المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 293



Haneen
2014-12-18, 11:45 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (293)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلية




</tbody>

<tbody>

الاثنين
17/3/2014



</tbody>

<tbody>




</tbody>





مــــع الـــرئـــيـــس
بقلم: حديث القدس - القدس
بعث الجاهلية في القرن الحادي والعشرين!! كاتب أمريكي من أصل فلسطيني
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
هل غير أوباما موقفه من سورية؟
بقلم: وولتر روسل ميد – القدس
الثوار أصحاب القضية في سوريا
بقلم: ديفيد إغناتيوس – القدس
بعد نتنياهو... الرئيس عباس في البيت الأبيض!
بقلم: عوني صادق – القدس
من يتذكر الربيع العربي؟!
بقلم: عبد الله العتيبي – القدس

شو؟ قال "تشريفات" .. هلموا!
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
من يحمي الثوابت الفلسطينية؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
فساد سيكولوجي عربي!
بقلم: جواد البشيتي – الايام
كـــيــري مســتــشـرقــاً
بقلم: الدكتور عاطف أبو سيف – الايام
لـــقـــاء واشــنــطــن!
بقلم: سميح شبيب – الايام


تغريدة الصباح - غياب الرّسول
بقلم: محمد علي طه – الحياة
يوم الاختبار لإدارة أوباما
بقلم: عدلي صادق – الحياة
على طريق ثوابتنا الوطنية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
هل يمكن للشيخ اليعقوبي ان يجرح حياء "علويات"؟: .. العراقيات المحصنات بحاجة الى الستر والسلامة أولاً..
بقلم: فخري كريم – الحياة
مدرسة كمال جنبلاط
بقلم: هاني فحص – الحياة











مــــع الـــرئـــيـــس
بقلم: حديث القدس - القدس
اللقاء المقرر اليوم بين الرئيس محمود عباس والرئيس الاميركي باراك اوباما لبحث تطورات المفاوضات والعقبات التي تعترض التوصل الى اتفاق اطار يشكل علامة فارقة في مستقبل عملية السلام بعد ان وصلت المفاوضات الى طريق مسدود بفعل المواقف المتعنتة للحكومة الاسرائيلية في مختلف القضايا الجوهرية للحل الدائم عدا عن الشروط الاسرائيلية الهادفة الى الانتقاص من حقوق الشعب الفلسطيني من جهة وسد الطريق أمام تقدم جهود السلام من الجهه الأخرى إضافة الى مختلف الممارسات الاسرائيلية على الأرض وفي مقدمتها الاستيطان ومواصلة تنفيذ مخططات تهويد القدس وحصار غزة وحملات الدهم والاعتقال والقتل.... الخ من الممارسات التي تشكل بحد ذاتها انتهاكات فظة للقانون الدولي وتأكيد على عدم رغبة الجانب الاسرائيلي في التوصل الى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.
ولهذا كله لم يكن غريبا ان تتمسك القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس بالثوابت الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس العربية المحتلة عاصمة فلسطين وعدم الانتقاص من سيادة هذه الدولة ورفض الاستيطان والتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194 ورفض كل الشروط والاملاءات التي تحاول اسرائيل فرضها، كما لم يكن غريبا ان يقف الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله وجماهيره صفا واحدا خلف الرئيس محمود عباس في مختلف أنحاء الوطن والشتات دعما لمواقف الرئيس بشأن ثوابتنا الوطنية التي أكد عليها عشية سفره للولايات المتحدة وقبل ذلك.
ان شعبنا الذي يجسد اليوم هذه الوحدة الوطنية الرائعة في مختلف محافظات الوطن والشتات في وقوفه صفا واحدا خلف الرئيس عباس إنما يؤكد مجددا إصراره على نيل حقوقه الوطنية الثابتة والمشروعة ورفضه التفريط او التنازل عن أي من هذه الحقوق مهما كانت الضغوط ومهما علت التهديدات الاسرائيلية وغيرها وهو ما يؤكد ان شعبنا يحترم قوافل شهدائه وأسراه وجرحاه الذين قدموا تضحيات جسام في سبيل إنهاء هذا الاحتلال غير المشروع والتمتع بالحرية والاستقلال كأي شعب في العالم.
ان ما يجب ان يقال هنا لاسرائيل والولايات المتحدة ان هذا الدعم الجماهيري الشامل للرئيس في تمسكه بالثوابت الوطنية وبحقوق شعبنا هو رسالة واضحة لكل من يحاول رسم خريطة السلام وفق أطماع التوسع والاستيطان الاسرائيلية او وفق محاولة اسرائيل إلغاء حقوق اللاجئين او تكريس احتلال القدس العربية وتهويدها.
وإن ما يجب ان يقال أيضا ان هذا اللقاء الحاسم قد يسفر عن نتائج ايجابية تسهم في دفع عملية السلام قدما وقد يسفر عن تداعيات تطوي صفحة المفاوضات، فالكرة حقيقة في ملعب الادارة الاميركية وتحديدا الرئيس باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري وقد حان الوقت كي يقول الرئيس اوباما للاحتلال الاسرائيلي: كفى وحان الوقت كي تتعاون الولايات المتحدة مع المجتمع الدولي لإرساء سلام عادل ودائم في المنطقة يقوم على أساس مقررات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وأخيرا فإننا نأمل ان يسفر لقاء اليوم بين الرئيس عباس واوباما عن نتائج ايجابية من شأنها شق الطريق الحقيقي نحو السلام، وفي كل الأحوال فان شعبنا الذي عاش أحلك الظروف ولا زال والذي يقف اليوم خلف قيادته في مواجهة أية ضغوط محتملة سيظل متمسكا بحقوقه الثابتة والمشروعة ولن يعدم يوما الوسيلة المشروعة في مواصلة نضاله لإنهاء هذا الاحتلال وانتزاع حريته.

بعث الجاهلية في القرن الحادي والعشرين!! كاتب أمريكي من أصل فلسطيني
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
ان الجهالة و الجهلاء، والضلالة العمياء، لم تصنع لنا نصرا، حتى ولم تقلص حجم هزائمنا.
لا بد من استهلال موجع، فإن الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت، لم يقتنع بالمساهمة في اقامة دولة يهودية في فلسطين، ولكنه لم يصرح بذلك مباشرة، بل قالها مداورة بأن فلسطين بلد صغير وفقير لا يتسع لمليوني يهودي، ثم عبّر روزفلت عن اشفاقه على مصير مليوني يهودي في مواجهة اربعين مليون عربي (في ذلك الوقت)، لذلك اعلن رفضه لإقامة دولة يهودية في فلسطين محافظة على سلامة اليهود وأمنهم.
كانت هذه لعبته التي اعلن عنها، اما هدفه منها فكان عدم اثارة المتاعب لحليفته بريطانيا في بلاد العرب.
خيبة الامل الاخرى التي تسببنا بها لوزيرين اميركيين من العيار الثقيل، اعترضا بشدة على مسعى الرئيس الاميركي هاري ترومان، الذي عمل بجد واجتهاد لجمع الاصوات في الجمعية العامة للامم المتحدة لاصدار قرار تقسيم فلسطين في 29/ 11/ 1947.
كان الفارق هائلا بين روزفلت ونائبه ترومان، الذي اقصاه الرئيس عن المشاركة في التخطيط، في اتخاذ القرارات المهمة.
يروى ان ترومان قد اشتكى الى ابنته مارجريت من الاسلوب الذي كان يعامله به روزفلت، حيث قال لها: «إنه (روزفلت) لم يتحدث معي على انفراد وبشكل ثنائي البتة، لا في شؤون الحرب، ولا في العلاقات الخارجية، ولم يفض الي بما يجول في رأسه من افكار حول السلام بعد انتهاء الحرب».
لقد أدرك جيمس فورستال، وزير الدفاع الامريكي، في ذلك الحين ان قيام دولة يهودية في فلسطين، سوف تكون له نتائج مدمرة على العلاقات العربية-الامريكية، في الوقت الذي تشتد فيه حاجة الغرب الاوروبي لنفط العرب.
اخذت انذارات فورستال التي تؤكد على اهمية نفط العرب تضغط على اعصاب ترومان. ولكن فورستال ادرك في النهاية ان لا فائدة ترجى من رئيس يتطلع الى الحصول على مكاسب سياسية «الانتخابات» بأسلوب دنيء.
ولقد أقال الرئيس ترومان جيمس فورستال من وزارة الدفاع بطريقة مفاجئة في 31/ 3/ 1949، مما ادى الى اصابة الاخير بانهيار عصبي، وفارق الحياة بعد ايام في حادثة يكتنفها الغموض، لم تتأكد ان كانت قتلاً ام انتحاراً.
اما الوزير الآخر الذي عارض ترومان في نشاطه المحموم لإقامة دولة يهودية في فلسطين، فهو وزير الخارجية الفذ الجنرال جورج مارشال، الذي ينسب اليه «مشروع مارشال» (1947) لدعم اقتصاد دول اوروبا التي انهكتها الحرب العالمية الثانية، مخافة ان تسقط في يد الشيوعيين. وحصل مارشال على جائزة نوبل للسلام 1953، ووصفه الزعيم البريطاني تشرشل بأنه مهندس النصر في الحرب العالمية الثانية.
في خضم هذه الازمة، استدعت وزارة الخارجية الاميركية عدداً من دبلوماسييها العاملين في البلاد العربية لتقديم المشورة للرئيس ترومان، الذي رد عليهم بقوله: «ليس بين الناخبين عدد كبير من العرب».
خلال احد الاجتماعات، قال مارشال وهو يسدد نظراته الى الرئيس ترومان: «ان الاعتبارات السياسية الداخلية يجب ان لا تؤثر على السياسة الخارجية». وهدد ترومان بأنه سيصوت ضده في الانتخابات القادمة في تشرين الثاني 1948. وكان هذا اقسى ما سمعه ترومان من توبيخ.
منذ ان نزلت بنا كارثة فلسطين في منتصف القرن الماضي، ونحن في حيرة من موقف نصف الكرة الغربي منا، دون ان نتبصر في الاقرب، والاسهل تناولا، وهو موقفنا من انفسنا.
مرت بنا اربعة قرون قبل مؤتمر «بال» Basel (1897) وتصريح بلفور (1917)، ونحن لا نعرف ما هو الحكم، ولا ما هي السياسة. فكل ما كنا نعرفه عن الحاكم انه يأمر فيطاع، وانه يثيب ويعاقب على امور ذات شأن يعنيه، وانه يبعث بشباب العرب للحرب في جبال القوقاز وفي بلاد الصرب والبلغار، ويسلب حاصلاتهم الزراعية بالضرائب. وان مسكنه ومأكله وملبسه، وعدد نسائه من زوجات وجواري، على غير الشاكلة التي يعيش عليه بقية الرجال. هكذا عاشت أجيال وأجيال من الرعايا العرب على الوتيرة التي رأت عليها آباءها.
لما كنت قد عايشت بلادنا على امتداد ستين عاما، خبرت فيها هذا البلاء من خلال التفاعل معه والتبصر فيه، اقبلت بنهم من خلال الدراسة التي انهمكت فيها، والتفاعل الذي انغمست فيه على امتداد عشر سنوات، حاولت فيها الالمام بالحياة السياسية في امريكا، ودور جماعات الضغط اليهودية التي كادت تتحول الى اسطورة لا تغيب عن حسابات من لهم علاقة بالسياسة الامريكية الداخلية او بالسياسة الخارجية على حد سواء. ووضعت ما عرفته بين دفتي كتاب من سبعة عشر فصلا، تحت عنوان «القوة اليهودية في امريكا» (القاهرة - 2011).
لا ازعم ان هذا الكتاب بكل ما اشتمل عليه، انه قد غطى ما ظهر وما بطن من انشطة اللوبي (Lobby)، بتسمياته المترادفة: (اليهودي - الصهيوني - الاسرائيلي)، التي تتفاعل في المجالات السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والمالية، والاعلامية، والامنية، والتربوية، والدينية، التي يتم عمل "اللوبي" المشار اليه، فيها على جبهتين: داخلية لتقوية قلاعه، وخارجية لمهاجمة اعدائه.
عندما نزلت الطامة الكبرى بانتزاع فلسطين من اهلها العرب بالاكراه، عام 1948، جاءت هذه كضرورة ليعرف العرب انفسهم، وليتعرفوا على ما يدور حولهم. فإن هذه العملية لم تتم في طرفة عين، ولم تكن مباغتة. بل امتدت على مسار ثلاثين عاما 1917 - 1947).
اننا لم نعجز فقط عن الاطلاع على ما يكنه لنا الصهيونيون في صدورهم، بل تغافلنا حتى عن الانصات لاقوالهم، وقراءة كتبهم. وتعامينا عن رؤية افعالهم، التي تتجسد في مؤسسات ومنشآت عسكرية واقتصادية وعمرانية، في حالات الاعداد للحرب او اثناء اشتعالها.
لم تكن هناك طلاسم واحجيات في حاجة لنسبر اغوارها، حيث تكفينا مقارنة محسوسة بين مستوطنة يهودية وبلدة فلسطينية او موقع عسكري ثابت لاحد الجيوش العربية في فلسطين. وبين "كاديما" العصابات الصهيونية، والشتات غير المنظم للجيوش العربية النظامية.
وبعد عشرين عاما (1947 - 1967)، انخرطت فيها الامة العربية، خلال مرحلة من الغفلة والعبث، في ما زعمت قياداتها الجديدة انه ورشة للانقاذ والخلاص، في غياب نظرية سياسية وشعوب غير منظمة. حيث بدأ الانقاذ باغتيال بعض الحكام، الذي تبعته سلسلة انقلابات عسكرية لإزالة انظمة الحكم العربية وإقامة انظمة جديدة بأسماء مغايرة، ادعت معظمها انها تنشد الوحدة العربية، فإذا بها تعمق الانفصال، بل وتفتت الجبهات الداخلية. وجنبها تنبؤات الوزيرين جورج مارشال وجيمس فورستال، فقد ابتلعنا الهزيمة بسهولة، واستمر نفط العرب يتدفق الى دول الغرب الاوروبية - الامريكية بغزارة.
بلا إضاعة للوقت، وتبديد للجهد، لإثبات ما هو ثابت، فانه باستثناء الثورة الجزائرية (ضد فرنسا)، وثورة الجنوب اليمني ضد (بريطانيا)، لم تقم ثورات عربية شعبية في النصف الثاني من القرن العشرين، سوى انقلابات عسكرية بأسماء مختلفة، وبأداء متشابه، وانتفاضات فلسطينية ما بين هذا وذاك.
نعود الى «القوة اليهودية في امريكا» لنتذكر قليلا حولها، ولكن في العمق، فقبل خمس سنوات، حدث ان كنت في زيارة للقاهرة. فاتصل بي احد اعوان امير من اسرة حاكمة في احد الاقطار العربية النفطية، عن طريق محرر من معارفي يعمل في احدى الصحف المصرية، طالبا مقابلتي. فرحبت به. وكانت دهشتي بالغة عندما اخبرني هذا المعاون بأن الامير الذي يعمل معه، يتطلع لانشاء لوبي (lobby) عربي في الولايات المتحدة الاميركية لمواجهة اللوبي اليهودي هناك.
شعرت بالاسى في نفسي لجهل هؤلاء الناس، ولكنني احتفظت ببشاشة وجهي، وقدمت للزائر نسخة من كتاب «القوة اليهودية في اميركا»، وقلت له دع الامير يطلع على هذا الكتاب، ثم نتحدث فيما بعد، ولكنه لم يعد. وقد لاحظت بعدها ان الامير اكتفى بإقامة منتدى عربي متنقل بين العواصم العربية يلتقي فيه بهواة الاسترخاء على مقاعد الامراء الوثيرة.
ليت امراء النفط العرب يدركون ان «اللوبي العربي» ليست الولايات المتحدة الاميركية مكانه، بل مكانه صمامات انابيب النفط في صحراء العرب. وان هذا اللوبي هو الذي سوف يشل يدي بنيامين نتانياهو عن الاستيطان بوثاق اميركي، لو ان اللوبي العربي بدأ فقط بخفض انتاج النفط بمقدار 5٪، للتهديد بخفض اكبر اذا ما استمرت عملية الاستيطان الاسرائيلي في القدس والارض المحتلة.
بالتأكيد لو ان هذا النفط كان نفطا اسرائيليا لحول اصحابه «ياد فاشيم» Yad Vashem، النصب التذكاري للمحرقة ليصبح قبلة للعالم.

