Haneen
2014-12-18, 11:36 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (280)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاحد
2/3/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
وسيلة ضغط جديدة: التهديدبالانسحاب الأحادي من الضفة!!
بقلم: حديث القدس – القدس
المطلوب إستراتيجية فلسطينية أردنية مشتركة في مواجهة مؤامرات التصفية
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
الأحد... وكل يوم أحد إسرائيل تعبث ببرميل البارود المحامي زياد أبو زياد
بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
في الذكرى السادسة والخمسين للوحدة المصرية السورية
بقلم: يوسف قطينة – القدس
إيران وأميركا.. ونبرة حديث مختلفة!
بقلم: كاميليا فيرد – القدس
مؤتمر «ايباك» ... وسراب الحل!!
بقلم: محمد الخطيب - القدس
خلفيات ما يبدو "سنة حرجة" !
بقلم: حسن البطل – الايام
أوكرانيا : "التتار" بيضة القبّان !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
دولة داعش "الإسلامية "وإسرائيل "اليهودية" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
الدعم الأميركي للاحتلال
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
تقتل النساء في بلدي ونحن نعدّهم
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة .. رواية الدكتاتور
بقلم: عادل الأسطة – الايام
تغريدة الصباح - يوم عالمي للمرأة
بقلم: حنان باكير – الحياة
زيارة تتحضر للأخرى
بقلم: عدلي صادق – الحياة
صناعة التطرف وعناصرها الاكثر اشتعالاً: فلسطين " المقدسة " في برنامج الاسلام السياسي..!
بقلم: فخري كريم – الحياة
العروبة.. الخضر..سعيد العاص
بقلم: موفق مطر – الحياة
لتوقف "حماس" تدخلها في مصر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
وسيلة ضغط جديدة: التهديدبالانسحاب الأحادي من الضفة!!
بقلم: حديث القدس – القدس
بدأت ترتفع في اسرائيل اصوات تدعو الى الانسحاب الاسرائيلي الأحادي من الضفة كوسيلة ضغط على السلطة الفلسطينية مع اقتراب موعد انتهاء فترة المفاوضات الحالية في 29 نيسان القادم والانسحاب الأحادي يعني ان يصبح الجدار حدودا اسرائيلية بالاضافة الى ضم المناطق التي يريدون الاحتفاظ بها في الأغوار والمستوطنات الأكثر أهمية والكبيرة، وليس الخروج الكامل كما حدث في غزة طبعا.
وتردد ان السفير الاسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل ادرن يقترح خطة لانسحاب احادي من الضفة اذا توجهت السلطة الى المؤسسات الدولية في حال فشل المفاوضات او توقفها. وقالت صحيفة «معاريف» ان اثنين من مساعدي رئيس الحكومة الاسرائيلية نتانياهو يعدان خطة لمثل هذا الانسحاب وسيقدمانها في وقت لاحق اي حين يكون الوقت مناسبا والظروف مهيأة لذلك.
والتهديد بالانسحاب الاحادي يعني انتشار الفوضى في الضفة، كما يتوقع الاسرائيليون، وسيطرة حماس وانهيار السلطة الوطنية بقيادة محمود عباس.
هذا على المستوى الرياسي والميداني، وفي هذه الاثناء فان هناك ضغوطا مالية كبيرة وتواجه السلطة تهديدات بوقف او تقليص المساعدات في حال توقف او فشل المفاوضات مما يعني تفاقم الازمة الاقتصادية واتساع دائرة الاضرابات وتعطيل المصالح العامة على مختلف الاصعدة.
وتترافق هذه التهديدات قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس ابو مازن ونظيره الاميركي اوباما والمقرر في واشنطن في 17 الجاري بناء على دعوة رسمية اميركية. كما ان نتانياهو سيلتقي الرئيس اوباما ايضا وللغرض نفسه.
وتقول بعض المصادر ان جهود وزير الخارجية جون كيري قد اقتربت من صيغة اتفاق الاطار وان اوباما قرر التدخل شخصيا في المساعي السلمية وسيعرض هذا الاتفاق على كل من ابو مازن ونتانياهو، وسيطلب منهما تمديد فترة المفاوضات الى ما بعد 29 نيسان وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية حتى الان، على افتراض بدء تنفيذ اتفاق الاطار المقترح.
وتبدو الصورة واضحة على المستوى الفلسطيني، فاما الاتفاق او الانسحاب الاسرائيلي الاحادي وتصعيد الازمة المالية، والاتفاق اقرب ما يكون الى ما تريده اسرائيل كما تدل كل المؤشرات وقبوله ليس سهلا ولا محتملا كما تؤكد التصريحات الفلسطينية الرسمية والعلنية، ولهذا فنحن نعتقد ان الاسابيع القليلة القادمة ستكون حافلة بالتطورات الجدية وستكون السلطة مطالبة باتخاذ قرارات صعبة وقد تكون مصيرية.
المطلوب إستراتيجية فلسطينية أردنية مشتركة في مواجهة مؤامرات التصفية
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
البرلمان الأردني اتخذ قرارا مسؤولاً في إطار ردود الأفعال العملية على مخطط بسط السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، بما لذلك من دلالات وانعكاسات وتداعيات سياسية ودينية وأخلاقية وحقوقية، في تأكيد أن هذا البرلمان انطلق من موقف وطني ارتبط بالأردن وهيبتها، ومن موقف قومي تجاه فلسطين ومقدساتها وتجاه القدس وأقصاها على وجه الخصوص.
وبقراءة متأنية في المواقف الأردنية الأخيرة بشأن التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، نجد أنه لم يبد حماسا لما يعده وزير الخارجية الاميركي جون كيري حول ما يسمى اتفاق إطار ، على اعتبار أن ما تسرب من نقاط هو مفصّل تماما على المقاس الإسرائيلي ، ولا يخدم القضايا والتوجهات العربية، ولا ينسجم مع روح المبادرة التي أطلقتها القمة العربية في بيروت. كما أن ما صدر من تصريحات ومواقف حول رفض الوطن البديل ، يعبر عن وعي دقيق لطبيعة ما يعد في الخفاء للانقضاض على القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من الموقف المعبّر عنه رسميا في " ان الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين"، الذي اختصر و كثفت الموقف المستند إلى موقف شعبي ومؤسساتي يرفض التوطين والوطن البديل، في مواجهة الاستراتيجية الإسرائيلية بكل توجهاتها الاقتلاعية .
وقد سبق هذه التصريحات والمواقف تصريحات أخرى حول الكونفدرالية ،معتبرة أن طرحها سابق لأوانه، وان الكونفدرالية تستجيب لإرادة دولتين أو كيانين مستقلين، فيما فلسطين ما زالت ترزخ تحت الاحتلال.
إن الضغوط التي تتعرض لها فلسطين والأردن في هذه المرحلة تتراوح بين السياسية والاقتصادية ، وان ما يصعّب التعامل مع هذه الضغوط، هو الوضع العربي المتشظي والانتفاضات التي أَفرغت من مضامينها ومساعي تفتيت الدولة الإقليمية العربية وتحويلها إلى دويلات طائفية ومذهبية متقاتلة متصارعة، بيد أن الاكتفاء بالتحسر على المشهد والتخوف من خطورته لا يكفي ، ولا يوقف الضغوط الخارجية ولا يضع حدا للابتزاز السياسي، حيث يمكن لفلسطين والأردن وبالتنسيق مع عدد من الدول العربية الأخرى التي لم يجرفها الطوفان تجميع الأوراق العربية المبعثرة والاصطفاف خلف إستراتيجية تحرك عربي تتعامل مع التحديات وتلتقط الحلقات الرئيسة الجامعة للقضايا العربية، وتتفاعل مع السياسة الدولية، مستفيدة من حالة التذمر الأوروبي المتزايد بخاصة ضد الاستيطان والتحيز الأمريكي لإسرائيل، وتبدأ في التأسيس لتحالفات دولية جديدة تقوم على التبادلية والمصالح الغربية في الوطن العربي، لان مفتاح العلاقات في هذا العصر المصالح المشتركة بعد تراجع وانكماش المبادئ وغياب الشعارات التضامنية الأممية، التي سيّرت سياسات دول كثيرة في القرن الماضي.
فالأوراق العربية من المفروض أن يتم إخراجها تدريجياً من الدرج الأمريكي، وحينما قررت السعودية والكويت والإمارات تقديم المعونات الاقتصادية لمصر على خلفية التطورات الأخيرة، كان في ذلك خروج على الاملاءات الأمريكية ، حيث ينبغي أن يعزز ويسند هذا المسار بسلسلة متدرجة من المواقف ، لكي يتم فرض خيارات عربية أخرى، لا سيما في ظل المتغيرات الدولية وبروز روسيا والصين وبعض التكتلات الاقتصادية الدولية، التي أخذت تضرب بقوة القرن الأحادي الذي هيمن على السياسة العالمية في العقدين الأخيرين وتحديداً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية.
وما زيارة المشير عبد الفتاح السيسي إلى موسكو والإستقبال الحافل الذي حظي به هناك إلا خطوة أولى ، من المفروض إتباعها وإسنادها وتأكيدها بخطوات أخرى أوسع من مصرية، حتى تدرك الإدارة الأمريكية أن العرب ليسوا منومين مغناطيسيا وأنهم يستطيعون التحرك في عديد الاتجاهات، كبديل عن حشرهم في الاتجاه الأمريكي، الذي يعتقد القائمون عليه أنه أصبح قدر العرب والعالم وليس لهم قدر سواه.
وعليه يتوجب على الفلسطينيين استثمار التطور في الموقف الأردني ويبادروا إلى الارتقاء بالتنسيق والتكامل في المواقف مع الأردن، في إطار الانفتاح على العرب وتفعيل الجامعة العربية وتحريرها من هيمنة دولة صغيرة باتت تلعب بالسياسة والمنطقة بالأموال والنفوذ لحسابات خارجية، وكأن دور هذه الجامعة أصبح مقتصراً على اتخاذ قرارات ضد سورية مصاغة خارجيا ويتم تمريرها من خلال قناة تعتقد أنها بأموالها قادرة على رسم خارطة المنطقة.
إن بسط السيادة على الإسرائيلية على الأقصى، وشطب عروبة القدس وخنقها بالمستوطنات، من المفروض ان يستنفر الطاقات العربية ويوظفها في الإطار الصحيح، وان اكتفاء هذه الجامعة العربية بتصريح عابر لا يضع النقاط على الحروف، بل يبقي الحروف تائهة باهتة غير مقروءة. فقط الذي يمكن قراءته والتعامل معه ضمن إظهار الندية العربية، يتمثل في الإستراتيجية الموحدة، الغائبة الآن، الآتية غدا إذا ما تضافرت الجهود وتكاملت الطاقات وخلصت النوايا.
الأحد... وكل يوم أحد إسرائيل تعبث ببرميل البارود المحامي زياد أبو زياد
بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
لا بد من التوقف كثيرا عند الأحداث التي شهدتها القدس والمسجد الأقصى يوم الجمعة أمس الأول في سياق ما يجري وما يمكن أن يجري في الأيام القادمة وانعكاسات ذلك على مستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل والمنطقة بأسرها.
فبالأمس كانت هناك مواجهات عنيفة في ساحات المسجد الأقصى واستخدام مفرط لقنابل الغاز في أروقته وعند أبوابه وتدفقت إلى داخله ، بعد أن كانت السلطات الاسرائيلية قد أعلنت مسبقا بأنها لن تسمح لمن هم دون سن الخمسين بدخوله ، أي أن معظم الذين كانوا يتواجدون في المسجد هم من المسنين الذين لا يطيقون التعرض لهذا الغاز ، ناهيك عن قدسية المكان التي تتطلب الحد الأقصى من ضبط النفس واحترام أجواء العبادة والتواصل مع الله في يوم هو من أقدس أيامه وهو يوم الجمعة.
وأما آلاف المواطنين الذين توافدوا للصلاة في الأقصى فقد وجدوا أنفسهم مضطرين أمام حواجز الشرطة والمنع الاسرائيلي لأن يصلوا في الشوارع والطرقات وعلى الأرصفة. ومن السهل جدا تصور شعور عشرات الآلاف من المصلين الذين وجدوا أنفسهم في عين عاصفة الغاز المسيل للدموع أو يصلون في الطرق والشوارع والأرصفة بعيدا عن بيت الله الذي سعوا إليه.
والذي حدث بالأمس لم يكن وليد ردة فعل مؤقتة على حادث معين وإنما جاء في سياق شعور متراكم بأن هناك نية إسرائيلية مبيتة لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى يتيح لليهود المتطرفين تقاسمه المكاني والزماني وهو تقاسم لم يحلموا به ولم يفكروا فيه خلال آلاف السنين ، كما أنه تقاسم لا يسعى إليه المتدينون اليهود وإنما فئة من اليهود الذين حولوا اليهودية إلى قومية ويرون في الأقصى ( جبل الهيكل ) رمزا قوميا وطنيا يخدم في المحصلة النهائية ادعاءاتهم السياسية بالحق التوراتي في الأرض المقدسة بما في ذلك القدس.
والذي حدث بالأمس لم يكن حادثا أو تصرفا من قبل فرد أو جماعة وإنما حدث وسيحدث في إطار سياسة حكومية رسمية تسعى إلى تحقيق هدف سياسي من خلال مكان ديني مقدس ، وتتحدث في تناقض فاضح عن التحريض الفلسطيني وعن رغبتها في السعي لتحقيق السلام مع جيرانها العرب وهي التي تمارس التحريض.
لقد أثبت تقرير موثق أعدته جمعية عير عميم الاسرائيلية تورط وزارة التربية والتعليم الاسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء والعديد من الوزارات والدوائر والجهات الحكومية الاسرائيلية في الحملة الممنهجة المنظمة للاقتحامات المتكررة للأقصى والسعي للصلاة في ساحاته وخلق واقع استيطاني فيه. ولقد شهد الأسبوع الماضي تصعيدا خطيرا تمثل في زيادة وتيرة النقاش في الكنيست الاسرائيلي حول فرض السيادة الاسرائيلية على الأقصى ، وكذلك تسليم جماعة إلعاد الاستيطانية المتطرفة صلاحية الاشراف والعمل المطلق في الساحات الملاصقة لحائط المسجد الأقصى من الجهتين الغربية والجنوبية بما في ذلك المنطقة المسماة قصور الأمويين في الجهة الجنوبية.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن جماعة إلعاد الاستيطانية هي التي تقوم بالبرامج الحثيثة المكثفة للاستيطان في السفوح الواقعة خارج باب المغاربة والمسماة " عير دافيد " أي مدينة داود وهي جزء هام من بلدة سلوان التي هي جزء من القدس ، فإن تسليم جماعة إلعاد المناطق الملاصقة للأقصى يشبه ما يسمونه تسليم القط مهمة حراسة علبة الجبنة أو ( الشمينيت ) كما يقولون باللغة العبرية ! لأن تواجدها وسيطرتها على هذه المناطق سيعني المزيد من التحرش بالمسجد الأقصى والمسلمين والسعي إلى التدخل في شؤونه والمزيد من الأنشطة الاستيطانية والحفريات تحت وحول الأقصى.
التصعيد في الهجوم على المسجد الأقصى والسماح للمتطرفين اليهود الدخول إلى ساحاته وغض النظر عن قيام بعضهم بالطقوس الدينية في ساحاته هو التحريض بحد ذاته لإثارة مشاعر المسلمين وجرهم للرد العنفي ضد هذه الممارسات الاسرائيلية لاستخدام ذلك ذريعة للمزيد من إجراءات التهويد . وأكبر دليل على تشجيع هذا التحريض هو محاولة فرض جو من الارهاب ضد المسلمين الذين يتصدون للمحاولات الاسرائيلية في الأقصى بما في ذلك ذلك السدنة والحرس الذين يقومون بوظائفهم فيه . فقد أصبحت السياسة الأمنية الاسرائيلية المألوفة هي إصدار أمر إبعاد عن المسجد الأقصى لمدد متباينة تتفاوت من أسبوعين إلى أشهر ضد أي مواطن فلسطيني يتصدى أو يعارض الاعتداءات اليهودية على الأقصى أي لتنقية ساحات الأقصى من أي عنصر يتصدى لمحاولات التهويد فشمل ذلك بعض الأئمة والشيوخ والحرس على حد سواء.
لا أعتقد أن من المجدي إنكار أهمية القدس والمكان الذي يسمونه جبل الهيكل ونسميه نحن بالمسجد الأقصى بالنسبة لليهود ، ولا يستطيع أحد أن ينتزع من قلوب اليهود حبهم أو تعلقهم بهذا المكان ، ولكن هناك حقائق تاريخية ودينية لا يمكن تجاهلها أو المساس بها، وأهم هذه الحقائق هو أن المسجد الأقصى الذي تم إعماره منذ الفتح الاسلامي للمدينة المقدسة هو أقدس ثالث مكان في العالم بالنسبة للمسلمين فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين وإليه تشد الرحال من كل بقاع المعمورة بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي.
لقد أدرك حاخامات اليهود عبر القرون الطويلة الحكمة من وراء عدم محاولة المساس بالأقصى وإثارة الفتنة بشأنه لما يمكن أن تجره عليهم فأفتوا بعدم جواز دخول اليهود الى ساحات المسجد الأقصى ، ناهيك عن الصلاة في ساحاته التي تشكل جزءا لا يتجزأ منه ولا تزال هذه الفتاوى سارية ومتبعة من قبل المتدينين الحقيقيين منهم حتى اليوم. ولكن المشكلة التي نواجهها هذه الأيام هي من أولئك الذين يركبون موجة الدين لأهداف قومية تمتهن الدين وتسيء إليه.
المسجد ألقصى هو برميل بارود لا يجوز العبث به أو إشعال فتيله، وإذا اعتقد البعض من الاسرائيليين بأن الأجواء العربية المتداعية هي أفضل فرصة لتحقيق أهدافهم فإنهم يخطئون كل الخطأ إذا ما اعتقدوا أن ذلك يمكن أن ينطبق على الأقصى.
ولعل من الألاعيب المكشوفة تجيير ما يجري في المسجد الأقصى من رفض للممارسات الاسرائيلية إلى حركة حماس في محاولة للتقليل من أهميته واستغلال الأجواء المعبأة ضد حماس لاستخدامها ضد الذين ينبرون للدفاع عن الأقصى أو المساس بمصداقيتهم السياسية.
فقد نقلت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي عن ضابط كبير في جهاز المخابرات العامة ( الشاباك ) قوله أمام محكمة إسرائيلية أن أكثر ما يخشاه الشاباك في الآونة الأخيرة هو محاولة إشعال منطقة الأقصى على يد حركة حماس ، بغية تصعيد الأوضاع في الضفة الغربية. ومن الواضح لكل ذي عينين في وجهه أن هذا الكلام إما أن يكون مغرضا وإما أن يكون ساذجا وهو قول خاطيء في كلتا الحالتين. فالمواجهات التي تقع في الأقصى وفي سائر أنحاء مدينة القدس هي رد فعل تلقائي من قبل كل شرائح المواطنين بما في ذلك النشطاء المسيحيون ضد الاستفزازات الاسرائيلية فكيف يمكن أن يقال بأن هؤلاء هم من عناصر حماس! ونفس الحديث ينطبق على الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية.
الأوضاع متفجرة ليس فقط في المسجد الأقصى وإنما في كل أرجاء الأرض المحتلة وستزداد تفجرا إذا ما حاولت أمريكا وإسرائيل فرض ورقة مبادىء مجحفة بحقوق شعبنا على الرئيس عباس. وعلى الاسرائيليين أن يختاروا إما الدخول في مواجهة لا نهاية لها مع الاسلام والاسلاميين والمسلمين بكل أشكال منظماتهم وتنظيماتهم وفي صراع طويل الأمد سيكونون هم الخاسرين فيه ، وإما ان ينزعوا فتيل القنبلة ويعودوا إلى الحكمة التي اتسم بها حاخاماتهم عبر عشرات القرون والتي حرمت عليهم الدخول إلى ساحات المكان المقدس. أما الاستمرار في إطلاق العنان للمتطرفين المهووسين فهو أعنف شكل من أشكال التحريض تمارسه إسرائيل وعليها أن تتحمل نتائجه وعواقبه.
في الذكرى السادسة والخمسين للوحدة المصرية السورية
بقلم: يوسف قطينة – القدس
صادفت يوم السبت الماضي الثاني والعشرين من شهر شباط الماضي الذكرى السادسة والخمسون للوحدة المصرية السورية، حيث وقع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية المصرية في شباط من عام 1958 اتفاق الوحدة مع رئيس الجمهورية السوري شكري القوتلي، وهكذا اتحدت مصر وسورية في دولة واحدة حملت اسم الجمهورية العربية المتحدة. وعرفت سورية حينذاك بالاقليم الشمالي ومصر بالاقليم الجنوبي، فكانت اول وحدة عربية في التاريخ الحديث.
وقد اضطر الرئيس جمال عبد الناصر للاستجابة لضغوط مجموعة من الضباط السوريين الذين زاروه في القاهرة، مناشدين اياه الاستجابة للمطالب الشعبية السورية الملحة بإقامة دولة الوحدة لحماية الدولة السورية من المؤامرات التي تتعرض لها، وخاصة من دول حلف بغداد آنذاك وهي بريطانيا والعراق وايران وتركيا وباكستان، ذلك الحلف الذي كانت الولايات المتحدة هي من اقترحت انشاءه رغم انها لم تنضم رسميا الى عضويته، وكان الغرض الاساس من انشاء هذا الحلف تطويق الاتحاد السوفييتي، ومنع تمدده، والحيلولة دون وصوله الى المياه الدافئة، اضافة الى ضمان استمرار وصول نفط دول الشرق الاوسط الى الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى.
ولم يكن الرئيس عبد الناصر متحمسا لانجاز الوحدة مع سورية، لأنه كان على دراية وثيقة بالمشاكل المعقدة الكثيرة التي تعاني منها الدولة السورية، فلم يكن يطمح لادارة شؤون سورية ولا ان يرث مشاكلها الداخلية، وانما كان ينادي بمبدأ التضامن العربي، وهكذا دفعه السوريون دفعا الى الاتحاد مع سورية والموافقة على قيام الجمهورية العربية المتحدة. وكانت شعبية الزعيم المصري قد بلغت الذروة في العالم العربي بعامة وفي سورية بخاصة، خاصة بعد فشل العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الاسرائيلي على مصر في عام 1956، والشعب العربي السوري معروف بتعلقه الشديد بالقومية العربية وبالوحدة العربية، فدمشق كما قال الزعيم عبد الناصر "قلب العروبة النابض".
وهكذا وقع الزعيم عبد الناصر على اتفاقية الوحدة مع سورية مرغما، لانه كان يرى - وبحق - ان البلدين سورية ومصر ليستا ناضجتين بعد لتحقيق وحدة اندماجية، وكان يعلم انه يرث من دولة الوحدة تلك مشاكل فوق طاقة اي قائد وزعيم، وكان الرئيس شكري القوتلي حذره من ان الدخول في وحدة مع سورية لن يكون بالامر السهل، وقد قال عبد الناصر ان القوتلي بعد ان وقع اتفاق الوحدة معه التفت اليه قائلا وهو يبتسم: "تهنئتي يا سيادة الرئيس!! انك لا تعرف ماذا اخذت انك لا تعرف الشعب السوري، فقد ورثت امة نصف افرادها من السياسيين، وربع آخر من افرادها يعتبرون انفسهم من الانبياء. وثمن الامة يعتبرون انفسهم من الآلهة. ان في سوريا اناسا يعبدون الله واناسا يعبدون الشيطان "طائفة اليزيديين".
وقد لقيت الوحدة المصرية - السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة ترحيبا واسعا من جماهير الوطن العربي من المحيط الى الخليج. حيث اعتبروها بداية لوحدة عربية شاملة بعد ان مزقت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 الوطن العربي الى اقطار ودويلات متناحرة متفرقة، وذلك تطبيقا للسياسة الغربية الاستعمارية القديمة "فرق تسد". وفي ذات الوقت فإن هذه الوحدة ازعجت كثيرا الدول الاستعمارية وكذلك اسرائيل، حيث رأت فيها تهديدا جديا لمصالحها الاستعمارية في المنطقة، وكذلك تهديدا لحليفتها الاولى في المنطقة اسرائيل، اذ ان السياسة الغربية تقوم وحتى الان، على عنصرين هامين هما ضمان استمرار وصول النفط الى الدول الغربية وضمان امن اسرائيل. وكذلك فإن دول حلف بغداد ودولا عربية اخرى وقفت ضد هذه الوحدة .
كانت الجمهورية العربية المتحدة اذن نواة اول وحدة عربية حقيقية، قامت باختيار حر من شعبين عربيين شقيقين، ولم تفرض فرضا من الاعلى اي من الحكام. حيث تم توحيد برلماني مصر وسورية في مجلس الامة، والغيت الوزارات الاقليمية، وشكلت وزارة موحدة، ووحد جيشا البلدين تحت قيادة واحدة، واختيرت القاهرة عاصمة للجمهورية العربية المتحدة، وانتخب الزعيم جمال عبد الناصر رئيسا لهذه الجمهورية الذي بلغت شعبيته في سورية حدا ان قامت جماهير الشعب السوري بحمل السيارة التي كان يستقلها.
ولكن هذه الوحدة العربية الاولى في العصر الحديث لم تدم طويلا، اذ تضافرت اسباب داخلية واخرى خارجية لوأد هذه الوحدة، ففي الثامن والعشرين من ايلول عام 1961 قام العقيد في الجيش السوري عبد الكريم النحلاوي بانقلاب ادى الى الانفصال بين الاقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة والاقليم الجنوبي، علما ان النحلاوي كان كاتم سر المشير عبد الحكيم عامر والمقرب منه، حيث اوكل الرئيس عبد الناصر الى المشير عامر ادارة الشأن السوري من دمشق.
اما اهم الاسباب الداخلية لانهيار هذه الوحدة فتتمثل في قيام الرئيس عبد الناصر بتأميم البنوك الخاصة والمعامل والشركات الصناعية الكبرى السورية، وكذلك استقدام كثير من العمال المصريين الى مدن الاقليم الشمالي «سورية» الامر الذي ادى الى اختلال توازن القوى العاملة والاستبداد الذي مارسه المشير عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج مدير المكتب الثاني، والقضاء على الاحزاب السورية علما ان السوريين يفتخرون بالتعددية السياسية، وكان الرئيس عبد الناصر اشترط حل الاحزاب السورية كشرط بقبوله الوحدة، وكذلك فإن عدم التواصل الجغرافي بين مصر وسورية كان من الاسباب الرئيسية لهذا الانفصال.
ان عدم التواصل الجغرافي بين مصر وسورية جعل من تدخل عبد الناصر عسكريا في سورية للقضاء على الانفصال امرا غاية في الصعوبة والتعقيد. وقد حاول ذلك حين ارسل قوات عسكرية محمولة جوا الى مدينة اللاذقية السورية، حيث انطلقت الطائرات من الاراضي المصرية.
واما العوامل الخارجية التي ادت الى الانفصال فتمثلت في تآمر الدول الغربية الاستعمارية مع دول عربية كانت تعرف «بالدول الرجعية»، ذلك لان الدول الغربية لا تريد رؤية دولة عربية قوية في المنطقة تكون نواة لدولة عربية شاملة تتحرر من قيود التبعية وتعمل لصالح الجماهير العربية، وتستغل ثرواتها الطائلة لصالح تلك الشعوب، بدلا من ان تذهب للدول الغربية الاستعمارية ولأنظمة متعاونة معها. كما ان اسرائيل والدول الغربية رأت في الجمهورية العربية المتحدة تهديدا جديا لامن اسرائيل، بل ولوجودها بحد ذاته، حيث شكلت الجمهورية العربية المتحدة فكي كماشة احاطا باسرائيل، وخاصة بعد قيام الثورة العراقية في الرابع عشر من تموز عام 1958 والتي ابدت تعاطفا كبيرا مع الرئيس عبد الناصر، وكانت في بدايتها تسعى الى الوحدة مع مصر وسورية.
وهكذا تضافرت عوامل داخلية وخارجية ادت الى القضاء على اول دولة وحدوية عربية في العصر الحديث، وعاد العرب من جديد الى التشرذم والتفرق والتناحر من جديد وقد حاول الرئيس عبد الناصر عقب الانفصال مباشرة اعادة سورية الى الجمهورية العربية المتحدة، وارسل سفن الاسطول المصري الى اللاذقية، ولكن حين علم ان هناك اوامر سورية بمقاومة رجال الاسطول المصري امر بإعادة الاسطول قبل وصوله الى اللاذقية وقال :«ان العربي لا يقتل اخاه العربي».
