Haneen
2014-12-18, 12:04 PM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (323)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاثنين
21/4/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
المجلس المركزي الفلسطيني وتحديات المرحلة الراهنة
بقلم: بلال الشخشير – القدس
هكذا عاش اليهود بيهوديتهم في بلاد العرب..!!
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
قضية الأسرى... «باروميتر» القضية
بقلم: وليد الهودلي – القدس
من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
مرة أخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
بقلم: د. خالد الحروب – الايام
المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
المجلس المركزي أمام ملفات استراتيجية وساخنة !!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
تغريدة الصباح - لا بدّ من أن ترحلوا
بقلم: محمد علي طه – الحياة
قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
العائلة المالكة ترتب بيتها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
الحوار الإيراني الغربي انتظارات عربية
بقلم: هاني فحص – الحياة
وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
الاجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات الاسرائيلية أمس الأول ومنعت بموجبها آلاف المواطنين المسيحيين من الوصول الى كنيسة القيامة للاحتفال بسبت النور ومنعها روبرت سيري المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام والوفد المرافق له من الوصول أيضا الى الكنيسة وكذا إقدامها على إغلاق أبواب المسجد الأقصى لمنع وصول المصلين للمسجد في الوقت الذي كان يتأهب فيه متطرفوها لاقتحام المسجد الأقصى وكل ذلك وسط تحويل المدينة المقدسة الى ما يشبه الثكنة العسكرية بانتشار قواتها المكثف في محيط الأماكن المقدسة وفي مختلف شوارع المدينة وكذا في محيط المدينة ، إنما يشكل وصمة عار في جبين اسرائيل التي لطالما ادعت زورا أنها تحترم حرية الأديان وتضمن وصول المصلين والمؤمنين الى أماكنهم المقدسة في محاولة لتبرير استمرار سيطرتها على القدس العربية المحتلة.
بهذه الممارسات وما سبقها على مدى أعوام طويلة من اعتداءات المتطرفين اليهود على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية ومن منع اسرائيل المسلمين والمسيحيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول الى أماكنهم المقدسة ، ترتكب اسرائيل انتهاكا فظا للقانون الدولي وخاصة اتفاقيات جنيف وكافة القوانين الدولية التي تفرض على قوة الاحتلال عدم القيام بمثل هذه الممارسات.
وهي بذلك أيضا تحاول جاهدة الاستمرار في تنفيذ مخططاتها لتهويد المدينة المقدسة بشتى الطرق بما في ذلك تكثيف الاستيطان والتضييق على أهلها الأصليين لدفعهم الى مغادرة القدس وهو ما ينتهك ايضا القانون الدولي الذي يحظر على دولة الاحتلال القيام بمثل هذه التغييرات او ممارسة سياسة تطهير عرقي او نقل مدنيين من أماكن سكناهم او التعرض لممتلكاتهم وأموالهم.
ان ما يجب ان يقال هنا ان اسرائيل كشفت بذلك وأكثر من أي وقت مضى زيف ادعاءاتها بشأن الحرية الدينية وأكدت أنها لا تحترم القانون الدولي ولا مشاعر المسيحيين والمسلمين وأنها لا تنتمي الى قيم ومبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان التي طالما تفاخرت بأن تلك القيم هي التي تجمع بينها وبين العالم الغربي المسيحي الذي تنتهك اليوم حرمة مقدساته وتمنع وصول المسيحيين الى احد أهم أماكنهم المقدسة في القدس.
وبذلك ، فقد حان الوقت كي يتحرك العالم أجمع الإسلامي والمسيحي لوقف هذه الغطرسة الاسرائيلية وإفهام اسرائيل انها لا تستطيع الاستمرار بالتستر خلف مزاعمها وأكاذيبها بشأن الحرية الدينية من جهة وان ما تقوم به من انتهاكات يجب ألا يمر مرور الكرام بل يجب محاسبتها ومعاقبتها على كل ما ترتكبه.
وإذا صحت الأنباء القائلة ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري سيصل المنطقة في مسعى أخير لمنع الانهيار التام للمفاوضات قبل انتهاء مهلة التسعة شهور في التاسع والعشرين من الشهر الجاري فإن من الأجدر به ان يضع النقاط على الحروف أمام هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وأن ينقل لها رسالة واضحة بأن العالم بأسره سئم انتهاكاتها وممارساتها وأن الوقت قد حان لإنهاء احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العربية.
لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
كلما شعر أحد طرفي الإنقسام بتأزم أوضاعه أو دخل في مرحلة حرجة،يجري ويهرب للعب على وتر المصالحة وإستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام، وتبدأ اللقاءات والإجتماعات المارثونية بين طرفي الإنقسام، يؤكدان ويشددان على إنهاء الإنقسام، ويعقدان المؤتمرات الصحفية ويصدران البيانات النابذة للإنقسام، وما يتركه من تداعيات وآثار مدمرة على قضيتنا ومشروعنا الوطني، وكأن الإنقسام ليس من فعلهما، بل بفعل مخلوقات فضائية. وما ان تتحسن ظروف احد طرفي الإنقسام، او يشعر بأن ظروفه واوضاعه مريحة، حتى يباشر في حملة قدح وذم وتشهير وتخوين للآخر للتهرب من إستحقاقات المصالحة.
المصالحة ليست قضية تحظى بأولويات طرفي الإنقسام، فهي ورقة يستخدمها هذا الطرف او ذاك، فحماس عندما كان محمد مرسي يحكم في مصر، شعرت بأن مشروعها يتقدم ويحقق نجاحات،وبالتالي لم تستعجل المصالحة، وارادت أن تفرض شروطها وبرنامجها على المصالحة، ولكن بعد سقوط مرسي وما قام به النظام المصري الجديد من إجراءات بحق «الإخوان المسلمين» و«حماس»، وجدنا حماس تخفف من سقف مطالبها وتسعى للمصالحة بأثمان اقل بكثير مما كانت تطرحه، وهذا ليس مرتبطا بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بل إرتباطاً بأوضاعها الداخلية، وكذلك السلطة في رام الله التي تفاوض اسرائيل برعاية امريكية غير مستعجلة المصالحة،حتى لا تتهم بتخريب المفاوضات،ولكن عندما دخلت المفاوضات في أزمة، ولم تحقق أي نتيجة تشكل إنجازاً له، أخرجت ورقة المصالحة كقضية ضغط وتكتيك ليس اكثر، وكلتا السلطتين نمت لهما مصالح وامتيازات والمصالحة هي مجرد ورقة ابتزاز سياسي وتكتيك لهما، وللظهور أمام الجماهير بأنهما ليستا العائق أمام إتمام المصالحة، ولذلك وجب ان يكون هناك تحرك جماهيري واسع ضد هاتين السلطتين،وأشدد على جماهيري وشعبي،لأن القوى الاخرى الرافضة للإنقسام ،لم تنجح في ان تشكل ضاغطاً حقيقياً على تلك السلطتين من اجل انهاء الإنقسام، ولذلك فإن الوفد المشكل من سلطة رام الله او التنفيذية او المركزية فالأمر سيان، والذهاب الى قطاع غزة تحت يافطة المصالحة لن يحقق اي اختراق جدي، فالمفاوضات بعد الفصح اليهودي قد تمدد وهناك خشية في ان يتراجع ملف المصالحة خطوات الى الوراء،وسيستمر الطرفان في إدارة الإنقسام والعمل على شرعنته وتعميقه،وهذا مرضي وحيوي للطرفين.
إنهاء الانقسام بحاجة الى إرادة سياسية،إرادة تغلب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة،وبحاجة الى قيادات جريئة تتحرر من التدخلات الخارجية والأجندات غير الفلسطينية، قيادة قادرة على القول لا مصلحة فوق مصلحة الشعب الفلسطيني بدون ان يتم حسم النهج والخيارات، وبدون ان يجري عليها توافق وطني وفصائلي ومجتمعي وجماهيري، سنبقى كمن يخض الماء من اجل الحصول على زبد، ولن نحصل ابدا على الزبد، فالمفاوضات تثبت في ارض الواقع وبالملموس،بأنها خيار عقيم وبائس لن يقودنا الى تحقيق ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لشعبنا في دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، بل ان هذا النهج يجري ويتواصل، وبما يسمح للمحتل ان يواصل مشاريعه ومخططاته في تهويد الأرض واسرلة السكان، وممارسة كل أشكال التطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني،فلا إستيطان توقف لا في القدس ولا في باقي الضفة، ولا حتى الإقتحامات والإعتقالات والإغتيالات في المناطق التي يقال بأنها تخضع لسيطرة السلطة كاملة،مناطق(أ)،وبالتالي فرض الإحتلال للوقائع والحقائق على الأرض متواصل وكان هناك موافقة ضمنية من الجانب الفلسطيني على ذلك.
وبالمقابل فان من يتمسكون بخيار المقاومة،هم أيضاً لم يحققوا إنجازاً حقيقياً في هذا الجانب،على الرغم من اهمية التمسك والتشبث بهذا الخيار،حتى لو كانت الممارسة موسمية،ونحن صرنا نتلمس بأن هناك من هو مستعد لقمع المقاومة وضربها في سبيل الحفاظ على مصالحه وسلطته،تحت يافطة وذريعة الحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني.
نحن امام كارثة حقيقية لا نتعامل مع قضايانا المصيرية بجدية عالية،فالمرحلة التي يمر بها شعبنا حالياً،اخطر من أي مرحلة سابقة، والمطلوب ليس رأس الزعيم الفلاني او العلاني،وليس مطلوباً المقامرة بحقوق الشعب الفلسطيني، واستخدام ورقة المصالحة للاستهلاك الاعلامي والمناكفة.
اسرائيل تستهدف المشروع الوطني، والمطلوب اسرائيليا شطب حق العودة نهائياً،وتصفية القضية الفلسطينية ولذلك بات من الملح والضروري ان تكون فصائلنا على مستوى الحدث والمؤامرة ولذلك الدعوة الى عقد المجلس المركزي ودعوة «حماس» والجهاد لحضوره،يعني بان هذه جهة مقررة للشعب الفلسطيني،يجب أن تحترم قراراتها وما يجري الإتفاق عليه،يجب ان يكون ملزماً للجميع، فنهج قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما اشاء قادنا الى الدمار،ومن يخرج عن تلك القرارات أي كان فلا شرعية له،ويجب ان يستوعب جيداً بانه لا يقرر بالنيابة عن الشعب الفلسطيني،أو يغتصب شرعية تمثيله،فهذا يدخلنا في اتون الحروب الداخلية والإقتتال.
الهجوم الإسرائيلي – الأمريكي على شعبنا،يتسلح ويستقوي بحالة الضعف والإنقسام الفلسطيني،وكذلك حالة الإنهيار العربي غير المسبوقة،حيث ان عدداً من الأقطار العربية،أخذت علاقاتها وتنسيقاتها وإتفاقياتها مع دولة الإحتلال تخرج الى العلن،وهي تشارك معه ومع امريكا بالضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته،وتبتزها من اجل الموافقة على مشاريع تصفية القضية،وفي المقدمة منها الإعتراف بيهودية اسرائيل ،وانا هنا أقول بان اي اتفاق مع دولة الإحتلال توافق فيه السلطة الفلسطينية على إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن أسرى الداخل،سيكون مقدمة وترجمة عملية لشعار يهودية اسرائيل وتبادل الأراضي.
المصالحة وإنهاء الإنقسام،يجب ان يكونا مستندين الى برنامج سياسي واستراتيجية موحدة تتوافق وتلتف حولها كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي والشعبي الفلسطيني،وهي قضايا جوهرية واستراتيجية،وليست قضايا ذات طابع تكتيكي وإستخدامي لخدمة هذا الطرف او ذاك،فخطر الإنقسام يوازي خطر اوسلو،إن لم يكن اكثر،فكلاهما يقسم ويفصل الشعب الفلسطيني،ويشرع الإنقسام والإنفصال.
المجلس المركزي الفلسطيني وتحديات المرحلة الراهنة
بقلم: بلال الشخشير – القدس
ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني بناء على قرار رئيس المجلس واللجنة التنفيذية بتاريخ 26 -27 من الشهر الحالي وهو الهيئة الوسيطة بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية. وعدد الاعضاء الحاليين للمجلس الوطني يفوق 700 عضو.
وكان المجلس المركزي قد انشىء عام 1973 وكان يضم 32 عضوا و6 مراقبين وحاليا يضم 118 عضوا وما يزيد عن مائة مراقب يمثلون جميع الفصائل والاتحادات الشعبية والعسكريين والمهجر ورؤساء اللجان في المجلس التشريعي منهم ثمانية من حركة حماس رئيس وأمين سر التشريعي ورؤساء اللجان. الا ان حركة حماس لم تشارك في أي من اجتماعات المجلس المركزي رغم ان رئيس المجلس الوطني كان يوجه لهم الدعوات.وللمركزي صلاحيات اتخاذ القرارات في ظل عدم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني وآخر مرة عقد في تموز 2011في مقر المقاطعة في رام الله.
تعقد هذه الدورة في ظل تطورات سياسية في غاية الأهمية تتمثل بفشل المفاوضات وانسداد الافق السياسي وتصعيد الاعتداءات الاسرائيلية من تواصل لعمليات تهويد القدس والاستيطان واعتقالات، وحجزالاموال الفلسطينية ومراوحة المصالحة في مكانها وفي ظل تآكل الشرعيات الفلسطينية. فالمجلس الوطني لم ينعقد منذ نيسان عام 1996 والمجلس المركزي لم يعقد منذ آذار 2011رغم وجود قرار بعقده كل ثلاثة شهور واللجنة التنفيذية مضى عليها 18عاما فهناك البعض يحضرون الاجتماعات وهم ليسوا اعضاء .وهناك فصائل عدد اعضائها لا يتجاوز عدد اصابع اليد وهذا مغاير لكل قوانين الثورات وتطور الشعوب.
لا يمكن إدارة الامور ونحن حاليا دولة بنفس الأنظمة والادوات والشخوص.
والمجلس التشريعي معطل منذ احداث غزة وايضا في ظل تبني القيادة التوجه والانضمام الى المنظمات والاتفاقات الدولية .
تأتي هذه الدورة في ظرف يشهد فيه الاقليم العربي حالة من الانهيار والتغيرات وعدم الاستقرار، فسوريا غارقة بالدماء والحرب الأهلية والعراق تسوده الفوضى ولبنان يعاني من عدم استقرار الحكم ومصر تعاني من الاستنزاف وما يشهده اليمن والسودان وتونس وليبيا من صراعات داخلية ومجاعة في الصومال.
اهم المحاور والتي على المجلس المركزي حسمها:
اولا: العودة والقبول بتمديد المفاوضات مقابل إطلاق مجموعة من الاسرى ووقف الاستيطان .
ثانيا: تفعيل وتجديد مؤسسات منظمة التحرير وهذا يتطلب اتخاذ قرار بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني خلال ثلاثة اشهر وعدم رهن مستقبل مؤسسات الشعب الفلسطيني لمواقف التسويف الذي يختبىء خلفها البعض لاعتبارات شخصية والتذرع بأن عقد اجتماع للمجلس الوطني تكريس للانقسام وإقرار بالانفصال ..
ثالثا: تصعيد المعركة الدبلوماسية والمقاومة الشعبية في ظل الظروف العربية والفلسطينية الداخلية وما سيترتب عن ذلك من استحقاقات سياسية وحياتية على مستقبل القضية الوطنية والشعب.
ان المجلس المركزي مطالب بتحويل هذه الدورة لدورة تقييم واقعية وأن يقدم فيها تقارير سياسية وتنظيمية ومحاسبة اللجنة التنفيذية واللجان التابعة لها وتقرير عن اداء الحكومة والوضع المالي للمنظمة والتوصل لقرارات قابلة للتنقيذ وتجديد مؤسسات المنظمة وإخراجها من «الإنعاش» ورسم سياسات عملية في التصدي للاحتلال بعيدة عن لغة الخطاب والشعارات ..
هكذا عاش اليهود بيهوديتهم في بلاد العرب..!!
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
هذه محاولة لقراءة التاريخ الفلسطيني بمفاهيم العصر بعيدا عن ترهات بنيامين بن بنزايون نتانياهو حاكم اسرائيل الحالي، الذي يتجاهل ان يشوع بن نون قد غزا ارض كنعان.
تعارف الفلسطينيون في القرن العشرين على ان وطنهم فلسطين يمتد من جنوب لبنان شمالا الى شمال سيناء وجنوبا، ومن نهر الاردن شرقا الى البحر الابيض المتوسط غربا، وهذا هو الوطن الذي ورثوه، وارتضوه لأنفسهم فأقاموا فيه، ودفعوا عنه الغزاة، وتطلعوا لاقامة دولة فيه، متعددة الاعراق، ومختلفة الاديان، دون تمييز مواطن عن مواطن.
وللفلسطينيين العرب سجل مشرف في معاملة الاقلية من اليهود، الذين عانوا على ايدي الرومان والصليبيين الغزاة ما عانوه.
ففي الاعوام السبعين التي تلت تدمير الهيكل بعد سنة (70م) قضى الرومان على 600 الف يهودي، واستعبدوا 300 الف منهم. ولم يبق من اليهود سوى بضعة آلاف تفرقوا في الجليل، ومنعهم الرومان من دخول القدس.
اخذت اعداد اليهود تتزايد في فلسطين بعد ان فتحها العرب في القرن السابع الميلادي.
كان الصليبيون ينظرون الى اليهود على انهم قتلة المسيح. وانهم يضعون السم في آبار الشرب، ومع وصول الصليبيين الى فلسطين، بدأت المذابح للقضاء على اليهود، فلم يبق منهم سوى خمسة آلاف نسمة في العام 1169م.
ولكن بعد ثمانية عشر عاما، ألحق صلاح الدين الايوبي هزيمة كاسحة بالصليبيين في «حطين» عام 1187. وفي ظل النظام السياسي الاسلامي المتسامح اخذت افواج الحجاج اليهود تتدفق على فلسطين من وراء البحار. وقد جاء معظمهم من اسبانيا حيث كانت تلاحقهم محاكم التفتيش، وطبق عليهم قانون الترحيل «1492»، فرحل ثمانية آلاف من اليهود السفارديم الى فلسطين. وعندما استولى الاتراك على المنطقة العربية «1517» تسامحوا مع اليهود في فلسطين.
في بداية القرن التاسع عشر، لم يتجاوز عدد سكان فلسطين نصف مليون نسمة كان بينهم خمسة آلاف من اليهود، اي ما نسبته 1٪ من عدد السكان.
كان المجتمع الفلسطيني في غالبيته مجتمعاً زراعياً، ترهقه في ظل الحكم العثماني عوامل تعوق نموه، كالتعسف في جباية الضرائب التي لا تتناسب مع ضعف الانتاج الزراعي، والتجنيد الاجباري في الجيش التركي، واعمال السخرة، بالاضافة الى عوامل طبيعية كالجفاف وقلة المطر، وغزو الجراد، والاحوال الصحية المتردية كسوء التغذية، وانتشار الامراض والاوبئة.
منيت تركيا بهزيمة منكرة في الحرب الروسية-العثمانية «1768-1774»، كادت على اثرها ان تتفكك اقاليم الامبراطورية العثمانية في اقاليم اوروبا الشرقية. فهبت دول اوروبا الغربية لمساندة الامبراطورية العثمانية لانها كانت تتطلع هي الى وراثة اقاليمها كما «حدث بعد الحرب العالمية الاولى».
مع اعتماد الامبراطورية العثمانية على مساندة دول اوروبا الغربية ازداد نفوذ هذه الدول عليها، فحصلت عام 1840 على «الامتيازات الاجنبية»، التي تضع رعايا هذه الدول تحت الحصانة القانونية والمالية التي يوفرها لهم قناصل بلادهم. وقد استطاعت بريطانيا عام 1846 ان تحصل لليهود في فلسطين «15 ألف نسمة» على هذه الحصانة تحت رعاية القنصل البريطاني في القدس.
كان هدف بريطانيا من الحرب العالمية الاولى (1914-1918) هو تأمين الطرق المائية بينها وبين مستعمراتها، واضافة مستعمرات جديدة، حيث النفط والمواد الخام، الى الامبراطورية البريطانية. اما المانيا فكان لديها صناعة قوية وانتاج وفير للاسلحة، مما ولد لديها قناعة بأن الحرب لن تستمر لاكثر من بضعة شهور.
وكان بين تركيا والمانيا علاقات قوية، حيث كانت تقيم في تركيا بعثة المانية عسكرية منذ عام 1830.
مع انه كان لتركيا علاقة قوية ببريطانيا، حيث كانت تركيا تعتمد على احواض السفن البريطانية في بناء سفنها الحربية، وتصادف ان اوصت تركيا قبيل الحرب العالمية الاولى على بناء سفينتين حربيتين في الاحواض البريطانية ودفعت ثمنها مقدما، وكان هذا الثمن عبارة عن تبرعات من الشعب التركي، لأن حكومته كانت فقيرة.
وفي عمل عدواني واستفزازي صادر ونستون تشرتشل السفينتين وغير اسميهما، واضافتهما الى الاسطول البريطاني، مما اثار نقمة الشعب التركي وسخطه على بريطانيا، وما كان من تركيا الا ان عقدت اتفاقية سرية مع المانيا في اليوم نفسه، وكان البلدان قد اتفقا على مشروع خط سكة حديد برلين - بغداد.
كان ونستون تشرتشل، وزير البحرية البريطاني، مسؤولا عن ارسال الحملة العسكرية الى الدردنيل (شبه جزيرة غاليبول) حينما نشبت الحرب بين تركيا والحلفاء (بريطانيا وروسيا وفرنسا) ولكن هذه الحملة انتهت الى فشل ذريع وخسائر فادحة للحلفاء في الاسطول وقوات الانزال، التي انسحبت في 1916/1/9، واثر الهزيمة استقال تشرتشل من وزارة البحرية.
ادى انشغال تركيا بالحرب العالمية الاولى الى اتاحة الفرصة للعرب للثورة ضد الحكم التركي الطوراني، كما ان هذه الحرب ابرزت اهمية فلسطين الاستراتيجية لتأمين قناة السويس، التي ترتبط بها كل العمليات الحيوية المتعلقة بسلامة الامبراطورية البريطانية، كالتجارة، وحركة الجيوش ونقل العتاد العسكري، والاتصال والتواصل بين اقاليمها.
وقد ازدادت اهمية فلسطين بالنسبة لمصير قناة السويس بعد فشل بريطانيا في حملة الدردنيل على شبه جزيرة غاليبول 1916/6/9 للسيطرة على مضيق الدردنيل والوصول بحرا الى استنبول عاصمة الامبراطورية العثمانية.