هل غير أوباما موقفه من سورية؟
بقلم: وولتر روسل ميد – القدس
فيما ترتفع الكلف طويلة الأمد للحرب السورية على الولايات المتحدة وحلفائها، ثمة إمارات عديدة تشير إلى أن الحكومة الأميركية بصدد التحرك في اتجاه سياسة شرق أوسطية أكثر واقعية.
ولكن، هل هناك بعد هذا الوقت الطويل إمارات تدل على أن إدارة أوباما ستتخذ موقفاً إيجابياً في سورية؟ يقول مقال مهم في صحيفة "الفايننشال تايمز" التي تعد في العادة حسنة المصادر، ويتم تحريرها بحذر وعناية أنه "تحت ضغط أميركي ثقيل" يتم حالياً فتح جبهة جنوبية جديدة في الحرب السورية. ويعد الثوار المعادون للأسد الخطى نحو دمشق، فيما يتدفق المقاتلون والمساعدات والأسلحة على مراكز الثوار في الجنوب السوري. وثمة المزيد:
"ثمة تفاهم في الولايات المتحدة والغرب بأن الشمال معقد وميؤوس منه في هذه اللحظة، حيث الفكرة القائلة إن القوات المعتدلة تستطيع أن تهيمن أو تستطيع صد الأسد لن تتحقق"، كما قال تشارلز ليستر الذي يتعقب تحركات الثوار لصالح مركز بروكينغز في الدوحة. "وذلك أفضى إلى تفاهم يقضي بأن الجنوب هو مفتاح أكثر واقعية لتحقيق النجاح العسكري الذي يقوده المعتدلون".
هذه واحدة من علامات عدة مفعمة بالأمل على أن إدارة أباما أدركت بعد أعوام من الفشل والتردد في اتخاذ قرار، أنه مهما كانت أخطاء المعارضة السورية (وهي كثيرة)، فإن السماح باستمرار الحرب السورية إلى أجل غير مسمى، حيث يتجه الأسد نحو انتزاع الانتصار، يعد وصفة للكارثة. وقد يكون الأمر أن الإدارة على وشك أن تعي أن ظهورها مترددة وضعيفة ليس الطريقة المناسبة للحصول على نتائج مع إيران أو إسرائيل أو الفلسطينيين. وسواء أحب المرء ذلك أم لا، فإن عدم اتخاذ الولايات المتحدة قراراً أو ترددها حول سورية قد أصبح حالة اختبار لجدية غايات أميركا في المنطقة. وإذا أخذ البيت الأبيض أخيراً هذه الحقيقة بعين الاعتبار وباشر العمل، فإنها ستكون هناك على الأقل فرصة يصل معها تآكل موقف أميركا في المنطقة وفي تقوية حلفائها إلى نهاية.
برزت على السطح مؤخراً بعض التلميحات المهمة الأخرى. فقد أدلى نائب وزير الخارجية الأميركي، وليام بيرنز، مؤخراً بشهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، حول التكاليف المتنامية للحرب طويلة الأمد في سورية وأثرها على الولايات المتحدة وحلفائها. فكلما طال أمد الحرب، أصبح السوريون "حاضنة للتطرف":
"إننا نواجه عدداً من المخاطر المحدقة بمصالحنا نتيجة لذلك: هناك خطر في الوطن من المجموعات الجهادية الكونية التي تسعى إلى كسب ملاذات آمنة طويلة الأمد، وخطر يحدق باستقرار شركائنا الإقليميين، بما في ذلك الأردن ولبنان والعراق، والخطر المحدق بإسرائيل والشركاء الآخرين من صعود المجموعات المتطرفة المدعومة إيرانياً، وخاصة حزب الله المقاتل في سورية، وخطر يواجهه الشعب السوري الذي تشكل معاناته أكبر أزمة إنسانية يشهدها القرن الجديد".
تشير هذه الشهادة إلى احتمال أن الحكومة الأميركية تتحرك بعيداً عن موقفها السابق القائم على أن انخراطها في الحرب، مهما كان غير مباشر، هو أسوأ من السماح باستمرار الحرب. كما أنها ربما تعكس أيضاً إدراكاً لحقيقة أن روسيا لن تساعدنا في وضع حد للحرب بشروط عقلانية.
كان مؤتمر جنيف فشلاً كاملاً ومطلقاً، والذي جعل من المستحيل على واشنطن التظاهر بأن لديها سياسة خاصة بسورية بالفعل. وراهناً، في مرحلة ما بعد جنيف، تبدو الولايات المتحدة وأنها تعيد التفكير في قراراتها التي جلبتنا إلى هذا الجمود.
على الجانب الشرق أوسطي، ثمة تطورات مهمة أيضاً؛ إذ يبدو وكأن السعوديين أصبحوا أكثر جدية بخصوص قطع الروابط مع المجموعات الخطيرة. وقد أعلنوا، في بيان مؤخراً، بعض التنظيمات الجهادية السورية إرهابية على سبيل المثال، وشرعوا في شن حملة على المقاتلين والممولين الذين يدعمون الناس "الخطأ" في هذه الحرب الرهيبة.
بالنسبة لأولئك منا من غير المطلعين على انسياب البرقيات السرية، فإن عليهم محاولة قراءة أوراق الشاي كإجراء بديل، وهي تشير إلى أن الولايات المتحدة والسعوديين توصلوا إلى نقطة التقاء في التفكير. ويبدو أن السعوديين قد وافقوا على مراقبة مساعداتهم بشكل أكثر فعالية من السابق، آخذين مكامن قلق الولايات المتحدة من الجماعات المتطرفة على نحو أكثر جدية. في حين تكون الولايات المتحدة من ناحيتها مستعدة للعمل أكثر بكثير لصالح المجموعات التي تنجح في اختبارات "اعتدال" أكثر حزماً وصرامة. وإذا صح ذلك، فإنه لا يشكل أخباراً جيدة بالنسبة للمعارضة السورية فقط، وإنما يشكل إمارة على أن إدارة أوباما أصبحت تعير انتباهاً أكثر للجوقة العالية من الأصوات الواردة من كل الأطراف في الشرق الأوسط، والتي تحذر من أن الجهد الرامي إلى تسوية الموضوع النووي مع إيران، والذي يتجاهل صعود إيران الجيوسياسي في منطقة الهلال الخصيب سوف يفشل. وسيتنفس الإسرائيليون والعرب الصعداء على حد سواء إذا كان الأمر كذلك: فقد توحد العرب السنة والإسرائيليون بعامل الخوف من أن إدارة أوباما، بهرولتها للتوصل إلى صفقة نووية مع إيران، ربما تكون مستعدة لمقايضة أراض عربية في مقابل الأسلحة النووية الإيرانية.
من الممكن أن ينطوي شن هجوم من جانب الثوار في الجبهة الجنوبية وبعيداً عن الفوضى العارمة والاقتتال الداخلي المهيمن على الأراضي التي يسيطر عليها الثوار في الشمال، على أهمية كبيرة. ولا تغيب عن البال حقيقة أن دمشق تقع على مقربة من الجبهة الجنوبية في الحرب. ومن الممكن أن يغير أي شيء يهدد دمشق طبيعة الحرب، ويضع بالتالي الأسد وداعميه في إيران في زاوية ضيقة. وهو ما يزال مسعى مبكراً بعد، لكنه إذا قررت الإدارة التحرك في اتجاه سياسة أكثر إيجابية، فإنه يجب على الناس ملاحظة ذلك وأن يمنحوا الفضل حيث يجب أن يمنح. وقد كانت هناك حالات فجر زائف من قبل. لكنه إذا تبين أن هذه القشات في مهب الرياح هي إمارات على تغير فعلي، فإن الأمر ربما يكون أن البيت الأبيض قرر في النهاية المطاف أن يتجه نحو تطبيق سياسة أكثر ثباتاً وواقعية في مقاربته للشرق الأوسط.

