المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 31/05/2014



Haneen
2014-12-18, 12:30 PM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية






</tbody>

<tbody>
السبت
31/5/2014





</tbody>
<img embosscolor="shadow add(51)">
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية





</tbody>

<tbody>




</tbody>




انقذوا حياة الاسرى
بقلم: حديث القدس – القدس
دعوة البابا إلى العدالة والسلام والإحترام المتبادل ... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
المسيحيون الفلسطينيون بحاجة إلى "بابا" سياسي أيضا
بقلم: جوناثان كوك – القدس
"إذا معك فراطة!"
بقلم: د.أحمد جميل عزم – القدس

شهيدا النكبة.. قصة جيش قاتل وكاذب
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
التدخلات الخارجية وليس الاختلافات البرامجية سبب الانقسام وعن التوازن الجديد في معادلة الحكم والحكومة
بقلم: حسين حجازي – الايام
وكأنه الحنين إلى حكم العسكر
بقلم: صادق الشافعي – الايام
أسماء الطرق في فلسطين إلى أين؟
بقلم: صلاح هنية – الايام
الــقــبــطــان..
بقلم: رامي مهداوي – الايام
وعــــد بــلــفــور
بقلم: وليد بطراوي – الايام

تغريدة الصباح – عبد النور
بقلم: عدلي صادق – الحياة
إسرائيل والمسيحيون: انفضاح سياسة.. وفضيحة وقائع!
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
إفشال القفزة الإسرائيلية الثالثة!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
بقلم: جواد بولس – الحياة
المنظمة قي يوبيلها الذهبي
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
















