تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 296



Haneen
2014-12-18, 11:46 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (296)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلية




</tbody>

<tbody>
الخميس
20/3/2014





</tbody>

<tbody>




</tbody>





المطلوب ... وقفة مع الذاتواعادة تقييم للوضع !!
بقلم: حديث القدس – القدس
عن العزلة الدولية..
بقلم: محمد عبيد – القدس
الاسير المحرر .. بين ذاته الثورية والذات الاستهلاكية !
بقلم: الأسير المحرر وليد – القدس
في كيفية صناعة المستقبل الأفضل
بقلم: يوسف مكي – القدس
هذا ليس نتانياهو الجديد
بقلم: هنري سيغمان – القدس
لماذا لم تعد روسيا تخاف من الغرب؟!
بقلم: بن يودا- القدس


مجرد "حركشة" في الجولان .. أو؟
بقلم: حسن البطل – الايام
القرارات الصعبة التي يطلبها أوباما قطع في اللحم الحي ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
تمديد المفاوضات وحل المشكلة الأميركية
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – الايام
فشل الأولويات الإسرائيلية
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
طــرطــشــــات
بقلم : د. فتحي ابومغلي – الايام


تغريدة الصباح – مكره أخاك لا بطل .. من يوميات امرأة محاصرة في غزة
بقلم: سما حسن – الحياة
الصراع في سوريا والورقة الفلسطينية
بقلم: عدلي صادق – الحياة
معرض الرياض يخنق حرية النشر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
هل سنتفرج على اغتيال ابو مازن
بقلم: موفق مطر – الحياة
المفوضية تهدد بتقويض العملية السياسية في العراق
بقلم: فخري كريم – الحياة











المطلوب ... وقفة مع الذاتواعادة تقييم للوضع !!
بقلم: حديث القدس – القدس
انهى الرئيس ابو مازن ثلاثة أيام من المحادثات في واشنطن، ومن المتوقع ان يعود اليوم، دون حدوث اي تقدم او انفراج في الوضع السياسي العام، ودون اية مقترحات او افكار مكتوبة، كما كرر اكثر من مسؤول فلسطيني، لان الولايات المتحدة لم تصل بعد الى صيغة يمكن ان تقدمها كمشروع اتفاق او خطة عمل.
كما لم تتسرب اية اخبار نهائية او معلومات مؤكدة عن فحوى المحادثات ولكن المؤشرات الخارجية وبعض التصريحات الاميركية، تدل على المضمون والافكار التي تم تداولها. تريد واشنطن اولا "تمديد المفاوضات" لان وقفها في 29 نيسان قد يؤدي الى تداعيات خطيرة اهمها انهيار المساعي الاميركية السلمية كليا ودخول المنطقة في فراغ كامل. وتريد واشنطن قبولنا بالمنطق الاسرائيلي او الشروط الاسرائيلية المتعلقة بالاستيطان والمستوطنات والاغوار والاجئين والقدس، وما الى ذلك من ممارسات معروفة.
لكن الموقف الفلسطيني كان واضحا وهو لا يتفق مع كل هذه الشروط ويدعو الى دولة في حدود 1967 وعاصمتها القدس والتوصل الى توافق بشأن اللاجئين وتبادل للاراضي متفق عليه، كما ترفض السلطة اي تواجد لاي جندي اسرائيلي في الدولة المقترحة.
وقد اثيرت في هذا المجال ايضا قضية الاسرى من القيادات وقدامى السجناء وطالبت السلطة بالافراج عنهم ومن بينهم مروان البرغوثي واحمد سعدات وغيرهما، لكن اسرائيل تماطل في ذلك وتضع العراقيل باستمرار.
وقد تردد كثيرا ان هناك ضغوطا مالية كبيرة وتهديدات مبطنة للسلطة الوطنية ان لم تتجاوب مع المساعي الاميركية التي هي اقرب ما يكون الى الشروط الاسرائيلية، ولاننا نعاني من ضائقة مالية كبيرة اساسا وتتاراكم الديون على السلطة فأن هذا الامر يأخذ ابعادا اكثر خطورة.
نحن اذن امام مأزق حقيقي "جدي" ونقف بين مطرقة الاحتلال وسندان السياسة. الاحتلال لا يتوقف عن الاستيطان والتهويد والحفريات الخطيرة تحت المسجد الاقصى المبارك، ولا يخفي اطماعه في الاغوار وبقاء القدس موحدة وعاصمة لاسرائيل. والسياسة الاميركية تطالبنا بتمديد المفاوضات وسط هذه الظروف. ويزيد الامور تعقيدا وصعوبة ان عالمنا العربي غارق حتى اذنيه في قضاياه وهمومه الداخلية ولم يعد يهتم بقضيتنا وبمقدساتنا كثيرا.
ازاء كل هذه الاوضاع، وعلى ضوء ما سيعود به الرئيس ابو مازن من واشنطن من مقترحات وافكار، فاننا احوج ما نكون الى وقفة جادة مع الذات واعادة تقييم الموقف الوطني من كل الجوانب والتوصل الى خيارات وبدائل لمواجهة ما نواجهه، ولا سيما ان قوى رئيسية من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية قد اعربت علنا ورسميا عن مواقف تدعو الى وقف المفاوضات.
وقد يكون اجتماع المجلس المركزي المقرر انعقاده قريبا هو الفرصة الحقيقية للمصارحة واعادة التقييم المطلوبة، وهو، كما نعتقد، ما يريده ابناء شعبنا ويدعون اليه، ولا يمكن ان تستمر الاحوال كما هي بدون ضوابط او بدائل، لان الارض تضيع يوميا والتهويد لا يتوقف ابدا، وغطرسة التوسع علنية وتزداد تبجحا.

عن العزلة الدولية..
بقلم: محمد عبيد – القدس
الاشتباك المباشر بين المعسكرين الغربي والروسي الذي سببته الأزمة الأوكرانية، وما تلاها من تطورات زادت حدة المواقف، مثل مسألة شبه جزيرة القرم، والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد الروسي، وصل إلى مرحلة متقدمة، بات التهديد الغربي فيها بإقرار عقوبات بحق روسيا، والحديث من أكثر من جهة عن "عزلة" وشيكة ستواجهها، ومن ثم التحذير الذي أطلقه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من اندلاع "حرب باردة" جديدة، إلى غير ذلك من التهديدات الأمريكية والأوروبية .
لكن السؤال المهم أمام هذه الحالة، وعلى طاولة من يطلقون التهديدات، أكبر بكثير من مجرد التصريح والتلويح بالعزلة، وهو هل سيتمكن هؤلاء فعلاً من عزل روسيا؟ وكيف؟ خصوصاً أن موسكو ماضية في سياستها إزاء القرم، الإقليم الذي ترى فيه شأناً سيادياً، إلى جانب أنه قد يشكل رداً بسيطاً يعبر عن سخطها على ما آلت إليه الأزمة في أوكرانيا، وتحديداً التفاف الغرب وحلفائه الأوكرانيين على الاتفاق الذي تم بموجبه نزع فتيل الاحتجاجات والعنف .
لعل الغرب والروس كذلك، يدركون أنه ما من وسيلة ولا أداة موجودة قد تنجح في فرض العزلة على روسيا، ذلك أن المصالح الدولية المتشابكة، السياسية منها والاقتصادية، تضع القوة السياسية والاقتصادية الروسية في كل الاعتبارات، وتشكل عوامل كبح لأي خطوة "متهورة" من هنا أو هناك، إلى جانب أن موسكو هي شريك سياسي وحيد لواشنطن في إدارة العديد من الأزمات والصراعات على الساحة الدولية، ما يعني أن مسألة التهديدات كلها لن تتجاوز الفضاء الإعلامي الذي أطلقت فيه .
هو مجرد حديث وكفى، لا يجد ما يسنده على أرض الواقع، وحتى إن توجهت أوروبا، كما أشار هيغ، إلى فرض عقوبات على روسيا، فماذا سيكون أثر هذه العقوبات فيها؟ وما مدى قدرة هذه الأداة على تغيير النهج الروسي؟ الأرجح أنها ستضر الجانبين بشكل أو بآخر، لكن من سيكون المتضرر الأكبر؟
المعسكر الغربي يواصل محاكمة الأوضاع، سواء في ما خص أزمة أوكرانيا، أو غيرها من أزمات العالم، من خلال منظار مصالحه فقط، ولو كان معنياً بحل الأزمة، لكان أجبر الساسة الأوكرانيين الذين التفوا على اتفاق التسوية الذي رعاه، على العودة عن ذلك، بدلاً من أن يحوّل الأنظار إلى روسيا، بغية تحميلها مسؤولية الأزمة كاملة .
لا مكان ولا إمكانية في ظل وضع توازن القوى العالمي الحالي، لعزل روسيا، ولعل هذا ما يدركه الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون، لكن الإدراك لا يعني بأي حال التسليم لإرادة روسيا في "استعراض العضلات" الدولي هذا، الأمر الذي ينبئ بمزيد من التصعيد الكلامي، ومزيد من الحديث الغربي الأجوف عن القانون الدولي، وحقوق الإنسان .
روسيا تدرك كما الغرب، أن الأزمة لا تتعلق بأوكرانيا، ذلك أن الأزمة مفتعلة حول تلك الدولة، في سياق جس النبض الروسي، واستقراء مستقبل الوضع في العالم في المدى المنظور، وهذا ما يفترض بالضرورة الحفاظ على بيئة الأزمة والخلاف، لا محاولة التوصل إلى حل .

