Haneen
2014-12-30, 12:10 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 60/12/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
حتـى القبـور
بقلم:سارة ليفوفيتش،عن معاريف
ليلة العشرين
مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله أعداؤه بل ما يفكرون به والليكوديون يشمون الهزيمة
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
اذا كانت المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر فقد كان بالاحرى عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة حيث ليس هناك اي مكانة مدنية لملايين الفلسطينيين هناك
بقلم: بيتر باينرت،عن هآرتس
الحكومة التالية في اسرائيل ستصمد سنة فقط
بقلم: نحمايا شترسلر،عن هآرتس
</tbody>
حتـى القبـور
بقلم:سارة ليفوفيتش،عن معاريف
سندفن جثث المخربين من العملية في مكان سري وبدون مراسم. هذا ما أعلنه يوحنان دنينو، القائد العام للشرطة، بعد العملية في هار نوف في القدس. المكان السري الذي قصده دنينو هو مقبرة قتلى العدو بالقرب من مفترق عميعاد. في الاجهزة الأمنية يحاولون تقليل شأن هذه المقبرة. ومقالات قليلة كتبت عن مقبرة قتلى العدو خلال 45 عاما منذ أنشئت المقبرة الاولى. الموضوع تقريبا لم يطرح للنقاش العام، وأبناء عائلات القتلى محظور عليهم زيارة القبور. المسؤولون عن المقابر هم قادة المنطقة الشمالية ومنطقة الوسط واشخاص رفيعو المستوى في الحاخامية العسكرية، وهم يفضلون عدم التطرق الى هذا الامر ويدحرجون المسؤولية عن ذلك بين بعضهم البعض.
افيغدور بن غال الذي كان قائد المنطقة الشمالية يطرق الهاتف عندما يتم سؤاله عن المقبرة. وقادة المنطقة الشمالية السابقين عميرام لفين ويوسي بيلد يرفضان ايضا الاجابة على الاسئلة المتعلقة بالمقبرة، «هذا شأن اخلاقي حساس»، يقول لفين، «ويتعلق ايضا بعائلات القتلى». أوري أور الذي كان قائد منطقة الوسط والشمال يقول إن هيئة الاركان العسكرية هي التي تعالج هذا الامر وليس قادة المناطق. «لم أعمل في أي مرة في هذا الموضوع، هذا سؤال سياسي مبدئي لا يقرر فيه قائد منطقة، ولم يسبق لي أن تعاملت مع هذا الامر».
حسب أقوال الحاخام يعقوب روجا، عضو في مجلس الحاخامات العام، والذي شارك في دفن جثث الجنود الذين خطفوا في السنوات الاخيرة: «نحن نفعل ما تطلب منا الدولة فعله».
شمعون بارتسيك، الذي كان رئيس قسم تحديد الهوية والدفن في الحاخامية العسكرية يقول إن الحاخامات العسكريين هم الذين تعاملوا مع الامر. وحسب الحاخام ابراهام أوحانونا، الذي كان حاخام القيادة الشمالية لمدة 19 عاما، حتى 2007: «لم أكن أنا الذي اهتم بالامر. أنا قمت بتنفيذ الأوامر».
ايلي بن دهان الذي كان مدير عام وزارة الاديان وأقام لجنة لفحص الموضوع وهو اليوم نائب وزير في وزارة الخدمات الدينية، لا يتذكر أبدا اللجنة والموضوع الذي أقيمت من اجله.
مفاوضات وعقاب
ست مقابر لقتلى العدو أقيمت في اسرائيل، تسعة أوامر عسكرية مختلفة – ومنها أمر هيئة اركان – قامت بترتيب عمل هذه المقابر، ولكن ثلاثة تقارير وجدت أخطاء في اجراءات الدفن وصيانة المقابر. في السنوات الاخيرة طرأ تحسن على هذه المقابر، وجثث كثيرة تمت اعادتها للعائلات، وبقي نحو من 100 جثة فقط في يد اسرائيل. ومع ذلك حذر وزير الدفاع اهود باراك قبل ثلاث سنوات من الحالة السيئة لهذه المقابر وقال إن الجثث تختفي. في مركز الدفاع عن الفرد الذي يهتم باعادة الجثث الى العائلات، يزعمون أن اسرائيل ما زالت مستمرة في اضاعة جثث المخربين.
المقبرة الاولى أقيمت بعد حرب الايام الستة بسنتين بين نابلس وأريحا وخصصت للمخربين الذين قتلوا في مواجهات مع الجيش في المناطق. وفي السنوات التالية أقيمت مقابر مشابهة بالقرب من كيبوتس غدوت الى جانب معسكر توليب بالقرب من قرية الغجر، بالقرب من جسر بنات يعقوب وبالقرب من جسر آدم شرق جدار الحدود مع الاردن في غور الاردن.
قبل 13 عاما تم اخلاء المقابر في غدوت وتوليب، ونحو 300 جثة تم نقلها الى مفترق عميعاد. العمل في المقابر في جسر بنات يعقوب وبالقرب من جسر آدم توقف في الآونة الاخيرة، وهي تعتبر مقابر مغلقة. المقبرة الوحيدة التي تعمل الآن هي الموجودة بالقرب من مفترق عميعاد. هناك كما يبدو ستُدفن جثث عدي وغسان أبو جمل، المخربان من العملية في الكنيس في هار نوف، هذا في حال لم يُعادا الى عائلتهما.
عائلة الاثنين تطالب باعادة الجثث، ولكن المحكمة المركزية التي انعقدت في الاسبوع الماضي، تحدث فيها ممثل الشرطة وقال إن الدولة تريد إبقاء الجثث من اجل عدم تحويل المخربين الى نموذج للتقليد. اعطاء الجثث، الجنازات، الدفن واقامة الشاهد من شأنها تعظيم اسم المخرب، كما تزعم الشرطة التي تأمل في منع كل ذلك، وبالتالي ردع مخربين مستقبليين. هذه هي المرة الاولى التي تعترف فيها الدولة بأنها تحتفظ بالجثث من اجل العقاب. في دعاوى مشابهة في السابق ادعت الدولة أنها تدفن في اسرائيل جثث المخربين من اجل المفاوضات لاعادة مخطوفين.
الأمر ملائم
المحامية سيغال بن آري من مركز الدفاع عن الفرد والذي اهتمت حتى الآن بمئة طلب من عائلات لاعادة جثث المخربين، تقول إن اعتبار المفاوضات واعادة المخطوفين قد طرح أكثر من مرة في رد الدولة على دعاوى للمركز. «عندما تم خطف جلعاد شليط لم توافق الدولة على اعادة جثث المخربين من اجل أن تتمكن من اجراء المفاوضات لاعادته. فقط بعد عودة شليط تم اعادة 20 جثة من بين 30 كانوا طالبوا بها».
في عام 1985 تحدث عضو الكنيست يوسي سريد عن التجارة بجثث المخربين وقال إن هذا انحطاط اخلاقي للانسانية. داني يتوم الذي كان قائد المنطقة الوسطى قال إنه لا يحب تعبير التجارة بالجثث. «دولة اسرائيل تتصرف بطريقة صحيحة عندما تحتفظ بجثث المخربين لأنها ستستخدمها من اجل هدف عادل هو اعادة جنودنا. وقد سبق أن نجحنا في اعادة جنود ومواطنين مقابل اعادة جثث، وبهذا وفرنا على أنفسنا اعادة مخربين أحياء». أوري أور ايضا كقائد منطقة كان مسؤولا عن هذه المقابر، يعتقد أن الدولة غير مخطئة باحتفاظها بالجثث من اجل مفاوضات مستقبلية. «اذا كان الفلسطينيون يستغلون جثثنا من اجل المفاوضات فلماذا لا نفعل ذلك؟ هذا أمر خُذ وهات».
وكدفعة اولى لصفقة شليط أعادت اسرائيل نحوا من 90 جثة مقابل جثث الداد ريغف واهود غولدفاسر، وأعيدت 199 جثة مخرب لبناني. في أيار 2012 وكبادرة حسن نية ومن اجل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين أعادت اسرائيل للسلطة الفلسطينية 91 جثة. وفي تشرين الاول 2013 أعيدت 6 جثث، 3 منها لعرب اسرائيليين. بين كانون الثاني ونيسان 2014 أعيدت للفلسطينيين 36 جثة ومنها جثث عز الدين المصري الذي فجر نفسه في 2001 في مطعم سبارو في القدس وكان مسؤولا عن موت 19 قتيلا اسرائيليا، وجثتي الاخوين عماد وعادل عوض الله، رئيسي الذراع العسكري لحماس اللذان قتلا في الخليل، وقد تم الاحتفاظ بجثتيهما فترة قياسية هي 16 عاما. وفي آب 2014 قالت محطة «الميادين» اللبنانية إن اسرائيل اقترحت تسليم 15 مخربا و8 جثث مقابل جثث هدار غولدن وأورون شاؤول.
رعاية خاطئة
في صيف 2011 دار نقاش عام حول اعادة الجثث للفلسطينيين. قبل ذلك بسنة طلب الفلسطينيون اعادة 170 جثة دُفنت في اسرائيل، لكنهم لم يقدموا قائمة بالاسماء. وافق رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع باراك مبدئيا. والمقبرة في غور الاردن كانت مليئة، وظروف المنطقة تسببت بتحلل الجثث، وكانت الحكومة تريد التخلص من الجثث قبل ازدياد وضعها سوءً. «الشباك» يعيد جثث مخربي فتح بعد الفحوصات، لكنه عارض اعادة جثث مخربي حماس والجهاد الإسلامي. الجيش تعرف على 84 جثة من أصل 170، 20 منها كانت لمخربين من حماس. وبعد الانتقاد العام جمد باراك نقل الجثث، لكنه حذر من أننا على خط النهاية. «الجثث موجودة في مقبرة ميدانية»، قال، «الجثث تضيع وبعد قليل لن يبقى ما نسلمه».