انقذوا حياة الاسرى
بقلم: حديث القدس – القدس
التدهور الحاصل في صحة المعتقلين الاداريين المضربين عن الطعام منذ أكثر من شهر ونقل العشرات منهم الى المستشفيات بعد ان وصلت حالة الكثيرين منهم مرحلة الحظر الشديد الذي يهدد حياتهم يجب ان يشعل ضوءا احمر اولا لدى السلطة الوطنية رئاسة وحكومة ولدي قادة وكوادر فصائل العمل الوطني ولدى كافة ابناء شعبنا في الوطن والشتات من اجل القيام بتحرك مكثف وواسع النطاق على مختلف الاصعدة لانقاذ حياة الاسرى المضربين عن الطعام وضمان الزام اسرائيل بالغاء سياسة الاعتقال الاداري والالتزام بالقانون الدولي سواء اتفاقيات جنيف أو القانون الدولي الانساني عموما.
ومن الواضح حتى الان أن فعاليات الدعم والمناصرة للاسرى لم ترتق الى المستوى المطلوب حيث ان غالبية المشاركين في هذه الفعاليات هم فقط من اهالي الاسرى والسؤال الذي يطرح هنا هو: أين هي قيادات وكوادر الفصائل الوطنية التي طالما قالت اها فصائل رئيسية تضم قطاعات واسعة من الاعضاء ولماذا لا تبادر هذه القيادات والكوادر الى حشد اكبر قدر ممكن للمشاركة في الفعاليات المناصرة؟!
ان ما يجب ان يقال هنا ان بيانات الشجب والاستنكار والاولاد بتصريح هنا او هناك امام وسائل الاعلام لا يكفي وحده لنصرة الاسرى بل ان على حركتي «فتح» و «حماس» و الجبهات على اختلاف تسمياتها في ساحتنا الفلسطينية ان تتحرك بشكل جاد لنصرة الاسرى والمشاركة في الفعاليات امام مقرات الصليب الاحمر والامم المتحدة وكافة الشعارات الاجنبية.
كما ان على وزاري الاسرى والخارجية التحرك بشكل اكثر جدية في مختلف المحالف الدولية ومختلف العواصم العالمية. فأين هم سفراء فلسطين في اكثر من مئة وثلاثين دولة في العالم؟! او اين هي تحركاتهم وفعالياتهم؟ واين هم السفراء الاجانب لدى السلطة الوطنية من حقيقة ما يجري ضد الاسرى والمعتقلين ؟! ولماذا تغيب هذه المعركة عن اجندة المحافل الاقليمية والدولية، سواء الجامعة العربية او عن الانحياز او المؤتمر الاسلامي او الامم المتحدة او مجلس الامن او كافة المنظمات الدولية التي انضمت اليها فلسطين مؤخرا؟!
وأين هي منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا من حقيقة الدور الذي يجب ان تقوم به لصالح الاسرى اقليميا ودوليا؟!
ولماذا لا يبادر وزراء الحكومة جمعيا وكافة المسؤولين في الرئاسة والحكومة الى المشاركة في فعاليات نصرة الاسرى؟ وفي التحرك كل في مجال اختصاصه لتحريك عجلة الضغط المحلي والاقليمي والدولي على السلطات الاسرائيلية التي يبدو انها حتى الان غير مكترثة بالفعاليات المحدودة ولا ببيانات الشجب والاستنكار.
وللاسف الشديد لا بد من القول ان هناك تقصير واضح في اسناد اضراب المعتقلين الاداريين يشمل مختلف الهيئات والمؤسسات الحكومية وكذا مختلف فصائل العمل الوطني واجهزة منظمة التحرير وصولا الى الجماهير العادية والمنظمات والمؤسسات التي ترفع راية الاسرى ولكنها غائبة عن الفعل الحقيقي اليوم؟!
ولهذا نقول ان الوقت قد حان لنصرة الاسرى مقاتلي الحرية الذين يخوضون اليوم معركة الكرامة والحرية ويدافعون بذلك لما هم دوما عن الكل الوطني الفلسطيني، حان الوقت كي ينزل الكثيرون من بر وجهم العاجية الى جانب ذوي الاسرى والجماهير لنصرة الاسرى. كما حان الوقت لطرق كل الابواب الدولية وبقوة باسم فلسطين وباسم منظمة التحرير وباسم السلطة الوطنية لانقاذ حياة الاسرى.
دعوة البابا إلى العدالة والسلام والإحترام المتبادل ... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
خلال زيارته المسجد الأقصى المبارك صباح يوم الإثنين الماضي دعا قداسة البابا فرنسيس الأول في كلمته التي وجهها إلى مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين وإلى المؤمنين المسلمين وإلى الأصدقاء المسلمين الأعزاء دعا إلى السلام والعدالة والإحترام المتبادل ومحبة البعض للبعض الآخر كإخوة وأخوات، وأن نتعلم فهم ألم الآخر وعدم استغلال أحد اسم الله عز وجل لممارسة العنف.
وأشار البابا في كلمته إلى أن المسلمين والمسيحيين واليهود يرون في إبراهيم عليه السلام أباً في الإيمان وإن كان ذلك بطرق مختلفة، ودعا إلى أن يتبع المسلمون والمسيحيون واليهود خطى إبراهيم عليه السلام الذي هاجر من أجل الدعوة إلى الله والعدالة. فعلى المسلمين والمسيحيين واليهود أن يقتدوا به في دعوته إلى العدالة ما داموا جميعا يعتبرونه أباً لهم وأن يتعلموا منه الرحمة بالآخرين وعظمة النفس والرحمة.
كما دعا البابا في كلمته الى الإنفتاح على الآخر وعدم الإنغلاق على أنفسنا وذواتنا. وأن نكون ودعاء أمام الدعوة التي يوجهها الله سبحانه وتعالى لنا مع الإنفتاح على المستقبل، كما دعا إلى مواجهة التحديات المشتركة المطروحة أمامنا. وأشار إلى أنه يوجه نداء وهذا من أجل العدالة والسلام والمحبة والإحترام المتبادل من المسجد الأقصى المبارك المقدس وأن نداءه هذا مفعم بمشاعر القلق تجاه جميع الأشخاص والجماعات التي تقرب علاقتها بأبي الأنبياء عليه السلام.
وقد كان في استقبال البابا في المسجد الأقصى المبارك وفد أردني رفيع المستوى ضم الأمير غازي بن محمد مستشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للشؤون الدينية ووزير الداخلية حسين المجالي، وقد كان هذا الوفد الأردني الرفيع المستوى في الإستقبال لأن الأردن هو الوصي على الأماكن والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وهذا ما أكده البطريرك ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية العالمية وممثليها عند استقبال جلالة الملك عبدالله الثاني لهم بقصر الحسينية بعمان وذلك بموجب الوثيقة التي وقعها الرئيس محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والتي أكدت حق الوصاية الهاشمية على القدس وأماكنها المقدسة إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة.
كما كان في استقبال البابا فرنسيس الأول وفد فلسطيني ضم الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية وعدنان الحسيني محافظ القدس والشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والشيخ عزام الخطيب مدير عام الأوقاف وحنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمحامي أحمد الرويضي مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس وعيسى قسيسية السفير الفلسطيني لدى الفاتيكان.
وهذان الوفدان الفلسطيني والأردني اللذان استقبلا البابا في المسجد الأقصى المبارك إنما يمثلان التنسيق الفلسطيني الأردني الدائم وخاصة فيما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى المبارك وسائر الأماكن المقدسة في المدينة. حيث أن للرئيس عباس والملك عبدالله الثاني رؤية مشتركة وهدفا واحداً تجاه القدس ومقدساتها يتمثل في المحافظة على الطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المقدسة وبقائها مدينة مفتوحة أمام جميع أتباع الديانات السماوية الثلاث يؤدون فيها شعائرهم الدينية بحرية وراحة ودون اقلاق أو إزعاج، مع حرية الوصول للجميع إلى هذه المدينة المقدسة التي هي العاصمة المنتظرة التي تجمع كافة الأديان والتي هي مهوى أفئدة الهاشميين كابرا عن كابر، حيث يرقد في ساحة مسجدها الأقصى المبارك الشريف الحسين بن علي جد الهاشميين ومفجر الثورة العربية الكبرى.
ويرفض الجانبان الأردني والفلسطيني كل المحاولات الرامية إلى تغيير الطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المقدسة، كما يرفضان بشدة ممارسات المستوطنين اليمينيين تجاه المسجد الأقصى. ويؤكدان على التمسك بالعهدة العمرية التي منحها الخليفة الثاني للمسلمين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبطريرك القدس صفرونيوس والتي نصت على احترام المسلمين للإخوة المسيحيين والمحافظة على أماكنهم المقدسة في القدس حيث رفض الفاروق رضي الله عنه أن يصلي في كنيسة القيامة عندما أدركته الصلاة فيها وإنما صلى قريبا منها في الجامع الذي يعرف اليوم بجامع عمر بن الخطاب وذلك لئلا ينتقص حق المسيحيين في كنيستهم في أي يوم من الأيام.
وقد أشاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين في كلمته الترحيبية باسم الرئيس محمود عباس وبإسم العاهل الأردني صاحب الولاية والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس بالبابا فرنسيس الأول، وأشار إلى محاولات اليمينيين من المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى والسعي الى السيطرة عليه. وقال إن تحقيق السلام يتطلب تضافر كل الجهود الإقليمية والدولية، وأشاد بموقف الفاتيكان الثابت من قضية اللاجئين ودعاه إلى بذل جهوده من أجل تحقيق السلام.
وفي ذات السياق فإن الشيخ سلهب دعا البابا بما يملكه من مكانة مرموقة وبكونه داعية للسلام أن يعمل على تجنب المساس بالمقدسات في مدينة القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك والعمل على عدم تغيير الوضع الراهن في المدينة المقدسة لأن ذلك يعد مساسا بالرعاية والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ويثير الصراعات.
والذي لا شك فيه أن زيارة الحبر الأعظم لفلسطين ولقائه الرئيس محمود عباس وانتقاله من مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمان بمروحية عسكرية أردنية وهبوطه في مدينة بيت لحم مباشرة دون الهبوط في مطار اللد يعد اعترافا رسميا من الفاتيكان بدولة فلسطين ورئيسها محمود عباس الذي استقبله في مدينة المهد، كما أن لقاء البابا في مخيم الدهيشة بمجموعة من الأطفال اللاجئين وأداء صلاة خاصة بجوارجدار الفصل الذي يعزل مدينة بيت لحم عن القدس يؤكد بوضوح التعاطف الكامل من الحبر الأعظم مع معاناة الشعب الفلسطيني وحرصه على إنهاء تلك المعاناة.
كما أن الحبر الأعظم خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس طالب اسرائيل بتوفير حرية وصول المؤمنين إلى الأماكن المقدسة في مدينة القدس ودعا لأن تكون المدينة المقدسة مدينة للسلام فعلا، وطالب بأن تسطع في سماء القدس القيم الدينية والثقافية للمدينة المقدسة باعتبارها كنزاً للإنسانية جميعاً.
ولا شك أن دعوة الحبر الأعظم هذه لجعل القدس مدينة مفتوحة لجميع المؤمنين مع إتاحة حرية الوصول لجميع المؤمنين إلى أماكنهم المقدسة فيها تنسجم مع دعوات الرئيس عباس الذي يدعو باستمرار إلى جعل القدس مدينة مفتوحة للجميع لا تحيط بها جدران الفصل التي تمنع المؤمنين من حرية الوصول إلى أماكنهم المقدسة وأداء شعائرهم الدينية فيها مع كونها عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
ولأن البابا رجل سلام ومحبة فإنه حرص خلال زيارته للأماكن المقدسة التي استغرقت ثلاثة أيام على الدعوة إلى إنهاء الصراع وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومن هنا جاءت الدعوة التي وجهها إلى الرئيس محمود عباس وإلى شمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي من أجل الذهاب إلى الفاتيكان لصلاة مشتركة من أجل السلام، ويتوقع أن تقام هذه الصلاة المشتركة في السادس من شهر حزيران القادم، وبذلك يريد الحبر الأعظم أن يقدم مساعدة للسلام بطريقته الخاصة وسيلبي الرئيس عباس هذه الدعوة بكل أريحية حيث أن شأنه كشأن البابا داعية سلام، ولكن ليس سلاماً بأي ثمن ولكن السلام الذي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولا يتناقض مع التمسك بالثوابت الفلسطينية.
لقد أنهى البابا فرنسيس الأول زيارته لكل من الأردن وفلسطين وإسرائيل وهو يحمل انطباعا صادقا بأن القيادتين الأردنية والفلسطينية صادقتان كل الصدق في دعوتهما إلى السلام وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من ستة عقود وفتح صفحة جديدة في المنطقة توجه فيها كل الجهود من أجل التنمية وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوب هذه المنطقة الحساسة من العالم. وذلك وفق مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002 والتي تنص على إقامة سلام شامل وتطبيع كامل لعلاقات الدول العربية مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الخامس من حزيران عام 1967.
ولا شك أن هناك اليوم فرصة ذهبية نادرة أمام إسرائيل لتحقيق سلام شامل مع كافة الدول العربية وهو ما كانت تسعى إليه منذ قيامها في عام 1948. وحتى السعودية التي طرحت مبادرة السلام العربية فإنها منفتحة انفتاحا كاملا للسلام مع اسرائيل، وقد تجلى ذلك في المناظرة التي جرت مؤخرا في العاصمة البلجيكية بروكسل بين الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية وسفير السعودية السابق في الولايات المتحدة الاميركية والرئيس الأسبق للمخابرات السعودية وإبن شقيق العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز وبين عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق حيث ناقش الإثنان في المناظرة مبادرة السلام العربية وموقف اسرائيل منها، بالإضافة إلى قضايا أخرى ساخنة في المنطقة مثل الملف النووي الإيراني والأزمة السورية.
وقد أثبتت المناظرة اتفاق وجهة النظر بين الأمير السعودي والمسؤول الأمني الإسرائيلي السابق في العديد من القضايا خاصة من الموقف من الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.
وهكذا يتضح أن هناك دعوات عالمية للسلام مثلها الحبر الأعظم خلال زيارته الأسبوع الماضي للمنطقة وكذلك دعوات عربية، فهل يصغي قادة اسرائيل لهذه الدعوات أم يفضلون التوسع والإستيطان على السلام ويهدرون هذه الفرصة الذهبية لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة؟ والله الموفق
المسيحيون الفلسطينيون بحاجة إلى "بابا" سياسي أيضا
بقلم: جوناثان كوك – القدس
عندما زار البابا بندكتوس السادس عشر الأراضي المقدسة قبل خمسة أعوام، رفعت إسرائيل وتيرة إجراءاتها الأمنية، مؤكدة بحبور على التهديد المحتمل أن يواجهه من المتطرفين الإسلاميين في إسرائيل.
وعندما وصل خلفه، البابا فرنسيس، إلى إسرائيل يوم الأحد الماضي، لم تكن الحالة الأمنية أقل صرامة وشدة. فقد تم استدعاء نحو 9000 شرطي لحمايته، وكانت المؤسسات المسيحية تحت الحماية على مدار الساعة، وعملت الأجهزة المخابراتية وقتاً إضافياً. ووفقاً لمسؤول في الفاتيكان، فقد حولت استعدادات إسرائيل "الأماكن المقدسة إلى قاعدة عسكرية".
لكن إسرائيل كانت في هذه المناسبة أقل حرصاً على الإعلان عن مصدر مخاوفها، لأن التهديد الأكثر مادية لم يأت من الإسلاميين، وإنما جاء من المتشددين اليهود المرتبطين بالحركة الاستيطانية. وكان هؤلاء قد أصدروا في الشهر الماضي تهديداً بالموت ضد أسقف الناصرة الكاثوليكي وأتباعه، بينما شهدت الأسابيع الأخيرة رجال الدين وهم يهاجمون، والكنائس والصوامع وهي تشوه برسوم هجومية والمقابر وهي تدنس. ولطخت البناية التي كان من المقرر أن يجتمع فيها البابا الحالي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعبارات من قبيل "الموت للعرب وللمسيحيين". ويوم الجمعة الماضي، كتب بدهان الرش على كنيسة في مدينة بئر السبع عبارة "المسيح ابن عاهرة".
بالإضافة إلى ذلك، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عدة عشرات من المتطرفين اليهود أو أصدرت بحقهم أوامر بتقييد الحرية في الأيام القليلة الماضية. وكان بطريرك اللاتين في القدس فؤاد الطوال، قد حذر من أن "تصرفات مثل التخريب تسمم الأجواء". وفي الحقيقة، فإن مزاج عدم التسامح قد تجاوز هامش الخطورة. وقد تظاهر مئات من اليهود الإسرائيليين بغضب في القدس ضد البابا، بينما منعت الشرطة السلطات الكاثوليكية من تعليق لافتات ترحب بالبابا وزيارته، في ما ظهر أنه خوف من احتمال أن تقدح زناد احتجاجات أعرض. ويشعر المواطنون المسيحيون المحليون في الأراضي المحتلة وفي داخل إسرائيل على حد سواء، بأنهم محاربون أكثر من أي وقت مضى -وليس بسبب المستوطنين وحسب.
في بيت لحم، توقف البابا بشكل غير مقرر مسبقاً، للصلاة أمام الجدار الإسمنتي الضخم الذي أحال مكان مولد المسيح إلى سجن للسكان الحاليين. وذُكر في مخيم مجاور للاجئين أن إسرائيل تمنع السكان من العودة إلى بيوتهم التي أصبحت راهناً في داخل إسرائيل. وقدم نتنياهو دعمه الشخصي لخطة أخفت بالكاد وراءها هدفاً لتقسيم الأقلية الفلسطينية الضخمة في داخل إسرائيل -لتأليب المسيحي ضد المسلم- عبر السعي إلى تجنيد المسيحيين في القوات الإسرائيلية.
المسيحيون الفلسطينيون
بالرغم من هذه الشعبية للبابا، فإن هناك شعورا عام بالاستياء من هذه الرحلة القصيرة التي استمرت ثلاثة أيام. والهدف الرسمي من الرحلة هو الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لاجتماع عقد في القدس بين البابا بولص السادس والبطريرك أثيناغوراس، والذي أنهى 1000 عام من الشقاق بين روما وبين الكنيسة الأرثوذكسية.
وكانت الفاتيكان قد شددت على أن رحلة فرانسيس "ليست سياسية مطلقاً". وقد أوحى مسار رحلته الذي لم يتضمن وقتاً لزيارة الجليل، حيث يوجد معظم المسيحيين الفلسطينيين، بأن من غير المرجح أن يقدم البابا السلوى لأتباعه بأكثر من الأمل العام الذي أعرب عنه في بيت لحم من أجل قيام "سلام مستقر" في المنطقة.
مسيحيو الأراضي المقدسة، كما تجدر الإشارة، أقلية تصبح أقل عدداً بازدياد. ففي داخل إسرائيل، على سبيل المثال، هبطت نسبتهم من ربع الفلسطينيين تقريباً في أوائل الخمسينيات إلى 10 في المائة فقط اليوم. كما سجل تراجع مماثل في المناطق الفلسطينية المحتلة. وبالرغم من أن إسرائيل تحيل اللوم إلى التشددية الإسلامية كسبب لهذا الاتجاه الذي طال لعقود، فإن الحقيقة ليست كذلك. وقد بينت الاستطلاعات المتكررة أن هناك أقلية ضئيلة جداً من المسيحيين، والتي تنحو باللائمة على المسلمين في هذه الهجرة.
تراجعت نسبة المسيحيين مع الوقت، جزئياً بسبب ميلهم إلى تكوين العائلات صغيرة العدد مقارنة مع المسلمين. لكن ما ينطوي على أهمية بنفس المقدار هو حقيقة سياسات إسرائيل القمعية التوأم من الاحتلال القاسي في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، ومن نظام سياسي يعطي المزايا حصراً لليهود في داخل إسرائيل.
لا يغيب عن البال أن كل الفلسطينيين، المسلمين والمسيحيين على حد سواء، تضرروا من الحكم الإسرائيلي. لكن المسيحيين يظلون أفضل في استغلال روابطهم مع المجتمعات الغربية، ما يعطيهم مروراً أسهل للخارج.
ولا يناسب أي شيء من هذا القبيل رواية إسرائيل عن وجود صدام بين العالم اليهودي –المسيحي وبين الإسلام، أو رغبتها في عرض نفسها على أنها ملاذ فريد من نوعه فيما تغوص الدول العربية المجاورة في أتون صراع طائفي. ويوم الأحد الماضي ادعى نتنياهو بأن إسرائيل هي البلد الشرق أوسطي الوحيد الذي يعرض "الحرية المطلقة لممارسة كل الأديان".
الواقع، مع ذلك، يشير إلى إن العنف الذي يمارسه المستوطنون يغذي عدم التسامح الديني والإثني الذي تتم رعايته على العديد من الجبهات من جانب الدولة الإسرائيلية نفسها. وهو يبدأ مبكراً، حيث يتلقى أغلبية من الأولاد اليهود التعليم في مدارس دينية تزدري المنهاج الحديث. بل انهم يحفرون في أذهان التلاميذ تفسيرات حرفية للإنجيل تشجع الشوفينية اليهودية.
يرفض برنامج إسرائيل في تعليم الهولوكوست (المحرقة) الدروس العالمية، ويفضل تغذية شعور اليهود بأنهم الضحايا الأبديون للتاريخ. وفي الأثناء، يعتقد العديد من الإسرائيليين بأنه يتوجب عليهم أن يكونوا دائما حذرين -ومسلحين- في وجه عالم من غير اليهود المعادين للسامية. وقد أصبح العديد من الحاخامات المتشددين الأرثوذوكس، الذين يتمتعون بالسيطرة على مناطق ضخمة من الحياة الإسرائيلية، المحكمين الوحيدين للقيم الأخلاقية للعديد من الإسرائيليين. كما صممت جهود الحكومة الأحدث لتمرير تشريع يؤكد أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي" للقضاء على أي أمل لمستقبل متعدد الثقافات.
أخيراً، تستغل إسرائيل عقوداً من حكمها للفلسطينيين لاستثمار رمزية دينية يهودية أكبر في أماكن مقدسة مشتركة أو خاضعة للتنافس، وعلى نحو ملحوظ أكثر ما يكون في الحرم القدسي الشريف الذي يضم المسجد الأقصى المبارك. وسوف نرى الصراع على المناطق وهو يكسب بالتدريج سمات الحرب الدينية.
يفهم قادة الكنائس المحليون هذا جيداً. ففي التحضير لزيارة البابا، سأل الطوال بوضوح ولغاية: "ما الأثر الذي يخلقه خطاب رسمي عن كون إسرائيل دولة لمجموعة واحدة فقط؟" وكان البابا قد أشار في الأردن يوم السبت الماضي إلى إن الحرية الدينية هي "حق إنساني أساسي". وتلك بالتأكيد رسالة كان القادة الإسرائيليون في حاجة إلى سماعها عندما يلتقون البابا.
إن زيارة بابوية تنحّي السياسة جانباً لتركز على الدين وحسب، بحيث ترفع المواقع المقدسة فوق الناس الذين يعيشون في جوارها -إنما تخيب أمل الطائفة المسيحية التي تمس حاجتها لكل المساعدات التي تستطيع الحصول عليها فيما هي تقاتل من أجل استمرار بقائها في الأرض المقدسة.
*صحفي فائز بجائزة مارثا غيلهورن الخاصة للصحافة. كتبه الأحدث هي "إسرائيل وصدام الحضارات: العراق وإيران والخطة لإعادة صنع الشرق الأوسط" (مطبعة بلوتو). و"فلسطين المتلاشية: تجارب إسرائيل في البؤس الإنساني". (كتب زد)


