المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 304



Haneen
2014-12-18, 11:50 AM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (304)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلية




</tbody>

<tbody>
الاحد
30/3/2014





</tbody>

<tbody>




</tbody>





يوم الأرض ليس مناسبة وإنما كفاح مستمر لحماية الأرض
بقلم: حديث القدس – القدس
رسائل معركة «كَسَب» إلى النظام وحلفائه و «الأصدقاء»
بقلم: عبد الوهاب بدرخان – القدس
الإفراج عن الأسرى بحاجة لمعادلات جديدة
بقلم: راسم عبيدات - القدس
هل استنفدت القمة الدورية الغرض؟
بقلم: فؤاد مطر – القدس
لنوثق تاريخنا برموزه وحيثياته وأحداثه قبل أن يزوّره الآخرون
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
القرارات لا تحل أزمة
بقلم: محمد عبيد – القدس


يوم خديجة شواهنة
بقلم: حسن البطل – الايام
"السيسي" والرئاسة : الأغلبية ليست دائماً على حق !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
التبادلية والحل المتفق عليه
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
ملاحظات على كلام "حكومي"
بقلم: محمد نجيب الشرافي – الايام
حالة المرأة الفلسطينية وقرار لجنة المرأة بالأمم المتحدة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
أجفان عكا لحنان باكير : رواية الذاكرة ورواية المكان وقسوة المنفى
بقلم: عادل الأسطة – الايام

تغريدة الصباح - البيك سُكَّر
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ابو جهاد أو الأمس غداً
بقلم: هاني فحص – الحياة
يوم الأرض .. وحدة القضية!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
دلالة زيارة اوباما للسعودية
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة












يوم الأرض ليس مناسبة وإنما كفاح مستمر لحماية الأرض
بقلم: حديث القدس – القدس
في مثل هذا اليوم 30 آذار 1976، انتفضت جماهير شعبنا الفلسطيني داخل الخط الأخضر ضد مخطط الحكومة الاسرائيلية لمصادرة نحو 21 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية تحت مسمى "تطوير الجليل" وكان الهدف الحقيقي له هو المسعى لتهويد الجليل. وسقط في ذلك اليوم ستة شهداء وأصيب العشرات بجراح ومنذ ذلك التاريخ صار 30 آذار يوما للأرض تحييه كل جماهير شعبنا في مختلف أماكن تواجده سواء داخل الأرض المحتلة او في المهاجر والشتات، للتأكيد على التمسك بالأرض والدفاع عنها والعمل لاستعادة الحقوق التاريخية الثابتة لشعبنا في وطنه وأرضه.
ومنذ ذلك التاريخ أيضا، لم تتوقف الممارسات او المخططات الاسرائيلية لمصادرة ما أمكن من الأرض وتهويدها وتهميش الدور والوجود الوطني الفلسطيني. لم تتوقف المساعي لتهويد الجليل سواء بمصادرة الأرض او العمل لإسكان عشرات آلاف اليهود في تلك المناطق.وامتدت المخططات حتى وصلت الى أقصى الجنوب في النقب حيث تجري المساعي بوتيرة متزايدة لتهجير آلاف المواطنين البدو بصورة خاصة، وبتوطين عشرات آلاف المهاجرين اليهود مكانهم وفوق أراضيهم.
وفي الضفة الغربية تتواصل المخططات لتهجير الكثيرين من أبناء القدس خارج مدينتهم وزيادة الاستيطان وأعداد المستوطنين وذلك في مسعى لتهويد المدينة وتغيير معالمها وتزييف تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
وكما في القدس كذلك في بقية أنحاء الضفة وبصورة خاصة في منطقة الأغوار الممتدة على طول الحدود مع الأردن حيث تجري عمليات تهجير تحت مسميات الأمن والتدريبات العسكرية والى آخر الاسطوانة الكاذبة المعروفة من ذرائع ومبررات واهية.
معركة يوم الأرض لم تتوقف لحظة واحدة لحد الآن، ولن تتوقف أبدا لان الصراع كله قائم أساسا على الأرض والسيطرة عليها. ونحن إذ نحيي اليوم هذه الذكرى العظيمة ونتذكر الشهداء الأبطال الذين قدموا حياتهم ثمنا للدفاع عن الأرض، واذ نقيم المهرجانات والندوات في هذه المناسبة، لنؤكد أن يوم الأرض ليس مناسبة وذكرى وإنما هو كفاح مستمر وجهود متواصلة وتضحيات كبيرة للدفاع عن الأرض التي هي مستقبلنا ووجودنا وتاريخنا وحاضرنا.
عاشت ذكرى الذين ضحوا في يوم الأرض، وكل التحية والإكرام لذكراهم العزيزة، فقد قدموا هم وأمثالهم، درسا كبيرا في الفداء والعمل لتحيا الأرض ويعيش الشعب رغم كل التحديات والمصاعب.
رسائل معركة «كَسَب» إلى النظام وحلفائه و «الأصدقاء»
بقلم: عبد الوهاب بدرخان – القدس
تبنّت القمة العربية في الكويت خطّين للتعامل مع المسألة السورية: السعي إلى قرار دولي ملزم بوقف إطلاق النار، ودعم الاستمرار في البحث عن حلٍّ سياسي من خلال مفاوضات جنيف. وبمعزل عن مبدئية هذين الخيارين يعلم الجميع أنهما صارا متعذّرين، خصوصاً في هذه المرحلة، بعدما بلغ النظامان السوري والإيراني في «خطّة الحسم» حدّاً غير مسبوق من التهوّر العسكري وبعدما نسفا بالتواطؤ مع روسيا كل إمكانات واحتمالات التوصل إلى حل سياسي. فلا تطوّرات القتال على الأرض تركت نافذة مفتوحة على أي هدنة، ولا تعقيدات الوضعين الإقليمي والدولي أتاحت ظروفاً مواتية للتفاوض. ولا يبدو أن المبعوث الدولي - العربي سمع في طهران ما يشجعه على تصوّر عودة قريبة إلى جنيف، وهذه هي الخلاصة التي انتهى إليها مَن التقوا مع الأخضر الإبراهيمي في الكويت. لكن، مع ذلك، تريد الدول العربية إبقاء المراهنة على الحل السياسي، وهذا أحد أهم أسباب تأجيلها منح «الائتلاف» السوري المعارض مقعد سورية في الجامعة العربية.
لذا، تندفع المرحلة الراهنة إلى الانغماس في الاقتتال، ومع أن انطباعاً عاماً ساد أخيراً بأن النظام وحلفاءه في صدد «الانتصار»، إلا أن ردّ مقاتلي المعارضة أعاد التوقعات إلى ما كانت عليه، أي إلى واقع أن القتال سيستمر من دون حسم حتى لو توصّل النظام إلى تحسين مواقعه الميدانية، كما حصل في القلمون. غير أن فتح معركة كَسَب والاختراق الجديد - شبه المحرّم سابقاً - لمنطقة الساحل فتحا صفحة جديدة في الصراع.
فالنظام وحلفاؤه جيّروا معركة القلمون لمصلحة مشروع التقسيم و «دويلة» الساحل الممتدّة من دمشق إلى كَسَب، أما المعارضة فحوّلت استراتيجيتها إلى تعطيل هذه «الدويلة». وبعدما كان نظام الأسد ضَمِن حدود الحصول على الحدود التي رسمها لهذه الدويلة، وتهيّأ لتدعيم انتصاراته، أصبح عليه الآن أن يواجه ما استجدّ لإبعاد الخطر المتمثّل بامتداد القتال إلى الساحل، وإنهاء فترة الهدوء التي شهدها طوال العامين الأخيرين.
حصل النظامان السوري والإيراني إذاً، على «النصر» الذي بحثا عنه في القلمون بفضل مقاتلي «حزب الله»، واعتبرا أن نهاية حسم الصراع بدأت، ولم يبقَ منها سوى معارك صغيرة لإحكام السيطرة على «سورية المفيدة» المتخففة من البادية ومناطق أخرى ستفقد أهميتها متى أصبح التقسيم أمراً واقعاً، قبل أن يغدو مشروعاً يمكن القوى الخارجية أن تتقبّله، طالما أنها لم تفعل ما يتوجّب عليها للحفاظ على وحدة البلد، بل فضّلت استخدام الأزمة لإضعاف سورية وتفكيكها ملتقية في معظم الأحيان مع أهداف النظام ومصالحه. ففي سورية حصل الجميع، نظام الملالي الإيراني وروسيا وإسرائيل والولايات المتحدة وأطراف أخرى، على الحرب التي يريدونها، بفضل الأسد ونظامه.
لكن معارك كَسَب وامتداداتها في ريف اللاذقية أحدثت مفاجأة لم تتحسّب لها «خطة الحسم» الإيرانية. في البداية اعتبرها كثيرون رد فعل من فصائل المعارضة على الهزيمة القاسية في القلمون، وتذكّروا الاختراق الذي حصل بداية آب من العام الماضي عندما تمكّن المقاتلون من السيطرة سريعاً على إحدى عشرة قرية هجرها سكانها على عجل لكن، أُخذ عدد منهم رهائن رفض النظام إجراء صفقة لمبادلتهم بأسرى لديه. قبل ذلك كان النظام حشد قواه واستخدم الطيران فأنهى الهجوم وانسحب المعارضون الذين اتهموا «الجيش الحر» بعدم مدّهم بأسلحة وذخائر لأنهم لم ينسّقوا معه، ولأنه لم يوافق على العملية لتعهّده لـ «الدول الداعمة» عدم مدّ القتال إلى تلك المنطقة تجنباً لمذابح طائفية.
وبمضي الساعات تبيّن أن العملية الجديدة أكثر من مجرد رد فعل، إذ قدّمت سريعاً ملامح استراتيجية وأظهرت تنسيقاً بين الفصائل على اختلاف ارتباطاتها وتنوّعها العقائدي. ثم إن اختيارها كَسَب، المنفذ الوحيد لمنطقة الساحل على تركيا، ضرب على عصب بالغ الحساسية، فالموقع يتداخل مباشرةً مع تركيا حدودياً وعمرانياً وسكانياً، وما احتفال الأتراك بإسقاطهم طائرة حربية للنظام، سوى دليل على ذلك. وبالتزامن اشتعل معظم الجبهات، بالأخص ريف اللاذقية الذي كان يعيش غلياناً واضحاً. لكن العملية ستبقى تحت الاختبار للتأكد من أن المعارضة ستتمكّن من بناء سيطرة دائمة وقادرة على صدّ أي هجوم مضاد للنظام وحلفائه. فالأكيد أن المعقل الذي اعتبره النظام محصّناً صار أمام تحدٍّ يرمي إلى إحداث «توازن» مقابل هزيمة القلمون.
فما هي الرسائل التي أطلقتها معارك كَسَب إلى النظام وحلفائه، وإلى جميع المعنيين بالأزمة السورية؟ الأولى، أن المعارضة المسلحة لا تزال رقماً مجهولاً، وقد جعلها طول الأزمة تتجذّر وتزداد تصميماً، وفيما انشغلت دوائر كثيرة بقياس مدى «إرهابيتها» أو «قاعديتها» وعدد «الأجانب» في صفوفها تناست أن جسمها الرئيسي سوري يقاتل من أجل إسقاط النظام بمعزل عن الدوافع وطنية كانت أو دينية - وطنية أو حتى دينية بحتة.
الثانية، أن المعارضة استطاعت مرّات عدّة وفي مواقع عدّة، على رغم تكاثر الفصائل وتناحرها، أن تنسّق وترتبط بغرفة عمليات واحدة، كما هو حاصل في الجنوب وكما يحصل أخيراً في منطقة الساحل. الثالثة، أن مسلسل الهزائم الأخيرة أنضج لدى المعارضة شعوراً بأن «الأصدقاء» والأعداء يكادون يتساوون في الموقف منها، خصوصاً عندما يسكتون عن تدخل إيران و «حزب الله» والميليشيات العراقية لإنقاذ النظام واعتباره «أهون الشرور».
الرابعة، أن القتال سيستمر، أقلّه للحؤول دون مواصلة النظام حكمه كما لو أنه لم يرتكب انتهاكاته المعروفة والموثّقة. فهل يستطيع المجتمع الدولي الذي تعايش مع أفغانستان عصيّة على التطبيع ومع الصومال المفكك، التساهل مع «أفغنة» سورية أو «صوملتها»؟ الخامسة، الموجهة تحديداً إلى النظام، تتعلّق بالمرحلة المقبلة ومفادها أن منطقة الساحل لن تكون بمأمن إذا كان يسعى إلى إقامة دويلته فيها. أما السادسة، التي ينبغي أن تستنتجها الدول والحكومات كافة، فهي أن تقصيرها في مقاربة جدّية لإنقاذ سورية في الوقت المناسب لم يفضِ إلى شحذ التطرف فحسب، بل سيجعل هدفَي الحفاظ على الدولة والمؤسسات، وعلى وحدة الأرض والشعب، أقرب إلى استحالتين منهما إلى طموحين.
في ظلّ وضع كهذا ستتفاقم أيضاً الظروف غير المواتية لإجراء الانتخابات الصورية بغية تمديد رئاسة بشار الأسد. وفي أي حال، لا أحد يتصوّر أن النظام يكافح للبقاء لأنه معني بإعادة إعمار سورية، بعدما أبدى بتدميرها انعداماً كاملاً لأي حسٍّ بالمسؤولية. وعلى افتراض، مجرد افتراض، أنه يريد أن يبقى ليعيد الإعمار، يكفي هنا عرضٌ لأهم الأرقام المروّعة التي توصّلت إليها مجموعات العمل في «مشروع الأجندة الوطنية لمستقبل سورية» للتعرّف إلى هول المأساة وضخامة الاستحقاقات المقبلة لأي حكم وحكومة، إذ أظهرت الأرقام أن كل يوم إضافي في الأزمة يسجّل خسارة 109 مليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي ويعني المزيد من التراجع وصعوبة إعادة البناء، وأنه مع تسرّب 38 في المئة من الطلاب من العملية التعليمية، ووصول البطالة إلى 42 في المئة، لم يعد ممكناً التمييز بين إعادة بناء البنية التحتية وإعادة بناء المجتمع والمؤسسات.
أما استمرار الأزمة فيترتّب عليه: أن تخسر سورية عشرة ملايين ليرة كل دقيقة، وأن يتهجّر 300 شخص كل ساعة، وأن يصبح 9000 شخص تحت خط الفقر الأدنى، ويفقد 2500 شخص القدرة على تأمين قوتهم كل يوم، وأن يخسر 10000 شخص عملهم كل أسبوع، وأن يُقتل 6000 شخص كل شهر، ومع كل سنة تستمر فيها الأزمة تتراجع سورية ثماني سنوات في كل المؤشرات الاقتصادية والتنموية. وفيما تشير هذه الأرقام إلى الثمن الذي يدفعه السوريون وسيحمّلونه لأبنائهم وأحفادهم، يواصل النظام حربه ويفاقم هذا الثمن، بل يريد أن يبقى.




