المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 283



Haneen
2014-12-18, 11:38 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (283)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلية




</tbody>

<tbody>

الاربعاء
5/3/2014



</tbody>

<tbody>




</tbody>




الانسحاب من الأراضي المحتلة ليس تنازلا اسرائيليا
بقلم: حديث القدس – القدس
اليرموك... معركةً ومخيماً
بقلم: د . عبد الله السويجي – القدس
هل هي عودة للحرب الباردة..؟
بقلم: يوسف مكي – القدس
صورة الثورة في سنتها الثالثة
بقلم: ديانا مقلد – القدس
هل سيحقق التوجه إلى المنظمات الدولية النتائج المطلوبة؟
بقلم: الدكتور عقل أبو قرع – القدس

علامة "شطب"؛ علامة "صح"؟
بقلم: حسن البطل – الايام
القرارات الصعبة بانتظار القمة الفلسطينية - الأميركية!
بقلم: هاني حبيب – الايام
نتنياهو في أميركا: تشاؤم إسرائيلي من المستقبل
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
لماذا التمادي في استباحة "الأقصى"؟
بقلم: علي جرادات – الايام
هل يحل ربيعنا المتأخر؟
بقلم: توفيق وصفي – الايام

اطلالة عربية - كذبة التطبيع
بقلم: ابراهيم عبد المجيد – الحياة
على الخط الصحيح
بقلم: عدلي صادق – الحياة
علامات لبنانية مضيئة
بقلم: هاني فحص – الحياة
مـصـيــدة الـزمـن
بقلم: يحيى رباح – الحياة
هل ننتظر اقتراب الساعة وهدم المقاطعة؟
بقلم: صبري صيدم – الحياة




الانسحاب من الأراضي المحتلة ليس تنازلا اسرائيليا
بقلم: حديث القدس – القدس
اللازمة الاسرائيلية التي ظلت تتردد منذ انطلاق ما تسمى بعملية السلام قبل عقدين ونصف العقد من الزمن هي أن اسرائيل "ستقدم تنازلات مؤلمة" من أجل التوصل إلى التسوية مع الجانب الفلسطيني. وكأن الأراضي الفلسطينية المحتلة أصبحت ملكا لاسرائيل عقب حرب 1967. وهذا كلام لا يتفق مع القانون الدولي ومفاهيم حقوق الشعوب في هذا العصر، عصر الحريات وحق تقرير المصير ورفض الاستيلاء على أراضي الشعوب الأخرى بقوة السلاح.
كل القوانين والمواثيق الدولية ترفض الاحتلال ولا تعترف به كوسيلة لفرض حقوق وهمية أو مطالبات توسعية لا أساس لها من الحق والعدالة. والأمم المتحدة والدول الكبرى التي تعتبر الأعمدة الداعمة لها تدين وتستنكر بل وتستخدم القوة أحيانا في حالة استيلاء دولة ما على أراضي دولة أخرى وتعيد الأمور إلى نصابها والأرض المحتلة إلى الشعب المقيم فيها.
والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها تيمور الشرقية وكوسوفو والكويت.
ولعل موقف الدول الغربية مما يحدث في شبه جزيرة القرم الأوكرانية هذه الأيام يشكل تطبيقا للقواعد القانونية الدولية الراسخة، حيث ترفض الدول الغربية وجود القوات الروسية في القرم، مع أن غالبية سكانه هم من الروس، وتصر هذه الدول على انسحاب القوات الروسية احتراما لسيادة اوكرانيا ووحدة أراضيها.
والأراضي الفلسطينية ليست قياسا خارجا عن السياق العام. فقد احتلت القوات الاسرائيلية الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة بالقوة العسكرية، وبالتالي فإن وجودها على هذه الأراضي يتناقض مع كل القوانين والأعراف الدولية. ولا عبرة ولا صدقية لمزاعم السلطات الاسرائيلية حول كونها "أراضي مختلفا عليها".
فالعالم كله يرى الحقيقة الساطعة وهي أن الجيش الاسرائيلي يفرض هذا الاحتلال رغما عن إرادة المواطنين الفلسطينيين، ولا يكتفي بذلك بل ينتهك القانون الدولي بنقل رعايا دولة الاحتلال من المستوطنين إلى الأراضي الفلسطينية ويخلق حقائق زاحفة، متوهما أنه بذلك يغطي على الحق الفلسطيني المطلق في الاستقلال وانسحاب الجيش الاسرائيلي من الضفة الغربية.
بل إن من حق الشعب الفلسطيني المطالبة بالتعويض عن معاناته وحرمانه من حقوقه الأساسية، واستنزاف ثرواته المائية والمعدنية ومعاناة ثلاثة أجيال من الفلسطينيين تحت كابوس الاحتلال وممارساته الجائرة طيلة ما يزيد عن ستة وأربعين عاما.
ومن هذا المنطلق يمكن للمراقب أن يستغرب مصطلح "القرارات الصعبة" التي على نتنياهو أن يتخذها خلال المفاوضات الدائرة مع الفلسطينيين. وهو المصطلح الذي استخدمه الرئيس الأميركي باراك اوباما في تصريح له أمس الأول. فالاحتلال مهما تقادم به الزمن لا يعطي حقوقا للطرف الذي يمارسه ولا يمنحه مكانة من يقدم معروفا أو يتفضل على الشعب الذي عانى الأمرين من قسوة الاحتلال وتمدد الاستيطان، ولا يسوغ للمجتمع الدولي أن يتعامل معه على قدم المساواة مع الفلسطينيين أصحاب الحق في الاستقلال والتحرر والتمتع بالحقوق الإنسانية والسياسية التي تتمتع بها كل شعوب العالم.
فالانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية ليس تنازلا من جانب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بل هو استحقاق لا بد من الوفاء به إذا أريد لما تسمى بعملية السلام أن تتحقق، ولهذه المنطقة المضطربة من العالم أن تهدأ وتستقر.