الاسير المحرر .. بين ذاته الثورية والذات الاستهلاكية !
بقلم: الأسير المحرر وليد – القدس
مجازا نصف الاسير بعد الخروج من السجن بأنه محرر ، فكيف يكون الاسير محررا في وطن غير محرر وكيف يمارس الحرية في واقع تم فيه الاعتداء على الحريات بكل مجالاتها وتفاصيلها ؟ كيف يكون محررا وهو عرضة للاعتقال وعلى أتفه الاسباب ، يصبح حرا فيمسي معتقلا ويمسي حرا فيصبح معتقلا ؟
الاسير المحرر يفرح كثيرا عندما يجد السجن خلف ظهره وعندما يرى مساحة حركته قد اتسعت . ولكنه بعد فترة وجيزة يعاين الواقع المر : يكتشف نفسه انه لا يستطيع السفر ، وقد يجد أيضا أن حريته في التنقل الداخلي محدودة ، والعيون تترصده من كل صوب وحدب ، وقد يجد صعوبة في الاستمرار بحياة كريمة يتوفر فيها سبل العيش الكريم ، والادهى والامر يجد آماله وطموحاته الوطنية والتي سجن من أجلها تتحطم امامه ويزلزل دوي حطامها أركان قلبه بينما يلتفت يمينا وشمالا ليرى من أعياهم داء الصم فهم لا يسمعون ولا يرون ..
والاصعب والانكى من كل هذا أيضا أن لا يجد الاسير لنفسه دورا يتناسب مع وزنه الذي يقال عنه أو مع ما هو متوقع منه ، لا يجد لنفسه دورا في الحياة السياسيىة اوالاجتماعية اوالثقافية أو يصطدم بالزاهدين بدوره ويجد أن الحياة بصورتها الجديدة قد تجاوزته ... تجاوزت روحه النضالية وتجاوزته ثقافته الثورية وأصبح المناخ الثقافي العام غير مناخه وأصبحت الحياة العامة تدور في أفلاك لا يعرفها وبعيدة كل البعد عن فلكه الذي تربى وترعرع عليه .. غابت شمس القيم التي سجن من أجلها وحل ظلام حالك اذا أخرج يده النظيفة لم يكد يراها .. وأبعد من هذا يجد كثيرا من الاسرى الذين سبقوه في عملية التحرر هذه ! قد ذابوا وانصهروا في بوتقة التحول من ذاك العالم " ما قبل الحبسة " الى هذا العالم الجديد هلامي الملامح !!
كل شيء يدفع باتجاه انسلاخ الاسير من ذاته الثورية ودفعه الى أن يتحول الى ذات استهلاكية لا هم لها الا اشباع الرغبات الدنيوية " الدانية " ،وأن ينزل عن الجبل والرباط في القمة الى حيث الغنائم والقوقعة في قاع الهزيمة . ولم لا وقد تحول جيش الثورة بأغلبه من الذات الثورية الى الذات الاستهلاكية ، تستهلك وتُستهلك : رضيت بحياة الاستهلاك ، الدوران في عجلة المكاسب والغنائم .. تريد تعويض حالة الحرمان الطويلة التي قضاها في السجون بحياة يملؤها الشبع ، الشبع من كل شيء : الراتب العالي دون عمل ، السيارة الفارهة ، البرستيج العالي المقام .. الخ ، وبهذا يفرح بهم المبطلون .. وهو يرونهم وقد تحولوا الى بضاعة للاستهلاك دون ان يكون لهم دور او نشاط يتناسب مع الوزن الذي كان في يوم من الايام ذاتا ثورية وازنة يحسب لها ألف حساب .
" وهنا لا بد من التنويه ان هذا الكلام لا يعني عدم اعطاء الاسرى حقهم الذي يضمن لهم العيش الكريم " وإنما هو انتباهة الى الدور المطلوب ؟ والخشية من التحول المريع بالتخلي كليا أو جزئيا عن الذات الثورية والتي من المفترض أن تبقى نموذجا ومثالا شامخا يشار اليه بالبنان، ومدرسة يستمد منها جيل اليوم منظومة القيم المتعلقة بالثورة والجهاد والتضحية والفداء ورفع راية مقارعة الظلم كما كان دأبهم في مقارعة السجان فترة السجن ، وكما كانت حالهم الرافضة للاحتلال قبل وقوعهم أسرى في قبضته ..
وهنا لا بد من دعوة أحرار هذا الوطن الى مساعدة الاسرى المحررين خاصة الذين غابوا سنوات طويلة في المحافظة على صفاء ذاتهم الثورية، وفتح المجال لهم ليمارسوا الدور الذي ينسجم مع هذه الذات بعيدا عن حالة البلد التي أصبحت فلكا استهلاكيا، على الناس أن يدوروا فيه طوعا او كرها ... هناك عنف مجتمعي محمولا على مجموعة من القيم الاستهلاكية تدفع الفرد بقوة لان يحيى حياة العلف ، لا يرى الا ما يلقى له بين قدميه ولا يسمح له بالنظر الى أعلى .. وفي هذا المناخ الفاسد نجد أن الحاجة تشتد الى نماذج تعود لنا لتحيي في نفوسنا قيم الثورة الاصيلة .. ذلك هم الاسرى المحررون ، وقد جاؤونا بما يحملوا من هذه القيم فهل تصهرهم بوتقة الاستهلاك ؟ أم نعيد لهم دورهم الذي غيبهم عنه الاحتلال قسرا ؟ مجتمعنا الذي لوثته اموال المانحين الذين ينفقون اموالهم ليحولوا المقاومين الى مقاولين كما قال بونبارت في كتابه احلام رام الله ، والذي حوله أوسلو من قبل من ثورة الى دولة لم نصل لها وتاهت بنا اشد من تيه بني اسرائيل في سيناء .. مجتمعنا الان بأشد الحاجة الى اسراه المحررين الذين حافظوا على قيم الثورة رغم سياط السجان وحديده وساديته سنوات طويلة ، بحاجة اليهم ليحيوا من جديد ذات القيم ، أما أن يتحولوا أو تحولهم ثقافة المجتمع التي تلوثت الى ذات استهلاكية كلة على مولاها لا حول لها ولا قوة ولا هم الا جمع الغنائم وفتات موائد اللئام فهذه خسارة الماضي والحاضر وحصاد الخاسرين ..
ومع الدعوة للاحرار في مساعدة الاسرى في ايجاد دورهم المحافظ على الذات الثورية لا بد من دعوة الاسرى انفسهم ان لا ينتظروا أحدا في هذه المساعدة بل يبادروا وأن يدخلوا عليهم الباب .. إن من سمات الذت الثورية كما تعلمنا سابقا أن تكون قائدة التحرر ، أن تكون في مقدمة الصفوف وان لا ترضى لنفسها ان تكون في ذيل القافلة .

في كيفية صناعة المستقبل الأفضل
بقلم: يوسف مكي – القدس
ارتبط مفهوم النهضة، بالمرحلة التي شهدت الانتقال من العصور الوسطى إلى العصر الحديث في أوروبا، حيث أطلق على مرحلة الانتقال تلك بعصر النهضة . ويغيب في هذا المصطلح البعد الاجتماعي والسياسي، الذي صاحب الثورات التي شهدتها القارة الأوروبية . فسياقات استخدام مفهوم النهضة، هي في الأغلب، ثقافية وفكرية، وركزت بشكل خاص على الفنون . لكن ذلك لا يقلل من شأنها، فقد كانت الأفكار التي شهدتها أوروبا، فيما عرف بالمرحلة الرومانسية، طلائع التحولات السياسية الدراماتيكية التي ارتبطت بالثورة الفرنسية . وقد أسهمت في تقديم رؤى ومناهج جديدة للحياة، وهيأت لانبثاق دولة الحق والقانون التي عرفت لاحقاً بالدولة المدنية، وعمادها العقد الاجتماعي .
وفي وطننا العربي، برزت طلائع النهضة العربية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . وحمل قادتها على عاتقهم إنجاز مهمتين رئيسيتين . الأولى إحياء اللغة العربية، وبعث التراث والانفتاح على الفكر الإنساني العالمي، والثانية مقارعة الحكم العثماني، والعمل على تحقيق الاستقلال عنه .
أما الحضارة، فقد صاحبت الإنسان، منذ عرف الاستقرار والاجتماع الإنساني . وقد عرفها ول ديورات، صاحب الكتاب الموسوعي "قصة الحضارة"، بأنها نظام اجتماعي، يهدف إلى تحقيق رخاء أكبر، وزيادة في التعمير والإنتاج . ولا يمكن الدفع بالمشروع الحضاري إلى الأمام، من دون توفر عناصر أربعة هي على التوالي: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، ومنظومة القيم الأخلاقية، ومستوى الفنون والإبداع . ورغم تداخل المفهومين، فإنه يمكننا القول إن النهضة هي مشروع للعمل، وهي مقدمة لازمة للحضارة، كون الأخيرة هي ما هو منجز لتحسين وضع الإنسان، رغم أنها ارتبطت بالاجتماع الإنساني وبالاستقرار .
إمعان النظر في العناصر، التي تشكلها، يوضح أن ليس أي منها ثابت، فهي جميعاً متحركة وخاضعة للنسبية . فقد خضعت منذ القدم، لتقلبات وتحولات، وما كان بالأمس حضارياً، ويعتد به قد لا يكون كذلك الآن . فالزراعة على سبيل المثال، كانت عنواناً رئيسياً للحضارة، لأنها من العوامل التي أسست لاستقرار الإنسان حول الأنهار ومنابع المياه، وتأسيس المدن، التي أصبحت عناوين يعتد بها عند تدوين تاريخ الحضارات الإنسانية .
لكن وجود مجتمعات زراعية بحتة، لا تضع حسباناً لقوانين التطور، ولا تسعى جاهدة لتطوير أدائها بمكننة الزراعة والانتقال من حال الزراعة البدائية، إلى الزراعة الحديثة أصبح مدعاة لاتهام تلك المجتمعات بالتخلف والابتعاد عن عناصر الحضارة . وأصبح القياس الحضاري مختلفاً في النظرة عن سابقه، وغدا رهناً للأخذ بناصية العلم، والاندفاع عن الإنتاج المكثف والأفضل، في النوع والكم .
في عالم الاقتصاد وموارده، وقواه المحركة تغيرت الأمور كثيراً، فأصبح الاعتداد بما نملكه من مواد طبيعة، ومواد خام، من دون تحويله إلى منتج صناعي، عنصر تهمة بالتخلف عن ركب الحضارة . وكذلك الحال بالنسبة للفنون، التي تغيرت تغيراً جذرياً مع الانتقال السريع، في طرق العيش . لقد أصبحت الحاجة ماسة إلى فنون جديدة تعكس التطور الذي نحياه . فنون تستلهم من الفولكلور الموروث أشكالاً ونماذج وطرق جديدة .
وهكذا الحال مع بقية عناصر الحضارة . فالفنون والإبداعات، حالات يتواصل فيها القديم بالجديد ولا تستقر على أحوالها . ومع التطور الاجتماعي تبرز مفاهيم جديدة، ومنظومات أخلاقية، تجد أصولها في الموروث الفكري والأخلاقي، ولكنها لا تقف عندها . فالأسئلة لا تبقى كما هي، وكلما تغيرت الأسئلة، كلما أصبحنا في حاجة إلى تقديم أجوبة تتسق معها .
المشروع الحضاري، هو مشروع تراكمي وحاجة مستمرة إلى متابعة . شأنه شأن خطط التنمية الاقتصادية، لا يمكن إعادة استنساخها، لأنها بحاجة إلى تمثل دائم يستلهم احتياجات اللحظة .
موضوع التطور الحضاري في منطقتنا، رهن لقدرتنا على استمرار القفزات التنموية، التي ارتبطت بإنتاج النفط . والذي أسهم في نقل مجتمعاتنا من حال إلى حال . لكن المعضلة التي تواجه مشروعنا الحضاري المعاصر، هي ترافقه مع نمط الاقتصاد الريعي، الذي يأتي في شكل هبات من الأعلى إلى الأسفل . وقد خلق ذلك سلبيات كثيرة . تحول المواطن من فرد منتج، وفقاً للسياقات التاريخية، قبل الطفرة الاقتصادية، إلى عبء، ينعم بما توفره الثروة المتأتية من إنتاج النفط، من دون بذل جهد يتكافأ مع ما يحصل عليه من الموارد المالية . وأدى ذلك لنشوء ثقافة الاستهلاك . وفي ظل هذا الواقع تخلت الطبقة المتوسطة عن وظيفتها في الفنون والفكر والإبداع .
ليس هناك من مخرج لهذا الوضع، سوى توفير الشروط للتحول إلى المجتمع المنتج وفي هذا السياق، سيكون على صناع القرار صياغة خطط تنموية صناعية، وتكثيف الفرص الاستثمارية للنهوض بهذا القطاع . ولن يكون ذلك مجدياً إلا بتوفير الشروط الملائمة لإنجاح عملية التصنيع . وأولها تغيير مخرجات الثقافة والتعليم، بتغيير ثقافة التلقين إلى الثقافة التحليلية والتشجيع على العلم الحق والفكر الحق، ومن ثقافة الإتكالية والخوف إلى ثقافة المبادرة، والإبداع .
ولن يكون تحقيق ذلك ممكناً، إلا بإعادة الاعتبار، لمفهوم التكامل الاقتصادي العربي، في عالم التكتلات الكبرى، والصناعات ذات الأبعاد الكبيرة، وليكون ذلك مدخلاً لنهوض الأمة بأسرها .
ولعل في هذا الطرح ما يعيد الاعتبار للتلازم بين وظيفة النهضة ووظيفة الحضارة فيستمر جدل العلاقة بينهما، كما كان دائماً في لحظات الصعود، تتقدم النهضة قاطرة الفكر، لتصوغ برامج المستقبل، وتخلق الحضارة مناخات جديدة، للنهوض، فيتلازم البناء والعمل، مع ارتقاء مختلف مجالات العلم والمعرفة والفنون، ضمن متصور استراتيجي عربي شامل، يهدف للخروج من النفق الراهن، وصناعة المستقبل الأفضل .