واشتدت مخاوف بريطانيا من ان تتعرض قناة السويس للغزو مجددا من قبل تركيا التي قد غزتها مرتين، الاولى في كانون الثاني 1915، والثانية في آب 1916. ورغم ان بريطانيا قد صدّت الغزوتين الا انهما اثارتا اهتماما باحتمال غزو قناة السويس من فلسطين، وهذا ما رفع من رصيد فلسطين في الحسابات الاستراتيجية البريطانية.
وقد جاء من ضمن هذه الحسابات ضم الجهود العسكرية لكل من العرب والبريطانيين ضد الاتراك. وكان هذا هو الدافع وراء اتفاقية الشريف حسين وهنري مكماهون في 1915/10/24، والتي جاء فيها ان بريطانيا : "على استعداد للاعتراف باستقلال العرب ضمن الحدود التي عينها الشريف حسين.." مقابل انضمام العرب الى الجهد العسكري للحلفاء ضد تركيا، مع شرط بريطاني يؤكد ان تقوم الحكومة العربية الجديدة بطلب "النصح والارشاد من بريطانيا فقط.."
انطلقت الثورة العربية بقيادة الامير فيصل بن الحسين في حزيران 1916، وانضم اليه فيما بعد ضباط بريطانيون كان ابرزهم توماس ادوارد لورنس، الذي اشتهر في العالم باسم «لورنس العرب».
لا نريد ان نكبح انفسنا عن الغوص قليلا في ترهات بنيامين بن بنزايون نتانياهو، حيث يقول هو بأن العلاقة بين العرب واليهود هي صراع ابدي بين النور اليهودي والظلام العربي، مع ان العرب هم الامة الوحيدة التي انقذت اليهود من الهلاك، وأحسنت معاملتهم ما وسعها ذلك. ويدعي نتانياهو بأن العرب اغتصبوا فلسطين من اليهود، دون ان يحدد الزمان والمكان الذي هبط فيه الفلسطينيون بالمظلات على ارض فلسطين.
إن ابتداع اسرائيل كدولة من قبل القوى العالمية كان صفقة رابحة لهذه القوى، وخاسرة بالنسبة لليهود من معتنقي الفكرة الصهيونية القائمة على العداء والكراهية للعرب وإن هذه المواجهة للعرب التي اختارتها الحركة الصهيونية وضعتها على طريق يوصل الى اللامكان إلا إذا كان هذا المكان ميدان المعركة الفاصلة بين الخير والشر عند نهاية العالم.
إن الحركة الصهيونية فشلت في حل ما يسمى بالمسألة اليهودية بإقامة اسرائيل المعاصرة ،لأن اسرائيل هذه اختارت العزلة الثقافية عن العرب، ولهذا ستبقى اسرائيل اقلية بجوار العرب وحلفائهم مهما تكاثرت قنابلها النووية!!
قضية الأسرى... «باروميتر» القضية
بقلم: وليد الهودلي – القدس
هذا العنوان هو عنوان القضية .. فلو قلنا أن القدس باروميتر القضية لجاز ذلك ولو قلنا أن تحرير الارض هو الباروميتر لجاز ذلك ولكن القدس والاقصى وتحرير الارض الفلسطينية هي التي دفعت هذا الانسان القابع خلف القضبان ليدفع أغلى ما يملك. لذلك فهو باروميتر القضية ، بمعنى انه اذا حظي بالاهتمام وكانت قضيته هما عاما للناس ، وبذلنا كل ما نملك من الغالي والنفيس لتحريره وخلاصه من الاسر كنا في خير ، أما اذا همشنا قضيته وضعف بأسرانا الاهتمام وانحصر التضامن والمؤازرة على أهله وذويه وبعض الناشطين كما هو الحال الآن فأمرنا في خطر ..
اذا كان اسرانا في خطر فحياتنا كلها في خطر .. اذا كان اسرانا في مهانة فحياتنا كلها ذليلة ومهينة .. اذا تردت احوال اسرانا فنحن في الدرك الاسفل من البشر .. الأسير ليس فردا يسكن الزنازين وحسب! بل أسرة يقتات القلق والعذاب والفقد والألم من قلوبها! الأسرى الحقيقيون أضعاف الأعداد التي توفرها الاحصائيات .. الأسرى عنوان ودليل قاطع على أن حريتنا كشعب مسلوبة طالما ان سجونهم مفتوحة وتطال الاحرار فينا ..
علينا أن نعيد للوجدان بعض التعريفات: ما الذي يعنيه الاسرى في حياتنا؟ ما الذي يريده الاسرى منا في يومهم السنوي ؟ ما هي رسالتهم لنا؟
ثلاث رسائل بلسان حال الاسرى الاحرار في سجونهم سيحاول صياغتها سجين سابق يقبع الآن في حرية مزعومة ويحمل اسم اسير محرر:
الرسالة الاولى لكل فلسطيني حر : اعلموا أن يوم الأسير هو يوم نؤكد فيه على شعبنا وقياداتنا التمسك بالثوابت الوطنية .. لماذا ؟ لأننا دفعنا نحن الأسرى أعمارنا عن طيب خاطر من أجل حرية حقيقية لا حرية مزيفة! نرفض أن تكون الثوابت الوطنية قرابين لإطلاق سراحنا ، نرفض بشدة أن يجري المساومة علينا فلسنا سلعة تباع وتشترى ، إنما نحن قضية تحرر وحريتنا جزء لا يتجزأ من حرية هذا الوطن ..
أما الرسالة الثانية : فجهادنا ونضالنا داخل السجون هو جزء من جهادكم ونضالكم والعكس صحيح : نستمد قوة من قوتكم ونضعف اذا ضعفتم ، والرسالة هي الا تتركونا نقارع السجان بأمعائنا الخاوية وأيدينا المجردة من كل أدوات الصراع وأنتم تنتظرون الفرج وقد يكتفي بعضكم بالدعاء والتنفيس عن مشاعره الغاضبة، رغم علمه اليقين بأن السماء لا تمطر ذهبا وان الدعاء يجب ان يكون مقرونا بالعمل ، لا تتركونا نقارع السجان وحدنا مع بعض المسيرات التي تمشي على استحياء ...
هناك فعاليات يمر عليها كثير من الناس وكأن الامر لا يعنيهم - هكذا ينقل الينا اهلنا الخبر وكم نراهم متألمين ؟؟ هل تدركون حجم الامل الذي ينبعث في نفوسنا ونفوس اهلنا عندما نرى المؤازرة كبيرة من شعبنا .. وكم هي الغصة في صدورنا عندما لا يرون الا نفرا قليلا .. نحن واياكم على جبهة واحدة فلا تتركونا نحن جميعا قضية واحدة وقضيتنا في نفوسكم باروميتر لفلسطين .. اذا ارتفعنا عندكم ارتفعت الحرية في نفوسكم وسرنا معا نحو فجر صادق قريب ..
رسالتنا الثالثة : الوحدة ليست شعار كما اصبحت هذه الايام وهي ليست كلاما منمقا يجيده السياسيون والمتكلمون وكفى الله المؤمنين القتال .. اننا لا يسعفنا في سجننا الا وحدتنا ، وأنتم لكم سجن صنعتموه بأيديكم اسمه سجن الانقسام .. أنتم تحرسونه وتحكمون أقفاله..اننا واثقون بأنكم لن تكونوا قادرين على تحريرنا الا بتحرركم من سجن الانقسام .. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ..
نريد خطوات عملية على أرض الواقع ، بتنا نمقت كل من يسهم في كلمة او تصريح يعمق فيه الانقسام .. نحن نخاطب عبر هذه الرسائل شعبنا بأنكم "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" : لا تسكتوا عن اكبر المنكرات : منكر الانقسام .. حولوا مسيراتكم ووقفاتكم معنا ضد كل من يجر شعبنا للانقسام .. لان في ذلك تكريس لبقائنا داخل السجون .. هناك سجنان سجن نحن فيه يسجننا المحتل وسجن ثان نسجن شعبنا فيه بأيدينا هو سجن الانقسام ..
ثمة بعد هذه الرسائل ما يؤكد أن قضية الاسرى هي باروميتر القضية .. يجب ان تصبح هما عاما ، بعض الناس يستهين بالحراك الداعم للاسرى ، الا نرى أن من شأن هذا أن يصنع مناخا وبيئة خصبة لجعل تكلفة الاحتلال عالية بسبب ابقاء اعداد كثيرة في السجون ولفترات طويلة .. خصومنا يحسبون لذلك الف حساب لذلك تراهم يراقبون الشارع الفلسطيني ويتحسبون كثيرا كلما علا الموج ..
ثم إن علينا ايضا حتى نكون عمليين واجبا تعبويا تثقيفيا تربويا لحماية شبابنا من الاعتقال : ما زال الاحتلال موجودا وما زال الصراع مفتوحا ، وما زالت التهديدات من الاحتلال كبيرة، الا يدفعنا هذا الى نشر الثقافة التي تحمي شبابنا وفتياتنا من مخاطر الاعتقال : قبل وحالة التعرض له بالخروج منه بأقل الخسائر ان حصل .. هناك خبرات مكتوبة دفع لها أصحابها ثمنا باهظا .. الا نحتاج الى الثقافة العالية ؟؟ كيف نحمي ابناءنا من هذه المخاطر المحدقة والقادمة لا محالة .. لا بد من تهيئة تربوية مناسبة تدخل مناهجنا كشعب يتعرض كثيرا للاعتقال وتعديات الاحتلال ..
قضية الاسرى ثقافة ووعي وإرادة وفعل .. برنامج طويل نستطيع ان نقدم فيه الكثير الكثير ..
من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
في المجاز هناك: عالم عربي. نظام عربي.. وربيع عربي. في غير المجاز نقول إن الربيع العربي فكفك قليلاً امتهان الاستبداد العربي للحرية العربية، ولعل الربيع العربي، بعد ثلاث سنوات، بدأ مرحلته الثانية: امتهان الديمقراطية بالانتخاب!
ليس أقل من نصف دزينة من الدول العربية تشهد، هذا العام، مختلف صنوف الانتخابات: للرئاسة؛ للبرلمان، للبلديات، من شرعية الشارع والميادين، في مستهل الربيع العربي (عالم عربي في المجاز؛ ونظام عربي في المجاز) .. فإلى شرعية الصوت في صناديق الاقتراع!
بدأ الربيع العربي بهيجاً، وانتهى في كل بلد تقريباً إلى نموذجه القطري الخاص في تحويل شرعية الشارع الغاضب إلى شرعية صوت الناخب.
في الثلث الأخير من القرن المنصرم، وضع أحد المؤلفين الأجانب كتاباً معنوناً: "هؤلاء المرضى الذين يحكمون العالم"، فقد كان هناك مرضى ومسنون من الرؤساء يحكمون، في الأقل، ديمقراطيات عريقة: فرنسا والرئيس المريض ميتران، أميركا والرئيس العجوز ريغان، والاتحاد السوفياتي حيث ينتخب الحزب عجوزاً تلو العجوز، توافيه المنيّة بعد قليل من انتخابه (تشيرننكو، أندروبوف).
والآن، لماذا انتخب شعب الجزائر لرئاسة رابعة، رئيساً عليلاً ومعاقاً في عقله وجسمه؟ يقولون إنه لن يحكم فعلاً، بل سيكون ظلاً للحزب الحاكم، وإن الحزب بدوره هو ظل الجيش القوي المنتصر على الإرهاب.. ومن ثم، فالشعب انتخب الاستمرار والاستقرار، بعد أن اكتوى بحرب أهلية اخترمت حياة 200 ألف إنسان.
سلم أهلي واستقرار؟ هكذا فسّرت النتيجة لويزة حنون، المرأة الوحيدة بين ستة متنافسين، وزعيمة حزب العمال التروتسكي.
لا أعرف كم أحرزت لويزة من أصوات المقترعين، لكنها تستحق الاحترام لدخولها منافسات الرئاسيات للمرة الثالثة.. لكن ما فاجأني هو تأييدها لانتخاب بوتفليقة، الذي وصفت فوزه بـ "تصويت دفاعي مقاوماتي"!
أحرز بوتفليقة 81.53% من أصوات الناخبين (وليس من أصوات أصحاب حق الاقتراع) وأحرز منافسه الرئيس ورئيس وزرائه السابق بن فليس 12.18%، وجاء بلعيد ثالثاً.
كانت هذه انتخابات تنافسية فعلاً، كما هي الانتخابات التونسية، وكذا الانتخابات العربية الأهم، أي المصرية.
من الواضح ان امتهان الحرية في نظام الاستبداد العربي السابق كان مديداً، ولكن امتهان الديمقراطية سيكون قصير الأجل أو مرحلة انتقالية، ريثما تتمأسس الديمقراطية بقرانها من الحرية.
لعلّ الناخب الجزائري نظر إلى أحوال العراق وسورية ومصر وليبيا، ثم أعطى صوته للرئيس الذي أنهى الحرب الأهلية المريرة، وبدأ مرحلة تعدد الأحزاب والانتخابات التنافسية.
كثيرون من العرب غير الجزائريين سخروا من ترشيح بوتفليقة نفسه، ومن فوزه، رغم أنه وعد شعبه أن يسلم الشباب (بعده فقط؟) قيادة البلاد.
هناك فلسطينيون بين الساخرين العرب، لكن أحد الجزائريين المؤيدين للرئيس، قال: على الفلسطينيين الاهتمام بأمورهم.. "وكل الدول والشعوب تحكمها حكومة.. إلاّ أنتم أصحاب الحكومتين"!
صحيح، أن انتخابات الرئاسة الجزائرية كانت تنافسية، لكن التصويت جاء أقرب إلى "الاستفتاء" على السلم الأهلي والاستقرار، وكذلك الحال في الانتخابات المصرية وهي تنافسية للمرة الثانية، لكن ستكون النتيجة أقرب إلى "استفتاء" على انتخاب قائد الجيش، وهو القوة الأقوى والأكثر شعبية في مصر، وعامل استقرار من فوضى واقتتال كما في سورية والعراق وليبيا. انتظروا فوز بشار الأسد بانتخاب ـ استفتاء.
من ينظر إلى عالم عربي بالمجاز، ونظام عربي بالمجاز، وربيع عربي بالمجاز، سيلاحظ أنه منذ ربع قرن قبل الربيع العربي، انتقل "مركز" العالم العربي من الدول الجمهورية الاستبدادية القوية، إلى "أطراف" العالم العربي في دول الخليج.
صحيح أن دول الخليج تمتهن الحرية بالاستبداد، والديمقراطية بانتخابات غير ديمقراطية، لكنها وفرت لشعوبها (شعوبها لا الوافدين إليها) شروط الثراء ومتعة العيش، وصارت "المركز" العربي على كل صعيد مالي، إعلامي، عمراني، وحتى ثقافي.
انتهى زمن التقسيم القديم للعالم العربي حسب محمد حسنين هيكل: دول الثورة والجمهوريات (المركز) ودول الثروة (الأطراف) إلى دول (الفوضى) في المركز ودول الاستقرار في (الأطراف).
***
وددت القول لمواطن جزائري مغتاظ من رأي بعض الفلسطينيين: بدأت الحرب الأهلية الجزائرية برفض الجيش التسليم بفوز الجماعات الإسلامية، لكن انقسام الفلسطينيين بين حكومتين كان نتيجة التسليم بفوز الإسلاميين بلدياً وبرلمانياً.
الشعب على حق، مبدئياً، لكن الناخب ليس دائماً على حق!
قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
قبل أيام قليلة، على بلوغ المفاوضات محطتها الأخيرة في التاسع والعشرين من هذا الشهر، ألقى الرئيس محمود عباس، جملة من القنابل، التي تنطوي على رسائل خطيرة، لكل من يقف على الناحية الأخرى فلسطينياً وعربياً، ودولياً.
القنابل التي أطلقها الرئيس ليست صوتية، ولا ننصح أحداً من الموالين له أو وخصوصاً من المعارضين، أن يتعامل معها بخفة واستهتار أو على أنها مجرد ثورة غضب مؤقتة، أو رد فعل لحظي على التصعيد الإسرائيلي الذي اتخذ طابع التهديدات، أو طابع الإجراءات العقابية.
السادس والعشرون من هذا الشهر أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء العمر المخصص للمفاوضات، سيترتب على المجلس المركزي لمنظمة التحرير أن يقف بمسؤولية، كاملة أمام أجندة صعبة، تنطوي على تحولات وتداعيات استراتيجية، ينبغي على الجميع أن يشارك في دفع استحقاقاتها.
يدرك الرئيس وتدرك كل الفصائل السياسية أن خيار المصالحة، هو خيار مجابهة واشتباك مع إسرائيل التي تبني مخططاتها وسياساتها على أساس ما يوفره الانقسام الفلسطيني من مزايا وفوائد بقدر ما ينطوي عليه من مخاطر وأكثر على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
أن يختار الرئيس هذا التوقيت، لإرسال وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يفترض أن يصل إلى غزة اليوم والأرجح أن يصل غداً، هذا أمر يستحق التفكير في مدى جدية المسعى نحو المصالحة أولاً، والتفكير أكثر في مدى جدية الحديث عن إجراء الانتخابات بمعزل عن التوافق الوطني، في حال فشل الوفد في التوصل إلى نتائج عملية واضحة.
المطلوب بحسب مصادر قريبة من الوفد، أن توافق حركة حماس على تشكيل الحكومة، وتحديد موعد لا يتجاوز الستة أشهر لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يتبع ذلك اجتماع للمرجعية الوطنية التي تشارك فيها حماس والجهاد لبحث موضوع الخيارات السياسية، وآليات متابعة ما تبقى من ملف اتفاق المصالحة.
الحاجة لحوار استراتيجي أمر لا ينكره أحد، ولكن الإصرار على البدء به وتأخير تنفيذ بنود المصالحة إلى ما بعد الانتهاء منه، يعني استهلاك المزيد والكثير من الوقت قبل أن نتأكد من أن الكل جاهز لتنفيذ المصالحة، وفي الحقيقة فإن تحقيق المصالحة السياسية، التي توفرها الحكومة، أمر يحظى بأولوية وتدرأ خطر إعلان فشل المصالحة، والذهاب إلى خيارات صعبة من النوع الذي يشير إليه الرئيس.
من الواضح أن تشكيل الحكومة لا ينهي ملف توحيد المؤسسة، وهو أمر شائك ومعقّد إلى حد كبير، الأمر الذي يرتب على حماس أن تفكر في كيفية التعاطي مع ملف خمسة وخمسين ألف موظف مسجلين لدى حكومتها، إلى أن ينتهي البحث في كيفية معالجة هذا الملف نحو توحيد المؤسسة.
يرتب ذلك على حماس أن تفكر ملياً، وأن تتحمل مسؤوليات كبيرة في حالتي الاتفاق على تنفيذ المصالحة كما يريدها وفد المنظمة أو الاستعداد للتعامل مع ما هو أصعب في حال فشل المصالحة، وتنفيذ وعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بمعزل عن التوافق الوطني.
هنا يكمن السؤال بشأن الشرعية، التي يجري تجاهلها أو التقليل من قيمتها، فإذا كان الرئيس فاقدا للشرعية والصلاحية، فإن التشريعي أيضاً فاقدها، وإن كان الرئيس رئيساً، فإن لجوءه لتجديد الشرعيات انتخابياً، سيؤدي إلى تجديد شرعيته، وسحب الشرعية عن المجلس التشريعي، الذي تتغطى به حركة حماس.
يمكن لأي طرف فلسطيني معارض أن يستمر في التحدث عن عدم شرعية الرئيس، وعدم شرعية قراراته، ولكن الشرعية لا تتوقف على البعد الانتخابي فهو يستمد شرعيته فوق ذلك على الشرعية العربية، والدولية، وحتى الشرعية الإسرائيلية، إن كانت هذه تحسب من بين الشرعيات، وحين ذاك لا يبقى لحركة حماس كحكومة سوى شرعية الأمر الواقع، وهي شرعية غير مستقرة في أحسن الأحوال.
وعلى حماس أن تفكر في وضعية قطاع غزة، في حال فشلت المصالحة، وقرر الرئيس الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، وعليها أن لا تستهتر أو تستخف بالتداعيات التي تنجم عن ذلك.
وبرأينا فإن إسرائيل من غير المرجح أن توافق وتسهل إجراء انتخابات فلسطينية عامة، بتوافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ولكنها قد تغض النظر عن انتخابات، دون توافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى استمرار وتفاقم الانقسام وإلى، إضعاف دور ومكانة حركة حماس، التي تخضع لحصار مشدد، وأزمات تزداد تفاقماً.
الأمر الآخر، الذي ينطوي على تحد خطير لكل الأطراف المعنية فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً، هو حديثه عن الاستعداد لتسليم مفاتيح السلطة أو ما سماه الفندق خمس نجوم، للأمم المتحدة، ولأي ضابط إسرائيلي صغير.
هذا الحديث ليس حديث الغاضب أو المحبط، أو الذي يلوح بتهديد لا يترك أثراً عند صنّاع القرارات، خصوصاً وأن وجود السلطة واستمرار وظيفتها ودورها، هو أمر مطلوب إسرائيلياً بإلحاح، لأنه يوفر لها احتلالاً غير مكلف، وهو أمر مطلوب عربياً ودولياً، لأن بدائله مكلفة جداً من حيث، إنه يفتح الصراع واسعاً، وينهي أوسلو، وكل مجرى المفاوضات، ويعيد بناء حركة التحرر الوطني الفلسطينية وفق استراتيجيات وخيارات جذرية مختلفة.
عند الحديث عن واقعية هذا الخيار، الذي طالب به العديد من الفصائل والشخصيات، وإقفال ملف التفاوض كخيار في هذه الفترة، يصبح على جميع القوى الفلسطينية أن تفكر في الثمن الذي عليها أن تقدمه، مقابل الثمن الكبير الذي سيدفعه الاحتلال، الذي عليه أن يتحمل كافة مسؤولياته تجاه ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والذين أقرت لهم الشرعية الدولية حق تقرير المصير، ودولة قد تصبح عضواً كاملاً، ولكنها تحت الاحتلال.
لم يدر في ذهن راسمي السياسة الإسرائيلية، معنى التصريحات والتهديدات والإجراءات المتطرفة التي لم يتوقفوا عن إطلاقها واتخاذها، وربما لم يدر في خلد الإدارة الأميركية أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من توظيف أوراق القوة الفلسطينية، والأرجح أن على الطرفين الإسرائيلي والأميركي أن يتعاملا بجدية كاملة مع ما تبقى من الوقت حتى نهاية الفرصة المتاحة للمفاوضات، وأن يستعدا لدفع الثمن المطلوب للطرف الفلسطيني قبل أن تنزلق العربة إلى هاوية سحيقة.