يوجد لدى اسرائيل اليوم حوالي 100 جثة لمخربين، وليس واضحا ما هي حال الجثث. في آذار 1999 فحص مركز الدفاع عن الفرد ومنظمة «بتسيلم» المقابر في غور الاردن وبالقرب من جسر بنات يعقوب، وفي تقرير عنوانه «جثث ممنوعة» كتب الباحث يحزقيل لاين أن المعاملة الخاصة والاحترام للميت الموجود في اسرائيل لا نراها عند الحديث عن أموات غير اسرائيليين. وحسب التقرير فانه في الاعوام 1967 – 1994 لم تكن هناك سياسة منهجية فيما يتعلق باعادة جثث المخربين لعائلاتهم. بعد العملية في مستوطنة نتساريم في تشرين الثاني 1994 بدأ يتبلور نمط منهجي أكثر يقول إنه لن تعاد جثث مخربين الى عائلاتهم، الامر الذي يعتبر عقابا جماعيا سواءً ضد العائلات الثكلى أو ضد المخرب نفسه. «لا يمكن محاكمته، لكن الرغبة في الرد على اعماله بقيت كما هي وكذلك مشاعر الانتقام. هذه المشاعر الموجهة للجثة كممثل جسدي وفيزيائي للانسان».
فحص التقرير حالة عيسى عبد مسلم زواهرة الذي قتل في شباط 1990 في مواجهة مع الجيش الاسرائيلي. في البداية أعلنت الدولة لعائلته أنه غير موجود في اسرائيل، وبعد ذلك أعلنت أن زواهرة مدفون في مقبرة بالقرب من جسر بنات يعقوب. وقد تم فتح القبر ولكن لم يكن بالامكان التعرف على الجثة. حسب التقارير المكتوبة كان يفترض أن يكون زواهرة مدفونا في قبر رقمه 245. الفلسطينيون يطلقون على هذه المقابر اسم «مقابر الارقام».
في القبر 245 كانت جثتان والقبر 244 كان فارغا. النيابة زعمت أن اجراءات الدفن جيدة، ولكنها اعترفت أنه بسبب تحرك الجثث لا يمكن ايجاد جثة زواهرة، ولا داعي لاعادة فتح القبور. في تموز 1998 تبين من خلال فحص الـ دي.ان.ايه أن أي جثة من الجثث الثلاث الموجودة في القبرين 245 و244 لا تعود لزواهرة. وقد انتقد التقرير بشدة الاهمال في توثيق والحفاظ على الجثث.
رغم التحسن الذي حدث في السنوات الاخيرة سواءً في اجراءات الدفن أو في توثيق القبور ورعايتها، فلم يتم استخلاص العبر، هكذا كتب على موقع الانترنت الخاص بمركز الدفاع عن الفرد، والدولة تستمر في اضاعة جثث المخربين الفلسطينيين الذين يمكن أن تستفيد منها في المفاوضات المستقبلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليلة العشرين
مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله أعداؤه بل ما يفكرون به والليكوديون يشمون الهزيمة
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
في قاعة المؤتمرات الصحافية في بيت سكولوف تم تحضير المكان مسبقا: منصة من القماش والخشب وكلمات بوجد مستقبل موزعة عليها طولا وعرضا وثلاثة حجارة وضعت من اجل عدم وقوع أحد على الجانب، ومكبري صوت يقرأ من خلالهما يئير لبيد النص الذي قام بتحضيره. لا يمكن رؤية مكبرات الصوات في التلفاز لأنها وضعت على طرفي الخطيب من اجل اعطائه فرصة النظر الى ناخبيه والتحدث اليهم من القلب الى القلب. وفي الواقع فانه ينظر الى لوحتين بلاستيكيتين، مرآتين.
«أنت منقطع عن الواقع»، يعود ويقول لنتنياهو. وكلمات أنت منقطع عن الواقع موجودة في بداية كل فقرة، ببطء وبلفظ واضح. كان واضحا أن أحدا ما كان سيقوم بتلحين هذا الخطاب، وهذا ما هدف اليه الخطاب، اذا لم يتم تلحينه فسيتم نشره الكترونيا على اليو تيوب، وكان واضحا أن أحدا ما كان سيُدخله الى القائمة في النوادي. لماذا لا؟ هذه الجملة قابلة للسماع، الاهانة واضحة والمضمون يناسب كل شخص. يمكن الرقص على ذلك ويمكن الضحك. هل هذا هو الخطأ الأكبر لبنيامين نتنياهو؟ لست متأكدا.
«أنت تعيش في حوض سمك»، إتهم لبيد. الحقيقة هي أن كل رئيس حكومة يعيش في حوض سمك. كلما زادت سنواته في المنصب فان الجدران الزجاجية لحوض السمك تصبح مغلقة أكثر. في السابق كان بالامكان رؤية المتظاهرين في الخارج من نافذة غرفة رئيس الحكومة، ولكن بعد قتل رابين تم اغلاق النوافذ وكذلك نوافذ البيت. ورئيس الحكومة يعيش في دائرة مطهرة.
عندما يخرج من البيت فان هذه الدائرة تخرج معه، نوافذ السيارة قاتمة، وهو لا يرى المشهد، يتنفس فقط هواء المكيفات في الصيف والشتاء، يعرق فقط من اضاءة الكاميرات. الدائرة هي الدولة والدولة هي أنا.
نفس الاشخاص يحيطون به أينما ذهب – نفس الحراس ونفس المساعدين ونفس الخادمين الذين يحيطون به ويسجلونه سراً. هو يستدعي الحكومة لجلسة ويعتبرهم أعداءً يسعون الى وراثته ويبتزونه ويريدون سرقة صلاحياته. لا يوجد في الساحة السياسية أحدا يستطيع أن يقاسمه مشكلاته: الجميع ضده.
الانفصال عن الواقع قد يكون أمرا اضطراريا ومن الصعب الامتناع عنه ومن السهل الغرق في داخله. عندما وصلت القطيعة بين الرئيس اوباما وبين الكونغرس الامريكي الى درجة الازمة الوطنية طلبت وسائل الاعلام سماع رأي المختصين بالتاريخ الامريكي. دوريس كارنس غودفين التي كتبت سيرا ذاتية رائعة عن جونسون، روزفلت ولنكولن، اقترحت على اوباما استدعاء زملائه الى جناح العائلة في البيت الابيض والأكل والشرب معهم ومشاهدة الرياضة في التلفاز. هكذا استطاع الرؤساء تمرير اصلاحات مختلفا عليها، هكذا قاموا بتوحيد البنية السياسية من خلفهم. اوباما لم يستمع للنصيحة وكذلك نتنياهو. وقد عوقب اوباما بعد ست سنوات أما نتنياهو فبعد تسع سنوات.
الانفصال يولد الشك مع السنوات ويولد الهوس.
عندما خرج لبيد في هذا الاسبوع من اللقاء الثنائي مع نتنياهو، اللقاء الذي سبق الاقالة، قال لأخته وهي عالمة نفسية في مهنتها إن نتنياهو ينتمي أكثر الى مجالها وليس الى مجاله. وتحدثت تسيبي لفني علنا حول الهوس. وفسر نتنياهو إقالة الاثنان أنها جاءت بسبب المؤامرة التي حاكاها لاقامة حكومة بديلة في الكنيست الحالية من وراء ظهره. اذا كانت هناك مبادرة، صبيانية وبائسة. لفني لم تكن من ضمنها، والوصف الوحشي الذي قدمه نتنياهو في المؤتمر الصحافي في يوم الثلاثاء كان بعيدا عن الواقع. وكل محاولة لتفسيره تقود بالضرورة الى مساقات عيادية.
مع افتتاح الحملة الانتخابية فان مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله عنه أعداءه بل ما يفكرون عنه في البيت، حيث يشم الليكوديون الهزيمة.
الحركة والعمل
الرقم الحاسم في هذه الانتخابات هو 20. لبيد وهرتسوغ ونتنياهو مقتنعون أن من يحقق ما يزيد عن العشرين مقعدا سيقوم بتشكيل الحكومة. الحساب بسيط: يوجد قطبان، قطب اليمين مع الحريديين، وقطب فقط ليس بيبي. هذا الانقسام كبير هذه المرة لدرجة أن قائمة واحدة لكل قطب فقط ستحصل على أكثر من عشرين مقعدا. القطب سيضطر الى الاتحاد من خلف من يصل الى الرقم السحري. ليلة الانتخابات ستكون .
المعركة الانتخابية ستُدار على جبهتين: الجبهة السهلة والمفهومة بين قطب وقطب. سيهاجم اليمين الوسط واليسار، والوسط سيهاجم اليمين. والجبهة المركبة الاكثر جذبا هي داخل كل قطب. نتنياهو يهاجم لبيد على أمل اقناع ناخبي اليمين الذين يترددون بينه وبين بينيت أو ليبرمان أو يفضلون البقاء في البيت، الذين رغم كل شيء هم ملزمون بانتخاب الليكود. في هذا السياق لبيد ليس هو عدوه – هو الرافعة ضد عدم ذهاب الناخبين الى بينيت.
خطران يهددان نتنياهو، الاول هو وصول الوسط واليسار معاً الى قطب مانع. والثاني هو أن يتساوى البيت اليهودي مع الليكود في صناديق الاقتراع. في وضع كهذا سيطلب بينيت تقاسم وظيفة رئيس الحكومة.
القطب المقابل مثل المرآة. هرتسوغ ولبيد يتصارعان على الافضلية في الحرب ضد نتنياهو. عندما يهاجمان اليمين ينظران بعين واحدة الى داخل البيت، الى الناخبين المترددين بين العمل ولبيد، وبين ميرتس وكحلون.