"إذا معك فراطة!"
بقلم: د.أحمد جميل عزم – القدس
*محاضر ورئيس برنامج الدراسات العربية والفلسطينية في جامعة بير زيت ن. وكان باحثاً زائراً في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية في جامعة كمبريدج
كتبتُ الجمعة الماضية عن الأسير الإداري عبدالرازق فرّاج، الذي قضى أكثر من 2800 يوم في الاعتقالات الإدارية، عدا سنوات الأحكام الأخرى. والآن عبدالرازق في المستشفى، بعد قرابة شهر من الإضراب عن الطعام. وهناك أسرى آخرون أيضاً في حالة حرجة الآن.
في العام 2011، لم يكن عبدالرازق في المعتقل. يومها قال عن إضراب الأسرى عن الطعام: "من لم يجرب تلك المعركة لا يعي بالملموس معنى أن لا تدخل‪ أمعاءه ومعدته سوى قطرات مياه طيلة 14 يوما، لم يتمكن السجان من مصادرتها، مترافقة مع تنكيل وقمع وتنقلات وعزل، بما يحمله ذلك من آلام ومعاناة لا نظير لها، ويصعب وصفها، ولا يقوى على تحملها سوى أولئك الذين تفلوذت (من فولاذ) إراداتهم".
أرسل الأسير وليد أبو دقة (ميلاد) رسالة من معتقله الذي دخله العام 1986، يصف فيها حوارا مع أسير يكبره سناً: "عَتِقَ في أقبية السجن.. يتلهى بحرية تأبى أن تأتي، فيحلم في الآونة الأخيرة بأحلام يقظة". يُخاطب هذا الأسير ميلاد: "أتعرف ما أكثر ما أشتاق له في الخارج؟ أو حتى يمكن أن يبكيني شوقاً؟ أن يَسأَلني أحدهم مثلا سؤالا في أمر عادي جداً، أن يوقفني أحدهم ويسألني مثلا "معك فراطة؟". ويتابع: ليس مهماً أن يكون معي فراطة أو لا يكون، المهم أن يسألني "من زمان ما حدا سألني إذا معي فراطة".
‫جاء "ميلاد" من قرية "باقة"، في أراضي الاحتلال الأول (1948). ويعلّق: "رفيقي يحلم بالفراطة بعد أن فرط عمره، لأيام وأشهر وسنين، موزعة على السجون من نفحة جنوباً حتى شطة شمالاً. ورفيقي هذا قليلا ما يتكلم.. حديثه القليل معتق كجسده وروحه، تكفي كلمات قليلة ليثير مخيلتك وينقلك إلى عوالم أخرى، كنبيذ بجودة عالية؛ رشفة واحدة تكفي لحديث طويل ومعمق".
‫تقول الأسيرة المحررة رلى أبو دحو، في لقاء تلفزيوني: "ألم أقل لكم إن الضحك كان يؤلم الأسرى المضربين عن الطّعام؟ ومع ذلك كنا نضحك لنقهر السجان‪".
في قصة كتبها وزير شؤون الأسرى الفلسطيني عيسى قراقع، نقلا عن الأسير المحرر نزار التميمي، أنّ نزار عندما أُدخل المعتقل، وعلى جريان العادة، أودعت متعلقاته الشخصية في كيس بقي عند إدارات المعتقلات. وعندما خرج العام 2012 بعد تسعة عشر عاما من الاعتقال، أعيد له الكيس المحكم الإغلاق، وكان نسي بعض تفاصيل ما فيه، أو كاد. وكما يقول الأسير المحرر قراقع: كان "هناك شيء صلب في داخله. تفاجأ نزار أن الذي يوجد في داخل الكيس هي ساعته التي كانت على معصمه ليلة اعتقاله. وعندما أمسكها بيده ذابت الساعة وتناثرت غبارا، وكأنها أعلنت وفاتها بعد صبر وصمود طويل".
في موت الساعة كثير من الرموز، مثل حديث "انفراط العمر". وفي الأسر الإسرائيلي معانٍ كثيرة، لا متسع لنقاشها. ما يقتله الأسر، وما يريد قتله، وما يعجز عن قتله، أمور كثيرة يكتبها الأسرى ويخبروننا بها.
‫الأسرى رغم كل خيبة أملهم لا ييأسون منّا؛ نحن الجالسين في الخارج، ويناشدوننا التحرك.
قصص الأسرى لا تقل عُمقاً عن قصص فلسطينية أخرى جرت قبل آلاف السنين؛ قصص أشخاص ماتوا وعادوا للحياة. خيالاتهم، وطموحاتهم، وأوراحهم. مادةٌ تلمس أعمق ما في النفس الإنسانية، خصوصاً لأولئك الذين قرروا الثورة على كل استسلام.
من في الخارج لم ينسوا من في الداخل حقاً. الشهيدان، الفتى نديم نوارة ومحمد أبو ظاهر، منتصف هذا الشهر، لم يستشهدا إلا أمام معتقل عوفر، ونديم ومحمد ولدا بعد أن اعتقل ميلاد ورفاقه.
من في الداخل يتابعون درب من سبقهم، وهناك من سيلحقهم. والسؤال: كيف تتوقف العملية؟ كيف يُجمع العقد المُنفرط؟ كيف يتوقف انفراط الأعمار.. وتبخر الساعات؟
‫الحركة الوطنية الفلسطينية، كما يجسّدها نزار، وعبدالرازق، ونديم، ومحمد أبو ظاهر، وميلاد ورفيقه، تنبض كالعادة. هذه القصص الصغيرة جدا، مهمة كثيراً، تعكس خصوبة الأرض ومدى عظمة الشعب واستعداده للتضحية. ولكنها تريد حركة سياسية وشعبية بنفس قوامها وعظمتها، تَجمَعُها لتتماسك وتحقق الإنجاز، حتى لا تتبخر ساعات نزار وغيره.




شهيدا النكبة.. قصة جيش قاتل وكاذب
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
في الذكرى السادسة والستين للنكبة عمّد الفتيان نديم نوارة (17 عاماً) ومحمد أبو الظاهر (16 عاماً) بدمائهما ثرى فلسطين، ليؤكدا أن نهج العصابات الصهيونية الإجرامي في العام 1948 هو النهج نفسه الذي يتربى عليه جنود الاحتلال.
إذن هي ثقافة القتل المتعمد، ثقافة لم تتغير منذ النكبة وحتى اليوم... وكم من شهيد ارتقى ليس لسبب إلاّ لأنه فلسطيني!!!
قوات الاحتلال أُجبرت على "فتح" تحقيق في قضية القتل، بعد أن حاولت في البداية أن تنفيها، بعد أن لم تتمكن ربما من وضع سلاح أبيض أو ناري بجانب جثماني الشهيدين لتقول إنهما كانا يريدان تنفيذ عملية ضد إسرائيليين مثلما فعلت مع العديد من الشهداء... والقرار الإجباري جاء على خلفية مجموعة من التقارير والتحقيقات الصحافية في هذا الجانب.
بعد محاولة قيادات الاحتلال التهرب من الجريمة وبعد النفي والتشكيك في روايات مؤسسات حقوقية وإنسانية وقانونية تعاملت مع الموضوع ولكن بنوع من "رفع العتب" كما يقال، وبعد أن نشرت المؤسسات الحقوقية أشرطة مسجلة لعدسات محطات تلفزة أجنبية، وأشرطة كاميرات مراقبة في مبنى فلسطيني كان الشهيدان يقفان بجانبه.
ربما الأخطر فيما كشف من التحقيقات التي حظرت الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشرها أن الجندي الذي أطلق النار كان يرغب في أن "يتسلى بعد الملل الذي كان يشعر به" كما قالت صحيفة (هآرتس) العبرية أمس.
الجندي القاتل حسب ما تسرب من رواية الاحتلال استعار سلاحاً من جندي آخر، طالباً أن يجرب حظه وأطلق رصاصتين.. ويا للقدر فإن الرصاصتين أصابتا الشهيدين في مقتل؟!!
إذن، هل كان هذا الإرهابي القاتل يعاني من الملل أم يعاني من فكر فاشي إجرامي عندما أطلق النار على الشهيدين.
الجندي القاتل يعمل في وحدة اتصالات.. أي ممنوع عليه إطلاق النار، ولكنه فعلها وبدم بارد؟!! وفي كل مرة فإن جنود الاحتلال في مسرح الجريمة يتفقون على رواية موحدة بهدف تبرئتهم أو تبرئة زميل لهم من جريمة إنسانية... وهذا ما حصل بداية في قضية الاغتيال المتعمد للشهيدين نوارة وأبو الظاهر... حيث كذب أفراد الوحدة أولاً بادعائهم أنهم لم يطلقوا النار... ولكن لحسن الحظ فإن ما صورته عدسات الإعلام فضح كذبهم ونشر جرائمهم المتعمدة...
جيش الاحتلال ادعى أنه أوقف القاتل بعد نقله إلى وحدة أخرى... ولكن لا أحد يجزم بأن نهاية التحقيق ستكون توبيخاً لهذا القاتل، لأن حالة الملل ومحاولة التسلية ربما ستشفع له كما كل القتلة السابقين الذين تم توبيخهم أو تغريمهم بقروش كما في مجزرة كفر قاسم... أو ستتخذ إجراءات مخففة ضدهم إعلامياً ثم يعودون إلى مواقعهم كما حصل في جريمة إعدام الشهيدين مجدي أبو جامع وصبحي أبو جامع في العام 1984 بعد اختطاف حافلة إسرائيلية... حيث ادعى قادة الاحتلال أنهما قتلا خلال السيطرة على الحافلة، ولكن أبت عدسة مصور صحيفة "حداشوت" في حينه إلاّ أن تفجر قضية من العيار الثقيل وتفضح كذب هذا الجيش وقياداته عندما أظهرت استسلام الشهيدين والقبض عليهما ثم نقلهما إلى مكان قريب قبل إعدامهما... فهل تُتابع قضية الشهيدين على المستوى الدولي لتكون عبرة للقتلة والكاذبين أم سيتم دفن قضيتهما بعد أن تبرد الأحداث؟!!.

