Haneen
2014-12-30, 12:11 PM
اجتياز الخط الأحمر
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
أخيرا نقلنا القرار في أجندة الانتخابات القريبة القادمة الى «رجل جدي»: بشار الاسد. فالشكل الذي سيرد به السوريون على ما يصفونه كهجمات لسلاح الجو الاسرائيلي على هدفين في منطقة دمشق، هو ما سيملي العناوين الرئيسة والانشغال الجماهيري في الاسابيع وفي الاشهر القريبة القادمة.
في الهجمات الاخيرة على الاراضي السورية، في بداية 2013، أعلنت القيادة السورية بانها ضاقت ذرعا من الهجمات المنسوبة لاسرائيل وهي سترد. وبالفعل منذ ايار 2013 لم تهاجم اسرائيل اهدافا لحزب الله على الاراضي السورية. وكان الهجوم الاخير الذي نفذته ضد قافلة سلاح لحزب الله في شباط من هذا العام، في جنتة، على الحدود السورية، داخل الاراضي اللبنانية. وفي حينه رد حزب الله بسلسلة عمليات في هضبة الجولان. اما أمس، فقد دحرجت اسرائيل المعضلة اغلب الظن الى الاسد: فهل سيتجلد أم سيرد. ويمكن الافتراض بانه اذا ما قرر الرد، فهذا لن يجد تعبيره في اطلاق الصواريخ والمقذوفات الصاروخية نحو اسرائيل، بل بنموذج أكثر تواضعا مثل العمليات على طول الحدود أو ضد أهداف تدفع اسرائيل الى التفكير مرتين في المستقبل. ومنذ الان يتميز السوريون غضبا مما يسمونه «المساعدات اليومية» التي تقدمها اسرائيل لمحافل المعارضة في سوريا. وليس صدفة انهم ربطوا أمس في بيانهم الهجوم الجوي بالمساعدة التي تقدمها اسرائيل للثوار في حربهم ضد نظام الاسد. فهل سيكون الهجوم الاخير القشة التي ستقصم ظهر البعير السوري وستسكن الحدود؟ ممكن أيضا الافتراض بانه عشية الهجوم – اذا كانت اسرائيل وقفت خلفه – قدر الخبراء العسكريون بان الاسد سيفضل الامتناع عن اشعال الحدود وذلك لان الثمن الذي سيدفعه سيكون باهظا. ولكن التقديرات الاستخبارية في كل ما يتعلق بما يجري في عقول الزعماء العرب صحيحة، بشكل عام، بخمسين في المئة. إما نعم ام لا.
ما يمكن أن يصد رد فعل سوري هو حقيقة أن السوريين يعرفون جيدا ما الذي هوجم أمس في اراضيهم ويعرفون ايضا ما هي الخطوط الحمراء لاسرائيل. ففي الماضي نقلت لهم رسائل سرية في الموضوع، ووزير الدفاع يعلون احصاها علنا ايضا: المس بالسيادة الاسرائيلية، نقل سلاح كيميائي الى لبنان ونقل سلاح نوعي الى حزب الله فيه ما يعرض للخطر «التفوق العملياتي» الاسرائيلي. اما الهجوم أمس، المنسوب لاسرائيل، فيدخل، أغلب الظن في تعريف اجتياز الخطوط الحمراء في مجال السلاح النووي. عملية استيعاب السلاح محطم التفوق العملياتي في حزب الله يتشكل من اربعة فصول. الاول هو وصول السلاح الى لبنان. في كل اسبوع ترسو في طرطوس سفينة سلاح روسية تنقل اعدادا الى الجيش السوري. يصل في قسم منه الى حزب الله. كما أن الإيرانيين يبعثون الى حزب الله بالسلاح في رحلات جوية دائمة الى المطار في دمشق. في هذا الفصل تمتنع اسرائيل عن الضرب لاسباب سياسية. سبع هجمات اسرائيلية على الاراضي السورية، حسب المنشورات، تمت في الفصول الثلاثة الاخرى: الفصل التدريبي على السلاح الذي ينقل الى رجال حزب الله على الاراضي السورية، مرحلة التخزين في سوريا ومرحلة الحركة من سوريا الى لبنان.
أحد الاماكن الاكثر حماية في سوريا اليوم هو مطار دمشق. هذا هو ستالنغراد نظام الاسد – وهو سيسقط في الاخر، وعليه فان قسما لا بأس به من مخازن سلاح حزب الله توجد في نطاقه. وأمس هوجمت مخازن من هذا النوع. لحزب الله يوجد ميل لمحاولة تهريب السلاح في الشتاء، في ظل الاجواء العاصفة، والتي حسب اعتقاده تجعل من الصعب العثور على القافلة. اضافة الى ذلك، فان حزب الله مضغوط اكثر مما في الماضي لنقل العتاد من سوريا الى لبنان، في ضوء الانجازات التي حققها الثوار مؤخرا في المعارك ضد المنشآت العسكرية للجيش السوري، مما يثير الخوف من أنهم سيصلون ايضا الى مخازن حزب الله.
يحتمل أن يكون احد ما فكر بمحاولة تسخين الحدود في الشمال من أجل خلق أجندة سياسية للانتخابات القريبة القادمة؟ هذا بالتأكيد ليس مناسبا لوزير الدفاع موشيه يعلون، ومشكوك ان يكون هناك رجل عسكري يساعد في ذلك. فضلا عن ذلك، لا ينبغي استبعاد امكانية ان يكون اقرار حملة من هذا النوع قد اتخذ على المستوى المبدئي قبل الاعلان عن الانتخابات. وبشكل عام فان الجيش هو الذي يعرض الاهداف، التهديدات والخطط الملموسة، والقيادة السياسية، بما فيها الكابنيت يصادق أو يرفض. موعد التنفيذ تمليه التطورات الاستخبارية والقدرات العملياتية. اما الكابنيت فهو مخصي اليوم. ثلاثة من اعضائه – تسيبي لفني، يئير لبيد ويعقوب بيري (الذي كان مراقبا) – غادروه، وهو بقي غير متوازن ويسكنه الصقور اساسا: نتنياهو، يعلون، ليبرمان، بينيت، اردان، أهارونوفيتش وشتاينتس كمراقب. هذه هي المجموعة التي يتعين عليها ان تبدي اليوم ضبط نفس في اتخاذ القرارات. اما يعلون فملزم اليوم بيقظة خاصة: الا يسمح لاحد ان يستخدم جهاز الامن بشكل غير مسؤول.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الناخب المعتدل
الواقع المتطرف بحاجة الى مواقف متطرفة والاعتدال هو تطرف مختبئ وراء كذبة كبيرة
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
يقوم الآن بترتيب خطواته: لمن سيصوت في الانتخابات القادمة؟ ما الذي يريده – القليل من الأمن، القليل من الهدوء، أجر جيد، وقبل كل شيء دولة يهودية تكون صالحة لليهود.