تسيبي لفني هي المفتاح في هذا الصراع الهاديء. بعد ست سنوات صعبة، في البداية كرئيسة معارضة وبعد ذلك كرئيسة حزب صغير في ائتلاف نتنياهو، جاءتها الراحة والسكينة. هرتسوغ ولبيد يركضان وراءها، وحسب ثلاثة استطلاعات وضعت هذا الاسبوع على طاولة رئيس العمل فان ضم لفني يزيد العمل باثنين أو ثلاثة مقاعد. هذه الاضافة من شأنها أن تجعل العمل يتجاوز الرقم السحري – 20 مقعدا – واعطاء هرتسوغ زعامة القطب. وأحد الاستطلاعات أظهر الرقم 21.
حسب هذه الاستطلاعات لا تضيف لفني الاصوات للبيد، لكن انضمامها اليه يمنع ازدياد قوة العمل. في الصراع والمنافسة داخل القطب هذا أمر حاسم، لذلك فان لبيد يركض وراءها.
يقترح هرتسوغ على لفني شيئا يشبه الاتفاق الذي كان بين ليبرمان والليكود: ورقة واحدة في صناديق الاقتراع، حركة مشتركة في الكنيست وأطر منفصلة. لفني وعمير بيرتس سيكونان من العشرة الأوائل. وفي السياق يتم وضع آخرين. لم تنته المفاوضات بعد، وستنتهي على ما يبدو الى هنا أو هناك في نهاية الاسبوع عندما يكون الاثنان في منتدى سبان في واشنطن.
أفضلية لبيد هي حريته في اتخاذ القرار: يستطيع الوصول الى اتفاق مع لفني على فنجان قهوة. وهذه ايضا نقيصته: يقف على رأس حزب الزعيم الواحد. في حزب العمل سيكون هناك معارضون ومعارضات، لكن هرتسوغ وايتان كابل قالا للفني إنه لا داعي للخوف: لديهما اغلبية ساحقة في المؤتمر.
وفيما يتعلق بقناعاتها لا توجد للفني اليوم مشكلة في الانضمام الى العمل أو يوجد مستقبل. هناك صعوبة واحدة في حزب العمل – التعليم الذي تربت عليه. فهي تتفهم التنازل عن اراضي من الوطن، ولكن التحالف مع مباي التاريخي؟ ماذا كان سيقول أبي، ماذا كانت ستقول أمي.
العلاقات الآن في مثلث هرتسوغ لبيد لفني جيدة. نتنياهو يوحدهم. ولكن عندما تتبلور القوائم تبدأ المنافسة. لبيد يدخل الى الحملة الانتخابية ومعه 11 ألف ناشط ميداني، انتشار جيد، مهني وبالذات الكثير من الاموال التي قام بجمعها بعد انجازه في الانتخابات. هو مقتنع أن الاستطلاعات التي أعطته القليل من المقاعد عشية الانتخابات السابقة ستخطيء مرة اخرى. هرتسوغ يتفوق عليه في الاستطلاعات وهو أقرب منه الى اتفاق مع حركة لفني (هل سيُسميان الجسم المشترك «حركة العمل»؟ أنا لا أعتقد).
لديه أفضلية اخرى قد تكون مهمة في اليوم التالي: على عكس لبيد فانه مقبول على كافة أطراف الساحة السياسية بما في ذلك الحريديين. اذا كان الحريديون هم كفة الميزان فسيذهبون في نهاية المطاف مع من سيدفع أكثر، ولكن مع هرتسوغ سيكون أسهل من لبيد.
باتجاه الوسط
حسب مصادر في الليكود فان قرار الذهاب الى الانتخابات تم بالتشاور مع اربعة: بنيامين نتنياهو، سارة نتنياهو، آري هارو ونير حيفتس. هارو هو مدير مكتب رئيس الحكومة، حيفتس هو مستشار سياسي خارجي، لا عجب أن وزراء الليكود خائبو الأمل: لم يسألهم أحد.
حتى هذه اللحظة من غير الواضح لليكوديين لماذا قرر نتنياهو حل الحكومة الآن. جميع التفسيرات هي بمثابة حكمة متأخرة: لا يريد التنازل للبيد؛ آمن بأن الانقلاب الذي تم من وراء ظهره حقيقي؛ قال له الحريديون الاشكناز إنه اذا تصالح مع لبيد فلن يؤيدوه بعد الانتخابات القادمة؛ قصة الميزانية. قام أحد بالهمس له أن لبيد ولفني وحزبيهما ينوون التصويت على حجب الثقة. خاف كثيرا، قام بتحديد اللقاء مع لبيد في نفس الموعد وطلب تصويت إسمي. «حتى وإن لم تكن مهووسا»، قال أحدهم، «فهذا لا يعني أنهم لا يطاردونك».
وبالطبع، الهزيمة التي تلقاها نتنياهو في التصويت الأولي على قانون «اسرائيل اليوم». كيف يستطيع تفسير هذه الاهانة؟ من الاسهل حل الحكومة بدلا من التفسير.
سيكون اعضاء الكنيست والوزراء مشغولون في الشهر القادم بالانتخابات التمهيدية. كل واحد منهم يريد الاهتمام بنفسه، البحث عن متبرعين، وتجنيد النشطاء وعمل الصفقات. فايغلين ودنون سيستمران في حربهما. نتنياهو أمل أن يتنازلا بارادتهما عن الترشح ضده، وهذا لم يحدث حتى الآن.
الشخصية الاكثر أهمية في اليمين هي افيغدور ليبرمان. فقد غيّر ليبرمان بشكل دراماتيكي النبرة السياسية، وعلى مدى السنين بنى نفسه على مسألتين: المهاجرين من الاتحاد السوفييتي والاسرائيليين الغاضبين المهملين. هاتان المجموعتان كان من المفترض أن تجتمعا تحت سقف احتجاج واحد، قومي في أساسه. والقصة القانونية ساهمت في هذه الصيغة.
غير أن الاسرائيليين القدامى لم يأتوا بجموعهم، والكثير منهم ذهبوا الى بينيت؛ والقادمين الجدد من الجيل الاول توفوا، والجيل الثاني انقسم كما حدث مع احزاب مهاجرين اخرى. والتبرئة في المحكمة أعطت ليبرمان الفرصة لعمل التغيير.
في رواية اخرى سيطر بينيت على المساحة التي على يمين نتنياهو، وتوجه نتنياهو الى اليمين جعله يأخذ ما تبقى. توجه ليبرمان الى الوسط. هذا التغيير في اسرائيل لن يحظى بتأييد كبير، ولكن في وزارات الخارجية في العالم أثار هذا الاهتمام الكبير حيث اكتشفوا وزير خارجية بدأ بالتحدث مثل وزير الخارجية.
أو بلهجة أكثر تفاؤلا، إنه لا يريد الجلوس على هامش الجدول، وفهم ما فهمه شارون واولمرت قبله: الطريق الى رئاسة الحكومة تمر بالوسط، وفرصة ليبرمان لأن يصل في هذه المرة الى الرقم السحري 20 ضعيفة. لكن يمكن له أن يكون شريكا مهما في الجسم الذي يقف في وجه نتنياهو.
سأُدمركم
رئيسة حركة البيت اليهودي، اييلت شكيد، شاهدت هذا الاسبوع احدى المسؤولات في النيابة العامة وقالت لها «في الانتخابات القادمة سأكون وزيرة العدل، وسآتي اليكم من أجل تدميركم».
لم أستطع فحص الامور مع شكيد، يمكن أنها قالت ذلك مزاحا: لديها هذا النوع من المزاح. ويمكن أن لا. البيت اليهودي هو حزب مع تناقضات كثيرة، وشكيد تمثل بعضها. تشير الاستطلاعات الآن الى تزايد قوة الحزب لدى الشبان والجنود، ومنهم جنود علمانيون. البيت اليهودي هو المستفيد الاساسي من الذهاب يمينا، وهذا ثمرة حرب الصيف وتجدد العمليات.
البيت اليهودي متدين أكثر كثيرا مما يظن الناخبون، بما في ذلك الفرض الديني الذي في هامشه متطرفون أكثر. أوري اريئيل شريك بينيت وعدوه، حاول أن يفرض عليه هذا الاسبوع ضمان مقاعد لاصدقائه، مجموعة حريدية قومية على حدود الكاهانية. بينيت رفض: لا يستطيع أن يسمح لنفسه لأنه حتى الآن هو الدجاجة التي تعطي البيضة الذهبية. لكن الحزب ليس له، والحركة ايضا ليست له. حلم بينيت هو أن يصبح وزيرا للدفاع، وبعد ذلك رئيسا للحكومة. وحلم الكثير من اصدقائه هو اندلاع حرب عالمية حول الحرم وضم المناطق وطرد العرب والقضاء على سلطة القانون في الدولة واستبدالها بقوانين الدين.
لو كنت مكان اييلت شكيد لكنت أكثر حذرا في النكات: لأنها قد تتحقق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اذا كانت المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر فقد كان بالاحرى عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة حيث ليس هناك اي مكانة مدنية لملايين الفلسطينيين هناك
بقلم: بيتر باينرت،عن هآرتس
في الاسبوع الاخير قامت أربع منظمات تعتبر العمود الفقري للمؤسسة اليهودية الامريكية، العصبة ضد التشهير، المجلس اليهودي للشؤون العامة، الحركة الاصلاحية والحركة المحافظة، بعمل استثنائي: فقد انتقدت اسرائيل. وشجبت المنظمات مشروع قانون القومية بدعوى أنه يمس بحقوق المواطنين العرب في اسرائيل ويعرض الديمقراطية فيها للخطر. أنا راض، ولكني مشوش أيضا.
