمالات تطبيق ذلك تكاد تكون مستحيلة.
مات مشروع.. عاش مشروع !
بقلم: حسن البطل – الايام
العنوان أعلاه "ملطوش"، مع حذف "أل" التعريف من صيحة "مات الملك .. عاش الملك"، ولعلها صيحة فرنسية الأصل.. وهذا حتى لا يظنّ قارئ ما بصلتها بموت مشاريع الحل، أو احتمال عيش مشروع كيري!
القصد، مات مشروع تجاري "السوق الشعبي" للبسطات؛ وعاش مشروع ثقافي في "متحف محمود درويش". مشروع تجميع و"لملمة" بسطات شوارع وساحات قلب مدينة رام الله أغلق أبوابه، أمس، أو أنني لاحظت هذا أمس، وصار السوق "قاعاً صفصفاً" كما في اللغة القديمة، لأن بسطاته المائة وثلث تقريباً صارت "خاوية على عروشها".
ولد المشروع قبل عام تقريباً، وكانت بلدية رام الله قابلة التوليد، واستغرق الحمل (أو الإنشاء) زمناً يقارب، ربما، شهور حمل أنثى الإنسان (كما في المشروع الأصلي للمستر كيري!).
حتى بعد شهر من افتتاح رسمي لسوق البسطات الشعبي هذا في شارع المعاهد، بقيت بعض البسطات شاغرة، ولكن "التبسيط" في شارع مزدحم، يصب في "ميدان عرفات ـ ساحة الساعة" اختفى، وقلت إنه شارع يصبّ لأنه وحيد الاتجاه.
مات سوق البسطات الشعبي بمرض فقر الدم، ونازع الموت قبلاً بمرض "الثلاسيميا" الحاد، ثم فارق الحياة بما يشبه سرطان الدم.
في ما يشبه "صحوة الموت" خرجت بعض البسطات من داخل السوق، وعلقت بضائعها على سوره الخارجي، أو دخلت بسطات على عجلات بوابة السوق.
في البداية، كانت البسطات متنوعة البضائع، ثم غلبت عليها بسطات الملابس الجاهزة، ثم صارت معظم البسطات تعرض ملابس FOX. دخلت السوق مرة واحدة متفرجاً أو متفحصاً!
على الأغلب، سوف تفكر البلدية بمشروع بديل لأرض السوق، مثل محطة أخرى لتحميل وتنزيل ركاب سيارات 7+1، بعد أن أتخمت محطة قريبة ومجاورة في الشارع بما في فوق طاقتها على الاستيعاب، وهي مشروع ناجح للبلدية، هذا إذا كانت أرض المشروع ملكاً للبلدية، فإن لم تكن فإن قانون التنظيم البلدي يفرض أجلاً زمنياً أدنى من خمس سنوات، بين هدم مبنى قديم وصغير وإقامة جديد وكبير وخلالها تصير الأرض موقفاً للسيارات بالأجرة.. حسب أيما أربح وأجدى!
يبدو مشروع وقوف السيارات على جانب الشارع بنظام الدفع المسبق نصف ناجح، لأن غرامة خماسية متدرجة من 50 شيكلا حتى 150 دينارا تبدو رادعة للمخالفات.. وأما مشاريع ضبط المشاة على الأرصفة وحركة السيارات في ساحتي المنارة وميدان عرفات، فقد فشلت جميعها.. رغم "سنسلة" الأرصفة بالجنازير.
.. وعاش مشروع !
حصل أن وقّع محمود درويش مجموعة شعرية له في مسرح وسينماتيك القصبة، وسط البلد. الآن، صار هناك تقليد متّبع في قاعة من قاعات متحف الشاعر، وهي توقيع مؤلفي الكتب حديثة الإصدار في "قاعة الجليل" الجناح الآخر لمتحف الشاعر.
صارت "قاعة الجليل" أشبه بملتقى أو منتدى مسائي فكري ـ ثقافي ـ فني ذات نشاط أسبوعي، ونصف شهري، يشمل، إلى توقيع الكتب، قراءات شعرية لشعراء البلد أو شعراء وأدباء البلدان العربية، وكذا عروضاً سينمائية، وأيضاً حفلات موسيقية، وكذلك عروضاً فنية، تتراوح بين التفكّه والسخرية اللاذعة (ستاند ـ أب ـ كوميدي" أو عرض درامي من ممثل واحد "مونو ـ دراما" مثلما أجاد زميلنا مصطفى أبو هنود.
كل هذا النشاط المنظم والمبرمج يجري في قاعة من حوالي 100 مقعد تكون مشغولة إلى آخرها بالحضور والنظّارة، وهي مصممة لهذا الغرض بالذات، خلاف قاعات مراكز ثقافية، معظمها كانت بيوتا قديمة ذات قدرة استيعاب قليلة، وتصميم غير أصلي للنشاط الفكري، عدا تعليق رسومات الفنانين على جدرانها.
مع إغلاق وموت مشروع البسطات الشعبي، سيستضيف متحف درويش ـ قاعة الجليل ـ أديباً عربياً كويتياً آخر، هو سعود السنعوس، الفائز بروايته "ساق البامبو" بجائزة البوكر العربية لعام 2013.
من قبل، استضاف المتحف جملة من المثقفين العرب، منهم الجزائري واسيني الأعرج، والتونسي المنصف الوهابي، والفلسطيني ـ الأردني ابراهيم نصر الله، والعراقي عدنان الصائغ.. وآخرون، إضافة إلى الشعراء والمثقفين المحليين.. وجميع الزوار طبقوا الشعار : "زيارة السجين لا تعني زيارة السجان" وجميعهم امتدحوا فلسطين البلد والشعب.
لا أظن أن بلداً عربياً أكرم شاعره القومي بمتحف جميل يحتوي قبره، كما فعل الفلسطينيون إزاء شاعرهم القومي، وربما لا تشهد قاعات ثقافية عربية نشاطات متنوعة كما في "قاعة الجليل"، ويستحق المتحف والقاعة التنويه والثناء، بخاصة تحت إدارة مديره الجديد الزميل الشاب سامح خضر.
صارت التلة القفراء من قبل ما يشبه مجمعاً ثقافياً، مع قصر رام الله الثقافي، ومركز ادوارد سعيد الموسيقي، ومشروع لتحويلها حديقة قومية تحمل اسم "حديقة البروة".
هل تحدّث شاعر عن "سماء بعد السماء السابعة" أو "حاصر حصارك.. لا مفرّ"!

مؤتمر وطني بأسرع وقت
بقلم: هاني المصري – الايام
لم يتسع المقال السابق الذي انتهى بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني بأسرع وقت ممكن تشارك فيه مختلف الأطياف ومكونات الحركة الوطنيّة؛ لشرح مضمون المؤتمر وأهدافه، وما يمكن أن ينتهي إليه، ما دفع العديد من القرّاء إلى التساؤل حول هذه الفكرة وجديّتها وإمكانيّة تحقيقها عمليًّا.
تقديرًا لصعوبة عقد المؤتمر وتعذر مشاركة كل المعنيين دعوت في ذلك المقال إلى الاستعداد لعقد المؤتمر بمن حضر، بهدف الضغط على القيادة الفلسطينيّة وطرفي الانقسام لإعلاء المصلحة الوطنيّة العليا على المصالح الفرديّة والفصائليّة، من خلال التوصل إلى وحدة وطنيّة قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد القضيّة الفلسطينيّة بالتصفية.