اليرموك... معركةً ومخيماً
بقلم: د . عبد الله السويجي – القدس
قبل 1380 عاماً وقعت معركة اليرموك بين جيش الامبراطورية البيزنطية، الذي كان أقوى جيوش العالم، وجيش من المسلمين بقيادة القائد المسلم خالد بن الوليد، وكان جيش المسلمين أقل بكثير من جيش هرقل الذي كان يقود تلك الامبراطورية آنذاك، وكانت نتيجة المعركة أول بداية موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، ومهدت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام، وبشهادة العديد من المؤرخين العرب والأجانب، كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، حيث لقي جيش الروم هزيمة قاسية، وقد أدرك هرقل الذي كان يعسكر في مدينة حمص حجم الهزيمة، فغادر سوريا نهائياً، واستقر المسلمون على إثرها في بلاد الشام، ثم واصلوا فتوحاتهم إلى الشمال الإفريقي .
وبعد 1320 سنة من هذه المعركة، أي في العام 1957 وفي المنطقة ذاتها، أقيم مخيم للفلسطينيين الذين طردتهم الجماعات اليهودية من فلسطين، وسُمّي بمخيم اليرموك، نسبة إلى تلك المعركة وتيمناً بها، وقد أقيم على مساحة تزيد على كيلومترين مربعين بقليل، وبدأت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة تديره وتقدم الخدمات لسكانه، وشيئاً فشيئاً كبر المخيم، وسكن فيه الفقراء من السوريين، وأصبح عدد الفلسطينيين المقيمين فيه حوالي 150 ألف نسمة، واعتبر أكبر تجمع للفلسطينيين في سوريا .
قبل ثلاث سنوات اندلع الصراع في سوريا بين النظام والقوى المعارضة، ثم ما لبث أن تحول إلى صراع بين النظام والحركات الإسلامية المتشددة، التي تدين بالفكر السلفي الجهادي، ووقع المخيم بين فكي كماشة، بين جنود النظام والمسلحين الإسلاميين، وفي منتصف شهر كانون الأول من العام 2012 انطلقت حملة عسكرية على المخيم بعد تقدم قوات المعارضة من الأحياء الجنوبية، وكان من الطبيعي أن يدافع أبناء المخيم عن أنفسهم، فتورطوا في الصراع، وسقط منهم عشرات الضحايا بالرصاص والقذائف، وتهدمت بيوت كثيرين، وحوصر المخيم حصاراً مقيتاً، حتى بدأ سكانه يعانون أزمة غذاء ودواء، ومات أكثر من 97 من سكانه جوعا، معظمهم من الشيوخ والأطفال والنساء، ما اعتبر وصمة عار في جبين المتقاتلين .
وكالة "الأونروا" نشرت الأسبوع الماضي صوراً قاسية جداً تظهر المأساة التي يعانيها أكثر من 20 ألف لاجئ فلسطيني، حيث ظهروا بأجسادهم الهزيلة، يتدافعون للحصول على مساعدات .
وكالات الأنباء الأجنبية كانت أكثر إنسانية من مثيلاتها العربيات، حيث قامت وكالة فرانس برس على سبيل المثال بزيارة تلك الأفواج المتدافعة ونقلت تقارير عن أوضاعهم: "يبحث اللاجئون في مخيم اليرموك عما يسّد الرمق في حاويات القمامة في حين ينتظر العجائز المسنون في الشوارع مستسلمين أن يودعوا هذا العالم . . إنه الموت البطيء في مخيم اللاجئين الفلسطينيين الضخم الواقع جنوب دمشق والمحاصر منذ أشهر من الجيش السوري" . وقال أحد الناشطين: "نأكل الأعشاب ونعد منها أحياناً حساء لكن طعمه مر"، حتى الحيوانات لا ترغب في احتسائه " . . ." وإذا قصدنا حقلاً لجمع أعشاب يطلق قناص علينا النار (وقد وزعت "الأونروا" 7500 رزمة غذاء وصفها أحدهم أنها "قطرة في محيط" .
المخيم لا يزال محاصراً حتى اللحظة، والقتال لا يزال مستمراً بين النظام والمسلحين حتى اللحظة أيضاً، ولم يفهم أي من الطرفين أن المحاصرين هم لاجئون في الأصل، وليست لهم علاقة بالقتال الذي يدور من دون رحمة، حتى إن أجزاء كثيرة من المخيم باتت ركاماً، أي إن على الفلسطيني أن ينتقل في حياته من مخيم لجوء إلى مخيم لجوء آخر، وكتب عليه أن يموت ألف مرة بيد العدو والصديق والقريب، من ابن الضاد والدين، قبل أن يلاقي وجه ربه، والأمر الأكثر مأساوية أن يلاقي وجه ربه جائعاً، فأية مقارنة يمكن عقدها بين ما حدث في معركة اليرموك قبل 1380 عاماً، وبين ما يحدث الآن في مخيم اليرموك؟
وأية مقارنة يمكن عقدها بين حصار الجيش الاسرائيلي للمخيمات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، وبين حصار الجيش والمسلحين لمخيم للاجئين الفلسطينيين في الشتات؟
سكان مخيم اليرموك شأنهم شأن سكان أية قرية أو مدينة سورية، يعانون الويل والظلم من قبل المتقاتلين، ورفع الحصار عن المدنيين تكفله كل القوانين الدولية الإنسانية، التي تمنع اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، أو اتخاذهم ذريعة في معركة عض الأصابع، ويكفي أن الاقتتال قد هجّر ملايين السوريين من بيوتهم وأراضيهم، وأصبح كثير منهم متسولين ينتظرون قوت يومهم من المحسنين، فهل هذا ما تريده المعارضة وهي تقاتل النظام، وهل هذا ما يريده النظام وهو يقاتل (الإرهاب)؟
هؤلاء المدنيون لا يهمهم من سيصل إلى الكرسي ويستلم السلطة، لأنهم يعتقدون أن الوصول إلى كرسي السلطة يجب ألا يمر من خلال لقمة أطفالهم .
لماذا حولوا الناس إلى حيوانات تأكل العشب، وأية إنسانية هذه التي يتحدث عنها المسؤولون، أو الذين يقودون المعارك ويغذون القتال، التي تسمح لإنسان أن يأكل العشب ويموت جوعاً؟
إن مأساة سكان مخيم اليرموك تشكل وصمة عار على وجوه كل من يتحدث في السياسة والإنسانية والنصر والإسلام والجهاد والديمقراطية، وكل إنسان سوري وغير سوري يموت جوعاً في وقت يعاني كثير من التخمة، يشكل وصمة عار على جبين المتحاربين ومن يساندهم، ولن تُمسح هذه الوصمة إلا بفك الحصار عن كل المدنيين، وجلوس المتقاتلين وجهاً لوجه، من أجل استعادة ابتسامة طفل، ألا يستحق طفلٌ هذا العناء!
هل هي عودة للحرب الباردة..؟
بقلم: يوسف مكي – القدس
توج انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، باكتشاف القنبلة النووية واستخدامها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في التاريخ الإنساني، في ضرب مدينتي هوريشيما ونجازاكي اليابانيتين . وكان التحاق الاتحاد السوفييتي السريع بإنتاج هذا النوع من السلاح، منع تفرد أمريكا بإنتاج هذا النوع من السلاح، ومثل انتقالاً رئيسياً في طبيعة المواجهات العسكرية بين القوى الكبرى، حيث لم يعد بالإمكان حدوث مواجهة عسكرية مباشرة، بين من يملكون السلاح النووي، لأن ذلك يعني دماراً محققاً للبشرية .
انتهت الحرب أيضاً، بتتويج الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كأكبر قوتين عسكريتين، فوق كوكبنا الأرضي . وقد تفردت القوتان، بامتلاك السلاح النووي . وكان من أبرز الملامح السياسية، لإفرازات ما بعد الحرب، هو انقسام العالم، إلى معسكرين يختلفان في عقائدهما السياسية ونظمهما الاقتصادية، ومناهجهما الاجتماعية . ويقود كل طرف منهما حلفاً عسكرياً، في مواجهة الآخر . فالأمريكيون شكلوا حلف الناتو، الذي ضم بلدان أوروبا الغربية التي تلتزم الطريق الرأسمالي في إدارة الدولة والمجتمع، وأسس السوفييت حلف وارسو الذي ضم بلدان أوروبا الشرقية، التي مثلت الكتلة الاشتراكية .
ولأن المواجهة العسكرية المباشرة، بين القطبين أصبحت بحكم المستحيل، ساد مفهوم الحرب الباردة، مع بداية الخمسينات من القرن المنصرم . وضمنه ساد صراع بين القطبين، بأوجه مركبة، ضمنت وضع ضوابط غير مكتوبة، تضمن استمرار الصراع بينهما، من دون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة، لأن مثل هذه المواجهة، تعني الفناء المحتم للبشرية . وبضمن هذه الضوابط، اعتراف الطرفين بوجود حدائق خلفية، ومناطق حيوية لكل منهما، لا يجوز تجاوزها من قبل القطب الآخر . وكان مؤتمر يالطة، الذي جسد طبيعة القسمة بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، هو من وضع الحجر الأساس، لتلك الضوابط .
الضابط الآخر، للعلاقة بين هاتين القوتين، هو أن الحرب إن شنها أحدهما، ضد مصالح الآخر، فإنها تتم بالوكالة، وليس بالصدام المباشر . وكهذا اشتعلت الحروب أثناء الحرب الباردة، إما باقتصارها على الحلفاء، أو بتدخل أحدهما مقابل حليف للآخر . كما حدث في الحرب الكورية، وفي حروب جنوب شرق الهند الصينية، وفي الصراع العربي الاسرائيلي .
سقط الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينات ومع سقوطه سقطت الكتلة الاشتراكية، وتربعت الولايات المتحدة على عرش الهيمنة الأممي، وسادت حقبة الأحادية القطبية، لأكثر من عقدين . وتشكلت روسيا الاتحادية، على قاعدة المنهج الغربي في الحكم، القائم على التعددية والفصل بين السلطات وتداول السلطة، وإنهاء حكم الحزب الواحد . لكن دورها في السياسة الدولية، تضاءل ليقترب من مستوى الصفر .
عادت روسيا مجدداً وبقوة، إلى الواجهة، لتمارس دورها القديم في صناعة القرار الدولي، وإن كان ذلك بوتائر مختلفة . ومع هذه العودة، تغيرت العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة، لتنتقل من الاستتباع، إلى الشراكة .
ورغم الخلافات الجوهرية بين البلدين، حول قضايا كثيرة، من ضمنها قضية الدرع الصاروخية، ومحاولة روسيا الدؤوبة استعادة دورها في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، التي تعتبرها حكومة بوتين بمثابة الحديقة الخلفية، وعمقها الحيوي، فقد بقي الطرفان، الأمريكي والروسي، متمسكين بتوصيف العلاقة بينهما بالشراكة . وتكرر ذلك، حتى أثناء الأزمة السورية، التي وقف فيها الطرفان على طرفي نقيض .
لكن التطورات الأخيرة، في أوكرانيا، وسقوط النظام الحليف لروسيا، وقيام نظام يطمح إلى الالتحاق بالوحدة الأوروبية، غيّر كثيراً من صورة المشهد، وتشير التطورات اللاحقة للانقلاب الأوكراني، إلى أن روسيا لن تسلم بسهولة لمن وصفتهم بالانقلابيين، وأنها سوف تذهب بعيداً في مواجهة النظام الجديد . وقد بدأت فعلياً في استخدام أوراقها في شبه جزيرة القرم .
ربما تشكل الأحداث الأوكرانية الأخيرة، نقلة في علاقة روسيا الاتحادية، بالولايات المتحدة، وحلفائها بالاتحاد الأوروبي، من توصيفها بالشراكة، إلى الحالة الصراعية . فالأوروبيون والأمريكيون، كما تراهم روسيا، تجاوزوا الخطوط الحمر، باستجلاب أوكرانيا لصفهم . بمعنى آخر، أصبحت روسيا مهددة، في خاصرتها، من خلال حديقتها الخلفية .
لدى روسيا أوراق كثيرة، تستخدمها في مواجهة الأمريكيين والأوروبيين، لكنها جميعاً لن ترقى إلى مستوى إسقاط النظام الجديد بالقوة العسكرية . فمثل هذه المواجهة، ستكون مستحيلة، كما تؤكد المصادر الروسية، لكن ذلك لم يمنع الرئيس بوتين، من دعوة القوات الروسية لامتحان جهوزيتها، والاستعداد لتطورات الموقف .
روسيا معنية بشكل مباشر بما جرى في أوكرانيا، لأسباب استراتيجية، ولأن الانقلاب الأخير هو احتجاج على رفض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي في نهاية نوفمبر من العام المنصرم، مفضلاً الانحياز لروسيا، وقبول ما تعهد به الرئيس بوتين، من تقديم مساعدات تقدر قيمتها 15 مليار دولار .
التاريخ لا يعيد نفسه، وروسيا وأمريكا تتهيآن للدخول في حرب باردة جديدة، لكنها بالتأكيد مختلفة من حيث المضمون والشكل، عن مثيلتها، التي استمرت أكثر من أربعة عقود . فصورة الصراع العقائدي بين القطبين الدوليين لم تعد قائمة، وليس لها مكان في الصراع الجديد . والنظامان السياسيان، متشابهان في كثير من الأوجه . فكلاهما يلتزم بالاقتصاد الحر، ويطرح التعددية وتداول السلطة، وإن كان ذلك بشكل أقل في روسيا الاتحادية .
مرحلة استقطابات دولية، اقتصادية وسياسية وعسكرية قد بدأت، وتشكل منظومة "البريكس" أحد أوجهها . وربما لا يزال الوقت مبكراً، لتحديد معالم هذه الاستقطابات، والقوى التي ستلتحق بأي من الفريقين المتنافسين، لكن المؤكد، أننا على أعتاب مرحلة جديدة، شبيهة في تشكلها، بمناخات الحرب الباردة، وسوف تتضح ملامحها قريباً، وليس علينا سوى الانتظار .

