Haneen
2015-02-03, 10:47 AM
«حزب الله» ملتزم حاليا بمشاحنات محسوبة ومحدودة
بقلم: عاموس هارئيل، عن هآرتس
لا يبدو أن هذا التشخيص جيد للأذن الإسرائيلية، خصوصا أن الجنديين اللذين قتلا صباح الأربعاء في مزارع شبعا لم يواريا التراب بعد، لكن بدا واضحا بأن الرد الذي اختاره حزب الله على الهجوم الذي اُتهمت به إسرائيل كان ردا محسوبا ومحدودا.
من وجهة نظر الحزب، فقد ضربت إسرائيل في الأسبوع الماضي هدفا نوعيا تابعاً له، أي القافلة التي ضمت ستة نشطاء تنفيذيين كبار، إضافة إلى الجنرال الإيراني. وجاء رد حزب الله بمهاجمة عربات عسكرية (وليس أهدافاً مدنية)، كما أنه وجه هجومه في جبهة سبق له أن اختبرها بعمليات تمت فيها، وهي جبهة هار دوف (مزارع شبعا)، وبالذات في المنطقة المنخفضة على الشارع المؤدي إلى قرية الغجر. في هذه الأثناء، امتنع الحزب عن القيام بعمليات أكثر طموحاً كما امتنع عن فتح جبهات قتالية جديدة.
اقتصر الرد الإسرائيلي على مهاجمة مواقع محتملة للحزب في المناطق القريبة من الحدود. واستمرار ذلك مرهون بالقرارات التي يجري اتخاذها حاليا، على المستوى السياسي وبالتشاور مع منظومة الأمن، وإذا حكمنا وفقا للروحية التي سادت أوساط الجيش منذ حادثة الهجوم على قافلة حزب الله في 18 من الشهر الجاري، سنجد أن إسرائيل تسعى إلى التهدئة وليس إلى التصعيد. حتى لو كان يتوجب على رئيس الوزراء أن يظهر الآن صرامة أمنية عشية الانتخابات (مع افترضنا أن جدول أعمال أمني خاص بالانتخابات سوف يخدمه سياسياً)، فإن حرباً مع حزب الله هي شأن مختلف كلياً. من الصعب أن نعرف كيف يمكن لحرب كهذه أن تخدم نتنياهو، وما الذي يريد أن يحققه من خلالها ولماذا يتوجب عليه أن يفكر بأن مواجهة عسكرية شاملة سوف – تنتهي بانتصار باهر من شأنه أن يدعم وضعه الانتخابي.
لهذه الأسباب، يبدو أن لرئيس الوزراء مصلحة واضحة في إنهاء جولة العنف الحالية قريباً. وكما كان دائماً، يجب أن نميز بين الخطابة العلنية والأعمال على الأرض، على مر السنين، كون الطرفان نظاما من الإشارات مفهوما من قبل الطرفين. إذا أراد نتنياهو أن يهدد حزب الله بسحقهم في الأرض، ما على سلاح الجو سوى الاكتفاء بقصف بضعة تلال خالية في جنوب لبنان، هم أيضا في لبنان يعلمون بأن إسرائيل تسعى وراء الإنهاء.
إذا حكمنا وفقا لخطوات حزب الله حتى الآن ـ إطلاق الصواريخ في الجولان يوم الثلاثاء والهجوم يوم الأربعاء ـ فإن الحزب ملتزم بمشاحنة محدودة. وحتى اليوم، أظهر الأمين العام للحزب حسن نصر الله تصرفا يقظاً نسبياً، وذلك على الرغم من عدائة البارز لإسرائيل. أما علامة الاستفهام حول الأسابيع القادمة فترتبط بالكيفية التي يرى فيها حسن نصر الله مقتل جهاد مغنية في العملية التي تمت في الجولان السوري. ذلك أن مغنية الأبن حاز على موقع متميز في الحزب بفضل أبيه الذي الذي اغتيل سابقاً. إذا شذ نصر الله عن حدود ساحة الملعب في عمليات مستقبلية، كمهاجمة أهداف خارجية على سبيل المثال أو قصف العمق الاسرائيلي، فإن هذا سيشكل شاهداً على أنه يسعى إلى تسديد حسابات شخصية خاصة به.