مرة أخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
بقلم: د. خالد الحروب – الايام
بعيداً عن سياسة السلطان عبد الحميد المترددة تجاه الاستيطان اليهودي المتسارع في فلسطين خلال حقبة حكمه الطويل، من 1876 إلى 1909، وحيث تضاعف عدد اليهود إلى ثلاثة أضعاف عن ما كانوه قبل حكمه، وبعيدا عن لقاءاته الخمسة مع تيودور هرتزل وإبقائه خطوط التواصل مع الزعيم الصهيوني مفتوحة وساخنة، بما كرس قناعات هذا الاخير بأن الباب الموارب الذي تركه السلطان له وللتوسع اليهودي في فلسطين هو في الواقع أعظم مما توقع، وبعيدا عن سياسات الارتشاء التي اتبعها موظفوه في القدس وفلسطين ومرروا عبرها أراضي فلسطينية كثيرة إلى المنظمات اليهودية، تخبرنا السيرة الحقيقية للسلطان عن فترة حكم بائسة اتصفت باستبداد فردي وبسياسة خارجية نزقة ومترددة ومتخاذلة، لم يحافظ بسببها على الامبراطورية التي ورثها عن أجداده، بل سرع من انهيارها بشكل أدهش حتى أعداءه.
تسلم عبد الحميد الحكم سنة 1876 من خلال مؤامرة تعاون فيها مع جماعة "العثمانيين الجدد" ضد شقيقه السلطان مراد الخامس.
كان العثمانيون الجدد مع الإصلاح الدستوري والانتخابات البرلمانية وتعديل مسار الامبراطورية من الحكم الفردي إلى الحكم البرلماني، بأمل تفادي الانهيار الذي بدأت ملامحه في الأفق.
بعد أن تسلم العرش بقليل بطش عبد الحميد بالجماعة العثمانية ونفى احد اهم رموزها، مدحت باشا، الذي كان قد عينه "الوزير الأكبر" بعيد نجاح المؤامرة على أخيه.
وتحلل السلطان بعد ذلك من كل تعهداته والتزاماته بتبني دستور جديد واصلاحات برلمانية واحترام الارادة العامة، وعوضا عن ذلك كله انغلق على نفسه وأنشأ حكما استبداديا فرديا قائما على القهر والشك في الجميع. وعبر الحكم الفردي المطلق شل السلطان الجديد اية قوى داخل الامبراطورية تنبض بالتغيير ومحاولة الإنقاذ.
وفضلا عن اتصافه بغرابة الاطوار، والانطواء على نفسه، والشك في كل من هم حوله، فقد اتسم حكمه بالمركزية التامة.
وعلى يديه تحول قصر يلدز حيث انتقل الى قلعة من آلاف الحراس الذي لا هم لهم سوى ضمان عدم حدوث أية مؤامرة على السلطان، الذي كان يعتقد أن الجميع يتآمرون عليه في الداخل والخارج.
وكان أن طلب من جميع حكام المناطق التجسس على كل المعارضين له ومراقبتهم عن كثب.
ثم جاءته هدية تكنولوجية من حيث لا يحتسب وهي "التلغراف" والتي ما ان عرف فائدتها حتى عمم استخدامها في كل اراض الامبراطورية، وعبرها استطاع التحكم في كل أمراء المناطق وجردهم عمليا من كل سلطاتهم المحلية.
ويذكر المؤرخون كيف تحول الاختراع العلمي المبهر إلى أداة عززت من الاستبداد الحميدي وكرست المركزية المدمرة.
ومن نافلة القول ان تبني الامبراطورية العثمانية للتلغراف كان ذا فوائد اخرى كثيرة، لكن من المثير للتهكم اعتبار ذلك احد فضائل السلطان ومن دون الالتفات الى الغرض الرئيس خلف الخطوة برمتها، خاصة وانها تأتي من سلطان متشكك في كل ما هو جديد وتثير ريبته الاستخدامات الحديثة في السياسة والمعارضة.
والواقع أن دخول التلغراف في عهد السلطان عبد الحميد واستخدامه المكثف من قبل الادارة المركزية في متابعة شؤون الولايات يقوض احد الدفوعات المتكررة عن سياسة السلطان إزاء فلسطين وتسلل أراضيها الى المنظمات اليهودية.
فهنا، يقول المدافعون إن ما كان يحدث في فلسطين كان يتم على ايدي الولاة الفاسدين وبعيدا عن عيون السلطان ومراقبته وعلى الضد من سياسته.
بيد أن ما يضعف هذه الحجة هو أن السلطان كان متابعا لأدق التفاصيل خاصة في فلسطين وتحديدا كل ما له علاقة بأراضيها.
بل إن السلطان نفسه كان أكبر مالك لأراضي فلسطين وهي التي عرفت باسم "الجفتلك"، وقد اشترى تلك الاراضي من ملاكها الفلسطينيين أو تمت مصادرتها بسبب عدم قدرة اصحابها على دفع الضرائب.
والكارثة الكبرى انه بعد انهيار الدولة العثمانية انتهت تلك الاراضي الى المنظمات اليهودية لأنه لم يكن لها مالك فلسطيني، وهذا موضوع يحتاج إلى مقالات مطولة خاصة به.
في العهد الحميدي تسارعت وتيرة انهيار الامبراطورية لأسباب لها علاقة بسياسته، ولأسباب سابقة على عهده ومتوارثة من عهود من سبقوه.
لقد ورث عبد الحميد امبراطورية منهكة لكن كان حتى ذلك الوقت ثمة احتمالات للإنقاذ.
بيد أن سياسته أكدت مسار الانهيار عوض أن تجترح مساراً للانقاذ.
لم يستثمر عبد الحميد في اراضي وثروات الامبراطورية واراضيها ولم يحاول أن يعبئ من الطاقات المشلولة عند شعوبها، بل استمر في سياسة من سبقه المعتمدة على فرض ضرائب هائلة على المزارعين واصحاب الملكيات بشكل دمر زراعتهم وانتاجهم.
فضلا عن ذلك استمر في سياسة الاستدانة من الاوروبيين وتكبيل نفسه بشروطها، والتنازل تدريجيا عن سيادات استانبول على اراضيها هنا وهناك، وعن صناعة القرار ايضا، ما اضطره في نهاية المطاف إلى الموافقة على شروط الدائنين الاوروبيين وهي شروط جاءت على حساب السيادة العثمانية ذاتها.
وخضوعا لتلك الشروط وفي العام 1881 اصدر السلطان عبد الحميد "مرسوم محرم" والذي نص على تشكيل "مجلس الدين العام" وبالتنسيق مع الدائنين الاوروبيين (وعضويته من موظفين عثمانيين وممثلين أوروبيين). كانت المهمة الاساسية للمجلس هي ضمان سداد السلطنة لديونها بشكل منتظم، ومن ناحية واقعية سلم السلطان عبر ذلك المرسوم الشؤون المالية للسلطنة للاوروبيين.
وحرص السلطان عندما اصدر المرسوم المذكور على أن يبدو المجلس وكأنه يقدم خدمات للسلطنة ولا ينتقص من سيادتها، على العكس تماما من جوهره العملي.
فمنذ التوقيع على انشاء المجلس وقعت اقتصادات السلطنة عمليا تحت الوصاية الاوروبية والمستثمرين الاوروبيين.
تشكل المجلس من ممثلي بنوك فرنسية وبريطانية والمانية وهنغارية وايطالية تحكموا بشكل مطلق بسياسات وقرارات المجلس، في الوقت الذي كان فيه ممثلو السلطنة لا يملكون حق التصويت على القرارات، بل مجرد ابداء الرأي.
يذكرنا "مرسوم محرم" بتصريح السلطان لهرتزل عندما رفض ولفظيا أي صفقة يتنازل فيها عن فلسطين رسميا، بينما جوهر سياسته إزاء فلسطين كان تفريطيا وتخاذليا.
نرى هنا الخيط المشترك في السياسة الحميدية وهي اتباع سياسة معينة على ارض الواقع تمليها الظروف والضغوط والإكراهات، بينما اصدار تصريحات لفظية قوية يكون هدفها تحسين صورة السلطان امام التاريخ ليس إلا.
المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
تبدو مهمة الوفد القادم من رام الله إلى غزة لبحث قضية المصالحة مع حماس سهلة وصعبة في نفس الوقت، ويمكن لها أن تكون فرصة تاريخية أو مجرد خبر يضاف لعشرات الأخبار الأخرى حول المصالحة والحوار الوطني، وحتى تصبح ممكنة، فإن توفر النوايا الحقيقية وعدم جعل التفاصيل المملة تفشل فرص التوافق أهم من كل شيء، فإذا ما تم التعامل مع المصالحة على أنها مطالب واستحقاقات وحصص، فإن مصير هذه اللقاءات دفتر الماضي القريب.
تكمن معضلة المصالحة البنيوية في أنه تم التعامل معها بالقطّاعي بحيث تم الالتفات للتفاصيل على حساب الفكرة العامة.
ضمن هذا التعامل كان يتم مناقشة الأفكار الصغيرة والتفاصيل الدقيقة بوصفها جوهر الصراع والخلاف، فيما كان يمكن للاتفاق على الفكرة الكبرى أن يجعل تلك التفاصيل ليست ذات أهمية، لأنه في المشاريع الكبرى، كما في الأحداث المفصلية في التاريخ، فإن التوقف عند التفاصيل يكون على حساب النجاح.
الذي حصل في مسيرة المصالحة الوطنية التي سبقت الانقسام بأحداثه الدامية في حزيران 2007، أن النقاش تركز على الكثير من الهوامش على حساب المتون، لم يكن هذا ربما بلا قصد، إذ إن مراجعة نقدية لتلك المسيرة تكشف عن تقصد من البعض من أجل تضييع فرص الاتفاق. والحال كذلك، لم يكن غريباً أن تفشل المصالحة حتى حين يتم التوقيع على اتفاق شامل، لأن البعض كان ينظر إلى تفاصيل الاتفاق أكثر من نظرته لفكرة الاتفاق، وبسبب ذلك فإن النقاش على نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية كان من شأنها أن تُبطل اتفاقاً شاملاً تم التوصل إليه.
وبعد ذلك إذا تم تجاوز هذه النقطة يظهر تفصيل أدق ربما حول نسبة الدوائر من مجموع التمثيل البرلماني لتكون سيفاً يقطع رقبة الاتفاق.
وأيضاً في ظل هذه الدائرة المفرغة، فإنه ما أن يتم تجاوز هذه النقطة حتى تظهر نقطة جديدة، انظر مثلاً إصرار "حماس" على ضرورة أن يتم ضم موظفيها الذين تم إدماجهم على كادرها المدني والعسكري ضمن ولاء حزبي لتثبت الانقسام وتمكينه، القصة بالطبع في جزء منها مالية، لكنها تعكس بصورة أدق الوعي العميق حول المصالحة بوصفها اقتسام الغنائم والحفاظ على الحصص.
فلو كانت المصالحة هي الشغل الشاغل، وهي الغاية المنشودة لأمكن بقليل من الحكمة المسنودة بالرغبة والإرادة أن يتم القفز عن هذه التفاصيل التي بطبيعة الحال يمكن حلها خلال عملية إعادة اللحمة للمؤسسة ولشرعية النظام السياسي، بيد أن ثمة مصالح حزبية وزبائنية تقتضي الدفاع عن هذه المصالح.
إن النظام الزبائني البتريمونيالي الذي تم بناؤه يقتضي أن يحافظ على أكبر قدر ممكن من أعمدته وهياكله حتى يصلح للعودة إلى الوراء في الوقت المناسب.
وهذه معضلة أخرى من معاضل المصالحة، وربما هي أحد أهم تحديات تجسيد الوحدة الوطنية، حيث إن الأجسام التي خلقت بعد الانقلاب كان يقصد منها أن تدوم للأبد، فلو أن ما حدث في حزيران الدامي العام 2007 كان نقطة سوداء في تاريخ شبعنا (وأنا بكل يقين أقول ذلك) ولو أنه كان خطأ يجب تصحيحه كما قد يميل بعض الناس ممن دافعوا عما حدث في السابق ضمن مراجعات الذات، ولو أن ما تم كان مجرد غضبة وردة فعل، لكانت العبرة في تخفيف تبعات هذا الانقسام المؤسساتي، لا أن يتم تعزيزه وتمكينه.
فوراً تم الشروع في بناء مؤسسات موازية وأجهزة موازية وقوانين بديلة وتشريعات تلغي التي سبقها، وتم التعامل مع هذا الوضع الشاذ كأنه باق للأبد، وعليه فإن عملية المصالحة الوطنية (على وزن عملية السلام) عليها أن تتعاطى مع كل شيء لأنه صار أمراً واقعاً، ليس هذا فحسب، بل لأن هناك من سيأتي على طاولة الحوار الوطني حتى يدافع عن هذه التفاصيل، وتأسيساً، فإن هذه الجهود واللقاءات قد تفشل في إلغاء تشريع صغير يتعلق ربما بزي المحامين في المحاكم أو ببعض الأحكام المدنية العامة.
هل هناك من يقول إننا وقعنا في نفس المطب في قضية المفاوضات منذ أوسلو، حين قبلنا النظر إلى التفاصيل على حساب الحقوق الكبرى التي لم تقر بها إسرائيل، فباتت القصة هي الانسحاب من كذا كيلو متر وعملية تسهيلات لمرور خط الكهرباء إلى تلك المنطقة، وكان الأساس هو مبدأ الانسحاب الكامل وإطلاق سراح الأسرى بشكل كامل، نعم هذا ما حدث أيضاً في المصالحة الوطنية.
هل من ضمانات بأن هذه المرة لن تختلف عن سابقتها، يبدو أن ثمة شعورا بأن الحديث مع "حماس غزة" أكثر جدوى من الحديث مع "حماس الخارج"، لأن من يمسك بزمام أمور الانقسام هي غزة وليس السيد خالد مشعل ومكتبه السياسي في الخارج، ويبدو هذا في بعضه منطقياً ولكن هذه المرة يجب الانتباه أن تفاصيل الانقسام من شأنها أن تغرق مركبة المصالحة الأكبر، وهي أكبر من مجرد تقاسم السلطة أو إيجاد سبل للعودة لرأي الشارع حتى يقرر، إذ إن الانقسام ليس على السلطة بل أيضاً نحن بحاجة لتجسيد أشمل للوحدة الوطنية يضمن أن نكون شعباً واحداً يتحدث بصوت واحد، يختلف داخل البيت وفي مؤسسات النظام السياسي ولا يختلف عليها وخارجها.
على من يريد أن تنجح هذه الجهود أن يكون أولاً صادقاً مع نفسه ومع شعبه.
إن إدراك "حماس" بضرورة فعل ذلك مهم، وإن النظر إلى دوران العجلة بوصفه انحناءة أمام العاصفة الشديدة التي تهب على "حماس" أيضاً يغلف الحقيقة بالكثير من القشدة الفاسدة التي ستفشل تجسيد المصالحة في حال تم التوصل إلى اتفاق، لأنه من الممكن مرة أخرى أن يتم وضع خطط عملية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولكن في التنفيذ ندخل مسلسلا جديدا من الحبكات غير المتناهية والدوامة التي تنقضي، وينتهي نيسان بكذبة آخر نيسان الجديدة.
المجلس المركزي أمام ملفات استراتيجية وساخنة !!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
أمام المجلس المركزي في دورته 26 القادمة نهاية هذا الأسبوع، ملفات ذات طابع استراتيجي ومصيري ووجودي في آن.
تراكمت هذه الملفات في ظل غياب انعقاد المجلس المركزي، وهو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، في ظل غياب انعقاد دورات المجلس الوطني ذاته.
تراكمت هذه الملفات، وباتت تحتاج إلى مناقشة جادة ومسؤولة، وإلى اتخاذ قرارات حاسمة وواضحة.
بعض هذه الملفات ما يتعلق بالمفاوضات، التي طال أمدها، دون الوصول إلى حلول تتعلق بقضايا الحل الدائم ـ النهائي، وبعضها يتعلق في بنية م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية، وبعضها الآخر يتعلق بما آلت إليه جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، وبالتالي ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
الملفات كلها ساخنة واستراتيجية ومصيرية في آن، وهنا تبرز أهمية الاحتكام لقواعد العمل الوطني بمعانيه التاريخية والراهنة والمستقبلية في آن، ومساهمة الجميع في النقاش والتوصل لقرارات حاسمة ومصيرية.
تمت دعوة الجميع، فصائل م.ت.ف، والفصائل الفاعلة، غير المشاركة في م.ت.ف، وفي مقدمتهم حماس والجهاد الإسلامي.
اعتذرت حماس عن الحضور، وهذا أمر غير مبشّر، ويحتاج إلى إعادة نظر وقراءة في آن معاً.
حماس هي جزء أساسي وحيوي من النسيج الاجتماعي ـ الاقتصادي ـ السياسي الفلسطيني، لا يجوز عدم مشاركته في أي قرار مصيري، خاصة فيما يتعلق بواقع الوطن الفلسطيني ومستقبله.
حماس تدرك تمام الإدراك، بأن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يحتاج إلى تهيئة المسرح أولاً، والتهيئة تكمن في إنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، وتطبيق ما اتفق عليه في القاهرة والدوحة.
إنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، هو بداية مرحلة لآفاق سياسية جديدة، ولبنى جديدة سياسياً وأمنياً على حد سواء.
من المستحيل، بقاء الحال القائم على حاله، هنالك ملفات تحتاج إلى حسم، وفي المقدم منها، ملف المفاوضات وجمودها، وملف الانتخابات التشريعية والرئاسية.
طال أمد التعامل مع هذين الملفين، دون جدوى، ودون التوصل إلى أطر واضحة، وجداول زمنية.
هنالك وفد من قادة الفصائل الفلسطينية، سيصل إلى غزة، وقادة حماس سيستقبلونه ويستمعون منه، لا يزال الأمل معقوداً، على تعاطي حماس إيجابياً مع الوفد، أن تقول حماس موقفاً تاريخياً مسؤولاً، أن تقول بالفم الملآن: نعم للانتخابات، نعم لوحدة الوطن والمصير، نعم لما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة... هيا لوضع الجداول الزمنية ولأطر الانتخابات القادمة، نعم للاحتكام لصندوق الاقتراع.
في قول حماس هذا، ستبرز الروح الوطنية المسؤولة، البعيدة عن الاعتبارات الفصائلية والجهوية، وسيبرز الحرص الوطني على المستقبل الوطني الفلسطيني. المجلس قادم لا محالة، وقراراته قادمة لا محالة، والتاريخ لا يرحم!!!.
تغريدة الصباح - لا بدّ من أن ترحلوا
بقلم: محمد علي طه – الحياة
قرأتُ في أحد أيّام هذا الأسبوع الرّبيعيّ الجميل خبرين غير عاديين من عاصمتين مهمتين وصديقتين حميمتين تقليديّتين لدولة إسرائيل، أفرحاني وأكّدا لي مجدّداً بما لا يقبل الطّعن أو الشكّ أنّ ليل الاحتلال زائل قريباً قريباً.
الخبر الأوّل جاء من واشنطن، عاصمة أوباما وبوش وجونسون، وبلد اللوبي اليهوديّ الصّهيونيّ الليكوديّ يقول: أطلق ناشطون رياضيّون أميركيّون وعرب في الولايات المتّحدة حملة لطرد إسرائيل من الاتّحاد الدّوليّ لكرة القدم "الفيفا" تحت عنوان "الكرت الأحمر لإسرائيل" على ضوء خروقاتها المتكرّرة لحقوق الرّياضيّين الفلسطينيّين وحقوق الإنسان بشكل عام. ويستند النّاشطون على أسبقيّة تاريخيّة عندما علّقت الفيفا رسميّاً عضويّة اتّحاد كرة القدم في جنوب إفريقيا بين عاميّ 1964 و1992 ما ساهم آنذاك بالضّغط الدّوليّ لإنهاء نظام الفصل العنصريّ.
وأمّا الخبر الثّاني فجاء من سدني، بلد اللوبي اليهوديّ ذي التّأثير الكبير، وبلد أكثر الدّول صداقةً وتأييداً لإسرائيل، يقول انّ قنال "أي.بي.سي" المحليّ بثّ برنامجاً تلفزيونيّاً عبارة عن تحقيق خاصّ بعنوان "عدل بارد كالحجر" يصوّر تعذيب قوّات الأمن الإسرائيليّة للأطفال الفلسطينيّين مثل الاعتقال في الليالي المظلمة واستعداء كلاب الصّيد عليهم والتّعذيب الجسديّ والنّفسيّ وصدمات الكهرباء...الخ. وقد كتب الصّحفيّ البارز رونين برغمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الذي كان في زيارة لسدني "هذا المنتوج الإسرائيليّ المسمّى الاحتلال ما عاد بالإمكان تسويقه أو بيعه في العالم" وذكر أنّ السّيّد بوب كار، وزير الخارجيّة الأستراليّة السّابق، نشر مذكّراته في هذا الشّهر التي أضافت زيتاً على النّار ووصف فيها سياسة بلاده الخارجيّة فيما يتعلّق بإسرائيل بأنّها "مخجلة" و"ليكوديّة" وأنّ أستراليا أصبحت خاضعة لأوامر اللوبي اليهوديّ تماماً مثل جزر مارشل. ويضيف برغمان، وهو خبير أمنيّ أيضاً، أنّ ما حدث في أستراليا يجب أن يُفْهِمَ قادة إسرائيل بأنّ صبر العالَم على الاحتلال قد نفد، كما أنّ نظرة العالَم لإسرائيل وتوجّهه إليها يذكّرنا بتعامله مع نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا. ويضيف بأنّ نظام الأبرتهايد انهار في العام 1992 بعد أن صار مجنوناً ومنبوذاً. ويشهد رونين برغمان ? وشهد شاهد من أهله ? بأنّ دلائل وإشارات في سنوات الثّمانينات كانت تقول انّ العالَم ملّ وزهق من الأبرتهايد كما أنّ سياسيّين وصحافيّين عالميّين تنبّأوا يومئذٍ بأنّ نظام الأبرتهايد سينهار قريباً ما عدا زعماء دولتين اعتقدوا غير ذلك وهما جنوب إفريقيا وإسرائيل. وينهي مقاله: من الضروريّ أن نقرأ العلامات والإشارات بصورة أفضل قبل أن نتحوّل إلى مجانين منبوذين".
نتنياهو لا يقرأ ما تقوله الأراضي الفلسطينيّة ولا ما تقوله أوروبا وإفريقيا وآسيا... وحتّى أميركا. ونتنياهو وليكوده وبيته اليهوديّ أعماهم الحقد وأضلّتهم القوّة العسكريّة فلا يقرأون ولا يرون ولا يسمعون ولا يدركون أنّ الليل زائل وأنّ الاحتلال زائل وأنّ الجدار زائل، ولم يبق أمام الاحتلال القبيح إلا أن "يلمّ شراشه" الوسخ وينسحب من الأرض ومن الهواء ومن الماء ومن البحر ومن النّبات ومن الشّجر ومن الأحياء ومن الشّوارع ومن الجوّ ومن البرّ.
بضاعة الاحتلال الفاسدة لا أحد في العالم يشتريها، وإذا كانت عصافير سدني صديقتهم، وواشنطن حبيبتهم، توشوش ذلك، فماذا بقي للاحتلال؟ ارحلوا! ارحلوا! لا بدّ من أن ترحلوا!!
قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
في سابقة حميدة، كانت حكومة د. الحمد الله، طرفاً في تفاهم مع حكومة قطر، حول تشغيل عدد من الفلسطينيين المؤهلين والقادرين على العمل. جاءت الإشارة الأولى من قطر نفسها. وقد كتبنا مراراً، نؤكد على ضرورة استثمار حضورنا السياسي في الاقليم وفي العالم، لخدمة الحال الاجتماعي ـ الاقتصادي لشعبنا. وفي سياق ذلك أعربنا عن تمنياتنا بأن تولي الحكومات السابقة في اتصالاتها الاقليمية، أهمية لموضوع تشغيل الشباب الفلسطينيين في أقطار الوفرة المالية العربية وحيثما تُدار وتُنفذ عمليات التنمية والتوسع الحضري والاستثمار في البنية التحتية، من صحة وتعليم وخدمات. ذلك استناداً الى كون العرب مؤهلين لسماع شروحات تتعلق بالأثر الايجابي لتفاهمات واتفاقيات العمل، على صمود الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية وعلى اللُحمة بين الفلسطينيين وأشقائهم العرب، وعلى صدقية الخطاب العربي الرسمي. فالمبادرات العربية الايجابية على هذا الصعيد، تعطي الصدقية فعلاً، للمواقف السياسية على النحو الذي لا تفعله الخطابة ودواوين الإنشاء البلاغي في القصور. أما من الجانب الفلسطيني، فإن عجز الحكومات السابقة، عن انجاز أية اختراقات لسوق العمل العربية، لصالح الشباب الفلسطيني؛ كان وظل يمثل جزءاً معتبراً من مساحة الهواء الناقص، في مناخات عمل هذه الحكومات. وكانت حكومات مصر والسودان والمغرب وسواها، تولي أهمية كبرى لأسواق العمل العربية وتفتح المسارب للشبان والخريجين والعمال المهرة، من خلال اتفاقيات وتفاهمات، مستفيدة من مواقعها السياسية.
وبالطبع، لم نكن ننتظر من المستوى السياسي لأية سوق عربية أن يبادر الى الإعراب عن الرغبة في استقدام الشبان الفلسطينيين للعمل، مثلما كان يحدث أيام كنا نختزل خيمة اللاجئين وبلا حركة وطنية. أيامها، كان الرهان رابحاً على الشاب الفلسطيني المعلم أو الطبيب أو المهندس أو العامل. وعندما أصبحت صورتنا قرينة بملامح الثائر المسلح، استُبدلت الرغبة في الاستعانة بالشاب الفلسطيني، بالمساعدة المالية للثورة الفلسطينية، على قاعدة أسعدك الله وأبعدك، فضاقت مسارب الانتقال للعمل في الخليج، وتطورت القوانين ووضعت الضوابط التي حدّت من تدفق العاملين الفلسطينيين الى سوق العمل العربية، بنسب متفاوتة بين سوق وأخرى. وكأن الفلسطيني الذي يخلق بيئته المدنية والانتاجية وسط الحصار وفي أجواء العدوان، سيكون معنياً وهو يفتش عن رزقه وعن مقومات صمود أسرته على أرضها؛ سيُنشىء مناخاً آخر يقلق المستوى السياسي لأسواق العمل. ذلك علماً بأن بيئة العمل في الأسواق العربية لا عدو للفلسطيني فيها، وإنما فيها شقيق عربي يسمونه "كفيلاً". وكلما استعيدت فرضيات التوطين، كان المستوى السياسي لأسواق العمل العربية، ينام ويقوم على كابوس توطين الفلسطينيين في بلاده التي تستوعب بلوشاً آسيويين وإيرانيين من العجم. وحيال مثل هذه العوائق، كان المستوى الرسمي الفلسطيني، مضطراً الى عدم فتح ملفات التشغيل، لكي يحافظ على ملفات التمويل. ودولة قطر هذه، شعباً وقصراً، التي يحتفظ لها الفلسطيني بامتنان كبير، بسبب مآثر العمل المنتج والعيش المشترك، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات؛ أصبحت صارمة ـ للأسف ـ في قرارها عدم استقدام عاملين فلسطينيين، ما دعا بعض الكادرات الطليقة خارج فلسطين المحاصرة، يبتاعون جنسية دولة "جُزر القُمر" التي لا يعرف معظمهم موقعها على الخارطة. فالقمر يستدير ويضيء عند حمل جنسية جُزره. ومن المفارقات أن المراسيم واللوائح، كانت تضيّق على الفلسطيني كلما اتسع وطغى طنين "الجزيرة" وصوت خطابها الجهادي والمقاوم المُحلى بنكهة قرضاوية، حتى أصبح من يعمل في قطر ويخدمها ويطبب مرضاها أو يعلم أولادها، لا يستطيع استقدام زوجته لكونها فلسطينية وقمراً بلا جُزر.
غير أن انخراط الحكم في قطر، بالمطلق الجهادي الفلسطيني الذي كان؛ وسّع الفجوة بين الخطاب والممارسة على نحو محرج ومثير للأسئلة. واشترك الفلسطيني صاحب "برنامج المقاومة" بالمستوى السياسي القطري صاحب خطابها وإعلامها ومشروعات دعمها، في منظومة "الإخوان" وُعلقت في غزة يافطات تحمل صور حمد وتميم، وكان لا بد من رد التحية بأحسن منها وبشكل ملموس يحس به الناس ويفتح أفقاً في الجدار الكئيب. من هنا جاءت الإشارة القطرية بأن الدوحة ستتقبل العاملين الفلسطينيين. ولا ندري ما الذي جرى لكي تعود قطر عن إشارتها. ونتساءل بلا مؤاخذة: هل كان التراجع ضمن صفقة المصالحة أو تسوية أزمة السفراء ـ وهي في أهم حيثياتها قضية أمنية ـ مثلما يتبادر الى الذهن بسبب هذا التراجع؟!
العائلة المالكة ترتب بيتها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
شهدت المملكة العربية السعودية في الآونة الاخيرة سلسلة تطورات عكست رغبة خادم الحرمين الشريفين، عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بترتيب شؤون مؤسسة الحكم، وقطع الطريق على أية تناقضات لاحقة، لا سيما ان هناك شعوراً ومعطيات لدى الاوساط الحاكمة، بوجود من يستهدف استقرار المملكة ووحدتها.
من بين التطورات المهمة واللافتة للانتباه مبادرة الملك عبد الله بتعيين الامير مقرن بن عبد العزيز وليا لولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز. وهي خطوة استباقية لتفادي اي فراغ قد يحصل في مؤسسة الحكم السعودية الاولى.
وتفاديا لاية ارباكات يمكن ان تمس هيبة ووحدة وتماسك عائلة آل سعود قام الملك عبد الله بالتوافق مع ولي عهده وسدنة الحكم في المملكة بتنصيب الأمير مقرن. وهي خطوة غير تقليدية واستثنائية في اليات مؤسسة الحكم السعودية.
الخطوة الثانية اللافتة، والتي لها عميق الصلة بالخطوة آنفة الذكر، هي تقديم الامير بندر بن سلطان، رئيس جهاز المخابرات السعودية استقالته من منصبه، وربما الحقيقة تشي بان الامير أُقيل بسبب الاختلاف في وجهات النظر مع العاهل السعودي في محاور اساسية عميقة الصلة بسياسة المملكة العربية والاقليمية.
ووفق بعض المصادر الاعلامية المتداولة في هذا الشأن، تفيد ان رئيس المخابرات، شعر في الشهور الاخيرة بالتحديد منذ النصف الثاني من 2013، انه بات غير مرغوب بوجوده في موقعه، بعد تصاعد التوتر بينه وبين خادم الحرمين نتيجة فشله في معالجة الملفين السوري والايراني. ولشعور الملك عبدالله ان الامير بندر أخطأ كثيرا في آليات عمله، وورط المملكة في سياسات غير صائبة وخاصة دعمه جماعات تكفيرية في سوريا لمواجهة النظام السوري، خدمت الخصوم أكثر مما خدمت العائلة المالكة والنظام السياسي السعودي، وتركت ظلالا على علاقات العربية السعودية مع بعض الاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة، حتى ان العديد من المعلومات الراشحة تشير إلى ان الادارة الاميركية، طلبت من الملك ابعاد بندر عن منصبه، مع انه عمل سفيرا للمملكة في اميركا طيلة 22 عاما، وربطته علاقات مع العديد من صناع القرار فيها وتحديدا عائلة بوش.
على اهمية ما ورد، فإن الزعيم السعودي، بقدر ما يأخذ بعين الاعتبار اراء اصدقاء السعودية، بقدر ما يحرص على استقلالية القرار السعودي، لذا الارجح ان العوامل الداخلية وتقدير الملك عبدالله وانصاره في العائلة الحاكمة، هي التي حسمت عزل بندر من منصبه. وتمهيدا لذلك قام خادم الحرمين بتسليم الملفين السوري والايراني للامير محمد بن نايف، وزير الداخلية، وتهميش رئيس المخابرات كخطوة ضرورية لعزله، وتكليف الفريق اول يوسف الادريسي بمهمة رئيس الجهاز، كما تم إبعاد بندر عن اللقاءات التي جمعت العاهل مع زوار المملكة وخاصة زيارة الرئيس اوباما الاخيرة لها.
رغم ان رئيس المخابرات السابق أُبعد عن مركز صناعة القرار في المملكة، إلا انه يمكن الافتراض ان دور الامير بندر السياسي انتهى، بل يمكن ان يطل لاحقا في ادوار جديدة، وان كان الترتيب الاخير لشؤون البيت السعودي، توحي بان عودته في المدى المنظور صعب وصعب جدا، الى ان حدث ما هو خارج الحسبان.
مجموعة اهداف اراد تحقيقها العاهل السعودي من خطواته الاصلاحية، منها: اولا ترتيب بيت العائلة المالكة؛ ثانيا حمايتها من التباينات والخلافات، التي برزت في معالجة الملفات الداخلية والخارجية؛ ثالثا حماية المملكة من التداعيات الجارية في المنطقة ومشاريع القوى الدولية، التي وضعت السعودية على قائمة التفتيت والتقسيم؛ رابعا استعادة الدور العربي والاقليمي، الذي تآكل كثيرا في المرحلة الماضية؛ خامسا العمل على ترتيب شؤون المنطقة العربية بما يعزز الدور السعودي على مستوى الاقليم.
الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
من هم المتطرفون الاسرائيليون اليهود الذين هاجموا قبل ايام قليلة مسجد ابو بكر الصديق في مدينة ام الفحم «عاصمة المثلث» والحقوا اضرارا بواجهة المسجد, وكتبوا شعارات عنصرية معادية على الجدران؟
والجواب بالنسبة لشعبنا الفلسطيني معروف, انهم جماعة «تدفيع الثمن» وهي واحدة من اذرع الاستيطان الاسرائيلي الارهابية, التي تعمل ليل نهار في جميع انحاء الضفة الغربية للاعتداء عن الفلسطينيين اصحاب الارض الاصليين, وترويعهم وضرب اولادهم وهم ذاهبون الى مدارسهم, واحراق سياراتهم, واحراق مساجدهم الصغيرة في القرى احتجاجا على صوت الآذا ن عند الفجر, وهذه الجماعة واحدة من اذرع الاستيطان اليهودي, وهو استيطان يكره الزيتون فيعدم اشجاره, ويكره الفلسطينيين فينهدم بيوتهم, ويعتدي على اطفالهم ويهاجم مزارعهم وحظائر اغنامهم ومواشيهم ويواجه مظاهراتهم السلمية بالحديد والنار.
واذرع الاستيطان هذه محمية بالجيش الاسرائيلي الذي رفض قادته مرات عديدة حتى تنفيذ احكام صادرة عن المحكمة الاسرائيلية العليا باخلاء بعض قطع الارض او البؤر الاستيطانية غير الشرعية بموجب القانون الاسرائيلي كما انها محمية بالشرطة الاسرائيلية التي اذا تحركت فلكي تحميهم من الفلسطينيين المعتدى عليهم, او تتظاهر بانها تفض الاشتباك بين هذه الجماعات الارهابية اليهودية والفلسطينيين الذين يدافعون عن تفاصيل حياتهم وبقائهم في ارضهم !!! بل ان هذه الجماعات الارهابية غالبا ما تكون محمية مباشرة بوزراء من حكومة نتنياهو حين يذهب هؤلاء الوزراء علنا على رأس المهاجمين للاقصى وباحاته.
لو نظرنا بعمق الى سلوك هذه الجماعات الارهابية, جماعات المستوطنين, سنكتشف بوضوح انها تتحرك وفقا لأجندة سياسية تطلقها الحكومة الاسرائيلية, بينما يبدو الامر ظاهريا كما لو ان هذه الجماعات تتحرك عشوائيا، وفي مستوطنة يتسهار جنوب نابلس اشتبكت هذه المجموعات الارهابية مع الجيش الاسرائيلي نفسه, وخرجت تصريحات متوترة من وزير الدفاع الجنرال يعلون, ولكنها تصريحات زائفة, فكيف يقف على راسهم ويشجعهم بالصباح ثم يستنكر افعالهم في المساء؟ انها لعبة مكشوفة, وكيف نبرر ذهاب هذه الجماعات الارهابية الى ام الفحم بعيدا عن تصريحات ليبرمان الاخيرة عن تبادل الاراضي والسكان؟ مجمل القول إن الاستيطان ابتداء من القدس وحتى اصغر قرية في شمال نابلس وجنوب الخليل له اجندة سياسية يتحرك على اساسها, وله خارطة سياسية ينفذها بالتدريج, ولذلك تتحطم كل المفاوضات دائما عل صخرة هذا الاستيطان اليهودي, لأن هذا الاستيطان لا يريد ان يتوقف, وتأتي المفاوضات لتدور حول نفسها, لتحرق الوقت, ذلك ان هذا الاستيطان الذي لا يدفع اي ثمن ولا يتكبد اية خسائر, يكاد يصبح حالة مستقلة, مؤسسة كبرى توازي الحكومة الاسرائيلية نفسها وان من يحكمون اسرائيل لكي يظلوا في اي حكومة فيجب عليهم ان يكونوا خدما بالمطلق لهذا الاستيطان وليس اي شيء آخر.
المقاومة الشعبية السلمية في فلسطين اذا بقيت على حالها رسما بلا مسمى, وضجيجا بلا فعل, وعناوين بلا تفاصيل واقية, فان الاستيطان سوف يتوحش اكثر, وسوف تصبح الحكومة التي تتفاوض معها مجرد وسيط لا اكثر ولا اقل.
من اجل هذا اصلا خططت اسرائيل للانقسام, وهيأت له ظروفه الموضوعية ولذلك فان هذا الانقسام من العار ان يبقى, ومن العار ان يظل هو الذي يرفع الفيتو ضد المشروع الوطني الفلسطيني, يجب كسر الدائرة, والخروج الى افق جديد, وايقاع جديد, لانه حتى المكاسب التي حققنا على الصعيد الدولي, سوف تتآكل اذا لم يصاحبها بانوراما موازية لها, تماما مثلما تآكلت المكاسب التي حققناها من اوسلو في السنوات الاولى, فقد جاءت السياسات الاسرائيلية والصراعات الفلسطينية المشبوهة لتأكل كل المكاسب التي لم يعد لها من يحميها ويتقدم بها الى الامام.
الحوار الإيراني الغربي انتظارات عربية
بقلم: هاني فحص – الحياة
واضح ان الحوار الإيراني الأميركي والأوروبي حول المشروع النووي معقد، وليس سهلاً وطريقه ملأى بالمطبات والأشواك لا بالورود فقط، وهو حوار يجري الآن علناً ومتواصلاً وان اضطرب احياناً، بعدما جرى لسنوات سرا أو بشكل شبه علني، ومتقطعاً باملاء من ضرورات ايرانية وأميركية عميقة وغير عابرة، انضجتها مراجعات وتطورات في وعي واحتياجات الشعب الايراني والأميركي وانتظارات لديهما، لم يعد من الممكن ادارة الظهر لها، هنا يرى البعض ان ايران ربما كانت اشد اضطرارا من أميركا، لأن متاعب شعبها ومطالبه بالاستقرار والعناية بالداخل والرفاه، اشد الحاحاً أو تعقيداً من نزوع متعاظم لدى الشعب الأميركي الى الكف عن عبور الحدود القومية الى الخارج والبحث عن نظام مصالح أميركية جديد يمكن تطبيقه بالحد الادنى من الخسائر الاقتصادية ودون خسائر بشرية أميركية، ويعني هذا ان التنازل من الطرف الايراني قد يكون أكبر من التنازل الاميركي، ما يمكن ان يلزم الولايات المتحدة بعدم وضع علاقاتها العربية مع المملكة العربية السعودية خاصة، في سلة التنازلات، ويمكنها بدلا من ذلك، ان تضع في سلة شروطها على ايران، تحسين علاقاتها وتفاهماتها العربية والحد من تدخلاتها وضبط مسارها في سوريا وغيرها؟ وهنا يحلو لي ان اقول بتركيز معقباً على هذا الحوار فأرى انه يترافق مع قلق على مصير علاقات تاريخية بين الغرب وأميركا من جهة وبين البلدان العربية من جهة اخرى، وتراوحت العلامات على ذلك بين التوتر الشديد والتوتر الخفيف والخفي احيانا، وبين القلق النسبي، بنسب متفاوتة بين خصم عربي أو خصم آخر، والطمأنينة النسبية وبنسب متفاوتة أيضاً بين صديق عربي وصديق آخر.
ان الفاعل الاول والاخير في العلاقات السياسية بين اي بلد وبلد آخر، مهما يكن مقدار التباين الثقافي أو المجتمعي، أو مقدار التقارب أو التشارك، هو المصالح التي تتبدل فتبدل السياسات، وعليه فليس هناك علاقات نهائية، ونقع في خطأ اذا اعتقدنا أو صدقنا بأن علاقة ايران المتوقعة مع الولايات المتحدة سوف تكون نهائية، تماماً كما أن القطيعة بينهما بعد الثورة لم تكن نهائية ولا مرة، وإن كانت قد اقتربت احياناً من خط النهاية، فإن الضرورات المصلحية كانت تردها الى الخلف، وتماماً كما لم تكن العلاقة بين أميركا وعدد من البلدان أو الدول العربية، نهائية أو مطلقة في السلب أو في الايجاب، وفي بعض الحالات كان الإيجاب يلتبس بالسلب، كما في حالة واشنطن مع النظام السوري مع ترجيح إيجابية أميركية لصالح النظام السوري في وجوده ودوامه، في عهديه الحافظي والبشاري، والمعنيون يتذكرون ان هذا النظام قد وصل واستقر اربعين سنة بفضل الرافعة الأميركية، بداية مع الضوء الاخضر السوفياتي لواشنطن في سوريا، وبفضل العناية الأميركية به، دائماً بحجة يمكن ان يكون مفعولها مستمرا في العقل الأميركي، بناء على المشهد السوري وهي ان القوى الديمقراطية المدنية في سوريا ضعيفة ولا تشكل بديلاً محتملاً وقوياً للنظام، وان البديل ربما كان هو الاسلام المتطرف الذي يهدد كل شيء. وهذا الاسلام الكامن كان بحاجة الى تنشيط أميركي متقاطع مع النظام السوري حتى تستوي ذريعة اللعب بالوضع في سورية.
على هذا، فهل تتبدل العلاقة بين بعض الاطراف العربية وبين واشنطن من غلبة الايجاب الى غلبة السلب؟ بناء على مظاهر المشهد الأميركي الايراني الذي لا يخلو من اسباب وموجبات اعادة انتاج القلق والتوتر والصراع والقطيعة، من دون استبعاد قطعي لاحتمالات الحرب؟ أرى أن الأفضل أن يعود العرب الى هندسة علاقاتهم مع أميركا والغرب وحتى موسكو التي فتحت ابوابها السوفياتية القديمة الروسية في الحقيقة، على جميع الاتجاهات طمعاً بالمكاسب على قلق يسببه لها دخولها وكأنها شريك لطرف مقابل طرف في أحد أنفاق أزمة المنطقة، اي النفق الطائفي أو نفق الفتنة الطائفية مع وجود أسباب جوهرية وتاريخية لتجدد الصراع الخطير بينها وبين مسلمي الاتحاد الروسي ومن تبقى من مسلمي القوقاز وآسيا الوسطى في هذا الاتحاد، وهم سنة عموما مع جيوب شيعية الا في اذربيجان الميالة الى السياق القومي مع تركية اكثر من السياق المذهبي مع ايران.. هذا مع أنه لم يعد خافياً أن الروس أخذوا يقتنعون وبسرعة محدودة بأن ايران لن تسمح لهم أن يكونوا أكثر من رقم مساعد للرقم أو النفوذ الإيراني في سوريا، ريثما تتدبر إيران صفقتها السورية بالتخلي مقابل ثمن قد يكون غالياً ويكون زهيداً، بناء على مقدار الوعي العربي لضرورات وتعقيدات الوضع السوري.
اذن فالامل هو استخدام قواعد هندسية عصرية لبناء علاقة عربية أميركية أو علاقات، بواقعية، أي من دون أحلام مضخمة، أو مراهنات مبالغ فيها، ومن دون يأس ومن دون وضع خيار القطيعة نصب العين، ولا بأس من مقاطعة ما مبرمجة ومن دون تسويغ ايديولوجي محرج، عندما تتعقد الامور وعلى اساس ان النسبية هي الحقيقة السياسية والمعرفية، ولا مطلقات في حركة التاريخ والشعوب والدول والمصالح والافراد والجماعات الذين استقطبوا عصبياتهم على أساس المطلقات والتعميمات الايديولوجية التي اضطروا لكسرها جزئياً، وروسيا في زمن السوفيات خير مثال على ذلك.
أرجو أن يعجل القادرون على الفعل، إلى تشكيل ورشة عملية، علمية عليمة بالعلم الاكاديمي والتجريبي والتجارب الخاصة، لتشكيل الشرط الموضوعي لشراكة العرب والمسلمين في أطروحة حضارية ثقافية منقذة للجميع، وخاصة للعرب الذين يتقدم التنجيم في فضاء توقعاتهم على علم الاستقبال والاستشراف، وربما سادت فيهم قارئات الفناجين. إن السؤال الاول سؤال ثقافي أو تنموي والتنمية ثقافة كما ان الثقافة تنمية وهل الدين غير هذين الامرين أو الامر الواحد مربوطا بالبعد القيمي أو الروحي أو الآخروي؟
« يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم».
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (323)
</tbody>
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية
</tbody>
<tbody>
الاثنين
21/4/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
المجلس المركزي الفلسطيني وتحديات المرحلة الراهنة
بقلم: بلال الشخشير – القدس
هكذا عاش اليهود بيهوديتهم في بلاد العرب..!!