الثوار أصحاب القضية في سوريا
بقلم: ديفيد إغناتيوس – القدس
بددت الأزمة الأوكرانية أي أمل في إمكانية حدوث تعاون أميركي - روسي للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وهو ما يجعل الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية بديلة لدعم المعتدلين السوريين القادرين على مواجهة نظام بشار الأسد ومتطرفي «القاعدة».
وربما يسهم في إعادة التوازن زعيم المعارضة الجديد جمال معروف الذي يقود مجموعة تدعى جبهة ثوار سوريا، ويقود قوات الثوار المعتدلين شمال سوريا، وقد تحدثت يوم الخميس هاتفيا مع معروف، الذي كان قريبا من الحدود السورية - التركية. وشرح استراتيجية من شقين بدت أكثر براغماتية لم أسمعها من قادة المعارضة في الشهور الأخيرة.
يقول معروف إن قواته مضطرة للقتال بشكل متزامن ضد قوات الأسد ومقاتلي جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، المجموعتين الجهاديتين اللتين ترتبطان بـ«القاعدة». القول أسهل من الفعل، لكن معروف أنجز ذلك بالفعل في منطقته في إدلب. فقد طرد مقاتلوه قوات الأسد من معرة النعمان، في وسط إدلب في (آب) 2011، ونجح قبل شهرين في طرد مقاتلي «داعش» من المنطقة.
وقد وسع قائد الثوار السوريين من قتاله ضد الجماعات المتطرفة، فطردت قواته «داعش» من شمال محافظة حلب وتسعى لطردهم من شرقها. وقد طردوا المتطرفين من منطقة تمركزهم في داركوش، على الحدود التركية. ولو تمكن من الحصول على المال والسلاح الكافيين لمضى لقتال المتطرفين في الشرق، في الضواحي الشرقية من حلب ثم مدن شرق سوريا في الرقة ودير الزور.
معروف، البالغ من العمر 39 عاما، مثل على الجيل الجديد من القادة الشباب للثورة السورية، فالقائد السابق للجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس كان رجلا رصينا وأستاذا سابقا في كلية الحرب السورية درس في ألمانيا. في المقابل لم ينل معروف قدرا كبيرا من التعليم حيث تخرج من المدرسة الثانوية وخدم في وحدة الدبابات خلال مدة خدمته على مدى عامين في الجيش السوري ثم عمل في مجال التشييد والبناء في لبنان.
يتسم معروف بخصلتين لا تتوافران في قادة المعارضة المعتدلين؛ الأولى أنه قائد ميداني ناجح، والثانية، والتي ربما تكون الأهم، هي أنه لم يتأثر بداء الطائفية التي أصابت معظم المعارضة. ويقول معروف إن معظم جنود الجيش السوري «هم أبناء سوريا» أيضا، وأنه بعد انتهاء الحرب يجب أن تكون هناك مصالحة وطنية.
وعندما سألت معروف، وهو سني مسلم، عن السوريين العلويين، قال: «كل السوريين لهم حق العيش بحرية في سوريا دون تمييز بين سني وعلوي. وبعد الإطاحة بالأسد كرئيس ينبغي محاكمة كل مرتكبي جرائم الحرب، بمن في ذلك المتطرفون السنة الذين ذبحوا العلويين، وجنود الجيش السوري الذين قتلوا السنة»، وهذه هي الرسالة التي يحتاج السوريون لسماعها، خاصة أمراء الحرب الذين أدت ممارساتهم في «المناطق المحررة» وفسادهم لأن يكسب تنظيم القاعدة مؤيدين له. وهنا يقدم معروف استراتيجيات قوية، فيقول إنه أنشأ محاكم وسجونا في المناطق التي سيطر عليها لمعاقبة المجرمين، وحاول إعادة الخدمات العامة قدر الإمكان، وحذر من أنه لن يتمكن من إعادة بناء المدارس بسبب مخاوفه من قصف النظام للأطفال المتجمعين داخل الفصول.
تدرس إدارة أوباما إمكانية توسيع مساعداتها للمعارضة المعتدلة، وتدرب وكالة الاستخبارات الأميركية نحو 250 مقاتلا شهريا.. هؤلاء المقاتلون يعملون في الأغلب في جنوب سوريا تحت قيادة القائد العام للجيش السوري الحر عبد الإله البشير، ابن بلدة القنيطرة القريبة من الحدود الإسرائيلية. يريد مؤيدو المعارضة مضاعفة برنامج التدريب هذا عبر إنشاء معسكر في قاعدة جوية في دولة خليجية صديقة بحيث يتمكن رجال القوات الخاصة الأميركيون من تدريب وتسليح مقاتلي الجيش السوري الحر على عمليات مكافحة الإرهاب. وسيحقق هذا التدريب فائدة كبيرة في حال وافقت إدارة الرئيس أوباما على ذلك.
وسيحتاج المقاتلون السوريون المعتدلون إلى أسلحة أفضل لحماية المدنيين من قوات الأسد والمتطرفين على السواء. وقد قدمت المعارضة طلبا للحصول على المدافع الثقيلة القادرة على مهاجمة مروحيات الجيش السوري. في الوقت ذاته تبدي المملكة العربية السعودية استعدادها لتزويدهم بالأسلحة.
من جانبها فإن الولايات المتحدة محقة في قلقها من إمكانية وقوع أي أسلحة قوية في الأيدي الخاطئة، لكن جمال معروف يبدو من ذلك النوع من القادة الذي تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الوثوق به - لتقديم الأسلحة الكافية لحماية المدنيين السوريين وقتال المتطرفين - خلال الانتظار الطويل للتوصل إلى حل سياسي لهذا الصراع المخيف.

بعد نتنياهو... الرئيس عباس في البيت الأبيض!
بقلم: عوني صادق – القدس
لم ينته الحديث بعد في الصحف الإسرائيلية والعربية عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لواشنطن، ولقائه بالرئيس أوباما وخطابه في منظمة اللوبي اليهودي الأمريكي (أيباك) . واليوم، سيحل الرئيس محمود عباس ضيفاً على الرئيس أوباما في لقاء وصف بأنه "الأصعب" بالنسبة للرئيس عباس.
في العادة، وفي برامج (التوك شو)، يعتبر من يعطى الكلمة الأخيرة تكون له الفرصة الأفضل في الحوار . لكن هذا لن يكون في الحوار السالف . ففي لقائه مع أوباما، وفي خطابه أمام (أيباك)، وفي المقابلات الصحفية التي أجريت معه، أكد نتنياهو على أنه "لا اتفاق سلام مع الفلسطينيين من دون اعترافهم بيهودية إسرائيل" . وفي كل تصريحاته وما نسب إليه، أكد الرئيس عباس "إننا لن نعترف بيهودية إسرائيل" .
ولعله ولما لمسته واشنطن من تصريحات ومواقف الطرفين، خرجت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي بما تظنه "حلاً وسطاً" بين الموقفين، وهو ليس كذلك بالتأكيد، فقالت يوم 8-3-2014 شارحة الموقف الأمريكي، بقولها: "موقفنا هو أن إسرائيل دولة يهودية، ولكن ليس بالضرورة أن يتفق الطرفان على ذلك في إطار الاتفاق النهائي"!
ولا شك في أن مسألة الاعتراف ب"يهودية إسرائيل" هي العقبة الأصعب في طريق التوصل إلى "اتفاق إطار"، لكن كل المسائل الأخرى هي عقبات أخرى وضعتها القيادة الإسرائيلية لتمنع بأقدار متفاوتة التوصل إلى الاتفاق، وتأتي في المقدمة منها قضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ثم وضع المستوطنات، وأخيراً ما يندرج تحت عنوان "الترتيبات الأمنية" . والمفروض أن اللقاء بين أوباما والرئيس عباس سيتوقف أمام كل هذه القضايا التي لم تنفع كل جهود وزير الخارجية جون كيري وشهوره الثمانية في التوصل إلى اتفاق حول أي منها .
لذلك وصف اللقاء بأنه "الأصعب"، حيث يمكن، أو يفترض، أن يتوقف عليه مصير المفاوضات .
وبسبب ما هو معروف عن طبيعة العلاقات بين امريكا واسرائيل والفلسطينيين لا يتوقع المراقب أي تغيير يمكن أن يطرأ على موقف حكومة نتنياهو، لكنه يترقب ما يمكن أن تسفر عنه زيارة عباس ولقائه مع أوباما . مع ذلك، فإنه إذا ما توقفنا أمام آخر تصريحات الرئيس عباس، نرى أنه من الصعب أن يطرأ على مواقفه المعلنة تغير جوهري، خصوصاً في القضايا الأكثر جوهرية ك"يهودية إسرائيل" .
ففي مساء يوم 6-3- 2014 خاطب الرئيس عباس الشبيبة الفتحاوية في الجامعات الفلسطينية وأعاد التأكيد على أن موقف السلطة "ثابت"، ومتحدياً من يدعي أنها قدمت "أية تنازلات منذ إعلان الاستقلال العام 1988"! وقال، إن السلطة لا تزال تطالب بالانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي الفلسطينية على حدود 1967 .
وبالنسبة لموقفها من حق عودة اللاجئين، قال "إنه حق شخصي لكل لاجيء ولاجئة"، وهو حر في اختيار الحل الذي يريد من بين الحلول الممكنة..
وفي التاسع من آذار الجاري، عقد مؤتمر وزراء الخارجية العرب اجتماعاً أسفر، كما أكد وزير الخارجية رياض المالكي، عن "إقرار جميع القرارات والبنود الخاصة بفلسطين"، وأن زيارة الرئيس عباس لواشنطن "مدعومة عربياً" وفي تحديد لتلك القرارات والبنود التي تم إقرارها، قال المالكي: "الرفض المطلق ليهودية الدولة، والرفض المطلق للتواجد العسكري الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية على حدود 1967 والقدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية"..
لا نريد التعليق على أهمية "الدعم العربي" لزيارة الرئيس عباس، فالجميع يعرفون حدود ذلك الدعم وفاعليته المشكلة حتى الآن، أن المنظمة والسلطة والفلسطينيين يرفضون "يهودية الدولة"، فيصبح ليس مطلوباً من هذه الدول العربية أي شيء حتى يتغير الموقف.
لقد وصف نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، خطاب نتنياهو أمام (أيباك) بأنه "إعلان إسرائيلي رسمي من طرف واحد بإنهاء المفاوضات" وكان الرئيس عباس و صائب عريقات، قد أكدا أنه "لن يتم تمديد المفاوضات والحقيقة أن ذلك يطرح السؤال التالي: لماذا إذن زيارة الرئيس عباس لواشنطن، بعد أن تبين أن كل "طموحات" كيري، وإدارة أوباما، قد أجهضت في الأيام الأخيرة، وتحولت إلى محاولة لمجرد تمديد المفاوضات؟!
وفي حديثها المشار إليه أعلاه، قالت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية: إن الأمر الأهم "هو استمرارنا في الاقتناع بأن الطرفين عازمان على الاستمرار في التفاوض"!
وإذا أردنا أن نبحث عن مبرر لزيارة الرئيس عباس، فلا نجد أكثر من القول إنه أراد أن يقول "كلمته الأخيرة" في موضوع المفاوضات، وفي هذه الحالة يصبح الموقف المطلوب هو أن يعلن إنهاء المفاوضات، إن أصر نتنياهو على مواقفه، وإن ظلت الإدارة الأمريكية على مواقفها المنحازة . عندها يستطيع أن يذهب إلى "المؤسسات الدولية"، وأن يلجأ إلى ما يراه "البدائل" للمفاوضات . وبالرغم من كل ما يحيط بتلك "البدائل" من ملابسات، إلا أنها تظل أفضل من تمديد مفاوضات وصفها بأنها عبثية .