وحسب العصبة ضد التشهير، فان قانون القومية “قد يبدو كمحاولة للمس بالطابع الديمقراطي لاسرائيل في صالح طابعها اليهودي”. وتحذر الحركة المحافظة من “تآكل محتمل للحريات الديمقراطية كنتيجة للقانون، وخطر تآكل حقوق العرب”. معقول تماما. ومع ذلك، اذا كانت تلك المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر، فقد كان بالاحرى يتعين عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة، حيث ليس هناك لملايين الفلسطينيين اي مكانة مدنية. ومن شأن قانون القومية ان يؤدي الى “تآكل محتمل للحريات الديمقراطية” داخل اسرائيل، ولكن ليس للفلسطينيين في الضفة اي حريات ديمقراطية تتآكل.
وباستثناء الحركة الاصلاحية، التي تعمل أحيانا بشكل مختلف بعض الشيء، فان المنظمات التي تنتقد قانون القومية تكاد لا تنتقد سياسة اسرائيل في الضفة. وفي موقع العصبة ضد التشهير، يشرحون لماذا لا تعد المستوطنات عائقا في وجه السلام بل ولا تشكل مخالفة للقانون الدولي؛ ولماذا لا تعتبر الحواجز عقابا جماعيا، ولماذا لا يعتبر جدار الفصل سيطرة على الاراضي الفلسطينية. ولكن ذات المنظمة لا تطلق حتى ولا كلمة انتقاد على الجهاز القضائي المزدوج الذي يحظى فيه يهود بنظام قانوني مدني، بحرية الحركة وبحق الانتخاب، بينما يخضع الفلسطينيون لقانون عسكري تعسفي يحظر اجتماع سياسي لعشرة اشخاص فأكثر – حتى ولو في بيت خاص – دون إذن مسبق من الحاكم.
وبالفعل، عندما طرحت مسألة لقانون العسكري في الضفة امام العصبة ضد التشهير في 2010، أجاب ابراهام فوكسمن، مدير عام العصبة فقال: “لست خبيرا في جهاز القضاء ولا أعتزم أن أكون… لا أعتزم أن أعمل وكأني جمعية حقوق المواطن عندهم”. وتتخذ المنظمات الاخرى موقفا مشابها. ففي السنوات الاخيرة اتخذت سواء في المجلس اليهودي للشؤون العامة أم في الحركة المحافظة قرارات تنتقد اسرائيل على خرق حقوق اليهود غير الارثوذكسيين داخل الخط الاخضر. وعلى حد افضل ذاكرتي، لم تتخذ اي منظمة قرارا ينتقد سلوك اسرائيل في الضفة.
كيف يمكن أن نفسر ازدواجية المعايير هذه؟ الجواب المطروح هو ان المنظمات اليهودية الامريكية تشعر بارتياح للتعبير عن رأيها في المجتمع الاسرائيلي، ولكن ليس في أمن اسرائيل. ولكن حتى لو كان الانسان يعتقد بان مصادر القلق الامني تبرر سيطرة اسرائيل على الضفة، فليس في هذا القلق ما يبرر السياسة الاسرائيلية التي تدعم حكوميا انتقال المواطنين الاسرائيليين الى هناك. فمن زاوية نظر عسكرية بحتة، فان الدفاع عن بلدات مدنية منعزلة بالذات يكون اصعب على الجيش الاسرائيلي.
ان السبب الحقيقي لهذه الازدواجية في المعايير اكثر تعقيدا. فسهل انتقاد المظالم الاسرائيلية داخل الخط الاخضر، لانها تمثل شذوذا عن النمط الديمقراطي المقبول هناك. وهكذا فان المنظمات اليهودية الامريكية يمكنها أن تشجب قانون القومية وتبقى تمتدح الفكرة الديمقراطية العامة التي يخرج هذا القانون عنها. ومن خلال الانتقاد مع الثناء، فانهم يغيرون أنفسهم عن اولئك الذين يشهرون باسرائيل وينزعون الشرعية عنها. ويمقتون انتقادهم على اسرائيل.
ولكن عندما يدور الحديث عن السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الضفة، فلا توجد فكرة ديمقراطية يمكن الخروج عنها؛ ففي الضفة، الحكم الاسرائيلي غير ديمقراطية على نحو ظاهر. واذا انتقد جانب ما من الاحتلال فسرعان ما سيؤدي الامر الى انتقاد جذري وبنيوي للسياسة الاسرائيلية، الامر الذي ترفضه المؤسسة اليهودية الامريكية رفضا باتا.
عندما يحصر الزعماء اليهود الامريكيون انتقادهم في ما يجري داخل حدود دولة اسرائيل، فان الامر يسمح لهم بمواصلة التظاهر وكأن اسرائيل هي صيغة شرق أوسطية للولايات المتحدة: ديمقراطية هنا وهنا ترتكب اخطاء. وعند النظر الى ما خلف الخط الاخضر، فان هذا التظاهر ينهار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
الحكومة التالية في اسرائيل ستصمد سنة فقط
بقلم: نحمايا شترسلر،عن هآرتس
الأمل الاكبر الذي يطل في هذه اللحظات على كل بيت في اسرائيل هو أن بعد ثلاثة أشهر ونصف سنستيقظ لفجر يوم جديد، لواقع افضل بكثير. وبالفعل، في الاشهر الثلاثة القريبة سنعاني من اصوات طبول الدعاية، ولكن بعد 17 آذار سنحظى برؤية حكومة جديدة، مستقرة وواعدة، تعمل بانسجام لاربع سنوات، دون مواجهات ودون تشهيرات، وتقودنا نحو افق جديد افضل وأكثر وعدا بكثير.
طوبى للمؤمنين. ما كان هو ما سيكون. انعدام الاستقرار، المواجهات والتشهيرات ستستمر، ستتعاظم، والثمن لنا جميعا سيزيد فقط.
كل استطلاعات الرأي العام التي جرت مؤخرا تفيد بظاهرة مريضة تجذرت عندنا: موت الاحزاب الكبرى. فليس هناك كهذه لا في اليمين ولا في اليسار. الاكبر، الليكود، يحصل في الاستطلاعات على 22 – 24 مقعدا، بينما معظم الحقل السياسي يتشكل من احزاب متوسطة، عدد اعضاء مقاعدها يتراوح بين 10 و 16. هذا واقع يخلق طريقة حكم مميزة: دكتاتورية الاقلية.
فور تسلم رئيس الوزراء مهام منصبه، سيكتشف شيطان الواقع يرقص بقوة على طاولته: “ظننت أنك انتخبت لتحكم؟ انسى هذا، فانت متعلق في كل ساعة وفي كل لحظة بكل واحد من أحزاب الائتلاف”.
هذه هي اللحظة التي يقع فيها حزن كبير على رئيس الوزراء. وسيفهم بعمق (بعد أن اجتاز سلسلة أليمة من نتف الريش في أثناء المفاوضات الائتلافية)، والتي في طريقة الحكم في اسرائيل تكون فيه الاحزاب المتوسطة هي المسيطرة. لكل واحد منها جدول أعمال خاص به، مصالح خاصة وطموحات كبرى لتغييره قريبا حقا – ومن هنا انعدام الاستقرار وانعدام الفعل للحكومة.
ان العدد الكبير من احزاب الائتلاف يجبر رئيسه على أن يتعهد أمامهم بمبادىء متضاربة، الامر الذي يؤدي الى الاحباط وخيبة الامل. والمصالح المختلفة لا تسمح له بالمبادرة الى اصلاحات ذات مغزى، أو الدخول في مسيرة سياسية. كل شيء عالق.
ولان هذا هو الوضع، فان رئيس الوزراء لا يحلم حتى بالبدء بخطط للمدى البعيد. وهو يعمل كل الوقت تحت الفرضية بان الانتخابات القادمة تكمن له خلف الباب – وهكذا الاضرار للاقتصاد تزداد وتتسع.
من مشكلة مشابهة عانت ايطاليا حتى غيرت في 2005 طريقة الحكم بحيث أن الحزب الذي يجمع اغلبية الاصوات، يحظى بـ 55 في المئة من اجمالي المقاعد في البرلمان. وهكذا يكون بوسعه ان يحكم لوحده، اذا شاء. وقد أجبر التغيير الاحزاب المتوسطة على الاتحاد قبل الانتخابات، لخلق كتل كبرى. وهكذا حظيت ايطاليا بالاستقرار الذي لم يمس بالتمثيل. فقد حصل التمثيل على تعبيره في داخل كل كتلة.
اليونان هي الاخرى عانت من ذات المرض المتمثل بعدم الاستقرار المترافق والازمات الاقتصادية الى أن تقرر في العام 2012 بان الحزب الذي يحصل على أغلب الاصوات سيحظى بعلاوة سدس اجمالي المقاعد في البرلمان. لو كان مثل هذا القانون عندنا، فان حزب العمل – المركز (واسع وموحد) سيحصل لنفترض على 30 مقعدا، ولنفترض أيضا ان هذا كان أعلى مما حصل عليه الليكود الموسع. في مثل هذه الحالة كان اسحق هرتسوغ سيحصل على 20 مقعد آخر في الكنيست، بالاجمال 50، مما كان سيسمح له بائتلاف مستقر لـ 4 سنوات وهو أمر اساسي ضروري لكل محاولة لمفاوضات سياسية.