التدخلات الخارجية وليس الاختلافات البرامجية سبب الانقسام وعن التوازن الجديد في معادلة الحكم والحكومة
بقلم: حسين حجازي – الايام
عندما يعلن الرئيس أبو مازن اليوم أو غداً عن أسماء وزراء حكومته، حكومتنا التوافقية الجديدة ويؤدي هؤلاء الوزراء المبجلون يمين القسم أمامه، بعد أن ينادي على كل وزير باسمه. فسوف نعرف بعد ذلك أنه وقد أصبحنا نقاد بحكومة وليس بحكومتين وبرأس واحدة وليس برأسين، أن صفحة الانقسام قد طويت وأصبحت وراءنا، وحينما يعود الرجل وأعضاء حكومته لا من المنفى وإنما من رام الله الى غزة، في مثل هذه الأيام من شهر حزيران كما هو متوقع، فقد تكون المصادفة والأقدار وحدها هي التي حددت هذا التوقيت الذي يستمد من هذا التزامن دلالته الرمزية، في انتهاء الانقسام رحلة النزول او الهبوط على درجات السلم السبع المؤدية الى الجحيم، كما في الأساطير القديمة. ولنبدأ من حزيران الثاني رحلة صعودنا.
ماذا تعلمت "فتح" و"حماس" طرفا الانقسام وماذا تعلمنا نحن معهما وماذا تعلم الشعب الفلسطيني وعلم نفسه؟ وارى ان هذا هو سؤال واجب الوقت. اليوم وقد أصبح الانقسام وراءنا هل سنقيم أسس وقواعد وحدتنا على أرضية صلبة؟ والذي يعني ان يكون ما قد رأيناه او تعلمناه هو الخطأ الكبير الوحيد والقاتل، والذي تمثل بضعف تبصرنا حينما سمحنا لأنفسنا بفتح هذه الثغرة على مصراعيها، والتي سوف يتسلل أعداؤنا منها وكل أفاق مغامر للانقضاض على تجربتنا الديمقراطية الوليدة داخل الوطن، وهي لا تزال في مهدها. وتوجيه ضربة قاصمة ومميتة لوحدتنا الوطنية في اشد لحظات الاختبار لصمودها او مناعتها، وهذه الثغرة ليست سوى الإخلال بقواعد اللعبة الديمقراطية التي ارتضيناها، والانتقاص من مفهوم الشراكة او التوافقية في قيادة العمل الوطني.
واليوم دعونا نتوقف او نتأمل في حقيقة ان الكلمة الوحيدة والمهمة التي يكررها إسماعيل هنية في خطاباته الوداعية، من ان "حماس" تخرج هذه المرة طواعية من الحكومة في تبادل او تغير في الأدوار التاريخية، عما كان عليه الوضع العام 2006، ولكنها لا تخرج من الحكم هذه المرة. وأرى ان هذه هي الرسالة أو الإشارة التي يبعث بها الرجل أولا الى حركته لطمأنتها، وثانياً إلى "فتح" بشأن المستقبل. وحيث يبدو من الواضح الآن ان استقرار المصالحة او الشراكة والوحدة، إنما يعتمد أساسا على هذا الحفاظ من التوافق الخلاق، ولكن الذي يمليه الواقع بأن يظل هذا التوازن قائما بين طرفي معادلة الحكم والحكومة، وهو ما اقتضى احتفاظ كل طرف بسلطته العميقة اي الأجهزة الأمنية على حالها في الضفة لـ "فتح" ولـ "حماس" في غزة، وهو إجراء أرى انه كان حكيما وصائبا.
ولكني لا أظن أن هذا التوازن في امتلاك السلطة العميقة على الأرض وفق هذا التقاسم الجغرافي، يمكنه ان يشكل ضمانة أو حلا على المستوى الاستراتيجي او البعد الزمني، للحؤول في المستقبل دون تكرار ما حدث في غزة العام 2007، طالما لم يصر الى إغلاق مصدر التهديد الرئيسي للوحدة والشراكة الفلسطينية، وهي التدخلات الإقليمية المؤثرة في الساحة الفلسطينية، او ما يمكن تسميته بالعامل الخارجي.
ولننظر الى هذه المسألة هنا ببعض من التوضيح وذلك استنادا الى الخبرة التاريخية وفيما يلي دلالة ذلك ببعض التفصيل :
1- إن الانقسامات الفلسطينية التي حدثت في الماضي كما الانقسام الأخير بين "فتح" و"حماس"، لم تكن وليدة أو نتاج الاختلاف او التناقضات حول البرامج او الأهداف السياسية، بين ما سمي باليمين واليسار في عقد السبعينات، ولا حتى الانقسام داخل "فتح" بعيد الخروج من بيروت، الذي قصم ظهر الحركة الوطنية الفلسطينية، واتخذ له مطلبا أو شعاراً "إصلاح الفساد". وإنما كان هذا الانشقاق وبما في ذلك الانقسام الأخير بين "فتح" و"حماس"، يضرب على مفصل الاستعداد او الرغبة التي أظهرتها قوة إقليمية للتحالف أو استخدام طرف فلسطيني، لشق الساحة الفلسطينية.
إن صدام حسين وحافظ الأسد الزعيمين الطامحين لسد الفراغ الذي تركه عبد الناصر، بتصدر مركز قيادة العمل العربي الفارغ، هما اللذان سوف يلعبان على مدى عقد السبعينات وحتى الثمانينات، هذه الأدوار المتبادلة في دعم الانشقاقات والانقسامات في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية. في ذروة الصراع الإقليمي على ما سمي بالورقة الفلسطينية. وفي الحالة الأخيرة فإن ما حدث العام 2007، ما كان لنا ان نعزله عن محاولة الرئيس المصري حسني مبارك إسقاط السجال الداخلي بين نظامه والإخوان المسلمين، على الحالة الفلسطينية في غزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات.
2- لا تصدقوا أن الخلاف البرامجي بين الجبهتين الشعبية والديمقراطية في الماضي كان من شأنه أن يخل بالقواسم المشتركة التي تجمع الفلسطينيين، أو أن يؤدي ذلك إلى الاحتراب الأهلي وهو ما لم يحدث. ذهب جورج حبش إلى بغداد ونقل مقر قيادته مؤقتا الى هناك، ولكن عرفات و"فتح" الذي كان يملك القوة الوازنة كما الحكم لم يفكر في تصفية جبهة الرفض، التي تعارض وترفض برنامجه وخطته السياسية. لقد وقع الاقتتال الفعلي العام 1983 في سهل البقاع ومدينة طرابلس، حينما رأى الرئيس السوري حافظ الأسد وقد خرج عرفات من حصنه القوي في بيروت، انها اللحظة المواتية للسيطرة على القرار الوطني المستقل الذي كان يمثله عرفات. وليس لأن الرئيس السوري لم يكن يعرف أن ينام بسبب فساد "فتح" والمنظمة او خلافه مع عرفات على مبدأ التسوية السياسية.
3- فكروا إذن لماذا قفزت "حماس" و"فتح" عزام الأحمد وإسماعيل هنية برشاقة سياسية، أو حتى بخفة وسرعة مدهشة، عن الخلافات البرامجية، ما استدعى أن يبدي رمضان شلح المذهول استغرابه، ويرى في الأمر ريبة، وهي دهشة يجب أن نبدي نحن هنا دهشتنا واستغرابنا ان تصدر عن قيادي بوزن السيد رمضان شلح، لأن المسألة بسيطة أن التعددية الفلسطينية والاختلاف البرامجي وحتى الأيدولوجي، وهو الحالة الطبيعية لم يكن هو المشكلة. هذه المشكلة التي يمكن ان تؤدي إلى الانقسام بعد إنجاز التحرر وإقامة الدولة، كما لاحظ المستشرق الفرنسي جاك بيرك، أما الآن فعلام يتقاتلون؟ يقول خالد مشعل اذهب يا أبو مازن وفاوض ولنرَ، وفي قرارة أعماقه يدرك أبو مازن أن غزة المحررة إنما هي منصة الإطلاق الموازية والبديلة في الفترة القادمة ولا يمكنه الاستغناء عن غزة حتى في مناورته التفاوضية. وهكذا صوب غزة دُر.
وإذن، هذه هي اللحظة التي نقف عندها، ان الخوف على المصالحة لا يأتي من اختلافاتنا السياسية، ولكن من الاستعداد الذي قد يبديه أي منا للعب مع أطراف خارجية للتدخل في الشأن الفلسطيني، حيث لا زلنا في ذروة التحولات العاصفة في إطار البيئة الإقليمية المحيطة وحتى الدولية، ما يعني اكثر من أي وقت الحفاظ على الرأس، اي الوحدة الوطنية الجامعة بينما العرب من حولنا منقسمون.
4- ولا أظن اليوم كما في الأمس الماضي ان الخوف او الخشية من أخطاء يمكن ان تتركها الحركتان الكبيرتان، اذ بالمجمل قل ان يصدر عن مثل هذه الحركات نزوع نحو المغامرة او الطيش السياسي، على طريقة الرقص مع الذئاب. إنها حركات تمتلك عصمتها من قوة اعتبارها لذاتها، ولذا فإن الخشية أو الخوف هو حينما يسهل تحقيق هذا الخرق الذي تحدث عنه مكيافلي، عن طريق شراء بعض الأمراء أو النبلاء أو المجموعات الأقل حجما أو الصغيرة.
وإذ ستظل إسرائيل على رأس الأطراف التي لن تمل من محاولة شق وتفكيك وحدة الفلسطينيين، فإن الانقسام العربي والإقليمي الى عدة معسكرات متصارعة سوف يظل يطرح تهديدا مباشراً في المدى المنظور والمستقبل، لإحداث مثل هذه التفككات سواء بهدف تحقيق الكسب السياسي الآني في إطار هذه الصراعات بين المعسكرات المتنافسة. أو كإسقاط للصراعات الداخلية وربما طموحات بعض هذه الأطراف لعب دور إقليمي يملأ فراغاً في دور القيادة، لشراء تحالفات دولية، في منطقة تعصف بها الأزمات، ولا يمكن للقضية أو الوضع الفلسطيني أن يكون بمنأى عن هذه المغامرات.