من يتذكر الربيع العربي؟!
بقلم: عبد الله العتيبي – القدس
أحوال الجمهوريات العربية المنتفضة لا تسر عدوا ولا صديقا، فهي غارقة في وحول الأصولية والفوضى، تسعى جهدها للملمة هذين التحديين الخطيرين، وبعضها نجح في مواجهة الأولى كمصر وإن لم ينتهِ منها بعد، وبعضها لم تزل الأصولية تفرض نفسها عليها مع اختلاف النموذج كما في تونس وليبيا، أما الثانية فلم تزل هاجس الجميع وستظل لمدة ليست بالقصيرة.
نحاول أن نتذكر مع بداية 2011 كيف كانت الأحلام الوردية تملأ عقول الحالمين والآمال العريضة تحلق بلا حساب في سماوات تفكير الثائرين، وانجرف خلف تلك الأحلام والآمال فئات من الشباب السادر في غي الثورة وما تثيره من جرس يدغدغ المشاعر بحل سحري - لا علاقة له بمعطيات الواقع ولا منطق التاريخ - يغير كل شيء في لحظة استثنائية لتنتقل الدول والشعوب إلى مصاف العالم الأول، بل تتجاوزه إلى ما هو أكثر تقدما وازدهارا.
كان الشباب الثائر حينها يعتقد أنه الشعب كله والجماهير كلها، وقامت سوق نفاق متبادل بين النخب والشباب. الشباب يحلمون والنخب تبرر وتحلل وتسوِّق البضاعة التي يطلبها الشباب، ثم تكسرت تحت مطارق الحاجات الملحة في الواقع للأفراد غالب تلك الأحلام والآمال، وتحطمت على صخرة المنطق والتاريخ كل التحليلات والتبريرات التي جرى تسويقها وترويجها في تلك السوق.
اليوم بدأ الجميع يدرك أنه لم يكن من ربيع في تلك الجمهوريات التي انبثقت فيها الأصوليات القديمة والعتيدة بكل شكل ولون وأزكمت روائحها أنوف الجميع، وبات التعامل معها واجبا يفرض نفسه على الدول والشعوب، وتعملقت الفوضى وتحولت لمؤسسات وتيارات وأحزاب ورموز لها شبكات معقدة من المصالح والمكتسبات التي لن تتخلى عنها بسهولة وستدافع عنها إلى النهاية.
مصر اليوم، على سبيل المثال، تسعى تحت حماية الجيش إلى تجاوز تلك المرحلة والعودة للواقع والتعامل معه ورسم سبل النجاة من براثن الأصولية والفوضى بأي ثمن، وهي حظيت بدعم تاريخي من حلفائها التاريخيين وعمقها الاستراتيجي في دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ومملكة البحرين، ومع ذلك فهي تسير بخطى وئيدة في طريق استكمال خارطة المستقبل، وهي أنجزت الكثير وبقي عليها الكثير في إنفاذ تلك الخطة والدخول فيما بعدها. فنهاية خارطة الطريق أو المستقبل لا تعني سوى بداية وضع القدم على طريق الألف ميل الذي لا يعدها إلا بكثير من التعب والآلام عسى أن تستطيع في السنوات الطويلة المقبلة أن تعود لنفسها وأن تتماسك من جديد وأن تضمن الاستقرار والأمن ومن ثم الاكتفاء فالرخاء.
تعلم معظم دول الخليج أن استقرار مصر وعودتها قوية يمثل مصلحة استراتيجية لأمنها الوطني الإقليمي، وهي قدمت وستقدم في سبيل ذلك الكثير من الدعم والمؤازرة والمساندة، ولكن أحدا لن يستطيع أن يساعد مصر ما لم تساعد نفسها، بمعنى أن هذا الدعم لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية بذات القوة والتدفق، وأن على مصر أن تجد الحلول العملية لمشكلاتها وأن تجترح الخطط التنموية التي تضمن لها النجاح والاستقرار، وهذا سيكون هو الرهان الحقيقي الذي ستواجهه.
مع كل ما تستحقه المرحلة الانتقالية الحالية من جدل وما تثيره من أسئلة مستحقة فإنها ستنتهي في الأشهر المقبلة، وأيا كان شخص الرئيس القادم فهو لن يستطيع النهوض بمصر من كبوتها ما لم يقنع عامة الناس بجدوى خططه ومشاريعه ويثبت لهم أنه قائد يمكنهم الوثوق به في إكمال حمايتهم من الأصولية كما يقنعهم بأنه قادر على قص أجنحة الفوضى ويجمعهم خلف رؤى ومشاريع البحث عن المستقبل.
أسقطت مصر حكم جماعة الإخوان المسلمين الأصولية والمتطرفة، وقدمت نموذجا للخلاص من حكم الإسلام السياسي المتطرف، ووقفت بذلك ضد مصالح دول غربية كبرى، وحظيت بدعم صريح وعلني لهذا التوجه..
وهو الدعم الذي توجته السعودية والإمارات بحظر جماعة الإخوان المسلمين وتجريمها بحكم القانون وبناء الأنظمة والآليات التي تضمن تجفيف منابع أي دعم من أي شكل لمساعدة تلك الجماعة في نشر الإرهاب والقتل والتفجير داخل مصر، وهو دعم أوضح بيان اللجنة المشكلة بالأمر الملكي قبل أكثر من أسبوع والذي أعلنت عنه وزارة الداخلية، مدى صرامته والحزم في تطبيقه، وهو ما لقي ترحيبا معلنا من وزارة الخارجية في دولة الإمارات.
تعلمت جماعة الإخوان المسلمين في تونس الدرس الذي جرى في مصر وقدمت تنازلات غير مسبوقة تجاه إقرار الدستور والتوافق مع الفرقاء السياسيين، ولكنها نظرا لطبيعة الدولة وشح الموارد الاقتصادية ستظل تعاني من بعض جيوب الأصولية التي هي خارج الحكم كما ستعاني من تيارات الفوضى وتلاعبات الأصولية في إدارة الدولة والحكم.
أما ليبيا فهي تقدم اليوم نموذجا صارخا لمآلات ذلك الربيع؛ جماعات مسلحة بالعشرات، وتكالب على المصالح الضيقة وإنْ بالتهديد بالتقسيم أو التمهيد له، وتدخلات أجنبية لدعم تيارات الأصولية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وخطف لرئيس الوزراء ثم إطلاقه، ثم إسقاطه وملاحقته وهربه، ومنطق السلاح والقوة يفرض نفسه حتى على البرلمان وأعضائه، وإعاقة لإنجاز الدستور وتصدير كميات محدودة للنفط في ظل غياب شبه كامل لمعنى الدولة وأفق شبه مسدود للمستقبل، وهو واقع تبين من تصريحات بعض المسؤولين الليبيين السابقين ما بعد 2011 أن إحدى الدول العربية شاركت فيه بقوة وبتخطيط ولم تزل.
قدمت الدول الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، دعما غير محدود ومتعجل في بدايات 2011 لإسقاط الأنظمة القديمة والترحيب بالحكم الأصولي فيها، وتغيرت مواقفها لاحقا بحسب كل دولة بعد إسقاط الحكم الأصولي بمصر، ولكنها جميعا وعندما وصل الأمر لسوريا أبدت تخاذلا تاريخيا وضعفا دوليا ورضيت أن تكون شاهدا على أكبر مجزرة تاريخية تقع في القرن الحادي والعشرين، وتركت الشعب السوري يواجه أعتى تحالف عسكري برعاية روسية وقيادة إيرانية ومشاركة من النظام السوري وحلفائه من الأصوليين الشيعة من لبنان والعراق واليمن.
وقفت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، موقفا تاريخيا واستراتيجيا في دعم الشعب السوري ولم تزل، وهو موقف سينتصر في النهاية قرب الزمان أم بعد، ومع الأخذ بالاعتبار حقوق الشعب السوري في رسم مصيره ومستقبله بعيدا عن نظام بشار الأسد فإن أحدا في سوريا لا يتحدث عن الربيع. ختاما، هل بقي أحد يتذكر الربيع العربي؟



شو؟ قال "تشريفات" .. هلموا!
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
لملم (لضم حبّات المسبحة بخيط) مفردات مثل: تشريفات. مراسم. برتوكول، او عادات. تقاليد، موروثات. وأين تلاقي خيطا يلضم معرض "زي التشريفات".
الناس العاديون يفهمون هذه "اللملمة" وفوق العاديين بقليل، يفهمون "لضم" مفردات: ديبلوماسية. سياسة. استراتيجية.. وربما استراتيجية عليا.
كان السلطان. كان الوالي. كان الامبراطور .. وصايا الرئيس او الملك (منزوع الصلاحيات باستثناء ملوك العرب!).
ما علاقة مفردات اللملمة واللضم بالديبلوماسية والسياسة؟ إنه "الزي" .. فأين تجد زي "الكيموفو" و"الساموراي" في شوارع طوكيو، او زي الامبراطور في شارع الشانزليزيه. لا نريد ان نبتعّد: أين تجد الزي الشعبي الفلاحي الفلسطيني .. رجالاً ونساء، في غير رسومات الفنانين، او خزائن المتاحف، او مجموعات الهواة - المحترفين (مها السقا - بيت لحم).
معرض "زي التشريفات" ميعاده الخميس المقبل 20 آذار، في متحف جامعة بيرزيت، كيف نكتب عن معرض لم نره؟ احدى الزميلات لفتتني الى المعرض، وربما هي تعمل علاقات عامة للمعرض، وزودتني، عبر الانترنت، بما يشبه مقدمة مكتوبة او توطئة "بريغاس" فاستعجلت كتابة عن معرض قد أراه .. أو لا أراه؟
اريد ان افهم ما العلاقة بين الاقحامات والتنزيلات السياسية الفلسطينية بلملمة مفردات ولضمها في خيط "زي التشريفات"؟
اقرؤوا معي: "الصورة الرسمية / زي التشريفات والتي تتحدى شخصية الزعامة الفلسطينية الاوسلوية بجميع اشكالها الذكورية والبيروقراطية الانهزامية، واسقاطات كل ذلك على القضية الفلسطينية، في ظل مشروع مهترئ لبناء دولة .. كيفما جاءت"؟!
سألوا عرفات، قبل توقيع اوسلو: لماذا تذهب بزيك الحربي الى البيت الابيض. قال: اعطوني دولة .. وسأرتدي بزة رسمية. بدل الكوفية والكاكي وجراب المسدس، صار لدينا رئيس ببزة وربطة عنق، يحاول استيلاد دولة.
التوطئة اياها "س.ج" مع صاحب المعرض (هو خريج كلية غولد سميث اللندنية، مثل ابنتي) وعرضه الاول، كما يفتخر، كان بعنوان "شهداء خيط الحرير" في مؤسسة عبد المحسن القطان - لندن يقول عن ذاك المعرض: "تتجلى صورة الرجل الفلسطيني في هيئة الشهيد، والاسير، والفدائي، والعامل، والفلاح، والارهابي .. والسياسي، مقابل صورة المرأة الفلسطينية التي تظهر، دوماً، في زيها التقليدي الريفي .. هل حقاً؟!
امشوا في شوارع مدننا، ودلوني على أناس شعبيين يمشون في "صورة الرجل" أو "صورة المرأة الفلسطينية" .. وهذا ليس سؤالاً عن أناس شوارعنا، بل عن أناس شوارع العالم.
الزي العملي "معولم" على مدى مدن خطوط الطول والعرض في الكرة الارضية .. وتوارت، شيئاً فشيئاً ازياء الشعوب (ربما يعملون متحفاً لأزياء زعماء افريقيا، وأولهم القذافي).
الأحذية هي الاحذية، والرؤوس الحاسرة هي الرؤوس الحاسرة، والزي الفلاحي الفلسطيني يندحر امام فستان زوجة رجب طيب اردوغان، او غيره.
هناك صورة ملونة عن "زي التشريفات" في بطاقة الدعوة، وكأنها صورة رجل ثري، او جنتلمان من "الزمن الجميل" (لابيل - ايبوك) في القرن التاسع عشر. السروال ضيق وانثوي ومذهّب، وكذا الحذاء بلونه وتصميمه، والرأس حاسر، والوسط تلفه شالات ملونة .. من "الجدع" الذي يلبسه في شارع ركب؟
يعني؟ تحليك بهذا الزي أن تذهب إلى حفلة تنكرية لطبقة النبلاء او العليا مع عصابة "زورو" على عينك.
طالما سألت نفسي لمّا أرى ازياء مصر النبلاء في اوروبا: كيف يغسلون هذا الزي المعقد والمزركش؟ وكيف يكوونه؟ كان للعساكر والمحاربين ازياء مختلفة .. والآن؟ زي موحد او متقارب لجنود جيوش الشعوب والدول والامم .. وكذا لباس رياضي لكل رياضة من الفروسية الى السباحة.
تابعوا معي هذا التحميل، "تفكيك معاني الزي الرسمي للسياسيين في واقع الراهن الفلسطيني، وكل ما يعيد هؤلاء انتاجه بمجرد ارتدائهم لزيهم الرسمي.. دائماً ما يظهر الساسة الفلسطينيون عديمو الخبرة والكفاءة، بمظهر متعثر وغير متماسك.. ولو انهم يرتدون البدلات".
يعني؟ على رئيس السلطة ان يستقبل رئيس الولايات المتحدة وهو يرتدي زياً فلسطينياً كما كان يفعل العقيد القذافي بملابسه الغريبة الانثوية.
"ماشي الحال" .. لمصمم الازياء ان يصمم "زي تشريفات" لا يرتديه أحد (تصورت لو ان زي البطانة يرتديه رجل يمشي في شارع ركب؟ سيبدو مهرجاً او منحرفاً مثلاً) لكن احد أشهر مصممي الازياء وهو الفرنسي ايف - سان - لوران، قال: اسفي أنني لست مصمم بنطال (سروال) الجينز. لا ادري ما هي حسرة مصممة الازياء الفرنسية الراقية (هوت - كونور) كوكو شانيل، وهي تعرض ازياء غريبة في الصالات، وترى ازياء عملية في الشوارع؟
مسك الختام: "هوس السياسة الفلسطينية برموز الدولة طغى على المطالب الحقيقية للشعب الفلسطيني .. اتصور ما هو الزي الذي من الممكن ان يرتديه هؤلاء في هذه الدولة التي من الواضح انها مفتعلة وغير حقيقية.
* * *
يا سيدي الفنان: راح زمن "أنت فصّل ونحن نلبس" وراح زمن الالبسة الجاهزة .. وللفنان وحده ان يرى ما يريد .. وللشاعر ايضاً!
سمعنّا موالك عن الاصالة والمعاصرة، دون ان تحيكه بخيوط سياسية!!