ولكن لاننا نعيش في واقع ساخر، يفكر فيه السياسيون بأنفسهم أساسا، فاننا محكومون بتعميق أزمة الحكم – الى أن يتفجر كل شيء. مدة حياة الحكومة ستقل الى سنة واحدة فقط، وهي لن تفعل شيئا بل تفسد الوقت على محاولات مثيرة للشفقة للحفاظ على وجودها – القصير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 60/12/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
حتـى القبـور
بقلم:سارة ليفوفيتش،عن معاريف
ليلة العشرين
مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله أعداؤه بل ما يفكرون به والليكوديون يشمون الهزيمة
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
اذا كانت المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر فقد كان بالاحرى عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة حيث ليس هناك اي مكانة مدنية لملايين الفلسطينيين هناك
بقلم: بيتر باينرت،عن هآرتس
الحكومة التالية في اسرائيل ستصمد سنة فقط
بقلم: نحمايا شترسلر،عن هآرتس
</tbody>
حتـى القبـور
بقلم:سارة ليفوفيتش،عن معاريف
سندفن جثث المخربين من العملية في مكان سري وبدون مراسم. هذا ما أعلنه يوحنان دنينو، القائد العام للشرطة، بعد العملية في هار نوف في القدس. المكان السري الذي قصده دنينو هو مقبرة قتلى العدو بالقرب من مفترق عميعاد. في الاجهزة الأمنية يحاولون تقليل شأن هذه المقبرة. ومقالات قليلة كتبت عن مقبرة قتلى العدو خلال 45 عاما منذ أنشئت المقبرة الاولى. الموضوع تقريبا لم يطرح للنقاش العام، وأبناء عائلات القتلى محظور عليهم زيارة القبور. المسؤولون عن المقابر هم قادة المنطقة الشمالية ومنطقة الوسط واشخاص رفيعو المستوى في الحاخامية العسكرية، وهم يفضلون عدم التطرق الى هذا الامر ويدحرجون المسؤولية عن ذلك بين بعضهم البعض.
افيغدور بن غال الذي كان قائد المنطقة الشمالية يطرق الهاتف عندما يتم سؤاله عن المقبرة. وقادة المنطقة الشمالية السابقين عميرام لفين ويوسي بيلد يرفضان ايضا الاجابة على الاسئلة المتعلقة بالمقبرة، «هذا شأن اخلاقي حساس»، يقول لفين، «ويتعلق ايضا بعائلات القتلى». أوري أور الذي كان قائد منطقة الوسط والشمال يقول إن هيئة الاركان العسكرية هي التي تعالج هذا الامر وليس قادة المناطق. «لم أعمل في أي مرة في هذا الموضوع، هذا سؤال سياسي مبدئي لا يقرر فيه قائد منطقة، ولم يسبق لي أن تعاملت مع هذا الامر».
حسب أقوال الحاخام يعقوب روجا، عضو في مجلس الحاخامات العام، والذي شارك في دفن جثث الجنود الذين خطفوا في السنوات الاخيرة: «نحن نفعل ما تطلب منا الدولة فعله».
شمعون بارتسيك، الذي كان رئيس قسم تحديد الهوية والدفن في الحاخامية العسكرية يقول إن الحاخامات العسكريين هم الذين تعاملوا مع الامر. وحسب الحاخام ابراهام أوحانونا، الذي كان حاخام القيادة الشمالية لمدة 19 عاما، حتى 2007: «لم أكن أنا الذي اهتم بالامر. أنا قمت بتنفيذ الأوامر».
ايلي بن دهان الذي كان مدير عام وزارة الاديان وأقام لجنة لفحص الموضوع وهو اليوم نائب وزير في وزارة الخدمات الدينية، لا يتذكر أبدا اللجنة والموضوع الذي أقيمت من اجله.
مفاوضات وعقاب
ست مقابر لقتلى العدو أقيمت في اسرائيل، تسعة أوامر عسكرية مختلفة – ومنها أمر هيئة اركان – قامت بترتيب عمل هذه المقابر، ولكن ثلاثة تقارير وجدت أخطاء في اجراءات الدفن وصيانة المقابر. في السنوات الاخيرة طرأ تحسن على هذه المقابر، وجثث كثيرة تمت اعادتها للعائلات، وبقي نحو من 100 جثة فقط في يد اسرائيل. ومع ذلك حذر وزير الدفاع اهود باراك قبل ثلاث سنوات من الحالة السيئة لهذه المقابر وقال إن الجثث تختفي. في مركز الدفاع عن الفرد الذي يهتم باعادة الجثث الى العائلات، يزعمون أن اسرائيل ما زالت مستمرة في اضاعة جثث المخربين.
المقبرة الاولى أقيمت بعد حرب الايام الستة بسنتين بين نابلس وأريحا وخصصت للمخربين الذين قتلوا في مواجهات مع الجيش في المناطق. وفي السنوات التالية أقيمت مقابر مشابهة بالقرب من كيبوتس غدوت الى جانب معسكر توليب بالقرب من قرية الغجر، بالقرب من جسر بنات يعقوب وبالقرب من جسر آدم شرق جدار الحدود مع الاردن في غور الاردن.
قبل 13 عاما تم اخلاء المقابر في غدوت وتوليب، ونحو 300 جثة تم نقلها الى مفترق عميعاد. العمل في المقابر في جسر بنات يعقوب وبالقرب من جسر آدم توقف في الآونة الاخيرة، وهي تعتبر مقابر مغلقة. المقبرة الوحيدة التي تعمل الآن هي الموجودة بالقرب من مفترق عميعاد. هناك كما يبدو ستُدفن جثث عدي وغسان أبو جمل، المخربان من العملية في الكنيس في هار نوف، هذا في حال لم يُعادا الى عائلتهما.
عائلة الاثنين تطالب باعادة الجثث، ولكن المحكمة المركزية التي انعقدت في الاسبوع الماضي، تحدث فيها ممثل الشرطة وقال إن الدولة تريد إبقاء الجثث من اجل عدم تحويل المخربين الى نموذج للتقليد. اعطاء الجثث، الجنازات، الدفن واقامة الشاهد من شأنها تعظيم اسم المخرب، كما تزعم الشرطة التي تأمل في منع كل ذلك، وبالتالي ردع مخربين مستقبليين. هذه هي المرة الاولى التي تعترف فيها الدولة بأنها تحتفظ بالجثث من اجل العقاب. في دعاوى مشابهة في السابق ادعت الدولة أنها تدفن في اسرائيل جثث المخربين من اجل المفاوضات لاعادة مخطوفين.
الأمر ملائم
المحامية سيغال بن آري من مركز الدفاع عن الفرد والذي اهتمت حتى الآن بمئة طلب من عائلات لاعادة جثث المخربين، تقول إن اعتبار المفاوضات واعادة المخطوفين قد طرح أكثر من مرة في رد الدولة على دعاوى للمركز. «عندما تم خطف جلعاد شليط لم توافق الدولة على اعادة جثث المخربين من اجل أن تتمكن من اجراء المفاوضات لاعادته. فقط بعد عودة شليط تم اعادة 20 جثة من بين 30 كانوا طالبوا بها».
في عام 1985 تحدث عضو الكنيست يوسي سريد عن التجارة بجثث المخربين وقال إن هذا انحطاط اخلاقي للانسانية. داني يتوم الذي كان قائد المنطقة الوسطى قال إنه لا يحب تعبير التجارة بالجثث. «دولة اسرائيل تتصرف بطريقة صحيحة عندما تحتفظ بجثث المخربين لأنها ستستخدمها من اجل هدف عادل هو اعادة جنودنا. وقد سبق أن نجحنا في اعادة جنود ومواطنين مقابل اعادة جثث، وبهذا وفرنا على أنفسنا اعادة مخربين أحياء». أوري أور ايضا كقائد منطقة كان مسؤولا عن هذه المقابر، يعتقد أن الدولة غير مخطئة باحتفاظها بالجثث من اجل مفاوضات مستقبلية. «اذا كان الفلسطينيون يستغلون جثثنا من اجل المفاوضات فلماذا لا نفعل ذلك؟ هذا أمر خُذ وهات».
وكدفعة اولى لصفقة شليط أعادت اسرائيل نحوا من 90 جثة مقابل جثث الداد ريغف واهود غولدفاسر، وأعيدت 199 جثة مخرب لبناني. في أيار 2012 وكبادرة حسن نية ومن اجل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين أعادت اسرائيل للسلطة الفلسطينية 91 جثة. وفي تشرين الاول 2013 أعيدت 6 جثث، 3 منها لعرب اسرائيليين. بين كانون الثاني ونيسان 2014 أعيدت للفلسطينيين 36 جثة ومنها جثث عز الدين المصري الذي فجر نفسه في 2001 في مطعم سبارو في القدس وكان مسؤولا عن موت 19 قتيلا اسرائيليا، وجثتي الاخوين عماد وعادل عوض الله، رئيسي الذراع العسكري لحماس اللذان قتلا في الخليل، وقد تم الاحتفاظ بجثتيهما فترة قياسية هي 16 عاما. وفي آب 2014 قالت محطة «الميادين» اللبنانية إن اسرائيل اقترحت تسليم 15 مخربا و8 جثث مقابل جثث هدار غولدن وأورون شاؤول.
رعاية خاطئة
في صيف 2011 دار نقاش عام حول اعادة الجثث للفلسطينيين. قبل ذلك بسنة طلب الفلسطينيون اعادة 170 جثة دُفنت في اسرائيل، لكنهم لم يقدموا قائمة بالاسماء. وافق رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع باراك مبدئيا. والمقبرة في غور الاردن كانت مليئة، وظروف المنطقة تسببت بتحلل الجثث، وكانت الحكومة تريد التخلص من الجثث قبل ازدياد وضعها سوءً. «الشباك» يعيد جثث مخربي فتح بعد الفحوصات، لكنه عارض اعادة جثث مخربي حماس والجهاد الإسلامي. الجيش تعرف على 84 جثة من أصل 170، 20 منها كانت لمخربين من حماس. وبعد الانتقاد العام جمد باراك نقل الجثث، لكنه حذر من أننا على خط النهاية. «الجثث موجودة في مقبرة ميدانية»، قال، «الجثث تضيع وبعد قليل لن يبقى ما نسلمه».
