المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 29/12/2014



Haneen
2014-12-30, 12:19 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 29/12/2014 م



</tbody>

<tbody>




</tbody>



<tbody>
في هــــــذا الملف

عباس بالمقلوب
أبو مازن يتقلب في سياسته ولا أحد يعرف ما الذي يريده
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم

عمال لا حيوانات!
كيف لا تتفجر الكراهية التي تتجمع في الليالي إلى عنف فظيع لا يهم معظم الإسرائيليين
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس

"النجم التالي" والابرتهايد
بينما تغرق إسرائيل في واقع التمييز العنصري يغرق الشعب في البرامج الغنائية
بقلم:روغل ألفر،عن هآرتس

تونس مستقبل جديد ـ قديم
بقلم:كساليا سباتلوف،عن اسرائيل اليوم

مفاوضات الأردن مع الشيطان
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت







</tbody>



عباس بالمقلوب
أبو مازن يتقلب في سياسته ولا أحد يعرف ما الذي يريده

بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم

يهدد بوقف التعاون الامني مع اسرائيل. يعرف بأن موشيه بوغي يعلون دقيق في ادعائه بأن الفلسطينيين سيتضررون اكثر من اسرائيل اذا ما تحقق هذا التهديد بالفعل. هكذا ايضا يقول له قادة اجهزته. ولكنه يواصل التهديد، ولا ينفذه، غير أن روح القائد تفعل فعلها – فيلقي الشباب الفلسطينيون بمبادرتهم الزجاجات الحارقة بالجملة نحو سيارات اليهود، وواحدة من كثر تصيب وتشتعل وتتسبب لأييلا شبيرا بالاحتراق والكفاح في سبيل حياتها.
كما أنه يطالب بأن يرابط رجال السلطة الفلسطينية في المعابر إلى غزة، بموجب اتفاق تحقق في حملة الجرف الصامد. أما حماس فتتلبث، وبالتالي فان الدول المانحة لا تنقل إلى غزة المبالغ الطائلة التي وعدت بها في المؤتمر في القاهرة. لقد جاءت الجرف الصامد كي تحقق بالضبط هذه النتيجة وما كان يمكنها أن تصل إلى اهداف اخرى (إلا اذا كانت اسرائيل تخطيء فتحتل القطاع)، ولكن هنا تأتي لحظة التمييز الدقيقة للخبراء: أبو مازن لا يسارع إلى تحقيق مرابطة رجاله في المعابر إلى غزة، وبتلبثه يضعف ضغط الدول العربية المانحة على حماس للموافقة على ذلك. العجل لا يريد أن يرضع تماما مثلما لا تريد البقرة أن تُرضع.
والآن جاءت مرحلة اخرى وهي مرحلة مركزية. فأبو مازن لم يتقدم فقط إلى مجلس الامن بمشروع القرار لاقامة فلسطين بشكل احادي الجانب بل ايضا يسعى إلى تصويت سريع. لماذا؟ مرة اخرى مقلوب على مقلوب. هناك احتمال في أن ترفض التشكيلة الحالية في مجلس الامن في تصويت عادي مشروعه. بعد الاول من كانون الثاني ستتغير تشكيلة المجلس، وستكون ظاهرا اكثر راحة للفلسطينيين. ستكون اغلبية لمشروعهم، وهذا سيجبر الولايات المتحدة على استخدام الفيتو. ولكن أبو مازن لا يريد أن يحرج الامريكيين لاستخدام الفيتو ولهذا فانه يفضل أن يخسر هنا والآن، مرة اخرى مقلوب على مقلوب.
من هذه الناحية كان يجدر باسرائيل ألا تدع المفاوضات السياسية تتدهور إلى طريق مسدود. صحيح أن بنيامين نتنياهو غير معني بحل الدولتين للشعبين والذي هو التسوية الأقل شرا، ولكن حتى لو كان أبدى سخاءً اكبر تجاه الفلسطينيين ما كان ليفوت شيئا من زاوية نظره. فمرة اخرى كان سيكتشف – في الموضوع الذي يثقل على اسرائيل في علاقاتها مع امريكا واوروبا – بأن أبو مازن سياسي المقلوب على المقلوب، المرة تلو الاخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عمال لا حيوانات!
كيف لا تتفجر الكراهية التي تتجمع في الليالي إلى عنف فظيع لا يهم معظم الإسرائيليين

بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس

الاسرائيليون يرونهم ولا يرون: فهم على هيكل المبنى الذي بني قرب بيتهم. نحن نراهم ولا نراهم: ليست لدينا فكرة ما الذي يمر عليهم وليس لنا أي اهتمام بذلك. هؤلاء الاشخاص، الذين يبنون بيوتنا ويشقون طرقنا، خرجوا أمس في حوالي الساعة الثانية ليلا من بيوتهم. وهم سيعودون اليها في ساعات المساء، بعد يوم عمل طويل ومضن، يكاد يكون نهارا متواصلا من الاعمال الشاقة، منغصات الرحلة والاهانات. وهذه الليلة سيخرجون مرة اخرى من بيوتهم إلى العمل في اسرائيل. في الوقت الذين يكون فيه اسرائيليون يأتون مغمضي العيون إلى العمل، بعد أن أيقظهم الرضيع مرتين – ثلاث مرات في الليل، ليست لهم ليلة؛ كما ليس لهم يوم ايضا.
وهم ينقسمون إلى بني حظ وعديمي الحظ: بضع عشرات الآلاف ممن لديهم تصاريح عمل في اسرائيل ـ 47.350 في آذار من هذا العام ـ وبضع عشرات يسترقون طريقهم بلا تصريح. المسموح لهم يمرون في طريق الآلام هذا كل ليلة أما المسترقون لطريقهم فيبقون اسبوعين ـ ثلاثة اسابيع في مواقع البناء ويقضون ليال طويلة من البرد والخوف من مغبة القبض عليهم. هم ماكثون غير قانونيين. اذا ما ألقي القبض عليهم فسيتعاملون معهم مثلما تُعامل الحيوانات الطريدة. وبعد بضع ساعات من التحقيق سيلقى بهم خلف الحاجز، مثلما تلقى القمامة. واحيانا سيحبسون أو ستفرض عليهم غرامات. وهم سيعودون مرة اخرى. لا مفر أمامهم. وكان بينهم حتى الآن ممن دفعوا حياتهم ثمن هذه الرحلة بحثا عن الرزق.
يصلون إلى اسرائيل لنيل كِسرتهم، بسبب الفقر والبطالة في الضفة، والتي تسببها بشكل مباشر ظروف الاغلاق والاحتلال التي تفرضها اسرائيل. شروط حياتهم وشروط عملهم سيئة حتى اكثر من شروط عمال السخرة في الشرق الاقصى: هناك يمكن على الأقل النوم فوق الآلة، السكن (البائس) يوجد قرب المصنع ولا يوجد ماكثون غير قانونيين. مشكوك أن يكون العامل الصيني مُهانا كزميله الفلسطيني، حتى لو كان أجر الفلسطيني أعلى بكثير.