كل هذا يحق لنا بعد كل ما مر علينا. هناك تشكيلة كبيرة من القوائم التي تعده بذلك، يسار – وسط، يمين – وسط، لبيد وكحلون، بوغي ولفني، في الحقيقة فان الليكود ايضا معتدل نسبيا. إنه لا يثق بأي أحد، ولكنه سيصوت مع واحد من هؤلاء. إنه معتدل وسيعطي صوته للاعتدال. لا يحب الاحزاب المتطرفة ولا الحلول المتطرفة، إنه يكره التطرف؛ ما الذي يطلبه.
يريد السلام، بالتأكيد يريد السلام. ولكن ليس الآن، وبالتأكيد ليس مع تقسيم القدس وسقوط الصواريخ على مطار بن غوريون. اضافة الى ذلك سلام مع من؟ مع حماس؟ مع من ينكر الكارثة؟ لا يوجد مع من. لم يسبق أن زار المناطق، لا يشمل 443 ولا الطهور في حائط المبكى، لا يوجد ما يبحث عنه هناك، وقيل له ايضا إن هناك خطر. في رأيه المستوطنون متطرفون، وهو لا يحب المتطرفين. وتقريبا لم يسبق له أن التقى في حياته مع المستوطنين. ومنذ الخدمة العسكرية لم يلتق فلسطينيين، وهذا لا يشمل البليط الذي قام بتبليط المطبخ ولا يعرف اذا كان فلسطينيا، من القدس الشرقية، أو شركسي اسرائيلي.
ممنوع لمس الجيش الاسرائيلي، لا يوجد ما يتحدث عنه، ليس ميزانيته وليس سلوك جيشه. إنه الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، وهو الذي يضمن الامن. يريد الهدوء، ليس لديه رأس لانتفاضة اخرى وليس لوجع الرأس بسبب اخلاء مستوطنات. ولا يريد المهاجرين الافارقة – ليذهبوا الى مكان آخر، لا تستطيع اسرائيل استيعابهم مع كل المشاكل الوجودية الخاصة به – وايضا مل من محكمة العدل العليا، والحقيقة أنه ليس مهتما كثيرا بالسياسة. قانون القومية وقانون التسلل، قانون النكبة وقانون «اسرائيل اليوم» مرت من فوق رأسه. يوجد هنا ديمقراطية زائدة، إنه متأكد؛ ما الذي طلبه.
معظم الاحزاب تعد بتحقيق حلمه، القليل من السلام والقليل من التنازلات المؤلمة، الأمن وبالطبع القضاء على الإرهاب، وايضا استمرار اعتقال الكثيرين في منشأة «حولوت» وتحسين العلاقات مع امريكا – اعتدال. لن يصوت بالطبع لافيغدور ليبرمان ولا لنفتالي بينيت. إنهم متطرفون، ويبدو أنه لن يصوت لميرتس، على حدود التطرف، ومل من الزعبيين – إنهم خونة. سيجد لنفسه من يختار بين يمين ويسار.
لكن الحقيقة هي أن هو متطرف جدا. إنه يكذب على نفسه، والاحزاب المعتدلة التي يصوت لها مرة تلو اخرى تخدعه. هو متطرف، لأن تصويته سمح بالسياسة المتطرفة للاحزاب المعتدلة: استمرار الاحتلال العسكري، ومن أكثر الاحتلالات صلفا في العالم، حرب هجومية اسرائيلية كل عام أو عامين، زرع الدمار والقتل، ميزانيات دفاع خيالية تمنع الرفاه وسيطرة على شعب آخر. هذا ما يفعله المعتدلون في اسرائيل وليس المتطرفين – وهو شريك كامل.
شركاؤه في علاقة الكذب، الاحزاب المعتدلة، لا تقترح أي حل، فقط كليشيهات، هم أنفسهم لا يؤمنون بها. لا توجد حلول معتدلة لوضع متطرف. والاشخاص الذين يقترحون حلولا حقيقية هم المتطرفون من اليمين واليسار. وما يقدمه المعتدلون؟ القفز الى الهاوية وتجاوزات مدروسة؟ خطوة الى الأمام وخطوتين الى الخلف؟ لا يوجد شيء كهذا.
صحيح أنه من الجيد الشعور أنك معتدل، لكن الانتخابات تحصل في ظروف متطرفة جدا. وهناك احتمالين فقط: إما حلا راديكاليا، أو استمرار الحياة بالنفي والكذب، حتى الضياع. لكن لا تسموا ذلك اعتدالا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الهجوم رسالة مدوية لـ «محور الشر»
نقل إشارة واضحة لقادة النظام السوري ولحزب الله وبشكل غير مباشر للنظام في إيران
بقلم: ايلي (تشايني) مروم لواء احتياط وقائد سلاح البحرية الاسبق،عن معاريف الاسبوع
الهجوم في سوريا امس، والمنسوب لاسرائيل حسب مصادر أجنبية، هو الثامن في السنوات الاخيرة. فقد عادت دولة اسرائيل واعلنت بانها لن تسمح بنقل سلاح نوعي من سوريا الى حزب الله.
وفي قائمة السلاح تندرج صواريخ مضادة للطائرات، صواريخ أرض ـ أرض دقيقة وصواريخ «ياخنت» ضد اهداف بحرية. فمن شأن السلاح من هذا النوع في ايدي حزب الله ان يشكل صعوبة هامة على قدرة اسرائيل على العمل ضده في المستقبل. ولهذا فقد قررت اسرائيل ان توضح بان نقل سلاح من هذا النوع هو تجاوز لخط احمر.
يتطلب الهجوم أمس أولا وقبل كل شيء معلومات استخبارية دقيقة، قدرة تخطيط فائقة وقدرة تنفيذ على المستوى الاعلى. وفوق كل شيء مطلوبة قدرة لاتخاذ قرارات محسوبة وحساسة، تأخذ بالحسبان عموم المخاطر والاحتمالات وفي نهايتها تصادق على هجوم دقيق وانتقائي على الهدف المختار.
أما التطورات الاخيرة في الساحة السياسية وتقدم موعد الانتخابات للكنيست تعطي دوما الاحساس بان اسرائيل توجد في وضع حساس ويحتمل أن تكون منظومة اتخاذ القرارات فيها مصابة بالنقيصة ولا يمكنها أن تتخذ قرارات ذات مغزى.