يوجد لدى اسرائيل اليوم حوالي 100 جثة لمخربين، وليس واضحا ما هي حال الجثث. في آذار 1999 فحص مركز الدفاع عن الفرد ومنظمة «بتسيلم» المقابر في غور الاردن وبالقرب من جسر بنات يعقوب، وفي تقرير عنوانه «جثث ممنوعة» كتب الباحث يحزقيل لاين أن المعاملة الخاصة والاحترام للميت الموجود في اسرائيل لا نراها عند الحديث عن أموات غير اسرائيليين. وحسب التقرير فانه في الاعوام 1967 – 1994 لم تكن هناك سياسة منهجية فيما يتعلق باعادة جثث المخربين لعائلاتهم. بعد العملية في مستوطنة نتساريم في تشرين الثاني 1994 بدأ يتبلور نمط منهجي أكثر يقول إنه لن تعاد جثث مخربين الى عائلاتهم، الامر الذي يعتبر عقابا جماعيا سواءً ضد العائلات الثكلى أو ضد المخرب نفسه. «لا يمكن محاكمته، لكن الرغبة في الرد على اعماله بقيت كما هي وكذلك مشاعر الانتقام. هذه المشاعر الموجهة للجثة كممثل جسدي وفيزيائي للانسان».
فحص التقرير حالة عيسى عبد مسلم زواهرة الذي قتل في شباط 1990 في مواجهة مع الجيش الاسرائيلي. في البداية أعلنت الدولة لعائلته أنه غير موجود في اسرائيل، وبعد ذلك أعلنت أن زواهرة مدفون في مقبرة بالقرب من جسر بنات يعقوب. وقد تم فتح القبر ولكن لم يكن بالامكان التعرف على الجثة. حسب التقارير المكتوبة كان يفترض أن يكون زواهرة مدفونا في قبر رقمه 245. الفلسطينيون يطلقون على هذه المقابر اسم «مقابر الارقام».
في القبر 245 كانت جثتان والقبر 244 كان فارغا. النيابة زعمت أن اجراءات الدفن جيدة، ولكنها اعترفت أنه بسبب تحرك الجثث لا يمكن ايجاد جثة زواهرة، ولا داعي لاعادة فتح القبور. في تموز 1998 تبين من خلال فحص الـ دي.ان.ايه أن أي جثة من الجثث الثلاث الموجودة في القبرين 245 و244 لا تعود لزواهرة. وقد انتقد التقرير بشدة الاهمال في توثيق والحفاظ على الجثث.
رغم التحسن الذي حدث في السنوات الاخيرة سواءً في اجراءات الدفن أو في توثيق القبور ورعايتها، فلم يتم استخلاص العبر، هكذا كتب على موقع الانترنت الخاص بمركز الدفاع عن الفرد، والدولة تستمر في اضاعة جثث المخربين الفلسطينيين الذين يمكن أن تستفيد منها في المفاوضات المستقبلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليلة العشرين
مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله أعداؤه بل ما يفكرون به والليكوديون يشمون الهزيمة
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
في قاعة المؤتمرات الصحافية في بيت سكولوف تم تحضير المكان مسبقا: منصة من القماش والخشب وكلمات بوجد مستقبل موزعة عليها طولا وعرضا وثلاثة حجارة وضعت من اجل عدم وقوع أحد على الجانب، ومكبري صوت يقرأ من خلالهما يئير لبيد النص الذي قام بتحضيره. لا يمكن رؤية مكبرات الصوات في التلفاز لأنها وضعت على طرفي الخطيب من اجل اعطائه فرصة النظر الى ناخبيه والتحدث اليهم من القلب الى القلب. وفي الواقع فانه ينظر الى لوحتين بلاستيكيتين، مرآتين.
«أنت منقطع عن الواقع»، يعود ويقول لنتنياهو. وكلمات أنت منقطع عن الواقع موجودة في بداية كل فقرة، ببطء وبلفظ واضح. كان واضحا أن أحدا ما كان سيقوم بتلحين هذا الخطاب، وهذا ما هدف اليه الخطاب، اذا لم يتم تلحينه فسيتم نشره الكترونيا على اليو تيوب، وكان واضحا أن أحدا ما كان سيُدخله الى القائمة في النوادي. لماذا لا؟ هذه الجملة قابلة للسماع، الاهانة واضحة والمضمون يناسب كل شخص. يمكن الرقص على ذلك ويمكن الضحك. هل هذا هو الخطأ الأكبر لبنيامين نتنياهو؟ لست متأكدا.
«أنت تعيش في حوض سمك»، إتهم لبيد. الحقيقة هي أن كل رئيس حكومة يعيش في حوض سمك. كلما زادت سنواته في المنصب فان الجدران الزجاجية لحوض السمك تصبح مغلقة أكثر. في السابق كان بالامكان رؤية المتظاهرين في الخارج من نافذة غرفة رئيس الحكومة، ولكن بعد قتل رابين تم اغلاق النوافذ وكذلك نوافذ البيت. ورئيس الحكومة يعيش في دائرة مطهرة.
عندما يخرج من البيت فان هذه الدائرة تخرج معه، نوافذ السيارة قاتمة، وهو لا يرى المشهد، يتنفس فقط هواء المكيفات في الصيف والشتاء، يعرق فقط من اضاءة الكاميرات. الدائرة هي الدولة والدولة هي أنا.
نفس الاشخاص يحيطون به أينما ذهب – نفس الحراس ونفس المساعدين ونفس الخادمين الذين يحيطون به ويسجلونه سراً. هو يستدعي الحكومة لجلسة ويعتبرهم أعداءً يسعون الى وراثته ويبتزونه ويريدون سرقة صلاحياته. لا يوجد في الساحة السياسية أحدا يستطيع أن يقاسمه مشكلاته: الجميع ضده.
الانفصال عن الواقع قد يكون أمرا اضطراريا ومن الصعب الامتناع عنه ومن السهل الغرق في داخله. عندما وصلت القطيعة بين الرئيس اوباما وبين الكونغرس الامريكي الى درجة الازمة الوطنية طلبت وسائل الاعلام سماع رأي المختصين بالتاريخ الامريكي. دوريس كارنس غودفين التي كتبت سيرا ذاتية رائعة عن جونسون، روزفلت ولنكولن، اقترحت على اوباما استدعاء زملائه الى جناح العائلة في البيت الابيض والأكل والشرب معهم ومشاهدة الرياضة في التلفاز. هكذا استطاع الرؤساء تمرير اصلاحات مختلفا عليها، هكذا قاموا بتوحيد البنية السياسية من خلفهم. اوباما لم يستمع للنصيحة وكذلك نتنياهو. وقد عوقب اوباما بعد ست سنوات أما نتنياهو فبعد تسع سنوات.
الانفصال يولد الشك مع السنوات ويولد الهوس.
عندما خرج لبيد في هذا الاسبوع من اللقاء الثنائي مع نتنياهو، اللقاء الذي سبق الاقالة، قال لأخته وهي عالمة نفسية في مهنتها إن نتنياهو ينتمي أكثر الى مجالها وليس الى مجاله. وتحدثت تسيبي لفني علنا حول الهوس. وفسر نتنياهو إقالة الاثنان أنها جاءت بسبب المؤامرة التي حاكاها لاقامة حكومة بديلة في الكنيست الحالية من وراء ظهره. اذا كانت هناك مبادرة، صبيانية وبائسة. لفني لم تكن من ضمنها، والوصف الوحشي الذي قدمه نتنياهو في المؤتمر الصحافي في يوم الثلاثاء كان بعيدا عن الواقع. وكل محاولة لتفسيره تقود بالضرورة الى مساقات عيادية.
مع افتتاح الحملة الانتخابية فان مشكلة نتنياهو ليست ما يقوله عنه أعداءه بل ما يفكرون عنه في البيت، حيث يشم الليكوديون الهزيمة.
الحركة والعمل
الرقم الحاسم في هذه الانتخابات هو 20. لبيد وهرتسوغ ونتنياهو مقتنعون أن من يحقق ما يزيد عن العشرين مقعدا سيقوم بتشكيل الحكومة. الحساب بسيط: يوجد قطبان، قطب اليمين مع الحريديين، وقطب فقط ليس بيبي. هذا الانقسام كبير هذه المرة لدرجة أن قائمة واحدة لكل قطب فقط ستحصل على أكثر من عشرين مقعدا. القطب سيضطر الى الاتحاد من خلف من يصل الى الرقم السحري. ليلة الانتخابات ستكون .
المعركة الانتخابية ستُدار على جبهتين: الجبهة السهلة والمفهومة بين قطب وقطب. سيهاجم اليمين الوسط واليسار، والوسط سيهاجم اليمين. والجبهة المركبة الاكثر جذبا هي داخل كل قطب. نتنياهو يهاجم لبيد على أمل اقناع ناخبي اليمين الذين يترددون بينه وبين بينيت أو ليبرمان أو يفضلون البقاء في البيت، الذين رغم كل شيء هم ملزمون بانتخاب الليكود. في هذا السياق لبيد ليس هو عدوه – هو الرافعة ضد عدم ذهاب الناخبين الى بينيت.
خطران يهددان نتنياهو، الاول هو وصول الوسط واليسار معاً الى قطب مانع. والثاني هو أن يتساوى البيت اليهودي مع الليكود في صناديق الاقتراع. في وضع كهذا سيطلب بينيت تقاسم وظيفة رئيس الحكومة.
القطب المقابل مثل المرآة. هرتسوغ ولبيد يتصارعان على الافضلية في الحرب ضد نتنياهو. عندما يهاجمان اليمين ينظران بعين واحدة الى داخل البيت، الى الناخبين المترددين بين العمل ولبيد، وبين ميرتس وكحلون.
