تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقالات في الصحف المحلية 24/06/2014



Haneen
2014-12-18, 12:52 PM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية






</tbody>

<tbody>
الثلاثاء
24/6/2014





</tbody>
<img embosscolor="shadow add(51)">
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية





</tbody>

<tbody>




</tbody>




ما المؤسسات الدولية هامة ... ولكن
بقلم: حديث القدس – القدس
رياح الثورة والغضب .. هل نحن على حافة بركان من النار والدم؟!
بقلم: ريموندا حوا طويل – القدس
الخريجون والتعليم العالي ... وآفاق العمل؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
لا لحروب العالم الإسلامي
بقلم: محمود الريماوي – القدس
النفط وكردستان وإسرائيل!
بقلم: يونس السيد – القدس
حروب التفتيت العربية..!
بقلم: سليمان تقي الدين – القدس


واشنطن تعود إلى "الركيزة المصرية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
إسرائيل ترد على "الخطف" بالقتل !
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
أَثَر عملية الخطف على الوضع الفلسطيني
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
كلمات في حب رام الله
بقلم: زياد خدّاش – الايام

شاهد عيان - رسالة بليغة
بقلم: محمود ابوالهيجاء – الحياة
مدارات - الرد على هذيان نتنياهو
بقلم: عدلي صادق – الحياة
تغريدة الصباح - في انصاف التناقض
بقلم: أحمد دحبور – الحياة
حياتنا- عري العقل
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ومضة - حذار من الاحتلال «الفيسبوكي» وشياطين الليل!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة






ما المؤسسات الدولية هامة ... ولكن
بقلم: حديث القدس – القدس
حين اردنا ان يعترف العالم بنا كدولة تحت الاحتلال، كان مجلس الامن مغلقا في وجوهنا ليس بسبب الفيتو الاميركي المحتمل ولكن لاننا لم نضمن الاغلبية المطلوبة آنذاك وهذا قررنا التوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة واعترفوا بنا دولة غير كاملة العضوية او دولة بصفة مراقب.
قبل أيام وفي مهزلة لا مثيل لها في الامم المتحدة، نالت اسرائيل منصب نائب رئيس لجنة تصفية الاحتلال ومكافحة الاستعمار، علما بانها وحدها اليوم الدولة التي تمثل الاحتلال والاستعمار بابشع صورها. وفي هذا دلالة على امرين في منتهى الجدية: الاول هو مدى تقصير الدور العربي الدولي بصورة عامة ومدى تقصيرنا نحن ووزارة خارجيتنا بصورة خاصة في متابعة هذا الموضوع والعمل علي منع حدوثه.
اليوم وازاء هذه الحرب الشاملة الاسرائيلية ضد الضفة الغربية من شمالها الى جنوبها وبكل مؤسساتها وجامعاتها وجمعياتها ونشطائها ونوابها وكل مكان وقرية ومدينة فيها بالحصار والاعتقال والقتل والمصادرة، فاننا نحاول او نسعى التوجه الى مجلس الامن للتقدم بشكوى ضد هذه الممارسات على امل العمل على وقفها.
ان المؤسسات الدولية مهمة ولكن في حالتنا وازاء ضعف مواقفنا الداخلية والعربية والاسلامية وهذا الهزال السياسي الذي يتخبط به العالم العربي، فان التوجه لمثل هذه المؤسسات ليس سوى محاولة للضحك على النفس وخداع الذات.
ان هناك وسائل اخرى كثيرة ومتعددة للرد على الهجمة الاسرائيلية هذه تبدأ بمراجعة مواقفنا وسياساتنا وكل علاقاتنا، وهذا ما يجب ان تفكر به القيادة وان تجتمع بكل قواها وبكل صراحة ومصارحة للبحث في ما آلت اليه احوالنا واتخاذ ما يلزم من اجراءات او خطوات.
مبنى البريد وسط القدس
استيطان وابعاد كبيرة
قبل نحو ثلاثة اشهر باعت شركة الاتصالات الاسرائيلية بيزك، ما تسميه :حصتها" في مبنى البريد الكبير والاستراتيجي في قلب القدس ووسط اهم شوارعها صلاح الدين، وقيل حينها ان الشركة عرضت علنا وعلقت لافتات حول نيتها البيع ولم يتقدم عربي واحد للشراء.
اليوم تعرض سلطة البريد الاسرائلية هي الاخرى حصتها في المبنى المذكور للبيع، والارجح ان يحدث في هذه الحالة ما حدث في الحالة الاولى حيث اشترت شركة الاستيطان الكبيرة عطيرات كوهانيم القسم المعروض للبيع باموال قالت انها جاءت من مستثمر اسرائيلي داعم للاستيطان.
وقضية هذا المبنى ذات ابعاد كبيرة. فهو بالاساس ملك للدولة الاردنية التي بنته قبل الاحتلال كمؤسسة عامة لخدمة المواطنين، والاردن في حالة سلام وتبادل للعلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، وبالتالي لا يجوز مصادرة المبنى او عرضه للبيع، مما يتطلب تدخلا سريعا وقويا من الحكومة الاردنية.
النقطة الثانية وعلى افتراض ان "البيع قانوني" كما حدث في الحالة الاولى ولم يعترض احد، فلماذا لا يتقدم اصحاب رؤوس الاموال الفلسطينيين والعرب عموما بعروض للشراء وتقديم اقتراحات بمبالغ تفوق ما هو متوقع فان لم تنجح عملية الشراء في هذه الحالة تنفضح النوايا الحقيقية للقضية وهي تشجيع رسمي للاستيطان وليس مجرد قضية بيع وشراء.
ان المبنى يشكل خطورة استيطانية كبيرة للغاية وسيؤثر على الوضع العام المقدسي بشكل اكثر خطورة ولا بد من التعامل مع هذا الوضع بما يستحقه من اهتمام ومتابعة على المستويين الاردني والفلسطيني وباقصى سرعة وعلى اعلى المستويات.