صورة الثورة في سنتها الثالثة
بقلم: ديانا مقلد – القدس
إذا انتقينا عشوائيا بعضا من الصور الواردة إلينا من سوريا في الأيام الماضية فإن وقائع ثلاثا ستعلق في الذاكرة: مشهد آلاف المحاصرين بين الأنقاض في مخيم اليرموك والذين خرجوا يستجدون حياتهم المهددة بموت بطيء.. الثاني هو فيديو لطفلة جريحة باكية تناشد من يضمد دماءها النازفة أن لا ينزع عنها زيّها الجديد الذي تشبع بدمائها.. والصورة الثالثة بثها إعلام النظام السوري والإعلام الموالي له لجرافة ترفع جثث عشرات من الأشخاص قيل إنهم مقاتلون سقطوا في كمين..
واختيار مثل هذه الصور وتصدرها إما للإعلام وإما لمواقعنا الخاصة هو بمثابة تمرين يومي تآلفنا معه لرصد الحدث السوري، من خلال ما يردنا من فيديوهات ولقطات، سواء التقطها معارضون أم مسلحون أم مواطنون، أو ما يبثه النظام نفسه، فنختار منها ما نجده صادما ومعبرا، ونتحاشى تلك التي لا قدرة لنا على احتمال فظاعتها..
وهذا التمرين هو أشبه بجلد يومي للنفس نجد أنفسنا عاجزين عن مقاومته، فبتنا كالمدمن الذي تكفيه جرعة صغيرة في البداية لكنه مع تفاقم حاله لم يعد يتأثر مهما ضاعف الجرعات..
أليس هذا حالنا مع هذا العجز عن التأثير في كل ما يجري حولنا؟
فصورة اليرموك هي في عرفنا نتيجة مرعبة لحصار النظام وقتله البطيء للاجئين الفلسطينيين، كما لشعبه. وصورة الطفلة الجريحة هي ذروة البؤس الذي يعصف بأطفال سوريا وبأمنهم وبأحلامهم. وفي الصورة الثالثة ذاك القتل البارد والازدراء للخصم حتى لو كان جثة هامدة..
لكن ما الذي تغير جراء مشاهدتنا لتلك الصور ومعرفتنا بالوقائع المحيطة بها.. لا شيء.. تماما كما كان الحال قبل ثلاث سنوات..
ها هم السوريون يقتربون من الذكرى الثالثة لثورتهم التي استحالت كابوسا جاوز فيه العنف المطلق السراح كل التوقعات. نعم، لقد نجح الجميع في جعل الموت السوري سهلا وبلا ثمن ويكاد يكون بلا أثر. إنها الذكرى الثالثة، ولعل في تكرار المواعيد والذكريات رتابة ومللا تسلل إلى كل ما له علاقة بالألم السوري. ما أضعف المعنى والعبرة التي يفترض أن تستنبط من مثل هكذا محطات.
يمكن في مثل هذه المناسبة أن نمارس عقلا باردا كما تفعل مراكز بحوث التوثيق مثلا، والتي تواظب على تكرار فكرة كم أن الصور الواردة إلينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من سوريا يصعب التحقق منها وكم هي مضللة في غالب الأحيان.
لست في وارد نقاش الخسائر الفادحة التي ألمت بحراك السوريين جراء آلاف الصور إما المفبركة وإما تلك التي تصور فظائع يقدم عليها من يفترض أنهم معارضون. بعد ثلاث سنوات وبعد ملايين الصور لا مفرّ من العودة إلى لب الأزمة، كيف ترك العالم السوريين يموتون على هذا النحو؟
بعد ثلاث سنوات نجح النظام في جعل البلاد قاعا صفصفا..
نظام ليس أكثر من عصبة تستهدف بطائرات وسلاح ثقيل وغازات سامة، ومعارضة لا كيان واضحا لها ولا مستقبل، وعصابات جانحة تزداد جنونا ودموية..
الرابح الوحيد هو ذاك الموت والبؤس المصور، لكن المشكلة أن كلا الطرفين بات عاجزا عن استثمار صورة الألم والموت هذا. لا نعرف كم هو تماما عدد الضحايا ولا إلى أي حدود سيرتفع في الغد.. لكننا سنبقى أسرى السؤال الأول: من المسؤول عن كل هذا القتل والموت؟
هل سيحقق التوجه إلى المنظمات الدولية النتائج المطلوبة؟
بقلم: الدكتور عقل أبو قرع – القدس
من ضمن البدائل، او الخطوات التي من المفترض القيام بها في حال فشل المفاوضات الحالية، او انتهاء المدة المحددة وهي التسعة اشهر بدون تحقيق نتائج او اختراق، هو النية للتوجه الى المنظمات والمؤسسات والاطر الدولية، ورغم تشكيل لجان لتحضير الاجراءات او لدراسة الجدوى من مثل هذه الخطوة، الا ان المواطن والجمهور الفلسطيني لم يعيا بعد الاهمية او الفائدة المرجوة من مثل هكذا خطوة، وربما السبب في ذلك هو ضآلة النقاش او ضعف التواصل حول هذا الموضوع مع الناس، وبالتالي عدم وضوح مدى او نوعية النتائج التي من الممكن ان تترتب على ذلك، سواء اكانت سلبية او ايجابية، وبالاخص على الحياة العادية للناس.
والتوجه الى المنظمات الدولية، يمكن ان يأخذ اطارين، او ان يتم تحت مظلتين، الاطار السياسي او القانوني او الرغبة في تحقيق اهداف سياسية او قانونية، وبالطبع ايجابية لصالحنا، والهدف الاخر هو الهدف التقني او الفني، اي الاستفادة من هذه المنظمات وهي كثيرة، في تحقيق اهداف او مصالح لها علاقة بالاقتصاد، والسياحة والثقافة والتعليم والصحة والطفل والمرأة والمياه والبيئة وغير ذلك، اي الاستفادة من المشاريع او البرامج المتخصصة التي تقوم بها هذه المنظمات من خلال الحصول على العضوية الكاملة فيها، والتي في احيان كثيرة هي الشرط للاستفادة وللمشاركة ولتبادل الخبرات من ضمن عمل هذه المنظمات.
ومعروف ان فلسطين قد اصبحت دولة غير عضو،في الامم المتحدة، وبأغلبية او موافقة معظم الاعضاء، ومن خلال الجمعية العامة، التي هي الاطار او الاساس او المرجع المسؤول او البوتقة التي تحوي كل منظمات الامم المتحدة المتخصصة والفنية والانمائية المختلفة، وهي التي تقر سياساتها وميزانياتها وخططها الاستراتيجية، وبالتالي فإن حصول فلسطين على الدولة، وبالحدود حسب القرارات الدولية، القائمة على حدود 1967، هو الانجاز السياسي الاكبر في هذا المجال، وهو الذي فتح ويفتح الباب للاستفادة الفنية، او التقنية نتيجة لذلك، والمثال على ذلك هو الانضمام الى منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم" اليونسكو" قبل فترة.
وصحيح ان الانضمام او الحصول على العضوية في منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة العفو الدولية او محكمة الجنايات الدولية، او غيرهما، هو في المحصلة ليؤكد ومن خلال الممارسة العملية على الحقوق الفلسطينية من منظار حقوقي دولي، من خلال فضح الممارسات العملية على الارض، من استيطان وجدار وقيود وتنكيل، وذلك من خلال التوجه الى هذه الهيئات وبناء على القوانين الدولية التي تعتبر ذلك ممارسات غير قانونية او اعمالا جنائية في اراضي الغير، وفي هذه الحالة اراضينا نحن الفلسطينيين.
وصحيح ان ذلك من الممكن ان يربك الاسرائيليين، وربما يحد من بعض الممارسات او الاجراءات او عدم المبالاة بالاعراف الدولية، ويمكن ان يكون له صدى اعلامي وشعبي، ولكن كل ذلك ينصب تحت مظلة الاعتراف السياسي الدولي بالحقوق الفلسطينية، وبالاخص ذلك الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة من اعترافات وقرارات، ودعنا نتذكر ان طلب الانضمام لهذه الهيئات الحقوقية الدولية ربما يأخذ وقتا، وربما سنوات، وحتى أن قضايا هذه الهيئات والتي من المفترض ان تتم بعد الانضمام اليها، ربما تأخذ سنوات اخرى، وحتى تنفيذ قراراتها ربما يأخذ وقتا طويلا او حتى لا يتم تنفيذه، ومثال ذلك الحكم على بعض الزعماء الافارقة، او على الرئيس السوداني مثلا، والذي لم يطبق منذ سنوات، وبالتالي فإن التركيز اكثر على الفوائد الاخرى من الانضمام الى المنظمات الدولية الفنية المتخصصة، حسب وجهة نظري هو الاولوية، والذي يحتاج الى اعداد دراسات الجدوى وقياس مدى الفائدة المرجوة من ذلك، ومدى امكانية تحقيق ذلك على الارض، لخدمة المواطن الفلسطيني، في مجالات حياته اليومية.
ومن الامثلة على ذلك الانضمام مثلا الى منظمات الامم المتحدة، الفنية والمتخصصة في مجالات الصحة والمياه والبيئة، حيث نعلم انه وحتى الوقت الحاضر، لا تستفيد فلسطين وبالشكل اللازم او المطلوب من برامج او مشاريع هذه المنظمات، او من وضع خططها وسياساتها، او من حضور مؤتمراتها الدولية، او من الحصة من ميزانيات مشاريعها الدولية، وذلك بسبب عدم العضوية الكاملة فيها، اسوة بباقي الاعضاء، الذين يحصلون على العضوية الكاملة فيها، كدول؟
ومنظمات البيئة الدولية، مثلا هي متعددة، ومجال عملها، يدخل في صلب الاولويات البيئية الفلسطينية، ونحن بحاجة الماسة اليها، وذلك بسبب اوضاعنا البيئية المميزة، من ضحالة المصادر الطبيعية، ومن ضيق المساحة الجغرافية، ومن الكثافة السكانية، ومن القيود او الاثار البيئية بسبب الاحتلال والاستيطان، وبالتالي من الممكن ان نستفيد منها، مع العلم ان لجانا متخصصة تابعة للجمعية العامة قد اقرت قبل اسابيع، وبأغلبية ساحقة مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة على موارده الطبيعية، وهذا يعني امكانية الاستفادة المادية، من حيث احتمال الحصول على التمويل او جزء من الميزانيات المرصودة للمشاريع المنبثقة عن الاتفاقيات، او على شكل مصادر اخرى مثل النشرات والكتب والاجهزة، او حتى الحصول على الخبرة، من خلال المشاركة في الاجتماعات واللجان والمشاريع الناتجة عنها.
وبالاضافة الى ذلك من الممكن ان نستفيد من منظمات البيئة الدولية، تلك التي تهدف الى الحد من ظواهر تغير المناخ السلبية، ومن تخفيض الغازات المنبعثة الى الجو، ومن الحفاظ على طبقة الاوزون، والحد من ظاهرة" الاحتباس الحراري" وارتفاع درجة حرارة الارض، وكذلك مكافحة التصحر والجفاف، والاتفاقيات المتعلقة بمراقبة التلوث وحركة المواد الكيميائية الخطيرة، وتبادل المعلومات حول المتاجرة بالمبيدات الكيميائية، واتفاقيات الحفاظ على التنوع الحيوي، والتوعية والتثقيف البيئي وغيرها، واتفاقيات فحص جودة المياه، وما ينطبق على الاستفادة من منظمات الامم المتحدة البيئية، يمكن ان ينطبق على مجالات اخرى، مثل الصحة والتعليم والثقافة والتراث والسياحة والزراعة والعمل وتطوير القدرات البشرية وما الى ذلك من مجالات متخصصة نحن في امس الحاجة اليها.
وبالتالي، فإن خيار التوجة الى المنظمات الدولية، والنتائج المرجوة منه، سواء اكانت في الجانب السياسي القانوني الجنائي، او في الجانب الفني التقني المتخصص، من المفترض ان يكون مدروسا، من حيث الايجابيات والسلبيات، ومن حيت الاجراءات والنتائج المتوقعة، والاهم من حيت التواصل مع المواطن لاخباره وللشرح له ولاقناعه بجدوى مثل هكذا خطوة او خطوات.

