المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 285



Haneen
2014-12-18, 11:39 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (285)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلية




</tbody>

<tbody>

السبت
8/3/2014



</tbody>

<tbody>




</tbody>





ما الجدوى من تمديد المفاوضات؟
بقلم: حديث القدس – القدس
نحو إنشاء صندوق ذاتي أهلي لدعم القدس!!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
شكرًا مستر نتنياهو...!!!
بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
قراءة في دليل كيري للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية
بقلم: ماجد عزام – القدس
مفاصل الحسم التفاوضي!!
بقلم: الدكتور ناجي صادق شراب – القدس
هل ينجح أوباما في الضغط على "أزعر الحارة"؟؟!
بقلم: راسم عبيدات – القدس

الأمــيــرة خـــبــيـــزة
بقلم: حسن البطل – الايام
أوهام القوة في زمن الهاي تك !
بقلم: رجب أبو سرية – الايام
عن قطر "الدينية" والسعودية "الليبرالية"
بقلم : محمد ياغي – الايام
القرم في جيب الدب الروسي
بقلم: هاني عوكل – الايام
عن تلك الكائنات الجميلة ... الفتّاكة!
بقلم: فاروق وادي – الايام

تغريدة الصباح - عن الذين كتبوا سجنهم
بقلم: عدلي صادق – الحياة
كيري: كرة يركلونها في الملعب السياسي الإسرائيلي، لماذا؟
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
المرأة في عيدها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
على أبواب قمة الكويت؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة














ما الجدوى من تمديد المفاوضات؟
بقلم: حديث القدس – القدس
لا ندري مدى صحة التقارير التي تحدثت أمس الأول عن وعود قدمها الرئيس الأميركي باراك اوباما لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل "الضغط" على الرئيس محمود عباس لتمديد المفاوضات مع اسرائيل حتى نهاية العام الحالي، خصوصا وأن هذه التقارير لم تؤكد رسميا من أي مصدر أميركي أو حتى اسرائيلي.
والمصادر الاسرائيلية في تقييمها لزيارة نتنياهو للبيت الأبيض قدمت وجهات نظر متباينة :فتحدثت مثلا عن خلافات بين الرجلين خلال اجتماعاتهما وراء الكواليس من ناحية، وركزت من الناحية الأخرى على المصافحة الحارة بل العناق بينهما أمام كاميرات وسائل الإعلام.
وهذا لا ينفي أن يكون هناك نوع من التفاهم بين الولايات المتحدة واسرائيل على تمديد المفاوضات، خصوصا وأن هذا هو الطلب الذي تقدم به رئيس الوزراء الاسرائيلي مرارا خلال الشهرين الماضيين، وكان الجانب الفلسطيني أكثر من متردد في الاستجابة له.
والملاحظ أن هناك ما يشبه الإجماع فلسطينيا وأميركيا واسرائيليا على أن المحادثات وصلت بالفعل إلى طريق مسدود. وتأكد ذلك من خلال خطاب نتنياهو أمام منظمة اللوبي الأميركية- اليهودية "أيباك"، حيث طرح أمام أعضاء المنظمة شروطه التعجيزية المتمثلة في اعتراف الفلسطينيين بيهودية اسرائيل وسيطرة الجيش الاسرائيلي على الغور وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وكلها شروط يستحيل أن يقبل بها أي زعيم فلسطيني لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل.
وما يمكن لأي مراقب أن يستخلصه من النزعة الاسرائيلية السائدة خلال المفاوضات هو أن الحكومة الاسرائيلية تحاول وتنجح في كسب الوقت عن طريق تقديم الشروط التي يستحيل على الفلسطينيين قبولها من جهة، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني من الجهة الثانية وفي طليعتها حقه في الدولة المستقلة وفي إنهاء الاحتلال العسكري والاستيطاني على كافة الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس والأغوار.
وتحاول حكومة نتنياهو أيضا كما هو واضح تمضية الفترة المتبقية من ولاية الرئيس اوباما الثانية على أمل أن يكون الرئيس
والقضية في جوهرها تتجسد في عدم وجود شريك اسرائيلي يمتلك الجدية والمصداقية ومجرد الرغبة في تحقيق السلام حتى بالسقف الحالي المتدني من المطالب الفلسطينية قياسا على السقف المرتفع لهذه المطالب خلال السبعينات من القرن الماضي وما قبل السبعينات.
والسؤال الذي يطرح نفسه بالتالي هو :ما جدوى تمديد المفاوضات إذن ما دامت المواقف الاسرائيلية المتشددة على حالها، وما دامت تسعة شهور من المحادثات على وشك الفشل في التوصل حتى لإطار اتفاق مقبول على الفلسطينيين والاسرائيليين معا؟.
وحتى لو مددت المفاوضات حتى نهاية العام وربما لعدة أعوام فإن من غير الممكن التوصل إلى اتفاق، والسبب هو أن اسرائيل لا تريد الانسحاب من الأراضي المحتلة وكل ما تقدمه من حجج وذرائع إنما يهدف لكسب الوقت وخلق المزيد من الحقائق الاستيطانية التي تلتهم الأرض الفلسطينية وتجعل من حل الدولتين سرابا لا يمكن بلورته على أرض الواقع.
والمطلوب هو الضغط على اسرائيل، وليس على الفلسطينيين، لتغيير سياساتها ووضع حد للاستيطان والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة والاستقلال، وبحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وبغير ذلك فلن تتمخض المفاوضات عن أي ثمار إيجابية ،حتى لو تواصلت بدل العام الواحد لمائة عام.

نحو إنشاء صندوق ذاتي أهلي لدعم القدس!!
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان – القدس
لا يخلو أي مجلس أو محفل أو حديث أو خطبة أو مقالة أو تصريح أو تقرير فلسطيني، من إلقاء لوم يصل حد التقريع على العرب والمسلمين وقياداتهم وهيئاتهم على قصورهم في دعم القدس ومؤسساتها والمرابطين على ثراها. واتهامهم باتهامات تنم عن نسيان وجحود تصل حد التخوين وعدم الإنتماء. ولكن كل المتحدثين لم يكلفوا أنفسهم بمناقشة دور الوضع الفلسطيني الداخلي المالي في القدس، ولا وضع الفلسطينيين في فلسطين والخارج، ودورهم في دعم القدس العربية إلى الأبد المحتلة مؤقتا. وكأن القدس العربية ليست فلسطينية بل عربية وإسلامية وبالتالي على الغير أن يساهم في دعمها، أما الفلسطيني فيكتفي بالتلقي والتشفي.
وفي ظل جفاف أو شبه جفاف الموارد العربية والإسلامية لدعم القدس، أو التحجج بذلك لأسباب معروفة وغير معروفة ، أو التراخي في التمويل، أو الحجب السياسي، أو التمييز الفصائلي، او التمييز المصلحي، أو اي سبب آخر، ألا يجدر بالمقدسيين الفلسطينيين أن يعتمدوا على ذاتهم قبل الغير أولا عملا بالقول المأثور ما حك جلدك غير ظفرك. ألا يجدر بهم أن يستبدلوا ما هو قائم بالذي هو خير أو قل على الأقل استكمال الوطني بالعربي والإسلامي. فلكل دور ووظيفة ولا أحد يحل محل أحد.
صحيح أن القدس وصمودها لا تكفيها أموال متفرقة هنا وهناك بل أموال منتظمة ومستمرة من جهات متعددة. لكن في ظل الوضع الحالي حيث الشكوى مستمرة والأمل معلق ولا يصل إلا النزر اليسير، يجب الإنطلاق نحو مفاهيم جديدة. مفاهيم تقفز عن مفهوم اللجنة المشتركة وعن كرت المؤن والهبات والتبرعات والصدقات. مفاهيم تقيم التزامات قانونية دائمة غير مؤقتة أساسها الوجوب وليس التطوع. فهذا الأمر ليس بدعة بل سنة سنها غيرنا فاشهر جامعات العالم ومراكز الأبحاث والمستشفيات لا تستطيع الإستمرار في علمها وعملها إلا عبر وقفيات وصناديق يخصص ريعها لأنشطتها. فلماذا لا يكون للقدس العربية وهي زهرة المدائن، مشروع مشابه؟!
الأمر في غاية البساطة، فنحن ندعو لقيام صندوق فلسطيني ذاتي أهلي مهني، غير حكومي، وغير فصائلي لدعم القدس وأنشطة أهلها، يتلقى الدعم من الأشخاص الطبيعية والإعتبارية الفلسطينية داخل الوطن وخارجه التي تود المساهمة فيه. وبالقطع ليس هناك ما يمنع من قبول دعم غير فلسطيني ولكن يشترط أن يبدأ فلسطينيا ويجب أن يتمتع الصندوق بالشخصية الإعتبارية وأن يكون مسجلا وبه ذمة مالية ومجلس إدارة منتخب، وهيئة عامة، ومدقق حسابات داخلي وخارجي واجتماعات سنوية وفصلية . ببساطة أن تكون للصندوق شخصية قانونية كاملة وشفافية عالية وحوكمة تامة.
أما لماذا الدعوة الآن فالرد أن كثيرا من مؤتمرات القمة العربية أعلنت عن أموال للقدس ولكنها لم ترصد وإن رصدت فهي لم تصرف تحت حجج وذرائع شتى. وغدت البيانات المشتركة للقمم العربية مجرد استعراض لأمنيات ورغبات ولا تمت للحقيقة بصلة. وغدت حكومات الدول المختلفة تتذرع بكل الذرائع حتى لا تقوم بواجبها الشرعي والقومي والإنساني وبخاصة حجة الفساد السلطوي ولا تنفك عن ترداد هذه المقولة حتى تتهرب من التزاماتها. لذلك جاءت هذه الدعوة على سبيل سد الذرائع.
السؤال الذي يطرح نفسه من أين يأتي التمويل الذاتي لهذا الصندوق المقدسي الوليد. أقولها وبكل صراحة من الفلسطينيين الطبيعيين والمعنويين في فلسطين وخارج فلسطين. ففي فلسطين شركات تجارية من مصارف واتصالات ومقاولات وبورصات تحقق أرباحا مجزية. يكفي أن نذكر على سبيل المثال أن البنوك الأردنية العاملة في الضفة الغربية لوحدها حققت في العام الماضي ربحا قدره مئة مليون دولار أمريكي. يكفي أن نذكر أن البعض يستعمل اسم القدس أو أنه أسس في القدس استعمالا تجاريا وأجهل استفادة مدينة القدس من هذا الإستعمال. هذا فضلا عن صندوق الإستثمار الفلسطيني الذي يجب أن يساهم في هذا الصندوق، فلا كانت الأموال إن لم تستعمل لدعم القدس. ولا أستثني مؤسسة " التعاون " من هذا النشاط. وليس المقصود هنا تعداد الأسماء التي يمكن أن تساهم، إنما ترد على سبيل المثال فقط، وبالقطع هي تشمل الغير الذين لم يرد ذكر اسمهم.
وحتى لا يكون هناك أدنى قدر من تنازع المصالح، فيجب الفصل بين المتبرعين للصندوق ومديروه وعماله، وبالتالي سياساته وأولوياته، وإلا غدونا لممثلين شخصيين للمتبرعين ولسياساتهم وتدخلاتهم وأهدافهم. ولفتحنا الباب واسعا لرأس المال واسعا للتدخل بدل الفصائل السياسية. وكأننا نستبدل السياف بقطاع الأرواح .
وحتى تتضح الفكرة أكثر فأكثر، نحن لا نطالب باستنزاف رأس المال لأحد،فلا يفزعن أحد ولا يرتجفن أحد، بل الأخذ من الأرباح المتحققة السنوية قدرا محددا معقولا مثل نسبة 10% منه للمساهمة في رأسمال هذا الصندوق سنويا. فما يضير هذه المؤسسات المالية التي تحقق ربحا على الأرض الفلسطينية أن تساهم في إنشاء صندوق لدعم القدس وليس لأي مدينة أخرى. وإذا كان لم يكن هناك بّد فعلى دائرة ضريبة الدخل أن تتدخل لتسهيل هذا الموضوع عبر الإعفاء الجزئي أو الكلي. فليس هناك أغلى من القدس ويجب أن يترجم هذا السمو إلى إجراءات عملية وليس صيغ لفظية طنانة ورنانة
وقد يسأل سائل لماذا هذا الصندوق أهلي؟. الجواب غاية في البساطة والوضوح والصراحة وبدون لف أو دوران. فقد سنت إسرائيل سيئة النوايا قانونا بعد " أوسلو " منعت وجرمت فيه قيام السلطة الفلسطينية من العمل في شرقي القدس. ولهذا نجحت السلطة الإسرائيلية المحتلة عبر هذا القانون البشع إغلاق العديد من المؤسسات الفلسطينية في شرقي القدس بحجة تعاونها مع السلطة الفلسطينية رغم أن شمعون بيرس وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه تعهد لوزير الخارجية السويدي بالحفاظ على هذه المؤسسات. ولكن الكلمات تذروها الرياح.
سبب آخر يدعم أهلية الصندوق، فقد تعب الناس البسطاء من تسييس الجمعيات والمنظمات والمؤسسات وتقسيم الكعكة الذي يذهب بالنشاط المهني وبالمؤسسة نفسها. ولا أخالني مطالب بتقديم أمثلة عملية على ما يجري في القدس العربية. فكل من له بصر وبصيرة يستطيع أن يلمس ذلك بدون جهد. ليس هذا خلع لأحد أو تشكيكا بأحد أو جر مغنم أو دفع مغرم. وإنما حسبة لله تعالى.
اضف ان العديد من الصناديق العربية تدفع مبالغ خيالية لصناديق أممية أو دولية تصل حد ثلث راس المال أو التبرع من أجل القيام بنشاط ما، ويخسر أهل القدس المحتاجين لكل قرش الملايين بسبب عدم وجود صندوق أهلي يتولى هذه الأموال ويديرها كم خلال نسبة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. فضلا ‘ أن تقييم أهمية هذه الأنشطة الوطنية متفاوتة بين الوطني والأجنبي.
كما أننا نلاحظ أن الممولين في الخارج محكومون بسبل وأعراف روتينية في العمل يحكمهم فيه القواعد المتعارف عليها في الظروف العادية، بينما نعيش في القدس ظروفا استثنائية بل غاية في الإستثناء. ولا يمكن أن يتناسب معها تلك الوسائل العادية بل تقتضي وسائل غير عادية تتلاءم مع الوضع الإستثنائي الذي نعيشه مع المحافظة على الشفافية والدقة المحاسبية. بل يمكن القول أن الموافقة المتأخرة التي تأتي بعد سنوات من الإنتظار تغدو عقيمة وعديمة الفائدة وسبق السيف ......
يجب على الفلسطينيين أن يبادروا لإنشاء صندوق أهلي ذي شخصية معنوية قانونية لدعم القدس يعمل في القدس ومن أهل القدس. ويجب أن يتبارى العاملون في الأرض الفلسطينية وخارجها على بذل الغالي والنفيس لدعم هذا الصندوق، ولنتوقف عن نقد الآخرين ولعنهم لأنهم لم يقوموا بما يطلبه الدين والضمير تجاه القدس، ولنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لحبيبتنا وعشيقتنا الأبدية قدسنا الحبيبة.