اما الهجوم، اذا ما نفذته اسرائيل بالفعل، فيثبت مرة اخرى بان قيادة الدولة تواصل العمل بمسؤولية وبتصميم حتى في اثناء الازمة السياسية وأن منظومة اتخاذ القرارات تواصل العمل لضمان أمن اسرائيل.
ينقل الهجوم رسالة واضحة لقادة النظام السوري ولحزب الله وبشكل غير مباشر للنظام في إيران: رغم الازمة السياسية، يبقى جهاز الامن متحفزا ويقظا ويواصل أداء مهامه دون أي قيود.
ومن الجهة الاخرى، فان محاولات التهريب المتكررة، رغم انه هوجمت لعدد كبير من المرات في الماضي، تثبت تصميم كبار رجالات الحرس الثوري في إيران وحزب الله على تهريب السلاح النووي، ليكون جاهزا للهجوم على مواطني اسرائيل وقوات الجيش الاسرائيلي في المواجهة التالية.
ان صمود اسرائيل في وجه محاولات التهريب المتكررة لعناصر محور الشر إيران ـ سوريا ـ حزب الله، والتصميم الاسرائيلي لمنع تهريب السلاح النوعي، هما من العواميد الفقرية لقدرة الردع الاسرائيلية. ويعزز الهجوم على الاراضي السورية، المنسوب لاسرائيل، بشكل واضح قدرة الردع لدى دولة اسرائيل ويمنع عن حزب الله تحقيق انجاز في المواجهة التالية، اذا ما وعندما تقع.
اما خطر الرد السوري أو من حزب الله فيدرس دوما في ضوء الحاجة لمنع تهريب من هذا النوع. وفي نهاية المطاف يتخذ قرار القيادة السياسية، مسنود بتوصية من القيادة العسكرية.
في هذا الوقت، الذي يغرق فيه نظام الاسد حتى الرقبة في صراع البقاء وقوات حزب الله غارقة هي ايضا عميقا في الوحل السوري، اذا ما هاجمت اسرائيل حقا، فمن الصحيح أخذ المخاطرة من أجل منع عبور مثل هذا السلاح الى أيدي اعدائنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الطلعات الجوية مستمرة
الهجوم الأمريكي على داعش يدفع الأسد إلى ضبط النفس تجاه إسرائيل
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
الهجوم الذي نُسب لسلاح الجو على موقعين مختلفين في سوريا أمس، هو استمرار للسياسة التي حددتها اسرائيل فيما يتعلق بالحرب الاهلية السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات. رسميا لا تصادق اسرائيل ولا تنفي مسؤوليتها عن القصف الجوي. لكن زعماءها يهتمون بنقل رسائل واضحة كلما سنحت الفرصة سرا وعلنا. ووضعت اسرائيل خطوطا حمراء على الجبهة الشمالية – نقل سلاح متطور من سوريا الى حزب الله أو المس بالسيادة الاسرائيلية. في حالات كهذه هي مستعدة لاستخدام القوة من اجل افشال نوايا العدو.
الهجوم أمس في سوريا تم بعد فترة هدوء طويلة نسبيا. إما أنه لم يكن قصف بتاتا منذ القصف في جنتا، في الجانب اللبناني للحدود في شباط الاخير، وإما أنه اذا كان هناك قصف فانه تم من تحت الرادار ولم يتحدث عنه أحد. القصف أمس كان استثنائيا، من ثلاث زوايا على الاقل: لقد تم بعد أن بذل حزب الله جهودا لتحديد قوانين لعب جديدة أمام اسرائيل في الساحة الشمالية، وهو يتم بعد أن قام المجتمع الدولي بتغيير أولوياته فيما يتعلق بالحرب في سوريا (في البداية اسقاط الاسد وبعد ذلك هزيمة أعداءه وهم حاليا داعش)، وهذه هي المرة الاولى التي تعمل فيها اسرائيل في سوريا منذ اعلان نتنياهو نيته الذهاب الى الانتخابات.
حسب وسائل الاعلام الاجنبية، فان اسرائيل قصفت من الجو بين خمس الى عشر مرات خلال فترة عامين. ردت سوريا وحزب الله بالتهديد والتحذير، لكنهما لم يفعلا بشكل مباشر. ميزان الردع تغير في شباط. حسب تلك التقارير حاولت اسرائيل اصابة قافلة سلاح بالقرب من الحدود السورية اللبنانية ولكنها فعلت ذلك لاول مرة في الاراضي اللبنانية وليس في الاراضي السورية. وبعد الهجوم وضع حزب الله ثمنا خاصا به: أي عمل اسرائيلي في الاراضي اللبنانية سيأتي بعده الرد. ووقف حزب الله وراء مجموعة عمليات من العبوات واطلاق الصواريخ في هار دوف وهضبة الجولان، ووصفت بأنها انتقام على القصف في جنتا وعلى حادثين قتل فيهما نشطاء لحزب الله.
حول الوضع الداخلي في سوريا، حصل هنا تحول كبير في الصيف الاخير عندما أقامت الولايات المتحدة تحالفا يتكون من دول غربية وعربية من اجل محاربة داعش. رغم أن البيت الابيض يستمر في الحديث عن اسقاط النظام الدموي لبشار الاسد، فانه واضح للجميع أن الأولويات للادارة الأمريكية قد تغيرت. لم يقصف الأمريكيون ولو مرة واحدة أهدافا للنظام السوري خلال 4 سنوات قام فيها النظام بمذابح ضد مواطنيه. وفي المقابل هناك جهد جوي لمئات الطلعات ضد الإرهابيين من داعش في سوريا والعراق.
قد يكون هذا سببا جيدا للاسد للامتناع عن الرد على القصف الاسرائيلي. اذا كانت الولايات المتحدة تقوم بالعمل من اجله وتحارب داعش، فليس لديه سبب للدخول في مواجهة جانبية مع اسرائيل. يصعب أكثر التنبؤ برد حزب الله حيث أن هذه المنظمة تبث في السنة الاخيرة ثقة بالنفس وتتحرش باسرائيل.
والسؤال هو هل اعتبار أن القصف في الجانب السوري يشكل سببا كافيا للامتناع عن الرد.
القصف الذي نُسب لاسرائيل حدث أمس بعد الظهر، وفي وضح النهار. التصوير من منطقة دمشق، مثل توقيت القصف بالقرب من اعلان نتنياهو عن الانتخابات أثار توقعات كثيرة وكأن وراء هذا القصف اعتبارات سياسية. اذا كان أحد منافسي نتنياهو يدعي ذلك فيجب أن يثبت الامر. والاتهام ليس معقولا. صحيح أن نتنياهو يريد الابقاء على التهديد الامني في النقاش العام، لكن الوضع الامني حساس جدا في كل الحدود تقريبا. من الصعب رؤية نتنياهو يبادر الى هجوم كهذا – ويجر وراءه الاذرع الامنية – بدون أن يتسرب هذا الامر للاعلام.