رياح الثورة والغضب .. هل نحن على حافة بركان من النار والدم؟!
بقلم: ريموندا حوا طويل – القدس
نجح رئيس وزراء إسرائيل العنيد بنيامين نتنياهو، الأكاديمي، "المؤلف" العاقل والسياسي "الحكيم"، نجح في إشعال نار الفتنة والحقد في طول البلاد وعرضها، وأجج مشاعر البغضاء والثورة في الصدور واطفأ مصابيح الأمل والنور التي ما انفكت ذبالتها تواصل إلقاء أنوار خافتة، لعلها تبدد ظلام الكراهية وتحيي في النفوس آمال الحب والسلام.
نتنياهو وعقدة "يوني"
لقد بنى نتنياهو مكانته العامة قبل ثلاثة عقود على تراث أخيه الراحل "يوني"، بطل عملية عنتيبة حيث قتل برصاص الفدائيين في تلك العملية، ومن هنا ترسبت في أعماقه أيديولوجية عدم الخضوع للعنف بأي ثمن.
نتنياهو بارع في تعقيد الأمور ونشر ألوية الكراهية والعنف، فهو بجرة قلم يرفض الالتزام بالإفراج عن دفعة الاسرى الفلسطينيين - الدفعة الرابعة - رغم أنه تعهد ووقع والتزم أمام كيري.
ليست الحلول اليسيرة، السلسة هي ضالة نتنياهو التي تجذبه، انه يلوي ذراع الحقيقة والظروف ليشعل نار الكراهية، ليستذل الفلسطينيين، ويزرع الحسرة والألم في نفوس أمهات المعتقلين والأسرى.
وفي غمار طوفان الحقد الذي يفجره، ينسى كل قواعد المنطق وقوانين الطبيعة التي تقول ان لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه.
كثرة الضغط تولد الانفجار
ينسى نتنياهو أو يتناسى في ذروة انفعاله أبسط قواعد المنطق، وهي أن كثرة الضغط تولد الانفجار، كما يتناسى أن من يبذر الآلام يحصد الأشواك، يتناسى أننا شعب لنا تاريخ وحضارة، ومشاعر وعواطف وان ما يجري في عروقنا هو دم وليس اسمنتا مسلحا، يتناسى أننا شعب يهتز وينفعل ويحن ويعشق ويحب، وأن لنا أمهات لهن قلوب ومشاعر، وان وجود أبنائهن خلف الشمس في صراع دموي قدري مع الطغاة يدمي قلوبهن، وينشف الدموع في مآقيهن.
وكما تعامى عن المنطق والحق والإنسانية في قضية سفينة "مرمرة"، وتسبب في مصرع أكثر من ثلاثة عشر إنسانا من الناشطين، منهم تسعة من الأتراك، فضل أن يذبح هؤلاء الناس، وعمل بصلف وغرور ولم يهتم بالتفاصيل وأفشل أداء الجيش، الذي ارتكب مجزرة سيعاقب عليها ضباطه في القريب المتوقع من المستقبل المنظور.
جيش كامل يطارد خلية واحدة
لقد جعل كل الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الأخير يطارد خلية واحدة، اعتقل المئات، وقتل أكثر من ضحية آخرهم شاب من مخيم الجلزون في التاسعة عشر من عمره وأصم أذنيه وحواسه عن استغاثات الأسرى وأنينهم وجراحهم، وهم يشارفون على الموت، وراح يسعى إلى أروقة الكنيست ليسن قانونا يمنع فيه تبادل الأسرى.
فلذات أكباد أمهاتنا.. وأمهاتهم
يقول الكاتب الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي: "ان الذين يرفضون في عناد الافراج عن الاسرى الفلسطينيين، ينبغي ان لا يفاجأوا لحدوث عملية الاختطاف، لأنهم هم الذين استدعوا هذه العملية".
هم الذين احرقوا أكباد أمهات هؤلاء الشباب الثلاثة، هم الذين بذروا الاشواك والالام في دروب الجماهير، وأشعلوا نيران البغضاء والحقد في عقول وضمائر أبناء الشعبين، فغدت موجات المرارة تطغى وتتعاظم، لتحول كل شيء الى طوفان من نار وحقد وأعصاب ودمار.
ويقول ليفي: إن إسرائيل تحتكر مفهوم الوطنية "فمئير هار تسيون بطل قومي، أما احمد سعدات فقاتل. وكان جلعاد شاليط يستحق أن تقوم قيامة المؤسسة الاسرائيلية للافراج عنه، لكن مصير وليد دقة الذي ما زال يمكث منذ أكثر من ثلاثين سنة في السجن الاسرائيلي للمشاركة في خلية قتلت جنديا، دون عطلة واحدة ودون زيارة خلوة مع زوجته لمرة واحدة، لم يهم أحدا هنا، كما أن الاف الأسرى الفلسطينيين لم يهموا احدا منا".
ويضيف جدعون ليفي: ان عمليات الاختطاف ترمي الى تحطيم الدعة الإسرائيلية التي لا تطاق. فالمجتمع الاسرائيلي غارق في الملاهي والحياة الباذخة السهلة، حيث تشهد شواطىء المدن الساحلية وخاصة تل أبيب الوانا من الحياة المرفهة، التي لا تعرف المعاناة ولا تشعر بجدية الحياة ومآسي ثلاثة مليون فلسطيني يعيشون وراء الاسوار.
وهل ستفهم إسرائيل أخيرا؟
ويقول شمعون شيفر عندما تنتهي هذه الأزمة سنجد أنفسنا أمام الاعتبار الحقيقي، فهل سنستخلص الاستنتاجات التاريخية التي تحدد الاتجاه، لترسيم حدود اسرائيل ومعالجة المشكلة الفلسطينية العميقة والجذرية بحيث ننظم العلاقات بيننا وبين جيراننا.
هل سنفهم أخيرا بان خلف هذه الخلية الوحيدة، يقف ملايين الفلسطينيين الذين لن يتخلوا أبدا عن إرادتهم وعن حريتهم وعن رغبتهم القدرية في الانفصال عنا.
إن قوانين إسرائيل في القمع والاضطهاد، لا مثيل لها في العالم كله. فحكم المؤبد في أمريكا مثلا لا يستغرق أكثر من عشرين عاما، وكثيرا ما يتم الإفراج عن المحكوم لحسن أخلاقه، أما في إسرائيل فيمضي الأسرى من أبطال الحرية، ومن جنود الحق المحاربين يمضون سنوات تفوق الثلاثين عاما دون أن يفرج عنهم، ولي أن أقول ان الديمقراطية التي يتغنون بها، لا حقيقة لها في الواقع، فالمؤسسة الإسرائيلية تحكم من خلال ثلاثة عناوين معروفة وهي "الشاباك" و "الموساد" و "المؤسسة العسكرية".
ولم تستطع إسرائيل رغم المليارات التي تخصصها لوزارة الدفاع والمخابرات، ورغم الأرقام الخيالية المكرسة للشاباك والموساد ومراكز الأبحاث، ورغم العقول والأدمغة التي ما انفكت تدرس حركة التاريخ، كل هذه العناوين لم تستطع ان تتوصل إلى الحقيقة البسيطة الآتية وهي:
إن الشعب الفلسطيني لن يطأطىء رأسه، ولن ينحني ولن يستسلم، الا اذا حصل على حريته، لسنا اقل من الشعب الجزائري الذي ضحى بمليون شهيد، فنحن قد قدمنا مثل هذا الرقم على درب النضال، كما قدمنا عشرات المئات من السجناء والمعتقلين على امتداد الحركة النضالية الثورية الفلسطينية، ولسنا في الواقع أقل تضحية والتزاما من الشعب الفيتنامي، الذي لا يزيد تعداده عن تسعة عشر مليون إنسان وتصدى للقوة الأمريكية العظمى، وحارب وضحى واستشهد أبناؤه، حتى انتزع حريته من نيكسون، كما أنه حارب الاستعمار الفرنسي ببطولة تسجلها صفحات التاريخ.
فصائل شتى وهدف واحد
نحن شعب قد ننقسم الى فصائل وتوجهات، وفرق وأحزاب لكننا نعرف الطريق الى انتزاع حقنا، لن نتهاون في حق العودة، ولن نفرط في القدس، ولن نتنازل عن حق تقرير المصير، هذه العناوين الثلاثة تجمعنا وتوحد بيننا ولن تتحقق مقولة بن غوريون "ان الكبار يموتون وان الصغار ينسون". ان أبسط قواعد المنطق كما تؤكدها جميع المحافل، والشخصيات الاعتبارية والدولية تقول ان فلسطين دولتان، لشعبين، هكذا أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرار التقسيم الصادر عام 1947، فلماذا لا يعي نتنياهو ومريدور ويعالون وبينيت وغيرهم هذه الحقيقة البسيطة.
هناك أصوات في إسرائيل تدعو نتنياهو ويعالون وبينيت إلى الاستقالة فورا، فقد برهنوا على حماقة لا نظير لها، فقد تخلى نتنياهو عن تنفيذ ما يجب عليه، عندما رفض الافراج عن المجموعة الرابعة والاخيرة من الاسرى في الاتفاق مع جون كيري ومحمود عباس، وهم بذلك دفعوا الفلسطينيين للقيام بعملية الاختطاف، لقد فشل هؤلاء القادة في قراءة التاريخ ولم يعتبروا من عملية اختطاف طائرة الخطوط الفرنسية في عنتيبه، ولم يحسنوا قراءة الأحداث التي واكبت عملية اختطاف نحشون فاكسمان وجلعاد شاليط، كما أنهم في عملية الشاطيء التي قادتها دلال المغربي رفضوا الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين وفضلوا حمام الدم الذي راح ضحيته جميع الأبطال الذين اشتركوا في العملية الا ثلاثة منهم وقعوا في الأسر، وقد استشهدت قائدة العملية دلال المغربي على يدي ايهود باراك، كما لم يحسنوا قراءة التاريخ عندما ركب دايان رأسه في عملية "معالوت" التي قامت بها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حيث استولوا على مدرسة وفاوضوا الطرف الإسرائيلي دون جدوى، مما أدى الى مصرع جميع الطلاب والذين بلغ عددهم أكثر من خمسين طالبا، ومع ذلك ظل دايان يعلن بانه لن يتنازل ولن يفاوض في أي عملية يحتجز فيها رهائن.
حماقة الكيل بمكيالين
لقد استنفرت السلطات الإسرائيلية على أجهزتها الرسمية والاستخباراتية والعسكرية وحشدت كل طاقاتها، للانتقام من الشعب الفلسطيني وترويعه، فكأنها تعلن حربا شاملة تنال من البشر والحجر في كل بقعة من أنحاء الضفة الغربية والخليل بصفة خاصة.. كل ذلك من أجل عملية اختطاف تنال من ثلاثة طلاب أغرار، ان رد الفعل العنيف الذي نال من أمن وسلامة وحياة أبناء شعبنا، على هذا النحو يبرهن على أن وراء هذه الإجراءات إستراتيجية حاقدة لا تعرف الرحمة ولا الهوادة وأنها تتلمس الأسباب وتفتعل المواقف لتبطش بشعبنا، تارة بتعريض الأسرى للموت وتارة بفرض الجدار العنصري وتارة بإلغاء المفاوضات والتهرب من استحقاقات دولية سبق أن التزمت بها.
ان آلاف العائلات والأسر والنساء والأطفال الذين يهيمون على وجوههم حيث يفتقدون لأبسط قواعد الأمان والسلامة، كل ذلك رسالة واضحة تؤكد أن المؤسسة الإسرائيلية وقوى الاحتلال لم تستطع ولو للحظة واحدة أن تفهم حقائق التاريخ والإنسانية والرحمة، ولم ترتفع الى مستوى شرف الخصومة والعدو النبيل.

الخريجون والتعليم العالي ... وآفاق العمل؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
بدأت او سوف تبدأ بعد ايام او بعد اسابيع مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني بتخريج الالاف من حملة الشهادات المختلفة وفي مختلف التخصصات، ومن المعروف ان الفلسطينيين يفخرون بأحد اهم التي يملكون، الا وهي الانسان، وبالاخص الانسان المتعلم، وخاصة في ظل غياب او ضآلة الثروات الطبيعية الاخرى التي يملكون، وبالتالي فإنهم يتفاخرون بالتعليم، وبالتحديد بالتعليم العالي وبأنواعه، اي الاستثمار في العنصر البشري الذي هو حجر الاساس للتقدم وللتطور ولاستدامة التقدم في الكثير من المجتمعات، وهذا ربما يفسر وجود العدد الكبير من الجامعات والكليات والمعاهد في هذه البقعة الصغيرة من الارض، ولهذا العدد القليل من السكان، وحسب المعطيات يوجد حاليا حوالي 330 الف طالب في مختلف الجامعات الفلسطينية وفي كافة المستويات.
واظهرت الأرقام التي تم نشرها حديثا ، ان نسبة البطالة الحالية في فلسطين تبلغ حوالي 23 %، اما عند فئة الشباب بالتحديد، فقد تصل نسبة البطالة الى حوالي 41%، وحسب الارقام او المعطيات، فإنه وللحفاظ على النسبة الحالية من البطالة، فإننا نحتاج الى ايجاد حوالي 600 الف وظيفة خلال العشر سنوات القادمة، اي بمعدل حوالي 60 الف فرصة عمل سنويا، و نحتاج الى نمو اقتصادي سنوي يقدر بحوالي 7% من الناتج المحلي الاجمالي، وكذلك فاذا استمر التصاعد الحالي في نسبة البطالة بنفس الوتيرة، فإننا قد نصل الى حوالي مليون فلسطيني عاطل عن العمل بحلول عام 2030، وعلى نفس المنوال ومن اجل انقاص البطالة في بلادنا الى نسبة ال 10%، فإننا نحتاج الى خلق حوالي مليون فرصة عمل منذ الان وحتى حلول عام 2030!
وهذه نسبة مرتفعة بكل المقاييس والمعطيات، وبمعنى آخر، فإن عدم تحقيق نسبة النمو السنوية الواعدة وهي حوالي 7%، وهذا هو الواقع حاليا، حيث اكثر التوقعات الايجابية للاقتصاد الفلسطيني لا تمنح النمو السنوي في الاقتصاد نسبة ال 7%، وهذا يعني ان نسبة العاطلين عن العمل، او نسبة البطالة سوف تزداد، وما لذلك من تبعات مختلفة، وبالاخص ان عشرات الالاف من الخريجين سوف يتوافدون هذه السنة الى سوق العمل املا في الحصول على فرصة عمل او وظيفة تناسب ما استثمروا في خلال سنوات الدراسة.
ومعروف ان احد الاهداف الرئيسية لمؤسسات التعليم العالي في العالم، هي المساهمة في سد حاجة المجتمع وتغطية النواقص، من خلال رفد القطاعات المختلفة، من قطاع عام وقطاع خاص وشركات ومؤسسات بالايادي المتعلمة او المدربة، من اجل البناء والتنمية والتقدم، وبالتالي تتداخل فلسفة واهداف التعليم العالي مع المجتمع، ومن خلال قطاعاته، ويقوم المجتمع بدعم التعليم العالي ويقوم التعليم العالي برفد المجتمع بما يحتاجه من الايادي المدربة المتعلمة، والتي من الممكن ان تكتسب مهارات الادارة والقيادة، ولكن لا يبدو ان هذا هو الحال في واقعنا او بلادنا؟
وبدون شك ان مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني، بمستوى شهاداتها المختلفة، من دبلوم وبكالوريوس وماجستير وقريبا ربما الدكتوراة، وبالتخصصات المتشعبة التي تحويها، من علم الاجتماع الى الهندسة والصيدلة والطب والعلوم والاداب وحتى التربية، والتي نجدها مكررة في معظم الجامعات الفلسطينية، هي الجهة الرئيسية التي تتحمل المسؤولية عن هكذا وضع، من حيث ضعف التخطيط والارشاد وعدم التركيز كاولوية على النوعية او على مصلحة الطالب من خلال ربطها بحاجات المجتمع، فالوضع الحالي للجامعات يهدف وبالاساس لاستقطاب المزيد من الطلبة وبالتالي المزيد من الدخل الذي يصاحب ذلك، واصبح التركيز اكثر على كيفية حل الازمة المالية التي عانت وتعاني منها الجامعات، عن طريق قبول المزيد من الطلبة وبالتالي المزيد من الاقساط، وتم تناسي ان نسبة البطالة عند خريجي العديد من التخصصات تزيد عن 50% وربما تصل الى حوالي ال 80%، وان هذه النسبة تزداد مع الزمن، وتزداد معها مضاعفات عدم ايجاد عمل، سوء اكانت مضاعفات اجتماعية اواقتصادية وغيرهما.
ومن الاخطاء التي ما زلنا نرتكبها كجامعات وكمجتمع، هي النظرة غير الموضوعية الى التعليم المهني او الى التعليم التقني، او الى التعليم غير الجامعي التقليدي او الكلاسيكي، والذي هو من المفترض وفي الوقت الحالي ان يكون اهم واكثر فغالبية من التعليم الجامعي التقليدي في بلادنا، والذي تستثمر فية الدول المتقدمة الجزء الاكبر من الطاقات والاموال، والذي يقبل عليه الكثير في هذه الدول، والذي يجد خريجيه الفرص ويساهموا في تطوير المجتمع وسد حاجات البلد، ورغم الحديث الكثير عن اهمية التعليم المهني، الا ان القليل قد تم عمله من اجل تشجيع الاقبال على هذا التعليم او خلق الفرص والامكانيات، او من خلال تغيير نظرة الناس اليه، من اجل تشجيع الطلبة للتوجه نحوه، ومن ثم ربطة وبشكل استراتيجي، سواء من حيث الكم او من حيث النوع مع احتياجات المجتمع.