اسرائيل بحاجة اليهم وتعرف كيف تستغل ضعفهم جيدا. فهم يدفعون آلاف الشواقل للوسطاء الذين يرتبون لهم تصاريح العمل كل بضعة اشهر وهم مستعدون لخوض كل رحلات العذاب هذه خانعين إذ لا مفر أمامهم. وفي الاسبوع الماضي رفعوا رأسهم للحظة: نحو 5 آلاف عامل قرروا الاضراب بسبب شروط العبور التي لا تطاق في حاجز «شاعر افرايم» (إرتاح)، الذي يجتاز ترميما. وفي الغداة تحسنت الشروط فعادوا إلى العمل والى المذلة.
ولكن إرتاح ليس وحده: في كل حواجز الدخول تظهر صورة مشابهة من الاكتظاظ الرهيب في أروقة ضيقة مسيجة بالقضبان، تشبه على نحو اكبر محطات تحريك البهائم منها إلى محطات عبور البشر؛ دفعات، ضربات، اغماءات ودون أي علامة على معاملة انسانية من جانب من لا يُسمع صوتهم إلا بمكبرات الصوت، يرون ولا يمكن لأحد أن يراهم. رأيت هذا بأم عيني قبل وقت ما في حاجز 300 في بيت لحم، ورأيت هذا مرة اخرى في الاسبوع الماضي في تقرير يقض المضاجع ليورام كوهين في القناة 1. «من مثلنا يعرف الطريقة»، كتبت الاسبوع الماضي متطوعات من منظمة «محسوم ووتش»، رحيل، ريكي وعميره في تقريرهن عما يجري في حاجز إرتاح، «الطريقة هي القمع، الاذلال والاساءة، كي تكون الرعايا أكثر خوفا». وللتذكير: فان هؤلاء فلسطينيون لديهم تصاريح عمل، اجتازوا كل الفحوصات الامنية، ومعظمهم شيوخ نسبيا.
هكذا كل ليلة وليلة، وطقوس الامن تبرر كل شيء. من الصعب أن نفهم كيف يمكن لهذا ألا يتفجر، كيف لا تتفجر الكراهية التي تتجمع في الليالي إلى عنف فظيع. كيف يوافقون، ليلة إثر ليلة، على اجتياز هذا – والسكوت. وكيف أن هذا لا يهم معظم الاسرائيليين.
في المرة التالية التي يمتنع فيها اسرائيلي ذو ضمير عن شراء حذاء رياضي أو جلدي تنتجه مشاغل السخرة في آسيا، يجدر به أن يتذكر: مشاغل السخرة الاكثر وحشية توجد قرب بيته. أنظروا لمرة واحدة في الوجه المتكدر للعامل الذي يبني بيتكم؛ حاولوا أن تتصوروا ما الذي اجتازه وأن تضعوا أنفسكم في مكانه. هو ايضا إبن آدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
"النجم التالي" والابرتهايد
بينما تغرق إسرائيل في واقع التمييز العنصري يغرق الشعب في البرامج الغنائية