شكرًا مستر نتنياهو...!!!
بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
قبل ان تنقضي مهلة التسعة شهور والتي تنتهي في 29 نيسان القادم بدون حل مشرف بيننا وبين المحتل على طريقة كيري المتشائلة، قام نتنياهو باختصار المدة المتبقية وحسم موقفة من المفاوضات وقال ما كان الشعب الفلسطيني يتوقع منه قوله، و جاهل الذي كان يصدق بأن زعيماً متشدداً يريد حلاً مشرفاً لانهاء الصراع القائم بيننا وبين المحتل. والان ليس للادارة الامريكية بقيادة أوباما الذي يتكلم ولا يفعل بما يصرح به ولا السيد كيري الذي يحاول المستحيل لانهاء القضية الفلسطينية الاسرائيلية على طريقة ( الكاوبوي) الامريكية، اي القوي ضد الضعيف ، الا ان يفعل ما تريده اسرائيل على حساب صاحب الارض التي كفلتها له جميع دول العالم ما عدا المحتل.
بالنسبة لامريكا ستحاول شتى انواع الضغوط على السلطة بان تمدد تاريخ الانتهاء من المفاوضات الى مدة تزيد عن السنة او لربما لمدة انتهاء حكم أوباما، وهذه الضغوط ستبدأ بعد زيارة الرئيس الامريكي للمنطقة لمحاولة اقناع الدول العربية بالضغط على السلطة للتمديد مقابل وعود لا تقنع أحدا وسيكون رد فعل هذه الدول التي سيزورها واهمها الدول الخليجية اننا نحارب الإرهاب مثلكم ولربما اكثر منكم. جربناك في الوعود التي كنت وعدت بها الشعب الفلسطيني في اول زيارة لك للمنطقة بعد انتخابك رئيساً لامريكا، والخطاب الرنان في جامعة القاهرة بانك لن تدير ظهرك للقضية العربية الاولى، اي للقضية الفلسطينية ، وبعد عودتك لواشنطن مسحت جميع وعودك، بل بالعكس زدت كرمك للمحتل ان كان مادياً، و الكرم اللامحدود من السلاح والدعم السياسي وكأن هذه الوعود التي صرحت بها في جامعة القاهرة لدعم اسرائيل وليس اعادة الحق للفلسطينيين. و السؤال :ماذا نفذت من تلك الوعود لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي ..؟
وماذا فعلت لدعم الشعب السوري كما تدعم روسيا النظام؟ و ما علاقة التخلص من السلاح الكيماوي بوقف الدمار وقتل الاطفال والنساء والرجال من كافة مكونات الشعب السوري؟ لا شيء يذكر مع انكم الدولة الكبرى في العالم التي تقول عن نفسها بانها حامية الديمقراطية وحقوق الانسان ، ان كانت في سوريا او فلسطين.
كما ان هذه الدول ستذكر الرئيس الامريكي بان الاستمرار في دعم المحتل وبدون حل هذه القضايا الشائكة سيزيد الارهاب في هذه المنطقة وفي العالم كله ، وسيعود الرئيس الامريكي من هذه الجولة خالي الوفاض ، هذا بالنسبة للعرب.
وشكرًا للسيد نتنياهو الذي ( بق البحصة) التي انتظرناها وقطع الطريق على الرئيس محمود عباس باي حل يرضي الشعب الفلسطيني، وحتى الذين كانوا متفائلين بهذه المفاوضات التي اعطت فرصة للمحتل لبناء مزيد من الوحدات السكنية على حساب اراضينا المحتلة.
اما بالنسبة للوضع الفلسطيني، فما من شك بان امريكا ستهدد السلطة بقطع المساعدات الأمريكة وستشن حملة سياسية ولكن بدون إلزام اوروبا بقطع المعونات الاوروبية كي تبرهن امريكا بانها تقف على الحياد بالنسبة لهذه المفاوضات الظالمة بالنسبة للمفاوض الفلسطيني.
بالنسبة للجانب الفلسطيني تعتمد قوته على اربعه أمور مهمة ، اولها : السعي الجاد للم الشمل الفلسطيني وخصوصا من الجانب الحمساوي الذي يضع شروطا تعجيزية لدرجة نسف كل ما اتفق عليه في القاهرة، لذلك على حماس ان تكون ملتزمة لانهاء هذه الفرقة خصوصاً لوضعها الصعب اليوم مع مصر ، والذي كنا قد حذرنا منه سابقا من تدخلات حماس في الشؤون المصرية وخصوصاً الامنية منها، لان الشعب المصري والحكومة المصرية لن يصدقا حماس بأنها بريئة مما يحصل من التعدي على الامن المصري والذي هو بمثابة الامن الفلسطيني وحتى الامن العربي وليس لحماس الا الخروج من عباءة الاخوان في مصر ، وبهذا تكون قد تقدمت بخطوات سريعة لمصالحة مصر. وهنا نستطيع مجابهة الاحتلال، الذي يعتدي علينا يوميا حتى وصل به المطاف للاعتداء على مقدساتنا التي انعم الله علينا بها.
ثانياً: التأكد من المعونات المالية و خصوصا بان لا يكون هنالك عجز مالي بالنسبة للموظفين كي يبقى الشعب الفلسطيني صامداً امام المحتل و حليفتها امريكا.
ثالثا : على السلطة ان تكون حريصة و شفافة في طريقة صرف ميزانياتها، وان تكون النزاهة في صلب هدفها.
رابعاً : على السلطة ان تكون لديها خطة داخلية وهي عصيان مدني حقيقي وانتفاضة سلمية بكل أرجاء الوطن كي تربك المحتل معنويا و ماديا وتجعله لا ينام ليلا نهاراً و لنتذكر ما حصل في الانتفاضة الاولى والتي أربكت المحتل داخلياً وعالميا ، وكل ما زاد هذا البطش زاد العطف العربي والعالمي على قضيتنا.
اما خارجيا فواجب السلطة ان تفعل لا ان تتكلم ولا ان يكون لنا عشرات المتحدثين باسم السلطة، واول أفعالها اللجوء الى كل مؤسسة دولية تؤذي وتحرج المحتل خصوصا المؤسسات التابعة للامم المتحدة ، كما انه علينا الصمود وعدم التراجع عن اي من ثوابتنا، وعدم الاكتراث بما يصرح به غلاة الصهاينة من السيد نتنياهو الى اصغر صهيوني قادم من بلاد بعيدة ليس لها اي علاقة بأرضنا التاريخية. عكس ما يدعي السيد نتنياهو بان هذه الارض لليهود منذ 4000سنة ، وليعود للتوراة التي تقول بان هذه الارض كنعانية ، أبوها اموري وامها حثية وهي قبائل عربية، وعندما جاء العبرانيون لهذه البلاد قامت حروب طاحنة بينهم وبين ساكنيها ، فكفى جدلاً وكذباً وقلباً للحقائق التاريخية لهذه الارض العربية ....!
ان طلباتنا معروفة وهي القرارات الدولية التي ضمنتها لنا الشرعية الدولية ممثلة في الامم المتحدة، والتي اعترفت باسرائيل مقابل تنفيذها الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ان إصرار نتنياهو على يهودية اسرائيل وشطب حق العودة وبقاء جيش المحتل في اراضينا يعني ان الشعب الفلسطيني عليه الاستعداد لانتفاضة سلمية ضد المحتل في فلسطين و خارجها، والله مع الحق.