هذا ليس نتانياهو الجديد
بقلم: هنري سيغمان – القدس
ورد على نطاق واسع في وسائل الإعلام أنّه من المرجّح أن يقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإطار العمل الذي طرحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري لاتفاق سلام قائم على حلّ الدولتين بين إسرائيل والجانب الفلسطيني مع أنّ عدداً من شركائه في الحكومة الائتلافية هدّدوا بإسقاط حكومته في حال وافق على ذلك. كما أنّهم حذّروه من أنهم سينسحبون من حكومته إذا قبل بتجميد عمليات البناء الجديدة في المستوطنات أثناء سير المفاوضات.
وفسّر عدد كبير من المراقبين هذه التقارير على أنها مؤشر على حصول تغيير مهمّ في موقف نتانياهو القديم، القائم على الاعتراض الشديد على قيام دولة فلسطينية، إذ اعتبر على الدوام أنّ الفلسطينيين يرغبون في استخدامها كمنصة لشنّ هجوم على كيان الدولة اليهودية بحد ذاته. ومن المعروف أنّ نتانياهو تعهّد بقبول حلّ الدولتين في خطابه في جامعة بار إيلان في 14 حزيران 2009. إلا أنّ أحداً في إسرائيل لم يصدّق كلامه. وقد أدرك نقّاده ومؤيّدوه على السواء أنّه يحاول كسب الوقت بهدف إيصال مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى مرحلة يستحيل فيها عكس مساره.
لكن يُقال اليوم إن نتانياهو فهم أخيراً أنّ احتلال إسرائيل للضفة الغربية لا يمكن أن يكون دائماً، لأنه يهدّد بعزل الدولة اليهودية وبتجريدها من شرعيتها. ولسوء الحظ، يُعتبر هذا التحليل لوجهة نظر نتانياهو مغلوطاً تماماً، ولطالما كان كذلك في الماضي. ففي كلّ مرة يتمّ فيها انتخابه رئيساً للوزراء – وهو يحتل هذا المنصب الآن للمرة الثالثة – يطمئننا الخبراء بأننا نتعامل مع نتانياهو براغماتي جديد، وفي كلّ مرة يتبيّن أنهم على خطأ.
حين تمّ انتخاب نتانياهو رئيساً للوزراء في العام 1996، كنتُ أقوم بزيارة للرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أخبرني بأنّ الرسائل التي تلقّاها من نتانياهو عبر وسطاء تؤكّد له أنّه اكتسب براغماتية جديدة وواعدة. ورفض الشكوك التي أبديتُها تجاهه. لكن في المرة التالية التي التقينا فيها، عبّر عن خيبة أمله العميقة من نتانياهو وشكّك في مصداقيته. وقد دار النقاش نفسه بيننا حين أُعيد انتخاب نتانياهو رئيساً للوزراء عام 2009.
وقد نقلل من شأن نتانياهو إن قلنا إنه ليس زعيماً يتمتع برؤيا. فهو بلا أدنى شك رجل ذكي وبارع من وجهة نظر تكتيكية، ويعلم كيفية البقاء في موقع الرئاسة، مع الإشارة إلى أن هذا الهدف، الذي ينظر إليه على أنه على ارتباط وثيق بالحفاظ على قيادته لليمين السياسي في إسرائيل، يطغى على كلّ تحدٍّ محلي ودولي آخر تواجهه إسرائيل. وفي حال صحّت التقارير التي تفيد بأنه ينوي في الوقت الحالي قبول اتفاق الإطار الذي اقترحه كيري لاتفاق قائم على حلّ الدولتين، ففي الأمر دلالة على حنكة نتانياهو التكتيكية وليس على تغيّره. وليست البراغماتية الجديدة المنسوبة إليه سوى خدعة تعطيه وقتاً إضافياً لتعميق المشروع الاستيطاني ولتمهيد الطريق أمام لوم الفلسطينيين على فشل جهود كيري.
لماذا هذه الخلاصة المتشائمة؟ لأنّه ورد أيضاً أنّ نتانياهو أقنع كيري بتقديم إطار عمل لا يعتبر حدود عام 1967 كنقطة بداية لحصول مقايضات بسيطة لأراضٍ، ولا يطالب بوضوح أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية الجديدة، ولا يسمح للفلسطينيين بالسيطرة على حدود الدولة الفلسطينية الجديدة بدلاً من الجيش الإسرائيلي، علماً بأن إطار العمل هذا لن يحول دون تواجد جيش إسرائيل وقوات أمنها بدلاً من القوات الدولية لمراقبة انتقال الفلسطينيين نحو قيام دولة متكاملة، بل سيسمح بسيطرة إسرائيل المستمرة على غور الأردن. وبمعنى آخر، سيكون إطار العمل متماشياً تماماً مع سيطرة إسرائيل المستمرة على إسرائيل الكبرى.
وبالنسبة إلى التهديد الذي يشكله قبول نتانياهو بإطار عمل كيري على بقاء حكومة نتانياهو الائتلافية، فإن الحزب الوحيد الذي قد ينسحب في هذه الظروف هو حزب «البيت اليهودي» الذي يرأسه نفتالي بينيت. وهو حزب يستطيع نتانياهو استبداله بسهولة (علماً بأنّ الزعيم الجديد لحزب العمل إسحق هرتزوغ يعلن دوماً استعداده للانضمام إلى حكومة نتانياهو). ولا شيء سيُسعِد نتانياهو أكثر من رحيل بينيت، وهو من الرجال الذين يكن لهم الكراهية.
وتتمثّل الطريقة الوحيدة لنجاح كيري في تغيير تاريخ طويل من الفشل الديبلوماسي الأميركي في التوصّل إلى اتفاق قائم على حلّ الدولتين في التخلي عن المفهوم القائل بأنّ الطرفين قادران بمفردهما على التوصّل إلى اتفاق مقبول قائم على حلّ الدولتين إذا قدّمت الولايات المتحدّة الصيغة الديبلوماسية المناسبة لذلك. ولا بدّ أنّ الولايات المتحدّة أدركت منذ زمن بعيد أنّ الاختلافات الواسعة بين القدرات الاقتصادية والعسكرية والديبلوماسية لكلّ من إسرائيل والفلسطينيين ستحول دون التوصّل إلى اتفاق مماثل، في حال تُركا للعمل على هواهما.
هناك طريقة وحيدة لتتمكّن الولايات المتحدّة من إقناع الإسرائيليين بقبول اتفاق قائم على حلّ الدولتين، وتتمثل في تغيير حسابات إٍسرائيل القائمة على مقارنة التكاليف والمنافع. ولا يمكن حصول ذلك إلا في حال أبلغت الولايات المتحدّة إسرائيل بأنها ستنسحب من عملية السلام المزيّفة وستسمح لمجلس الأمن بتحديد حدود إسرائيل وبإبلاغها بالتبعات المترتبة جرّاء عدم التزامها بذلك. وقد يؤدي ذلك إلى بروز حكمة إسرائيلية جديدة من شأنها إنقاذ الطابع اليهودي والديموقراطي للدولة.
ولا مجال للشكّ أبداً في أنّ إسرائيل بحاجة ماسة إلى هذا النوع من الإنقاذ. وبالتالي، هل سيقبل ولو عضو واحد من أصل 14 ألفاً في لجنة «آيباك» بالمزاعم الديموقراطية لدولة تحكم على شعبها اليهودي بأن يكون خاضعاً، على امتداد نصف قرن، للقهر والحرمان كما تفعل إسرائيل بالشعب الفلسطيني؟
الأجدى بدولة اليهود الأخذ بنصيحة الحكماء في سلوك الآباء في التلمود، التي تقضي بأنه لا يجدر أن تحكم على أخيك إلى أن تضع نفسك مكانه. وبالتالي، ألم يسبق لنا أن وضعنا أنفسنا في هذا الموقف؟