الإفراج عن الأسرى بحاجة لمعادلات جديدة
بقلم: راسم عبيدات - القدس
من المتعارف عليه أنه عندما يجري توقيع اتفاقيات سلام بين الأطراف المتصارعة،تكون قضية الأسرى حاضرة وعلى رأس القضايا التي تجري معالجتها وإنهاءها،هكذا حدث بعد توقيع الإتفاق على استقلال الجزائر مع الحكومة الفرنسية عام 1962،وكذلك بين حكومة فيتنام الشمالية وثوار الفيتكونغ وامريكا عام 1973،ولكن على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية فإن قضية الأسرى الفلسطينيين لم تجد لها حلاً بعد توقيع اتفاق اوسلو،بل عمد الإحتلال الى قضية الإبتزاز السياسي في هذه المسألة،ووضع شروطاً لتنفيذ الإتفاق عدم توقف الطرف الفلسطيني امامها بشكل حاسم، جعل اسرائيل تتمادى في إضافة الشروط والإبتزاز في كل دفعة من الأسرى يريد ان يطلق سراحها،فهو رفض بشكل قاطع ان تشمل صفقات الإفراج وفق اتفاقيات اوسلو وطابا أي من أسرى الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس،وكذلك اجرى تصنيفات وتقسيمات للأسرى الفلسطينيين الأمنيين حسب وصفه وإدعاءاته هناك من هم أيديهم ملطخة بدماء الإسرائيليين،وهؤلاء غير مشمولين بالمطلق بصفقات الإفراج،ومن ايديهم غير ملطخة بالدماء،وأسرى الضفة واسرى غزة واسرى القدس وأسرى الداخل،وكان الإحتلال يتحكم في أعداد وأسماء ومناطق واحكام الأسرى من الألف الى الياء ولم يكن للسلطة أي دخل في تلك القوائم والأسماء والأعداد والأحكام وغيرها...
الطرف الفلسطيني قبل بعض شروط الإحتلال،ولم يتخذ اية مواقف جدية وحاسمة في هذا الجانب،كرفض العودة للمفاوضات بدون إلتزام وتعهد دولي بإطلاق سراح كل أسرى شعبنا وفق جداول زمنية محددة،وبدون اي تمييز تنظيمي او جغرافي،وشعر اسرى القدس والداخل بان القيادة قد خذلتهم،وتخلت عنهم رغم انهم من ناضل وضحى من أجل تاتي وتعود هذه القيادة،وهذا بدوره اثر على الحركة الإعتقالية ووحدة اداتها التنظيمية الوطنية الجامعة،وعلى الروح المعنوية للحركة الأسيرة وثقتها بالسلطة والأحزاب،واكثر من مرة اضطرت الحركة الأسيرة على مختلف مشاربها السياسية لتوجيه رسائل قاسية الى القيادة الفلسطينية تحملها المسؤولية عن عدم تحررهم من الأسر،ووصول وضع الحركة الأسيرة الى حالة ودرجة عاليتين من فقدان الثقة والإحباط واليأس من ان تقوم وتجبر اسرائيل وفق الرتابة والنمطية التي تتعامل فيها السلطة والأحزاب مع هذه القضية على إطلاق سراحهم،وأصرت على ان هذه القضية يجب ان تكون خاضعة للإبتزاز السياسي،وهي تعرف مدى اهمية هذه القضية للمجتمع الفلسطيني،ولذلك هي لا ترى في قضية الأسرى قضية انسانية بالمطلق،بل هي عندها سياسية بإمتياز.
السلطة لم تقدم على تغيير قواعد اللعبة والتعاطي الحاسم مع هذه القضية وبشكل جوهري ،فهي في كل مرة تستجيب للشروط والإملاءات الإسرائيلية والضمانات الأمريكية الشفوية في إطلاق سراح الأسرى مقابل عودة الطرف الفلسطيني للتفاوض،وفي سياق عودتها تبدأ اسرائيل بربط وفرض شروط جديدة لتنفيذ ما اتفق عليه،فرغم ان السلطة الفلسطينية نفت اكثر من مرة بان إطلاق سراح الدفعات الثلاث من الأسرى بعد العودة الأخيرة للمفاوضات مرتبط بإستمرار الإستيطان،إلا اننا على ارض الواقع وجدنا مثل هذا الربط فمقابل كل دفعة من الدفعات الثلاث من الأسرى الذين اطلق سراحهم،كان يتم الإعلان عن إقامة مشاريع إستيطانية جديدة بمئات،بل ألالاف الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،وبالتالي خلق الإحتلال معادلة جديدة أسرى مقابل إستيطان،وسواء وافق الطرف الفلسطيني او لم يوافق فهو مستمر في التفاوض وهم مستمرين بتنفيذ مشاريعهم الإستيطانية،وكان الإحتلال في كل دفعة أسرى ينوي إطلاق سراحها يعمد لرفع شروطه وإشتراطاته،مستغلاً عدم وجود رعاية وإلتزام موقع عليه دولياً،وكذلك إنحياز الطرف الأمريكي لصالحه وتبني شروطه،فعلى سبيل المثال جرى التلاعب في أسماء الدفعة الثالثة،ولم يتم إطلاق سراح بعض الأسرى ممن هم محكومين قبل اوسلو،وأستبدلوا بآخرين ما بعد اوسلو...أما بعد ذلك ولكون أسرى الدفعة الرابعة الغالبية منهم من الداخل الفلسطيني والقدس،فإن الإحتلال عندما شعر بأن المفاوضات تدور في حلقة مفرغة ولن تصل الى نتيجة،كون هذا الإحتلال يريد لهذه المفاوضات فقط ان تستغل من اجل فرض شروط ووقائع جديدة على الأرض،ولا يريد ان يقدم أية تنازلات جدية من اجل السلام تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،ومع قرب استحقاق الإفراج عن الدفعة الرابعة والفشل في توقيع اتفاق إطار مع الجانب الفلسطيني،بدء الحديث عن رفض إطلاق سراح الدفعة الرابعة،وعدم إطلاق سراح أسرى من الداخل الفلسطيني،وربط ذلك بموافقة الطرف الفلسطيني على تمديد المفاوضات والتوقيع على اتفاق إطار وموافقة الطرف الأمريكي على اطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي بولارد مقابل إطلاق سراح أسرى الداخل،ولربما يريدون من القيادة والسلطة الفلسطينية ان تعترف بيهودية الدولة مقابل إطلاق سراح هذه الدفعة من الأسرى.
إبتزاز واستخفاف متواصلين من قبل اسرائيل بالطرف الفلسطيني،وإنحياز وتبني امريكي للمواقف الإسرائيلية يصل حد التطابق،ورهان فلسطيني على مفاوضات عبثية،تدور في حلقة مفرغة،وتشكل خسارة صافية للطرف الفلسطيني،حيث يجري الإجهاز على مدينة القدس بالأسرلة والتهويد عبر سياسة التطهير العرقي،وزيادة وتوسع الإستيطان في الضفة الغربية بوتائر ومعدلات قياسية.
على ضوء ما يجري وعدم إلتزام اسرائيل بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى وفق ما اتفق عليه،وتواطؤ امريكا مع اسرائيل في هذا الجانب،فإنه بات من الضروري والملح تغيير القواعد في هذه العملية،وبشكل جذري من قبل السلطة الفلسطينية،فلم يعد مجدي العودة لتلك المفاوضات العبثية المدمرة والركون الى امريكيا ووعودها،فهذا الملف يجب ان ينقل الى الأمم المتحدة،وبالضرورة ان يكون هناك إلتزام دولي وعبر مؤسسات الأمم المتحدة،قبل أي مفاوضات مقبلة مع دولة الإحتلال،اتفاق ملزم التنفيذ وليس الاعتماد على الوعود وحسن النوايا.
وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية التي جربت مسار المفاوضات عشرين سنة،بكل أشكالها وانواعها علنية وسرية ومباشرة وغير مباشرة وعن بعد وعن قرب،ان تغادر هذا النهج والخيار،وتعمل على بناء استراتيجية فلسطينية جديدة تقوم على الصمود والمقاومة وتلتف حولها كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني،على ان يسبقها إنهاء ملف الإنقسام،فالإنقسام خطره يوازي خطر الاستيطان.
وانا ارى بان اسرائيل في فرضها لشروط جديد على الطرف الفلسطيني المفاوض تبتزه فيها لإطلاق سراح الدفعة الرابعة، تريد ان تبتزه وتدفعه الثمن مرتين وواضح بان هناك سيكون تمديد للمفاوضات بعد إنتهاء المدة المحددة،والطرف الفلسطيني لن يحصد من موافقته على ذلك سوى على وعود بإطلاق سراح دفعات جديدة من الأسرى،وكاننا نصل الى مقايضة مدمرة لحقوقنا الوطنية بتشريع الإستيطان والإحتلال مقابل إطلاق سراح اسرانا وبشروط مذلة،فهذه المهزلة آن لها ان تتوقف،فلا تمديد ولا اتفاق إطار قبل جداول زمنية محددة وملتزم بها دولياً تضمن إطلاق سراح كل اسرانا.