قراءة في دليل كيري للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية
بقلم: ماجد عزام – القدس
وصف وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة في كانون الثاني الماضي اتفاق الإطار الذي يعمل عليه بأنه سيكون بمثابة دليل للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الجانبين. وقد استغل المناسبة عينها للتشديد على أنه يعمل مع الرئيس باراك أوباما كي يأتي الاتفاق عادلاً ومتوازناً كونه يمثل ضرورة حيوية ومهمة للمصالح الأميركية، كما لاستقرار المنطقة.
ومن الصعوبة بمكان التشكيك في حسن نيات كيري أخلاقياً أو سياسياً، وجديته في السعي نحو اتفاق سلام نهائي. إلا أن المشكلة تكمن في مقاربته المنهجية السطحية للملف، كما في الاقتراحات والحلول التي يعرضها لجسر الهوة بين الجانبين والتي لا تتناقض فقط مع الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وإنما أيضاً مع مبادئ العدل والتوازن التي يطمح الى تجسيدها في الاتفاق العتيد.
منهجياً، يبدو وزير الخارجية الأميركي مستلباً بفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة كعنوان للحل النهائي للصراع، بغض النظر عن طبيعة هذه الدولة ومضمونها، حتى لو كانت من دون عاصمة وحدود وسلطات وسيادة فعلية، على ما قال ياسر عبد ربه الشهر الماضي. ويبدو كيري هنا وكأنه منحاز الى الشكل على حساب المضمون.
لا بد من الانتباه إلى حقيقة أن كيري يكرر في الملف الفلسطيني الخطأ المنهجي نفسه الذي اقترفه في الملفين السوري والإيراني. ففي الأول كان اهتمامه منصباً على التوصل الى اتفاق يكفل تجريد نظام الأسد من ترسانته الكيماوية من دون الاهتمام بالأبعاد الأخرى، ما أضفى شرعية على نظام ارتكب وما زال يرتكب، وبشكل منهجي، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق شعبه، ومن دون الاكتراث لتداعياتها.
وفي الملف الإيراني تبنى المقاربة المنهجية الخاطئة نفسها، حيث التركيز على فكرة تفكيك البعد العسكري للمشروع النووي من دون إبداء الاهتمام الكافي بتزايد قوة النظام السياسية والاقتصادية بعد رفع العقوبات عنه ولو بشكل تدريجي، ومن دون الاكتراث بسياساته الكارثية والتدميرية في المنطقة، والتحسب لإمكانية استغلال الاتفاق للمضي قدماً في النهج الدموي السابق الذي لا يبدو أن حسن روحاني قادر على تغييره أقله في المرحلة الراهنة.
إذاً، من الواضح أن الخطأ لا يقتصر على المقاربة المنهجية الخاطئة، وإنما أيضاً على المقاربات التكتيكية والاقتراحات التي يعتمدها وزير الخارجية الأميركية لجسر الهوة والتقريب بين المواقف المتباعدة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
بناء عليه، انطلق كيري من الصفر متجاهلاً معظم ما جرى منذ انطلاق عملية التسوية قبل عقدين، وتم التنكر بخاصة للتنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية، إن في ما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل، من دون اعتراف مقابل بالدولة الفلسطينية، أو بالقبول بإقامة دولة ضمن حدود حزيران 67، أي على 22 في المئة من أراضي فلسطين التاريخية، والتخلي، بالتالي، عن 78 في المئة منها للدولة العبرية.
معتبراً التنازلات السابقة بمثابة تحصيل حاصل، انطلق كيري إلى مساومات جديدة تنطلق من الوقائع الحالية التي فرضتها إسرائيل على الأرض بقوة السلاح والاحتلال، وهكذا يجرى الحديث عن تبادل أراض وعن بقاء ليس فقط الكتل الاستيطانية الكبرى التي تضخمت وتوسعت، وإنما حتى 80 في المئة من المستوطنين في مستوطناتهم غير الشرعية، ما يمثل جريمة حرب وفق قرار محكمة العدل العليا، فيما يجرى الحديث أيضاً عن عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية. وبالنسبة الى كيري، يبدو الهدف أن تكون الدولة على مساحة مساوية تماماً لتلك التي احتلت عام 67، حتى لو احتفظت إسرائيل بالسيطرة على المناطق الاستراتيجية والتاريخية ومنابع المياه ومصادر الثروة الطبيعية، وحتى لو كانت الدولة غير قادرة على البقاء وخاضعة تماماً للهيمنة الإسرائيلية سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
في موضوع الأمن، وإن بدا كيري عادلاً متوازناً وموضوعياً، إلا أن هذا جاء شكلياً فقط. أما في المضمون فبدا أكثر انحيازاً الى وجهة النظر الإسرائيلية، ليس فقط لجهة بقاء القوات الإسرائيلية في غور الأردن لسنوات طويلة، وإنما في السيطرة على، أو مراقبة المعابر والأجواء الفلسطينية، كما موجات البثّ الكهرومغناطيسي في سماء الدولة العتيدة. عموماً، لم ينتبه الوزير جيداً إلى حاجة الفلسطينيين أيضاً الى الأمن.
وأعتقد أن المعادلة التي يُعمل عليها الآن هي الدولة للفلسطينيين مقابل الأمن للإسرائيليين، وهي المعادلة المتماهية مع حديث نتانياهو واليمين الإسرائيلي عن الأرض مقابل الأمن، وليس الأرض مقابل السلام العادل والشامل، كما جرى التوافق في مؤتمر مدريد التأسيسي قبل أكثر من عشرين عاماً.
إلى ذلك، وقع كيري في الفخ الإسرائيلي الذي نصبه نتانياهو عبر تمسكه بشرط اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولةً يهودية، وهذا الشرط هدف إلى عرقلة المفاوضات وإفشالها أو في الحد الأدنى إفراغها من محتواها، بخاصة في ملفي اللاجئين والقدس. وقد تقبّله كيري بصدر رحب وكأمر مفروغ منه وبغض النظر عن تناقضاته الصارخة مع المواثيق والشرعية الدولية، وصولاً إلى ابتداع التخريجات لقبوله فلسطينياً، ولو بشكل غير مباشر عبر الجامعة العربية.
وقبل ذلك وبعده، مارس كيري مقارباته المنهجية والتكتيكية وفقاً لمبدأ رئيسه أوباما القاضي بالانسحاب من المنطقة والحفاظ على أدنى قدر من الانخراط في أزماتها ومشكلاتها والجبن عن استخدام القوة بأي حال من الأحوال، بخاصة في مواجهة الطرف القوى ..
وطبيعيٌ أن ما لم يفعله في مواجهة الخصوم أو من يفترض أنهم كذلك، لن يقدم عليه في مواجهة الحلفاء أو بالأحرى الحليف الرئيس في المنطقة، والاستعاضة بنصح وتحذير اسرائيل من مغبة عدم التوصل إلى حل نهائي للصراع في فلسطين وفق الظروف الحالية التي تكاد تعتبر مثالية للدولة العبرية. وهي لغة لا يستوعبها نتانياهو ورفاقه كونهم توصلوا إلى استنتاج مضاد مفاده أن لا شيء يجبرهم على تقديم تنازلات للفلسطينيين، وأنهم قادرون على تحمل ثمن إدارة الصراع باعتبار أن كلفة إدارته أقل بكثير من كلفة حلّه.
على رغم نياته الطيبة، فالمقاربات المنهجية والخاطئة لجون كيري ستحول بالتأكيد دون نجاحه في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي عادل ومتوازن، وحتى إذا حصل، فإن هذا لن يكون سوى اتفاق هش غير قابل للحياة أو الصمود على المدى الطويل.

مفاصل الحسم التفاوضي!!
بقلم: الدكتور ناجي صادق شراب – القدس
ماذا تعني الحلول النهائية لإسرائيل؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي طرحه الآن والإحتمالات تتزايد عن إمكانية التوصل إلى صيغة تفاوضية بعد اشهر قليلة .وقبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من التأكيد على مقولة أن الكل يريد السلام ، ولكن أي سلام يتم الحديث عنه؟ إسرائيل تريد السلام بطريقتها الخاصة ، وبرؤيتها التي تقوم على ركيزتين أساسيتين هما الأمن والبقاء وهو ما يعني أبعد من إنهاء الإحتلال وقيام دولة فلسطينية ،اي بصيغتها إستمرار الإحتلال وإحتواء قيام الدولة الفلسطينية.وتعني إنهاء القضية الفلسطينية من جذورها من خلال المطالبة باعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل كدولة ، وهو الإعتراف الثاني بعد الإعتراف السياسي الاول الذي أسبغ صبغة شرعية على إسرائيل كدولة .
والإعتراف الثاني يعني إنهاء لللصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالتأكيد على شرعية الرواية التاريخية الإسرائيلية دون أن تدفع ثمنا تفاوضيا لذلك. وتدرك أنها الأقوى في زمن تحولات إقليمية ودولية أفرغت القضية الفلسطينية من مضامينها القومية العربية ، وأن الإنقسام السياسي الفلسطيني كفيل أيضا بإجهاضها فلسطينيا وأنها الاقوى في المعادلة التفاوضية ، لذلك ليست على عجلة من أمرها ، وتعتقد أنها تملك خيارات أحادية قادرة أن تفرضها على الفلسطينيين.
والفلسطينيون يريدون الأمن والبقاء ، وهذا لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، لأن قاعدة السلام الجوهرية تقوم على معادلة بسيطة وواضحة : قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي مقابل ضمان إسرائيل أمنها وبقائها ، ولا أحد يتعارض مع هذه المبادئ، لكن حتى يتحقق أمن إسرائيل لا بد من قيام الدولة الفلسطينية ، ولكن المعضلة تكمن في رؤية إسرائيل لأمنها وبقائها تعني إلغاء الحقوق الفلسطينية. وتركز الرؤية الإسرائيلية على المبادئ التالية :
الإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة بكل ما يتضمنه هذا الإعتراف من إسقاط للحقوق التاريخية للفلسطينيين ، وإسقاط مسؤولية إسرائيل عن قضية اللاجئين، وان تبقى الدولة الفلسطينية بلا صلاحيات أمنية أو عسكرية ، أي دولة أقرب إلى مفهوم اللادولة في الفكر الليكودي، والبقاء الدائم في منطقة الأغوار وفصلها عن الدولة الفلسطينية ، مما يعني دولة من منظور قانوني وأقل من دولة من منظور السيادة وممارسة السلطات. وضم كل الكتل الإستيطانية الكبرى وهو ما يعني الحفاظ على ما يقارب تسعة في المائة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، والقدس, بل وشرعنة الإستيطان ، واعتباره حقا مقدسا لا يمكن التنازل عنه. والتمسك بالقدس عاصمة موحدة وغير قابلة للتقسيم؟
هذه الشروط تجعل المفاوضات بلا مضمون سياسي ، وتلغي أي مطالب فلسطينية وخصوصا بالنسبة لقضية اللاجئين. وتحول المفاوضات غاية في حد ذاتها. وباستقراء تطور العملية التفاوضية نجد أن إسرائيل وعبر كل حكوماتها المختلفة كانت تربط وما زالت بين السلام والمفاوضات والقوة العسكرية والإعتبارات الأمنية ، ومعنى هذا أن السلام الذي تريده إسرائيل يقوم على التفوق العسكري ، والإمتداد الإقليمي والنفوذ والسيطرة . وفي يقيني ان المشكلة لا تكمن في الإعتبارات الأمنية في حد ذاتها ، أي أن الإعتبارات ألأمنية لو تمت مناقشتها مقابل الإعتبارات الأمنية للطرف الفلسطيني ، ما كانت تشكل عائقا. ولكن إذا تم ربطها بالغاء الحقوق الوطنية للفلسطينيين ، بما فيها قيام الدولة عندها تصبح مشكلة يصعب تجاوزها.
والتساؤل ثانية ماذا يعني ربط السلام بالخيار العسكري والإعتبارات الأمنية ؟ وما علاقة ذلك بالتصورات الإسرائيلية للحل؟
وابتداء هذه النقطة مهمة في أي عملية تفاوضية ، وهي معرفة تصورات الطرف الآخر ، ومدركاته وتصوراته السياسية. وهذا التصور يعني ان تظل موازين القوى لصالح إسرائيل، ليس على مستوى الدولة الفلسطينية وهو أمر مستبعد، ولكن على المستوى الإقليمي ، والإستمرار في البناء الإستيطاني يعني أيضا أن الخيارات الأمنية والعسكرية لها الأولوية على خيار السلام، ويعني أن إسرائيل تربط بين سيطرتها على الأرض والأمن ، وهو ما يعني الإستمرار في البناء الإستيطاني ، ومصادرة الأرض، وبالتالي خلق حالة من الدولة الفلسطينية كما تريد ، وليس كما يتطلب السلام. وهذا يعني أن إسرائيل لن تخسر شيئا في المحصلة النهائية للمفاوضات ، وهي لن تقدم تنازلات جوهرية عن الأرض التي تقوم عليها إسرائيل ، وإنما تتفاوض على أرض يفترض أنها تقع في نطاق السيادة الإقليمية للدولة الفلسطينية ، ومع إستبعاد القدس واللاجئين من المفاوضات ، تبقى المفاوضات تدور حول موضوع الدولة الفلسطينية ، وكيفية إخراجها بالصورة التي لا تتعارض مع الإعتبارات الأمنية الإسرائيلية.
إذن تقوم الرؤية الإسرائيلية على ثلاثة تصورات الأول الحل المرحلي لإستحالة الحل النهائي بسبب روايتها التاريخية المتناقضة مع الرواية التاريخية في فلسطين ، وبسبب التعصب الأيديولوجي ، والرواسب السيكولوجية وعبء التاريخ ، والبديل لذلك دولة فلسطينية على مراحل ، وفي حال صعوبة هذا الحل قد تذهب إسرائيل إلى حل الإنسحاب الأحادي كما في غزة ، مع تفادي سلبيات ما حدث في انسحابها من غزة .
وهنا قد يلعب جدار الفصل وظيفة سياسية كحدود لإنسحاب إسرائيل وبالتالي حصر السلطة الفلسطينية في إطار محدد.
وأما التصور الثالث وهو الحل النهائي والذي يقوم على فرضية أنه طالما هناك قيام للدولة الفلسطينية فالأفضل السعي لحل النهائي بفرض شرط الإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة للشعب اليهودي. في جميع الأحوال لن تخرج الرؤية الإسرائيلية عن خيار قيام الدولة الفلسطينية في سياق من الإعتبارات الأمنية . والتي في إطارها قد يتم تسوية قضية مثل اللاجئين .
وأما القدس فقد يبرز الدور الأردني ليس كوسيط بل كشريك رئيس في إنهاء الصراع، وهذا يقودنا إلى فرضية أقرب إلى المسلمات أن الدولة الفلسطينية وفي حال قيامها لا تملك القدرة على توفير الضمانات الأمنية ، وهنا يأتي الدور الإقليمي على المستوى العربي ، بعبارة أخرى حل الصراع من جذوره لن يتم فلسطينيا ، بل سيتم على المستوى العربي وبدون ثمن إسرائيلي ، في سياق هذا التصور العام تأتي مبادرة إطار الإتفاق الذي يسعى وزير الخارجية الامريكية جون كيري لفرضه على الطرف الفلسطيني الأضعف في معادلة التفاوض ، وفي معادلة التحولات الإقليمية والدولية ، وهذا ما سيجعل إسرائيل تحسم هذا الصراع بطريقتها.