قوة الجيش التي تمت مهاجمتها صباح الأربعاء بالصواريخ المضادة للدروع، جاءت إلى المنطقة كجزء من عملية تعزيز الجبهة في مواجهة التوترات التي سادت المنطقة خلال الأيام العشر الأواخر، الجيب الذي قتل به الجنود لم يكن محصنا ضد الرصاص، حتى لو لم يكن هناك ضمان بأن الجيب المحصن ضد الرصاص سيصمد أمام ضربات دقيقة من صواريخ متطورة مضادة للدبابات مثل صواريخ كورنيت، وإذا أضفنا إلى ذلك بأن الشارع تتجول عليه سيارات مدنية من سكان قرية الغجر، فإن ذلك سيثير لدينا عددا من علامات الاستفهام، في الواقع، فقد مكثت في الجبهة العسكرية الأكثر تقدما على الجبهة اللبنانية والمعروفة على أنها الأكثر توترا، قوة عسكرية غير محصنة كما ينبغي.
هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان الضربة التي وجهت إلى مركز قيادة فرقة المدرعات 188 بداية الحرب على غزة في حزيران، قرب كيبوتس عين هشلوشا. هناك وصلت مجموعة القيادة للقيام بدورية في المنطقة المتقدمة دون أن تكون محمية، وهي المنطقة التي شهدت تحركات للجيش تحت اجراءات عملياتية متشددة، واصطدمت بقوة من حماس تسللت عبر الانفاق، مما أدى إلى مقتل ضابط وجندي.
على الأقل، ووفقا للمعطيات الأولية، يجري الشك بأنه جبل دوب (مزارع شبعا) عادت لتثير المشاكل الدائمة للجيش: فالموقع هو الأكثر إنذارا بالسوء. يتوجب إجراء فحص عملياتي مستنفذ بالكامل، أولا بسبب الثمن الذي دفع، وثانيا بسبب حساسية التوقيت، ففي الخلفية تسود مخاطر تدهور الأوضاع.
علينا أن نأمل، بأن هذه الحادثة المؤلمة ستؤدي إلى اقتراب نهاية الجولة وليس إلى تصعيدها. ولكن على افتراض بأن المشاحنات ستنتهي، يبقى التساؤل مثاراً حول امكانية استمرار التطورات في الجبهة الشمالية. فمن المنطقي الافتراض بأن حزب الله سيواصل الاعتماد على قوافل السلاح المتطور من إيران والتي تصل إلى لبنان عبر الأراضي السورية. في هذه الحالة، هل ستواصل إسرائيل ضرب القوافل التي تنقل السلاح النوعي لحزب الله في المستقبل، مع علمها بأن حزب الله سيرد على هذه الضربات في جبهة الجولان وجبهة هار دوف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حرب بوجود خيار
بقلم: تشيلو روزنبرغ، معاريف
إن الحادث الصعب في مزارع شبعا يمكن أن يجر إسرائيل إلى حرب لا تريدها. إن هذا الحادث هو ذيل آخر من ذيول العملية التي نفذت حسب التقارير الأجنبية قبل عدة أيام في سوريا. التقديرات التي تقول إن أيا من الطرفين لا يريد حربا شاملة – صحيحة. ولكن في بعض الأحيان عندما يكون الخوف من الحرب لا يقل خطرا عنها فان أي من الاطراف المشاركة فيها لا تستطيع أن تقدر بصورة صحيحة ماذا ستكون النتائج.
لقد تحولت سوريا لتصبح منطقة مهجورة ليس فيها حكما أو نظاما، وقد دخل إلى هذا الفراغ قوات كثيرة، يعادي بعضها بعضا إلى درجة مخيفة. ومع ذلك فان القاسم المشترك لكل القوات المقاتلة في سوريا هو إسرائيل. المصلحة الإسرائيلية العليا هي عدم التدخل في ما يجري في سوريا. لأن كل تدخل كهذا من شأنه، من جهة إسرائيل، أن يوحد الجميع ضدها.
ادراك أن إسرائيل هي الدولة الأكثر قوة ليس في مصلحتها. لقد حدث أكثر من مرة أن اندلعت حروب عندما كان واضحا للجهات العربية أن اسرائيل قوية جدا.