حسب التقارير من سوريا فقد استهدف هجوم الأمس هدفين: محيط مطار دمشق ومنطقة الحدود السورية اللبنانية. اذا قمنا بالمحاكمة بناءً على هجومات الماضي فانه توجد في منطقة المطار مخازن السلاح التي تصل من إيران، أما منطقة الحدود فيتم قصفها عند عبور قوافل الى منطقة لبنان. عندما قصفت أهداف في شمال سوريا كانت هناك صواريخ شاطيء البحر من نوع يحونت، التي وصلت من روسيا عن طريق البحر الى ميناء طرطوس. معهد «مماري» المختص بمتابعة الاعلام العربي والفارسي قال أمس إن مسؤولين في حرس الثورة الإيراني أعلنوا في الشهر الماضي أن إيران قدمت لحزب الله صواريخ وقذائف لمدى 300 كم وتستطيع اصابة معظم المناطق الاسرائيلية، حتى المفاعل في ديمونة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الله هو إلوهيم
الدين بالنسبة للكثيرين شكل من القومية التي عندما ترفع رأسها تغطي المبادئ الدينية
بقلم: آليا ليفوفيتش،عن ، هآرتس
يدعي المحللون أنهم يلاحظون في الآونة الاخيرة تطور الصراع الاسرائيلي الفلسطيني باتجاه حرب دينية. حسب رأي الكثيرين هذا تطور خطير. في الصراع الديني يكون الكثير من الكراهية، العنف وعدم الاستعداد لتقديم تنازلات أكثر. ولكن في المقابل لا يوجد فرق من حيث الجوهر بين الصراع الديني والصراع القومي.
وبشكل أدق، في الصراع العنيف بين مجموعتين فان جذور العداء العميقة هي دائما قومية. بهذا الاسم تسمى الظاهرة الاجتماعية النفسية لمشاعر القرابة والاخوة التي يشعر بها انسان تجاه مجموعة من الناس يرى فيهم مجتمعا ينتمي اليه، الى جانب مشاعر الكراهية، الغضب واحيانا الخوف ايضا التي يشعر بها تجاه مجتمع آخر. اللغة والتعبيرات الايديولوجية الدينية في المجتمع الذي يعيش حالة حرب ليست سوى احدى طرق الخلاص التي يلجأ اليها أبناء المجتمع عندما تكون مشاعر القومية لديهم في حالة من المد.
التفكير الفلسفي حتى وإن كان سطحيا فهو يُظهر أن الفرق بين الديانات التوحيدية الثلاث موجود فقط في قومية المؤمنين. الفرق الوحيد بين يهوا، الله والمثلث المقدس يتركز في الفرق في الاسم الذي تعطيه الجماعات السكانية للذات الالهية، الذي تم لفظ اسمه لأول مرة من قبل الانسان البدائي في فترة ما قبل التاريخ.
الله حسب الديانات التوحيدية الثلاث له نفس الصفات، ونظرته للعالم والانسان هي نفس نظرته في الديانات الثلاث. بالنسبة لها جميعا فهو الذي خلق العالم وهو المسؤول عن قوانين الطبيعة، والقادر بشكل مطلق، والعارف والعادل. وفي نظرته للبشر فهو يفضل أبناء القومية التي تسميه بالاسم الصحيح. الفارق الوحيد بين القومية الإسلامية والقومية اليهودية هو أن المسلمين يحبون ويشعرون بالقرب من اولئك الذين يسمون إلوهيم باسم الله، وبذلك فهم يحبون الأدب والتعبيرات المرتبطة بهذا الاسم. في المقابل اليهود يشعرون بالقرب من اولئك الذين يسمونه يهوا، وبالمثل يحبون الأدب وقواعد السلوك التي أوجدوها على مر التاريخ.
هل يوجد شخص في العالم يستطيع ايجاد فرق بين الله أكبر وبين أنت البطل يا يهوا، الجملة الاولى يقولها المسلمون والثانية هي صلاة اليهود. الجهاز القضائي في أي مجتمع يرتكز على أساس مزدوج وهما السلطة القضائية – المحاكم، والسلطة التشريعية – البرلمان أو زعيم قمعي مُشرع. الدين اليهودي هو استثناء، ولا يوجد له مثيل. وهو يستند الى أساس واحد وحيد هو السلطة القضائية فقط. جهاز الشريعة لا يعترف بوجود سلطة تشريعية. جميع الفتاوى الدينية ما هي إلا تفسيرات لعبارات دينية سابقة. تطور المحاكم العلمانية يستند الى حد معين الى تفسير آيات قديمة، ولكن في الدين اليهودي ولاسباب يرتبط بعضها بالتاريخ الخاص لشعب اسرائيل، فان التقرير بناءً على تحليل جُمل دينية سابقة هو قناة التطور الوحيدة للجهاز القضائي.
هذا هو السبب في أن الكثير من المتدينين اليهود لا يُشغلون الأدوات الكهربائية في أيام السبت حيث حدد بعض الحاخامات في نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين أن ولوج الالكترونيات في الكوابل الكهربائية هو عمل مرتبط بأحد آباء المهنة المحظورة في يوم السبت، بناءً على فتاوى عمرها مئات السنين. الفتاوى القديمة لم تحلم بالاجهزة الكهربائية أو موجات الراديو.
الحاخامات من أبناء جيلنا لن يحيدوا يمينا أو يسارا عن الفتاوى القديمة، ولن يسمحوا بالزواج المدني في اسرائيل بسبب فتوى حاخام يهودي من القرن الحادي عشر، أعطيت في المغرب. ويأمرون الطلاب الذين يخدمون في الجيش برفض الأوامر اذا كانت ستؤدي الى الاخلال بحرمة السبت حسب الفتاوى القديمة.
كبار اسرائيل يلزمون بفتاواهم ومواقفهم جميع أبناء الشعب اليهودي حول أمور السبت، الطلاق، العمل، الملابس، التعليم، وعمليا في جميع مجالات الحياة. وقد قرروا بالاجماع أن ساحة الحرم تعتبر مكانا مقدسا، ويحظر أن تدوس قدم اليهودي فيها. وهنا في الفترة الاخيرة نشاهد عدد آخذ في الازدياد من الحاخامات الذين يقولون بخلاف ما قاله كبار اسرائيل، إن الصعود الى جبل الهيكل ليس فقط مسموح وانما هو واجب. لهذا وبدون الحاجة الى نقاش فلسفي، فان الدين بالنسبة للكثيرين هو شكل للقومية، وفي المكان الذي ترفع فيه القومية رأسها القبيح فان المباديء الاساسية للدين تنسحب وتتراجع.