بقلم:روغل ألفر،عن هآرتس

«النجم التالي» ليس مجرد برنامج تلفزيوني. فلا يمكن تجاهل حقيقة أن غرق اسرائيل في وضع سرطاني من غلاء المعيشة الوحشي، الفقر المدقع، المس الشديد بشخصية الديمقراطية وحقوق المواطن، العنصرية الشرعية والاعتيادية، تعميق الاحتلال إلى جانب كبته لدرجة خلق دولة ثنائية القومية مع نظام ابرتهايد وانتخاب متكرر لرئيس وزراء يطور نزعة ضحية كارثية وجنون اضطهاد يبرر العنف – تم في السنوات العشرة الاخيرة، بينما الكثير من مواطنيها يشاهدون كميات متراكمة من مسابقات الغناء في القناة 2.
صحيح أن ليس كل شيء هو رمز يمثل شيئا ما، وليس هناك بالضرورة علاقة بين الظواهر آنفة الذكر. فالصدفة توجد في هذا العالم ايضا، ومعقول الافتراض بأن التدهور كان سيقع حتى لو كان زمن المشاهدة الاقصى في القناة 2 مكرس لـ «لندن وكرشنباوم». ولكنه ليس مكرسا للندن وكرشنباوم. وفي القوت الذي تطورت فيه الفظاعة والكذب الذاتي إلى حجوم وحشية، ماكارثية، سخيفة – فضل الاسرائيليون الذين ينتمون إلى الطبقة المركزية من الجمهور اليهودي في الدولة الجلوس في الصالون ومشاهدة أناس مثلهم يتنافسون في الغناء. وسيشهد التاريخ بأنه لم يكن في عيونهم ميزة فائقة أكثر من القدرة على الوقوف بانفعال على المنصة، فتح الفم والاعراب عن الحقيقة الداخلية والنابضة من خلال الغناء. غناء ما يشعرون به. والغناء لأنهم حساسون يشعرون.
هذه هي الرسالة الخفية الاساسية لهذه البرامج: نحن حساسون. شعب حساس. ولهذا السبب فاننا ملزمون بأن نصدر صوتنا بالغناء. وعليه فنحن ملزمون بأن نجلس في البيت لنشاهد اصدقاءنا يغنون. ولهذا السبب فان اطفالنا يحلمون بالغناء ذات يوم هم ايضا. اغانٍ متنوعة. اغاني الحب والجمال، مع عزف مثير للاحساس. اغانٍ حساسة. اغانٍ يائسة عن الحب اليائس. هكذا نحن. نجلس في الظلام، نشعل قداحة ونتحرك كغصن البان. من يقول غير ذلك يُشهر بنا. أرونا شعبا آخر ملتزم هكذا بالغناء، لأن قلبه ببساطة مفعم بالمحبة.
إن التضارب بين الواقع والخيال يتزايد. فالواقع غير حساس. فهو كاسح وكسحه يتعاظم كل يوم. ولكن في هذه البرامج، حقا، فان الانسان ذا القلب من حجر وحده يبقى لامباليا أمام الشِعر – نعم، الشِعر – الذي ينم عن حناجر الناس الذين يتنافسون فيما بينهم من يغني بصوت أحلى. أرونا شعبا أجمل من الشعب الذي لا يكف مواطنوه عن التنافس فيما بينهم من يغني بصوت أحلى وكل واحد منهم يتطلع فقط لأن يكون افضل المغنين، أو ابن عمه أو أبيه. حسنا، صوتوا للولد، كيف يغني جميلا. نحن فقط يهمنا الجمال. بحياتكم صوتوا من اجله.
وتحتاج الفظاعة لهذا الشعر: العيون المغمضة، المقاصد التامة، الصوت النابض، كالصلاة. بدون الشعر يصعب على المرء أن يعاني كل الفظاعة. ولكن في الخيال لا يوجد فظاعة. اثيوبيون، عرب، روس – الجميع يا جماعة، لا تمييز. كلهم مثيرون للحساسية وينفعلون وحساسون. أنظروا الموسم الحالي لـ «النجم التالي». هذا هو صوت عصرنا: تافه ولزج. لا نتذكر من غنى، لا نتذكر ماذا غنى. من بقي ومن طار. هذا ليس هاما. المهم هو أن الشريط يتحرك. الجميع مهتمون. المزيد فالمزيد من الاسرائيليين الملزمين بالغناء من اجلنا. يا لنا من حساسون. حساسون مثلنا. مثير للحساسية. أنا أحس بك. أثرت احساسي. انفعلت بالاحساس. بكيت. ها هي، انظروا، الدموع. يطيب لي أن أُقبلك. هيا نتعانق، يا نجم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تونس مستقبل جديد ـ قديم