تقديرات جهاز الأمن والقرار بإعطاء تعليمات بعودة الحياة إلى طبيعتها اتضح أنها كانت فشلا ذريعا. من المعقول الافتراض أن تلك التقديرات ارتكزت على افتراضات أساسية بأن حزب الله لن يرد نظرا لتورطه في سوريا وفي لبنان. اتضح أن نصر الله لا يعمل لدى الاجهزة الأمنية أو الاجهزة السياسية في القدس وفي تل ابيب. ومن اجل أمن المدنيين كان يتوجب الانتظار أكثر. من اللحظة التي تم فيها فتح النار على القوات الاسرائيلية فليس للجيش الاسرائيلي خيار إلا أن يرد. وهنا بالضبط يُمتحن فهم اسرائيل: هل ستُجر إلى حرب استنزاف أو أنها ستنهي هذه الجولة بأسرع ما يمكن.
يستغل حزب الله الانتخابات الإسرائيلية من خلال الافتراض أن حكومة إسرائيل لن توعز بفتح حرب شاملة في لبنان أو سوريا، وهذا هو السبب في أنه أخذ على عاتقه مسؤولية إطلاق النار على دورية الجيش الإسرائيلي والمس بجنوده. ولكن نصر الله معروف أنه يمكن أن يخطيء أخطاء كبيرة في التقدير، مثلا ما قاله في أعقاب حرب لبنان الثانية، ومع ذلك يمكن أن نقرر أنه بالتدقيق مليا، فليس هناك أية مصلحة لحزب الله في فتح حرب ضد اسرائيل. ايران التي تحرك حزب الله وقامت بجهود كبيرة للحفاظ على نظام الاسد، كما يبدو لن تقوم بتوريط قوتها الضاربة في جبهة جديدة.
حتى لو حاولوا في إسرائيل نفي أي خلط بين الانتخابات وبين أي عملية عسكرية، أو ربما، لا سمح الله، حرب، فلن ينجحوا في ذلك. إن هوس الانتخابات وهوس الحرب يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها. السؤال الكبير هو هل ستكتفي اسرائيل بتصريح نصر الله أن العملية في مزارع شبعا هي ردا على ما نُسب لإسرائيل، حسب المصادر الاجنبية، كأنها تصفية للقادة في سوريا. بهذا يتم تحديد رد اسرائيل ودرجة قوته، والاهداف التي سيتم اختيارها ستحدد فيما اذا كنا سنتورط في حرب أو لا.
يجب على النخبة العسكرية والسياسية إجراء نقاش معمق منفصلا عن الانتخابات. الناس سيقولون إن هذا غير ممكن. ولكن بالتأكيد فان الجيش الاسرائيلي سيُقدم توصيات مهنية جدا. يصعب توقع ماذا سيقرر المستوى السياسي. هذا هو المجهول الاكبر في هذا الوقت وغير القابل للتوقع. علينا أن نتذكر جيدا وندرك: الحروب تندلع ايضا من هوس الحرب وليس فقط من اسباب موضوعية. الهدوء والتفكير المعمق هما الطريق الافضل للعمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
المحتوون محدودو *الضمان
بقلم: ناحوم برنياع، يديعوت أحرونوت
عندما يطلق حزب الله النار إلى أراضينا، عندما يقتل ويجرح مقاتلون، عندما توضع قوة الردع الإسرائيلية قيد الاختبار، من الواجب الانتقال إلى الصمت، والوقوف كرجل واحد خلف سياسة حكومة إسرائيل.
أمور غير جيدة تحصل للدولة هذه الأيام. وليست جميعها مرتبطة بالضرورة الواحدة بالأخرى، ولكنها جميعها شؤم. فقد كانت دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس في واشنطن، دعوة عادت إلينا كالسهم المرتد، بشرخ لم يسبق له مثيل لسنوات عديدة بين رئيس وزراء اسرائيل ورئيس الولايات المتحدة؛ كانت العملية في الباص في تل أبيب، واحدة في سلسلة عمليات عفوية، تشير إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يقتربون من نقطة الغليان؛ كانت التصفية للجنرال الايراني ولثلاثة من كبار رجالات حزب الله في الهضبة السورية في الاسبوع الماضي، التصفية التي كل جهة في العالم، وأولا وقبل كل شيء ايران وحزب الله، تعزوها لإسرائيل.