وهذا يتطلب سياسات وقوانين وانظمة، وهذه القوانين من المفترض ان تحدد الاسس ومن ثم الحوافز من اجل التوجة الى التعليم المهني، وهذا يتطلب ايجاد تخصصات نوعية ومحترمة وتساهم في تقدم المجتمع كما ساهمت في تقدم مجتمعات اخرى، وعلى سبيل المثال في بلد مثل المانيا، وليس فقط تخصصات اعتاد الناس عليها وفي النظرة اليها، وهذا يتطلب كذلك توفير الامكانيات من مختبرات ومشاغل وكوادر بشرية، وهذا يتطلب زيادة الوعي عند الناس لتغيير نظرتهم الى التعليم المهني والتقني وكأنه درجة ثانية بعد التعليم الجامعي، وهذا يتطلب الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص الذي لا يتقدم كما يتم في المجتمعات الاخرى بدون الاعتماد على مخرجات هذا النوع من التعليم.
ومن ضمن الاهداف الاخرى التي من المفترض ان تقوم بها مؤسسات التعليم العالي، كما في الكثير من المجتمعات، هو اجراء الابحاث، بأنواعها، التي تزود المجتمع بالحلول، او توفر الاجابة على اسئلة، او تساهم في سد فراغ او تلبية حاجة، سواء للقطاع العام، او للقطاع الخاص والمدني، من شركات ومؤسسات، وهذا ما تقوم به مؤسسات التعليم العالي في العالم، حيث ان البحث العلمي ومدى مساهمته في المجتمع، يعتبر من الاهداف الاساسية لجامعات عريقة في العالم، ومعروف ان هناك معايير عديدة يتم استخدامها من اجل تحديد مستوى الجامعات في العالم، منها البيئة الاكاديمية، ومستوى الابحاث، ومدى استخدام او الاستعانة بالابحاث من قبل الاخرين، ورغم الحديث الكثير عن هذا الجانب، اي البحث العلمي في جامعاتنا، ورغم تشكيل مجلس البحث العلمي، الا ان السؤال الاهم الذي ما زال يتردد، هو هل تم ارساء او تم بدء العمل لترسيخ بيئة او ثقافة للبحث العلمي من حيث الاحترام والاتجاه نحوه، وبغض النظر عن توفر كمية او نوعية الاموال، وهل تم ارساء القاعدة لربط نتائج البحث العلمي مع احتياجات المجتمع، بحيث تكون هذه القاعدة مستدامة، لا تتغير بتغير الاشخاص او بتغير السياسات؟
ومن اهم اولويات التعليم العالي في اي بلد، هو نسج العلاقة التشاركية مع القطاع الخاص، بحيث تكون الفائدة متبادلة والمساهمة مشتركة، حيث ان القطاع الخاص ومن اجل ان ينمو ويتقدم وينافس يجب ان يتجه الى الأبحاث والدراسات وتطوير المنتجات وتسويقها، وكل ذلك يعتمد على مستوى الاستثمار في الابحاث في مؤسسات التعليم العالي، ومدى استغلال نتائجها، ومدى ملائمة النتائج لاحتياجات المواطن والبلد وبالطبع لطموحات القطاع الخاص، وتعتبر الشركات التي تعتمد على الابتكارات والتجديد من انجح الشركات، حيث تعتبر الابحاث سر بقائها لكي تنافس في عالم شديد المنافسة.
وعلاقة التعليم العالي في بلادنا مع القطاع الخاص من المفترض ان تكون علاقة استراتيجية مستدامة، اي غير مؤقتة او مرتبطة بزمن، مثل ما هو في العديد من البلدان، وبأن يكون الاساس هو الاستفادة المشتركة، وبالتالي يتواصل استثمار القطاع الخاص في ابحاث التعليم العالي من خلال الاموال والمصادر الاخرى، ويتواصل وبشكل تبادلي استثمار التعليم العالي في القطاع الخاص من مؤسسات وشركات، من خلال تزويده بالايادي القادرة، ليس فقط على ضمان مواصلة اعماله، ولكن التي تعمل على تقدمه وقدرته على المنافسة، والاهم والتي تنبع من احتياجات واحتياجات البلد، ولذلك من المفترض ان تقوم مؤسسات التعليم العالي في بلادنا، بالتخطيط المشترك، بعيد المدى، وعلى المستوى الوطني، للحد من او للتخلص من تخصصات او مجالات اصبحت عبئا على البلد وعلى المجتمع وعلى الطالب وعلى اهله، وان يتم ملائمة ما تقدمه الجامعات وبشكل علمي موضوعي مع احتياجات مجتمعنا الحالية والمستقبلية.
لا لحروب العالم الإسلامي
بقلم: محمود الريماوي – القدس
الحديث عن حرب يخوضها مسلمون ضد أشقائهم من أتباع الدين الواحد وعلى أرض إسلامية، ليس للأسف الشديد حديث خرافة، بل هذا ما تنطق به الوقائع في العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان والصومال، وأحياناً في بلدان أخرى مثل لبنان ومصر . ويكاد المسلمون أن يكونوا أتباع الدين التوحيدي الوحيد الذين يخوضون في دماء بعضهم بعضاً . ومنطقتنا في المشرق العربي بالتحديد تكاد تكون المنطقة الوحيدة في العالم التي تشتعل فيها صراعات دموية يختلط فيها الدين بالسياسة .
ذلك هو الواقع المُر والمؤسف، غير القابل للتمويه عليه، والذي لا يُمكن إنكاره . فيما الخصم القومي والتاريخي يصول ويجول في الضفة الغربية المحتلة وينكل بالشعب الرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي بحجة اختطاف ثلاثة مستوطنين فيما هذا الخصم يعتقل آلاف الأسرى، ويحتل أرض فلسطين بأسرها .
في الأيام القليلة الماضية نشرت تصريحات منسوبة إلى المرجع / المرشد الإيراني علي خامئني يحذر فيها من حرب في العالم الإسلامي يتسبب بها ويؤججها التكفيريون .
في واقع الأمر تدور بعض المعارك الفعلية وواسعة النطاق والتي يضار منها المدنيون بالدرجة الأولى، ولأسباب متعددة بعضها وليس كلها يعود إلى تأجيج التكفيريين للأحقاد والشكوك . لقد امتدت النيران من سوريا إلى لبنان، ومن سوريا إلى العراق، ولإيران كما لدول وأنظمة أخرى دور في كل ما يجري، ولإيران كما لبقية الدول المعنية دور مأمول في إطفاء النيران السورية بالذات، لكن ذلك لم يحدث . . دور الإطفائي كما هو بادٍ لا يغري أحداً إلا على نطاق ضيق ومؤقت .
النيران العراقية أو المشتعلة في العراق، تتغذى من الحرب في الجوار السوري كما من بيئة طائفية "راسخة" في بلاد الرافدين، ومن فساد سياسي ومالي ومن تجارة سلاح مشرعة الأبواب، وإذا كانت هناك من دولة في الإقليم لا تخفي دورها في العراق، فهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية . إن من واجب كل العراقيين حماية المراقد وكل الأماكن ودور العبادة للمسلمين وغير المسلمين . إنها مهمة العراقيين والدولة العراقية، وليست مهمة أي طرف خارجي .
لكن الدولة في بغداد وللأسف الشديد لم تبتعد عن التجاذب الطائفي . وباتت كأنها جزء من المشكلة لا من الحل، ولهذا تنادت أغلبية دول العالم في الأسبوعين الماضيين للدعوة إلى استقالة نوري المالكي وتشكيل حكومة انقاذ وطني تقوم على شراكة وطنية . علماً بأن الوضع في العراق لم يكن قبل غزوة داعش برداً وسلاماً فالانفلات الأمني قائم على قدم وساق . والعجز عن مواجهته لا يعود لأسباب تقنية ولوجستية فقط، بل لأسباب سياسية تتمثل في غياب عقد وطني يجمع العراقيين .
الحرب في العالم الإسلامي يجب أن تنطفئ، والأكثر قوة والأشد حضوراً والأبعد نظراً هو من يسهم في إطفائها . هذا هو التحدي النبيل الذي يواجه كل أصحاب النوايا الطيبة، وكل من يتطلع إلى الأمن والاستقرار، والى تحقيق العدالة في مختلف البلدان كما في العلاقات بين دول المنطقة .
العجز وغياب الإرادة السياسية والمطامح الضيقة والأنانية السياسية هي التي أدامت الحرب السورية، وإطفاء النيران في العالم الإسلامي يبدأ من الشام . فالحريق الكبير يشتعل هناك .
أما الصراعات الدموية والطائفية والجهوية في العراق فهي سابقة على الانفجار السوري وإن باتت تتغذى منه .
وإذا كان التكفيريون يشكلون خطراً داهماً حيث تنشط مواجهتهم هنا وهناك، وحيث تلتقي الإرادة الدولية مع المصالح الإقليمية في التصدي لهؤلاء .، فإن واقع الحال ينطق بأن هناك عدداً كبيراً من الميليشيات التي تنحو بدورها منحى طائفياً مُدمّراً، وتلقى هذه الميليشيات الجرّارة دعماً وفيراً من هنا وهناك، والوضع الحالي في العراق ينطق بالشواهد على ما نذهب إليه، ما يصعب معه القول إن المخاطر تكمن في التكفيريين وحدهم . وكذلك هو الأمر في سوريا .
وها هما البلدان الشقيقان الجاران اللذان طالما تطلع الشعب فيها إلى الوحدة بينهما، ها هما هذان البلدان يتوحدان في الكارثة التي تحيق بهما .
وفي جميع الأحوال فإن شعوب العالم الإسلامي تتطلع إلى احترام التعدد والتنوع في إطار المعتقد الديني، وإذا كنا ننتظر من الآخرين في الغرب أو سواه أن ينظر لنا نظرة انصاف واحترام وإقرار بالحق في المشاركة، فما أجدر بنا أن نبادر نحن فيما بيننا، إلى إنصاف بعضنا بعضاً على جميع الأوجه والمستويات، في العلاقة بين مكونات الشعب الواحد كما بين الشعوب والدول كبيرها وصغيرها، علماً بأن القانون الدولي لا يصنف الدول بين كبيرة وصغيرة، كما هو الحال في تصنيف الشركات .
وليس لنا بعدئذ أن نكيل الاتهامات لأطراف خارجية بإشعال النيران في البيت الإسلامي الكبير، فواقع الحال ينطق بأن المسلمين أنفسهم هم من يشعلون النيران في بيوت المسلمين، وأنهم يستقوون على بعضهم بعضاً، وأن البعض يجد مصلحة ما في المغالبة والسعي إلى السطوة، وأن ما يتعرض له المسلمون في هذه الآونة يكاد يفوق ما تعرضوا له في حقبة الاستعمار والاحتلال الأجنبي لبلدانهم . فلترتفع الأصوات لوقف هذه الحرب المتعددة الأشكال والجبهات، وليكن الرهان والتحدي في العمل على وقفها وإزالة أسبابها، وعدم توفير أي بيئة لاستمرارها واتساعها.
النفط وكردستان وإسرائيل!
بقلم: يونس السيد – القدس
تضاربت الأنباء حول شحنة النفط التي قيل إن الجانب الاسرائيلي تسلمها من كردستان العراق، قبل يومين، ففيما تحدثت وسائل الإعلام عن شحنة تم نقلها، للمرة الأولى، مباشرة عبر أنبوب النفط الخاص إلى ميناء جيهان التركي ومن ثم إلى ميناء عسقلان جنوبي فلسطين المحتلة، نفت سلطات كردستان العراق أن تكون باعت نفطاً لاسرائيل، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
وبغض النظر عن حقيقة الصفقة من عدمها، فإن هذا التطور، بحد ذاته، جاء ليطرح أسئلة وتساؤلات عديدة عن علاقة كردستان العراق باسرائيل، والدور الذي تلعبه الاخيرة، منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، وصولاً إلى المشهد السياسي الراهن في العراق الذي يحمل بصمات اسرائيلية في أوجه عديدة جلبت الكوارث على العراق والعراقيين . ومع أن هذه العلاقة القديمة المتجددة، التي يعرف أنها بدأت في عهد الملا مصطفى البرزاني، ظلت طي الغموض، فإن النتائج التي أفرزتها على الأرض لم تعد خافية على أحد . لقد سئل الرئيس العراقي جلال طالباني يوماً عن علاقة كردستان باسرائيل، فأجاب "لا أستطيع أن أؤكد ذلك أو أنفيه" .
ومع ذلك، يرى كثير من المحللين أن إسرائيل هي العقل المدبر لكل ما يحدث في العراق والمنطقة . وفي إطار استراتيجيتها المعروفة، القائمة على تفتيت المنطقة وإضعافها، تمهيداً للسيطرة عليها واستغلال ثرواتها، سعت منذ عقود إلى دعم وتشجيع انفصال إقليم كردستان ومده بالسلاح والخبراء والمستشارين، لإقامة دولة كردية في شمالي العراق .
لكن وجود جيش عراقي موحد وقوي، حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، لم يسمح للأمر أن يتعدى حدود الإدارة الذاتية، في حين تغير الأمر جذرياً منذ حربي الخليج الأولى والثانية، وصولاً إلى الأحداث الراهنة، وأصبح العراق عقب الاحتلال الأمريكي عام 2003 مفتوحاً على مصراعيه أمام العبث الإسرائيلي بدءاً من تصفية واغتيال مئات العلماء العراقيين، وحتى عمليات التفجير والتهجير التي كانت تتم انطلاقاً من كردستان العراق .
تريد اسرائيل، بلا شك مفاقمة الخلافات القائمة أصلاً بين بغداد وأربيل، حول حقوق بيع النفط، وانتزاع هذا الحق من الحكومة المركزية لدفع الإقليم نحو المزيد من الابتعاد عن بغداد، بالاعتماد على مصدر خاص ومستقل لتمويل مشروع الانفصال . لكن أخطر ما في الأمر أن العلاقة بين كردستان واسرائيل باتت تتجاوز حدود التعاون أو التطبيع وما شابه، بمساعدة الوسيط التركي، إلى تدخل اسرائيل في رسم ملامح جديدة للعراق والمنطقة تحت لافتة الشرق الأوسط الجديد الذي يجري الحديث عنه .
أسوأ من ذلك، أن الظروف الأمنية التي يعيشها العراق باتت توفر لاسرائيل إمكانية استغلالها عبر تنفيذ الأجندة الخاصة التي تمتلكها في تعطيل دور العراق العربي والإقليمي، بإشعال المزيد من الحروب والفتن الطائفية والمذهبية، ودعم انفصال الأكراد في الشمال .
وربما نجد في حديث آفي ديختر وزير الأمن الاسرائيلي السابق خلال إحدى المحاضرات مؤخراً ما يمكن أن يفسر ذلك . . حين قال "العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد، وأن تحييده سوف يتم عن طريق تكريس أوضاعه الأمنية، وهذه مهمة استراتيجية لا نحيد عنها قيد أنملة" .
حروب التفتيت العربية..!
بقلم: سليمان تقي الدين – القدس
الانطباع الذي يتكون عن الوضع العراقي بحصيلة المواقف الإقليمية والدولية أننا اقتربنا من نهاية الفصل الأخير من محنة هذا البلد .
الواضح أن الجانب الأمريكي لا يريد أن يكون طرفاً فاعلاً عسكرياً وأن يتورط مجدداً في حرب هذه المرة يصفها بالنزاع الأهلي الطائفي . أي أنها لا ترتقي إلى مستوى استراتيجي أمني إلاّ بحدود ما تساعد على تنمية مواقع "الإرهاب" بحسب الطبعة الأخيرة من تعريفه للإرهاب وتحديد أطرافه .
ما يهم الجانب الأمريكي أن يضمن بصورة أو بأخرى خضوع الثروة النفطية لمرجعيات آمنة ولو اضطر إلى المساومة السياسية مع القوى التي تقوم على حراسة هذه المصلحة العليا . السياسة الأمريكية انعكست برودة تجاه ملفات المنطقة بعدما أذعن الآخرون للسقف الأمني أو العسكري الذي رسمته هذه السياسة وتحديداً تجاه الملف النووي الإيراني والملف الكيماوي السوري باعتبارهما خطرين على إسرائيل .
وعلى العكس من كل تقدير عن انحياز أمريكي في الصراع على السلطة إلى هذا أو ذاك من المكونات المحلية فهو ينحاز إلى الطرف الذي يقدم له الضمانات الواقعية التي تعكسها موازين على الأرض . ولعل الدليل الأكبر على ذلك تنامي العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد اختبار نتائجها في أفغانستان والعراق حيث جرى صرف النفوذ الإيراني مقدمة للتفاهم مع الأمريكي على دور أمني ونفوذ في المدى الإقليمي تجلت نتائجه في العراق وفي سوريا .
هذه الصورة التي أقلقت الكثيرين من صفقة أمريكية إيرانية تمتد في العراق وبلاد الشام وربما تكون لها تداعيات على دول أخرى لاحقاً هي صورة واقعية من غير الحسم في احتمالات ثباتها وعدم تعرضها إلى متغيّرات، كانت أحداث وسط وغرب العراق إحدى مظاهرها .
الجميع يعرف العلاقات المتوترة والمتفجرة المتراكمة بين وسط وغرب العراق والسلطة المركزية في بغداد بما في ذلك الأمريكيون الذين نصحوا بالحوار السياسي والوطني والاستجابة لشكوى المعارضة . لكن سلطة بغداد أمعنت في خيارات مناقضة لوحدة العراق وخلقت هذه البيئة التي جعلت حركة مثل "داعش" تتصدر واجهة العمل العسكري وأن تحظى بنوع من غض الطرف في البيئة التي تدفع ثمن تصرفاتها المتطرفة في تكفير ومعاقبة مجتمعها هي قبل الآخرين . المهم هو أن أزمة الوحدة الوطنية العراقية عميقة وتتجذر كل يوم وإذا كان هناك من ظلال "للمؤامرة" ومن عمل خفي مدّبر خارجي فهو ليس العنصر الحاسم في الحدث العراقي الآن . تلك "المؤامرة" التي تبدو الآن إذا كان لها من دور غير مفهوم وغير قابل للتصنيف بين الاتهامات المتبادلة الإيرانية العربية .