تسيبي لفني هي المفتاح في هذا الصراع الهاديء. بعد ست سنوات صعبة، في البداية كرئيسة معارضة وبعد ذلك كرئيسة حزب صغير في ائتلاف نتنياهو، جاءتها الراحة والسكينة. هرتسوغ ولبيد يركضان وراءها، وحسب ثلاثة استطلاعات وضعت هذا الاسبوع على طاولة رئيس العمل فان ضم لفني يزيد العمل باثنين أو ثلاثة مقاعد. هذه الاضافة من شأنها أن تجعل العمل يتجاوز الرقم السحري – 20 مقعدا – واعطاء هرتسوغ زعامة القطب. وأحد الاستطلاعات أظهر الرقم 21.
حسب هذه الاستطلاعات لا تضيف لفني الاصوات للبيد، لكن انضمامها اليه يمنع ازدياد قوة العمل. في الصراع والمنافسة داخل القطب هذا أمر حاسم، لذلك فان لبيد يركض وراءها.
يقترح هرتسوغ على لفني شيئا يشبه الاتفاق الذي كان بين ليبرمان والليكود: ورقة واحدة في صناديق الاقتراع، حركة مشتركة في الكنيست وأطر منفصلة. لفني وعمير بيرتس سيكونان من العشرة الأوائل. وفي السياق يتم وضع آخرين. لم تنته المفاوضات بعد، وستنتهي على ما يبدو الى هنا أو هناك في نهاية الاسبوع عندما يكون الاثنان في منتدى سبان في واشنطن.
أفضلية لبيد هي حريته في اتخاذ القرار: يستطيع الوصول الى اتفاق مع لفني على فنجان قهوة. وهذه ايضا نقيصته: يقف على رأس حزب الزعيم الواحد. في حزب العمل سيكون هناك معارضون ومعارضات، لكن هرتسوغ وايتان كابل قالا للفني إنه لا داعي للخوف: لديهما اغلبية ساحقة في المؤتمر.
وفيما يتعلق بقناعاتها لا توجد للفني اليوم مشكلة في الانضمام الى العمل أو يوجد مستقبل. هناك صعوبة واحدة في حزب العمل – التعليم الذي تربت عليه. فهي تتفهم التنازل عن اراضي من الوطن، ولكن التحالف مع مباي التاريخي؟ ماذا كان سيقول أبي، ماذا كانت ستقول أمي.
العلاقات الآن في مثلث هرتسوغ لبيد لفني جيدة. نتنياهو يوحدهم. ولكن عندما تتبلور القوائم تبدأ المنافسة. لبيد يدخل الى الحملة الانتخابية ومعه 11 ألف ناشط ميداني، انتشار جيد، مهني وبالذات الكثير من الاموال التي قام بجمعها بعد انجازه في الانتخابات. هو مقتنع أن الاستطلاعات التي أعطته القليل من المقاعد عشية الانتخابات السابقة ستخطيء مرة اخرى. هرتسوغ يتفوق عليه في الاستطلاعات وهو أقرب منه الى اتفاق مع حركة لفني (هل سيُسميان الجسم المشترك «حركة العمل»؟ أنا لا أعتقد).
لديه أفضلية اخرى قد تكون مهمة في اليوم التالي: على عكس لبيد فانه مقبول على كافة أطراف الساحة السياسية بما في ذلك الحريديين. اذا كان الحريديون هم كفة الميزان فسيذهبون في نهاية المطاف مع من سيدفع أكثر، ولكن مع هرتسوغ سيكون أسهل من لبيد.
باتجاه الوسط
حسب مصادر في الليكود فان قرار الذهاب الى الانتخابات تم بالتشاور مع اربعة: بنيامين نتنياهو، سارة نتنياهو، آري هارو ونير حيفتس. هارو هو مدير مكتب رئيس الحكومة، حيفتس هو مستشار سياسي خارجي، لا عجب أن وزراء الليكود خائبو الأمل: لم يسألهم أحد.
حتى هذه اللحظة من غير الواضح لليكوديين لماذا قرر نتنياهو حل الحكومة الآن. جميع التفسيرات هي بمثابة حكمة متأخرة: لا يريد التنازل للبيد؛ آمن بأن الانقلاب الذي تم من وراء ظهره حقيقي؛ قال له الحريديون الاشكناز إنه اذا تصالح مع لبيد فلن يؤيدوه بعد الانتخابات القادمة؛ قصة الميزانية. قام أحد بالهمس له أن لبيد ولفني وحزبيهما ينوون التصويت على حجب الثقة. خاف كثيرا، قام بتحديد اللقاء مع لبيد في نفس الموعد وطلب تصويت إسمي. «حتى وإن لم تكن مهووسا»، قال أحدهم، «فهذا لا يعني أنهم لا يطاردونك».
وبالطبع، الهزيمة التي تلقاها نتنياهو في التصويت الأولي على قانون «اسرائيل اليوم». كيف يستطيع تفسير هذه الاهانة؟ من الاسهل حل الحكومة بدلا من التفسير.
سيكون اعضاء الكنيست والوزراء مشغولون في الشهر القادم بالانتخابات التمهيدية. كل واحد منهم يريد الاهتمام بنفسه، البحث عن متبرعين، وتجنيد النشطاء وعمل الصفقات. فايغلين ودنون سيستمران في حربهما. نتنياهو أمل أن يتنازلا بارادتهما عن الترشح ضده، وهذا لم يحدث حتى الآن.
الشخصية الاكثر أهمية في اليمين هي افيغدور ليبرمان. فقد غيّر ليبرمان بشكل دراماتيكي النبرة السياسية، وعلى مدى السنين بنى نفسه على مسألتين: المهاجرين من الاتحاد السوفييتي والاسرائيليين الغاضبين المهملين. هاتان المجموعتان كان من المفترض أن تجتمعا تحت سقف احتجاج واحد، قومي في أساسه. والقصة القانونية ساهمت في هذه الصيغة.
غير أن الاسرائيليين القدامى لم يأتوا بجموعهم، والكثير منهم ذهبوا الى بينيت؛ والقادمين الجدد من الجيل الاول توفوا، والجيل الثاني انقسم كما حدث مع احزاب مهاجرين اخرى. والتبرئة في المحكمة أعطت ليبرمان الفرصة لعمل التغيير.
في رواية اخرى سيطر بينيت على المساحة التي على يمين نتنياهو، وتوجه نتنياهو الى اليمين جعله يأخذ ما تبقى. توجه ليبرمان الى الوسط. هذا التغيير في اسرائيل لن يحظى بتأييد كبير، ولكن في وزارات الخارجية في العالم أثار هذا الاهتمام الكبير حيث اكتشفوا وزير خارجية بدأ بالتحدث مثل وزير الخارجية.
أو بلهجة أكثر تفاؤلا، إنه لا يريد الجلوس على هامش الجدول، وفهم ما فهمه شارون واولمرت قبله: الطريق الى رئاسة الحكومة تمر بالوسط، وفرصة ليبرمان لأن يصل في هذه المرة الى الرقم السحري 20 ضعيفة. لكن يمكن له أن يكون شريكا مهما في الجسم الذي يقف في وجه نتنياهو.
سأُدمركم
رئيسة حركة البيت اليهودي، اييلت شكيد، شاهدت هذا الاسبوع احدى المسؤولات في النيابة العامة وقالت لها «في الانتخابات القادمة سأكون وزيرة العدل، وسآتي اليكم من أجل تدميركم».
لم أستطع فحص الامور مع شكيد، يمكن أنها قالت ذلك مزاحا: لديها هذا النوع من المزاح. ويمكن أن لا. البيت اليهودي هو حزب مع تناقضات كثيرة، وشكيد تمثل بعضها. تشير الاستطلاعات الآن الى تزايد قوة الحزب لدى الشبان والجنود، ومنهم جنود علمانيون. البيت اليهودي هو المستفيد الاساسي من الذهاب يمينا، وهذا ثمرة حرب الصيف وتجدد العمليات.
البيت اليهودي متدين أكثر كثيرا مما يظن الناخبون، بما في ذلك الفرض الديني الذي في هامشه متطرفون أكثر. أوري اريئيل شريك بينيت وعدوه، حاول أن يفرض عليه هذا الاسبوع ضمان مقاعد لاصدقائه، مجموعة حريدية قومية على حدود الكاهانية. بينيت رفض: لا يستطيع أن يسمح لنفسه لأنه حتى الآن هو الدجاجة التي تعطي البيضة الذهبية. لكن الحزب ليس له، والحركة ايضا ليست له. حلم بينيت هو أن يصبح وزيرا للدفاع، وبعد ذلك رئيسا للحكومة. وحلم الكثير من اصدقائه هو اندلاع حرب عالمية حول الحرم وضم المناطق وطرد العرب والقضاء على سلطة القانون في الدولة واستبدالها بقوانين الدين.
لو كنت مكان اييلت شكيد لكنت أكثر حذرا في النكات: لأنها قد تتحقق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اذا كانت المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر فقد كان بالاحرى عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة حيث ليس هناك اي مكانة مدنية لملايين الفلسطينيين هناك
بقلم: بيتر باينرت،عن هآرتس
في الاسبوع الاخير قامت أربع منظمات تعتبر العمود الفقري للمؤسسة اليهودية الامريكية، العصبة ضد التشهير، المجلس اليهودي للشؤون العامة، الحركة الاصلاحية والحركة المحافظة، بعمل استثنائي: فقد انتقدت اسرائيل. وشجبت المنظمات مشروع قانون القومية بدعوى أنه يمس بحقوق المواطنين العرب في اسرائيل ويعرض الديمقراطية فيها للخطر. أنا راض، ولكني مشوش أيضا.