مع اقتراب انتهاء مهلة الأشهر التسعة، تتضح أكثر وأكثر معالم "اتفاق الإطار" الذي يسعى جون كيري للتوصل إليه، فهو سينتقص من الحقوق الوطنيّة، مهما كان الشكل الذي سيأخذه ويظهر فيه. فبعد تصريحات مساعده مارتن أنديك، تحدث كيري بنفسه لصحيفة "الواشنطن بوست" مؤكدًا على أن لحظة اتخاذ القرار تقترب، وأن الاتفاق سيطبق على مراحل، ويمكن حل الخلاف حول الطرف الذي سيكون مسؤولًا عن الأمن على الحدود والأغوار بالاستعانة بطرف ثالث، مضيفًا: أن بمقدور كل طرف أن يسجل تحفظاته على الاتفاق حتى يتمكن الطرفان من مواصلة المفاوضات.
بالرغم من أن الاتفاق لا يحظى بموافقة الطرفين على كل نقاطه، إلا أن خطورته تكمن في أنه يضمن أولًا استئناف المفاوضات إلى ما بعد نهاية نيسان القادم، وما يعنيه ذلك من إضاعة المزيد من الوقت التي تستغله إسرائيل لتعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان، ولكون تمديد المفاوضات يقطع الطريق على بلورة خيارات وبدائل أخرى؛ ويحتوي تداعيات الفشل الذي يخشاه جميع الأطراف. وثانيًا يقدم "اتفاق الإطار" مرجعيّة جديدة بعيدًا عن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ولا يتضمن اتفاقًا فوريًّا على كل القضايا، ولكنه يشمل نتائج المفاوضات والتنازلات التي قدمها الطرفان، وخصوصًا الجانب الفلسطيني منذ عقد مؤتمر "كامب ديفيد" في العام 2000، مرورًا بـمباحثات "طابا" و"خارطة الطريق" و"مؤتمر أنابوليس" والمفاوضات في فترة رئاسة أيهود أولمرت، وانتهاء بمفاوضات واشنطن والمباحثات التقريبيّة والاستكشافيّة. فقد تضمنت المفاوضات سلسلة لا تنتهي من التنازلات، لا تبدأ بالموافقة على مبدأ "تبادل الأراضي" وتقسيم الضفة الغربيّة، بما فيها القدس، وضم الكتل الاستيطانيّة، والدولة منزوعة السلاح والترتيبات الأمنيّة، ولا تنتهي بالحل المتفق عليه لقضيّة اللاجئين، الذي يجعلها قضيّة تفاوضيّة تتحكم بها إسرائيل، وليست حقًا من المفترض التفاوض من أجل تطبيقه لا تصفيته.
لا يعني انهيار هذه المفاوضات وعدم توصلها إلى اتفاق أنها لم تحرز أي تقدم. ففي الحقيقة قطعت المفاوضات شوطًا واسعًا، ويحاول كيري أن يوثقه حتى يمكن البناء عليه، وصولًا إلى اتفاق يصفي القضيّة الفلسطينيّة من جميع جوانبها وأبعادها.
هناك خطر متزايد بفرض الحل الأميركي الإسرائيلي، الذي هو حصيلة القواسم المشتركة بين الإدارة الأميركيّة والحكومة الإسرائيليّة، إن لم يكن ممكنًا مرة واحدة فعلى دفعات. وهنا لا يجب أن نغرق في شبر ماء الخلافات الإسرائيليّة - الإسرائيليّة أو الخلافات الأميركيّة - الإسرائيليّة؛ ليس لأن هذه الخلافات غير موجودة أو لا يمكن توسيعها، بل لأن شرط الاستفادة منها وتوسيعها هو وجود رؤية وإستراتيجيّات فلسطينيّة فاعلة مستندة إلى المصالح والحقوق والأهداف القادرة على جذب الشعب الفلسطيني بمختلف قواه وتجمعاته، لا رسم السياسة الفلسطينيّة على هوامش الخلافات الإسرائيليّة - الإسرائيليّة أو الأميركيّة - الإسرائيليّة، بحيث يصبح سقفها موقف ليبرمان الذي أصبح بقدرة قادر "حمامة سلام"، والمدافع عن كيري و"اتفاق الإطار" الذي يسعى للتوصل إليه.
إن محصلة الموقف الإسرائيلي، وما يمكن أن تنتهي إليه الخلافات الأميركيّة الإسرائيليّة، كما تدل التصريحات المعلنة والمواقف الأصليّة والثابتة والتسريبات المتواترة عما يجري التفاوض عليه؛ لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينيّة، بل لا تلبي أحد هذه الحقوق، وهو حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، حتى وإن كان يشمل إقامة دولة فلسطينيّة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقيّة، فأفضل ما يمكن أن يتوصل إليه كيري هو تقاسم الضفة الغربيّة، بما فيها القدس، بين إسرائيل التي قامت على 78% من أرض فلسطين وبين الدولة التي أقصى ما ستحصل عليه "حكم ذاتي" مع السماح لها بأن تسمي نفسها "دولة".
لا يمكن أن تقود المفاوضات في ظل الانقسام والضعف الفلسطيني والعربي والانحياز الأميركي لإسرائيل والنفاق الدولي إلى حل عادل أو متوازن أو مقبول، والحل الذي سيتم تطبيقه في ظل الاختلال الفادح في موازين القوى سيكون أسوأ بكثير من الحل الذي سيتم التوقيع عليه. لذا على الفلسطينيين، خصوصًا قيادتهم، أن تكف عن الأوهام بأن طريق المفاوضات الثنائيّة برعاية أميركيّة ستؤدي إلى حل يلبي حتى الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينيّة.
تأسيسًا على ما سبق، لا بديل - سواء كانت هناك مفاوضات أم لم تكن - سوى الكفاح لبناء بديل عملي من المفاوضات المعتمدة حتى الآن، يعتمد على عدة إستراتيجيّات سياسيّة وكفاحيّة.
ومن أجل بلورة معالم هذا البديل والتوصل إلى إجماع أو شبه إجماع حوله؛ لا بد من حوار وطني شامل يشارك فيه من هم داخل المنظمة والسلطة ومن هم خارجهما، لأنه لا تستطيع أي مؤسسة أن تدعي أنها تملك الحق الموافق عليه وطنيًّا بتمثيل الجميع عمليًا وليس رسميًا، لأنه من الناحيّة الرسميّة لا تزال المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد، وهذا مكسب تاريخي لا يجب التفريط فيه.
إن المنظمة بحاجة إلى استعادة الدعم الشعبي لها في ظل المأزق الوطني العام الشامل الذي نعيشه جميعًا، وخصوصًا مع عدم تحقيق الأهداف الوطنيّة، ووصول المفاوضات والمقاومة إلى طريق مسدود، وبعد عدم إجراء انتخابات في المنظمة والسلطة ولا إجراء تجديد وإصلاح أو حتى توسيع في المشاركة من خلال التوافق الوطني.
يمكن أن يكون جدول أعمال المؤتمر البحث في كيفيّة بلورة إستراتيجيّات قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر، وإبقاء القضيّة حيّة، والحفاظ على الحقوق والمكاسب وتقليل الأضرار والخسائر، على اعتبار أن هذه المرحلة ضروريّة وإجباريّة قبل الانتقال إلى مرحلة التقدم إلى الأمام، والنضال من أجل الانتصار بدحر الاحتلال والعودة والحريّة والاستقلال والمساواة.
