Haneen
2014-12-30, 01:24 PM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gifفي هذا الملـــــف:
v الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي
بقلم: حديث القدس – القدس
v حول إصابات العمل من المواد الكيميائية في بلادنا؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
v «داعش» ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
v من هو المجرم الحقيقي، وما الهدف؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
v في الذكرى الـ 47 لانطلاقة الجبهة الشعبية
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
v حياتنا - صراع بقاء أو فناء
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v نبض الحياة - رسائل التفجير
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v علامات على الطريق - الصراخ لا يسكت صوت الحقيقة
بقلم: يحيى رباح – الحياة
الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي
بقلم: حديث القدس – القدس
التصريحات الصادرة عن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات امس حول سلسلة القرارات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية بما في ذلك التوجه الى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي خلال فترة زمنية محددة وهو ما قد يقدم اليوم للمجلس وكذا وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل وما يتعلق بالمقاومة الشعبية ومحكمة الجنايات الدولية والوحدة الفلسطينية الداخلية، كل ذلك يؤكد أننا دخلنا مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية ربما تكون مصيرية وأكثر خطورة من سابقاتها لكنها بالتأكيد تتميز بإصرار شعبنا وقيادته على إنهاء هذا الاحتلال البشع وانتزاع حق شعبنا في الحرية والاستقلال بعد ان فشلت كل آليات عمليات السلام وبعد أن أغلقت اسرائيل كل الطرق أمام تقدم هذه العملية وفوّتت الفرص الذهبية التي وفرها الجانب الفلسطيني والعربي لإقامة سلام عادل وشامل ودائم.
ومما لا شك فيه ان الاجتماعات والتحركات والمشاورات المتواصلة التي تجريها القيادة الفلسطينية مع كافة الأطراف الاقليمية والدولية حاليا تكتسب أهمية خاصة في حشد الدعم والتأييد للمطالب الفلسطينية العادلة وفي مواجهة الغطرسة الاسرائيلية. وضمن هذا الاطار يأتي أيضا اللقاء المرتقب بين الدكتور عريقات ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن المشروع الفلسطيني لمجلس الأمن وعن مقترحات أميركية وأخرى أوروبية وفي الوقت الذي سيلتقي فيه كيري أيضا وعلى انفراد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لبحث نفس المسألة.
ومن الواضح ان أية محاولة اميركية لإحباط مشروع القرار الفلسطيني ستكون لها تداعيات خطيرة ليس فقط على ساحة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هنا بل ايضا على المصالح الاميركية نفسها في المنطقة العربية كما ان من الواضح ان الولايات المتحدة الاميركية فشلت فشلا ذريعا على مدى أكثر من عشرين عاما منذ توقيع اتفاق اوسلو في ان تكون وسيطا نزيها او في ان تقف الى جانب مبادىء العدل والحق والحرية والى جانب الشرعية الدولية بل ان واشنطن اثبتت خلال العقدين الماضيين وقوفها الى جانب الاحتلال الاسرائيلي واستخدامها حق النقض الفيتو لحماية هذا الاحتلال والتصدي لارادة المجتمع الدولي.
ولذلك نقول ان الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية أحسنا صنعا عندما رفضا كل الضغوط الاميركية لمنع التوجه الفلسطيني الى مجلس الأمن الدولي وعندما وضعا الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي فإما ان تكون مع الشرعية الدولية وقراراتها ومواقفها المطالبة بانهاء هذا الاحتلال غير الشرعي وإما البقاء في دائرة دعم هذا الاحتلال والتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ولهذا فإن على الادارة الأميركية ان تدرك ان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية سئموا ازدواجية مواقفها وأدركوا تماما ان ما ترفعه من شعارت الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان إنما تعطلها بنفسها عندما تقف مناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
إن ما يجب ان يقال هنا ان من يريد السلام والأمن والاستقرار يجب ان تنسجم مواقفه مع ارادة المجتمع الدولي وقراراته لا أن يتخوف من الشرعية الدولية ويعطل قراراتها وعليه ان يدرك ان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبل ان يظل رهينة احتلال بشع ووعود أميركية فضفاضة غامضة ثبت فشلها في تحقيق السلام او في كبح جماح الاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته الجسيمة.
حان الوقت كي تتخذ الولايات المتحدة موقفا شجاعا الى جانب كل مؤيدي الحق والعدل والحرية وتعترف بفلسطين وتعمل الى جانب المجتمع الدولي لاستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال غير المشروع وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في الحرية والاستقلال.
حول إصابات العمل من المواد الكيميائية في بلادنا؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في بلادنا، قد يتعرض العمال الى انواع مختلفة من المواد الكيميائية في مواقع العمل، حيث يمكن ان يتعرض العاملون في الزراعة الى المواد الكيميائية، من مبيدات واسمدة وهرمونات، او ان يتعرض عمال المصانع الى المعادن والمركبات العضوية، او ان يتعرض عمال البتروكيماويات الى البنزين، او ان يتعرض عمال المطابع والعاملون في دمغ الذهب الى المواد الكيميائية التي تدخل في هذه الصناعات، او ان يتعرض عمال الصناعة الدوائية الى مواد كيميائية مختلفة، او حتى ان يتعرض عمال الصناعات الغذائية الى المذيبات والمضافات وما الى ذلك، وبدون شك ان التعرض الى هذه الكيماويات، وان تم بشكل غير آمن وسليم، او ان لم يلتزم العمال بإجراءات السلامة والوقاية والفحوصات الطبية، قبل وبعد التعرض لهذه المواد الكيميائية، سوف يكون لذلك اثار سيئة على العامل وعلى عائلته وبيئة العمل، ان لم تظهر هذه الاثار بشكل سريع، فإنها قد تظهر على المدى البعيد، على شكل امراض وتشوهات وتداعيات صحية؟
وكان في هذا العام، قد تم اختيار موضوع "السلامة والصحة في استخدام المواد الكيميائية في العمل"، كشعار للاحتفال ب "اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية"، تلك الكيماويات التي يمكن ان ينتج عن التعرض لها حوادث عمل واصابات وامراض، ويمكن ان تكون لها اثار لحظية اي فورية، او يمكن ان ينتج عنها اثار بعيدة المدى، على شكل امراض مزمنة، وهذا هو الاخطر، ويموت تقريبا سنويا حوالي مليونين من العمال نتيجة حوادث وامراض المهنة، وتقع معظم هذه الاصابات في الدول النامية او دول العالم الثالث.
وفي بلادنا، تتكرر حوادث واصابات العمل وباستمرار، وبعضها يكون مميتا او يؤدي الى احداث عاهات دائمة، ومن ضمن هذه الحوادث، او الاكثر شيوعا او بروزا هو حوادث السقوط في اماكن العمل وما الى ذلك من وفاة او اعاقات دائمة، وهذه الحوادث وبالاضافة الى الاصابات والاثار الصحية، يكون لها اثار اقتصادية واجتماعية ونفسية، ليس فقط على العامل المصاب، وإنما على البيئة المحيطة، ورغم ان هذه الحوادث تلقى الصدى الاعلامي والتدخل الرسمي وغير الرسمي، الا ان حوادث التعرض الى المواد الكيميائية لا تأخذ هذا الحيز، ولذلك فإنه من الواجب ان يتم اخذها بمنتهى الجدية والمسؤولية والمتابعة، وتتكرر حوادث واصابات العمل ببساطة، لانه لا يتم اتخاذ الاجراءات المفروض عملها في بيئة العمل، ولا يتم تحمل المسؤولية من العامل ومن صاحب العمل ومن الجهات الرسمية، ولا يتم تطبيق القوانين او الانتباه اليها الا حين يقع الحادث او الاصابة او الموت؟
وينص قانون العمل الفلسطيني وبوضوح، على ضرورة توفر إجراءات الصحة والسلامة المهنية ، وبغض النظر عن طبيعة العمل، في داخل بيئة العمل، وبأن تكون التعليمات بخصوص هذه الإجراءات واضحة للعيان لكل من يتواجد في بيئة العمل، وان تتوافر المعدات والأدوات اللازمة للإسعافات الأولية وللحماية الشخصية في حال تطلب العمل ذلك، وينص القانون كذلك على ضرورة إجراء الفحوصات الطبية الروتينية الدورية وحسب طبيعة ومدة العمل، واذا كان القانون ينص بوضوح ويشدد على أهمية الالتزام بأنظمة الصحة والسلامة المهنية، فإن تكرار الإصابات وتعددها يدل على الإهمال وعدم تطبيق بنود القانون.
وحين يتعلق الأمر بالصحة والسلامة المهنية، فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المرأة الفلسطينية العاملة، لان هذه المرأة العاملة قد تحمل وتلد وترضع، وبالتالي فان بيئة العمل ومدى تعرضها الى ظروف عمل غير صحية، وبالاخص الى المواد الكيميائية خلال هذه المراحل المختلفة من الحمل والولادة والرضاعة، قد يؤدي الى عواقب وخيمة عليها وعلى جنينها وأطفالها، فهناك دراسات اظهرت وبدون أي مجال للشك ان العديد من المواد الكيميائية اذا وصلت الى جسم المرأة فأنها تنتقل من خلال المشيمة الى الجنين وكذلك من خلال الرضاعة الى الرضيع وما لذلك من اثار على ضعف النمو وتشوهات خلقية ، هذا بالإضافة الى الآثار النفسية التي تتعرض لها المرأة العاملة من ضجيج وازدحام وارتفاع الحرارة والرطوبة وضغط العمل، والذي قد يؤثر على قدرتها الإنجابية، وعلى صحة اطفالها.
ولا يجادل احد ان الالتزام بإجراءات الوقاية وإتباع الأنظمة والتعليمات فيما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية في بلادنا هي الطريقة الأفضل، لتجنب إصابات او اثار بعيدة المدى من أمراض وإعاقات، ولكن يبدو ان هذا الموضوع لا يرقى الى الاهتمام اللازم الى حين وقوع الحادث وما يترتب عليه من مآس ، حيث يتم تشكيل لجان تحقيق، ونسمع الوعيد والتهديد، ويختفي ذلك الى ان يقع الحادث التالي، ولذا فالمطلوب التطبيق الحازم للقوانين الموجودة، ولكي يتم ذلك، المطلوب تخصيص الطاقم الكافي للتفتيش والمراقبة، والاهم مراقبة ظروف العمل التي تساعد على التعرض للمواد الكيميائية، واجراء الفحوصات الدورية، لان اثار التعرض البطيء والمتواصل للمواد الكيميائية لا تظهر الا بعد فترة طويلة، ويمكن ان تكون على شكل امراض خطيرة.