فلكل حدث بهذا الحجم قوى تستفيد منه وتوظفه لمصلحتها سواء إيران في حالة العراق في تطلعاتها لمشاركة أمريكا في "الحرب على الإرهاب" أو العرب الذين يعتقدون أن العلاقات الأمريكية الإيرانية تتم على حساب أمنهم وهويتهم ومصالحهم . كل ذلك يقودنا إلى السؤال عن مستقبل العراق بعد هذا الانتظار الكبير الذي لا نجد فيه أي تواصل سياسي فعلي بين المكونات السياسية والشعبية وقد ارتفعت فيه الخطابات الدينية المذهبية . ما يجري في العراق بعد الاحتلال نموذج حاسم على اتجاه قوي نحو الهويات البدائية المذهبية والعشائرية والجهوية وعلى انحطاط الثقافة السياسية إلى دائرة العنف الأهلي وغياب أي مشروع سياسي وطني توحيدي خاصة مع مستوى التدخل الخارجي لا سيّما الإيراني الذي ينطوي هو الآخر على بعدين نابذين هما المذهبية والقومية .
في الواقع لم يعد العراق وحيداً في هذا المسار بحيث لا تكون ارتدادات أزمته محدودة في المنطقة .
اشتعلت جبهات عدّة في المنطقة خاصة في سوريا تأخذ نفس البعد الاستقطابي ما يجعل الحديث عن أزمة العيش بين الجماعات والمكونات أكثر صعوبة من ذي قبل إن لم نقل إنها شارفت على الانفصال . ففي لبنان الذي توقفت حربه الأهلية منذ ربع قرن مازالت إمكانات صياغة وحدته البسيطة متعذرة بسبب طبيعة القوى السياسية التي نحت باتجاه طائفي جذري .
وفي كل هذه البلدان المنقسمة على ذاتها والداخلة في فوضى أمنية هناك مصالح خارجية واضحة إقليمية ودولية في إدارة هذه النزاعات لا إطفائها . فليس مهماً ما تصرح به هذه القوى عن رغبتها بالاستقرار والحلول السياسية طالما أن مصالحها مضمونة ومصانة وخاصة من الفرقاء الأقوياء في الميدان .
إلاّ أن مثل هذه الحروب لا تنتهي إذا ما جرت تفاهمات بين طرف دولي وآخر إقليمي على التعاون ولو كان ذلك يشكل كابحاً قوياً أو يرسم سقفاً لبعض القوى المعترضة .
إن حجم الفوضى وضعف الدول والمؤسسات في البلدان العربية المشار إليها يجعل النزاعات الأهلية هي الأقوى والأكثر تقريراً لمصائر هذه الشعوب والدول لا "الشرطي الإقليمي أو الدولي" . لذلك هناك خشية حقيقية من أن تشتعل المزيد من المواجهات ونسير أكثر في اتجاه تفكيك هذه الدول العاجزة عن إدارة اجتماعها السياسي بالحد الأدنى من السلم والعدالة.