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
أخيرا نقلنا القرار في أجندة الانتخابات القريبة القادمة الى «رجل جدي»: بشار الاسد. فالشكل الذي سيرد به السوريون على ما يصفونه كهجمات لسلاح الجو الاسرائيلي على هدفين في منطقة دمشق، هو ما سيملي العناوين الرئيسة والانشغال الجماهيري في الاسابيع وفي الاشهر القريبة القادمة.
في الهجمات الاخيرة على الاراضي السورية، في بداية 2013، أعلنت القيادة السورية بانها ضاقت ذرعا من الهجمات المنسوبة لاسرائيل وهي سترد. وبالفعل منذ ايار 2013 لم تهاجم اسرائيل اهدافا لحزب الله على الاراضي السورية. وكان الهجوم الاخير الذي نفذته ضد قافلة سلاح لحزب الله في شباط من هذا العام، في جنتة، على الحدود السورية، داخل الاراضي اللبنانية. وفي حينه رد حزب الله بسلسلة عمليات في هضبة الجولان. اما أمس، فقد دحرجت اسرائيل المعضلة اغلب الظن الى الاسد: فهل سيتجلد أم سيرد. ويمكن الافتراض بانه اذا ما قرر الرد، فهذا لن يجد تعبيره في اطلاق الصواريخ والمقذوفات الصاروخية نحو اسرائيل، بل بنموذج أكثر تواضعا مثل العمليات على طول الحدود أو ضد أهداف تدفع اسرائيل الى التفكير مرتين في المستقبل. ومنذ الان يتميز السوريون غضبا مما يسمونه «المساعدات اليومية» التي تقدمها اسرائيل لمحافل المعارضة في سوريا. وليس صدفة انهم ربطوا أمس في بيانهم الهجوم الجوي بالمساعدة التي تقدمها اسرائيل للثوار في حربهم ضد نظام الاسد. فهل سيكون الهجوم الاخير القشة التي ستقصم ظهر البعير السوري وستسكن الحدود؟ ممكن أيضا الافتراض بانه عشية الهجوم – اذا كانت اسرائيل وقفت خلفه – قدر الخبراء العسكريون بان الاسد سيفضل الامتناع عن اشعال الحدود وذلك لان الثمن الذي سيدفعه سيكون باهظا. ولكن التقديرات الاستخبارية في كل ما يتعلق بما يجري في عقول الزعماء العرب صحيحة، بشكل عام، بخمسين في المئة. إما نعم ام لا.
ما يمكن أن يصد رد فعل سوري هو حقيقة أن السوريين يعرفون جيدا ما الذي هوجم أمس في اراضيهم ويعرفون ايضا ما هي الخطوط الحمراء لاسرائيل. ففي الماضي نقلت لهم رسائل سرية في الموضوع، ووزير الدفاع يعلون احصاها علنا ايضا: المس بالسيادة الاسرائيلية، نقل سلاح كيميائي الى لبنان ونقل سلاح نوعي الى حزب الله فيه ما يعرض للخطر «التفوق العملياتي» الاسرائيلي. اما الهجوم أمس، المنسوب لاسرائيل، فيدخل، أغلب الظن في تعريف اجتياز الخطوط الحمراء في مجال السلاح النووي. عملية استيعاب السلاح محطم التفوق العملياتي في حزب الله يتشكل من اربعة فصول. الاول هو وصول السلاح الى لبنان. في كل اسبوع ترسو في طرطوس سفينة سلاح روسية تنقل اعدادا الى الجيش السوري. يصل في قسم منه الى حزب الله. كما أن الإيرانيين يبعثون الى حزب الله بالسلاح في رحلات جوية دائمة الى المطار في دمشق. في هذا الفصل تمتنع اسرائيل عن الضرب لاسباب سياسية. سبع هجمات اسرائيلية على الاراضي السورية، حسب المنشورات، تمت في الفصول الثلاثة الاخرى: الفصل التدريبي على السلاح الذي ينقل الى رجال حزب الله على الاراضي السورية، مرحلة التخزين في سوريا ومرحلة الحركة من سوريا الى لبنان.
أحد الاماكن الاكثر حماية في سوريا اليوم هو مطار دمشق. هذا هو ستالنغراد نظام الاسد – وهو سيسقط في الاخر، وعليه فان قسما لا بأس به من مخازن سلاح حزب الله توجد في نطاقه. وأمس هوجمت مخازن من هذا النوع. لحزب الله يوجد ميل لمحاولة تهريب السلاح في الشتاء، في ظل الاجواء العاصفة، والتي حسب اعتقاده تجعل من الصعب العثور على القافلة. اضافة الى ذلك، فان حزب الله مضغوط اكثر مما في الماضي لنقل العتاد من سوريا الى لبنان، في ضوء الانجازات التي حققها الثوار مؤخرا في المعارك ضد المنشآت العسكرية للجيش السوري، مما يثير الخوف من أنهم سيصلون ايضا الى مخازن حزب الله.
يحتمل أن يكون احد ما فكر بمحاولة تسخين الحدود في الشمال من أجل خلق أجندة سياسية للانتخابات القريبة القادمة؟ هذا بالتأكيد ليس مناسبا لوزير الدفاع موشيه يعلون، ومشكوك ان يكون هناك رجل عسكري يساعد في ذلك. فضلا عن ذلك، لا ينبغي استبعاد امكانية ان يكون اقرار حملة من هذا النوع قد اتخذ على المستوى المبدئي قبل الاعلان عن الانتخابات. وبشكل عام فان الجيش هو الذي يعرض الاهداف، التهديدات والخطط الملموسة، والقيادة السياسية، بما فيها الكابنيت يصادق أو يرفض. موعد التنفيذ تمليه التطورات الاستخبارية والقدرات العملياتية. اما الكابنيت فهو مخصي اليوم. ثلاثة من اعضائه – تسيبي لفني، يئير لبيد ويعقوب بيري (الذي كان مراقبا) – غادروه، وهو بقي غير متوازن ويسكنه الصقور اساسا: نتنياهو، يعلون، ليبرمان، بينيت، اردان، أهارونوفيتش وشتاينتس كمراقب. هذه هي المجموعة التي يتعين عليها ان تبدي اليوم ضبط نفس في اتخاذ القرارات. اما يعلون فملزم اليوم بيقظة خاصة: الا يسمح لاحد ان يستخدم جهاز الامن بشكل غير مسؤول.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الناخب المعتدل
الواقع المتطرف بحاجة الى مواقف متطرفة والاعتدال هو تطرف مختبئ وراء كذبة كبيرة
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
يقوم الآن بترتيب خطواته: لمن سيصوت في الانتخابات القادمة؟ ما الذي يريده – القليل من الأمن، القليل من الهدوء، أجر جيد، وقبل كل شيء دولة يهودية تكون صالحة لليهود.