«داعش» ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
في إطار أولوية مشروع تأسيس وإقامة "داعش" من الضروري أن نسأل عن موقع الصراع العربي الاسرائيلي ضمن هذا المشروع، وأن نبحث عن أي مستقبل ينتظر هذا الصراع ضمن مسار تطور مشروع "داعش"، فدراسة مشروع هذا التنظيم وأولوياته تكشف، بل وتؤكد، أنه مشروع داعم للمشروع الاستيطاني الاسرائيلي لأسباب ثلاثة رئيسية:
أول هذه الأسباب أنه مشروع ينحرف بأولوية ومكانة قضية فلسطين كقضية مركزية عربية، حيث تتدنى أولوية هدف تحرير فلسطين وخوض الصراع ضد الجانب الاسرائيلي في مشروع "داعش"، فرأس أولوياته هو هدف إقامة ما يسمى "دولة الخلافة" بكل ما يعنيه وما يتطلبه تحقيق هذا الهدف من مهام، أبرزها بالطبع تدمير وهدم الدول العربية والإسلامية القائمة باعتبارها دولاً كافرة، كي تقوم على أنقاضها دولة الإيمان والإسلام، أي دولة الخلافة، وبعدها تأتي أولوية أخرى هي محاربة الكفار، والمعني هو الدول غير الإسلامية وفي مقدمتها الدول الغربية الأوروبية والأمريكية، وفي نهاية المطاف، وربما في آخر الزمان، تأتي المعركة مع "اليهود" .
مشروع "داعش" أسسه أبو مصعب الزرقاوي، عندما أعلن تمرده على تنظيم "القاعدة"، وتأسيس تنظيم "دولة العراق الإسلامية" ومعه رفيقه أبو عمر البغدادي . وبسبب تأسيس هذا التنظيم دخل الزرقاوي في مشكلات هائلة فقهية وتنظيمية مع أسامة بن لادن وتنظيم "القاعدة" إلى أن اغتاله الأمريكيون عام 2006 . مضمون تلك الخلافات والمشكلات، أو على الأقل بعضها، ورد في العدد الأول من مجلة "دابق" التي يصدرها تنظيم "داعش" باللغة الإنجليزية، حيث جاء التأكيد على أن الزرقاوي مهّد الطريق لقيام "داعش"، وبعد اغتياله أعلن أبو حمزة المهاجر وأبو عمر البغدادي قيام "الدولة الإسلامية في العراق"، وكان أبو عمر أميرها، ومن بعده تولى أبو بكر البغدادي زعامة هذا التنظيم الذي تأسس على نقيض من أولويات تنظيم "القاعدة" .
فقد استمد البغدادي فكرة بناء "الدولة الإسلامية" من الأسس ذاتها التي سبق أن صاغها واعتمدها الزرقاوي وأبو عمر البغدادي، وكان الزرقاوي قد وعد بإقامة "الإمارة الإسلامية"، وعرض المراحل التي ستعبرها "أولاً ستقوم بإزالة العدو (والعدو هنا هو النظم والدول العربية والإسلامية التي يراها كافرة) ومعها سلطات الطغيان الفاسدة التي تقف حجر عثرة أمام هدف إقامة "داعش"..
وثانياً: تقيم الدولة الإسلامية، أي أن الهدف له الأولوية، ومن بعده يأتي هدف البناء، أي بناء دولة الخلافة على أنقاض ما يراه من دول كافرة . وثالثاً: "ننطلق خارجاً للاستيلاء على بقية الدول الإسلامية"، أي "هدف التمدد"، ورابعاً: "بعد ذلك نقاتل الكفار"، وأخيراً "قتال اليهود" . وهنا يكمن المفترق مع القاعدة التي تعطي الأولوية لقتال الكفار، ثم اليهود، أو ومعهم اليهود، وترجئ أولوية هدف إقامة دولة الخلافة الإسلامية إلى ما بعد إنجاز تلك المهام .
بهذا الوضوح نستطيع أن نؤكد أن فلسطين وتحرير فلسطين ليس ضمن أولويات "داعش"، هي بالتحديد هدف نهاية المطاف بعد إسقاط دول الكفر وإقامة "دولة الخلافة"، وبعد التمدد لضم العالم الإسلامي إلى تلك الدول، وبعدها يأتي هدف مقاتلة الكفار وأخيراً محاربة اليهود . فحسب تفكير "داعش" لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، أي أن أمر مقاتلة اليهود مرجأ إلى ما قبل قيام الساعة . ففي العدد الثاني من مجلة "دابق" كشف التنظيم عن بعض مؤشراته أو تقديراته إزاء تطورات الصراع الحالية مع الجانب الاسرائيلي جاء ما نصه: "بالنسبة للمذابح التي تجري في قطاع غزة، فإن أعمال الدولة الإسلامية تتحدث بصوت أعلى من كلماتها، وأنها ليست سوى مسألة وقت قبل أن نصل فلسطين لمحاربة اليهود"، لكن "داعش" ترى في الوقت نفسه أن دعوة كل من السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" إلى انتخابات تشريعية "نوع من أعمال الردة" .
السبب الثاني، أن مشروع "داعش" الذي يجعل أولى أولوياته إسقاط الدول العربية وتدميرها باعتبارها "دياراً للكفر" لا يمكن اعتباره إلا مشروعاً تكميلياً للمشروع الاسرائيلي ولا يقل خطورة عنه، لأن تدمير الدول العربية بدافع من إسقاط دول الكفر معناه تدمير القدرات العربية العسكرية والاقتصادية والبشرية وتحويلها إلى ركام من الدمار يصعب تصور إمكانية إعادة إحيائه لمقاتلة الإسرائيليين لا في المدى المتوسط أو البعيد.
معناه أيضاً تمكين الجانب الاسرائيلي ليس من فرض سيطرته وهيمنته على كامل أرض فلسطين، بل وتمكينه أيضاً من فرض سيطرته وهيمنته على كل الدول العربية، وأن يتحول إلى قوة مهيمنة إقليمية، وإطلاق المشروع الذي يرمي إلى تدمير وتفكيك الدول العربية إلى دويلات وكيانات عرقية وطائفية، ولنا بما يحدث لسوريا أرضاً وشعباً وقدرات، وما يحدث في العراق أيضاً من تدمير وإطلاق للمشروع الطائفي التقسيمي، ما يؤكد أن مشروع "داعش" ينافس في خطورته المشروع الاسرائيلي .
السبب الثالث، يرجع إلى تناغم وانسجام مشروع إقامة "داعش" مع المشروع الاسرائيلي لفرض إسرائيل دولة يهودية، فأولوية حكومة نتنياهو هي إقامة الدولة اليهودية وفرض مشروع "دولة واحدة لشعب واحد"، أي فرض أن تكون دولة فلسطين كاملة من البحر إلى النهر دولة واحدة موحدة للشعب اليهودي من دون غيره، ما يعني في النهاية نعي مشروع حل الدولتين الذي هو أساس ما يروّج له زيفاً باسم السلام .
مشروع "داعش" التقسيمي الطائفي، ومحاولة إثارة فتنة مذهبية في العراق، وما يحدث الآن في شمال سوريا من تحرك لفرض دويلة كردية في الشمال، ينسجم مع المشروع الاسرائيلي في ثوبه "الليكودي" القائم على مفهوم الدولة الدينية . "داعش" تطلق مشروع الدولة الدينية السنية وتعطي الفرصة لفرض الدولة الشيعية في جنوب العراق، والدولة الكردية في شمال العراق وشمال سوريا، وفي الوقت ذاته يتحرك نتنياهو لفرض إسرائيل دولة يهودية .
نتنياهو من خلال إصراره على "يهودية الدولة" يريد أن يقول إنه "ليس هناك شيء اسمه القضية الفلسطينية، وإن وجدت فإنها ليست السبب في ما يجري في الشرق الأوسط من صراعات، وإن الصراعات هي وليدة إفراز مجتمعاتها ودولها "الفاشلة"، ولأنها غير ديمقراطية ومستبدة" .
يقول نتنياهو ما يشاء، لكن المهم أن ما يقوله ويفعله يتطابق تماماً مع مشروع "داعش" في هدم الدول وإقامة نظام بديل هو نظام "الخلافة الإسلامية".
من هو المجرم الحقيقي، وما الهدف؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
مناضل كبير ومنذ وقت مبكر، قبل أن يصبح وزيراً، كان الشهيد زياد أبو عين الذي أقدمت القوات الإسرائيلية الاحتلالية على اغتياله جهاراً نهاراً وأمام عدسات الكاميرات، وعيون وسائل الإعلام.
لم يكن أبو عين يحمل بندقية ولا سكيناً، بل كان يحمل "منكاشاً" بيد وبالأخرى شتلة زيتون، يغرسها في أرض آبائه وأجداده.
كان أبو عين يحمل إشارات على قناعاته، بأولوية غصن الزيتون الذي يرمز إلى السلام، والنماء والالتصاق بالأرض.
عملية الاغتيال، لم تكن عفوية، وهي بقدر ما أنها تشير مجدداً إلى الطبيعة العنصرية التي ترفض السلام، وترفض الاعتراف للشعب الفلسطيني بحقوقه، فهي أيضاً مدبرة، وعن سابق إصرار.
المجموعة التي قامت، بتنفيذ عملية الاغتيال، كانت بالتأكيد، تعرف من هو زياد أبو عين، وتعرف أن من امتدت بنادقهم إلى صدره، كان هو أبو عين. لا يحتاج الأمر إلى تحقيقات، حتى تتم إدانة مرتكب الجريمة، هي فقط تحتاج إلى اعتراف إسرائيلي صريح، وإلى إدانة صارمة وعقاب حاسم للأيدي التي ارتكبت الجريمة، لكن إسرائيل لو فعلت هذا ولن تفعل كعادتها فإنها لن تصيب الحقيقة.
الحقيقة هي أن دولة إسرائيل وحكوماتها وقياداتها السياسية، هي المجرمة، وهي التي ينبغي دفعها إلى قفص الاتهام والتحقيق، وإخضاعها للعقاب.
يخطئ مجلس الأمن الدولي الذي أصدر بياناً بالإجماع مطالباً بإجراء تحقيق شفاف، ومخطئة الدول التي طالبت بالتحقيق، أو اكتفت بالإعراب عن القلق.
لا يمكن لمن يرتكب الجريمة أن يحقق مع نفسه، وأن يكون المجرم حاكماً، فكان لا بد من أن يتخذ مجلس الأمن قراراً إلزامياً، وأن يتضمن القرار إجراء تحقيق دولي ربما ينطوي على قدر من العدل والشفافية، لأن حماة إسرائيل سيكونون هناك.
حماة إسرائيل، لم يساعدوا لجنة مجلس حقوق الإنسان التي منعتها الحكومة الإسرائيلية من الدخول إلى الضفة الغربية، أو إلى داخل إسرائيل، أو قطاع غزة، حتى تقوم بالتحقيق في شبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة.