هل ينجح أوباما في الضغط على "أزعر الحارة"؟؟!
بقلم: راسم عبيدات – القدس
يقال في المأثور الشعبي "يا فرعون مين فرعنك"؟ قال "ما لقيت حدا يردني"، وهذا هو حال نتنياهو وحكومته فاسرائيل نشأت على أساس وإنكار الآخر، واعتبار كل شيء مباحا ومستباحا لهم، فهم مهما خرقوا القانون والأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية، هناك من يوفر لهم المظلة والحماية في وجه أية قرارات او عقوبات قد تتخذ او تفرض عليهم في المؤسسات الدولية نتيجة خرقهم واستباحتهم للقانون الدولي، وهذا الدعم اللامحدود امريكياً واوروبيا غربياً جعل اسرائيل وزعاماتها يتصرفون "ازعر الحارة" يعملون ما يحلو لهم ما دام هناك لا حساب ولا عقاب، بل مدح وتمجيد لما يقومن به. ولذلك وجدنا بأن مهمة كيري وصلت الى طريق مسدود واضحت في مهب الريح،فالمواقف الفلسطينية والإسرائيلية من التسوية ما زالت متباعدة، واسرائيل تريد فقط من المفاوضات فرض الوقائع والحقائق الجديدة على الأرض،وهي اعترفت بشكل رسمي بأن الاستيطان قد تزايد في 2013 بنسبة 123%،وهذا يعني بالملموس بأن اسرائيل وحكومتها تقوضان وتمنعان أي فرصة وأي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
فهي ما زالت ممسكة في المفاوضات بمواقفها وخياراتها،إستمرار ومواصلة الإستيطان،واعتبار القدس عاصمة أبدية لدولة الإحتلال، بل لكل يهود العالم، والإحتفاظ بالكتل الإستيطانية الكبرى، وإعتراف فلسطيني بيهودية الدولة، حيث ان نتنياهو في خطابه أمام منظمة"إيباك" الصهيونية طالب الرئيس عباس بالإعتراف بيهودية الدولة دون إبطاء ولف ودوران على حد زعمه،وعدم العودة لحدود الرابع من حزيران، والاحتفاظ بوجود عسكري ومدني في الأغوار، وبالمقابل حتى اللحظة فالطرف الفلسطيني يقول بشكل واضح دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ، وقبول تبادل متساو للأراضي ولا اعتراف بيهودية الدولة والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ولا تواجد عسكري ومدني اسرائيلي في الأغوار، ولا تنازل عن حق العودة.
تلك المواقف المتباعدة التي سيحاول اوباما في لقاءاته في واشنطن جسرها بين الطرفين،لكي يتمكن من إخراج اتفاق اطار ينقذ الجهود الأمريكية،التي بات واضحاً أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهناك قضايا كبيرة وجدية تواجه واشنطن الان تتقدم على القضية الفلسطينية،فالتطورات في أوكرانيا وفي سوريا،لها الألوية،حيث الروس يرفضون المقايضة في القضيتين الأوكرانية والسورية،ويقولون بشكل واضح بأن القضيتين، هما امن قومي بالنسبة لروسيا،والقوات الروسية فعلا دخلت الى منطقة القرم،ليس فقط من اجل حماية الأوكران من أصل روسي،بل لكون أوكرانيا الشرقية تشكل امنا قوميا لروسيا،فيها خطوط الغاز ومصانع الأسلحة الروسية،وهي مطلة على شواطىء البحر الأسود، ودخولها متسلحة بشكل شرعي بطلب الحكومة الأوكرانية الروس بالتدخل لإعادة الأمور الى ما كانت عليه،وكذلك دعم روسي عسكري كبير لسوريا والتي يحقق جيشها انجازات جدية على الأرض،وهي المنفذ الروسي الوحيد على البحر المتوسط.
مسألة الإستعصاء على جبهة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ستكون مطروحة للحل بشكل جدي عندما تنضج ظروف التسوية بين موسكو وواشنطن،ولكن قبل نضوجها فإن الأمور والسيناريوهات المتوقعة،لكي يتمكن الأمريكان من إنقاذ مشروعهم والمفاوضات من الفشل،وصوغ اتفاق اطار غير ملزم،يمهد لتمديد المفاوضات،هي قيام أمريكا بالضغط على الجامعة العربية من اجل الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل،وحينها يكون الاعتراف الفلسطيني حاصل تحصيل،ولكن اسرائيل هي تريد اعتراف فلسطيني واضح وصريح قبل الإعتراف العربي او حتى الإعتراف الأممي بها،فحتى لو توجهت للأمم المتحدة للإعتراف بيهودية دولتها،فمطلوب منها تحديد حدود دولتها،وهو لا يشكل لها نصراً او مكسبا دون الاعتراف الفلسطيني،وهذا يذكر بما اشترطته اسرائيل للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ان يجري تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني وتحقق لها ما ارادت في جلسة عقدت في غزة لهذا الغرض في عام 1996 .
أمريكا ستستجمع كل اوراق الضغط والإبتزاز على الطرف الفلسطيني على اعتبار انه الطرف الأضعف،وقوة ضغطها على الطرف الإسرائيلي محدودة،فهي ستستعين بالعرب وبأموالهم لممارسة الضغوط على الطرف الفلسطيني لتقديم تنازلات تتيح اخراج المشروع الأمريكي الى حيز التنفيذ، فالإستعصاء في هذا الملف سيضيف لمتاعب واشنطن المزيد المزيد،فهي حركت القضية الأوكرانية في وجه الروس،لتجبرهم على تقديم تنازلات في سوريا،ولكن واضح بأن روسيا لم تأبه لا بالتهديدات الأمريكية ولا الأوروبية الغربية،فدخلت الى جزيرة القرم، وهي تقول للأمريكان والأوروبيين بان أي تقسيم لأوكرانيا سيتبعه تقسيم خمس بلدان اوروبية غربية على اساس عرقي ومذهبي،ولذلك لا اعتقد بان اوروبا الغربية مستعدة لذلك هي وامريكا،ومن المرجح ان يكون هناك "جينفان" للقضيتين الأوكرانية والسورية في وسط نيسان،ربما يصبح الملف الفلسطيني،جزء من التسويات المطروحة،اذا ما فشلت الجهود الأمريكية،والتي اظن بان نسبة نجاحها متدنية جداً.
ولذلك يصبح من الملح والضروري اذا ما فشل أوباما في الضغط على "ازعر الحارة" من اجل تقديم تنازلات جدية وحقيقة تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروع للشعب الفلسطيني،فإن الطرف الفلسطيني،عليه
أن يعيد قراءاته وخياراته واولوياته،ويدرس كل الإحتمالات والخيارات على ضوء هذا الفشل،فلم يعد من المجدي عدم الذهاب الى المؤسسات الدولية من اجل إستكمال عضوية فلسطين في مؤسساتها،ورفع قضايا أمام المحاكم الدولية ضد اسرائيل على إستمرار إحتلالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني بكافة الأشكال والعناوين.