بقلم:كساليا سباتلوف،عن اسرائيل اليوم

وصلت في الاسبوع الماضي قافلة سيارات سوداء إلى مدينة سيدي بوزيد البعيدة اربع ساعات سفر عن تونس العاصمة، توقفت القافلة في ميدان الشهيد محمد بوعزيزي ونزلت منها عدة شخصيات رفيعة المستوى ومنهم وزير الخارجية التونسي منجي حمدي، وقد جاء الضيوف للمشاركة في الذكرى السنوية الرابعة للربيع العربي وموت بوعزيزي، بائع الخضار الذي أشعل نفسه وأشعل المنطقة كلها.
بعد عدة خطابات مؤثرة، وعد فيها المسؤولون بمستقبل أفضل لتونس وبالذات لسيدي بوزيد، أطلق الجنود 17 طلقة في الهواء ووضعت الازهار على النصب التذكاري، استمرت القافلة ومرت من الشارع الكبير الوحيد في المدينة، الشارع الذي سمي ذات مرة شارع 7 تشرين الثاني، وهو التاريخ الذي قام فيه الرئيس المعزول زين العابدين بن علي بثورة الياسمين الاولى.
منذ اربع سنوات لا يوجد اسم لهذا الشارع حيث لم تجد السلطات له اسم بعد. مقاهي صغيرة تقدم فقط الشاي والقهوة باسعار رخيصة، كانت مليئة بالناس الذين عرفوا بو عزيزي شخصيا لكنهم لم يرغبوا في المشاركة في المراسم الاحتفالية على مرور اربع سنوات على الثورة. سيدي بوزيد بقيت كما هي على حد قولهم: فقيرة ومهملة
هذه بلد بدون مخرج. لم يقم هناك أي مشروع ليقوم بتشغيل الشباب والوعود الكثيرة التي أطلقها السياسيون نسيت كأنها لم تكن. الامر الوحيد الذي تغير هو صورة على جدار لبوعزيزي الذي ظهر في مركز المدينة. والوحيدة التي تركت المدينة كان والدة بوعزيزي التي حصلت على مساعدات كافية من اجل شراء بيت جديد في تونس العاصمة وترك عرش الربيع العربي إلى الأبد. هل نجحت الثورة التونسية؟ هذا يعتمد على من نسأل، كما يقول محمد اللالي وهو منتج تلفزيوني شاب يصل إلى سيدي بوزيد بضع مرات في السنة لتغطية الزيارات الرسمية. لدينا من جهة حرية تعبير ولكن اذا سألتم الشباب العاطلين فانهم سيقولون إنه لم يتغير شيء. الاسباب التي أدت إلى موت بوعزيزي لم تتغير – لم يتغير شيء في سيدي بوزيد وقد توقف الوقت عن السير.
اللالي نفسه يسكن في تونس ويؤجل عرسه سنة بعد اخرى بسبب وضعه الاقتصادي، «خطيبتي لم تجد عملا، والشبكات الاجنبية لا تهتم بتونس. لم تٌسفك لدينا الدماء، والتغييرات البطيئة والهادئة لا تهم الصحافة والمشاهدين»، قال ذلك إما بفرح أو بأسى.

لا للمتطرفين

في العودة إلى سيدي بوزيد – للذكرى الاولى قبل ثلاث سنوات – وصل الرئيس المؤقت منصف المرزوقي وبضعة وزراء. هذه السنة غابوا عن الاحتفال في المدينة البعيدة وليس فقط بسبب الانتخابات الرئاسية. في المرة القادمة قام الشباب بالقاء الحجارة على قافلة مرزوقي ودفعوه إلى الهرب من المدينة.
اربع سنوات هي فترة كافية من اجل فهم أن الثورة قد بدأت في سيدي بوزيد لكنها استمرت من هناك إلى اماكن اخرى، المدينة وسكانها لا يهمون السياسيين الكبار. ليس غريبا أن الانتخابات الرئاسية في يوم الاثنين الماضي صوت فيها أقل من 30 بالمئة من أبناء المدينة للمرزوقي.