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
قضية الأسرى... «باروميتر» القضية
بقلم: وليد الهودلي – القدس
من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
مرة أخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
بقلم: د. خالد الحروب – الايام
المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
المجلس المركزي أمام ملفات استراتيجية وساخنة !!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
تغريدة الصباح - لا بدّ من أن ترحلوا
بقلم: محمد علي طه – الحياة
قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
العائلة المالكة ترتب بيتها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
الحوار الإيراني الغربي انتظارات عربية
بقلم: هاني فحص – الحياة
وصمة عار اسرائيلية !
بقلم: حديث القدس – القدس
الاجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات الاسرائيلية أمس الأول ومنعت بموجبها آلاف المواطنين المسيحيين من الوصول الى كنيسة القيامة للاحتفال بسبت النور ومنعها روبرت سيري المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام والوفد المرافق له من الوصول أيضا الى الكنيسة وكذا إقدامها على إغلاق أبواب المسجد الأقصى لمنع وصول المصلين للمسجد في الوقت الذي كان يتأهب فيه متطرفوها لاقتحام المسجد الأقصى وكل ذلك وسط تحويل المدينة المقدسة الى ما يشبه الثكنة العسكرية بانتشار قواتها المكثف في محيط الأماكن المقدسة وفي مختلف شوارع المدينة وكذا في محيط المدينة ، إنما يشكل وصمة عار في جبين اسرائيل التي لطالما ادعت زورا أنها تحترم حرية الأديان وتضمن وصول المصلين والمؤمنين الى أماكنهم المقدسة في محاولة لتبرير استمرار سيطرتها على القدس العربية المحتلة.
بهذه الممارسات وما سبقها على مدى أعوام طويلة من اعتداءات المتطرفين اليهود على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية ومن منع اسرائيل المسلمين والمسيحيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول الى أماكنهم المقدسة ، ترتكب اسرائيل انتهاكا فظا للقانون الدولي وخاصة اتفاقيات جنيف وكافة القوانين الدولية التي تفرض على قوة الاحتلال عدم القيام بمثل هذه الممارسات.
وهي بذلك أيضا تحاول جاهدة الاستمرار في تنفيذ مخططاتها لتهويد المدينة المقدسة بشتى الطرق بما في ذلك تكثيف الاستيطان والتضييق على أهلها الأصليين لدفعهم الى مغادرة القدس وهو ما ينتهك ايضا القانون الدولي الذي يحظر على دولة الاحتلال القيام بمثل هذه التغييرات او ممارسة سياسة تطهير عرقي او نقل مدنيين من أماكن سكناهم او التعرض لممتلكاتهم وأموالهم.
ان ما يجب ان يقال هنا ان اسرائيل كشفت بذلك وأكثر من أي وقت مضى زيف ادعاءاتها بشأن الحرية الدينية وأكدت أنها لا تحترم القانون الدولي ولا مشاعر المسيحيين والمسلمين وأنها لا تنتمي الى قيم ومبادىء الديمقراطية وحقوق الانسان التي طالما تفاخرت بأن تلك القيم هي التي تجمع بينها وبين العالم الغربي المسيحي الذي تنتهك اليوم حرمة مقدساته وتمنع وصول المسيحيين الى احد أهم أماكنهم المقدسة في القدس.
وبذلك ، فقد حان الوقت كي يتحرك العالم أجمع الإسلامي والمسيحي لوقف هذه الغطرسة الاسرائيلية وإفهام اسرائيل انها لا تستطيع الاستمرار بالتستر خلف مزاعمها وأكاذيبها بشأن الحرية الدينية من جهة وان ما تقوم به من انتهاكات يجب ألا يمر مرور الكرام بل يجب محاسبتها ومعاقبتها على كل ما ترتكبه.
وإذا صحت الأنباء القائلة ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري سيصل المنطقة في مسعى أخير لمنع الانهيار التام للمفاوضات قبل انتهاء مهلة التسعة شهور في التاسع والعشرين من الشهر الجاري فإن من الأجدر به ان يضع النقاط على الحروف أمام هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وأن ينقل لها رسالة واضحة بأن العالم بأسره سئم انتهاكاتها وممارساتها وأن الوقت قد حان لإنهاء احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العربية.
لا مصالحة بدون حسم النهج والخيار!!
بقلم: راسم عبيدات - القدس
كلما شعر أحد طرفي الإنقسام بتأزم أوضاعه أو دخل في مرحلة حرجة،يجري ويهرب للعب على وتر المصالحة وإستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام، وتبدأ اللقاءات والإجتماعات المارثونية بين طرفي الإنقسام، يؤكدان ويشددان على إنهاء الإنقسام، ويعقدان المؤتمرات الصحفية ويصدران البيانات النابذة للإنقسام، وما يتركه من تداعيات وآثار مدمرة على قضيتنا ومشروعنا الوطني، وكأن الإنقسام ليس من فعلهما، بل بفعل مخلوقات فضائية. وما ان تتحسن ظروف احد طرفي الإنقسام، او يشعر بأن ظروفه واوضاعه مريحة، حتى يباشر في حملة قدح وذم وتشهير وتخوين للآخر للتهرب من إستحقاقات المصالحة.
المصالحة ليست قضية تحظى بأولويات طرفي الإنقسام، فهي ورقة يستخدمها هذا الطرف او ذاك، فحماس عندما كان محمد مرسي يحكم في مصر، شعرت بأن مشروعها يتقدم ويحقق نجاحات،وبالتالي لم تستعجل المصالحة، وارادت أن تفرض شروطها وبرنامجها على المصالحة، ولكن بعد سقوط مرسي وما قام به النظام المصري الجديد من إجراءات بحق «الإخوان المسلمين» و«حماس»، وجدنا حماس تخفف من سقف مطالبها وتسعى للمصالحة بأثمان اقل بكثير مما كانت تطرحه، وهذا ليس مرتبطا بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بل إرتباطاً بأوضاعها الداخلية، وكذلك السلطة في رام الله التي تفاوض اسرائيل برعاية امريكية غير مستعجلة المصالحة،حتى لا تتهم بتخريب المفاوضات،ولكن عندما دخلت المفاوضات في أزمة، ولم تحقق أي نتيجة تشكل إنجازاً له، أخرجت ورقة المصالحة كقضية ضغط وتكتيك ليس اكثر، وكلتا السلطتين نمت لهما مصالح وامتيازات والمصالحة هي مجرد ورقة ابتزاز سياسي وتكتيك لهما، وللظهور أمام الجماهير بأنهما ليستا العائق أمام إتمام المصالحة، ولذلك وجب ان يكون هناك تحرك جماهيري واسع ضد هاتين السلطتين،وأشدد على جماهيري وشعبي،لأن القوى الاخرى الرافضة للإنقسام ،لم تنجح في ان تشكل ضاغطاً حقيقياً على تلك السلطتين من اجل انهاء الإنقسام، ولذلك فإن الوفد المشكل من سلطة رام الله او التنفيذية او المركزية فالأمر سيان، والذهاب الى قطاع غزة تحت يافطة المصالحة لن يحقق اي اختراق جدي، فالمفاوضات بعد الفصح اليهودي قد تمدد وهناك خشية في ان يتراجع ملف المصالحة خطوات الى الوراء،وسيستمر الطرفان في إدارة الإنقسام والعمل على شرعنته وتعميقه،وهذا مرضي وحيوي للطرفين.
إنهاء الانقسام بحاجة الى إرادة سياسية،إرادة تغلب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة،وبحاجة الى قيادات جريئة تتحرر من التدخلات الخارجية والأجندات غير الفلسطينية، قيادة قادرة على القول لا مصلحة فوق مصلحة الشعب الفلسطيني بدون ان يتم حسم النهج والخيارات، وبدون ان يجري عليها توافق وطني وفصائلي ومجتمعي وجماهيري، سنبقى كمن يخض الماء من اجل الحصول على زبد، ولن نحصل ابدا على الزبد، فالمفاوضات تثبت في ارض الواقع وبالملموس،بأنها خيار عقيم وبائس لن يقودنا الى تحقيق ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لشعبنا في دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، بل ان هذا النهج يجري ويتواصل، وبما يسمح للمحتل ان يواصل مشاريعه ومخططاته في تهويد الأرض واسرلة السكان، وممارسة كل أشكال التطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني،فلا إستيطان توقف لا في القدس ولا في باقي الضفة، ولا حتى الإقتحامات والإعتقالات والإغتيالات في المناطق التي يقال بأنها تخضع لسيطرة السلطة كاملة،مناطق(أ)،وبالتالي فرض الإحتلال للوقائع والحقائق على الأرض متواصل وكان هناك موافقة ضمنية من الجانب الفلسطيني على ذلك.
وبالمقابل فان من يتمسكون بخيار المقاومة،هم أيضاً لم يحققوا إنجازاً حقيقياً في هذا الجانب،على الرغم من اهمية التمسك والتشبث بهذا الخيار،حتى لو كانت الممارسة موسمية،ونحن صرنا نتلمس بأن هناك من هو مستعد لقمع المقاومة وضربها في سبيل الحفاظ على مصالحه وسلطته،تحت يافطة وذريعة الحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني.
نحن امام كارثة حقيقية لا نتعامل مع قضايانا المصيرية بجدية عالية،فالمرحلة التي يمر بها شعبنا حالياً،اخطر من أي مرحلة سابقة، والمطلوب ليس رأس الزعيم الفلاني او العلاني،وليس مطلوباً المقامرة بحقوق الشعب الفلسطيني، واستخدام ورقة المصالحة للاستهلاك الاعلامي والمناكفة.
اسرائيل تستهدف المشروع الوطني، والمطلوب اسرائيليا شطب حق العودة نهائياً،وتصفية القضية الفلسطينية ولذلك بات من الملح والضروري ان تكون فصائلنا على مستوى الحدث والمؤامرة ولذلك الدعوة الى عقد المجلس المركزي ودعوة «حماس» والجهاد لحضوره،يعني بان هذه جهة مقررة للشعب الفلسطيني،يجب أن تحترم قراراتها وما يجري الإتفاق عليه،يجب ان يكون ملزماً للجميع، فنهج قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما اشاء قادنا الى الدمار،ومن يخرج عن تلك القرارات أي كان فلا شرعية له،ويجب ان يستوعب جيداً بانه لا يقرر بالنيابة عن الشعب الفلسطيني،أو يغتصب شرعية تمثيله،فهذا يدخلنا في اتون الحروب الداخلية والإقتتال.
الهجوم الإسرائيلي – الأمريكي على شعبنا،يتسلح ويستقوي بحالة الضعف والإنقسام الفلسطيني،وكذلك حالة الإنهيار العربي غير المسبوقة،حيث ان عدداً من الأقطار العربية،أخذت علاقاتها وتنسيقاتها وإتفاقياتها مع دولة الإحتلال تخرج الى العلن،وهي تشارك معه ومع امريكا بالضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته،وتبتزها من اجل الموافقة على مشاريع تصفية القضية،وفي المقدمة منها الإعتراف بيهودية اسرائيل ،وانا هنا أقول بان اي اتفاق مع دولة الإحتلال توافق فيه السلطة الفلسطينية على إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن أسرى الداخل،سيكون مقدمة وترجمة عملية لشعار يهودية اسرائيل وتبادل الأراضي.
المصالحة وإنهاء الإنقسام،يجب ان يكونا مستندين الى برنامج سياسي واستراتيجية موحدة تتوافق وتلتف حولها كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي والشعبي الفلسطيني،وهي قضايا جوهرية واستراتيجية،وليست قضايا ذات طابع تكتيكي وإستخدامي لخدمة هذا الطرف او ذاك،فخطر الإنقسام يوازي خطر اوسلو،إن لم يكن اكثر،فكلاهما يقسم ويفصل الشعب الفلسطيني،ويشرع الإنقسام والإنفصال.
المجلس المركزي الفلسطيني وتحديات المرحلة الراهنة
بقلم: بلال الشخشير – القدس
ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني بناء على قرار رئيس المجلس واللجنة التنفيذية بتاريخ 26 -27 من الشهر الحالي وهو الهيئة الوسيطة بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية. وعدد الاعضاء الحاليين للمجلس الوطني يفوق 700 عضو.
وكان المجلس المركزي قد انشىء عام 1973 وكان يضم 32 عضوا و6 مراقبين وحاليا يضم 118 عضوا وما يزيد عن مائة مراقب يمثلون جميع الفصائل والاتحادات الشعبية والعسكريين والمهجر ورؤساء اللجان في المجلس التشريعي منهم ثمانية من حركة حماس رئيس وأمين سر التشريعي ورؤساء اللجان. الا ان حركة حماس لم تشارك في أي من اجتماعات المجلس المركزي رغم ان رئيس المجلس الوطني كان يوجه لهم الدعوات.وللمركزي صلاحيات اتخاذ القرارات في ظل عدم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني وآخر مرة عقد في تموز 2011في مقر المقاطعة في رام الله.
تعقد هذه الدورة في ظل تطورات سياسية في غاية الأهمية تتمثل بفشل المفاوضات وانسداد الافق السياسي وتصعيد الاعتداءات الاسرائيلية من تواصل لعمليات تهويد القدس والاستيطان واعتقالات، وحجزالاموال الفلسطينية ومراوحة المصالحة في مكانها وفي ظل تآكل الشرعيات الفلسطينية. فالمجلس الوطني لم ينعقد منذ نيسان عام 1996 والمجلس المركزي لم يعقد منذ آذار 2011رغم وجود قرار بعقده كل ثلاثة شهور واللجنة التنفيذية مضى عليها 18عاما فهناك البعض يحضرون الاجتماعات وهم ليسوا اعضاء .وهناك فصائل عدد اعضائها لا يتجاوز عدد اصابع اليد وهذا مغاير لكل قوانين الثورات وتطور الشعوب.
لا يمكن إدارة الامور ونحن حاليا دولة بنفس الأنظمة والادوات والشخوص.
والمجلس التشريعي معطل منذ احداث غزة وايضا في ظل تبني القيادة التوجه والانضمام الى المنظمات والاتفاقات الدولية .
تأتي هذه الدورة في ظرف يشهد فيه الاقليم العربي حالة من الانهيار والتغيرات وعدم الاستقرار، فسوريا غارقة بالدماء والحرب الأهلية والعراق تسوده الفوضى ولبنان يعاني من عدم استقرار الحكم ومصر تعاني من الاستنزاف وما يشهده اليمن والسودان وتونس وليبيا من صراعات داخلية ومجاعة في الصومال.
اهم المحاور والتي على المجلس المركزي حسمها:
اولا: العودة والقبول بتمديد المفاوضات مقابل إطلاق مجموعة من الاسرى ووقف الاستيطان .
ثانيا: تفعيل وتجديد مؤسسات منظمة التحرير وهذا يتطلب اتخاذ قرار بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني خلال ثلاثة اشهر وعدم رهن مستقبل مؤسسات الشعب الفلسطيني لمواقف التسويف الذي يختبىء خلفها البعض لاعتبارات شخصية والتذرع بأن عقد اجتماع للمجلس الوطني تكريس للانقسام وإقرار بالانفصال ..
ثالثا: تصعيد المعركة الدبلوماسية والمقاومة الشعبية في ظل الظروف العربية والفلسطينية الداخلية وما سيترتب عن ذلك من استحقاقات سياسية وحياتية على مستقبل القضية الوطنية والشعب.
ان المجلس المركزي مطالب بتحويل هذه الدورة لدورة تقييم واقعية وأن يقدم فيها تقارير سياسية وتنظيمية ومحاسبة اللجنة التنفيذية واللجان التابعة لها وتقرير عن اداء الحكومة والوضع المالي للمنظمة والتوصل لقرارات قابلة للتنقيذ وتجديد مؤسسات المنظمة وإخراجها من «الإنعاش» ورسم سياسات عملية في التصدي للاحتلال بعيدة عن لغة الخطاب والشعارات ..
هكذا عاش اليهود بيهوديتهم في بلاد العرب..!!
بقلم: محمد جلال عناية – القدس
هذه محاولة لقراءة التاريخ الفلسطيني بمفاهيم العصر بعيدا عن ترهات بنيامين بن بنزايون نتانياهو حاكم اسرائيل الحالي، الذي يتجاهل ان يشوع بن نون قد غزا ارض كنعان.
تعارف الفلسطينيون في القرن العشرين على ان وطنهم فلسطين يمتد من جنوب لبنان شمالا الى شمال سيناء وجنوبا، ومن نهر الاردن شرقا الى البحر الابيض المتوسط غربا، وهذا هو الوطن الذي ورثوه، وارتضوه لأنفسهم فأقاموا فيه، ودفعوا عنه الغزاة، وتطلعوا لاقامة دولة فيه، متعددة الاعراق، ومختلفة الاديان، دون تمييز مواطن عن مواطن.
وللفلسطينيين العرب سجل مشرف في معاملة الاقلية من اليهود، الذين عانوا على ايدي الرومان والصليبيين الغزاة ما عانوه.
ففي الاعوام السبعين التي تلت تدمير الهيكل بعد سنة (70م) قضى الرومان على 600 الف يهودي، واستعبدوا 300 الف منهم. ولم يبق من اليهود سوى بضعة آلاف تفرقوا في الجليل، ومنعهم الرومان من دخول القدس.
اخذت اعداد اليهود تتزايد في فلسطين بعد ان فتحها العرب في القرن السابع الميلادي.
كان الصليبيون ينظرون الى اليهود على انهم قتلة المسيح. وانهم يضعون السم في آبار الشرب، ومع وصول الصليبيين الى فلسطين، بدأت المذابح للقضاء على اليهود، فلم يبق منهم سوى خمسة آلاف نسمة في العام 1169م.
ولكن بعد ثمانية عشر عاما، ألحق صلاح الدين الايوبي هزيمة كاسحة بالصليبيين في «حطين» عام 1187. وفي ظل النظام السياسي الاسلامي المتسامح اخذت افواج الحجاج اليهود تتدفق على فلسطين من وراء البحار. وقد جاء معظمهم من اسبانيا حيث كانت تلاحقهم محاكم التفتيش، وطبق عليهم قانون الترحيل «1492»، فرحل ثمانية آلاف من اليهود السفارديم الى فلسطين. وعندما استولى الاتراك على المنطقة العربية «1517» تسامحوا مع اليهود في فلسطين.
في بداية القرن التاسع عشر، لم يتجاوز عدد سكان فلسطين نصف مليون نسمة كان بينهم خمسة آلاف من اليهود، اي ما نسبته 1٪ من عدد السكان.
كان المجتمع الفلسطيني في غالبيته مجتمعاً زراعياً، ترهقه في ظل الحكم العثماني عوامل تعوق نموه، كالتعسف في جباية الضرائب التي لا تتناسب مع ضعف الانتاج الزراعي، والتجنيد الاجباري في الجيش التركي، واعمال السخرة، بالاضافة الى عوامل طبيعية كالجفاف وقلة المطر، وغزو الجراد، والاحوال الصحية المتردية كسوء التغذية، وانتشار الامراض والاوبئة.
منيت تركيا بهزيمة منكرة في الحرب الروسية-العثمانية «1768-1774»، كادت على اثرها ان تتفكك اقاليم الامبراطورية العثمانية في اقاليم اوروبا الشرقية. فهبت دول اوروبا الغربية لمساندة الامبراطورية العثمانية لانها كانت تتطلع هي الى وراثة اقاليمها كما «حدث بعد الحرب العالمية الاولى».
مع اعتماد الامبراطورية العثمانية على مساندة دول اوروبا الغربية ازداد نفوذ هذه الدول عليها، فحصلت عام 1840 على «الامتيازات الاجنبية»، التي تضع رعايا هذه الدول تحت الحصانة القانونية والمالية التي يوفرها لهم قناصل بلادهم. وقد استطاعت بريطانيا عام 1846 ان تحصل لليهود في فلسطين «15 ألف نسمة» على هذه الحصانة تحت رعاية القنصل البريطاني في القدس.
كان هدف بريطانيا من الحرب العالمية الاولى (1914-1918) هو تأمين الطرق المائية بينها وبين مستعمراتها، واضافة مستعمرات جديدة، حيث النفط والمواد الخام، الى الامبراطورية البريطانية. اما المانيا فكان لديها صناعة قوية وانتاج وفير للاسلحة، مما ولد لديها قناعة بأن الحرب لن تستمر لاكثر من بضعة شهور.
وكان بين تركيا والمانيا علاقات قوية، حيث كانت تقيم في تركيا بعثة المانية عسكرية منذ عام 1830.
مع انه كان لتركيا علاقة قوية ببريطانيا، حيث كانت تركيا تعتمد على احواض السفن البريطانية في بناء سفنها الحربية، وتصادف ان اوصت تركيا قبيل الحرب العالمية الاولى على بناء سفينتين حربيتين في الاحواض البريطانية ودفعت ثمنها مقدما، وكان هذا الثمن عبارة عن تبرعات من الشعب التركي، لأن حكومته كانت فقيرة.
وفي عمل عدواني واستفزازي صادر ونستون تشرتشل السفينتين وغير اسميهما، واضافتهما الى الاسطول البريطاني، مما اثار نقمة الشعب التركي وسخطه على بريطانيا، وما كان من تركيا الا ان عقدت اتفاقية سرية مع المانيا في اليوم نفسه، وكان البلدان قد اتفقا على مشروع خط سكة حديد برلين - بغداد.
كان ونستون تشرتشل، وزير البحرية البريطاني، مسؤولا عن ارسال الحملة العسكرية الى الدردنيل (شبه جزيرة غاليبول) حينما نشبت الحرب بين تركيا والحلفاء (بريطانيا وروسيا وفرنسا) ولكن هذه الحملة انتهت الى فشل ذريع وخسائر فادحة للحلفاء في الاسطول وقوات الانزال، التي انسحبت في 1916/1/9، واثر الهزيمة استقال تشرتشل من وزارة البحرية.
ادى انشغال تركيا بالحرب العالمية الاولى الى اتاحة الفرصة للعرب للثورة ضد الحكم التركي الطوراني، كما ان هذه الحرب ابرزت اهمية فلسطين الاستراتيجية لتأمين قناة السويس، التي ترتبط بها كل العمليات الحيوية المتعلقة بسلامة الامبراطورية البريطانية، كالتجارة، وحركة الجيوش ونقل العتاد العسكري، والاتصال والتواصل بين اقاليمها.
وقد ازدادت اهمية فلسطين بالنسبة لمصير قناة السويس بعد فشل بريطانيا في حملة الدردنيل على شبه جزيرة غاليبول 1916/6/9 للسيطرة على مضيق الدردنيل والوصول بحرا الى استنبول عاصمة الامبراطورية العثمانية.
واشتدت مخاوف بريطانيا من ان تتعرض قناة السويس للغزو مجددا من قبل تركيا التي قد غزتها مرتين، الاولى في كانون الثاني 1915، والثانية في آب 1916. ورغم ان بريطانيا قد صدّت الغزوتين الا انهما اثارتا اهتماما باحتمال غزو قناة السويس من فلسطين، وهذا ما رفع من رصيد فلسطين في الحسابات الاستراتيجية البريطانية.