ورغم انفصال سورية عن مصر فإن عبد الناصر اصر على ان تبقى مصر تحمل اسم الجمهورية العربية المتحدة، لانه رغم الطعنة الاثيمة التي وجهت الى دولة الوحدة، فإنه لم يفكر الا بالوحدة العربية وظل متمسكا بها، علما ان الانفصال كان له اعظم تأثير في صحة عبد الناصر، وفي ازدياد وطأة مرض السكري عليه، وظلت مصر تحمل اسم دولة الوحدة وعلمها، حتى جاء الرئيس الاسبق السادات في عام 1971 فهدم كل انجازات عبد الناصر، حيث الغى اسم الجمهورية العربية المتحدة وجعله جمهورية مصر العربية، وعزل مصر عن محيطها العربي، وسلبها دورها الريادي والقيادي والتاريخي للأمة العربية، حين وقع اتفاق صلح منفرد مع اسرائيل عام 1979، مكرساً الروح القطرية والاقليمية في الوطن العربي، وبذا دخل العالم العربي مرحلة جديدة من التشرذم والتنازع والفرقة والفتن والحروب الاهلية.
وفي الذكرى السادسة والخمسين لأول وحدة عربية في التاريخ الحديث، ينظر المواطن العربي اليوم بأسى يعصر قلبه وبألم يمزق كبده، وهو يرى ما آل اليه حال الوطن العربي، حيث الحروب والفتن المذهبية والانقسامات وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، فالسودان اصبح سودانين، وقد يصبح ثلاثة او اكثر، والعراق أصبح ثلاثة اقاليم متناحرة، وأعيد الى القرون الوسطى، وما زال شعبه يدفع العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى يومياً جراء العمليات الاهاربية والانتحارية، واليمن، الذي كان يمناً سعيداً على طريق التقسيم والحرب المذهبية والاهلية تنخر بنيانه الداخلي، ولبنان مشرذم بين فريقي الثامن من آذار والرابع عشر من آذار.
اما سورية، قلب العروبة النابض، الذي اضطر عبد الناصر في عام 1958 القبول مرغماً على الوحدة معها، لحمايتها من الاخطار الخارجية والداخلية التي تهدد بتمزيقها وتفتيتها، فها هي اليوم تدخل عامها الرابع في حرب اهلية مدمرة، يحيكها اعداء الأمة الذين لا يريدون خيراً لهذه الامة، وها هو جيشها يستنزف في تلك الحرب الاهلية، وها هي تسير على خطى العراق من حيث التدمير والفتن المذهبية والطائفية، ويشرد شعبها بالملايين داخلها وخارجها، والعرب بعضهم يشارك في ذبح سورية وآخرون يفقون متفرجين صامتين، وصار رفض عبد الناصر من قتل العربي اخاه العربي غدا امراً عادياً.
ان الوحدة العربية اليوم غدت سراباً ومحظورة عربياً واقليماً ودولياً، وحلت محلها الاقليمية والقطرية والتجزؤ والتفكك، وبذلك تعيش الأمة العربية حالياً اسوأ عصورها واشدهما انحطاطاً، حيث فقدت بوصلتها اذ اصبحت القدس وفلسطين نسياً منسياً، بل ان فلسطين ذاتها اصبحت اليوم مقسمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وغدت احاديث المصالحة وهماً وأحاديث ممجوجة مل منها المواطن الفلسطيني، ولم يعد يصدق تلك الاحاديث عن الوحدة وإعادة اللحمة الى جناحي الوطن، وهكذا غدت هذه الوحدة فلسطينياً وعربياً كما حكى عن خيال الطيف وسنان.
إيران وأميركا.. ونبرة حديث مختلفة!
بقلم: كاميليا فيرد – القدس
اختتمت جولة المحادثات الأخيرة بشأن الملف النووي الإيراني، التي جرت في العشرين من (شباط) في العاصمة النمساوية فيينا، أعمالها بطريقة أثارت دهشة المراقبين، حيث وافقت إيران والقوى الكبرى، خلال تلك المحادثات المهمة والدقيقة والشاملة في الوقت نفسه، على إطار عمل للوصول إلى اتفاق نهائي يأمل الجميع توقيعه خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
وقالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: «لقد كانت ثلاثة أيام مثمرة للغاية، حيث حددنا خلالها جميع القضايا، التي نحتاج إلى معالجتها حتى يجري التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي».
وقد ظهرت تلك النبرة الإيجابية أيضا في كلام محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، الذي قال: «يمكننا التوصل إلى اتفاق مجموعة 5+1 خلال المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني».
وقد عقدت جولة المحادثات الأخيرة بعد يوم واحد من الخطاب العاصف الذي ألقاه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، حيث قال إنه غير متفائل بشأن المحادثات لكنه - في الوقت ذاته - ليس ضد المفاوضات. وقد جاءت تلك التصريحات العاصفة على خلفية غضب خامنئي بسبب تصريح الإدارة الأميركية بأنها ستناقش بعض القضايا الأخرى خلال المحادثات النووية.
وكان جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، قد صرح أنه «يتعين على الإيرانيين أن يتعاملوا مع الأمور المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الخاص بهم، الذي يخضع لقرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والذي يعد، حسب خطة العمل المشتركة، جزءا من مفاوضات الاتفاق الشامل والنهائي».
وتعد الولايات المتحدة وحلفاؤها صواريخ إيران جزءا من التهديد النووي المحتمل الذي تملكه طهران، وعليه فينبغي مناقشة مسألة الصواريخ الإيرانية خلال المحادثات بشأن اتفاق نووي دائم مع إيران، لكن إيران تقول إن الصواريخ الباليستية هي جزء لا يتجزأ من نظامها الدفاعي وليس لها علاقة بالمحادثات النووية.
وكنت قد سألت جون ليمبرت، وهو دبلوماسي أميركي كان يعمل سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال فترة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، عما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران من دون أن تتبنى القوى الست قرارا بشأن برنامج إيران النووي.
فأجاب ليمبرت: «ما يدهشني حقا هو التغير الكبير في لهجة هذه الاجتماعات، فقبل بضعة أشهر كان الجميع يتبنى مواقف مسبقة ضد الآخر، ويرفض كل طرف ما يقترحه الطرف الآخر، ثم يدخلون في مناقشات لا نهاية لها حول مكان وزمان الاجتماع المقبل. أما الآن، فيصف الطرفان اللقاءات بأنها جادة ومهنية».
وصرحت ويندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية ورئيسة فريق المفاوضين الأميركي في المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية الست (مجموعة 5+1)، قد قالت السبت، 22 (شباط)، إن الهدف من المفاوضات التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران بحلول العشرين من (تموز) المقبل. وقد جاءت تصريحات شيرمان خلال مؤتمر صحافي في القدس خلال زيارتها لإسرائيل لإطلاع الإسرائيليين على نتائج الجولة الأخيرة من المحادثات مع إيران. وفيما يبدو تحذيرا موجها لإسرائيل، قالت شيرمان إن الولايات المتحدة تأمل ألا يتدخل أحد في المحادثات.
ويمكن أن تفهم تصريحات شيرمان في سياق حرص الرئيس أوباما على غلق ملف إيران النووي في أقرب وقت ممكن قبل أن يتدخل المحافظون في إيران للتأثير في المحادثات أو تتغير الإدارة الأميركية. وقبل يوم واحد من انطلاق جولة المباحثات الأخيرة، مهد آية الله خامنئي الأرض لسحب فريق المفاوضين الإيراني إذا أصرت الولايات المتحدة على إثارة قضية «الموضوعات المرتبطة» بالملف النووي خلال المحادثات أو هددت إيران. وبالفعل، جرى التعامل بشكل جيد مع المخاوف التي أعرب عنها المرشد الأعلى، حيث قالت شيرمان: «سيكون من الأهمية بمكان أن يتوفر لمفاوضينا وشركائنا المجال لإنجاز هذا الأمر بالطرق الدبلوماسية. المحادثات مع إيران ستكون صعبة ونحن لا يمكننا أن نتحمل أن تصبح أكثر صعوبة».
ولسعادتهم باللهجة الجديدة والنهج الدبلوماسي الذي تبنته الولايات المتحدة أخيرا، قامت الصحف الإصلاحية الإيرانية بنشر صورة شيرمان على صدر صفحاتها الأولى. وقالت الصحف: «في قلب إسرائيل، جرى الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم».
وكانت شيرمان قد قالت خلال المؤتمر الصحافي في القدس إن برنامج إيران النووي يجب أن يبقى «محدودا ومقيدا ومراقبا، وينبغي التحقق باستمرار من سيره في الطريق الصحيح». والسؤال الآن: هل ستقدر إيران، لا سيما المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، هذا التغيير في لهجة أميركا؟
يقول ليمبرت: «أنا لا أعرف ما إذا كان البعض سيقدر مثل ذلك التغيير، لكن من وجهة نظري، وخاصة من منظور الولايات المتحدة، يبدو هذا التغيير تحولا جذريا بعد 34 سنة لم تشهد أي نوع من الاتصال إلا تبادل الاتهامات».
ومن المقرر أن يجري الاجتماع المقبل بين إيران ومجموعة 5+1 على مستوى نواب وزراء الخارجية في السابع عشر من (آذار) في العاصمة النمساوية فيينا.
مؤتمر «ايباك» ... وسراب الحل!!
بقلم: محمد الخطيب - القدس
*في الصحاري تتراقص فقاعات ضوئية لامعة، عبارة عن انعكاسات ضوئية منبعثة عن حبيبات الرمل الزجاجية جراء سقوط خيوط اشعة الشمس عليها ، فتتراءى للظمآن السائر في الصحراء وكأنها امواج مائية رجراجة ، فيهرول نحوها مسرعا ليروي ظمأه ، ويبقى هكذا الى ان يسقط مغشيا عليه جراء هرولته لمسافات طويلة بهدف الوصول الى الماء ذلك الماء" الوهمي " والذي يسمى " سراب " .
انا لا اود البتة ان نكون لاهثين خلف السراب ، وفي الوقت ذاته لا اقبل ان نكون ضحية وهم ، ومع هذا تعتريني حالة من الانفكاك من حلقات الشؤمية مستذكرا ان الصهيونية العالمية قد بقيت مئات السنين تعمل في سبيل الخامس عشر من ايار 1948 وليته لم يكن.
ذلك العمل الذي قاد الى اقتلاعنا وتأسيس دولة اسرائيل يعطينا حافزا قويا على ان نعمل دون كلل او ملل للوصول الى اعلان دولتنا الفلسطينية على ارضنا الفلسطينية وان نقتل الاحباط بسيف الامل ونخترق التعاسة بسهام الاصرار وندحرها نحو اوكار اللاممكن، نابذين الاسترخاء على فراش الوهم فلكم لوت الايام من عزائم بعض المناضلين عبر التاريخ لا بسطوة ولا بسجن ، بل بفتنة الاحلام الواهنة واللهاث خلف السراب ، موقنا ان المناضلين العظماء يظلمون عظماء ويموتون عظماء ويرفضون التحول الى قطط سيامية تحت وطأة اقدام الفردية ، ليضعوا الآمال في ادراج المستقبل كي يبعدوا ذواتهم عن الوقوع في حبائل " انفكاك الان " مدركين تماما ان المستقبلية على دروب الكفاح هي عملية نضالية من الطراز الاول ، فإن عمر القضية أي قضية جمعية لا يقاس بعمر هذا الفرد او ذاك ، فهناك ثمة تباين اذا لم يؤخذ بالحسبان تماهي الوضوح بين اللهفة على الانجاز ومدى الانجاز والقدرة على تحقيقه .
فالثقة بعدالة القضية وحتمية انتصارها لا تكفي لتشكيل وصناعة " كنه " الصمود ، كونه لا بد وان يضاف لها " الجاهزية المعنوية المتمثلة بالثقة بالنفس لدى صاحب القضية باعتبارها البعد الامثل للصمود .
فالاقدام على ارتجال المواقف التي تمثل احيانا " سراب الحل " يعني دفع الذات الى الانتحار والذي يعني دون مواربة اقرارا ذاتيا بـ " الخيبة " وهي تعبير حقيقي عن قصر النفس والرغبة الجامحة في تحقيق الغاية دون الاخذ بعين الاعتبار " العامل الزمني " وايغالا مفرطا في احساس غامر يشيء بأن لا شيء صوابا سيكون بعد الذات ، ما يعني شطب البعد والعامل الزمني ، أي " نكوصا " متعمدا " لخلق " " تثريب " !؟
من هنا لا يتوجب علينا خداع انفسنا بالوقوف على رقائق جليد هشة سرعان ما تذوب لحظة ملامسة خيوط شمس الحقيقة ، فللحقيقة سطوة ترفض مجاملة الزيف .
ليس مغالاة ان قلت بأن السياسة الامريكية الدولية هي ترجمة حقيقية للرغبة الصهيونية وتنفيذا طيعا لإملاءاتها ، ففي هذه الاثناء تجتمع منظمة " أيباك " – اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة – حيث سيفتتح المؤتمر السنوي في مقر المؤتمرات في واشنطن العاصمة الامريكية وتستمر أعمال هذا المؤتمر لمدة أربعة ايام .
اللافت للنظر ان المتحدث الرسمي في المؤتمر هو جون كيري ويرافقه اليهودي الامريكي جاكوب لو والذي امضى سنيّ شبابه عضوا ناشطا في منظمة " أيباك " وسيركز كيري في خطابه امام المؤتمر على ان " امريكا لن تساوم على حماية اسرائيل تحت كل الظروف ومهما كلّف الثمن " ، وان الحل النهائي لمعضلة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي يجب ان يكون ضامنا لأمن اسرائيل ويهوديتها وديمقراطيتها ، كما وعلى الفلسطينيين ان يعيشوا في دولة مستقلة تتعايش بسلام وتطبيع مع جارتها اسرائيل ، ناهيكم عن التطرق الى الملف الايراني الذي خمدت نيرانه الان جراء ادراك امريكا وأيباك ان أي حرب تشن ضد ايران ستجر المنطقة الى حرب اقليمية تنحسر فيها جيوب النفوذ في منطقة الخليج .
وفي مقابل ذلك تهمس ايباك بصوت مسموع ان على الفلسطينيين ان يتخلوا عن وهم العودة فهو ضرب من الخيال ، كما وعليهم – الفلسطينيين ان يعترفوا بيهودية الدولة !.
من هذا وغيره من المواقف يتضح جليا ان كيري يترجم فقط الرغبة الصهيونية ادراكا منه ان إيباك هي " مصنع " السياسة الدولية دون أن تكون امريكا هي اسرائيل ، والا فما معنى ان تضرب اسرائيل بعرض الحائط كل القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة والمتعلقة بالاراضي الفلسطينية المحتلة ومن ضمنها ان لم يكن واحدا من قراراتها المهمة والذي اشار اليه الفيلسوف الراحل روجيه جارودي في كتابه " الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية " حيث "فرضت الولايات المتحدة "اسرائيل " على الامم المتحدة بتاريخ 11/9/1949 ، وقد رفضت الامم المتحدة قبول اسرائيل في عضويتها الا ضمن ثلاثة شروط وهي :-
1- عدم المساس بالقدس .
2- السماح للفلسطينيين بالعودة الى ديارهم .
3- احترام الحدود التي وضعها قرار التقسيم .
وفي حينه علّق ديفيد بن غوريون على هذا القرار بقوله :" انه يعتبر باطلا وكأنه لم يكن " .
وفعلا تم اهمال هذا القرار مثل الكثير من القرارات الاخرى التي باتت في عداد الماضي ، والان تم استبدالها بقرارات اسرائيلية تنفذها الادارة الامريكية دون الرجوع الى الامم المتحدة بل يكفي الاستماع الى " إيباك " !؟.
من هنا فإنه لمن دواعي الاسى اللهاث خلف السراب ، وما بقي على امريكا الا وان تدرك ان فشل الوصول الى اتفاقية سلام ثابت ودائم وشامل يفضي الى اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والصلاحيات وإعادة الحقوق الى اصحابها الشرعيين استنادا الى المواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية ، سيترك في اعقابه اثرا سلبيا كبيرا سيعيد المنطقة برمتها الى مربع الطحان الذي سيفتح الابواب على مصاريعها امام كل طغاة العصر كي يتنفسوا الصعداء .وسيرى بوضوح ان العقبات المنثورة في طريق الوصول الى سلام ستنزع عن امريكا خصالها كقوة عظمى تستطيع فرض الحل الايجابي آخذة بعين الاعتبار ان مصالحها في الشرق ليست بمعزل اطلاقا عن انهاء المعضلة الفلسطينية التي باتت تتقاذفها امواج " الانحياز الامريكي التام " والارتجال المرتكن الى ديماغوجية فكرية نابعة اصلا من اسطورة منبثقة عن قوة ليس لها للآن ندا .
خلفيات ما يبدو "سنة حرجة" !
بقلم: حسن البطل – الايام
أولاً، قصة شخصية فتحاوية طريفة ـ ظريفة، ثم، صُعداً، إلى المنظمة فالسلطة.
كان مؤتمر "فتح" العام الخامس أول مؤتمر أحضره، وكنت ضحية "لعبة كولسة" من إخوة في الحركة، بعضهم حضر المؤتمر الأول. "حشروني" في غرفة النوم مع شريك يعرفونه فيتجنبونه، ولا أعرفه فلم أجتنبه.
تعرفون أن مؤتمرات الحركة تشهد أكبر "كولسة" في غرف الاستقبال والنوم، بعد انتهاء الجلسات العامة للمؤتمر، التي بعضها يستمر حتى ساعات الليل المتأخرة، أو الصباح الباكر.
سألت شريك غرفة النوم: من أي ساحة هو؟ قال الكويت. كم سنة لك هناك؟ قال: 36 سنة.. بس.. أنا رئيس الديوان العام للموظفين في الكويت.
عرفت لماذا يتجنبه أعضاء المؤتمر، فهو إسلامي متديّن، ويقيم صلاة الفجر في وقتها، أي حيث يدير بقية أعضاء المؤتمر نقاشاً في الغرف حتى شروق الشمس.
إلى الآن، بعد 42 سنة إعلامية ـ صحافية، ما أن أفتح فمي، حتى يُخرسوني: اكتب.. اكتب، ولذا لا أدخل في سجالات، وأنام مبكراً.
بما أنني لا أؤدي فروض الصلاة، ولا أدخل في "كولسات" السجالات، تقبّلت شريكي في الغرفة، الذي طلب أن يدخل الحمّام قبلي، حتى لا أُنجِّسه "بطرطوشة" بولي.. فقبلت.
لكن، لدي حساسية عالية من الضوء، ربما تعويضاً عن قلة الحساسية للصوت، وكان شريكي يُحبّ الصلاة فجراً في الضوء، فطلبت منه: الصلاة مقبولة في العتمة.. فقبل.
لم أره في المؤتمر العام السادس في بيت لحم. هل مات؟ هل انشقّ عن "فتح" إلى "حماس"؟ هل استقال بسبب "أوسلو"؟
لا أعرف هل سيعقد المؤتمر العام السابع في موعده شهر آب المقبل؟ أم أن تمديد المفاوضات شهوراً بعد نيسان سيعني تأجيل المؤتمر، ريثما يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود في موضوع الدولة الفلسطينية، ومن ثم تأجيل السلطة طلبها عضوية كاملة في بقية منظمات الأمم المتحدة.
تدير السلطة مفاوضات ذات مفارقات، إذ لا يلتقي رئيس السلطة برئيس وزراء إسرائيل، بل بالوزير كيري، والرئيس أوباما، خلاف مفاوضات كامب ديفيد 2000، ومطولة بعد أنابوليس مع أولمرت، وقصيرة مع نتنياهو في ولايته الثانية.
هذا، بينما "الشرعية القومية" للمنظمة، المتمثلة في المجلس الوطني الفلسطيني صارت متقادمة، وكذا "الشرعية الوطنية" للسلطة متمثلة في البرلمان، خلاف الشرعية السياسية ـ الدولية للمنظمة والسلطة، فهي في حالة "دولة على الطريق" زارها رؤساء أميركيون رسمياً.
إذا جرى تمديد المفاوضات، سيجري على الأغلب تأجيل المؤتمر العام السابع لحركة "فتح"، وأيضاً تأجيل طلب السلطة، بوصفها دولة فلسطين، عضوية منظمات الأمم المتحدة، وأهمها المحكمة الجنائية الدولية.
الحقيقة أن أميركا لم تعمل سياسياً لحل على أساس دولتين إلاّ قبل عشر سنوات، ولم تتدخل عميقاً وجدياً لهذا الحل إلاّ في الولاية الثانية للرئيس أوباما، وبشكل مفصّل وحثيث، لا بشكل عام كما فعلت في قمة أنابوليس.
ينوي كيري أن ينجح في ما فشل فيه آخرون، لكن بطريقة أقرب إلى الإخصاب عن طريق الأنابيب، بعد محاولات كانت مثل "حمل وهمي" أو "حمل خارج الرحم".
عامة الشعب تحمّل السلطة الفلسطينية عبء المنظمة، وتحمّل المنظمة عبء الثورة.. ثم تنظر إلى الدولة الفلسطينية المنشودة فتراه مسخاً إزاء الثورة والمنظمة والسلطة، ولا يستجيب لا لمبادرة السلطة الوطنية المعلنة 1974 ولا مطلب إعلان استقلال فلسطين 1988، ولا اتفاقية أوسلو 1993 ذاتها.
الحقيقة أن هناك تحوّلات، وخصوصاً بعد الانقسام الغزي (أو الانقلاب الحمساوي)، فإن عبارة "م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد "كانت تعني "الممثل النضالي" وصارت "الممثل السياسي" الدولي والعربي، وأما السلطة فهي "الممثل الوطني" لقسم من الشعب في أرض البلاد.
المعنى؟ الثورة الفلسطينية في الأردن غير المنظمة في لبنان، غير "الدولة" المعلنة في تونس، وغير "دولة على الطريق" في رام الله.
بصعوبة فصائلية وشعبية، اقتنعت فصائل المنظمة أن التحرير الكامل للبلاد صار الكيانية الوطنية على جزء من البلاد 1974، وبصعوبة أقل اقتنعت بأن هذه الكيانية تعني دولة معلنة 1988، وبصعوبة أقل، وافقت على أوسلو.. ثم المفاوضات التي استمرت، متقطعة، عشرين عاماً.
دخلت الثورة والمنظمة والسلطة.. و"الدولة المعلنة" مرحلة جديدة بعد الانقسام الغزي، فهذا ليس خلاف رأي بين الثوار والفصائل، لكنه شرخ عامودي في مبنى جميع ما سبق من مراحل.
هذه سنة صعبة، ربما لأن حلكة ظلام الليل تكون على أشدها قبل ساعة الفجر.. لكن أهو الفجر أم الفجر الكاذب، لكثرة ما صاحت الديوك؟
ربما كان المؤتمر الخامس آخر مؤتمر يحضره العضو "شريك الغرفة" وأول مؤتمر أحضره، وربما يكون المؤتمر السادس آخر مؤتمر حركي أحضره. .. لكن قضية المائة عام يحملها جيل بعد جيل، وربما جيل الدولة لا يزال على مقاعد الدراسة.
أوكرانيا : "التتار" بيضة القبّان !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
سبعة عقود تفصلنا عن مؤتمر "يالطا" عام 1945 إثر هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية، نتج عن هذا المؤتمر الذي شارك فيه رؤساء الدول المنتصرة، زعيم الاتحاد السوفياتي ستالين، والرئيس الأميركي روزفلت، بينما ترأس الوفد البريطاني رئيس حكومتها تشرشل، كان هدف المؤتمر كيفية تقسيم ألمانيا المهزومة بين الدول المنتصرة، وهكذا كان، تم تقسيم ألمانيا إلى شرقية "ألمانيا الديمقراطية" وغربية "ألمانيا الفدرالية"، كما تم تقسيم العاصمة برلين، أيضاً، إلى شرقية وغربية، ظلت الشرقية عاصمة لألمانيا الديمقراطية، بينما عمدت ألمانيا الاتحادية إلى اتخاذ "بون" عاصمة لها.
أما المدينة الحالمة "يالطا" التي تعتبر من أجمل المدن السياحية في العالم، فهي تقع جنوب اوكرانيا، وتحديداً في شبه جزيرة القرم، التي باتت تتردد على نشرات الأخبار على مستوى العالم بعد الأحداث الأخيرة بين "الشرق والغرب" قبل سبعين عاماً، من شبه جزيرة القرم توافق المنتصرون على تقسيم الدولة المهزومة، ويبدو أن الأمر يتكرر الآن، ولكن من دون أي مؤتمر كالذي عقد في يالطا، ذلك أن احتمالات تقسيم اوكرانيا، باتت أكثر ترجيحاً إذا ما استمر التوتر بين "الشرق والغرب" على خلفية الأحداث الأخيرة التي أمكن إطلاق "ربيع الميدان" كاستنساخ للربيع العربي بصورة أو بأخرى، وتجديداً للثورة البرتقالية في اوكرانيا والتي امتدت من تشرين الثاني 2004 حتى كانون الأول 2005، وتشكل الانقسام ذو الطبيعة المصلحية بين الروس والاوكرانيين، من خلال الزعامات المحلية، والانقسامات المذهبية، إذ ان الروس يشكلون نصف سكان شبه جزيرة القرم، وهم من الأرثوذكس، بينما الاوكرانيون في شبه الجزيرة يعدون ثلاثين بالمئة، في حين أن المتبقين هم من أصول تترية مسلمة، أما الاوكرانيون في شبه الجزيرة فهم في معظمهم من الكاثوليك.
ويحلو للبعض تشبيه ما حدث في "ربيع الميدان" في اوكرانيا بالربيع العربي الذي طال عدة دول عربية، ومع أن هناك تشابهاً لا يمكن إنكاره، إلاّ أن هناك الكثير مما يتجاهله هؤلاء المولعون بالمقارنة، خاصة فيما يتعلق برهانات روسيا ورئيسها بوتين، فقد راهن هذا الأخير على أن بشار الأسد، سيعمد حتى النهاية رغم الثورة ووقوف العالم الغربي ودول عربية معها ضده، وكان هذا الرهان ناجحاً ـ حتى الآن على الأقل ـ بكل المقاييس، بينما رهانها على فيكتور يانوكيفتش، أظهر رهاناً خاسراً بكل المقاييس، فهذا الرجل عندما أحسّ بالخسارة، لم يقاوم ولا دقيقة واحدة، وفر هارباً مع أنه كان يمتلك اتفاقاً موقعاً وبصلاحيات كاملة، لم يفعل كما فعل حسني مبارك، الذي عندما تأكد من الخسارة، تخلى "بإرادته" أمام شاشات التلفزيون عن الحكم، وظل في بلاده، لا أحد يسمع الآن عن يانوكيفيتش ولا أحد يعلم أين هو الآن، معلناً بذلك خسارة رهان روسيا ورئيسها بوتين على رجل ما كان إلاّ عنواناً للخسارة، ذلك أن سيرة حياته لا يمكن لها أن تسمح لأحد بالرهان عليه، يقال إنه أحد أشهر خريجي سجون الاتحاد السوفياتي بجريمتي شروع في قتل وسطو مسلح عندما كان شاباً، ثم أصبح عامل تعدين بينما حاز على عضوية الحزب الشيوعي، لكنه كان أحد المستفيدين مالياً من سقوط الاتحاد السوفياتي، وأفاد من تفكّكه وأصبح أحد أثرياء انهيار السوفيات!!، مما سمح له بأن يعمل في السياسة مستفيداً من الانقسام السياسي والإثني ـ القومي والطائفي في اوكرانيا.
اختفى هذا الرجل بسرعة مذهلة، حتى أن ثوار الميدان لم يصدقوا ما حدث، خاصة وأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي لوضع حد للأحداث، أشار إلى انتخابات مبكرة، وكان يمكن ببساطة، انتظار نتائج هذه الانتخابات قبل أن يختفي كأي لص مطارد من قبل المواطنين والشرطة، كان اختفاءً مذهلاً ورهاناً روسياً خاسراً، حتى أن الاتحاد الروسي الذي لا يعترف "بالانقلاب" عليه، لم يعد يشير إلى أن يانوكيفتش هو الرئيس الشرعي لاوكرانيا.
وبينما أكتب هذا المقال، أُعلن في موسكو أن مجلس الاتحاد الروسي يجتمع بشكل طارئ للنظر في طلب بوتين السماح باستخدام الجيش في اوكرانيا، في هذا السياق لا أعتقد أن روسيا ستتدخل عسكرياً بشكل سافر في اوكرانيا، وهي ستكتفي بإشعال التوترات في شبه جزيرة القرم والضغط الاقتصادي من خلال شحنات الغاز والديون على نظام الحكم الجديد في "كييف" ناهيك أن قواتها موجودة أصلاً في شبه جزيرة القرم من خلال قاعدتها البحرية الضخمة في ميناء اوديسا، غير أن التهديد بالقوات المسلحة الروسية له أكثر من هدف، فإضافة إلى زيادة التوتر، فإن روسيا تهدف إلى أن تشير إلى أن ما حدث في اوكرانيا، لا يمكن أن يمتد إلى الاتحاد الروسي نفسه، إذ يمكن لقوى معارضة أن تتخذ مما جرى في اوكرانيا، ناقوساً لبدء احتجاجات داخل الاتحاد الروسي ذاته، كما أن بوتين يريد أن يطمئن الحلفاء، أينما كانوا، أنه لن يتردد في التدخل عسكرياً عندما تكون هناك حاجة لذلك.