وكأنه الحنين إلى حكم العسكر
بقلم: صادق الشافعي – الايام
كأن الناس ألفت العيش تحت حكم العسكر، أو كأن عيشها لا يحلو إلا في ظل حكمهم.
وهل كان هذا العيش حلواً حقاً؟ أو أنها العادة أم هو التدجين؟
ما يحصل الآن في ليبيا يقدم المثل الطازج أو الأكثر فظاظة على هذه الحالة. ما يحصل في ليبيا الآن لا يهدد النظام وتراكيبه الكرتونية والمتنافرة، ولكنه يهدد بشكل جدي وقوي وجود الدولة الليبية ذاتها من أساسها وبكل مكوناتها، وينذر بتفتتها.
ما يحصل الآن هو النتيجة المرّة للطريقة والأجندات والأدوات الخارجية التي تم فيها إحداث التغيير وإسقاط النظام السابق. لكن الجذر الأساس لما يحصل الآن هو حجم الخراب وعمقه الذي كان قد حفره النظام المنصرف (نظام القذافي) ولمدى انتشاره.
فبعد 42 سنة من الحكم الفردي المطلق للبلاد بكل مكوناتها، كشف سقوط النظام انه لم يكن باقياً في ليبيا سوى مؤسسة الرئاسة (مع ما في استعمال كلمة مؤسسة من مجازية واسعة) ثم مؤسسة الأمن. عدا ذلك لا شيء سوى الخراب: خراب في المؤسسات التشريعية والقضائية، وخراب في المؤسسة التنفيذية بوزاراتها وإداراتها التي يفترض ان تقدم الخدمات للناس، وخراب في الاقتصاد، وتفكك في الوحدة المجتمعية لصالح ولاءات قبلية ومناطقية متنافسة الى حد التصارع، وتفكك وصل حتى الجيش فحوّله من جيش موحد الى كتائب مستقلة كل بذاتها يقودها الأبناء او المحاسيب.
لكن الصورة العامة في معظم البلاد العربية تظهر بوضوح انه منذ السنوات الأولى بعد الاستقلال الوطني سيطر الجيش على حكم الدول العربية الأكثر امتلاكاً نسبياً لمقومات الدولة الوطنية.
بدأ ذلك في مسلسل الانقلابات السورية بعد نكبة 1948 بعدها في مصر عام 1952 ثم في العراق 1958، وبعد سنوات قليلة من الحكم المدني عاد الى سورية في 1963، ولحقت بهم اليمن في أول الستينات ثم الجزائر بالانقلاب العسكري عام 1965 ثم عاد وتكرس مع بداية التسعينات حين انقض الجيش على نتائج الانتخابات التي جاء ت نتائجها لمصلحة جبهة الإنقاذ الإسلامية، وفي 1989 لحقت السودان حين نفذ الجيش انقلابه على توالي الحكم المدني بعد فترة النميري والذي جاء هو أيضا بانقلاب عسكري سنة 1969. وفي نفس السنة أيضا جاء انقلاب القذافي ورفاقه. موريتانيا والصومال لم تكونا خارج هذه الصورة.
الأنظمة العربية الملكية والوراثية هي الأنظمة العربية التي ظلت فعلا خارج الصورة العامة المرسومة.
واقعياً استمر حكم العسكر في معظم البلدان المذكورة الى الفترة الحالية.
حتى عندما بدا وكأن حكومات مدنية هي التي تتصدر مشهد الحكم خلف ستار أحزاب سياسية أو هيئات مدنية، ظل العسكر في خلفية المشهد يمسكون بخيوطه الأساسية ويشكلون الضامن والحامي للحكم والقوى المشكلة له ولمصالحهم، ويحسمون في المواقف المفصلية. ثم ان وجود العسكر أصبح أساسياً في صلب مؤسسات تلك الأحزاب او الهيئات التي تتصدر مشهد الحكم.
العسكر، فرّخوا قوى أمنية وأجهزة نمت تحت عباءتهم ثم تعاظم دورها لتقوم، وبالتنسيق التام معهم، بدور أساسي في حماية النظام والحفاظ على ديمومته.
ليس المجال هنا لتقييم مجمل او تفاصيل الدور الذي لعبه العسكر في الحكم، فهناك أكثر من تجربة وأكثر من دور تتفاوت وتختلف في ما يميزها من خصائص، وفي ما لعبته من أدوار في أوضاع البلدان التي حكمتها ومدى ما قدمته او منعته لتطوير البلاد وتطوير وتقدم حياة أهلها على المستويات وفي المجالات الحياتية والديمقراطية والاجتماعية المختلفة.
هناك بلا شك تجارب كان طابعها العام إيجابيا في مراحل محددة من تاريخ حكمها نجحت خلالها في تحقيق إنجازات وطنية لصالح البلد وتقدمه، وتقدمات اجتماعية وحياتية لصالح أهل البلد، أبرزها مرحلة الحكم الناصرية في مصر.
وفي الفترة الحالية لا يمكن إنكار حقيقة ان الجيش، بوصفه مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع يمكن ان يلعب دوراً هاماً وإيجابياً في دعم وإنجاح ثورات الربيع العربي ( مصر وتونس)، وان يصبح دوره مطلوباً في حالات معينة للدفاع عن الثورة (مصر)، وأن يصبح ضرورياً في حالات الدفاع عن الوطن ووحدته وسيادته. كما يمكن ان يلعب دوراً سلبياً في حالات أُخرى.
لكن وبشكل عام، ظل حكم العسكر الممتد هو العامل الأساسي في كبح قيام حراك شعبي وتطور طبيعيين وديموقراطيين في المجتمع. وفي كبح المجتمع من المرور الطبيعي في عملية سياسية واجتماعية متراكمة يتم فيها انتاج قوى سياسية وهيئات ومنظمات اجتماعية ذات وجود ودور حقيقي وفاعل تقوم بدورها الطبيعي في إحداث عملية تغيير وتجدد ومعها عملية إحلال بشكل ديمقراطي ومتواصل.
تأثيرات عملية الكبح المذكور ونتائجها ظهرت بأجلى صورها في ما شهدته ثورات / هبات "الربيع العربي" في مخاضات ولاداتها من مصاعب وصلت حد الاستعصاء بالنسبة لبعضها وحد السيطرة عليها وحرفها عن مسارها بالنسبة للبعض الآخر.
فقد افتقدت هذه الثورات/ الهبات، بفعل الكبح المذكور عدم وجود قوى سياسية وهيئات مدنية متبلورة وذات وجود وثقل وتمتلك الرؤى والبرامج لتقود تلك الهبات وتوصلها إلى مبتغاها وتحقيق أهدافها المنشودة.
والنتيجة، وباستثناء الحالة التونسية التي نأمل لها النجاح والاستمرار، ومع رؤية موضوعية للفوارق ولاختلاف الأدوار، عودة إلى العسكر أو تكريس لهم، لا فرق.

أسماء الطرق في فلسطين إلى أين؟
بقلم: صلاح هنية – الايام
"هل مررت اليوم عبر طريق معبر عوفر"…. "الأسهل لك أن تعبر الى مشروعنا عبر داني شمرون" … "وصلنا غوش عتصيون" …. "خمس دقائق ندخل مفرق عوفرا ونكون عندكم".
في الوطن اليوم، تتكرر هذه المسميات بصورة تلقائية ولا يشعر احد بالحرج بل يعتبرها نوعاً من التسهيل للتفسير للآخرين، والمصيبة الكبرى عندما تردد هذه الأسماء في الإعلام. مرة كنت أتحدث في لقاء عام عن منطقة قلنديا الصناعية وأنها منطقة توشع طبيعية للمقدسيين وهي تسمى قصرا "عطروت" فأخذ الإعلام عطروت ولم يلتفت لمنطقة قلنديا الصناعية، خطأ الإعلام بمليون خطأ، خطأ الإعلام في عدم تدقيق الإعلانات المنشورة لديه والتي تقول شارع معبر عوفر، قرب معاليه ادوميم خلف حاجز قلنديا.
حتى لا نفرط في التحليل ونوزع المسؤولية بين وعي المواطن ودور الاعلام ودور البلديات ودور نظم المعلومات الجغرافية، يجب ان نحدد آفاق التغير.
أين وصل الجهد المتتالي في نظم المعلومات الجغرافية منذ عهد المركز الجغرافي الفلسطيني مروراً بالمؤسسات الحكومية التي تعمل في هذا الإطار.
أولا يجب ان تثبت لافتات إرشادية بأسماء الطرق الرئيسة كافة وأن تسمى المدن الفلسطينية بالأسماء الفلسطينية فتعود نابلس نابلس وليست شخيم والخليل الخليل وليست هيبرون، ويجب أن تصبح المواقع الجغرافية والسياحية معروفة ومثبتة أسماؤها على لافتات واضحة المعالم.
يجب أن تصدر نقابة الصحافيين الفلسطينيين قاموساً إعلامياً يحدد المصطلحات الصحيحة للتداول الإعلامي وقد حدثت بعض المحاولات ولم تتنامى.
يجب ان تقوم البلديات بدورها بتثبيت الأسماء الفلسطينية السليمة للطرق وتثبيت أسمائها في التعامل مع مواطنيها وضيوفها، لا يجوز ان تختصر بيتونيا بدورها ومكانتها بمعسكر عوفر، ولا تختصر القرى الشرقية في رام الله بمستوطنة عوفرا، والخليل تختصر مدخلها الرئيس بغوش عتصيون وكريات أربعة.
اليوم، يجب أن نحدث نقلة نوعية في تعاطينا مع الأسماء لطرقنا ومياديننا وقرانا حفاظاً على ارثنا وهويتنا وتاريخنا.
اليوم يجب أن نضع حدا لأي مطبوعة دعائية لمؤسسة اقتصادية أو منشأة تستخدم أسماء ليست فلسطينية من وحي معسكر جيش أو مستوطنة أو غيره.
هذا كان موضوع حديث على طاولة جمعتني بالدكتور خالد القواسمي والأستاذ خالد العسيلي فكان محور الحديث هذا الموضوع بعد أن وقع بين أيادينا إرشاد لمؤسسة رائدة باسم معسكر احتلالي لتدل على موقعها.