وقد جاء من ضمن هذه الحسابات ضم الجهود العسكرية لكل من العرب والبريطانيين ضد الاتراك. وكان هذا هو الدافع وراء اتفاقية الشريف حسين وهنري مكماهون في 1915/10/24، والتي جاء فيها ان بريطانيا : "على استعداد للاعتراف باستقلال العرب ضمن الحدود التي عينها الشريف حسين.." مقابل انضمام العرب الى الجهد العسكري للحلفاء ضد تركيا، مع شرط بريطاني يؤكد ان تقوم الحكومة العربية الجديدة بطلب "النصح والارشاد من بريطانيا فقط.."
انطلقت الثورة العربية بقيادة الامير فيصل بن الحسين في حزيران 1916، وانضم اليه فيما بعد ضباط بريطانيون كان ابرزهم توماس ادوارد لورنس، الذي اشتهر في العالم باسم «لورنس العرب».
لا نريد ان نكبح انفسنا عن الغوص قليلا في ترهات بنيامين بن بنزايون نتانياهو، حيث يقول هو بأن العلاقة بين العرب واليهود هي صراع ابدي بين النور اليهودي والظلام العربي، مع ان العرب هم الامة الوحيدة التي انقذت اليهود من الهلاك، وأحسنت معاملتهم ما وسعها ذلك. ويدعي نتانياهو بأن العرب اغتصبوا فلسطين من اليهود، دون ان يحدد الزمان والمكان الذي هبط فيه الفلسطينيون بالمظلات على ارض فلسطين.
إن ابتداع اسرائيل كدولة من قبل القوى العالمية كان صفقة رابحة لهذه القوى، وخاسرة بالنسبة لليهود من معتنقي الفكرة الصهيونية القائمة على العداء والكراهية للعرب وإن هذه المواجهة للعرب التي اختارتها الحركة الصهيونية وضعتها على طريق يوصل الى اللامكان إلا إذا كان هذا المكان ميدان المعركة الفاصلة بين الخير والشر عند نهاية العالم.
إن الحركة الصهيونية فشلت في حل ما يسمى بالمسألة اليهودية بإقامة اسرائيل المعاصرة ،لأن اسرائيل هذه اختارت العزلة الثقافية عن العرب، ولهذا ستبقى اسرائيل اقلية بجوار العرب وحلفائهم مهما تكاثرت قنابلها النووية!!
قضية الأسرى... «باروميتر» القضية
بقلم: وليد الهودلي – القدس
هذا العنوان هو عنوان القضية .. فلو قلنا أن القدس باروميتر القضية لجاز ذلك ولو قلنا أن تحرير الارض هو الباروميتر لجاز ذلك ولكن القدس والاقصى وتحرير الارض الفلسطينية هي التي دفعت هذا الانسان القابع خلف القضبان ليدفع أغلى ما يملك. لذلك فهو باروميتر القضية ، بمعنى انه اذا حظي بالاهتمام وكانت قضيته هما عاما للناس ، وبذلنا كل ما نملك من الغالي والنفيس لتحريره وخلاصه من الاسر كنا في خير ، أما اذا همشنا قضيته وضعف بأسرانا الاهتمام وانحصر التضامن والمؤازرة على أهله وذويه وبعض الناشطين كما هو الحال الآن فأمرنا في خطر ..
اذا كان اسرانا في خطر فحياتنا كلها في خطر .. اذا كان اسرانا في مهانة فحياتنا كلها ذليلة ومهينة .. اذا تردت احوال اسرانا فنحن في الدرك الاسفل من البشر .. الأسير ليس فردا يسكن الزنازين وحسب! بل أسرة يقتات القلق والعذاب والفقد والألم من قلوبها! الأسرى الحقيقيون أضعاف الأعداد التي توفرها الاحصائيات .. الأسرى عنوان ودليل قاطع على أن حريتنا كشعب مسلوبة طالما ان سجونهم مفتوحة وتطال الاحرار فينا ..
علينا أن نعيد للوجدان بعض التعريفات: ما الذي يعنيه الاسرى في حياتنا؟ ما الذي يريده الاسرى منا في يومهم السنوي ؟ ما هي رسالتهم لنا؟
ثلاث رسائل بلسان حال الاسرى الاحرار في سجونهم سيحاول صياغتها سجين سابق يقبع الآن في حرية مزعومة ويحمل اسم اسير محرر:
الرسالة الاولى لكل فلسطيني حر : اعلموا أن يوم الأسير هو يوم نؤكد فيه على شعبنا وقياداتنا التمسك بالثوابت الوطنية .. لماذا ؟ لأننا دفعنا نحن الأسرى أعمارنا عن طيب خاطر من أجل حرية حقيقية لا حرية مزيفة! نرفض أن تكون الثوابت الوطنية قرابين لإطلاق سراحنا ، نرفض بشدة أن يجري المساومة علينا فلسنا سلعة تباع وتشترى ، إنما نحن قضية تحرر وحريتنا جزء لا يتجزأ من حرية هذا الوطن ..
أما الرسالة الثانية : فجهادنا ونضالنا داخل السجون هو جزء من جهادكم ونضالكم والعكس صحيح : نستمد قوة من قوتكم ونضعف اذا ضعفتم ، والرسالة هي الا تتركونا نقارع السجان بأمعائنا الخاوية وأيدينا المجردة من كل أدوات الصراع وأنتم تنتظرون الفرج وقد يكتفي بعضكم بالدعاء والتنفيس عن مشاعره الغاضبة، رغم علمه اليقين بأن السماء لا تمطر ذهبا وان الدعاء يجب ان يكون مقرونا بالعمل ، لا تتركونا نقارع السجان وحدنا مع بعض المسيرات التي تمشي على استحياء ...
هناك فعاليات يمر عليها كثير من الناس وكأن الامر لا يعنيهم - هكذا ينقل الينا اهلنا الخبر وكم نراهم متألمين ؟؟ هل تدركون حجم الامل الذي ينبعث في نفوسنا ونفوس اهلنا عندما نرى المؤازرة كبيرة من شعبنا .. وكم هي الغصة في صدورنا عندما لا يرون الا نفرا قليلا .. نحن واياكم على جبهة واحدة فلا تتركونا نحن جميعا قضية واحدة وقضيتنا في نفوسكم باروميتر لفلسطين .. اذا ارتفعنا عندكم ارتفعت الحرية في نفوسكم وسرنا معا نحو فجر صادق قريب ..
رسالتنا الثالثة : الوحدة ليست شعار كما اصبحت هذه الايام وهي ليست كلاما منمقا يجيده السياسيون والمتكلمون وكفى الله المؤمنين القتال .. اننا لا يسعفنا في سجننا الا وحدتنا ، وأنتم لكم سجن صنعتموه بأيديكم اسمه سجن الانقسام .. أنتم تحرسونه وتحكمون أقفاله..اننا واثقون بأنكم لن تكونوا قادرين على تحريرنا الا بتحرركم من سجن الانقسام .. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ..
نريد خطوات عملية على أرض الواقع ، بتنا نمقت كل من يسهم في كلمة او تصريح يعمق فيه الانقسام .. نحن نخاطب عبر هذه الرسائل شعبنا بأنكم "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" : لا تسكتوا عن اكبر المنكرات : منكر الانقسام .. حولوا مسيراتكم ووقفاتكم معنا ضد كل من يجر شعبنا للانقسام .. لان في ذلك تكريس لبقائنا داخل السجون .. هناك سجنان سجن نحن فيه يسجننا المحتل وسجن ثان نسجن شعبنا فيه بأيدينا هو سجن الانقسام ..
ثمة بعد هذه الرسائل ما يؤكد أن قضية الاسرى هي باروميتر القضية .. يجب ان تصبح هما عاما ، بعض الناس يستهين بالحراك الداعم للاسرى ، الا نرى أن من شأن هذا أن يصنع مناخا وبيئة خصبة لجعل تكلفة الاحتلال عالية بسبب ابقاء اعداد كثيرة في السجون ولفترات طويلة .. خصومنا يحسبون لذلك الف حساب لذلك تراهم يراقبون الشارع الفلسطيني ويتحسبون كثيرا كلما علا الموج ..
ثم إن علينا ايضا حتى نكون عمليين واجبا تعبويا تثقيفيا تربويا لحماية شبابنا من الاعتقال : ما زال الاحتلال موجودا وما زال الصراع مفتوحا ، وما زالت التهديدات من الاحتلال كبيرة، الا يدفعنا هذا الى نشر الثقافة التي تحمي شبابنا وفتياتنا من مخاطر الاعتقال : قبل وحالة التعرض له بالخروج منه بأقل الخسائر ان حصل .. هناك خبرات مكتوبة دفع لها أصحابها ثمنا باهظا .. الا نحتاج الى الثقافة العالية ؟؟ كيف نحمي ابناءنا من هذه المخاطر المحدقة والقادمة لا محالة .. لا بد من تهيئة تربوية مناسبة تدخل مناهجنا كشعب يتعرض كثيرا للاعتقال وتعديات الاحتلال ..
قضية الاسرى ثقافة ووعي وإرادة وفعل .. برنامج طويل نستطيع ان نقدم فيه الكثير الكثير ..
من امتهان "الحرية" بالاستبداد .. فإلى امتهان "الديمقراطية" بالانتخاب !
بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
في المجاز هناك: عالم عربي. نظام عربي.. وربيع عربي. في غير المجاز نقول إن الربيع العربي فكفك قليلاً امتهان الاستبداد العربي للحرية العربية، ولعل الربيع العربي، بعد ثلاث سنوات، بدأ مرحلته الثانية: امتهان الديمقراطية بالانتخاب!
ليس أقل من نصف دزينة من الدول العربية تشهد، هذا العام، مختلف صنوف الانتخابات: للرئاسة؛ للبرلمان، للبلديات، من شرعية الشارع والميادين، في مستهل الربيع العربي (عالم عربي في المجاز؛ ونظام عربي في المجاز) .. فإلى شرعية الصوت في صناديق الاقتراع!
بدأ الربيع العربي بهيجاً، وانتهى في كل بلد تقريباً إلى نموذجه القطري الخاص في تحويل شرعية الشارع الغاضب إلى شرعية صوت الناخب.
في الثلث الأخير من القرن المنصرم، وضع أحد المؤلفين الأجانب كتاباً معنوناً: "هؤلاء المرضى الذين يحكمون العالم"، فقد كان هناك مرضى ومسنون من الرؤساء يحكمون، في الأقل، ديمقراطيات عريقة: فرنسا والرئيس المريض ميتران، أميركا والرئيس العجوز ريغان، والاتحاد السوفياتي حيث ينتخب الحزب عجوزاً تلو العجوز، توافيه المنيّة بعد قليل من انتخابه (تشيرننكو، أندروبوف).
والآن، لماذا انتخب شعب الجزائر لرئاسة رابعة، رئيساً عليلاً ومعاقاً في عقله وجسمه؟ يقولون إنه لن يحكم فعلاً، بل سيكون ظلاً للحزب الحاكم، وإن الحزب بدوره هو ظل الجيش القوي المنتصر على الإرهاب.. ومن ثم، فالشعب انتخب الاستمرار والاستقرار، بعد أن اكتوى بحرب أهلية اخترمت حياة 200 ألف إنسان.
سلم أهلي واستقرار؟ هكذا فسّرت النتيجة لويزة حنون، المرأة الوحيدة بين ستة متنافسين، وزعيمة حزب العمال التروتسكي.
لا أعرف كم أحرزت لويزة من أصوات المقترعين، لكنها تستحق الاحترام لدخولها منافسات الرئاسيات للمرة الثالثة.. لكن ما فاجأني هو تأييدها لانتخاب بوتفليقة، الذي وصفت فوزه بـ "تصويت دفاعي مقاوماتي"!
أحرز بوتفليقة 81.53% من أصوات الناخبين (وليس من أصوات أصحاب حق الاقتراع) وأحرز منافسه الرئيس ورئيس وزرائه السابق بن فليس 12.18%، وجاء بلعيد ثالثاً.
كانت هذه انتخابات تنافسية فعلاً، كما هي الانتخابات التونسية، وكذا الانتخابات العربية الأهم، أي المصرية.
من الواضح ان امتهان الحرية في نظام الاستبداد العربي السابق كان مديداً، ولكن امتهان الديمقراطية سيكون قصير الأجل أو مرحلة انتقالية، ريثما تتمأسس الديمقراطية بقرانها من الحرية.
لعلّ الناخب الجزائري نظر إلى أحوال العراق وسورية ومصر وليبيا، ثم أعطى صوته للرئيس الذي أنهى الحرب الأهلية المريرة، وبدأ مرحلة تعدد الأحزاب والانتخابات التنافسية.
كثيرون من العرب غير الجزائريين سخروا من ترشيح بوتفليقة نفسه، ومن فوزه، رغم أنه وعد شعبه أن يسلم الشباب (بعده فقط؟) قيادة البلاد.
هناك فلسطينيون بين الساخرين العرب، لكن أحد الجزائريين المؤيدين للرئيس، قال: على الفلسطينيين الاهتمام بأمورهم.. "وكل الدول والشعوب تحكمها حكومة.. إلاّ أنتم أصحاب الحكومتين"!
صحيح، أن انتخابات الرئاسة الجزائرية كانت تنافسية، لكن التصويت جاء أقرب إلى "الاستفتاء" على السلم الأهلي والاستقرار، وكذلك الحال في الانتخابات المصرية وهي تنافسية للمرة الثانية، لكن ستكون النتيجة أقرب إلى "استفتاء" على انتخاب قائد الجيش، وهو القوة الأقوى والأكثر شعبية في مصر، وعامل استقرار من فوضى واقتتال كما في سورية والعراق وليبيا. انتظروا فوز بشار الأسد بانتخاب ـ استفتاء.
من ينظر إلى عالم عربي بالمجاز، ونظام عربي بالمجاز، وربيع عربي بالمجاز، سيلاحظ أنه منذ ربع قرن قبل الربيع العربي، انتقل "مركز" العالم العربي من الدول الجمهورية الاستبدادية القوية، إلى "أطراف" العالم العربي في دول الخليج.
صحيح أن دول الخليج تمتهن الحرية بالاستبداد، والديمقراطية بانتخابات غير ديمقراطية، لكنها وفرت لشعوبها (شعوبها لا الوافدين إليها) شروط الثراء ومتعة العيش، وصارت "المركز" العربي على كل صعيد مالي، إعلامي، عمراني، وحتى ثقافي.
انتهى زمن التقسيم القديم للعالم العربي حسب محمد حسنين هيكل: دول الثورة والجمهوريات (المركز) ودول الثروة (الأطراف) إلى دول (الفوضى) في المركز ودول الاستقرار في (الأطراف).
***
وددت القول لمواطن جزائري مغتاظ من رأي بعض الفلسطينيين: بدأت الحرب الأهلية الجزائرية برفض الجيش التسليم بفوز الجماعات الإسلامية، لكن انقسام الفلسطينيين بين حكومتين كان نتيجة التسليم بفوز الإسلاميين بلدياً وبرلمانياً.
الشعب على حق، مبدئياً، لكن الناخب ليس دائماً على حق!
قنابل الرئيس حقيقية وليست صوتية ..
بقلم: طلال عوكل – الايام
قبل أيام قليلة، على بلوغ المفاوضات محطتها الأخيرة في التاسع والعشرين من هذا الشهر، ألقى الرئيس محمود عباس، جملة من القنابل، التي تنطوي على رسائل خطيرة، لكل من يقف على الناحية الأخرى فلسطينياً وعربياً، ودولياً.
القنابل التي أطلقها الرئيس ليست صوتية، ولا ننصح أحداً من الموالين له أو وخصوصاً من المعارضين، أن يتعامل معها بخفة واستهتار أو على أنها مجرد ثورة غضب مؤقتة، أو رد فعل لحظي على التصعيد الإسرائيلي الذي اتخذ طابع التهديدات، أو طابع الإجراءات العقابية.
السادس والعشرون من هذا الشهر أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء العمر المخصص للمفاوضات، سيترتب على المجلس المركزي لمنظمة التحرير أن يقف بمسؤولية، كاملة أمام أجندة صعبة، تنطوي على تحولات وتداعيات استراتيجية، ينبغي على الجميع أن يشارك في دفع استحقاقاتها.
يدرك الرئيس وتدرك كل الفصائل السياسية أن خيار المصالحة، هو خيار مجابهة واشتباك مع إسرائيل التي تبني مخططاتها وسياساتها على أساس ما يوفره الانقسام الفلسطيني من مزايا وفوائد بقدر ما ينطوي عليه من مخاطر وأكثر على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
أن يختار الرئيس هذا التوقيت، لإرسال وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يفترض أن يصل إلى غزة اليوم والأرجح أن يصل غداً، هذا أمر يستحق التفكير في مدى جدية المسعى نحو المصالحة أولاً، والتفكير أكثر في مدى جدية الحديث عن إجراء الانتخابات بمعزل عن التوافق الوطني، في حال فشل الوفد في التوصل إلى نتائج عملية واضحة.
المطلوب بحسب مصادر قريبة من الوفد، أن توافق حركة حماس على تشكيل الحكومة، وتحديد موعد لا يتجاوز الستة أشهر لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يتبع ذلك اجتماع للمرجعية الوطنية التي تشارك فيها حماس والجهاد لبحث موضوع الخيارات السياسية، وآليات متابعة ما تبقى من ملف اتفاق المصالحة.
الحاجة لحوار استراتيجي أمر لا ينكره أحد، ولكن الإصرار على البدء به وتأخير تنفيذ بنود المصالحة إلى ما بعد الانتهاء منه، يعني استهلاك المزيد والكثير من الوقت قبل أن نتأكد من أن الكل جاهز لتنفيذ المصالحة، وفي الحقيقة فإن تحقيق المصالحة السياسية، التي توفرها الحكومة، أمر يحظى بأولوية وتدرأ خطر إعلان فشل المصالحة، والذهاب إلى خيارات صعبة من النوع الذي يشير إليه الرئيس.
من الواضح أن تشكيل الحكومة لا ينهي ملف توحيد المؤسسة، وهو أمر شائك ومعقّد إلى حد كبير، الأمر الذي يرتب على حماس أن تفكر في كيفية التعاطي مع ملف خمسة وخمسين ألف موظف مسجلين لدى حكومتها، إلى أن ينتهي البحث في كيفية معالجة هذا الملف نحو توحيد المؤسسة.
يرتب ذلك على حماس أن تفكر ملياً، وأن تتحمل مسؤوليات كبيرة في حالتي الاتفاق على تنفيذ المصالحة كما يريدها وفد المنظمة أو الاستعداد للتعامل مع ما هو أصعب في حال فشل المصالحة، وتنفيذ وعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بمعزل عن التوافق الوطني.
هنا يكمن السؤال بشأن الشرعية، التي يجري تجاهلها أو التقليل من قيمتها، فإذا كان الرئيس فاقدا للشرعية والصلاحية، فإن التشريعي أيضاً فاقدها، وإن كان الرئيس رئيساً، فإن لجوءه لتجديد الشرعيات انتخابياً، سيؤدي إلى تجديد شرعيته، وسحب الشرعية عن المجلس التشريعي، الذي تتغطى به حركة حماس.
يمكن لأي طرف فلسطيني معارض أن يستمر في التحدث عن عدم شرعية الرئيس، وعدم شرعية قراراته، ولكن الشرعية لا تتوقف على البعد الانتخابي فهو يستمد شرعيته فوق ذلك على الشرعية العربية، والدولية، وحتى الشرعية الإسرائيلية، إن كانت هذه تحسب من بين الشرعيات، وحين ذاك لا يبقى لحركة حماس كحكومة سوى شرعية الأمر الواقع، وهي شرعية غير مستقرة في أحسن الأحوال.
وعلى حماس أن تفكر في وضعية قطاع غزة، في حال فشلت المصالحة، وقرر الرئيس الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، وعليها أن لا تستهتر أو تستخف بالتداعيات التي تنجم عن ذلك.
وبرأينا فإن إسرائيل من غير المرجح أن توافق وتسهل إجراء انتخابات فلسطينية عامة، بتوافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ولكنها قد تغض النظر عن انتخابات، دون توافق وطني لأن ذلك سيؤدي إلى استمرار وتفاقم الانقسام وإلى، إضعاف دور ومكانة حركة حماس، التي تخضع لحصار مشدد، وأزمات تزداد تفاقماً.
الأمر الآخر، الذي ينطوي على تحد خطير لكل الأطراف المعنية فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً، هو حديثه عن الاستعداد لتسليم مفاتيح السلطة أو ما سماه الفندق خمس نجوم، للأمم المتحدة، ولأي ضابط إسرائيلي صغير.
هذا الحديث ليس حديث الغاضب أو المحبط، أو الذي يلوح بتهديد لا يترك أثراً عند صنّاع القرارات، خصوصاً وأن وجود السلطة واستمرار وظيفتها ودورها، هو أمر مطلوب إسرائيلياً بإلحاح، لأنه يوفر لها احتلالاً غير مكلف، وهو أمر مطلوب عربياً ودولياً، لأن بدائله مكلفة جداً من حيث، إنه يفتح الصراع واسعاً، وينهي أوسلو، وكل مجرى المفاوضات، ويعيد بناء حركة التحرر الوطني الفلسطينية وفق استراتيجيات وخيارات جذرية مختلفة.
عند الحديث عن واقعية هذا الخيار، الذي طالب به العديد من الفصائل والشخصيات، وإقفال ملف التفاوض كخيار في هذه الفترة، يصبح على جميع القوى الفلسطينية أن تفكر في الثمن الذي عليها أن تقدمه، مقابل الثمن الكبير الذي سيدفعه الاحتلال، الذي عليه أن يتحمل كافة مسؤولياته تجاه ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والذين أقرت لهم الشرعية الدولية حق تقرير المصير، ودولة قد تصبح عضواً كاملاً، ولكنها تحت الاحتلال.
لم يدر في ذهن راسمي السياسة الإسرائيلية، معنى التصريحات والتهديدات والإجراءات المتطرفة التي لم يتوقفوا عن إطلاقها واتخاذها، وربما لم يدر في خلد الإدارة الأميركية أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من توظيف أوراق القوة الفلسطينية، والأرجح أن على الطرفين الإسرائيلي والأميركي أن يتعاملا بجدية كاملة مع ما تبقى من الوقت حتى نهاية الفرصة المتاحة للمفاوضات، وأن يستعدا لدفع الثمن المطلوب للطرف الفلسطيني قبل أن تنزلق العربة إلى هاوية سحيقة.