هل استنفدت القمة الدورية الغرض؟
بقلم: فؤاد مطر – القدس
بين «أنشاص» الملك فاروق الأول وهي قمة التأسيس يوم 29 (أيار) 1946، و«كويت» الشيخ صباح الأحمد، تنوعت الاستضافات وكذلك الإنجازات أحيانا والاخفاقات في قمم كانت في معظم بياناتها الختامية والإعلان المُرفق بالبيان - مستدركا ببعض مفرداته ما لم يتضمنه البيان وترى الدولة المضيفة أن المفردات المغيَّبة يمكن تعويضها بـ«الإعلان» - تحت خط الآمال المعقودة عليها.
وعملا بالاستثناء لتفادي التعميم، فإن اثنتين مِن القمم العربية الخمس والعشرين كانتا عند حُسن الرضا من جانب جموع الأمة. الأولى هي القمة الاستثنائية التي استضافتها الخرطوم (يوم 29 أيلول 1967) وفيها أظهر السودانيون من خلال وقفة على جانبي الشوارع من المطار إلى فندق السودان، وهم بالجلاليب والعمائم البيضاء وكأنهم حزب واحد بزي موحَّد أو فيلق جيش، قدرة الرأي العام العربي وبعفوية على اعتماد الضغط الخالي من الصراخ والسلاح والأفعال الميليشياوية والانتحارية لتصويب مسار العمل العربي، واحتواء الخلافات لمواجهة الخطر الأكبر، وكذلك إثبات قدرة الشمائل العربية المقرونة بالتسامح على مداواة أكثر الجراح نزفا في الكيان العربي.
ويجوز القول إن المشهد السوداني أعان قطبي ذلك الزمن في السودان المضيف الرئيس إسماعيل الأزهري والرئيس محمد أحمد محجوب على ابتكار استقبال «أخو اخوان» للرمزين المتألقين في الحياة السياسية العربية في الستينات الملك فيصل بن عبد العزيز، والرئيس جمال عبد الناصر اللذين عاشا حريصيْن على الدور القيادي العربي الشامل ورحلا صديقيْن متآزريْن متحابيْن. ولقد جرى توقيت الوصول إلى العاصمة السودانية في وقت متقارب، وانطلق الموكب بسيارتين مكشوفتين، الملك فيصل وبجانبه الرئيس الأزهري واقفيْن والرئيس عبد الناصر، وبجانبه الرئيس محمد أحمد محجوب واقفيْن.
هكذا من دون إجراءات أمنية استثنائية، لأن الزعيميْن، اللذين أمضيا ساعة من التلويح باليد للجماهير وهما واقفان في السيارة الرئاسية، ومحروسان بجموع من الشعب السوداني الذي يعتز إلى الآن وبعد انقضاء سبع وأربعين سنة على تلك القمة بأنه من على ضفاف النيل وضع قادة ذلك الزمن العربي دعامة للموقف الناشئ عن هزيمة الخامس من (حزيران) 1967، وذلك بالتصميم على نجدة الاقتدار العربي النفطي لمصر وفي الوقت نفسه إطلاق اللاءات الثلاثة لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل.
وأرى أنه لولا النجدة السخية المبرمجة من جانب السعودية وليبيا السنوسية والكويت من أجل إعادة بناء القوات المصرية المسلحة والقوات الأردنية، وكذلك لولا اللاءات الثلاثة لكانت إسرائيل عبرت القناة، واستقرت في ضفتها الغربية وباتت القاهرة والإسكندرية وأسوان تحت مرمى صواريخها المتوسطة المدى ولكانت أيضا وسَّعت العدوان وصولا إلى العاصمة الأردنية عمان.
القمة العربية الثانية التي كانت في مستوى التخطيط السياسي، هي تلك التي عُقدت في بيروت هدية من الرئيس الشيخ زايد للبنان دعما لاستعادة نهوضه، وكانت بموجب الترتيب الأبجدي لصيغة الانعقاد الدوري السنوي للقمة من نصيب دولة الإمارات. وهذه اللفتة تكررت ومن جانب أبناء الشيخ زايد حيث إن دولة الإمارات تنازلت عن حقها في استضافة القمة المقبلة (25 اذار 2015) لمصر وللغرض نفسه الذي بُني عليه التجيير للبنان. وأهمية القمة العربية الدورية الثانية التي استضيفت في بيروت أنها وضعت أساسا لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، وذلك من خلال موافقة القادة بالإجماع، على أفكار للتسوية طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز (كان ما زال وليا للعهد) وتمت صياغتها كمشروع للسلام يحمل تسمية «مبادرة السلام العربية».
يطول الحديث حول مؤسسة القمة العربية وما أمكنها إنجازه وكذلك الإخفاقات. ولكن الذي يجوز قوله في ضوء أحدث القمم التي استضافتها دولة الكويت، هو أن صيغة القمة العربية الدورية قاربت استنفاد الغرض. وجاءت القمة العربية في القاهرة يوم 21 (تشرين الأول) 2000 حيث تقرر اعتماد صيغة الدورية وفق الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء، فكانت الدورية الأولى من نصيب الأردن والثانية لدولة الإمارات، لكن الشيخ زايد بن سلطان دعما منه للبنان الناهض من أهوال الحرب، اقترح عقد القمة في بيروت، وأمكن للملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان ما زال وليا للعهد إنجاحها بحيث بدت بنتائجها استثنائية. وعدا هذه القمة انتهت الدورات اللاحقة لا تحسم أمرا ولا تطفئ حرائق. بل حتى لم تتخذ من القرارات ما من شأنه عدم نشوء ظاهرة اللاجئين بالطبعة السورية، وتحقيق التوافق على الحد الأدنى.
في ضوء ذلك، لا بد من مراجعة تقود إلى تفعيل الهمم العربية، وذاك لأن أحوال الأمة تقترب من مشارف الخطر الأكبر بعدما لم تتمكن قمة الكويت من تحقيق ما كانت تأمله لجهة أن تكون القمة التي استضافتها في مستوى النجاح الذي كانت عليه القمة الاقتصادية العربية (الاثنين 19 كانون الثاني 2009) التي شكَّلت وقفة الملك عبد الله بن عبد العزيز فيها إلى جانب تخريجات الأمير الشيخ صباح أمثولة في التسامح والتسامي على الاستهانة البشَّارية، وذلك من أجل الوفاق العربي. كما لا بد من العودة إلى صيغة القمة العربية الاستثنائية من نوع قمة الخرطوم عام 1967 وتنعقد في رحاب مقر الجامعة العربية، تدعيما من الحكام لجامعة الشمل، وربما تحمل في مضامين قراراتها ما من شأنه درء الخطر الأكبر، الذي تزداد ملامحه وضوحا في المشهد العربي.
وأما المشاورات التي تتم عادة في القمة الدورية، فهذه يمكن أن يأخذها على عاتقه مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية الذي يعوَّل عليه كغرفة عمليات، يرصد الوزراء فيها التطورات العربية والإقليمية والدولية ويضعون أمام القادة ما يجعلهم في جلسة عمل واحدة بعيدة عن أجواء البروتوكول يضعون على الورق من الكلام والأرقام، ما هو جدير بمواجهة المخاطر. وفي هذه الحال لا يعود المواطن العربي ينظر إلى لقاء القمة وهو فاقد الأمل بتغيير الأحوال من السيئ إلى الأحسن.
لقد حققت القمة العربية الدورية في الكويت ما في الاستطاعة تحقيقه. فالوقفة مع لبنان جيشا واستحقاقا رئاسيا آتيا أمر طيب. والتمسك بمبادرة السلام العربية أمر مطمئن. وشغورية مقعد سوريا حالة عابرة. والتغريد خارج السرب من جانب البعض ربما ينحسر بعد القمة. هذه الأمور وغيرها استطاعت حنكة الشيخ صباح الأحمد إنجازها.
كما استطاعت دولة الكويت أن تُبقي الوضع العربي في منأى عن المزيد من التبعثر. وهذا يعني أن ما حدث هو أقصى ما في استطاعة القمة الدورية تحقيقه. وحيث إن الصيغة الدورية ولدت على أرض مصر (قمة الرئيس الأسبق حسني مبارك - 21 تشرين اول 2000) فإن طي صفحة هذه الصيغة، من المستحسن أن يكون على أرض مصر خلال القمة الدورية (يوم 25اذار 2015).



لنوثق تاريخنا برموزه وحيثياته وأحداثه قبل أن يزوّره الآخرون
بقلم: الدكتور حسن عبد الله – القدس
لم ننجح حتى اللحظة في عملية التوثيق والتأريخ بخاصة للمراحل المهمة في تاريخنا الفلسطيني، واكتفينا في تناول كل مرحلة ببعض الإصدارات العامة التي اخفقت في ترسيخ وتعميم عملية توثيقية تتعرض للتفاصيل الصغيرة، لأن التاريخ حافل بالقضايا والحيثيات التي قد تبدو هامشية وغير جوهريه، لكنها في سياقها وتداخلها تشكل مقدمات أو مسببات للنتائج الكبيرة، ومن ثم فإن الأحداث المفصلية يترتب عليها تداعيات وقصص ترتبط بحياة كل إنسان على هذه الأرض.
فثورة العام 36 لم توثق وتؤرخ كما ينبغي، ومات عشرات بل مئات المشاركين والفاعلين فيها دون أن يتم تسجيل شهاداتهم، وكذلك الحال بالنسبة لنكبة العام 1948، والمراحل الأخرى التي اعقبتها، وصولاً الى الإنتفاضة الكبرى في العام 87، التي كانت تتويجاً لفعل شعبي إبداعي بامتياز. أما تجربة المعتقلين الفلسطينيين بما انتجته تنظيمياً وثقافياً وأدبياً وبحثياً وتعليمياً وصحفياً ووحدوياً ونضالياً ، كل هذه الجوانب وغيرها لم تأخذ حقها من التوثيق والتأريخ باستثناء اصدارات لم يتسن لها على اهميتها تغطية كل الحيثيات والتفاصيل اليومية في تجربة ملحمية لم نجد لها نظيراً في حركات التحرر المعاصرة من حيث الزخم والتنظيم والانتاج.
ومازلنا ننظر لعملية التوثيق والتأريخ على أنها ثانوية وغير مهمه، وننشد لأحداث يومية في اطار الفعل ورد الفعل، غافلين أن تثبيت وتعميم روايتنا التاريخية الحقوقية يتطلب جهداً إستثنائياً، حيث يجب أن لا نكتفي بالقول إن روايتنا حقه وصحيحة، وإنما المطلوب تدعيم هذه الرواية بالمعطيات والمعطيات والمواقف والتضحيات المؤكدة بالوثائق والارقام.
لقد اطلعت مؤخراً على أجزاء مما يقوم به الباحث الفلسطيني جهاد صالح تحت عنوان "الرواد المقدسيون"، إذْ يعكف هذا الباحث منذ سنين وبمبادرة فردية على التأريخ لمجموعة من الأعلام الأدبية والثقافية والصحافية والسياسية المقدسية التي أثرت المشهد الفلسطيني، عبر العقود الماضية، ولعبت دوراً في حماية الذاكرة الفلسطينية وإغناء الحالة الثقافية، وقدم لنا هذا العمل الفردي نتاجاً تاريخياً سيوفر للأجيال مادة تأريخية شديدة الأهمية، لكن هذا الجهد يتطلب تعميماً على مستوى عربي وعالمي من خلال ترجمته لعدد مت اللغات، لنؤكد للآخرين أن وجودنا على هذه الأرض ليس عابراً أو صدفياً، بل يستند الى تاريخ ثقافي وابداعي، يسعى الاحتلال الى تبديده وتشويهه منذ نكبة العام 48. وهناك من يعكف الآن على تأريخ تجربة المعتقلين، ونحن نلحظ اصدارات ترعاها وزارة شؤون الأسرى والمحررين ومركز أبو جهاد / الشؤون الحركة الأسيرة ونادي الأسير وعدد من المؤسسات التي تعني بقضية المعتقلين، لكنها جميعها لم ترق الى مستوى التأريخ الممنهج، وربما تشكل الموسوعة التي يستعد مركز أبو جهاد لاصدارها خطوة على طريق توثيق شائك وطويل، آخذين بعين الاعتبار ان تجربه كل أسير فلسطيني تستحق التوثيق.
وفي رأيي أنه لكي تأخذ العملية الأبعاد التأريخية العلمية لا بد من توافر :
أولاً: فريق من الباحثين والمؤرخين المتمرسين الذين من المفروض أن يتم تبنيهم مؤسساتياً وتوفير بيئة عمل مناسبه لهم.
ثانياً: أن تخرج عملية التأريخ عن النطاق الفردي، لأن قدرات الفرد تظل محدودة وظروف النشر تتطلب امكانات، وبالتالي يجب رعاية المبادرين وتنظيم جهدهم في اطار برنامج متكامل، بحيث يؤسس العمل التوثيقي الأول لعمل ثانٍ وثالث وهكذا ضمن منظومة تاريخية ذات استراتيجية واضحة.
ثالثا: أن تلعب المؤسسات الأكاديمية دوراً على هذا الصعيد، وان لا يظل نشاطها مقتصرا على عملية تعليمية تقليدية أحادية، فالجامعات والمعاهد على مستوى العالم تضطلع بمهمات تأريخية واسعة من خلال أساتذتها وباحثيها وطلباتها لا سيما طلبة الدراسات العليا.
رابعاً: لقد قام الدكتور قسطندي الشوملي بعمل تأريخي غير مسبوق للصحافة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص في فترة الإستعمار البريطاني، بيد ان هذا الجهد بحاجة الى متابعة تفاصيل كل صحيفة ومجلة صدرت في تلك الفترة، من خلال تحليل ونقد ما نشر فيها، وهنا فاننا نحتاج الى جهد المؤسسات الثقافية والصحفية كالاتحاد العام للكتاب ونقابة الصحفيين والى جانب وزارتي الثقافة والإعلام والمؤسسسات الثقافية غير الحكومية.
خامساً: في الاصل نحن لا نكتب لأنفسنا فقط، ولا نتحدث في دائرة مغلقة، أي ان نترجم ما ينجز الى لغات اجنبية، فنحن شعب حي وتاريخنا يجب وبالضرورة ان يكون معروفاً للآخرين، الذين نحن بأمس الحاجة إلى دعمهم ومناصرتهم لمساعدتنا على فتح آفاق مستقبلنا الذي سيرسم ويجسد حتماً استقلالنا التام المشروع أسوة بشعوب العالم.
ما طرحته في هذه العجالة ربما يطرق باب قضية مهمة، أجزم بان انضاجها يتطلب نقاشاً موسعاً من قبل المهتمين والمعنيين، لعلنا نصل الى استراتيجية تأريخية مشتركة، تخرجنا من إطار المبادرات الفردية الى العمل الجماعي المتصل الحلقات.