الأمــيــرة خـــبــيـــزة
بقلم: حسن البطل – الايام
"إذا نوّرت أُطعمت للحمير" وأنا واحد مثلكم من أَكَلَة الخبيزة. وعلى شرفتي "سوبر خبيزة" تتربع أميرة في قوارة ضخمة!
أشرب قهوة الصباح، وهي تشرب أشعة شمس شتاء دافئ، تصلها أكثر دفئاً من خلف زجاج شرفتي الفسيحة.. كأنها مستنبت "حماموت" تريد سمو الأميرة خبيزة ان تتأمّر فيه على الملكات المزهرات!
هذه أميرة متسللة وجدت في القوارة غذاء ملوكياً اشتريته لغيرها من "الفلاورز شوب" .. وخلطته بقليل من تربة حمراء جبلية، كانت "ملغومة" ببذور برية.
الأميرة خبيزة تتربع في قوارة هي "ربعية" برميل حديدي نويت زرع شجيرة صنوبر ألمانية فيها.
قبل ان أفعل، أطلت بادرة نبتة غريبة.. فإذا بها بطاطا؟ أبله من يزرع بطاطا في قوارة على شرفته. قرأت أن الألمان بين جمهورية فيمار ورايخ هتلر، زرعوا البطاطا على سقوف بيوتهم بدل القرميد الأحمر.
جاء الكابورال الذي صار فوهرراً، وصاح بهم: أيها الجرمانيون.. الى متى تأكلون البطاطا ثلاث مرات في اليوم، وغيركم يأكل الكافيار؟! فصاحوا "هايل هتلر. ألمانيا فوق الجميع". هيا الى كافيار بحر قزوين لنأكله بالملعقة".
قلعتُ البطاطا البلهاء، لكن من يقوي قلبه على اقتلاع نبتة بندورة في القوارة؟ أزهارها عيون طفل واسعة تتوسل. تنوّر وتتكوّر ثماراً بنسق عجيب. لتنتظر شجرة الصنوبر عاماً آخر. الولد انبسط من "بندورة سوبر" على الشرفة (أطول منه) والأصدقاء تذوقوا "بندورة بطعم البندورة".
جاء دور الأميرة خبيزة في حق الحياة بالقوارة. نبتة فطرية جدا. مسالمة، قنوعة.. فلو أنها هددت حياة نبتة الحبق البري، في الطرف الآخر من القوارة، لأجهزتُ على روحها.. باعتباري من أكلة الخبيزة، وكمثقف صغير من أنصار الحبق البري.
خلال شهر لا غير، شبّت الخبيزة من شتلة قميئة الى أميرة نباتات الزينة على الشرفة. أسقي خبيزتي ماء سخياً، لأغيظ خبيزات حقول، تحتها بطبقتين، لا تزال قزمة في شتاء شحيح المطر.
فوجئت، بالأمس، ان الأميرة توشك على البلوغ. يقولون: "البنت نوّرت" أي ستصير ناهداً.. وكاعباً.. وامرأة ولوداً. النبتة توشك على التنوير.. لتورّث الإمارة الى ذراريها إذا لم أفترسها. ماذا أفعل؟ أزيح الستارة لتشرب مزيداَ من ضوء الشمس!
تتسع الشرفة لما أحب وأريد من نباتات الزينة. سأترك الخبيزة وشأنها. ربما ستتطاول قامتها على قامتي، فأخلدها بصورة في أرشيفي .. وليس لموسوعة "غينيس".
قرأت أن رجال الأعمال اليابانيين يزرعون شجيرات زينة قميئة في قوارات مكاتبهم الفخمة. وبعضهم يزرع شتلة فليفلة أو بندورة، ثم يتبارون في التغني بها بين صفقة خاسرة صغيرة، وأخرى رابحة وكبيرة.
صديقي مثقف كبير، زرع في شرفته شجيرة خروع، من لا يكره مذاق الخروع؟ غير أن أوراقه مدهشة في سرعة النمو (الماء والخضراء والوجه الحسن).
الخبيزة تنمو مطمئنة إليّ، ومطمئنة على سلامة حياتها من أسنان الماعز والحمير والبقر. صارت تنمو خرافياً، حتى أنها نوّرت في كانون الثاني.
صيفية بندورة، خريفية بطاطا.. وها هي شتوية خبيزة في قوارة لعينة واحدة. الخبيزة تظل بطعم الخبيزة.. خلاف البندورة والبطاطا "المؤدلجة" وراثياً.
حتى الآن، لا تشكو نبتة الحبق البري من تآمر الخبيزة. لو شَكَت لطوّحت بالإمارة والأميرة لصالح الحبقة التي زرعتها أميرتي الحبيبة، وصارت تداعبها بأناملها.. وأنا أشم الحبق من الحبق على أيد من الحبق!
"اذا نورت أُطعمت للحمير" غير أن المثقف البيئوي مثلي قد يحب قهوة الصباح مع خبيزة تشرب أشعة الصباح. مذاق القهوة يظل كما هو، والخبيزة مذاقها كما هو.. بينما مذاق كثير من الخضار صار مثل مذاق كثير من الأفكار التي لا تنور، ولا تكبر، ولا تخلّف.. ولا تريد أن تموت.!
على ساحل غير مطروق في تونس، صادفت قرنفلا بريا. قزم القامة. عشوائي النمو .. وله رائحة لا ينساها خيشومك، ولا يجدها في دكاكين الزهور. القرنفل لم يعد القرنفل. الخبيزة تظل الخبيزة. حكمة صغيرة من فن البقاء في الحياة.. إذا لم يروض الإنسان النباتات طلباً للوفرة على حساب النكهة.
قرأت استطلاعاً أميركياً طريفاً. سألوا بعض أولاد حي هارلم في نيويورك: من أين تأتي أمهاتكم بالبيض؟ بعضهم أجاب: من مصنع "السوبرماركت".
يقال: الولد يتعلم من متابعة نملة أكثر مما يتعلم من برامج مايكروسوفت، والمثقف الصغير والفقير مثلي، يتعلم من نبتة الخبيزة خيراً من تعاطي أفكار نيئة، أو سيئة الطبخ، أو رديئة المذاق.. مدجنة أو مؤدلجة.
أوهام القوة في زمن الهاي تك !
بقلم: رجب أبو سرية – الايام
صفقة شراء " واتس أب" من قبل المجموعة المالكة للفيسبوك، بمبلغ وصل الى تسعة عشر مليار دولار، تدعو إلى التأمل والتفكير لكل من يمتلك عقلاً منفتحاً، ومن يراقب بهدوء ودون صخب، بل وحتى دون دافع براغماتي، له علاقة بالتوظيفات السياسية المعتادة والمعروفة في بلادنا، وحتى بشكل عام، كذلك إعلان تقرير "الفوربس" السنوي عن اعتلاء بيل غيتس، صاحب ميكروسوفت، قمة أغنى أغنياء العالم، يشير بكل وضوح إلى أن عالم اليوم قد تغير كثيراً عن عالم الأمس، وان التغيرات التي يشهدها العالم، في مراكز القوة الكونية، إنما هي في حالة من التسارع الضوئي، لم يعد معه ممكناً، الارتخاء والاستمرار في رفع الشعارات الخادعة، التي تتوافق مع ما هو قائم من جهل عام، ما زال يظن معه جل العرب ومعظم المسلمين أنهم يعيشون في هذا الكون وحدهم !
أن تدفع الفيسبوك لشاب كان قد تقدم لها بطلب وظيفة قبل بضعة أعوام فقط، مبلغاً يتجاوز ميزانية دولة شرق أوسطية، لا بد أن يعني الكثير، كذلك لا بد من التأمل بهدوء وبشيء من العمق فيما تقدمه شبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك تقنيات الاتصال الحديثة من خدمات وما تحققه من ثروة، بات تحققها والحصول عليها خارج دوائر الرقابة والمتابعة، بما يعني ان أجهزة الدولة القائمة باتت عاجزة وغير قادرة على التحكم تماماً في تطورات الأمور وفيما يحدث من اتصال وتواصل بين البشر، ولا بد من الانتباه إلى أن شبكات وبرامج الاتصال والتواصل تقدم خدمات كثيرة للعديد من المؤسسات والدول، وليس فقط للأفراد، ولا يظن أحد أن هناك شيئاً يقدم مجاناً، بما في ذلك فتح صفحة الفيسبوك او الحصول على البريد الإلكتروني، وحتى جوائز مفتاح علي بابا، وبرامج المسابقات الفنية إنما تجمع أموالاً طائلة، من خلال الرسائل القصيرة، ومن خلال الإعلانات.
يكاد العالم بأسره أن يكون قد تفاعل مع ما بعد الحرب الباردة، ودخل او تجاوب مع متطلبات العولمة، إلا معظم العرب وأغلب المسلمين، ولا يغرنك ما تراه من استخدام للتكنولوجيا الحديثة، ولا ما تستهلكه دبي او الدوحة من أجهزة جالاكسي ولا من الاستخدام الفوري للبرامج المنتجة حديثاً، واتس أب، أو سكاي بي أو ما إلى ذلك، المهم أن بلادنا ما زالت خارج دائرة الإنتاج بكل أشكاله ومستوياته، ويزيد اعتمادها يوما بعد يوم على الخارج، ليس فقط في استخدام وسائل الاتصال والتنقل والأجهزة الإلكترونية والكهربائية الحديثة وحسب، ولكن فيما يخص ما تأكل وتلبس، ويكفي أن نشير إلى أنه حتى " المسبحة " التي يضعها العربي / المسلم في يده ليسبّح بها، لا تتم صناعتها على بساطتها في دولة عربية، وان منتوجات الصين وتايوان، كوريا واليابان باتت جنباً الى جنب مع العمال الآسيوين والخادمات الآسيويات في كل بيت عربي وفي كل شارع وحارة، بلدة او قرية أو مدينة.
لم يعد يكفي الحديث إذن عن أن الغرب يسبقنا بالتقدم الحضاري، من حيث ان للأمر مبرراته التاريخية، حيث نهضت أوروبا ومن ثم أميركا، حين غفا العرب، وعاشوا في سبات عميق أربعة قرون، إبان الاستعمار العثماني / التركي، ولكن ها هي شرق آسيا، التي لا توجد فيها _ بالمناسبة _ ثروات طبيعية، مثل النفط او الغاز، كذلك دول أميركا اللاتينية، تتقدم في الحقل الاقتصادي، الذي بات هو ميدان التنافس الحقيقي بين الدول والشعوب، وهو ميدان العولمة في الوقت ذاته الذي يوحد العالم، حيث لا قومية للثروة !
حفاظ أميركا على نفوذها وقوتها العالمية بعد الحرب الباردة، تحقق من خلال إنتاج البرمجيات، كذلك قوة الصين لا تعود لما لديها من قوة عسكرية، ولا حتى روسيا تستعيد الآن نفوذها وقوتها ارتباطاً بكونها ثاني قوة نووية في العالم، بل بسبب ما لديها من نفط وغاز، وإذا كانت قوة قطر، ثاني بلد مصدر للغاز في العالم، أبعد شأناً من قوة مصر أو أوكرانيا التي تمتلك نحو أربعة آلاف رأس نووي ( ثاني قوة نووية بعد روسيا في دول الاتحاد السوفياتي السابق )، يتبين لنا بكل وضوح، أن عالم اليوم قد تغير، وبشكل جذري والى حدود بعيدة، يبدو ان قوى عديدة حالمة، ما زالت تعيش على وهم الهروب من استحقاقات الحاضر والمستقبل بالدعوة الى الانغلاق على الذات والعودة الى الماضي.
قلنا كل هذا بمناسبة أن حركة سياسية ما زالت مؤثرة في الواقع الفلسطيني، وكلما "حك الكوز بالجرة " تقول المقاومة، وتقصد إنتاج الصواريخ، والتدريب القتالي، وإقامة المعسكرات للنشء وما إلى ذلك، وحيث إنها جربت الحكم، فقد أدركت أن قوة الاقتصاد، إنما هي القوة الحقيقية، لذا راهنت كثيرا على "اقتصاد الأنفاق"، وحاولت أن تمزج بين شعارات "المقاومة وإدارة الحكم"، وحيث إن هناك من يظن بأن عصر "فتح" قد انتهى وأن مرحلة "حماس" قد ولت، فانه يذهب بعيداً في الاعتقاد بأنه يمكن أن يسير تنظيم آخر في الطريق ذاته، الذي سارت عليه تلك التنظيمات في عصر مضى.
بدلاً من الانخراط خلال نحو عشر سنوات ( من سنة 2005 وحتى الآن ) في تنمية قطاع غزة وتأهيله ليكون رافعة الكيانية الفلسطينية، من خلال التنمية، فإن ضيق الأفق قد قاد الى العكس تماماً وإلى أن يتحول القطاع الى عبء حقيقي على مشروع الكيانية الفلسطينية، فهو يتلقى المساعدات فقط، ولم تنجح " مقدراته العسكرية " التي لا تملكها قوات السلطة في الضفة الغربية، في زحزحة الحصار قيد أنملة، ولا في توفير رغيف خبز لجائع ولا وظيفة لعاطل عن العمل. ذلك لا يعني بالقطع التخلي عن المقاومة، ولكن ولنا في الانتفاضة الأولى قدوة حسنة، المقاومة المناسبة إنما هي الانتفاضة الشعبية، وفي الضفة الغربية والقدس حيث الاحتلال، أما في غزة، فلا بديل عن التنمية وعن وضع الحد الفوري لنظام حكم الانفصال، وإعادة توحيد الوطن.

عن قطر "الدينية" والسعودية "الليبرالية"
بقلم : محمد ياغي – الايام
قرار سحب سفراء ثلاث دول خليجية من دولة قطر مفاجئ الى حد ما. حتى الأمس القريب، كان من المعروف أن هنالك ملفات تختلف مواقف قطر فيها عن مواقف بقية دول الخليج وأخرى تنسجم فيها معها. مثلاً، جميع دول الخليج بما فيها قطر لها موقف موحد من إيران خصوصاً فيما يتعلق بما يعرف باحتلال إيران لثلاث جزر إماراتية أو بشأن الموقف من انتفاضة البحرين، وجميعها ترغب وتعمل على إسقاط نظام الأسد في سورية، وجميعها أيضاً تعتبر أن أقصى ما يمكن تقديمه للقضية الفلسطينية هو بعض الدعم المالي. في المقابل هنالك خلافات واضحة بشأن الموقف من الأحداث التي جرت في مصر وفي كيفية التعاطي مع المعارضة السورية وحركة "حماس".
المشترك في الملفات المختلف عليها هو الموقف من الإخوان، فقطر تدعم الإخوان، فيما تسعى السعودية والإمارات والبحرين لإضعافهم. في مصر قدمت قطر لحكومة الإخوان ثمانية مليارات دولار على شكل هبات وقروض وودائع وكانت تنوي استثمار مليارات أخرى فيها قبل حدوث الانقلاب. وفي الملف السوري سعت قطر الى جعل إخوان سورية على رأس المجلس الوطني الانتقالي وقدمت لهم دون غيرهم الدعم المالي، وفي الملف الفلسطيني قام أمير قطر بزيارة حكومة "حماس" في غزة وقدم الدعم المالي والسياسي لها.
في المقابل لم تعمل السعودية والإمارات والبحرين على مساعدة مصر في عهد الرئيس محمد مرسي وقدمت في الوقت نفسه للحكومة التي جاءت بعده اثني عشر مليار دولار ووعدت بالمزيد، وفي الملف السوري تمكنت هذه الدول وتحديداً السعودية من تقزيم دور الإخوان في المجلس الوطني الانتقالي وتمكين بعض الأطراف الليبرالية فيه، وعلى الصعيد الفلسطيني تقف هذه الدول مع السلطة الفلسطينية في رام الله، باستثناء البحرين التي تريد استثمار "سُنية حَماس" في صراعها مع معارضتها الداخلية.
للوهلة الأولى تبدو دولة قطر "دينية" بسبب تبنيها للإخوان فيما تبدو السعودية والإمارات والبحرين دولاً "ليبرالية" بسبب عدائهما للإخوان، لكن لا النظام القطري "ديني" ولا السعودي "ليبرالي". جميع هذه الدول تحكمها أنظمة ملكية رغم اختلاف التسميات: جميها قائم على التوريث واحتكار الثروة، والخلاف في السياسة الخارجية بينهما لا يعني أن سياساتهما الداخلية مختلفة. "الجزيرة" مثلاً لا يمكنها توجيه انتقاد لحكومة قطر ولا يمكنها تسليط الضوء على أية ملفات داخلية متعلقة بالتبادل السلمي للسلطة في قطر ولا حتى في دول الخليج الأخرى، فهذه خطوط حمراء لا يسمح بالاقتراب منها.
الموقف القطري من الإخوان قائم على أن الإخوان لا يريدون شيئاً أكثر من السلطة وأن حصولهم عليها لن يغير من قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، لكنه سيدفعه أكثر للاستقرار، وهي رؤية تلتقي فيها قطر مع الولايات المتحدة، ولقد حاول الإخوان تأكيد ذلك عندما استلموا السلطة في مصر. حافظوا على جميع سياسات النظام القديم الخارجية- وفي القلب منها العلاقة مع إسرائيل، استمرار قطع العلاقات مع إيران، وحافظوا حتى على حصار غزة، وعلى الصعيد الداخلي لم يعادوا القوى التي دعمت مبارك وحاولوا استمالتها بما في ذلك الشرطة والجيش، وتمسكوا بالسياسات الاقتصادية الليبرالية القائمة على على اقتصاد السوق، وإخوان سورية أرسلوا إشارات عديدة برغبتهم في السلام مع إسرائيل بعد إسقاط نظام الأسد، واستخدموا المنطقة الحدودية للجولان المحتل لتوجيه أسلحتهم للنظام السوري. ورئيس حكومة "حماس" قام بزيارة البحرين للتأكيد على دعمه لحكومتها في مواجهة الانتفاضة "الشيعية" فيها على الرغم من ان "حماس" تركت سورية بحجة أنها تدعم انتفاضات الشعوب العربية للحصول على حرياتها. بشكل مختصر، قطر لا ترى في حصول الإخوان على السلطة في أية دولة عربية تغييراً أساسياً لقواعد اللعبة في العالم العربي، والإخوان قدموا ما يكفي من البراهين للتأكيد على ذلك، لذلك قطر ترى أن دعمها للإخوان فيه توسيع لدائرة نفوذها وحضورها السياسي في المشهد العربي والدولي.
في المقابل السعودية وحلفاؤها يرون في وصول الإخوان للحكم تغييراً لقواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط.
على الرغم من الدلائل السابقة ومن محاولات الإخوان المستميتة للحصول على قبول السعودية والإمارات تحديداً لهما، إلا أن مواقف الدولتين، والتي اضطرت البحرين للوقوف الى جانبه بسبب الحماية العسكرية التي توفرها القوات السعودية للنظام، بقيت متشددة ضد الإخوان. زيارة الرئيس مرسي للسعودية كانت الاولى له ضمن جولاته الخارجية إلا أنه لم يحصل على دولار واحد كدعم لحكومته، ورئيس شرطة دبي، ضاحي خلفان، لم يتوقف عن التبشير بسقوط الإخوان، وتم احتضان أحمد شفيق في دولة الإمارات في الوقت الذي كان مطلوباً فيه للقضاء المصري، على عكس قطر، التي لا تمانع في التغيير، طالما أن التغيير لن يغير بشكل جذري قواعد اللعبة في العالم العربي، هذه الدول شديدة المحافظة، وتخشى من أن يؤدي أي تغيير الى إثارة رغبة شعوبها هي في التغيير، وتشتد المحافظة أكثر في توجهات هذه الدول، إذا كان المستفيد من التغيير تيارات دينية سياسية مثل الإخوان لأنها تعتبر نفسها مركز "الإسلام" ومركز تصديره للخارج، وهي بذلك لا تحتاج الى من ينافسها خصوصاً إذا كان هنالك احتمال بأن يكون "التصدير" الى دولها هي وليس الى دول أُخرى.