الخطوة الثانية بعد وضع الإستراتيجيّات هي إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة على أساس كفاحي ووطني وديمقراطي وشراكة حقيقيّة تضمن تمثيل ومشاركة كل القوى والتجمعات الفلسطينيّة في جميع أماكن تواجدها.
إن البقاء في مربع الدعوة إلى تطبيق اتفاقات المصالحة، وتحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤوليّة عدم التطبيق، من دون معالجة الجذور والأسباب والعوامل التي أدت إلى وقوع الانقسام وتعمل على مدار الساعة لتعميقه أفقيًا وعموديًا؛ لا يسمن ولا يغني من جوع، ويؤدي إلى تآكل الشرعيّة والمكاسب وما تبقى من ثقة بين الشعب وقيادته وفصائله المختلفة.
لا تكفي الدعوات إلى عقد اجتماعات للمجلس المركزي ولا "الإطار القيادي المؤقت"، عفوًا .. "لجنة تفعيل المنظمة"، على أهميتها، ولا الاختباء وراء الدعوة إلى إجراء الانتخابات بعد ثلاثة أو ستة أشهر، أو عندما يرى الرئيس أن الوقت بات ملائمًا مع أو بعد تشكيل حكومة الوفاق برئاسة الرئيس أو رامي الحمد الله، أو غيره من الشخصيات المستقلة. فإذا لم نتفق على ما نريد وكيف سنعمل على تحقيقه لا ينفع أن نتفق على قواعد العمل والإجراءات والحصص وتشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات.
هناك إمكانيّة للاتفاق على قواسم مشتركة بالرغم من كل التباعد والعوامل الداعمة للانقسام، لأن الاحتلال والمخاطر المختلفة يهددان الجميع، ولا يوجد في الأفق القريب حل يمكن أن يحقق الحد الأدني من الحقوق الفلسطينيّة.

بالتأكيد : "حماس" تريد المصالحة!
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
ربما سيحتاج الفلسطينيون إلى ثلاثة عشر عاماً أُخرى، حتى تصبح سنوات الانقسام عشرين عاماً، تماماً مثل حال المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي مر عليها نحو عشرين عاماً، منذ أوسلو وحتى الآن، وربما أيضا يحتاج الطرفان "فتح" و"حماس" الى راع مثل جون كيري، يجد له مصلحة خاصة وشخصية، حتى يقوم بالجولات المكوكية، من اجل تحقيق الهدف الذي يريده "الآخرون" أكثر من ذوي الشأن، وربما كان هذا هو السبب الرئيسي والأساسي الذي يحول دون أن يتم أغلاق الملفين، نقصد ملف المفاوضات وملف المصالحة.
يخطئ كل من يقول بأن إسرائيل لا تريد إجراء أو حتى استمرار المفاوضات، ولو تطلب الأمر ان يكون التفاوض لازمة أبدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لا يتم أغلاقها أو وقفها إلا حين تظفر إسرائيل بأحد أمرين : إما أن يقبل الجانب الفلسطيني بما تعرضه عليه، أي بالاستسلام لشروطها بالصلح وعقد اتفاق السلام، أو الاستمرار بمتوالية التفاوض، وطحن الهواء الى ما شاء الله، ويخطئ أيضا من يظن ان "حماس" تبغض او لا تريد المصالحة، ولكنها تريدها بشروطها، ووفق منطقها، وأول هذه الشروط هو أن لا تنتهي بالضرورة الى إنهاء الانقسام، ذلك أن من شأن مصالحة في ظل وجود الانقسام أن تخفف الضغط عنها، خاصة وأن حكمها لغزة، ليس مقبولا على الصعيد الداخلي، كما ان أحدا من دول العالم لم يعترف بها كحكم أو كسلطة.
مفاوضات فلسطينية / إسرائيلية لا تنتهي بالتوصل الى حل يضع حدا للاحتلال الإسرائيلي ويحقق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية المقبولة، تعني "تخفيف" الضغط الداخلي والخارجي عن إسرائيل، و"تحريرها" من استحقاقات الاحتلال، على الأصعدة الإنسانية والحقوقية الدولية، ومباحثات مصالحة، لا تؤدي الى إنهاء الانقسام، تخفف الضغط عن "حماس" وتحررها من المطالبة المستمرة بإنهاء الانقسام، وتحميلها مسؤولية الضرر والتآكل المستمر في الحالة الفلسطينية، وإضعافها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
آخر أخبار المفاوضات تشير إلى أن إسرائيل وكيري يرغبان في تمديدها حتى نهاية العام، وحتى يقبل الجانب الفلسطيني هذا الأمر، الذي ما زال يرفضه، وفي ظل تزايد احتمالات الإخفاق في إنجاز اتفاق الإطار، قد يلجأ الجانب الإسرائيلي الى تقديم " الجزرة " للجانب الفلسطيني متمثلة في أحد أمرين : إما الإفراج عن بعض الأسرى الجدد، أو "تحرير" أموال الضريبة الإضافية، فحتى إعادة الانتشار لم تعد واردة، كما أن انسحابا من مناطق، حتى لو كانت محدودة من المناطق المصنفة "ب" لم يعد أحد يسمع عنه، الشيء ذاته تفعله حركة حماس، التي يبدو أنها تمارس مع "فتح" والسلطة نفس السياسة الإسرائيلية "الناجحة" منذ عشرين سنة، فها هو إسماعيل هنية، يقدم "الجزرة" لـ "فتح" متمثلة بالسماح بعودة كوادر الحركة لموطنهم _ غزة _ كما تجعل "حماس" من سماحها ومن ثم استقبالها لوفد قيادة "فتح" الزائر لغزة تنازلا من قبلها، يؤكد مسعاها لإنجاح المصالحة !
كل ما يمكن لحظه من جديد في لقاءات المصالحة، هو أن اللقاء في غزة قد جرى بعد نحو عام ونصف العام على توقف اللقاءات بين الحركتين، وأن اللقاء جرى هذه المرة بينهما مباشرة، أي أنه جرى دون أن يكون ذلك في ظل راع، وكذلك أنه جرى في الوطن _ في غزة، وليس في القاهرة، أو دمشق، او الدوحة، ثم وهذا برأينا هو الأهم انه جرى بين قيادة حركة فتح وقيادة حركة حماس غزة.
ولأن مصطلح إنهاء الانقسام لا يرد في قاموس "حماس" فإن كل حديثها يدور حول كيفية إجراء المصالحة، والمطالبة بأن يتم ذلك رزمة واحدة، أي أن "حماس" تصر على الظفر بمكاسب من إقدامها على إحداث الانقسام، وما زالت تصر على الحصول على "الفدية" جراء قيامها بالاحتفاظ بغزة رهينة طوال سبع سنوات، تعرض خلالها سكان القطاع للويل والعذاب، من الحصار الى البطالة وازدياد معدلات الفقر، ولحربين إسرائيليتين جرتا بسبب مغامرة "حماس" السياسية وبسبب إصرارها على تقديم مصالحها الفئوية الضيقة على المصلحة الوطنية.