الــقــبــطــان..
بقلم: رامي مهداوي – الايام
كما وعدت بأن أكتب من فترة لفترة عن قصة أسير من أسرانا الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، كمحاولة لإستحضار الماضي الجميل وقصص الذاكرة من أجل المحاولة في التقدم ببناء الحاضر لتحقيق الهدف الذي نحلم به حتى لو اختلفنا عليه، بطل المقال هو القبطان.. هكذا أسماه الشهيد القائد ياسر عرفات، هو اكبر الاسرى سناً حيث يبلغ من العمر 75 عاماً ويعاني من عدة امراض، أخطرها وجود كتلة في الكلى مما تعين له إجراء عملية جراحية يوم الأحد _غداً_ لإزالة الكتله. حوصر مع الرئيس ابوعمار في المقاطعة حتى تاريخ ترحيله إلى سجن أريحا تحت الحراسة الامريكيه والبريطانية، وبعدها اختطف من سجن اريحا هو والرفيق احمد سعدات وهو الان يقبع في سجون الاحتلال وحكم عليه عشرون عاماً.
انطلق القبطان مع حركة فتح منذ بداية العمل المسلح ضد الاحتلال، كان المسؤول المالي والإداري لقوات الثورة في أحراش جرش وعجلون 1971-1979، اشرف على تحصينات مواقع الثورة الفلسطينية في العرقوب (فتح لاند) في لبنان بعد أحداث جرش وعجلون، يعتبر احد المؤسسين الرئيسين لجهاز رواتب المقاتلين في جيش التحرير الوطني الفلسطيني. اشرف على تأسيس مركز الإمداد والتموين الرئيسي لحركة فتح والثورة الفلسطينية في عين ترما/سورية. اشرف القبطان على تأسيس ورشة إصلاح متقدمه في عين الحلوة/لبنان. صاحب فكرة الاكتفاء الذاتي إداريا لقوات البحرية التي كانت تبعد عن المقرات الرئيسية للثورة.
على الرغم بأن القبطان لم يكن مقاتلا بمعنى الكلمة إلا أنه كان مرافق المقاتل، يزوره باستمرار في كافة انتشار مواقع الثورة الفلسطينية في سورية ولبنان ليقف على متطلباته واحتياجاته الاداريه، لهذا كان يقع على عاتقه مسؤوليات متنوعة مثل الخدمات الطبية العسكرية، مستودعات التسليح السرية، تأمين احتياجات معسكرات الأشبال الصيفية، مما جعله يشرف على توصيل المخصصات لكافة المقاتلين أينما تواجدوا وحل مشاكلهم فورا بدون تأخير أو إبطاء.
أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م كان القبطان الجندي المجهول الذي استطاع تأمين كافة متطلبات الثورة من النواحي الاداريه لكافة الطرق المسموحه والممنوعة لكي يؤمن لهم الصمود الرائع لمدة 88 يوم. بعد الخروج من لبنان عام 1982م استطاع في فترة وجيزة إبلاغ القيادة عن انتهاء كافة المشاكل الادارية والمالية لكافة القوات التي خرجت من لبنان، الجميع شهد للقبطان بما قام به في طرابلس عام 1983، أثناء حرب المخيمات كان له الفضل الأكبر في تأمين احتياجات المقاتلين وكذلك تأمين احتياجات أبناء شعبنا في المخيمات، عند عودته إلى الوطن حل كافة المشاكل المالية التي حلت بالقوات بعد الحصار المالي الذي تعرضت له المنظمة عام 1992 قبل العودة إلى الوطن.
القبطان تولى مهامّ كثيرة في حركة فتح والثورة الفلسطينية والعمل الاجتماعي والأهلي منها: عضو المجلس المالي لحركة فتح، عضو المجلس العسكري لحركة فتح، عضو المجلس الثوري لحركة فتح،عضو المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المجلس العسكري الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو لجنة لبنان، مدير الإدارة المالية المركزية لقوات الأمن الوطني والأجهزة الأمنية، عضو المجلس الأعلى للأمن القومي في السلطة الفلسطينية، المستشار المالي للزعيم الراحل أبو عمار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصخرة الاقتصادية، رئيس اللجنة المركزية العليا للإصلاح الاجتماعي بالسلطة الفلسطينية، أسس ميناء غزه، رئيس الاتحاد الفلسطيني للفروسية.
تزوج القبطان عام 1975 في سورية، أنجب 6 أبناء هم حازم رنا ومحمد ونسمه ورانية وايه، وله ستة احفاد. قبل ثلاثة اعوام توفيت شريكة حياة القبطان زوجته _ام حازم_ ولم يستطيع رؤيتها منذ اعتقاله.
يجدر الإشارة بأن التهمه الموجهة للقبطان هي المسؤولية الكاملة عن سفينة الاسلحة "كارنA" التي اعترضتها إسرائيل في يناير 2002 بالبحر الأحمر والممول لكتائب شهداء الأقصى، قبل أيام وجه القبطان رسالة الى القائد العام رئيس دولة فلسطين محمود عباس ابو مازن يقول بها".... حتى اللحظة انتظر قرار محكمة الاستئناف والتي تشير الحالة القانونية والوقائع المادية الى قوة موقفنا القانوني أمام محكمة الاحتلال، على اعتبار عدم وجود دليل بالقضية المتهم بها والتحقيقات الخالية من أي اعتراف من قبلي بالتهمة المنسوبة لي، وهذا يعطي المجال للتحرك بطريقة أكثر فاعلية للتأثير على قرار محكمة الاستئناف، وكذلك استثمار الحالة الصحية التي أعاني منها حيث ان الملف الطبي يبين أنني أعاني من عدة مشاكل صحية تحتاج الى علاج وعمليات ضرورية من شأنها ان تشكل عامل ضغط بشأن الإفراج عني".
غداً الأحد سيخضع القبطان فؤاد الشوبكي الى عملية جراحية في الكبد، ستكون وحدك هناك، دعاء عائلتك ومعارفك سينتشر بسماء فلسطين طالبين بأن يكون الله معك ليحماك من أي مكروه. غداً ستكون بين يدي الله كما هم باقي أسرانا المضربين عن الطعام... حماكم الله جميعاً.
وعــــد بــلــفــور
بقلم: وليد بطراوي – الايام
خلال حضوري مناسبة اجتماعية، دُعي أحد السياسيين لإلقاء كلمة، بدأ حديثه بكلمات أثرت في الحضور، ثم سرعان ما ربط الحدث الاجتماعي بالسياسة واستطرد حتى زهقنا، فمن ممارسات الاحتلال، إلى سياسة نتنياهو، إلى العملية التفاوضية، إلى قرارنا الانضمام إلى الهيئات الدولية، الى القدس وتهويدها، إلى المصالحة وحكومة التوافق. تململت في مقعدي، وضبطت أعصابي وكلماتي حتى لا تفلت مني كلمة طائشة. أنهى خطابه، وانتهى الحفل. لم أتمالك نفسي فذهبت إليه وقلت: "نسيت أن تذكر وعد بلفور في كلمتك!".
رسالة لن تصل
قام "نشطاء" حسب ما أسمتهم وسائل الإعلام، بإغلاق بوابات مقر الصليب الأحمر في البيرة ومنعوا الموظفين الدخول إليه، احتجاجاً على "تقاعص الصليب الأحمر عن توفير الحماية للأسرى المضربين". برأيي المتواضع، فإن جمعية الصليب الأحمر تبذل ما تستطيع من اجل الأسرى وخاصة في ظل السياسة الإسرائيلية التي لا تحترم القوانين الدولية التي تستند اليها جمعية الصليب الأحمر، وبرأيي المتواضع أن إغلاق مقر الجمعية ومنع الدخول اليها لن يوصل الرسالة المطلوبة، بل على العكس من ذلك، لقد عهدنا خلال السنوات الماضية ان تكون احتجاجاتنا منطقية، وكانت رسائلنا تصل عندما نقوم بكتابتها وتسليمها شخصياً الى مندوبي الصليب الأحمر.
ع 199
خلال خروجي من مدخل البيرة الجنوبي باتجاه "كفر عقب" وقبل "الخمارة" بعدة أمتار، شاهدت لافتة كبيرة كتب عليها بالبنط العريض والكبير "زيد السرعة". دست دواسة البنزين، ثم أدركت ان عبارة "زيد السرعة" هي جزء من إعلان تجاري، لقد حقق هذا الإعلان مراده بأن لفت انتباهي، وحتما سيلفت انتباه الآخرين، ولا مانع من ان تستخدم الشركات ما تشاء من العبارات ترويجاً لبضاعتها او خدماتها، لكنني أعتقد أن وضع الإعلان بهذه الطريقة على الطرق الرئيسة وبالتحديد عبارة "زيد السرعة" غير مناسب. الإعلان التجاري علم، وربما كان الأجدر بالشركة أن قالت: "تمهل قبل أن تزيد السرعة"، ومن ثم شرحت ضرورة التمهل قبل اختيار الشركات المنافسة.
"سرّك في بير"
"ما اسمك؟ أين تسكن؟ ما هو رقم هاتفك الأرضي؟ ما هو رقم هاتفك المحمول؟ اعزب، متزوج، مطلق، ارمل؟ اين تعمل؟ كم تتقاضى راتباً؟" وغيرها من الأسئلة الشخصية قد تصل الى مرحلة متقدمة من المعلومات تماماً كما في برنامج "لحظة الحقيقة"، ولكن ليس على شاشة التلفزيون، وبإرادة شخصية، بل في البنك وامام الجميع، وبين الحشود التي تنتظر دورها لفتح حساب، والتي سيأتيها دور الأسئلة الشخصية العلنية، تماماً مثلك. وحال "السرية المضمونة" علناً، لا يقتصر على البنوك، بل ايضاً في العيادات الخاصة والعامة، ففي المستشفيات لا يفصل بين الأسرّة الا ستارة، وحين يقوم الطبيب بالفحص، يستمع كل من في الغرفة لأسرار المريض، فالطبيب لا يطلب من مرافقي المرضى الآخرين مغادرة الغرفة، وفي العيادات الخاصة، يقوم بعض الأطباء بمعاينة المرضى بالجملة، ويستمع كل مريض لأسرار الآخر. اين هو حق المواطن بالخصوصية؟ ام ان لا أسرار بين أبناء الشعب الواحد!.
لو كنت مسؤولاً
وبالتحديد وزيراً مغادراً لوزراتي خلال أيام، لمررت وألقيت التحية على كل موظف وموظفة، وقدمت شكري لكل من أبقاني وزيراً،
الشاطر أنا
لما شفت يافطة "زيد السرعة" اللي حكيت عنها فوق، ما كذبت خبر، زدت السرعة وطرت. فجأة وانا ع طريق اريحا الا شرطة اسرائيلية بيوقفوني. طرقوني مخالفة سرعة، وطبعاً ما استرجيت اناقشهم، بالعكس قلتلهم "غطان ومليون غطان يا خواجا". المهم حجزوا الرخصة وطلبوا مني اروح ثاني يوم ع المحكمة في احدى المستوطنات القريبة من القدس. والله لاني شاطر وملتزم، ركبت هالسيارة ووصلت باب المستوطنة. الشرطي اللي ع الباب سأل عن المحكمة، ورجع يقول لي انها تأجلت لليوم الثاني. قلنا يا سيدي حاضر. ركبت السيارة ولسا بدي اشغل الا الشرطي بينادي عليّ "انت لشو هون؟" رديت "علشان المحكمة، وعلشان ارجع رخصتي". الشرطي بحلق عينيه وقال "شو؟ ترجع رخصتك؟ ليش هي رخصتك مسحوبة؟" جاوبته "اه مسحوبة". مسكني من قبقة قميصي وقال لي "يا شاطر رخصتك مسحوبة وجاي سايق السيارة! مسامح هالمرة بس حبيبي اترك السيارة هون وارجع بكرا". وقتها بس فهمت معنى مصطلح "رايح برجليه"!

تغريدة الصباح – عبد النور
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لم يتذمر المصريون، ولا أي طيف سياسي منهم، من استوزار مديد، لمنير فخري عبد النور، لكن استمرار الرجل في الحكومة، كلما تبدلت الوزارت، تعديلاً أو تشكيلاً، بات أمراً لافتاً. يشحذ النمامون أسنانهم، لكنهم لا يعضون سيرته.
كان تجديد التفويض، لعبد النور، يستند الى مناقبيته الظاهرة للعيان. فلا هو عبد الشكور، ولا هو عبد المطيع، ولا هو عبد الطائرة والسفر و"المهمة". هو عبد النور الماكث في دوائر عمله. مسيحي من أسرة وطنية، كان أبوه فخري، واحداً من قامات الأقباط في ثورة 1919 مع مكرم عبيد وويصا واصف وسلامة ميخائيل ومرقص حنا وغيرهم.
ثم إن عبد النور هذا، الذي يغبطه (بلا حسد خبيث) الثرثارون، لمكوثة الدائم في الحكومة، ويرضون عنه؛ لم يطو حتى الآن، أربع سنين كاملة في الحكومة. بدأ عمله الوزاري مع أحمد شفيق، وزيراً للسياحة في يناير 2011 ولما تشكلت الحكومة الأولى بعد انتصار ثورة 25 يناير، برئاسة عصام شرف، ظل ماكثاً في وزارته. ومع سقوط هذه الحكومة إثر ما يُسمى "أحداث محمد محمود" وتشكيل حكومة الجنزوري، ظل ماكثاً أيضاً. وبمجيء "الاخوان" وتشكيل حكومة هشام قنديل، جرى تحريك عبد النور الى منصب أهم، فكُلف بحقيبة التجارة والصناعة. غير أن تلك الحكومة نفسها لم تهنأ بحقائبها عاماً واحداً. فقد أسقطها ثلاثون مليون مصري أو أكثر، فيما يُعرف بـ "ثورة 30 يونيو". لكن عبد النور لم يسقط، إذ ظل حاضراً في التشكيل الجديد، وفي الوزارة نفسها، برئاسة د. حازم الببلاوي. وبعد استقالة هذه الاخيرة، وتشكيل حكومة ابراهيم محلب الأخيرة؛ لم تنطفئ مصابيح عبد النور، فيما تهشمت معظم القناديل، بل أضيف المزيد من المهام لوزارة عبد النور، إذ أُلحقت وزارة الاستثمار بوزارته!
هنا، يكون المصريون، بصدد رجل ذي مناقبيه لا يختلف عليها اثنان. وفي الحقيقة، أنا أعرفه، وأعرف أن له وجهاً واحداً، يتكلم بالصدق، كبير ابن كبير، عف اللسان ونظيف اليد، وفوق أية شبهة من فساد أو رقاعة. فعلى كل شيء اختلفت العهود، بين مبارك وطنطاوي ومرسي والعهد الانتقالي، ولم تختلف على عبد النور، على الرغم من كونه وفدياً من عائلة وفدية، ولم يكن أي عهد من هؤلاء وفدياً.
عبد النور هذا، أضاء ولم يُعتم. وحيثما كان، لجَمَ النميمة ولم يفتح خطوطاً لها. إن غادر الى الخارج مضطراً، لا يغيب سوى ساعات، يعوضها في السهر على حُسن السير في وزارته. يختشي ولا يخاف، ولو أحس أن بعض شباب حي "الوايلي" الشعبي الذي نشأ فيه، يتذمرون منه؛ لانسحب من تلقاء نفسه، لأن شفيق وشرف والجنزوري والببلاوي ومحلب، لن ينفعوه حين يعود الى الحي، ثم يستمطر عليه رواد المقهى القريب، بعض نكاتهم إن لم يستمطروا لعناتهم، وهو يتحسب لذلك.
يمكن أن يُكلف عبد النور من جديد. هو لم يتخطَ بعد، حاجز سنته الرابعة. كانت التكليفات على تنوعها وتناقضها، متقاربة زمنياً، لكن التقارب لا ينفي أن الرجل، بات وزيراً مديد المكوث، وهذه علة الموقف، بالنسبة له، بصرف النظر عن الحيثيات.
إن كان طول المقام في الحكومة ، هو علة عبد النور ذي السنوات الأربع التي لم تنته أياماً وشهوراً بعد؛ فما هي علل عبد المُهيمن، وعبد الخافض الرافع، وعبد المُعز المذل، وعبد المانع، وعبد الضار النافع، وعبد الباطن، وعبد المُقدم المؤخِر، وعبد المتكبر، وعبد القابض الباسط، وعبد المقيت، وكلهم يحملون في أسمائهم، أسماء الله الحُسنى؟!