نسبة التسجيل للانتخاب ونسبة الناخبين فعليا في سيدي بوزيد كانت من الأقل في الدولة. وتتصدر المدينة احصائيات اخرى – حسب الشرطة يوجد في المنطقة نشاط واسع لتجار المخدرات ومستوى الجريمة زاد بشكل كبير في السنوات الاربع الاخيرة. على الرئيس الجديد للحكومة أن ينتبه لما يحدث في سيدي بوزيد، ففي النهاية جاءت الثورة من هناك وليس صدفة. كما قال اللالي.
ليس فقط في سيدي بوزيد يعتقد التونسيين أن زمن المرزوقي قد ولى. أعلام حمراء وصور السياسي القديم باجي السبسي إبن 88 عاما تزين كل بيت تقريبا في ضاحية حبيب بورقيبة الجميلة في مركز العاصمة تونس. إنه بالنسبة للاغلبية المرشح الانسب لقيادة تونس إلى المستقبل الحر والديمقراطي.
«إنه شخص رائع وزعيم حقيقي، مثقف والاكثر مناسبة لقيادة تونس. أنا أنتخب للمرة الاولى وأنا سعيدة لأنني قمت بالانتخاب بكامل حريتي. وأبناء عائلتي ايضا جاءوا للتصويت من اجل السبسي لأننا نريد تقوية المعسكر الليبرالي والعلماني وليس الاسلامي»، قالت لي داليا الشابي، طالبة تدرس الاقتصاد في كلية الادارة في جامعة تونس.
لا يهم داليا أن مرشحها بدأ طريقه السياسية في الخمسينيات وقبل مولد والديها، وأن الشخص كان وزير خارجية ووزير داخلية في عهد الرئيسين الوحيدين لتونس، بورقيبة وبن علي. «اذا قمنا بالقاء جميع اصحاب الخبرة الذين كانوا مرتبطين بالنظام السابق كما حدث في العراق، فمن سيبقى اذا؟ بعض الانتهازيين الذين لا يفهمون في ادارة الدولة وتنظيمها. وقد حدث أن صعد حزب النهضة الاسلامي إلى السلطة وحصل على اغلبية البرلمان، محظور أن يحدث هذا مرة اخرى».
تونس ليست العراق ولا مصر أو ليبيا أو سوريا أو اليمن أو أي دولة اخرى. ليس صدفة أن الربيع العربي بدأ فيها. الدولة المتجانسة من ناحية انتماء سكانها للاسلام السني مع نسبة كبيرة من الذين يقرأون ويكتبون، هي الدولة التي لا يخاف فيها الكثيرون من القول إنهم علمانيون. دولة ذات طبقة وسطى واسعة.

عودة إلى فترة بورقيبة

بدأت تونس موجة الثورات في الدول العربية وتبدو هي الوحيدة التي تحقق نجاحات معينة في مواجهة التحديات غير البسيطة للديمقراطية. ثورة الياسمين لم تسفك فيها الدماء، وعمليتين انتخابيتين للبرلمان مرتا بهدوء. باستثناء احداث تراجيديا قليلة مثل عمليتي قتل سياسيتان في المعسكر العلماني، والصراع بين العلمانيين والاسلاميين في العام الماضي الذي دفع في نهاية الامر إلى الذهاب لانتخابات جديدة حيث خسر الاسلاميين لحزب السبسي، ومرت الانتخابات بهدوء نسبي.
ايضا في الانتخابات الاخيرة للرئاسة فان معسكر المرزوقي لم يزعم أن الانتخابات تم تزويرها. وبعد تردد طويل أعلن المرزوقي عن انتصار السبسي وأعلن أن من انتصر هو الديمقراطية التونسية. في آب العام الماضي عندما قمت بتغطية المظاهرات في الميادين الرئيسة في تونس وبعد مقتل محمد البرهمي بقليل، أحد قادة المعارضة، صعقت من الكبح الذاتي الذي أبداه المعسكران.
في ميدان واحد تظاهر مؤيدو حزب النهضة وليس بعيدا من هناك تظاهر والقى خطابات مؤيدو المعسكر العلماني. نشطاء من المعسكرين شددوا على ضرورة الابتعاد بين الطرفين من اجل منع الاحتكاك واندلاع العنف. نساء تونسيات تظاهرن مع الرجال في الميادين وأعلن عن مواقفهن بحرية، دون خوف.
كانت تونس دائما مختلفة في المشهد العربي حول حقوق النساء، واليوم بقيت النساء في الجبهة مع كمية كبيرة من النشاط السياسي. داليا الشابي التي خرجت مع اخواتها إلى ضواحي حبيب بورقيبة في ذلك الشتاء قبل اربع سنوات وطلبت من الرئيس إبن علي الاستقالة تطلق المديح تجاه الشخص الذي سميت على اسمه الضاحية: «بورقيبة هو أبو الأمة، وإبن علي سحق إرثه. يجب أن نعيد تونس إلى الجذور المتحضرة، إلى طريق بورقيبة وتحسينها».
اذا حاكمنا بناء على الانتخابات للرئيس الجديد فان تونس تعود بالفعل إلى فترة بورقيبة. في التلفزيون الوطني يأتي ضيوف خدموا في تلك الفترة في الجيش أو السلطة، وبدأ السياسيون بعمل المقارنات مع تلك الفترة، هذا هو اتجاه الدولة.
واذا نسينا للحظة أن بورقيبة بقي في السلطة ثلاثين عاما حتى ثورة إبن علي عام 1987 فان صورته ستبقى لأنه أقام تونس العصرية والعلمانية، وأدى إلى ثورة في حقوق النساء وأنتج جهاز تعليمي ممتاز.