وكما أننا نعتقد بأنه من المستحيل أن يتم التوصل الى حل سياسي مع إسرائيل تخرج بموجبه بمكافأة نهاية المدة على احتلال استمر أكثر من 47 سنة، أي على الأقل ينتهي بانسحاب دون قيد أو شرط، فإنه من المستحيل أيضا ان يتم التوصل الى اتفاق ينهي الانقسام مع "حماس" دون ان يتم التوصل لاتفاق يضع حدا فوريا للانقسام، دون ان يتضمن أي مكافأة للحركة التي أحدثته، اي على الأقل، تخرج "حماس" دون عقاب كما تخرج إسرائيل دون أن تدفع التعويض الواجب عن احتلال غير شرعي.
وكما انه من الصعب إجبار إسرائيل على الانسحاب دون ضغط، أي دون مقاومة على الأرض، فإنه لا يمكن إجبار "حماس" إلا من خلال ضغط شعبي، أي حركة احتجاج تطالب صراحة بتقديم هنية استقالته والكف عن تقديم نفسه كرئيس حكومة انفصالية، وحيث ان الضغط الخارجي من خلال المقاطعة الأوروبية لن يكون كافيا لإجبار إسرائيل على تغيير نوعي في موقفها تجاه الاحتلال، فإن سقوط الإخوان وتراجع قوة حلفاء "حماس" في الخارج لن يكون كافياً لإجبارها على الإقرار بإنهاء الانقسام، وكما يمكن الآن لإسرائيل أن تقتنع بحلول في الضفة فإن "حماس" يمكن أن تقتنع بحل في غزة، من مثل إشراك شكلي في الحكم الداخلي، والذهاب لفدرالية بين غزة والضفة، والقفز عن الانتخابات بتقاسم كل مراكز السلطة مع "فتح".

فرصة سانحة لإنهاء الانقسام
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
إذا كان انهاء الانقسام بمضمون وطني ديمقراطي يتفق مع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني منذ بداية الانقسام وحتى الآن. فإن مصالح تنظيمي "فتح" و"حماس" كتنظيمين محتكرين للسلطة تتقاطع الان مع هدف إنهاء الانقسام. فعلى الصعيد السياسي ثمة حاجة ملحة لحركة فتح وهي تتفاوض مع إسرائيل والادارة الاميركية حول إقامة دولة فلسطينية، للقول ان هذه الدولة تشمل قطاع غزة والضفة الغربية، ولا تقتصر على الاخيرة فقط، وأن التمثيل الفلسطيني مكتمل. بمعنى آخر يهم قيادة فتح منع استخدام سلاح الانقسام ضدها، والحيلولة دون ابتزازها والضغط عليها عبر اجتزاء التمثيل. من جهة أخرى فإن إنهاء الانقسام في هذه اللحظة التي تشتد فيها الضغوط الاقليمية والدولية ، يخدم قيادة فتح، ويضعف امكانية التدخل في الشأن الداخلي للحركة، لجهة دعم اتجاه ضد آخر وترجيح كفة الاتجاه الذي يستجيب للشروط الدولية والاقليمية. ثمة مقدمات لمثل هذا التدخل، عبر تشكيك معلن بنوايا الشريك، والحديث عن إهدار فرصة تاريخية، وبأن الشعب يستحق ما هو افضل.
مقابل ذلك، فإن حركة حماس هي بأمس الحاجة للشرعية الفلسطينية، بعد أن فقدت حلفاءها الواحد تلو الاخر- ايران وسورية وحكم الاخوان في مصر-، وفقدت معهم اشكالا من الدعم السياسي والمالي واللوجستي العسكري بما في ذلك الأنفاق التي تربط القطاع بالاراضي المصرية، بل إن الحركة المتهمة بالتدخل في الشأن الداخلي المصري باتت مهددة بالعزلة والحصار الخانق اكثر من اي وقت مضى. لذا فإنها بحاجة لغطاء سياسي فلسطيني وبحاجة لمن يحمل معها الاعباء الكبيرة المترتبة على خسارتها للحلفاء والدعم.
إذا كانت المصالح المتبادلة أقوى وتستطيع ان تضع نهاية للانقسام بالمعنى الافتراضي، فهل التدخلات الخارجية المتعاظمة بالشأن الفلسطيني ستسمح بذلك؟ لا سيما وأن التدخلات الخارجية ساهمت بمستوى كبير في الانقسام وفي استدامته طوال السنوات السبع الماضية. فكان لدولة الاحتلال مصلحة في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ولهذا فقد شجعت بشكل كبير الانقسام. وكان لايران وسورية مصلحة في الانقسام لطالما ان "الورقة الفلسطينية" ليست بيدهما فانحازا الى طرف دون آخر بما يخدم مواقفهما ويعزز الانقسام في آن. وكذلك الحال بالنسبة لقطر التي انحازت لحركة حماس، ومصر( في عهد حسني مبارك) التي انحازت لحركة فتح. الموقفان الامريكي والاروبي بدورهما وضعا سلسلة من الشروط المقرونة بعقوبات تركت بصماتها على الحركتين وعلى نتائج الصراع بينهما. ما هو مؤكد ان دولة الاحتلال ستسعى الى إفشال مشروع إنهاء الانقسام، وإعادة ربط القطاع بالضفة، وستمارس الوانا من الضغوط. تشاركها في الضغوط الادارة الاميركية وجزئيا الاتحاد الاوروبي. وفي الوقت نفسه زال الفيتو السوري الايراني. اما مصر ما بعد حكم الاخوان فلن تكون عقبة أمام إنهاء الانقسام رغم خلافها مع حركة حماس. ويمكن القول ان الحركتين ومعهما المنظمة وحركة الجهاد الاسلامي يستطيعون معا التغلب على العوائق والضغوط إن تسلحوا بإرادة سياسية قوية.
السؤال الأهم، هل اقتنعت حركة حماس بالتعدد السياسي والثقافي والديني، وبالتبادل السلمي الديمقراطي للسلطة والقيادة، وبقواعد النظام الفلسطيني؟ وبالحريات العامة والخاصة وبالدولة المدنية؟ ام أن تراجعها عن الانقسام محض تكتيك اضطراري، يمكن التراجع عنه في لحظة مواتية أخرى. هل استخلصت حماس دروس الانقلاب العسكري، وتجربة الحزب الحاكم، "وحمسنة" مؤسسات السلطة، وتكميم الافواه وقمع الاحتجاجات وسلب الحريات العامة والخاصة؟
تجربة "النهضة" في تونس تقدم بارقة امل حول قبول الاسلام السياسي بالتعدد السياسي والثقافي وبالحريات وبخاصة حرية المرأة، وبتجريم التكفير والارهاب. هذه التجربة التي ما تزال في باكورة عهدها، تحتمل النجاح والتقدم وتحتمل الانتكاس. لكنها وفي كل المقاييس كانت خارج المألوف بالنسبة للاسلام السياسي في ايران ومصر والسودان والجزائر وافغانستان وغيرها من البلدان والتجارب. لقد حاولت النهضة استيعاب تجربة الاخوان في مصر والاوضاع المأساوية التي آلت اليها. أرادت ان تتجنب نهاية مأساوية مماثلة. غير ان الدرس المصري ما كان له ان يستوعب بمعزل عن النضال الديمقراطي المثابر والشجاع لاتحاد الشغل التونسي والنساء واليسار والقوى الديمقراطية الذين خاضوا معا عشرات المعارك الديمقراطية بدأب وبثقة ومسؤولية وتمكنوا من خلق ميزان قوى لا يمكن لحزب النهضة ان يقفز عنه. هل تحذو حماس حذو النهضة، سواء لجهة استخلاص الدرس المصري، او لجهة احترام الرأي العام الذي يرفض الاسئثار بالحكم. الرأي العام الذي عبر عن ذلك بمعاقبة حركة فتح في انتخابات 2006 التشريعية والبلدية. والذي عبر عن امتعاضه من حكم حماس اثناء احتفالاته بانطلاقة الثورة العام الماضي.