من يحمي الثوابت الفلسطينية؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
ربما استعجل الرئيس الاميركي اوباما، التدخل في الجهد المتواصل الذي يقوم به وزير خارجيته جون كيري وفريقه، من اجل احداث اختراق تاريخي في جدار الصراع المزمن والمعقد بين الفلسطينيين والعرب وبين اسرائيل.
كان عليه ان يفعل قبلاً ما يضفي الاهلية على دور الوساطة الذي تقوم به بلاده، اذ كان عليه ان يعلم بأن انحياز الولايات المتحدة لصالح اسرائيل، لا يساعد في التوصل الى تسوية، كما لا يساعد في التوصل الى تسوية مقبولة، المكانة والقوة التي تحظى بها بلاد العم سام اذ ليس بامكان الولايات المتحدة احتلال فلسطين المحتلة، حين ترفض فلسطين سلام الاذعان، والخضوع.
وربما اخطأ الرئيس الاميركي مرة اخرى في اختيار توقيت تدخله الشخصي والمباشر، وكان عليه ان يؤجل ذلك الى الاسبوع الاخير من الفترة المتفق عليها للمفاوضات الجارية، اذ كان عليه ان يعرف بأن تدخله بما يملك من مواقف، ليس من شأنه سوى ان يعجل باعلان فشل الدور والجهد الاميركي في تحقيق التسوية.
لا يمكن احتساب تدخل الرئيس اوباما، عبر لقاءاته المنفردة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي، ورئيس دولة فلسطين، على انه جولة من الجولات التي يقوم بها المبعوثون الاميركيون لتقريب وجهات النظر، فعند هذه المحطة ينبغي، وينتظر الجميع حلولا، لما تراكم من مشكلات وخلافات، يكون وزير الخارجية كيري وفريقه، قد استخلصها خلال جولاته التفاوضية.
في هذه المحطة تضع الولايات المتحدة هيبتها، ومكانتها، ودورها وقدرتها على المحك، ولذلك كان عليه ان يقرأ الدرس جيداً، وهو ان الحق الفلسطيني العادل والمشروع، المعزز بقرارات الشرعية الدولية، سيكون دائماً، اقوى واكثر منعة، وان هذا الحق، ينطوي على قدر من الصمود اكثر صلابة من مكانة الولايات المتحدة وقوتها التي تتراجع على المسرح الدولي، وفي اطار موازين القوى الناشئة.
ماذا ستفعل الولايات المتحدة للاجابة عن سؤال ماذا بعد لقاءات الرئيس اوباما مع رأسي طرفي الصراع، خاصة في ضوء الفشل المحتوم لما يقوم به طالما لم ينجح في زحزحة المواقف والشروط الاسرائيلية، او بالاحرى طالما، لا تملك او لا تريد بلاده ان تنطق كلمة الحق؟ لقد بقي امام الولايات المتحدة فرصة واحدة فقط، بعد فشل المفاوضات حتى في التوصل الى اتفاقية اطار كانت اسهل من التوصل الى اتفاق تسوية كما كان يعتقد البعض، وهذه الفرصة هي فقط، الحصول على موافقة الطرفين لتمديد المفاوضات لفترة اشهر اخرى، من غير المحتمل ان تؤدي الى تسوية لكنها تسمح للاميركيين بأن يقوموا بعملية تراجع متدرجة، تخفف من آثار صدمة الفشل الكبير.
الولايات المتحدة مقبلة على انتخابات نصفية للكونغرس، وهي تعاني جراء التراجعات المستمرة في حضورها، وسياساتها الخارجية، وتخلي بعض اصدقائها عنها، او غضبهم منها، ولذلك ليس من السهل على الحزب الديمقراطي ان يتحمل، اعلان فشل صريح، ما يضاعف الذخائر التي يراكمها الحزب الجمهوري الذي سينقض بمساعدة اسرائيل على الطموحات الانتخابية للديمقراطيين.
وكما الاميركيين، فإن الاسرائيليين ايضا متضررون جداً، من أن يتحملوا المسؤولية عن فشل الجهد الاميركي، ولذلك فإن مصلحتهم تقتضي نجاح اوباما في تمديد عمر المفاوضات، التي لا تشكل عليهم قيداً، تحاول اسرائيل عبثاً، ان تدير قرص المسؤولية عن الفشل، الى الفلسطينيين، ولذلك لا يكف بعض المسؤولين فيها عن التعبير عن غضبهم وتبرمهم من التكتيك التفاوضي الذي تتبعه السلطة، من خلال التمسك بالثوابت، والتساهل مع التفاصيل الى الحد الذي يجعل الرئيس محمود عباس، يعلن وهو الى جانب رئيس الوزراء البريطاني كاميرون ان الفلسطينيين لا يطالبون بمقاطعة اسرائيل، وانما بمقاطعة بضائع ومنتجات المستوطنات.
تتمنى اسرائيل، ان يكون شريكها الفلسطيني في عملية السلام، حين يكون السلام مطروحاً، انسانا متطرفا، لا يتزحزح عن مواقفه، انسانا مدججا بالشروط والمطالب، التي تتجاوز مرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، لانها ستكون اقدر على اقناع المجتمع الدولي بمسؤولية الفلسطينيين عن فشل كل محاولات البحث عن السلام.
الفلسطينيون هم الوحيدون الذين لا يتضررون من اعلان فشل الجهد الاميركي، فهم اصحاب قضية عادلة، ليس لديهم من شروط او تطلعات تزيد عما قدرته الشرعية الدولية، وقد قدموا كل ما يمكن لاثبات صدقيتهم ازاء التوصل الى تسوية، اللهم الا اولئك الذين يصرون على تبني، ودعم الشروط الاسرائيلية مهما كانت ظالمة.
لذلك، ما كان على الرئيس الفلسطيني ان يعلن انسحابه من المفاوضات، ولا ان يقدم اي مبرر وذريعة، تجعله في موقع المسؤول عن فشل المفاوضات، ذلك ان ما بعد وصول المفاوضات الى الفشل، متصل تماماً، بما قبل ذلك ونقصد ان التوجه الى الامم المتحدة كواحد من الخيارات، يحتاج الى تهيئة وتفهم المجتمع الدولي، هذا لا يعني البتة امتناع القوى السياسية والفصائل عن المبادرة لاعلان رفضها لما يتم تداوله خلال المفاوضات، ولما تقوم به اسرائيل من عدوانات، اجرامية، بل ينبغي عليها ان تعلي صوت الشعب الفلسطيني الرافض بقوة لمواقف وسياسات الولايات المتحدة وشريكتها اسرائيل، ولأي تسوية تنتقص من الحقوق الفلسطينية كما نصت عليها الامم المتحدة.
هنا يكمن الفرق فالنشاط الشعبي والسياسي الفلسطيني لا يصب في خانة تسويق المفاوضات الفاشلة، ولا هو دعم لشخص الرئيس عباس الذي يخوض مواجهة صعبة، وانما هو دعم للصمود على الثوابت الفلسطينية، ورفض تقديم اي تنازلات تنال من هذه الحقوق والثوابت.
ليس الوقت، متاحاً للمناكفات السياسية والحسابات الفئوية، فالفلسطينيون بحاجة الى اظهار وحدتهم خلف ثوابتهم، حتى في ظل الانقسام، وهم ادعى لتشديد وحدتهم لمواجهة الضغوط الاميركية والاسرائيلية الشديدة المحتملة، الثوابت الفلسطينية تحتاج الى غطاء فلسطيني واسع وراسخ، والى غطاء سياسي ومالي عربي قوي وكبير، والا كانت النتائج وخيمة على الكل الفلسطيني، القابل منهم بالمفاوضات والرافض لها.



فساد سيكولوجي عربي!
بقلم: جواد البشيتي – الايام
كما الشَّجَر يَدُلُّ عليه ثماره، نَسْتَدِلُّ على الإنسان العربي ببعضٍ مِمَّا تتَّسِم به بُنْيَتِه السَّيْكولوجيَّة (وسلوكه) من صفات وخصائص؛ فعندما تُحاوِر شخصاً، وتَنْتَقِد وجهة نظره في أمْرٍ ما، فَتَثور، من ثمَّ، ثائرته، ويَخْرُج عن طوره، ويتصرَّف كالموتور، أو كالذي انْتُهِكَ عرضه، فاعْلَم، عندئذٍ، أنَّه عربي خالص، لا يميِّز "التطاول على كرامته" من "التطاول" على وجهة نظره، التي لو أمْعَن هو فيها النَّظر، متحلِّيَّاً بنزرٍ من الموضوعية، لاكتَشَف أنَّها ليست بِنْتاً له (أو لعقله) إلاَّ من طريق التَّبَنِّي؛ فهي إلى غيره (وإلى "الأجنبي" على الأرجح) تعود، في أصلها وجوهرها؛ وربَّما في جُلِّ "حجمها".
واعلَم أنَّه عربي إذا ما رأيْتَه مُفْرِطاً مُفَرِّطاً في كل أمْرٍ؛ فـ"الحَبَّة" يراها (ويريد لكَ أنْ تراه معه) في حجم "قُبَّة"؛ و"القُبَّة" يراها "حَبَّة"؛ ومع ذلك، تراه يَفْخَر دائماً ويَعْتَز بانتمائه إلى "أُمَّةٍ وَسَط"، وبـ"الوسطية" و"الاعتدال" في كل شيء؛ أمَّا "الواقع" المُلوَّن بألوان "قوس قُزَح"، وبما يأتي به امتزاجها من ألوان، فلا يرى منه، أيْ من ألوانه، إلاَّ لونين اثنين لا غير: "الأبيض" و"الأسود"، الذي ليس بلونٍ، وإنْ وُصِفَ بأنَّه "سيِّد الألوان". إنَّه (في سلوكه، ومواقفه الواقعية والعملية) عَدُوٌّ لدود للمتنبِّي؛ ففي عينه تَعْظُم الصغائر، وتَصْغُر العظائم؛ فكيف له أنْ يَسْتَجيب، أو يُحْسِن الاستجابة، لتحدِّيات الحياة؟!
واعلَم أنَّه عربي إذا ما رأيْتَه يتصالح مع كل واقِعٍ بدا متصالحاً مع "نَصٍّ" قَدَّسَه ووَثَّنَه وصَنَّمه، ويعادي كل واقِعٍ تَعَذَّر على "النَّص" أنْ يُكْسِبَه شيئاً من "الشَّرعية"؛ فـ"الواقع"، في ثقافته ومُعْتَقِده، لن يكون "واقعياً (شرعياً)" إلاَّ إذا اشْتُقَّ من "النَّص"، أو جاء بما يقيم الدليل على صواب "نَصٍّ"، انْتَزَعَهُ وأخْرَجَهُ من "التاريخ"، ليُدْخِلَهُ في "ملكوت الحقائق المُطْلَقَة".
إنَّه يَسْتَنْفِد جهده ووقته في "صناعة الكلام"، التي هي صناعة عربية عريقة، مُتَّخِذاً التدليس اللغوي طريقاً إلى إثبات شيء واحد لا غير هو أنْ لا جديد تحت الشمس؛ فـ"الجديد" إنَّما هو نفسه "القديم"، لكنَّه لَبِسَ لبوساً جديداً فحسب؛ و"القديم" هو الذي يتجدَّد في استمرار.
واعلَم أنَّه عربي إذا ما رأيْتَهُ شجرةً لا تَعْرِف من الانتماء إلاَّ إلى ما هو منها تحت التراب، أيْ الجذور؛ أمَّا انتماؤها إلى "الآفاق"، على رحبها واتِّساعها، فهو الشَّر المستطير؛ إنَّه لا ينحاز، ولا يتعصَّب، إلاَّ إلى ما لَمْ يَخْتَر، وما لَمْ يُرِدْ، كجِذْرِه في الدَّم والعِرْق؛ أمَّا ما اختاره، وأراده، هو بنفسه، من انتماء فكري (إذا ما اختار وأراد) فلا وزن له، ولا أهمية، عندما يُخْتَبَر، وزناً وأهميةً، في الشَّدائد والمَلمَّات؛ ففي "الزَّمن الهادئ" هو يساري أو ماركسي أو ليبرالي أو ديمقراطي أو علماني..؛ لكنه ما أنْ تَقَع الواقعة حتى يرتدَّ إلى البغيض والكريه من كل انتماء.
واعلَم أنَّه عربي إذا ما رأيْتَهُ يُجالِس ويُكلِّم وليَّ نِعْمَتِه، أو وليَّ أمْره، كما وَقَف موسى بين يديِّ مَنْ له ملكوت السماوات والأرض، وكلَّم هذا العزيز الجبَّار المتكبِّر المهيمِن..؛ وإذا ما رأيْتَهُ يُعامِل مرؤوسيه، أو مَنْ هُم أقل منزلةً ومكانةً منه، كما يُعامِل السيِّد أقنانه؛ فهو "الحَمَل الوديع" في حَضْرة "الأقوياء"، وهو "الأسد" على "الضُّعفاء" و"المُسْتَضْعَفين".