الى الأمام أو الخلف

يجب أن نعرف ايضا أنه في الطريق إلى العصرنة العلمانية قام بورقيبة بضرب حقوق المواطن وخلق عبادة الشخصية مثل أي دكتاتور في العالم. وقد يكون بسبب ذلك أيمن المزليني وهو شاب شارك في المظاهرات ضد إبن علي وأيد الرئيس المؤقت المرزوقي، قد قال إن العودة إلى عهد بورقيبة هي الخطأ الاكبر الذي قد يفعله التونسيين.
هو بنفسه كان عاطلا عن العمل رغم التعليم الذي تلقاه في الخارج. يقول أيمن إن الاسباب التي أدت إلى انتفاضة 2010 لم تختف، وإن الاقتصاد غرق في ازمة صعبة وإن شخوص إبن علي يعودون إلى السلطة. الامر الجيد الوحيد الذي يستطيع قوله عن السبسي هو مرتبط بعمره الكبير: «حتى الآن كان لدينا رئيسين أحدهما سيطر على الدولة ثلاثين عاما والثاني 23 عاما، نستطيع أن نكون متأكدين أن السبسي لن يترشح لفترة اخرى».
لا يقبل أيمن بالمديح الذي يُكال لتونس حول الرئيس المنتخب. «أكيد أن الغرب سيفضل الهدوء لدينا كي لا نكون مثل ليبيا أو سوريا، ولكن لا يمكن أن يكون الحل هو العودة بالزمن إلى فترة بورقيبة».
ومع ذلك ورغم الانتقاد فان تونس اليوم تحتفل بانجازات ربيعها بالرئيس الجديد الذي تنتظره فترة غير سهلة – يجب أن يحل مشكلة القرض الضخم من صندوق النقد الدولي الذي يجب أن تعيده بلاده وأن يقرر اذا ستأخذ تونس قرضا آخر من اجل استثماره في الاقتصاد المحلي.
تنتظر السبسي مواجهة غير بسيطة مع الجهاديين السنيين الذين سيعودون إلى البيت قريبا من ارض المعركة السورية وهو من المفترض أن يحقق التوقعات الكبيرة للشباب الذين لم يشاركوا تقريبا في الانتخابات وينظرون إلى خطواته بتشكك. قبل اربع سنوات تخلصت تونس من القمعية. والسؤال هل تستطيع هذه الدولة الشمال افريقية أن تعبر المرحلة القادمة بالفعل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مفاوضات الأردن مع الشيطان

بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

ملابسات وقوع الطيار الاردني معاذ كساسبة في أسر داعش غير واضحة. فقد أصيبت المملكة بالصدمة في ضوء أفلام الاهانة للطيار القتالي الذي يقتاده وهو شبه عارٍ ملثمون من التنظيم الوحشي إلى مكان خفي في شمال سوريا. وتدعي واشنطن وعمان بحزم بأن طائرة الـ اف 16 لقوات التحالف لم تسقطها صواريخ داعش. فما الذي حصل هناك بالضبط؟ في الاردن يصرون على أنهم فقط عندما سيتمكنون من فحص بقايا الطائرة سيكون ممكنا حل اللغز والحسم اذا كانت سقطت بعملية أم أن هذا كان مجرد خلل فني.
أما الملك عبد الله، الذي توجد مكانته الاعتبارية على الطاولة، فلم يضيع وقتا. في نفس اليوم، عندما كان الشارع الاردني عاصفا بالجدال اذا كان ينبغي على الاطلاق الانضمام إلى التحالف ضد داعش، استدعى والد الطيار إلى القصر. كلنا نعمل على تحريره، أعلن عبد الله، وكل الوسائل ستُستخدم لانهاء القضية بسلام. وخرجت العائلة إلى وسائل الاعلام وهي تحمل رسالة حازمة عن طيار دُعي لأداء واجبه للدفاع عن الوطن، وأن هذا هو شاب مسلم متدين كان يحمل القرآن في حجرة الطيار وأصر على أداء فريضة الحج في السعودية. وبكلمات اخرى: لا تحاولوا الاعلان عن الطيار الاردني بأنه «كافر» وألا يحلموا بالتورط مع الملك في احتفال شنيع من قطع رأس الأسير البائس.
وخلف الكواليس تدور منذ الآن اتصالات لعقد صفقة لتحريره. في نهاية الاسبوع صدرت تصريحات متفائلة عن الأمير الاردني الحسن، عم الملك عبد الله، الذي ادعى بأن الصفقة ستتم في غضون خمسة ايام. وجاء على لسان من يُجرون اتصالات الوساطة خلف الكواليس، بأن مثل هذا التصريح يعرقل فقط.
لا أحد يعرف ماذا يدور في رأس «أمير» داعش، البغدادي، وكم ستكلف الصفقة بالدولارات وبتحرير السجناء المحتجزين في سجون الاردن. الرسالة التي تخرج من عمان قاطعة وواضحة: خلافا للامريكيين الذين أعلنوا بأنهم لن يُجروا مفاوضات مع وحوش داعش، فان الاردن لن يوفر جهدا. سيدفعون وسيحررون، ويُلمحون منذ الآن بأنهم سيوافقون على التنازل على الأقل عن ثلاثة سجناء قتلة وعن ملايين الدولارات على أن يتمكنوا من وقف حد السكين على رقبة الطيار.
أما الجدال الجماهيري فيما اذا كان مناسبا الاعتراف علنا بأن الاردن يبعث بطائرات قتالية لقصف معاقل تنظيم الارهاب الاسلامي فقد انقطع في صالح حركة التضامن الجديدة «كلنا معاذ» التي تجتاح المملكة الصغيرة والعصبية. ففي نهاية الاسبوع خرج وفد إلى قرية في محافظة الكرك وتلقى الخطباء في المساجد الاذن من السلطات للاعلان بأن الحرب ضد الارهاب الاسلامي لن تتوقف. الساعة تتكتك والمبعوثون يجلسون منذ الآن في تركيا، في لبنان، في سوريا وفي المركز الاسلامي النشط لمعان في جنوب الاردن. واضح للملك بأنه لن يستطيع أن يسمح لنفسه بصور قطع رأس طيار اردني.
واضح لأنذال دعش أنه بسبب الاعصاب المتوترة يمكنهم أن يرفعوا السعر. فالمفاوضات على الصفقة متلوية، معقدة وعديدة القنوات. وقد سبق للاردن أن أدار صفقة لتحرير السفير الاردني الذي اختطف في طرابلس في ليبيا على أيدي الاسلاميين. وقد نجحوا في المكان الذي فشلت فيه الولايات المتحدة، والسفير الامريكي في ليبيا قُتل في عملية ارهابية.
في خطب نهاية الاسبوع في مسجد عمان الكبير، ذكرنا الخطيب نحن ايضا. في الحرب مثلما في الحرب، حتى حزب الله قام بصفقات مع اسرائيل. وفي الاردن تعلموا الدرس. وهم يعملون الآن على مدار الساعة كي يوفروا ما مر علينا، حين انتهت القضية الدراماتيكية لتبادل الأسرى بصورة تقشعر لها الأبدان من توابيت الدفن السوداء.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