علامة "شطب"؛ علامة "صح"؟
بقلم: حسن البطل – الايام
الامتحانات المدرسية الأميركية، تجري على منوال استطلاعات الرأي: مربّع صغير، وعليك أن تملأه باشارة "شطب" متصالبة، أو إشارة "صح".
"امتحان" أوباما "الشفهي" لنتنياهو على هذا المنوال، سوى أنه وزعه قبل أيام من امتحانه "العملي" عبر مقابلة مع وكالة جفري بلومبرغ للأنباء!
قبل شهر تقريباً، اطلق وزيره كيري تحذيراً لإسرائيل، في مؤتمر سنوي للأمن الأوروبي - ميونيخ، ولم يكن بعيداً عن أسئلة "امتحان" رئيسه.
سينقل أوباما أجوبة نتنياهو، بعد اسبوعين للرئيس أبو مازن، خلال لقائهما في القاعة البيضاوية ذاتها، علماً أن الرئيس الفلسطيني أعطى زهاء 280 أكاديميا إسرائيلياً جواباً عاماً وشاملاً خلال لقائه معهم في المقاطعة، وكان هذا اكبر تواجد إسرائيلي فيها من أيام عملية "السور الواقي" كما لاحظ إسرائيليون.
لي أن أرى في لقاء "المقاطعة" للرئيس بزعيمة حزب "ميرتس" اليساري الصغير زهافا غالئون أهمية تتعدى "امتحان" أوباما لنتنياهو، لأنها كانت أجوبة محددة على احتمالات محددة:
قال: إذ لم يتم التوصل إلى "اتفاق الإطار" في موعده الجديد، الذي كان موعداً لـ "اتفاق نهائي"، فإن السلطة الفلسطينية، أي الرئيس، لن توافق على تمديد المفاوضات حتى نهاية العام الحالي (لاجتياز قطوع انتخابات الكونغرس)، وبخاصة اذا أخلّت إسرائيل او استنكفت عن تنفيذ تفاهم بإطلاق سراح الدفعة الرابعة والأخيرة من أسرى ما قبل أوسلو.
الى هذا، فهذه المرة اشترط الرئيس تجميد الاستيطان لقبول تمديد التفاوض، وهو شرط لم يكن قاطعاً لبدء المفاوضات في تموز (يوليو) من العام الفائت، باعتبار ان أجل المفاوضات كأجل حمل انثى الإنسان تسعة شهور؟!
الجديد في إجابات أبو مازن المحدّدة لزعيمة حزب "ميرتس" هي قوله: إذا فشلت المفاوضات فسأضع "المفاتيح على الطاولة": إنها إجابة حمّالة أوجه للخيارات وتبدو لغزاً. هل سيحلّ الرئيس السلطة الفلسطينية، ويسلّم "المفاتيح" للإدارة الاحتلالية، بما ينهي أوضاع 20 سنة؟
الأميركيون، بلسان كيري، يحبذون تمديد المفاوضات حتى غاية أو "موفّى" العام كما يقول التوانسة، ولا يريد الرئيس الفلسطيني أن "ينسحب" من المفاوضات ويتحمل اللوم، لكن سيبقى فيها بشروط: إطلاق سراح الدفعة الرابعة و"أسرى آخرين" وتجميد الاستيطان.
لماذا غاب التهديد الفلسطيني باللجوء الى استكمال عضوية دولة فلسطين في منظمات الأمم المتحدة؟ لأن اميركا تريد بناء موقفها في ضوء اجوبة نتنياهو على "الامتحان" الاميركي، فإن فشل، فإن أميركا لن تقف معترضة، على التوجه الفلسطيني لاستكمال عضوية فلسطين - دولة سيادية .. وتحت الاحتلال!
نبيل شعث، وفلسطينيون آخرون كثيرون، يخيرّون إسرائيل: إما "دولتان لشعبين" وإمّا "دولة واحدة" والرئيس اقترح حلولاً أمنية على إسرائيل، منها قوات "ناتو" بقيادة أميركية في الأغوار الشرقية والمناطق الحدودية الغربية، ونقاط استراتيجية في مرتفعات الضفة.
أظن ان "وضع المفاتيح على الطاولة" لا يعني استقالة الرئيس بالذات، ولا "حلّ السلطة" وتسليم مفاتيحها لإسرائيل، بل وضع دولة فلسطين، سياسياً، تحت وصاية او انتداب "الرباعية" بإشراف الامم المتحدة، وبمرجعية مجلس الأمن.
هذا لا يعني تفكيك السلطة إدارياً، إو صرف موظفيها، لأن السلطة قبلت في اتفاقية اوسلو استيعاب الفلسطينيين من "موظفي الإدارة المدنية" الاحتلالية، وعلى اي مجلس وصاية سياسي دولي ان يحافظ على الهيكلية الإدارية السلطوية.
سيكون على "مجلس الوصاية" المقترح تقديم تقاريره الى مجلس الأمن لفترة سنوات ( 3 - 5 سنوات) حول إعداد فلسطين للاستقلال الفعلي، كما جرى في ناميبيا (جنوب غربي إفريقيا) التي كانت تحتلها جنوب افريقيا العنصرية.
في تقدير زهافا غلئون أن 76٪ من الإسرائيليين سيوافقون على اطار اتفاق بين دولتين في اي استفتاء، وان 77 عضو كنيست سيوافقون!
إذا كان الرئيس الفلسطيني اعطى جواباً حماّل أوجه "سأضع المفاتيح على الطاولة" إذا لم يتم تمديد التفاوض بشروطه؛ فإن رئيسة "ميرتس" خسرت موقفا اميركيا يقول ان نقاط "اتفاق الإطار" المقترح تحتمل تحفظات من الجانبين، لكن دون تعليل التحفظات، وقالت ان اتفاق الإطار ليس شرطا ان يكون مكتوبا، بل تفاهم شفهي (اتفاق جنتلمان)، وهذا على ما يبدو قد يساعد نتنياهو على "تبليع" اتفاق الإطار لحلفائه في حزبه والائتلاف الحكومي، هذا إن لم يقم رئيس حكومة إسرائيل بإعادة فكه وتركيبه، وإدخال حزب "العمل" و"ميرتس" مكان حزب "البيت اليهودي" وانشقاق جناح موشي فايفلين وانصاره عن "الليكود".
في أسئلة "امتحان" اوباما لنتنياهو تجنّب الإشارة الى الجدل والخلاف حول يهودية إسرائيل، بطرح سؤال: "هل ستفرض (إسرائيل) حدوداً على العرب الإسرائيليين (فلسطينيي القومية) بشكل يتناقض والتقاليد الاسرائيلية".
مقابل اسئلة صريحة ومرّة، قدّم أوباما ما يشبه قطعة حلوى لنتنياهو: انه من اليمين وذو خلفية شخصية يمكنه ان يقرّ لدى الجمهور اتفاقاً اكثر من أي زعيم آخر "نتنياهو ذكي وصلب، وسياسي كفؤ جداً" كلام من الشفاه!
* * *
كل زيارة لرئيس حكومة اسرائيلية للبيت الأبيض تأتي مرفقة بلقاء مع "لجنة العلاقات العامة الأميركية - اليهودية" (ايباك) وبرلمانيين مؤيدين لإسرائيل.
على أبو مازن أن يلتقي جماعة "جي ستريت" اليهودية الأميركية المؤيدة للموقف الأميركي من الحل السياسي، كما التقى ويلتقي بالإسرائيليين في "المقاطعة".
القرارات الصعبة بانتظار القمة الفلسطينية - الأميركية!
بقلم: هاني حبيب – الايام
"يتوقع الرئيس أوباما من إسرائيل اكثر مما يتوقعه من الفلسطينيين" هذه باختصار حصيلة ما تم الإفراج عنه من معلومات حول "اتفاق الإطار" الذي رسمه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع اقتراب نهاية المفاوضات على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي الذي تم الاتفاق ان تستمر لتسعة اشهر، حصيلة هذا الاستنتاج نجمت عن محورين؛ الاول المقابلة التي أجراها أوباما مع الصحافي جيفري غولدبرغ عشية اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، والمحور الثاني هو ما جاء في المؤتمر الصحافي في ختام القمة الأميركية - الإسرائيلية.
وضع أوباما نظيره الإسرائيلي، في أجواء القمة قبل انعقادها من خلال تلك المقابلة الصحافية، اذ انه سيسأله:"إن ليس الآن فمتى" والمقصود الموافقة على خارطة إطار "كيري". الوقت لتحقيق السلام آخذ بالنفاد مع ان ابو مازن جاء بالاعتراف بإسرائيل وحقها بالوجود" وسيسأل أوباما نتنياهو إن لم يوافق على اتفاق الاطار .. فما هو البديل لديه "ويجيب دون انتظار" يصعب التفكير في بديل منطقي" كل ذلك مع تحذير من ان الوقت ينفد "ديمغرافيا" لصالح إسرائيل يهودية، مشيراً الى تزايد تعداد المواطنين العرب في إسرائيل، وبعد التحذير تهديد مفاده ان الولايات المتحدة قد لا تتمكن من إسناد إسرائيل في المحافل الدولية - كما فعلت دائماً - في المستقبل!!
اما في إطار المحور الثاني المتعلق بالقمة الأميركية - الإسرائيلية، فإن نتنياهو، الذي كان مستعداً تماماً، بعد ان تلقى أسئلة الامتحان بوقت كاف قبل الجلوس على مقعد حل الأسئلة، فقد حاول جاهداً إقناع الرئيس الأميركي ان الجانب الفلسطيني هو المسؤول عن الجمود السياسي، الا أن مزامنة صدور تقرير مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، الذي اظهر تصاعد موجات الاستيطان، ساهم في السخرية من هذه المحاولة. وحسب صحيفة "هآرتس" فقد تولدت قناعة تامة لدى ادارة اوباما، ان نتنياهو لم يقم بما يكفي للدفع بعملية السلام ولإقناع العالم والفلسطينيين انه جاء في مسعاه نحو السلام، وأشارت الصحيفة الى ان وزير الخارجية الاميركية جون كيري كان على مبعدة قصيرة من أوباما ونتنياهو اثناء المؤتمر الصحافي في نهاية اعمال القمة بينهما، وعندما تحدث أوباما عن "مباحثات بناءة" اقترب كيري من نائب الرئيس جو بايدن الذي كان بجانبه وهمس باذنه ساخراً "بناءة"!! ظناً منه ان احداً لا يسمعه!!
وحسب معلوماتي المتواضعة المتعلقة بالمصطلحات الدبلوماسية، فإن مصطلح "بناءة" عندما يذكر بعد اي مباحثات، يعني ان لا تقدم جديا او كافيا تم إحرازه، وفي هذا السياق، وفي ظل معرفتي المتواضعة، فاعتقد ان "بناءة" كانت المصطلح المتوافق مع ما تم فعلاً، رغم سخرية جون كيري من استخدام أوباما لهذا المصطلح.. إذ إن الرئيس الأميركي لم يستخدم مصطلح "مثمرة" للدلالة على تقدم في المباحثات بين الجانبين!
وقبل ان يلتقي أوباما مع نظيره الفلسطيني، الرئيس ابو مازن، في السابع عشر من آذار الجاري تناقش في أروقة السياسة الإسرائيلية عدة سيناريوهات، اهمها ان الرئيس الأميركي بات مشغولاً مع كل إدارته بأحداث أوكرانيا، وان الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، سيوضع جانبا نسبياً، غير ان هذا الاستنتاج لا يبدو دقيقاً، ذلك ان الولايات المتحدة عازمة على تحقيق انجاز ما، مهما كان بسيطا، بعد تراجعات سياستها الخارجية على اكثر من صعيد، وحسب بعض السيناريوهات الاسرائيلية، فإن حكومة نتنياهو، قد تقبل بالموافقة على اتفاق اطار كيري عندما يتم بلورته بشكله النهائي وطرحه رسميا من قبل ادارة اوباما، ليس لقناعتها بهذا الاتفاق، ولكن لادراكها ان ابو مازن لن يقبل به كونه لا يلبي الحدود الدنيا من المطالب الفلسطينية، وان ابو مازن الثابت على الثوابت الوطنية الفلسطينية لن يفرط او يستسلم تحت اي ضغط او ظرف، خاصة وان الجانب الفلسطيني، رغم ضعفه ما زال ممسكا بخيارات التوجه الى الأمم المتحدة لنيل عضويتها الكاملة، كما يسعى الى نيل عضوية المنظمات الدولية خاصة الجنائية الدولية، في حال فشلت المفاوضات، متسلحاً هذه المرة بمقاطعة أوروبية - أميركية على الصعيد الشعبي والرأي العام لديهما، بعدما تأكد للعالم أجمع أن حكومة نتنياهو غير جادة في السعي نحو السلام، وأنها انما تحاول خداع العالم وسرقة الوقت بهدف استمرار خطتها الاساسية والجوهرية الرامية الى توسيع العملية الاستيطانية وتهويد العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة.
وستتضح الصورة بشكل افضل في الفترة التي تنتهي مع لقاء القمة الاميركية - الفلسطينية، هذه الفترة ستشير الى مدى انغماس الإدارة الأميركية على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في ظل أحداث أوكرانيا، كما ستشير الى تداعيات ونتائج القمة الأميركية - الإسرائيلية، وتفاعلات القيادة السياسية في إسرائيل مع هذه النتائج والتداعيات، مع ذلك، فإن الصورة لن تكون واضحة تماماً، الا اذا أصرت إدارة اوباما ان تفرض رؤيتها من خلال "اتفاق الإطار" على الجانبين، مع الإشارة الى ان كلا من الجانبين لهما حق الاعتراض والتحفظ، لكن لا ندري اذا كانت إدارة اوباما، قادرة على وضع "إطارها" هذا موضع التنفيذ الفعلي، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، خاصة وان حكومة نتنياهو المحتارة بين اليمين المتطرف واليمين الليبرالي، قادرة على الصمود في وجه الرفض المعلن من قبل أقطاب اليمين المتطرف للعملية التفاوضية من حيث المبدأ، الأمر الذي يجعل إمكانية إقدام إسرائيل على "موافقة تكتيكية" أمراً بالغ الصعوبة، حتى مع رفض الجانب الفلسطيني لهذا الاتفاق!