واشنطن تعود إلى "الركيزة المصرية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
لا يرى توماس فريدمان، المعلق الرئيسي لصحيفة "نيويورك تايمز" والخبير في شؤون الشرق الأوسط، سوى ضوءين في نفق "الربيع العربي" هما: كردستان وتونس.
ربما زيارة أولى ومفاجئة، لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى القاهرة، بعد أسبوعين من انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً تشير إلى أن واشنطن، التي بدأت خطاياها في هذا "الربيع العربي" برفع الغطاء عن حليفها مبارك، تعتزم، مدفوعة بفشلها في العراق وسورية وليبيا (وأيضاً، وبشكل أكبر) في فشل مهمة كيري في حل المسألة الفلسطينية، تريد العودة إلى "الركيزة المصرية" واستئناف حوارها "الاستراتيجي" مع مصر.
رأت واشنطن في فوز مرشح الإخوان مرسي تطوراً ديمقراطياً؛ وفي حركة تصحيح قادها قائد الجيش السيسي مدعوماً بالشعب انقلاباً.
يذكرنا هذا بمطالع ثورة يوليو 1952، حيث رحبت واشنطن بانقلاب قاده اللواء محمد نجيب، لكن أزمتها مع عبد الناصر بسبب تأميم قناة السويس، ووقف تمويل "البنك الدولي" لمشروع سد أسوان العالي، أجبرت مصر على الجنوح نحو المعسكر الشرقي، سياسياً وتسليحياً وتمويلاً للسد العالي، وقيادة تأسيس حركة عدم الانحياز بالتحالف مع يوغسلافيا ـ تيتو، والهند ـ نهرو، خلافاً لوجهة نظر وزير خارجيتها، آنذاك، جون فوستر دالاس، الذي كان لا يرى حياداً في الحرب الباردة المستمرة بين المعسكرين آنذاك.
تعترف واشنطن بمركزية مصرية في الشرق الأوسط على أن تكون حليفة لها، كما إيران ـ الشاه، وتركيا العلمانية.. وإسرائيل بالطبع وأولاً. لكن، مع قيادة مصر للعروبة، ورفضها ملء "نظرية الفراغ" في الشرق الأوسط، حسب دالاس، صارت العلاقة الثنائية عدائية، وبخاصة بعد "القرارات الاشتراكية لناصر" وقيادته للحركة القومية العربية.
ذيول حرب حزيران 1967 ألقت بظلالها الثقيلة على العلاقات المشتركة، ولم تنفرج هذه العلاقات إلاّ بعد حرب 1973 ودور أميركا في "فصل القوات" .. وصولاً إلى معاهدة كامب ديفيد 1979 والمساعدة الأميركية، العسكرية والمدنية، لمصر وإن ليس بمقدار المساعدة الأميركية لإسرائيل الحليفة الاستراتيجية.
مصر، حتى نهاية عهد مبارك، كانت ميّالة للمعسكر الغربي، ولعبت دوراً عربياً في دعم الحرب الأميركية العالمية ضد غزو العراق للكويت. لم تعد مصر محايدة في صراع المعسكرين، لكنها فقدت من مركزيتها الإقليمية والعربية.
أميركا راهنت على دور "مركزي" لمصر في هذا "الربيع العربي" ورأت في صعود الإسلاميين بالانتخاب ما يشكل سداً محتملاً أمام صعود الإسلاميين المتطرفين بالإرهاب.
يبدو أن الربيع الدموي في سورية واليمن والعراق، وخلاف واشنطن مع إيران، وفشل الحل الأميركي في فلسطين، دفع واشنطن إلى رهان جديد على تحولات ديمقراطية مصرية مناهضة للإسلاميين، وبعد "عقوبات" تسليحية وتمويلية، بتشجيع من الكونغرس، تشير زيارة كيري إلى تعديل الاتجاه في العلاقة مع مصر، بوصفها "ركيزة" ولكن ضد استشراء الفوضى والنزاع الطوائفي في دول المنطقة.
هذا لا يعني، مع تحرير التسهيلات المالية جزئياً، وكذلك المساعدات العسكرية، أن واشنطن ترى في مصر الجديدة دولة ديمقراطية حقاً، بل دولة في مرحلة "التحول الديمقراطي" بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي لا تتخلى عن تحفظاتها إزاء ما تدعوه "قمع المعارضة" المصرية والتعديات على حقوق الإنسان، لكنها ترى الخطر الأكبر في صعود الحركات الدينية الإسلامية الأصولية الموسومة بالإرهاب والتي لم تنجح أميركا في العراق في علاجها لا أمنياً ولا سياسياً، ولا في سورية أيضاً.
كأن أميركا تنسى قليلاً أفغانستان والطالبان، وتتناسى حتى "القاعدة" إزاء خطر جديد كاسح هو "داعش" الذي يهدّد بلدان الشرق الأوسط العربية كما ترى واشنطن، ولا ترى واشنطن في تحالف تكتيكي مع إيران، ودعم لدول الخليج أمراً كافياً، دون دعم "الركيزة" المصرية سواء في تأمين سيناء (وبالتالي معاهدة كامب ديفيد) من النشاط الإرهابي، أو سياسة السيسي تجاه غزة تحت حكم "حماس".
تعود أميركا إلى سياسة دعم "الرجل القوي" الحليف لها، كما في حقبة الحرب الباردة، ولكن هذه المرة دون أن تنسى "الديمقراطية" كما كانت تفعل سابقاً. السيسي ليس حليفاً إلاّ لبلاده ودورها الإقليمي والعربي.
ليس مصادفة تماماً أن يعلن الرئيس المصري عزمه على إجراء الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل، مع بدء تجديد علاقة مصر مع الولايات المتحدة، باعتبار أن الانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الثالث والأخير من "خارطة الطريق" التي أعلنها الجيش بعد إزاحة الرئيس مرسي عن الحكم.
كان السيسي أعلن أن أمن الخليج جزء من أمن مصر الاستراتيجي، وهو ما تراه أميركا وفاقاً معها، كما أعلن عن دعمه للشرعية الفلسطينية برئاسة أبو مازن، وللوفاق الفلسطيني وعودة مصر إلى دورها المركزي فيه.
إذا كان هناك ضوء في نهاية نفق هذا الربيع العربي، فإنه في مصر وتونس.

إسرائيل ترد على "الخطف" بالقتل !
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
خلال عشرة أيام، وبداعي البحث عن ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، تقول إسرائيل إنهم مخطوفون من قبل فلسطينيين، قتل الجنود الإسرائيليون ستة شهداء، إضافة الى اثنتي عشرة إصابة حرجة، من بين نحو مئة وعشرين جريحا، أصيبوا خلال عمليات مداهمة البيوت، وإغلاق الطرق، وفرض الحصار على مدينة الخليل وغيرها من المدن في الضفة الغربية، في الوقت الذي قامت فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال نحو خمسمائة مواطن فلسطيني، بدافع هذه الذريعة !
عادة ما يتبع عمليات خطف البشر، إعلان من الخاطفين، يحدد مطالبهم، إن كانت بدفع فدية، أو بتحقيق هدف سياسي ما، وفي مثل هذه الحالة، حيث سبق وان اختطفت مجموعات مسلحة فلسطينية، عام 2006 جنديا إسرائيليا، هو جلعاد شاليت، وأعلنت عن ذلك فورا، وحددت مطالبها بالإفراج عن المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فإنه هذه المرة، لم يعلن أحد مسؤوليته عن عملية الخطف، الأمر الذي يدخل كل "القصة" في دائرة التساؤل، إن كانت قد تمت بالفعل، أم لا، ثم العديد من الأسئلة، في حال تمت بالفعل، عن هوية الخاطفين، وإن كانوا، قد فعلوا ذلك، على خلفية جنائية، أم قومية / سياسية، حيث لا يحق لإسرائيل في كل الحالات والأحوال أن تدعي ما شاءت، ثم أن تتصرف وفق ما تدعي أو تعتقد، دون براهين أو أدلة.
فلو كانت عملية الخطف قد تمت، فمن يمكنه أن يقطع الشك باليقين، ويقول بأن الخاطفين فلسطينيون، وإن كانوا فلسطينيين، فهل هم مجموعة سياسية، أم مجرد جماعة، ربما تكون عصابية، أو حتى عائلية، لها أقارب معتقلون، أو أنها تسعى لتحقيق مكاسب أخرى؟!
الأهم أيضا من كل ذلك، ان السؤال الجوهري، الذي يستند الى ان "العلاقة " الفلسطينية / الإسرائيلية أصلا، هي علاقة محتل باحتلال، وان "المخطوفين" إنما هم مستوطنون، تم اختطافهم، حسب الرواية الإسرائيلية، على الأرض الفلسطينية، أي ان عملية الخطف، لو كانت صحيحة، ولو كان من قام بها فلسطينيون، فإنها لم تتعد كونها عملية مقاومة مشروعة لوجود احتلالي غير شرعي، وهذا الوجود الاحتلالي على الأرض الفلسطينية يتمثل بمظهرين رئيسيين هما : الحواجز العسكرية والمستوطنات، اي أنه يتمثل بالجنود والمستوطنين.
يجب هنا، التوضيح، بأنه لم يتم خطف مواطنين إسرائيليين، من داخل حدود "دولة إسرائيل" وراء الخط الأخضر، لذا، فليس من حق إسرائيل أولا وقبل كل شيء أن تظهر أية ردة فعل، خارج معادلة الاحتلال ومقاومته، ثم يكون بعد ذلك السؤال الجوهري والكبير، وهو رغم ان الحديث يدور عن خطف، وليس عن قتل، وفيما عملية الخطف "تلصق" بأفراد أو جماعة أو حتى فصيل، فإن ردة الفعل مرتبطة بدولة، لديها الأجهزة الأمنية والمؤسسات، ولديها حكومة مسؤولة، لكنها رغم ذلك، ترد على الخطف بالقتل والاعتقال، وإصابة المواطنين عبر إطلاق النار!
كان يمكن لإسرائيل أن تتصرف كأي دولة يتعرض "بعض مواطنيها" للخطف، وذلك بالقيام، بعملية البحث الأمني، دون أن يترافق ذلك، بشن حملة، أو عملية عسكرية، يكون من جرائها، سقوط الضحايا والمصابين، واعتقال المئات من البشر، الذين ليس لهم علاقة، ولا حتى "ظنية" او شبهة بعملية الخطف.
آن الأوان، لفضح الجوهر الفاشي والعنصري للسلوك الحكومي والرسمي الإسرائيلي، الذي لا يقيم وزنا للبشر من الفلسطينيين، فحتى لو افترضنا جدلا أنه تم "قتل" ثلاثة إسرائيليين، فهل يحق لإسرائيل، أو هل يجوز لها قتل ستة فلسطينيين، وإصابة مئة وعشرين واعتقال خمسمائة مقابلهم، حتى ولو في عملية ثأر، باتت اللاإنسانية تشعر بالاشمئزاز منها؟!
آن الأوان، لفضح كل من لا يساوي بين البشر، رغم ان الحديث هنا، ليس في صالح الإسرائيليين، الذين هم محتلون، فيما الفلسطينيون يقعون تحت الاحتلال، أي أنه يمكن فقط "الحديث" عن ضرورة تحقيق المساواة، على القاعدة الإنسانية، بين الفلسطينيين في فلسطين، والإسرائيليين في إسرائيل !
لكن، لأنه ليس بعد الكفر ذنب، وليس هناك ما هو أكثر انتهاكا لحقوق البشر، وللكرامة الإنسانية من الاحتلال، فان وجود الاحتلال الإسرائيلي، بحواجز الجنود ومستوطنات المستوطنين، هو أب الشرور كلها، وهو المسؤول الأول والأخير عن كل ما يحدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين من عداء وكراهية ومواجهة، لن تنتهي ولن تتوقف ما دام الاحتلال قائما وموجودا، على الأرض الفلسطينية.
لا حل، إذا، إلا بأن يأخذ بنيامين نتنياهو مستوطنيه وجنوده ويرحل، عن الأرض الفلسطينية، ولن تكون أية قطرة دم جديدة إلا وقودا يزيد النار اشتعالا، حين تكون مشتعلة، أو أن يؤججها، حين تكون تحت الرماد، ولا يلوح في الأفق، مع إغلاق حكومة نتنياهو، نوافذ الانسحاب، إلا مواجهة، من الطبيعي أن تحرق بلهيبها الأصابع الإسرائيلية، المتسللة تحت الجلد وفي الأعصاب الفلسطينية.