لماذا لم تعد روسيا تخاف من الغرب؟!
بقلم: بن يودا- القدس
يرف الغرب بأجفانه في حالة من عدم التصديق —لقد غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا لتوه. الدبلوماسيون الألمان واليوروقراطيون الفرنسيون والمفكرون الأميركيون جميعاً منذهلون. لماذا اختارت روسيا المغامرة بروابطها المقومة بتريليون دولار مع الغرب؟
يشعر القادة الغربيون بالدهشة لأنهم لم يدركوا أن مالكي روسيا لم يعودوا يحترمون الأوروبيين بالطريقة التي كانوا عليها ذات مرة بعد الحرب الباردة. وروسيا تعتقد بأن الغرب لم يعد تحالفاً صليبياً. وتعتقد أيضاً بأن الغرب مهتم راهناً بالمال وحسب.
يدرك الرجال المحيطون ببوتن هذا الأمر شخصياً. كان حكام روسيا يشترون أوروبا منذ أعوام. وهم يتوافرون هناك على قصور وشقق فخمة، من وست إند في لندن إلى ساحل الآزور في فرنسا. ويعيش أولادهم في أمان في المدارس الداخلية البريطانية ومدارس التخرج السويسرية. كما أن أموالهم مودعة بعيداً في بنوك نمساوية وفي ملاذات الضريبة البريطانية.
لم تعد الدائرة الداخلية لدى بوتين تخشى من المؤسسة الأوروبية. لقد تخيلوهم ذات مرة كلهم في جهاز "أم آي 6". لكنهم الآن أصبحوا يعرفون بشكل أفضل. فقد شاهدوا أولا بأول كيف ينقلب الأرستقراطيون الغربيون وأساطين الشركات فجأة عندما يرون ملياراتهم. وقد أصبحوا ينظرون إليهم راهناً كمنافقين - نفس النخب الأوروبية التي تساعدهم في إخفاء ثرواتهم.
في السابق، كانت روسيا القوية تستمع عندما تصدر السفارات الأوروبية بيانات تدين فساد الشركات الروسية المملوكة للدولة. لكن الأمر لم يعد كذلك. لأنهم يعرفون تماماً بأن المصرفيين ورجال الأعمال والمحامين الأوروبيين يقومون بالعمل القذر نيابة عنهم، حيث يضعون عوائد الفساد في مخابئ من الأنتيل الهولندية إلى الجزر العذراء البريطانية.
إننا لا نتحدث عن أموال كبيرة. وإنما عن أموال كبيرة جداً. ولم يقدّر غير البنك المركزي التابع لبوتين أن ثلثي مبلغ 56 مليار دولار التي خرجت من روسيا في العام 2012 يمكن تعقبها إلى نشاطات غير قانونية. جرائم مثل عوائد الابتزاز أو أموال المخدرات أو الغش الضريبي. هذه هي الأموال التي يفرش المصرفيون الإنجليز الأنيقون السجاد الأحمر لها في لندن.
فيما ما وراء الفساد الأوروبي ترى روسيا ضعفاً أميركياً أيضاً. فالكرملين لا يعتقد بأن البلدان الأوروبية -باستثناء ألمانيا- مستقلة فعلاً عن الولايات المتحدة. وهو يرى فيها بلداناً تابعة تستطيع واشنطن إجبارها الآن، كما كانت تفعل إبان الحرب الباردة، على عدم القيام بهذا النشاط مع الكرملين.
عندما ترى روسيا أن اسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال تزاود على بعضها لكي تكون أفضل شريك تجاري لروسيا في داخل الاتحاد الأوروبي (في مقابل عدم التطرق لحقوق الإنسان)، فإنها ترى أن سيطرة أميركا على أوروبا تتحلل على نحو بطيء.
عودة إلى موسكو، فروسيا تستمع إلى الضعف الأميركي من سفارة موسكو. وذات مرة خشي الكرملين من مغامرة أجنبية قد تجر إلى فرض عقوبات اقتصادية مثل تلك التي كانت مفروضة إبان الحرب الباردة، حيث توقع ضرراً في شكل حظر على تصدير أجزاء رئيسية لصناعته النفطية، حتى مع منع الدخول إلى القطاع البنكي الغربي. لا أكثر.
ترى روسيا أن أميركا شاردة الذهن: فقد كانت مقامرة بوتين الأوكرانية بمثابة صدمة لمؤسسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وهم يفضلون الحديث عن الصين أو المشاركة في مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وترى روسيا أميركا هشة: في أفغانستان وفي سورية وحول إيران. والولايات المتحدة تحتاج على نحو يائس إلى الدعم الروسي للاستمرار في شحن إمداداتها واستضافة أي مؤتمر سلام أو تفعيل عقوباتها.
وفي الأثناء، لا تشعر موسكو بالعصبية. وقد استعرضت النخب الروسية نفسها بطريقة كبيرة -كل شيء تعتبره ثميناً أصبح محجوزاً الآن في شكل ممتلكات أوروبية وحسابات بنكية. ونظرياً، يجعلهم هذا الحال في وضع هش، ويستطيع الاتحاد الأوروبي باندفاعة مفاجئة إلى إجراء تحقيقات في غسل الأموال وفرض حظر على منح تأشيرات أن يحرمهم من ثروتهم. لكنهم شاهدوا الحكومات الأوروبية وهي تتردد مرة تلو المرة في تفعيل أي شيء مشابه ولو من بعيد لقانون ماغنيتسكي الأميركي الذي يمنع قبضة من المسؤولين الجنائيين من دخول الولايات المتحدة.
كل هذا جعل بوتين واثقاً، لا بل مفعماً بالثقة، أن النخب الألمانية مهتمة أكثر في جني الأموال من اهتمامها في التصدي له. والدليل موجود هناك. فبعد أن وصلت القوة الضاربة لروسيا إلى أطراف تبليسي، العاصمة الجيورجية، في العام 2008، كانت هناك بيانات ونوبات غضب، وإنما من دون صرير حول المليارات الروسية. وبعد إلقاء المعارضة الروسية أمام محاكم صورية استعراضية، كانت هناك رسائل تعبر عن القلق من الاتحاد الأوروبي، لكن الصمت ساد حول مليارات روسيا مرة أخرى.
يعتقد الكرملين بأنه يعرف سر أوروبا القذر راهنا. ويعتقد أيضا بأنه جعل المؤسسة الأوروبية هدفاً. فالرجال الأشداء الذين يديرون روسيا بوتين يرونهم مثل الساسة السوفيات في يومهم الأخير. فوراء في الثمانينيات (من القرن الماضي)، تحدث اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية عن الماركسية الدولية، لكنه لم يعد يؤمن بها. وتعتقد روسيا بأن بروكسيل تتحدث اليوم عن حقوق الإنسان، لكنها لم تعد تؤمن بها. وتدير أوروبا في الحقيقة نخبة تتمتع بأخلاقية صندوق التحوط: اجمعوا أموالا مهما كانت الكلف وانقلوها للخارج.
ويرى الكرملين الدليل على ذلك في القادة السابقين لبريطانيا وفرنسا وألمانيا. فتوني بلير يقدم المشورات للدكتاتورية في كازاخستان حول كيفية تحسين صورتها في الغرب. وكان نيكولاس ساركوزي يدرس أمر تشكيل صندوق تحوط بأموال من قطر الدكتاتورية، كما أن غيرهارد شرودر هو رئيس مجلس إدارة كونسورتيوم "نورد ستريم" -خط الأنابيب الرئيسي المملوك لغازبروم الروسية، والذي يربط روسيا مباشرة مع ألمانيا عبر بحر البلطيق.
تشعر روسيا بالثقة من أنه لن يكون هجوم اقتصادي غربي معاكس. وهم يعتقدون بأن الأوروبيين لن يفرضوا عقوبات على أموال الاوليغاركية الروسية. كما يعتقدون بأن الأميركيين لن يعاقبوا الاوليغاركيين الروس من خلال اعتراض وصولهم إلى البنوك. وتشعر روسيا بيقين بأن هجوماً عسكرياً مضاداً هو أمر غير وارد على الإطلاق. وهم يتوقعون أن تتخذ أميركا موقفاً واحداً وحسب. إلغاء اجتماع مجموعة الثمانية، ومن يعبأ؟
لأن بوتين لا يخشى من الغرب، فإنه يستطيع التركيز على ما يهم وراء في روسيا: التمسك بالسلطة. وعندما أعلن بوتين أنه سيعود إلى سدة الرئاسة في أواخر العام 2011 كان السؤال الكبير العالي: لماذا؟
لم يكن لدى النظام قصة ليقولها. ماذا أراد بوتين أن ينجز من خلال عدم تنحيه أبداً؟ إثراء نفسه؟ كان الرئيس الدمية الذي أبعده جانبا، ديمتري ميدفيديف، سوق رسالة عن الحداثة على الأقل. ماذا غير الجوع للسلطة هو الذي جعل بوتين يعود إلى الرئاسة؟ لم يكن لدى أطباء التلفيق في الكرملين ما يلفقونه.
كانت موسكو قد شهدت مظاهرات جماهيرية في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2011 وتجمع آنذاك أكثر من 100.000 شخص على مرأى من الكرملين، مطالبين بحكم روسيا بطريقة مختلفة. وقد تم إخلاء المحتجين من الشوارع، لكن المشكلة التي كانت لدى النظام في تبرير نفسه ظلت قائمة. كان بوتين قد سوق نفسه للشعب الروسي على أنه الرجل الذي سيضفي الاستقرار على الدولة، ويوفر مداخيل مرتفعة بعد الفوضي العارمة التي عمت البلاد في سنوات التسعينيات (من القرن الماضي). لكن، ولأن الروس لم يعودوا يخافون من الفوضى العارمة، وإنما من الركود بينما يتباطأ الاقتصاد - كان من غير الواضح لماذا هذا "الاستقرار" إذن.
كان ذلك هو المكان الذي أصبحت فيه حملة الدعاية الضخمة المسماة "الاتحاد اليوروآسيوي" ما أصبح عليه. هذا هو الاسم الخاص بالكيان الجديد الغامض الذي يريد بوتين خلقه من بقايا الدول السوفياتية السابقة -الخطوات الأولي التي اتخذها بوتين من خلال تشكيل اتحاد جمركي مع بيلاروسيا وكازاخستان، وكان يأمل بأوكرانيا يديرها فكتور يانوكوفيتش. ولا يتعلق هذا فقط بمسألة الإمبراطورية: إنه يتعلق باستخدام الإمبراطورية للتغطية على المدى البشع للفساد الروسي والتبرير للنظام.
كانت روسيا لتفضل ابتلاع أوكرانيا، لكن العرض يجب أن يستمر. إذ يريد التلفزيون الروسي عرض أمجاد جديدة لبوتين في كل ليلة على نشرة الأخبار المسائية. فالسياسة الروسية تتعلق بالتلفيق لا بالجوهر. أما المادة الحقيقية للسياسة الروسية فهي استخلاص مليارات الدولارات من الأمة ونقلها إلى ملاذات الضرائب الغربية الاستوائية، وهو ما يفسر السبب في أن السياسات الروسية تحتاج إلى علاقات عامة أزلية، وإلى دراما بوتينية أزلية من أجل الإبقاء على كل هذا مخبأعن الشعب الروسي. وقد استطاع بوتين المغضب أن يبني أسطولاً من الطائرات الفخمة للكرملين بقيمة وصلت إلى مليار دولار؟ هل تشعر بالغضب لأن ثلث الميزانية البالغة 51 بليون دولار للألعاب (الأولمبية الشتوية) في سوتشي قد تلاشت في عمليات ابتزاز؟ إنس الموضوع، فروسيا تقف على قدميها مرة أخرى.
هذا يفسر السبب في أن القرم تكمل بوتين. إنها ليست جنوب أوسيتيا. إنها ليست قرية جبلية نائية فيها عرقية مزدوجة لم يسمع الروس بها قط. إن القرم تقع في قلب الرومانسية الروسية. وتشكل شبه الجزيرة هذه الجزء الوحيد من العالم الكلاسيكي الذي لم تغزه روسيا. وهذا ما يفسر السبب في أن الارستقراطية القيصرية وقعت في حبها. وقد رمزت القرم لحكم روسيا القرن الثامن عشر والتاسع عشر لغزو القسطنطينية وتحرير المسيحيين الأرثوذكس اليونان من حكم المسلمين، بحيث أصبحت القرم الحديقة الخلفية للإمبريالية. وقد تم تمجيدها في الشعر والقصور باعتبار أنها جوهرة التاج الروسي.
القرم هي الأرض الوحيدة المفقودة التي ينعيها الروس فعلا. والسبب هو السياحة. وكان الاتحاد السوفياتي قد بنى على الأسطورة القيصرية وحوّل شبه الجزيرة إلى مخيم استراحة ضخم مليء بالعمال والمصحات ومخيمات الرواد. وعلى عكس المدن الروسية، في شمالي كازاخستان مثلا، فإن القرم هي بالفعل مكان يحبه الروس. وحتى اليوم يقضي أكثر من مليون روسي عطلتهم في القرم في كل عام. إنها ليست شبه جزيرة وحسب، إنها نادي روسيا الطبي والرومانسية الإمبريالية مندمجان في فكرة واحدة.
يدرك فلاديمير بوتين هذا. ويعرف أن ملايين الروس سيحيونه كبطل إذا أعاد لهم القرم، ويعرف أيضا أن البيروقراطيين الأوروبيين سيصدرون بيانات حادة ثم يعودون إلى عملهم في مساعدة النخب الروسية على شراء منازل لندن وقصور فرنسا. ويعرف تماما أيضاً أن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع إجبار أوروبا على الاتجار بطريقة مختلفة، وهو يعرف تماما أن الولايات المتحدة لا تقوى على فعل أي شيء وراء المناورات العسكرية المسرحية كأقصى شيء.
هذا هو ما يفسر السبب في غزو فلاديمير بوتين القرم. إنه يعتقد أنه ليس لديه ما يخسره. *مؤلف "الإمبراطورية الهشة. كيف وقعت روسيا في حب فلاديمير بوتين".