نتنياهو في أميركا: تشاؤم إسرائيلي من المستقبل
بقلم: أشرف العجرمي – الايام
في لقاء الرئيس باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعلى الأقل في الجانب العلني من اللقاء الذي غطي في وسائل الإعلام، حاول أوباما التخفيف من وطأة ما قاله في المقابلة الصحافية التي منحها للصحافي اليهودي الشهير جفري غولدبرغ يوم الأحد الماضي، التي قال فيها: إنه إذا استمر البناء في المستوطنات، وإذا وصل الفلسطينيون إلى استنتاج بأنهم لن يستطيعوا الحصول على دولة فلسطينية سيادية ،ستكون قدرتنا على مواجهة التداعيات الدولية محدودة، وقال أن على إسرائيل أن تقرر إذا ما كانت تريد استمرار احتلالها للضفة الغربية، والاستمرار في إدارة الصراع. وأنه إذا كان نتنياهو لا يريد حل الدولتين فعليه أن يقول ما هو بديله لذلك.
وخلاصة القول: إنه وجه تحذيراً لإسرائيل من مواجهة عزلة دولية وكارثة ديمغرافية لا تستطيع الولايات المتحدة عمل الكثير بشأنهما إذا لم توافق إسرائيل على اتفاق الإطار الذي ستقترحه واشنطن. وفي اللقاء حاول مدح جدية نتنياهو في التعاطي مع قضايا المفاوضات والتأكيد على أنه لا يوجد حليف لأميركا مفضل على إسرائيل وأن واشنطن مصرة على منه إيران. ولكن ماذا يمكن أن يفهم الإسرائيليون من مجمل الموقف الأميركي؟
جون كيري في خطابه أمام مؤتمر المنظمة اليهودية الـ"إيباك" حدد الهدف النهائي للعملية السياسية بالوصول إلى ترتيبات أمنية تمنح إسرائيل أمناً أكثر، والإعتراف المتبادل بالدولة القومية اليهودية ودولة الشعب الفلسطيني، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وحل يسمح للقدس أن تحقق إسمها كمدينة السلام. وفي هذا القول إقتراب بصورة كبيرة من الموقف الإسرائيلي وصيغة غامضة لتسوية القضايا الجوهرية وتجاهل المطالب الفلسطينية الأساسية. ولكن نتنياهو ليس في وارد حتى المضي قدماً في العملية بناءً على هذه الصيغة الغامضة وأكثر ما يشغل باله هو الملف النووي الإيراني على الأقل هذا ما يقوله علناً، وتتمثل المطالب الإسرائيلية الخاصة بمعالجة هذه الملف بإجبار إيران على وقف برنامجها النووي ووقف تخصيب اليورانيوم ووقف تطويرالصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية، بل وتدمير ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي يتجاوز مداها 1500 والتي يمكن أن تصل إلى إسرائيل. وهو مقابل هذه المطالب غير الواقعية التي لا تطرحها الدول الكبرى التي تفاوض إيران مستعد لقبول فكرة دولة فلسطينية في إطار مفهومه الخاص لهذه الدولة.
وفي الواقع بات القادة الإسرائيليون أكثر تشاؤماً بخصوص مستقبل وضع إسرائيل في ظل التراجعات التي تشهدها السياسة الأميركية على المستوى الدولى في مجمل الملفات، بما فيها ملف أوكرانيا الجديد الذي يثبت فيه الروس يوماً بعد يوم أنهم اللاعب الرئيسي الذي سيفرض شروطه في النهاية. والاستنتاج الإسرائيلي من التطورات التي مرت بها السياسة الأميركية في الفترة الأخيرة هو أن الولايات المتحدة لا تقف إلى جانب حليفاتها عندما يتعلق الأمر باستخدام القوة العسكرية، وبحسب بعض الخبراء في إسرائيل بدأ التراجع في موقف أوباما عندما تخلى عن استخدام القوة في سورية في شهر آب العام الماضي، بحيث يظهر أنه لم يعد ممكناً الإعتماد على أميركا في موضوعات الأمن القومي.
والأخطر من وجهة نظر هؤلاء هو حقيقة أن كل من تحالف مع روسيا كان في الجانب الرابح والقوي من المعادلة وهذا ينطبق على حلف طهران- دمشق – حزب الله الذي يمكن أن يشمل مصر أيضاً ولو بصورة نسبية. بينما كان حلف اميركا الأضعف الذي يفقد عناصر قوته باستمرار. وبالتالي لا يعول الإسرائيليون كثيراً على دعم واشنطن لهم في معالجة الملف النووي الإيراني وهم يعتقدون أن الدعم الروسي لإيران سيجعل إيران في نهاية المطاف تربح المعركة وتفرض ما تريد.
وإذا نجح الروس في فرض معادلة جديدة في أوكرانيا تضمن منع انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي وعدم وضع بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ أو رادارات أميركية متطورة على أراضي أوكرانيا وضمان وجود نظام غير معاد لروسيا، فهذا يعني تعزز قوة روسيا ومزيد من ضعف وتراجع الولايات المتحدة وعندها ستزداد قناعة الإسرائيليين بأن القادم هو سيء بكل المقاييس، وستتحقق نبوءة أوباما بأن أميركا لن تستطيع مواجهة العزلة والتداعيات الدولية المترتبة على فش العملية السياسية، وخاصة الجهود الأميركية الحالية. وأغلب الظن لا يوجد تفاؤل كثير لدى قادة إسرائيل بمستقبل المفاوضات التي يقودها كيري لأنهم يعلمون أن القيادة الفلسطينية لأا يمكنها أن تقبل أقل مما عرض عليها من قادة إسرائيليين في السابق، أو الموافقة على صيغة ترفضها غالبية الشعب الفلسطيني.
هذه الصورة التي يمكن وصفها بالتشاؤمية بالنسبة لإسرائيل من المفروض أن تقود إلى إعادة نظر الحكومة الإسرائيلية بمواقفها والتفكير بصورة جدية بمستقبل إسرائيل في ظل التحولات الدولية المتسارعة التي على الأغلب ستكون ضد مصالح إسرائيل. فلو انتهت المفاوضات إلى الفشل وذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة سيحصلون على ما يريدون والمواقف التي تكون في البداية نظرية ستصبح مع الوقت أمراً واقعاً وستكتسب قوة الفعل، وتجربة إسرائيل مع المقاطعة خير دليل على ذلك. فهي تستمر وتكتسب زخماً يوماً بعد يوم حتى اثناء استمرار المفاوضات فكيف إذا توقفت المفاوضات واشتغل الفلسطينون بكل ثقلهم على الساحة الدولية وأظهروا للعالم عدم رغبة إسرائيل في السلام و إصرارها على إستمرار الإحتلال، عندها سيتذكر العالم كلمات أوباما التي قالها في لقائه مع جفري غولدبرغ والتي حظيت بردود فعل سلبية من بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية الذين يتهمون حلفاءهم الأميركان بالهوس والشعوذة.

لماذا التمادي في استباحة "الأقصى"؟
بقلم: علي جرادات – الايام
لم تتورع أولى حكومات إسرائيل عن تجاوز حدود خريطة القرار الدولي 181 لتقسيم فلسطين عبر السيطرة على 78% من مساحة فلسطين الانتدابية بحسبان أن "حدود إسرائيل هي حيث يقف آخر جندي من جنودها" كما صاغ الأمر وأسس له بن غوريون في العام 1948.
ولم تتورع عن أن يكون الشطر الغربي للقدس ضمن حدود كيانها أو عن تسمية شطرها الشرقي بـ"المحور العسكري للقدس"، ذلك رغم أن قرار التقسيم وضع القدس تحت وصاية دولية للحيلولة دون تغيير معالمها بحدودها الممتدة - حسب خريطة التقسيم - من بيت لحم جنوباً حتى بلدة كفر عقب المحاذية لمدينة رام الله شمالاً، ومن بلدة أبو ديس شرقاً حتى بلدة عين كارم غرباً.
وبعد احتلال ما تبقى من فلسطين العام 1967 لم تتورع حكومات إسرائيل عن ضم الشطر الشرقي للقدس بحذر عكسه إرجاء قرار التطبيق الكامل للقوانين الإسرائيلية على سكانه الفلسطينيين حتى العام 1981، إنما دون اعتبارهم "مواطنين" بل "مقيمين" في "العاصمة الأبدية والموحَّدة لدولة إسرائيل".
عكس قرار السيطرة على الشطر الغربي للقدس العام 1948، وقرار ضم شطرها الشرقي العام 1967، خطة صهيونية مبيتة لتهويد القدس وتغيير معالمها الجغرافية والسكانية والحضارية والعمل الممنهج على تفريغها ما أمكن من سكانها وقياداتها الوطنية السياسية والمجتمعية.
وكان ذو معنى سياسي كبير اقتران ضم شطرها الشرقي بنقل مقر محكمة التمييز الاردنية من القدس إلى رام الله وإحلال "المحكمة المركزية" الإسرائيلية مكانها، ما قاد إلى إضراب الغالبية الساحقة من محامي وقضاة الضفة بمن فيهم المقدسيون عن المرافعة امام محاكم الضفة والقدس أو العمل فيها حتى العام 1994.
شكلت اجراءات الخطة الصهيونية تجاه القدس انتهاكاً صارخاً لحساسية مكانتها الدينية والحضارية التي بفعلها اضطر صانعو القرار الدولي 181 لوضع المدينة تحت وصاية دولية للحيلولة دون تغيير معالمها.
رغم ذلك ظلت حساسية المكانة الدينية والحضارية للمقدسات الإسلامية والمسيحية بمثابة لغم تجنبت حكومات إسرائيل المتعاقبة التمادي في الاقتراب منه خشية أن يشعل انفجاره حرائق يصعب السيطرة عليها.
يشي بذلك قبول حكومات إسرائيل بألوانها ببقاء الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى وحرمه الشريف كما تم التأكيد عليه في "معاهدة وادي عربة للسلام" بين الطرفين في العام 1994.
فقادة إسرائيل رغم ما بيدهم من عوامل قوة هائلة بالمعنى الشامل للكلمة، ورغم ما يميزهم من صلف سياسي قل نظيره وتشدد أيديولوجى لا يضاهى وعقلية توسعية عدوانية فالتة من كل عقال، ورغم ما فرضوه من وقائع استيطانية وتهويدية في فلسطين عموماً، وفي قلبها القدس خصوصاً، يدركون أن التمادي في الاعتداء على المسجد الأقصى، (مثلاً)، كان السبب المباشر لاندلاع "انتفاضة البراق" العام 1929، وهبة النفق، 1996، بسبب الحفريات تحت الحرم، وانتفاضة الأقصى، 2000، بسبب زيارة شارون الاستفزازية لباحات المسجد.
لكن ما يجري الآن في القدس وحرمها خصوصا من محاولات سن تشريعات لفرض السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى وإطلاق العنان لغلاة المستوطنين وممثليهم في الحكومة و"الكنيست" لاستباحة الحرم القدسي، هو، وإن جاء ترجمة لنوايا مبيتة وتوق قديم جديد للاستيلاء على الحرم القدسي أو تقسيمه، إلا أنه لم يكن ليكون بهذا المستوى من العنجهية لولا ما يسود مراكز القوة العربية من انكفاء على الهموم والقضايا الداخلية، بما زاد الحالة الفلسطينية المنقسمة على نفسها والمرتهنة لخيار التفاوض العقيم المدمر ضعفاً على ضعف، ولولا غبطة قادة إسرائيل وحكومة المستوطنين فيها مما يجري من حرف لبوصلة الانتفاضات الشعبية العربية على يد الجماعات التكفيرية الدموية التي تتاجر بالقدس وتطعنها في القلب، وتتلطى باسمها وترتكب كل صنوف الفتن والحروب الطائفية والمذهبية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر وليبيا وتونس والحبل على الجرار.
فقد قلبت هذه الجماعات معيار المقاومة والجهاد حيث لم يعد لفلسطين وقلبها القدس أي مكان في تفكيرها وأجندتها، رغم أن كثيرا منها ينتحل مسميات تنتسب إلى القدس وبيت المقدس... الخ.
على أية حال، صحيح أن محاولات سن تشريعات للسيطرة على الحرم القدسي وتقسيمه مكانيا وزمانيا، وإنهاء الولاية الأردنية عليه، دونها "خرط القتاد" حتى تتحول إلى قوانين سارية، لكن الصحيح أيضا أن مجرد الإقدام على المحاولة، إنما يشكل تمهيداً لاستدخال الفكرة إلى الوعي الفلسطيني والعربي والعالمي، بحيث يصبح تكرار الاستباحة الميدانية والسياسية والقانونية أمرا معتادا من شأنه أن يكرر ما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل بعد المجزرة العام 1994، التي عوض أن تفضي إلى طرد المستوطنين من قلب المدينة، استخدمها قادة إسرائيل لتمرير مخطط مبيت لتقسيم الحرم الإبراهيمي.
إن تعود قادة إسرائيل على تجريع العالم مخططاتهم الصهيونية بشكل تدريجي بات سمة وعنوانا لسياساتهم اليومية.
إذ ألم تتنفس غولدا مائير الصعداء رغم قلقها السياسي عندما جاء رد الفعل العربي اقل بكثير مما توقعت بعد جريمة حرق الأقصى العام 1969.
لقد رسمت مائير سياسة التمادي في استباحة القدس والأقصى وكل المقدسات مع الاطمئنان إلى ضعف الرد العربي وشكليته.
ما يتعرض له المسجد الأقصى من استباحات سياسية وميدانية غير مسبوقة إن هو إلا جزء من عملية التهويد المستمرة والمتصاعدة للقدس.
فبعيدا عن العموميات، ثمة اليوم سوق سياحية يهودية كبرى تقع في الأنفاق تحت الأقصى.
سوق قتلت أسواق المدينة القديمة، وثمة مظاهر أخرى كثيرة تجلل شوارع المدينة بالحزن والخواء، وثمة عملية تفريغ ممنهجة للمدينة عبر تسهيل البناء الفلسطيني في مناطق مقدسية خارج جدار الفصل، ما يحولها إلى مناطق جذب للجيل المقدسي الجديد.
خذوا مثلاً كيف تحولت ضاحية كفر عقب المقدسية المتاخمة لرام الله إلى مدينة سكنية مكتظة بأبناء القدس الذين أعيتهم تعقيدات الحصول على رخصة بناء مسكن في المدينة، ما يعني أن مجرد إعلان أن حدود القدس هو الجدار سيحرم كل هؤلاء المقدسيين بجرة قلم من حقهم في الحياة أو الوصول إلى المدينة.
وهنا تكون النتيجة تفريغ المدينة من عشرات آلاف المقدسيين. ناهيك عن دلالات قرار وزارة الداخلية الإسرائيلية ولأول مرة منذ العام 1967 تحديد مدة صلاحية الهوية المقدسية بعشر سنوات، فضلا عن دلالات قرار وزارة المعارف تطبيق المنهاج التربوي الإسرائيلي على مدارس القدس كافة بعد أن كانت تسمح بتدريس المنهاج الأردني ثم الفلسطيني منذ نشوء السلطة الفلسطينية العام 1994.
خلاصة القول: لئن كان كل ما جرى من استباحة ميدانية وسياسية وقانونية للقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية منذ العام 1948 وحتى اليوم صدى لصوت مخطط صهيوني قديم جديد لتهويد القدس وفرض تسليم العالم بخرافة أنها "العاصمة الأبدية الموحدة لدولة إسرائيل" المطلوب الاعتراف بها "دولة للشعب اليهودي"، فإن تصعيد هذه الاستباحة الميدانية والقانونية إنما يشكل وجهاً من أوجه سياسة حكومة المستوطنين القائمة في إسرائيل الطامحة لفرض مواقفها الصهيونية التعجيزية يشجعها على ذلك الضعف غير المسبوق في واقع راهن الحالتين الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، عدا التبني الأميركي الرسمي العلني لهذه المطالب الصهيونية.
وهو التبني الظاهر بلا لبس أو إبهام في ما يتسرب من بنود "خطة كيري"، منها اعتبار ضاحية بيت حنينا عاصمة دولة فلسطين التي يراد لها ألا تحمل من مفهوم الدولة المستقلة والسيدة غير الاسم.