تسير إسرائيل على عهدها الدائم، في منع ورفض التعاون مع أي لجان تحقيق دولية أو غير دولية، وما زال الجميع يتذكر سلوك إسرائيل تجاه لجنة التحقيق التي ترأسها القاضي غولدستون الذي طعنت في صدقية تقريره، رغم أنها هي من منعته من متابعة التحقيقات في إسرائيل وفي الضفة الغربية.
على كل حال فإن جريمة اغتيال أبو عين، ليست الوحيدة التي ترتكبها إسرائيل، فلقد سبقتها على الطريقة ذاتها، عملية اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات، وعشرات القيادات الفلسطينية من بيروت إلى تونس، إلى أوروبا، والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ماذا نقول في جريمة اغتيال الشهيد أحمد ياسين، القائد الإنسان، المقعد، وهو على كرسيه ذاهب إلى الصلاة؟ قائمة الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال، تطول، ولا يتسع المقام، لتذكر تفاصيلها بالأسماء والتواريخ، ولكن ماذا عن بقية الجرائم؟
أليس الاستيطان جريمة بحق القانون الدولي، والقانون الإنساني وبحق الأمم المتحدة وقراراتها؟ أليس تهويد القدس وتغيير معالمها وتهجير أهلها جريمة وفق المقاييس الدولية؟ وماذا عن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل بحق الآلاف من المدنيين، نساءً وأطفالاً وشيوخاً خلال عدواناتها المتكررة على قطاع غزة؟
المجتمع الدولي مقصر، ومتواطئ كحد أدنى مع جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الاحتلال، التي يطفح سجلها بالمجازر، لكنها حتى اليوم لم تنل عقاباً واحداً، رادعاً من قبل المجتمع الدولي، لأن الدول التي صنعتها هناك، والدول التي تحميها وتمدها بوسائل الجريمة هناك، وهناك أيضاً تغيب المعايير، وتغيب القيم الإنسانية وقيم العدالة.
لم تكتف حكومة بنيامين نتنياهو، بالهروب من المحاولات والمبادرات التي تستهدف دفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، عبر حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، فأرادت أن تؤكد رسالتها الرافضة للمفاوضات والسلام من خلال ارتكاب جريمة بحجم جريمة اغتيال أبو عين.
إسرائيل تغتال المبادرات الدولية التي تتصل بعملية السلام، وبالتالي لا ضمانة أبداً من أنها لن تعاود ارتكاب المزيد من الجرائم، حتى يقتنع الجميع بأن عليهم أن يكفوا عن البحث في إمكانية تحقيق السلام.
الفلسطينيون يعرفون تماماً، أن إسرائيل ليست في وارد تحقيق أي سلام مع الفلسطينيين يفضي إلى إنهاء الاحتلال وترك الشعب الفلسطيني يقرر مصيره بنفسه، وبأنها تحث الخطى نحو تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى.
لقد قالها مراراً بنيامين نتنياهو، بأنه سيمنع قيام دولتين لشعبين أو دولة واحدة على أرض فلسطين التاريخية فماذا يريد إذن؟.
ولكن على الرغم من أن المجتمع الدولي لا يزال متخلفاً عن اتخاذ مواقف حاسمة لصالح السلام، ولصالح تحقيق العدالة، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إلاّ أن ثمة ما يمكن اعتباره صحوة لدى الرأي العام هذه الصحوة التي أخذت تتجلى في إقدام معظم البرلمانات الأوروبية على رفع توصيات بالاعتراف بدولة فلسطين.
بقدر ما أن هذا مهم، ولكن الأهم هو أن يدرك الفلسطينيون كيف وبأية وسائل وأشكال، تم تحقيق ذلك، وبأية وسائل وأشكال ينبغي المتابعة لتحقيق المزيد من الإنجازات.
ولكن ليس لنا أن نغادر هذه الفكرة قبل أن نؤكد أن ترميم البيت الفلسطيني وتكامل الاستراتيجيات والأدوار، كان وسيبقى أكثر من ضروري لتعظيم وتسريع الإنجازات على طريق طويل من غير الممكن ضبطه وفق ساعة زمنية.
في الذكرى الـ 47 لانطلاقة الجبهة الشعبية
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
تمر ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السابعة والأربعون في أوقات نحن بحاجة فيها لتعلم الدروس من هذه المسيرة الغنية والطويلة واستذكار بعض العبر التي تصلح فانوساً يضيء عتمة الطريق الوعرة بالانقسام والشقاق وتغليب الحزبي على الوطني بجانب اختلاف البرامج والطرق وتصارعها.
لم تكن انطلاقة الجبهة مجرد تشكل حزبي آخر بل كانت استكمالا لخروج المارد الفلسطيني من القمقم.
لا يمكن قراءة تاريخ الثورة الفلسطينية دون الإشارة المتكررة لهذا الحضور المهم والدور الفاعل الذي قامت به الجبهة خلال مسيرتها النضالية والتكاملية، والتي ارتكزت على التنوع في الأساليب والأدوات واتفاق مطلق حول الخطوط العريضة مع الاحتفاظ بحق ومنهج الاختلاف الإجرائي والتكتيكي.
لقد كان حضور الجبهة الشعبية في أتون انبعاث المارد الفلسطيني من رماد النكبة إلى جمر الثورة أساساً في اكتمال اندلاع النيران في هشيم الهزيمة. لم تكن ولادة الجبهة مجرد ولادة رقمية ولا إضافة جانبية، بل كانت ولادة من رحم الحاجة والضرورة الفلسطينية وإن كانت ذات أبعاد قومية، لكنها ذات الأبعاد التي ستعطي هذه الإضافة أهميتها في الساحة الفلسطينية، إنها التذكير الدائم بهذا البعد الذي لم يغب عن آباء الجبهة ولا عن رفاق دربهم من فصائل الثورة المختلفة.
أذكر حين كنا فتية ونخرج في تلك التظاهرات العامة التي كانت تجوب شوارع المخيم، كنا نهتف لياسر عرفات ولأبي جهاد ولجورج حبش ولأبي إياد ولجيفارا.
باستثناء وعينا التنظيمي البسيط في ذلك الوقت، لم نكن حزبيين حين نهتف لكل واحد منهم.
لم نكن نقول إن ياسر عرفات لفتح وجورج حبش للجبهة، كانت تلك المسيرات كرنفالاً من الهتاف والشعارات التي كان غايتها أن تندفع الجماهير الغاضبة للاشتباك مع الجيش.
كبرنا ونحن ندرك الحاجة لهذا الاندفاع، وضرورة الحفاظ على هذا الوهج، إذ إن التنظيم ليس الغاية بحد ذاتها - رغم أن كلاً منا قد يعتبر تنظيمه مقدساً - لكنه الطريق المقدس الذي يقود إلى غاية اكثر قداسة.
كانت صورة الحكيم تعكس القلق الفلسطيني والتوق الكامن في كنه الروح الفلسطينية للحرية، كان ذلك القلق الذي يحمل الفلسطيني على جناح المخاطرة بحثاً عن فلسطين.
كان ثمة شيء جمعي في تلك النظرات، شيء يصلح أن يكون لنا كلنا في آخر الأمر حتى لو انطلق من أيدلوجية ووعي مختلفين.
كان النسيج الوطني المتكامل فسيفساء كبيرة ممتزجة الألوان والظلال والتشكيل، وكانت كلها في آخر المطاف تعكس صورة فلسطين في أبهى حللها.
في غابة البنادق تلك كانت الديمقراطية الثورية تترعرع وتنمو ويجد الجميع مكاناً له ومنبراً ليقول كلمته.
كانت فلسطين، رغم قسوة الظروف وشدة الأحوال، تتفاعل وتعيد إنتاج نفسها دون أن تفقد بوصلتها وتنزلق نحو الصراع الداخلي المدمر، دون أن يعني هذا أن الجميع تماهى في كل شيء، بل كان الهدف الأسمى هو الذي يجعل من الخلافات والاجتهادات والتفسيرات مجرد قضايا جانبية لا يمكن لها أن تحرف بوصلة النضال الوطني.
بمعنى آخر لم يتم تغليب التناقض الثانوي على التناقض المركزي، إذ ظل النضال من أجل فلسطين هو أساس المعركة، ولم يتم استحضار صراع ما على القوة، أو خلاف ما على توزيع الحصص، بوصفه الطريق الذي يحدد وجهة الوصول.
الدرس الآخر الذي لابد من استذكاره في هذا النقاش هو الحاجة للوحدة الوطنية وللدروس الكبيرة التي يمكن تعلمها من هذا الدور الريادي للجبهة في هذه المسيرة العظيمة.
وهي دروس لابد من أن تتذكرها حركة حماس تحديداً حيث يبدو الخلاف لا الوحدة هو سيد الموقف الآن داخل الساحة الفلسطينية.
فالجبهة الشعبية حين كانت التنظيم الثاني في الساحة الفلسطينية وكان لديها ما لديها من قدرات وعتاد ونفوذ وعلاقات لم تسع يوماً لهدم المعبد، بل كانت حتى وإن احتجت وجمدت عضويتها في مؤسسات منظمة التحرير، تسعى للحفاظ على هذا الشيء المقدس الذي جُبل بدماء الشهداء، كما لم تنقض على المؤسسات بالسلاح ولا استعانت بقوى خارجية.
بالطبع الخلاف سمة البشر وديدن العقول النشطة والقلوب القلقة على المستقبل، وأظن أنه ضروري في الساحة الفلسطينية، لكن ونحن نحتفل بانطلاقة الجبهة الشعبية السابعة والأربعين لابد من التذكير بضوابط الخلاف وحدوده، والمدى الذي يمكن الوصول إليه حتى حين يكون الخلاف بين تنظيمين كبيرين.
في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية يظل السؤال حول فرص نهوض اليسار الفلسطيني كقوة فاعلة في المشهد السياسي والنضالي، وعودة دوره الكبير، ذلك الدور الذي كان في لحظة تاريخية فيصلاً في التقرير في الكثير من القضايا الوطنية.
اليسار كقوة اجتماعية وثقافية في ظل تراجع الوعي وتلوثه ودخول مكونات غريبة عليه، يبدو ضرورة وطنية، كما بوصفه قوة سياسية قادرة على أن تقوم بدور تغييري كبير في الحقل السياسي وفي توجهات النظام السياسي.
لا يقتصر بالطبع السؤال حول دور اليسار المستقبلي على الجبهة الشعبية وحدها وإن كانت هي قلب اليسار وبوصلته، ولكن أيضاً على مجمل التنظيمات الفلسطينية اليسارية، كما على اليسار العربي الذي أيضاً بات يعاني منذ عقود من أزمات متتالية أخرجته من فاعلية المشهد، وربما دوره غير المنجز في الربيع العربي خير مثال على ذلك.