ومع أن الروس يشكلون نصف عدد سكان شبه جزيرة القرم، فإن اللاعب الذي لا يمكن التهاون بشأنه إزاء ما يمكن أن يحدث في المستقبل، يتعلق بقومية التتر الذين يشكلون عشرين بالمئة من سكان شبه الجزيرة، والحاقدين على الروس منذ الاتحاد السوفياتي، والمدافعين بكل قوة عن النظام الجديد في "كييف" دون تجاهل أنها قومية مسلمة، الأمر الذي قد يستنسخ تجربة الاتحاد الروسي مع "الشيشان"، لكن ذلك كله رهن بكيفية سير الأمور في المستقبل، ولا يمكن ونحن في بدايات أزمة من هذا النوع، التعرف على النهايات!!
دولة داعش "الإسلامية "وإسرائيل "اليهودية" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
هل هناك ترابط بين الأحداث في المنطقة أم أن أحداث التاريخ هي مجموعة مصادفات لا تحتاج إلى تحليل أو قرارات معمقة؟ أم أن المصادفات هي نسبة الخطأ الشاذة المسموح بها لدى الذين يرسمون السياسات بهدوء شديد وهم يضعون أمامهم خريطة المنطقة؟ والأسئلة الأكثر وضوحا لماذا الآن بالذات يستعر الصراع المذهبي على أرض سورية بلغة الموت والإعدامات ويراد له أن يأخذ بعدا سنيا- شيعيا وبنفس الوقت يتم استهداف المسيحيين ليأخذ بعدا آخر بين المسلمين والمسيحيين؟
وفي ذروة استعار هذه الصراعات يكتب المقرب من بنيامين نتنياهو "غاي بخور" أن آخر اهتمامات المنطقة هو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ ففي الوقت الذي تتأجج فيه أزمات المنطقة ويتم إخراج جني الطائفية والمذهبية من القمقم تطرح إسرائيل وبقوة مسألة يهودية الدولة، والغريب أن هذه النزعات تدور على أرض دولة مثل سورية متعددة الطوائف قطعت فيها المواطنة شوطا لا بأس به قياسا ببعض الدول العربية ،ولنا أن نحاول أن نفك لغز ما يحدث ربما من مقولة موشيه فرجي العميد في الموساد إذ يعتبر أن "خريطة المنطقة في نظر إسرائيل تعرف بحسبانها بقعة من الأرض تضم مجموعة أقليات لا يوجد تاريخ يجمعها .
هكذا الأمر إذا، المنطقة ليست سوى مجموعة أقليات كل أقلية توجد على بقعة معينة طبعا اليهودية جزء من هذه الأقليات، وكل واحدة فيها من حقها أن تقيم ولايتها الدينية ومن الطبيعي أن تعرف نفسها بديانتها ومن حقها أن تقصي أصحاب الديانات أو المذاهب الأخرى، وها هي منظمة الدولة الإسلامية تقدم نموذجا في الرقة على الحكم الديني وليس إسرائيل وحدها وها هي تقصي المسيحيين الذين تحكمهم باعتبارها تقيم الدولة الإسلامية في العراق والشام .
فقد سيطرت "داعش" على محافظة الرقة المحاذية لمحافظة أروفة التركية وأصدرت نهاية الأسبوع ما أسمته "عهد الأمان الذي أعطته الدولة الإسلامية لنصارى الرقة مقابل التزامهم بأحكام الذمة" وبحسب العهد فقد ألزم المسيحيون ألا يقوموا بتحديث أية كنيسة أو دير وصومعة راهب حتى ما هو بحاجة إلى ترميم وألا يظهروا صليبا ولا شيء من كتبهم في طريق المسلمين ولا أسواقهم وأن يلتزموا بعدم إظهار أي شيء من طقوس العبادة، وجاء في العهد أيضا ألا يمنعوا أحدا منهم من اعتناق الإسلام إذا أراد، والأهم من ذلك كله فقد تم فرض الجزية على كل ذكر منهم ومقدارها أربع دنانير من الذهب وقالت داعش أنه تم تخيير "النصارى" بين دخول الإسلام أو دفع الجزية فاختاروا بمحض إرادتهم دفع الجزية ..!
أمام هذا النموذج إذا ما عمم افتراضيا في المنطقة ماذا يمكن للمسيحيين والمسيحيين العرب في إسرائيل أن يقاتلوا من أجله؟ ولماذا تخجل إسرائيل من أن تقدم نفسها كدولة دينية يهودية طالما أن هناك نماذج دينية تحققت في المنطقة وبدأت بتنكيل وإقصاء من يدينون بديانات أخرى في حدودها؟ فالإقصاء والتنكيل والعنصرية ليست سمة يهودية فقط بل أن إسرائيل التي تريد أن تكون يهودية مثلها مثل غيرها من "الأقليات" في المنطقة كما قال ضابط الموساد.
أما عن نموذج الحكم المدني الذي تقدمه داعش فقد تداول نشطاء "الفيس بوك" قبل يومين صورة لمجموعة من قادة الشريعة يضعون يد رجل على طاولة تمهيدا لقطعها أثارت استهجان النشطاء، ففي علم الدولة الحديثة يتحول المعاق من منتج في اقتصاد الدولة إلى عالة على الدولة وهذا لا يفهمه البدائيون، لكن الخبر الأكثر إثارة كان في الحادي عشر من شباط عندما أعدمت الفتاة "فطوم الجاسم" بعد أن أدانتها محكمة داعشية "بالجرم المشهود بعد أن ضبطت متلبسة بأن لها حسابا على "الفيس بوك" وهو ما يشبه نموذج تلك القبائل الغارقة في التخلف في باكستان التي أعدمت في تموز الماضي امرأة بعد أن ضبطت متلبسة بامتلاكها جهاز موبايل بالرجم حتى الموت، فما علاقة النظام الذي تفرضه داعش بالقبيلة .
في تقرير أوردته "الأيام" أمس تساءلت هل وصلت داعش إلى غزة؟ بعد أن رصدت شريط فيديو بثه بعض المتأثرين بالنموذج عن تأسيس فرع لداعش في القطاع، وقد ربط البعض بين ذلك وبين الاعتداء على كنيسة دير اللاتين في غزة الذي وقع الأربعاء الماضي، وبالرغم من أن حركة حماس التي تؤمن أيضا بفرض الجزية على النصارى رفضت هذا الاعتداء ومنعت الصحافيين من تغطية الحدث إلا أن الأمور في غزة تشير إلى أن هناك نموذجا من التطرف يتنامى في هذه المنطقة المفعمة بالبطالة وانعدام الأمل لدى شبابها والذين يبحثون عن حلول قد يجد بعضهم في الداعشية خشبة خلاصه، وخاصة إذا كان هناك من يجد قواسم مشتركة في الإقليم مع هذا التوجه أو أن تلك الفكرة تعزز ما يسعى إليه حتى يتم الاعتداء على المسيحيين في فلسطين في هذا الوقت بالذات وإشعال فتنة دينية في فلسطين وتحريض المسيحيين وتخويفهم من الدولة الفلسطينية إذا ما أقيمت، هذا يطرح أسئلة كثيرة على أسباب هذا الاعتداء الذي ترفضه كل القوى الفلسطينية وأولها حركتا حماس والجهاد الإسلامي .
وبالرغم من تبني حركة حماس للمنهج الإسلامي في السلوك والتفسير إلا أن الاعتداء على كنيسة دير اللاتين كان مصدر حرج إلى الحد الذي جعل قواتها الأمنية وشرطة الحكومة بغزة تفرض طوقا أمنيا وتمنع الصحافيين من تغطية الحدث أو حتى أن يصدر خبر أو صورة عن الاعتداء المسيء للإسلام، وخاصة أن بعض الشعارات التي كتبت على جدران الكنيسة تعتبر أن هذه الجريمة انتقام لمسلمي إفريقيا، وليس هناك تفسير حتى اللحظة كيف يتم الانتقام من فلسطيني محاصر ويتعرض للحروب فقط لأنه يدين بالمسيحية، هذا ليس فقط تجاوز لخطوط حمراء فلسطينية أصبحت جزءاً من الإرث الفلسطيني بل حتى يعكس قدرا من الجهل والبدائية في فهم الأشياء، وهو فهم إذا ما أصبح شائعا في منطقة كغزة كل شيء فيها ممكن بسبب البطالة والإغلاق والانغلاق، هذا يعني أن على أهلها انتظار نموذج قطع الأيدي وجز الرؤوس ودفع الجزية، لكن كل هذا يحدث في المنطقة دون أن تكون إسرائيل هي الهدف الرئيس "للجهاد" والقدس ليست أولوية المجاهدين كما فيلم كابول سابقا، الذي اكتشف أن واشنطن من كان يؤذن فيها للجهاد فمن يقوم بالمهمة الآن في سورية ؟!
الدعم الأميركي للاحتلال
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
قدم وزير الخارجية كيري باسم إدارة الرئيس الأميركي أوباما، خدمات عسكرية أمنية إستراتيجية للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، خلال الأشهر الماضية من ولايته، وأول هذه الخدمات وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، ومراقبته، وبالتالي وقف مشروع طهران لإنتاج أسلحة ذرية، وإحباطه، وثاني هذه الخدمات نزع الأسلحة الكيماوية السورية، وتدميرها، مثلما سبق لولاية الرئيس بوش أن قامت بتدمير القدرات العسكرية العراقية، وحل الجيش العراقي، عام 2003 وما تلاها، وبهذا تكون تل أبيب قد حققت غاياتها، في تدمير قدرات ثلاثة جيوش معادية، ولم يعد ما يخيفها أو ما تخشاه أمنياً وعسكرياً، لسنوات طويلة طويلة، تضمن خلالها ولنفسها حقاً التفوق النوعي على جيوش المنطقة، بما فيها الجيش المصري المكبل بسياسات كامب ديفيد الأمنية والعسكرية، وتطوره يعتمد على المساعدات الأميركية المشروطة.
الدعم الأميركي للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، ويرفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بما فيها قراره حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وأراضيهم في المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، إلى اللد ويافا وحيفا وعكا وبئر السبع وصفد، وفق القرار الدولي 194، وكذلك رفضه تنفيذ قرار إقامة دولة فلسطينية وفق القرار 181، ورفضه الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وفق القرار 242، وإزالة المستوطنات عنها، وترحيل المستوطنين الأجانب منها وإلغاء قرار ضم القدس الصادر في 30 حزيران 1980، وغيرها من الإجراءات المخلة بالقوانين والأعراف الدولية وقيم حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، وهذا كله، تم ويتم تحت سمع ومشاهدة الأميركيين الفاقعة لكل الجرائم الإسرائيلية على أرض فلسطين ومن حولها .
والإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ ولاية كلينتون عام 2000، وفشله في التوصل إلى حل يُنهي الاحتلال العسكري الاستعماري الإسرائيلي، ويعيد للشعب العربي الفلسطيني حقوقه وأرضه وكرامته وسيادته في وطنه، مروراً بولاية بوش الذي فشل أيضاً في محادثات أنابوليس في التوصل إلى تسوية واقعية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عام 2007 - 2008، إلى فشل الرئيس أوباما خلال ولايته الأولى 2009 – 2013، من تحقيق خطوات على طريق التسوية والحل، ومغادرة مبعوثه جورج ميتشيل خائباً، بسبب سياسات تل أبيب العدوانية التوسعية الاحتلالية .
لهذا كله، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الأولى عن رعاية الاحتلال الإسرائيلي ودعمه، وحمايته من العقوبات كما جرى لجنوب إفريقيا، وكما يقول الصحافي الإسرائيلي التقدمي جدعون ليفي المعادي للاحتلال وللتوسع وللاستيطان، يقول في مقالته في هآرتس يوم 26/2/2014 :
"إذا أراد جون كيري النجاح في جهوده، عليه إقناع رئيسه أولاً بضرورة التوصل إلى تسوية عادلة، مما يتطلب من الرئيس الأميركي أن يسلك سلوكاً مختلفاً، وهو أن يفرض على إسرائيل إنهاء الاحتلال، ويكفيه تملقاً لحكومة نتنياهو، وأن يضع أمامها أحد الخيارين : إما استمرار الاحتلال، وإما استمرار المساعدة الأميركية لها "، ويخلص جدعون ليفي إلى القول "إن الاحتلال داء تاريخي ما كان يوجد أو يستمر دون دعم الولايات المتحدة".
نتنياهو سيكون في ضيافة سيد البيت الأبيض، ماذا سيقول له أوباما ؟؟ هل يملك الشجاعة أن يقول له كفى للاحتلال، كفى للتمادي، كفى إحراجاً لأميركا ؟ أم سيواصل نفس سياسات الإدارات المتعاقبة، في تقديم الخدمات للمشروع الاستعماري الإسرائيلي بدون تغيير سياسات وبرنامج تل أبيب العدوانية التوسعية الاحتلالية ؟؟ .
في باريس أعلن الرئيس الفلسطيني عن فشل جهود الدبلوماسية الأميركية لأن كيري بكل وضوح تبنى رؤية نتنياهو التوسعية في استمرار الاحتلال، فهل هذا ما سيطالب به أوباما من الرئيس الفلسطيني في لقائهما بعد زيارة رئيس الليكود المتطرف نتنياهو لواشنطن ؟؟ .
تقتل النساء في بلدي ونحن نعدّهم
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
منذ أعوام سابقة، كنا نقفل السنة على دزينة من القتيلات أو أقل. واليوم، عوضا أن التراجع الافتراضي المتوقع بعد صدور القرار الرئاسي بتجميد البند 340 من قانون العقوبات الأردني الساري المفعول في الضفة الغربية، والبند المثيل في قانون العقوبات الساري مفعوله في قطاع غزة، نشهد تصاعدا في أعداد القتيلات على خلفية أصبحت ممجوجة، على اعتبار أن المصطلح الذي تستند له جرائم قتل النساء، "الشرف"، لا يصلح لتوصيف حالات القتل الجاري وقوعها.
نقف اليوم، ومع نهاية الشهر الثاني من العام 2014، ونجد أنفسنا أمام سبع قتيلات وثقت عمليات قتلهن في الضفة وغزة. بعض تلك الجرائم ما زال غامض الأسباب كحادثة انتحار طفلة لم تطبق عامها الثالث عشر بعدُ شنقاً، وبما يثير بقوة جرائم قتل النساء، مع بلوغ نسبتها 15% من اجمالي عدد الجرائم المرتكبة بشكل عام، بدءا من المصطلح ومروراً بالقانون وانتهاء بالسياسات والتدخلات لتغيير الثقافة السائدة.
القتيلات، يصبحن فجأة بلا أسماء أو تعريف، ويذكر الاسم إن تحولت القضية الى الرأي العام. وغالبا يُشار الى الضحايا بحرفين اثنين لا ثالث لهما. الجميع يستعجل تمرير الواقعة، راغباً في إزاحة العبء وتصغير الحدث، لا أحد يرغب في تذكرهن، ولا يبقى منهن سوى العدد الأصم، وبعض الوثائق لدى الجهات المختصة، لفرز موتهن الشاذ عن الموت الطبيعي.
فتاة من جباليا، تبلغ من العمر سبعة عشر ربيعا، تموت بسبب التعذيب والضرب المبرح على يد أبيها وزوجته. المجرم الذي يؤم بالمصلين خمس مرات في اليوم وشريكته، يقومون بدفن الجثة دون أخذ تصريح يأذن بالدفن، لإخفاء الجريمة البشعة، وتحويل الفتاة الى مفقودة.
فتاة من محافظة خان يونس، التي لم تكمل بعد عامها الثامن عشر، يطعنها شقيقها حتى الموت، تنفيذاً لحكم الاعدام الصادر عن العائلة، رغبة في التخلص منها بسبب شكوكهم بسلوكها، لكن القدر يشاء أن يقبض على افراد من العائلة أثناء توجههم لدفن الجثة.
و.ع الطفلة التي لم تكمل عامها الثاني عشر، وجدت مشنوقة في البيت لأسباب أخذتها معها.
فتاة من بلدة شمال الضفة، ينهال زوجها عليها بسكينه، ولا يتركها قبل أن تتحول الى جثة هامدة بسبب شكه بسلوكها. وتترك المسكينة خلفها خمسة ابناء حائرين بمصيرهم العاثر.
أما ضحية مخيم النصيرات الطفلة "هـ"، فقد وجدت مدفونة بعد اختفائها بشكل غامض لأكثر من شهر، ومن ثم يُعثر على جثتها مدفونة بعد خنقها من قبل عمِّها.
قتيلة مجهولة لم تعرف بعد حتى الأحرف الأولى من اسمها، يُعثر على جثتها مدفونة في منطقة تتوسط الطريق الواصل ما بين قريتين في محافظة رام الله والبيرة.
والقتيلة الأخيرة من رفح، فقد توفيت على أثر علاج غريب وصفه لها شيخ يملك عيادة قرآنية.
قاسم الجرائم المشترك، ان معظمها يتعلق بالعنف الأسري وبجرائم الدفاع عن ما يعتقدون أنه "الشرف"، بهدف الاستفادة من العذر المُحل الذي لم يلغه قرار وقف العمل به، لأن الحصانة التي يوفرها القانون للقاتل ستبقى رهن إشارته، ما لم يتم الغاء مواد قانونية أخرى تحمي القاتل وتحصنه وتخفف الحكم عنه.
هل تشوّهت الأخلاق العامة إلى هذه الدرجة، أم أن هناك تسخيفا لفعل القتل والتعدّي على أرواح الآخرين في ظلّ تعالي قانون العقوبات النافذ على الواقع وانفصامه عنه، وبالتالي اطمئنان القتلة إلى غياب العقوبة الرادعة للمجرمين. الى متى سنبقى نتحدث عن نساء يقتلن بظروف غامضة..الى متى سنبقى نطالب بالقانون الرادع الذي لا يبرر أو يحلل القتل، ولا يخفف عقوبة القتلة.
دون جنازة تدفن القتيلات، ولا يفتح بيت العزاء لهن، فكل شيء في مراسيمهن مكتوم ومخفي، وحتى الدموع تتجمد خوفا، وحسرة من إظهار الحزن، وخوفا من أن تلوك الألسنة سيرة القتيلات.
هذه الجرائم تستمر وتتصاعد فقط لأن نصوص القانون ما زالت تتعالى على الواقع وتطوراته، بل أصبحت منفصمة عنه، وتترك الفجوات الواسعة لتملص الجناة من جرائمهم، بجعلهم يختبئون في ثنايا القانون وبنوده، ويجعل من القاتل بطلا يقفز من رواية خرافية مدافعا عن الشرف المزعوم...أما نحن، لا نملك سوى إحصاء أعدادهن وتنظيم بعض الفعاليات الهزيلة.. ومن ثم الانتظار!
لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة .. رواية الدكتاتور
بقلم: عادل الأسطة – الايام
أعتقد أن هذه الرواية، لمؤلفها السوري خالد خليفة، المرشحة بقوة للفوز بجائزة بوكر لهذا العام، مؤلفها صاحب رواية "مديح الكراهية" التي نافست أيضاً على البوكر في دورتها الأولى، وغدت إحدى أفضل مائة رواية في العالم، ـ أعتقد أنها رواية الدكتاتور العربي، تماماً مثل رواية (استورياس) "السيد الرئيس" ورواية (غابرييل غارسيا ماركيز) "خريف البطريك"، وكان يمكن لمؤلفها أن يدرجها تحت عنوان مشابه: السيد الرئيس أو البطريرك أو الدكتاتور، ذلك أنها تصف الخراب الذي أصاب المجتمع السوري منذ تولى حافظ الأسد مقاليد الحكم في سورية، فأقصى رفاقه وسجنهم، وحيّد الحزب وحوّل الدولة إلى دولة فرد، ليورث ابنه حكمه، وليستمر الخراب، ولتؤول سورية إلى ما آلت إليه.
وقد انتهى خالد خليفة من كتابة روايته في ربيع 2012، ولم تكن الأمور وصلت إلى ما هي عليه الآن، حيث وجدت السكاكين والمدافع والطائرات والبراميل المتفجرة أيضاً، وحيث استخدم المعارضون الأسلحة، لا السكاكين.
والكتابة عن الدكتاتور تذكر قارئ الأدب العربي بأشعار محمود درويش و"خطب الدكتاتور الموزونة" له، وهي خطب كتبها في العام 1986، ونشرها على صفحات مجلة "اليوم السابع" الصادرة في باريس، ولم يدرجها في ديوان ما، وأعادت أكثر من مجلة، مثل مجلة "أدب ونقد" المصرية، ومجلة "الكرمل الجديد"، نشرها.
وقد تذكر القارئ بروايات عربية أنجزت في هذا المجال، منها رواية للكاتب الفلسطيني صاحب رواية "وما علينا" زياد عبد الفتاح، ورواية الكاتبة المصرية نوال السعداوي "زينة" التي كتبت قبل بدايات الربيع العربي وتنبأت به.
هل كانت الكتابة عن الدكتاتور العربي تقليداً ومحاكاة لرواية الدكتاتور في أميركا اللاتينية؟ ففي 70 ق20 كتب أبرز كتاب أميركا اللاتينية روايات عديدة عن الدكتاتور هناك، وقد لاحظ محمود درويش هذا، فكتبه في إحدى رسائله إلى سميح القاسم، ويمكن العودة إلى رسالة "والدكتاتور" في كتاب "الرسائل"، فقد أنهاها درويش بسطره "والآن سأكتب رسالة الدكتاتور الذي أطلق على نباح كلابه.. وكتابه "ـ إن لم تخني الذاكرة، أم أن الكتابة عن الدكتاتور انبثقت من الواقع العربي المأساوي الذي حكم فيه أكثر من حاكم فترة طويلة: القذافي وصدام والأسد الأب وحسني مبارك، وماتوا قتلاً وإعداماً وعزلاً أو موتاً طبيعياً؟ وآلت بلادهم جميعاً إلى خراب نشاهده الآن؟
رواية العار العربي:
ولا أدري حقاً لماذا لم يسم خالد خليفة روايته "العار" أيضاً؟ إن الرواية تحفل بهذا الدال، حتى يخرج قارئها بانطباع هو أنها رواية "العار"، العار الذي جلبه الدكتاتور لأمته وشعبه، والعار الذي جلبه الشعب لنفسه.
أيعود سبب عدم تسمية الروائي روايته بهذا الدال "العار" خوفاً من أن يتهم بأنه قلد روايات عالمية مشهورة مثل "العار" لسلمان رشدي، و"العار" للكاتب الجنوب افريقي الحائز على نوبل 2003 (كويتسي) و"العار" للكاتبة نسرين تسليمة التي أُهدر دمها، مثل سلمان رشدي صاحب "آيات شيطانية"؟ ويمكن للقارئ أن يبحث عن مراجعات لهذه الروايات ليقرأ فكرة عنها: عار العنصرية، وعار اضطهاد الأكثرية للأقلية، وعار الأستاذ الجامعي الذي يقع في علاقة مع إحدى طالباته فيقرر الاستقالة من عمله والابتعاد عن المدينة إلى مكان سكنه، وفي طريقه يغتصب ثلاثة من السود ابنته.
ولم تكن رواية "شرفة العار" لابراهيم نصر الله، صدرت يوم بدأ خالد خليفة يكتب روايته.
لم أحص دال "العار" في الرواية بدقة، ولكنه ورد أكثر مما ورد دال سكاكين بأضعاف: (ص120) "وبقاء المدينة سنوات طويلة تحت وطأة العار والموت" و(ص142) حيث يأتي الروائي على حلب ـ المكان الروائي ـ وما حل بها تحت وطأة حكم الحزب والمسؤولين الفاسدين الذين لا يعرفون إلاّ الولاء للرئيس والدبكة له، وحيث "استفتاءات الرئيس التي جعلت جان يكتب لابنه بأنه شعر لأول مرة في حياته بعار لا حدود له"، عار لم يشعر به إطلاقاً حين أقام سنوات طويلة في جنيف، جان الذي يغرق بالعار (ص153) وهو يراقب، في حلب، من أباجور منزله في الطابق الأول زملاءه ما زالوا يدبكون للرئيس، وقد تكون الفقرة الطويلة التي وردت في الصفحتين (158 و159) من أهم الفقرات في الرواية، فقد كانت زوجة جان السويسرية، حين كان زوجها يحن لبلاده، تعيره وتلومه على هذا الحنين، فكيف يحن إلى بلاد ما زال سكانها يركبون الجمال. وليس جان وحده هو الذي يشعر بالعار، فسوسن أخت السارد، حين تخرج من عيادة طبيب رتق لها غشاء البكارة أحست بالعار وأسباب ذلك كثيرة يقرؤها المرء في (ص161)، ويكون نزار (في ص169) عار العائلة كلها، نزار صاحب الميول المثلية الذي يتشبه بالنساء، ويختار لنفسه اسم مها، ليناديه به زوجه مدحت، وقد أراد أحد أفراد العائلة قتله "لإنقاذنا جميعاً وتجنيبناً عاراً احتملناه كعائلة سنوات طويلة"، بل وعار مدحت زوج نزار الذي، حين اختلف معه، طرده، فعاد مدحت إليه يحاول أن يقول كلمات "لإرضاء هذه الحشرة التي قادته إلى عار سيجلله طوال حياته" (ص170)، ويغدو العار عار شعب بأكمله، فحين يأتي السارد على الدكتاتور وفوزه في الانتخابات يدرك نزار أن ابن أخته رشيد لن يستطيع العيش ولن يقوى عليه "عار شعب بأكمله ينمو ببطء، كقطار البضائع الذي مات جده تحت عجلاته" (232)، شعب ينافق الرئيس. وحين يحدث زميل السارد السارد بما حدث مع زميل له قتل زوجته وابناءه لاكتشافه أن زوجته تخونه، شاعراً بالعار، يرى جان أن المنتحر "لم يعد يحتمل حياته وصمته وعاره التي اكتملت صورتها لدى جان فألف كتاباً صغيراً عن "العار ومشتقاته في الحياة السورية".
وسيلحظ المرء، وهو يعيد تصفح الرواية، أن دال العار ورد مبكراً في الرواية، فوالدة السارد تنتبه مبكراً "لأول مرة إلى شعور العار الذي يحيط بها من كل جانب" (ص39)، وأخذت الوالدة، حين بصق زوجها، أنها "ما زالت تفكر بمعان مختلفة للعار" (ص41)، وجان نفسه شعر به مبكراً (ص48 وص49) وإذ يفكر بالبقاء مع أمه في حلب وعدم الرغبة في السفر إلى جنيف لهذا أحس بلا جدوى أي شيء، وفكر بالانتحار وأخذ يتحدث بصوت "هادئ أنه يريد العيش هنا حتى لو تفكك جسده، يريد أخذ حصته من العار" (ص51)، وحين يقابل رئيس فرع المخابرات يعطيه هذا محاضرة عن معنى الولاء للوطن وللحزب، وحين يخرج جان من مبنى فرع المخابرات يصف هذه اللحظة بقمة العار الذي بقي من أجله في هذه المدينة العتيقة" ص56. حقاً لِمَ لَمْ يسم الكاتب روايته "رواية العار"؟
دال العنوان: لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة:
ترد مفردة سكاكين غير مرة في الرواية، لكنها، كما قلت، لا تكاد تذكر حين يحصي المرء دالاً آخر هو دال العار. وأول ما تردُ تردُ على لسان سوسن أخت السارد المتحررة التي تغدو في الحزب وتكتب التقارير في صديقاتها، فتدمر حياة بعضهن، قبل أن يدمر منذر عشيقها حياتها.
حين تخرج سوسن من بيتها في حلب يتحرش بها بعض زعران الحي، وتعود إلى بيتها بعد دقائق باحثة عن سكين في المطبخ للانتقام، وتمسك بواحد من الزعران وتدق رأسه على الحائط (ص157) وعندما يختلف مدحت مع زوجته نزار (مها)، ويطرده الأخير، يعود مدحت، "كان رشيد يتحسس السكين الكبيرة لقتل مدحت في أي محاولة منه لإهانة خاله الحبيب" (ص170)، وفي حلب نفسها تكثر الجرائم وتنشر إحدى الصحف المحلية خبراً عن رجل أحرق زوجته وأطفاله الأربعة "ثم انتحر بسكين المطبخ، صارخاً في جيرانه الذين يراقبون ببرود: إن الموت حرقاً أكثر شرفاً من انتظار الموت جوعاً، سائلاً بحرقة: ألا توجد سكاكين في مطابخ هذه المدينة" (ص207). وحين يعود ميشيل المثلي إلى حلب ويستقبله صديقه نزار، يكون الأخير "رتب الأمور بذكاء" فكر بأنه لم يعد يطيق العيش في مدينة يتحول فيها القتلة، رجالا بلحى طويلة ومكلابيّات قصيرة، يحملون السكاكين تحت آباطهم، وفي الطرف الآخر عناصر مخابرات تتجسّس على البشر وتساومهم على رزقهم في عملية نهب منظم" (ص242) ولهذا يبحث نزار عن مكان آخر يقيم ويستقر فيه.