مجرد "حركشة" في الجولان .. أو؟
بقلم: حسن البطل – الايام
أستعير من مناحيم بيغن قولته: "ستهدأ البلاد أربعين عاماً" لعله استعار هذا من "أساطير الأولين" في كتب ديانته لوصف ما سيلي على دولة إسرائيل بعد حرب اجتياح لبنان 1982، المسماة "عملية سلامة الجليل".
أستعير من الاستعارة، بعد "الحركشات" على جبهة الجولان المحتل، ان هدوءاً امتد 40 عاماً بالفعل (من فصل القوات 1974 الى عامنا هذا) يبدو يهدد بانكسار الهدوء.
لم يهدأ جنوب لبنان، ولا جليل فلسطين، كما لم يهدأ لبنان، ولا حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوبه صيف العام 2000 .. واعتزل بيغن منصبه ومات كئيباً في بيته.
من يسأل اليوم، في لبنان وفي إسرائيل عن معادلة "قوة لبنان في ضعفه" التي اطلقها الشيخ بيار الجميل، قبل الحرب الأهلية اللبنانية 1975 - 1989؟
.. ومن يسأل، اليوم، في سورية عن مآل نظرية أطلقها حافظ الأسد عن "التوازن الاستراتيجي" بينما تعربد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء سورية، قبل وأبّان الثورة، من اللاذقية الى دمشق، دون أن يأتي "الرد في الوقت المناسب"؟
الفارق بين جنوب لبنان والجولان ان الغزو اندحر والانسحاب الإسرائيلي منه تمّ، باستثناء نزاع حدودي على تلال شبعا (جبل دوف في المصطلح الإسرائيلي)، لكن الاحتلال في الجولان تكرّس إسرائيلياً بضمه، ولو لم تعترف اي دولة بذلك، ولا حتى إسرائيل، بدليل مفاوضات متقطعة وفاشلة على شروط سلام ثنائية لاستعادته.
في الوقت الراهن، جاء دور "حزب الله" ليردّ لسورية جميلها في دورها لتمكين الحزب من تحرير جنوب لبنان، الى دوره في إسناد النظام في معركة وجوده.
الإسرائيليون ينسبون تسخين جبهة الجولان الى عناصر من حزب الله، رداً على ضربات جوية إسرائيلية في سورية ثم في لبنان مؤخراً ضد ما تقوله أنه نقل سلاح سوري متطور، ومخلّ بالتوازن الى مقاتلي الحزب في لبنان.
تقول إسرائيل أن الجيش السوري أخلى معظم مواقعه في الجولان، ووجه جلّ جهوده الى قتال قوات المعارضة التي سيطرت على معظم المواقع في المنطقة العازلة في الجولان، وتنال دعماً "خفياً" إسرائيلياً، ودعماً "إنسانياً" صريحاً في علاج جرحى المعارضة في إسرائيل.
أولوية النظام وجيشه وحلفائه اللبنانيين والعراقيين هي استعادة مواقع من ايدي المعارضة، ويكتفي بمحاولة منع تمدّد قواتها في المنطقة العازلة بالجولان.
هناك في إسرائيل من يميل الى تحبيذ انتصار المعارضة على النظام، وهناك من يحبذ انتصار النظام .. والطرفان سعيدان لاستمرار "انتقاض" سورية دولة وشعباً ونظاماً وجيشاً.
هل أن سقوط أربعة جنود جرحى إسرائيليين، بينهم ضابط جراحه خطيرة، جراء لغم أصاب دورية يبقى مجرد "حركشة" أم أن هدوء الأربعين عاماً على جبهة الجولان المحتل ربما انتهى، وقد يتطور إلى مواجهة بين جيشي دولتين، لأول مرة منذ حرب اجتياح إسرائيل للبنان!
الناس اعتادت أخبار حرب مواقع ضارية في سورية، لكن تسخين الجبهة النائمة نومة أهل الكهف في الجولان يعتبر أمراً مستجداً وله أبعاده الدولية، لأن الهدوء منكسر في جبهة غزة (وسيناء ومصر) وجبهة جنوب لبنان (ولبنان).. ولا احد يحكي عن هدوء قريب في الجبهة الداخلية السورية.
كعادة سورية لم تتحدث بشيء عن خسائر بشرية في جنودها بعد الرد الليلي الفوري الجوي الإسرائيلي على مواقع حدودية للجيش السوري، ولا عن خسائرها جراء 7 - 8 غارات جوية إسرائيلية دقيقة ومدمرة في عمق سورية، بل في دمشق، سبقتها.
كل الضجة أن ضابطاً إسرائيلياً أصيب بجراح خطيرة على جبهة الجولان، لأول مرّة منذ أربعين عاماً من الهدوء.
هل ستنضم إسرائيل، علانية، الى دول جوار سورية المتدخلة، بشكل أو بآخر في صراعها الداخلي، وتقوم بالإجهاز على الجيش السوري، او بإضعافه، بما يعجل سقوط النظام، بخاصة ان الجيش السوري خسر في الصراع الأهلي، أرواحاً وعتاداً، ما يفوق إجمالي خسائره في كل معاركه وحروبه مع إسرائيل.
منذ عام تقريباً بدأ الصراع الداخلي السوري يميل، قليلاً قليلاً، لصالح جيش النظام وحلفائه، وفق استراتيجية الاحتفاظ ما امكن بالمناطق الآهلة بالسكان ومحاور الطرق الاستراتيجية، وترك نصف مساحة الدولة قليلة السكان والأهمية لسيطرة المعارضة.
قد تكون "الحركشة" والردّ عليها حركة معزولة وجزءاً من فوضى ضاربة أطنابها في سورية، وقد تكون بداية لتحطم الهدوء بين سورية واسرائيل.
هل هذا ضوء اخضر أميركي لإسرائيل باتجاه تصعيد ضد سورية يشكل رداً على ما حصل في أوكرانيا؟
يبقى سؤال مشرع: ماذا لو قبل النظام شروط إسرائيل للانسحاب من الجولان، دون اعتبار لانحسار خط الشاطئ لبحيرة طبريا عشرات الأمتار غرباً.
سورية تدفع ثمن الامتناع عن السلام مع إسرائيل، ومصر تدفع ثمن السلام معها .. وفلسطين؟

القرارات الصعبة التي يطلبها أوباما قطع في اللحم الحي ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
ليس من العسير على من يراقب المواقف والسياسات الاميركية تجاه الصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي، ان يعرف ما الذي يقصده الرئيس باراك اوباما حين يطالب الرئيس محمود عباس بضرورة اتخاذ قرارات صعبة بشأن عملية السلام المتعثرة، الرئيس عباس قدم كل ما يمكن التساهل بشأنه لاثبات مصداقيته تجاه التوصل الى اتفاق سلام، ولانجاح الجهود الاميركية، لكنه بقي على الثوابت الاساسية التي تشير بوضوح الى الحقوق الفلسطينية المستندة الى قرارات الشرعية الدولية. وافق الرئيس عباس على مبدأ تبادلية الاراضي، وعلى وجود طرف ثالث لضمان الأمن في منطقة الاغوار وربما على الحدود مع الاردن، ووافق على منح اسرائيل خمس سنوات لانهاء احتلالها للاراضي الفلسطينية، وعلى تمديد المفاوضات طالما ان ثمة جدوى من ذلك.
ومبدئيا يوافق الفلسطينيون على ان تكون الدولة منزوعة السلاح، ووافق الرئيس على ما ورد في مبادرة السلام العربية بشأن ملف حق اللاجئين في العودة، ووافق على استئناف المفاوضات، بدون ان تقدم اسرائيل التزاماً قطعياً بتجميد الاستيطان، وقبل كل هذا وذاك كان الرئيس الراحل ياسر عرفات قد اعترف بحق اسرائيل في الوجود، بدون ان تعترف اسرائيل بدولة فلسطين، فما الذي بقي حتى يطلب الرئيس اوباما من الفلسطينيين تقديمه في اطار القرارات الصعبة، حتى ترضى اسرائيل او حتى يقتنع الاميركيون، بأن عليهم هم ان يتخذوا قرارات صعبة حتى يتمتعوا بخصائص الوسيط المحايد والنزيه.
بمراجعة اجندة المواقف الاميركية المعلنة والمعروفة للجميع، واستنادا اليها بما انها تشكل المنظومة السياسية الاميركية تجاه الصراع واطرافه، فإن الرئيس اوباما يقصد حين يطالب بقرارات صعبة، ان يتجرأ الفلسطينيون على حقوقهم الاساسية، اي ان يقتطعوا من لحمهم الحي، ويقبلوا بانصاف وارباع حقوق، او بنسف بعضها.
الاميركي يريد من القيادة الفلسطينية ان تتراخى ازاء موضوع القدس فتقبل بقدس رمزية، في احد احياء القدس الشرقية، والاميركي يريد التخلي تماما عن حق عودة اللاجئين وربما ينظر لممارسة هذا الحق على انه ينطوي على تهديد امني وديمغرافي استراتيجي لاسرائيل.
ويريد الاميركي مراعاة المطالب الامنية الاسرائيلية تجاه منطقة الغور والحدود والمعابر، وايضا ازاء الوقائع غير الشرعية وغير القانونية التي اقامتها اسرائيل من خلال مصادرة الارض، واستيطانها، ومن خلال جدار الفصل العنصري. ويريد الاميركي ايضا ان يحصر اتفاق التسوية في الضفة، ووضع قطاع غزة جانباً بدون ان يوضح ما الذي ستكون عليه الدولة الفلسطينية لاحقا وكيف ستكون العلاقة بين الضفة والقطاع كاقليمين متواصلين جغرافيا في اطار دولة قابلة للحياة.
باختصار القرارات الصعبة التي يطلبها الرئيس الاميركي، يمكن اختصارها بجملة واحدة لا تقبل التأويل، وهي ان على الفلسطينيين ان يتخذوا قراراً باعلان الاستسلام والخضوع، ونسف تاريخهم وحقوقهم من اساسها، فقط حتى يتمكنوا من العيش، والتنعم بالعطايا الاميركية التي ستغرق مناطق السلطة، بالاموال والتعويضات، والرفاه، والتنمية الاقتصادية الملتحقة بالاقتصاد الاسرائيلي. يعني ذلك اعادة تكييف واقع الاحتلال، وتقليص تكاليفه الى ما دون الحد الادنى.
وفي المقابل لا نعثر على جواب عند الاسرائيليين حين يطالبهم اوباما باتخاذ قرارات صعبة، فلا اسرائيل مستعدة لتجميد الاستيطان، او وقف العدوان، او الافراج عن الاسرى، او تغيير طبيعتها العدوانية والعنصرية في التعامل مع الفلسطينيين.
لم تطلب الادارة الاميركية ومن غير المتوقع ان تطلب من اسرائيل التنازل عن بعض شروطها واملاءاتها، التي لا تصنف على انها حقوقا، وفي اغلبيتها تشكل خروجا على الشرعية الدولية وتحديا لها.
فليدلنا الاميركي، وشريكه الاسرائيلي على قرار واحد ينطوي على حقوق واضحة تقرها الشرعية الدولية لاسرائيل، ويرفض الفلسطينيون الاعتراف بها.
الاميركي اذاً كما الاسرائيلي وهما شريكان وحليفان في اعمال منطق القوة، وميزان القوة، لانتزاع ما تبقى من حقوق للفلسطينيين مع ان حقوقهم تفيض كثيراً عما يطالبون به؟
الولايات المتحدة تحاول تسويق قصة يهودية الدولة، على انه تنازل محتمل فينبغي على الفلسطينيين ان يقابلوا ذلك بتنازلات من الوزن الثقيل ذاته، لذلك ربما تبالغ اسرائيل ومعها الولايات المتحدة في التشدد حول هذا الشرط الى ان ارتفع سعره، بينما كان في عقود سابقة بلا ثمن يذكر.
كيري الذي قال في كانون الاول الماضي، "ان علينا ان نجد السلام الذي يعترف باسرائيل كدولة يهودية"، يعود ويقول امام لجنة الخارجية في الكونغرس الاميركي، "اعتقد انه كان من الخطأ ان يقوم بعض الناس باثارة موضوع الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، مرارا وتكرارا كمقرر حاسم لموقفهم تجاه امكانية قيام دولة والسلام". يا سلام على شطارة وزير خارجية الدولة الاعضم، الذي ساهمت بلاده في تسويق كذبة الدولة اليهودية حين تبنت الموقف الاسرائيلي، حتى اصبح قيدا على نتنياهو وحكومته، ثم يعود بدون ان يتخلى عن موقف بلاده في هذا الشأن، لكي يسوق هذه البضاعة الفاسدة، على الفلسطينيين للحصول على تنازلات من لحمهم الحي. يبدو للمتابع ان كيري يساهم بدون ان يقصد في افشال الجهد الذي يقوم به من اجل تحقيق تسوية، حتى اصبح يتسول نجاحاً واحداً يتمثل فقط بتمديد المفاوضات لأشهر أخرى.
الاسرائيليون موافقون على التمديد طالما سيكون قائماً على الشروط ذاتها التي ادت الى استئناف المفاوضات الجارية منذ تموز الماضي، ولكن على كيري ان يجد حلا للموقف الفلسطيني الذي يرفض ذلك بدون تغيير شروط وبيئة المفاوضات المحتملة بعد التاسع والعشرين من نيسان القادم، فهل سينجح؟