وأمس أطلق حزب الله صواريخ مضادة للدروع أصابت مركبتين للجيش الاسرائيلي، كانتا تسيران على طريق بجوار الغجر، القرية في الطرف الشمالي – الغربي من الجولان، على حدود لبنان.
«من يقف خلف الهجوم اليوم، سيدفع كامل الثمن»، أعلن رئيس الوزراء. عمليا بذلت إسرائيل كل ما في وسعها كي تحتوي الحدث. ضباط الجيش الاسرائيلي، الذين جاءوا لتقويم الوضع في مكتب رئيس الوزراء في تل أبيب تذكروا جيدا التدحرج إلى الحرب في الصيف الماضي. حكومة اسرائيل لم ترغب في الحرب؛ حماس لم ترغب في الحرب. وعلى الرغم من ذلك، تدحرجوا إلى هناك وكأنه يتملكهم الشيطان فقط لأن الطرفين خافا من أنهما لا يردعان الواحد الآخر بما يكفي.
لقد وصف أحد المصادر العلاقات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله بتعابير من مجال السياقة. الطرفان، قال، لا يريدان إلا أن يحتك الواحد بالآخر، جناح يلمس جناحا، صاج يلمس صاجا. ولا ضمانة لهما إلا ينتهي هذا بحادثة طرق جبهوية.
يكاد يكون كل من اجتمع في مكتب رئيس الوزراء أمس افترض بأن خلف تهديد نتنياهو لا تختبىء غير الخطابة. فهو لا يريد حقا أن يتورط في حرب في الشمال الآن. أحد لا يريد، بينت أيضا لا يريد، الذي فجأة صمت. لا صوت ولا واتس أب. ولا ليبرمان ايضا، الذي دعا إلى فتح حملة عسكرية كبيرة في لبنان، ولكن عرف بان احدا لا يأخذ دعوته هذه على محمل الجد.
وسارع السياسيون من التيار المركزي للسير على الخط: لا أحد يريد أن يظهر بأنه غير وطني في وقت التوتر الأمني. وقد دعوا بعناية من صفحات الرسائل التي أعدها لهم رجال العلاقات العامة في الحزب، ولم يصدقوا أي كلمة تخرج من أفواههم. لا عومر بارليف، الذي سعى إلى الشد على يد رئيس الوزراء، لا زئيف الكين، الذي دعا إلى ضبط النفس ولكنه تعهد بالانتقام. ففترة الانتخابات ليست ساعتهم الجميلة.
الرسالة التي خرجت من مكتب رئيس الوزراء وتبناها على الفور كل سياسي ومحلل، قال على النحو التالي: ايران أمرت حزب الله أن يستولي على المنطقة على طول حدود اسرائيل، من هار دوف حتى خطوط السفوح في منطقة القنيطرة. ومحظور على اسرائيل أن تسمح لهذا بان يحصل. وقد فعلت كل الاعمال العسكرية اللازمة كي تمنع ذلك. ونتنياهو بنفسه المح بذلك ببيانه أمس.
وأنا أسأل، في واقع الأمر لماذا؟ لنفترض أن ايران أمرت حزب الله بأن يوسع انتشاره حتى شمال الهضبة؛ لنفترض أن حزب الله يعتزم عمل ذلك. فهل هذا سيء جدا؟ هل من الأفضل لإسرائيل أن تجلس في هضبة الجولان أمام قوات داعش أو أمام جبهة النصرة، منظمة مجنونة اخرى متفرعة عن القاعدة؟ فأمام منظمات كهذه نحن نجلس اليوم، من القنيطرة جنوبا، ولم اسمع أن اسرائيل فتحت ضدها حربا. فلماذا نواصل العيش في حنيتا والمطلة، في مسغاف عام وفي دوفيف، في كريات شمونا وفي شلومي. امام حزب ا لله ولا يمكننا أن نعيش امامهم في هضبة الجولان؟
وسؤال آخر، اذا كان مسموحا. لماذا صفي الجنرال الايراني؟ لماذا صفي في عملية شبه علنية؟ ما الذي منعه من قرر هذه العملية، ومن أخاف ومن ردع، باستثناء مئات الاف المواطنين الاسرائيليين الذين يسكنون على حدود الشمال؟ ربما توجد أجوبة جيدة لهذه الاسئلة، ولكن عندما لا يكون أب للعملية اياها فانه لا يوجد من يمكن أن يطالب بها.