كـــيــري مســتــشـرقــاً
بقلم: الدكتور عاطف أبو سيف – الايام
لم ينجح السيناتور الاميركي في ان يكون وسيطاً نزيهاً في عملية التفاوض.
ومن كان يتوقع منه أن يكون كذلك!! لا أحد فتاريخ الولايات المتحدة في المنطقة منذ النكبة الفلسطينية لم يكن نزيهاً، وكانت دائماً تقف إلى جانب إسرائيل حتى لو ظهر على سطح العلاقة خلافات جزئية معها حول بعض القضايا والمواقف.
بالطبع لم يقم السيناتور كيري إلا بإعادة التجربة الأميركية في المنطقة، وأعادها بنجاح واتقان كما يمكن لأي سياسي ودبلوماسي أميركي محترف مثله أن يفعل.
وقف بشكل كامل وبصلافة خلف المزاعم الإسرائيلية وتبنى مواقف تل أبيب كاملة دون ان يقوم بأخذ المطالب الفلسطينية بعين الاعتبار، بل اعتبر نفسه مدافعاً عن مزاعم إسرائيل ومطالبها.
إن مقترحات كيري فيها الكثير من المساوئ والخطايا لكن أسوأ هذه المساوئ أنها تريد من الفلسطيني أن يعترف بأنه حر ومستقل فيما تواصل إسرائيل احتلال أرضه.
كيري يريد للفلسطينيين أن يقولوا إنهم سعداء بهذا الاحتلال ويقبلون به بل أنهم يقرون أنه غير موجود أصلاً، وأنهم أحرار فيما تواصل اسرائيل احتلالها لبلادهم.
فإسرئيل ستواصل احتلال الغور وتواصل الحضور بأشكال مختلفة على المعابر والمنافذ وستحتفظ بالسيطرة الجوية وأشياء كثيرة، وسيقول الفلسطينيون طواعية إن الاحتلال غير موجود.
الفيل يا ملك الزمان، فهم يريدون أن يزوجوا فيل الملك لأنه يشعر بالوحدة، وربما جاؤوا له بونيس من نفس جنسه.
كيري فكر وتدبر في أفضل السبل كي تحافظ إسرائيل على احتلالها للضفة الغربية وهو وببراعة استخدم التكنولوجيا في إعادة اختراع الاحتلال وفي إجراء عمليات تجميل ومكياج له حتى يصبح أي شيء آخر في قاموس اللغة إلا احتلالاً.
وعليه قدم مقاربات مغلوطة خلط فيها بين التطلعات القومية للفلسطينيين وبين حقوقهم التاريخية وبين الهاجس الأمني الإسرائيلي المزعوم.
اعتمد كيري مثل أي مستشرق على الافتراض الاستشراقي القائل بالتهديد الشرقي لوجود الحضارة الغربية.
فالفلسطيني الأعزل الذي تدك مدنه وقراه بالأف 16 وبالبوارج الحربية يشكل خطراً على القنبلة النووية الإسرائيلية، وبالتالي فإن الأمن الإسرائيلي مهدد وجودياً مثل الحضارة الغربية من مجرد وجود المواطن الفلسطيني، بنفس القدر الذي تتعرض له الحضارة الغربية لتهديد وجودي من الشرق برمته.
إن هذه الصورة النمطية التي اعتملت في المخيلة الغربية ووجود ترجماتها وإحاطاتها كما تفسيراتها وتبريراتها في الفنون والآداب الغربية بحيث وفق الراحل إدوارد سعيد في إعادة انتاج الشرق حتى يتم استشراقه، هي ذاتها التي تحرك عقل السيناتور الأميركي حيث يقوم بمقايضة حق الفلسطيني في حياة آمنة وهانئة، حقه في السفر عبر معابر محترمة وقتما شاء، حقه في أن ينام دون ضجيج الطائرات وهدير البوارج، حقه في أن يحلم، حقه في أن يحب ويتزوج، حقه في العمل وبناء المصانع وفلاحة أرضه، لقد قايض كيري كل ذلك بهواجس إسرائيل مزعومة، حيث صارت أحلام الفلسطيني خطرا على القنبلة النووية الإسرائيلية. إنها ذات المقايضة التي يقوم بها روائيو الغرب في الرواية الفيكتورية (نسبة لعصر الملكة فكتوريا) بين رغبات المستعمر وبين خوف وقلق مواطني المستعمرات، كما يفعل ثوماس هاردي في روايته "رحلة إلى الهند" وغيرها.
يعيد كيري انتاج منظومة القيم الاستشراقية كلها من خلال مبادرته التي يريد للرئيس محمود عباس أن يقبل بها، بل ويشيد بها.
إنه يريد للضحية أن تقبل الجلاد وتقول له إن وجودي على هذه الأرض قبل وجود كلمة التاريخ ذاتها كان صدفة وكان خطأً وانا نادمة عليه، بل إذا استلزم الامر دفع تعويض أخلاقي مقابل هذا الخطأ.
أليس هذا ما تعنيه يهودية الدولة. أليست تعني أن الفلسطينيين هم العابرون بين الكلمات العابرة وليس العبرانيون كما تصفهم التوراة ذاتها، حيث إنهم عبروا أرض كنعان ولم يكونوا أصلاً سكانها.
مرة اخرى ثمة إعادة انتاج لمقولات استشراق كيري في هذا السياق. فالوجود الفلسطيني بحد ذاته ليس إلا بدعة من بدع الشرق وخرافة من خرافاته.
يمكن له أن يكون مجرد حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، كما يمكن له أن يكون قصة شعوذة مخيفة في الوعي الغربي والصهيوني تحديداً، لكنه لا يمكن أن يكون حقيقة واقعة.
لأن الشرق نفسه مليء بالحكايات الغريبة وبقصص السحر الجذابة في المحصلة ولكن غير المرغوبة، من هنا يكون الشرق فاتناً وآسراً ويقع الرجل الغربي في حبه.
إن حكاية الهندي الأحمر تتم إعادة انتاجها بطريقة مختلفة هنا. فالفلسطيني لم يكن موجوداً قبل ذلك، وكل الحديث والشواهد على وجوده ليست إلا من آثار شعوذة الشرق وخرافاته.
يهودية الدولة تعني ليس إعادة سرد التاريخ بل إعادة موضعة الرواية وفق تطلعات استعمارية أكبر. لكن حتى الدور المطلوب من الفلسطيني في هذا السياق هو أن يقر بأن هذه الشعوذة وهذا السحر من اختلاقه.
وبالتالي يتحول الوجود الفلسطيني إلى مجرد حكاية مسلية، يمكن للمستعمر مثلا أن يقوم الفلاح الفلسطيني باستئجار الأرض التي صادرها المستوطن منه لفلاحتها كما أوردت بعض الصحف الإسرائيلية.
هكذا فإن الوجود الفلسطيني ليس إلا استكمالا ترفيهيا للحكاية الإسرائيلية التي لا بد من وجود الأشرار فيها حتى يكون البطل خيّراً، كما لا بد من وجود آكلي لحوم البشر حتى يكون المستعمر متحضراً.
يبدو عنوان المقال مضللاً بعض الشيء إذ إنه يفترض أن كيري من بين أقرانه في السياسة الغربية مستشرقاً، والحقيقة أن جل المقاربات السياسية الأميركية للمنطقة تنطلق من وعي استشراقي بحت، والأمر ذاته ربما ينسحب في جزء كبير منه على السياسية الأوروبية وتحديداً سياسات القوى الكبرى وقوى الشمال الأوروبية.
لكن ما أردت توضيحه هو كيف أن مقترحات كيري ليست إلا استدراكات لجمل استشراقية كبرى شربها كيري ورضعها في منهاج المدرسة، لكنه للأسف لم يفلح طوال احتكامه بالفلسطيني المسلوب الحقوق والحرية في أن يرى الجانب المظلم في هذا الوعي.
لـــقـــاء واشــنــطــن!
بقلم: سميح شبيب – الايام
يشهد البيت الابيض اليوم، لقاءً مهماً وتاريخياً، بين الرئيسين، اوباما ومحمود عباس.
سيبحث هذا اللقاء سبل التوصل الى حل شامل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وأطر اقامة الدولة الفلسطينية، الى جانب اسرائيل، دولتين لشعبين.
سيحاول الرئيس اوباما، التوصل الى اتفاق اطار عام، لمفاوضات قادمة، يتضمن الخطوط العريضة لتسوية مسائل الحل الدائم.
المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية التي طال امدها، دون ان ترسو على بر تفضي الى حل الدولتين لشعبين، ستمر في منعطف شديد الحساسية والخطورة في آن معاً.
عدم التوصل الى اتفاق اطار، سيعني عملياً، انهيار مسيرة المفاوضات، ودخول المنطقة الى مربع اعادة بحث القضية الفلسطينية مجدداً، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا يعني بالطبع، اعادة الحسابات الفلسطينية والاسرائيلية على حد سواء، الى قواعد لعبة جديدة، غير الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي، طبعاً .. التوجه الفلسطيني الرسمي، بات واضحا للعيان، في حال وصول المفاوضات الى طريق مسدود، وهو التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومؤسساتها كافة .. وهو ما تحاول الولايات المتحدة، عدم حصوله.
لعل مراجعة سريعة للمواقف الرسمية الفلسطينية - الاسرائيلية من شأنها الاشارة الى عمق الهوة ما بينهما، وصعوبة التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين في آن معاً.
وبالتالي، علينا ألاّ نتوقع نجاحاً للقاء واشنطن، وعلينا ألاّ نستبعد تمديد فترة المفاوضات، مقابل ما يمكن اعتباره شكلا من اشكال الانجاز، كاطلاق مزيد من الاسرى، وتجميد مؤقت للاستيطان.
على أية حال، يمكن القول، إن فترات التفاوض الفلسطيني - الاسرائيلي، تتالت وتراكمت ملفاتها، ولا بد من مخرج، مخرج يتضمن نقاطا واضحة لمفاوضات معلنة، يكفل التوصل الى حل قضايا الحل الدائم.
كما بات واضحا من خلال تجارب المفاوضات السابقة، بأنه لا حل، إن لم يكن شاملا وعادلاً في آن.
الحلول الجزئية والترقيعية، قد تكفل تسكينا لبعض الامور، لكنها لا تشكل علاجا شاملاً، هنالك قضايا اعمق من ان تحل بالمسكنات، ولا بد من عمل جراحي، يكفل سلامة جسد الحل السياسي، عبر التفاوض من جهة، ويكفل الرضاء بشموليته وعدالته، هنالك وضع اقليمي صعب، وقد لا يساعد على حل قادم - قريب، وهنالك وضع فلسطيني داخلي، بات محتقنا، وقابلا للانفجار في حال بقاء الحال على حاله.
الاسرائيليون، كما الولايات المتحدة، باتوا على قناعة بذلك، كما بات الشعب الاسرائيلي، بأشد الحاجة، للتوصل الى تسوية شاملة، تكفل عدم عزلة اسرائيل من جهة وتحقيق الرخاء الاقتصادي المرجو.
المشهد خطر، بل وشديد الخطورة، ودون ضغط اميركي، قوي ومباشر وواضح، على اسرائيل، فإن فشل المفاوضات، سيكون حصيلة طبيعية للمواقف الاسرائيلية المعلنة والعملية في آن، وخاصة فيما يتعلق بالاستيطان.

تغريدة الصباح - غياب الرّسول
بقلم: محمد علي طه – الحياة
هل هو الحنين إلى المجلات الأدبيّة الشّهريّة أم الحنين إلى أيّام الشّباب التي رحلت ولن تعود؟ كنّا في تلك السّنوات نترقب صدور المجلات ونحتفي بها ونقرأ على صفحاتها القصص والقصائد والمقالات والحوار الفكريّ والأدبيّ. وكنّا – العرب في إسرائيل – أقليّة صغيرة لا تتعدّى ربع مليون نسمة، وتصدر عندنا عدّة مجلات أدبيّة شهريّة أشهرها مجلّة "الجديد" التي أغنت الحياة الثقافيّة طيلة أربعة عقود، وحرّرها أدباء وشعراء بارزون، وعلى صفحاتها وصفحات شقيقتها الكبرى "الاتحاد" نشأ ونما وترعرع أدب المقاومة. هناك التقى القارئ بـ"أشدّ على أيديكم" و"عاشق من فلسطين" و"دخان البراكين" و"رفاق الشمس" و"المتشائل" و"عائد الميعاريّ" وأخواتهنّ الجميلات الثّوريّات فحفظ بعضها عن ظهر قلب واحتفظ ببعضها في خزانته مع كتب أحبّها.
قدّمت "الجديد" لقرّائها الأقلام الفلسطينيّة البارزة في الشتات، شعراً ونثراً، مثلما قدّمت لوحات الفنّانين فربطت روافد الثّقافة الفلسطينيّة في جدول واحد. ومن الشّرفة الزّرقاء لهذه المجلّة أطلّ علينا ناظم حكمت ولوركا وأراغون ونيرودا برفقة المبدعين العرب مثل الجواهريّ والبياتيّ وعبد الصّبور والقبّانيّ وإدريس ومحفوظ.
كان المحرّر الأدبيّ يومئذٍ ينجز كلّ ما يتعلّق بالمجلّة، يحرّر الموادّ ويحملها إلى المطبعة ثمّ يراجعها ويصحّح الأخطاء ويبوّبها ويكتب الافتتاحيّة ويختار الصّور واللوحات وشكل الغلافين ويهتمّ بتوزيع أعداد المجلّة على المناطق والقرى وأكشاك الصّحف.
كانت الصّحافة ركناً أساسيّاً في عمل الحزب الشّيوعيّ فكان يصدر جريدة "الاتحاد" الأسبوعيّة فاليوميّة ومجلّة "الجديد" الشهريّة ومجلّة "الغدّ" للشّباب ومجلة "الدرب" الفكريّة ومجلّة "التقدم" للمعلّمين وكان يقيم سنويّاً مهرجان الصّحافة في أحراش وادي عارة أو على جبل الكرمل أو في خان العمدان في عكا. وكان يهتمّ اهتماماً كبيراً في الثّقافة، إنتاجاً وتصديراً وتوزيعاً، وكانت "الجديد" الرّسول الذي يحمل الفكر التّقدميّ الثّوريّ الانسانيّ وينقله من الحزب إلى المثقفين بخاصّة وإلى النّاس بعامّة.
كان للمجلّة الأدبيّة دور رياديّ في الحياة الثّقافية والسياسيّة وحينما كان يصل إلى البلاد عدد من مجلّة "الآداب" أو "الطّريق" أو "الأقلام" أو "مواقف" أو "فلسطين الثّورة" أو "الهدف" أو "الحريّة" كنّا نحتفي به ونحتفل به ويطوف على مدننا وقرانا وبيوتنا ضيفاً عزيزاً. وكان أحد أصدقائي يفخر بالأعداد التي يحتفظ بها من هذه المجلات في مكتبته الخاصّة وأذكر أنّه قايضني كتاباً أدبيّاً نادراً مقابل عدد واحد من مجلّة "الآداب" كان ينقص مجموعته.
توقّفت "الجديد" عن الصّدور قبل ربع قرن تقريباً مثلما توقّفت مجلات أدبيّة أخرى في عالمنا العربيّ مثل "الرّسالة" و"الثّقافة" و"الآداب" و"الأديب" و"الطّريق" و"الأقلام" و"الكرمل" وغيرها، فغاب الرّسول الثّقافيّ وتراجعت علاقة المبدع بالمتلقّي كما تراجعت علاقة الحزب بالمثقف، كما تراجعت القراءة.