هل يحل ربيعنا المتأخر؟
بقلم: توفيق وصفي – الايام
تنكشف قواعد اللعبة في الاستراتيجية الفلسطينية الدائرة في فلك الاستراتيجية الأميركية الشاسعة في لحظة ابتزاز أخرى، ينشط عندها أبطالٌ يعشقون إسرائيل كمارتن انديك، الذي يذكرني بشيلوك شكلا ومضمونا، وهو يترقب حصة في تعويضات اليهود القادمين من بلاد عربية، التي يريد أن يقايض بها تعويضات اللاجئين الفلسطينيين عن حقهم في العودة.
عما قريب، سيجد الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية أنفسهم أمام اختبار تاريخي، يتعلق بمدى تمسكهم بأبرز عناصر القضية الوطنية، تحت وطأة الطرد من بيت الطاعة الأميركي، الذي ليس لنا في استراتيجيته موقع ثابت، كوننا شيئا تكتيكيا على الدوام بالنسبة لأميركا وحليفتها الغالية إسرائيل، ولعلنا كذلك لدى أنظمة الأشقاء العرب.
قلبي كمعظم الفلسطينيين مع الرئيس في رحلته، وأخشى أن يكون نتنياهو قد أوغر صدر الإدارة الأميركية عليه، ليلفي نفسه محاصرا بطلبات إسرائيل باللغة الانجليزية وإملاءات واشنطن.. لعله سيستعيد تحت الإلحاح المقترن بالتهديد ما عاشه سلفه الشهيد أبو عمار قبل نحو عقد ونيف، حين لم يكن الوضع الوطني كما هو عليه الآن من تفكك وانحسار، وسيدرك الرئيس أنه الآن أقل قدرة على المناورة، بعد أن تحول النضال الوطني برمته إلى أهداف تكتيكية تناحرية للقوى الفلسطينية، أساسها استهداف الآخر ومنازعته على دوام الحال.
كانت وحدة الموقف الرسمي والفصائلي والشعبي الفلسطيني من أبرز قواعد اللعبة السياسية في مسار الكفاح الفلسطيني المعاصر، منذ انطلاقة الثورة في العام 1965 كموعد حقيقي فعلي للانطلاقة العسكرية والسياسية للشعب الفلسطيني، وخصوصا حركة فتح، مقرونة بقاعدة استقلالية القرار والفعل الفلسطيني، وليس كما نظّر كثيرون خلق "قاعدة" آمنة للثورة، لولا أن قيمة ورقة الوحدة والموقف المستقل تراجعت مع الانقسام السياسي وانحسار التعاطف الشعبي مع مختلف الفصائل والقوى، من جراء الفشل الذريع للفعل السياسي الفلسطيني عموما.
تذهب القيادة إلى استحقاق خطير ووراءها شعب منقسم، يعيش حالة من التسول الجماعي، يتعطش مئات الآلاف من أبنائه إلى حياة كريمة ومستقبل ذي معالم، يبيع كثيرون منهم أي شي لشراء غذاء أو دواء، وثمة من يسرقون للغرض ذاته، وثمة من يقتلون ويُقتَلون.
المهمة عسيرة وغير آمنة، بيد أن عيون أغلب أفراد الشعب الفلسطيني ستكون شاخصة إلى ما يحدث في واشنطن، مترقبة عبورا فلسطينيا ناجحا للاختبار، وهم يتمتمون "لا تساوم ولا تفرط ولا تتنازل"، وفي الوقت نفسه "لا تكن عدميا"، وسنراهم ينتشرون في الشوارع والساحات لإعلان مؤازرتهم لقيادتهم عند أدائها ما يؤكد أهليتها لقيادتهم وتمثيلهم، بالرغم من إدراكهم أننا نلعب مكشوفي الظهر، فكل من ننتظر مؤازرتهم منشغلون في ربيعهم، وإسرائيل تعبث بنا على الأرض وفي السماء وفي البحر، في الأقصى والحرم الإبراهيمي وغيرهما من المقدسات والحرمات.
اطلالة عربية - كذبة التطبيع
بقلم: ابراهيم عبد المجيد – الحياة
بين وقت وآخر ينفجر في مصر الحديث عن التطبيع ويكون السبب زيارة أحد الفنانين أو الفنانات للضفة الغربية, أو أحد الصحفيين, ونادرا أحد الكتاب. وكان آخرها منذ شهرين تقريبا الحديث بمناسبة زيارة وفد من الصحفيين الى الضفة الغربية من الأرض المحتلة وزيارة القدس حيث أعلنت نقابة الصحفيين المصرية بإعلان أنها ستقوم بالتحقيق مع الوفد الصحفي الذي سافر الى فلسطين لأن ذلك يعتبر تطبيعا. والحقيقة أن الموضوع لا يخص نقابة الصحفيين وحدها لكن أيضا وتقريبا كل النقابات المهنية وغير المهنية وعلى رأسها نقابات مثل السينمائيين والموسيقيين والممثلين وكذلك اتحاد الكتاب. وطبعا قد يلتقط البعض هذا المقال ويقول الحق دعوة للتطبيع!. لكني طبعا لا أدعو الى ذلك. فقط أنبه الى أشياء مهمة مثل ما معنى القطيعة مع الفلسطينيين. وما معنى أن يتم الحديث عن التطبيع مع شخص دون آخر. مثلا الشاعرهشام الجخ ذهب الى الضفة الغربية وقابل أبو مازن ولم يقل أحد شيئا. ومن قبل منذ سنوات حضرعلاء الأسواني معرضا للكتاب في فرنسا كانت اسرائيل فيه ضيف شرف. لم يقاطعه بل قام بتوزيع بطاقات تدين العنف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين ولم يعترض أحد اللهم إلا مقال للأستاذة مديحة عمارة في جريدة العربي الناصري. وبالمناسبة جميع المعارض الأوروبية والأميركية التي يذهب اليها الأدباء اسرائيل تكون مشتركة بها لكن الأدباء لا يقتربون من جناحها ولقد حدث ذلك معي ومع كل الكتاب تقريبا ممن يلبون دعوات الى أوروبا واميركا. كما أن عددا من الفنانين ذهب إلى الضفة الغربية من قبل ولم يتحدث أحد. لم يتحدث الأدباء أصحاب الصوت العالي ولا الفنانون ولا الصحفيون. وانا طبعا لا أدين أحدا لكن فقط أوضح أن مسألة المعارضة ليست مبدأ في كل وقت! الفلسطينيون في عزلة عربية يتمناها العدو الاسرائيلي قبل غيره. الحجة القديمة كانت أن العبور للضفة أو غزة يعني ختم جواز السفر بختم اسرائيل. ومعروف أن العبور للضفة من الأردن لا يستدعي ذلك والعبور من رفح المصرية لغزة لا يستدعي ذلك أيضا. والآن أفكر معكم إلى متى سنظل نقاطع الشعب الفلسطيني. وما ذنب الفلسطينيين لا نؤازرهم إلا كلاما في كلام. ثم نظرة للتاريخ توضح لنا مثلا أن بريطانيا كانت تحتل مصر ولم تنقطع زيارة المصريين لها ولا البعثات إليها. الأمر نفسه بالنسبة لفرنسا وما كانت تحتله من العالم العربي. وأنا طبعا لا أدعو لزيارة اسرائيل بناء على ذلك. فقط أدعو هذه النقابات الى أن تفتح حوارا موضوعيا حول التطبيع. هل الفلسطينيون جزء منه؟ وإذا لم يكونوا كذلك وهم ليسوا كذلك فكيف تكون اللقاءات معهم. الفلسطينيون في الضفة وغزة في عزلة عن إخوانهم العرب. ولقد قلت ذلك في مصر اكثر من مرة لكن لا أحد اهتم ولذلك أدعو وزارة الثقافة الفلسطينية الى أن تفتح حوارا مع النقابات المهنية في مصر عن معنى التطبيع وتبدأ بالحوار مع اتحاد الكتاب المصري الذي رئيسه رئيس اتحاد الكتاب العرب. ربما نتجاوز يوما قريبا هذا الخلط بين الفلسطينيين واسرائيل ونستريح من اللغط وممن ينتظرون في الأركان والزوايا لمهاجمة زملائهم لا لشيء الا لانهم فكروا ان يزوروا اهلهم وأصدقاءهم الفلسطينيين. ثم كيف ندعو الى وطن فلسطيني ونقاطع ترابه * روائي مصري