بعد عملية حزب الله أمس أملوا في الجيش الاسرائيلي أن يكون بذلك انتهى فصل: نحن فعلنا ما علينا، هم انتقموا نقمتهم. يمكن ان نفتح من جديد جبل الشيخ للمتزلجين، يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية، في كل ما يتعلق بحزب الله قد يكون هذا صحيحا: الحسابات بيننا وبينهم طويلة ومركبة. احيانا يكفي وهم النجاح لتهدئة احد الطرفين وتزييف ردع متبادل.
ولكن اذا كان يعتقد أحد ما بان إيران ستكتفي بذلك فانه يعيش في فيلم. يد الايرانيين طويلة. وذاكرتهم أطول. ومن يعتقد أن العالم سيصدم لموت مقاتلين من جفعاتي، في منطقة محتلة، في مكان ما هناك على الحدود بين اسرائيل، سوريا ولبنان، فيتهم إيران ويشدد العقوبات ضدها، يعيش في ديزني لاند.
كل هذا يعيدنا إلى سلسلة الأمور غير الطيبة التي تحصل هنا. إذا كان يريد نتنياهو مساعدة الإدارة الأمريكية في حل المشكلة مع حزب الله، مشكوك أن يتلقاها. الهواتف في واشنطن لا ترد. ولا يتبقى له غير الامل بوجود راشد مسؤول في طهران، او في القبو، في الضاحية، في بيروت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العودة إلى قواعد اللعب
بقلم: ران إدلست، معاريف
حتى كتابة هذه السطور، في مساء يوم الأربعاء، عاد الجيش الإسرائيلي إلى قواعد اللعب المتبعة بيننا وبين حزب الله – لقد أطلقنا وهم أطلقوا، كل جانب حسب درجة الضرر أو الفائدة التي سيجنيها من الاطلاق، بدون الانجرار إلى دوران يصعب إصلاح نتائجه. إذا قرأتم هذه المقالة في الصباح ولم يستمر الجيش الاسرائيلي في زيادة ضرباته في الليل، فهذا مؤشر على أن الجانبين يريدان الهدوء. من هنا فصاعدا علينا أن نفهم كيف ولماذا وصلنا إلى شفا الانفجار الذي يمكن أن يحدث اذا تم التقرير في اسرائيل أن يرفعوا سقف الرد.
من جهة حزب الله، تصفية القافلة كانت انحرافا عن قواعد اللعب، واستمرارا لضرب القوافل والمخازن في الماضي. من جهة الجيش الإسرائيلي، فان جنودا مقتولين في عملية يتم المبادرة إليها، بخلاف إطلاق قذائف مدفعية عارض، أيضا في حدود لبنان، هو ذريعة للحرب (لجنة تحقيق). من جهة السياسيين في فترة الانتخابات، فشل سياسي ووهن في الرد، هو الاختبار الأكبر. السؤال هو أن تُنتخب أو لا تُنتخب.
ليس مناسبا الآن أن نسأل كيف حدث هذا؟ هل هذا يشكل فشلا أو خللا بسيطا؟ لكن السؤال هو ماذا سنفعل بعد. بصورة عامة هناك بنك أهداف جاهز (ومحسوب) الذي تم استخدامه فورا بعد اطلاق الصواريخ. من أجل رفع سقف الأهداف هناك حاجة إلى تقييم الوضع الذي يجب أن يقوم به وزير الأمن ورئيس الحكومة ومن ثم يقررا. تقييمات الوضع السابقة القائلة إن حزب الله سيُبعد العملية إلى الخارج – تلقت ضربة قوية، قتلى وجرحى، وفي الأساس أسئلة فيما يتعلق بالاستخبارات وأجهزة الانذار في منطقة الحادث، كما أن تقييمات الوضع التي ترافق اقتراحات برد الجيش الإسرائيلي، علينا أن نأخذها بثقة محدودة الضمان وخصوصا تقييم الوضع باتجاه رد حزب الله اذا تم رفع السقف من جهتنا.