وحسب العصبة ضد التشهير، فان قانون القومية “قد يبدو كمحاولة للمس بالطابع الديمقراطي لاسرائيل في صالح طابعها اليهودي”. وتحذر الحركة المحافظة من “تآكل محتمل للحريات الديمقراطية كنتيجة للقانون، وخطر تآكل حقوق العرب”. معقول تماما. ومع ذلك، اذا كانت تلك المنظمات تعارض قانون القومية لانه يمس “بحقوق العرب” داخل الخط الاخضر، فقد كان بالاحرى يتعين عليها أن تقلق أكثر في ضوء سياسة اسرائيل في الضفة، حيث ليس هناك لملايين الفلسطينيين اي مكانة مدنية. ومن شأن قانون القومية ان يؤدي الى “تآكل محتمل للحريات الديمقراطية” داخل اسرائيل، ولكن ليس للفلسطينيين في الضفة اي حريات ديمقراطية تتآكل.
وباستثناء الحركة الاصلاحية، التي تعمل أحيانا بشكل مختلف بعض الشيء، فان المنظمات التي تنتقد قانون القومية تكاد لا تنتقد سياسة اسرائيل في الضفة. وفي موقع العصبة ضد التشهير، يشرحون لماذا لا تعد المستوطنات عائقا في وجه السلام بل ولا تشكل مخالفة للقانون الدولي؛ ولماذا لا تعتبر الحواجز عقابا جماعيا، ولماذا لا يعتبر جدار الفصل سيطرة على الاراضي الفلسطينية. ولكن ذات المنظمة لا تطلق حتى ولا كلمة انتقاد على الجهاز القضائي المزدوج الذي يحظى فيه يهود بنظام قانوني مدني، بحرية الحركة وبحق الانتخاب، بينما يخضع الفلسطينيون لقانون عسكري تعسفي يحظر اجتماع سياسي لعشرة اشخاص فأكثر – حتى ولو في بيت خاص – دون إذن مسبق من الحاكم.
وبالفعل، عندما طرحت مسألة لقانون العسكري في الضفة امام العصبة ضد التشهير في 2010، أجاب ابراهام فوكسمن، مدير عام العصبة فقال: “لست خبيرا في جهاز القضاء ولا أعتزم أن أكون… لا أعتزم أن أعمل وكأني جمعية حقوق المواطن عندهم”. وتتخذ المنظمات الاخرى موقفا مشابها. ففي السنوات الاخيرة اتخذت سواء في المجلس اليهودي للشؤون العامة أم في الحركة المحافظة قرارات تنتقد اسرائيل على خرق حقوق اليهود غير الارثوذكسيين داخل الخط الاخضر. وعلى حد افضل ذاكرتي، لم تتخذ اي منظمة قرارا ينتقد سلوك اسرائيل في الضفة.
كيف يمكن أن نفسر ازدواجية المعايير هذه؟ الجواب المطروح هو ان المنظمات اليهودية الامريكية تشعر بارتياح للتعبير عن رأيها في المجتمع الاسرائيلي، ولكن ليس في أمن اسرائيل. ولكن حتى لو كان الانسان يعتقد بان مصادر القلق الامني تبرر سيطرة اسرائيل على الضفة، فليس في هذا القلق ما يبرر السياسة الاسرائيلية التي تدعم حكوميا انتقال المواطنين الاسرائيليين الى هناك. فمن زاوية نظر عسكرية بحتة، فان الدفاع عن بلدات مدنية منعزلة بالذات يكون اصعب على الجيش الاسرائيلي.
ان السبب الحقيقي لهذه الازدواجية في المعايير اكثر تعقيدا. فسهل انتقاد المظالم الاسرائيلية داخل الخط الاخضر، لانها تمثل شذوذا عن النمط الديمقراطي المقبول هناك. وهكذا فان المنظمات اليهودية الامريكية يمكنها أن تشجب قانون القومية وتبقى تمتدح الفكرة الديمقراطية العامة التي يخرج هذا القانون عنها. ومن خلال الانتقاد مع الثناء، فانهم يغيرون أنفسهم عن اولئك الذين يشهرون باسرائيل وينزعون الشرعية عنها. ويمقتون انتقادهم على اسرائيل.
ولكن عندما يدور الحديث عن السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الضفة، فلا توجد فكرة ديمقراطية يمكن الخروج عنها؛ ففي الضفة، الحكم الاسرائيلي غير ديمقراطية على نحو ظاهر. واذا انتقد جانب ما من الاحتلال فسرعان ما سيؤدي الامر الى انتقاد جذري وبنيوي للسياسة الاسرائيلية، الامر الذي ترفضه المؤسسة اليهودية الامريكية رفضا باتا.
عندما يحصر الزعماء اليهود الامريكيون انتقادهم في ما يجري داخل حدود دولة اسرائيل، فان الامر يسمح لهم بمواصلة التظاهر وكأن اسرائيل هي صيغة شرق أوسطية للولايات المتحدة: ديمقراطية هنا وهنا ترتكب اخطاء. وعند النظر الى ما خلف الخط الاخضر، فان هذا التظاهر ينهار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
الحكومة التالية في اسرائيل ستصمد سنة فقط
بقلم: نحمايا شترسلر،عن هآرتس
الأمل الاكبر الذي يطل في هذه اللحظات على كل بيت في اسرائيل هو أن بعد ثلاثة أشهر ونصف سنستيقظ لفجر يوم جديد، لواقع افضل بكثير. وبالفعل، في الاشهر الثلاثة القريبة سنعاني من اصوات طبول الدعاية، ولكن بعد 17 آذار سنحظى برؤية حكومة جديدة، مستقرة وواعدة، تعمل بانسجام لاربع سنوات، دون مواجهات ودون تشهيرات، وتقودنا نحو افق جديد افضل وأكثر وعدا بكثير.
طوبى للمؤمنين. ما كان هو ما سيكون. انعدام الاستقرار، المواجهات والتشهيرات ستستمر، ستتعاظم، والثمن لنا جميعا سيزيد فقط.
كل استطلاعات الرأي العام التي جرت مؤخرا تفيد بظاهرة مريضة تجذرت عندنا: موت الاحزاب الكبرى. فليس هناك كهذه لا في اليمين ولا في اليسار. الاكبر، الليكود، يحصل في الاستطلاعات على 22 – 24 مقعدا، بينما معظم الحقل السياسي يتشكل من احزاب متوسطة، عدد اعضاء مقاعدها يتراوح بين 10 و 16. هذا واقع يخلق طريقة حكم مميزة: دكتاتورية الاقلية.
فور تسلم رئيس الوزراء مهام منصبه، سيكتشف شيطان الواقع يرقص بقوة على طاولته: “ظننت أنك انتخبت لتحكم؟ انسى هذا، فانت متعلق في كل ساعة وفي كل لحظة بكل واحد من أحزاب الائتلاف”.
هذه هي اللحظة التي يقع فيها حزن كبير على رئيس الوزراء. وسيفهم بعمق (بعد أن اجتاز سلسلة أليمة من نتف الريش في أثناء المفاوضات الائتلافية)، والتي في طريقة الحكم في اسرائيل تكون فيه الاحزاب المتوسطة هي المسيطرة. لكل واحد منها جدول أعمال خاص به، مصالح خاصة وطموحات كبرى لتغييره قريبا حقا – ومن هنا انعدام الاستقرار وانعدام الفعل للحكومة.
ان العدد الكبير من احزاب الائتلاف يجبر رئيسه على أن يتعهد أمامهم بمبادىء متضاربة، الامر الذي يؤدي الى الاحباط وخيبة الامل. والمصالح المختلفة لا تسمح له بالمبادرة الى اصلاحات ذات مغزى، أو الدخول في مسيرة سياسية. كل شيء عالق.
ولان هذا هو الوضع، فان رئيس الوزراء لا يحلم حتى بالبدء بخطط للمدى البعيد. وهو يعمل كل الوقت تحت الفرضية بان الانتخابات القادمة تكمن له خلف الباب – وهكذا الاضرار للاقتصاد تزداد وتتسع.
من مشكلة مشابهة عانت ايطاليا حتى غيرت في 2005 طريقة الحكم بحيث أن الحزب الذي يجمع اغلبية الاصوات، يحظى بـ 55 في المئة من اجمالي المقاعد في البرلمان. وهكذا يكون بوسعه ان يحكم لوحده، اذا شاء. وقد أجبر التغيير الاحزاب المتوسطة على الاتحاد قبل الانتخابات، لخلق كتل كبرى. وهكذا حظيت ايطاليا بالاستقرار الذي لم يمس بالتمثيل. فقد حصل التمثيل على تعبيره في داخل كل كتلة.
اليونان هي الاخرى عانت من ذات المرض المتمثل بعدم الاستقرار المترافق والازمات الاقتصادية الى أن تقرر في العام 2012 بان الحزب الذي يحصل على أغلب الاصوات سيحظى بعلاوة سدس اجمالي المقاعد في البرلمان. لو كان مثل هذا القانون عندنا، فان حزب العمل – المركز (واسع وموحد) سيحصل لنفترض على 30 مقعدا، ولنفترض أيضا ان هذا كان أعلى مما حصل عليه الليكود الموسع. في مثل هذه الحالة كان اسحق هرتسوغ سيحصل على 20 مقعد آخر في الكنيست، بالاجمال 50، مما كان سيسمح له بائتلاف مستقر لـ 4 سنوات وهو أمر اساسي ضروري لكل محاولة لمفاوضات سياسية.
ولكن لاننا نعيش في واقع ساخر، يفكر فيه السياسيون بأنفسهم أساسا، فاننا محكومون بتعميق أزمة الحكم – الى أن يتفجر كل شيء. مدة حياة الحكومة ستقل الى سنة واحدة فقط، وهي لن تفعل شيئا بل تفسد الوقت على محاولات مثيرة للشفقة للحفاظ على وجودها – القصير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