القرم في جيب الدب الروسي
بقلم: هاني عوكل – الايام
لم يكن مستبعداً أن تتحول أوكرانيا إلى ساحة حرب باردة بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين من جهة، وبين روسيا التي تقف بالباع والذراع لحماية مصالحها الاستراتيجية في شبه جزيرة القرم، حيث يتواجد الأسطول الروسي هناك.
روسيا التي عززت تواجدها العسكري في القرم قامت بهذا الإجراء لأكثر من سبب، الأول أنها لا تريد بسكوتها السماح للأميركان والغرب بالاستئساد عليها وكأنها غير قادرة على حماية مصالحها، أضف إلى ذلك أن موسكو التي وقفت بقوة إلى جانب سورية، لا يمكن أن "تطنش" دولة مهمة وجيو استراتيجية تلاصق حدودها.
السبب الثاني يتعلق برغبة روسية شديدة في كسر احتكار نظام القطبية الأحادية الذي تربعت على عرشه الولايات المتحدة لسنوات طويلة، ولعل روسيا قدمت موقفاً واضحاً مما يجري في سورية، الأمر الذي أعاد إنتاج مفهوم الحرب الباردة على قاعدة تشكل النظام الدولي بوجود لاعبين دوليين متعددين.
أما السبب الثالث فيتصل بشعور موسكو بالخديعة من جانب الدول الغربية، والأمر يعود إلى توقيع اتفاق سبق الإطاحة بالرئيس المعزول يانوكوفيتش، وجرى بين الأخير وأطراف المعارضة الداخلية، وبمباركة وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا وموافقة روسيا أيضاً.
الاتفاق الذي كان من شأنه نزع فتيل الأزمة، تلخص في إجراء انتخابات مبكرة والشروع في إصلاحات دستورية وكذا تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن المعارضة الأوكرانية وخصوصاً اليمينية منها، استمرت في الاحتجاجات إلى أن قام البرلمان الأوكراني بعزل يانوكوفيتش.
السبب الرابع الذي دفع روسيا لتمكين وجودها في القرم، ينطلق أساساً من الأهمية القصوى لشبه الجزيرة هذه، التي تطل على البحر الأسود وتشكل بموقعها الجيو استراتيجي، أهمية بالغة لروسيا التي لن تفرط بها أو تتخلى عنها بأي شكل من الأشكال.
لقد خاضت روسيا مفاوضات مع مختلف الحكومات الأوكرانية المتعاقبة لتأمين وجودها العسكري في شبه جزيرة القرم، ونجحت عام 2010 في توقيع اتفاق بين رئيسها آنذاك ديمتري مدفيديف ونظيره المعزول حالياً يانوكوفيتش لإبقاء الأسطول البحري الروسي في القرم لغاية العام 2042، مقابل رصد مبلغ 100 مليون دولار مقدمة من روسيا إلى أوكرانيا وتخفيض أسعار الغاز الروسي المصدر لكييف إلى نحو الثلث.
وتخشى روسيا أن تفقد وجودها العسكري في القرم مع احتمالات فسخ اتفاقية الأسطول الروسي، الأمر الذي دفعها بتعزيز قبضتها تحت غطاءين، الأول لحماية مواطنيها الروس الذين يشكلون أكثر من 57% من سكان القرم، وثانياً لتأكيد رفضها الانقلاب الذي دبرته المعارضة بالتآمر مع الغرب للإطاحة بيانوكوفيتش.
في كل الأحوال تعتقد روسيا أن أمر وجودها في القرم هو مسألة حياة أو موت، وأن حقها في الوجود هناك سيعني فرملة تمدد حلف الشمال الأطلسي "الناتو" الذي يضع أوكرانيا في الحسبان لجهة جذبها إلى المعسكر الغربي ودمجها في الحلف العسكري.
تاريخياً كانت روسيا تنظر إلى القرم بطريقة استثنائية، فقد دخلت في حروب صعبة أيام الإمبراطورية مع كل من فرنسا وبريطانيا والعثمانيين، ومن ثم مع الآخرين للاستحواذ عليها، وبعد الحرب العالمية الثانية وتقهقر جيوش هتلر، أصبحت سيفاستوبول قاعدة بحرية مهمة للاتحاد السوفيتي آنذاك.
ليست فقط شبه جزيرة القرم تشكل أهميةً لدى روسيا، إنما أوكرانيا ككل تنظر إليها موسكو بأهمية قصوى، لاعتبارات كثيرة جغرافية وديمغرافية وسياسية وأمنية واقتصادية أيضاً، في مقدمتها مرور البضائع الروسية بما فيها الوقود والغاز إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية.
الآن هناك حالة مخيفة من الشحن والعصبية الأميركية والغربية إزاء ما يجري في أوكرانيا، وتصدر بين الوقت والآخر تصريحات متنوعة تستهدف دراسة فرض عقوبات اقتصادية غربية على موسكو، والتلويح بتعليق مشاركة بعض الدول في الأعمال التحضيرية لقمة الثمانية الكبار في سوتشي.
التصعيد الغربي المتسارع إزاء روسيا يقابله رد فعل روسي وتصعيد موازٍ، ذلك أن الحديث ليس سهلاً في هذا الإطار خصوصاً في قائمة دول كبيرة وعظمى مثل الولايات المتحدة والدول الغربية وروسيا، الأمر الذي يعني أنه في حال اتخاذ خطوات فعلية بالتصعيد ضد روسيا سيعني ذلك تأثر جميع الأطراف.
الأميركان وإن رفعوا سقوف تحذيراتهم واتفقوا مع الغرب على دراسة الوضع الأوكراني، فإنهم بالتأكيد يدركون حجم روسيا وتبعات أي قرار سياسي أو اقتصادي يتخذ بحقها، لذلك ربما تسعى الدول الغربية من وراء هذا التصعيد لاستثماره في أي جولة مفاوضات من المحتمل أن تنعقد مع روسيا.
امس، التقى كل من وزير الخارجية الأميركية جون كيري بنظيره لافروف في باريس، وإلى جانبهما شارك وزراء خارجية كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، ومع ذلك كانت المفاوضات صعبة ولم تحقق أي نتائج، ومن المرجح استكمالها وفتح مسار تفاوضي بين روسيا وأوكرانيا.
وبموازاة ذلك، لم تهدأ اللغة التصعيدية وجرى عقد قمة أوروبية عاجلة لمناقشة سبل الرد على الوجود العسكري الروسي في القرم، مع ذلك هناك دول في أوروبا مثل ألمانيا، ترغب في الحوار مع موسكو لتأمين مخرج آمن يحقق التوافق حول الأزمة الأوكرانية.
وإن يبدو أن المفاوضات التي جرت ومن المرجح أن تستكمل بين مختلف الأطراف تتعلق بالشأن الأوكراني، لكن ربما تكون هذه الأزمة جزءا من مطالب ونقاشات لأهداف أخرى تتعدى المشكلة الأوكرانية، وقد لا يجد الفرقاء أفضل طريقة من تسويتها ومعالجتها إلا عبر المدخل الأوكراني.
وعلى كل حال، لا يزال الخيار العسكري المتصل باحتلال روسيا لشرق أوكرانيا غير وارد أو مستبعد في المنظور الحالي، إنما قد يكون السيناريو الأنسب للأزمة الأوكرانية عدا عن "بروباغندا" التصعيد العقابي الناعم الذي يستهدف التلويح بخيارات متنوعة غير مرتبطة بفعل عسكري انتقامي، نقول إن السيناريو الأنسب والأوفر حظاً يتصل باستكمال مسار المفاوضات بين مختلف الأطراف.
هذا يعني أن موسكو لن تتخلى عن حقها الوجودي في القرم، ويُعتقد أن المفاوضات المقبلة ستأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، إلى جانب مساعي صياغة توافق حول انتخابات مبكرة تأخذ بعين الاعتبار الخارطة الديمغرافية لأوكرانيا، وعلى أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ولعل هذا كله مرتبط بطبيعة الحال بالمفاوضات وحالة الشد والجذب بين الأطراف الداخلة في الأزمة الأوكرانية، ومع ذلك يبقى خيار روسنة القرم قائماً، خصوصاً بعد مصادقة البرلمان القرمي على قانون لانضمام المنطقة إلى روسيا وعرضه للاستفتاء الشعبي منتصف الشهر الحالي.
أخيراً، يمكن القول إن روسيا لن تتنازل عن مصالحها الاستراتيجية، وهي تعتبر شبه جزيرة القرم قطعة مسلوخة من جلدها، الأمر الذي سيدفع موسكو للتمسك بهذه المنطقة بيدها وأسنانها، مهما كلفها ذلك من مفاوضات أو مواجهات عقابية سياسية أو اقتصادية.