كل هذا يحق لنا بعد كل ما مر علينا. هناك تشكيلة كبيرة من القوائم التي تعده بذلك، يسار – وسط، يمين – وسط، لبيد وكحلون، بوغي ولفني، في الحقيقة فان الليكود ايضا معتدل نسبيا. إنه لا يثق بأي أحد، ولكنه سيصوت مع واحد من هؤلاء. إنه معتدل وسيعطي صوته للاعتدال. لا يحب الاحزاب المتطرفة ولا الحلول المتطرفة، إنه يكره التطرف؛ ما الذي يطلبه.
يريد السلام، بالتأكيد يريد السلام. ولكن ليس الآن، وبالتأكيد ليس مع تقسيم القدس وسقوط الصواريخ على مطار بن غوريون. اضافة الى ذلك سلام مع من؟ مع حماس؟ مع من ينكر الكارثة؟ لا يوجد مع من. لم يسبق أن زار المناطق، لا يشمل 443 ولا الطهور في حائط المبكى، لا يوجد ما يبحث عنه هناك، وقيل له ايضا إن هناك خطر. في رأيه المستوطنون متطرفون، وهو لا يحب المتطرفين. وتقريبا لم يسبق له أن التقى في حياته مع المستوطنين. ومنذ الخدمة العسكرية لم يلتق فلسطينيين، وهذا لا يشمل البليط الذي قام بتبليط المطبخ ولا يعرف اذا كان فلسطينيا، من القدس الشرقية، أو شركسي اسرائيلي.
ممنوع لمس الجيش الاسرائيلي، لا يوجد ما يتحدث عنه، ليس ميزانيته وليس سلوك جيشه. إنه الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، وهو الذي يضمن الامن. يريد الهدوء، ليس لديه رأس لانتفاضة اخرى وليس لوجع الرأس بسبب اخلاء مستوطنات. ولا يريد المهاجرين الافارقة – ليذهبوا الى مكان آخر، لا تستطيع اسرائيل استيعابهم مع كل المشاكل الوجودية الخاصة به – وايضا مل من محكمة العدل العليا، والحقيقة أنه ليس مهتما كثيرا بالسياسة. قانون القومية وقانون التسلل، قانون النكبة وقانون «اسرائيل اليوم» مرت من فوق رأسه. يوجد هنا ديمقراطية زائدة، إنه متأكد؛ ما الذي طلبه.
معظم الاحزاب تعد بتحقيق حلمه، القليل من السلام والقليل من التنازلات المؤلمة، الأمن وبالطبع القضاء على الإرهاب، وايضا استمرار اعتقال الكثيرين في منشأة «حولوت» وتحسين العلاقات مع امريكا – اعتدال. لن يصوت بالطبع لافيغدور ليبرمان ولا لنفتالي بينيت. إنهم متطرفون، ويبدو أنه لن يصوت لميرتس، على حدود التطرف، ومل من الزعبيين – إنهم خونة. سيجد لنفسه من يختار بين يمين ويسار.
لكن الحقيقة هي أن هو متطرف جدا. إنه يكذب على نفسه، والاحزاب المعتدلة التي يصوت لها مرة تلو اخرى تخدعه. هو متطرف، لأن تصويته سمح بالسياسة المتطرفة للاحزاب المعتدلة: استمرار الاحتلال العسكري، ومن أكثر الاحتلالات صلفا في العالم، حرب هجومية اسرائيلية كل عام أو عامين، زرع الدمار والقتل، ميزانيات دفاع خيالية تمنع الرفاه وسيطرة على شعب آخر. هذا ما يفعله المعتدلون في اسرائيل وليس المتطرفين – وهو شريك كامل.
شركاؤه في علاقة الكذب، الاحزاب المعتدلة، لا تقترح أي حل، فقط كليشيهات، هم أنفسهم لا يؤمنون بها. لا توجد حلول معتدلة لوضع متطرف. والاشخاص الذين يقترحون حلولا حقيقية هم المتطرفون من اليمين واليسار. وما يقدمه المعتدلون؟ القفز الى الهاوية وتجاوزات مدروسة؟ خطوة الى الأمام وخطوتين الى الخلف؟ لا يوجد شيء كهذا.
صحيح أنه من الجيد الشعور أنك معتدل، لكن الانتخابات تحصل في ظروف متطرفة جدا. وهناك احتمالين فقط: إما حلا راديكاليا، أو استمرار الحياة بالنفي والكذب، حتى الضياع. لكن لا تسموا ذلك اعتدالا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الهجوم رسالة مدوية لـ «محور الشر»
نقل إشارة واضحة لقادة النظام السوري ولحزب الله وبشكل غير مباشر للنظام في إيران
بقلم: ايلي (تشايني) مروم لواء احتياط وقائد سلاح البحرية الاسبق،عن معاريف الاسبوع
الهجوم في سوريا امس، والمنسوب لاسرائيل حسب مصادر أجنبية، هو الثامن في السنوات الاخيرة. فقد عادت دولة اسرائيل واعلنت بانها لن تسمح بنقل سلاح نوعي من سوريا الى حزب الله.
وفي قائمة السلاح تندرج صواريخ مضادة للطائرات، صواريخ أرض ـ أرض دقيقة وصواريخ «ياخنت» ضد اهداف بحرية. فمن شأن السلاح من هذا النوع في ايدي حزب الله ان يشكل صعوبة هامة على قدرة اسرائيل على العمل ضده في المستقبل. ولهذا فقد قررت اسرائيل ان توضح بان نقل سلاح من هذا النوع هو تجاوز لخط احمر.
يتطلب الهجوم أمس أولا وقبل كل شيء معلومات استخبارية دقيقة، قدرة تخطيط فائقة وقدرة تنفيذ على المستوى الاعلى. وفوق كل شيء مطلوبة قدرة لاتخاذ قرارات محسوبة وحساسة، تأخذ بالحسبان عموم المخاطر والاحتمالات وفي نهايتها تصادق على هجوم دقيق وانتقائي على الهدف المختار.
أما التطورات الاخيرة في الساحة السياسية وتقدم موعد الانتخابات للكنيست تعطي دوما الاحساس بان اسرائيل توجد في وضع حساس ويحتمل أن تكون منظومة اتخاذ القرارات فيها مصابة بالنقيصة ولا يمكنها أن تتخذ قرارات ذات مغزى.
اما الهجوم، اذا ما نفذته اسرائيل بالفعل، فيثبت مرة اخرى بان قيادة الدولة تواصل العمل بمسؤولية وبتصميم حتى في اثناء الازمة السياسية وأن منظومة اتخاذ القرارات تواصل العمل لضمان أمن اسرائيل.