تمديد المفاوضات وحل المشكلة الأميركية
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – الايام
كما توقعنا في مقالات عدة، فقد هبط سقف الطموحات الأميركية الى "وريقة" غير ملزمة لأحد، وليس مطلوباً التوقيع عليها بقدر ما هو مطلوب "التفاوض" حول "المبادئ" العامة التي تتضمنها. الإدارة الأميركية وإدراكاً منها بصعوبة الحل والتباعد الكبيرة والهوّة العميقة بين الجانبين، أصبحت تبحث عن حل للمشكلة الأميركية وليس الفلسطينية، وهو حل يتعلق بصعوبة الإعلان عن فشل السياسة الأميركية.
دار الكثير من الآراء في الساحة الأميركية والدولية والإقليمية حول "النجاحات" التي حققتها الإدارة الأميركية في حلحلة الكثير من المشكلات الدولية، وركزّت هذه الآراء على ان هذه الحلحلة تعني من بين ما تعنيه استحالة فشل هذه السياسة في منطقة الشرق الأوسط، و"ضرورة" انتباه أطراف الصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديداً إلى أن زمن الفشل قد انتهى، وان الحل على جبهة هذا الصراع قد اصبح على الأبواب، وأن على الأطراف ان تُعدّ نفسها لذلك.
الحقيقة أن الاستدلال على كل ذلك من خلال محاولات حل موضوع النووي الايراني وعقد مؤتمر جنيف على مرحلتين والتحضير للمرحلة الثالثة هو دليل قصور شديد في هذه النظرة، بل ان هذا "التحليل" بالذات يعكس "نقصا شديدا" في فهم أزمة الولايات المتحدة في قيادة العالم، وربما يعكس أيضاً فهماً جامداً وقديماً أو متقادماً للتغيرات التي طرأت في بنية النظام الأميركي وفي بنية النظام الدولي والدور الأميركي الحقيقي والجديد فيه.
النظام الإيراني في قضية النووي الإيراني هو الذي قرر الحل وليس "نجاح" الدبلوماسية الأميركية، وازعم هنا أن إيران تعمدت الغموض في برنامجها النووي بهدف ضمان الاعتراف الدولي بحقوقها في تطوير صناعة الطاقة النووية السلمية لأنها لو لم تفعل ذلك لما سمح "المجتمع الدولي" لها ابداً بهذه الحقوق.
أي أن إيران أوهمت الغرب (إلى درجة ان هذا الغرب اشترى الوهم) وأعاد بيعه على انه حقيقة، وهذا يمثل فشلاً ذريعاً للولايات المتحدة ولا يوجد إنجاز حقيقي في الاتفاق ما بين الغرب وإيران وان الإنجاز الحقيقي هو لإيران وليس للولايات المتحدة.
أما فيما يتعلق بالصراع في سورية، وعليها فقد فشلت السياسة الأميركية في "إسقاط" النظام، وفي ظل جنيف (1) وجنيف (2) تعزز دور النظام، وتراجعت المعارضة بصورة غير مسبوقة، وتدمير الأسلحة الكيماوية هو إنجاز وهمي أيضاً، لأن النظام باع الغرب هذه البضاعة وقايضها ببقائه وهذا هو الهدف "الأسمى" للنظام ولم يكن هدفه الأسلحة الكيماوية او استخدامها للردع.
لقد امتلك النظام هذه الأسلحة دائماً، وهوجم دائماً ولم تشكل هذه الأسلحة ولا لمرة واحدة أي نوع من الردع إلا في مواجهة المعارضة والشعب، وهنا يتبين ضآلة حجم الإنجاز الغربي، بل وحتى الإسرائيلي في مسألة الأسلحة الكيماوية، هذا فضلاً عن أن النظام يستطيع إخفاء الكثير من هذه الأسلحة ولديه البنية الكاملة والكافية لإعادة تصنيع هذه الأسلحة مستقبلاً.
أين إذن هي الإنجازات الأميركية في حلحلة القضايا الساخنة في العالم وبأي معنى هناك "سيل جارف" أميركي سيجرف كل من يقف في طريقه!!؟
أما فيما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإن الولايات المتحدة قد قدمت نموذجاً صارخاً عن عجزها وفشلها التام في التصدي لحل هذا النزاع.
لم يحدث أبداً في تاريخ الولايات المتحدة وتاريخ "انحيازها" لإسرائيل ان تبنت الولايات المتحدة المواقف الإسرائيلية كما تتبنى الإدارة الحالية جملة المواقف الإسرائيلية.
لقد انحازت الولايات المتحدة في الواقع العملي وفي الواقع النظري في كثير من الأحيان للاستيطان والتهويد وانضمت الى الجوقة اليمينية الحاكمة في إسرائيل حول القدس وحول الحدود والمعابر وحول أولوية "الأمن" وحول اللاجئين (بصورة اقل فظاظة في الموقف الإسرائيلي) وكل ذلك مقابل حديث عائم عن حل الدولتين وعن السيادة الفلسطينية وعن حدود العام 67.
أما الكارثة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة فقد تمثلت في الموافقة الأميركية على "يهودية الدولة" بل وإدراج هذه المسألة في مرحلة ما من مراحل المفاوضات الآن ومستقبلاً. فكيف بالله عليكم ستحقق الولايات المتحدة اختراقاً سياسياً في غضون شهر قادم أو عدة شهور قادمة حتى ولو تم تمديد المفاوضات!!؟
تمديد المفاوضات لا يحمل حلا وليس ممكناً أن يشكل فرصة للحل. تمديد المفاوضات هو فرصة لعدم الإعلان الرسمي عن فشل الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل وعجزها الكامل أمام فعل وقدرة وأولوية إسرائيل عند الولايات المتحدة الأميركية.
فإذا كان الأمر كذلك، وإذا كنا ندرك كل ذلك فعلى الولايات المتحدة ان تدفع ثمن محاولتها للتملص من إعلان الهزيمة وإعلان العجز والفشل.
عليها ان تقنع إسرائيل بالطريقة المناسبة ان تمديد المفاوضات هو "معروف" نسديه نحن للولايات المتحدة ونريد ثمناً مقابله.
الولايات المتحدة لا تفهم إلا هذه اللغة وعلينا أن نتعلم الطلاقة التامة والإتقان التام لهذه اللغة. نريد ثمناً ويجب ان نرفض التمديد بدون إنجازات ملموسة وفق جدول زمني وبسقف نهائي غير مفتوح أبداً.
والمهم أن لا يتم بأي حال من الأحوال تحويل "وريقة" المبادئ الى مرجعية للحل خصوصاً وأننا لسنا أمام حلول للصراع وإنما نحن أمام حلول وهمية وإيمائية تداري فشل السياسة الأميركية. وقد آن الأوان أن يتدارس الفلسطينيون مرحلة ما بعد فشل الحل.
فشل الأولويات الإسرائيلية
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
لم تحظ ألاعيب رئيس حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، نتنياهو، حول إيران، لجعلها تبقى العدو رقم واحد، وأنها مصدر القلق والخطر على تل أبيب، وذلك من خلال تسليط الأضواء على محتويات السفينة " كلوز سي " واستيلاء البحرية الإسرائيلية عليها وتوجيه مسارها نحو إيلات في خليج العقبة.
لم تحظ ألاعيب نتنياهو باهتمام الإسرائيليين، رغم "حمولة السفينة من الصواريخ النوعية، والمرسلة من إيران والمعدة للتصدير الخفي، نحو قطاع غزة لصالح حركة الجهاد الإسلامي"، وليس هذا وحسب بل أخفق نتنياهو في جذب التعاطف الأوروبي نحو ألاعيبه، في إظهار المخاوف الإسرائيلية، ولم يصدر عن أشتون مسؤولة السياسة الأوروبية التي زارت طهران في فترة انكشاف السفينة ما يشجب المسألة ودوافعها وانكشاف حمولتها ووجهة سيرها، كما لم يصدر من واشنطن ردة فعل توازي الأولوية التي يسعى لها نتنياهو، في جعل إيران أداة الشر، ومصدره في المنطقة العربية، وشرق أسيا، والخليج العربي، ومحاولته تعرية إيران و"إظهار أكاذيبها وتضليلها للعالم" على أنها غيرت من سياستها، ويتضح من السياق بمجمله أنه فشل في إحباط المساعي الدولية الهادفة إلى تطبيع العلاقات الأميركية الأوروبية معها ثمناً لوقف تخصيبها لليوارنيوم.
فشل نتنياهو، وتباكيه، ومحاولاته إبقاء واشنطن والعواصم الأوروبية أسرى مربع الاهتمامات الإسرائيلية وأولوياتها، ليس مرده في عدم قدرته على الإقناع فحسب، بل يعود ذلك لأسباب جوهرية طرأت على الاهتمامات الأوروبية والأميركية، وجعل مصالحها، لها الأولوية، ولو كان ذلك على حساب المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي لم يعد، في قلب اهتمامات واشنطن وأوروبا وأولوياتها لعدة أسباب منها :
أولاً : بعد تدمير قدرات الجيش العراقي 2003، واستنزاف الجيش السوري 2011 ولا يزال، ووقف تخصيب اليورانيوم الإيراني 2013 بما يحول دون تطوير قدرات طهران وتسلحها النووي، وبقاء قدرات الجيش المصري مرهونة لسياسات كامب ديفيد وقيودها، وضعف المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني وانقسامه، بحيث لم يعد هناك، ما يشكل خطراً على إسرائيل من جيوش هذه الدول وبرامجها.
ثانياً: إن إيران تسعى للاندماج مع الوضع الدولي، ودفعت ثمن ذلك، ولا تزال، وتتجاوب مع الرغبات والمصالح المشتركة التي تجمعها مع الأوروبيين والأميركيين.
ثالثاً: سياسة إسرائيل العدوانية التوسعية، وعدم تجاوبها مع مساعي التسوية واستحقاقاتها، تُحرج الأوروبيين والأميركيين على السواء، إضافة إلى خسارة تل أبيب أهم أسلحتها المعنوية وهي 1- المذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا واستنفاذ توظيفها، و 2- توقف أي مظهر من مظاهر الإرهاب الفلسطيني، الذي كانت تستغله لمصلحة مواصلة برنامجها التوسعي الاستيطاني الاستعماري، وبغياب هذين العاملين فقدت أسلحتها الهجومية وأدوات التعاطف معها.
رابعاً: فشل السياسة العدوانية العسكرية الأميركية ومن خلفها السياسة الأوروبية، وحروبهم في أفغانستان والعراق وليبيا وتدخلاتهم التي أرهقت الموازنات في بلدان التدخل العسكري، ولم يعد لها ما تملكه من هوامش مالية تسمح لها بالمغامرات، ما يدفعها نحو التوصل إلى منتصف الحلول مع إيران، والعمل على تطبيع العلاقات معها.
خامساً: نجاح سياسة المقاطعة الاقتصادية الأميركية الأوروبية، لإيران، التي أعطت ثمارها ودفعت طهران نحو تغيير جزء أساسي وجوهري من سياساتها الهجومية، بما فيها وقف محاولات تخصيب اليورانيوم، وقبولها بالتفتيش والإذعان لوقف تطلعاتها بالحصول على السلاح الذري.