أَثَر عملية الخطف على الوضع الفلسطيني
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
" الحروب تحسم في الجبهة الداخلية"، والعنصر الاهم في الجبهة الداخلية هو منظومة القيم والمعايير الجامعة التي تعزز التماسك او تحدث شروخا وانقسامات. كان كل ما يهم الحكومة الاسرائيلية إرضاء اكثرية مجتمعها وبخاصة لوبي الاستيطان والاحزاب الدينية واليمين القومي. ولغاية ذلك، شنت هجوما سياسيا عنيفا بصيغة إملاءات مهينة، وترافق الهجوم السياسي مع حملة أمنية شرسة جاءت بصيغة استباحة وعقوبات جماعية شديدة الاستفزاز.
ورغم تجاوز حكومة نتنياهو كل الخطوط في كل الحقول، فقد اجاز لها النظام الدولي ردها العنيف وطأطأ الراس أمام اجتياحها للضفة الغربية طولا وعرضا، موفرا الغطاء السياسي لعمليتها ذات الاهداف المتعددة التي تتجاوز استعادة المخطوفين.
ما يهمنا هنا، الجبهة الداخلية الفلسطينية التي كان حالها لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا، علينا ان نعترف بالاختلالات واسبابها وبالمخاطر التي قد تنجم عن ذلك. ازمة ثقة عميقة بين جموع الشبان الذين يتصدون لقوات الاحتلال اثناء الاقتحامات وقوى الامن الفلسطينية وصولا الى السلطة ومؤسساتها ورموزها. أزمة متصاعدة تقترب من حالة صدام بل لقد بدأ مستوى ما من الاحتكاك والصدام. يقول احد المشيعين انه لم يشهد شرطة مهانة بهذا الشكل، وعندما سألته لماذا : قال ان بعضهم كانوا في موقع نشطاء وبعضهم لهم اشقاء واقارب بيننا وهم مستفزون ايضا من الاعتداءات الاسرائيلية، هؤلاء لا يستطيعون قمع المنتفضين الجدد، لذلك تجد وجوههم ممتقعة، تجدهم مهانين مرتين مرة من المتظاهرين الذين يهتفون ضدهم ومرة اخرى من المحتلين الذين لا يستطيعون التصدي لهم، لذلك قد يرتكب بعضهم ممن لديهم استعداد لقمع المحتجين حماقة إطلاق نار على الشبان، وقد يفعل القسم الاخر العكس بأن يتمرد ويطلق النار على المعتدين. وفي الحالين فإن الامور ستنفجر.
قدمت جنازة الشهيد محمد محمود الطريفي الذي استشهد على يد جنود اسرائيليين فجر يوم الاحد وسط مدينة رام الله ، مؤشرا على الاحتقان الشديد القابل للانفجار. الغضب والشحن والتحدي كان باديا للعيان وهو غير مسبوق، الهتاف يستحث الرد على العدوان والاستباحة الاسرائيلية، وعلى عمل اي شيء، استعاد الشبان شعارات "التفخيخ بالاحزمة" و"الانتقام". والمستوى الثاني من الهتاف موجه ضد السلطة وسياساتها اثناء عملية خطف المستوطنين وما بعدها. قال شاب مشارك في الجنازة: نحن نختنق، لا يوجد لنا مكان هنا، لا يوجد مستقبل، ولا نشعر بكرامة بل بمهانة ومذلة، نحن لا شيء، لا يوجد ما نخسره. كان يكفي أي استفزاز إضافي لاشعال الحريق. ولحسن الحظ قوات أمن السلطة لم ترد وبقيت تراقب الوضع دون تدخل. غير أن الاستفزاز جاء من المستوطنين الذين هالهم هدير المشيعين في سفح جبل الطويل الذي تقع في أعلاه المستعمرة المسماة "بسغوت ". فكان الرد بصعود عشرات الشبان الى الاعلى غير آبهين بالرصاص الذي انهمر فوق رؤوسهم. وعاد الاشتباك التقليدي السابق رصاص من جهة وحجارة من جهة أخرى.
لماذا يقاوم الشبان الاعتداءات الاسرائيلية في شروط من الاحباط والارتجال ورد الفعل؟ لماذا يحدث شرخ بين المستوى السياسي والجيل الجديد من الشبان. أولا : الموقف السياسي الذي أعلن في اعقاب عملية الاختطاف لم يأخذ بالاعتبار المزاج العام الذي استفز اشد الاستفزاز الاكثرية. لانه لم يربط الموقف الرسمي استنكار خطف فتيين من بين ثلاثة مختطفين إسرائيليين باستنكار اعتقال الفتيان الفلسطينيين الـ 190 طفلا وفتى.
ولم يقرن عودة المختطفين الاسرائيليين الى بيوتهم بعودة الاطفال المعتقلين الى بيوتهم وأسرهم كموقف مبدئي ثابت. لم يربط ما يجري بالمواقف العدمية الاسرائيلية التي تؤدي الى ردود فعل وبخاصة في الموقف من الاسرى. كان يهم الموقف الرسمي إرضاء الاطراف التي مارست الابتزاز والضغوط دون أن يلتفت الى عدم إغضاب الشعب المكتوي من إجراءات الاحتلال. وجاء الاعلان عن التنسيق الامني مع الاحتلال بحثا عن المختطفين في لحظة استباحة الاخير لكل شيء بما في ذلك قتل الطفل محمد دودين وشاب مخيم الجلزون وشابين في رام الله ونابلس. هذا الموقف كان شديد الاستفزاز وأدى الى ردود فعل ساخطة وعمق من أزمة الثقة. لم يتوقف المستوى السياسي امام الواقع الجديد واستحقاقات نهاية العملية السياسية المترافقة مع تقويض مقومات الدولة في حدود الرابع من حزيران 1967 ، والاعلان الاسرائيلي السافر عن تعميق الاحتلال وتهويد القدس وضم الاغوار ومناطق (ج )التي تبلغ مساحتها 60% من مساحة الضفة الغربية.
هذه الاستحقاقات التي تطرح الخروج من قواعد لعبة سياسية ادت الى نتائج عكسية. إن عدم الخروج أو التأخر في الخروج من قواعد العملية السياسية التي استنفدت بالباع والذراع باعتراف مختلف الاطراف بما في ذلك المفاوض الفلسطيني، يعني انفصال الجيل الشاب الجديد وأجيال الانتفاضتين السابقتين عن المستوى السياسي ومؤسساته. لم تعد القواعد السابقة التي بنيت على حل مفترض جرى تدميره قابلة للتطبيق والالتزام بغطاء شعبي.وطالما. .
الصدام بين الشبان والجنود هو محاولة للخروج ـ من تحت ـ على تلك القواعد الغابرة، الصدامات خلال احدى عشر يوما في المخيمات والقرى والمدن، تؤذن بإشعال الحريق، بطريقة عفوية وفي إطار سياسة رد الفعل بعيدا عن استراتيجيات وخطط وفي غياب المبادرات السياسية المدروسة التي تجعل القوى السياسية تلتحق بالعفوية ورد الفعل. قد تتعزز المواجهات غير المدروسة مع قوات الاحتلال والمستوطنين مع انتهاء امتحانات التوجيهي والجامعات يوم 30 حزيران الجاري . فهذا يعني انضمام الالاف للمواجهات غير المتكافئة مع اكثر الجيوش قوة وحداثة. وثمة حافز آخر لمشاركة الشبان هو دخول الجنود الى مراكز المدن وفي قلب المخيمات والقرى. وهذا شرط لم يتوفر في الانتفاضة الثانية إلا بعد إعادة احتلال المناطق المسماة ( أ ).
كان الشبان يذهبون الى أطراف المدن والمعسكرات كي يقاوموا المحتلين المحصنين بحجارتهم، منذ إحدى عشر يوما يأتي الجنود بأرجلهم الى مراكز المدن وداخل المخيمات. ثمة من يخشى انتفاضة جديدة، البعض يدعي بأن الاحتلال يستدعي ذلك النوع من الانتفاضة المرتجلة، قد يكون ذلك صحيحا، لكن عندما يكون الانفجار على الابواب فلا قيمة لاستعراض المخاوف، ويكون المطلوب تجاوز العفوية والارتجال وتجاوز اخطاء الماضي. ما هو ضروري هو الخروج من قواعد اللعبة القديمة التي انتهت صلاحيتها يعني ( expired) .
كلمات في حب رام الله
بقلم: زياد خدّاش – الايام
فأيّ اشتعالٍ مريب هذا الذي تتزنّرين به ليل نهار!! أيّ جنون مواجهةٍ هذا الذي يتلبّسك حين تندفع تجاهك رصاصات القتلة؟! ألا تشتاقين لليلةٍ تريحين فيها ليلكِ من إرهاق السطوع؟ ألا يتعب ضجيج شروقك السرمدي؟
ألا ينضب زيت قناديلك؟! يا امرأةً من بدايات توزعين النور الفائض على المدن المعتمة ولا تنتظرين امتناناً أو ذهولاً، تكتظ على بابك أسئلة الحيارى والوحيدين، تتركينهم هكذا شاحبين غريبين يعانون من ارتجاجٍ في الذهن، وتفكُّك في الذاكرة.. ثم فجأةً تهبين عليهم بإيحاءٍ جميل: اتركوني وشأني، لا تقربوا سرّي وكنهي! اكتفوا بالتجوال فيَّ، ألا يكفيكم هذا الترف؟! هذا التلذذ بغموضي وامتناعي عن التناول والوضوح، توغلوا في اكتشافاتي وارتعاشاتي ومنحنياتي.. ناموا على كتفي وفخذي، لكُم أن تختبئوا في قميص نومي، لكُم أن تتأرجحوا على رموش عينيّ، ولي فقط أن أعانقكم بضبابي وحوافي ونسوري، لي أن أظلَّ وحيدةً وصافيةً لا تُزعج أشجاري دهشات البشر الغبية، لا تحلم بامتلاكي شعوب ولا تتأجج على عتباتي أشواق الظمآى والمهووسين.
من أين لك هذه القدرة العجيبة على حب المصير والرقص الباذخ مع الألم؟! أجيبيني أيتها النتشوية الحلوة المدجَّجة بالجمر والشهداء والرغبات.. غداً سوف أرتكب حماقة التسلل إلى قصر أسرارك، ذلك الأزرق المتعدد البعيد الذي يزوره بانتظامِ سُوّاح المدن الغامضة، غداً سوف أمارس مع درجاتكِ العتيقة لعبة العاشق المدلل الذي يرغب في أن يصير ضحية، سوف أقترف اللهاث الفضي على الدرجة السابعة الأخيرة، تلك المبللة بالخبز والمُضرجة بالضجر والضحكات، سوف أدّعي الرغبة في الانتحار، أعرف أنكِ هناك ترقبينني وتعرفين ما يدور في رأسي، تبتسمين، أرى سخطاً ضحوكاً يبزغ من عينيكِ القرمزيتين، وأسمع صوت ارتطامٍ غريب، أهو حنين أصابعي أم سأم ظلك أم هو هشيم قمحي مع زرقة لوزك أم انحدار موجي مع صعود صخرتك؟! يا صنوبرة جراحي يا جسري نحوي...؟؟.
هدئي قليلاً من إيقاعك العنيف قليلاً جداً جداً، أريد أن أتفرغ لطفلتي وتلاميذي وحديقتي، فاندمي واعتذري لضحاياكِ، ومارسي الأنين، صيري عادية.. يزحف فوقك الغزاة والحديد والحجارة، وتذمري من غياب الخُضرة والموسيقى، صيري عاديةً لأصير عادياً يا امرأةً من قمم.. يا أنا قبل عقاب الآلهة.