تغريدة الصباح - يوم عالمي للمرأة
بقلم: حنان باكير – الحياة
توجّهت صوب إحدى المدن الاسكندنافية، بصحبة زميل ومصور تلفزيوني، لتغطية مهرجان كبير لمناسبة فلسطينية. دخلنا القاعة المخصصة للمهرجان باكرا. اتخذت لنفسي مقعدا في الصف السابع، للمتابعة والتغطية. وأنا أدرك تماما أن المقاعد الأمامية تكون محجوزة للناس المهمّين، وأنا لا أشبههم.
تقدّم مني شاب. وبأدب قال: لو سمحت يا أختي، ممكن ترجعي للأخير حيث تجلس النسوة؟ ولما كنت قد انشغلت بأوراقي وتحضيراتي، ولم أنتبه لما يدور حولي، التفت خلفا.. الصفوف الخلفية خصصت للنساء، أو الأصح " الحريم "، كما يصوّره هذا الفصل العنصري! مع حاجز خشبي قصير فصل بين مقاعد الحريم ومقاعد الأشاوس.. بدأ الدم يغلي في عروقي. ولكني سأتجنّب المشاكل. أجبته: أنا صحفية وأريد تغطية الحدث ومعي مصور تلفزيوني. قال: حسنا، المصور سيقوم بالمهمة، وانت باستطاعتك السماع من الخلف! تجاهلته وعدت الى أوراقي. ظل واقفا. ثم غادر وعاد شاب آخر يحمل ذات الرسالة. قلت: لن أغيّر مكاني! أنت في الغرب وانتبه لنفسك!
لحظات.. وقفت مجموعة من الشباب ينظرون نحوي ويتهامسون... فهم أمام معضلة كبيرة! امرأة بين صفوف الرجال!! أنظر اليهم بطرف عيني، غير آبهة بهم! خلت للوهلة الأولى أن ثمة شيئا لم يعحبهم بي.. نظرت الى نفسي.. رأيت سيدة بكامل أناقتها المحتشمة!
بدأت كلمات المشاركين تتوالى.. وأولئك الأشاوس لا يشغلهم الاّ رؤيتي هنا.. أحبطت كل محاولاتهم، بإرجاعي الى الصفوف الخلفية. عدت أقرأ ببرنامج المهرجان.. لا أثر لأي امرأة مشاركة! هل خلا شعبي من النساء المثقفات والوطنيات والمتكلمات؟!
كان دور النسوة، حينها التصفيق المصحوب بالنغم، والزغردة لكل متكلم! الزغاريد التي تشعرك وكأنك في حفل عرس!! وأحسب أن كل متكلم، قد جاء بالزفة خاصته.. خطر لي أن أهجم عليهن، كما دخل السيد المسيح الى الهيكل مدمرا كل شيء! لكني لم أفعل للأسف..
الصحفي الزميل يحثّني على الكتابة، والمصوّر يستشيرني ببعض اللقطات، وأنا غائبة عنهما. كنت أنتفض كعصفور بلّله المطر.
خلال الاستراحة، توجهت الى مجموعة الشباب، الذين أزعجهم منظري. وبقرف قلت: أنا أبي علّمني النشيد، وتراتيل العودة، ونقل لي ذاكرته المثقلة بحكايا الوطن.. ولم يعلمني الزغردة للرجال!! أترك هذه المهمة لنسائكم! وانصرفت.
في استراحة أخرى، التقيت صديقا، عرّفني الى أحد المنظمين للحفل. بلمح البرق خطر لي أن أعرب له عن استيائي مما حصل. مددت يدي للمصافحة، فأرجع السيد يده الى صدره، علامة، أنه لا يصافح الحريم!! أصبت بهستيريا كتمتها.
بعد عودتي من الرحلة المحبطة، تكلمت مع امرأة باكستانية، في عملي، ربما كانت تقاربني بالعمر، أخبرتني بأنها ارتدت البرقع الأفغاني لمدة 25 سنة. ذلك البرقع الذي يغطي كل الجسد والرأس والوجه، وبضع ثقوب كالمنخل أو الغربال على مساحة العينين.. سألتها: ألا تتعثرين بذلك البرقع الذي يشحط وراءك، ويكنس الأرض؟ أجابت: لا أبدا. عدت وسألتها: وهل الرؤية واضحة من خلال تلك الثقوب؟ أجابت بنعم. وكيف ترين الألوان في الطبيعة، وزرقة السماء والبحر! أجابتني باستغراب: لماذا؟ هل هذا ضروري؟؟ أجبتها بأدب ورقة، يغلفان الغليان في داخلي: آآآآسفة جدا.. لا ليس ضروريا!
زيارة تتحضر للأخرى
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لقاء نتنياهو غداً مع الرئيس أوباما بناءً على طلب الأخير، يفتح باب التوقعات على مصراعيه، لا سيما وأن دعوة مماثلة تلقاها الرئيس أبو مازن، وتحدد موعدها بعد زيارة نتنياهو بستة عشر يوماً. قاعدة التوقعات، ترسل إشاراتها الأولى، وهي أن أوباما سيحاول انتزاع شيء من نتنياهو ولو كان تجميلياً، لكي ينسجم الرئيس الاميركي مع نفسه، وهو يضغط على الرئيس الفلسطيني لكي يقبل ما لا يمكن قبوله فلسطينياً. والرئيس محمود عباس، لا يزال يتمسك بثوابت العملية السلمية ومرجعياتها، وهي أولاً وأخيراً تمثل ما هو متفق عليه فلسطينياً، قبل أن يظهر نتنياهو على الساحة وينشغل في تخليق الاشتراطات، تهرباً من استحقاق التسوية!
لكن الستة عشر يوماً، التي تفصل بين الزيارتين، تنم عن رغبة أميركية في ممارسة أعتى الضغوط قبل موعد الزيارة. فلو كان الأمر ينبئ بنزاهة غير مسبوقة أميركياً، لتزامنت الزيارتان، وسُمع من الطرفين في اليوم نفسه، ليُصار الى تعيين الفارق بين من يسعى الى تسوية متوازنة، ومن اختار الغرق في متطلبات الأساطير في سعيه الى انقلاب قديم ـ جديد، على العملية السلمية برمتها!
لم نعد الآن، بصدد التفاوض غير المباشر للوصول الى مقاربات تسمح بالجلوس والخوض في تدابير التسوية؛ بقدر ما نحن في سباق مع الطرف الاسرائيلي على إقناع الاميركيين بأن هذا الطرف المتمسك بالاحتلال وبالتوسع والهيمنة الدائمة؛ هو المسؤول عن افشال الرئيس أوباما وإدارته. ولا يغيب عن الذهن هنا، أن البيئة السياسية في الولايات المتحدة، يمكن أن تساعد الرئيس أوباما على الهروب الى الأمام، وتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية، حتى وإن كانت بعض اشتراطات نتنياهو، ظلامية ولا يتقبلها دستور الولايات المتحدة ولا أي دستور تستهدي به دولة عصرية. ولسنا في الحقيقة متفائلين، ويدل على ذلك تسريب التقرير السري الذي أعدته وزارة الخارجية الاسرائيلية التي يقوم على رأسها بلطجي متطرف، وفيه تحذير للأميركيين بأن الجانب الفلسطيني جهز اتهاماته لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأنه يتجاهل المحاولة الفلسطينية لتربيع الدوائر بدل تدوير الزوايا، بمعنى أنه لا يريد الاقتراب من أية إشكالية تعيق مسعاه، وبات يائساً من التوصل الى حلول للقضايا والنقاط المختلف عليها، لا سيما موضوع القدس والحدود. وقد تضمن التقرير أيضاً أن الجانب الفلسطيني سيتهم كيري مباشرة بالانحياز الى إسرائيل ويتقبل هواجسها في الموضوع الأمني!
أغلب الظن، أن من بين أهداف طلب سفر نتنياهو الى واشنطن، الالتماس منه إدخال بعض التشذيب أو التهذيب للغته، لكي تتمكن الولايات المتحدة من مد فترة المفاوضات ستة أشهر أخرى أو سنة. على أن يجري إسماع الرئيس عباس وعوداً أخرى فضفاضة وغير ملزمة. إن هذا هو المخرج الذي تراه الإدارة الأميركية. ولا يمنع هذا التوجه، أن يحاول الرئيس الأميركي في بداية مباحثاته مع نتنياهو غداً، أن يقنعه بـ "اتفاق إطار" يبرر التمديد، على قاعدة أن اتفاقاً كهذا لن يكون ملزماً ولن يشكل إطاراً لمحددات جدية لعملية التسوية، بل على العكس سيكون مفتوحاً للتحفظات الإسرائيلية، مثلما فُتحت "خارطة الطريق" سيئة الذكر!
الوزير كيري، في سياقه الدبلوماسي، ما زال يُمنّي النفس لطرح ورقة أميركية في الأسبوع الأخير من هذا الشهر، وربما هو يتفاءل بتمريرها لملء الفراغ، مستفيداً من بهجة فلسطينية بإطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى المتفق على إطلاقهم على دفعات.
لعل أطرف ما كُتب عن هذا السياق، هو ما جاء في صحيفة "هآرتس" بأن الرئيس الأميركي سوف يوجه الى نتنياهو والرئيس عباس سؤالاً (مع تنهيدة نتوقعها): ما هو مشروعك، إن فشلت محاولات بلورة إطار لكي تستمر المفاوضات، وانهارت العملية السلمية؟!". هنا، تستشرف "هآرتس" وضعية ما بعد الفشل، وهي محقة لأنها تعرف منطق حكومتها، وتعرف أن الفشل أمر مفروغ منه!.
لكن "هآرتس" تستطرد في استشرافها، وتتوقع أن يتمدد السؤال الموجه الى نتنياهو بحيث يتطرق الى استفهام حول كيفية تصرف الاحتلال عندما تلجأ منظمة التحرير الفلسطينية الى الأمم المتحدة. هنا، يتوقع الاسرائيليون، أن يناقش أوباما مع نتنياهو احتمالات اتساع المقاطعة الأوروبية. غاية القول إن أوباما يحضر لنا، أسئلة التذكير بالعصا وأجوبة الوعود بالجزرة، كأن يقول للرئيس أبو مازن:"ماذا لو لجأت الى الأمم المتحدة، وانضممتَ الى منظماتها المتخصصة، فقوطعتَ من الولايات المتحدة وضاق عليكم الاحتلال، وكيف ستقيم الدولة فيما الجيش الإسرائيلي ماكث في أرضكم، وكيف ستدفع رواتب موظفي السلطة إن قُطعت عنكم المساعدات الأميركية والأوروبية؟!
لهذا السبب، نرى في تسبيق استقبال نتنياهو في البيت الأبيض، تربيطاً لموقف إسرائيلي أميركي مشترك، يُستقبل به الرئيس أبو مازن. هنا ليس لنا إلا الاستفادة من خلو وفاضنا من أي شي سوى أن الرأي العام الفلسطيني، لا يمكن ان يقبل أي مساس بمحددات العملية السلمية ومرجعيتها التي تنص على الحقوق الفلسطينية. فلا برلمان عندنا فاعلاً، ولا يتاح لنا أي هامش من الحركة نستكمل في فضائه اجتماعنا السياسي، ولا شرعية لمن يُخل بالتعهدات المتصلة بالحق وبالثوابت. لذا لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان، بأن زيارة الغد، تتحضر للزيارة المرتقبة بعد ستة عشر يوماً!
صناعة التطرف وعناصرها الاكثر اشتعالاً: فلسطين " المقدسة " في برنامج الاسلام السياسي..!
بقلم: فخري كريم – الحياة
ليس مثل قضية فلسطين، للمسلمين والعرب، نموذجاً مشبوباً بخليط من "المقدس" والعاطفة والحنين الى أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين. وليس من قضية قومية- دينية اكثر تضرراً منها، وموضوعاً للتضحية والتشظي منذ إنبعاث منظمات الاسلام السياسي الفلسطينية، بمشاربها المختلفة، واذرع التيارات السلفية والمتشددة الاخرى الموزعة على مراكز النفوذ العربية والاسلامية، الاقليمية والدولية، التي احتضنت هذه المنظمات ومدتها باسباب الظهور، المال والفعل في الساحة الفلسطينية، وعلى امتداد العالم العربي.
وقد وجد الاسلام السياسي في القضية الفلسطينية ضالته، لكي يُجري فيها تجاربه " الميدانية"، على مدارات "دولة الخلافة"، وولاياتها التي تسترجع الماضي، بثنائيته التناحريّة، في بداية الرسالة المحمدية (الدعوة الاسلامية - المجتمع الجاهلي)، وما يرتبط بذلك من تكفير واستنفارٍ وتطرفٍ وحروبٍ وتقسيم للمجتمع.
وارتبط انبثاق منظمات الاسلام السياسي الفلسطينية، بمظاهر الانتكاس والانحدار في عموم البلدان العربية والاسلامية، ونزوعها الى الانقسام في محاور متضادة في السياسات والمواقف، والتوجه نحو تكريس انماطٍ من الانظمة الشمولية- الاستبدادية، وتصفية المظاهر الجنينية للحريات العامة، غير المستندة الى مؤسسات الحكم الديمقراطية، وما تتضمنه من قيم ومبادئ العدالة الاجتماعية، وشرعنة قيم المواطنة الحرة وحقوق الانسان.
وبدخولها كعنصر فاعلٍ في الساحة الفلسطينية، بدأت منظمات الاسلام السياسي العمل على تصديع العمل الوطني الفلسطيني، وطرح شعاراتٍ تحرج منظمة التحرير الفلسطينية وتسعى لنزع وحدانية تمثيلها للقضية الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، باجماعٍ عربي واقليمي ودولي كان قد تحقق بعد نضال دام طويل. ووجدت دول عربية غير متوافقة أو منسجمة مع توجهات منظمة التحرير في التنظيمات الاسلامية، اداة ضغطٍ على المنظمة وتطويق لسياساتها، بذريعة "غياب موقف موحدٍ" للشعب الفلسطيني، يمثل ارادته، ويستطيع توحيد موقفه من اي حل لقضيته، وهذا ما فعلته بالضبط اسرائيل وحلفاؤها في المحيط الاقليمي والدولي، برفضها الانصياع للقرارات الاممية والدعوات المتزايدة المطالبة بوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال والانسحاب من الاراضي المحتلة، بدعوى عدم انفراد منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الشرعية بتمثيل الشعب الفلسطيني، وتعذر اعتمادها كشريكٍ فاعلٍ لاقامة السلام على قاعدة حلٍ مقبول للقضية الفلسطينية بالاستناد الى القرارات الاممية.
وبدلاً من تعزيز مكانة القضية الفلسطينية وتمتين مواقعها في المحافل الدولية، بعد انبثاق تيار الاسلام السياسي، المتشظي هو الآخر، في أُطر وتنظيماتٍ متنافرة، حسب امتدادات ولاءاتها، وأولي الأمر عليها، صارت عبئاً اضافياً ينزع نحو شل فاعلية ودور القيادة الفلسطينية، والاصطفاف في المحاور المناكفة لها، تحت الشعارات القومانية والمُمانعة المفرغة من المحتوى، المنحازة الى " مشاريع الانظمة العربية والاقليمية " ومصالحها القطرية، وحساباتها الضيّقة، والصراعات الحزبية في اجنحتها الموزعة على العالم العربي والاقليمي. ولم تعد " الخلافات العربية - العربية " هي نقطة ضعف القضية الفلسطينية، وقيادتها، بل اصبحت تنظيمات الاسلام السياسي الفلسطيني " الولودة " مثل لعبة " البريوسكا" الروسية، ادوات سلبية في هذا الخلاف الذي شكل خرقاً لم يكن لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
واستغلت التنظيمات المذكورة، تواجد القيادة الفلسطينية في الخارج، وبشكل خاص اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على رأس الكفاح المسلح وفي قلب الحراك الدولي والاممي، لانتزاع الاعتراف منها وتطوير مواقف وقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة، لتثير غباراً عاصفاً حول شرعيتها القيادية باعتبارها تقود العمليات الجهادية من داخل الاراضي الفلسطينية، وتلعب دوراً رئيسياً في قيادة ما يجري في الداخل المحتل من تحركات واحتجاجات ضد الاحتلال. ورغم انطلاق انتفاضات الارض والحجارة التي اجتاحت الاراضي المحتلة بقيادة منظمة التحرير والتنظيمات السرية لفصائلها، على مرأى ومسمع من العالم وتعاطفها مع تلك البطولات التي اجترحتها الجماهير بكل المكونات الاجتماعية والدينية والعقائدية، فإن تنظيمات التيار الاسلامي والمتعاطفين معه ظلت مصدر تشويشٍ يصبُ في صالح القوى المتربصة بشرعية القيادة الفلسطينية ودورها في المحافل الاسلامية والدولية.
ومثلما شقّت المجتمعات العربية، بتحويلها الى ثنائي "مؤمنين- كفرة"، زرعت التنظيمات السياسية، المتلفعة ببرقع الاسلام المكيّف بعيداً عن حقائقه، نبتة التقسيم في المجتمع الفلسطيني المتعدد الاديان والتكوينات والعقائد والطوائف، وباتت هاجساً يثير البلبلة والشكوك في الصف الوطني الفلسطيني. ولم يعد دورها يقتصر على الساحة الفلسطينية، بل امتد ليشمل سائر الدول العربية، سواءً من خلال التنظيم الدولي للاخوان المسلمين أو السلفيين والتنظيمات العصابية المتطرفة والمتشددة عقائدياً، أو من حيث وسائلها " الجهادية " المعزولة، والمُنفرة.
وقد اتضحت الاهداف الحقيقية لهذه التنظيمات، في مجرى تطورها التكويني والسياسي، وانكشاف تمويلها ومصادر قراراتها، بوصفها، أدوات "التمكين" لاقامة الامارات الاسلامية، اينما امكن تحقيق ذلك، وتجريح كل ذاتٍ اجتماعية، بالاستدلال على مكامن ضعف عقيدتها، وتجريدها من مظاهر الايمان والالتزام بـ"شريعة الله، وثوابت دينه" وهو ما يمكنها من توسيع قاعدتها، لتصدر المشهد السياسي، وإيجاد موطئ قدمٍ لها في المحافل العربية والاسلامية والدولية، كبديل قوي، مدعومٍ بالظهير الاسلامي في سائر الدول الاسلامية.
ومع انكشاف السريرة والباطن الملتبس للتيار الاسلامي الفلسطيني، بأجنحته الاخوانية والسلفية والقاعدية "الجهادية" تبينت ملامح انفصاله عن هدف تحرير الاراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية، والانحياز لمشروع الامارة الاسلامية، حتى وان تحقق ذلك على حساب الاهداف الاستراتيجية والوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى حساب قضم أجزاء من اراضيه، وتعطيل ارادته الحرة.
وقد تحقق لها ذلك، ولو مؤقتاً بتجزئة الاراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية، واقامة " إمارتها الاخوانية " على قطاع غزة.
ان تتبع الفظائع التي ارتكبتها اجهزة حماس والمتشاركين معها، في انقلابها على السلطة الفلسطينية، دون ان ينجو منها قائد الثورة الفلسطينية، الشهيد ياسر عرفات، يكشف بوضوح، طبيعتها المخاتلة المتحللة من اي التزامٍ أو واعزٍ ديني أو هدف وطني يستهدف تحرير المجتمع أو استنهاضه، وإقامة صرح المساواة والعدل الاجتماعي لمواطنيه. وهي خلافاً لما يتطلع له الشعب من نزوع نحو الوحدة والتسامح والتطور الحضاري الانساني، لا يحصد سوى مزيد من العنت وتمزيق وحدة نسيج المجتمع، والعودة به الى مجاهل ومظالم عصور الجاهلية والتخلف والظلام.
وقبل ان تصبح امارة غزة، الوليد الشرعي للاسلام السياسي الاخواني، تطاولت على الشعب المصري، وحولت بواباتها الى منافذ لعبور وتمكين فلول المتطرفين الجهاديين، الذين يقودون عمليات القتل والتخريب في انحاء مصر، انتقاماً من مصر على مبادرتها التاريخية بافشال مشروع الاخوان - السلفي، لاسقاط الدولة المصرية، والانطلاق منها في مختلف الاتجاهات الرخوة في العالمين الاسلامي والعربي، لاقامة دولة الخلافة الاسلامية وإدخالهما في ظلمات الجاهلية والتكفير.. يتبع
العروبة.. الخضر..سعيد العاص
بقلم: موفق مطر – الحياة
لم اتمالك نفسي وانا اقف بخشوع في حضرة ضريح العربي" سعيد العاص ".. في مقبرة الشهداء ببلدة الخضر غرب بيت لحم، فسبقت دموعي لساني في التعبير عن فخر رفعني الى عنان السماء وانا اقرأ على الحجر الرخامي: ولد سعيد العاص في مدينة حماة السورية عام 1889، واستشهد في معركة بين العرب والبريطانيين في 6 تشرين الأول من العام 1936.
لفني فخر عظيم، وانفعلت حتى سالت دموعي، ليس لأني أقف بجوار معلم قومي وثقافي وسياسي، وبطل من رجال العرب السوريين الذين آمنوا بوحدة مصير الأمة العربية، وعروبة فلسطين، ووحدة الأرض العربية، وقداسة ارض فلسطين وحسب، بل لأني لمست فكرة الأخوة العربية، ونبل المناضلين من اجل حرية الانسان العربي وكرامته، وعشت لحظات تاريخية وانا اقرأ على الحجر الرخامي اسفل القبة الخضراء اسم القائد البطل الذي كان واحدا من الأسماء التي قرأنا سيرتها في كتب التاريخ المدرسية قبل حوالي نصف قرن من الآن في مدارس حماه ودمشق، فأنا المولود على ضفاف العاصي في مدينة أبي الفداء "حماة " اعتبرت نفسي في هذه اللحظة منتصرا على كل الذين حاولوا أو يحاولون تبديد فكرة الاخوة العربية والمصير المشترك، ووحدة الوطن العربي، واختزال الصراع بمفاهيم، غايتها تقزيم قضية فلسطين، والمشروع التحرري العربي، وسلخه عن المشروع التحرري الفلسطيني، فأنا الحموي السوري العربي اتابع من هنا من على ارض فلسطين مسيرة النضال من اجل حرية واستقلال فلسطين كما احب رؤيتها سعيد العاص حرة متحررة من جيش الاستعمار البريطاني.
أن تكون عربيا ومناضلا من اجل فلسطين، فهذا مصدر فخر وانت تلمس الحب والتقدير لسعيد العاص وكأنك في حضرة قديس، كيف لا وجراح سعيد العاص وعبد القادرالحسيني حظيت بالبلسم من سفراء المحبة في كنيسة من كنائس بيت لحم مهد عيسى (رسول السلام والمحبة).
(محمد سعيد شهاب) هو الاسم الحقيقي لسعيد العاص الحقيقي، ولقب بالعاص نسبة الى نهر العاصي في حماه، حيث ولد ودرس في المرحلة الابتدائية ثم تابع دراسته الاعدادية في دمشق، وتخرج من الكلية الحربية في الاستانة (اسطنبول ? تركيا) عام 1907 برتبة ملازم، عين ضابطاً في دمشق، ثم التحق بمدرسة الأركان الحربية سنة 1908. وفي أوائل عام 1910 أخرج من المدرسة المذكورة لأسباب سياسية عربية (كما تفيد الموسوعة الفلسطينية).
ما بين 6 تشرين الأول سعيد العاص، و6 تشرين الأول الشهداء المصريون والسوريون والاردنيون واللبنانيون والعراقيون وغيرهم العرب، سجل عظيم من الأسماء والبطولات..ففلسطين قلب الوطن والأمة، لا يحتاج العربي الأصيل لمنظرين أو أصحاب الخطابات والشعارات القومجية لإدراك هذه الحقيقة، فهنا في الخضر الفلسطينية يتحدثون عن سعيد العاص كجزء من تاريخ شعب فلسطين والأرض المقدسة.
شكرا زملائي بوزارة الاعلام.. فجولاتكم المنظمة للصحفيين ووسائل الإعلام تجعلنا نكتشف كنوز هذه الأرض وسجلات الكفاح والبطولة من اجل حريتها..فقد كنتم سببا في تعزيز إيماني بالعروبة ومصيرنا المشترك. فناعورة العاصي ستبقى تعن حتى يرفرف علم فلسطين فوق أسوار القدس الفلسطينية العربية.
لتوقف "حماس" تدخلها في مصر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
في الوقت الذي تشكو حركة حماس من الحصار، وتطالب القيادة الشرعية ممثلة بشخص الرئيس ابو مازن والقيادات الوطنية ذات الصلة بجمهورية مصر بالتدخل لترطيب الاجواء مع النظام السياسي الجديد في القاهرة، تقوم بمواصلة التحريض على القيادة المصرية الجديدة عبر منابرها الاعلامية وناطقيها، وحتى عبر قادتها، الذين ما زالوا يتبنوا ذات التوصيف لثورة الثلاثين من يونيو 2013، باعتبارها "انقلابا"!؟ ويهاجمون السياسات التي ينتهجها اهل النظام لحماية الجماهير المصرية من بطش وانفلات الارهاب الاخواني البشع، الذي يستهدف تعطيل الحياة.
آخر ما تفتقت عنه اساليب حركة الانقلاب الحمساوية، قيامها بنصب خيمة على المعبر الفلسطيني ( رفح) للتحريض على الشرعية المصرية الجديدة، وهي تدرك ان هذا التصعيد ضد القيادة المصرية لن يفيدها بشيء، لا بل ان مثل تلك الممارسات تؤجج المشاعر غير الايجابية، فضلا عن ان القيادة المصرية، تعتبر حركة حماس جزءا اساسيا من آلة الارهاب المنظم ضد الجيش ومؤسسات الشعب المصري. وتنشر بشكل متواصل الوثائق والاعترافات، التي حصلت عليها من قبل المعتقلين لديها من جماعة الاخوان الارهابية, لتؤكد باليقين القاطع، ان حركة حماس شريكة في حرب الارهاب ضد مصر المحروسة، ورهانها متواصل على عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي.
مع ذلك حتى الآن لم تلجأ القيادة المصرية لإطلاق صفة الارهاب على حركة حماس، ليس خشية منها ولا تهربا من تسمية الاشياء بمسمياتها، بل انطلاقا من، اولا، عدم زج الشعب الفلسطيني في متاهة حماس؛ وثانيا، عدم اعطاء إسرائيل ذريعة شن عدوان جديد على قطاع غزة؛ وثالثا، للمحافظة على دور مصر كراع لعملية المصالحة الفلسطينية؛ ورابعا، لاقناع الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب بان مأساتهم ناتجة عن سياسات حركة الانقلاب الاخوانية، التي لا تتورع في كل مرة يفتح فيها المعبر من ارسال ادواتها التخريبية للقيام باعمال تخريبية في الاراضي المصرية؛ خامسا، ولتؤكد للجميع ان مرجعية المعبر أو أي شأن يتعلق بابناء الشعب الفلسطيني في محافظات القطاع، هي مسؤولية القيادة الشرعية والرئيس محمود عباس وليس حركة حماس؛ ولتقطع الصلة مع المرحلة الضبابية السابقة.
لكن على ما يبدو ان حركة الاخوان فرع فلسطين، تصر على مواصلة خيارها غير الايجابي والمعادي للشعب والنظام المصري، رغم الادعاء عكس ذلك في التصريحات الاعلامية. لكن البون شاسع بين ما يعلن وينفذ على الارض. وإن شاؤوا فعلا ان يفتحوا صفحة جديدة مع القيادة الشرعية المصرية، عليهم التخلي كليا عن التورط في الشأن المصري الداخلي؛ والابتعاد عن سياسات جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وايجاد مسافة فاصلة بينها وبينهم؛ ووقف الحملات الاعلامية الغوغائية ضد مصر؛ والاعتذار للقيادة والشعب المصري عن الاعمال والانتهاكات، التي نفذتها ضد الجيش والشعب والمؤسسات المصرية؛ والاستعداد لتقديم المعلومات الضرورية لحماية الامن القومي المصري لدرء الاخطار المحدقة، لا سيما وانها (حماس) لديها ما تقوله في هذا الشأن؛ والالتزام مع المصريين في المعبر (رفح) وفي القضايا المتعلقة بمعبر كرم ابو سالم (البضائع) والمساعدات بالعودة للشرعية الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس وحرس الرئاسة وجهات الاختصاص في الحكومة الشرعية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله للتنسيق بشأن قوائم السفر ودخول او خروج البضائع، لتكون خطوة ايجابية تجاه دفع عربة المصالحة الوطنية للامام.
تعلم حركة حماس ان سياسة الديماغوجيا والتضليل والصراخ لم تعد تجدِ نفعا، وبات امرها مكشوفا امام العرب جميعا، وغطاء "المقاومة" بات مفضوحا اكثر من أي وقت مضى. وبالتالي الخيار الامثل العودة لجادة الصواب والوحدة الوطنية وحماية الذات والشعب والمصالح العليا من التبدد نتاج السياسات الهوجاء والخرقاء، التي سيكون لها عميق الاثر على مستقبل الحركة بالبقاء او الفناء,,, وقادم الايام سيكشف عن حقائق جديدة، لعل حركة حماس تتعظ قبل فوات الأوان.
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (280)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاحد
2/3/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
وسيلة ضغط جديدة: التهديدبالانسحاب الأحادي من الضفة!!
بقلم: حديث القدس – القدس
المطلوب إستراتيجية فلسطينية أردنية مشتركة في مواجهة مؤامرات التصفية
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
الأحد... وكل يوم أحد إسرائيل تعبث ببرميل البارود المحامي زياد أبو زياد
بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
في الذكرى السادسة والخمسين للوحدة المصرية السورية
بقلم: يوسف قطينة – القدس
إيران وأميركا.. ونبرة حديث مختلفة!
بقلم: كاميليا فيرد – القدس
مؤتمر «ايباك» ... وسراب الحل!!
بقلم: محمد الخطيب - القدس
خلفيات ما يبدو "سنة حرجة" !
بقلم: حسن البطل – الايام
أوكرانيا : "التتار" بيضة القبّان !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
دولة داعش "الإسلامية "وإسرائيل "اليهودية" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
الدعم الأميركي للاحتلال
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
تقتل النساء في بلدي ونحن نعدّهم
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة .. رواية الدكتاتور
بقلم: عادل الأسطة – الايام
تغريدة الصباح - يوم عالمي للمرأة
بقلم: حنان باكير – الحياة
زيارة تتحضر للأخرى
بقلم: عدلي صادق – الحياة
صناعة التطرف وعناصرها الاكثر اشتعالاً: فلسطين " المقدسة " في برنامج الاسلام السياسي..!
بقلم: فخري كريم – الحياة
العروبة.. الخضر..سعيد العاص
بقلم: موفق مطر – الحياة
لتوقف "حماس" تدخلها في مصر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
وسيلة ضغط جديدة: التهديدبالانسحاب الأحادي من الضفة!!
بقلم: حديث القدس – القدس
بدأت ترتفع في اسرائيل اصوات تدعو الى الانسحاب الاسرائيلي الأحادي من الضفة كوسيلة ضغط على السلطة الفلسطينية مع اقتراب موعد انتهاء فترة المفاوضات الحالية في 29 نيسان القادم والانسحاب الأحادي يعني ان يصبح الجدار حدودا اسرائيلية بالاضافة الى ضم المناطق التي يريدون الاحتفاظ بها في الأغوار والمستوطنات الأكثر أهمية والكبيرة، وليس الخروج الكامل كما حدث في غزة طبعا.
وتردد ان السفير الاسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل ادرن يقترح خطة لانسحاب احادي من الضفة اذا توجهت السلطة الى المؤسسات الدولية في حال فشل المفاوضات او توقفها. وقالت صحيفة «معاريف» ان اثنين من مساعدي رئيس الحكومة الاسرائيلية نتانياهو يعدان خطة لمثل هذا الانسحاب وسيقدمانها في وقت لاحق اي حين يكون الوقت مناسبا والظروف مهيأة لذلك.
والتهديد بالانسحاب الاحادي يعني انتشار الفوضى في الضفة، كما يتوقع الاسرائيليون، وسيطرة حماس وانهيار السلطة الوطنية بقيادة محمود عباس.
هذا على المستوى الرياسي والميداني، وفي هذه الاثناء فان هناك ضغوطا مالية كبيرة وتواجه السلطة تهديدات بوقف او تقليص المساعدات في حال توقف او فشل المفاوضات مما يعني تفاقم الازمة الاقتصادية واتساع دائرة الاضرابات وتعطيل المصالح العامة على مختلف الاصعدة.
وتترافق هذه التهديدات قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس ابو مازن ونظيره الاميركي اوباما والمقرر في واشنطن في 17 الجاري بناء على دعوة رسمية اميركية. كما ان نتانياهو سيلتقي الرئيس اوباما ايضا وللغرض نفسه.
وتقول بعض المصادر ان جهود وزير الخارجية جون كيري قد اقتربت من صيغة اتفاق الاطار وان اوباما قرر التدخل شخصيا في المساعي السلمية وسيعرض هذا الاتفاق على كل من ابو مازن ونتانياهو، وسيطلب منهما تمديد فترة المفاوضات الى ما بعد 29 نيسان وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية حتى الان، على افتراض بدء تنفيذ اتفاق الاطار المقترح.
وتبدو الصورة واضحة على المستوى الفلسطيني، فاما الاتفاق او الانسحاب الاسرائيلي الاحادي وتصعيد الازمة المالية، والاتفاق اقرب ما يكون الى ما تريده اسرائيل كما تدل كل المؤشرات وقبوله ليس سهلا ولا محتملا كما تؤكد التصريحات الفلسطينية الرسمية والعلنية، ولهذا فنحن نعتقد ان الاسابيع القليلة القادمة ستكون حافلة بالتطورات الجدية وستكون السلطة مطالبة باتخاذ قرارات صعبة وقد تكون مصيرية.
المطلوب إستراتيجية فلسطينية أردنية مشتركة في مواجهة مؤامرات التصفية
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
البرلمان الأردني اتخذ قرارا مسؤولاً في إطار ردود الأفعال العملية على مخطط بسط السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، بما لذلك من دلالات وانعكاسات وتداعيات سياسية ودينية وأخلاقية وحقوقية، في تأكيد أن هذا البرلمان انطلق من موقف وطني ارتبط بالأردن وهيبتها، ومن موقف قومي تجاه فلسطين ومقدساتها وتجاه القدس وأقصاها على وجه الخصوص.
وبقراءة متأنية في المواقف الأردنية الأخيرة بشأن التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، نجد أنه لم يبد حماسا لما يعده وزير الخارجية الاميركي جون كيري حول ما يسمى اتفاق إطار ، على اعتبار أن ما تسرب من نقاط هو مفصّل تماما على المقاس الإسرائيلي ، ولا يخدم القضايا والتوجهات العربية، ولا ينسجم مع روح المبادرة التي أطلقتها القمة العربية في بيروت. كما أن ما صدر من تصريحات ومواقف حول رفض الوطن البديل ، يعبر عن وعي دقيق لطبيعة ما يعد في الخفاء للانقضاض على القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من الموقف المعبّر عنه رسميا في " ان الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين"، الذي اختصر و كثفت الموقف المستند إلى موقف شعبي ومؤسساتي يرفض التوطين والوطن البديل، في مواجهة الاستراتيجية الإسرائيلية بكل توجهاتها الاقتلاعية .
وقد سبق هذه التصريحات والمواقف تصريحات أخرى حول الكونفدرالية ،معتبرة أن طرحها سابق لأوانه، وان الكونفدرالية تستجيب لإرادة دولتين أو كيانين مستقلين، فيما فلسطين ما زالت ترزخ تحت الاحتلال.
إن الضغوط التي تتعرض لها فلسطين والأردن في هذه المرحلة تتراوح بين السياسية والاقتصادية ، وان ما يصعّب التعامل مع هذه الضغوط، هو الوضع العربي المتشظي والانتفاضات التي أَفرغت من مضامينها ومساعي تفتيت الدولة الإقليمية العربية وتحويلها إلى دويلات طائفية ومذهبية متقاتلة متصارعة، بيد أن الاكتفاء بالتحسر على المشهد والتخوف من خطورته لا يكفي ، ولا يوقف الضغوط الخارجية ولا يضع حدا للابتزاز السياسي، حيث يمكن لفلسطين والأردن وبالتنسيق مع عدد من الدول العربية الأخرى التي لم يجرفها الطوفان تجميع الأوراق العربية المبعثرة والاصطفاف خلف إستراتيجية تحرك عربي تتعامل مع التحديات وتلتقط الحلقات الرئيسة الجامعة للقضايا العربية، وتتفاعل مع السياسة الدولية، مستفيدة من حالة التذمر الأوروبي المتزايد بخاصة ضد الاستيطان والتحيز الأمريكي لإسرائيل، وتبدأ في التأسيس لتحالفات دولية جديدة تقوم على التبادلية والمصالح الغربية في الوطن العربي، لان مفتاح العلاقات في هذا العصر المصالح المشتركة بعد تراجع وانكماش المبادئ وغياب الشعارات التضامنية الأممية، التي سيّرت سياسات دول كثيرة في القرن الماضي.
فالأوراق العربية من المفروض أن يتم إخراجها تدريجياً من الدرج الأمريكي، وحينما قررت السعودية والكويت والإمارات تقديم المعونات الاقتصادية لمصر على خلفية التطورات الأخيرة، كان في ذلك خروج على الاملاءات الأمريكية ، حيث ينبغي أن يعزز ويسند هذا المسار بسلسلة متدرجة من المواقف ، لكي يتم فرض خيارات عربية أخرى، لا سيما في ظل المتغيرات الدولية وبروز روسيا والصين وبعض التكتلات الاقتصادية الدولية، التي أخذت تضرب بقوة القرن الأحادي الذي هيمن على السياسة العالمية في العقدين الأخيرين وتحديداً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية.
وما زيارة المشير عبد الفتاح السيسي إلى موسكو والإستقبال الحافل الذي حظي به هناك إلا خطوة أولى ، من المفروض إتباعها وإسنادها وتأكيدها بخطوات أخرى أوسع من مصرية، حتى تدرك الإدارة الأمريكية أن العرب ليسوا منومين مغناطيسيا وأنهم يستطيعون التحرك في عديد الاتجاهات، كبديل عن حشرهم في الاتجاه الأمريكي، الذي يعتقد القائمون عليه أنه أصبح قدر العرب والعالم وليس لهم قدر سواه.
وعليه يتوجب على الفلسطينيين استثمار التطور في الموقف الأردني ويبادروا إلى الارتقاء بالتنسيق والتكامل في المواقف مع الأردن، في إطار الانفتاح على العرب وتفعيل الجامعة العربية وتحريرها من هيمنة دولة صغيرة باتت تلعب بالسياسة والمنطقة بالأموال والنفوذ لحسابات خارجية، وكأن دور هذه الجامعة أصبح مقتصراً على اتخاذ قرارات ضد سورية مصاغة خارجيا ويتم تمريرها من خلال قناة تعتقد أنها بأموالها قادرة على رسم خارطة المنطقة.
إن بسط السيادة على الإسرائيلية على الأقصى، وشطب عروبة القدس وخنقها بالمستوطنات، من المفروض ان يستنفر الطاقات العربية ويوظفها في الإطار الصحيح، وان اكتفاء هذه الجامعة العربية بتصريح عابر لا يضع النقاط على الحروف، بل يبقي الحروف تائهة باهتة غير مقروءة. فقط الذي يمكن قراءته والتعامل معه ضمن إظهار الندية العربية، يتمثل في الإستراتيجية الموحدة، الغائبة الآن، الآتية غدا إذا ما تضافرت الجهود وتكاملت الطاقات وخلصت النوايا.
الأحد... وكل يوم أحد إسرائيل تعبث ببرميل البارود المحامي زياد أبو زياد
بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
لا بد من التوقف كثيرا عند الأحداث التي شهدتها القدس والمسجد الأقصى يوم الجمعة أمس الأول في سياق ما يجري وما يمكن أن يجري في الأيام القادمة وانعكاسات ذلك على مستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل والمنطقة بأسرها.
فبالأمس كانت هناك مواجهات عنيفة في ساحات المسجد الأقصى واستخدام مفرط لقنابل الغاز في أروقته وعند أبوابه وتدفقت إلى داخله ، بعد أن كانت السلطات الاسرائيلية قد أعلنت مسبقا بأنها لن تسمح لمن هم دون سن الخمسين بدخوله ، أي أن معظم الذين كانوا يتواجدون في المسجد هم من المسنين الذين لا يطيقون التعرض لهذا الغاز ، ناهيك عن قدسية المكان التي تتطلب الحد الأقصى من ضبط النفس واحترام أجواء العبادة والتواصل مع الله في يوم هو من أقدس أيامه وهو يوم الجمعة.
وأما آلاف المواطنين الذين توافدوا للصلاة في الأقصى فقد وجدوا أنفسهم مضطرين أمام حواجز الشرطة والمنع الاسرائيلي لأن يصلوا في الشوارع والطرقات وعلى الأرصفة. ومن السهل جدا تصور شعور عشرات الآلاف من المصلين الذين وجدوا أنفسهم في عين عاصفة الغاز المسيل للدموع أو يصلون في الطرق والشوارع والأرصفة بعيدا عن بيت الله الذي سعوا إليه.
والذي حدث بالأمس لم يكن وليد ردة فعل مؤقتة على حادث معين وإنما جاء في سياق شعور متراكم بأن هناك نية إسرائيلية مبيتة لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى يتيح لليهود المتطرفين تقاسمه المكاني والزماني وهو تقاسم لم يحلموا به ولم يفكروا فيه خلال آلاف السنين ، كما أنه تقاسم لا يسعى إليه المتدينون اليهود وإنما فئة من اليهود الذين حولوا اليهودية إلى قومية ويرون في الأقصى ( جبل الهيكل ) رمزا قوميا وطنيا يخدم في المحصلة النهائية ادعاءاتهم السياسية بالحق التوراتي في الأرض المقدسة بما في ذلك القدس.
والذي حدث بالأمس لم يكن حادثا أو تصرفا من قبل فرد أو جماعة وإنما حدث وسيحدث في إطار سياسة حكومية رسمية تسعى إلى تحقيق هدف سياسي من خلال مكان ديني مقدس ، وتتحدث في تناقض فاضح عن التحريض الفلسطيني وعن رغبتها في السعي لتحقيق السلام مع جيرانها العرب وهي التي تمارس التحريض.
لقد أثبت تقرير موثق أعدته جمعية عير عميم الاسرائيلية تورط وزارة التربية والتعليم الاسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء والعديد من الوزارات والدوائر والجهات الحكومية الاسرائيلية في الحملة الممنهجة المنظمة للاقتحامات المتكررة للأقصى والسعي للصلاة في ساحاته وخلق واقع استيطاني فيه. ولقد شهد الأسبوع الماضي تصعيدا خطيرا تمثل في زيادة وتيرة النقاش في الكنيست الاسرائيلي حول فرض السيادة الاسرائيلية على الأقصى ، وكذلك تسليم جماعة إلعاد الاستيطانية المتطرفة صلاحية الاشراف والعمل المطلق في الساحات الملاصقة لحائط المسجد الأقصى من الجهتين الغربية والجنوبية بما في ذلك المنطقة المسماة قصور الأمويين في الجهة الجنوبية.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن جماعة إلعاد الاستيطانية هي التي تقوم بالبرامج الحثيثة المكثفة للاستيطان في السفوح الواقعة خارج باب المغاربة والمسماة " عير دافيد " أي مدينة داود وهي جزء هام من بلدة سلوان التي هي جزء من القدس ، فإن تسليم جماعة إلعاد المناطق الملاصقة للأقصى يشبه ما يسمونه تسليم القط مهمة حراسة علبة الجبنة أو ( الشمينيت ) كما يقولون باللغة العبرية ! لأن تواجدها وسيطرتها على هذه المناطق سيعني المزيد من التحرش بالمسجد الأقصى والمسلمين والسعي إلى التدخل في شؤونه والمزيد من الأنشطة الاستيطانية والحفريات تحت وحول الأقصى.
التصعيد في الهجوم على المسجد الأقصى والسماح للمتطرفين اليهود الدخول إلى ساحاته وغض النظر عن قيام بعضهم بالطقوس الدينية في ساحاته هو التحريض بحد ذاته لإثارة مشاعر المسلمين وجرهم للرد العنفي ضد هذه الممارسات الاسرائيلية لاستخدام ذلك ذريعة للمزيد من إجراءات التهويد . وأكبر دليل على تشجيع هذا التحريض هو محاولة فرض جو من الارهاب ضد المسلمين الذين يتصدون للمحاولات الاسرائيلية في الأقصى بما في ذلك ذلك السدنة والحرس الذين يقومون بوظائفهم فيه . فقد أصبحت السياسة الأمنية الاسرائيلية المألوفة هي إصدار أمر إبعاد عن المسجد الأقصى لمدد متباينة تتفاوت من أسبوعين إلى أشهر ضد أي مواطن فلسطيني يتصدى أو يعارض الاعتداءات اليهودية على الأقصى أي لتنقية ساحات الأقصى من أي عنصر يتصدى لمحاولات التهويد فشمل ذلك بعض الأئمة والشيوخ والحرس على حد سواء.
لا أعتقد أن من المجدي إنكار أهمية القدس والمكان الذي يسمونه جبل الهيكل ونسميه نحن بالمسجد الأقصى بالنسبة لليهود ، ولا يستطيع أحد أن ينتزع من قلوب اليهود حبهم أو تعلقهم بهذا المكان ، ولكن هناك حقائق تاريخية ودينية لا يمكن تجاهلها أو المساس بها، وأهم هذه الحقائق هو أن المسجد الأقصى الذي تم إعماره منذ الفتح الاسلامي للمدينة المقدسة هو أقدس ثالث مكان في العالم بالنسبة للمسلمين فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين وإليه تشد الرحال من كل بقاع المعمورة بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي.
لقد أدرك حاخامات اليهود عبر القرون الطويلة الحكمة من وراء عدم محاولة المساس بالأقصى وإثارة الفتنة بشأنه لما يمكن أن تجره عليهم فأفتوا بعدم جواز دخول اليهود الى ساحات المسجد الأقصى ، ناهيك عن الصلاة في ساحاته التي تشكل جزءا لا يتجزأ منه ولا تزال هذه الفتاوى سارية ومتبعة من قبل المتدينين الحقيقيين منهم حتى اليوم. ولكن المشكلة التي نواجهها هذه الأيام هي من أولئك الذين يركبون موجة الدين لأهداف قومية تمتهن الدين وتسيء إليه.
المسجد ألقصى هو برميل بارود لا يجوز العبث به أو إشعال فتيله، وإذا اعتقد البعض من الاسرائيليين بأن الأجواء العربية المتداعية هي أفضل فرصة لتحقيق أهدافهم فإنهم يخطئون كل الخطأ إذا ما اعتقدوا أن ذلك يمكن أن ينطبق على الأقصى.
ولعل من الألاعيب المكشوفة تجيير ما يجري في المسجد الأقصى من رفض للممارسات الاسرائيلية إلى حركة حماس في محاولة للتقليل من أهميته واستغلال الأجواء المعبأة ضد حماس لاستخدامها ضد الذين ينبرون للدفاع عن الأقصى أو المساس بمصداقيتهم السياسية.
فقد نقلت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي عن ضابط كبير في جهاز المخابرات العامة ( الشاباك ) قوله أمام محكمة إسرائيلية أن أكثر ما يخشاه الشاباك في الآونة الأخيرة هو محاولة إشعال منطقة الأقصى على يد حركة حماس ، بغية تصعيد الأوضاع في الضفة الغربية. ومن الواضح لكل ذي عينين في وجهه أن هذا الكلام إما أن يكون مغرضا وإما أن يكون ساذجا وهو قول خاطيء في كلتا الحالتين. فالمواجهات التي تقع في الأقصى وفي سائر أنحاء مدينة القدس هي رد فعل تلقائي من قبل كل شرائح المواطنين بما في ذلك النشطاء المسيحيون ضد الاستفزازات الاسرائيلية فكيف يمكن أن يقال بأن هؤلاء هم من عناصر حماس! ونفس الحديث ينطبق على الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية.
الأوضاع متفجرة ليس فقط في المسجد الأقصى وإنما في كل أرجاء الأرض المحتلة وستزداد تفجرا إذا ما حاولت أمريكا وإسرائيل فرض ورقة مبادىء مجحفة بحقوق شعبنا على الرئيس عباس. وعلى الاسرائيليين أن يختاروا إما الدخول في مواجهة لا نهاية لها مع الاسلام والاسلاميين والمسلمين بكل أشكال منظماتهم وتنظيماتهم وفي صراع طويل الأمد سيكونون هم الخاسرين فيه ، وإما ان ينزعوا فتيل القنبلة ويعودوا إلى الحكمة التي اتسم بها حاخاماتهم عبر عشرات القرون والتي حرمت عليهم الدخول إلى ساحات المكان المقدس. أما الاستمرار في إطلاق العنان للمتطرفين المهووسين فهو أعنف شكل من أشكال التحريض تمارسه إسرائيل وعليها أن تتحمل نتائجه وعواقبه.
في الذكرى السادسة والخمسين للوحدة المصرية السورية
بقلم: يوسف قطينة – القدس
صادفت يوم السبت الماضي الثاني والعشرين من شهر شباط الماضي الذكرى السادسة والخمسون للوحدة المصرية السورية، حيث وقع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية المصرية في شباط من عام 1958 اتفاق الوحدة مع رئيس الجمهورية السوري شكري القوتلي، وهكذا اتحدت مصر وسورية في دولة واحدة حملت اسم الجمهورية العربية المتحدة. وعرفت سورية حينذاك بالاقليم الشمالي ومصر بالاقليم الجنوبي، فكانت اول وحدة عربية في التاريخ الحديث.
وقد اضطر الرئيس جمال عبد الناصر للاستجابة لضغوط مجموعة من الضباط السوريين الذين زاروه في القاهرة، مناشدين اياه الاستجابة للمطالب الشعبية السورية الملحة بإقامة دولة الوحدة لحماية الدولة السورية من المؤامرات التي تتعرض لها، وخاصة من دول حلف بغداد آنذاك وهي بريطانيا والعراق وايران وتركيا وباكستان، ذلك الحلف الذي كانت الولايات المتحدة هي من اقترحت انشاءه رغم انها لم تنضم رسميا الى عضويته، وكان الغرض الاساس من انشاء هذا الحلف تطويق الاتحاد السوفييتي، ومنع تمدده، والحيلولة دون وصوله الى المياه الدافئة، اضافة الى ضمان استمرار وصول نفط دول الشرق الاوسط الى الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى.
ولم يكن الرئيس عبد الناصر متحمسا لانجاز الوحدة مع سورية، لأنه كان على دراية وثيقة بالمشاكل المعقدة الكثيرة التي تعاني منها الدولة السورية، فلم يكن يطمح لادارة شؤون سورية ولا ان يرث مشاكلها الداخلية، وانما كان ينادي بمبدأ التضامن العربي، وهكذا دفعه السوريون دفعا الى الاتحاد مع سورية والموافقة على قيام الجمهورية العربية المتحدة. وكانت شعبية الزعيم المصري قد بلغت الذروة في العالم العربي بعامة وفي سورية بخاصة، خاصة بعد فشل العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الاسرائيلي على مصر في عام 1956، والشعب العربي السوري معروف بتعلقه الشديد بالقومية العربية وبالوحدة العربية، فدمشق كما قال الزعيم عبد الناصر "قلب العروبة النابض".
وهكذا وقع الزعيم عبد الناصر على اتفاقية الوحدة مع سورية مرغما، لانه كان يرى - وبحق - ان البلدين سورية ومصر ليستا ناضجتين بعد لتحقيق وحدة اندماجية، وكان يعلم انه يرث من دولة الوحدة تلك مشاكل فوق طاقة اي قائد وزعيم، وكان الرئيس شكري القوتلي حذره من ان الدخول في وحدة مع سورية لن يكون بالامر السهل، وقد قال عبد الناصر ان القوتلي بعد ان وقع اتفاق الوحدة معه التفت اليه قائلا وهو يبتسم: "تهنئتي يا سيادة الرئيس!! انك لا تعرف ماذا اخذت انك لا تعرف الشعب السوري، فقد ورثت امة نصف افرادها من السياسيين، وربع آخر من افرادها يعتبرون انفسهم من الانبياء. وثمن الامة يعتبرون انفسهم من الآلهة. ان في سوريا اناسا يعبدون الله واناسا يعبدون الشيطان "طائفة اليزيديين".
وقد لقيت الوحدة المصرية - السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة ترحيبا واسعا من جماهير الوطن العربي من المحيط الى الخليج. حيث اعتبروها بداية لوحدة عربية شاملة بعد ان مزقت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 الوطن العربي الى اقطار ودويلات متناحرة متفرقة، وذلك تطبيقا للسياسة الغربية الاستعمارية القديمة "فرق تسد". وفي ذات الوقت فإن هذه الوحدة ازعجت كثيرا الدول الاستعمارية وكذلك اسرائيل، حيث رأت فيها تهديدا جديا لمصالحها الاستعمارية في المنطقة، وكذلك تهديدا لحليفتها الاولى في المنطقة اسرائيل، اذ ان السياسة الغربية تقوم وحتى الان، على عنصرين هامين هما ضمان استمرار وصول النفط الى الدول الغربية وضمان امن اسرائيل. وكذلك فإن دول حلف بغداد ودولا عربية اخرى وقفت ضد هذه الوحدة .
كانت الجمهورية العربية المتحدة اذن نواة اول وحدة عربية حقيقية، قامت باختيار حر من شعبين عربيين شقيقين، ولم تفرض فرضا من الاعلى اي من الحكام. حيث تم توحيد برلماني مصر وسورية في مجلس الامة، والغيت الوزارات الاقليمية، وشكلت وزارة موحدة، ووحد جيشا البلدين تحت قيادة واحدة، واختيرت القاهرة عاصمة للجمهورية العربية المتحدة، وانتخب الزعيم جمال عبد الناصر رئيسا لهذه الجمهورية الذي بلغت شعبيته في سورية حدا ان قامت جماهير الشعب السوري بحمل السيارة التي كان يستقلها.
ولكن هذه الوحدة العربية الاولى في العصر الحديث لم تدم طويلا، اذ تضافرت اسباب داخلية واخرى خارجية لوأد هذه الوحدة، ففي الثامن والعشرين من ايلول عام 1961 قام العقيد في الجيش السوري عبد الكريم النحلاوي بانقلاب ادى الى الانفصال بين الاقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة والاقليم الجنوبي، علما ان النحلاوي كان كاتم سر المشير عبد الحكيم عامر والمقرب منه، حيث اوكل الرئيس عبد الناصر الى المشير عامر ادارة الشأن السوري من دمشق.
اما اهم الاسباب الداخلية لانهيار هذه الوحدة فتتمثل في قيام الرئيس عبد الناصر بتأميم البنوك الخاصة والمعامل والشركات الصناعية الكبرى السورية، وكذلك استقدام كثير من العمال المصريين الى مدن الاقليم الشمالي «سورية» الامر الذي ادى الى اختلال توازن القوى العاملة والاستبداد الذي مارسه المشير عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج مدير المكتب الثاني، والقضاء على الاحزاب السورية علما ان السوريين يفتخرون بالتعددية السياسية، وكان الرئيس عبد الناصر اشترط حل الاحزاب السورية كشرط بقبوله الوحدة، وكذلك فإن عدم التواصل الجغرافي بين مصر وسورية كان من الاسباب الرئيسية لهذا الانفصال.
ان عدم التواصل الجغرافي بين مصر وسورية جعل من تدخل عبد الناصر عسكريا في سورية للقضاء على الانفصال امرا غاية في الصعوبة والتعقيد. وقد حاول ذلك حين ارسل قوات عسكرية محمولة جوا الى مدينة اللاذقية السورية، حيث انطلقت الطائرات من الاراضي المصرية.
واما العوامل الخارجية التي ادت الى الانفصال فتمثلت في تآمر الدول الغربية الاستعمارية مع دول عربية كانت تعرف «بالدول الرجعية»، ذلك لان الدول الغربية لا تريد رؤية دولة عربية قوية في المنطقة تكون نواة لدولة عربية شاملة تتحرر من قيود التبعية وتعمل لصالح الجماهير العربية، وتستغل ثرواتها الطائلة لصالح تلك الشعوب، بدلا من ان تذهب للدول الغربية الاستعمارية ولأنظمة متعاونة معها. كما ان اسرائيل والدول الغربية رأت في الجمهورية العربية المتحدة تهديدا جديا لامن اسرائيل، بل ولوجودها بحد ذاته، حيث شكلت الجمهورية العربية المتحدة فكي كماشة احاطا باسرائيل، وخاصة بعد قيام الثورة العراقية في الرابع عشر من تموز عام 1958 والتي ابدت تعاطفا كبيرا مع الرئيس عبد الناصر، وكانت في بدايتها تسعى الى الوحدة مع مصر وسورية.
وهكذا تضافرت عوامل داخلية وخارجية ادت الى القضاء على اول دولة وحدوية عربية في العصر الحديث، وعاد العرب من جديد الى التشرذم والتفرق والتناحر من جديد وقد حاول الرئيس عبد الناصر عقب الانفصال مباشرة اعادة سورية الى الجمهورية العربية المتحدة، وارسل سفن الاسطول المصري الى اللاذقية، ولكن حين علم ان هناك اوامر سورية بمقاومة رجال الاسطول المصري امر بإعادة الاسطول قبل وصوله الى اللاذقية وقال :«ان العربي لا يقتل اخاه العربي».
ورغم انفصال سورية عن مصر فإن عبد الناصر اصر على ان تبقى مصر تحمل اسم الجمهورية العربية المتحدة، لانه رغم الطعنة الاثيمة التي وجهت الى دولة الوحدة، فإنه لم يفكر الا بالوحدة العربية وظل متمسكا بها، علما ان الانفصال كان له اعظم تأثير في صحة عبد الناصر، وفي ازدياد وطأة مرض السكري عليه، وظلت مصر تحمل اسم دولة الوحدة وعلمها، حتى جاء الرئيس الاسبق السادات في عام 1971 فهدم كل انجازات عبد الناصر، حيث الغى اسم الجمهورية العربية المتحدة وجعله جمهورية مصر العربية، وعزل مصر عن محيطها العربي، وسلبها دورها الريادي والقيادي والتاريخي للأمة العربية، حين وقع اتفاق صلح منفرد مع اسرائيل عام 1979، مكرساً الروح القطرية والاقليمية في الوطن العربي، وبذا دخل العالم العربي مرحلة جديدة من التشرذم والتنازع والفرقة والفتن والحروب الاهلية.
وفي الذكرى السادسة والخمسين لأول وحدة عربية في التاريخ الحديث، ينظر المواطن العربي اليوم بأسى يعصر قلبه وبألم يمزق كبده، وهو يرى ما آل اليه حال الوطن العربي، حيث الحروب والفتن المذهبية والانقسامات وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، فالسودان اصبح سودانين، وقد يصبح ثلاثة او اكثر، والعراق أصبح ثلاثة اقاليم متناحرة، وأعيد الى القرون الوسطى، وما زال شعبه يدفع العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى يومياً جراء العمليات الاهاربية والانتحارية، واليمن، الذي كان يمناً سعيداً على طريق التقسيم والحرب المذهبية والاهلية تنخر بنيانه الداخلي، ولبنان مشرذم بين فريقي الثامن من آذار والرابع عشر من آذار.
اما سورية، قلب العروبة النابض، الذي اضطر عبد الناصر في عام 1958 القبول مرغماً على الوحدة معها، لحمايتها من الاخطار الخارجية والداخلية التي تهدد بتمزيقها وتفتيتها، فها هي اليوم تدخل عامها الرابع في حرب اهلية مدمرة، يحيكها اعداء الأمة الذين لا يريدون خيراً لهذه الامة، وها هو جيشها يستنزف في تلك الحرب الاهلية، وها هي تسير على خطى العراق من حيث التدمير والفتن المذهبية والطائفية، ويشرد شعبها بالملايين داخلها وخارجها، والعرب بعضهم يشارك في ذبح سورية وآخرون يفقون متفرجين صامتين، وصار رفض عبد الناصر من قتل العربي اخاه العربي غدا امراً عادياً.
ان الوحدة العربية اليوم غدت سراباً ومحظورة عربياً واقليماً ودولياً، وحلت محلها الاقليمية والقطرية والتجزؤ والتفكك، وبذلك تعيش الأمة العربية حالياً اسوأ عصورها واشدهما انحطاطاً، حيث فقدت بوصلتها اذ اصبحت القدس وفلسطين نسياً منسياً، بل ان فلسطين ذاتها اصبحت اليوم مقسمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وغدت احاديث المصالحة وهماً وأحاديث ممجوجة مل منها المواطن الفلسطيني، ولم يعد يصدق تلك الاحاديث عن الوحدة وإعادة اللحمة الى جناحي الوطن، وهكذا غدت هذه الوحدة فلسطينياً وعربياً كما حكى عن خيال الطيف وسنان.
إيران وأميركا.. ونبرة حديث مختلفة!
بقلم: كاميليا فيرد – القدس
اختتمت جولة المحادثات الأخيرة بشأن الملف النووي الإيراني، التي جرت في العشرين من (شباط) في العاصمة النمساوية فيينا، أعمالها بطريقة أثارت دهشة المراقبين، حيث وافقت إيران والقوى الكبرى، خلال تلك المحادثات المهمة والدقيقة والشاملة في الوقت نفسه، على إطار عمل للوصول إلى اتفاق نهائي يأمل الجميع توقيعه خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
وقالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: «لقد كانت ثلاثة أيام مثمرة للغاية، حيث حددنا خلالها جميع القضايا، التي نحتاج إلى معالجتها حتى يجري التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي».
وقد ظهرت تلك النبرة الإيجابية أيضا في كلام محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، الذي قال: «يمكننا التوصل إلى اتفاق مجموعة 5+1 خلال المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني».
وقد عقدت جولة المحادثات الأخيرة بعد يوم واحد من الخطاب العاصف الذي ألقاه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، حيث قال إنه غير متفائل بشأن المحادثات لكنه - في الوقت ذاته - ليس ضد المفاوضات. وقد جاءت تلك التصريحات العاصفة على خلفية غضب خامنئي بسبب تصريح الإدارة الأميركية بأنها ستناقش بعض القضايا الأخرى خلال المحادثات النووية.
وكان جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، قد صرح أنه «يتعين على الإيرانيين أن يتعاملوا مع الأمور المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الخاص بهم، الذي يخضع لقرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والذي يعد، حسب خطة العمل المشتركة، جزءا من مفاوضات الاتفاق الشامل والنهائي».
وتعد الولايات المتحدة وحلفاؤها صواريخ إيران جزءا من التهديد النووي المحتمل الذي تملكه طهران، وعليه فينبغي مناقشة مسألة الصواريخ الإيرانية خلال المحادثات بشأن اتفاق نووي دائم مع إيران، لكن إيران تقول إن الصواريخ الباليستية هي جزء لا يتجزأ من نظامها الدفاعي وليس لها علاقة بالمحادثات النووية.
وكنت قد سألت جون ليمبرت، وهو دبلوماسي أميركي كان يعمل سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال فترة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، عما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران من دون أن تتبنى القوى الست قرارا بشأن برنامج إيران النووي.
فأجاب ليمبرت: «ما يدهشني حقا هو التغير الكبير في لهجة هذه الاجتماعات، فقبل بضعة أشهر كان الجميع يتبنى مواقف مسبقة ضد الآخر، ويرفض كل طرف ما يقترحه الطرف الآخر، ثم يدخلون في مناقشات لا نهاية لها حول مكان وزمان الاجتماع المقبل. أما الآن، فيصف الطرفان اللقاءات بأنها جادة ومهنية».
وصرحت ويندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية ورئيسة فريق المفاوضين الأميركي في المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية الست (مجموعة 5+1)، قد قالت السبت، 22 (شباط)، إن الهدف من المفاوضات التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران بحلول العشرين من (تموز) المقبل. وقد جاءت تصريحات شيرمان خلال مؤتمر صحافي في القدس خلال زيارتها لإسرائيل لإطلاع الإسرائيليين على نتائج الجولة الأخيرة من المحادثات مع إيران. وفيما يبدو تحذيرا موجها لإسرائيل، قالت شيرمان إن الولايات المتحدة تأمل ألا يتدخل أحد في المحادثات.
ويمكن أن تفهم تصريحات شيرمان في سياق حرص الرئيس أوباما على غلق ملف إيران النووي في أقرب وقت ممكن قبل أن يتدخل المحافظون في إيران للتأثير في المحادثات أو تتغير الإدارة الأميركية. وقبل يوم واحد من انطلاق جولة المباحثات الأخيرة، مهد آية الله خامنئي الأرض لسحب فريق المفاوضين الإيراني إذا أصرت الولايات المتحدة على إثارة قضية «الموضوعات المرتبطة» بالملف النووي خلال المحادثات أو هددت إيران. وبالفعل، جرى التعامل بشكل جيد مع المخاوف التي أعرب عنها المرشد الأعلى، حيث قالت شيرمان: «سيكون من الأهمية بمكان أن يتوفر لمفاوضينا وشركائنا المجال لإنجاز هذا الأمر بالطرق الدبلوماسية. المحادثات مع إيران ستكون صعبة ونحن لا يمكننا أن نتحمل أن تصبح أكثر صعوبة».
ولسعادتهم باللهجة الجديدة والنهج الدبلوماسي الذي تبنته الولايات المتحدة أخيرا، قامت الصحف الإصلاحية الإيرانية بنشر صورة شيرمان على صدر صفحاتها الأولى. وقالت الصحف: «في قلب إسرائيل، جرى الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم».
وكانت شيرمان قد قالت خلال المؤتمر الصحافي في القدس إن برنامج إيران النووي يجب أن يبقى «محدودا ومقيدا ومراقبا، وينبغي التحقق باستمرار من سيره في الطريق الصحيح». والسؤال الآن: هل ستقدر إيران، لا سيما المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، هذا التغيير في لهجة أميركا؟
يقول ليمبرت: «أنا لا أعرف ما إذا كان البعض سيقدر مثل ذلك التغيير، لكن من وجهة نظري، وخاصة من منظور الولايات المتحدة، يبدو هذا التغيير تحولا جذريا بعد 34 سنة لم تشهد أي نوع من الاتصال إلا تبادل الاتهامات».
ومن المقرر أن يجري الاجتماع المقبل بين إيران ومجموعة 5+1 على مستوى نواب وزراء الخارجية في السابع عشر من (آذار) في العاصمة النمساوية فيينا.
مؤتمر «ايباك» ... وسراب الحل!!
بقلم: محمد الخطيب - القدس
*في الصحاري تتراقص فقاعات ضوئية لامعة، عبارة عن انعكاسات ضوئية منبعثة عن حبيبات الرمل الزجاجية جراء سقوط خيوط اشعة الشمس عليها ، فتتراءى للظمآن السائر في الصحراء وكأنها امواج مائية رجراجة ، فيهرول نحوها مسرعا ليروي ظمأه ، ويبقى هكذا الى ان يسقط مغشيا عليه جراء هرولته لمسافات طويلة بهدف الوصول الى الماء ذلك الماء" الوهمي " والذي يسمى " سراب " .
انا لا اود البتة ان نكون لاهثين خلف السراب ، وفي الوقت ذاته لا اقبل ان نكون ضحية وهم ، ومع هذا تعتريني حالة من الانفكاك من حلقات الشؤمية مستذكرا ان الصهيونية العالمية قد بقيت مئات السنين تعمل في سبيل الخامس عشر من ايار 1948 وليته لم يكن.
ذلك العمل الذي قاد الى اقتلاعنا وتأسيس دولة اسرائيل يعطينا حافزا قويا على ان نعمل دون كلل او ملل للوصول الى اعلان دولتنا الفلسطينية على ارضنا الفلسطينية وان نقتل الاحباط بسيف الامل ونخترق التعاسة بسهام الاصرار وندحرها نحو اوكار اللاممكن، نابذين الاسترخاء على فراش الوهم فلكم لوت الايام من عزائم بعض المناضلين عبر التاريخ لا بسطوة ولا بسجن ، بل بفتنة الاحلام الواهنة واللهاث خلف السراب ، موقنا ان المناضلين العظماء يظلمون عظماء ويموتون عظماء ويرفضون التحول الى قطط سيامية تحت وطأة اقدام الفردية ، ليضعوا الآمال في ادراج المستقبل كي يبعدوا ذواتهم عن الوقوع في حبائل " انفكاك الان " مدركين تماما ان المستقبلية على دروب الكفاح هي عملية نضالية من الطراز الاول ، فإن عمر القضية أي قضية جمعية لا يقاس بعمر هذا الفرد او ذاك ، فهناك ثمة تباين اذا لم يؤخذ بالحسبان تماهي الوضوح بين اللهفة على الانجاز ومدى الانجاز والقدرة على تحقيقه .
فالثقة بعدالة القضية وحتمية انتصارها لا تكفي لتشكيل وصناعة " كنه " الصمود ، كونه لا بد وان يضاف لها " الجاهزية المعنوية المتمثلة بالثقة بالنفس لدى صاحب القضية باعتبارها البعد الامثل للصمود .
فالاقدام على ارتجال المواقف التي تمثل احيانا " سراب الحل " يعني دفع الذات الى الانتحار والذي يعني دون مواربة اقرارا ذاتيا بـ " الخيبة " وهي تعبير حقيقي عن قصر النفس والرغبة الجامحة في تحقيق الغاية دون الاخذ بعين الاعتبار " العامل الزمني " وايغالا مفرطا في احساس غامر يشيء بأن لا شيء صوابا سيكون بعد الذات ، ما يعني شطب البعد والعامل الزمني ، أي " نكوصا " متعمدا " لخلق " " تثريب " !؟
من هنا لا يتوجب علينا خداع انفسنا بالوقوف على رقائق جليد هشة سرعان ما تذوب لحظة ملامسة خيوط شمس الحقيقة ، فللحقيقة سطوة ترفض مجاملة الزيف .
ليس مغالاة ان قلت بأن السياسة الامريكية الدولية هي ترجمة حقيقية للرغبة الصهيونية وتنفيذا طيعا لإملاءاتها ، ففي هذه الاثناء تجتمع منظمة " أيباك " – اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة – حيث سيفتتح المؤتمر السنوي في مقر المؤتمرات في واشنطن العاصمة الامريكية وتستمر أعمال هذا المؤتمر لمدة أربعة ايام .
اللافت للنظر ان المتحدث الرسمي في المؤتمر هو جون كيري ويرافقه اليهودي الامريكي جاكوب لو والذي امضى سنيّ شبابه عضوا ناشطا في منظمة " أيباك " وسيركز كيري في خطابه امام المؤتمر على ان " امريكا لن تساوم على حماية اسرائيل تحت كل الظروف ومهما كلّف الثمن " ، وان الحل النهائي لمعضلة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي يجب ان يكون ضامنا لأمن اسرائيل ويهوديتها وديمقراطيتها ، كما وعلى الفلسطينيين ان يعيشوا في دولة مستقلة تتعايش بسلام وتطبيع مع جارتها اسرائيل ، ناهيكم عن التطرق الى الملف الايراني الذي خمدت نيرانه الان جراء ادراك امريكا وأيباك ان أي حرب تشن ضد ايران ستجر المنطقة الى حرب اقليمية تنحسر فيها جيوب النفوذ في منطقة الخليج .
وفي مقابل ذلك تهمس ايباك بصوت مسموع ان على الفلسطينيين ان يتخلوا عن وهم العودة فهو ضرب من الخيال ، كما وعليهم – الفلسطينيين ان يعترفوا بيهودية الدولة !.
من هذا وغيره من المواقف يتضح جليا ان كيري يترجم فقط الرغبة الصهيونية ادراكا منه ان إيباك هي " مصنع " السياسة الدولية دون أن تكون امريكا هي اسرائيل ، والا فما معنى ان تضرب اسرائيل بعرض الحائط كل القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة والمتعلقة بالاراضي الفلسطينية المحتلة ومن ضمنها ان لم يكن واحدا من قراراتها المهمة والذي اشار اليه الفيلسوف الراحل روجيه جارودي في كتابه " الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية " حيث "فرضت الولايات المتحدة "اسرائيل " على الامم المتحدة بتاريخ 11/9/1949 ، وقد رفضت الامم المتحدة قبول اسرائيل في عضويتها الا ضمن ثلاثة شروط وهي :-
1- عدم المساس بالقدس .
2- السماح للفلسطينيين بالعودة الى ديارهم .
3- احترام الحدود التي وضعها قرار التقسيم .
وفي حينه علّق ديفيد بن غوريون على هذا القرار بقوله :" انه يعتبر باطلا وكأنه لم يكن " .
وفعلا تم اهمال هذا القرار مثل الكثير من القرارات الاخرى التي باتت في عداد الماضي ، والان تم استبدالها بقرارات اسرائيلية تنفذها الادارة الامريكية دون الرجوع الى الامم المتحدة بل يكفي الاستماع الى " إيباك " !؟.
من هنا فإنه لمن دواعي الاسى اللهاث خلف السراب ، وما بقي على امريكا الا وان تدرك ان فشل الوصول الى اتفاقية سلام ثابت ودائم وشامل يفضي الى اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والصلاحيات وإعادة الحقوق الى اصحابها الشرعيين استنادا الى المواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية ، سيترك في اعقابه اثرا سلبيا كبيرا سيعيد المنطقة برمتها الى مربع الطحان الذي سيفتح الابواب على مصاريعها امام كل طغاة العصر كي يتنفسوا الصعداء .وسيرى بوضوح ان العقبات المنثورة في طريق الوصول الى سلام ستنزع عن امريكا خصالها كقوة عظمى تستطيع فرض الحل الايجابي آخذة بعين الاعتبار ان مصالحها في الشرق ليست بمعزل اطلاقا عن انهاء المعضلة الفلسطينية التي باتت تتقاذفها امواج " الانحياز الامريكي التام " والارتجال المرتكن الى ديماغوجية فكرية نابعة اصلا من اسطورة منبثقة عن قوة ليس لها للآن ندا .
خلفيات ما يبدو "سنة حرجة" !
بقلم: حسن البطل – الايام
أولاً، قصة شخصية فتحاوية طريفة ـ ظريفة، ثم، صُعداً، إلى المنظمة فالسلطة.
كان مؤتمر "فتح" العام الخامس أول مؤتمر أحضره، وكنت ضحية "لعبة كولسة" من إخوة في الحركة، بعضهم حضر المؤتمر الأول. "حشروني" في غرفة النوم مع شريك يعرفونه فيتجنبونه، ولا أعرفه فلم أجتنبه.
تعرفون أن مؤتمرات الحركة تشهد أكبر "كولسة" في غرف الاستقبال والنوم، بعد انتهاء الجلسات العامة للمؤتمر، التي بعضها يستمر حتى ساعات الليل المتأخرة، أو الصباح الباكر.
سألت شريك غرفة النوم: من أي ساحة هو؟ قال الكويت. كم سنة لك هناك؟ قال: 36 سنة.. بس.. أنا رئيس الديوان العام للموظفين في الكويت.
عرفت لماذا يتجنبه أعضاء المؤتمر، فهو إسلامي متديّن، ويقيم صلاة الفجر في وقتها، أي حيث يدير بقية أعضاء المؤتمر نقاشاً في الغرف حتى شروق الشمس.
إلى الآن، بعد 42 سنة إعلامية ـ صحافية، ما أن أفتح فمي، حتى يُخرسوني: اكتب.. اكتب، ولذا لا أدخل في سجالات، وأنام مبكراً.
بما أنني لا أؤدي فروض الصلاة، ولا أدخل في "كولسات" السجالات، تقبّلت شريكي في الغرفة، الذي طلب أن يدخل الحمّام قبلي، حتى لا أُنجِّسه "بطرطوشة" بولي.. فقبلت.
لكن، لدي حساسية عالية من الضوء، ربما تعويضاً عن قلة الحساسية للصوت، وكان شريكي يُحبّ الصلاة فجراً في الضوء، فطلبت منه: الصلاة مقبولة في العتمة.. فقبل.
لم أره في المؤتمر العام السادس في بيت لحم. هل مات؟ هل انشقّ عن "فتح" إلى "حماس"؟ هل استقال بسبب "أوسلو"؟
لا أعرف هل سيعقد المؤتمر العام السابع في موعده شهر آب المقبل؟ أم أن تمديد المفاوضات شهوراً بعد نيسان سيعني تأجيل المؤتمر، ريثما يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود في موضوع الدولة الفلسطينية، ومن ثم تأجيل السلطة طلبها عضوية كاملة في بقية منظمات الأمم المتحدة.
تدير السلطة مفاوضات ذات مفارقات، إذ لا يلتقي رئيس السلطة برئيس وزراء إسرائيل، بل بالوزير كيري، والرئيس أوباما، خلاف مفاوضات كامب ديفيد 2000، ومطولة بعد أنابوليس مع أولمرت، وقصيرة مع نتنياهو في ولايته الثانية.
هذا، بينما "الشرعية القومية" للمنظمة، المتمثلة في المجلس الوطني الفلسطيني صارت متقادمة، وكذا "الشرعية الوطنية" للسلطة متمثلة في البرلمان، خلاف الشرعية السياسية ـ الدولية للمنظمة والسلطة، فهي في حالة "دولة على الطريق" زارها رؤساء أميركيون رسمياً.
إذا جرى تمديد المفاوضات، سيجري على الأغلب تأجيل المؤتمر العام السابع لحركة "فتح"، وأيضاً تأجيل طلب السلطة، بوصفها دولة فلسطين، عضوية منظمات الأمم المتحدة، وأهمها المحكمة الجنائية الدولية.
الحقيقة أن أميركا لم تعمل سياسياً لحل على أساس دولتين إلاّ قبل عشر سنوات، ولم تتدخل عميقاً وجدياً لهذا الحل إلاّ في الولاية الثانية للرئيس أوباما، وبشكل مفصّل وحثيث، لا بشكل عام كما فعلت في قمة أنابوليس.
ينوي كيري أن ينجح في ما فشل فيه آخرون، لكن بطريقة أقرب إلى الإخصاب عن طريق الأنابيب، بعد محاولات كانت مثل "حمل وهمي" أو "حمل خارج الرحم".
عامة الشعب تحمّل السلطة الفلسطينية عبء المنظمة، وتحمّل المنظمة عبء الثورة.. ثم تنظر إلى الدولة الفلسطينية المنشودة فتراه مسخاً إزاء الثورة والمنظمة والسلطة، ولا يستجيب لا لمبادرة السلطة الوطنية المعلنة 1974 ولا مطلب إعلان استقلال فلسطين 1988، ولا اتفاقية أوسلو 1993 ذاتها.
الحقيقة أن هناك تحوّلات، وخصوصاً بعد الانقسام الغزي (أو الانقلاب الحمساوي)، فإن عبارة "م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد "كانت تعني "الممثل النضالي" وصارت "الممثل السياسي" الدولي والعربي، وأما السلطة فهي "الممثل الوطني" لقسم من الشعب في أرض البلاد.
المعنى؟ الثورة الفلسطينية في الأردن غير المنظمة في لبنان، غير "الدولة" المعلنة في تونس، وغير "دولة على الطريق" في رام الله.
بصعوبة فصائلية وشعبية، اقتنعت فصائل المنظمة أن التحرير الكامل للبلاد صار الكيانية الوطنية على جزء من البلاد 1974، وبصعوبة أقل اقتنعت بأن هذه الكيانية تعني دولة معلنة 1988، وبصعوبة أقل، وافقت على أوسلو.. ثم المفاوضات التي استمرت، متقطعة، عشرين عاماً.
دخلت الثورة والمنظمة والسلطة.. و"الدولة المعلنة" مرحلة جديدة بعد الانقسام الغزي، فهذا ليس خلاف رأي بين الثوار والفصائل، لكنه شرخ عامودي في مبنى جميع ما سبق من مراحل.
هذه سنة صعبة، ربما لأن حلكة ظلام الليل تكون على أشدها قبل ساعة الفجر.. لكن أهو الفجر أم الفجر الكاذب، لكثرة ما صاحت الديوك؟
ربما كان المؤتمر الخامس آخر مؤتمر يحضره العضو "شريك الغرفة" وأول مؤتمر أحضره، وربما يكون المؤتمر السادس آخر مؤتمر حركي أحضره. .. لكن قضية المائة عام يحملها جيل بعد جيل، وربما جيل الدولة لا يزال على مقاعد الدراسة.
أوكرانيا : "التتار" بيضة القبّان !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
سبعة عقود تفصلنا عن مؤتمر "يالطا" عام 1945 إثر هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية، نتج عن هذا المؤتمر الذي شارك فيه رؤساء الدول المنتصرة، زعيم الاتحاد السوفياتي ستالين، والرئيس الأميركي روزفلت، بينما ترأس الوفد البريطاني رئيس حكومتها تشرشل، كان هدف المؤتمر كيفية تقسيم ألمانيا المهزومة بين الدول المنتصرة، وهكذا كان، تم تقسيم ألمانيا إلى شرقية "ألمانيا الديمقراطية" وغربية "ألمانيا الفدرالية"، كما تم تقسيم العاصمة برلين، أيضاً، إلى شرقية وغربية، ظلت الشرقية عاصمة لألمانيا الديمقراطية، بينما عمدت ألمانيا الاتحادية إلى اتخاذ "بون" عاصمة لها.
أما المدينة الحالمة "يالطا" التي تعتبر من أجمل المدن السياحية في العالم، فهي تقع جنوب اوكرانيا، وتحديداً في شبه جزيرة القرم، التي باتت تتردد على نشرات الأخبار على مستوى العالم بعد الأحداث الأخيرة بين "الشرق والغرب" قبل سبعين عاماً، من شبه جزيرة القرم توافق المنتصرون على تقسيم الدولة المهزومة، ويبدو أن الأمر يتكرر الآن، ولكن من دون أي مؤتمر كالذي عقد في يالطا، ذلك أن احتمالات تقسيم اوكرانيا، باتت أكثر ترجيحاً إذا ما استمر التوتر بين "الشرق والغرب" على خلفية الأحداث الأخيرة التي أمكن إطلاق "ربيع الميدان" كاستنساخ للربيع العربي بصورة أو بأخرى، وتجديداً للثورة البرتقالية في اوكرانيا والتي امتدت من تشرين الثاني 2004 حتى كانون الأول 2005، وتشكل الانقسام ذو الطبيعة المصلحية بين الروس والاوكرانيين، من خلال الزعامات المحلية، والانقسامات المذهبية، إذ ان الروس يشكلون نصف سكان شبه جزيرة القرم، وهم من الأرثوذكس، بينما الاوكرانيون في شبه الجزيرة يعدون ثلاثين بالمئة، في حين أن المتبقين هم من أصول تترية مسلمة، أما الاوكرانيون في شبه الجزيرة فهم في معظمهم من الكاثوليك.
ويحلو للبعض تشبيه ما حدث في "ربيع الميدان" في اوكرانيا بالربيع العربي الذي طال عدة دول عربية، ومع أن هناك تشابهاً لا يمكن إنكاره، إلاّ أن هناك الكثير مما يتجاهله هؤلاء المولعون بالمقارنة، خاصة فيما يتعلق برهانات روسيا ورئيسها بوتين، فقد راهن هذا الأخير على أن بشار الأسد، سيعمد حتى النهاية رغم الثورة ووقوف العالم الغربي ودول عربية معها ضده، وكان هذا الرهان ناجحاً ـ حتى الآن على الأقل ـ بكل المقاييس، بينما رهانها على فيكتور يانوكيفتش، أظهر رهاناً خاسراً بكل المقاييس، فهذا الرجل عندما أحسّ بالخسارة، لم يقاوم ولا دقيقة واحدة، وفر هارباً مع أنه كان يمتلك اتفاقاً موقعاً وبصلاحيات كاملة، لم يفعل كما فعل حسني مبارك، الذي عندما تأكد من الخسارة، تخلى "بإرادته" أمام شاشات التلفزيون عن الحكم، وظل في بلاده، لا أحد يسمع الآن عن يانوكيفيتش ولا أحد يعلم أين هو الآن، معلناً بذلك خسارة رهان روسيا ورئيسها بوتين على رجل ما كان إلاّ عنواناً للخسارة، ذلك أن سيرة حياته لا يمكن لها أن تسمح لأحد بالرهان عليه، يقال إنه أحد أشهر خريجي سجون الاتحاد السوفياتي بجريمتي شروع في قتل وسطو مسلح عندما كان شاباً، ثم أصبح عامل تعدين بينما حاز على عضوية الحزب الشيوعي، لكنه كان أحد المستفيدين مالياً من سقوط الاتحاد السوفياتي، وأفاد من تفكّكه وأصبح أحد أثرياء انهيار السوفيات!!، مما سمح له بأن يعمل في السياسة مستفيداً من الانقسام السياسي والإثني ـ القومي والطائفي في اوكرانيا.
اختفى هذا الرجل بسرعة مذهلة، حتى أن ثوار الميدان لم يصدقوا ما حدث، خاصة وأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي لوضع حد للأحداث، أشار إلى انتخابات مبكرة، وكان يمكن ببساطة، انتظار نتائج هذه الانتخابات قبل أن يختفي كأي لص مطارد من قبل المواطنين والشرطة، كان اختفاءً مذهلاً ورهاناً روسياً خاسراً، حتى أن الاتحاد الروسي الذي لا يعترف "بالانقلاب" عليه، لم يعد يشير إلى أن يانوكيفتش هو الرئيس الشرعي لاوكرانيا.
وبينما أكتب هذا المقال، أُعلن في موسكو أن مجلس الاتحاد الروسي يجتمع بشكل طارئ للنظر في طلب بوتين السماح باستخدام الجيش في اوكرانيا، في هذا السياق لا أعتقد أن روسيا ستتدخل عسكرياً بشكل سافر في اوكرانيا، وهي ستكتفي بإشعال التوترات في شبه جزيرة القرم والضغط الاقتصادي من خلال شحنات الغاز والديون على نظام الحكم الجديد في "كييف" ناهيك أن قواتها موجودة أصلاً في شبه جزيرة القرم من خلال قاعدتها البحرية الضخمة في ميناء اوديسا، غير أن التهديد بالقوات المسلحة الروسية له أكثر من هدف، فإضافة إلى زيادة التوتر، فإن روسيا تهدف إلى أن تشير إلى أن ما حدث في اوكرانيا، لا يمكن أن يمتد إلى الاتحاد الروسي نفسه، إذ يمكن لقوى معارضة أن تتخذ مما جرى في اوكرانيا، ناقوساً لبدء احتجاجات داخل الاتحاد الروسي ذاته، كما أن بوتين يريد أن يطمئن الحلفاء، أينما كانوا، أنه لن يتردد في التدخل عسكرياً عندما تكون هناك حاجة لذلك.
ومع أن الروس يشكلون نصف عدد سكان شبه جزيرة القرم، فإن اللاعب الذي لا يمكن التهاون بشأنه إزاء ما يمكن أن يحدث في المستقبل، يتعلق بقومية التتر الذين يشكلون عشرين بالمئة من سكان شبه الجزيرة، والحاقدين على الروس منذ الاتحاد السوفياتي، والمدافعين بكل قوة عن النظام الجديد في "كييف" دون تجاهل أنها قومية مسلمة، الأمر الذي قد يستنسخ تجربة الاتحاد الروسي مع "الشيشان"، لكن ذلك كله رهن بكيفية سير الأمور في المستقبل، ولا يمكن ونحن في بدايات أزمة من هذا النوع، التعرف على النهايات!!
دولة داعش "الإسلامية "وإسرائيل "اليهودية" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
هل هناك ترابط بين الأحداث في المنطقة أم أن أحداث التاريخ هي مجموعة مصادفات لا تحتاج إلى تحليل أو قرارات معمقة؟ أم أن المصادفات هي نسبة الخطأ الشاذة المسموح بها لدى الذين يرسمون السياسات بهدوء شديد وهم يضعون أمامهم خريطة المنطقة؟ والأسئلة الأكثر وضوحا لماذا الآن بالذات يستعر الصراع المذهبي على أرض سورية بلغة الموت والإعدامات ويراد له أن يأخذ بعدا سنيا- شيعيا وبنفس الوقت يتم استهداف المسيحيين ليأخذ بعدا آخر بين المسلمين والمسيحيين؟
وفي ذروة استعار هذه الصراعات يكتب المقرب من بنيامين نتنياهو "غاي بخور" أن آخر اهتمامات المنطقة هو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ ففي الوقت الذي تتأجج فيه أزمات المنطقة ويتم إخراج جني الطائفية والمذهبية من القمقم تطرح إسرائيل وبقوة مسألة يهودية الدولة، والغريب أن هذه النزعات تدور على أرض دولة مثل سورية متعددة الطوائف قطعت فيها المواطنة شوطا لا بأس به قياسا ببعض الدول العربية ،ولنا أن نحاول أن نفك لغز ما يحدث ربما من مقولة موشيه فرجي العميد في الموساد إذ يعتبر أن "خريطة المنطقة في نظر إسرائيل تعرف بحسبانها بقعة من الأرض تضم مجموعة أقليات لا يوجد تاريخ يجمعها .
هكذا الأمر إذا، المنطقة ليست سوى مجموعة أقليات كل أقلية توجد على بقعة معينة طبعا اليهودية جزء من هذه الأقليات، وكل واحدة فيها من حقها أن تقيم ولايتها الدينية ومن الطبيعي أن تعرف نفسها بديانتها ومن حقها أن تقصي أصحاب الديانات أو المذاهب الأخرى، وها هي منظمة الدولة الإسلامية تقدم نموذجا في الرقة على الحكم الديني وليس إسرائيل وحدها وها هي تقصي المسيحيين الذين تحكمهم باعتبارها تقيم الدولة الإسلامية في العراق والشام .
فقد سيطرت "داعش" على محافظة الرقة المحاذية لمحافظة أروفة التركية وأصدرت نهاية الأسبوع ما أسمته "عهد الأمان الذي أعطته الدولة الإسلامية لنصارى الرقة مقابل التزامهم بأحكام الذمة" وبحسب العهد فقد ألزم المسيحيون ألا يقوموا بتحديث أية كنيسة أو دير وصومعة راهب حتى ما هو بحاجة إلى ترميم وألا يظهروا صليبا ولا شيء من كتبهم في طريق المسلمين ولا أسواقهم وأن يلتزموا بعدم إظهار أي شيء من طقوس العبادة، وجاء في العهد أيضا ألا يمنعوا أحدا منهم من اعتناق الإسلام إذا أراد، والأهم من ذلك كله فقد تم فرض الجزية على كل ذكر منهم ومقدارها أربع دنانير من الذهب وقالت داعش أنه تم تخيير "النصارى" بين دخول الإسلام أو دفع الجزية فاختاروا بمحض إرادتهم دفع الجزية ..!
أمام هذا النموذج إذا ما عمم افتراضيا في المنطقة ماذا يمكن للمسيحيين والمسيحيين العرب في إسرائيل أن يقاتلوا من أجله؟ ولماذا تخجل إسرائيل من أن تقدم نفسها كدولة دينية يهودية طالما أن هناك نماذج دينية تحققت في المنطقة وبدأت بتنكيل وإقصاء من يدينون بديانات أخرى في حدودها؟ فالإقصاء والتنكيل والعنصرية ليست سمة يهودية فقط بل أن إسرائيل التي تريد أن تكون يهودية مثلها مثل غيرها من "الأقليات" في المنطقة كما قال ضابط الموساد.
أما عن نموذج الحكم المدني الذي تقدمه داعش فقد تداول نشطاء "الفيس بوك" قبل يومين صورة لمجموعة من قادة الشريعة يضعون يد رجل على طاولة تمهيدا لقطعها أثارت استهجان النشطاء، ففي علم الدولة الحديثة يتحول المعاق من منتج في اقتصاد الدولة إلى عالة على الدولة وهذا لا يفهمه البدائيون، لكن الخبر الأكثر إثارة كان في الحادي عشر من شباط عندما أعدمت الفتاة "فطوم الجاسم" بعد أن أدانتها محكمة داعشية "بالجرم المشهود بعد أن ضبطت متلبسة بأن لها حسابا على "الفيس بوك" وهو ما يشبه نموذج تلك القبائل الغارقة في التخلف في باكستان التي أعدمت في تموز الماضي امرأة بعد أن ضبطت متلبسة بامتلاكها جهاز موبايل بالرجم حتى الموت، فما علاقة النظام الذي تفرضه داعش بالقبيلة .
في تقرير أوردته "الأيام" أمس تساءلت هل وصلت داعش إلى غزة؟ بعد أن رصدت شريط فيديو بثه بعض المتأثرين بالنموذج عن تأسيس فرع لداعش في القطاع، وقد ربط البعض بين ذلك وبين الاعتداء على كنيسة دير اللاتين في غزة الذي وقع الأربعاء الماضي، وبالرغم من أن حركة حماس التي تؤمن أيضا بفرض الجزية على النصارى رفضت هذا الاعتداء ومنعت الصحافيين من تغطية الحدث إلا أن الأمور في غزة تشير إلى أن هناك نموذجا من التطرف يتنامى في هذه المنطقة المفعمة بالبطالة وانعدام الأمل لدى شبابها والذين يبحثون عن حلول قد يجد بعضهم في الداعشية خشبة خلاصه، وخاصة إذا كان هناك من يجد قواسم مشتركة في الإقليم مع هذا التوجه أو أن تلك الفكرة تعزز ما يسعى إليه حتى يتم الاعتداء على المسيحيين في فلسطين في هذا الوقت بالذات وإشعال فتنة دينية في فلسطين وتحريض المسيحيين وتخويفهم من الدولة الفلسطينية إذا ما أقيمت، هذا يطرح أسئلة كثيرة على أسباب هذا الاعتداء الذي ترفضه كل القوى الفلسطينية وأولها حركتا حماس والجهاد الإسلامي .
وبالرغم من تبني حركة حماس للمنهج الإسلامي في السلوك والتفسير إلا أن الاعتداء على كنيسة دير اللاتين كان مصدر حرج إلى الحد الذي جعل قواتها الأمنية وشرطة الحكومة بغزة تفرض طوقا أمنيا وتمنع الصحافيين من تغطية الحدث أو حتى أن يصدر خبر أو صورة عن الاعتداء المسيء للإسلام، وخاصة أن بعض الشعارات التي كتبت على جدران الكنيسة تعتبر أن هذه الجريمة انتقام لمسلمي إفريقيا، وليس هناك تفسير حتى اللحظة كيف يتم الانتقام من فلسطيني محاصر ويتعرض للحروب فقط لأنه يدين بالمسيحية، هذا ليس فقط تجاوز لخطوط حمراء فلسطينية أصبحت جزءاً من الإرث الفلسطيني بل حتى يعكس قدرا من الجهل والبدائية في فهم الأشياء، وهو فهم إذا ما أصبح شائعا في منطقة كغزة كل شيء فيها ممكن بسبب البطالة والإغلاق والانغلاق، هذا يعني أن على أهلها انتظار نموذج قطع الأيدي وجز الرؤوس ودفع الجزية، لكن كل هذا يحدث في المنطقة دون أن تكون إسرائيل هي الهدف الرئيس "للجهاد" والقدس ليست أولوية المجاهدين كما فيلم كابول سابقا، الذي اكتشف أن واشنطن من كان يؤذن فيها للجهاد فمن يقوم بالمهمة الآن في سورية ؟!
الدعم الأميركي للاحتلال
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
قدم وزير الخارجية كيري باسم إدارة الرئيس الأميركي أوباما، خدمات عسكرية أمنية إستراتيجية للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، خلال الأشهر الماضية من ولايته، وأول هذه الخدمات وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، ومراقبته، وبالتالي وقف مشروع طهران لإنتاج أسلحة ذرية، وإحباطه، وثاني هذه الخدمات نزع الأسلحة الكيماوية السورية، وتدميرها، مثلما سبق لولاية الرئيس بوش أن قامت بتدمير القدرات العسكرية العراقية، وحل الجيش العراقي، عام 2003 وما تلاها، وبهذا تكون تل أبيب قد حققت غاياتها، في تدمير قدرات ثلاثة جيوش معادية، ولم يعد ما يخيفها أو ما تخشاه أمنياً وعسكرياً، لسنوات طويلة طويلة، تضمن خلالها ولنفسها حقاً التفوق النوعي على جيوش المنطقة، بما فيها الجيش المصري المكبل بسياسات كامب ديفيد الأمنية والعسكرية، وتطوره يعتمد على المساعدات الأميركية المشروطة.
الدعم الأميركي للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، ويرفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بما فيها قراره حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وأراضيهم في المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، إلى اللد ويافا وحيفا وعكا وبئر السبع وصفد، وفق القرار الدولي 194، وكذلك رفضه تنفيذ قرار إقامة دولة فلسطينية وفق القرار 181، ورفضه الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وفق القرار 242، وإزالة المستوطنات عنها، وترحيل المستوطنين الأجانب منها وإلغاء قرار ضم القدس الصادر في 30 حزيران 1980، وغيرها من الإجراءات المخلة بالقوانين والأعراف الدولية وقيم حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، وهذا كله، تم ويتم تحت سمع ومشاهدة الأميركيين الفاقعة لكل الجرائم الإسرائيلية على أرض فلسطين ومن حولها .
والإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ ولاية كلينتون عام 2000، وفشله في التوصل إلى حل يُنهي الاحتلال العسكري الاستعماري الإسرائيلي، ويعيد للشعب العربي الفلسطيني حقوقه وأرضه وكرامته وسيادته في وطنه، مروراً بولاية بوش الذي فشل أيضاً في محادثات أنابوليس في التوصل إلى تسوية واقعية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عام 2007 - 2008، إلى فشل الرئيس أوباما خلال ولايته الأولى 2009 – 2013، من تحقيق خطوات على طريق التسوية والحل، ومغادرة مبعوثه جورج ميتشيل خائباً، بسبب سياسات تل أبيب العدوانية التوسعية الاحتلالية .
لهذا كله، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الأولى عن رعاية الاحتلال الإسرائيلي ودعمه، وحمايته من العقوبات كما جرى لجنوب إفريقيا، وكما يقول الصحافي الإسرائيلي التقدمي جدعون ليفي المعادي للاحتلال وللتوسع وللاستيطان، يقول في مقالته في هآرتس يوم 26/2/2014 :
"إذا أراد جون كيري النجاح في جهوده، عليه إقناع رئيسه أولاً بضرورة التوصل إلى تسوية عادلة، مما يتطلب من الرئيس الأميركي أن يسلك سلوكاً مختلفاً، وهو أن يفرض على إسرائيل إنهاء الاحتلال، ويكفيه تملقاً لحكومة نتنياهو، وأن يضع أمامها أحد الخيارين : إما استمرار الاحتلال، وإما استمرار المساعدة الأميركية لها "، ويخلص جدعون ليفي إلى القول "إن الاحتلال داء تاريخي ما كان يوجد أو يستمر دون دعم الولايات المتحدة".
نتنياهو سيكون في ضيافة سيد البيت الأبيض، ماذا سيقول له أوباما ؟؟ هل يملك الشجاعة أن يقول له كفى للاحتلال، كفى للتمادي، كفى إحراجاً لأميركا ؟ أم سيواصل نفس سياسات الإدارات المتعاقبة، في تقديم الخدمات للمشروع الاستعماري الإسرائيلي بدون تغيير سياسات وبرنامج تل أبيب العدوانية التوسعية الاحتلالية ؟؟ .
في باريس أعلن الرئيس الفلسطيني عن فشل جهود الدبلوماسية الأميركية لأن كيري بكل وضوح تبنى رؤية نتنياهو التوسعية في استمرار الاحتلال، فهل هذا ما سيطالب به أوباما من الرئيس الفلسطيني في لقائهما بعد زيارة رئيس الليكود المتطرف نتنياهو لواشنطن ؟؟ .
تقتل النساء في بلدي ونحن نعدّهم
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
منذ أعوام سابقة، كنا نقفل السنة على دزينة من القتيلات أو أقل. واليوم، عوضا أن التراجع الافتراضي المتوقع بعد صدور القرار الرئاسي بتجميد البند 340 من قانون العقوبات الأردني الساري المفعول في الضفة الغربية، والبند المثيل في قانون العقوبات الساري مفعوله في قطاع غزة، نشهد تصاعدا في أعداد القتيلات على خلفية أصبحت ممجوجة، على اعتبار أن المصطلح الذي تستند له جرائم قتل النساء، "الشرف"، لا يصلح لتوصيف حالات القتل الجاري وقوعها.
نقف اليوم، ومع نهاية الشهر الثاني من العام 2014، ونجد أنفسنا أمام سبع قتيلات وثقت عمليات قتلهن في الضفة وغزة. بعض تلك الجرائم ما زال غامض الأسباب كحادثة انتحار طفلة لم تطبق عامها الثالث عشر بعدُ شنقاً، وبما يثير بقوة جرائم قتل النساء، مع بلوغ نسبتها 15% من اجمالي عدد الجرائم المرتكبة بشكل عام، بدءا من المصطلح ومروراً بالقانون وانتهاء بالسياسات والتدخلات لتغيير الثقافة السائدة.
القتيلات، يصبحن فجأة بلا أسماء أو تعريف، ويذكر الاسم إن تحولت القضية الى الرأي العام. وغالبا يُشار الى الضحايا بحرفين اثنين لا ثالث لهما. الجميع يستعجل تمرير الواقعة، راغباً في إزاحة العبء وتصغير الحدث، لا أحد يرغب في تذكرهن، ولا يبقى منهن سوى العدد الأصم، وبعض الوثائق لدى الجهات المختصة، لفرز موتهن الشاذ عن الموت الطبيعي.
فتاة من جباليا، تبلغ من العمر سبعة عشر ربيعا، تموت بسبب التعذيب والضرب المبرح على يد أبيها وزوجته. المجرم الذي يؤم بالمصلين خمس مرات في اليوم وشريكته، يقومون بدفن الجثة دون أخذ تصريح يأذن بالدفن، لإخفاء الجريمة البشعة، وتحويل الفتاة الى مفقودة.
فتاة من محافظة خان يونس، التي لم تكمل بعد عامها الثامن عشر، يطعنها شقيقها حتى الموت، تنفيذاً لحكم الاعدام الصادر عن العائلة، رغبة في التخلص منها بسبب شكوكهم بسلوكها، لكن القدر يشاء أن يقبض على افراد من العائلة أثناء توجههم لدفن الجثة.
و.ع الطفلة التي لم تكمل عامها الثاني عشر، وجدت مشنوقة في البيت لأسباب أخذتها معها.
فتاة من بلدة شمال الضفة، ينهال زوجها عليها بسكينه، ولا يتركها قبل أن تتحول الى جثة هامدة بسبب شكه بسلوكها. وتترك المسكينة خلفها خمسة ابناء حائرين بمصيرهم العاثر.
أما ضحية مخيم النصيرات الطفلة "هـ"، فقد وجدت مدفونة بعد اختفائها بشكل غامض لأكثر من شهر، ومن ثم يُعثر على جثتها مدفونة بعد خنقها من قبل عمِّها.
قتيلة مجهولة لم تعرف بعد حتى الأحرف الأولى من اسمها، يُعثر على جثتها مدفونة في منطقة تتوسط الطريق الواصل ما بين قريتين في محافظة رام الله والبيرة.
والقتيلة الأخيرة من رفح، فقد توفيت على أثر علاج غريب وصفه لها شيخ يملك عيادة قرآنية.
قاسم الجرائم المشترك، ان معظمها يتعلق بالعنف الأسري وبجرائم الدفاع عن ما يعتقدون أنه "الشرف"، بهدف الاستفادة من العذر المُحل الذي لم يلغه قرار وقف العمل به، لأن الحصانة التي يوفرها القانون للقاتل ستبقى رهن إشارته، ما لم يتم الغاء مواد قانونية أخرى تحمي القاتل وتحصنه وتخفف الحكم عنه.
هل تشوّهت الأخلاق العامة إلى هذه الدرجة، أم أن هناك تسخيفا لفعل القتل والتعدّي على أرواح الآخرين في ظلّ تعالي قانون العقوبات النافذ على الواقع وانفصامه عنه، وبالتالي اطمئنان القتلة إلى غياب العقوبة الرادعة للمجرمين. الى متى سنبقى نتحدث عن نساء يقتلن بظروف غامضة..الى متى سنبقى نطالب بالقانون الرادع الذي لا يبرر أو يحلل القتل، ولا يخفف عقوبة القتلة.
دون جنازة تدفن القتيلات، ولا يفتح بيت العزاء لهن، فكل شيء في مراسيمهن مكتوم ومخفي، وحتى الدموع تتجمد خوفا، وحسرة من إظهار الحزن، وخوفا من أن تلوك الألسنة سيرة القتيلات.
هذه الجرائم تستمر وتتصاعد فقط لأن نصوص القانون ما زالت تتعالى على الواقع وتطوراته، بل أصبحت منفصمة عنه، وتترك الفجوات الواسعة لتملص الجناة من جرائمهم، بجعلهم يختبئون في ثنايا القانون وبنوده، ويجعل من القاتل بطلا يقفز من رواية خرافية مدافعا عن الشرف المزعوم...أما نحن، لا نملك سوى إحصاء أعدادهن وتنظيم بعض الفعاليات الهزيلة.. ومن ثم الانتظار!
لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة .. رواية الدكتاتور
بقلم: عادل الأسطة – الايام
أعتقد أن هذه الرواية، لمؤلفها السوري خالد خليفة، المرشحة بقوة للفوز بجائزة بوكر لهذا العام، مؤلفها صاحب رواية "مديح الكراهية" التي نافست أيضاً على البوكر في دورتها الأولى، وغدت إحدى أفضل مائة رواية في العالم، ـ أعتقد أنها رواية الدكتاتور العربي، تماماً مثل رواية (استورياس) "السيد الرئيس" ورواية (غابرييل غارسيا ماركيز) "خريف البطريك"، وكان يمكن لمؤلفها أن يدرجها تحت عنوان مشابه: السيد الرئيس أو البطريرك أو الدكتاتور، ذلك أنها تصف الخراب الذي أصاب المجتمع السوري منذ تولى حافظ الأسد مقاليد الحكم في سورية، فأقصى رفاقه وسجنهم، وحيّد الحزب وحوّل الدولة إلى دولة فرد، ليورث ابنه حكمه، وليستمر الخراب، ولتؤول سورية إلى ما آلت إليه.
وقد انتهى خالد خليفة من كتابة روايته في ربيع 2012، ولم تكن الأمور وصلت إلى ما هي عليه الآن، حيث وجدت السكاكين والمدافع والطائرات والبراميل المتفجرة أيضاً، وحيث استخدم المعارضون الأسلحة، لا السكاكين.
والكتابة عن الدكتاتور تذكر قارئ الأدب العربي بأشعار محمود درويش و"خطب الدكتاتور الموزونة" له، وهي خطب كتبها في العام 1986، ونشرها على صفحات مجلة "اليوم السابع" الصادرة في باريس، ولم يدرجها في ديوان ما، وأعادت أكثر من مجلة، مثل مجلة "أدب ونقد" المصرية، ومجلة "الكرمل الجديد"، نشرها.
وقد تذكر القارئ بروايات عربية أنجزت في هذا المجال، منها رواية للكاتب الفلسطيني صاحب رواية "وما علينا" زياد عبد الفتاح، ورواية الكاتبة المصرية نوال السعداوي "زينة" التي كتبت قبل بدايات الربيع العربي وتنبأت به.
هل كانت الكتابة عن الدكتاتور العربي تقليداً ومحاكاة لرواية الدكتاتور في أميركا اللاتينية؟ ففي 70 ق20 كتب أبرز كتاب أميركا اللاتينية روايات عديدة عن الدكتاتور هناك، وقد لاحظ محمود درويش هذا، فكتبه في إحدى رسائله إلى سميح القاسم، ويمكن العودة إلى رسالة "والدكتاتور" في كتاب "الرسائل"، فقد أنهاها درويش بسطره "والآن سأكتب رسالة الدكتاتور الذي أطلق على نباح كلابه.. وكتابه "ـ إن لم تخني الذاكرة، أم أن الكتابة عن الدكتاتور انبثقت من الواقع العربي المأساوي الذي حكم فيه أكثر من حاكم فترة طويلة: القذافي وصدام والأسد الأب وحسني مبارك، وماتوا قتلاً وإعداماً وعزلاً أو موتاً طبيعياً؟ وآلت بلادهم جميعاً إلى خراب نشاهده الآن؟
رواية العار العربي:
ولا أدري حقاً لماذا لم يسم خالد خليفة روايته "العار" أيضاً؟ إن الرواية تحفل بهذا الدال، حتى يخرج قارئها بانطباع هو أنها رواية "العار"، العار الذي جلبه الدكتاتور لأمته وشعبه، والعار الذي جلبه الشعب لنفسه.
أيعود سبب عدم تسمية الروائي روايته بهذا الدال "العار" خوفاً من أن يتهم بأنه قلد روايات عالمية مشهورة مثل "العار" لسلمان رشدي، و"العار" للكاتب الجنوب افريقي الحائز على نوبل 2003 (كويتسي) و"العار" للكاتبة نسرين تسليمة التي أُهدر دمها، مثل سلمان رشدي صاحب "آيات شيطانية"؟ ويمكن للقارئ أن يبحث عن مراجعات لهذه الروايات ليقرأ فكرة عنها: عار العنصرية، وعار اضطهاد الأكثرية للأقلية، وعار الأستاذ الجامعي الذي يقع في علاقة مع إحدى طالباته فيقرر الاستقالة من عمله والابتعاد عن المدينة إلى مكان سكنه، وفي طريقه يغتصب ثلاثة من السود ابنته.
ولم تكن رواية "شرفة العار" لابراهيم نصر الله، صدرت يوم بدأ خالد خليفة يكتب روايته.
لم أحص دال "العار" في الرواية بدقة، ولكنه ورد أكثر مما ورد دال سكاكين بأضعاف: (ص120) "وبقاء المدينة سنوات طويلة تحت وطأة العار والموت" و(ص142) حيث يأتي الروائي على حلب ـ المكان الروائي ـ وما حل بها تحت وطأة حكم الحزب والمسؤولين الفاسدين الذين لا يعرفون إلاّ الولاء للرئيس والدبكة له، وحيث "استفتاءات الرئيس التي جعلت جان يكتب لابنه بأنه شعر لأول مرة في حياته بعار لا حدود له"، عار لم يشعر به إطلاقاً حين أقام سنوات طويلة في جنيف، جان الذي يغرق بالعار (ص153) وهو يراقب، في حلب، من أباجور منزله في الطابق الأول زملاءه ما زالوا يدبكون للرئيس، وقد تكون الفقرة الطويلة التي وردت في الصفحتين (158 و159) من أهم الفقرات في الرواية، فقد كانت زوجة جان السويسرية، حين كان زوجها يحن لبلاده، تعيره وتلومه على هذا الحنين، فكيف يحن إلى بلاد ما زال سكانها يركبون الجمال. وليس جان وحده هو الذي يشعر بالعار، فسوسن أخت السارد، حين تخرج من عيادة طبيب رتق لها غشاء البكارة أحست بالعار وأسباب ذلك كثيرة يقرؤها المرء في (ص161)، ويكون نزار (في ص169) عار العائلة كلها، نزار صاحب الميول المثلية الذي يتشبه بالنساء، ويختار لنفسه اسم مها، ليناديه به زوجه مدحت، وقد أراد أحد أفراد العائلة قتله "لإنقاذنا جميعاً وتجنيبناً عاراً احتملناه كعائلة سنوات طويلة"، بل وعار مدحت زوج نزار الذي، حين اختلف معه، طرده، فعاد مدحت إليه يحاول أن يقول كلمات "لإرضاء هذه الحشرة التي قادته إلى عار سيجلله طوال حياته" (ص170)، ويغدو العار عار شعب بأكمله، فحين يأتي السارد على الدكتاتور وفوزه في الانتخابات يدرك نزار أن ابن أخته رشيد لن يستطيع العيش ولن يقوى عليه "عار شعب بأكمله ينمو ببطء، كقطار البضائع الذي مات جده تحت عجلاته" (232)، شعب ينافق الرئيس. وحين يحدث زميل السارد السارد بما حدث مع زميل له قتل زوجته وابناءه لاكتشافه أن زوجته تخونه، شاعراً بالعار، يرى جان أن المنتحر "لم يعد يحتمل حياته وصمته وعاره التي اكتملت صورتها لدى جان فألف كتاباً صغيراً عن "العار ومشتقاته في الحياة السورية".
وسيلحظ المرء، وهو يعيد تصفح الرواية، أن دال العار ورد مبكراً في الرواية، فوالدة السارد تنتبه مبكراً "لأول مرة إلى شعور العار الذي يحيط بها من كل جانب" (ص39)، وأخذت الوالدة، حين بصق زوجها، أنها "ما زالت تفكر بمعان مختلفة للعار" (ص41)، وجان نفسه شعر به مبكراً (ص48 وص49) وإذ يفكر بالبقاء مع أمه في حلب وعدم الرغبة في السفر إلى جنيف لهذا أحس بلا جدوى أي شيء، وفكر بالانتحار وأخذ يتحدث بصوت "هادئ أنه يريد العيش هنا حتى لو تفكك جسده، يريد أخذ حصته من العار" (ص51)، وحين يقابل رئيس فرع المخابرات يعطيه هذا محاضرة عن معنى الولاء للوطن وللحزب، وحين يخرج جان من مبنى فرع المخابرات يصف هذه اللحظة بقمة العار الذي بقي من أجله في هذه المدينة العتيقة" ص56. حقاً لِمَ لَمْ يسم الكاتب روايته "رواية العار"؟
دال العنوان: لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة:
ترد مفردة سكاكين غير مرة في الرواية، لكنها، كما قلت، لا تكاد تذكر حين يحصي المرء دالاً آخر هو دال العار. وأول ما تردُ تردُ على لسان سوسن أخت السارد المتحررة التي تغدو في الحزب وتكتب التقارير في صديقاتها، فتدمر حياة بعضهن، قبل أن يدمر منذر عشيقها حياتها.
حين تخرج سوسن من بيتها في حلب يتحرش بها بعض زعران الحي، وتعود إلى بيتها بعد دقائق باحثة عن سكين في المطبخ للانتقام، وتمسك بواحد من الزعران وتدق رأسه على الحائط (ص157) وعندما يختلف مدحت مع زوجته نزار (مها)، ويطرده الأخير، يعود مدحت، "كان رشيد يتحسس السكين الكبيرة لقتل مدحت في أي محاولة منه لإهانة خاله الحبيب" (ص170)، وفي حلب نفسها تكثر الجرائم وتنشر إحدى الصحف المحلية خبراً عن رجل أحرق زوجته وأطفاله الأربعة "ثم انتحر بسكين المطبخ، صارخاً في جيرانه الذين يراقبون ببرود: إن الموت حرقاً أكثر شرفاً من انتظار الموت جوعاً، سائلاً بحرقة: ألا توجد سكاكين في مطابخ هذه المدينة" (ص207). وحين يعود ميشيل المثلي إلى حلب ويستقبله صديقه نزار، يكون الأخير "رتب الأمور بذكاء" فكر بأنه لم يعد يطيق العيش في مدينة يتحول فيها القتلة، رجالا بلحى طويلة ومكلابيّات قصيرة، يحملون السكاكين تحت آباطهم، وفي الطرف الآخر عناصر مخابرات تتجسّس على البشر وتساومهم على رزقهم في عملية نهب منظم" (ص242) ولهذا يبحث نزار عن مكان آخر يقيم ويستقر فيه.
تغريدة الصباح - يوم عالمي للمرأة
بقلم: حنان باكير – الحياة
توجّهت صوب إحدى المدن الاسكندنافية، بصحبة زميل ومصور تلفزيوني، لتغطية مهرجان كبير لمناسبة فلسطينية. دخلنا القاعة المخصصة للمهرجان باكرا. اتخذت لنفسي مقعدا في الصف السابع، للمتابعة والتغطية. وأنا أدرك تماما أن المقاعد الأمامية تكون محجوزة للناس المهمّين، وأنا لا أشبههم.
تقدّم مني شاب. وبأدب قال: لو سمحت يا أختي، ممكن ترجعي للأخير حيث تجلس النسوة؟ ولما كنت قد انشغلت بأوراقي وتحضيراتي، ولم أنتبه لما يدور حولي، التفت خلفا.. الصفوف الخلفية خصصت للنساء، أو الأصح " الحريم "، كما يصوّره هذا الفصل العنصري! مع حاجز خشبي قصير فصل بين مقاعد الحريم ومقاعد الأشاوس.. بدأ الدم يغلي في عروقي. ولكني سأتجنّب المشاكل. أجبته: أنا صحفية وأريد تغطية الحدث ومعي مصور تلفزيوني. قال: حسنا، المصور سيقوم بالمهمة، وانت باستطاعتك السماع من الخلف! تجاهلته وعدت الى أوراقي. ظل واقفا. ثم غادر وعاد شاب آخر يحمل ذات الرسالة. قلت: لن أغيّر مكاني! أنت في الغرب وانتبه لنفسك!
لحظات.. وقفت مجموعة من الشباب ينظرون نحوي ويتهامسون... فهم أمام معضلة كبيرة! امرأة بين صفوف الرجال!! أنظر اليهم بطرف عيني، غير آبهة بهم! خلت للوهلة الأولى أن ثمة شيئا لم يعحبهم بي.. نظرت الى نفسي.. رأيت سيدة بكامل أناقتها المحتشمة!
بدأت كلمات المشاركين تتوالى.. وأولئك الأشاوس لا يشغلهم الاّ رؤيتي هنا.. أحبطت كل محاولاتهم، بإرجاعي الى الصفوف الخلفية. عدت أقرأ ببرنامج المهرجان.. لا أثر لأي امرأة مشاركة! هل خلا شعبي من النساء المثقفات والوطنيات والمتكلمات؟!
كان دور النسوة، حينها التصفيق المصحوب بالنغم، والزغردة لكل متكلم! الزغاريد التي تشعرك وكأنك في حفل عرس!! وأحسب أن كل متكلم، قد جاء بالزفة خاصته.. خطر لي أن أهجم عليهن، كما دخل السيد المسيح الى الهيكل مدمرا كل شيء! لكني لم أفعل للأسف..
الصحفي الزميل يحثّني على الكتابة، والمصوّر يستشيرني ببعض اللقطات، وأنا غائبة عنهما. كنت أنتفض كعصفور بلّله المطر.
خلال الاستراحة، توجهت الى مجموعة الشباب، الذين أزعجهم منظري. وبقرف قلت: أنا أبي علّمني النشيد، وتراتيل العودة، ونقل لي ذاكرته المثقلة بحكايا الوطن.. ولم يعلمني الزغردة للرجال!! أترك هذه المهمة لنسائكم! وانصرفت.
في استراحة أخرى، التقيت صديقا، عرّفني الى أحد المنظمين للحفل. بلمح البرق خطر لي أن أعرب له عن استيائي مما حصل. مددت يدي للمصافحة، فأرجع السيد يده الى صدره، علامة، أنه لا يصافح الحريم!! أصبت بهستيريا كتمتها.
بعد عودتي من الرحلة المحبطة، تكلمت مع امرأة باكستانية، في عملي، ربما كانت تقاربني بالعمر، أخبرتني بأنها ارتدت البرقع الأفغاني لمدة 25 سنة. ذلك البرقع الذي يغطي كل الجسد والرأس والوجه، وبضع ثقوب كالمنخل أو الغربال على مساحة العينين.. سألتها: ألا تتعثرين بذلك البرقع الذي يشحط وراءك، ويكنس الأرض؟ أجابت: لا أبدا. عدت وسألتها: وهل الرؤية واضحة من خلال تلك الثقوب؟ أجابت بنعم. وكيف ترين الألوان في الطبيعة، وزرقة السماء والبحر! أجابتني باستغراب: لماذا؟ هل هذا ضروري؟؟ أجبتها بأدب ورقة، يغلفان الغليان في داخلي: آآآآسفة جدا.. لا ليس ضروريا!
زيارة تتحضر للأخرى
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لقاء نتنياهو غداً مع الرئيس أوباما بناءً على طلب الأخير، يفتح باب التوقعات على مصراعيه، لا سيما وأن دعوة مماثلة تلقاها الرئيس أبو مازن، وتحدد موعدها بعد زيارة نتنياهو بستة عشر يوماً. قاعدة التوقعات، ترسل إشاراتها الأولى، وهي أن أوباما سيحاول انتزاع شيء من نتنياهو ولو كان تجميلياً، لكي ينسجم الرئيس الاميركي مع نفسه، وهو يضغط على الرئيس الفلسطيني لكي يقبل ما لا يمكن قبوله فلسطينياً. والرئيس محمود عباس، لا يزال يتمسك بثوابت العملية السلمية ومرجعياتها، وهي أولاً وأخيراً تمثل ما هو متفق عليه فلسطينياً، قبل أن يظهر نتنياهو على الساحة وينشغل في تخليق الاشتراطات، تهرباً من استحقاق التسوية!
لكن الستة عشر يوماً، التي تفصل بين الزيارتين، تنم عن رغبة أميركية في ممارسة أعتى الضغوط قبل موعد الزيارة. فلو كان الأمر ينبئ بنزاهة غير مسبوقة أميركياً، لتزامنت الزيارتان، وسُمع من الطرفين في اليوم نفسه، ليُصار الى تعيين الفارق بين من يسعى الى تسوية متوازنة، ومن اختار الغرق في متطلبات الأساطير في سعيه الى انقلاب قديم ـ جديد، على العملية السلمية برمتها!
لم نعد الآن، بصدد التفاوض غير المباشر للوصول الى مقاربات تسمح بالجلوس والخوض في تدابير التسوية؛ بقدر ما نحن في سباق مع الطرف الاسرائيلي على إقناع الاميركيين بأن هذا الطرف المتمسك بالاحتلال وبالتوسع والهيمنة الدائمة؛ هو المسؤول عن افشال الرئيس أوباما وإدارته. ولا يغيب عن الذهن هنا، أن البيئة السياسية في الولايات المتحدة، يمكن أن تساعد الرئيس أوباما على الهروب الى الأمام، وتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية، حتى وإن كانت بعض اشتراطات نتنياهو، ظلامية ولا يتقبلها دستور الولايات المتحدة ولا أي دستور تستهدي به دولة عصرية. ولسنا في الحقيقة متفائلين، ويدل على ذلك تسريب التقرير السري الذي أعدته وزارة الخارجية الاسرائيلية التي يقوم على رأسها بلطجي متطرف، وفيه تحذير للأميركيين بأن الجانب الفلسطيني جهز اتهاماته لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأنه يتجاهل المحاولة الفلسطينية لتربيع الدوائر بدل تدوير الزوايا، بمعنى أنه لا يريد الاقتراب من أية إشكالية تعيق مسعاه، وبات يائساً من التوصل الى حلول للقضايا والنقاط المختلف عليها، لا سيما موضوع القدس والحدود. وقد تضمن التقرير أيضاً أن الجانب الفلسطيني سيتهم كيري مباشرة بالانحياز الى إسرائيل ويتقبل هواجسها في الموضوع الأمني!
أغلب الظن، أن من بين أهداف طلب سفر نتنياهو الى واشنطن، الالتماس منه إدخال بعض التشذيب أو التهذيب للغته، لكي تتمكن الولايات المتحدة من مد فترة المفاوضات ستة أشهر أخرى أو سنة. على أن يجري إسماع الرئيس عباس وعوداً أخرى فضفاضة وغير ملزمة. إن هذا هو المخرج الذي تراه الإدارة الأميركية. ولا يمنع هذا التوجه، أن يحاول الرئيس الأميركي في بداية مباحثاته مع نتنياهو غداً، أن يقنعه بـ "اتفاق إطار" يبرر التمديد، على قاعدة أن اتفاقاً كهذا لن يكون ملزماً ولن يشكل إطاراً لمحددات جدية لعملية التسوية، بل على العكس سيكون مفتوحاً للتحفظات الإسرائيلية، مثلما فُتحت "خارطة الطريق" سيئة الذكر!
الوزير كيري، في سياقه الدبلوماسي، ما زال يُمنّي النفس لطرح ورقة أميركية في الأسبوع الأخير من هذا الشهر، وربما هو يتفاءل بتمريرها لملء الفراغ، مستفيداً من بهجة فلسطينية بإطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى المتفق على إطلاقهم على دفعات.
لعل أطرف ما كُتب عن هذا السياق، هو ما جاء في صحيفة "هآرتس" بأن الرئيس الأميركي سوف يوجه الى نتنياهو والرئيس عباس سؤالاً (مع تنهيدة نتوقعها): ما هو مشروعك، إن فشلت محاولات بلورة إطار لكي تستمر المفاوضات، وانهارت العملية السلمية؟!". هنا، تستشرف "هآرتس" وضعية ما بعد الفشل، وهي محقة لأنها تعرف منطق حكومتها، وتعرف أن الفشل أمر مفروغ منه!.
لكن "هآرتس" تستطرد في استشرافها، وتتوقع أن يتمدد السؤال الموجه الى نتنياهو بحيث يتطرق الى استفهام حول كيفية تصرف الاحتلال عندما تلجأ منظمة التحرير الفلسطينية الى الأمم المتحدة. هنا، يتوقع الاسرائيليون، أن يناقش أوباما مع نتنياهو احتمالات اتساع المقاطعة الأوروبية. غاية القول إن أوباما يحضر لنا، أسئلة التذكير بالعصا وأجوبة الوعود بالجزرة، كأن يقول للرئيس أبو مازن:"ماذا لو لجأت الى الأمم المتحدة، وانضممتَ الى منظماتها المتخصصة، فقوطعتَ من الولايات المتحدة وضاق عليكم الاحتلال، وكيف ستقيم الدولة فيما الجيش الإسرائيلي ماكث في أرضكم، وكيف ستدفع رواتب موظفي السلطة إن قُطعت عنكم المساعدات الأميركية والأوروبية؟!
لهذا السبب، نرى في تسبيق استقبال نتنياهو في البيت الأبيض، تربيطاً لموقف إسرائيلي أميركي مشترك، يُستقبل به الرئيس أبو مازن. هنا ليس لنا إلا الاستفادة من خلو وفاضنا من أي شي سوى أن الرأي العام الفلسطيني، لا يمكن ان يقبل أي مساس بمحددات العملية السلمية ومرجعيتها التي تنص على الحقوق الفلسطينية. فلا برلمان عندنا فاعلاً، ولا يتاح لنا أي هامش من الحركة نستكمل في فضائه اجتماعنا السياسي، ولا شرعية لمن يُخل بالتعهدات المتصلة بالحق وبالثوابت. لذا لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان، بأن زيارة الغد، تتحضر للزيارة المرتقبة بعد ستة عشر يوماً!
صناعة التطرف وعناصرها الاكثر اشتعالاً: فلسطين " المقدسة " في برنامج الاسلام السياسي..!
بقلم: فخري كريم – الحياة
ليس مثل قضية فلسطين، للمسلمين والعرب، نموذجاً مشبوباً بخليط من "المقدس" والعاطفة والحنين الى أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين. وليس من قضية قومية- دينية اكثر تضرراً منها، وموضوعاً للتضحية والتشظي منذ إنبعاث منظمات الاسلام السياسي الفلسطينية، بمشاربها المختلفة، واذرع التيارات السلفية والمتشددة الاخرى الموزعة على مراكز النفوذ العربية والاسلامية، الاقليمية والدولية، التي احتضنت هذه المنظمات ومدتها باسباب الظهور، المال والفعل في الساحة الفلسطينية، وعلى امتداد العالم العربي.
وقد وجد الاسلام السياسي في القضية الفلسطينية ضالته، لكي يُجري فيها تجاربه " الميدانية"، على مدارات "دولة الخلافة"، وولاياتها التي تسترجع الماضي، بثنائيته التناحريّة، في بداية الرسالة المحمدية (الدعوة الاسلامية - المجتمع الجاهلي)، وما يرتبط بذلك من تكفير واستنفارٍ وتطرفٍ وحروبٍ وتقسيم للمجتمع.
وارتبط انبثاق منظمات الاسلام السياسي الفلسطينية، بمظاهر الانتكاس والانحدار في عموم البلدان العربية والاسلامية، ونزوعها الى الانقسام في محاور متضادة في السياسات والمواقف، والتوجه نحو تكريس انماطٍ من الانظمة الشمولية- الاستبدادية، وتصفية المظاهر الجنينية للحريات العامة، غير المستندة الى مؤسسات الحكم الديمقراطية، وما تتضمنه من قيم ومبادئ العدالة الاجتماعية، وشرعنة قيم المواطنة الحرة وحقوق الانسان.
وبدخولها كعنصر فاعلٍ في الساحة الفلسطينية، بدأت منظمات الاسلام السياسي العمل على تصديع العمل الوطني الفلسطيني، وطرح شعاراتٍ تحرج منظمة التحرير الفلسطينية وتسعى لنزع وحدانية تمثيلها للقضية الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، باجماعٍ عربي واقليمي ودولي كان قد تحقق بعد نضال دام طويل. ووجدت دول عربية غير متوافقة أو منسجمة مع توجهات منظمة التحرير في التنظيمات الاسلامية، اداة ضغطٍ على المنظمة وتطويق لسياساتها، بذريعة "غياب موقف موحدٍ" للشعب الفلسطيني، يمثل ارادته، ويستطيع توحيد موقفه من اي حل لقضيته، وهذا ما فعلته بالضبط اسرائيل وحلفاؤها في المحيط الاقليمي والدولي، برفضها الانصياع للقرارات الاممية والدعوات المتزايدة المطالبة بوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال والانسحاب من الاراضي المحتلة، بدعوى عدم انفراد منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الشرعية بتمثيل الشعب الفلسطيني، وتعذر اعتمادها كشريكٍ فاعلٍ لاقامة السلام على قاعدة حلٍ مقبول للقضية الفلسطينية بالاستناد الى القرارات الاممية.
وبدلاً من تعزيز مكانة القضية الفلسطينية وتمتين مواقعها في المحافل الدولية، بعد انبثاق تيار الاسلام السياسي، المتشظي هو الآخر، في أُطر وتنظيماتٍ متنافرة، حسب امتدادات ولاءاتها، وأولي الأمر عليها، صارت عبئاً اضافياً ينزع نحو شل فاعلية ودور القيادة الفلسطينية، والاصطفاف في المحاور المناكفة لها، تحت الشعارات القومانية والمُمانعة المفرغة من المحتوى، المنحازة الى " مشاريع الانظمة العربية والاقليمية " ومصالحها القطرية، وحساباتها الضيّقة، والصراعات الحزبية في اجنحتها الموزعة على العالم العربي والاقليمي. ولم تعد " الخلافات العربية - العربية " هي نقطة ضعف القضية الفلسطينية، وقيادتها، بل اصبحت تنظيمات الاسلام السياسي الفلسطيني " الولودة " مثل لعبة " البريوسكا" الروسية، ادوات سلبية في هذا الخلاف الذي شكل خرقاً لم يكن لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
واستغلت التنظيمات المذكورة، تواجد القيادة الفلسطينية في الخارج، وبشكل خاص اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على رأس الكفاح المسلح وفي قلب الحراك الدولي والاممي، لانتزاع الاعتراف منها وتطوير مواقف وقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة، لتثير غباراً عاصفاً حول شرعيتها القيادية باعتبارها تقود العمليات الجهادية من داخل الاراضي الفلسطينية، وتلعب دوراً رئيسياً في قيادة ما يجري في الداخل المحتل من تحركات واحتجاجات ضد الاحتلال. ورغم انطلاق انتفاضات الارض والحجارة التي اجتاحت الاراضي المحتلة بقيادة منظمة التحرير والتنظيمات السرية لفصائلها، على مرأى ومسمع من العالم وتعاطفها مع تلك البطولات التي اجترحتها الجماهير بكل المكونات الاجتماعية والدينية والعقائدية، فإن تنظيمات التيار الاسلامي والمتعاطفين معه ظلت مصدر تشويشٍ يصبُ في صالح القوى المتربصة بشرعية القيادة الفلسطينية ودورها في المحافل الاسلامية والدولية.
ومثلما شقّت المجتمعات العربية، بتحويلها الى ثنائي "مؤمنين- كفرة"، زرعت التنظيمات السياسية، المتلفعة ببرقع الاسلام المكيّف بعيداً عن حقائقه، نبتة التقسيم في المجتمع الفلسطيني المتعدد الاديان والتكوينات والعقائد والطوائف، وباتت هاجساً يثير البلبلة والشكوك في الصف الوطني الفلسطيني. ولم يعد دورها يقتصر على الساحة الفلسطينية، بل امتد ليشمل سائر الدول العربية، سواءً من خلال التنظيم الدولي للاخوان المسلمين أو السلفيين والتنظيمات العصابية المتطرفة والمتشددة عقائدياً، أو من حيث وسائلها " الجهادية " المعزولة، والمُنفرة.
وقد اتضحت الاهداف الحقيقية لهذه التنظيمات، في مجرى تطورها التكويني والسياسي، وانكشاف تمويلها ومصادر قراراتها، بوصفها، أدوات "التمكين" لاقامة الامارات الاسلامية، اينما امكن تحقيق ذلك، وتجريح كل ذاتٍ اجتماعية، بالاستدلال على مكامن ضعف عقيدتها، وتجريدها من مظاهر الايمان والالتزام بـ"شريعة الله، وثوابت دينه" وهو ما يمكنها من توسيع قاعدتها، لتصدر المشهد السياسي، وإيجاد موطئ قدمٍ لها في المحافل العربية والاسلامية والدولية، كبديل قوي، مدعومٍ بالظهير الاسلامي في سائر الدول الاسلامية.
ومع انكشاف السريرة والباطن الملتبس للتيار الاسلامي الفلسطيني، بأجنحته الاخوانية والسلفية والقاعدية "الجهادية" تبينت ملامح انفصاله عن هدف تحرير الاراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية، والانحياز لمشروع الامارة الاسلامية، حتى وان تحقق ذلك على حساب الاهداف الاستراتيجية والوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى حساب قضم أجزاء من اراضيه، وتعطيل ارادته الحرة.
وقد تحقق لها ذلك، ولو مؤقتاً بتجزئة الاراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية، واقامة " إمارتها الاخوانية " على قطاع غزة.
ان تتبع الفظائع التي ارتكبتها اجهزة حماس والمتشاركين معها، في انقلابها على السلطة الفلسطينية، دون ان ينجو منها قائد الثورة الفلسطينية، الشهيد ياسر عرفات، يكشف بوضوح، طبيعتها المخاتلة المتحللة من اي التزامٍ أو واعزٍ ديني أو هدف وطني يستهدف تحرير المجتمع أو استنهاضه، وإقامة صرح المساواة والعدل الاجتماعي لمواطنيه. وهي خلافاً لما يتطلع له الشعب من نزوع نحو الوحدة والتسامح والتطور الحضاري الانساني، لا يحصد سوى مزيد من العنت وتمزيق وحدة نسيج المجتمع، والعودة به الى مجاهل ومظالم عصور الجاهلية والتخلف والظلام.
وقبل ان تصبح امارة غزة، الوليد الشرعي للاسلام السياسي الاخواني، تطاولت على الشعب المصري، وحولت بواباتها الى منافذ لعبور وتمكين فلول المتطرفين الجهاديين، الذين يقودون عمليات القتل والتخريب في انحاء مصر، انتقاماً من مصر على مبادرتها التاريخية بافشال مشروع الاخوان - السلفي، لاسقاط الدولة المصرية، والانطلاق منها في مختلف الاتجاهات الرخوة في العالمين الاسلامي والعربي، لاقامة دولة الخلافة الاسلامية وإدخالهما في ظلمات الجاهلية والتكفير.. يتبع
العروبة.. الخضر..سعيد العاص
بقلم: موفق مطر – الحياة
لم اتمالك نفسي وانا اقف بخشوع في حضرة ضريح العربي" سعيد العاص ".. في مقبرة الشهداء ببلدة الخضر غرب بيت لحم، فسبقت دموعي لساني في التعبير عن فخر رفعني الى عنان السماء وانا اقرأ على الحجر الرخامي: ولد سعيد العاص في مدينة حماة السورية عام 1889، واستشهد في معركة بين العرب والبريطانيين في 6 تشرين الأول من العام 1936.
لفني فخر عظيم، وانفعلت حتى سالت دموعي، ليس لأني أقف بجوار معلم قومي وثقافي وسياسي، وبطل من رجال العرب السوريين الذين آمنوا بوحدة مصير الأمة العربية، وعروبة فلسطين، ووحدة الأرض العربية، وقداسة ارض فلسطين وحسب، بل لأني لمست فكرة الأخوة العربية، ونبل المناضلين من اجل حرية الانسان العربي وكرامته، وعشت لحظات تاريخية وانا اقرأ على الحجر الرخامي اسفل القبة الخضراء اسم القائد البطل الذي كان واحدا من الأسماء التي قرأنا سيرتها في كتب التاريخ المدرسية قبل حوالي نصف قرن من الآن في مدارس حماه ودمشق، فأنا المولود على ضفاف العاصي في مدينة أبي الفداء "حماة " اعتبرت نفسي في هذه اللحظة منتصرا على كل الذين حاولوا أو يحاولون تبديد فكرة الاخوة العربية والمصير المشترك، ووحدة الوطن العربي، واختزال الصراع بمفاهيم، غايتها تقزيم قضية فلسطين، والمشروع التحرري العربي، وسلخه عن المشروع التحرري الفلسطيني، فأنا الحموي السوري العربي اتابع من هنا من على ارض فلسطين مسيرة النضال من اجل حرية واستقلال فلسطين كما احب رؤيتها سعيد العاص حرة متحررة من جيش الاستعمار البريطاني.
أن تكون عربيا ومناضلا من اجل فلسطين، فهذا مصدر فخر وانت تلمس الحب والتقدير لسعيد العاص وكأنك في حضرة قديس، كيف لا وجراح سعيد العاص وعبد القادرالحسيني حظيت بالبلسم من سفراء المحبة في كنيسة من كنائس بيت لحم مهد عيسى (رسول السلام والمحبة).
(محمد سعيد شهاب) هو الاسم الحقيقي لسعيد العاص الحقيقي، ولقب بالعاص نسبة الى نهر العاصي في حماه، حيث ولد ودرس في المرحلة الابتدائية ثم تابع دراسته الاعدادية في دمشق، وتخرج من الكلية الحربية في الاستانة (اسطنبول ? تركيا) عام 1907 برتبة ملازم، عين ضابطاً في دمشق، ثم التحق بمدرسة الأركان الحربية سنة 1908. وفي أوائل عام 1910 أخرج من المدرسة المذكورة لأسباب سياسية عربية (كما تفيد الموسوعة الفلسطينية).
ما بين 6 تشرين الأول سعيد العاص، و6 تشرين الأول الشهداء المصريون والسوريون والاردنيون واللبنانيون والعراقيون وغيرهم العرب، سجل عظيم من الأسماء والبطولات..ففلسطين قلب الوطن والأمة، لا يحتاج العربي الأصيل لمنظرين أو أصحاب الخطابات والشعارات القومجية لإدراك هذه الحقيقة، فهنا في الخضر الفلسطينية يتحدثون عن سعيد العاص كجزء من تاريخ شعب فلسطين والأرض المقدسة.
شكرا زملائي بوزارة الاعلام.. فجولاتكم المنظمة للصحفيين ووسائل الإعلام تجعلنا نكتشف كنوز هذه الأرض وسجلات الكفاح والبطولة من اجل حريتها..فقد كنتم سببا في تعزيز إيماني بالعروبة ومصيرنا المشترك. فناعورة العاصي ستبقى تعن حتى يرفرف علم فلسطين فوق أسوار القدس الفلسطينية العربية.
لتوقف "حماس" تدخلها في مصر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
في الوقت الذي تشكو حركة حماس من الحصار، وتطالب القيادة الشرعية ممثلة بشخص الرئيس ابو مازن والقيادات الوطنية ذات الصلة بجمهورية مصر بالتدخل لترطيب الاجواء مع النظام السياسي الجديد في القاهرة، تقوم بمواصلة التحريض على القيادة المصرية الجديدة عبر منابرها الاعلامية وناطقيها، وحتى عبر قادتها، الذين ما زالوا يتبنوا ذات التوصيف لثورة الثلاثين من يونيو 2013، باعتبارها "انقلابا"!؟ ويهاجمون السياسات التي ينتهجها اهل النظام لحماية الجماهير المصرية من بطش وانفلات الارهاب الاخواني البشع، الذي يستهدف تعطيل الحياة.
آخر ما تفتقت عنه اساليب حركة الانقلاب الحمساوية، قيامها بنصب خيمة على المعبر الفلسطيني ( رفح) للتحريض على الشرعية المصرية الجديدة، وهي تدرك ان هذا التصعيد ضد القيادة المصرية لن يفيدها بشيء، لا بل ان مثل تلك الممارسات تؤجج المشاعر غير الايجابية، فضلا عن ان القيادة المصرية، تعتبر حركة حماس جزءا اساسيا من آلة الارهاب المنظم ضد الجيش ومؤسسات الشعب المصري. وتنشر بشكل متواصل الوثائق والاعترافات، التي حصلت عليها من قبل المعتقلين لديها من جماعة الاخوان الارهابية, لتؤكد باليقين القاطع، ان حركة حماس شريكة في حرب الارهاب ضد مصر المحروسة، ورهانها متواصل على عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي.
مع ذلك حتى الآن لم تلجأ القيادة المصرية لإطلاق صفة الارهاب على حركة حماس، ليس خشية منها ولا تهربا من تسمية الاشياء بمسمياتها، بل انطلاقا من، اولا، عدم زج الشعب الفلسطيني في متاهة حماس؛ وثانيا، عدم اعطاء إسرائيل ذريعة شن عدوان جديد على قطاع غزة؛ وثالثا، للمحافظة على دور مصر كراع لعملية المصالحة الفلسطينية؛ ورابعا، لاقناع الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب بان مأساتهم ناتجة عن سياسات حركة الانقلاب الاخوانية، التي لا تتورع في كل مرة يفتح فيها المعبر من ارسال ادواتها التخريبية للقيام باعمال تخريبية في الاراضي المصرية؛ خامسا، ولتؤكد للجميع ان مرجعية المعبر أو أي شأن يتعلق بابناء الشعب الفلسطيني في محافظات القطاع، هي مسؤولية القيادة الشرعية والرئيس محمود عباس وليس حركة حماس؛ ولتقطع الصلة مع المرحلة الضبابية السابقة.
لكن على ما يبدو ان حركة الاخوان فرع فلسطين، تصر على مواصلة خيارها غير الايجابي والمعادي للشعب والنظام المصري، رغم الادعاء عكس ذلك في التصريحات الاعلامية. لكن البون شاسع بين ما يعلن وينفذ على الارض. وإن شاؤوا فعلا ان يفتحوا صفحة جديدة مع القيادة الشرعية المصرية، عليهم التخلي كليا عن التورط في الشأن المصري الداخلي؛ والابتعاد عن سياسات جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وايجاد مسافة فاصلة بينها وبينهم؛ ووقف الحملات الاعلامية الغوغائية ضد مصر؛ والاعتذار للقيادة والشعب المصري عن الاعمال والانتهاكات، التي نفذتها ضد الجيش والشعب والمؤسسات المصرية؛ والاستعداد لتقديم المعلومات الضرورية لحماية الامن القومي المصري لدرء الاخطار المحدقة، لا سيما وانها (حماس) لديها ما تقوله في هذا الشأن؛ والالتزام مع المصريين في المعبر (رفح) وفي القضايا المتعلقة بمعبر كرم ابو سالم (البضائع) والمساعدات بالعودة للشرعية الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس وحرس الرئاسة وجهات الاختصاص في الحكومة الشرعية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله للتنسيق بشأن قوائم السفر ودخول او خروج البضائع، لتكون خطوة ايجابية تجاه دفع عربة المصالحة الوطنية للامام.
تعلم حركة حماس ان سياسة الديماغوجيا والتضليل والصراخ لم تعد تجدِ نفعا، وبات امرها مكشوفا امام العرب جميعا، وغطاء "المقاومة" بات مفضوحا اكثر من أي وقت مضى. وبالتالي الخيار الامثل العودة لجادة الصواب والوحدة الوطنية وحماية الذات والشعب والمصالح العليا من التبدد نتاج السياسات الهوجاء والخرقاء، التي سيكون لها عميق الاثر على مستقبل الحركة بالبقاء او الفناء,,, وقادم الايام سيكشف عن حقائق جديدة، لعل حركة حماس تتعظ قبل فوات الأوان.