وهل اقتنعت حركة فتح بأنه لا يمكن الجمع بين بنية تنظيمية أبوية وجهاز سياسي بيروقراطي لم يتجدد ولا يعرف الاصلاح والمساءلة والمحاسبة، والبقاء كحزب قائد وحاكم. هل اقتنعت فتح بأنها صنعت مؤسسات فاشلة لا تحظى بثقة المواطن؟ هل اقتنعت حركة فتح ان التعيينات والترفيعات بالاستناد للولاء وبمعزل عن الكفاءة المهنية هي وصفة سحرية لفقدان ثقة الناس بها؟
نفتقد لاتحاد شغل فلسطيني، ويسار وحركات نسوية ومستوى ثقافي وديمقراطيون فلسطينيون، يدخلون المعركة ويصنعون رأي عام ديمقراطي تعددي ضاغط على مراكز القرار في الشأن الوطني والاجتماعي. بحاجة لكل هؤلاء ليصنعوا بنضالهم الاجتماعي الصريح لوحة الديمقراطية الفلسطينية بمؤسساتها وقاعدتها الاجتماعية الصلبة. في غياب نضال ديمقراطي مثابر، في غياب نقد الفساد والبيروقراطية والتسلط والرجعية المحلية، في غياب هذه المقومات سنصحو على اتفاقات من فوق، اشبه بصفقة مؤقتة او دائمة. ستتفق حماس وفتح على تقاسم السلطات وسيأخذان بالاعتبار اولا وأخيرا المصالح الفئوية لجهازيهما البيروقراطيين. لن يستخلصا الدروس ولن يقدما على الاصلاح المطلوب وفقا لمعايير محددة، ولن تنقدا اخطاءهما الكبيرة والصغيرة، وسيكون الخاسر الاول والاخير هو المواطن. وتلك نتيجة منطقية في غياب فعل حقيقي على الارض.
وراء الكلام - لم لا يكون ذلك الآن؟
بقلم: احمد دحبور – الحياة
ما زلت اذكر المفارقة وكأنها قد حدثت يوم امس فمنذ سنوات قليلة سعدنا في البيت، بزيارة ابني الوحيد الذي يعيش في الغرب. وقد رأى - ما دام ذلك ممكنا، ان يذهب الى حيفا، مسقط رأس ابيه.. وكان ان تأخر في حيفا حتى ساورنا القلق الذي تحول الى توتر ويأس مع قلة الحيلة، حتى اذا عاد، فوجئ بأثر تأخره على ملامحنا انا وامه.. والطريف انه لم يشعر بالغلط، بل طلع بالعالي علينا وهو يحتج على قلقنا من تأخره.. فقد كان في حيفا، وحيفا هي مدينته التي يحق له ان يحل فيها ما استطاع الى ذلك سبيلا..
الى هنا، وتفاصيل تلك الحادثة تبدو طبيعية، فالآباء يقلقون على ابنائهم - ولا سيما اذا كانوا مغتربين - والابناء لا يفهمون سبب ذلك القلق، فما دامت تلك حيفا، وما دامت حيفا بلد الاهل، فليس من سبب في الوجود يحول دون مكوث الابن في بلد ابيه!!
الا ان الواقع الضاغط يقول شيئا آخر، والمفارقة لا تحتمل استثناء عندما يتعلق الامر بالاحتلال والحدود والممنوعات والمخالفات وما الى ذلك من مظاهر القهر والاغتراب القسري..
ولعلي، اثناء غضبي من تسرع ابني، اغفلت بدهية بسيطة تقول ان الحياة ليست كما نريد، بل انها مرتبة وفق ما يراد لنا، وامامنا طريقان: اما ان نمتثل للواقع واما ان نضرب الحائط برؤوسنا.. وهكذا مرت تلك المفارقة بسلام لتكون مجرد اشارة من اشارات الحياة على الاجيال بالحكمة الزاجرة التي تدعو الاب الى مؤاخاة ابنه عندما يكبر..
ولكن مع ذلك يظل السؤال مفتوحا وقائما: هل ان حياتنا وظروفنا الفلسطينية طبيعية بحيث يمكن الاعتراض على ما جرى؟ فمن حق الابن ان ينعم برؤية بلاده ومن حق الابوين ان يخافا على ابنهما الذي ربياه كل شبر بنذر.. ويزيد المفارقة قسوة ان غلطة واحدة في المعادلة التي وقعنا ضمن حدودها، يمكن ان تؤدي الى الموت، فالقتل، في احد معانيه الممكنة هو فلكلور صهيوني ولا سيما حين يكون مشروع القتيل عربيا، انها الغلطة التي لا يمكن تسويتها بعقوبة ما، فاصبع الجندي على الزناد، وتهمة التخريب والعدوان جاهزة لالحاقها بالفلسطيني..
هل نسطح المسألة بالشكوى والقول انه ظلم تاريخي لا مثيل له؟ وانه الابارتايد بأبشع تجلياته؟ وهل يحتمل الامر، ولو نظريا، مجرد السجال او الجدال مع العدو المسلح حتى الاسنان؟
وقد يقول العدو في الرد عليك: انت الذي اتيت الى هنا، ولم يضربك احد على يدك لتقدم على ذلك، ولهذا العدو ان ينسجم مع لا منطقه الخاص وان يبتسم سعيدا لان الذي اوله شرط، آخره التزام. على ان يكون واضحا ان الالتزام مطلوب منا، والعقوبة مرسومة علينا ومن لا يعجبه فلينطح الجدار..
هل اريد من هذه الغمغمة ان اشير بشكل مباشر او غير مباشر، الى اننا وقعنا ضحية اتفاق مجحف؟ وهل يفهمنا الاشقاء العرب ونحن نعاني تحت وطأة هذه المظلمة التاريخية؟
لست في وارد فتح موضوع سياسي، فقد وقعنا في المأزق التاريخي وما كان كان، والمعادلة اكثر تعقيدا من ان نكون اصبنا او اخطأنا باتباع هذه الطريق والابتعاد عن تلك. ذلك انه منذ وقوع النكبة ونحن في موقع المذلين المهانين، حيث تطول قائمة الشكوى من جور الاحتلال الى سياسة ذوي القربى الى عدم المسؤولية التاريخية لدى المجتمع الدولي..
والجارح في الامر ان العربي الذي يمكن ان يتفهم آلامنا، هو جاهز بدوره لالقاء اللوم علينا، وقديما قالت امي: ماذا اتذكر منك يا سفرجل وكل مصة بغصة؟
ومع هذا، لا ارانا في موقع تدبيج شكوى جديدة، فالمظلمة التاريخية المزمنة قائمة وليس لنا الا ان نفعل شيئا، مع ان عابر الطريق يعرف ما علينا ان نفعل، وقد فعلنا الكثير، من الانخراط في الحياة السياسية العربية، الى المقاومة، الى انتاج ادب الرفض والاحتجاج، ولكن هل هذا يكفي؟ الا نفكر معا بصوت موحد مرتفع في الخطاب الذي نواجه به وطننا العربي والعالم؟ ولم لا يكون ذلك الآن؟

عين حجلة تجربة متقدمة
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
تجربة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي في الساحة الفلسطينية تتعمق وتتنوع. وبين الفينة والاخرى تتجلى في إبداعات جديدة ونوعية، تضفي أبعادا وروحا جديدة للكفاح الوطني التحرري، وتضاعف من الدعم الشعبي الداخلي والعربي والدولي بما في ذلك بين انصار السلام الاسرائيليين.