عن تلك الكائنات الجميلة ... الفتّاكة!
بقلم: فاروق وادي – الايام
يتجاور الخطاب التقليدي الذي ينظر إلى المرأة كضلع ضعيف، أعوج، مشتق من الرجل وتابع لفحولته وسلطته التاريخيّة الراسخة، مع خطاب آخر يبدو من الخارج نقيضاً لذلك. وهو الخطاب الذي يراها كائناً فتاكاً بلا منازع!.
الفتك، بصورته المباشرة والمبتذلة، يتقدّم عبر خطاب بصري هوليودي يجنح إلى تصنيع إمرأة باذخة الجمال، مفرطة في سخائها الجسدي، تبدو قادمة من كوكب آخر، لتخوض معاركها المباركة بصدر واثق، في مواجهة رجال أشداء.. نراهم وهم يتساقطون، الواحد تلو الآخر، بفعل الضربات الساحقة الماحقة لسيقانها الحديديّة وأذرعها الفولاذيّة.
غير أن مثل هذه الصورة لا تدخل إلاّ في إطار تصنيع الوهم الأميركي وترويج التضليل الأيدولوجي، لتشكِّل تلك القوّة الموهومة بديلاً عن القوى الحقيقيّة الأصيلة الكامنة في المرأة.
بيد أن تجليات الفتك تبدو أبعد من ذلك. فثمّة فتك يتجلّى في الجسد الأنثوى نفسه، الذي يمارس إرهابه ودكتاتوريته الجماليّة في مواجهة خطاب تكريس الضعف الأنثوي والمنازلة الجسديّة الصداميّة غير المتكافئة. إنه فتك الغواية، إن جاز التعبير.
فجسد المرأة، إنطلاقاً من مثل تلك الرؤية، ينطوي على ترسانة هائلة من الانحناءات والانعطافات المغوية، المسنودة بإمكانيات الجمال والدلال والغنج والدّلع، والقادرة بمجموعها على إطلاق شتّى أنواع المباهج الحسيّة التدميريّة ضدّ الجنس الآخر، مدّعي القوّة والتماسك والجاهزيّة العالية!.
لكن الحقيقة المغيّبة، تكمن في أن هذا النوع من الفتك لا يتحرّك بمعزل عن إمكانيات ذهنيّة عالية التركيب تمتلكها تلك الكائنات الجميلة، التي أشاعت الأيدولوجيا الذكوريّة المتخلفة أنها ناقصة عقل ودين. وهذه الامكانيات هي ما أطلقت عليه تلك الأيدولوجيا تعبير "الكيد"، بما تنطوي عليه الكلمة من دلالات جهنميّة وحياكات شيطانيّة، بحيث يكاد ينزع الصفات الإيجابية عن تلك القدرات العقليّة عالية التركيب. ويمكننا أن نتأمّل في عنوان كتاب عربيّ تراثي من تأليف "العلامة العمدة" على بن عمر البتنوني والموسوم بـ "العنوان في مكائد النسوان"، لنرى حجم طغيان أيدولوجيا المكيدة في مفاهيمنا التراثيّة السائدة.
لكن مثل تلك المفاهيم ليست حكراً على مجتمعات الشّرق، إذ قد تجد لها تجليات موازية في تراث المجتمعات والأيدولوجيات الأخرى.
وتحضرنا في هذا المقام حكاية المرأة مع "حزام العفّة"، والتي تستحق أن تروى كنموذج لـ "الفتك الأنثوي" في التراث الغربي المتداول، وهي _من وجهة نظر مخالفة لللأيدولوجيا الأخلاقيّة ورؤيتها الأحاديّة _ تنمّ عن إمكانيات عقليّة أنثويّة تستدعي التأمل والتفكير.
فالمقاتلون "لفرنجة"، الذاهبون إلى الشرق مدجّجون بشهوات الاستحواذ والاغتصاب، كانوا يخشون في غيابهم على أجساد نسائهم "المشرّعة على الشهوات". فتفتقت عبقريتهم الذكوريّة عن اختراع سجنٍ لأعضاء المرأة الجنسيّة، أطلقوا عليه تسمية مضللة هي: "حزام العفّة!".
غير أن النساء أثبتن أنهنّ أكثر كيداً (ذكاءً) من الذكور، إذ كنّ يعمدن إلى التهام الطعام بإفراط ليسمنّ قبل رحيل أزواجهن وتطويق أجسادهن بالحزام الحديدي. ومع غياب الرجل الواثق باختراعه العجيب، كانت النساء يتبعن أنظمة غذائيّة صارمة تجعلهن نحيفات، ما يجعل الحزام يسقط من تلقاء نفسه، ويضع المرأة أمام نفسها وأمام قدرتها على حراسة جسدها وروحها وعقلها، بحريّة ومسؤوليّة.
ومع سقوط الحزام، كانت تسقط عبقريّة الرجولة المزعومة واختراعاتها البائسة. ثمّ، لا بأس من لجوء المرأة، قبل عودة الرجال من الحرب بقليل، إلى التهام الطعام بإفراط والإكثار منه، لتعود بذلك إلى سمنتها الأولى، مرتدية الحزام لرجلها العائد من هزائمه، إلى أوهام الانتصارات المظفّرة على العقل.. والجسد الأنثوي!.

تغريدة الصباح - عن الذين كتبوا سجنهم
بقلم: عدلي صادق – الحياة
رغم ضجري من تكرار الموضوعات، إلا أنني لم أستطع مقاومة إلحاح نفسي عليّ، بأن تكون هذه السطور، معطوفة على مقالة يوم السبت المنصرم في هذه الزاوية "عن سجننا الذي لم نكتبه". فلديّ رغبة في التنويه، الى أن إخوتنا السوريين، من كل الأطياف، كتبوا سجنهم على النحو الذي أراه وافياً كافياً، لكنهم يرونه ناقصاً لم يُغطِ هول ما حدث لهم. فمنذ أشهر، بدأت أطالع ما كتبوا، فتعجبت من جهلي، رغم أنني ممن لا يكفون عن هجاء النظام المحظوط الذي انتهك انسانيتهم في الأعماق. وأقول إنه محظوط، لأن الأصوات التي تحنو عليه الآن، معظمها من ضحاياه أو من المعسكرات الفكرية والسياسية التي أباد وجودها، بكل وحشية، على الصعيدين الشخصي ـ الاجتماعي ـ والتنظيمي. وقد أعجبت بلغة بعض المظلومين الذين كتبوا، وقدرت موضوعيتهم. فهذا ياسين الحاج صالح، يكتب "بالخلاص، يا شباب" والعنوان مستعار من عبارة كان يقولها السجناء لبعضهم البعض كلما انتهوا من تناول طعامهم، ومعناها لتكن وجبتنا القادمة، وقد تخلصنا من محنتنا. أما الموضوعية التي استحقت احترامي، فلأن طالب الطب في جامعة حلب، وهو اليساري الذي سُجن ستة عشر عاماً لمجرد انتمائه السياسي، منها تسع سنوات قبل أن يمثل أمام أية جهة تتشبه بالقضاء، يُقدم لروايته قائلاً في ختام الفصل الأول، إنه يود استعادة خاطر ألح عليه وهو في "هذا المُقام المخيف". فالسجن لا يجوز هدمه أو تركه يتهدم. فـ "لمَ لا نقلبه متحفاً لأدوات التعذيب، ونشيّد فيه نُصباً يُكرّم عذابات ضحاياه، ويعلن أننا لن ننساهم، ونسمي هذا النصب، نُصب التوبة. توبتنا جميعاً". وعلى الرغم من ذلك يستطرد قائلاً:"هذا جزء من عملية أوسع، سياسية وثقافية وقانونية وانسانية، تهدف الى ضمان تسامي السوريين عن أية دوافع ثأرية ممكنة. فلا بد من قطع الدائرة الجهنمية لتبادل مواقع القاتلين والمقتولين. فالضحية الدائمة لهذه الدائرة، هي الجميع وبلد الجميع"!
كتب ياسين الحاج صالح، داعياً الى رفق الانسان بالانسان. ذلك على الرغم من عرضه الموضوعي لوقائع سجن تدمر المرعبة، التي كان ضحاياها، في معظمهم، اسلاميين وبعثيين موالين للحزب في العراق. ففي "تدمر" لا يكف السجانون عن التعذيب على مدار أيام السنة الـ 365 ولأعوام ممتدة، لا يشكل فيها موت السجين حدثاً. في عرضه ذاك، يفسر الشيوعي الحاج صالح، حقد الاسلاميين على النظام. لكنه يستنكر روح الانتقام، مثلما استنكرناها في تعليقاتنا على فظائع اقترفها فريق من هؤلاء!
الصحفي والشاعر السوري اليساري فرج بيرقدار، كتب عن تجربة السجن "خيانات اللغة والصمت" وقال "سيرشحنا المستقبل كأصحاب أكبر تراث عالمي في السجون. إن العودة الى هذه التجربة، وسبر أغوارها، إنما هو تذكير لنا بأن هذه الثورة كان يجب أن تحدث".
وفي رواية "القوقعة" التي نشرها الكاتب المسيحي مصطفى خليفة، الذي نُقلت على لسانه، في تقرير كيدي، نكتة قالها لأصحابه في مقهى باريسي، سُجن بسببها في "تدمر" المخصص لجماعة "الاخوان" ثلاثة عشر عاماً دون أن يتنبه أحد أو يُعنى أحد بالتدقيق في منبته الديني، لأن اسمه، مصطفى، وهو غير دارج عند إخوتنا المسيحيين.
الفلسطيني "الاخواني" فعلاً، محمد سليم، الذي كان طالباً في جامعة دمشق، كتب من قلب التجربة "شاهد ومشهود". والأطرف، هو كتاب البراء السراج، الطبيب الحموي البروفيسور في زراعة الأعضاء، الذي كتب "من تدمر الى هارفارد.. رحلة سجين عديم الرأي".
خرج البراء من السجن عالي الهمة، وهو يُدرّس الآن في أهم جامعات شيكاغو. وكَتَبَتْ "الاخوانية" هبة الدباغ "خمس دقائق وحسب.. تسع سنوات في سجون سوريا". كذلك فعلت الشيوعية حسيبة عبد الرحمن "الشرنقة" وروزا ياسين حسن "نيغاتيف" والفلسطينية مي الحافظ التي أمضت في السجن ثلاث سنوات بسبب تواجدها في مكان اعتقال امرأة أخرى.
وأضاف القاص السوري ابراهيم صموئيل "رائحة الخطو الثقيل". أما عميد السجناء في سوريا عماد شيحا (ثلاثون عاماً في السجن بالتمام والكمال، منها 16 في تدمر) فقد أبدع في رسم واقع السجن في روايته التحفة "موت مُشتهى..فصول في تحولات رباب عبد الجبار".
وكتب "الاخواني" محمد عادل الفارس "لأنهم قالوا لا". واللبناني علي أبو دهن "عائد من جهنم". لقد اطلعت على هذه الروايات، وما زلت أبحث عن أخرى قرأت ملخصات لها، وهي نحو أربعين رواية تفسر ما عجزت السياسة عن فهمه. فمن لا يعرف كيف اصطخب المجتمع وتوجع، ليس في وسعه أن يقرأ وقائع ما يجري. إن بعضنا يتعاطى السياسة ووقائع الصراعات، وكأنها شرائط رسوم متحركة، ليس فيها وقائع حياة ولا نبضات قلوب، ولا علاقة لها بالتاريخ. يختزلون كل حكاية، وفق منطوق شعار أو ديماغوجيا كاذبة. إن السوريين قد كتبوا سجنهم!