ينقل الهجوم رسالة واضحة لقادة النظام السوري ولحزب الله وبشكل غير مباشر للنظام في إيران: رغم الازمة السياسية، يبقى جهاز الامن متحفزا ويقظا ويواصل أداء مهامه دون أي قيود.
ومن الجهة الاخرى، فان محاولات التهريب المتكررة، رغم انه هوجمت لعدد كبير من المرات في الماضي، تثبت تصميم كبار رجالات الحرس الثوري في إيران وحزب الله على تهريب السلاح النووي، ليكون جاهزا للهجوم على مواطني اسرائيل وقوات الجيش الاسرائيلي في المواجهة التالية.
ان صمود اسرائيل في وجه محاولات التهريب المتكررة لعناصر محور الشر إيران ـ سوريا ـ حزب الله، والتصميم الاسرائيلي لمنع تهريب السلاح النوعي، هما من العواميد الفقرية لقدرة الردع الاسرائيلية. ويعزز الهجوم على الاراضي السورية، المنسوب لاسرائيل، بشكل واضح قدرة الردع لدى دولة اسرائيل ويمنع عن حزب الله تحقيق انجاز في المواجهة التالية، اذا ما وعندما تقع.
اما خطر الرد السوري أو من حزب الله فيدرس دوما في ضوء الحاجة لمنع تهريب من هذا النوع. وفي نهاية المطاف يتخذ قرار القيادة السياسية، مسنود بتوصية من القيادة العسكرية.
في هذا الوقت، الذي يغرق فيه نظام الاسد حتى الرقبة في صراع البقاء وقوات حزب الله غارقة هي ايضا عميقا في الوحل السوري، اذا ما هاجمت اسرائيل حقا، فمن الصحيح أخذ المخاطرة من أجل منع عبور مثل هذا السلاح الى أيدي اعدائنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الطلعات الجوية مستمرة
الهجوم الأمريكي على داعش يدفع الأسد إلى ضبط النفس تجاه إسرائيل
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
الهجوم الذي نُسب لسلاح الجو على موقعين مختلفين في سوريا أمس، هو استمرار للسياسة التي حددتها اسرائيل فيما يتعلق بالحرب الاهلية السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات. رسميا لا تصادق اسرائيل ولا تنفي مسؤوليتها عن القصف الجوي. لكن زعماءها يهتمون بنقل رسائل واضحة كلما سنحت الفرصة سرا وعلنا. ووضعت اسرائيل خطوطا حمراء على الجبهة الشمالية – نقل سلاح متطور من سوريا الى حزب الله أو المس بالسيادة الاسرائيلية. في حالات كهذه هي مستعدة لاستخدام القوة من اجل افشال نوايا العدو.
الهجوم أمس في سوريا تم بعد فترة هدوء طويلة نسبيا. إما أنه لم يكن قصف بتاتا منذ القصف في جنتا، في الجانب اللبناني للحدود في شباط الاخير، وإما أنه اذا كان هناك قصف فانه تم من تحت الرادار ولم يتحدث عنه أحد. القصف أمس كان استثنائيا، من ثلاث زوايا على الاقل: لقد تم بعد أن بذل حزب الله جهودا لتحديد قوانين لعب جديدة أمام اسرائيل في الساحة الشمالية، وهو يتم بعد أن قام المجتمع الدولي بتغيير أولوياته فيما يتعلق بالحرب في سوريا (في البداية اسقاط الاسد وبعد ذلك هزيمة أعداءه وهم حاليا داعش)، وهذه هي المرة الاولى التي تعمل فيها اسرائيل في سوريا منذ اعلان نتنياهو نيته الذهاب الى الانتخابات.
حسب وسائل الاعلام الاجنبية، فان اسرائيل قصفت من الجو بين خمس الى عشر مرات خلال فترة عامين. ردت سوريا وحزب الله بالتهديد والتحذير، لكنهما لم يفعلا بشكل مباشر. ميزان الردع تغير في شباط. حسب تلك التقارير حاولت اسرائيل اصابة قافلة سلاح بالقرب من الحدود السورية اللبنانية ولكنها فعلت ذلك لاول مرة في الاراضي اللبنانية وليس في الاراضي السورية. وبعد الهجوم وضع حزب الله ثمنا خاصا به: أي عمل اسرائيلي في الاراضي اللبنانية سيأتي بعده الرد. ووقف حزب الله وراء مجموعة عمليات من العبوات واطلاق الصواريخ في هار دوف وهضبة الجولان، ووصفت بأنها انتقام على القصف في جنتا وعلى حادثين قتل فيهما نشطاء لحزب الله.
حول الوضع الداخلي في سوريا، حصل هنا تحول كبير في الصيف الاخير عندما أقامت الولايات المتحدة تحالفا يتكون من دول غربية وعربية من اجل محاربة داعش. رغم أن البيت الابيض يستمر في الحديث عن اسقاط النظام الدموي لبشار الاسد، فانه واضح للجميع أن الأولويات للادارة الأمريكية قد تغيرت. لم يقصف الأمريكيون ولو مرة واحدة أهدافا للنظام السوري خلال 4 سنوات قام فيها النظام بمذابح ضد مواطنيه. وفي المقابل هناك جهد جوي لمئات الطلعات ضد الإرهابيين من داعش في سوريا والعراق.
قد يكون هذا سببا جيدا للاسد للامتناع عن الرد على القصف الاسرائيلي. اذا كانت الولايات المتحدة تقوم بالعمل من اجله وتحارب داعش، فليس لديه سبب للدخول في مواجهة جانبية مع اسرائيل. يصعب أكثر التنبؤ برد حزب الله حيث أن هذه المنظمة تبث في السنة الاخيرة ثقة بالنفس وتتحرش باسرائيل.
والسؤال هو هل اعتبار أن القصف في الجانب السوري يشكل سببا كافيا للامتناع عن الرد.
القصف الذي نُسب لاسرائيل حدث أمس بعد الظهر، وفي وضح النهار. التصوير من منطقة دمشق، مثل توقيت القصف بالقرب من اعلان نتنياهو عن الانتخابات أثار توقعات كثيرة وكأن وراء هذا القصف اعتبارات سياسية. اذا كان أحد منافسي نتنياهو يدعي ذلك فيجب أن يثبت الامر. والاتهام ليس معقولا. صحيح أن نتنياهو يريد الابقاء على التهديد الامني في النقاش العام، لكن الوضع الامني حساس جدا في كل الحدود تقريبا. من الصعب رؤية نتنياهو يبادر الى هجوم كهذا – ويجر وراءه الاذرع الامنية – بدون أن يتسرب هذا الامر للاعلام.