القرارات لا تحل أزمة
بقلم: محمد عبيد – القدس
اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرار غير ملزم بشأن الأزمة الأوكرانية، يعني أمراً واحداً فقط، مفاده أن المعسكر الغربي يبحث عن تسجيل النقاط ضد روسيا، من خلال إظهارها خارج المنظومة الدولية وخارجة على مبادئ القانون الدولي، لكن ذلك لن يؤتي نتائج تذكر، ولن يساهم إلا في تعميق هوة الخلاف بين موسكو والغرب، وبالتأكيد لن يغيّر من المشهد شيئاً .
أوكرانيا وألمانيا وبولونيا وكندا وكوستاريكا وليتوانيا قدمت مشروع القرار الذي أكد وحدة الأراضي الأوكرانية وسلامتها، ودعا إلى عدم الاعتراف بانتقال السيادة في شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وشدد على ضرورة الحل السياسي عبر الحوار المباشر، واعتبر أن استفتاء القرم الذي أسفر عن إقرار الانضمام لروسيا، فاقداً للشرعية .
ونظراً إلى ما شمله هذا القرار، يمكن التوصل إلى نتائج أساسية تتمثل في أن الجمعية العامة التي أقرت القرار بأغلبية بسيطة بلغت 100 دولة من أصل 193 دولة أعضاء، مع اعتراض 11 دولة وامتناع 58 أخرى، وفي ظل غياب 24 من الأعضاء، لم تتمكن من التوصل إلى ما يشبه الإجماع، ما يعني أن هناك انقساماً دولياً، أو في أبسط الأحوال عدم اهتمام نصف المجتمع الدولي في الأمر، كونه يرى من إحدى زواياه الرئيسية كنزاع بين روسيا وأوكرانيا .
وحتى إن توصلت سفيرة الولايات المتحدة لدى المنظمة الأممية سمانثا باور إلى استنتاج أن القرار "أوضح أن العالم لن يقبل ضم روسيا غير الشرعي للقرم"، فإن ذلك لا يغيّر في حقيقة أن هذا العالم بدا مشتتاً وأضعف من أن يحل الأزمة، ولو استطاع لكان عرضها على مجلس الأمن الدولي وحصل على قرار ملزم، بدلاً من "شبح قرار" في الجمعية العامة .
أزمة أوكرانيا لن تجد طريقها إلى الحل عبر مثل هذه "المناكفات" الدولية التي تقودها واشنطن، ولا عبر محاولات تسجيل النقاط ضد روسيا، لأسباب عدة أهمها أن الأمر بالنسبة لروسيا، كما هو بالنسبة لأوكرانيا، شأن داخلي يتعلق بسيادة الدولة على إقليم معين، هو شبه جزيرة القرم، إضافة إلى أن الأزمة ككل بدأت تتحول إلى مجرد أداة للتصعيد، يستخدمها الطرفان الروسي والأمريكي، في استعراض عضلات عالمي، تريده روسيا لتتويج عودتها إلى المشهد العالمي، والولايات المتحدة لإثبات أنها لا تزال القوة المهيمنة الوحيدة .
وأياً كان الأمر فإن ذلك لن يحل أزمة ولن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، والمنتظر أن لا يكون ذلك محطة أخرى لمزيد من الفشل الدولي في التعامل مع الأزمات والقضايا المستجدة، من خلال اللجوء إلى الأدوات ذاتها التي ثبت عدم كفاءتها مسبقاً، وباتت مجرد عملية متسلسلة من الخطوات التي لا تقدّم أو تسرّع إيجاد الطريق إلى الحلول المرجوة .
إن مجرد صدور قرار ينفي وجود إرادة شعبية تم التعبير عنها من خلال استفتاء عام يضع الكثير من علامات الاستفهام على توجهات المجتمع الدولي مستقبلاً في مواجهة إرادة الشعوب وتوجهاتها، وهذا أخطر من مجرد قرار دولي غير مدعوم بقوة تنفيذ .

يوم خديجة شواهنة
بقلم: حسن البطل – الايام
كنتُ أتسقّط ما يعفّ عنه مشرط زميلي عزّ الدين المناصرة، شريكي في غرفة تحرير بمجلة / جريدة "فلسطين الثورة". كان الشاعر معنياً بقصقصة نصوص أدبية في جريدة "الاتحاد" الحيفاوية.
هو ومشرطه للأدب، وأنا وقلمي للسياسة، وهذا بدءاً من العام 1974، حيث كانت صحيفة "راكاح" الأسبوعية ـ وقتها ـ تصلنا من قبرص، ببريد مكتب م.ت.ف.
المناسبة، واليوم "يوم الأرض" الخالد الـ 38؟
على ضريح الجندي المجهول، في العديد من الدول، هذه العبارة: "اسمك مجهول وفعلك خالد".. لكن، شهداء يوم الأرض التأسيسي الأول خالدون، وأحفظ أسماءهم، لكن لي أن أختار من الستة امرأة تدعى، خديجة الشواهنة، من سخنين.
ألأنَّ الأرض والبلاد والمرأة أسماء مؤنّثة؟ أو لأنَّ خديجة تعتمر، في صورة مغبّشة لها، الحطة البيضاء كما تعتمرها أمي ـ رحمها الله ـ التي تعتمرها كما كانت تعتمرها سيدتنا مريم، أم السيد المسيح.
من بيت كل الجداريات، في طول البلاد العربية وعرضها، لم أرَ جمالاً ومعنى كالذي في جداريتي جواد سليم في بغداد؛ وجدارية يوم الأرض في سخنين، التي تعاون عليها الفلسطيني عبد العابدي واليهودي غرشون غنيسبل. كلتاهما تروي قصة شعب وأرض ومقاومة وحضارة.
إنه يوم الأرض؟ في سيرتي المهنية (يقول البعض عن قلمي: شيخ المعلّقين الفلسطينيين، لي أن أفتخر أول من كتب، في الصحافة الفلسطينية في المنفى، عن فوز توفيق زياد برئاسة بلدية الناصرة، قبل الفوز وبعده. لي أن أفتخر كذلك لكوني أول من كتب عن "يوم الأرض" قبل وبعد حدوثه. لي أن أفتخر، أيضاً، لكوني أول من دعا عام 1976 إلى لقاء بين "فتح" و"راكاح" .. وقد تم في براغ) !
حدّثت في نيقوسيا حبيبي أميل حبيبي عن فخري المهني الثالث، فقال: اكتبها للتاريخ، وقد فعلت متأخراً، لأننا في أوائل سبعينات القرن المنصرم كنا "إعلاميين" مناضلين لا نمهر مقالاتنا بأسمائنا.
قيّض لي أن أزور سهل البطُّوف الخصيب، في الجليل الأسفل، بعد أوسلو هذه، وكذا "الشاغور"، حيث أقيمت بلدة "كرمئيل" اليهودية.. ربما رداً على الأهزوجة: "شاغورنا مالك مثيل/ ترابك أغلى من الذهب". لأسفي لم أتملّ نصب "يوم الأرض" لكن صورته مطبوعة في ذاكرتي، بقوة انطباع جدارية جواد سليم في بغداد.. وأكثر.
... وأيضاً، وبعد أن صار في "يوم الأرض" مناسبة وسباق في الإنشاء والمهرجانات الفصائلية ببيروت، لم أحضر أياً منها، لأنها كانت "كلام مناسبات على وتر".. والوتر سياسي حسب الظرف والمناسبة!
سريعاً ما صار "يوم الأرض" يوماً قومياً فلسطينياً في سائر أرض ـ فلسطين، خصوصاً في : الجليل والمثلث والنقب؛ وفي سائر الشتات الفلسطيني العربي والعالمي.. متقدماً حتى على "أيام" فلسطينية مفصلية، فصائلية ووطنية.
كنّا أولاداً في المنافي، وكانت مسبّة أولاد العرب لنا "بعتم أرضكم".. لكن للوثائق الدامغة لسانا دامغا : 91 ـ 94% من أرض فلسطين حتى عام النكبة كانت خارج البيع المزعوم، ومعظم ما تسرّب إلى الأيدي الصهيونية كان في يد ملاّك الأراضي العرب، ولو أنها كانت الأخصب في فلسطين (مرج ابن عامر، الجليل، قطاع ممتد من حيفا إلى يافا)!
يوم الأرض، دفاعاً عن سهل البطوف، ورداً على متصرف لواء الجليل يسرائيل كينغ: "العرب سرطان في جسد إسرائيل" فقد كان "ما تبقى من رحيق الروح" أي دفاعاً عن ما في حوزة الفلسطينيين في إسرائيل من الأرض.
ثماني سنوات بعد النكبة رفعت إسرائيل قوانين "الحكم العرفي" عن كاهل الأقلية الفلسطينية 1966. عشر سنوات أخرى بعدها جاء يوم الأرض الأول.. ومنذه إلى يومنا هذا، امتد صراع يوم الأرض إلى سائر أرض ـ فلسطين، وصار يوم الأرض يوماً قومياً، وهو كان كذلك منذ أقيمت أول مستوطنة (كبّانية) صهيونية في أرض فلسطين قبل 120 سنة.
كان العرب القدماء يطلقون على كل يوم له ما بعده : "يوما من أيام العرب".. والآن، فإن كل الفلسطينيين يطلقون على "يوم الأرض" اسمه الأول، جذر الصراع : "يوم الأرض".
***
38 مرة "يوم الأرض" ومعظم عديد الشعب أصغر من "يوم الأرض" لكن ليس أصغر من معانيه، ولذا وعلى كثرة الشهداء الأبرار، فإن شهداء يوم الأرض الستة هم:
خير ياسين ـ عرابة. رجا أبو ريّا ـ سخنين. خضر خلايلة ـ سخنين. رأفت الزهيري ـ نور شمس (من الجولان). حسن طه ـ كفر كنا. خديجة شواهنة ـ سخنين.
اسمك معلوم وفعلك خالد.
إشارة: لدي حفنة من تراب طيرة ـ حيفا سوف "تعفّرني" في قبري بين جسدي وكفني، فهي من ارض أمي وأبي في واد أبو فلاح وواد عبد الله؟!

"السيسي" والرئاسة : الأغلبية ليست دائماً على حق !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
بعد تسعة أشهر من الحمل، ولدت ثورة 30 يونيو/ حزيران المصرية رئيسها الجديد المنتظر، رئيس الجمهورية الثالثة كما يقولون، جاء "السيسي" رئيساً بلا انتخابات حقيقية، متزعماً أغلبية ساحقة استدعته لتولي الرئاسة، وكأي "ولي للعهد" في الممالك، فإن وراثته لمنصب الملك ـ الرئيس، بات معلوماً ومحسوباً، البطل الحقيقي في ظل هذه المعادلة، هو أي مرشح آخر، يتحدى هذه المسلّمات، إنها بطولة حقيقية مع أنها تنطوي على حسابات عددية خاطئة، لكن "الحساب" ليس مجرد أرقام، فهي تصبح من لحم ودم في حالة الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة.
تعلمنا من دروس الديمقراطية، أن الأقلية يجب أن تخضع للأغلبية، وأن صندوق الانتخاب هو المحدد والحكم، لكننا تعلمنا، أيضاً، أن الأغلبية ليست دائماً على حق، وأن الأقلية ليست دائماً على خطأ، فالتجارب الديمقراطية كثيراً ما أفرزت القادة الخطأ في ظل ظروف معينة، كثير من الحكومات يطاح بها قبل الأوان، لأن الناخبين لم يحسنوا الاختيار، وبالتالي، فإن صناديق الاقتراع، ليست بالضرورة، مقياساً للصالح من الطالح، ولعلّ تجربة وصول مرسي بزعامة الجماعة الظلامية لحكم جمهورية مصر العربية، إحدى أهم الخلاصات التي يجب التوقف عندها لدى الحديث عن الأغلبية ومعيار صندوق الانتخابات.
يتطلع الشعب المصري، ومعه كل الحق، إلى رئيس ينقذه من المحنة التي أدى إليها وصول جماعة الإخوان إلى الحكم، لكن هذا التطلع، أقرب إلى العاطفة منه إلى العقل، ليس فقط لأن السيسي لا يملك عصاً سحرية، ولكن، أيضاً، لأن تجربة الحكام المصريين من سلالة القادمين من القوات المسلحة، لم تكن كافية للوصول إلى ديمقراطية حقيقية، ومع أن تجربة عبد الناصر، ذات الأبعاد الجماهيرية والاجتماعية على مستوى المنطقة العربية كانت ناجحة في مفهوم العدالة الاجتماعية، إلاّ أنها لم توفر الأساس الذي يمكن معه الانتقال إلى ديمقراطية حقيقية، ناهيك عن هزيمة 1967، التي جرت وراءها، رغم انتصار اكتوبر هزائم عديدة، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لا أعتقد أننا أمام مرحلة انتقال إلى الديمقراطية في مصر، في ظل وصول عسكري مصري له شعبية طاغية إلى الحكم، فالعقلية العسكرية ليست مجرد بدلة عسكرية يمكن خلعها، فنكفّ عن كوننا أمام عقلية عسكرية. في قوانين معظم الدول، يجب أن تفصل فترة زمنية بين التخلي عن "البدلة العسكرية" والتقدم إلى أي انتخابات مدنية، مدتها عادة أربع سنوات، وهي مرحلة قد تكون كافية للتخلي العقلي عن المفاهيم العسكرية المكتسبة، مع ذلك، فالرئيس المرشح، السيسي، تقدم للترشح جماهيرياً، ببدلته العسكرية، بعد استقالته، وكأنه يوجه رسالة واضحة، إلى أنه لا يزال ملتزماً بالمفاهيم العسكرية حتى بعد استقالته.
التليفزيون المصري، قدم دليلاً آخر، على أن الديمقراطية لا تزال مجرد وهم، عندما أفرد للسيسي وقتاً مستقطعاً من برامجه، لخطاب الترشح للسيسي، على شكل إعلان انتخابي غير مدفوع ومجاني وغير عادل، وكان يمكن أن يتم ذلك بطريقة أقرب إلى الفهم الديمقراطي من خلال مؤتمر صحافي للسيسي، تتم تغطيته عبر وسائل الإعلام، ومن بينها وسائل الإعلام الرسمية، كخبر وليس كإعلان مجاني، ذلك كله بوادر رغم شكليتها، إلاّ أنها إشارات كافية، كما نعتقد، بأننا لسنا أمام أي ديمقراطية أو انتقال لها!!
بترشح السيسي، أكدت جماعة الإخوان، أن ثورة 30 يونيو/حزيران، ما كانت سوى انقلاب، والدليل على ذلك هذا الترشيح، لكنها بذلك تتجاهل ذاك المد الشعبي الطاغي الذي رافق تلك الثورة التي لم تكن لتحدث لولا فشل إدارة الجماعة لحكم البلاد والعباد، وتصدي القوات المسلحة، بقيادة السيسي، لهذا الفشل وإنقاذ البلاد ومستقبلها، وكذلك إنقاذ المستقبل العربي من طغيان هذه الجماعة، لكن ذلك كله لا يوفر ضرورة بقلب الهرم على رأسه، وتولي شخصية عسكرية حكم البلاد.
لا يوفر ذلك ضرورة لسبب بسيط، ذلك أن هذا الرجل المنقذ والعظيم، كان يتبوأ مركزاً يمكن من خلاله القيام بمهامه الوطنية من دون أن يكون مقره الرئاسي في مبنى "الاتحادية" فقد كان مشيراً قائداً أعلى للقوات المسلحة، ونائباً لرئيس الحكومة، ومن الناحية الفعلية كان حاكماً للبلاد، وكان يمكن أن يقوم بمهامه من دون حاجة إلى تبوء مركز الرئاسة، خاصة وأن المهام الملقاة على عاتق الرئيس، أي رئيس، هي مهام قاتلة، صعبة ومريرة. الرئاسة في مصر في ظل الظروف الحالية، هي محرقة لأي رئيس، مهما تسلح بالشعبية، وحتى بالقدرات الخارقة، فلماذا يزجّ بهذه الشخصية الفريدة، والملهمة في أتون هكذا محرقة!!
من موقع الحب والتقدير للسيسي، كبطل قومي عربي، فإننا لا نتفق مع خياراته الرئاسية، حفاظاً على مصر وحفاظاً عليه، وتعبيراً عن حلم نظن أنه بدأ يتبدد، بالانتقال إلى الديمقراطية، كنتاج للربيع العربي. السيسي نجح في إنقاذ مصر وربما العرب من حكم الطغيان باسم الدين، فهل ينجح هذه المرة كرئيس في تحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، خاصة في مجال الحريات والعدالة الاجتماعية والخبز للفقراء؟... لننتظر!