كيري: كرة يركلونها في الملعب السياسي الإسرائيلي، لماذا؟
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
تعددت صيغ الهجوم الإسرائيلي على وزير الخارجية الأميركي (جون كيري)، فهو بحسب وزير الشؤون الاستخباراتية الإسرائيلي (يوفال شتاينتز) "عدواني، وكمن يصوب بندقية إلى رأس إسرائيل". كذلك زعيم اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، وزير الاقتصاد (نفتالي بينت)، لم يفوت الفرصة كي يهاجم (كيري) فأدلى بدلوه قائلا: "نحن نتوقع من الدول الصديقة لنا في العالم الوقوف إلى جانبنا أمام محاولات المقاطعة اللاسامية ضد إسرائيل، وألا تكون بوقا لهم". أما وزير "الدفاع" (موشي يعالون)، الذي بدأ الهجوم قبل الجميع على وزير الخارجية الأمريكي، فقد اتهم الأخير بأنه "يتصرف انطلاقا من هوس في غير محله وحماسة تبشيرية"، مؤكدا "جهل" (كيري) حين قال أنه "لا يستطيع أن يعلمني أي شيء عن الصراع مع الفلسطينيين". ورغم تقديم (يعالون) "اعتذاره" لاحقا للوزير الأمريكي، إلا أنه لم يتراجع عن مضمون تصريحاته. وأثارت جميع هذه التصريحات وغيرها توترا كبيرا مع الولايات المتحدة.
الهجوم جاء لمجرد أن (كيري) تساءل بموضوعية عن نتائج فشل مفاوضات التسوية حين أعلن: "هل سيبقى قادة السلطة الفلسطينية الملتزمون بعملية السلام في الحكم أم سيحدث المزيد من التطرف والعنف؟"، أي أن تعنت القادة الإسرائيليين يمكن أن يطيح بالاعتدال الفلسطيني. وبالنظر إلى الشخوص التي صدرت عنها هذه التصريحات، مع اختلاف خلفياتهم السياسية يتأكد أنها كلها مجرد "أعراض" عن "مرض مزمن" جوهره مقاومة هؤلاء الساسة ورفضهم لعملية "السلام"، فضلا عن أهداف حزبية وربما شخصية. فـ (شتاينتز) مثلا هو صوت (نتنياهو) الذي فضل اعتماد التجسير الدبلوماسي وعدم مهاجمة (كيري) بشكل واضح. أما (بينت) فهو الذي يؤمن أن "فكرة إقامة دولة فلسطينية في (أرض إسرائيل) قد عفا عليها الزمن، وأن (أرض إسرائيل) تعود (لشعب إسرائيل)". في حين أن (يعالون) هو على رأس المنافسين (لنتنياهو) على أصوات اليمين واليمين المتطرف في الانتخابات المقبلة لرئاسة الوزراء.
رغم ذلك هناك تصريحات مغايرة، مع أنها أيضا تدخل في إطار الأهداف الحزبية والشخصية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تصريحات وزير الخارجية اليميني (افيغدور ليبرمان) وعلى عكس العادة، تساعد (كيري)، حين قال "كيري صديق حقيقي لإسرائيل.. ما الهدف من تحويل صديق إلى عدو.. هذه الغوغائية لا تفيد". لكن هذا كله يدخل في سياق الطموح السياسي، فهو يحاول تغيير الصورة المتطرفة، بل الشاذة، التي عرفها المجتمع الدولي عنه، ويحاول الظهور بمظهر السياسي المعتدل، والسعي، لم لا، في أن يصبح الزعيم المقبل لليمين في إسرائيل بعد (نتنياهو) والى "براغماتية" ينتهجها بهدف تغيير وضعه كشخص غير مرغوب به على الساحة الدولية.
إذن، السياسيون البارزون الحاكمون في إسرائيل يبحثون عن مكاسب حزبية وشخصية، وهذا أمر طبيعي عند السياسيين عموما. غير أن سياسيي إسرائيل ? هذه المرة ? اختاروا إدخال أهداف في شبكات منافسيهم من خلال ركل الكرة المستجدة: (كيري). وعلى ما يبدو أن جميع هؤلاء السياسيين نسوا، أو تناسوا، أن تردي العلاقات مع الولايات المتحدة له ثمن أعلى كثيرا من كل المكاسب الحزبية أو الصراعات الداخلية الإسرائيلية. وما كان لذلك النسيان (أو التناسي) أن يحدث لولا أنه ? كما الاتهامات آنفة الذكر ضد (كيري) ? مجرد "أعراض" لمرض مستحكم عند قوى اليمين الإسرائيلي، ونقصد: مرض رفض السلام وبالتالي التسوية. هذا، مقرونا بارتفاع منسوب الشهوة للسلطة، وعلى نحو انتهازي فاضح، لدى رموز يمين إسرائيلي متطرف أفقده تطرفه الرؤية وأمده ? بالتالي ? بمرض "قصر النظر" السياسي. وهذا ما فطن إليه الكاتب الأمريكي اليهودي الصهيوني لكن "المعتدل" (توماس فريدمان) حين كتب يقول: "إن كانت إسرائيل تريد حقا إبطاء حملة المقاطعة، فستعلن أنه طالما ظل كيري يحاول التوصل إلى اتفاقية وطالما ظل هناك أمل في النجاح، فستجمد إسرائيل كل نشاطها الاستيطاني لإعطاء أفضل فرصة للسلام. وأعلم أن هذا غير محتمل، لكن شيئا واحدا أعلمه جيدا هو أن هذا الصد المتواصل لكيري من قبل الوزراء الإسرائيليين وطلبهم أن يوقف الفلسطينيون كل "التحريض" مع استمرار إسرائيل حرة في بناء المستوطنات في وجههم، لن يكسب إسرائيل أصدقاء في أوروبا ولا في أميركا. فذلك فقط يمد المقاطعين بالقوة".


المرأة في عيدها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
تحل الذكرى السنوية لعيد ويوم المرأة العالمي والمرأة الفلسطينية تواجه اوضاعا مأساوية حتى اللحظة الراهنة، حيث دفعت قرابة الثلاثين فتاة وسيدة حياتها ثمنا لذكورية واستبدادية المجتمع تجاه المرأة بين العام الماضي ومطلع العام الحالي. وللأسف الشديد لم يأخذ القضاء دوره في لجم النزعات الذكورية بمزاعم "شرف" العائلة، وما زالت التراجيديا السوداء تلف حبلها حول رقبة المرأة الفلسطينية في المدينة والقرية والخربة والمخيم، فلا فرق بين مكان وآخر، لان الوعي الجمعي للمجتمع يعاني من قصور عميق في فهم مكانة ودور المرأة في المجتمع.
مما لا شك فيه، ان الأنظمة والقوانين، التي سنتها الهيئات والمؤسسات التشريعية والتنفيذية منذ إقامة السلطة، كانت بمعايير الدول المتقدمة وقوانين حقوق الانسان الأممية جيدة. لكن تلك القوانين أولا لم ترق للتعميم والتمثل في الوعي الذكوري؛ ثانيا تراجعت تلك القوانين في اعقاب الانقلاب الحمساوي الاسود في محافظات الجنوب للخلف كثيرا، حتى استسهل الرجال البطش بالنساء، لانهم يعلمون ان الممسكين بمقاليد الامور لن يتخذوا أي إجراء رادع ضدهم.
مع ذلك ما زالت القوانين الفلسطينية المتعلقة بحقوق النساء والاطفال قاصرة، وتعاني من مثالب عديدة، وتحتاج الى ثورة حقيقية للوصول الى المساواة الكاملة مع الرجل. كما انها تتطلب حملات توعوية مكثفة ومنظمة لتعميم الوعي الايجابي في اوساط الشعب وفئاته وشرائحه وطبقاته الاجتماعية الواقعة تحت تأثير وسطوة رجال عاديين ورجال دين ضيقي الافق، لا يملكون قدرة على الاجتهاد، ويفتقرون للمعرفة باصول المجتمع والدين والعلوم الاخرى، وكل ما لديهم قصص متناثرة عن معايير تقليدية قادمة من فهم خاطئ للدين وقيم المجتمع والعائلة.
المرأة الفلسطينية حاملة لواء الثورة، وحارسة نيرانها ورايتها، التي شاركت في الدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية كتفا إلى كتف مع الرجل في قواعد الثورة في الشتات (الظاهرة العلنية) وفي الداخل (العمل السري)، وشاركت الرجل في حمل راية البناء لمؤسسات السلطة الوطنية منذ أُقيمت في العام 1994 وحتى الان، وكانت ومازالت تكافح في ميادين خاصة وعامة: إن كان في تجديد بنية المجتمع او في التربية للاجيال الجديدة، وفي القيام بمهامها العائلية داخل حدود الاسرة، هذه المرأة، هي الام والاخت والزوجة والابنة والعمة والخالة والحبيبة والصديقة والزميلة والرفيقة، لا يجوز للرجل مواصلة البطش بها وبمكانتها العظيمة داخل المجتمع، ولا يجوز للقائمين على القانون التغاضي عن التسلط والفجور الذكوري غير المبرر ولا المشروع.
على المرأة وانصارها في اوساط الذكور، وعلى القوى السياسية التي تتبنى خيار المساواة بين الرجل والمرأة رفع الصوت عاليا ضد عمليات الاستغلال والاضطهاد الذكورية. وشن حملة واسعة على كل مرتكب لجريمة دموية بحق المرأة بغض النظر عن الاسباب، لان المرأة إنسان من حقها ان تحب وتختار شريك حياتها، كما ان من حقها ان تطلب الطلاق وتخلع من لا تراه شريكا لها، وبالضرورة عليها اسوة بالرجل احترام قيم المجتمع الايجابية، التي تخدم مساواتها ومكانتها كشريك اساسي في المجتمع للذكر.
في يوم المرأة كل التحية للمرأة الفلسطينية والعربية وفي العالم أجمع.. وفي عيدها الف مليون تحية لها ولعطائها ودورها الانساني والاجتماعي والكفاحي، ولا كبيرة لبطش الاخ وابن العم باسم "الشرف"، ولا كبيرة لسطوة رجال الدين المتخلفين والقاصرين، ونعم لحماية حقوق المرأة كاملة غير منقوصة في المساواة والندية للذكر وعلى كل الصعد والمستويات.. وكل عام والمرأة بخير وشعبنا بخير

على أبواب قمة الكويت؟
بقلم: يحيى رباح – الحياة
القرار الأول من نوعه الذي اتخذته الدول العربية الخليجية الثلاث المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، باستدعاء سفرائها من العاصمة القطرية الدوحة، جاء في وقت فارق جداً، حيث القمة العربية التي تستضيفها دولة الكويت على الأبواب، ومن الطبيعي أن يقوم سمو أمير دولة الكويت، بجهد كبير لضمان قمة عربية ناجحة، وهناك أمل كبير بأن تكون هذه القمة نوعية أيضاً، تنتشل الوضع العربي مما هو فيه، وتستعيد الثقل العربي في المعادلة الإقليمية والدولية، وتعيد البريق والاهتمام إلى القضايا العربية الرئيسية وأولها القضية الفلسطينية التي هي أبرز عناوين المستقبل العربي والتي تواجه الآن أسئلة كبرى نهائية ووجودية مثل: ماذا إذا فشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي ينتهي موعدها الرسمي في الثلاثين من نيسان المقبل أي بعد انعقاد قمة الكويت بشهر واحد؟ وماذا إذا استمر النشاط التهويدي للقدس والأقصى على معدلاته القائمة الآن؟ وماذا إذا قامت إسرائيل بانسحاب أحادي الجانب من أجزاء في الضفة على غرار ما فعلت في قطاع غزة في خريف 2005 فأورثتنا الانقسام الذي ذهبت إليه حماس بتعمد وبعيون مفتوحة منخرطة في معادلة خطيرة مازالت فصولها تتكشف أكثر وأكثر منذ سقوط حكم الأخوان المسلمين في مصر، وقد تراجعت تلك المعادلات الخطيرة ولكنها لم تشطب من التداول بشكل نهائي؟
وهل تشكل قمة الكويت استنهاضاً من الدمار، وعودة من الغياب، وانبثاقاً من الفوضى، أم نجد دماراً لواحد من أعرق إطارات العمل العربي وهو مجلس التعاون الخليجي على غرار ما حدث مع الاتحاد المغاربي والاتحاد العربي؟ وهل تعيد قمة الكويت جدية الالتزام بالوطنية الفلسطينية أم يستمر الهروب إلى الخلافات لكي يبرأ النظام الاقليمي العربي من مسؤولياته؟
بداية: لا بد من الاشادة بكفاءة وإخلاص دولة الكويت التي تستضيف القمة، مذكرين أن أمير الكويت مشهود له بالخبرة الدبلوماسية التي جعلته يعرف عن كثب مفاتيح صنع القرار في العالم العربي، وأن وقفته مع ثورة الثلاثين من يونيو المصرية كان نوعاً من الاستباق في الرؤية، ولكن الوضع الإقليمي والدولي في حالة من التداخل والتطاحن بحيث إن استعادة القرار العربي يحتاج إلى تعاون الجميع.
و عودة إلى القرار غير المسبوق الذي اتخذته الدول الخليجية الثلاث، بسحب سفرائها من الدوحة، فقد جاء هذا القرار بعد محاولات عديدة لم تجد نفعاً مع قطر الذي كان الكثيرون يأملون أن ينجح الأمير الجديد تميم بن حمد آل ثاني في إعطاء انطباع جديد وجيد في تغليب المصلحة القومية العربية على هذه الأدوار الشاذة التي تقوم بها قطر ضد منظومة الأمن القومي العربي، وهي أدوار وجدنا نتائجها الكارثية، دون أن يظهر لها معنى في الأفق سوى إلحاق المزيد من الأذى بالمصالح العربية، فهذا القرار قد يكون تنبيهاً بصوت مسموع، وقد يكون إنذاراً قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، خاصة أن السفير المصري عاد من الدوحة إلى القاهرة، منذ أوائل شباط الماضي وعودته مرهونة بإجراءات قطرية مقنعة.
ونحن نأمل أن تنجح الجهود المخلصة قبل انعقاد القمة في الكويت في إعادة قطر إلى صف المصلحة العربية، وأن يعود الوضع العربي إلى الاحتشاد والحضور.