إن الترسانة محددة تماما: رد على النار من الطرف الآخر (مدفعية أو من الطائرات) مهما كانت قوتها تشمل رؤية الدمار، لا تكفي لطلب الانتقام بالشكل الذي أراده ليبرمان (ضربة شديدة وما أشبه) يمكن أن تشكل وسيلة في أيدي اليمين في الانتخابات، الذي لن يعتذر حتى إذا قُتل مئات من الناس. الدخول البري غير وارد. ليس لأن الجيش الإسرائيلي يخاف، ولكن لأنه لن يحل شيئا ويشكل مدخلا مؤكدا للتورط في المستنقع اللبناني، لمن يتوق لذلك. عملية «جراحية» في (الجبهة الداخلية للعدو) من شأنها أن تجلب قدرا معينا من التصفيق والهتاف، ولكن دائما هناك احتمال ولو قليل للفشل، أنظروا إلى عملية النعيمة في 1988 والانصارية في 1997.
باستثناء الحادث الأخير، هناك صراع تكتيكي بين إسرائيل والمحور الثلاثي – إيران، حزب الله وسوريا – على السيطرة على موقع القنيطرة وجنوب هضبة الجولان، والهدف الاستراتيجي للمحور الثلاثي هو السيطرة على لبنان كله. لإسرائيل ليس هناك سيطرة على الهدف الاستراتيجي للمحور الثلاثي في لبنان، والخطر هو أن حربا شاملة في أعقاب رد زائد لإسرائيل ستُقربهم من تحقيق هدفهم هذا. في هذا الوضع المضطرب وهذا الجنون الشرق اوسطي محظور أن يكون جنود الجيش الإسرائيلي وسيلة لجعل حزب الله وايران يسيطران على لبنان بسبب الحسابات الانتخابية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
كيف يؤيد 95 بالمئة من الإسرائيليين قصف منازل غزة؟
بقلم: ميخال ليفيرتوف، عن إسرائيل24.
نشرت صحيفة معاريف على موقعها مقالة خاصة بعنوان "القاموس اللغوي الكامل لعملية الجرف الصامد". وذلك عشرة أيام بعد انطلاق العراك الصيفي في الجنوب، بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2014، وعند الحرف "هـ" بالعبرية تجدون كلمة "هفتاعوت" -مفاجئات.
إسرائيل وحماس حاولتا على حد سواء المس بمعنويات الطرف الآخر مستخدمان تكتيكيات غير متوقعة، جاء في المقال، ولكن بفضل الاستخبارات الجيدة، تغلبت إسرائيل على محاولات حماس لضربها بشكل مفاجئ عبر الأنفاق، الطائرات بدون طيار أو المارينز.
وفقا للمقالة مفاجئة الجيش الإسرائيلي لحماس، كانت "إطلاق النار المقصود تجاه المباني التي يقطنها قادة من المستوى المنخفض أو الأوسط". حتى تلك اللحظة قضى ثلث الضحايا الفلسطينيين نحبهم بهجمات كهذه. وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية التي اقتبستها صحيفة هآرتس في ذلك الصباح، 71 منهم كانوا أطفالا، 25 امرأة و17 مسنا. ولكن عنوان معاريف المتبجح كان "عنوان اللعبة هو ‘قنابل مصغّرة‘. هذه القنابل التي طورتها إسرائيل خدمت كتحذير للسكان الفلسطينيين كي يقوموا بإخلاء المناطق التي كانت على وشك أن تقصف بقنابل جو أرض من نصف طن".
فشلت معاريف باختبار الواقعية لم يكن فقط بخصوص الجانب الفلسطيني فحسب، بل أيضا بتبجحها بقدرات الجيش الإسرائيلي على كشف تكتيكات حماس الجديدة ولكنها أثبتت مسبقة لأوانها: 9 جنود إسرائيليين على الأقل قتلوا خلال عملية "الجرف الصامد" بأيدي قوات حماس التي استخدمت هذه التكتيكات. اثنان منهم في اليوم ذاته الذي نشر به التقرير.