إسرائيل والمسيحيون: انفضاح سياسة.. وفضيحة وقائع!
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
تسعى إسرائيل – هذه الأيام – سعيا محموما إلى جذب الأقلية المسيحية العربية فيها للانضمام إليها بمواجهة الغالبية المسلمة في المنطقة. وقد تجلى ذلك، مؤخرا، بإعلان جيش الاحتلال الاسرائيلي الشهر الماضي استدعاء مسيحيين من فلسطينيي 48 للخدمة، مشيرا الى ان "الاستدعاء اختياري وليس الزاميا". كما تجلى أيضا في القانون الذي وضعه البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) حيث يفرق بين فلسطينيي 48 المسلمين منهم والمسيحيين، ويمنح الأخيرين امتيازات أكبر في مجال العمل. ولقد أكد النائب الليكودي (ياريف ليفين) الذي قدم مشروع القانون أن المسيحيين "حلفاء طبيعيون لنا ويشكلون ثقلا مضادا للمسلمين الذين يريدون القضاء على الدولة من الداخل".
من جانبه، يشير (غابرييل بن دور) مدير معهد دراسات الامن القومي في جامعة حيفا إلى أن "هناك بالفعل تدهورا في وضع المسيحيين في الشرق الاوسط. إنه الوقت المناسب لتقوم اسرائيل بتحسين وضع الاقلية المسيحية فيها، لان هذه الاقلية الان اكثر حماسا للتعاون مع إسرائيل وهذا من شأنه أن يحسن مكانة إسرائيل الدولية". بذلك، تتابع إسرائيل اليوم اللعب بورقة "الطائفية" بين المسيحيين والمسلمين في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، بعد أن كانت قد صنفتهم إلى مسلمين، ودروز، وبهائيين، ومسيحيين.. وبدو منذ 1948. ومن المؤكد أن الدولة الصهيونية لن تسعى إلى دمج المسيحيين في المجتمع الاسرائيلي كمواطنين يتمتعون بالحقوق الكاملة، فأكبر دليل على ذلك استمرار التمييز الواضح ضد العرب الدروز الذين يخدمون في جيش الاحتلال. وفي كل ما سبق، انفضاح سافر لسياسة إسرائيل على هذا الصعيد.
يقول مراسل مجلة الإيكونوميست في القدس المحتلة (نيكولاس بيلهام): "قبل زيارة البابا ارتدت جماعات الضغط اليهودية المتعددة في العالم عباءة المنقذ للمسيحيين في الشرق الأوسط، باعتبار أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي توفر الملاذ الآمن للمسيحيين في الشرق الأوسط على النقيض من "جلاديهم" المسلمين". ومن ضمن مقارنته، يقول (بيلهام) إن "سجل السلطة الفلسطينية أفضل بكثير من إسرائيل: فالمتحدث باسم الرئيس محمود عباس مسيحي، واثنان من أعضاء مجلس الوزراء (المالية والسياحة) مسيحيان، واثنان من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مسيحيان أيضا، وكذلك نائب رئيس المجلس الوطني. المسيحيون كثر في مجالس البنوك وغرف التجارة، بلديتا رام الله وبيت لحم يجب أن يكون مجالسهما البلدية في غالبيتها مسيحية مع رئيس بلدية مسيحي. عيد الميلاد والأعياد الشرقية هي العطل الرسمية الفلسطينية. الرئيس عباس يحضر ثلاثة أعياد ميلاد (للروم الأرثوذكس والكاثوليك والأرمن) في بيت لحم، وسوف يحتفل بعيد الفصح في القدس إن سمحت له إسرائيل بالدخول". ويتابع (بيلهام): "على النقيض من ذلك، بعد 66 عاما على النكبة، لم يكن في إسرائيل متحدث واحد مسيحي باسم الرئاسة، أو وزير في حكومة، أو رئيس بنك". ويضيف: "في البرلمان الفلسطيني هناك ثمانية مسيحيين، وفي البرلمان الإسرائيلي اثنان. لدى الدولة الفلسطينية ما لا يقل عن خمسة سفراء مسيحيين، بما في ذلك لندن وبرلين، وإسرائيل لديها فقط نائب سفير في النرويج مسيحي. الكنيست يمنع أشجار عيد الميلاد التي تنبت في جميع أنحاء فلسطين من العرض العام في مقره. لا يذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الكنيسة لعيد الميلاد".
إذ نؤكد دائما على الأهمية الفائقة للوجود المسيحي في المشرق العربي وعلى المصير المشترك بين المسيحيين والمسلمين في التصدي للتحديات المشتركة التي تواجههم، نؤكد أيضا على ضرورة تحرك الدول العربية والإسلامية، علاوة على الكنائس (وقبلها الجوامع) جماعيا لإنقاذ الوجود المسيحي في فلسطين، وبشكل خاص مدينة القدس، من الهجمة الصهيونية الأكثر شراسة للتهويد الذي يطال، على حد سواء، المسلمين والمسيحيين وأماكنهم المقدسة. كذلك، لا بد للمراجع الدينية الإسلامية من تعزيز جو الطمأنينة لدى المواطنين من الطوائف المسيحية كونها شريكة أساسية في المجتمعات العربية التي يعيشون فيها، علما بأن التوترات المذهبية بين المسلمين أنفسهم تهدد استمرار التعددية الدينية في المنطقة وتزيد من قلق المواطنين (مسيحيين ومسلمين) من وباء الفكر التكفيري. وختاما، مثل هذه الحملات والجهود تزيد من عزم المسيحيين المشرقيين (والمسلمين أيضا) وتحفزهم على مزيد من الصمود في الوطن رغم الرياح العاتية المتجسدة في جهود الاقتلاع التي تمارسها وترعاها إسرائيل.
إفشال القفزة الإسرائيلية الثالثة!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
حديث الرئيس أبو مازن قبل أيام مع أعضاء منتدى مؤسسات السلام في إسرائيل مهم جداً، فلقد صارحهم بحقائق مهمة جداً، وزودهم بمعطيات رئيسية من إفشال الحكومة الإسرائيلية المتعمد للمفاوضات، وصارحهم بأن البديل عن المفاوضات وعن السلام هو خسائر فادحة، بل فادحة جداً للجميع.
من المهم أن يكون لنا صوت لدى الآخر، وأن يكون هذا الصوت محفزاً للحوار الداخلي في المجتمع الإسرائيلي، حتى ولو بدا هذا الصوت خافتاً، وخاصة في هذه الأيام التي نرى فيها المجتمع الإسرائيلي ينحدر أكثر نحو الرواية الصهيونية في مراحلها الأولى، مراحل ما قبل الدولة الإسرائيلية، مرحلة العصابات والمجموعات المتطرفة التي كانت هي صاحبة القرار والفعل على الأرض، وكانت وقتها تفعل الشيء ونقيضه لتثبيت فكرة الدولة اليهودية في بلادنا، وكانت الحركة الصهيونية في ذلك الوقت معتدلة في الأداء السياسي ومتطرفة جداً في الميدان العملي، وافقت على مقترح التقسيم في عام 1937 الذي هو أقل كثيراً من طموحها، ولكنها كانت في الميدان تنشب مخالبها بقسوة في لحم الأرض الفلسطينية، بينما كنا نحن فلسطينياً ضمن حالة الاستيعاب من قبل الدول العربية حولنا، متصلبين سياسياً، ولكننا نعاني من الهشاشة والضعف في الميدان، وهكذا تطور تقسيم عام 1937 إلى تقسيم عام 1947، ثم تطور هذا التقسيم ليكون مع الآخرين وليس مع الطرف الفلسطيني، ثم تطور ذلك التقسيم إلى دفع فاتورة عالية جداً حتى من حصتنا المهيضة في تقسيم عام 1947، وتم تثبيت خطوط الهدنة في عام 1949 دون أي نوع من مشاركة الشعب صاحب القضية وهو الشعب الفلسطيني، وها نحن اليوم في مواجهة حاسمة ضد القفزة الصهيونية الثالثة، وهذه القفزة الثالثة كما تتضح معالمها اليوم هي ابتلاع الضفة، أي لا مكان للشعب الفلسطيني، باعتبار أن الحركة الصهيوينة قامت على قاعدة انكار وجود هذا الشعب الفلسطيني أصلاً.
لابد من إفشال هذه القفزة الصهيونية الثالثة، لابد من تخطيها موضوعياً، لابد من جعل دعاتها من قطعان المستوطنين والمتطرفين الذين هم عماد الحكومة الإسرائيلية الحالية بأن ما يهدف إليه مستحيل، وأن خسائره فادحة وعصية على الاحتمال.
إسرائيل – في هذه اللحظات – لها قراءة خاصة بها لما يدور حولها في المنطقة وفي العالم، فهي تعتقد أن الوضع الداخلي الفلسطيني ضعيف، والوضع العربي مضطرب إلى مدى مفتوح وطويل نسبياً، وكذلك النظام الدولي العربي يواجه استعصاءات شديدة على الصعيد الإقتصادي، وعدم الرهن على أحادية القضية، وإعادة انقسام مناطق النفوذ.
فهل نستطيع في ظل هذه المعطيات التي تستند إليها القوى الإسرائيلية الحاكمة أن نكسر حدة المجتمع الإسرائيلي، وأن نفشل هذه القفزة الصهيونية الثالثة؟
ليس أمامنا من خيار سوى أن نحاول، وأن نخوض المعركة، وأن نحشد كل عناصر القوة الذاتية التي يملكها في هذه المعركة، انطلاقاً من المتغير الرئيسي بأن القوى الدولية الآن أكثر تنبهاً وأكثر تشككاً وانتقاداً للرواية الإسرائيلية، خاصة في هذه اللحظات التي يتزامن فيها التطرف الصهيوني مع إشارات قوية للتطرف وعودة النازية الجديدة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، ذلك أن الحذر الشديد الذي يسود أوروبا وأميركا جراء هذه الإشارات السلبية الجديدة، لا يمكن أن يتجاهل هذا الإرتداد الصهيوني الحاد في إسرائيل.
وبما أننا نجحنا في السنوات الأخيرة في تكريس مصداقية لنا بأننا ضد الإرهاب بشكل عميق، فإن حضورنا في الميدان يجب أن يرتكز على إحراق الأوراق التي كان يعتمد عليها الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة وأهمها ورقة الانقسام، وهذا ما نستبشر به هذه الأيام، كما يجب أن تتحول المقاومة الشعبية السلمية إلى فعل يومي واسع النطاق، يجب أن نرفع من وتيرة الحوار داخل أطراف المجتمع الإسرائيلي، وأعتقد أن توسيع نطاق المقاومة الشعبية السلمية تساعد بشكل حاسم في زعزعة الثقة لدى تيار المستوطنين الذي أصبح القوة الحاكمة داخل إسرائيل هذه الأيام.
السلام ليس مرادفاً للعجز، بل السلام يجب أن يكون مرادفاً للقوة عبر أشكال جديدة من الفعل اليومي الواسع النطاق.