شاهد عيان - رسالة بليغة
بقلم: محمود ابوالهيجاء – الحياة
برغم جراحهم النازفة، صفق الفلسطينيون طويلا وبحرارة لكتيبة الجزائر الكروية التي ابدعت يوم امس الاول، خلال لقائها الفريق الكوري الجنوبي في مونديال البرازيل، حيث وضعت اربعة اهداف في مرمى الفريق الخصم ولتسجل بهذا الفوز سابقة عربية في عدد الاهداف التي يسجلها فريق عربي في هذه البطولة العالمية.
كان الهتاف والتصفيق الفلسطيني يتعالى في المقاهي والبيوت مع كل هدف، وحيثما كانت هناك شاشة فضائية تنقل المباراة وكأننا بهذا الهتاف وهذا التصفيق اردنا رسالة اخرى اكثر بلاغة انسانية لجيش الاحتلال الذي يعربد في قرانا وبلداتنا ومدننا منذ اكثر من عشرة ايام بحجة البحث عن مستوطنين ثلاثة اختفوا في ظروف ما زالت غامضة ...!! رسالة تقول وبلغة القلوب والامل، ان الابتهاج والفرح يظل ممكنا في الروح الفلسطينية، وان سياسة البطش والغطرسة الاسرائيلية لن تنال من هذه الروح ابدا، ومن المؤكد انها تقول ايضا ولقوات الاحتلال مباشرة، أن اخرجوا من بلادنا واذهبوا الى المونديال واستمتعوا بهذه الفنون الكروية بدل هذا العبث العنيف الذي تواصلونه هنا في شوارعنا وحاراتنا، وبمعنى آخر اذهبوا الى الحياة وفكرتها في العيش الآمن والمستقر مع جيرة لا تسعى الا للسلام، وتذكروا هنا جيدا ما قاله الشاعر الفرنسي الكبير "بول ايلوار" عن جيوش التوحش النازية، قال: أصروا وافرطوا فتبرأت منهم الانسانية"، قال ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي ونحن نعرف اليوم ان الانسانية قد تبرأت حقا من النازية.

مدارات - الرد على هذيان نتنياهو
بقلم: عدلي صادق – الحياة
نعلم كل المقاصد المبتغاة، من تركيز نتنياهو على حركة "حماس" في هذا الخضم، ومحاولته توظيف حادثة اختفاء المستوطنين، للوصول الى ما يريد، من خلال هذيانٍ مفتعل، ينضح بمأزقه وبرائحة مسعاه لتدمير كل الفرص التي مُنحت للدولة العبرية لإنجاز تسوية لم يحلم بها بن غوريون و"الآباء المؤسسون". وليت الأمر يتوقف على مجرد الهذيان. فهو يترافق مع هجمة شرسة على الشعب الفلسطيني، هدفها البيّن، هو جر الشعب الفلسطيني الى مقتلة كبرى، يريدها أن تبدأ عندما يحتدم غضب الناس ويفيض إناء تحملهم، وتنفجر المشاعر بعد أن نشأ إحساس طبيعي في الوجدان الشعبي الفلسطيني؛ بلا جدوى الصبر، وبلا جدوى الحكمة وبلا جدوى السياسة!
لم يتقبل نتنياهو ملاحظات الرئيس محمود عباس، أمام منظمة التعاون الإسلامي. ففي تعليله لعدم التقبل، قال إنه يريد أفعالاً لا أقوالاً، وشرح طبيعة الأفعال التي يريدها، وملخصها أنه يريد استمرار الانقسام الفلسطيني، بذريعة تصنيفه الخاص لحركة "حماس" وفي سياقه ذاك، يقدم تفسيراً اعتباطياً للحادثة، يبدأ بتحميل "حماس" المسؤولية، ويتواصل بتحميل الرئيس الفلسطيني المسؤولية غير المباشرة عن الاختفاء أو الاختطاف، وينتهي بمطالبة السلطة الوطنية بالتراجع عن اتفاق المصالحة. ففي شرحه هذا، كأنما هو يريد من القيادة الفلسطينية أن تلتحق باستراتيجيته، وهو يعلم يقيناً أن هذا لن يكون، وأن الفلسطينيين يعلمون أن ما تريده الأوساط الصهيونية المتطرفة، هو الإجهاز على الفكرتين النقيضتين، على مستوى الوعي الجمعي الفلسطيني: فكرة السياسة وفكرة المقاومة. ونقول هنا، وبشكل محدد، إن ما نمتلكه اليوم هو مجرد فكرتين لا خطين من الممارسة الفعلية، طالما أن الانسداد يواجه كلاً من السياسة والمقاومة!
غير أن سياق المواجهة، سلماً أو قتالاً، مع هؤلاء المحتلين، بات أحوج من أي وقت مضى، الى الحفاظ على الفكرتين وامتزاجهما، وبالتالي الحفاظ على الوفاق الفلسطيني رغم أنف نتنياهو، لكي نصل إما الى تسوية متوازنة قابلة للحياة، تلبي الشروط الموضوعية المتاحة لحل الصراع، أو أن نتمسك بالبديل المقاوم بأية وسيلة ممكنة، طالما بقي الاحتلال. وبناءً عليه، بات واجبنا أن نطوي بقايا أسباب الخصومة مع "حماس" وأن نُهيئ لغتنا السياسية والدبلوماسية، لتقديم رواية مُحكمة ومتكاملة، وهو أن المشكلة ليست إلا في المتطرفين الارهابيين الذين يضمهم نتنياهو الى حكومته، لأنهم هم وليس أي طرف غيرهم، الذين يؤججون هذا الصراع ويدفعون به الى الانفجار الشامل، وقد استعدوا لدخول فصل آخر من الحرب الدامية على الفلسطينيين جميعاً. وما تضخيم حادثة اختفاء المستوطنين، بالنسبة لهم، إلا تمهيد لبدء الأعمال الاجرامية!
بعض ردود الأفعال، على ما قاله "أبو مازن" من داخل حكومة نتنياهو ومن خارجها، اتسم بملمح سياسي يخالف منطق الهذيان الذي يعتمده نتنياهو، لكنه يطمح الى تثبيت الموقف الفلسطيني على النحو الذي يلخص المشكلة بأن من يعكر صفو "السلام" الموهوم، هو ردود أفعال أي طرف فلسطيني يقوم بأي عمل ضد الاحتلال وضد الاستيطان. فهؤلاء الذين رفضوا تعليق نتنياهو على ملاحظات الرئيس عباس (زعيم المعارضة العمالية اسحق هرتسوغ، ويائير لبيد رئيس حزب "هناك مستقبل" وتسيبي ليفني رئيسة حزب "حركة" وغيرهم من اليسار) يفضلون إبقاء المقاربات السياسية الفلسطينية، بخصائص تلائمهم، ولا يكترثون لصعوبة استمرار القيادة الفلسطينية في الصبر على ممارسات الاحتلال. وهم يعرفون قطعاً، أن الموقف السياسي الفلسطيني القوي، بصرف النظر عن مسرحيات نتنياهو، هو وحده الذي من شأنه تحقيق المشروعية السياسية للقيادة الفلسطينية. ثم إن التناغم التام بين القيادة السياسية والشارع الفلسطيني، لن يكون لمصلحة مشروع حرب خاسرة أو مغامرة غير محسوبة، وإنما لصالح ضبط أكبر لحركة الشارع الغاضب، ولصالح مشروع الاستقرار والاستقلال الوطني. وفي الواقع، كانت ردود الفعل الفلسطينية الرسمية العفوية الأولى على حادث اختفاء المستوطنين، تعطي لنتنياهو ما لا يستحق من المواساة، وربما كانت تلك الأعطية، رسالة الى الرأي العام الدولي تحديداً وليس لنتنياهو، لأن هذا الأخير، لا يُرجى منه حُسن سير وسلوك!
كنا وما زلنا نستطيع، أن نعلق على حادث اختفاء المستوطنين، بكلمات سياسية مقتضبة، لا زيادة بعدها لمستزيد، مفادها أن الاحتلال والمستوطنين، هم الذين وفروا البيئة لوقوع كل المفاجآت، ونقطة على السطر. بعد ذلك يتعين على نتنياهو، وعلى إسرائيل بمجملها، أن تتخلص من الوزراء المستوطنين، ومن التيار المتطرف، ومن الممارسات العدوانية اليومية، ومن معاندة العالم كله، لكي يكون هناك بعدئذٍ حديث آخر. أما اختلاق فزاعة "حماس" فهو ليس إلا عملية نصب، تمهد لفصل جديد من الحرب على شعب يرزح تحت نير الاحتلال.