التبادلية والحل المتفق عليه
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
ليس لـ"التبادلية" بشأن الأراضي التي أحتلت العام 1967، و"حل متفق عليه" بشأن عودة اللاجئين إلى مناطق الاحتلال الأولى العام 1948، ليس لهما علاقة بما يسمى "الثوابت الفلسطينية" بل هما يعبران عن خرق فاضح لهذه الثوابت، أي لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وضد مصالحه الوطنية، وإعاقة جوهرية لاستعادة كامل حقوقه غير المنقوصة بشكل تدريجي متعدد المراحل، ولهذا فالتبادلية، والحل المتفق عليه، يشكلان نقصاً لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة.
حقوق الشعب العربي الفلسطيني، مجسدة بقرارات "الشرعية الدولية" التي لا يتحدث البعض عن تفاصيلها، وقرارات الأمم المتحدة يجري تقليصها عمداً بقراري مجلس الأمن 242 و338، ولكن الحقوق الجوهرية للشعب الفلسطيني تتمثل بعنوانين أساسيين هما:
أولاً: حق اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا وهجروا وتشردوا العام 1948 وهم يمثلون نصف عدد الشعب الفلسطيني، حقهم كبشر في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها، من اللد ويافا وحيفا وعكا وبئر السبع وصفد، وحق استعادتهم لممتلكاتهم فيها ومنها وعليها، التي صادرتها ونهبتها وسرقتها الدولة العبرية، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 48، واستعادتهم ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها، جسدها وعبر عنها قرار الأمم المتحدة 194.
وثانياً: حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية المستقلة على ترابه الوطني وفق قرار التقسيم 181، فالقرار هو مصدر شرعية قيام إسرائيل على التراب الوطني الفلسطيني، من قبل المجتمع الدولي، وهو في نفس الوقت مصدر شرعية إقامة الدولة الفلسطينية، وهذا مرتبط بذاك، وهذه مرتبطة بتلك، لأن قرار التقسيم أعطى للطرفين المتصارعين حق إقامة دولة لكل منهما، والشعب الإسرائيلي نال هذا الحق ونفذه، بينما تم حرمان الشعب الفلسطيني من تنفيذ هذا الحق وتطبيقه.
ولهذا، فإن ما يتعارض مع القرار 194، لهو إخلال بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة وباستعادة الممتلكات، فإذا كان لليهود الحق بالعودة إلى فلسطين بعد ألفي سنة، فكيف يمكن إلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة بعد أقل من مئة سنة من طردهم وترحيلهم من بلدهم، والذي لا بلد ولا وطن لهم سواه؟؟، ومن هم الأحق بالعودة أصحاب الألفي عام من التشرد؟ أم أصحاب المئة عام من الطرد؟ هذا إذا سلمنا جدلاً بواقعة طرد اليهود من فلسطين وتشريدهم أصلاً من فلسطين!! ولذلك إن ربط حل قضية اللاجئين بموافقة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، لهو إجحاف ومس بحق اللاجئين بالعودة عبر إعطاء حق عودتهم لحكومات هذا المشروع الاستعماري والذي لا شك سيرفض عودة اللاجئين إلى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم في مناطق 48، ولذلك إن الحل المطروح بصيغة "حل متفق عليه" ليس فقط يتعارض مع حقوق اللاجئين بالعودة واستعادة الممتلكات، بل هو مس به، وإقلال بمضمونه، وإخلال بتطبيقه، ولهذا يجب أن تكون فكرة "الحل المتفق عليه" مرفوضة من قبل اللاجئ الفلسطيني، ومن طرف منظمة التحرير، ومن قبل المفاوض باعتباره أميناً على حقوق اللاجئين، ووفياً لاستعادتها، وليس التفريط بها كما فعلت مبادرة السلام العربية، مثلما يجب التمسك بمصدر شرعية إقامة الدولة الفلسطينية ومرجعيتها القرار 181.
أما بشأن "التبادلية" فهي أيضاً تعبير مطاط، تضليلي، يستهدف بقاء المستوطنات والمستعمرات غير القانونية وغير الشرعية القائمة على أراضي الفلسطينيين في مناطق الاحتلال الثانية العام 1967، وهذا يتعارض مع القرار 242 الذي يؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، وهذه الأراضي وهذه المستوطنات والمستعمرات تم الحصول عليها ونهبها وفرض السيطرة عليها بالقوة العسكرية الغاصبة، بالحرب وعدوان حزيران 1967، والقرار يؤكد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها القوات المسلحة الإسرائيلية في هذا العدوان، وحرب حزيران 1967.
لا يجوز مكافأة إسرائيل على عدوانها وعلى توسعها وعلى استعمارها، وعلى شرعنة ما قامت به ولا تزال، والمطالبة يجب أن تكون جلية، وتتمثل بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وليس سلقها أو بعثرتها أو التقليل من أهميتها، أو اقتصارها على قرار دون الآخر، وإذا كان جواز التطبيق المرحلي التدريجي لها مقبولاً، ولكن ذلك يجب أن يكون مشروطاً بعدم تعارض خطواتها التطبيقية التنفيذية، مع الهدف الأسمى، وهو استعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة غير منقوصة، وعدم استعادتها، تعني أن هذا الشعب ما زال أسيراً لثلاثة عوامل هي: للعنصرية في مناطق 48، وللاحتلال في مناطق 67، وللتشرد وحياة المخيم خارج الوطن في بلاد المنافي واللجوء، وأن الأمن والاستقرار والحياة السوية ما زالت خارج التحقق، ويجب نيلها.

ملاحظات على كلام "حكومي"
بقلم: محمد نجيب الشرافي – الايام
لو سألت نفسك ألف مرة، وأعياك الجواب، وتوجهت إلى مراكز الأبحاث والإحصاء وحقوق الإنسان، وكل من صادفك في الشوارع والأسواق تسألهم عن إنجاز يذكر لحكومة غزة فستعود بخفي حنين، بل قد تسمع ما لا يرضيك. وقد تجد من يقول لك إن إنجازها الوحيد بقاؤها على صدور الناس حتى لا تكون مقاعد الحكومة شاغرة فنصبح – لا قدر الله – شعبا بلا حكومة!
الدكتور زياد الظاظا نائب رئيس حكومة غزة يصرّ أن يكون مخالفا ومختلفا. يجيبك بنعم، ويتبرع – مشكورا - فيصف تلك "الإنجازات" بأنها "كبيرة" رغم الحصار! ويذهب الرجل بعيدا في تواضعه فيقول: "ومع ذلك فنحن غير راضين، لأننا نطمح إلى المزيد!".
يعدد الرجل تلك الإنجازات ويضع البطالة على رأسها، ويصرح بملء الفم أنها "تنخفض (...) تدريجيا، وذلك بفضل الرؤية الاقتصادية التي وضعتها الحكومة منذ اليوم الأول لإدارتها غزة".
لم يكن الظاظا يشغل أي منصب حكومي منذ بداية تشكيل حكومة حماس، لكنه يعرف بالتأكيد أنه يتحدث عن وطن غابت فيه إعلانات الوظائف الشاغرة وحضرت إعلانات القهر والوفاة لآلاف الخريجين من الجامعات سنوياً وكذا العمال الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، لذلك تجاهل ذكر ما كانت عليه نسبة البطالة قبل حكومة "حماس" وإلى أي حد وصلت إليه بعدها. ويعرف الظاظا أكثر من غيره أنه لم تفتح مجالات عمل جديدة قادرة على استيعاب جزء من البطالة، لكي نقول: إنها تنخفض فعلا. أما أن نتحدث عن أمنيات فذلك شيء آخر.
ولا أظن أن الظاظا لا يقرأ ولا يعرف أنه لا منشآت صناعية كبيرة أو صغيرة لدينا ولا صناعات يدوية، وأن ما كان قائما قبل حكومة "حماس" أغلق أبوابه تدريجيا مع استمرارها ... لا سياحة ولا استثمارات أجنبية، لا نفط ولا حتى مياه نظيفة، لا شيء ننتجه أو نصدره منذ تسلمت حكومته مقاعدها، حتى رواتبنا بتنا نتسولها، لا نقوى على مقاطعة بضائع من يحتل أرضنا وينتهك عرضنا ودمنا ومقدساتنا، في الوقت الذي نطالب الآخرين بمقاطعة الاحتلال ومنتجاته. أي رؤية اقتصادية تلك التي لا يعرف عنها أحد ونلقي بعجزنا على الاحتلال والحصار.
ثم أن الظاظا يحمل من الألقاب العلمية ما يدل على أنه باحث علمي يقيس النتائج حسب توازن الأدلة العلمية كلها بلا انتقائية والاستشهاد بما يتوفر علمياً وعملياً. متى بدأ الحصار؟ ومن جلبه لغزة؟ وإذا اتسع صدر نائب رئيس الحكومة وسمح لي أن أسرد عليه نكتة يرددها الناس في غزة
مفادها: "عندما كانت سلطة "فتح" كنا نقول متى يفرجها الله علينا، وعندما جاءت "حماس" أدركنا أن الله كان مفرجها علينا، لكننا لم نكن ندرك تلك النعمة"، هي حسرة وزفرة أكثر من كونها نكتة، أترك لمعاليه استخلاص معانيها.
لقد بات من الأمور التي تدعو إلى السخرية مطالبة الحكومة تقديم كشف بإنجازاتها خلال سبع سنين عجاف؟! ولم يكن بوسع أحد أن يطالبها بكشف عن المائة يوم الأولى أو السنة الأولى من عمرها المديد؟ وهل تحتاج، أصلا، إلى إنجازات تكون مبررا لبقائها مثلا؟
ثم، مَنْ يحاسبها في ظل غياب المجلس التشريعي إذا كان نواب "التشريعي" هم أصلا، فاقدي الصلاحية بعدما تجاوزوا المدة القانونية التي حددها الدستور؟ من يملك مساءلة الحكومة والكشف عن عيوبها، وتحديد نجاحها من عدمه؟ هل تملك الحكومة جرأة تحديد أخطائها ومناحي قصورها (إن وجدت؟!) مثلا؟ لا شك أن حكومتنا سمعت وقرأت في السير أن عمر بن الخطاب كان يجهر بكلمته المأثورة: "ليت أم عمر لم تلد عمرا". كان رضي الله عنه وأرضاه يفعلها بقدرٍ قاسٍ من حساب النفس ويشفق عليها مما تحملت من أمانة ومسؤولية، يتمنى لو لم يولد من الأصل حتى لا يحاسبه الله عن بغلة تعثرت في بغداد وجوع امرأةٍ في المدينة ... فهل هناك من يقتفي أثر عمر ويجاهر بمثل ما قال!.
وعندما أتذكر إمام الدعاة الشيخ محمد متولي شعراوي رحمه الله حين
قال: "إذا أردت أن تحكم على منهج فانظر إلى أصحابه، فإن كانوا مستفيدين فهو باطل". أتذكر الحكمة التي تقول: عندما تكون في قاع البئر يجب أن تكف عن الحفر.
لقد ابتلي شعبنا بحكومتين: هنا يحرسون الحدود وهنا يعيدون المستوطنين التائهين، هنا تنسيق أمني غير مباشر مع الاحتلال وهنا مباشر، هنا نصف راتب وهنا خصم من الراتب، هذا ينطق باسم الشعب وذاك ينطق باسم الشعب والدين والأمة.
لا أمل في من يغض البصر عن أخطائه، ولا أمل في من يرى مرحلة التمكين (لحزبه) أهم من مرحلة نهوض شعبه، وليس من الواضح بعد، متى يوقن قادتنا أننا شعب واحد ولدينا حكومتان وأننا مع كل صباح ومساء نسألهما الرحيل ولا يفهمون. اللهم أفرغ علينا صبراً فإن الشدائد تأتي تباعاً.