إن نهضة اليسار مرة أخرى كقوة سياسية واجتماعية وثقافية فاعلة هي ضمانة من ضمانات استعادة المشروع الوطني التحرري الفلسطيني لعافيته، وإن مهمة كبرى في ذلك تقع على عاتق الجبهة الشعبية قائدة اليسار وصاحبة البصمة الأهم فيه، وما لم يتم إجراء مراجعات شاملة حول هذا الدور وماهيته وأدواته وسبل إنجازه فإن أي حديث عنه سيكون مجرد حديث صالونات.
تبقى ملاحظة مؤلمة في هذا النقاش هي أن غزة لا يوجد بها شارع على اسم حكيم الثورة الفلسطينية وأحد أبرز قادة التحرر الوطني الفلسطيني جورج حبش، في مفارقة مؤلمة أن غزة مدينة الوطنية الفلسطينية لا يخلد فيها جورج حبش بشارع أو مدرسة كما لم يخلد زعيم الشعب الفلسطيني ياسر عرفات أيضاً إلا في قلوب محبيه وعشاقه وجنوده.
حياتنا - صراع بقاء أو فناء
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ما بدأه الشهيد زياد أبو عين هو مرحلة صدامية مع الاحتلال فوق الأرض، فالصراع كما قلنا دوماً هو الصراع على الأرض وميدانه الأرض وجيوشه هم أصحاب الأرض المدافعون والاحتلال ومستوطنوه. أعاد الشهيد أبو عين عزف أنشودة الأرض حتى نسمعها جيداً كل يوم، ونعمل لحمايتها وحفظها من التمدد الاستيطاني، والمصادرة بغض النظر عن التقسيمات الاحتلالية الأبجدية. لا بد من إيلاء هذا الموضوع جل الاهتمام واستنفار كل قوانا وطاقاتنا لمواجهة الزحف الاستيطاني، فحتى الآن ما زال هذا الموضوع مهمشاً من جدول الأعمال الشعبي والرسمي إلا في شعارات صماء وهتافات ومسيرات لا تحرر شبراً ولا تنقذ شجرة. إن إعادة النظر في مجمل قضية الأرض بات ضرورياً. فالسماسرة يخربون الأرض، يشترون الجبال والأراضي خاصة القريبة من المستوطنات لأهداف مسمومة، ويأتي قطّاع الحطب ويقتلعون الأشجار لمجرد عقد صفقة، فالمشتري السمسار ربما له أهداف أخرى فهو لا يرى الأرض ولا يعاينها بل يراها على الورق ويدفع بسخاء، ويطلق العنان لمناشير الموت لكي تدمر أشجاراً معمرة وتحولها إلى حطب.
قبل وصول نبأ استشهاد القائد الميداني زياد أبو عين كنت أقترح على أحد المسؤولين ضرورة إصدار قرار أو مرسوم يجرم ويحرم قطع أشجار الزيتون المعمرة بعد أن جبت الجبال وشاهدت مئات بل آلاف الأشجار التي تم قطعها ثم حرق جذورها ليظهر الأمر وكأنه حريق ولدي أرشيف مصور عن هذه الجرائم. وضربت مثلاً بالشهيد أبو عين عندما قلت انه يعد بزراعة أية أرض مهددة لإحيائها.. وهنا دخل أحدهم وجاء بنبأ استشهاده. فهل هناك من سيواصل الدرب؟ فقبل قرابة 27 سنة ومنذ الصيف السابق للانتفاضة الأولى كنا ننشط لزراعة الأراضي المهددة في قرى رام الله وغرب القدس، وكنا نشن حملة لمقاطعة المنتوجات الإسرائيلية فالمقاومة الشعبية السلمية ليست اختراعاً جديداً وإن جرى تحويلها إلى سياحية الآن. لكن الشهيد القائد أبو عين أعاد لها ألقها وجديتها وعنادها.. وصرخ في آذاننا جميعاً أن الصراع هو على الأرض، صراع وجود. فإما البقاء وإما الفناء.
نبض الحياة - رسائل التفجير
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
قبل يومين تعرض المركز الثقافي الفرنسي لتفجير جديد. مع انه قبل شهرين تعرض لتفجير سابق. وفي كل مرة تدعي حركة حماس، انها ستتابع الجناة. وتكشف عنهم. وتذرعت امام القوى السياسية، ان «ضيق اليد» و«نقص الامكانيات» و«نقص الاموال» تحول جميعها دون ملاحقة الجناة.
استهداف المركز الثقافي الفرنسي في غزة، ذلك الصرح الثقافي المتميز بدوره التنويري، في الوقت الذي تعترف الجمعية الوطنية الفرنسية بدولة فلسطين، ومع تعاظم جهود الحكومة الفرنسية في المنابر الاوروبية والاممية لمزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وايضا لتمرير مشروع قرار اممي يهدف لضخ الروح في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، بغض النظر عن اية ملاحظات على المشروع، غير انه جهد يحسب لفرنسا وليس عليها. يحمل في طياته رسائل عديدة: اولا تريد حركة الانقلاب الحمساوية، ان تقول للقيادة الشرعية، يد ميليشياتنا طويلة، وتستطيع ان تحرجكم امام كل الدنيا؛ ثانيا على حكومة التوافق الوطني دفع الاموال لميليشياتنا الامنية وموظقي الحركة بغض النظر عن قرار لجنتكم الادارية القانونية؛ ثالثا شاءت ان تؤكد لاوروبا كلها من خلال المركز الثقافي الفرنسي، وما يتعرض له، ان حركة حماس رقم لا يمكن تجاهله في المعادلة الفلسطينية، وعلى فرنسا واوروبا الاستعداد لتقديم الدعم المالي لها ولميليشياتها؛ رابعا الاهم انها ارادت التأكيد على انها جزء لا يتجزأ من المنظمات التكفيرية الظلامية، وشاءت تعميم وتكميم الأفواة واشاعة الظلام في محافظات الجنوب.
حماس لا تريد ان تتعظ، وتتعلم من تجربة الاخوان المسلمين العبثية الفاشلة في مصر وتونس. وتراهن على تغير الاوضاع في المنطقة خاصة في مصر، لا سيما انها ضالعة بشكل مباشر في العمليات الارهابية، التي نفذت ضد الجيش واجهزة الامن المصرية. اضف الى تنسيقها المتواصل مع التنظيم الدولي للاخوان وتركيا وقطر، لمضاعفة وتوسيع العمليات التخريبية ضد الامن الوطني والقومي المصري، وهي بذلك تهدد مصالح المواطنين الفلسطينيين. ولهذا تحاول لي ذراع القيادة الشرعية الوطنية، وابتزازها من خلال التحريض المتواصل على شخص الرئيس ابو مازن، وجرائمها ضد القيادات الفتحاوية، وضد المنبر الثقافي الاقدم في القطاع، المركز الثقافي الفرنسي، الذي اقيم عام 1982، وضد كل مظاهر التنوير والديمقراطية في المحافظات الجنوبية.
جريمة حماس الجديدة ضد المركز الثقافي الفرنسي، لا يجوز لها ان تثني القيادة عن مواصلة الدفع بعربة المصالحة الوطنية. ولكن دون تمرير او الصمت على جرائم وانتهاكات حركة الانقلاب الاسود الحمساوية. وبالتالي مطلوب تحميل حركة الانقلاب المسؤولية عن الجرائم والتفجيرات، التي تتم في القطاع، وعدم دفع اية رواتب لميليشيات وموظفي حركة حماس، والعمل على سحب البساط من تحت اقدامها من خلال اماطة اللثام اكثر فاكثر عن وجهها القبيح امام الجماهير الفلسطينية والعربية والدولية. وتحميلها مسؤولية معاناة الجماهير الغزية بعدم فتح معبر رفح البري، وايضا على الدول الاوروبية، ان تغلق كافة النوافذ امام حركة الانقلاب، وعدم الرضوخ لجرائمها البشعة.
علامات على الطريق - الصراخ لا يسكت صوت الحقيقة
بقلم: يحيى رباح – الحياة
مع الأسف الشديد، احتفلت حركة حماس في مدينة غزة يوم امس، بالذكرى السابعة والعشرين لتأسيسها، بمزيد من الضجيج، والاستعراضات العسكرية، وتقبيل الرشاش ثم الطواف به على من يعتلون منصة الاحتفال، كأن شيئا لم يحدث على الاطلاق، لا شهداء بالالآف ولا جرحى بالآلاف، ولا مشردين بمئات الآلاف، ولا غرقى في البحار العربية بالآلاف من شدة اليأس، فقد كان الصراخ هو سيد الموقف في ساحة الاحتفال، صراخ يحاول ان يعلو فوق صوت الحقائق، بينما الحقائق تقول بهدوء وجزم ان الوضع الامني تدهور في قطاع غزة منذ التفجيرات التي جرت في التاسع من تشرين الثاني الماضي، التي استهدفت منصة الاحتفال الرئيسية بذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات كما استهدفت منازل قادة الشريك الوطني الاول وهي حركة فتح، وما زالت بيانات داعش تهدد المثقفين في قطاع غزة دون معرفة الفاعلين، والمركز الثقافي الفرنسي تم تفجيره في قلب مدينة غزة للمرة الثانية والحادث ينسب الى مجهول، بل ان حركة حماس التي تحتفل بهذا الحجم من استعراض السلاح تطالب بالكشف عن الحقيقة وكأنها لا تعرف الحقيقة، وكأنها تقوم باغتيال المصالحة، وباغتيال عملية اعادة الاعمار انها تصرخ في وجه الشعب الفلسطيني تطلق صرخات الحرب ولا يكون في حسبانها سوى الفلسطينيين وقضيتهم المقدسة.
هذا الصراخ نفسه الذي يصم الاذان، وهذا التقبيل الاستعراضي على المنصة للبندقية، يجري كما لو ان انذارا ضد كل من يطرح سؤالا حول موقع حماس من القضية الوطنية، ما هو موقعها، ما هو دورها ازاء مشروع الاستقلال الوطني واقامة الدولة الفلسطينية الذي يحضر الآن بقوة على الساحة العالمية، هل حماس جزء من هذا المشروع أم هي معادية له؟
هل هي مع جسر المصالحة أم تريد نسفه نهائيا؟ هل تريد ان تشكل نفسها من سقوط تجربة الاسلام السياسي وتتمسك بخصوصيتها الفلسطينية أم انها تطيح بهيكلها الوطني مقابل الأوهام البائدة؟ هل تضع مليون وثمانمائة الف فلسطيني في قطاع غزة في الاعتبار وما يستحقون، من اهتمام ام تعتبرهم لا يزالون في مرتبة الرهينة.
هذه هي الاسئلة الحقيقية التي تلاحق حماس التي لا يمكن ان تضيع في الضجيج.