تغريدة الصباح - في انصاف التناقض
بقلم: أحمد دحبور – الحياة
لست أذكر أين ومتى استوقفتني تلك النادرة، وهي أن صديقا سأل صديقه عما إذا كان سعيدا، فأجابه الآخر: كنت كذلك صباح اليوم، أما الآن فلا أدري ما أنا عليه بالضبط!
وببعض الحذلقة، أو الفذلكة المفارقة، كان يمكن اعتبار ذلك الجواب فلسفيا، باعتبار أن فلسفة الحياة قابلة لأشكال شتى من الأجوبة، انطلاقا من أن ايقاعنا الوجودي سريع التوتر والتحول، أما في واقع الحال فنحن أسرى الأحداث والوقائع المتلاحقة، وإذا كان الدين يصف الخالق بأنه كل يوم هو في شأن، فإن في الدين ما يقول إن الله، جلت قدرته، قد خلق الانسان على صورته ومثاله.. ولن أتورط، في هذا السياق، فأذهب إلى قراءة في اللاهوت والميتافيزيقا، أو مقاربة الانسان من خلال تشبيهه بخالقه، فالأمر أكثر تعقيدا وخطورة من مغامرة فكرية على هذا المستوى، لكنني أعود إلى أول السطر، ومتى كنت هناك فإنني أحد اثنين: اما جامد هامد تنأى الحوادث عنه وهو ملموم، مع الاعتذار من الشاعر الذي لا يحضرني اسمه الآن، وإما أنني قابل للتغير ومعرض لسلسلة من الحالات والتحولات الوجودية والنفسية، بحيث لا يعيبني، بل يجب، أن أعيد الاعتبار إلى المغزى الفكري والأخلاقي لمقولة التناقض.
لست في وارد أن أوجع رأس أحد بهذه الغمغمة التي تتحرش بالفلسفة، ولكنني ألف وأدور لأعود إلى أنني، ككائن بشري، متقلب الطباع بعض الشيء، وان كنت حريصا، ككائن بشري أيضا، على الالتزام بهويتي ورغبتي في التماسك ومحاولة عدم التناقض..
مر في ذهني هذا الشريط من الأفكار، فيما كنت أتذكر حوارا شيقا رشيقا مع الصحفي اللبناني اللامع غسان تويني، اذ سأله الصحفي حينها عما اذا عاش في حياته حالات من التناقض، فأجاب أبو جبران على الفور: لو لم أتناقض لكنت حجرا، فنحن نرضى ونغضب، نحب ونبغض، نركز ونسهو، وبذلك تكتمل جبلتنا البشرية..
لعل ما استدعى هذه الخاطرة الى ذهني، أني قرأت مؤخرا رواية لكاتب كنت أظن أنني لا أطيقه، فإذا بروايته تستهويني، ولم تلبث أن شدتني حتى أني لم أرفع نظري عنها قبل أن آتي عليها حتى السطر الأخير منها، ولعل التيمة المركزية التي تنتظم الرواية هي أن الانسان مرشح للوقوع في الكثير من التناقضات، لكنه حتى يكون سويا، يتحرك بين التفاصيل التي لا بد من أن توقعه في بعض التناقض، وبين المبادئ التي لا يجوز اعتبار التمسك بها نوعا من الجمود، فنحن نرتدي الثياب الخفيفة أو الثقيلة، تبعا لحالة الطقس، ولكننا لا نحب الوطن صباحا، ونتنكر له، لا سمح الله، في المساء، أي باختصار: ان تناقضا عن تناقض يفرق!!
اضافة الى ان من شأن معلومة جديدة ان تحملنا على اعادة النظر في مسألة ما، وأذكر لهذه المناسبة، قصة قصيرة لكاتب دمشقي قرأتها في صباي، وهي بعنوان «العدول والعدول عن العدول» وهي مطالعة وجودية لحق الفرد في أن يرفض أمرا، ثم يحيط بصورة الأمر مليا فيراجع رفضه السابق، وتلك هي الدنيا!
هل نعتبر هذا الكلام أطروحة دفاع عن التناقض؟ ولم لا ؟ أليس الفكر الجدلي قائما أساسا على التناقض؟ مع الأخذ بالاعتبار أن الفرق واضح بين فهم تركيب الحياة بوصفها سلسلة متتابعة من الاسباب والنتائج، وبين احلال النتيجة مكان السبب أو العكس، وذلك باستيعاب أسئلة الحياة وفق منطق مقنع، بمعنى أنني اذا أردت كتابة قصة حول الملل، فليس معنى هذا ان اكتب قصة مملة، وقل الأمر ذاته في مجال استجلاء الحقيقة، حيث لا يجوز أن أجور على الحقيقة بدعوى البحث عنها، والا لكان كل كلام جائزا ومقبولا مهما تبلغ فيه درجة الاسفاف..
على أن هذا الكلام النظري لا يقلي بيضا، اذا لا بد من الاحتكام الى التجربة العملية وعدم التسليم بالافتراضات المسبقة، وصدقت العرب يوم قالت: عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، وما الامتحان في خطابنا هذا الا اخضاع النظرية للمحاسبة والمراجعة واختبار صدقيتها في ميزان المنطق.
بناء على ما سبق، دعونا نتفق على عدم الخوف من التناقض، لا بمعنى الاضطراب في تقويم الحقيقة بل بفهم التناقض، بما هو لحظة جدل خلاقة تعمق الوعي وتعيد الاعتبار الى المحاكمات العقلية القادرة وحدها على فصل الحنطة عن الزؤان، والتميز بين الخبيث والطيب.
واذا كان من اشكال في هذه البدهية البسيطة، فهو ان لغتنا حمالة اوجه، وسرعان ما تختلف على ما هو طيب حقا وما هو خبيث حقا، بمعنى اننا لن نحيط بأبعاد التناقض حتى نتخلص من الخطاب الانشائي الذي يرضي الجميع، ثم يكتشف الجميع - بعد فوات الوقت على الأغلب - انه لا يرضي احدا، وهكذا يقتضي انصاف التناقض الا نتناقض في تفسير معناه واستخلاص جدواه، فالحق بين، والباطل بين، وما على الواحد منا إلا أن ينام على الجنب الذي يريحه، أو على وجه الدقة: أن يوقظ حواسه لتشير عليه أن يضع رأسه..



حياتنا- عري العقل
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
لا اعرف لماذا تصب الجماعات المسلحة جام غضبها على تماثيل الرموز الادبية في سوريا والعراق.. فعندما دخلت الجماعات المسلحة معرة النعمان اقدمت على تحطيم تمثال رمز المعرة وهو الشاعر ابو العلاء المعري, فلربما فهمت هذه الجماعة انه المتعري وليس المعري باعتبار ان عري الجسد حرام اما عري العقل كما هو حال بعض التيارات فهو حلال. وعندما دخلت الجماعات مدينة الموصل سارعت الى تدمير تمثال الشاعر ابو تمام باعتبار ان التمثال صنم مع ان لا احد يعبد الاصنام حاليا سوى بعض الجماعات التي تعتبر امراءها خلفاء الله على الارض, وكذلك فان بطانة الطغاة تعتبر الطاغية بمنزلة شبه الهية على الارض. هناك من يعبد اصناما بشرية على شكل أمراء ورجال يحتكرون الدين لا ينهون عن قتل ولا يجادلون بالتي هي أحسن وهم ضد الابداع والعقل. الجسد العاري عار والعقل العاري عار ايضا.
لا دخل للشعراء في الاصنام مع ان ابا العلاء المعري توقع وانتقد تحول الدين الى ملل ومذاهب واستنكر الصراعات باسم الدين في زمانه, بل انتقد الجهل والجهالة عندما قال:
قد أسرف الانس في الدعوى بجهلهم
حتى ادعوا انهم للخلق أرباب
وفي هذا البيت نقد لاذع لكل طاغية ولكل جاهل يدعي العلم والدين.. ففي زمان أبي العلاء سادت الشعوذة والمذهبية والفتن والدجل ووصف ذلك بقوله:
يرتجي الناس أن يقوم إمام
ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب الظن, ليس إمام سوى العقل
مشيراً في صبحه والمساء

ومضة - حذار من الاحتلال «الفيسبوكي» وشياطين الليل!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
لو أنك طرحت سؤالاً على جمع من الناس في فلسطين عن مصدر أخبارهم ومواقفهم لكان الجواب قبل سنوات يقتصر على الفيسبوك وسط الشباب والشباب فقط ولكان الاعلام التقليدي هو المؤثر الأول على من هم الأكبر سناً.
لكن اليوم يجتمع الجميع على اعتبار الفيسبوك المصدر الأول لمعلوماتهم سواء ما له علاقة بالسياسة أو ما تعداها الى عالم الاجتماع والثقافة والرياضة والمال والاقتصاد وحتى الفضول.
البعض اليوم يعّرف الفيسبوك بكونه «المواطن الأول» بصفته منصة الموقف والمزاج والشعور والنبض وهو المساحة الجامعة ما بين الطرفة والجدية والاعتدال والتطرف والذكاء والدروشة والثقة والسذاجة. بل يقول فيه البعض الآخر انه الجمهورية الثانية من حيث عدد سكانه بعد الصين الشعبية.
وبين هذا وذاك يتدافع الناس للانضمام وبكل الأعمار لعالم الفيسبوك، كلٌ يبحث عما يهواه وما أكثر ما نهواه في هذا العالم وما أكثر ما لا نمتلك الجرأة الكافية بالحديث عما يهواه الناس في العالم «الفيسبوكي»!
على العموم وبغض النظر عما نراه جميعاً من أولوية ومن مساحة للرأي ومصدر للمعلومة ومنصة لابداء المواقف فان المطلوب من زملائي السياسيين توسيع صدورهم في التعامل مع هذا العالم الجديد. فرأي الناس وان صدمنا بصراحته هو الفيصل ما بين المداهنة والنفاق من ناحية والصراحة والمصارحة من ناحية أخرى خاصة في عالم كسر القيود كافة ولم يعد يأبه بمقصات الرقباء.
وأمام هذا الرأي وربما المناشدة للزملاء لا بد من تذكير الجميع بأن الفيسبوك ليس قرآناً أو انجيلاً وهو وكما نراه مساحة للخبر والرأي والموقف لا بد وأن نتفطن الى أنه أيضاً مساحة للغير لدس السم في العسل وتلويث الأجواء وتشويه الحقائق وضرب النسيج المجتمعي وتوجيه الرأي المحلي باتجاه التأجيج والتهييج وحتى التحطيم.
لذلك حرية الرأي هدفٌ سام و نبيل لكن شياطين الليل من أرباب التدمير سيذهبون الى كل الاتجاهات لتحقيق رغباتهم واستغلال حالات الشحن وثورات العاطفة لتسميم الأجواء.
لذلك بينما تذهب الأغلبية المستخدمة للفيسبوك فلسطينيا نحو هذه المنصة الافتراضية لأغراضٍ نبيلة يذهب آخرون من الشياطين الجدد الى مساحات التدمير الممنهج واسقاط الناس خلقياً وأمنياً وبث الرعب ومشاهد القتل اما انتصاراً لرسالتهم أو سعياً لترويج أفكارهم.
لذلك فان حجب المواقع وتكميم الأفواه في ظل الاحتلال «الفسيبوكي» اليوم لحياتنا لا يوفر الوصفة السحرية. الوصفة السحرية تكمن في الانتباه والتّنبه الى انتحال الشخصيات وبث المواقف والأخبار والتسجيلات وحتى الأفلام المشبوهة والمشوشة والمعالجة تقنياً من قبل «شياطين الليل». وربما أثبتت الهجمة الأخيرة لاسرائيل على أهلنا الآمنين أن التلويث والتعكير والتفتيت كانت وما زالت مجتمعة الرسالة التي ينقلها المحتل تحت أسماء وهمية بحثاً عن الوقيعة والتشويه وتفكيك الرباط الأزلي الواقي لمجتمعنا الفلسطيني.
المطلوب اليوم ليس التسلح بمقص للرقيب وانما بفتح الأعين والعقول والصدور الى حقيقة ان من لم ينجح بشقنا وتمزيقنا ميدانياً سيمارس الدور ذاته في عالم الافتراض. فهل ينتصر الشعب الفلسطيني على شياطين الليل أم يقع ضحية سطوة المغرضين والمحتلين؟