حالة المرأة الفلسطينية وقرار لجنة المرأة بالأمم المتحدة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
كعادة القرارات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة باستثناء مجلس الأمن، حظي القرار الصادر عن لجنة المرأة في الأمم المتحدة، بأغلبية اثنين وعشرين صوتاً من أصوات اللجنة، مقابل صوت الولايات المتحدة المعارض دائماً لقضايانا الكبيرة والصغيرة، وامتناع عشر دول عن التصويت على مشروع القرار الخاص بوضعية المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال.
موازين القوى في هيئة الأمم المتحدة معروفة، موازين تسير في اتجاهين متعارضين في النوع والاتجاه، فنجد أن ميزان القوى في جميع الهيئات باستثناء مجلس الأمن، يقف مع حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وفي المحصلة، تتوفر أغلبية تؤيد تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، الذي يعبر عن إرادة الدول النامية البالغ تعدادها ما يقارب المائة وعشرين دولة في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. والميزان الآخر المعاكس، يعِّبر عن إرادة الدول الخمس المالكة لحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، والمعطّلة إرادته بسبب صوت "أميركا" الرافض إلى الأبد حق شعبنا في الحرية والاستقلال والسيادة، وهو الصوت الذي يشلّ ويعطِّل إرادة الدول وموقفها المساند لحقوقنا الوطنية المشروعة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
للسنة الثانية على التوالي، يُتخذ ذات القرار في لجنة المرأة بحذافيره، دون زيادة كلمة أو نقصان أخرى، حيث اعتبرت اللجنة أن الاحتلال الإسرائيلي يشكل العقبة الرئيسية التي تحول دون تقدم المرأة الفلسطينية ومشاركتها في تنمية المجتمع، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدات والخدمات الملحة والطارئة للنساء الفلسطينيات، بهدف تخفيف الأزمة الإنسانية الحادة التي تعيشها المرأة الفلسطينية، مطالباً الاحتلال الامتثال للاتفاقات والمبادئ الدولية الكافلة لحماية النساء في ظروف الحرب والصراعات المسلحة.
يتضح من القرار، وجود إطلالة معرفية من قبل المجتمع النسائي الدولي على واقع وتفاصيل حياة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، وواضح أنه يحمّل الاحتلال مسؤولية تخلف واقعها التنموي والمعيشي، ويضع على عاتقه مسؤولية إعاقة وصولها إلى الموارد. كما يتضح من حيثيات القرار، أن مجرد مطالبته المجتمع النسائي الدولي مواصلة إيلاء الاهتمام الخاص بوضع المرأة الفلسطينية، وحثّه على تقديم جميع أشكال المساعدات الطارئة والملحة لها، يعبر بشكل أو آخر عن تبرّم المجتمع الدولي النسائي بسياسة اسرائيل، ويقر بأن الاحتلال يضاعف ويزيد من العنف الممارس ضدها، وهو ما عبّر القرار عنه لدى مطالبته نساء العالم بحماية الفلسطينيات وأسرهن وتكثيف الجهود والوسائل الرامية إلى تحسين الظروف الصعبة التي يواجهنها، في ظل الواقع الحياتي الشاذ التي يعشنه تحت الاحتلال الإسرائيلي.
لا عتاب نوجهه إلى لجنة المرأة في الأمم المتحدة، بل الشكر والتقدير لتحسسها أوجاع المرأة الفلسطينية وآلامها، وهي محقة في شعورها بمعاناة المرأة الفلسطينية وتفاقمها، لكون الأوجاع قد تفاقمت وتزايدت ما بين آذارين، وما بين اجتماعَي لجنة المرأة، ما بين الجلسة السابعة والخمسين للجنة، وجلستها الثامنة والخمسين المنعقدة تقليدياً بمناسبة يوم المرأة العالمي.
من جانب آخر، يُعتبر القرار نتيجة طبيعية لنضال المرأة الفلسطينية وصمودها وتماسكها الوطني، وعائد للدور الحيوي والمقدام الذي مارسته على مختلف الصعد والميادين. ويعبِّر كذلك، عن إقرار واعتراف دولي بمكانة المرأة الفلسطينية وتقدمها، علاوة على إقراره بوضوح بالطبيعة العدوانية للسياسة الاحتلالية، بل ويسلط الضوء ويلفت انتباه القيادات النسائية لبشاعة ممارساته تجاه المرأة الفلسطينية وأُسرتها.
ولكن الحقائق الواقعية تشير، أن ما تحتاجه المرأة الفلسطينية هو القرارات العملية التي ترفع المعاناة عنها على أرض الواقع.. فقد شبعت المرأة وأُتخمت من القرارات ذات الطبيعة التضامنية نظرياً، وتعتبر أن خطوة واحدة عملية تجاه حقوقها الوطنية، أفضل ألف مرة من كل القرارات الإنشائية على أهميتها السياسية، هذا إن لم تُعتبر تلك القرارات، من وجهة نظر قطاع واسع من نسائنا، لا يساوي الحبر الذي كُتبت به.
وأخيراً، نتوقع من لجنة المرأة في العام القادم، أن تقدم الدليل العملي على التزامها بقضايا النساء وأولهم المرأة الفلسطينية. نتوقع أن تجري تطويرا على بياناتها بخصوص الحالة الفلسطينية، بأن تنطلق من حق المرأة الفلسطينية في الحماية الدولية، وحقها في العيش الكريم أسوة بباقي نساء العالم. وتستحق الفلسطينيات، بسبب معاناتهن المزمنة، إلى لفتة أعمق في البيان السنوي للجنة المرأة الأممية، يُشار خلالها إلى تحديد المسؤوليات المختلفة للأطراف المعنية والتزاماتها تجاه انطباق القرار 1325 على المرأة الفلسطينية باعتباره قرار الحماية والأمان، بدءاً من مسؤولية الأمم المتحدة ولجنة المرأة لكون القرار صادراً عن أعلى مستوياتها، مروراً بمسؤولية ودور مركّبات الأمم المتحدة في الضغط على الاحتلال على تطبيق القرار السابق ذكره لجهة خصوصيته النسوية، والالتزام باتفاقية جنيف وبروتوكولاتها، انتهاءً بمسؤولية المجتمع الدولي عن تقديم الدعم والتضامن والضغط لحماية حقوق المرأة والحفاظ على مكانتها الإنسانية.

أجفان عكا لحنان باكير : رواية الذاكرة ورواية المكان وقسوة المنفى
بقلم: عادل الأسطة – الايام
في العام 2001 أعادت دار الأسوار بعكا طباعة رواية الفلسطينية ابنة مدينة عكا، حنان باكير، "أجفان عكا" التي صدرت طبعتها الأولى عن دار ابن رشد في بيروت في العام 2000.
هكذا غالباً ما اهتمت دار الأسوار العكاوية بأدباء مدينة عكا وإن اهتمت بغيرهم، أيضاً: سميرة عزام وغسان كنفاني وحنان باكير، ولا ننسى اهتمامها بأبناء القرى المحيطة بالمدينة، أيضاً، أدباء الجليل كلهم.
هل الرواية التي تحضر فيها عكا في المتن حضوراً لافتاً، كما حضرت في العنوان، هي رواية سيرة ذاتية؟ وهل أجفان هي حنان؟
تقدم حنان باكير شهادتها حول روايتها وتقول كلاماً مهما للدارسين الذين يدرسون النص الأدبي دراسة غير نصية، وتحديداً أصحاب المنهج الاجتماعي والمنهج النفسي وغيرهما من المناهج التي تدرس النص الأدبي وفق معطيات غير أدبية، بالإضافة إلى المعطيات الأدبية، وحنان كما ورد في نهاية شهادتها، حين كتبت روايتها، لم يكن هدفها وهمها كتابة رواية بالمعايير الفنية لفن الرواية، فقد كان همها وهدفها التعبير عن الذاكرة الفلسطينية لمدينة فلسطينية هجّر أهلها منها في العام 1948، وأقاموا في لبنان مجبرين، وظل الحديث عن فردوسهم المفقود: عكا، خبزهم وملحهم اليومي.
إنهم يقيمون في الذاكرة أكثر مما يقيمون في بلد المنفى: لبنان.
وليس أدل على ما ذهبت إليه الكاتبة، من أن هدفها لم يكن كتابة رواية تحفل بالمعايير الفنية، قدر هدفها بتدوين ذاكرة المكان، ليس أدل على ما ذهبت إليه من أنها حتى اللحظة، 2014، لم تكتب رواية ثانية.
لقد امتلأت ذاكرتها بحكايات أهل عكا في لبنان، ومنهم والدها الذي جسدته في الرواية بشخصية أبي جابر العكاوي، ولما امتلأت الذاكرة فاضت فولدت الرواية، ولا ندري متى تمتلئ ذاكرتها بحكايات المنفى الجديد في النرويج، فتكتب رواية ثانية عن لبنان وما آلت إليه أوضاع اللاجئين الفلسطينيين فيها، ولا أدري إن كانت حنان قرأت رواية سامية عيسى "حليب التين"، ولربما كانت هي الرواية التي أرادت حنان كتابتها، فثمة صلة وثيقة بين الروايتين، إذ يعلو فيهما صوت النقد الذاتي للمؤسسات الفلسطينية هناك، فتصب الكاتبتان جام غضبهما على بعض من أساؤوا للثورة الفلسطينية وارتكبوا حماقات بشأن قداستها، وهذا بدوره يقود القارئ إلى روايات النقد الذاتي في الأدب الفلسطيني، الروايات التي لم يرق لمؤلفيها ما شاهدوه في لبنان من ممارسات خاطئة، فآثروا أن يعلوا أصواتهم، مبرزين للفلسطيني صورة مغايرة للصورة الإيجابية التي غلبت على الأدبيات الفلسطينية ما بين 67 ـ 1982، صورة الفدائي التي بدت في قصائد درويش "أحمد الزعتر" (1976) و"مديح الظل العالي" (1982) وكثفها في سطره "لا تعطنا، يا بحر، ما لا نستحق من النشيد" من قصيدة "نزل على بحر" (1984)، وحيث قاتل الفدائيون في 1982 وصمدوا وكبدوا الإسرائيليين خسائر فادحة، فقد استحق الفلسطيني الفدائي النشيد.
في الأدب الفلسطيني روايات عديدة تحفل بنقد الذات، وقد سببت لكتابها إشكالات عديدة، توقف أمام بعضها د. مصطفى عبد الغني في كتابه "نقد الذات في الرواية الفلسطينية" (بعد 1994)، وإن لم يتوقف أمام روايات أخرى مهمة صدرت قبل نشر كتابه، وهي "البكاء على صدر الحبيب" لرشاد أبو شاور، و"نشيد الحياة" ليحيى يخلف.
وستصدر، بعد إصدار المؤلف كتابه، روايات عديدة تحفل بتقديم صورة غير إيجابية للفلسطيني، صورة لا تروق ربما لكثيرين، منها رواية "أربعون يوماً في انتظار الرئيس" لأفنان القاسم، ونصا "ليل الضفة الطويل" ورواية حنان هذه، ورواية "حليب التين" لسامية عيسى، وأخيراً رواية عباد يحيى "رام الله الشقراء"، ولا أنسى رواية أحمد حرب "بقايا" (1996).
يمتد الزمن الروائي لـ "أجفان عكا:" ما بين 1970 و1982 أساساً، ولكنه من خلال الذاكرة، وكثيراً ما يحدث هذا، يرتد إلى عكا ما قبل 1948، حيث يستحضر اللاجئون العكاويون في لبنان مدينتهم وحياتهم فيها وما ألمّ بها في العام 1948، لسان حالهم: لا حياة بعيداً عن عكا، واليوم الذي يمر ولا تذكر فيه عكا ولا يبحر أهلها، من خلال الذاكرة، إليها ليس يوماً يذكر أو يعد، بل يبلغ الأمر ببعضهم أنه لا يرى مدينة سوى عكا، وحتى بحر صيدا لا ينسي بحر عكا، فعكا وعكا فقط هي أجمل المدن، وقد قالت هذا حنان في شهادتها، على لسان الشخوص الذين قابلتهم والذين أصغت إليهم، وهو ما يذكرنا بسطر محمود درويش في جداريته "عكا أجمل المدن القديمة" السطر الذي لفت نظري، وأظن أنني توقفت أمامه في أحد دفاتري.
وتبدأ الحكاية من مدينة إربد في العام 1970، حيث يعجب الفدائي القادم من لبنان من مخيم برج البراجنة كمال لينضم إلى حركة المقاومة في الأردن، بأجفان اللاجئة العكاوية المقيمة في مخيمات إربد، ويتقدم لخطبتها هو المنتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويعقد قران كمال وأجفان ويتزوجان، رغم اعتراض عمها (أبو منير) الذي رأى في كمال فدائياً ينتمي إلى فصيل إلحادي، فصيل له موقف معادٍ لجمال عبد الناصر الرئيس المصري الذي أعجب به (أبو منير) كثيراً.
وما أن تبدأ المعارك بين الجيش الأردني والمقاومة حتى يغادر كمال جريحاً إلى لبنان، وتلحق به أجفان، ولا تمر فترة حتى يستشهد مخلفاً وراءه أرملة شهيد وطفلة، وهكذا تبدأ أجفان رحلتها في الحياة، وتتعرض لضغوط كثيرة من أهل زوجها الذين لا يروق لبعضهم حياتها وإقامتها وحدها، ومن بعض الانتهازيين في فصيل زوجها وفصائل أخرى.
تحاول أجفان أن تلتحق بالجامعة وتفعل، لكن الرفاق في فصيلها يلحون عليها بالعمل لصالح الجبهة في انتخابات الطلبة، ويحاول (أبو زريق) أن يغازلها، فلم تكن نظراته بريئة، ثم تعمل في مكتب الإعلام الموحد الذي يعمل فيه عراقيون (الست رسمية) وزوجها الفلسطيني، ولا تنجو أجفان من نظرات المسؤول الذي يحاول أن يستغلها غير آبه لكونها زوجة شهيد، فيعرض عليها منصباً آخر هو الذي تشغله د. رسمية العراقية الكفؤة التي ترى في أجفان مثل ابنتها، فتحضنها هي وزوجها بدفء العائلة.
ولكن أجفان ذات كبرياء وعزة وكرامة، وهنا نعود إلى شهادة حنان باكير، فقد قالت هذه إنها أعطت أجفان الكبرياء الذي منحها إياه أبوها.
وحين يحاول آخرون استغلال أجفان وترفض، يلصقون بها تهمة التعاون مع مخابرات عربية، وهكذا تعتقل ويعتدى عليها ويزج بها في الزنزانة، وهنا تبرز الصورة السلبية لبعض مدّعي الثورة، الصورة السلبية للفلسطيني التي ربما استغرب بعضنا وجودها، وهنا تتلاقى رواية، سامية عيسى "حليب التين" (2010) مع هذه الرواية. هل نحن أنبياء؟ وهل نحن معصومون عن الخطأ؟
هل أجفان هي حنان؟ تكتب حنان عن روايتها ما يلي: "أجفان عكا" ليست سيرة ذاتية، ولا تحمل تجربة شخصية.
شخصية أجفان هي شخصية مركبة مخترعة لا وجود لها في واقعي الحياتي، لكن سيرتها تحمل مقاطع من تجارب عدة شخصيات عاشت تلك المرحلة.... لم أرتبط بفدائي / شهيد، لم أعرف الدوائر الإعلامية أو الأمنية رغم انخراطي في صفوف المقاومة، بمعنى آخر لم أتعرض لتجربة "أجفان" مع الشخصيات التي أساءت لقداسة نضالنا.
أعطيت أجفان الكبرياء الذي منحني إياه أبي" وأبوها له حضور في الرواية في شخصية أبي جابر العكاوي، ومنه عرفت تفاصيل عكا، تفاصيل المكان وروائحه، منه ومن غيره.
قابلت حنان، لكتابة روايتها، عكاويين "ما انفكوا يعيشون المدينة بكل تفاصيلها، تاريخاً وجغرافية، براً وبحراً، وفي المنفى، كلما تقدم بهم العمر أصبحوا أكثر التصاقاً بالماضي وعودة إليه"، ومن هنا جاء التركيز على المكان والذاكرة في هذه الرواية، وعلى تصوير قسوة اللجوء، حيث تعاني أجفان، حتى من بعض ملتحقين بالثورة، الأمرين.
مكون العنوان، كما تلاحظ، مكون شخصي "أجفان" ومكون مكاني "عكا"، ولقد شكل المكون المكاني ظهوراً لافتاً في روايات فلسطينية عديدة، عبر فيها الروائيون عن ماضي مدنهم وحياة أهلهم فيها: "عائد إلى حيفا" و"عائد إلى القدس"/ عيسى بلاطة، و.. و.. و.. يلحظ المرء الصلة ما بين العنوان والمتن في صفحات عديدة (11، 35، 36) وغيرها: كان الحاج العكاوي يصر على مناداة أجفان باسم عكا، وهو الاسم الذي اختاره لها يوم ولدت.. ولكثرة ما كان يناديها ويدللها باسم عكا عرفت بهذا الاسم.. فكأنه يخشى إن قطع اتصاله مع المدينة أن يقطع آخر اتصال له مع الحياة..".