طــرطــشــــات
بقلم : د. فتحي ابومغلي – الايام
• كتب أحد الصحافيين في معرض حديثه عن تشكيل الحكومة يقول، إن الشعب لا يطلب لبن العصفور ولا يطلب من أي وزير أن يكون " أبو زيد الهلالي " وإنما يطلب مصارحة ووضوحاً وشفافية في العلاقة، نعم، لقد أصاب زميلنا كبد الموضوع، فالوضوح والمصارحة يؤديان إلى تعزيز الفهم المشترك لقدرة الحكومة على الاستجابة لحاجات الناس ضمن الإمكانات المتاحة وفي ظل ظروف الاحتلال والانقسام وشح الإمكانات، كما أن العدالة في توزيع الخدمات والمساواة بين المواطنين في الحقوق ضمن الإمكانات المتاحة ترفع عن كاهل الوزير عبء توفير ما لا تسمح به الإمكانات من خدمات ضمن معادلة شركاء في العسر واليسر.
• وقاحة ما بعدها وقاحة، أن يقوم أحد المستوطنين المحتلين برفع دعوة ضد أحد الفلسطينيين، حراس الأرض، من أبناء البلد من بدو الهذالين، بحجة أن دخان طابون المواطن يعبق في بيت المستوطن المحتل ويؤذيه، فكرمئيل مستوطنة إسرائيلية تقع في الجليل أُنشئت عام 1986 على أراضي صادرتها إسرائيل من القرى العربية المجاورة ومن أصحابها العرب لإسكان المهاجرين اليهود الذين قدموا من الاتحاد السوفياتي.
• إجراء سليم اتخذته وزارة النقل والمواصلات بتشديد الرقابة على حركة واستعمال السيارات الحكومية خارج ساعات الدوام الرسمي او لاستخدامات غير رسمية، نأمل ان لا يكون هذا الإجراء مجرد فزعة كما كان يحصل في فترات سابقة، بحيث يتوقف الإجراء بعد انتهاء الفزعة التي أحياناً لا تستمر اكثر من عدة ساعات أو أيام، المطلوب من وزير النقل والمواصلات وضع آلية او نظام يضمن استدامة الإجراء الذي اتخذه ويحد من سوء استخدام المال العام.
• لا تزال موجة غلاء الأسعار ترتفع ولا نزال نفتقر لنظام يحدد الأسعار أو يعقلنها على الأقل، فلا يكفي أن نطالب بإشهار الأسعار وإنما لا بد من وضع نظام يربط السعر بالكلفة ويضع سقوفاً لهوامش الربح، حتى لا يبقى المواطن ضحية للاستغلال، والمأمول من جمعيات حماية المستهلك والتي أصبحت ناشطة في مختلف محافظات الوطن وتقوم بجهود طيبة أن تتحقق من سعر الكلفة وسعر البيع حتى تتحقق المنافسة العادلة بين التجار ويقرر المواطن من أين يشتري وكيف يقاوم جشع بعض التجار.
• قال رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون في الكلمة التي ألقاها أمام أعضاء الكنيست الإسرائيلي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة إن ولاءه لإسرائيل قوي كالصخر ولا جدال فيه ويقف دائما الى جانبها. ونقول لكاميرون، كان الأولى بك أن تأتي لتعتذر عن الخطأ التاريخي الذي ارتكبه آباؤك وأجدادك بحق شعب فلسطين، عندما اطلقوا ما سمي بوعد بلفور وعن كل ما قاموا به من تآمر من أجل إقامة إسرائيل وتهجير أهل البلاد الأصليين.
• حتى البغل لم يسلم من أذى المستوطنين، فقد قام أحد المستوطنين في منطقة اللبن في العاشر من الشهر الجاري بالسطو على إحدى المزارع في قرية اللبن الشرقية وقام بسرقة بغل تعود ملكيته لأحد المواطنين، المواطنون بشجاعتهم المعهودة منعوا فرار المستوطن بغنيمته وقاموا باحتجازه إلى أن تدخل الجيش الإسرائيلي والارتباط، حيث تمت مبادلة المستوطن المحتجز بالبغل المسروق.
تغريدة الصباح – مكره أخاك لا بطل .. من يوميات امرأة محاصرة في غزة
بقلم: سما حسن – الحياة
أعجبني مثل شعبي مصري سمعته مؤخرا وهو: اللي بيفكر بحال الناس زي اللي قاعد مقرفص، وللأسف أنا أجلس القرفصاء طول حياتي، لأن الظروف تقحمني دوما في مشاكل من حولي رغم أحمال الهموم التي فوق كاهلي.
صديقتي البائسة التي أصيب زوجها بالمرض وأصبح عاطلا عن العمل ولديها ابنان متزوجان يعيشان مع عائلتيهما في نفس البيت، وكل يوم تبلغني بالمشاكل التي تحدث خاصة بعد اصابة أحد الولدين بالشلل، ففي ساعة مبكرة من صباح أحد الايام ترن رنة واحدة على هاتفي النقال وأعرف انها تريد مني الاتصال بها لأنها لا تملك رصيدا على هاتفها سوى هذه « الرنة» وتحذرني كل مرة أن أنسى « وأفتح عليها الخط» وهكذا أتصل بها وأستمع لمشاكلها وهي تبكي : ابو فادي قرر يطرد الولد من الدار، الولد عندو اربع أطفال وما بيشتغل وأبو فادي راسو والف سيف انو الولد يعبي أنبوبة الغاز على حسابه، احكي معه يا اختي الله يخليلك اولادك، من وين يجيب الولد يسرق ولا يشحد، ووين يروح لو طلع من الدار...
- حاضر حبيبتي ، وأواسيها بكلمات تستهلك نصف بطاقة الشحن وأعدها أن أتصل بـ «أبي فادي»، وبالفعل أترك نواحها جانبا وأستمع لموشحات من الشكوى من أبو فادي وبمجرد أن يسمع صوتي : هي اللي خربت الولد بدلالها، خليه يروح يدور على شغل، من وين أجيب مصاري وأنا عايش على راتب الشؤون الاجتماعية كل 3 أشهر بيعطوني 1500شيقل.
وبعد أخد ورد معه أقنعه ألا يطرد الولد ، واقنعه أن يقوم هو بتعبئة أنبوبة الغاز وأتعهد أنا بدفع نصف ثمن التعبئة كمساهمة مني على شرط أن يتحمل «الولد» مع أطفاله الأربعة وزوجته، وهكذا وبعد قليل ترن صديقتي رنة أخرى فأعاود الاتصال بها وأحاول اقناعها بأن عليها أن تتحمل زوجها المريض وأحلل لها نفسيته بسرعة دون أن تفهم شيئا سوى أن الولد في النهاية سيبقى في البيت وأن أنبوبة الغاز ستعود ممتلئة لمطبخها.
وحين أتنفس الصعداء من هذه المكالمات, أحاول الاتصال بأبي فأسمع الاسطوانة « المحببة»: نأسف لقد نفذ رصيدكم........
وهكذا وكل يوم أمر بنفس السيناريو وان اختلف الابطال، ففي اليوم التالي تصلني رنة واحدة على هاتفي وأجد أن صاحبتها صديقة ابنتي التي تزوجت قبل شهر، فأعاود الاتصال بها لتنهمر علي سيول من الدموع والمخاط واللعاب: مرحبا...... ياخالتي ، شفتي جوزي «العريس» بدو اياني ارجع كل يوم من الجامعة وأنزل تحت عند أمه أساعدها في شغل البيت وأنا بأكون تعبانة وبدي أنام...».
- حاضر يا خالتي ، هلأ بأرن على «العريس» وباحكي معه. وهكذا خصصت ميزانية خاصة لشحن هاتفي النقال مكرهة لا بطلة.

الصراع في سوريا والورقة الفلسطينية
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لوحظ من خلال التطورات الأخيرة، أن "حزب الله" يمتص في صمت، الضربة الإسرائيلية تلو الأخرى، ما يعني أن الأولوية باتت عنده للحرب في سوريا، علماً بأن هذا الحزب المسلح حتى النواجز؛ أصبح في أمسّ الحاجة الى البرهنة على أنه "المقاومة" التي تخوض معركة وجود مع الإسرائيليين و"التكفيريين" في آن، على ما في هذه البرهنة، من أهمية للرواج وتبرير الانخراط في الصراع السوري، على حساب لبنان!
المحتلون يضربون ولا يعلنون. وعندما ينتشر النبأ، يضطر "حزب الله" الى الإعلان المتأخر والمقتضب، عن هجوم إسرائيلي سيكون الرد عليه في "الزمان والمكان المناسبيْن"، وهذه عبارة عقيمة، مستعارة من لغة النظام السوري، أثارت الكثير من السخرية لفرط تكرارها!
ما يهمنا هنا، هو موقف هذا الحزب الذي ينصّب نفسه "وكيلاً حصرياً للمقاومة" حيال المحتلين الإسرائيليين. فمن خلال الوقائع، نعلم أن الحزب الذي امتنع عن أي حراك، عندما هوجمت غزة بضراوة في الأسبوع الأخير من كانون الأول 2008 ولم يستفزه مشهد العربدة الإسرائيلية التي تمثلت في القصف الوحشي؛ هبّ للدفاع عن النظام السوري وحمايته، ما يؤكد على رواية الطرف اللبناني الآخر، الذي يرى في وظيفة "المقاومة" استطراداً زائداً على النص الأصلي، وهو أن الوظيفة الأساسية المبتغاة للحزب، ليست أكثر من الخوض بقوة في النزاع الداخلي، والحفاظ على قوس النفوذ من طهران الى الضاحية الجنوبية (ما ينسحب على كل لبنان) مروراً ببغداد ودمشق، لإحكام القبضة الطائفية على المشرق العربي كله!
المحتلون الإسرائيليون لا يكتمون نيتهم في الهجوم، كلما رصدوا رتلاً من شاحنات تحمل سلاحاً نوعياً للحزب، يمكن أن يُستخدم في وظيفة الاستطراد التي ظل السلاح "مشروعاً" بشفاعتها. ووجود هذا السلاح، باسم "المقاومة" يُعد انتهاكاً للشروط الدستورية لقيام الدولة ولهيبتها. ولو لم يكن الأمر كذلك، فإن هكذا "مقاومة" تحتاج الى رديفتها الفلسطينية، صاحبة الأرض والقضية، وهي تتوافر على قاعدة اجتماعية عريضة، في مخيمات لبنان، تعطلت وظيفتها النضالية بفعل فاعل عربي "ممانع". وبات يُراد للمخيمات الفلسطينية في لبنان، أن تتحول الى مكبّات نفايات صلبة، من الأصوليين والخارجين عن النظام، الذين يفاقمون الاحتقانات الناشئة عن تعطل الوظيفة الكفاحية الأساسية، وهم المتسببون في فوضى سلاح أوقعته في المخيمات مجموعات تتلطى بالدين وبـ "الجهاد". الآن، لا يتورع المحتلون عن القصف، وعندما لا يرد "حزب الله" لا يكون في وسع الآخرين، أن يفعلوا شيئاً، لأنهم لا يستطيعون، ولأن معركة من يصفهم الحزب بـ "التكفيريين" ليست مع إسرائيل، سواء كانوا في سوريا أو لبنان أو في العراق أو في اليمن، أو أي بلد آخر. فقوى المقاومة السُنية والعلمانية والفلسطينية، أجهز عليها "حزب الله" والنظام السوري. ولما صدر القرار 1701 بعد حرب العام 2006 وتحقق ما سماه الحزب "النصر الإلهي" أُغلقت الجبهة اللبنانية إغلاقاً تاماً يضاهي إغلاق الجبهة السورية!
النظام السوري يخوض الآن معركة وجوده، والإيرانيون يرمون بكل ثقلهم في سوريا لتحسين موقفهم التفاوضي مع الغرب، وهذه هي أيقونتهم دون سواها، لأن القضية الفلسطينية لا تساعدهم، مثلما لا يساعدهم فتح "حزب الله" جبهة مع إسرائيل، ولو رداً على ضربات موجعة. فالصمت، مع امتصاص الضربات، هو المراد.
إن ما يجري في سوريا ولبنان، أضعف الورقة الفلسطينية وزاد من عربدة إسرائيل. ما زالت الأحداث تضرب عميقاً في البنية الاجتماعية والأهلية في البلدين، على النحو الذي لا يُرجى بعده أي عون منهما للقضية الفلسطينية. كل ذلك لأن النظام السوري، منذ البداية، أنكر على شعبه الحق في مجرد إصلاحات سياسية ديمقراطية، كان الأسد الابن من خلالها، سيجد فرصته للاستمرار في الحكم وإن كان بأساليب أقل غلاظة وامتهاناً لكل الحقوق السياسية والمدنية للشعب العربي السوري!