مرة أخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
بقلم: د. خالد الحروب – الايام
بعيداً عن سياسة السلطان عبد الحميد المترددة تجاه الاستيطان اليهودي المتسارع في فلسطين خلال حقبة حكمه الطويل، من 1876 إلى 1909، وحيث تضاعف عدد اليهود إلى ثلاثة أضعاف عن ما كانوه قبل حكمه، وبعيدا عن لقاءاته الخمسة مع تيودور هرتزل وإبقائه خطوط التواصل مع الزعيم الصهيوني مفتوحة وساخنة، بما كرس قناعات هذا الاخير بأن الباب الموارب الذي تركه السلطان له وللتوسع اليهودي في فلسطين هو في الواقع أعظم مما توقع، وبعيدا عن سياسات الارتشاء التي اتبعها موظفوه في القدس وفلسطين ومرروا عبرها أراضي فلسطينية كثيرة إلى المنظمات اليهودية، تخبرنا السيرة الحقيقية للسلطان عن فترة حكم بائسة اتصفت باستبداد فردي وبسياسة خارجية نزقة ومترددة ومتخاذلة، لم يحافظ بسببها على الامبراطورية التي ورثها عن أجداده، بل سرع من انهيارها بشكل أدهش حتى أعداءه.
تسلم عبد الحميد الحكم سنة 1876 من خلال مؤامرة تعاون فيها مع جماعة "العثمانيين الجدد" ضد شقيقه السلطان مراد الخامس.
كان العثمانيون الجدد مع الإصلاح الدستوري والانتخابات البرلمانية وتعديل مسار الامبراطورية من الحكم الفردي إلى الحكم البرلماني، بأمل تفادي الانهيار الذي بدأت ملامحه في الأفق.
بعد أن تسلم العرش بقليل بطش عبد الحميد بالجماعة العثمانية ونفى احد اهم رموزها، مدحت باشا، الذي كان قد عينه "الوزير الأكبر" بعيد نجاح المؤامرة على أخيه.
وتحلل السلطان بعد ذلك من كل تعهداته والتزاماته بتبني دستور جديد واصلاحات برلمانية واحترام الارادة العامة، وعوضا عن ذلك كله انغلق على نفسه وأنشأ حكما استبداديا فرديا قائما على القهر والشك في الجميع. وعبر الحكم الفردي المطلق شل السلطان الجديد اية قوى داخل الامبراطورية تنبض بالتغيير ومحاولة الإنقاذ.
وفضلا عن اتصافه بغرابة الاطوار، والانطواء على نفسه، والشك في كل من هم حوله، فقد اتسم حكمه بالمركزية التامة.
وعلى يديه تحول قصر يلدز حيث انتقل الى قلعة من آلاف الحراس الذي لا هم لهم سوى ضمان عدم حدوث أية مؤامرة على السلطان، الذي كان يعتقد أن الجميع يتآمرون عليه في الداخل والخارج.
وكان أن طلب من جميع حكام المناطق التجسس على كل المعارضين له ومراقبتهم عن كثب.
ثم جاءته هدية تكنولوجية من حيث لا يحتسب وهي "التلغراف" والتي ما ان عرف فائدتها حتى عمم استخدامها في كل اراض الامبراطورية، وعبرها استطاع التحكم في كل أمراء المناطق وجردهم عمليا من كل سلطاتهم المحلية.
ويذكر المؤرخون كيف تحول الاختراع العلمي المبهر إلى أداة عززت من الاستبداد الحميدي وكرست المركزية المدمرة.
ومن نافلة القول ان تبني الامبراطورية العثمانية للتلغراف كان ذا فوائد اخرى كثيرة، لكن من المثير للتهكم اعتبار ذلك احد فضائل السلطان ومن دون الالتفات الى الغرض الرئيس خلف الخطوة برمتها، خاصة وانها تأتي من سلطان متشكك في كل ما هو جديد وتثير ريبته الاستخدامات الحديثة في السياسة والمعارضة.
والواقع أن دخول التلغراف في عهد السلطان عبد الحميد واستخدامه المكثف من قبل الادارة المركزية في متابعة شؤون الولايات يقوض احد الدفوعات المتكررة عن سياسة السلطان إزاء فلسطين وتسلل أراضيها الى المنظمات اليهودية.
فهنا، يقول المدافعون إن ما كان يحدث في فلسطين كان يتم على ايدي الولاة الفاسدين وبعيدا عن عيون السلطان ومراقبته وعلى الضد من سياسته.
بيد أن ما يضعف هذه الحجة هو أن السلطان كان متابعا لأدق التفاصيل خاصة في فلسطين وتحديدا كل ما له علاقة بأراضيها.
بل إن السلطان نفسه كان أكبر مالك لأراضي فلسطين وهي التي عرفت باسم "الجفتلك"، وقد اشترى تلك الاراضي من ملاكها الفلسطينيين أو تمت مصادرتها بسبب عدم قدرة اصحابها على دفع الضرائب.
والكارثة الكبرى انه بعد انهيار الدولة العثمانية انتهت تلك الاراضي الى المنظمات اليهودية لأنه لم يكن لها مالك فلسطيني، وهذا موضوع يحتاج إلى مقالات مطولة خاصة به.
في العهد الحميدي تسارعت وتيرة انهيار الامبراطورية لأسباب لها علاقة بسياسته، ولأسباب سابقة على عهده ومتوارثة من عهود من سبقوه.
لقد ورث عبد الحميد امبراطورية منهكة لكن كان حتى ذلك الوقت ثمة احتمالات للإنقاذ.
بيد أن سياسته أكدت مسار الانهيار عوض أن تجترح مساراً للانقاذ.
لم يستثمر عبد الحميد في اراضي وثروات الامبراطورية واراضيها ولم يحاول أن يعبئ من الطاقات المشلولة عند شعوبها، بل استمر في سياسة من سبقه المعتمدة على فرض ضرائب هائلة على المزارعين واصحاب الملكيات بشكل دمر زراعتهم وانتاجهم.
فضلا عن ذلك استمر في سياسة الاستدانة من الاوروبيين وتكبيل نفسه بشروطها، والتنازل تدريجيا عن سيادات استانبول على اراضيها هنا وهناك، وعن صناعة القرار ايضا، ما اضطره في نهاية المطاف إلى الموافقة على شروط الدائنين الاوروبيين وهي شروط جاءت على حساب السيادة العثمانية ذاتها.
وخضوعا لتلك الشروط وفي العام 1881 اصدر السلطان عبد الحميد "مرسوم محرم" والذي نص على تشكيل "مجلس الدين العام" وبالتنسيق مع الدائنين الاوروبيين (وعضويته من موظفين عثمانيين وممثلين أوروبيين). كانت المهمة الاساسية للمجلس هي ضمان سداد السلطنة لديونها بشكل منتظم، ومن ناحية واقعية سلم السلطان عبر ذلك المرسوم الشؤون المالية للسلطنة للاوروبيين.
وحرص السلطان عندما اصدر المرسوم المذكور على أن يبدو المجلس وكأنه يقدم خدمات للسلطنة ولا ينتقص من سيادتها، على العكس تماما من جوهره العملي.
فمنذ التوقيع على انشاء المجلس وقعت اقتصادات السلطنة عمليا تحت الوصاية الاوروبية والمستثمرين الاوروبيين.
تشكل المجلس من ممثلي بنوك فرنسية وبريطانية والمانية وهنغارية وايطالية تحكموا بشكل مطلق بسياسات وقرارات المجلس، في الوقت الذي كان فيه ممثلو السلطنة لا يملكون حق التصويت على القرارات، بل مجرد ابداء الرأي.
يذكرنا "مرسوم محرم" بتصريح السلطان لهرتزل عندما رفض ولفظيا أي صفقة يتنازل فيها عن فلسطين رسميا، بينما جوهر سياسته إزاء فلسطين كان تفريطيا وتخاذليا.
نرى هنا الخيط المشترك في السياسة الحميدية وهي اتباع سياسة معينة على ارض الواقع تمليها الظروف والضغوط والإكراهات، بينما اصدار تصريحات لفظية قوية يكون هدفها تحسين صورة السلطان امام التاريخ ليس إلا.
المصالحة: كذبة آخر نيسان؟
بقلم: عاطف أبو سيف – الايام
تبدو مهمة الوفد القادم من رام الله إلى غزة لبحث قضية المصالحة مع حماس سهلة وصعبة في نفس الوقت، ويمكن لها أن تكون فرصة تاريخية أو مجرد خبر يضاف لعشرات الأخبار الأخرى حول المصالحة والحوار الوطني، وحتى تصبح ممكنة، فإن توفر النوايا الحقيقية وعدم جعل التفاصيل المملة تفشل فرص التوافق أهم من كل شيء، فإذا ما تم التعامل مع المصالحة على أنها مطالب واستحقاقات وحصص، فإن مصير هذه اللقاءات دفتر الماضي القريب.
تكمن معضلة المصالحة البنيوية في أنه تم التعامل معها بالقطّاعي بحيث تم الالتفات للتفاصيل على حساب الفكرة العامة.
ضمن هذا التعامل كان يتم مناقشة الأفكار الصغيرة والتفاصيل الدقيقة بوصفها جوهر الصراع والخلاف، فيما كان يمكن للاتفاق على الفكرة الكبرى أن يجعل تلك التفاصيل ليست ذات أهمية، لأنه في المشاريع الكبرى، كما في الأحداث المفصلية في التاريخ، فإن التوقف عند التفاصيل يكون على حساب النجاح.
الذي حصل في مسيرة المصالحة الوطنية التي سبقت الانقسام بأحداثه الدامية في حزيران 2007، أن النقاش تركز على الكثير من الهوامش على حساب المتون، لم يكن هذا ربما بلا قصد، إذ إن مراجعة نقدية لتلك المسيرة تكشف عن تقصد من البعض من أجل تضييع فرص الاتفاق. والحال كذلك، لم يكن غريباً أن تفشل المصالحة حتى حين يتم التوقيع على اتفاق شامل، لأن البعض كان ينظر إلى تفاصيل الاتفاق أكثر من نظرته لفكرة الاتفاق، وبسبب ذلك فإن النقاش على نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية كان من شأنها أن تُبطل اتفاقاً شاملاً تم التوصل إليه.
وبعد ذلك إذا تم تجاوز هذه النقطة يظهر تفصيل أدق ربما حول نسبة الدوائر من مجموع التمثيل البرلماني لتكون سيفاً يقطع رقبة الاتفاق.
وأيضاً في ظل هذه الدائرة المفرغة، فإنه ما أن يتم تجاوز هذه النقطة حتى تظهر نقطة جديدة، انظر مثلاً إصرار "حماس" على ضرورة أن يتم ضم موظفيها الذين تم إدماجهم على كادرها المدني والعسكري ضمن ولاء حزبي لتثبت الانقسام وتمكينه، القصة بالطبع في جزء منها مالية، لكنها تعكس بصورة أدق الوعي العميق حول المصالحة بوصفها اقتسام الغنائم والحفاظ على الحصص.
فلو كانت المصالحة هي الشغل الشاغل، وهي الغاية المنشودة لأمكن بقليل من الحكمة المسنودة بالرغبة والإرادة أن يتم القفز عن هذه التفاصيل التي بطبيعة الحال يمكن حلها خلال عملية إعادة اللحمة للمؤسسة ولشرعية النظام السياسي، بيد أن ثمة مصالح حزبية وزبائنية تقتضي الدفاع عن هذه المصالح.
إن النظام الزبائني البتريمونيالي الذي تم بناؤه يقتضي أن يحافظ على أكبر قدر ممكن من أعمدته وهياكله حتى يصلح للعودة إلى الوراء في الوقت المناسب.
وهذه معضلة أخرى من معاضل المصالحة، وربما هي أحد أهم تحديات تجسيد الوحدة الوطنية، حيث إن الأجسام التي خلقت بعد الانقلاب كان يقصد منها أن تدوم للأبد، فلو أن ما حدث في حزيران الدامي العام 2007 كان نقطة سوداء في تاريخ شبعنا (وأنا بكل يقين أقول ذلك) ولو أنه كان خطأ يجب تصحيحه كما قد يميل بعض الناس ممن دافعوا عما حدث في السابق ضمن مراجعات الذات، ولو أن ما تم كان مجرد غضبة وردة فعل، لكانت العبرة في تخفيف تبعات هذا الانقسام المؤسساتي، لا أن يتم تعزيزه وتمكينه.
فوراً تم الشروع في بناء مؤسسات موازية وأجهزة موازية وقوانين بديلة وتشريعات تلغي التي سبقها، وتم التعامل مع هذا الوضع الشاذ كأنه باق للأبد، وعليه فإن عملية المصالحة الوطنية (على وزن عملية السلام) عليها أن تتعاطى مع كل شيء لأنه صار أمراً واقعاً، ليس هذا فحسب، بل لأن هناك من سيأتي على طاولة الحوار الوطني حتى يدافع عن هذه التفاصيل، وتأسيساً، فإن هذه الجهود واللقاءات قد تفشل في إلغاء تشريع صغير يتعلق ربما بزي المحامين في المحاكم أو ببعض الأحكام المدنية العامة.
هل هناك من يقول إننا وقعنا في نفس المطب في قضية المفاوضات منذ أوسلو، حين قبلنا النظر إلى التفاصيل على حساب الحقوق الكبرى التي لم تقر بها إسرائيل، فباتت القصة هي الانسحاب من كذا كيلو متر وعملية تسهيلات لمرور خط الكهرباء إلى تلك المنطقة، وكان الأساس هو مبدأ الانسحاب الكامل وإطلاق سراح الأسرى بشكل كامل، نعم هذا ما حدث أيضاً في المصالحة الوطنية.
هل من ضمانات بأن هذه المرة لن تختلف عن سابقتها، يبدو أن ثمة شعورا بأن الحديث مع "حماس غزة" أكثر جدوى من الحديث مع "حماس الخارج"، لأن من يمسك بزمام أمور الانقسام هي غزة وليس السيد خالد مشعل ومكتبه السياسي في الخارج، ويبدو هذا في بعضه منطقياً ولكن هذه المرة يجب الانتباه أن تفاصيل الانقسام من شأنها أن تغرق مركبة المصالحة الأكبر، وهي أكبر من مجرد تقاسم السلطة أو إيجاد سبل للعودة لرأي الشارع حتى يقرر، إذ إن الانقسام ليس على السلطة بل أيضاً نحن بحاجة لتجسيد أشمل للوحدة الوطنية يضمن أن نكون شعباً واحداً يتحدث بصوت واحد، يختلف داخل البيت وفي مؤسسات النظام السياسي ولا يختلف عليها وخارجها.
على من يريد أن تنجح هذه الجهود أن يكون أولاً صادقاً مع نفسه ومع شعبه.
إن إدراك "حماس" بضرورة فعل ذلك مهم، وإن النظر إلى دوران العجلة بوصفه انحناءة أمام العاصفة الشديدة التي تهب على "حماس" أيضاً يغلف الحقيقة بالكثير من القشدة الفاسدة التي ستفشل تجسيد المصالحة في حال تم التوصل إلى اتفاق، لأنه من الممكن مرة أخرى أن يتم وضع خطط عملية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولكن في التنفيذ ندخل مسلسلا جديدا من الحبكات غير المتناهية والدوامة التي تنقضي، وينتهي نيسان بكذبة آخر نيسان الجديدة.
المجلس المركزي أمام ملفات استراتيجية وساخنة !!!
بقلم: سميح شبيب – الايام
أمام المجلس المركزي في دورته 26 القادمة نهاية هذا الأسبوع، ملفات ذات طابع استراتيجي ومصيري ووجودي في آن.
تراكمت هذه الملفات في ظل غياب انعقاد المجلس المركزي، وهو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، في ظل غياب انعقاد دورات المجلس الوطني ذاته.
تراكمت هذه الملفات، وباتت تحتاج إلى مناقشة جادة ومسؤولة، وإلى اتخاذ قرارات حاسمة وواضحة.
بعض هذه الملفات ما يتعلق بالمفاوضات، التي طال أمدها، دون الوصول إلى حلول تتعلق بقضايا الحل الدائم ـ النهائي، وبعضها يتعلق في بنية م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية، وبعضها الآخر يتعلق بما آلت إليه جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، وبالتالي ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
الملفات كلها ساخنة واستراتيجية ومصيرية في آن، وهنا تبرز أهمية الاحتكام لقواعد العمل الوطني بمعانيه التاريخية والراهنة والمستقبلية في آن، ومساهمة الجميع في النقاش والتوصل لقرارات حاسمة ومصيرية.
تمت دعوة الجميع، فصائل م.ت.ف، والفصائل الفاعلة، غير المشاركة في م.ت.ف، وفي مقدمتهم حماس والجهاد الإسلامي.
اعتذرت حماس عن الحضور، وهذا أمر غير مبشّر، ويحتاج إلى إعادة نظر وقراءة في آن معاً.
حماس هي جزء أساسي وحيوي من النسيج الاجتماعي ـ الاقتصادي ـ السياسي الفلسطيني، لا يجوز عدم مشاركته في أي قرار مصيري، خاصة فيما يتعلق بواقع الوطن الفلسطيني ومستقبله.
حماس تدرك تمام الإدراك، بأن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يحتاج إلى تهيئة المسرح أولاً، والتهيئة تكمن في إنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، وتطبيق ما اتفق عليه في القاهرة والدوحة.
إنهاء حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، هو بداية مرحلة لآفاق سياسية جديدة، ولبنى جديدة سياسياً وأمنياً على حد سواء.
من المستحيل، بقاء الحال القائم على حاله، هنالك ملفات تحتاج إلى حسم، وفي المقدم منها، ملف المفاوضات وجمودها، وملف الانتخابات التشريعية والرئاسية.
طال أمد التعامل مع هذين الملفين، دون جدوى، ودون التوصل إلى أطر واضحة، وجداول زمنية.
هنالك وفد من قادة الفصائل الفلسطينية، سيصل إلى غزة، وقادة حماس سيستقبلونه ويستمعون منه، لا يزال الأمل معقوداً، على تعاطي حماس إيجابياً مع الوفد، أن تقول حماس موقفاً تاريخياً مسؤولاً، أن تقول بالفم الملآن: نعم للانتخابات، نعم لوحدة الوطن والمصير، نعم لما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة... هيا لوضع الجداول الزمنية ولأطر الانتخابات القادمة، نعم للاحتكام لصندوق الاقتراع.
في قول حماس هذا، ستبرز الروح الوطنية المسؤولة، البعيدة عن الاعتبارات الفصائلية والجهوية، وسيبرز الحرص الوطني على المستقبل الوطني الفلسطيني. المجلس قادم لا محالة، وقراراته قادمة لا محالة، والتاريخ لا يرحم!!!.
تغريدة الصباح - لا بدّ من أن ترحلوا
بقلم: محمد علي طه – الحياة
قرأتُ في أحد أيّام هذا الأسبوع الرّبيعيّ الجميل خبرين غير عاديين من عاصمتين مهمتين وصديقتين حميمتين تقليديّتين لدولة إسرائيل، أفرحاني وأكّدا لي مجدّداً بما لا يقبل الطّعن أو الشكّ أنّ ليل الاحتلال زائل قريباً قريباً.
الخبر الأوّل جاء من واشنطن، عاصمة أوباما وبوش وجونسون، وبلد اللوبي اليهوديّ الصّهيونيّ الليكوديّ يقول: أطلق ناشطون رياضيّون أميركيّون وعرب في الولايات المتّحدة حملة لطرد إسرائيل من الاتّحاد الدّوليّ لكرة القدم "الفيفا" تحت عنوان "الكرت الأحمر لإسرائيل" على ضوء خروقاتها المتكرّرة لحقوق الرّياضيّين الفلسطينيّين وحقوق الإنسان بشكل عام. ويستند النّاشطون على أسبقيّة تاريخيّة عندما علّقت الفيفا رسميّاً عضويّة اتّحاد كرة القدم في جنوب إفريقيا بين عاميّ 1964 و1992 ما ساهم آنذاك بالضّغط الدّوليّ لإنهاء نظام الفصل العنصريّ.
وأمّا الخبر الثّاني فجاء من سدني، بلد اللوبي اليهوديّ ذي التّأثير الكبير، وبلد أكثر الدّول صداقةً وتأييداً لإسرائيل، يقول انّ قنال "أي.بي.سي" المحليّ بثّ برنامجاً تلفزيونيّاً عبارة عن تحقيق خاصّ بعنوان "عدل بارد كالحجر" يصوّر تعذيب قوّات الأمن الإسرائيليّة للأطفال الفلسطينيّين مثل الاعتقال في الليالي المظلمة واستعداء كلاب الصّيد عليهم والتّعذيب الجسديّ والنّفسيّ وصدمات الكهرباء...الخ. وقد كتب الصّحفيّ البارز رونين برغمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الذي كان في زيارة لسدني "هذا المنتوج الإسرائيليّ المسمّى الاحتلال ما عاد بالإمكان تسويقه أو بيعه في العالم" وذكر أنّ السّيّد بوب كار، وزير الخارجيّة الأستراليّة السّابق، نشر مذكّراته في هذا الشّهر التي أضافت زيتاً على النّار ووصف فيها سياسة بلاده الخارجيّة فيما يتعلّق بإسرائيل بأنّها "مخجلة" و"ليكوديّة" وأنّ أستراليا أصبحت خاضعة لأوامر اللوبي اليهوديّ تماماً مثل جزر مارشل. ويضيف برغمان، وهو خبير أمنيّ أيضاً، أنّ ما حدث في أستراليا يجب أن يُفْهِمَ قادة إسرائيل بأنّ صبر العالَم على الاحتلال قد نفد، كما أنّ نظرة العالَم لإسرائيل وتوجّهه إليها يذكّرنا بتعامله مع نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا. ويضيف بأنّ نظام الأبرتهايد انهار في العام 1992 بعد أن صار مجنوناً ومنبوذاً. ويشهد رونين برغمان ? وشهد شاهد من أهله ? بأنّ دلائل وإشارات في سنوات الثّمانينات كانت تقول انّ العالَم ملّ وزهق من الأبرتهايد كما أنّ سياسيّين وصحافيّين عالميّين تنبّأوا يومئذٍ بأنّ نظام الأبرتهايد سينهار قريباً ما عدا زعماء دولتين اعتقدوا غير ذلك وهما جنوب إفريقيا وإسرائيل. وينهي مقاله: من الضروريّ أن نقرأ العلامات والإشارات بصورة أفضل قبل أن نتحوّل إلى مجانين منبوذين".
نتنياهو لا يقرأ ما تقوله الأراضي الفلسطينيّة ولا ما تقوله أوروبا وإفريقيا وآسيا... وحتّى أميركا. ونتنياهو وليكوده وبيته اليهوديّ أعماهم الحقد وأضلّتهم القوّة العسكريّة فلا يقرأون ولا يرون ولا يسمعون ولا يدركون أنّ الليل زائل وأنّ الاحتلال زائل وأنّ الجدار زائل، ولم يبق أمام الاحتلال القبيح إلا أن "يلمّ شراشه" الوسخ وينسحب من الأرض ومن الهواء ومن الماء ومن البحر ومن النّبات ومن الشّجر ومن الأحياء ومن الشّوارع ومن الجوّ ومن البرّ.