يوم الاختبار لإدارة أوباما
بقلم: عدلي صادق – الحياة
اليوم هو مناسبة لاختبار جديد، لقدرة الإدارة الاميركية على التحلي بالحد الأدنى من النزاهة. فالمسألة المطروحة مع الرئيس محمود عباس، لا تتعلق بتفصيلات في ثنايا دولة قائمة ونظام حكم، وإنما هي مسألة مصير لشعب ينشد الحرية، منذ أن بدأت الهجمة الصهيونية على فلسطين في أعقاب الحرب العالمية الأولى. إن حقائق الصراع ومقاربات التسوية معلومة للأميركيين، بل إن هؤلاء يعلمون فجاجة الموقف الإسرائيلي قياساً على مقترحات أميركية سابقة، فضلاً عن قرارات الأمم المتحدة ومدركات التاريخ. فالمعنيون بالاختبار هم الأميركيون، إما أن يثبتوا بأنهم قوة عظمى، ذات دور طليعي في الأمن والسلم الدوليين، أو أن يُحسم أمرهم كقوة عظمى راضخة لشراذم من الظلاميين المتطرفين، وتتماشى مع نزعاتهم وأحقادهم وغبائهم وتطرفهم، على قاعدة حسابات انتخابية، تلعب فيها مجمومات الضغط الصهيونية، دوراً مجرداً من قيم السلام والعدالة!
ويعلم الأميركيون يقيناً، أن غطرسة القوة الصهيونية التي يؤيدونها؛ هي سبب الزلازل في منطقة تقع في قلب العالم، وهي العنصر التفجيري للاستقرار، وهي العامل الأقبح، والأوقح استبداداً الذي يغذي التطرف. ويعلم الأميركيون أيضاً، أنهم بعجزهم عن إلزام حكومة المتطرفين والمستوطنين في إسرائيل، بمتطلبات عملية التسوية؛ يُضعفون دورهم ويقلصون نفوذهم في قلب العالم، بعد أن تسببت السياسات الظالمة والاستعلائية، في تحجيم النفوذ الأميركي، في جوارهم الأميركي اللاتيني القريب!
إنه يوم اختبار قدرة الإدارة على لعب دور منطقي ومقنع يليق بقوة عظمى. أما في حال الضغط على الطرف المظلوم والمستلبة حقوقه، والمشاركة في الخديعة مع حكومة نتنياهو؛ فإن الولايات المتحدة هي التي ستكون خاسرة وستقامر بمكانتها، لأن زمن العملاء والأذناب، وجمهوريات الموز والدكتاتوريات العسكرية، قد ولّى الى غير رجعة.
ما ينبغي أن يعلمه الأميركيون، أن الرئيس عباس الذي يتباحثون معه اليوم، قد حسم أمره وحدد موقفه، بحكم أن الشعب الفلسطيني الذي ارتضى عملية التسوية وقبل بـ 22% من أرض الآباء والأجداد؛ لا يمكن أن يتراجع أمام شهوة المهووسين للتوسع على حساب الأرض التي يعيش عليها هذا الشعب، ولا يمكن أن يقبل بضياع المقدسات وحقوق اللاجئين وضياع 60% من الأراضي المحتلة في العام 1967 وأن يقتنع بكيان من جزيئات محاصرة، بلا حدود، تتخلله مستوطنات المحتلين. فليس هناك قائد فلسطيني يمكن أن يتماشى مع طروحات من يريدون الموت لأصحاب الأرض، ويرون في القوة العسكرية، وسيلة بقاء واستراتيجية حياة!
إن كانت الضغوط الأميركية مكملة لضغوط الاحتلال، فلن تكون ثمة فرصة للدور الأميركي، وستكون إدارة أوباما هي المسؤولة عن كل التداعيات في فلسطين وفي المنطقة. إنه اختبار مفصلي لهذه الإدارة، إما أن ترتفع الى مستوى المسؤولية الدولية، أو تخسر. بالمقابل، ليس لدى الفلسطيني ما يخسره، وسيجد نفسه مضطراً لإعادة الصراع الى معادلته الأولى: قوة احتلال ظلامية غاشمة، وشعب ينشد الحرية والحقوق!
لا مجال للتراجع قيد أنملة عن مرجعيات عملية التسوية ومحدداتها. وهذه فرصة لإسرائيل إن كانت تعي مصلحتها في الحفاظ على ما ربحته، من سياق التسويات الذي بدأ مع "كامب ديفيد" الأولى بين السادات وبيغن. فإن عدنا الى المربع الأول، لن يكون هناك اعتراف بإسرائيل، قبل أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية في أراضي 67 وعاصمتها القدس. لن يكون هناك قائد فلسطيني مستعد لطرح قضية الاعتراف بإسرائيل، عندما تتمسك هذه الأخيرة بنكرانها لحقوق الشعب الفلسطيني. أما بدعة الاعتراف بما يسمى "يهودية الدولة" فهذه مردودة على أصحابها، لأسباب تتعلق بمنطوق دساتير الأمم، ومنها دستور الولايات المتحدة نفسها، قبل أن تتعلق بحقائق الواقع في الأراضي المحتلة عام 1948. إن هذا هو موقفنا، وما على الأميركيين إلا أن يزجروا ربيبتهم إسرائيل، لإلزامها بالأخذ بمرجعيات العملية السلمية. إما أن يحدث ذلك، أو يخسر الأميركيون في المنطقة وفي العالم!

على طريق ثوابتنا الوطنية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
رئيسنا، رأس شرعيتنا الوطنية هو اليوم في واشنطن, في البيت الابيض، في لقاء مفصلي وتاريخي مع الرئيس الاميركي باراك اوباما, وهو في هذا اللقاء المفصلي مدعوم بأوسع تأييد ودعم من شعبه الفلسطيني على امتداد فلسطين وعلى امتداد الشتات القريب والبعيد وهذا التأييد والدعم الشامل يأتي من خلال الاطارات الشرعية الفلسطينية القائمة، من خلال التكوينات الاجتماعية والثقافية والتعددية والوطنية الاخرى، كما ان هذا الدعم والتاييد الفلسطيني الشامل للاخ الرئيس ابو مازن يستند الى تاريخ طويل من التجارب الناجحة، لأن رئيس الشعب الفلسطيني قادم في الاصل من اصلاب الوجع الفلسطيني والحق الفلسطيني، وهو من مؤسسي فتح ومطلقي الثورة الفلسطينية المعاصرة وصانعي القيامة الفلسطينية ومن سدنة السر الاول, اي انه محصن بالايمان والخبرة والدراية العميقة، ومؤتمن بالمطلق بانه يستحيل ان يعثر على بارقة امل ويتركها تضيع هباء, ويستحيل ان يجد لشعبه منفعة فيضحي بها حتى لو كان خرط القتال, وقد كرس لنفسه مصداقية ربما تكون هي الاعلى في زماننا المعاصر لقائد وطني وزعيم سياسي، مصداقية قائمة على ان مصلحة الشعب الفلسطيني هي اقدس المقدسات.
وليس هذا كله فحسب، بل ان الرئيس الفلسططيني ابو مازن لم يختبئ في كل حياته ومشواره الطويل وراء الرفض السلبي, بحثا عن التطهر الذاتي الفردي، بل ان كل ما يرفضه عن حق وقناعة قدم بديلا عنه بدائل شجاعة وعميقة وحقيقية وقابلة للتنفيذ، وان هذه البدائل جميعها تقع تحت سقف الشرعية الدولية وقراراتها، وتحت سقف الايمان العميق بالسلام وفوائده للجميع, وتحت سقف الثقة بان حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في حدود الرابع من حزيران، هو نفس حق الشعب الفلسطيني في المساهمة كشريك قوي في المسؤولية عن امن واستقرار هذه المنطقة, وحقه في المساهمة في اثراء الحضارة الانسانية.
على الجانب الاخر، فان اسرائيل بقيادة نتنياهو وقفت منذ بدأت المفاوضات الحالية في الثلاثين من تموز العام الماضي موقفا عدائيا سافرا، ولجأت الى التاأزيم السياسي الى حد التفجير والاستفزاز في قضايا الاستيطان والتهويد والاستهانة والقتل بدم بارد، بل ان هناك من يقول –وانا واحد من هؤلاء –ان اسرائيل منذ بدات جولة المفاوضات الحالية المتعثرة تركت كل معايير الدولة وتراجعتت وانكفأت الى كل معايير العصابة هل يعقل لرجل دولة في موقع نتنياهو ان يترك هذا المهووس الحاخام "غليك "يصعد الى سطح مسجد قبة الصخرة؟
اعتقد ان نتنياهو اصيب بخيبة امل عندما لم يتعرض هذا الحاخام المحقون بالحقد والخرافة لرصاصة في رأسه حتى تكون ذريعة الانفجار المطلوب !!! بل ان نتنياهو ذهب لتسول واستدراج التصعيد العسكري والعنف الدموي في قطاع غزة, ولقد وجد من يستجيب لهذا الاستدراج ولكن قوانين اللعبة كانت قد تغيرت فالذي اخذ المبادرة بشكل حقيقي هي حركة الجهاد الاسلامي وليس حركة حماس, وكان هذا اول درس لحماس بعد تورطها بعداوة ثبت انها مجانية مع الدولة المصرية, ومشكلة حماس الان استدراج العنف ليس كما يريدها نتنياهو، بل اعادة التأكيد بانها ما زالت اللاعب الرئيسي وليس حركة الجهاد الاسلامي، وهكذا وجد اصحاب الانقسام ان الانقسام اصبح عبئا عليهم، يلتهم رصيدهم ولا يبقي منه شيئا سوى الذكريات السوداء، اي ان حماس فعليا خرجت من المعادلة، وهي ترتكب المزيد من الاخطاء عبر محاولة تأكيد الدور باستمرار المتاجرة بآلام الشعب الفلسطيني ودمائ خارج حدود المعادلة الوطنية.
في هذا الاشتباك السياسي الكبير مع الاحتلال الاسرائيلي، كنا امناء مع التزاماتنا، وكنا شجعان بالوفاء بها، وكنا صادقين جدا، ولذلك وجدنا نتنياهو خلال لقائه مع الرئيس باراك اوباما في واشنطن قبل ايام، يهرب بشكل ممل وبائس من الحقائق السياسية الى الحكايات التي لا يصدقها احد، ويدعي ما لم يفعل، ويحول الهواجس المختلقة الى خوف شامل، حتى انهم في "الايباك "نفسه لم يستطيعوا قبول تلك الحكايات عن رقة قلب الجيش الاسرائيلي الذي يعالج النازحين من سوريا ويعالج المرضى من قطاع غزة!! ونسي نتنياهو انه حتى الصحافة الاسرائيلية كانت قد قدمت للرأي العام الاسرائيلي والعالمي كشوفا باسماء الاطفال الذين اعدمهم جيش نتنياهو.
كل هذه الافتعالات الكبرى لم تستطع ان تشوش على الزيارة، ما اعظم ان نكون على حق ففي نضالنا الطويل، ما اعظم ان نكون قد زرعنا من اجل موسم وفير للحصاد، نحن نعرف ان قضيتنا قضية كبرى، والمهم ان لا نفقد الرؤية وان لا يتوه من تحت اقدامنا الطريق.

هل يمكن للشيخ اليعقوبي ان يجرح حياء "علويات"؟: .. العراقيات المحصنات بحاجة الى الستر والسلامة أولاً..
بقلم: فخري كريم – الحياة
تتسع دائرة المناكفات والردود على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك بيانات الاحتجاج على محاولة إمرار قانون الاحوال الشخصية الجعفري، ثم ما نُسِبَ الى الشيخ اليعقوبي، زعيم حزب الفضيلة، من تعريض بشرف نساء عراقياتٍ، كلهن معروفات بنصاعة تاريخهن الوطني، وشرف العمل من اجل رِفعة وطنهن، واستنهاض شعبهن، والذود عن "حياء المجتمع" وتنظيفه من اللصوص والقتلة وأزلام النظام المستبد، المتسللين والمستظلين، بلا حياء، تحت لافتات سياسية وطائفية باتت مكشوفة.
وأود قبل كل شيء، ان اقول، متمنياً ان يكون قولي صائباً، ان متابعتي لسيرة الشيخ اليعقوبي السياسية طوال وجودنا في منافينا القسرية، لم يعلق من ذكرياتها، ما يسيء اليه أو يؤسس الى ما صار يُنسب اليه من اقوال او فتاوى تجرح وتُسيء وترجم بالغيب بما يخدشُ الحياء العام.
وقد ترددت في التعليق على ما نُسب اليه، ضد المثقفين العراقيين، اثناء الحملة الهولاكية على المجتمع المدني، تحت لافتة "إيمانية زائفة" كان القصد من ورائها تحويل بغداد الى "قندهار"، وتدجين مواطنيها، رغماً عن ارادتهم، وارسالهم الى "معسكرات تأهيلٍ وتثقيفٍ" بالقيم المتهرئة، التي حاولت ان تجرد الشعب الافغاني من هويته "الاسلامية" السمحة، وتلغي انسانيته.
ولانني اعرف الشيخ اليعقوبي، عبر سنوات العمل المعارض في الخارج، واتابع سيرته، ودعواته لانصاره بالتزام "عفة" اللسان، وحُسن الاخلاق، فصعبٌ علي ان يأتيني مثقفٌ، بقولٍ فاحشٍ مثل "المثقف يبول على زميله المثقف وهو في حالة سكر"، ويُنسَبَ هذا القول الى سماحة الشيخ اليعقوبي، وهو يدرك ان الله ورسوله وأولياءه، حرموا التنابز بفاحش الكلام، لان المسلم اولاً من "سلم الناس من يده ولسانه"!
والشيخ اليعقوبي، ليس رجل دينٍ فقط، بل سياسيٌ، أسس حزباً في المعارضة، وخاض غمار الصراعات التي دارت بين اطرافها، وداخل تنظيمات التيار الاسلامي الشيعي، قبل ما كان يدور بين تنظيمات التيار، واحزاب المعارضة الوطنية، العلمانية والليبرالية، القومية واليسارية. وطوال تلك الصراعات، لم اسمع منه او نقلاً عنه، تعريضاً بحزبٍ او طائفةٍ او شخصية معارضة، ما يخدش الحياء او يجرح او يُكّفر. فلا بد انه لا ينطلق في سلوكه من القيم الدينية فحسب، بل يأخذ بالاعتبار لزوم ما يلزم في السياسة ايضاً، من ضرورات احترام الرأي الآخر، والابقاء على مسافة مع الجميع، ما دام معنياً بالشأن العام، ويتطلع الى دورٍ في الحياة السياسية، والاسهام في رسم مستقبل افضل للعراق.
وكيف لي أن أصدّق ان الشيخ، الساكن في جوار ضريح الامام علي صاحب "نهج البلاغة"، يسبُّ نساءً "محصنات" فيهن من آل بيته، محجبات، يقمن بفروض الاسلام، ويتهمهن بـ "الشذوذ"، والدعوة الى "تعدد الازواج"، والشيخ اعلمُ مني بما جاء في القرآن الكريم، من نهي عن سب المشركين، اذ يقول "لا تسبّوا المشركين، فيسبّوا الله عدواً"، فكيف اذا كان السب ينال من حشمة مسلمات او حتى مسيحيات لم يعرف عنهن مظهر هتكٍ او اخلال بالاخلاق، وهن يحظين باحترام المجتمع والاوساط السياسية ايضاً. وكيف لي ان اصدق ما يُنسب الى الشيخ اليعقوبي من سبابٍ وهو يعرف ان الرسول الكريم نهى عنه اذ يقول "لا تكونوا سبّابين"؟!
كان الشيخ اليعقوبي في المعارضة داعية، كما يُنقل عنه، الى الوحدة الوطنية، والتحام الصفوف، في مواجهة الدكتاتورية والاستبداد، حتى انه من بين السياسيين الاسلاميين الذين لم يكونوا ممانعين في العمل المشترك مع الشيوعيين والحزب الشيوعي، وربما كان يتعفف عن مصافحة البعثيين والقبول بالعمل معهم، فكيف لي ان اصدق انه يغض النظر عن متسللين في صفوف حزبه من البعثيين السابقين، وهو الذي أمر بابعاد احد القياديين بعد انكشاف ارتباطه السابق مع البعث؟
ولست في معرض الدفاع عن سيرته، وهو الذي قيل عنه انه كان وراء ابعاد العناصر المشتبه بضلوعهم في الفساد في حملة تطهيرٍ بعد ما انتشر في البصرة من اشاعاتٍ وادعاءاتٍ طالت من كان يدعي الانتماء لتياره السياسي.
ان الشيخ اليعقوبي الذي يواصل الدراسة والتدريس في النجف الاشرف، سعياً للتصدي لما تقوم به مرجعية دينية، هو اخبر منا بأمر دينه، وما يسمح به، ويعرف ما جاء به القران الكريم من آيات بيّناتٍ حول المحصنات:
بسم الله الرحمن الرحيم:
- "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء، فاجلدوهم"
- "ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنوا"
- "خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين".
اما الامام على فأي بلاغة ايمانية تفوق قوله:
- "اني اكره لكم ان تكونوا سبّابين".
- "لا يستقيم ايمان عبد، حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، فمن استطاع منكم ان يلقى الله تعالى وهو نقي الراحة من دماء المسلمين واموالهم، سليم اللسان من اعراضهم، فليفعل".
وقد ذُهلت من الخطوة الانتخابية التي تعجل فيها السيد وزير العدل بتقديم مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري، في الوقت الذي ينال الشعب والوطن الوان المرارة، وتتراكم عليهما البلايا من كل صوب.
وكان حريٌ به ان يتصدى للمفاسد التي تحيطنا من كل صوب، وان يبادر الى طرح برنامج عمل يستهدف المفاسد والنهب وتدمير ما بقي من حطام الدولة الفاشلة، واستحداث صندوق ضمان يقي الارامل وبنات الشهداء والعاطلات عن العمل المحصنات من الجوع والفاقة والعوز، وما قد يدفع البعض منهن الى دروبٍ تنال من حصانتهن، وحرمات ايمانهن.
لقد تذكرت وانا اتابع السجال حول القانون الجعفري، زواج احدى قريباتي ونحن في المنفى، وفوجئت، ورجل الدين ينهي عقد الزواج بسؤالها عبر وكيلها: هل توافقين على فلان زوجاً؟ اجابت: "نعم".
ثم سؤال وكيل الخاطب: هل تقبلها زوجة؟ فأجاب "نعم".
ثم انتهى الامر.
صُعقت وسألت السيد القادم من حوزات السيدة زينب: هل هذا كل شيء؟ قال نعم. وهل ان مراسيم الزواج على المذهب السني هي ذاتها؟ قال نعم، واضاف ان الاسلام دين يُسرٍ، فمع انتشار وسائل الاتصال الالكتروني، يمكن ان يتم التعاقد برسالة الكترونية وشهود..!
اذاً على ماذا نتصايح؟ الا اذا كان الامر يتعلق بهتك عرض طفلة لم تبلغ سن الرشد، او توكيد قيم تَحجر على حق المرأة باسم الاسلام، وتستعبدها، وتهين كرامتها، وتجردها من انسانيتها، وكل هذا من البدع التي لا علاقة لها بالاسلام والملة، او انها مركب فتنة طائفية جديدة!

مدرسة كمال جنبلاط
بقلم: هاني فحص – الحياة
مرات كلفت بالقول في كمال جنبلاط، ودائماً كنت ممتناً لمن يكلفني.. ولأني لا أكتب عفو الخاطر، خاصة في حق الكبار، فإن تكليفي يلزمني بقراءة كمال جنبلاط في نصّه الفكري الأشد دلالة على تكوينه ونظامه العقلي والروحي، في حين تبقى دلالة الوقائع السياسية رهن اليومي أو العابر من الأحداث، وإن كانت أكثر الوقائع المتصلة بسيرة كمال جنبلاط محكومة في عمقها بمنطلقاته الفكرية، من دون تعسف إيديولوجي يتعامى عن الفارق بين الفكرة وتمثلاتها في الواقع. ولكثرة ما اضطررت الى قراءة كمال جنبلاط، شعرت بالتقصير تجاه نفسي ومقتنياتي المعرفية، التي كغيرها، لا يمكن المحافظة عليها إلا بتنميتها الدائمة والإضافة إليها من أرصدة مختلفة ومتفقة.. وإن كان الإختلاف أكثر قدرة على تنمية المعارف وتجديدها.. قد أكون مقصراً في حق كمال جنبلاط، لجهة اختصاره بالسياسي المؤقت.. ولكني واحد من ظالميه في هذا الشأن، ولعلي أقل ظلماً له من المفروض أن يكونوا معنيين بإنصافه وإنصاف أنفسهم بالانكباب على فكر وثقافة كمال جنبلاط.
ولهؤلاء أقول: إن أجيالنا الحالية والمقبلة، في لبنان والبلاد العربية، بحاجة الى التواصل العميق مع فكر كمال جنبلاط وأمثاله من الرواد وهم كثيرون جداً ومختلفون ومتكاملون.. وضروريون، حتى لا تذهب أجيالنا من ربيعنا العربي -المعقد والحافل بالوعود كما هو حاشد بالوعيد - الى المستقبل على ذاكرة فكرية ومفهومية ضعيفة أو على قطيعة مع المنجز الذي يحتاج الى إدامة الإنجاز.
ومن هنا فإني أقترح أن يصار الى تأسيس حلقة دراسية من أساتذة متخصصين في حقول معرفية مختلفة (أدب.. فلسفة.. تاريخ.. سياسة.. اجتماع.. إناسة.. إديان.. تصوف، الخ..) لدراسة الرجل.. وإننا لا ننتقص من قيمة النيابة ولا الوزارة ولا رئاسة أي حزب أو أي كتلة برلمانية أو طائفة أو زعامة.. عندما نقول إن كمال جنبلاط أهم وأغنى من نائب أو وزير أو رئيس.. وهو ليس أهم من طائفته ولا من حزبه ولكنه أهم من رئاستهما قطعاً لأنه قائد أو زعيم مركب من الرأي والرؤية، من الذاكرة والحلم، من العلم والعمل، من الخصوصية اللبنانية والدرزية والجبلية، والعمومية العربية والاسلامية والانسانية.. وهو متقدم في جيل من الشخصيات المركبة في لبنان، والتي نتذكرها لنداري فقرنا في تدني طبقتنا السياسية وبؤسها الفكري والأدبي والأخلاقي، إلا من رحم ربك. ما يدفعنا الى التعلق الحميم والشغوف والمتوتر أيضاً بالمفكرين من أمثال كمال جنبلاط لنضع أنفسنا وأجيالنا المتدفقة في طاقاتها التغييرية.. في سياق متصل يحفظ المنجزات بالإضافة إليها ولا يستهلكها بالتعيش عليها، ويحفظ الثوابت بالمتغيرات، والخصوصيات بالعموميات، ويحفظ الكيان اللبناني بالعروبة، ويحفظ العروبة بالأنسنة ويحفظ الماضي بالمستقبل بدل أن يقتل الماضي والمستقبل بالماضي.. هناك جدل مبدع بين الفرادة والجماعية وبين المحلية والكونية.. أتقنه كمال جنبلاط ونحن بحاجة الى تعلمه منه وتعليمه.. فلتتكون المؤسسة لتختار شباناً نابهين من جامعاتنا تشتغل معهم على أبحاث معمقة في مختلف الجوانب الفكرية لكمال جنبلاط.. وتُمنح شهادات تخصص وتقدير وتشجيع.
وأختم بنصوص مفاتيح من فكر كمال جنبلاط تدل على حيويته وعلى استمراره في الحياة.
من كتاب الديمقراطية الجديدة (المكتوب في الخمسينيات من القرن الماضي):
« إن عقدة النقص سوف تتسبب بارتباك وتجميد لنمو المنطقة، إلا أن يحصل أن تتحول عقدة النقص الى نقيضها، تحت تأثير الزعماء الشعبيين فتصبح عقدة «العظمة الجماعية» عقدة الشوفينية القومية والطموح المنفلت من عقاله وتكون أيضاً ترجمة للإرادة الهادفة الى تملك القوة والسلطة والنفوذ». ص 125.
« ليس صدفة أن يشهد العالم اليوم بروز تيارات قومية وانعزالية واقليمية، من شتى الأنوع، هذه التيارات، تربك بشكل متزايد العالم الحديث، كما أنها تهز العالم العربي بأسره». ص 124.
« إن كل مبادرة لإحلال العدالة لا تنطوي على النظرة الانسانية سوف تعني المجازر الجماعية والاحتجاز والآلام لملايين البشر، كما برهنت (الفاشية والشيوعية). كما أن أي محاولة لإحلال الحرية بغير ربطها بهذه النظرة الإنسانية الكلية لن تؤدي إلا الى الفوضى والبؤس والإنحطاط في القيم. ويتبين لنا ذلك بوضوح من خلال الإنحطاط الذي أصاب الأنظمة الديمقراطية البرلمانية في الغرب..».
هذا كلام طازج ! أليس كذلك ؟ افتحوا نوافذكم على جيرانكم ومحيطكم وعمقكم لتتدبروا أمر بيتكم اللبناني..
بين الشموالية المتقدمة في المشهد العربي.. والليبرالية القلقة في هذا المشهد.. نحن بحاجة الى هذه النسبية أو الوسطية، إذا شئنا للربيع العربي أن يزهر ويثمر.. وأن لا يصيب زرعه الجفاف والعطش الفكري.. وحتى لا نكون قد (كيّلنا) وأحصينا غلالنا اعتماداً على (الزّهر) المهدد بهبوب رياح السَّموم والخماسين التي تهب في الربيع.. وتحدث شرخاً ومسافة هائلة بين الوعد والمحصول.
تعالوا لنبني مدرسة كمال جنبلاط اللبنانية التوحيدية الوحدوية العربية الانسانية الفلسطينية الروحية الإبداعية.. والحضارية، ونفتح فصولها أمام أمثاله من الأساتذة والمعلمين الكبار.