معرض الرياض يخنق حرية النشر
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
في الايام الاخيرة من معرض الرياض للكتاب، طلبت شرطة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، التي تلعب دورا ظلاميا حتى الآن في حياة المجتمع العربي السعودي، من دار النشر اللبنانية «رياض الريس» عدم عرض دواوين الشاعر الفلسطيني والعربي الكبير، ورمز الثقافة الوطنية محمود درويش، ومصادرة الموجود منها. وايضا إنتهجت ذات الامر مع دور النشر العربية، التي توزع كتب ودواوين الشعراء: الجواهري وسعدي يوسف وسعد الله ونوس. وهو ما يعكس حالا مأساويا في بعض معارض الكتاب العربية، التي من المفترض، انها تكون منبرا ومنارة للمعرفة والتلاقح الثقافي.
ولمن لا يعرف، هناك شكوى ومرارة من قبل ابناء الشعب العربي السعودي من ممارسات تلك الشرطة، التي تستبيح خصوصية المواطنين الأبرياء تحت سيف منطقها وانظمتها ولوائحها المعادية لحرية الانسان وكرامته. وحتى الآن لم يتم وقف هذه الجماعة مع ان الشعب يعاني من استقوائها بالدعم والاسناد، وغياب الترشيد لسلوكياتها العبثية وانظمتها البائدة، والتي لا تتفق مع الحد الادنى من روح العصر. فما بال المرء، مع طريقة وأسلوب تعاطي تلك الجماعة المستبدة والظلامية مع الكتاب او دواوين الشعر لكبار الشعراء العرب.
خبر مصادرة الكتب ودواوين الشعر لرموز الثقافة الوطنية والعربية مر دون ردود فعل وطنية وقومية تليق بالحركة الثقافية الفلسطينية والعربية في الدفاع عن رموزها. حتى بدا للمراقب، وكأن الامر لا يعني اهل المعرفة والثقافة والفن. البعض فسر الأمر بالخشية من انعكاسات اي موقف ضد شرطة «الامر بالعروف والنهي عن المنكر» على العلاقات السياسية بين الشعبين والقيادتين الشقيقتين. ولكن هذا غير صحيح، لان العلاقات السياسية القائمة بين مراكز القرار إيجابية ودافئة، ولا يشوبها شيء.
ورغم العلاقة الجدلية بين السياسة والثقافة، فإن من واجب قادة المنابر الثقافية الرسمية والاهلية إعلان موقف ولو خجولا مما جرى دفاعا عن هويتهم الثقافية، ومكانة رواد الثقافة والمعرفة العربية المعاصرين وعلى رأسهم الشاعر الكبير محمود درويش. ولا يجوز تحت اي مسمى او عنوان الصمت عن هكذا انتهاك خطير لحرية التعبير والنشر ووصول المعلومة. لا سيما وان شعوب الارض تعيش لحظة فاصلة في تاريخ تطورها، حيث تعيش في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، التي تسمح لأي مواطن مهما كان عمره الوصول الى اي معلومة مهما كانت إجراءات الحظر والمراقبة. وبالتالي ما قامت به عناصر ذلك الجهاز الظلامي لم يؤثر, ولن يؤثر على مكانة محمود درويش او الجواهري او سعدي يوسف او ونوس أو غيرهم من رواد المعرفة والثقافة العربية. بل العكس صحيح، لان انتهاكهم لحرية الرأي والنشر ووصول الكتاب للمواطنين، كان ضدهم، وضد منطقهم التجهيلي، الذي من المفترض ان يكون العصر تجاوزه.
نعم انتهاك شرطة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» شكل لطمة قوية لهم، ولمن يقف معهم، ويدافع عنهم، لانه كشف عورة جهلهم، وتخلفهم، وأظهر للمواطنين السعوديين ولاصحاب القرار على حد سواء، انه آن الأوان لوقف تلك الممارسات والانتهاكات، لانها لا تتلاءم مع دعم وتعزيز الثقافة في النطاق القومي العربي على اقل تقدير، وتحجب المعرفة عن العباد دون مبرر موضوعي، لاسيما وان دواوين الشعر لا تدعو لتكفير المواطنين، بل تحمل لهم نورا وتنويرا وفضاء واسعا من المعرفة والتلاقح الفكري العربي والانساني.
الكرة المفترض انها على طاولة وزير الثقافة السعودي، الذي من المفترض ان يتخذ خطوة شجاعة في اعادة الاعتبار للشعراء جميعا وفي مقدمتهم محمود درويش، واعلان ذلك رسميا، ورفع توصية للحكومة السعودية بوقف تدخل تلك الشرطة في اعمال معارض الكتاب، ولعلها فرصة للمطالبة بالغاء تلك الشرطة وانتهاكاتها كليا من حياة الشعب السعودي، رأفة به وبحريته وثقافته وتطوره على الصعد المختلفة.

هل سنتفرج على اغتيال ابو مازن
بقلم: موفق مطر – الحياة
هل سنقف متفرجين حتى الحلقة الأخيرة من مسلسل اغتيال فلسطين بقلب الرئيس محمود عباس ابو مازن, كما تفرجنا من قبل كالزائغة ابصارهم, والمعتمة بصيرتهم على عملية اغتيال قائد الثورة الرئيس ابو عمار ؟!.
تبدأ انهيارات قلاع حركة التحرر الفلسطينية في اللحظة التي يسمح فيها الفلسطيني الوطني بإهانة رموز الحركة الوطنية, وتزوير تاريخها, وتحطيم صورة القائد, وهيبة المؤسسات الناظمة لأمن وسلامة المجتمع, وتنهار ركائز المشروع الوطني وتتحول الهوية الوطنية الى ركام في اللحظة التي نغفل بها عن المتسللين وهم يزرعون الغامهم في المنعطفات الصعبة, وتحت الجسور الواصلة بين رؤى قادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية والجماهير. ..وعندما تتحول صورة الغالبية العظمى الى : لا ارى لا اسمع لا اتكلم، وهي التمائيل والأصنام الثلاثة التي حطمتها جماهير الشعب الفلسطيني قبل ثلاثة ايام في الميادين. .فالنصر يعني هزم الاتكالية واليأس, والمقاومة تتجلى بالصمود والكبرياء في زمن اشتغال المستجيرين باستخبارات الاحتلال ومخابرات القوى الاقليمية والمرتبطين بالأجندات الخارجية بصك عملة تحالف يخجل الشيطان ويتحاشى التعامل بها, خاصة انها تتم بين ثلاثة اطراف تظهر عداء على الملأ فيما تعمل على فصل وقطع جناح غزة من جسد الوطن. . فحماس تتحالف مع دحلان لإنقاذها من مأزقها بمال ( عربي) للأسف بمباركة اسرائيلية, للإبقاء على حالة الانفصال والانقسام الجيوسياسي, كأعظم واخطر ضغط على الرئيس ابو مازن لإجباره على قبول مالا يمكن للشعب الفلسطيني قبوله من حلول, ولإرضاء رغبات الانتماء للمنطقة الجغرافية على حساب الانتماء للوطن, وتجسيم «زعامة قزمية» هنا وهناك أشبه بزعامة عصابات المافيا. . فهؤلاء الذين اغتنوا وتكسبوا من الفلتان الأمني والمالي والسياسي في مرحلة ما سيلتقون تحت عباءة الشيطان باي ثمن لاستعادة مواقعهم حتى لو كان ذلك ضرب مركز المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني, وطعن القيم الوطنية والأخلاقية, والتجرد الى حد التعري الخارجي, والانسلاخ من الداخل عن قيم ومبادئ النقد والحوار, فيستخدمون ثلاثية الكلام والسلوك والفعل هي اقرب بمصطلحاتها المستخدمة الى الارهاب من البلطجة.
من يصوب نحو قلب الحركة الوطنية الفلسطينية : منظمة التحرير بكل فصائلها وحركة فتح بكل اطرها, والحكومة بكل مؤسساتها, لا يعنيه المشروع الوطني, بقدر ما يعنيه سلامة رأسه وبحثه عن لقب الرئيس.

المفوضية تهدد بتقويض العملية السياسية في العراق
بقلم: فخري كريم – الحياة
ما دامت الابواب كلها موصدة امام تسويةٍ سياسية يتعافى بها العراق، وتشيع في النفوس الملتاعة شيئاً من الطمأنينة، فلنعمل معاً من أجل وقف التدهور المستمر في الاوضاع، وتجميدها عند ماهي عليه من تفككٍ وتنازع وتربص، لنعمل على "فك الاشتباك"كحدٍ أدنى دونه "خراب البصرة"، اذا بقي فيها ما يصلح للخراب.
ولا نريد ان نتماثل مع الدول القائمة في اسفل سلم التطور الديمقراطي، وهي تستعد لخوض انتخاباتٍ تشريعية، يُفترض فيها ان تكون حاسمة، فتعيد الامور الى نصابها الشرعي "الدستوري"، او تقرّبها منه مقدار ما يكفي ل"تدارك"وضع البلاد والعملية السياسية امام مخاطر محدقة، أو حرفها عن خط الازمات المستديمة.
ان المطالبة باشاعة بيئة ايجابية تشجع اوسع الاوساط الشعبية، بغض النظر عن الاختلافات والانحيازات التي تميز مكوناتها، صار من باب تمنيات محضة، لا تستند الى قراءة عميقة، ولا تعبر عن نبض الحراك السياسي. لكن تأمين اقل من ذلك يظل ميسوراً، ونافعاً لكل الاطراف المتنافسة على وصاية الدولة الممعنة في الفشل، لعلها توقظنا من حسرتنا بعد طول انتظار، فتُرينا ان فشلها ليس سوى "كبوة"فتتشافى منها وتُشفينا.
التوازن في الساحة السياسية، يكاد يكون مختلاً الى حد كبير لصالح فريق السلطة، ويبدو ان دولة القانون وقيادتها، كما اعتادت طوال امساكها بخيوط السلطة ومقدرات العراق، دائمة القلق رغم ذلك حيال مستقبلها السياسي، وبدلاً من ان تتحرك في اتجاه يخفف الاحتقان والتوتر، ويُبرّد سخونة خطوط التماس بين الكتل الانتخابية، تزيدها اشتعالاً، دون ان تتنبه الى ان جمرها ولهيبها لن يوفر طرفاً، اذا لم "تَعقل"هي قبل غيرها من الشركاء والغرماء، فتتضافر جهودها ولو في الوقت الضائع لتُطفئ النيران.
لقد انتقل "مشعل"الحرائق الى خانة المفوضية العليا للانتخابات، وراحت تتطوع باثارة المزيد من القلق حول ما تتخذه من اجراءات اقصاء مرشحين عن خوض الانتخابات، بذرائع لا تقوم عليها قائمة، سوى الثأر السياسي، أو اضفاء شكوك جديدة حول مدى نزاهة الانتخابات المقبلة، اذا كان يُراد لها ان تكون حقاً، وبوتائر كيدية بادية للعيان.
وخلافاً لدورها، دخلت المفوضية بقوة على خط الصراع بين اطراف العملية السياسية. واعادت الى الواجهة ذرائع لم تعد لها قيمة في واقع الحال بعد ان جرى البتّ فيها خلال الدورة التشريعية الموشكة على الانتهاء. وقبل ذلك أُشبعت نقاشاً في الحوارات التي سبقت واعقبت تشكيل الحكومة الحالية، وهي حوارات ظللتها مداخلات عربية واقليمية ودولية، ثم تُوجت بلقاء اربيل، واجتماع القيادات العراقية في بغداد وانتهت الى ابرام "صفقة"الولاية الثانية للمالكي، دون ان يفي بشروط الصفقة.
فالاقصاء عن الترشيح تحت لافتة الاجتثاث، باطلٌ سياسياً وقانونياً، بالنسبة لكل العناصر التي كانت مستهدفة بها و"أخلي"سبيلها بقرار من القيادات المخولة، او تزكية من البرلمان، أو بفعل التسوية، مقابل "البيعة المشروطة"للسيد المالكي. ولهذا يُعتبر اي اجراء من هذا القبيل، ليس باطلاً بحكم القانون ودلالة القرار السياسي فحسب، بل مردوداً على من يوصي بها او يعتمدها.
اما "فريّة"الاحالة الى محكمة النشر، والاتهام "بالقذف والتشهير"الذي طاول ويطاول نواباً، فهو معدوم الصلاحية، لان
"القذف والتشهير"محوّرٌ من اصله، باعتباره "نقداً"مهما قيل فيه من قسوة التعبير، مارسه نوابٌ مكلفون بالتعبير عن الرأي، تنازلوا عن حقهم باستخدام "الكراسي"او "التحاور باللكمات والعض بالاسنان"! كما هو متداول في البرلمانات المتحضرة!
واذا كان التعريض بوسيلة النقد الكلامي الجارح والاتهام والكيل بمكاييل القذف، يرفع الحصانة عن النواب، افليس الاولى بالمفوضية ان تُقصي رئيس دولة القانون، لكثرة ما وجه من اتهامات (لم يؤكدها)، لكل قيادات العملية السياسية، بالفساد وتخريب الدولة، بل وحتى بالتواطؤ مع الارهاب وداعش؟!
ان على من يقف وراء هذه السياسة الاقصائية، التي لن تجعل من الانتخابات المقبلة، سوى مسرحية ساخرة، لا تُغري عاقلاً بتقريضها، ناهيك عن المشاركة فيها، التراجع عن ممارستها، وايقاف مفعول قراراتها. ولابد من التأكيد على ان ما يجري هذه المرة، لن يخلق مجرد أزمة من الازمات التي تعودنا عليها، بل سيعرض العملية السياسية، ومستقبل العراق، الى خطر داهمٍ يصعب التكهن بعواقبه، الا اذا كان مهندس الاقصاء، و"أمّ تدابيره"يعرف ذلك ويبّيت له، ويتوقع نتائجه وهو ما يريده...