تجربة قرية عين حجلة، التي امتدت من يوم الجمعة الموافق 31 كانون الثاني حتى فجر يوم الجمعة الموافق 7 شباط الحالي، ليست جديدة بالمعنى الدقيق للكلمة، لانها امتداد لقرى "باب الشمس" و"يونس" و" كنعان" سابقة أقامتها قوى المقاومة الشعبية. غير ان قرية عين حجلة تميزت بالآتي، أولا مكان إقامتها في الاغوار، لتأكيد فلسطينية وعروبة ارض الاغوار؛ ثانيا زمن إقامتها، حيث أقيمت في لحظة سياسية يعلن فيها قادة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية رفضهم الانسحاب من الاغوار تحت حجج وذرائع كاذبة وواهية، وذلك للرد العملي على تلك الادعاءات، ولاظهار تمسك ابناء الشعب الفلسطيني بكل شبر من ارض دولتهم المحتلة عام 1967 وخاصة القدس والاغوار والخليل وغيرها؛ ثالثا اتساع نطاق المشاركة الشعبية والسياسية في إقامة القرية؛ رابعا تضاعف عدد الوفود الفلسطينية والاممية الزائرة للقرية والتضامن مع قاطنيها؛ خامسا ايضا المدة الزمنية، التي بقيت فيها القرية منارة للمقاومة الشعبية، حيث بقيت ثمانية ايام كاملة؛ سادسا عكست القرية تعاظم الدعم من كل ابناء الشعب ومحافظاته المختلفة، حيث أمها ورابط فيها من اريحا والاغوار والقدس وبيت لحم والخليل ورام الله ونابلس وسلفيت وطولكرم وجنين وقباطية وطوباس وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية. كما شهدت تكافلا مميزا، مما اعطى تجربتها زخما مهما..
لم يكن لدى القائمين على القرية أي وهم، من ان قوى جيش الاحتلال الاسرائيلي ستهاجم سكان القرية المناضلين، كما فعلت التجارب الوطنية السابقة. لكن الطريقة الوحشية، التي نفذتها تلك القوات البربرية فجر يوم الجمعة لاعادة إحتلال قرية عين حجلة، والتي ادت إلى اصابة العشرات من المرابطين فيها، كما اعتقلت العديد منهم. ولتبرير جريمتها الارهابية الجديدة ادعت زورا وبهتانا أسبابا لا اساس لها في الواقع، والاساس الوحيد، الذي وقف خلف عدوانها البربري، هو مواصلة الاحتلال للاراضي الفلسطينية.
الملفت للنظر، ان العالم وقف صامتا ومشلولا امام جريمة قادة إسرائيل العنصريين، ولم ينبس ببنت شفة. في حين لو ان تلك الجريمة حصلت مع قطعان المستعمرين الصهاينة، الذين يواصلون البطش والتخريب والتدمير والقتل في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 باشكال وعناوين مختلفة، لقامت الدنيا ولم تقعد!!
تجربة قرية عين حجلة "ملح الارض" تحتم على القيادة السياسية مطالبة المؤسسات الحقوقية التابعة لدولة فلسطين وللمنظمات الاهلية المستقلة ذات الصلة، باجراء بحث حقوقي استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومواثيق الامم المتحدة ومنظماتها الاممية، ووضع النقاط على الحروف من زاوية الانتهاكات الارهابية، التي ارتكبها ضباط وجنود جيش الحرب الاسرائيلي بحق سكان القرية، ورفعها لتلك المؤسسات ولقادة الدول والاقطاب وخاصة الراعي الاميركي لعملية السلام ولدول الاتحاد الاوروبي، ومطالبتها باتخاذ موقف واضح لا لبس فيه لصالح الشعب الفلسطيني وادانة جرائم جيش الاحتلال، ومطالبة حكومة نتنياهو بعدم التعرض لسكان القرى الفلسطينية، والسماح لابناء فلسطين باستثمار اراضيهم دون تدخل من مؤسسات دولة الاحتلال العسكرية او المدنية او قطعان المستعمرين الصهاينة.
فاضل الربيعي وفلسطين
بقلم: بكر أبو بكر – الحياة
ليس من السهل الانتقال الإيماني من فكرة أو رواية الى أخرى مختلفة أو نقيضة، لأن الايمان (طريق طويل) يتم زرعه بكثير من النباتات الدالة، وتخليصه من كثير من الشوائب التي لا تسمح -أو تحد- من قدرة النمو.
إن الايمان لا يسقط بالقلب نتيجة حلم ليلة بل هو (طريق طويل) لأن الله سبحانه وتعالى أمدنا بالعقل غرض التأمل والتفَكُّر والنظر والتدبُر والبحث ليتحقق الإيمان الحقيقي، والذي دونه - أي هذا التدبُّر - يكون الايمان مفترضا واهيا وليس متجذرا.
الهدى هدى الله هذا صحيح، والله يهدي من يشاء بالطبع وكما قال الله تعالى، ولكن افتراض حصول ذلك دون عمل وجهد وبحث وتقصي واستفسار ومعرفة وعلم نوع من الوهم والتمني.
الرواية تأتي في سياق مرتبط بتنشئة ودراسة وتربية قد تفرض إيمانا محددا سواء كان هذا الإيمان بمعتقدات دينية أو تراثية أو شعبية أواجتماعية أو تاريخية أو مهما كان، ولذلك - وبعد سنوات - يصبح نقضها أو الايمان بالجديد بما يخالفها هو الدخول في طريق مختلف كليا.
هذا بالضبط ما فعله الأستاذ فاضل الربيعي في دراسته وبحوثه التاريخية / المستقبلية المهمة التي سعت لتحرير العقل العربي والمسلم من الرواية الواحدة، وسعت لجعل العقل مأمورا بما أراده الله من تفكير وتأمل وتدبر برفض المستقر من المفاهيم التاريخية والثقافية التي أُضفِيَ عليها طابع من الاحترام والإيمان وصل لحد القداسة الدينية.
إن اسقاط القداسة على السرد التاريخي وسِيَر الأوائل، ورفعهم لمستويات إلهية هي من غلواء الانبهار، أو أفعال السلاطين بقصد الهيمنة والسيطرة، أو أفعال المتطرفين الذين يعبثون بالفكرة والرواية والتاريخ لغاية محددة سياسية أو فئوية أو مصلحية، فتُقتَل الروايات المختلفة ويُسلط الضوء في اتجاه واحد ما يعنى أن تحل العتمة والظلام في بقع كان من المتوجب النظر اليها وتأملها مقدمة للنقض ثم الإيمان.
كان من المهم الاطلاع على كتب الأستاذ فاضل الربيعي وروايته الجديدة للتاريخ الذي نعيشه، لأنه وبالدلائل العلمية والبحث المضني يثبت في سِفرِه الطويل (فلسطين المتخيلة -أرض التوراة في اليمن القديم) أننا أمام واقع جديد ثم تزييفه عمداً من قبل المؤرخين الغربيين، وتساوق معهم المؤرخين العرب والمسلمين، نظرا لطبيعة أدوات البحث القليلة، أو جهلا، أو قلة وعي، أو لافتقاد المصادر الأخرى.
يتواصل الربيعي في رسالته التصحيحية التاريخية-العلمية عبر سلسلة كتب وأبحاث لاحقة لفلسطين المتخيلة مثل (القدس ليست أروشليم) و(أسطورة عبور الأردن وتدمير أريحا) وغيرها من الكتب على نفس المنوال من خلق مفاهيم ووقائع وعلوم جديدة تفترض بك التخلي عن إيمان سابق في طريق انحرفت مساراته لقصد أو بغير قصد لتتجه حيث البقع المظلمة قد أضاءها.
لا تستطيع أن تُفلت من بين يديك كتبه، خاصة وأنه يتعامل مع الماضي الذي نعيشه اليوم نحن كفلسطينيين (ونحن كعرب) وهو مستقبلنا حيث تقوم المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية في أحد أهم مرجعياتها الثقافية الفكرية التاريخية الدينية على (الرواية)، فأين تقع الحقيقة من آلاف السنين التي انهالت بمعاولها لتدمي قلوبنا بسلسلة من الأساطير والأكاذيب أو التأويلات والترويجات المستندة للتوراة المحرفة ما أثبته علماء الآثار الاسرائيليين، وما أزعج كثير من المفكرين الاسرائيليين أيضا فوقفوا يتفكرون ويتأملون ويراجعون روايتهم... أفلا نفعل نحن ؟
يبرز أمامك مدى تطابق (الرواية) التي ينقلها ويتأملها ويعيد انتاجها فاضل الربيعي في كتبه مع (القرآن الكريم)، فلا تجد تناقضا والقرآن الكريم لا يتعرض في غالب قصصه -ما قبل الاسلام- للمكان بالتحديد أو لمسرح الاحداث أو للجغرافيا، فيهدأ قلبك وتستقر روحك وينشغل عقلك بتتبع أين وقع الخلل ولماذا ؟ ليجيبك الربيعي في كافة كتبه بالتفصيل، ولك الحكم.
لطالما تساءلت عن السبب الذي يجعل العربي أو الفلسطيني أو المسلم مثلي يتجه بفكره وتأملاته وقراءاته نحو الإيمان بالرواية الجديدة التي تنسف المستَقِر، وتجلب التعب والشقاء بل والاشتباك أحيانا مع مغلقي العقول وأصحاب الاتجاه الفكراني (الأيديولوجي) السقيم ؟ أو الجهّال من المؤلبين على الفكر الحر، أو المناهضين للتدبُّر والتفكُّر المقدسين للأشخاص ورواياتهم السقيمة أو رواياتهم المنقوصة، أو حتى تلك التي وضعوها بحسن نية أو دون تمحيص استنادا لنص توراتي قال الله فيمن كتبوه (أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه) وأنهم (يأكلون به ثمنا قليلا).
إن الانتقال بالوعي والفكرة من محطة إيمانية قديمة الى محطة جديدة تحتاج الى حافلة أو وسيلة نقل يقودها ماهر وحصيف ما وجدته في الاستاذ فاضل الربيعي الذي يصحح تاريخ فلسطين والمنطقة في مشروع بحثي ضخم حيث نخرج بقناعة مطلقة أن هذه الأرض لنا، ولم يكن الآخرون بها وإن تواجدوا لزمن في فضاء جغرافي آخر وبعيد فهم انقرضوا مثل عاد وثمود.

المستجيرون باستخبارات اسرائيل
بقلم: موفق مطر – الحياة
لن يسمح شعب فلسطين المكافح، المتطلع للحرية والاستقلال، المؤسس لمدرسة الابداع النضالي، لن يسمح للهابطين إلى مستوى الخدم بأخذ القرار نيابة عنه، وسيقيم تجربته مع هؤلاء، فينزعهم من سجله، ويعتبرهم مجرد صفحة دخلت أو ادخلت عن طريق الخطأ بين عنوان القضية الأنبل (فلسطين) والفهرس و(المراجع).
لقن شعب فلسطين الانتهازيين المرتبطين بأجندات خارجية وإقليمية دروساً، يفهم الصخر معانيها، ويحفظ الحكمة منها، أما هؤلاء الخاضعون لضغط (الأنا) المفرط، ما زالوا كعيدان الحطب، يحولهم المقهورون من استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، الى فحم فجمر لطبخ مشاريعهم، او لتشويه الصفحات الناصعة لسجل فلسطين، المخطوطة بحكمة قائد حركة التحرر ورئيس الشعب ابو مازن، ففي المحيط ألف يعقوب ويعقوب ولكل منهم غايات، قد تلتقي مع بعضها... لكن اكثرهم لا يلتقي مع خط فلسطين.
سيكشف الوطنيون العاقلون حقيقة هؤلاء الفهلويين، الذين دفعوا الكثير ليتدربوا على سحر الجماهير بالخطاب التعبوي ويكتشف هذا الشعب الذي لا يقبل بموقع المتفرج المخدوع ابدا، كم الخطايا والجرائم والأخطاء التي ارتكبوها باسمهم، وحجم استغلال واستثمار النفوذ في ميادين الفساد، سينزعهم من ذاكرته الفردية والجمعية، ويدفعهم إلى أقفاص العدالة لينالوا جزاء خداع المناضلين، والذين غمسوا سباباتهم في حبر الانتخابات.
لن يكون رئيسا ولا قائدا، ولا نائبا من باع صورة المناضل، واشترى نموذج (الخدّام)، فالشعب الفلسطيني الذي استجاب للرئيس القائد أبو مازن عندما خاطب الملايين: "ارفعوا رؤوسكم فأنتم فلسطينيون" لن يسمح لمن احترف الهروب من الميادين الى المكاتب المذهبة، برفع مصالحه على عظام ودماء أبنائه. فالشعب الحر يختار قادة أحراراً، أما الباحثون عن المواقع والمستجيرون بأجهزة استخبارات اسرائيل لينالوها، فإن فوزهم بكرسي على المريخ، أهون بمليون مرة من فوزهم بثقة شعب عجنهم وخبزهم، واستخلص العبرة من غفلته عنهم.
سيصطدم المتساوقون (المندفعون) لتنفيذ تهديدات قادة الاحتلال للرئيس ابو مازن بمتانة الجبهة الفتحاوية العصية على الانقسام، والجبهة الوطنية الحامية للقائد "أبو مازن"، فالهارب من وجه العدالة، والعامل في مكاتب القصور، لن يتمكن بعد الآن من التغبير على الرئيس المتمسك بثوابت شعبنا...، ولا على المخلصين، قادة العمل الوطني، فالشعب ينتصر لمن انتصر لمبدأ الحياة، ومضى بالاتجاه الصحيح... وليس لمن يبغي السلطة ان يصعد الى سدتها بمنطاد الخطابات والرسائل العنكبوتية... فمن يتقاضى اتعاب استشاراته الأمنية والسمسرة لشركات السلاح سيربح دولارات وعلاقات مع مستخدميه الكبار في الخارج، لكنه لن ينجح في كسب ثقة مواطن هنا في فلسطين.. فالشعب هنا هو صاحب القرار، حتى لو جاءه (هارب) من وجه العدالة، بألف ألف جمل محملة بأثقال من (الأخضر).
حبذا لو يغير البعض أسلوبه في الخطابة!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
استمعت بإصغاءٍ شديد قبل أيام لمحاضرة شارك فيها أحد الناشطين في الحملة الدولية للمقاطعة وسحب الاستثمارات كمتحدث رئيس، وهي الحملة التي باتت تؤثر وبصورة كبيرة في مفهوم المقاومة الشعبية السلمية الدولية في مواجهة الاحتلال الغاشم.
فارس اللقاء كان شاباً أشهد له بالمهنية والاحتراف ولا أملك إلا أن أحييه على دوره وزملائه في خضم سعيهم الدؤوب لتحقيق رسالتهم النبيلة.
وبما أن العتب على قدر المحبة فإن البحث عن بعض التوضيحات لا يفسد للود قضية، فالفارس الشاب أشبع الحضور توزيعاً للاتهامات والأحكام المسبقة واتهام بعض الفلسطينين بالتواطؤ والبحث عن المواقع والمصالح والتنازل عن الحقوق كاملة وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من أسطوانة القدح المشروخة.
ربما يكون الأمر حقيقة وواقعاً بالنسبة للبعض بحيث لا يستطيعون إخفاءه لكنه يدفعني لتساؤل صريح: ما فائدة أن تُبنى الحجج على خلفية سلخنا لجلود بعضنا البعض؟ أو تخويل الذات بإعطاء صكوك غفران هنا وحجبها عن هناك ؟وتصنيف الناس واتهامهم؟ وكأن الداعي قد غاص في صدور هؤلاء الناس وقرأ قلوبهم وعاد ليوزع المديح أو الاتهام حسبما يرى هو ومن منظوره الشخصي.
ما الذي إذا سيمنع الناس من الاشمئزاز من هكذا أسلوب والنفور منه واعتباره مزاودة بائسة؟ فربما لا يعرف فارسنا بأن نصف المشاركين في المحاضرة كانوا من اللاجئين الذين هُجّروا من أرضهم إبان النكبة بينما لم يكن أهله منهم، ولهذا كيف له مثلاً أن يتهم رفاق الحضور أو إخوتهم بالتنازل عن حق العودة رغم قناعتهم هم بأنهم لم ولن يفعلوا ذلك؟ وهل يا ترى صاحبنا وكما يقال أكثر ملكية من الملوك؟
هذا الشحن المتواتر والسعي المتتابع للانقضاض على أبناء جلدتنا ربما يراه البعض سعيا للانتصار للذات أو تسجيلا للنقاط أو استماتة فباعطاء الانطباع بأن الكل قد باع لكن صاحبنا هو الوحيد القابض على الجمر لا غيره.
أشهد صراحة بأن صاحبنا بالفعل هو من القابضين على الجمر وكلامي هذا ليس من باب التهكم عليه وإنما من باب العتب ومن باب الدعوة للكف عن النحيب الداخلي الذي سيُفهم بالنسبة للبعض بأن النجاح لا يبنى إلا على انقاض الآخرين وكراماتهم.
لذا يجب أن لا يستغرب صاحبنا عندما يسأله البعض: من أنت حتى تزاود على الناس فتقلدهم وسام الوطنية بينما تحجبه عن الآخرين؟ ومن أوكل إليم هذه المهمة؟ وما هو موقعك أصلا في هذه الحملة الدولية؟ ومن هي قيادتها ولجنتها المنتخبة؟
أنا شخصيا لا أبحث عن الرد لأنني أعرف أصالة الفارس المذكور لكنني أنصحه بتجنب الخطأ الذي بات عرفا وثقافة بالنسبة للبعض في العمل العام، ألا وهو السعي لبناء النجاح باتهام الآخرين وعلى انقاضهم. هذا لا يعني بأن الناس ملائكة بل كلها وكلنا جميعا خطاؤون.
لقد نُكب المجتمع الفلسطيني بالتمزق والشرذمة، لذا فإن المزيد من التشريخ لن يصنع قصة نجاح ولا انتصار.
لقد بات مجتمعنا ملكا في تشخيص الأمور لكن التميّز والتمييز لن يكونا إلا باقتراح الحلول لا العيش على الأطلال أو استطالة الشكوى والأنين.
وحدة الخطاب وحرمة المنافسين من أبناء جلدتنا يجب أن يكون العامل الرافع للعمل الوطني خاصة أن الانتقاد حق لكن التخوين والاتهام بالتواطؤ والتنازل والتراجع والانبطاح ليس شرفاً ولا يعبر عن بطولة أو حكمة.
ومع ذلك تحية للفارس المعروف لدي وللجمهور الذي استمع إليه والمجهول بالنسبة للقارئ.. علّ كلامي يكون ببرده وسلامه عنصرا دافعا نحو تطوير حجته وخطابه وحجة وخطب الآخرين!.. يا حبذا!


واقعية البطولة
بقلم: محمود ابو الهيجاء – الحياة
مرة اخرى يذهب الفلسطينيون بروحهم الوطنية وارادتهم وتوقهم الشديد للحرية والاستقلال، يذهبون عزلا الى مواجهات كبرى مع الاحتلال المدجج بكل انواع الاسلحة، وقد ازالوا حواجز الخوف كلها من هذا الاحتلال واسلحته بعد ان فتحوا دروبا الى "عين حجلة" من وسط الحواجز العسكرية الاحتلالية، مرة أخرى يذهب الفلسطينيون في انشاء قرى المقاومة على ارض المقاومة، ارض بلادهم، يذهبون الى تحدي موازين القوى على نحو اسطوري ولكن بواقعية البطولة وحقيقتها التي تظل ممكنة مع الارادة الحرة لشعب حر، "عين حجلة" افتتاح آخر جاء في التوقيت المناسب لمشهد المستقبل الذي لن يكون إلا فلسطينيا، وهو يضع ارض الاغوار في مقدمة هذا المشهد، باعتبارها عنواناً آخر من عناوين معركة الاستقلال والحرية.
ومثلما فعل الاحتلال مع "باب الشمس" و"بيسان" وغيرها من قرى المقاومة الشعبية، اقتحمت قواته " عين حجلة ودمرت حضورها المادي البسيط، خيم وبيوت قديمة بجدران من الطين استصلحها المقاومون بسقوف من سعف النخل، دمرت قوات الاحتلال كل ذلك، خاصة الجدران التي حملت شعارات المقاومة الشعبية، غير ان "عين حجلة" تعالت على هذا التدمير بحضور ابهى واوضح واكثر جدوى في الفكرة والأمثولة والدلالة، وهذا حضور لن يستطيع الاحتلال تدميره ولا بأي شكل من الاشكال.
معضلة الدبابة الاحتلالية انها قصيرة النظر، بل انها عديمة البصيرة، وهي تتوهم ان باستطاعتها اقتحام الفكرة وقلوب حامليها، وهي تتوهم ان جنازيرها يمكن ان تهرس الارادة والتاريخ معا..!!! من باب الشمس الى عين حجلة، نعرف ماذا يكتب التاريخ، وهذه اسماء قد باتت ساطعة في سماء نصوصه الفلسطينية بل والانسانية لطالما يكتبها الفلسطينيون من اجل سلام عادل في هذه المنطقة بواقعية البطولة وحقيقتها الواضحة في تجليات التحدي والمواجهة، ومن هنا نعرف ونؤمن ان المستقبل لنا ولهذه الاسماء الدالة والدليلة.