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gifفي هذا الملـــــف:
v الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي
بقلم: حديث القدس – القدس
v حول إصابات العمل من المواد الكيميائية في بلادنا؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
v «داعش» ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
v من هو المجرم الحقيقي، وما الهدف؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
v في الذكرى الـ 47 لانطلاقة الجبهة الشعبية
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
v حياتنا - صراع بقاء أو فناء
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v نبض الحياة - رسائل التفجير
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v علامات على الطريق - الصراخ لا يسكت صوت الحقيقة
بقلم: يحيى رباح – الحياة
الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي
بقلم: حديث القدس – القدس
التصريحات الصادرة عن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات امس حول سلسلة القرارات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية بما في ذلك التوجه الى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي خلال فترة زمنية محددة وهو ما قد يقدم اليوم للمجلس وكذا وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل وما يتعلق بالمقاومة الشعبية ومحكمة الجنايات الدولية والوحدة الفلسطينية الداخلية، كل ذلك يؤكد أننا دخلنا مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية ربما تكون مصيرية وأكثر خطورة من سابقاتها لكنها بالتأكيد تتميز بإصرار شعبنا وقيادته على إنهاء هذا الاحتلال البشع وانتزاع حق شعبنا في الحرية والاستقلال بعد ان فشلت كل آليات عمليات السلام وبعد أن أغلقت اسرائيل كل الطرق أمام تقدم هذه العملية وفوّتت الفرص الذهبية التي وفرها الجانب الفلسطيني والعربي لإقامة سلام عادل وشامل ودائم.
ومما لا شك فيه ان الاجتماعات والتحركات والمشاورات المتواصلة التي تجريها القيادة الفلسطينية مع كافة الأطراف الاقليمية والدولية حاليا تكتسب أهمية خاصة في حشد الدعم والتأييد للمطالب الفلسطينية العادلة وفي مواجهة الغطرسة الاسرائيلية. وضمن هذا الاطار يأتي أيضا اللقاء المرتقب بين الدكتور عريقات ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن المشروع الفلسطيني لمجلس الأمن وعن مقترحات أميركية وأخرى أوروبية وفي الوقت الذي سيلتقي فيه كيري أيضا وعلى انفراد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لبحث نفس المسألة.
ومن الواضح ان أية محاولة اميركية لإحباط مشروع القرار الفلسطيني ستكون لها تداعيات خطيرة ليس فقط على ساحة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هنا بل ايضا على المصالح الاميركية نفسها في المنطقة العربية كما ان من الواضح ان الولايات المتحدة الاميركية فشلت فشلا ذريعا على مدى أكثر من عشرين عاما منذ توقيع اتفاق اوسلو في ان تكون وسيطا نزيها او في ان تقف الى جانب مبادىء العدل والحق والحرية والى جانب الشرعية الدولية بل ان واشنطن اثبتت خلال العقدين الماضيين وقوفها الى جانب الاحتلال الاسرائيلي واستخدامها حق النقض الفيتو لحماية هذا الاحتلال والتصدي لارادة المجتمع الدولي.
ولذلك نقول ان الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية أحسنا صنعا عندما رفضا كل الضغوط الاميركية لمنع التوجه الفلسطيني الى مجلس الأمن الدولي وعندما وضعا الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي فإما ان تكون مع الشرعية الدولية وقراراتها ومواقفها المطالبة بانهاء هذا الاحتلال غير الشرعي وإما البقاء في دائرة دعم هذا الاحتلال والتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ولهذا فإن على الادارة الأميركية ان تدرك ان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية سئموا ازدواجية مواقفها وأدركوا تماما ان ما ترفعه من شعارت الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان إنما تعطلها بنفسها عندما تقف مناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
إن ما يجب ان يقال هنا ان من يريد السلام والأمن والاستقرار يجب ان تنسجم مواقفه مع ارادة المجتمع الدولي وقراراته لا أن يتخوف من الشرعية الدولية ويعطل قراراتها وعليه ان يدرك ان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبل ان يظل رهينة احتلال بشع ووعود أميركية فضفاضة غامضة ثبت فشلها في تحقيق السلام او في كبح جماح الاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته الجسيمة.
حان الوقت كي تتخذ الولايات المتحدة موقفا شجاعا الى جانب كل مؤيدي الحق والعدل والحرية وتعترف بفلسطين وتعمل الى جانب المجتمع الدولي لاستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال غير المشروع وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في الحرية والاستقلال.
حول إصابات العمل من المواد الكيميائية في بلادنا؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في بلادنا، قد يتعرض العمال الى انواع مختلفة من المواد الكيميائية في مواقع العمل، حيث يمكن ان يتعرض العاملون في الزراعة الى المواد الكيميائية، من مبيدات واسمدة وهرمونات، او ان يتعرض عمال المصانع الى المعادن والمركبات العضوية، او ان يتعرض عمال البتروكيماويات الى البنزين، او ان يتعرض عمال المطابع والعاملون في دمغ الذهب الى المواد الكيميائية التي تدخل في هذه الصناعات، او ان يتعرض عمال الصناعة الدوائية الى مواد كيميائية مختلفة، او حتى ان يتعرض عمال الصناعات الغذائية الى المذيبات والمضافات وما الى ذلك، وبدون شك ان التعرض الى هذه الكيماويات، وان تم بشكل غير آمن وسليم، او ان لم يلتزم العمال بإجراءات السلامة والوقاية والفحوصات الطبية، قبل وبعد التعرض لهذه المواد الكيميائية، سوف يكون لذلك اثار سيئة على العامل وعلى عائلته وبيئة العمل، ان لم تظهر هذه الاثار بشكل سريع، فإنها قد تظهر على المدى البعيد، على شكل امراض وتشوهات وتداعيات صحية؟
وكان في هذا العام، قد تم اختيار موضوع "السلامة والصحة في استخدام المواد الكيميائية في العمل"، كشعار للاحتفال ب "اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية"، تلك الكيماويات التي يمكن ان ينتج عن التعرض لها حوادث عمل واصابات وامراض، ويمكن ان تكون لها اثار لحظية اي فورية، او يمكن ان ينتج عنها اثار بعيدة المدى، على شكل امراض مزمنة، وهذا هو الاخطر، ويموت تقريبا سنويا حوالي مليونين من العمال نتيجة حوادث وامراض المهنة، وتقع معظم هذه الاصابات في الدول النامية او دول العالم الثالث.
وفي بلادنا، تتكرر حوادث واصابات العمل وباستمرار، وبعضها يكون مميتا او يؤدي الى احداث عاهات دائمة، ومن ضمن هذه الحوادث، او الاكثر شيوعا او بروزا هو حوادث السقوط في اماكن العمل وما الى ذلك من وفاة او اعاقات دائمة، وهذه الحوادث وبالاضافة الى الاصابات والاثار الصحية، يكون لها اثار اقتصادية واجتماعية ونفسية، ليس فقط على العامل المصاب، وإنما على البيئة المحيطة، ورغم ان هذه الحوادث تلقى الصدى الاعلامي والتدخل الرسمي وغير الرسمي، الا ان حوادث التعرض الى المواد الكيميائية لا تأخذ هذا الحيز، ولذلك فإنه من الواجب ان يتم اخذها بمنتهى الجدية والمسؤولية والمتابعة، وتتكرر حوادث واصابات العمل ببساطة، لانه لا يتم اتخاذ الاجراءات المفروض عملها في بيئة العمل، ولا يتم تحمل المسؤولية من العامل ومن صاحب العمل ومن الجهات الرسمية، ولا يتم تطبيق القوانين او الانتباه اليها الا حين يقع الحادث او الاصابة او الموت؟
وينص قانون العمل الفلسطيني وبوضوح، على ضرورة توفر إجراءات الصحة والسلامة المهنية ، وبغض النظر عن طبيعة العمل، في داخل بيئة العمل، وبأن تكون التعليمات بخصوص هذه الإجراءات واضحة للعيان لكل من يتواجد في بيئة العمل، وان تتوافر المعدات والأدوات اللازمة للإسعافات الأولية وللحماية الشخصية في حال تطلب العمل ذلك، وينص القانون كذلك على ضرورة إجراء الفحوصات الطبية الروتينية الدورية وحسب طبيعة ومدة العمل، واذا كان القانون ينص بوضوح ويشدد على أهمية الالتزام بأنظمة الصحة والسلامة المهنية، فإن تكرار الإصابات وتعددها يدل على الإهمال وعدم تطبيق بنود القانون.
وحين يتعلق الأمر بالصحة والسلامة المهنية، فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المرأة الفلسطينية العاملة، لان هذه المرأة العاملة قد تحمل وتلد وترضع، وبالتالي فان بيئة العمل ومدى تعرضها الى ظروف عمل غير صحية، وبالاخص الى المواد الكيميائية خلال هذه المراحل المختلفة من الحمل والولادة والرضاعة، قد يؤدي الى عواقب وخيمة عليها وعلى جنينها وأطفالها، فهناك دراسات اظهرت وبدون أي مجال للشك ان العديد من المواد الكيميائية اذا وصلت الى جسم المرأة فأنها تنتقل من خلال المشيمة الى الجنين وكذلك من خلال الرضاعة الى الرضيع وما لذلك من اثار على ضعف النمو وتشوهات خلقية ، هذا بالإضافة الى الآثار النفسية التي تتعرض لها المرأة العاملة من ضجيج وازدحام وارتفاع الحرارة والرطوبة وضغط العمل، والذي قد يؤثر على قدرتها الإنجابية، وعلى صحة اطفالها.
ولا يجادل احد ان الالتزام بإجراءات الوقاية وإتباع الأنظمة والتعليمات فيما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية في بلادنا هي الطريقة الأفضل، لتجنب إصابات او اثار بعيدة المدى من أمراض وإعاقات، ولكن يبدو ان هذا الموضوع لا يرقى الى الاهتمام اللازم الى حين وقوع الحادث وما يترتب عليه من مآس ، حيث يتم تشكيل لجان تحقيق، ونسمع الوعيد والتهديد، ويختفي ذلك الى ان يقع الحادث التالي، ولذا فالمطلوب التطبيق الحازم للقوانين الموجودة، ولكي يتم ذلك، المطلوب تخصيص الطاقم الكافي للتفتيش والمراقبة، والاهم مراقبة ظروف العمل التي تساعد على التعرض للمواد الكيميائية، واجراء الفحوصات الدورية، لان اثار التعرض البطيء والمتواصل للمواد الكيميائية لا تظهر الا بعد فترة طويلة، ويمكن ان تكون على شكل امراض خطيرة.
«داعش» ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
في إطار أولوية مشروع تأسيس وإقامة "داعش" من الضروري أن نسأل عن موقع الصراع العربي الاسرائيلي ضمن هذا المشروع، وأن نبحث عن أي مستقبل ينتظر هذا الصراع ضمن مسار تطور مشروع "داعش"، فدراسة مشروع هذا التنظيم وأولوياته تكشف، بل وتؤكد، أنه مشروع داعم للمشروع الاستيطاني الاسرائيلي لأسباب ثلاثة رئيسية:
أول هذه الأسباب أنه مشروع ينحرف بأولوية ومكانة قضية فلسطين كقضية مركزية عربية، حيث تتدنى أولوية هدف تحرير فلسطين وخوض الصراع ضد الجانب الاسرائيلي في مشروع "داعش"، فرأس أولوياته هو هدف إقامة ما يسمى "دولة الخلافة" بكل ما يعنيه وما يتطلبه تحقيق هذا الهدف من مهام، أبرزها بالطبع تدمير وهدم الدول العربية والإسلامية القائمة باعتبارها دولاً كافرة، كي تقوم على أنقاضها دولة الإيمان والإسلام، أي دولة الخلافة، وبعدها تأتي أولوية أخرى هي محاربة الكفار، والمعني هو الدول غير الإسلامية وفي مقدمتها الدول الغربية الأوروبية والأمريكية، وفي نهاية المطاف، وربما في آخر الزمان، تأتي المعركة مع "اليهود" .
مشروع "داعش" أسسه أبو مصعب الزرقاوي، عندما أعلن تمرده على تنظيم "القاعدة"، وتأسيس تنظيم "دولة العراق الإسلامية" ومعه رفيقه أبو عمر البغدادي . وبسبب تأسيس هذا التنظيم دخل الزرقاوي في مشكلات هائلة فقهية وتنظيمية مع أسامة بن لادن وتنظيم "القاعدة" إلى أن اغتاله الأمريكيون عام 2006 . مضمون تلك الخلافات والمشكلات، أو على الأقل بعضها، ورد في العدد الأول من مجلة "دابق" التي يصدرها تنظيم "داعش" باللغة الإنجليزية، حيث جاء التأكيد على أن الزرقاوي مهّد الطريق لقيام "داعش"، وبعد اغتياله أعلن أبو حمزة المهاجر وأبو عمر البغدادي قيام "الدولة الإسلامية في العراق"، وكان أبو عمر أميرها، ومن بعده تولى أبو بكر البغدادي زعامة هذا التنظيم الذي تأسس على نقيض من أولويات تنظيم "القاعدة" .
فقد استمد البغدادي فكرة بناء "الدولة الإسلامية" من الأسس ذاتها التي سبق أن صاغها واعتمدها الزرقاوي وأبو عمر البغدادي، وكان الزرقاوي قد وعد بإقامة "الإمارة الإسلامية"، وعرض المراحل التي ستعبرها "أولاً ستقوم بإزالة العدو (والعدو هنا هو النظم والدول العربية والإسلامية التي يراها كافرة) ومعها سلطات الطغيان الفاسدة التي تقف حجر عثرة أمام هدف إقامة "داعش"..
وثانياً: تقيم الدولة الإسلامية، أي أن الهدف له الأولوية، ومن بعده يأتي هدف البناء، أي بناء دولة الخلافة على أنقاض ما يراه من دول كافرة . وثالثاً: "ننطلق خارجاً للاستيلاء على بقية الدول الإسلامية"، أي "هدف التمدد"، ورابعاً: "بعد ذلك نقاتل الكفار"، وأخيراً "قتال اليهود" . وهنا يكمن المفترق مع القاعدة التي تعطي الأولوية لقتال الكفار، ثم اليهود، أو ومعهم اليهود، وترجئ أولوية هدف إقامة دولة الخلافة الإسلامية إلى ما بعد إنجاز تلك المهام .
بهذا الوضوح نستطيع أن نؤكد أن فلسطين وتحرير فلسطين ليس ضمن أولويات "داعش"، هي بالتحديد هدف نهاية المطاف بعد إسقاط دول الكفر وإقامة "دولة الخلافة"، وبعد التمدد لضم العالم الإسلامي إلى تلك الدول، وبعدها يأتي هدف مقاتلة الكفار وأخيراً محاربة اليهود . فحسب تفكير "داعش" لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، أي أن أمر مقاتلة اليهود مرجأ إلى ما قبل قيام الساعة . ففي العدد الثاني من مجلة "دابق" كشف التنظيم عن بعض مؤشراته أو تقديراته إزاء تطورات الصراع الحالية مع الجانب الاسرائيلي جاء ما نصه: "بالنسبة للمذابح التي تجري في قطاع غزة، فإن أعمال الدولة الإسلامية تتحدث بصوت أعلى من كلماتها، وأنها ليست سوى مسألة وقت قبل أن نصل فلسطين لمحاربة اليهود"، لكن "داعش" ترى في الوقت نفسه أن دعوة كل من السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" إلى انتخابات تشريعية "نوع من أعمال الردة" .
السبب الثاني، أن مشروع "داعش" الذي يجعل أولى أولوياته إسقاط الدول العربية وتدميرها باعتبارها "دياراً للكفر" لا يمكن اعتباره إلا مشروعاً تكميلياً للمشروع الاسرائيلي ولا يقل خطورة عنه، لأن تدمير الدول العربية بدافع من إسقاط دول الكفر معناه تدمير القدرات العربية العسكرية والاقتصادية والبشرية وتحويلها إلى ركام من الدمار يصعب تصور إمكانية إعادة إحيائه لمقاتلة الإسرائيليين لا في المدى المتوسط أو البعيد.
معناه أيضاً تمكين الجانب الاسرائيلي ليس من فرض سيطرته وهيمنته على كامل أرض فلسطين، بل وتمكينه أيضاً من فرض سيطرته وهيمنته على كل الدول العربية، وأن يتحول إلى قوة مهيمنة إقليمية، وإطلاق المشروع الذي يرمي إلى تدمير وتفكيك الدول العربية إلى دويلات وكيانات عرقية وطائفية، ولنا بما يحدث لسوريا أرضاً وشعباً وقدرات، وما يحدث في العراق أيضاً من تدمير وإطلاق للمشروع الطائفي التقسيمي، ما يؤكد أن مشروع "داعش" ينافس في خطورته المشروع الاسرائيلي .
السبب الثالث، يرجع إلى تناغم وانسجام مشروع إقامة "داعش" مع المشروع الاسرائيلي لفرض إسرائيل دولة يهودية، فأولوية حكومة نتنياهو هي إقامة الدولة اليهودية وفرض مشروع "دولة واحدة لشعب واحد"، أي فرض أن تكون دولة فلسطين كاملة من البحر إلى النهر دولة واحدة موحدة للشعب اليهودي من دون غيره، ما يعني في النهاية نعي مشروع حل الدولتين الذي هو أساس ما يروّج له زيفاً باسم السلام .
مشروع "داعش" التقسيمي الطائفي، ومحاولة إثارة فتنة مذهبية في العراق، وما يحدث الآن في شمال سوريا من تحرك لفرض دويلة كردية في الشمال، ينسجم مع المشروع الاسرائيلي في ثوبه "الليكودي" القائم على مفهوم الدولة الدينية . "داعش" تطلق مشروع الدولة الدينية السنية وتعطي الفرصة لفرض الدولة الشيعية في جنوب العراق، والدولة الكردية في شمال العراق وشمال سوريا، وفي الوقت ذاته يتحرك نتنياهو لفرض إسرائيل دولة يهودية .
نتنياهو من خلال إصراره على "يهودية الدولة" يريد أن يقول إنه "ليس هناك شيء اسمه القضية الفلسطينية، وإن وجدت فإنها ليست السبب في ما يجري في الشرق الأوسط من صراعات، وإن الصراعات هي وليدة إفراز مجتمعاتها ودولها "الفاشلة"، ولأنها غير ديمقراطية ومستبدة" .
يقول نتنياهو ما يشاء، لكن المهم أن ما يقوله ويفعله يتطابق تماماً مع مشروع "داعش" في هدم الدول وإقامة نظام بديل هو نظام "الخلافة الإسلامية".
من هو المجرم الحقيقي، وما الهدف؟
بقلم: طلال عوكل – الايام
مناضل كبير ومنذ وقت مبكر، قبل أن يصبح وزيراً، كان الشهيد زياد أبو عين الذي أقدمت القوات الإسرائيلية الاحتلالية على اغتياله جهاراً نهاراً وأمام عدسات الكاميرات، وعيون وسائل الإعلام.
لم يكن أبو عين يحمل بندقية ولا سكيناً، بل كان يحمل "منكاشاً" بيد وبالأخرى شتلة زيتون، يغرسها في أرض آبائه وأجداده.
كان أبو عين يحمل إشارات على قناعاته، بأولوية غصن الزيتون الذي يرمز إلى السلام، والنماء والالتصاق بالأرض.
عملية الاغتيال، لم تكن عفوية، وهي بقدر ما أنها تشير مجدداً إلى الطبيعة العنصرية التي ترفض السلام، وترفض الاعتراف للشعب الفلسطيني بحقوقه، فهي أيضاً مدبرة، وعن سابق إصرار.
المجموعة التي قامت، بتنفيذ عملية الاغتيال، كانت بالتأكيد، تعرف من هو زياد أبو عين، وتعرف أن من امتدت بنادقهم إلى صدره، كان هو أبو عين. لا يحتاج الأمر إلى تحقيقات، حتى تتم إدانة مرتكب الجريمة، هي فقط تحتاج إلى اعتراف إسرائيلي صريح، وإلى إدانة صارمة وعقاب حاسم للأيدي التي ارتكبت الجريمة، لكن إسرائيل لو فعلت هذا ولن تفعل كعادتها فإنها لن تصيب الحقيقة.
الحقيقة هي أن دولة إسرائيل وحكوماتها وقياداتها السياسية، هي المجرمة، وهي التي ينبغي دفعها إلى قفص الاتهام والتحقيق، وإخضاعها للعقاب.
يخطئ مجلس الأمن الدولي الذي أصدر بياناً بالإجماع مطالباً بإجراء تحقيق شفاف، ومخطئة الدول التي طالبت بالتحقيق، أو اكتفت بالإعراب عن القلق.
لا يمكن لمن يرتكب الجريمة أن يحقق مع نفسه، وأن يكون المجرم حاكماً، فكان لا بد من أن يتخذ مجلس الأمن قراراً إلزامياً، وأن يتضمن القرار إجراء تحقيق دولي ربما ينطوي على قدر من العدل والشفافية، لأن حماة إسرائيل سيكونون هناك.
حماة إسرائيل، لم يساعدوا لجنة مجلس حقوق الإنسان التي منعتها الحكومة الإسرائيلية من الدخول إلى الضفة الغربية، أو إلى داخل إسرائيل، أو قطاع غزة، حتى تقوم بالتحقيق في شبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة.
تسير إسرائيل على عهدها الدائم، في منع ورفض التعاون مع أي لجان تحقيق دولية أو غير دولية، وما زال الجميع يتذكر سلوك إسرائيل تجاه لجنة التحقيق التي ترأسها القاضي غولدستون الذي طعنت في صدقية تقريره، رغم أنها هي من منعته من متابعة التحقيقات في إسرائيل وفي الضفة الغربية.
على كل حال فإن جريمة اغتيال أبو عين، ليست الوحيدة التي ترتكبها إسرائيل، فلقد سبقتها على الطريقة ذاتها، عملية اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات، وعشرات القيادات الفلسطينية من بيروت إلى تونس، إلى أوروبا، والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ماذا نقول في جريمة اغتيال الشهيد أحمد ياسين، القائد الإنسان، المقعد، وهو على كرسيه ذاهب إلى الصلاة؟ قائمة الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال، تطول، ولا يتسع المقام، لتذكر تفاصيلها بالأسماء والتواريخ، ولكن ماذا عن بقية الجرائم؟
أليس الاستيطان جريمة بحق القانون الدولي، والقانون الإنساني وبحق الأمم المتحدة وقراراتها؟ أليس تهويد القدس وتغيير معالمها وتهجير أهلها جريمة وفق المقاييس الدولية؟ وماذا عن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل بحق الآلاف من المدنيين، نساءً وأطفالاً وشيوخاً خلال عدواناتها المتكررة على قطاع غزة؟
المجتمع الدولي مقصر، ومتواطئ كحد أدنى مع جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الاحتلال، التي يطفح سجلها بالمجازر، لكنها حتى اليوم لم تنل عقاباً واحداً، رادعاً من قبل المجتمع الدولي، لأن الدول التي صنعتها هناك، والدول التي تحميها وتمدها بوسائل الجريمة هناك، وهناك أيضاً تغيب المعايير، وتغيب القيم الإنسانية وقيم العدالة.
لم تكتف حكومة بنيامين نتنياهو، بالهروب من المحاولات والمبادرات التي تستهدف دفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، عبر حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، فأرادت أن تؤكد رسالتها الرافضة للمفاوضات والسلام من خلال ارتكاب جريمة بحجم جريمة اغتيال أبو عين.
إسرائيل تغتال المبادرات الدولية التي تتصل بعملية السلام، وبالتالي لا ضمانة أبداً من أنها لن تعاود ارتكاب المزيد من الجرائم، حتى يقتنع الجميع بأن عليهم أن يكفوا عن البحث في إمكانية تحقيق السلام.
الفلسطينيون يعرفون تماماً، أن إسرائيل ليست في وارد تحقيق أي سلام مع الفلسطينيين يفضي إلى إنهاء الاحتلال وترك الشعب الفلسطيني يقرر مصيره بنفسه، وبأنها تحث الخطى نحو تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى.
لقد قالها مراراً بنيامين نتنياهو، بأنه سيمنع قيام دولتين لشعبين أو دولة واحدة على أرض فلسطين التاريخية فماذا يريد إذن؟.
ولكن على الرغم من أن المجتمع الدولي لا يزال متخلفاً عن اتخاذ مواقف حاسمة لصالح السلام، ولصالح تحقيق العدالة، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إلاّ أن ثمة ما يمكن اعتباره صحوة لدى الرأي العام هذه الصحوة التي أخذت تتجلى في إقدام معظم البرلمانات الأوروبية على رفع توصيات بالاعتراف بدولة فلسطين.
بقدر ما أن هذا مهم، ولكن الأهم هو أن يدرك الفلسطينيون كيف وبأية وسائل وأشكال، تم تحقيق ذلك، وبأية وسائل وأشكال ينبغي المتابعة لتحقيق المزيد من الإنجازات.
ولكن ليس لنا أن نغادر هذه الفكرة قبل أن نؤكد أن ترميم البيت الفلسطيني وتكامل الاستراتيجيات والأدوار، كان وسيبقى أكثر من ضروري لتعظيم وتسريع الإنجازات على طريق طويل من غير الممكن ضبطه وفق ساعة زمنية.
في الذكرى الـ 47 لانطلاقة الجبهة الشعبية
بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
تمر ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السابعة والأربعون في أوقات نحن بحاجة فيها لتعلم الدروس من هذه المسيرة الغنية والطويلة واستذكار بعض العبر التي تصلح فانوساً يضيء عتمة الطريق الوعرة بالانقسام والشقاق وتغليب الحزبي على الوطني بجانب اختلاف البرامج والطرق وتصارعها.
لم تكن انطلاقة الجبهة مجرد تشكل حزبي آخر بل كانت استكمالا لخروج المارد الفلسطيني من القمقم.
لا يمكن قراءة تاريخ الثورة الفلسطينية دون الإشارة المتكررة لهذا الحضور المهم والدور الفاعل الذي قامت به الجبهة خلال مسيرتها النضالية والتكاملية، والتي ارتكزت على التنوع في الأساليب والأدوات واتفاق مطلق حول الخطوط العريضة مع الاحتفاظ بحق ومنهج الاختلاف الإجرائي والتكتيكي.
لقد كان حضور الجبهة الشعبية في أتون انبعاث المارد الفلسطيني من رماد النكبة إلى جمر الثورة أساساً في اكتمال اندلاع النيران في هشيم الهزيمة. لم تكن ولادة الجبهة مجرد ولادة رقمية ولا إضافة جانبية، بل كانت ولادة من رحم الحاجة والضرورة الفلسطينية وإن كانت ذات أبعاد قومية، لكنها ذات الأبعاد التي ستعطي هذه الإضافة أهميتها في الساحة الفلسطينية، إنها التذكير الدائم بهذا البعد الذي لم يغب عن آباء الجبهة ولا عن رفاق دربهم من فصائل الثورة المختلفة.
أذكر حين كنا فتية ونخرج في تلك التظاهرات العامة التي كانت تجوب شوارع المخيم، كنا نهتف لياسر عرفات ولأبي جهاد ولجورج حبش ولأبي إياد ولجيفارا.
باستثناء وعينا التنظيمي البسيط في ذلك الوقت، لم نكن حزبيين حين نهتف لكل واحد منهم.
لم نكن نقول إن ياسر عرفات لفتح وجورج حبش للجبهة، كانت تلك المسيرات كرنفالاً من الهتاف والشعارات التي كان غايتها أن تندفع الجماهير الغاضبة للاشتباك مع الجيش.
كبرنا ونحن ندرك الحاجة لهذا الاندفاع، وضرورة الحفاظ على هذا الوهج، إذ إن التنظيم ليس الغاية بحد ذاتها - رغم أن كلاً منا قد يعتبر تنظيمه مقدساً - لكنه الطريق المقدس الذي يقود إلى غاية اكثر قداسة.
كانت صورة الحكيم تعكس القلق الفلسطيني والتوق الكامن في كنه الروح الفلسطينية للحرية، كان ذلك القلق الذي يحمل الفلسطيني على جناح المخاطرة بحثاً عن فلسطين.
كان ثمة شيء جمعي في تلك النظرات، شيء يصلح أن يكون لنا كلنا في آخر الأمر حتى لو انطلق من أيدلوجية ووعي مختلفين.
كان النسيج الوطني المتكامل فسيفساء كبيرة ممتزجة الألوان والظلال والتشكيل، وكانت كلها في آخر المطاف تعكس صورة فلسطين في أبهى حللها.
في غابة البنادق تلك كانت الديمقراطية الثورية تترعرع وتنمو ويجد الجميع مكاناً له ومنبراً ليقول كلمته.
كانت فلسطين، رغم قسوة الظروف وشدة الأحوال، تتفاعل وتعيد إنتاج نفسها دون أن تفقد بوصلتها وتنزلق نحو الصراع الداخلي المدمر، دون أن يعني هذا أن الجميع تماهى في كل شيء، بل كان الهدف الأسمى هو الذي يجعل من الخلافات والاجتهادات والتفسيرات مجرد قضايا جانبية لا يمكن لها أن تحرف بوصلة النضال الوطني.
بمعنى آخر لم يتم تغليب التناقض الثانوي على التناقض المركزي، إذ ظل النضال من أجل فلسطين هو أساس المعركة، ولم يتم استحضار صراع ما على القوة، أو خلاف ما على توزيع الحصص، بوصفه الطريق الذي يحدد وجهة الوصول.
الدرس الآخر الذي لابد من استذكاره في هذا النقاش هو الحاجة للوحدة الوطنية وللدروس الكبيرة التي يمكن تعلمها من هذا الدور الريادي للجبهة في هذه المسيرة العظيمة.
وهي دروس لابد من أن تتذكرها حركة حماس تحديداً حيث يبدو الخلاف لا الوحدة هو سيد الموقف الآن داخل الساحة الفلسطينية.
فالجبهة الشعبية حين كانت التنظيم الثاني في الساحة الفلسطينية وكان لديها ما لديها من قدرات وعتاد ونفوذ وعلاقات لم تسع يوماً لهدم المعبد، بل كانت حتى وإن احتجت وجمدت عضويتها في مؤسسات منظمة التحرير، تسعى للحفاظ على هذا الشيء المقدس الذي جُبل بدماء الشهداء، كما لم تنقض على المؤسسات بالسلاح ولا استعانت بقوى خارجية.
بالطبع الخلاف سمة البشر وديدن العقول النشطة والقلوب القلقة على المستقبل، وأظن أنه ضروري في الساحة الفلسطينية، لكن ونحن نحتفل بانطلاقة الجبهة الشعبية السابعة والأربعين لابد من التذكير بضوابط الخلاف وحدوده، والمدى الذي يمكن الوصول إليه حتى حين يكون الخلاف بين تنظيمين كبيرين.
في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية يظل السؤال حول فرص نهوض اليسار الفلسطيني كقوة فاعلة في المشهد السياسي والنضالي، وعودة دوره الكبير، ذلك الدور الذي كان في لحظة تاريخية فيصلاً في التقرير في الكثير من القضايا الوطنية.
اليسار كقوة اجتماعية وثقافية في ظل تراجع الوعي وتلوثه ودخول مكونات غريبة عليه، يبدو ضرورة وطنية، كما بوصفه قوة سياسية قادرة على أن تقوم بدور تغييري كبير في الحقل السياسي وفي توجهات النظام السياسي.
لا يقتصر بالطبع السؤال حول دور اليسار المستقبلي على الجبهة الشعبية وحدها وإن كانت هي قلب اليسار وبوصلته، ولكن أيضاً على مجمل التنظيمات الفلسطينية اليسارية، كما على اليسار العربي الذي أيضاً بات يعاني منذ عقود من أزمات متتالية أخرجته من فاعلية المشهد، وربما دوره غير المنجز في الربيع العربي خير مثال على ذلك.
إن نهضة اليسار مرة أخرى كقوة سياسية واجتماعية وثقافية فاعلة هي ضمانة من ضمانات استعادة المشروع الوطني التحرري الفلسطيني لعافيته، وإن مهمة كبرى في ذلك تقع على عاتق الجبهة الشعبية قائدة اليسار وصاحبة البصمة الأهم فيه، وما لم يتم إجراء مراجعات شاملة حول هذا الدور وماهيته وأدواته وسبل إنجازه فإن أي حديث عنه سيكون مجرد حديث صالونات.
تبقى ملاحظة مؤلمة في هذا النقاش هي أن غزة لا يوجد بها شارع على اسم حكيم الثورة الفلسطينية وأحد أبرز قادة التحرر الوطني الفلسطيني جورج حبش، في مفارقة مؤلمة أن غزة مدينة الوطنية الفلسطينية لا يخلد فيها جورج حبش بشارع أو مدرسة كما لم يخلد زعيم الشعب الفلسطيني ياسر عرفات أيضاً إلا في قلوب محبيه وعشاقه وجنوده.
حياتنا - صراع بقاء أو فناء
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ما بدأه الشهيد زياد أبو عين هو مرحلة صدامية مع الاحتلال فوق الأرض، فالصراع كما قلنا دوماً هو الصراع على الأرض وميدانه الأرض وجيوشه هم أصحاب الأرض المدافعون والاحتلال ومستوطنوه. أعاد الشهيد أبو عين عزف أنشودة الأرض حتى نسمعها جيداً كل يوم، ونعمل لحمايتها وحفظها من التمدد الاستيطاني، والمصادرة بغض النظر عن التقسيمات الاحتلالية الأبجدية. لا بد من إيلاء هذا الموضوع جل الاهتمام واستنفار كل قوانا وطاقاتنا لمواجهة الزحف الاستيطاني، فحتى الآن ما زال هذا الموضوع مهمشاً من جدول الأعمال الشعبي والرسمي إلا في شعارات صماء وهتافات ومسيرات لا تحرر شبراً ولا تنقذ شجرة. إن إعادة النظر في مجمل قضية الأرض بات ضرورياً. فالسماسرة يخربون الأرض، يشترون الجبال والأراضي خاصة القريبة من المستوطنات لأهداف مسمومة، ويأتي قطّاع الحطب ويقتلعون الأشجار لمجرد عقد صفقة، فالمشتري السمسار ربما له أهداف أخرى فهو لا يرى الأرض ولا يعاينها بل يراها على الورق ويدفع بسخاء، ويطلق العنان لمناشير الموت لكي تدمر أشجاراً معمرة وتحولها إلى حطب.
قبل وصول نبأ استشهاد القائد الميداني زياد أبو عين كنت أقترح على أحد المسؤولين ضرورة إصدار قرار أو مرسوم يجرم ويحرم قطع أشجار الزيتون المعمرة بعد أن جبت الجبال وشاهدت مئات بل آلاف الأشجار التي تم قطعها ثم حرق جذورها ليظهر الأمر وكأنه حريق ولدي أرشيف مصور عن هذه الجرائم. وضربت مثلاً بالشهيد أبو عين عندما قلت انه يعد بزراعة أية أرض مهددة لإحيائها.. وهنا دخل أحدهم وجاء بنبأ استشهاده. فهل هناك من سيواصل الدرب؟ فقبل قرابة 27 سنة ومنذ الصيف السابق للانتفاضة الأولى كنا ننشط لزراعة الأراضي المهددة في قرى رام الله وغرب القدس، وكنا نشن حملة لمقاطعة المنتوجات الإسرائيلية فالمقاومة الشعبية السلمية ليست اختراعاً جديداً وإن جرى تحويلها إلى سياحية الآن. لكن الشهيد القائد أبو عين أعاد لها ألقها وجديتها وعنادها.. وصرخ في آذاننا جميعاً أن الصراع هو على الأرض، صراع وجود. فإما البقاء وإما الفناء.
نبض الحياة - رسائل التفجير
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
قبل يومين تعرض المركز الثقافي الفرنسي لتفجير جديد. مع انه قبل شهرين تعرض لتفجير سابق. وفي كل مرة تدعي حركة حماس، انها ستتابع الجناة. وتكشف عنهم. وتذرعت امام القوى السياسية، ان «ضيق اليد» و«نقص الامكانيات» و«نقص الاموال» تحول جميعها دون ملاحقة الجناة.
استهداف المركز الثقافي الفرنسي في غزة، ذلك الصرح الثقافي المتميز بدوره التنويري، في الوقت الذي تعترف الجمعية الوطنية الفرنسية بدولة فلسطين، ومع تعاظم جهود الحكومة الفرنسية في المنابر الاوروبية والاممية لمزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وايضا لتمرير مشروع قرار اممي يهدف لضخ الروح في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، بغض النظر عن اية ملاحظات على المشروع، غير انه جهد يحسب لفرنسا وليس عليها. يحمل في طياته رسائل عديدة: اولا تريد حركة الانقلاب الحمساوية، ان تقول للقيادة الشرعية، يد ميليشياتنا طويلة، وتستطيع ان تحرجكم امام كل الدنيا؛ ثانيا على حكومة التوافق الوطني دفع الاموال لميليشياتنا الامنية وموظقي الحركة بغض النظر عن قرار لجنتكم الادارية القانونية؛ ثالثا شاءت ان تؤكد لاوروبا كلها من خلال المركز الثقافي الفرنسي، وما يتعرض له، ان حركة حماس رقم لا يمكن تجاهله في المعادلة الفلسطينية، وعلى فرنسا واوروبا الاستعداد لتقديم الدعم المالي لها ولميليشياتها؛ رابعا الاهم انها ارادت التأكيد على انها جزء لا يتجزأ من المنظمات التكفيرية الظلامية، وشاءت تعميم وتكميم الأفواة واشاعة الظلام في محافظات الجنوب.
حماس لا تريد ان تتعظ، وتتعلم من تجربة الاخوان المسلمين العبثية الفاشلة في مصر وتونس. وتراهن على تغير الاوضاع في المنطقة خاصة في مصر، لا سيما انها ضالعة بشكل مباشر في العمليات الارهابية، التي نفذت ضد الجيش واجهزة الامن المصرية. اضف الى تنسيقها المتواصل مع التنظيم الدولي للاخوان وتركيا وقطر، لمضاعفة وتوسيع العمليات التخريبية ضد الامن الوطني والقومي المصري، وهي بذلك تهدد مصالح المواطنين الفلسطينيين. ولهذا تحاول لي ذراع القيادة الشرعية الوطنية، وابتزازها من خلال التحريض المتواصل على شخص الرئيس ابو مازن، وجرائمها ضد القيادات الفتحاوية، وضد المنبر الثقافي الاقدم في القطاع، المركز الثقافي الفرنسي، الذي اقيم عام 1982، وضد كل مظاهر التنوير والديمقراطية في المحافظات الجنوبية.
جريمة حماس الجديدة ضد المركز الثقافي الفرنسي، لا يجوز لها ان تثني القيادة عن مواصلة الدفع بعربة المصالحة الوطنية. ولكن دون تمرير او الصمت على جرائم وانتهاكات حركة الانقلاب الاسود الحمساوية. وبالتالي مطلوب تحميل حركة الانقلاب المسؤولية عن الجرائم والتفجيرات، التي تتم في القطاع، وعدم دفع اية رواتب لميليشيات وموظفي حركة حماس، والعمل على سحب البساط من تحت اقدامها من خلال اماطة اللثام اكثر فاكثر عن وجهها القبيح امام الجماهير الفلسطينية والعربية والدولية. وتحميلها مسؤولية معاناة الجماهير الغزية بعدم فتح معبر رفح البري، وايضا على الدول الاوروبية، ان تغلق كافة النوافذ امام حركة الانقلاب، وعدم الرضوخ لجرائمها البشعة.
علامات على الطريق - الصراخ لا يسكت صوت الحقيقة
بقلم: يحيى رباح – الحياة
مع الأسف الشديد، احتفلت حركة حماس في مدينة غزة يوم امس، بالذكرى السابعة والعشرين لتأسيسها، بمزيد من الضجيج، والاستعراضات العسكرية، وتقبيل الرشاش ثم الطواف به على من يعتلون منصة الاحتفال، كأن شيئا لم يحدث على الاطلاق، لا شهداء بالالآف ولا جرحى بالآلاف، ولا مشردين بمئات الآلاف، ولا غرقى في البحار العربية بالآلاف من شدة اليأس، فقد كان الصراخ هو سيد الموقف في ساحة الاحتفال، صراخ يحاول ان يعلو فوق صوت الحقائق، بينما الحقائق تقول بهدوء وجزم ان الوضع الامني تدهور في قطاع غزة منذ التفجيرات التي جرت في التاسع من تشرين الثاني الماضي، التي استهدفت منصة الاحتفال الرئيسية بذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات كما استهدفت منازل قادة الشريك الوطني الاول وهي حركة فتح، وما زالت بيانات داعش تهدد المثقفين في قطاع غزة دون معرفة الفاعلين، والمركز الثقافي الفرنسي تم تفجيره في قلب مدينة غزة للمرة الثانية والحادث ينسب الى مجهول، بل ان حركة حماس التي تحتفل بهذا الحجم من استعراض السلاح تطالب بالكشف عن الحقيقة وكأنها لا تعرف الحقيقة، وكأنها تقوم باغتيال المصالحة، وباغتيال عملية اعادة الاعمار انها تصرخ في وجه الشعب الفلسطيني تطلق صرخات الحرب ولا يكون في حسبانها سوى الفلسطينيين وقضيتهم المقدسة.
هذا الصراخ نفسه الذي يصم الاذان، وهذا التقبيل الاستعراضي على المنصة للبندقية، يجري كما لو ان انذارا ضد كل من يطرح سؤالا حول موقع حماس من القضية الوطنية، ما هو موقعها، ما هو دورها ازاء مشروع الاستقلال الوطني واقامة الدولة الفلسطينية الذي يحضر الآن بقوة على الساحة العالمية، هل حماس جزء من هذا المشروع أم هي معادية له؟
هل هي مع جسر المصالحة أم تريد نسفه نهائيا؟ هل تريد ان تشكل نفسها من سقوط تجربة الاسلام السياسي وتتمسك بخصوصيتها الفلسطينية أم انها تطيح بهيكلها الوطني مقابل الأوهام البائدة؟ هل تضع مليون وثمانمائة الف فلسطيني في قطاع غزة في الاعتبار وما يستحقون، من اهتمام ام تعتبرهم لا يزالون في مرتبة الرهينة.
هذه هي الاسئلة الحقيقية التي تلاحق حماس التي لا يمكن ان تضيع في الضجيج.