في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
بقلم: جواد بولس – الحياة
"سمعت أنك ستزور أبو حمدي غدًا، فرجائي أن تنقل له سلامنا جميعًا وطمئنه عنّا، نحن بخير ومشتاقون له، بلّغه أن "حمدي" أنهى جميع امتحاناته وهو الأول في صفّه، بيرفع الراس فليفرح له وبه، لا تنس ذلك يا أستاذ".
تنهي أم حمدي محادثتها وتحمّلني ذلك الشوق والبشرى أمانات، لأعود أنا إلى قلمي ليستذكر ولينزف.
أوصلني سجّان من بوابة السجن الرئيسية إلى غرفة صغيرة، هي مكاتب التسجيل في سجن "أيلون" في الرملة. لا جديد في هذه الغرفة التي يذكّر كل شيء فيها بالبؤس. طاولتان من خشب رخيص قديم، وحيطان متعبة لونها كلون الجراد. وراء الطاولة التي في الصدر ينكب "طارق"، سجّان عرفته منذ سنوات بعيدة، على دفتر من ورق مجدول وله هوامش، عيناه مغروزتان فيه، وبقلمه الذي يحرّكه كطالب في الصف الأول، يملأه بملل، وأفأفة واضحة، شعره كان كثير اللمعان، لم أتحقق إن كان ذلك من فعل "جيل" مرّغه للزينة أو من كثرة عرق، في لحظة دخولي رفع عينيه ورحب بي بحيادية مصطنعة. تبادلنا بعض الجمل وشرحًا عن أسباب غيابي لأكثر من عقد، ففي هذه السنوات لم يحتجز هناك أسرى فلسطينيون أمنيون. نقل "طارق" أسماء الأسرى الذين طلبت زيارتهم وشدّد على من يتلقى القائمة في الطرف الآخر للهاتف، أنهم إداريون مضربون عن الطعام.
على يساره يجلس سجّان أسمر، شعره مقصوص على قالب "كاظم"، خدّاه أسيلان وعيناه توعزان بجدّية شاب راضٍ بوظيفته، صدره مدفوع ويعلن: عاش السجن. عرّفني إلى نفسه فتبيّن أنه قريب لصديق لي منذ كنا طلّابًا في الجامعة. مازحًا توعدّت أن أشكوه لقريبه إذا لم يحسن معاملتي، فحظيت بابتسامة عريضة على وجهه، لم ترحني. تركتهما في الغرفة، وخطوت إلى الخلف لأقف قريبًا من مدخلها، وعلى طرف ما يشبه الساحة.
أمامي حركة يقظة لأفواج من بشر يتحركون كدمى تعمل على بطّاريات مستعملة. صراخ ينداح مثل الرعد من جميع الجهات، بعض مصادره تأتي من وراء قضبان تشابكت على شبابيك تخفي غرفًا معتمة وراءها. سجناء يلبسون البرتقالي، مكبّلون في الأرجل والأيادي ويمشون ما بين " القفقزة" و"الشحشطة"، رؤوسهم "تتقمّع" كبنادل لساعة حائط قديمة، يحرسهم سجّانون يلبسون ثيابًا يصعب تحديد لونها، لكنّها عابسة قاتمة، تميل الى لون خوخة بدأت تتخمّر، وبعضها يبدو بلون الطحالب عند أقدام ساقية.
أحاول أن أفهم من أين يأتي الصراخ وعلى ماذا؟ لكنني كنت وحيدًا في هذا الهمّ، فالكل هناك يسمع والكل يطنّش، لقد ربّوا أذانًا لها مصافٍ ومغالق. فجأة يمد أحدهم يده ويشير باتجاه الأرض، قريبًا من قدمي ويصيح: "إنّه جرذون..جرذون كبير"، لم يكترث معظم من كان في الساحة، واستمروا بحركتهم، البعض بدأ يضحك. نظرت للأسفل، فبدا الجرذ تائهًا مذعورًا؛ مدّ رأسه إلى الأمام فصار يشبه خنزيرًا بريًا صغيرًا، يغرز رجليه الخلفيتين ويدفعهما بقوة ملتصقًا بالأرض، وكأنه سيارة سباق عجيبة. بلحظة غاب عن أنظاري. "عادي"، قالها أحد السجانين الذي كان بجانبي في الساحة، ودخل مسرعًا إلى المطبخ. عدت إلى الغرفة الصغيرة حيث نادي وطارق ما زالا يمارسان الملل.
بعد ساعة قضيتها في ساحة العجب أدخلني صديقي السجّان إلى غرفة الزيارة حيث بدأت رحلتي مع الوجع وفي عالم كلّه بشر وحقيقة، حنين وأمل يتجدد.
زرت ثلاثة من الأسرى المضربين عن الطعام منذ أكثر من شهر اعتمدوا فيه على شرب الماء فقط. بدوا في حالة ضعف مقلقة، على وجوههم صفرة تكلّل بريق عيونهم المتَّقد من حب وشوق. تحدّثنا طويلًا وأكدوا أنهم سيمضون حتى نهاية الطريق، فلقد عافوا المذلة وانتظار "الرحمة " ويعرفون أن فاقد الشيء لا يعطيه. والأهم أنهم أهابوا بأحرار العالم ليقفوا معهم ويعلوا صوتهم من أجل الكرامة الإنسانية والحرية وصرخوا لأبناء شعبهم عاتبين بأن "اتحدوا وراء راية فلسطين واتركوا الرايات المفرّقة، فالزمن يستصرخ الوحدة والصوت يجب أن يردد ما قاله الحادي؛ لا وقت للأخضر يناطح، ليغلب في الساحات الأصفر أو الأحمر، فهل كان للحرّية لون إلا لون الروح والنفس".
سجّلت ما قالوه بدقة وألم، وسجّلت أن محمودًا قضى ثلاثة عشر عامًا في السجن الإداري، عاش منها حرًا ثمانية وعشرين شهرًا فقط. استطاع أن يخطب شريكة حياته المختارة في العام 2001، واستطاع أن يتزوّجها فقط في العام 2005. ولد بكره "حمدي" في تموز من عام 2006، بعد ولادته بثلاثين يومًا اعتقلوه مرّة أخرى إداريًا. ولد ابنه الثاني "حسام الدين" في كانون الثاني من عام 2010 وكان محمود في السجن لأنهم اعتقلوه إداريًا قبل ولادته. وأمّا "عمر" ابنه الثالث، فولد يوم 13-2-2014 ومرّةً أخرى كان محمود في السجن فهو معتقل منذ 2-2-2014 حيث مازال يكابد هذا العبث.
كان محمود شبانة، أبو حمدي، يروي لي قصته بصوت ينتفض إنسانية وشموخًا، وأوصاني أن أنقل للعالم ولأهله حكايات الرملة وأخواتها وكان يصرخ ورفاقه: "هاكم ذروة القمع والبطش فلا تختلفوا على "رابعة" ولا على صورة "مرسي" أو "السيسي"، في فلسطين ما يكفي من ألم وفخر وعزة، وفيها قصص لبشر دفع ويدفع حياته عربونًا لحرّية معطّلة، وفيها ما يشرّف من صور ورموز كي توضع على الصدور نياشين؛ أوقفوا تلك المزاحمات الوهمية، وارفعوا صرخة الوطن في ساحات فلسطين المترددة والمتوجسة".
في طريقي إلى خارج السجن رافقني سجّان حاول أن يكون ودودًا. لم أنتبه لحديثه معي وفكّرت بمن تركت خلفي وما رأيت.
بدأت أرسم تفاصيل زيارتي المقبلة. غدًا سأعود إلى الرملة وسأوصل الأمانات لأصحابها، سأجد البؤس يحتفل في كل زاوية وساحة، إلا على وجوه فرسان الحرّية، سأجد البسمة وفي الحدقات وعود العاصفة. سيلاقونني مؤمنين بأن "البئر أبقى من الرشاء"، وسيفرحون بنجاح حمدي الفلسطيني لأنّه وأترابه سيحملون راية المستقبل وشعلة النور، سأخفي عنهم بعضًا من تأتآت ساحات فلسطين لأعود من عندهم محملًا حبًا وعزيمة ورسالة "لحمدي" تقول:
من يعش على حب وايمان سينام على ورد ونبض.
المنظمة قي يوبيلها الذهبي
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
خمسون عاما على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني. ذكرى عزيزة على قلوب شعبنا بقطاعاته وفئاته وشرائحة وطبقاته الاجتماعية، لانها كانت حاملة لراية الوطنية الفلسطينية، وحاضنة للكل الفلسطيني، وطنا معنويا لهم حيثما كانوا، والمعبرة عن احلامهم وطموحاتهم واهدافهم الوطنية.
وستبقى منظمة التحرير الاطار الجامع للفلسطينيين حتى تحقيق كامل الاهداف الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، ولن ينتهي دورها، ولم ينتهي باقامة السلطة الوطنية، ولا حتى باقامة الدولة المستقلة، لانها ستبقى الوطن المعنوي للفلسطينيين في الشتات إلى ان تتم عودتهم لديارهم وبيوتهم، التي طردوا منها في اعقاب النكبة عام 1948، تحمل همومهم وقضاياهم وآمالهم واحلامهم واهدافهم.
وفي اللحظة السياسية الراهنة تزداد مكانة المنظمة اهمية وحضورا في اوساط القوى السياسية وعموم الشعب مع اشتداد التكالب على الاهداف الوطنية، ومع ازدياد وتعاظم التحديات الاسرائيلية وغيرها، لانها كما كانت منذ تاسيسها عنوانا للشرعية الوطنية، مازالت عنوانا وإطارا جامعا لقوى الشعب بمختلف تلاوينها بما في ذلك من حاولوا التواطؤ عليها، والانقضاض على دورها ومكانتها، ومازالت الركيزة الاساسية لتعزيز دور ومكانة الشرعية الوطنية والقيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس.
ولحماية المنظمة ودورها فإن الضرورة تملي على القوى السياسية مع عودة الروح للمصالحة الوطنية العمل على النهوض بها من خلال تعزيز دورها كمرجعية حقيقية وفاعلة للشرعية الوطنية، وتفعيل مؤسساتها ودوائرها، ولعل انعقاد الدورة ال26 للمجلس المركزي مؤخرا يصب في الاتجاه الصحيح.
كما ان عملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية وللمجلس الوطني المقبلة تفرض البحث الجدي عن تعزيز مكانتها، لا سيما وان الانتخابات ستكون بالضرورة إنتخابات لدولة فلسطين، وليس انتخابات للسلطة، لذا شكل المجلس المركزي لجنة قانونية لايجاد الحلول الواقعية للعملية الديمقراطية، التي تستجيب لمصالح واهداف الشعب العربي الفلسطيني. وتدرأ الاخطار الاسرائيلية، التي تهدد القضية الوطنية برمتها.
هناك اسئلة كبيرة واساسية تطرح نفسها على المشرع الفلسطيني حول الدستور والانتخابات وطريفة اجرائها والاماكن، التي يمكن ضمان اجرائها فيها (الشتات)، وكيفية تمثيل الفلسطينيين، الذين لا تسمح الظروف بالانتخاب، والتحديات المنتصبة في مواجهتها، وكيفية مواجهتها والخروج من نفقها المظلم، قوام المجلس الوطني وتركيبته وتمثيله لابناء الشعب في اصقاع الدنيا، وانتخابات الرئيس، كرئيس لدولة فلسطين، وهل ستقتصر الانتخابات على حدود الدولة المحتلة ام ستشمل الكل الفلسطيني؟ والبرلمان هل هو المجلس التشريعي ام المجلس الوطني؟
وفق ما اعلم لم اضف للمشرع الفلسطيني جديدا، لأن كل الاسئلة المثارة وغيرها مطروحة على طاولة البحث في اللجنة القانونية. غير ان الحاجة تستدعي إعادة التاكيد عليها، والتذكير بها، وخلق حالة جدل حولها عند المعنيين وجهات الاختصاص من القانونيين والسياسيين وقطاعات الشعب المختلفة بهدف تعميق الحوار والوصول الى افضل السبل، التي تعزز من الشرعية الوطنية، وتحمي مكاسب الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا.
في الذكرى الخمسين لنشوء وتأسيس منظمة التحرير، من الضروري التاكيد مجددا على دورها ومكانتها كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني، واطارا جامعا للوحدة الوطنية ولكل الوان الطيف الفلسطيني، والتصدي لكل من يحاول الانتقاص منها او من شرعيتها الوحيدة، والعمل بشكل دؤوب على تطويرها واصلاحها بما يستجيب ومصالح واهداف الشعب الفلسطيني.