على الخط الصحيح
بقلم: عدلي صادق – الحياة
اختفت صباح أمس، حيثيات موقعي على شبكة العنكبوت، وحلّت بدلاً منها، رسالة بذيئة من صهاينة لخصوا أمرهم وأمرنا معهم، بالقول الموجز التالي بالانجليزية: لقد اغتَصَبك «الهاكر» ويهمنا التأكيد، على أن جميعكم يستحقون الموت. الموت للعرب. ان كلاً منكم، يولد من بطن عَنـزة.
وبالطبع، لم تزعجني هذه الرسالة البذيئة. بل بالعكس أراحتني لأنها برهنت من جديد على فاعلية ما نكتب، وأكدت مرة أخرى، على عنصريتهم التي تجعل البشر نوعين، واحدا يولد من بطون الماعز، والآخر تلده أمه الآدمية. انهم يتابعون ما سطورنا بالحرف، ويتطيرون منها لأنها صنوْ الحقيقة والمنطق السوي، الذي يقابل منطقاً ظلامياً يتغذى من أساطير، ومن روح عفنة، ويستأنس بالقوة الامبريالية العظمى، وهي زائلة حسب سُنن التاريخ المحتَّمة.
من بين اللقطات المشجعة التي أعتز بها، ثلاث لقطات تضاهي كل منهما رسالة «الهاكر» البذيئة. ففي يوم 11 أيلول عام 2001 كان نتنياهو ـ بالمصادفة ـ في واشنطن، بعد أن خرج من السلطة، اثر هزيمته في انتخابات «الكنيست» الخامسة عشرة، في العام 1999. فقد استقال من حزب «الليكود» ومن «الكنيست» نفسها. وجاء الهجوم المروّع على برجي التجارة في نيويورك وعلى «البنتاغون» مقر وزارة الدفاع الأميركية في ولاية فرجينيا؛ فيما رواية نتنياهو وشرحه لما حدث، جاهزتان في حقيبته، سواء حدثت هجمات أو لم تحدث. ذهب لمقابلة لجنتي الشؤون الخارجية والأمن في مجلس النواب، واذا به يقرأ عليهم نصف مقالة لي نُشرت في صحيفة «الحياة الجديدة». فقد تعمد أن يحجب النصف الثاني، لأن خلاصة المقالة، ستنسف شرحه الكيدي للسطور التي كانت بعنوان «سلام مع النفس» وفيها رويت قصة مناضل فلسطيني من الناصرة، أعدمته السلطات البريطانية شنقاً في عام 1934. فعندما أبلغت سلطات الانتداب الشاب الفلسطيني بموعد الاعدام، كتب لوالده بتلقائية وبأريحية عالية، رسالة يبلغه فيها أن جثته ستصل مساء اليوم المحدد الى الناصرة للتشييع. وقد تضمنت صيغة الرسالة، عنصر طرافة سيمتزج بألم كل من يقرأها: والدي العزيز، بعد تقبيل يدكم الطاهرة، ان سألتم عني فانني والحمد لله بخير، اذ سانتقل الى رحمة الله في يوم الثلاثاء لأن الحاكم العسكري وافق على اعدامي في الساعة الثامنة من صباح يوم..». ويتوسل الشاب في رسالته عفو أي انسان من «البلد» تسبب له في أي ازعاج، ويتمنى أن يجري التشييع بهدوء وأن يحتشد له الأحباء من المواطنين». وضمن تعليقي على الرسالة، التي بعثها المناضل الى عنوان جار مسيحي لهم، أشرتُ الى الأخّوة الفلسطينية بين المسلمين والمسيحيين في وطنهم. وكان هدفي من المقالة، شرح حقيقة أن المناضل الفلسطيني ذاك، عاش لحظات سلام مع نفسه. ففي النصف الثاني من النص، قلت ان الفلسطيني ما زال حتى الآن، أمام أحد خيارين، اما السلام العادل، أو السلام مع النفس. لكن الكذوب نتنياهو أراد اقناع الكونغرس، أن العمل الانتحاري هو عقيدة فلسطينية، وأن الموت هو أسمى الأماني، على ما تقول أهزوجة اخوانية صريحة مع تعريف لهذه الأمنية الأسمى، بأنها «في سبيل الله» بمعنى أنها كذلك ليس حين يأتي الموت الحق وحسب، وانما لكي نسعى اليها دون رغبة في النجاة. وكان بمقدور نتنياهو، أن يغض النظر عن المقالة، وأن يأتي بمقتبسات تؤدي الغرض، من فقه الشيخ يوسف القرضاوي، الذي أفاض في شرح روعة الأمنية ووجوب اعتمادها، فيما هو في المأمن القطري ينكح الصغيرة في شيخوخته ويفتي بالزهد، ويستزيد فضلاً عن شرح الآيات والأحاديث، بأبيات من الشعر: لا يكره الموت الا مُريبٌ فهو... الذي يقرّب الحبيب من الحبيب.
يوم أن نشرت الصحافة الأميركية فحوى حديث مقالتي، وأتت على ذكر العبد لله، كنت في العريش في سيناء المصرية، وذهبت الى مقهى «انترنت» لكي أكتب مقالة عن الهجوم المروّع، وأقول ما معناه ان الهجوم لا يفيدنا. وكالعادة مررت على الصحف عبر الشاشة، فقرأت تعليق صديقي حافظ البرغوثي على تعرض نتنياهو لمقالتي في «الكونغرس» ـ ولم أكن علمت بالقصة ـ ونوّه حافظ الى ان موضوع المقال يختلف عن شرح نتنياهو له، وأن الحكاية تتعلق بالثلاثينيات وأنها تروي حدثاً أيام الانتداب البريطاني.
اللقطة الثانية يمثلها موقف ممتد، للمستعرب الأميركي جيفري فليتمان، الذي كان قنصلاً عاماً في القدس، ثم متطوعاً مع سلطة الاحتلال الانتقالية في العراق، ثم سفيراً لأميركا في لبنان، قبل أن يصبح مساعداً لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بدرجة وزير. هذا الرجل كان يقرأ مقالاتي في «القدس العربي» ثم في «الحياة الجديدة»، وقد تدخل بشكل فظ في وضعي الوظيفي، وهذه حكاية لم يحن بعد، وقت روايتها. لكن القصد أن فيلتمان، كان يتابع ويغضب ويسجل ردود أفعاله، في أحاديث مع بعضنا الذي كان يسميه تودداً واختصاراً: «جِف».
اللقطة الثالثة، جاءت مع التركيز اليومي المفاجىء على اسم محسوبكم، من قبل «نيوت غنغريتش» المتسابق على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، وهو المتطرف صهيونياً الذي ترأس مجلس النواب الأميركي في النصف الثاني من التسعينيات (ولا أدري كيف يترأس معتوه من هذا الطراز برلمان البلد الأقوى في الدنيا). ففي حملته لنيل ترشيح حزبه، لم يجد «غنغريتش» من بين كل النصوص الفلسطينية، سوى التركيز على تصريح للسفير الفلسطيني لدى الهند الذي لا يعترف بـ «حق اسرائيل في الوجود».
انقضاض «الهاكر» على موقعي الـ «ويب سايت» على الشبكة، وارسال كلمات بذيئة، معناه أننا في الخط الصحيح، ونقطة على السطر.
علامات لبنانية مضيئة
بقلم: هاني فحص – الحياة
1 - أواسط التسعينيات، كنّا في سهرة في القاهرة، حيث تحلّق علماء مصريون، دينيون ومدنيون، وكانوا أقباطاً ومسلمين، أي مصريين بما فيه الكفاية ليكوّنوا المفرد في صيغة الجمع أو الجمع في صيغة المفرد.. تحلّقوا حول الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وتشعب الحديث حتى بدا أن المصريين قد نسوا، أو أنهم لم يكونوا يتذكرون، لأنهم مصريون، أن الرجل شيعي وأنهم سنّة، وأخذوا يبسطون بين يديه خلافاتهم حول دورهم الأمثل في مواجهة تحديات النظام العالمي الجديد والعدوان الاسرائيلي الدائم، وكان يحسم أمر الخلاف بينهم فيرضون برأيه.
2 - يذكر الأستاذ محمد السماك، أنه كان في أحد اللقاءات الحوارية في إيطاليا، فبادره شخص بالسلام والسؤال عن الامام محمد مهدي شمس الدين، فتصرّف الأستاذ السماك بما فهم هذا الرجل بأنه سنّي والشيخ شمس الدين شيعي تجنّباً لما يمكن أن يحمله السؤال من مخبوء، فابتسم الرجل وقال: أعرف ذلك.. ولكني من متابعتي أعرف أنك ذو موقع أثير لدى الامام شمس الدين.. الى دهشة الأستاذ السماك ودهشتنا، أثارنا أن الرجل أستاذ في الجامعة العبرية.
3 - ينقل المقربون من المفتي الراحل الشيخ حسن خالد، أنه كان يصرح للخواص من أصدقائه ومعاونيه بأنه لا يقضي أمراً من الأمور الحساسة في شأن الوطن والمسلمين في لبنان، من دون مشورة الامام شمس الدين لأنه جرّبه طويلاً وعرف منه الصدق والنصح، وفي المقلب الآخر كان الامام شمس الدين يؤكد لخواصه حرصه على التعاون مع المفتي وثقته به.. وقصة الصلاة جماعة أثناء الاحتلال الإسرائيلي، في الملعب البلدي، والثوابت اللبنانية العشر، معروفة، ومعروف أنها من الانجازات المشتركة بين المفتي الامام الشيخ محمد أبو شقرا شيخ عقل الدروز وقتها.
4 - في الستينيات أو قبلها، كان كبار علماء الشيعة يحرصون على أن لا يغيب رئيس بعثة الأزهر في لبنان، الشيخ فهيم أبو عبية، عن مناسباتهم الدينية، حتى بلغ موقع المستشار في الشؤون الشيعية أو المشتركة، ومنها تأسيس المجلس الشيعي الأعلى، والمجلس الموحد بين السنّة والشيعة، الذي تبنّاه الشيخ فهيم وحمله الى الأزهر، ولم ينجح المشروع، ولكن الشيخ فهيم كان ناجحاً. وعندما طلب منه أهل السنّة في صور مبعوثاً أزهرياً لامامتهم، بطيب نفس من امامهم الشيخ موسى زهير بعدما تقدّمت به السنّ، وكان الشيخ موسى والامام عبد الحسين شرف الدين ومن بعده الامام موسى الصدر يشكلون جناحي العلم والتواصل في هذه المدينة ومحيطها. وحرص الشيخ فهيم على أن يختار المبعوث الأزهري بنفسه فزكى واختار الشيخ محي الدين حسن، الذي عرف فيما بعد باعتداله الشجاع وحرصه على التواصل، وعندما وصل الى لبنان تعهده الشيخ فهيم بالتوجيه فالتزم الرجل بأستاذه، وبلغ من قربه من علماء الشيعة في الجنوب أنه لم يغب عن محافلهم ولم يغيبوا عن محافله، وعندما انتهت مدة انتدابه كتب علماء الشيعة عريضة الى مشيخة الأزهر طلبوا فيها التمديد للشيخ محي الدين حسن فتمّ لهم ذلك استثنائياً.
5 - الامام عبد الحسين شرف الدين أسس المدرسة الجعفرية في صور لأسباب عدة منها الوقوف في وجه الإرساليات الغربية في المجال التربوي، ولكن الجعفرية، لم تخل طوال عمرها، من عدة من الأساتذة المسيحيين، فضلاً عن السنّة، وكان من بينهم مربٍّ من آل كنعان، الذي يمت بصلة قرابة –شقيق- اللواء موسى كنعان أحد قادة الجيش اللبناني المعروفين، وكان من مميزات موقعه الذي حدده له الامام شرف الدين في الجعفرية، أنه كان مكلفاً الاشراف على صوم طلاب القسم الداخلي، فكان يوقظهم في السحر، ويصوم معهم شهر رمضان، وينظم احتفالات العزاء في عاشوراء ويلقي خطبة يومية مقدمة لخطبة الامام شرف الدين في مجلس العزاء الحسيني.. عبد الحسين شرف الدين لجأ الى أهله في الجليل عندما طاردته سلطة الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن المنصرم بعدما أحرقت منزله ومكتبته، ومن الجليل تسلل الى مصر التي احتفت به، وبعد النكبة واللجوء لاحظ الجميع أن المخيمات الفلسطينية تعاملت معه كمرجع في أكثر شؤونها الدينية واليومية، وكان ملتزماً بفروض الوفاء والرعاية.

مـصـيــدة الـزمـن
بقلم: يحيى رباح – الحياة
سأبدا هذا المقال بخبر عادي جدا, تكرر في السنة الاخيرة مئات المرات، الخبر عن مخيم اليرموك، مع العلم ان مصطلح مخيم اليرموك اصبح غامضا جدا ومختلفا عليه، هل مخيم اليرموك هو عاصمة المنفى الفلسطيني بعدد سكان يصل الى مائتي الفا، ام هو مساحة من الارض ملاصقة لمدينة دمشق؟ وهذا السؤال مهم جدا، لان الباقين من الفلسطينيين اقل من عشرين الف فقط، وهذا التغيير الفلسطيني، أي تهجير الفلسطينيين من مخيماتهم وتجمعاتهم ليس من قبيل الصدفة، تبدو حالات اعدام المخيمات الفلسطينية منذ اعدام مخيم الكرامة، الى اعدام مخيم النبطية، ومار الياس، وتل الزعتر، والبلديات، ونهر البارد، ومن ثم مخيم اليرموك، كما لو انها احداث متفرقة، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، يوجد بينها رابط خفي او رابط واضح، تماما مثلما اختفت قرانا حول القدس أو في السهل الساحلي الجنوبي في فلسطين، اختفى السكان اولا تحت تهديد الموت، ثم اختفت المباني والعلامات والاثار, ثم اختفت حتى الاسماء القديمة.
وعودة الى الخبر الصغير العادي جدا الذي يقول: ان الاشتباكات المسلحة عادت بين جبهة النصرة الاسلامية «نوع من فروع القاعدة وبين الجبهة الشعبية القيادة العامة «فرع من فروع المخابرات السورية» والطرفان يتبادلان الاتهامات ايهما خرق الاتفاق، في الستة او السبعة شهور الاخيرة، وجدنا وفودا تذهب وتأتي، واجتماعات تعقد، واخبار تتواتر عن التوصل الى اتفاقات ناجحة، تم بموجبها اخراج عدد كبير من المرضى، والطلاب ليستأنفوا دراستهم، واطفال، وبدأت المساعدات تصل الى الاونروا التي تقوم بتوزيعها على من تبقوا في المخيم، كان المخيم قد اصبح للموت جوعا ناهيكم عن الموت قتلا بالرصاص والقذائف, وكان وقتها قد انتشر استخدام مصطلح غامض وهو مصطلح المسلحون، لم يكن المتحدثون يفصحون عن هوية هؤلاء المسلحين، الحمد لله، الان اتضح ان هؤلاء المسلحين هم جبهة النصرة ومقاتلو الجبهة الشعبية القيادة العامة، وحول القطبين تتوزع بقية الفصائل الوطنية والاسلامية, عدد كبير من الفصائل الفلسطينية بعضها كما يقال يدعم جبهة النصرة، وبعضها الاخر يدعم القيادة العامة وبعضها يقف على الحياد، يبدو من خلال هذا الوصف الذي لا يمكنني التأكد من دقته، انه لا احد من هذه الفصائل عى اختلاف مشاربها وولاءاتها يعيش في مخيم اليرموك، مكاتبهم وقياداتهم موجودة في المربع الاخضر في العاصمة، والمربع الاخضر مصطلح بدأ اولا في بغداد حيث تقيم الحكومات العراقية المتعاقبة منذ (برايمر )ممثل الغزو الاميركي الذي كان مقره في ذلك المربع قبل اكثر من عشر سنوات.
على ماذا تتقاتل جبهة النصرة والجبهة الشعبية القيادة العامة؟ وهل هما تتقاتلان فعلا، ام تتنافسان ايهما تفوز بالصفقة الكبرى، وهي ازالة عاصمة المنفى الفلسطيني التي اسمها مخيم اليرموك، وهل هذا الاقتتال في مخيم اليرموك وحوله له عند الاطراف المتقاتلة اسباب وذرائع امنية حقيقية ام ان تصفية المخيم واعدامه هو الهدف الرئيسي، ولماذا جاءت جبهة النصرة من اقصى الشمال الى مخيم اليرموك، وكيف ان الانتصارات الميدانية الكبرى التي حققها الجيش السوري في ريف دمشق الشمالي والجنوبي لم تنعكس ولو بشكل ضئيل حتى الان على مخيم اليرموك؟ وهل اتجاه الرياح يشير الى ان مخيم اليرموك لن يعود موجودا مهما انتهت اليه المعادلة في سوريا؟
هذه الاسئلة البسيطة ليست الا جزءا من سيل كبير من الاسئلة الكبرى المطروحة علينا فلسطينيا، بصفتنا الجزء الاكثر تضررا في هذا السياق الذي سقط فيه الوضع العربي كله من اقصاه الى اقصاه في مصيدة الزمن، او ضحية لمكر الزمن، حيث يداهمنا الزمن دون أدنى استعداد مسبق، غارقين في ميراثنا العميق من النفاق والاحقاد الطائفية والعرقية بحيرتنا القديمة العريقة تفور رغما عنا، فتنهار مسلماتنا الزائفة التي لا تصلح لشيء، وتنقلب المعطيات راسا على عقب، وفي وسط هذا الفوران القسري لا نتفق عربيا على شيء، لا نتفق على ماذا نكسب ولا نتفق على ماذا نخسر نعيش لحظة بلحظة ونسلم كل امورنا الى هبوب الرياح العاصفة.

هل ننتظر اقتراب الساعة وهدم المقاطعة؟
بقلم: صبري صيدم – الحياة
ساعة يعيد التاريخ فيها نفسه بسعي إسرائيل لتصعيد الأمور وافتعال المواجهة مع الفلسطينيين. ساعة تعود فيها الأيام التي سبقت اشتعال الانتفاضة وانفجار الموقف واستفزاز الفلسطينيين وامتهان سلطتهم وإضعافها أمام جمهورها واستهداف قيادتها والنيل منها وصولاً إلى حصار واغتيال رئيسها.
ساعة خبرنا تجلياتها المفعمة بهروبٍ واضح للأمام ضمن إجراءات استيطانية ممنهجة واعتقال للناشطين واستهداف للأبرياء وإغلاق للشوارع واستصدار المزيد من القوانين العنصرية وتضيق الحصار على غزة وتسريع وتيرة مصادرة الأراضي توطأة لقضم الأرض العربية التي سرقت بشكل غير مسبوق خلال العام الماضي بحيث تزايد البناء الاستيطاني بواقع 124 ضعفاً في العام 2013.
وأمام سلسلة التحضيرات التي تنهيها إسرائيل اليوم تحسباً لأي ضغط محتمل عليها في ظل خطة كيري القادمة يقف طاووس تل أبيب على عرش الآيباك في أميركا مخاطباً جمهوره، متحدثاً عن انسانية دولته المزعومة وانقاذها للسوريين الجرحى الذين يبحثون عن ملجأ من الحرب المستعرة في سوريا وعن رهافة حس احتلاله في السماح للفلسطينيين من غزة بالعلاج في المشافي الاسرائيلية ناسجاً أمام جمهوره حلقات مترابطة من لي ذراع الحقيقة وفبركة المعلومات والادعاء الباطل بالديمقراطية والآدمية، دون أن يبلغ جمهوره ويذكرهم بأن إسرائيل هي من يحتل فلسطين وليس الفلسطينيون من يحتلون إسرائيل.
كلمات طاووس تل أبيب لم تكن سوى سلسلة مترابطة من الخدع والتضليل والادعاء متحدثاً عن حدود إسرائيل بأنها حدود الأمل والانسانية وأن غيرها يمتلكون حدوداً تصدر الموت والقهر!
شطارة دبلوماسية في صياغة الكذب وامتلاك متصاعد لمهارات الأدعاء وفنون الخداع هو ما يميز خطب نتنياهو هذه الايام خاصة وهو يحضر لمعركة وشيكة مع الفلسطينيين باستفزازهم وجرهم إلى معركة المواجهة حتى يهرب من استحقاقات السلام وعودة للعب دور الضحية التي دأب المحتل عليها متهماً الفلسطينيين بالعنف.
نعم اليوم تقترب الساعة في التحضير للهجوم على الفلسطينيين وإعادة اجترار الماضي بمحاصرة القيادة الفلسطينية واتهامها بعدم الجدية ضمن فيلم محروق واسطوانة مشروخة سبق وأن شهدناهما في الماضي القريب.
ومع اقتراب الساعة واستعار نار الهجوم الاسرائيلي تقترب ساعتنا نحن بضرورة الهجوم إلى الأمام تحضيراً لاستيعاب الصدمة. ولعل أهم خطواتنا ستكون في إنجاز ملف المصالحة وترتيب البيت الفتحاوي والبدء بالاستعداد لمقاضاة إسرائيل وليس الانتظار إلى حين المباغتة.
يجب أن نمتلك اليوم شجاعة الاقدام والهجوم إلى الامام والاستعداد لمحاولات إسرائيل الهروب من استحقاقات السلام بافتعال المصائب وجر الفلسطينيين إلى مربع المواجهة.
لنمتلك اليوم عنصر المبادرة قبل أن تتدفق الدبابات على رام الله وتقصف مقراتنا الحيوية وتهدم جدران المقاطعة وتحاصر الرئيس أبو مازن.
الاحتلال لا يعرف واجب الانسحاب لكنه يعرف فنون الالتهام ولا يقبل بالتنازل لأنه لا يجيد إلا رغبة السيطرة واستفحال الطمع مدعماً ذلك بخطاب كذلك الذي قدمه نتنياهو أمام الآيباك.. فبدا كما الواثق باحتلاله والمعتد بنهمه والمفتون بغطرسته مدعوماً بآلة الكذب المعتادة.. وللحديث بقية!