حسب التقارير من سوريا فقد استهدف هجوم الأمس هدفين: محيط مطار دمشق ومنطقة الحدود السورية اللبنانية. اذا قمنا بالمحاكمة بناءً على هجومات الماضي فانه توجد في منطقة المطار مخازن السلاح التي تصل من إيران، أما منطقة الحدود فيتم قصفها عند عبور قوافل الى منطقة لبنان. عندما قصفت أهداف في شمال سوريا كانت هناك صواريخ شاطيء البحر من نوع يحونت، التي وصلت من روسيا عن طريق البحر الى ميناء طرطوس. معهد «مماري» المختص بمتابعة الاعلام العربي والفارسي قال أمس إن مسؤولين في حرس الثورة الإيراني أعلنوا في الشهر الماضي أن إيران قدمت لحزب الله صواريخ وقذائف لمدى 300 كم وتستطيع اصابة معظم المناطق الاسرائيلية، حتى المفاعل في ديمونة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الله هو إلوهيم
الدين بالنسبة للكثيرين شكل من القومية التي عندما ترفع رأسها تغطي المبادئ الدينية
بقلم: آليا ليفوفيتش،عن ، هآرتس
يدعي المحللون أنهم يلاحظون في الآونة الاخيرة تطور الصراع الاسرائيلي الفلسطيني باتجاه حرب دينية. حسب رأي الكثيرين هذا تطور خطير. في الصراع الديني يكون الكثير من الكراهية، العنف وعدم الاستعداد لتقديم تنازلات أكثر. ولكن في المقابل لا يوجد فرق من حيث الجوهر بين الصراع الديني والصراع القومي.
وبشكل أدق، في الصراع العنيف بين مجموعتين فان جذور العداء العميقة هي دائما قومية. بهذا الاسم تسمى الظاهرة الاجتماعية النفسية لمشاعر القرابة والاخوة التي يشعر بها انسان تجاه مجموعة من الناس يرى فيهم مجتمعا ينتمي اليه، الى جانب مشاعر الكراهية، الغضب واحيانا الخوف ايضا التي يشعر بها تجاه مجتمع آخر. اللغة والتعبيرات الايديولوجية الدينية في المجتمع الذي يعيش حالة حرب ليست سوى احدى طرق الخلاص التي يلجأ اليها أبناء المجتمع عندما تكون مشاعر القومية لديهم في حالة من المد.
التفكير الفلسفي حتى وإن كان سطحيا فهو يُظهر أن الفرق بين الديانات التوحيدية الثلاث موجود فقط في قومية المؤمنين. الفرق الوحيد بين يهوا، الله والمثلث المقدس يتركز في الفرق في الاسم الذي تعطيه الجماعات السكانية للذات الالهية، الذي تم لفظ اسمه لأول مرة من قبل الانسان البدائي في فترة ما قبل التاريخ.
الله حسب الديانات التوحيدية الثلاث له نفس الصفات، ونظرته للعالم والانسان هي نفس نظرته في الديانات الثلاث. بالنسبة لها جميعا فهو الذي خلق العالم وهو المسؤول عن قوانين الطبيعة، والقادر بشكل مطلق، والعارف والعادل. وفي نظرته للبشر فهو يفضل أبناء القومية التي تسميه بالاسم الصحيح. الفارق الوحيد بين القومية الإسلامية والقومية اليهودية هو أن المسلمين يحبون ويشعرون بالقرب من اولئك الذين يسمون إلوهيم باسم الله، وبذلك فهم يحبون الأدب والتعبيرات المرتبطة بهذا الاسم. في المقابل اليهود يشعرون بالقرب من اولئك الذين يسمونه يهوا، وبالمثل يحبون الأدب وقواعد السلوك التي أوجدوها على مر التاريخ.
هل يوجد شخص في العالم يستطيع ايجاد فرق بين الله أكبر وبين أنت البطل يا يهوا، الجملة الاولى يقولها المسلمون والثانية هي صلاة اليهود. الجهاز القضائي في أي مجتمع يرتكز على أساس مزدوج وهما السلطة القضائية – المحاكم، والسلطة التشريعية – البرلمان أو زعيم قمعي مُشرع. الدين اليهودي هو استثناء، ولا يوجد له مثيل. وهو يستند الى أساس واحد وحيد هو السلطة القضائية فقط. جهاز الشريعة لا يعترف بوجود سلطة تشريعية. جميع الفتاوى الدينية ما هي إلا تفسيرات لعبارات دينية سابقة. تطور المحاكم العلمانية يستند الى حد معين الى تفسير آيات قديمة، ولكن في الدين اليهودي ولاسباب يرتبط بعضها بالتاريخ الخاص لشعب اسرائيل، فان التقرير بناءً على تحليل جُمل دينية سابقة هو قناة التطور الوحيدة للجهاز القضائي.
هذا هو السبب في أن الكثير من المتدينين اليهود لا يُشغلون الأدوات الكهربائية في أيام السبت حيث حدد بعض الحاخامات في نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين أن ولوج الالكترونيات في الكوابل الكهربائية هو عمل مرتبط بأحد آباء المهنة المحظورة في يوم السبت، بناءً على فتاوى عمرها مئات السنين. الفتاوى القديمة لم تحلم بالاجهزة الكهربائية أو موجات الراديو.
الحاخامات من أبناء جيلنا لن يحيدوا يمينا أو يسارا عن الفتاوى القديمة، ولن يسمحوا بالزواج المدني في اسرائيل بسبب فتوى حاخام يهودي من القرن الحادي عشر، أعطيت في المغرب. ويأمرون الطلاب الذين يخدمون في الجيش برفض الأوامر اذا كانت ستؤدي الى الاخلال بحرمة السبت حسب الفتاوى القديمة.
كبار اسرائيل يلزمون بفتاواهم ومواقفهم جميع أبناء الشعب اليهودي حول أمور السبت، الطلاق، العمل، الملابس، التعليم، وعمليا في جميع مجالات الحياة. وقد قرروا بالاجماع أن ساحة الحرم تعتبر مكانا مقدسا، ويحظر أن تدوس قدم اليهودي فيها. وهنا في الفترة الاخيرة نشاهد عدد آخذ في الازدياد من الحاخامات الذين يقولون بخلاف ما قاله كبار اسرائيل، إن الصعود الى جبل الهيكل ليس فقط مسموح وانما هو واجب. لهذا وبدون الحاجة الى نقاش فلسفي، فان الدين بالنسبة للكثيرين هو شكل للقومية، وفي المكان الذي ترفع فيه القومية رأسها القبيح فان المباديء الاساسية للدين تنسحب وتتراجع.