بضاعة الاحتلال الفاسدة لا أحد في العالم يشتريها، وإذا كانت عصافير سدني صديقتهم، وواشنطن حبيبتهم، توشوش ذلك، فماذا بقي للاحتلال؟ ارحلوا! ارحلوا! لا بدّ من أن ترحلوا!!
قطر وتشغيل الفلسطينيين
بقلم: عدلي صادق – الحياة
في سابقة حميدة، كانت حكومة د. الحمد الله، طرفاً في تفاهم مع حكومة قطر، حول تشغيل عدد من الفلسطينيين المؤهلين والقادرين على العمل. جاءت الإشارة الأولى من قطر نفسها. وقد كتبنا مراراً، نؤكد على ضرورة استثمار حضورنا السياسي في الاقليم وفي العالم، لخدمة الحال الاجتماعي ـ الاقتصادي لشعبنا. وفي سياق ذلك أعربنا عن تمنياتنا بأن تولي الحكومات السابقة في اتصالاتها الاقليمية، أهمية لموضوع تشغيل الشباب الفلسطينيين في أقطار الوفرة المالية العربية وحيثما تُدار وتُنفذ عمليات التنمية والتوسع الحضري والاستثمار في البنية التحتية، من صحة وتعليم وخدمات. ذلك استناداً الى كون العرب مؤهلين لسماع شروحات تتعلق بالأثر الايجابي لتفاهمات واتفاقيات العمل، على صمود الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية وعلى اللُحمة بين الفلسطينيين وأشقائهم العرب، وعلى صدقية الخطاب العربي الرسمي. فالمبادرات العربية الايجابية على هذا الصعيد، تعطي الصدقية فعلاً، للمواقف السياسية على النحو الذي لا تفعله الخطابة ودواوين الإنشاء البلاغي في القصور. أما من الجانب الفلسطيني، فإن عجز الحكومات السابقة، عن انجاز أية اختراقات لسوق العمل العربية، لصالح الشباب الفلسطيني؛ كان وظل يمثل جزءاً معتبراً من مساحة الهواء الناقص، في مناخات عمل هذه الحكومات. وكانت حكومات مصر والسودان والمغرب وسواها، تولي أهمية كبرى لأسواق العمل العربية وتفتح المسارب للشبان والخريجين والعمال المهرة، من خلال اتفاقيات وتفاهمات، مستفيدة من مواقعها السياسية.
وبالطبع، لم نكن ننتظر من المستوى السياسي لأية سوق عربية أن يبادر الى الإعراب عن الرغبة في استقدام الشبان الفلسطينيين للعمل، مثلما كان يحدث أيام كنا نختزل خيمة اللاجئين وبلا حركة وطنية. أيامها، كان الرهان رابحاً على الشاب الفلسطيني المعلم أو الطبيب أو المهندس أو العامل. وعندما أصبحت صورتنا قرينة بملامح الثائر المسلح، استُبدلت الرغبة في الاستعانة بالشاب الفلسطيني، بالمساعدة المالية للثورة الفلسطينية، على قاعدة أسعدك الله وأبعدك، فضاقت مسارب الانتقال للعمل في الخليج، وتطورت القوانين ووضعت الضوابط التي حدّت من تدفق العاملين الفلسطينيين الى سوق العمل العربية، بنسب متفاوتة بين سوق وأخرى. وكأن الفلسطيني الذي يخلق بيئته المدنية والانتاجية وسط الحصار وفي أجواء العدوان، سيكون معنياً وهو يفتش عن رزقه وعن مقومات صمود أسرته على أرضها؛ سيُنشىء مناخاً آخر يقلق المستوى السياسي لأسواق العمل. ذلك علماً بأن بيئة العمل في الأسواق العربية لا عدو للفلسطيني فيها، وإنما فيها شقيق عربي يسمونه "كفيلاً". وكلما استعيدت فرضيات التوطين، كان المستوى السياسي لأسواق العمل العربية، ينام ويقوم على كابوس توطين الفلسطينيين في بلاده التي تستوعب بلوشاً آسيويين وإيرانيين من العجم. وحيال مثل هذه العوائق، كان المستوى الرسمي الفلسطيني، مضطراً الى عدم فتح ملفات التشغيل، لكي يحافظ على ملفات التمويل. ودولة قطر هذه، شعباً وقصراً، التي يحتفظ لها الفلسطيني بامتنان كبير، بسبب مآثر العمل المنتج والعيش المشترك، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات؛ أصبحت صارمة ـ للأسف ـ في قرارها عدم استقدام عاملين فلسطينيين، ما دعا بعض الكادرات الطليقة خارج فلسطين المحاصرة، يبتاعون جنسية دولة "جُزر القُمر" التي لا يعرف معظمهم موقعها على الخارطة. فالقمر يستدير ويضيء عند حمل جنسية جُزره. ومن المفارقات أن المراسيم واللوائح، كانت تضيّق على الفلسطيني كلما اتسع وطغى طنين "الجزيرة" وصوت خطابها الجهادي والمقاوم المُحلى بنكهة قرضاوية، حتى أصبح من يعمل في قطر ويخدمها ويطبب مرضاها أو يعلم أولادها، لا يستطيع استقدام زوجته لكونها فلسطينية وقمراً بلا جُزر.
غير أن انخراط الحكم في قطر، بالمطلق الجهادي الفلسطيني الذي كان؛ وسّع الفجوة بين الخطاب والممارسة على نحو محرج ومثير للأسئلة. واشترك الفلسطيني صاحب "برنامج المقاومة" بالمستوى السياسي القطري صاحب خطابها وإعلامها ومشروعات دعمها، في منظومة "الإخوان" وُعلقت في غزة يافطات تحمل صور حمد وتميم، وكان لا بد من رد التحية بأحسن منها وبشكل ملموس يحس به الناس ويفتح أفقاً في الجدار الكئيب. من هنا جاءت الإشارة القطرية بأن الدوحة ستتقبل العاملين الفلسطينيين. ولا ندري ما الذي جرى لكي تعود قطر عن إشارتها. ونتساءل بلا مؤاخذة: هل كان التراجع ضمن صفقة المصالحة أو تسوية أزمة السفراء ـ وهي في أهم حيثياتها قضية أمنية ـ مثلما يتبادر الى الذهن بسبب هذا التراجع؟!
العائلة المالكة ترتب بيتها
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
شهدت المملكة العربية السعودية في الآونة الاخيرة سلسلة تطورات عكست رغبة خادم الحرمين الشريفين، عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بترتيب شؤون مؤسسة الحكم، وقطع الطريق على أية تناقضات لاحقة، لا سيما ان هناك شعوراً ومعطيات لدى الاوساط الحاكمة، بوجود من يستهدف استقرار المملكة ووحدتها.
من بين التطورات المهمة واللافتة للانتباه مبادرة الملك عبد الله بتعيين الامير مقرن بن عبد العزيز وليا لولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز. وهي خطوة استباقية لتفادي اي فراغ قد يحصل في مؤسسة الحكم السعودية الاولى.
وتفاديا لاية ارباكات يمكن ان تمس هيبة ووحدة وتماسك عائلة آل سعود قام الملك عبد الله بالتوافق مع ولي عهده وسدنة الحكم في المملكة بتنصيب الأمير مقرن. وهي خطوة غير تقليدية واستثنائية في اليات مؤسسة الحكم السعودية.
الخطوة الثانية اللافتة، والتي لها عميق الصلة بالخطوة آنفة الذكر، هي تقديم الامير بندر بن سلطان، رئيس جهاز المخابرات السعودية استقالته من منصبه، وربما الحقيقة تشي بان الامير أُقيل بسبب الاختلاف في وجهات النظر مع العاهل السعودي في محاور اساسية عميقة الصلة بسياسة المملكة العربية والاقليمية.
ووفق بعض المصادر الاعلامية المتداولة في هذا الشأن، تفيد ان رئيس المخابرات، شعر في الشهور الاخيرة بالتحديد منذ النصف الثاني من 2013، انه بات غير مرغوب بوجوده في موقعه، بعد تصاعد التوتر بينه وبين خادم الحرمين نتيجة فشله في معالجة الملفين السوري والايراني. ولشعور الملك عبدالله ان الامير بندر أخطأ كثيرا في آليات عمله، وورط المملكة في سياسات غير صائبة وخاصة دعمه جماعات تكفيرية في سوريا لمواجهة النظام السوري، خدمت الخصوم أكثر مما خدمت العائلة المالكة والنظام السياسي السعودي، وتركت ظلالا على علاقات العربية السعودية مع بعض الاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة، حتى ان العديد من المعلومات الراشحة تشير إلى ان الادارة الاميركية، طلبت من الملك ابعاد بندر عن منصبه، مع انه عمل سفيرا للمملكة في اميركا طيلة 22 عاما، وربطته علاقات مع العديد من صناع القرار فيها وتحديدا عائلة بوش.
على اهمية ما ورد، فإن الزعيم السعودي، بقدر ما يأخذ بعين الاعتبار اراء اصدقاء السعودية، بقدر ما يحرص على استقلالية القرار السعودي، لذا الارجح ان العوامل الداخلية وتقدير الملك عبدالله وانصاره في العائلة الحاكمة، هي التي حسمت عزل بندر من منصبه. وتمهيدا لذلك قام خادم الحرمين بتسليم الملفين السوري والايراني للامير محمد بن نايف، وزير الداخلية، وتهميش رئيس المخابرات كخطوة ضرورية لعزله، وتكليف الفريق اول يوسف الادريسي بمهمة رئيس الجهاز، كما تم إبعاد بندر عن اللقاءات التي جمعت العاهل مع زوار المملكة وخاصة زيارة الرئيس اوباما الاخيرة لها.
رغم ان رئيس المخابرات السابق أُبعد عن مركز صناعة القرار في المملكة، إلا انه يمكن الافتراض ان دور الامير بندر السياسي انتهى، بل يمكن ان يطل لاحقا في ادوار جديدة، وان كان الترتيب الاخير لشؤون البيت السعودي، توحي بان عودته في المدى المنظور صعب وصعب جدا، الى ان حدث ما هو خارج الحسبان.
مجموعة اهداف اراد تحقيقها العاهل السعودي من خطواته الاصلاحية، منها: اولا ترتيب بيت العائلة المالكة؛ ثانيا حمايتها من التباينات والخلافات، التي برزت في معالجة الملفات الداخلية والخارجية؛ ثالثا حماية المملكة من التداعيات الجارية في المنطقة ومشاريع القوى الدولية، التي وضعت السعودية على قائمة التفتيت والتقسيم؛ رابعا استعادة الدور العربي والاقليمي، الذي تآكل كثيرا في المرحلة الماضية؛ خامسا العمل على ترتيب شؤون المنطقة العربية بما يعزز الدور السعودي على مستوى الاقليم.
الاستيطان وخارطته السياسية
بقلم: يحيى رباح – الحياة
من هم المتطرفون الاسرائيليون اليهود الذين هاجموا قبل ايام قليلة مسجد ابو بكر الصديق في مدينة ام الفحم «عاصمة المثلث» والحقوا اضرارا بواجهة المسجد, وكتبوا شعارات عنصرية معادية على الجدران؟
والجواب بالنسبة لشعبنا الفلسطيني معروف, انهم جماعة «تدفيع الثمن» وهي واحدة من اذرع الاستيطان الاسرائيلي الارهابية, التي تعمل ليل نهار في جميع انحاء الضفة الغربية للاعتداء عن الفلسطينيين اصحاب الارض الاصليين, وترويعهم وضرب اولادهم وهم ذاهبون الى مدارسهم, واحراق سياراتهم, واحراق مساجدهم الصغيرة في القرى احتجاجا على صوت الآذا ن عند الفجر, وهذه الجماعة واحدة من اذرع الاستيطان اليهودي, وهو استيطان يكره الزيتون فيعدم اشجاره, ويكره الفلسطينيين فينهدم بيوتهم, ويعتدي على اطفالهم ويهاجم مزارعهم وحظائر اغنامهم ومواشيهم ويواجه مظاهراتهم السلمية بالحديد والنار.
واذرع الاستيطان هذه محمية بالجيش الاسرائيلي الذي رفض قادته مرات عديدة حتى تنفيذ احكام صادرة عن المحكمة الاسرائيلية العليا باخلاء بعض قطع الارض او البؤر الاستيطانية غير الشرعية بموجب القانون الاسرائيلي كما انها محمية بالشرطة الاسرائيلية التي اذا تحركت فلكي تحميهم من الفلسطينيين المعتدى عليهم, او تتظاهر بانها تفض الاشتباك بين هذه الجماعات الارهابية اليهودية والفلسطينيين الذين يدافعون عن تفاصيل حياتهم وبقائهم في ارضهم !!! بل ان هذه الجماعات الارهابية غالبا ما تكون محمية مباشرة بوزراء من حكومة نتنياهو حين يذهب هؤلاء الوزراء علنا على رأس المهاجمين للاقصى وباحاته.
لو نظرنا بعمق الى سلوك هذه الجماعات الارهابية, جماعات المستوطنين, سنكتشف بوضوح انها تتحرك وفقا لأجندة سياسية تطلقها الحكومة الاسرائيلية, بينما يبدو الامر ظاهريا كما لو ان هذه الجماعات تتحرك عشوائيا، وفي مستوطنة يتسهار جنوب نابلس اشتبكت هذه المجموعات الارهابية مع الجيش الاسرائيلي نفسه, وخرجت تصريحات متوترة من وزير الدفاع الجنرال يعلون, ولكنها تصريحات زائفة, فكيف يقف على راسهم ويشجعهم بالصباح ثم يستنكر افعالهم في المساء؟ انها لعبة مكشوفة, وكيف نبرر ذهاب هذه الجماعات الارهابية الى ام الفحم بعيدا عن تصريحات ليبرمان الاخيرة عن تبادل الاراضي والسكان؟ مجمل القول إن الاستيطان ابتداء من القدس وحتى اصغر قرية في شمال نابلس وجنوب الخليل له اجندة سياسية يتحرك على اساسها, وله خارطة سياسية ينفذها بالتدريج, ولذلك تتحطم كل المفاوضات دائما عل صخرة هذا الاستيطان اليهودي, لأن هذا الاستيطان لا يريد ان يتوقف, وتأتي المفاوضات لتدور حول نفسها, لتحرق الوقت, ذلك ان هذا الاستيطان الذي لا يدفع اي ثمن ولا يتكبد اية خسائر, يكاد يصبح حالة مستقلة, مؤسسة كبرى توازي الحكومة الاسرائيلية نفسها وان من يحكمون اسرائيل لكي يظلوا في اي حكومة فيجب عليهم ان يكونوا خدما بالمطلق لهذا الاستيطان وليس اي شيء آخر.
المقاومة الشعبية السلمية في فلسطين اذا بقيت على حالها رسما بلا مسمى, وضجيجا بلا فعل, وعناوين بلا تفاصيل واقية, فان الاستيطان سوف يتوحش اكثر, وسوف تصبح الحكومة التي تتفاوض معها مجرد وسيط لا اكثر ولا اقل.
من اجل هذا اصلا خططت اسرائيل للانقسام, وهيأت له ظروفه الموضوعية ولذلك فان هذا الانقسام من العار ان يبقى, ومن العار ان يظل هو الذي يرفع الفيتو ضد المشروع الوطني الفلسطيني, يجب كسر الدائرة, والخروج الى افق جديد, وايقاع جديد, لانه حتى المكاسب التي حققنا على الصعيد الدولي, سوف تتآكل اذا لم يصاحبها بانوراما موازية لها, تماما مثلما تآكلت المكاسب التي حققناها من اوسلو في السنوات الاولى, فقد جاءت السياسات الاسرائيلية والصراعات الفلسطينية المشبوهة لتأكل كل المكاسب التي لم يعد لها من يحميها ويتقدم بها الى الامام.
الحوار الإيراني الغربي انتظارات عربية
بقلم: هاني فحص – الحياة
واضح ان الحوار الإيراني الأميركي والأوروبي حول المشروع النووي معقد، وليس سهلاً وطريقه ملأى بالمطبات والأشواك لا بالورود فقط، وهو حوار يجري الآن علناً ومتواصلاً وان اضطرب احياناً، بعدما جرى لسنوات سرا أو بشكل شبه علني، ومتقطعاً باملاء من ضرورات ايرانية وأميركية عميقة وغير عابرة، انضجتها مراجعات وتطورات في وعي واحتياجات الشعب الايراني والأميركي وانتظارات لديهما، لم يعد من الممكن ادارة الظهر لها، هنا يرى البعض ان ايران ربما كانت اشد اضطرارا من أميركا، لأن متاعب شعبها ومطالبه بالاستقرار والعناية بالداخل والرفاه، اشد الحاحاً أو تعقيداً من نزوع متعاظم لدى الشعب الأميركي الى الكف عن عبور الحدود القومية الى الخارج والبحث عن نظام مصالح أميركية جديد يمكن تطبيقه بالحد الادنى من الخسائر الاقتصادية ودون خسائر بشرية أميركية، ويعني هذا ان التنازل من الطرف الايراني قد يكون أكبر من التنازل الاميركي، ما يمكن ان يلزم الولايات المتحدة بعدم وضع علاقاتها العربية مع المملكة العربية السعودية خاصة، في سلة التنازلات، ويمكنها بدلا من ذلك، ان تضع في سلة شروطها على ايران، تحسين علاقاتها وتفاهماتها العربية والحد من تدخلاتها وضبط مسارها في سوريا وغيرها؟ وهنا يحلو لي ان اقول بتركيز معقباً على هذا الحوار فأرى انه يترافق مع قلق على مصير علاقات تاريخية بين الغرب وأميركا من جهة وبين البلدان العربية من جهة اخرى، وتراوحت العلامات على ذلك بين التوتر الشديد والتوتر الخفيف والخفي احيانا، وبين القلق النسبي، بنسب متفاوتة بين خصم عربي أو خصم آخر، والطمأنينة النسبية وبنسب متفاوتة أيضاً بين صديق عربي وصديق آخر.
ان الفاعل الاول والاخير في العلاقات السياسية بين اي بلد وبلد آخر، مهما يكن مقدار التباين الثقافي أو المجتمعي، أو مقدار التقارب أو التشارك، هو المصالح التي تتبدل فتبدل السياسات، وعليه فليس هناك علاقات نهائية، ونقع في خطأ اذا اعتقدنا أو صدقنا بأن علاقة ايران المتوقعة مع الولايات المتحدة سوف تكون نهائية، تماماً كما أن القطيعة بينهما بعد الثورة لم تكن نهائية ولا مرة، وإن كانت قد اقتربت احياناً من خط النهاية، فإن الضرورات المصلحية كانت تردها الى الخلف، وتماماً كما لم تكن العلاقة بين أميركا وعدد من البلدان أو الدول العربية، نهائية أو مطلقة في السلب أو في الايجاب، وفي بعض الحالات كان الإيجاب يلتبس بالسلب، كما في حالة واشنطن مع النظام السوري مع ترجيح إيجابية أميركية لصالح النظام السوري في وجوده ودوامه، في عهديه الحافظي والبشاري، والمعنيون يتذكرون ان هذا النظام قد وصل واستقر اربعين سنة بفضل الرافعة الأميركية، بداية مع الضوء الاخضر السوفياتي لواشنطن في سوريا، وبفضل العناية الأميركية به، دائماً بحجة يمكن ان يكون مفعولها مستمرا في العقل الأميركي، بناء على المشهد السوري وهي ان القوى الديمقراطية المدنية في سوريا ضعيفة ولا تشكل بديلاً محتملاً وقوياً للنظام، وان البديل ربما كان هو الاسلام المتطرف الذي يهدد كل شيء. وهذا الاسلام الكامن كان بحاجة الى تنشيط أميركي متقاطع مع النظام السوري حتى تستوي ذريعة اللعب بالوضع في سورية.
على هذا، فهل تتبدل العلاقة بين بعض الاطراف العربية وبين واشنطن من غلبة الايجاب الى غلبة السلب؟ بناء على مظاهر المشهد الأميركي الايراني الذي لا يخلو من اسباب وموجبات اعادة انتاج القلق والتوتر والصراع والقطيعة، من دون استبعاد قطعي لاحتمالات الحرب؟ أرى أن الأفضل أن يعود العرب الى هندسة علاقاتهم مع أميركا والغرب وحتى موسكو التي فتحت ابوابها السوفياتية القديمة الروسية في الحقيقة، على جميع الاتجاهات طمعاً بالمكاسب على قلق يسببه لها دخولها وكأنها شريك لطرف مقابل طرف في أحد أنفاق أزمة المنطقة، اي النفق الطائفي أو نفق الفتنة الطائفية مع وجود أسباب جوهرية وتاريخية لتجدد الصراع الخطير بينها وبين مسلمي الاتحاد الروسي ومن تبقى من مسلمي القوقاز وآسيا الوسطى في هذا الاتحاد، وهم سنة عموما مع جيوب شيعية الا في اذربيجان الميالة الى السياق القومي مع تركية اكثر من السياق المذهبي مع ايران.. هذا مع أنه لم يعد خافياً أن الروس أخذوا يقتنعون وبسرعة محدودة بأن ايران لن تسمح لهم أن يكونوا أكثر من رقم مساعد للرقم أو النفوذ الإيراني في سوريا، ريثما تتدبر إيران صفقتها السورية بالتخلي مقابل ثمن قد يكون غالياً ويكون زهيداً، بناء على مقدار الوعي العربي لضرورات وتعقيدات الوضع السوري.
اذن فالامل هو استخدام قواعد هندسية عصرية لبناء علاقة عربية أميركية أو علاقات، بواقعية، أي من دون أحلام مضخمة، أو مراهنات مبالغ فيها، ومن دون يأس ومن دون وضع خيار القطيعة نصب العين، ولا بأس من مقاطعة ما مبرمجة ومن دون تسويغ ايديولوجي محرج، عندما تتعقد الامور وعلى اساس ان النسبية هي الحقيقة السياسية والمعرفية، ولا مطلقات في حركة التاريخ والشعوب والدول والمصالح والافراد والجماعات الذين استقطبوا عصبياتهم على أساس المطلقات والتعميمات الايديولوجية التي اضطروا لكسرها جزئياً، وروسيا في زمن السوفيات خير مثال على ذلك.
أرجو أن يعجل القادرون على الفعل، إلى تشكيل ورشة عملية، علمية عليمة بالعلم الاكاديمي والتجريبي والتجارب الخاصة، لتشكيل الشرط الموضوعي لشراكة العرب والمسلمين في أطروحة حضارية ثقافية منقذة للجميع، وخاصة للعرب الذين يتقدم التنجيم في فضاء توقعاتهم على علم الاستقبال والاستشراف، وربما سادت فيهم قارئات الفناجين. إن السؤال الاول سؤال ثقافي أو تنموي والتنمية ثقافة كما ان الثقافة تنمية وهل الدين غير هذين الامرين أو الامر الواحد مربوطا بالبعد القيمي أو الروحي أو الآخروي؟
« يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم».