Haneen
2015-02-03, 10:18 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الثلاثاء 13/1/2015 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لماذا لا توجد فرصة لأوروبا؟
بقلم: يعقوب عميدرور،عن اسرائيل اليوم
أيها اليهود لا تهربوا من فرنسا
دعوة نتنياهو يهود فرنسا إلى مغادرة بلادهم والهجرة إلى إسرائيل تسيء لأوروبا
بقلم: عودة بشارات،عن هآرتس
نتنياهو الصهيوني
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
أنا رجل الأمس
احذّر رجال الغد من السماح بقيام حكومة يمينية متطرفة حبلى بالكوارث
بقلم: عوزي برعم،عن هآرتس
الفلسطينيون ومجلس الأمن
انتصرت إسرائيل في الأمم المتحدة هذه المرة ولكن علينا ألا نفهم الوضع في واشنطن بصورة مضللة
بقلم: روبي سيبل، عوديد عيران،عن نظرة عليا
</tbody>
لماذا لا توجد فرصة لأوروبا؟
بقلم: يعقوب عميدرور،عن اسرائيل اليوم
الكثير من مواطني اسرائيل يتألمون مع الشعب الفرنسي من الاحداث الإرهابية في باريس، ويأسفون على المس بالمواطنين الفرنسيين، وبعضهم من اليهود. إن العمل الإرهابي يتفجر في كل مرة من مكان آخر وبشكل آخر، ولكن جميع الحالات لها صورة واحدة: هؤلاء هم الإسلام الراديكالي.
إن اوروبا تستصعب وسيكون من الصعب عليها مواجهة هذا الإرهاب من ناحية معرفية وتنظيمية. أولا، سيكون من الصعب عليها القضاء على تهديدات كهذه بسبب عدم استعدادها للنظر في الواقع بعيون مفتوحة والتقدير الدقيق للظاهرة التي يواجهونها – حيث يدور الحديث عن إرهاب من اوساط إسلامية. وهذه الاوساط تحارب اخوتها في الدين وفي الدولة الذين لا يفكرون مثلهم تجاه الديمقراطيات الغربية – التي ثقافتها مكروهة لدى الاوساط الإسلامية هذه، وهي معادية لليهود – بغض النظر عن علاقتها بدولة اسرائيل.
إن عدم الاستعداد لدى اوروبا لتسمية المولود باسمه الحقيقي لا يُمكنها من تحديد الهدف بشكل مناسب، لذلك لا يمكن لها أن تركز على العدو الحقيقي. هكذا مثلا لا يجرؤون على القول إنه في المطارات مسموح الاشتباه بالمسلمين أكثر من الاشتباه بطفلة من سويسرا، ويحتمل أن يكون من نصيبها الفحص الدقيق وليس من نصيب مواطن دولة مسلمة يقف في الطابور أمام الطفلة. لماذا؟ لأنه في البيئة الاوروبية ممنوع الصاق التهم بالمجموعات بناءً على سلوك الافراد. هذا افتراض اخلاقي، ولكنه يمس بجهود المساءلة وجمع المعلومات الاستخبارية ويعتبر اجراءً خطيرا ضد سيئي الحظ، ويعتبر اجراء مخففا مع ذوي الخيار بالتوجه إلى الإرهاب.
إن الطريق المناسبة للحرب الفعالة ضد اوساط الإرهاب طويلة ومعقدة أكثر، حيث أنها تلزم باجراء تغييرات في البرامج العالمية في مجال الانظمة القانونية والموقف من حقوق الانسان. إن اغلبية الإرهابيين هم من مواطني الدولة التي يجري فيها الإرهاب، ومن ناحية قوانين الدولة الديمقراطية فانهم مواطنون متساوون مع باقي المواطنين. إن من فهم أبعاد الإرهاب ومضامينه وقام ببعض التنازلات في مجال حقوق المواطن يمكنه مواجهة هذا الإرهاب.
هكذا مثلا فانه من الواضح أنه يجب بناء منظومة استخبارية دقيقة في اوساط اولئك المرشحين حسب توجهاتهم الدينية للانضمام إلى منظمات الإرهاب. ومنظومة كهذه يجب أن تشمل التنصت والمتابعة للمواطنين الأبرياء فقط بسبب كونهم خيارا للوصول إلى المنظمات الإرهابية. وفي اغلبية دول الغرب، ولا سيما في اوروبا، فان متابعة كهذه بما فيها التسلل إلى الخصوصية في مرحلة جمع المعلومات الاستخبارية، تعتبر مسا بالمقدسات.
لقد كان هناك قدر كبير من النفاق في إدانة الولايات المتحدة على نظام التنصت المكثف والواسع الذي أجرته في أرجاء العالم، ولكن لولا مثل هذا النظام لما كان بالامكان منع الكثير من النشاطات الإرهابية.
إن الاختراق الاستخباري للمجتمعات المسلمة التي اغلبية اعضائها من مواطني الدولة هو أمر اضطراري، وهو الامر غير الممكن تنفيذه في اوروبا اليوم. حيث يدور الحديث عن ملايين الناس الذين القليل منهم يصل إلى تنفيذ العمليات الإرهابية. ولكن بدون التسلل إليهم ومراقبة سلوكهم – سيُحكم على اجهزة الاستخبارات بالمفاجآت في كل مرة من جديد.
اضافة إلى ذلك، وعندما تصل المعلومات إلى السلطات حول شخص مجهول تتعلق بقربه من اوساط الإرهاب، فمن الواضح أنه ما لم يقم هذا الشخص بأي عمل حتى لو عبر عن ولائه وعبر عنه بشكل نظري، لا يمكن اعتقاله. وإن «الاعتقالات الوقائية» هي أمر نادر في القضاء الغربي، ويتم اجراؤها فقط عند وجود معلومات مركزة وأكيدة ومثيرة للقلق الكبير تجاه تنفيذ جريمة. وفي اغلبية الحالات فان المعلومات عن الاستعداد للقيام بنشاطات إرهابية ليست كذلك، لذلك لا يتم اعتقال أحد.
وعندما يتم اعتقال مشبوه، واذا كانت جميع المعلومات المتعلقة به مصدرها اوساط الاستخبارات، فلا يمكن تقديمه للقضاء ويتم اطلاق سراحه. واسلوب «الاعتقال الاداري» الذي يُمكن من اعتقال كل من لا يمكن تقديمه للقضاء – غير موجود في اوروبا. والقانون الموجود فيها مُعد لمحاربة الجريمة وليس الإرهاب.
وعندما لا نكون مستعدين لتعريف المشكلة حسب الواقع – بسبب أن هذا يتعارض مع المنظومات السياسية، وعندما لا تكون امكانية تصنيف مجموعات معينة وتحديد افضليات حسب هذا التصنيف – لن تكون هناك انذارات حول إرهاب مستقبلي. إن الإرهاب الممارس من قبل اوساط الإسلام – من نيجيريا وحتى فرنسا، ومن العراق وحتى بلغاريا، ومن بانكوك وحتى نيويورك – يتطلب ويلزم بعلاج وتصرف آخر بشكل مطلق ومختلف عن هذه الاجراءات المتبعة ضد الخارجين عن القانون العاديين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أيها اليهود لا تهربوا من فرنسا
دعوة نتنياهو يهود فرنسا إلى مغادرة بلادهم والهجرة إلى إسرائيل تسيء لأوروبا
بقلم: عودة بشارات،عن هآرتس
رفضت الأوبرا الاسرائيلية طلب الفائز فريدريك شازلان عزف «هتكفا» لذكرة ضحايا اعتداءات باريس في بداية الاحتفال الذي كان عليه الفوز به. وكرد على ذلك الغى شازلان ظهوره في الاحتفال. فهل كان شازلان محقا في طلبه؟ ام ان ادارة الاحتفال كانت محقه في رفضها ؟
لهذا السؤال اوجه كثيرة وبإمكاني التطرق للجانب السياسي منها. هل النشيد الوطني بكل ما يعنيه ويحتويه من معاني هو الرد الملائم على الإرهاب المجرم الذي تم تنفيذه ضد الفرنسيين، ومن بينهم يهود، واخرون؟ ان قادة داعش سيكون بإمكانهم التفاخر بذلك بأنهم ارعبوا «العدو الصهيوني» – وها هم اليهود الجبناء يحزمون حقائبهم ويهربون. هل هذه هي صورة اليهودي العقلاني؟ الذي تحاول حكومة اسرائيل رسمها امام العالم؟ ان نتنياهو واليمين الاسرائيلي يحاولون رسم صورة ترعب العدو وها هم في لحظة الحقيقة يرسمون صورة اليهودي على شكل لاجيء مسكين تخلى عنه الجميع؟
ان دعوة نتنياهو ليهود فرنسا تصور اليهودي الفرنسي، ابن الثقافة المفتخرة للثورة الفرنسية التي وضعت قواعد قوية لكرامة الانسان اياً كان، كيهودي يعيش في إيران او في الدول التي يسود بها ظلم القرون الوسطى. نعم ان نشيد «الامل» النشيد الوطني الاسرائيلي لم يعد ذا صلة بالواقع الاسرائيلي القائم في هذه الأيام. فهل هو ملائم للواقع الاوروبي. الذي يعيش به اليهود؟ ان هذا النشيد خلق يوم كان يهود اوروبا يلاحقون من قبل المواطنين الاشرار والحكومات العنيفة الذين كانت اللاسامية بالنسبة لهم تلعب دورا اساسيا في الحفاظ على سلطاتها، وفي مقابل الواقع الذي ساد في القرن الماضي فان يهود فرنسا اليوم جزء لا يتجزأ من الشعب الفرنسي، ومن الجمهور المتقدم، الذي يشمل المسلمين والعرب. وان التقدميين هم الغالبية المطلقة من سكان فرنسا اليوم وهم في جبهة واحدة ضد بربرية داعش والقاعدة.
وهكذا، فان جميع مؤسسات الدولة الفرنسية وجميع دول اوروبا تقف إلى جانبهم. وفي مثل هذا الوضع سيكون من الغريب جداً، ان يكون الرد الصهيوني هو دعوة يهود فرنسا إلى مغادرة دولتهم.
ان مغادرة يهود فرنسا، ان حصلت، ستكون ضربة لاوروبا الديمقراطية، ولليهود انفسهم. فاليهود كما هو معلوم اسهموا اسهاماً كبيراً في اوروبا الديمقراطية على مدى مئات السنين. وكما يذكر فان هجرة يهود البلاد العربية بسبب الملاحقات الحقت ضرراً كبيراً بهذه الدول.
ان العرب الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة يرون في الاعتداءات في فرنسا أعمالا مشبوهة ضد التيار المتعاظم في اوروبا، الداعم لدولة الشعب الفلسطيني. ولقد صوتت فرنسا في الام المتحدة مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحسب نظرية المؤامرة فان هذه العمليات قد تمت بهدف قيام رأي عام ضد العرب والفلسطينيين، في فرنسا وفي اوروبا بشكل عام. «لقد اساءت المجموعات الإرهابية المتطرفة للإسلام اكثر من الكاريكاتورات او الكتب او الافلام» كما قال حسن نصر الله، زعيم منظمة حزب الله. وفي نفس الوقت فان التحفظ من العمليات الإرهابية على مستوى العالمين العربي والإسلامي اخذ بالتعاظم وتتزايد الادانات لمثل هذه الاعتداءات.
واذا كان لا بد من استخلاص العبر من هذه الاعمال المثيرة للقشعريرة في باريس – فالعبرة الأكثر اهمية هي تعزيز التعاون بين جميع القوى التقدمية في العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نتنياهو الصهيوني
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
قناة الاخبار الفرنسية «Tele» وهي القناة الفرنسية الموازية لقناة الـ «سي.إن.إن» ذكرت أمس في نشرتها الليلية أن بنيامين نتنياهو على رأس قائمة الزعماء الاجانب الذين وصلوا إلى فرنسا للمشاركة في المظاهرة الكبرى في باريس ضد الإرهاب. وذُكر رئيس الحكومة قبل انجيلا ميركل ودافيد كامرون والملك عبد الله.
كان هناك 50 من الزعماء، والقناة الفرنسية اختارت بنيامين نتنياهو بالذات، وربما يكون ذلك بسبب أن الانتقادات التي وجهت لنتنياهو أمس في نشرات المساء الاخبارية في اسرائيل لم تكن قد وصلت بعد إلى فرنسا. أو ربما يكون ذلك قد حدث في اليوم الذي تقول فيه فرنسا «لا للإرهاب»، فان وسائل الاعلام الفرنسية تداعب نتنياهو زعيم الدولة التي تُنتقد بشكل عام.
وأشارت اميلي درواك، مراسلة القناة الفرنسية، في تقرير لها أن اللقاء بين نتنياهو والرئيس أولاند في الكنيس «لا فيكتوار» أمس كان أحد لحظات الذروة في ذلك اليوم التاريخي. وفي المقابل، نشرت تقارير في البلاد أن الفرنسيين لم يرغبوا في وصول نتنياهو. وكم هي المفارقة أن يطلبوا في فرنسا أمس الوحدة، بينما في اسرائيل دعوات إلى اشعال الفتنة.
والآن إلى الحقائق: في أعقاب العملية التي حدثت أول أمس، وهي عملية اخرى ضد اليهود في فرنسا منذ مقتل ايلان حليمي في 2006، والعملية ضد المدرسة اليهودية في طولوز وعدد آخر من الحوادث، دعا نتنياهو أول أمس يهود فرنسا إلى الهجرة إلى اسرائيل. هذه هي مهمة زعيم الدولة اليهودية. هل كان بن غوريون وغولدا مئير كانا سيترددان في القيام بنفس العمل؟ وأن اريئيل شارون في ايامه دعا بالضبط إلى نفس الشيء حتى عندما كلفه ذلك المواجهة مع الفرنسيين في 2004. وفي حينه ايضا كانت تلك ايام صعبة جدا لليهود، وهي ايام عانى فيها يهود فرنسا من مئات الحوادث على خلفية لاسامية خلال الانتفاضة الثانية.
يصعب علي أن أقول لكم الحقيقة، وهي أن: الجريمة الفظيعة لنتنياهو تُسمى صهيونية.
وقد رد رئيس حكومة فرنسا مانويل فالس أمس على نتنياهو في ذكرى «لهيبر اليهودي» وقال إن «فرنسا بدون يهودها ليست فرنسا». وبكلمات اخرى، هو يدعوهم إلى البقاء. وهكذا فان فالس قد قام بالمهمة الملقاة عليه وقد صدق في ذلك. فبالضبط مثلما هو نتنياهو صهيوني، فان فالس ايضا وطني يقلق على مصالح الجمهورية ومواطنيها المسيحيين والمسلمين واليهود. وايضا فالس قام بمهمته ويستحق الثناء على أقواله.
وبذلك صحيح أننا في فترة انتخابات وكل شيء يتحول فورا إلى قصة انتخابية. ولكن يجب أن نُفهم الجهاديين في فرنسا بأنه يجب عليهم عدم القيام بأي عمليات قبل الانتخابات.
وكم أننا هزليون أصبحنا في السنوات الاخيرة. فالويل للزعيم الذي يتجرأ على منع هجرة غير قانونية وفي نفس الوقت الويل له اذا قال ليهود العالم بأن اسرائيل هي بيتهم. إن آلاف اليهود الفرنسيين الذين يهاجرون إلى اسرائيل في كل سنة هم الدليل على ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أنا رجل الأمس
احذّر رجال الغد من السماح بقيام حكومة يمينية متطرفة حبلى بالكوارث
بقلم: عوزي برعم،عن هآرتس
لا شي ء يغمرني بالسعادة اكثر من اعتبار نفسي رجل الغد، فالغد هو تجسيد الحلم والتنبؤات، وتجسيد الافكار التي نضجت في الراس على مدى السنين وبها الكثير من الصدق والسحر والصحة. ولذلك فاني اقبل بغضب اعتباري رجل الامس.
تصعد في ذاكرتي صوري وانا اتجادل من على منصات الشباب الناضجين مع رجال الغد في حينه. في جميع المجادلات مع رجل هشومير هتسعير، نحن اليساريين كنا قلة قليلة. وكانوا هم يتحدثون عن عالم الغد. من منا لم يتفاعل مع مقولات مثل «العدالة للجميع» و»القضاء على الطبقات» و»سيطرة الشعب على موارد الدولة»، والتصدي للاديان كان ايضاً يضيف نوع من السحر للاشتراكية الثورية التي كنا نؤمن بها. وكنا ندافع بقوة عن القيم التي آمنا بها. الاشتراكية الديمقراطية في موازاة الصهيونية العملية. كنا رجال الامس ولكن كنا اقوياء في الشارع، ولكن كانت تنقصنا الشعارات الحاسمة، تشبثنا بأقوال برل كتسنلسون.
واليوم فان رجال الغد هم اقلية وعديمو التاثير. ولكنهم يعيشون نشوة الرؤيا بعيدة المدى وينتقدوننا ويتهموننا بأننا لا نستطيع المس بالاشياء المتفق عليها. وكرجل الأمس فإني اؤمن ببعض القيم التي ازيحت جانباً، مثل الصهيونية. نعم اضحكت رجل الغد بذكري لمفهوم يتماثل مع ما يطرحه موشيه فيغلين، ونفتالي بينت وزئيف الكين، ولكن وحسب اعتقاد رجال الغد فإن الصهيونية هي حركة استعباد شعب اخر وليس اكثر. ومن وجهة نظري أن الصهيونية لم تنته من العالم، وحيث ان يهود فرنسا لا زالوا يعيشون في ضائقة، فهم يتوجهون إلى الدولة اليهودية التي وجدت بعد النبوءة الصهيونية. الصهيونية التي اؤمن بها هي الايمان ببناء مجتمع العدالة والمساواة الساعي إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانبه.
ويدعي رجل الغد بجرأة ان الربط بين اليهودية والديمقراطية ليست في اطار الممكن. ولربما يثبت المستقبل انه صادق. ومن بين اولئك الذين يقدسون اسم «الدولة اليهودية» يوجد الكثير ممن ضاقوا ذرعاً بالديمقراطية. وهؤلاء يجب النضال ضدهم. وبدل ان يتم النضال ضد هؤلاء من قبل رجال الامس ورجال الغد، يقوم رجال الغد بالهرب من هذا النضال ويضعون انذارا مرعبا: اما دولة جميع مواطنيها، او فييغلين! اذا كانت هذه هي الخيارات، فلا بد من تحضير جوازات السفر والاستعداد للرحيل، لانه من الواضح ان فييغلين وصحبه سينتصرون في هذه الخيارات.
ويجب القول للحالمين بدولة جميع مواطنيها، أن هذه الفكرة الرومانسية قد انتهى زمنها. اننا نعلم ان العالم العربي في حالة اضطراب. وهناك ايضاً من يحول الخيار الديني إلى خنق التطلعات القومية او السياسية. فلماذا يدعي رجال الغد انهم واثقون إلى هذا الحد بحسن نوايا شركائهم في الوطن.
وكرجل الامس فاني اشعر كمن وضع حالة كبح، حيث اني لا ابيع بضاعة مثالية وجذابة، ولكني كرجل الامس فاني اسعى إلى منع تحقق ما هو اسوأ – حكومة يمينية دينية متطرفة حبلى بالكوارث للدولة وللمجتمع. وكرجل الامس فاني لست واثقا بأني سأنجح في ذلك. ولكن على الأقل أدعو إلى خلق خيار واسع مع وجهة نظر جماهيرية داعمة تكون هي شرطا لكل نضال.
لم أسقط عن الكرسي عند سماعي بان زميلي ابراهام بورغ انضم لحزب حداش. فبامكان رجل مثل بورغ ان يدعي انه يسعى إلى دعم حزب اسرائيلي يهودي عربي وهذا منطقي في نظري، على الرغم من أن اختياري كرجل الامس مختلف عن ذلك. إنني أعارض ادعاء رجال الغد الذين يعتقدون أن بديلهم هو الوحيد الممكن من أجل التسوية العادلة والثابتة في منطقة مشبعة بالكراهية والاراء المسبقة.
لا اشك أنني أشعر بالإحباط العميق من كل ما بالامكان دعوته برجل الغد، ولكن ما العمل، ما دام الامس هو الذي يكشف وجه المستقبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الفلسطينيون ومجلس الأمن
انتصرت إسرائيل في الأمم المتحدة هذه المرة ولكن علينا ألا نفهم الوضع في واشنطن بصورة مضللة
بقلم: روبي سيبل، عوديد عيران،عن نظرة عليا
يشكل التصويت الذي اجري في مجلس الأمن في ديسمبر 2014 بدون شك نصراً دبلوماسياً اسرائيلياً، وخاصة على خلفية القرارات السابقة للامم المتحدة وقرارات اخرى تم تبنّيها في الاشهر الاخيرة في عدد من البرلمانات الاوروبية. اذا كان هنالك شكوك للطريقة التي ستنتهجها الولايات المتحدة ازاء هذه الخطوة الفلسطينية، فقد تم تبديدها بفضل الموقف الصلب جدا الذي طرح في الاسابيع التي سبقت التصويت مقترنا بالتوضيحات التي تم اسماعها بدون شك للاعضاء الاخرين في مجلس الأمن، بان الولايات المتحدة ستقوم بالتصويت بالفيتو حتى على صيغة ملطّفة للمسودة الاولى. و مع ذلك يجب الا يعطي التصويت الامريكي صورة مضللة بشان الوضع السائد في واشنطن في هذه الايام و كذلك بشان الاصوات التي تُسمع في الادارة الامريكية.
بالرغم من انه لم يتم تبني مشروع القرار فان هذا المشروع الذي قُدم لمجلس الأمن من قبل الاردن، باسم « فلسطين «، جدير بالفحص. لذاته، فان مشروع القرار باسم الفلسطينيين شكل خرقا واضحا للتعهدات الفلسطينية طبقا لاتفاقيات اوسلو، و التي وافقت فيها اسرائيل و م.ت.ف على، ان ( الا يقوم اي طرف باي خطوة او اتخاذ اي موقف، من شأنه تغيير الوضع الراهن للضفة الغربية و قطاع غزة انتظارا للنتائج النهائية لمباحثات الوضع النهائي.
يجب التاكيد منذ البداية، بان مجلس الأمن التابع للامم المتحدة هو جسم سياسي، قراراته هي قرارات سياسية. لهذا، حتى لو تم تبني القرار فانها لم تكن لتشكل مستندا قضائيا او تصريحا في المحكمة الدولية، و لكنه فقط يعتبر تصريحا بشان مواقف أغلب الدول الأعضاء في المجلس. طبقا للميثاق الاساسي لمنظمة الامم المتحدة، بإمكان مجلس الأمن تبني قرارات ملزمة، و لكن ذلك يكون فقط اذا كانت القرارات قد اتخذت طبقا للبند السابع للميثاق، حيث يوجد «تهديدٌ للامن، أو خرقٌ للسلام، أو خطوةٌ عدوانية». لا يوجد اي قرار من قرارات مجلس الأمن منذ 1948 تم اتخاذه طبقا للبند السابع بكل ما يتعلق بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. و حتى قرار 242 لم يتم تبنيه طبقاً للبند السابع، و قد اصبحت ملزمة فقط عندما تم تبنيها من قبل كل أطراف النزاع. و كذلك مشروع القرار الأردني الحالي امتنع عن استخدام ما ورد في البند السابع.
في حين أن قرار 242 استخدم لغة غامضة، من أجل تمكين الأطراف من اجراء مفاوضات، فان مشروع القرار الأردني عبّر بصورة كاملة عن الموقف الفلسطيني دون أن يترك شيئاً للتفاوض عليه بين الأطراف.
من الواضح، أن مشروع القرار جاء بوحي من مبادرة السلام للجامعة العربية سنة 2002، و لكنه يختلف عنها في عدد من النقاط المهمة. مشروع القرار الأردني يضع جدولاً زمنياً مفصّلاً صارماً لإنهاء « الاحتلال « حتى ديسمبر 2017، في حين أن مبادرة الجامعة العربية لم تُشِر إلى جدول زمني من هذا النوع، بالاضافة لذلك، وخلافاً لمبادرة السلام للجامعة العربية، فإن مشروع القرار الاردني يتطرق في مقدمته إلى قرار «التقسيم « الصادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة سنة 1947.
هذا الأمر كان مفاجئاً، لأن قرار التقسيم أخرج القدس من الدولة اليهودية المقترحة و كذلك من الدولة العربية. زيادة على ذلك، قرار التقسيم تطرق بصورة مفصلة لدولة «يهودية» تقوم إلى جانب دولة عربية. هنالك عنصر ايجابي بصورة خاصة في مبادرة السلام للجامعة العربية سنة 2002 و هو الإعلان الذي اشير فيه، أنّه نتيجة لتبني الاتفاق مع الفلسطينيين فإن كل الدول العربية ترى أن «الصراع العربي الاسرائيلي كأنه قد انتهى، و يدخلون في اتفاق سلام مع اسرائيل». و كذلك «يقيمون علاقات طبيعية مع اسرائيل في اطار السلام الشامل هذا «. هذا التعهد الايجابي لجميع الدول العربية تم حذفه من مشروع القرار الأردني.
ومع ذلك فإن مشروع القرار الأردني، بالرغم من أنه يدعو إلى انسحاب شامل من كل المناطق بما فيها شرقي القدس، فإنه يتطرق إلى امكانية « تبادل مناطق متفق عليه بين الجانبين، محدود و بنفس القيمة» – هذا الاقتراح لم يتم تضمينه في مبادرة الجامعة العربية .
إضافة إلى البرنامج الزمني الصارم بصورة مصطنعة و للدعوة إلى الإنسحاب الكامل فإن المشروع الأردني يقترح أيضا، أن يتم حل مشكلة اللاجئين العرب على أساس القرار رقم 194 (3 ) للجمعية العاملة للامم المتحدة. و مثله مثل مبادرة الجامعة العربية، يحاول مشروع القرار الأردني أن يُدخل ما يسمى «حق العودة» كشرط لأجراء المفاوضات. تجدر الإشارة أنه في ذلك الوقت صوتت كل الدول العربية ضد القرار 194، و أنه في قرار مجلس الأمن رقم 242 لم يتم ورود أي إشارة إلى ذلك القرار. و بالمثل، أيضاً اتفاق كامب ديفيد مع مصر سنة 1978، اتفاق السلام معها سنة 1979، اتفاق السلام الاسرائيلي ـ الأردني، أو حتى اتفاقيات اوسلو لا تتضمن أي اشارة إلى القرار رقم 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة. لهذا فإنه يجري الحديث هنا عن محاولة لإدخال عنصر غير مقبول تماماً من قبل اسرائيل و الذي تم إهماله فعلياً في كل الاتفاقات السابقة التي وقعت معها.
عندما صوتت الولايات المتحدة ضد القرار فإنها عبّرت ليس فقط عن عدم رضاها السياسي، بل إنها أوفت بالتعهد الذي أعطته كجزء من اتفاق السلام الاسرائيلي المصري سنة 1979 و الذي عادت فيه الولايات المتحدة وأكدت تعهدها « بأن تعارض كل مبادرة تُطرح في مجلس الأمن، و إذا تطلب الأمر، أن تصوت ضدها في حال دعت إلى تغيير صيغة القرار 242 و 338 بطرق لا تتساوق مع أهدافها الأصلية.
إن التصويت الذي جرى في مجلس الأمن في 30 ديسمبر 2014 يُشكِّل بدون شك نصراً دبلوماسيا اسرائيلياً و خاصةً على خلفية القرارات السابقة لمؤسسات الامم المتحدة الأخرى و الذي تم تبنيها في الأشهر الاخيرة من قبل عدد من البرلمانات في الدول الأوروبية.
واذا كان هنالك شكوك للطريقة التي ستنتهجها الولايات المتحدة ازاء هذه الخطوة الفلسطينية، فقد تم تبديدها بفضل الموقف الصلب جدا الذي طرح في الاسابيع التي سبقت التصويت مقترنا بالتوضيحات التي تم اسماعها بدون شك للاعضاء الاخرين في مجلس الأمن، بان الولايات المتحدة ستقوم بالتصويت بالفيتو حتى على صيغة ملطّفة للمسودة الاولى. و مع ذلك يجب الا يعطي التصويت الامريكي صورة مضللة بشان الوضع السائد في واشنطن في هذه الايام و كذلك بشان الاصوات التي تُسمع في الادارة الامريكية.
إن خطاب السفير البريطاني عندما جاء لتبرير التصويت لدولته (الامتناع)، و طبقا له وافقت بريطانيا مع صيغة القرار المعدل، و بأنها كانت ستؤيد إعادة فحص االفكرة بشأن «القرار حول معايير بشأن مسيرة السلام في الشرق الأوسط في سنة 2015)، الأمر الذي من شأنه أن يعبر جيداً عن آراء أخرى موجودة في واشنطن.
وبموجب ذلك، فإنه ليس التصويت الفرنسي فقط يشكل سبباً للقلق، و لكن الإصرار على مواصلة الدفع باتجاه تبني القرار في المستقبل. الأصوات الأربعة للاتحاد الاوروبي توزعت بين امتناع دولتين عن التصويت ( بريطانيا و ليتوانيا) وبين تلك التي دعمته( فرنسا و لوكسومبورغ). و اذا حدث و تم إعادة طرح الموضوع على طاولة المناقشات سنة 2015، فليس هنالك سببٌ لنأمل أنه سيسجل تحسّن في تصويت أعضاء الاتحاد الاوروبي، حيث أن إسبانيا ستأخذ مكان لوكسومبورغ في مجلس الأمن.
في حين أنه يمكن أن نجد عزاءً معيناً في تصويت الأعضاء الأفارقة فإن أصوات دول أمريكا اللاتينية ذهبت لصالح مشروع القرار الأردني ـ الفلسطيني. ففي حين أن الجالية المهاجرة في تشيلي تستطيع تفسير تصويت هذه الدولة، فيجب عدم الاستهانة بتصويت الأرجنتين، وبحقيقة أن فنزويلا ستخلف الأرجنتين سنة 2015 وهذا سلغي كل أمل للتغيير.
نفس الأقوال يمكن قولها بشأن الطريقة التي ستصوت بها الدولتين الإسلاميتين سنة 2015 عندما سيتم إعادة طرح مسودة صيغة مشروع قرار مشابه، أو حتى مشروع قرار بصيغة أسوء.
اسرائيليون كثيرون ذهلوا من دور الأردن في التطورات التي قادت إلى إجراء التصويت في ديسمبر 2014، علينا التوضيح بهذا السياق، أن الأردن بكونها مندوب الجامعة العربية، لم يكن أمامها أي خيار سوى تقديم المشروع للتصويت و التصويت معه. مع ذلك فإن النشاط الفلسطيني في مجلس الأمن تقريباً لم يتم تنسيقه مع السفارة الأردنية في الأمم المتحدة، و خلف الكواليس أثار التكتيك الفلسطيني غضباً في عمّان.
إن هذا الوضع يطرح السؤال لماذا لم ينتظر الفلسطينيون حتى تحتل الأعضاء الأضمن بالنسبة لهم مقاعدها في مجلس الأمن و الذي جرى بعد ساعات قليلة فقط من إجراء التصويت فعلاً.
هل كان ذلك نتيجة معلومات خاطئة عن الطريقة التي كان أعضاء معينون ينوون التصويت بها أو كما يطرح البعض، تعبيراً عن تفهم بأن القرار سيتم رفضه بدون أن تضطر الولايات المتحدة أن تضع فيتو عليه. بغض النظر عن التفسيرات من الواضح أن المعركة السياسية الفلسطينية تتحرك الآن باتجاه حلبة مختلفة قليلاً. تنائج انتخابات آذار 2015 في اسرائيل من شأنها تشجيع الفلسطينيين، ومن الممكن أيضاً اخرين لإعادة تقييم منبر مجلس الأمن و اذا حدث ذلك، يتحول الفيتو الأمريكي لأمر هام حقاً، و لكن متغيرات كثيرة جداً لا تسمح بالتوقع بصورة مؤكدة بانه سيتم استخدامه. من هذه المتغيرات صيغة مسودة مشروع القرار و الوضع السياسي الداخلي سواء في اسرائيل أو في أوساط الفلسطينيين، الضغوطات التي سيتم فرضها من قبل حلفاء أوروبيين معينين للولايات المتحدة، و كذلك ضغوط من جهة دول عربية معينة. إن قيادة سياسية فلسطينية أكثر مهارة بإمكانها تغيير القرار الأمريكي المتعلق بكيف ستتصرّف في التصويت الجديد على، مشروع القرار الذي سيطرح أمام مجلس الأمن وهذا أصعب على التنبؤ به.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الثلاثاء 13/1/2015 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لماذا لا توجد فرصة لأوروبا؟
بقلم: يعقوب عميدرور،عن اسرائيل اليوم
أيها اليهود لا تهربوا من فرنسا
دعوة نتنياهو يهود فرنسا إلى مغادرة بلادهم والهجرة إلى إسرائيل تسيء لأوروبا
بقلم: عودة بشارات،عن هآرتس
نتنياهو الصهيوني
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
أنا رجل الأمس
احذّر رجال الغد من السماح بقيام حكومة يمينية متطرفة حبلى بالكوارث
بقلم: عوزي برعم،عن هآرتس
الفلسطينيون ومجلس الأمن
انتصرت إسرائيل في الأمم المتحدة هذه المرة ولكن علينا ألا نفهم الوضع في واشنطن بصورة مضللة
بقلم: روبي سيبل، عوديد عيران،عن نظرة عليا
</tbody>
لماذا لا توجد فرصة لأوروبا؟
بقلم: يعقوب عميدرور،عن اسرائيل اليوم
الكثير من مواطني اسرائيل يتألمون مع الشعب الفرنسي من الاحداث الإرهابية في باريس، ويأسفون على المس بالمواطنين الفرنسيين، وبعضهم من اليهود. إن العمل الإرهابي يتفجر في كل مرة من مكان آخر وبشكل آخر، ولكن جميع الحالات لها صورة واحدة: هؤلاء هم الإسلام الراديكالي.
إن اوروبا تستصعب وسيكون من الصعب عليها مواجهة هذا الإرهاب من ناحية معرفية وتنظيمية. أولا، سيكون من الصعب عليها القضاء على تهديدات كهذه بسبب عدم استعدادها للنظر في الواقع بعيون مفتوحة والتقدير الدقيق للظاهرة التي يواجهونها – حيث يدور الحديث عن إرهاب من اوساط إسلامية. وهذه الاوساط تحارب اخوتها في الدين وفي الدولة الذين لا يفكرون مثلهم تجاه الديمقراطيات الغربية – التي ثقافتها مكروهة لدى الاوساط الإسلامية هذه، وهي معادية لليهود – بغض النظر عن علاقتها بدولة اسرائيل.
إن عدم الاستعداد لدى اوروبا لتسمية المولود باسمه الحقيقي لا يُمكنها من تحديد الهدف بشكل مناسب، لذلك لا يمكن لها أن تركز على العدو الحقيقي. هكذا مثلا لا يجرؤون على القول إنه في المطارات مسموح الاشتباه بالمسلمين أكثر من الاشتباه بطفلة من سويسرا، ويحتمل أن يكون من نصيبها الفحص الدقيق وليس من نصيب مواطن دولة مسلمة يقف في الطابور أمام الطفلة. لماذا؟ لأنه في البيئة الاوروبية ممنوع الصاق التهم بالمجموعات بناءً على سلوك الافراد. هذا افتراض اخلاقي، ولكنه يمس بجهود المساءلة وجمع المعلومات الاستخبارية ويعتبر اجراءً خطيرا ضد سيئي الحظ، ويعتبر اجراء مخففا مع ذوي الخيار بالتوجه إلى الإرهاب.
إن الطريق المناسبة للحرب الفعالة ضد اوساط الإرهاب طويلة ومعقدة أكثر، حيث أنها تلزم باجراء تغييرات في البرامج العالمية في مجال الانظمة القانونية والموقف من حقوق الانسان. إن اغلبية الإرهابيين هم من مواطني الدولة التي يجري فيها الإرهاب، ومن ناحية قوانين الدولة الديمقراطية فانهم مواطنون متساوون مع باقي المواطنين. إن من فهم أبعاد الإرهاب ومضامينه وقام ببعض التنازلات في مجال حقوق المواطن يمكنه مواجهة هذا الإرهاب.
هكذا مثلا فانه من الواضح أنه يجب بناء منظومة استخبارية دقيقة في اوساط اولئك المرشحين حسب توجهاتهم الدينية للانضمام إلى منظمات الإرهاب. ومنظومة كهذه يجب أن تشمل التنصت والمتابعة للمواطنين الأبرياء فقط بسبب كونهم خيارا للوصول إلى المنظمات الإرهابية. وفي اغلبية دول الغرب، ولا سيما في اوروبا، فان متابعة كهذه بما فيها التسلل إلى الخصوصية في مرحلة جمع المعلومات الاستخبارية، تعتبر مسا بالمقدسات.
لقد كان هناك قدر كبير من النفاق في إدانة الولايات المتحدة على نظام التنصت المكثف والواسع الذي أجرته في أرجاء العالم، ولكن لولا مثل هذا النظام لما كان بالامكان منع الكثير من النشاطات الإرهابية.
إن الاختراق الاستخباري للمجتمعات المسلمة التي اغلبية اعضائها من مواطني الدولة هو أمر اضطراري، وهو الامر غير الممكن تنفيذه في اوروبا اليوم. حيث يدور الحديث عن ملايين الناس الذين القليل منهم يصل إلى تنفيذ العمليات الإرهابية. ولكن بدون التسلل إليهم ومراقبة سلوكهم – سيُحكم على اجهزة الاستخبارات بالمفاجآت في كل مرة من جديد.
اضافة إلى ذلك، وعندما تصل المعلومات إلى السلطات حول شخص مجهول تتعلق بقربه من اوساط الإرهاب، فمن الواضح أنه ما لم يقم هذا الشخص بأي عمل حتى لو عبر عن ولائه وعبر عنه بشكل نظري، لا يمكن اعتقاله. وإن «الاعتقالات الوقائية» هي أمر نادر في القضاء الغربي، ويتم اجراؤها فقط عند وجود معلومات مركزة وأكيدة ومثيرة للقلق الكبير تجاه تنفيذ جريمة. وفي اغلبية الحالات فان المعلومات عن الاستعداد للقيام بنشاطات إرهابية ليست كذلك، لذلك لا يتم اعتقال أحد.
وعندما يتم اعتقال مشبوه، واذا كانت جميع المعلومات المتعلقة به مصدرها اوساط الاستخبارات، فلا يمكن تقديمه للقضاء ويتم اطلاق سراحه. واسلوب «الاعتقال الاداري» الذي يُمكن من اعتقال كل من لا يمكن تقديمه للقضاء – غير موجود في اوروبا. والقانون الموجود فيها مُعد لمحاربة الجريمة وليس الإرهاب.
وعندما لا نكون مستعدين لتعريف المشكلة حسب الواقع – بسبب أن هذا يتعارض مع المنظومات السياسية، وعندما لا تكون امكانية تصنيف مجموعات معينة وتحديد افضليات حسب هذا التصنيف – لن تكون هناك انذارات حول إرهاب مستقبلي. إن الإرهاب الممارس من قبل اوساط الإسلام – من نيجيريا وحتى فرنسا، ومن العراق وحتى بلغاريا، ومن بانكوك وحتى نيويورك – يتطلب ويلزم بعلاج وتصرف آخر بشكل مطلق ومختلف عن هذه الاجراءات المتبعة ضد الخارجين عن القانون العاديين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أيها اليهود لا تهربوا من فرنسا
دعوة نتنياهو يهود فرنسا إلى مغادرة بلادهم والهجرة إلى إسرائيل تسيء لأوروبا
بقلم: عودة بشارات،عن هآرتس
رفضت الأوبرا الاسرائيلية طلب الفائز فريدريك شازلان عزف «هتكفا» لذكرة ضحايا اعتداءات باريس في بداية الاحتفال الذي كان عليه الفوز به. وكرد على ذلك الغى شازلان ظهوره في الاحتفال. فهل كان شازلان محقا في طلبه؟ ام ان ادارة الاحتفال كانت محقه في رفضها ؟
لهذا السؤال اوجه كثيرة وبإمكاني التطرق للجانب السياسي منها. هل النشيد الوطني بكل ما يعنيه ويحتويه من معاني هو الرد الملائم على الإرهاب المجرم الذي تم تنفيذه ضد الفرنسيين، ومن بينهم يهود، واخرون؟ ان قادة داعش سيكون بإمكانهم التفاخر بذلك بأنهم ارعبوا «العدو الصهيوني» – وها هم اليهود الجبناء يحزمون حقائبهم ويهربون. هل هذه هي صورة اليهودي العقلاني؟ الذي تحاول حكومة اسرائيل رسمها امام العالم؟ ان نتنياهو واليمين الاسرائيلي يحاولون رسم صورة ترعب العدو وها هم في لحظة الحقيقة يرسمون صورة اليهودي على شكل لاجيء مسكين تخلى عنه الجميع؟
ان دعوة نتنياهو ليهود فرنسا تصور اليهودي الفرنسي، ابن الثقافة المفتخرة للثورة الفرنسية التي وضعت قواعد قوية لكرامة الانسان اياً كان، كيهودي يعيش في إيران او في الدول التي يسود بها ظلم القرون الوسطى. نعم ان نشيد «الامل» النشيد الوطني الاسرائيلي لم يعد ذا صلة بالواقع الاسرائيلي القائم في هذه الأيام. فهل هو ملائم للواقع الاوروبي. الذي يعيش به اليهود؟ ان هذا النشيد خلق يوم كان يهود اوروبا يلاحقون من قبل المواطنين الاشرار والحكومات العنيفة الذين كانت اللاسامية بالنسبة لهم تلعب دورا اساسيا في الحفاظ على سلطاتها، وفي مقابل الواقع الذي ساد في القرن الماضي فان يهود فرنسا اليوم جزء لا يتجزأ من الشعب الفرنسي، ومن الجمهور المتقدم، الذي يشمل المسلمين والعرب. وان التقدميين هم الغالبية المطلقة من سكان فرنسا اليوم وهم في جبهة واحدة ضد بربرية داعش والقاعدة.
وهكذا، فان جميع مؤسسات الدولة الفرنسية وجميع دول اوروبا تقف إلى جانبهم. وفي مثل هذا الوضع سيكون من الغريب جداً، ان يكون الرد الصهيوني هو دعوة يهود فرنسا إلى مغادرة دولتهم.
ان مغادرة يهود فرنسا، ان حصلت، ستكون ضربة لاوروبا الديمقراطية، ولليهود انفسهم. فاليهود كما هو معلوم اسهموا اسهاماً كبيراً في اوروبا الديمقراطية على مدى مئات السنين. وكما يذكر فان هجرة يهود البلاد العربية بسبب الملاحقات الحقت ضرراً كبيراً بهذه الدول.
ان العرب الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة يرون في الاعتداءات في فرنسا أعمالا مشبوهة ضد التيار المتعاظم في اوروبا، الداعم لدولة الشعب الفلسطيني. ولقد صوتت فرنسا في الام المتحدة مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحسب نظرية المؤامرة فان هذه العمليات قد تمت بهدف قيام رأي عام ضد العرب والفلسطينيين، في فرنسا وفي اوروبا بشكل عام. «لقد اساءت المجموعات الإرهابية المتطرفة للإسلام اكثر من الكاريكاتورات او الكتب او الافلام» كما قال حسن نصر الله، زعيم منظمة حزب الله. وفي نفس الوقت فان التحفظ من العمليات الإرهابية على مستوى العالمين العربي والإسلامي اخذ بالتعاظم وتتزايد الادانات لمثل هذه الاعتداءات.
واذا كان لا بد من استخلاص العبر من هذه الاعمال المثيرة للقشعريرة في باريس – فالعبرة الأكثر اهمية هي تعزيز التعاون بين جميع القوى التقدمية في العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نتنياهو الصهيوني
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
قناة الاخبار الفرنسية «Tele» وهي القناة الفرنسية الموازية لقناة الـ «سي.إن.إن» ذكرت أمس في نشرتها الليلية أن بنيامين نتنياهو على رأس قائمة الزعماء الاجانب الذين وصلوا إلى فرنسا للمشاركة في المظاهرة الكبرى في باريس ضد الإرهاب. وذُكر رئيس الحكومة قبل انجيلا ميركل ودافيد كامرون والملك عبد الله.
كان هناك 50 من الزعماء، والقناة الفرنسية اختارت بنيامين نتنياهو بالذات، وربما يكون ذلك بسبب أن الانتقادات التي وجهت لنتنياهو أمس في نشرات المساء الاخبارية في اسرائيل لم تكن قد وصلت بعد إلى فرنسا. أو ربما يكون ذلك قد حدث في اليوم الذي تقول فيه فرنسا «لا للإرهاب»، فان وسائل الاعلام الفرنسية تداعب نتنياهو زعيم الدولة التي تُنتقد بشكل عام.
وأشارت اميلي درواك، مراسلة القناة الفرنسية، في تقرير لها أن اللقاء بين نتنياهو والرئيس أولاند في الكنيس «لا فيكتوار» أمس كان أحد لحظات الذروة في ذلك اليوم التاريخي. وفي المقابل، نشرت تقارير في البلاد أن الفرنسيين لم يرغبوا في وصول نتنياهو. وكم هي المفارقة أن يطلبوا في فرنسا أمس الوحدة، بينما في اسرائيل دعوات إلى اشعال الفتنة.
والآن إلى الحقائق: في أعقاب العملية التي حدثت أول أمس، وهي عملية اخرى ضد اليهود في فرنسا منذ مقتل ايلان حليمي في 2006، والعملية ضد المدرسة اليهودية في طولوز وعدد آخر من الحوادث، دعا نتنياهو أول أمس يهود فرنسا إلى الهجرة إلى اسرائيل. هذه هي مهمة زعيم الدولة اليهودية. هل كان بن غوريون وغولدا مئير كانا سيترددان في القيام بنفس العمل؟ وأن اريئيل شارون في ايامه دعا بالضبط إلى نفس الشيء حتى عندما كلفه ذلك المواجهة مع الفرنسيين في 2004. وفي حينه ايضا كانت تلك ايام صعبة جدا لليهود، وهي ايام عانى فيها يهود فرنسا من مئات الحوادث على خلفية لاسامية خلال الانتفاضة الثانية.
يصعب علي أن أقول لكم الحقيقة، وهي أن: الجريمة الفظيعة لنتنياهو تُسمى صهيونية.
وقد رد رئيس حكومة فرنسا مانويل فالس أمس على نتنياهو في ذكرى «لهيبر اليهودي» وقال إن «فرنسا بدون يهودها ليست فرنسا». وبكلمات اخرى، هو يدعوهم إلى البقاء. وهكذا فان فالس قد قام بالمهمة الملقاة عليه وقد صدق في ذلك. فبالضبط مثلما هو نتنياهو صهيوني، فان فالس ايضا وطني يقلق على مصالح الجمهورية ومواطنيها المسيحيين والمسلمين واليهود. وايضا فالس قام بمهمته ويستحق الثناء على أقواله.
وبذلك صحيح أننا في فترة انتخابات وكل شيء يتحول فورا إلى قصة انتخابية. ولكن يجب أن نُفهم الجهاديين في فرنسا بأنه يجب عليهم عدم القيام بأي عمليات قبل الانتخابات.
وكم أننا هزليون أصبحنا في السنوات الاخيرة. فالويل للزعيم الذي يتجرأ على منع هجرة غير قانونية وفي نفس الوقت الويل له اذا قال ليهود العالم بأن اسرائيل هي بيتهم. إن آلاف اليهود الفرنسيين الذين يهاجرون إلى اسرائيل في كل سنة هم الدليل على ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أنا رجل الأمس
احذّر رجال الغد من السماح بقيام حكومة يمينية متطرفة حبلى بالكوارث
بقلم: عوزي برعم،عن هآرتس
لا شي ء يغمرني بالسعادة اكثر من اعتبار نفسي رجل الغد، فالغد هو تجسيد الحلم والتنبؤات، وتجسيد الافكار التي نضجت في الراس على مدى السنين وبها الكثير من الصدق والسحر والصحة. ولذلك فاني اقبل بغضب اعتباري رجل الامس.
تصعد في ذاكرتي صوري وانا اتجادل من على منصات الشباب الناضجين مع رجال الغد في حينه. في جميع المجادلات مع رجل هشومير هتسعير، نحن اليساريين كنا قلة قليلة. وكانوا هم يتحدثون عن عالم الغد. من منا لم يتفاعل مع مقولات مثل «العدالة للجميع» و»القضاء على الطبقات» و»سيطرة الشعب على موارد الدولة»، والتصدي للاديان كان ايضاً يضيف نوع من السحر للاشتراكية الثورية التي كنا نؤمن بها. وكنا ندافع بقوة عن القيم التي آمنا بها. الاشتراكية الديمقراطية في موازاة الصهيونية العملية. كنا رجال الامس ولكن كنا اقوياء في الشارع، ولكن كانت تنقصنا الشعارات الحاسمة، تشبثنا بأقوال برل كتسنلسون.
واليوم فان رجال الغد هم اقلية وعديمو التاثير. ولكنهم يعيشون نشوة الرؤيا بعيدة المدى وينتقدوننا ويتهموننا بأننا لا نستطيع المس بالاشياء المتفق عليها. وكرجل الأمس فإني اؤمن ببعض القيم التي ازيحت جانباً، مثل الصهيونية. نعم اضحكت رجل الغد بذكري لمفهوم يتماثل مع ما يطرحه موشيه فيغلين، ونفتالي بينت وزئيف الكين، ولكن وحسب اعتقاد رجال الغد فإن الصهيونية هي حركة استعباد شعب اخر وليس اكثر. ومن وجهة نظري أن الصهيونية لم تنته من العالم، وحيث ان يهود فرنسا لا زالوا يعيشون في ضائقة، فهم يتوجهون إلى الدولة اليهودية التي وجدت بعد النبوءة الصهيونية. الصهيونية التي اؤمن بها هي الايمان ببناء مجتمع العدالة والمساواة الساعي إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانبه.
ويدعي رجل الغد بجرأة ان الربط بين اليهودية والديمقراطية ليست في اطار الممكن. ولربما يثبت المستقبل انه صادق. ومن بين اولئك الذين يقدسون اسم «الدولة اليهودية» يوجد الكثير ممن ضاقوا ذرعاً بالديمقراطية. وهؤلاء يجب النضال ضدهم. وبدل ان يتم النضال ضد هؤلاء من قبل رجال الامس ورجال الغد، يقوم رجال الغد بالهرب من هذا النضال ويضعون انذارا مرعبا: اما دولة جميع مواطنيها، او فييغلين! اذا كانت هذه هي الخيارات، فلا بد من تحضير جوازات السفر والاستعداد للرحيل، لانه من الواضح ان فييغلين وصحبه سينتصرون في هذه الخيارات.
ويجب القول للحالمين بدولة جميع مواطنيها، أن هذه الفكرة الرومانسية قد انتهى زمنها. اننا نعلم ان العالم العربي في حالة اضطراب. وهناك ايضاً من يحول الخيار الديني إلى خنق التطلعات القومية او السياسية. فلماذا يدعي رجال الغد انهم واثقون إلى هذا الحد بحسن نوايا شركائهم في الوطن.
وكرجل الامس فاني اشعر كمن وضع حالة كبح، حيث اني لا ابيع بضاعة مثالية وجذابة، ولكني كرجل الامس فاني اسعى إلى منع تحقق ما هو اسوأ – حكومة يمينية دينية متطرفة حبلى بالكوارث للدولة وللمجتمع. وكرجل الامس فاني لست واثقا بأني سأنجح في ذلك. ولكن على الأقل أدعو إلى خلق خيار واسع مع وجهة نظر جماهيرية داعمة تكون هي شرطا لكل نضال.
لم أسقط عن الكرسي عند سماعي بان زميلي ابراهام بورغ انضم لحزب حداش. فبامكان رجل مثل بورغ ان يدعي انه يسعى إلى دعم حزب اسرائيلي يهودي عربي وهذا منطقي في نظري، على الرغم من أن اختياري كرجل الامس مختلف عن ذلك. إنني أعارض ادعاء رجال الغد الذين يعتقدون أن بديلهم هو الوحيد الممكن من أجل التسوية العادلة والثابتة في منطقة مشبعة بالكراهية والاراء المسبقة.
لا اشك أنني أشعر بالإحباط العميق من كل ما بالامكان دعوته برجل الغد، ولكن ما العمل، ما دام الامس هو الذي يكشف وجه المستقبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الفلسطينيون ومجلس الأمن
انتصرت إسرائيل في الأمم المتحدة هذه المرة ولكن علينا ألا نفهم الوضع في واشنطن بصورة مضللة
بقلم: روبي سيبل، عوديد عيران،عن نظرة عليا
يشكل التصويت الذي اجري في مجلس الأمن في ديسمبر 2014 بدون شك نصراً دبلوماسياً اسرائيلياً، وخاصة على خلفية القرارات السابقة للامم المتحدة وقرارات اخرى تم تبنّيها في الاشهر الاخيرة في عدد من البرلمانات الاوروبية. اذا كان هنالك شكوك للطريقة التي ستنتهجها الولايات المتحدة ازاء هذه الخطوة الفلسطينية، فقد تم تبديدها بفضل الموقف الصلب جدا الذي طرح في الاسابيع التي سبقت التصويت مقترنا بالتوضيحات التي تم اسماعها بدون شك للاعضاء الاخرين في مجلس الأمن، بان الولايات المتحدة ستقوم بالتصويت بالفيتو حتى على صيغة ملطّفة للمسودة الاولى. و مع ذلك يجب الا يعطي التصويت الامريكي صورة مضللة بشان الوضع السائد في واشنطن في هذه الايام و كذلك بشان الاصوات التي تُسمع في الادارة الامريكية.
بالرغم من انه لم يتم تبني مشروع القرار فان هذا المشروع الذي قُدم لمجلس الأمن من قبل الاردن، باسم « فلسطين «، جدير بالفحص. لذاته، فان مشروع القرار باسم الفلسطينيين شكل خرقا واضحا للتعهدات الفلسطينية طبقا لاتفاقيات اوسلو، و التي وافقت فيها اسرائيل و م.ت.ف على، ان ( الا يقوم اي طرف باي خطوة او اتخاذ اي موقف، من شأنه تغيير الوضع الراهن للضفة الغربية و قطاع غزة انتظارا للنتائج النهائية لمباحثات الوضع النهائي.
يجب التاكيد منذ البداية، بان مجلس الأمن التابع للامم المتحدة هو جسم سياسي، قراراته هي قرارات سياسية. لهذا، حتى لو تم تبني القرار فانها لم تكن لتشكل مستندا قضائيا او تصريحا في المحكمة الدولية، و لكنه فقط يعتبر تصريحا بشان مواقف أغلب الدول الأعضاء في المجلس. طبقا للميثاق الاساسي لمنظمة الامم المتحدة، بإمكان مجلس الأمن تبني قرارات ملزمة، و لكن ذلك يكون فقط اذا كانت القرارات قد اتخذت طبقا للبند السابع للميثاق، حيث يوجد «تهديدٌ للامن، أو خرقٌ للسلام، أو خطوةٌ عدوانية». لا يوجد اي قرار من قرارات مجلس الأمن منذ 1948 تم اتخاذه طبقا للبند السابع بكل ما يتعلق بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. و حتى قرار 242 لم يتم تبنيه طبقاً للبند السابع، و قد اصبحت ملزمة فقط عندما تم تبنيها من قبل كل أطراف النزاع. و كذلك مشروع القرار الأردني الحالي امتنع عن استخدام ما ورد في البند السابع.
في حين أن قرار 242 استخدم لغة غامضة، من أجل تمكين الأطراف من اجراء مفاوضات، فان مشروع القرار الأردني عبّر بصورة كاملة عن الموقف الفلسطيني دون أن يترك شيئاً للتفاوض عليه بين الأطراف.
من الواضح، أن مشروع القرار جاء بوحي من مبادرة السلام للجامعة العربية سنة 2002، و لكنه يختلف عنها في عدد من النقاط المهمة. مشروع القرار الأردني يضع جدولاً زمنياً مفصّلاً صارماً لإنهاء « الاحتلال « حتى ديسمبر 2017، في حين أن مبادرة الجامعة العربية لم تُشِر إلى جدول زمني من هذا النوع، بالاضافة لذلك، وخلافاً لمبادرة السلام للجامعة العربية، فإن مشروع القرار الاردني يتطرق في مقدمته إلى قرار «التقسيم « الصادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة سنة 1947.
هذا الأمر كان مفاجئاً، لأن قرار التقسيم أخرج القدس من الدولة اليهودية المقترحة و كذلك من الدولة العربية. زيادة على ذلك، قرار التقسيم تطرق بصورة مفصلة لدولة «يهودية» تقوم إلى جانب دولة عربية. هنالك عنصر ايجابي بصورة خاصة في مبادرة السلام للجامعة العربية سنة 2002 و هو الإعلان الذي اشير فيه، أنّه نتيجة لتبني الاتفاق مع الفلسطينيين فإن كل الدول العربية ترى أن «الصراع العربي الاسرائيلي كأنه قد انتهى، و يدخلون في اتفاق سلام مع اسرائيل». و كذلك «يقيمون علاقات طبيعية مع اسرائيل في اطار السلام الشامل هذا «. هذا التعهد الايجابي لجميع الدول العربية تم حذفه من مشروع القرار الأردني.
ومع ذلك فإن مشروع القرار الأردني، بالرغم من أنه يدعو إلى انسحاب شامل من كل المناطق بما فيها شرقي القدس، فإنه يتطرق إلى امكانية « تبادل مناطق متفق عليه بين الجانبين، محدود و بنفس القيمة» – هذا الاقتراح لم يتم تضمينه في مبادرة الجامعة العربية .
إضافة إلى البرنامج الزمني الصارم بصورة مصطنعة و للدعوة إلى الإنسحاب الكامل فإن المشروع الأردني يقترح أيضا، أن يتم حل مشكلة اللاجئين العرب على أساس القرار رقم 194 (3 ) للجمعية العاملة للامم المتحدة. و مثله مثل مبادرة الجامعة العربية، يحاول مشروع القرار الأردني أن يُدخل ما يسمى «حق العودة» كشرط لأجراء المفاوضات. تجدر الإشارة أنه في ذلك الوقت صوتت كل الدول العربية ضد القرار 194، و أنه في قرار مجلس الأمن رقم 242 لم يتم ورود أي إشارة إلى ذلك القرار. و بالمثل، أيضاً اتفاق كامب ديفيد مع مصر سنة 1978، اتفاق السلام معها سنة 1979، اتفاق السلام الاسرائيلي ـ الأردني، أو حتى اتفاقيات اوسلو لا تتضمن أي اشارة إلى القرار رقم 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة. لهذا فإنه يجري الحديث هنا عن محاولة لإدخال عنصر غير مقبول تماماً من قبل اسرائيل و الذي تم إهماله فعلياً في كل الاتفاقات السابقة التي وقعت معها.
عندما صوتت الولايات المتحدة ضد القرار فإنها عبّرت ليس فقط عن عدم رضاها السياسي، بل إنها أوفت بالتعهد الذي أعطته كجزء من اتفاق السلام الاسرائيلي المصري سنة 1979 و الذي عادت فيه الولايات المتحدة وأكدت تعهدها « بأن تعارض كل مبادرة تُطرح في مجلس الأمن، و إذا تطلب الأمر، أن تصوت ضدها في حال دعت إلى تغيير صيغة القرار 242 و 338 بطرق لا تتساوق مع أهدافها الأصلية.
إن التصويت الذي جرى في مجلس الأمن في 30 ديسمبر 2014 يُشكِّل بدون شك نصراً دبلوماسيا اسرائيلياً و خاصةً على خلفية القرارات السابقة لمؤسسات الامم المتحدة الأخرى و الذي تم تبنيها في الأشهر الاخيرة من قبل عدد من البرلمانات في الدول الأوروبية.
واذا كان هنالك شكوك للطريقة التي ستنتهجها الولايات المتحدة ازاء هذه الخطوة الفلسطينية، فقد تم تبديدها بفضل الموقف الصلب جدا الذي طرح في الاسابيع التي سبقت التصويت مقترنا بالتوضيحات التي تم اسماعها بدون شك للاعضاء الاخرين في مجلس الأمن، بان الولايات المتحدة ستقوم بالتصويت بالفيتو حتى على صيغة ملطّفة للمسودة الاولى. و مع ذلك يجب الا يعطي التصويت الامريكي صورة مضللة بشان الوضع السائد في واشنطن في هذه الايام و كذلك بشان الاصوات التي تُسمع في الادارة الامريكية.
إن خطاب السفير البريطاني عندما جاء لتبرير التصويت لدولته (الامتناع)، و طبقا له وافقت بريطانيا مع صيغة القرار المعدل، و بأنها كانت ستؤيد إعادة فحص االفكرة بشأن «القرار حول معايير بشأن مسيرة السلام في الشرق الأوسط في سنة 2015)، الأمر الذي من شأنه أن يعبر جيداً عن آراء أخرى موجودة في واشنطن.
وبموجب ذلك، فإنه ليس التصويت الفرنسي فقط يشكل سبباً للقلق، و لكن الإصرار على مواصلة الدفع باتجاه تبني القرار في المستقبل. الأصوات الأربعة للاتحاد الاوروبي توزعت بين امتناع دولتين عن التصويت ( بريطانيا و ليتوانيا) وبين تلك التي دعمته( فرنسا و لوكسومبورغ). و اذا حدث و تم إعادة طرح الموضوع على طاولة المناقشات سنة 2015، فليس هنالك سببٌ لنأمل أنه سيسجل تحسّن في تصويت أعضاء الاتحاد الاوروبي، حيث أن إسبانيا ستأخذ مكان لوكسومبورغ في مجلس الأمن.
في حين أنه يمكن أن نجد عزاءً معيناً في تصويت الأعضاء الأفارقة فإن أصوات دول أمريكا اللاتينية ذهبت لصالح مشروع القرار الأردني ـ الفلسطيني. ففي حين أن الجالية المهاجرة في تشيلي تستطيع تفسير تصويت هذه الدولة، فيجب عدم الاستهانة بتصويت الأرجنتين، وبحقيقة أن فنزويلا ستخلف الأرجنتين سنة 2015 وهذا سلغي كل أمل للتغيير.
نفس الأقوال يمكن قولها بشأن الطريقة التي ستصوت بها الدولتين الإسلاميتين سنة 2015 عندما سيتم إعادة طرح مسودة صيغة مشروع قرار مشابه، أو حتى مشروع قرار بصيغة أسوء.
اسرائيليون كثيرون ذهلوا من دور الأردن في التطورات التي قادت إلى إجراء التصويت في ديسمبر 2014، علينا التوضيح بهذا السياق، أن الأردن بكونها مندوب الجامعة العربية، لم يكن أمامها أي خيار سوى تقديم المشروع للتصويت و التصويت معه. مع ذلك فإن النشاط الفلسطيني في مجلس الأمن تقريباً لم يتم تنسيقه مع السفارة الأردنية في الأمم المتحدة، و خلف الكواليس أثار التكتيك الفلسطيني غضباً في عمّان.
إن هذا الوضع يطرح السؤال لماذا لم ينتظر الفلسطينيون حتى تحتل الأعضاء الأضمن بالنسبة لهم مقاعدها في مجلس الأمن و الذي جرى بعد ساعات قليلة فقط من إجراء التصويت فعلاً.
هل كان ذلك نتيجة معلومات خاطئة عن الطريقة التي كان أعضاء معينون ينوون التصويت بها أو كما يطرح البعض، تعبيراً عن تفهم بأن القرار سيتم رفضه بدون أن تضطر الولايات المتحدة أن تضع فيتو عليه. بغض النظر عن التفسيرات من الواضح أن المعركة السياسية الفلسطينية تتحرك الآن باتجاه حلبة مختلفة قليلاً. تنائج انتخابات آذار 2015 في اسرائيل من شأنها تشجيع الفلسطينيين، ومن الممكن أيضاً اخرين لإعادة تقييم منبر مجلس الأمن و اذا حدث ذلك، يتحول الفيتو الأمريكي لأمر هام حقاً، و لكن متغيرات كثيرة جداً لا تسمح بالتوقع بصورة مؤكدة بانه سيتم استخدامه. من هذه المتغيرات صيغة مسودة مشروع القرار و الوضع السياسي الداخلي سواء في اسرائيل أو في أوساط الفلسطينيين، الضغوطات التي سيتم فرضها من قبل حلفاء أوروبيين معينين للولايات المتحدة، و كذلك ضغوط من جهة دول عربية معينة. إن قيادة سياسية فلسطينية أكثر مهارة بإمكانها تغيير القرار الأمريكي المتعلق بكيف ستتصرّف في التصويت الجديد على، مشروع القرار الذي سيطرح أمام مجلس الأمن وهذا أصعب على التنبؤ به.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