تغريدة الصباح - البيك سُكَّر
بقلم: عدلي صادق – الحياة
كان يرتاد، في خمسينيات القرن الماضي، أحد مقاهي الشاطئ، الناهضة على شرائح من جذوع النخيل، المسقوفة بسعفها والمغطاة الأجناب بذلك "الجريد". وبخلاف رواد تلك السقائف الفقيرة، المتخففون من معظم ملابسهم؛ كان "البيك سُكّر" يأتي في الصبح وفي المساء، بملابس ارستقراطية: بدلة من الجوخ الإنجليزي، وربطة عُنق، وحذاء لامع، ويعتمر طربوشاً قاني الاحمرار، يتدلى منه جانبه، خيوط كأنها عُرف الديك. يطلب طاولة النرد، لكنه لا يقبل الشراكة. فمعلب النرد الذميم، الذي يتنافس فيه اثنان حاضران، هو عند "البيك سُكَّر" لعبة ضارية بين واحد حاضر، وآخر مُفتَرضٌ وغائب، سماه العابرون إبليساً أو شبحاً أو شيطاناً. يفتح طاولة النرد ويوزع الحجارة. يُعطي لنفسه الحجارة البيضاء ويرتبها، ويُخصص السوداء لمنافسه الشبح. يرمي، مرة، الزهر لنفسه، ويحرك الحجارة، ومرة أخرى لإبليس، فيحرك له حجارته ببراعة لا تدع مجالاً لاعتراض إبليس نفسه. لكنه، في كل مرة، يخرج من السقيفة فائزاً، إذ لا يليق بالأبيض أن يخسر!
عمنا "البيك سُكّر" كان مفوّها ذرب اللسان حاضر البديهة مفتوناً بنفسه. وصاحب السقيفة من الربابنة القدامى ومن شيوخ البحر، وذلك هو جعل الرجل ينام ويقوم على أوهام عظمى. لم تفتح له بدلة الجوخ طريقاً سالكاً الى المجتمع، ولا أعطته مكانة ولا صدقية. بل إن النمامين من الناس، اشتموا - دون أن يشموا - رائحة الخمر في فمه، وإلا من أين له كل هذه الطلاقة والروح المتوثبة، والمواظبة على السقيفة، مع اللاتناسب بين المكان، برماله الرطبة، وما عليه "سُكَّر" من الهندام الأنيق، والنص البليغ!
بعضهم أغواه التأويل. قال إن الرجل يصطنع الشياطين والخصوم لنفسه في السقيفة وأمام شيخ البحر. وبمجرد أن تحضر افتراضاً، يلاعبها. وفي طريقة اللعب، يظل حريصاً على إقناع نفسه بأنه الكيّس الأمين. آخرون قالوا، إنه بالهندام، وبالترفع، وباللسان السليط؛ إنما يُقاوم ماضيه. غير أن مستظرفيه الذين لا يعرفون شيئاً عن ذلك الماضي، قالوا إنه لا ينطق عن الهوى، وإنه صاحب حكمة ونبراسٌ للحيارى!
متطفل سأل "البيك سُكّر" لماذا تختار لنفسك دائماً الحجارة البيضاء؟ وقبل أن يسمع الإجابة، استطرد السائل قائلاً: إن هذا ليس عدلاً، فربما يرغب إبليس في الحجارة البيضاء، متقمصاً إهاب النقاء. لكن "البيك سُكّر" أجاب كمن يصحح لسائله: لن يكون منافسي إلا شيطاناً أو غامضاً غائباً أو موسوماً بالشحار.
في تلك السقيفة، أحس الرجل بأن لعبته اليومية بين قطبين في كل مرة، تضاهي السجال اليومي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. ربما أحس إنه محور الكون، وأنه هو وليس سواه، الذي يفك ألغاز البحر الغامضة. لم تطرأ في ذهنه، في أيٍ من أماسيه المتأخرة، فكرة اللا جدوى من ملاعبة نفسه، والاستئثار بطاولة النرد وبملعب السجال. ظل على قناعة بأن الدنيا والتاريخ ينعقدان له، وأن ليس للسقيفة ما بعدها، ولم يكن قبلها شيء!
لكن موضع الغرابة، في تعليقات "البيك سُكَّر" على نتيجة كل "دَق" يتبدى حين تسمعه ينقل حواراً كاملاً، بينه وبين منافسه المُفترض. فقد أظهر الرجل، براعةً في تقويل من لم يقل، وكان يكذب. وربما بسبب تكرار رواياته المُختلقة، على لسان الذي لا يلاعبه؛ صرخ أحدهم في وجهه: كفى يا "بيك سُكّر" إن ملعبك صغير، ولا يلاعبك فيه أحد، ثم إن الحجارة البيضاء، ليست هي القلب ولا الصنيع الأبيض، وطاولة النرد هذه، غير مستحبة في ديننا الحنيف، ألم يقل المصطفى عليه السلام، إن من يلعب النرد، كمن يغمس يده في دم خنزير!

ابو جهاد أو الأمس غداً
بقلم: هاني فحص – الحياة
ليس لديّ عن أبي جهاد أكثر من الانطباعات المعروفة، التي جعلته في نظري ونظر أمثالي، مثالاً للثائر الفلسطيني الصبور والحكيم والمبدئي الذي لا يهمل التفصيلات حتى لا تأكل المبدأ والقضية والثورة والحركة و«العاصفة». هذه الانطباعات وأمثالها كانت تتكون في فترة قياسية لدى كل من يقترب من أبي جهاد حتى ولو ليوم واحد. ومن هنا كثر الذين شهدوا له، لأن الشهادة له سهلة وميسرة، ومتطابقة، بحيث يندر أن يختلف عليه اثنان. وبأذنيّ سمعت المرحوم أبا صالح (نمر صالح) الموسوم بيسار فتح يتغزل بأبي جهاد الموسوم بيمين فتح... والنعتان غير دقيقيْن. ولأن الذين شهدوا له كانوا كثيرين... فقد انتشرت صورته وسمعته بين العرب. وكان أي منا إذا أراد أن يطمئن طرفاً آخر ذا حساسية إلى صدقية التفاهم والتعاون والاتفاق مع الثورة، يختار أبا جهاد طرفاً محاوراً. ولا يكذبك أبو جهاد فيقول ما عنده من دون غش ويلتزم. ويعتذر علناً إن قصُر أو قصّر.
لم يكن بميسوري الدخول في طريقة أداء أبي جهاد النضالي أو التنظيمي الحركي أو موقعه في عملية صنع القرار الفتحوي أو الفلسطيني، أما أداؤه السياسي العام فكان واضحاً، صافياً، ونسبياً. ومن هنا كان يلتبس باليسار مرة وباليمين مرة، فيقول العارفون: هذه هي فتح.
كثيراً ما أخذ أبو جهاد طريقه إلى قلوب المناضلين في بلاد أخرى، من الساندينيين في نيكاراغوا، إلى الفطاني في تايلاند، إلى الإيرانيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم. ولا أذكر أني رأيت أو سمعت عن هؤلاء وأمثالهم إلا من أبي جهاد. ولم أرهم إلا في أماكن عمله، من مكتبه إلى القواعد التي كان يصر على زيارتها وتفقد ما فيها، من التموين إلى التفويض السياسي إلى الأخلاق العامة، وكل ما كان يبغيه من ذلك هو مساعدتهم على التزام قيم الثورة، وكسبهم إلى جانب فلسطين... متساوياً في ذلك، أو مقارباً في الفعل والتأثير لرمزية أبي عمار وكوفيته وشعر محمود درويش ودماء دلال المغربي وباجس أبو عطوان..الخ. ولأن فلسطين أولويته المطلقة، فقد كان فلسطينياً براغماتياً مطلقاً... وكانت فلسطين تغفر لديه مساوئ أي حزب أو نظام، لأنها المطهِّر والمطهر.
من هنا جاء التباسه باليمين.. لم يكن يحمل أي مشروع لإسقاط أي نظام عربي، لكنه يتعامل مع المعارضة بنبل ومع النظام بشرف. أما إذا سقط أي نظام فإنه يسقط، في الأساس، من داخله، وهو يعلم أن ما من قوة خارجية مهما عظمت تستطيع أن تسقط أي نظام ما لم يكن قابلاً، من داخله.
كانت فتح عشيرة فلسطينية وأماً لعشائر فرعية داخلها، وكان أبو جهاد في مشيخة العشيرة الأم التي كانت تغلب أولادها في كل مؤتمر تلوح فيه غيوم الانشقاق، ثم يجتمع الجميع تحت جناحيها. مرة صعد أبو أياد المنبر في أحد المؤتمرات ليعلن، بوجهه وعقله وقلبه وصوته العميق، الإذعان للمزاج الثوري الهادر لأبي عمار متجاوزاً للمرة الألف المؤاخذات المحقة والباطلة قائلاً: إن عشيرتنا فتح وشيخها هو ياسر عرفات.
وتبادلوا القبل بعدما تبادلوا النكايات والمكايد والفخاخ المنصوبة لأبي عمار ورهطه في فتح. في هذه العشيرة كان هناك إخوة لشيخها... أو أعمام لأبنائها. منهم من يكتب ومنهم من يخطب ومنهم من يستقصي ويستخبر، ومنهم من يناور، ومنهم من يمارس الدبلوماسية السرية، ومنهم من يجمع بين هذه الأمور كلها... وكان أبو جهاد مثالاً للجميع، لأنه كان يجمع بين الجميع.
أبو جهاد في حدود ما عرفته كان العم المميز. يذهب أبناء الوالد، أو الختيار أبي عمار إليه يشكون ظلماً مقصوداً أو غير مقصود وهم يعرفون نكرانه لذاته ومعرفته لموقع أبي عمار في (سبحة فتح) كشاهد يجمع طرفي الخيط ويمنع الانفراط ولا يفكر في إضعافه أبدا. فيحل أبو جهاد المشاكل التي عقدها أبو عمار، وكان أبو عمار يرضى.. يعاتب أو يغضب لكنه يرضى في نهاية المطاف. ويستدعي من أنصفه أبو جهاد معاتباً أو مقرعاً، فيرد عليه بأنه لم يشك إلا لمن يحب أبا عمار ويحبه أبو عمار.
هذا الكلام العام يحتاج إلى تسييل.. لعلنا في استحضار سيرة هذا الرجل وأمثاله نقدم لأجيالنا قدوة تقول لها إن الالتزام والنضال والجهاد على طريق فلسطين يشرف الشرفاء ويفضح غيرهم.
يروى أن أبو جهاد تعرف الى محمد خيضر في القاهرة من خلال «أبو رؤوف» شقيق ياسر عرفات، وبعد استقلال الجزائر في سنة 1962 طلب محمد خيضر من «فتح» أن تبدأ العمل الدبلوماسي من الجزائر المستقلة، وعرض على الحركة افتتاح مكتب لها في الجزائر العاصمة. ووقعت القرعة على أبو جهاد للذهاب الى الجزائر لافتتاح المكتب وإدارته. وسافر بالفعل في سنة 1963، لكنه لم يتمكن من تسلم المكتب الموعود، فدأب على الذهاب يومياً، وطوال ستة أشهر بلا انقطاع، الى القصر الجمهوري للحصول على الإذن، وكان يبقى في مكاتب القصر الى حين انتهاء الدوام، حتى ظن البعض أنه موظف في الرئاسة. وأخيراً حاز الإذن من صديقه عثمان سعدي، واتخذ له اسماً حركياً في تلك البلاد هو «علال محمد».
أبو جهاد مثالنا الذي وراءنا، ولكنه حدد لنا موعداً بين اللد والرملة. ينام ليلاً في حمام الوزير ويتغدى الظهر في الخليل مع حمدي ويصلي المغرب والعشاء جمعا في مارون الراس مع معين ومروان وربحي.
ما زال أبو جهاد في الميدان، وعلى هذا المنوال، منذ أن بدأ العمل الجهادي في سنة 1955 حتى استشهاده في سنة 1988. كان طليعة الرصاص المقاوم حقاً، وأول الحجارة المنتصبة فعلاً.

يوم الأرض .. وحدة القضية!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
في الثلاثين من آذار عام 1976، حين وقعت المواجهة الدموية الكبرى في قرى سهل البطوف الثلاث، داخل ما يعرف بالخط الأخضر، أي داخل دولة إسرائيل، كان قد مضى على إنشاء إسرائيل ثمانية وعشرون عاماً وهو عمر النكبة الفلسطينية آنذاك، وكان قد مضى تسع سنوات على القفزة الصهيونية الثانية أي احتلال بقية الأرض الفلسطينية في عام 1967، أي احتلال القدس والضفة وقطاع غزة، وكانت الحركة الصهيونية ممثلة بإطاراتها المتعددة: دولة إسرائيل، الوكالة اليهودية، اللوبيات اليهودية في أميركا، التحالفات الصهيونية إقليمياً ودولياً، قد حققت نجاحاً خارقاً على مستوى انكار وجود الشعب الفلسطيني، وتجزئة هذا الشعب على مستوى الهوية وعلى مستوى الحقوق السياسية والتاريخية إلى أشلاء، فلسطينيو الداخل تخاطبهم بأنهم مسيحيون ومسلمون، عرب ودروز وبدو، وفلسطينيو الضفة إلى مقيمين في القدس ببطاقة هوية زرقاء، وفلسطينيي المناطق المدارة في بقية الضفة وقطاع غزة، لاجئون ونازحون وغيرهم، وتحت كل اسم كان هناك قانون، ولكل قطعة قرار دولي، وكان العالم يتعامل مع هذه المفردات بحسب النوايا والأهداف الصهيونية الإسرائيلية، بل إن المنطقة كلها رغم عدم الاعتراف بإسرائيل كما هو معلن سقطت في هذه اللعبة الجهنمية.
"يوم الأرض":
الذي نحتفي بذكراه الثامنة والثلاثين، هو جزء عضوي من القيامة الفلسطينية التي بدأت في مطلع عام 1965 بإنطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، يوم الأرض هو بكل المعايير المباشرة المحدودة وغير المباشرة الأكثر عمقاً، هو صدمة بصوت قوي للمشروع الصهيوني، لأن أهلنا في قرى سهل البطوف الثلاث، ومعهم كل الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ومن خلال صدمة الوعي هذه، أعادوا القضية الفلسطينية إلى عناصرها الأولى وأعادوا الشعب الفلسطيني إلى وحدته الأولى، بأنه شعب فلسطيني واحد مهما كانت بطاقات الهوية أو جوازات السفر التي يحملها، شعب واحد له حقوق سياسية كبرى من أبرزها الأرض التي هجر منها قصراً بقوة الحديد والنار، وأن هذه الأرض هي القاعدة الأولى لهويته الوطنية المبعثرة التي يجب أن تتوحد في وحول دولة فلسطينية مستقلة فوق الأرض الفلسطينية أولاً وقبل أي شيء أخر.
هذا هو مفترق الطرق بيننا وبين إسرائيل الآن، هذا هو سر الاشتباك الوجودي الذي يصل إلى ذروته الآن بيننا وبين إسرائيل، ذلك أن إسرائيل منذ اليوم الأول لإنشائها قبل ست وستين سنة ليس عندها برنامج رئيسي تدور حوله كل نشاطاتها سوى تفتيت وحدة القضية وتفتيت وحدة الأرض، وتفتيت وحدة الهوية.
ولو عدنا بالذاكرة إلى كل النشاطات السياسية والأمنية والعسكرية والاستيطانية والثقافية التي قامت بها الحركة الصهيونية قبل إنشاء إسرائيل وبعد إنشاء إسرائيل، لوجدناها جميعاً تنتظم في سياق هارموني واحد حول هذه الفكرة المركزية، وهي تفتيت وحدة القضية والأرض والهوية، فقد عملت الحركة الصهيونية منذ بدايات القرن الماضي على إخراج فلسطين من سياقها العربي، حين أخرجتها من سياق سايكس بيكو وأفرزتها لتكون إسرائيل، وعندما ضغطت القوى الدولية حول قرار التقسيم سواء حسب خارطة عام 1937 أو خارطة عام 1947 التي صدر بموجبها القرار 181 وجدنا الجهد الصهيوني ينصب كله على أن يجري التقسيم ولكن ليس مع الشعب الفلسطيني ودون أن تنتج عنه دولة فلسطينية، كما أن أخطر حلقات نفذتها إسرائيل مثل روابط القرى بالضفة أو الانقسام الفلسطيني في قطاع غزة، فإن هذه الحلقات جرت على نفس القاعدة، ولو دققنا في المشهد اليوم سواءً في بدعة نتنياهو المعروفة تحت عنوان الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، أو بدعة ليبرمان بتبادل السكان، أو مخطط دفع قطاع غزة إلى سيناء الذي تورط فيه الأخوان المسلمون في عهد الرئيس مرسي، فسوف نجد أن الهدف الإسرائيلي هو نفسه تفتيت وحدة القضية والأرض والهوية.
"يوم الأرض":
بشهدائه الأبطال، باحتشاده الفلسطيني العريق، وبتداعياته الكبرى، بذاكرته المتجددة، هو تأكيد استراتيجي كبير وخارق على وحدة القضية، وحدة الشعب، وحدة الهوية، ابتداء من أصغر مضرب لخيام البدو في النقب إلى أكبر مدينة فلسطينية داخل إسرائيل إلى مخيم اليرموك إلى أبعد منفى فلسطيني، فهناك خيط ناظم بهذه العناوين في عنوان واحد اسمه وحدة القضية الفلسطينية، وهذا هو جوهر ثقافتنا السياسية الفلسطينية التي نعبر عنها أحياناً بصرامات دوغماتية أو بمرونة براجماتية ولكن دون أن نخدش المقدس الذي اسمه وحدة القضية الفلسطينية.
يا يوم الأرض، سلاماً ومجداً وتحية، فإن أبطالك في قرى سهل البطوف الثلاث الذين جادوا بأرواحهم ودمائهم، أرادو لك أن تكون نوراً في الذاكرة، وعتبة مقدسة من عتبات الصعود إلى الهدف، ويوماً من أيام فلسطين، فكان لهم ما أرادو، فالتحية لذكراهم على مر الأيام والسنين.

دلالة زيارة اوباما للسعودية
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
شهدت العلاقات الاميركية السعودية في الاعوام الاخيرة بعض الفتور، الناجم عن الكيفية، التي عالجت بها إدارة اوباما الملفات الاقليمية وخاصة الملفين الايراني والسوري، وفي السياق سجلت المملكة السعودية تحفظا معلنا على تقاعس الولايات المتحدة في ادارة ملف التسوية السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي. كما ان القيادة السعودية، سجلت استياء بالغا من إضعاف دورها في المنطقة من خلال إبراز الدور القطري على حسابها، ليس هذا فقط، بل ان اميركا بدعمها لمشيخة قطر، وتحالفها مع جماعة الاخوان المسلمين، واطلاق يدها لتعيث فسادا وتخريبا في اراضي الدولة السعودية ودول الخليج العربي وعموم الدول العربية، وفي نفس الوقت غض النظر عن الحوثيين وحليفتهم إيران أو ضمنا التوافق غير المعلن معهم، لتحقيق هدف تفتيت دول المنطقة تمشيا مع مخطط مشروع الشرق الاوسط الجديد.
وكلا الطرفين سجلا عبر المنابر الاعلامية وفي داخل الغرف المغلقة، كل منهما على الاخر، تحفظات على آليات العمل المتبعة. حتى ان وفود الادارة الاميركية السياسية والامنية، امتنعت عن اللقاء مع عدد من اركان النظام السعودي، لتقدير خاص منهم، ان اولئك أساءوا للعلاقات المشتركة من خلال المنهجية والممارسة، التي اتبعوها في سوريا وغير مكان من عالم العرب.
غير ان الولايات المتحدة، بعد فشل سيناريوهاتها في اعقاب ثورة ال30 من يونيو المصرية، إرتأت إعادة تجسير العلاقة مع خادم الحرمين وباقي اركان القيادة السعودية، لا سيما وان السعودية تحتل مكانة استراتيجية في الرؤية الاميركية، مما فرض ترتيب زيارة رئيس الادارة اوباما لها لتحقيق اكثر من هدف، منها: اولا: ترطيب الاجواء السعودية الاميركية؛ ثانيا: اعادة الاعتبار لمكانتها كحليف قوي ومركزي في المنظومة العربية؛ ثالثا: وفي السياق، إضعاف الدور القطري؛ رابعا: طمأنة السعودية، ان قيادتها في المنطقة لن تتأثر لاحقا، خامسا: محاولة إيجاد لغة مشتركة بين الطرفين في الملفات المختلفة؛ والعمل على تقليص نقاط الخلاف إلى الحد الاقصى؛ سادسا: ويميل اوباما ووفده إلى دس الاسافين بين السعودية والدول العربية الاخرى وخاصة مصر بهدف تخريب التحالف القائم بين البلدين. سابعا: سيحاول اوباما إستثمار الزيارة بهدف إستمالة خادم الحرمين الشريفين للضغط على الرئيس ابو مازن للقبول برؤية اميركا للاطار الهلامي والفضفاض، وتمديد المفاوضات دون سقف زمني وبلا اي ثمن، والصمت عن عدم افراج إسرائيل عن المعتقلين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر.
الزيارة الرئاسية الاميركية للسعودية، تحتل أهمية خاصة في اللحظة السياسية الراهنة لكلا الطرفين، لاسيما وان السعودية أخذت تلوح بفتح ابواب العلاقات على وسعها مع روسيا والصين، وكأن لسان حالها يقول: ان السعودية قادرة على استخدام الكثير من الاوراق السياسية والاقتصادية. ولعل رفضها عضوية مجلس الامن، كان مؤشراً ملفتاً على ما يمكن ان تذهب إليه القيادة السعودية. كما ان القيادة السعودية تعلم ان اميركا تراجعت مكانتها، ومن حق السعودية تدوير الزوايا في علاقاتها مع الغرب وخاصة اميركا. لذا يشعر الرئيس الاميركي بضرورة ضبط إيقاع السياسة السعودية، ولجم اية نزعات غير إيجابية، لاسيما وانها مع باقي دول الخليج والعالم العربية تمثل مصلحة حيوية للولايات المتحدة الاميركية.
من المبكر الاستنتاج عما ستتمخض عنه الزيارة من نتائج. لكنها فرصة لتبادل الرأي بين القيادتين. وكل فريق سيعمل على تحقيق ما يسعى ويطمح له. وكلاهما يعتقد ان من الصعب ان يستغني عن الآخر؛ وكأن العلاقة بمثابة زواج كاثوليكي، مع الفارق بينهما في التأثر والتأثير بالآخر.