ولكن بينما كسبت الأنفاق في الأسابيع اللاحقة معظم الانتباه في الحوار والنقاش الدائر بالبلاد وبحق، بقيت فظائع الـ"طرق على السقف"، كما لقب سياسة القنابل المخففة، على هامش اهتمامات لمعظم الإسرائيليين.
العواقب الوخيمة لهذه السياسة تصب في قلب تقرير جديد نشرته منظمة حقوق الإنسان بتسيلم أمس الأربعاء. تحت عنوان "الراية السوداء – العواقب القانونية والأخلاقية لسياسة مهاجمة المباني السكنية في قطاع غزة، صيف 2014"، ويشير التقرير الى أن أكثر من ربع القتلى الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 2,200 قتيل في عملية "الجرف الصامد" قتلوا بهجمات كهذه. 70% من الأحداث الـ606 التي عاينتها المؤسسة على الأغلب لم يكونوا جزءا من الأعمال العدائية. إما كانوا دون سن الـ18، فوق الستين من العمر، أو نساء.
كما يكشف التقرير، ليس فقط أن العديد من المنازل المستهدفة لم تلائم المعايير وفقا للقانون الإنساني الدولي لما يعرف بأنه "أهداف عسكرية"، بل أن في عدد كبير من الحالات لم يتلقَ السكان أية تحذير مسبق على الإطلاق. آخرون، وفقا للتقرير، قتلوا بعد أن تم إخلاءهم من المنازل الى ما اعتبروها أحياء آمنة، أو عندما لم يكن لديهم أي مكان بديل ينتقلوا إليه.
أهمية تقيري بتسيلم تكمن في تركيزه على مسؤولية وضرورة محاسبة القيادة الإسرائيلية على هذه النتائج. ويقول التقرير: "بضعة أيام بعد بدء القتال، لم يكن لدى متخذي القرارات أي شك بشأن النتائج المتوقعة من مواصلة سياسة مهاجمة المنازل".
دون شك أن التقرير يثبت، أن حصة الأسد من المسؤولية لهذه الفظائع تقع على أكتاف متخذي القرارات المنتخبين والمعيّنين في البلاد. ولكن ليس أقل قلقا من ذلك هو عدم الاكتراث للرأي العام، والذي عبّر بشكل مباشر عن عدم رغبة للتشكيك في هذه السياسة، ولم يظهر هؤلاء أي ألم بالنتائج الوشيكة، وبشكل عام، حظيت عملية "الجرف الصامد" بدعم بنسبة 95% من اليهود الإسرائيليين.
إضافة الى ذلك: وبعكس التصريح الرسمي من الأيام اللاحقة الذي يدعي أن فقط المنازل التي حوّلتها حماس الى مقرات عسكرية تم تدميرها، وصفت معاريف – كما فعلت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية – هدف تفجير المنازل كأخلاقي جدا: تدمير روح حماس. مقالة معاريف تشرح دون خجل بأن القيام بـ"الطرق على السقف" هدف أيضا الى توجيه رسالة الى حزب الله بأن التلاعب مع إسرائيل سيكلف ثمنا باهظا.
بينما حاولت السلطات الإسرائيلية – وإن كان ذلك نابعا فقط من خشية النتائج والأصداء القانونية – على الأقل أن تربط بين تفجيرات المدنيين وبين الاحتياجات العسكرية، لم يكن لدى الجمهور الإسرائيلي العام وصائغو الرأي العام في الإعلام أية مشكلة بفكرة أنه تم محو عائلات كاملة من على وجه البسيطة لأجل دافع معنوي أو لأجل تلقين خصمنا المخيف أكثر من الشمال.
بالطبع ليس المجتمع الإسرائيلي الأول لدعم سياسة النظام في أوقات حرب – حتى عندما تكون الإنجازات المرجوة مشكوك فيها كونها تضمن الدمار للمدنيين. ولكن في حين أطلق الوطنيون الأمريكان عام 2003 على البطاطس المقلية (بالإنجليزية French-fries) اسم بطاطس الحرية (freedom-fries) لأن فرنسا رفضت الانضمام الى التحالف الذي اجتاح العراق، دعم قرار جورج دبليو بوش باستخدام القوة العسكرية في العراق لم تتعد بأعلى نسبها الـ72%. في شباط/ فبراير هذا العام خرج مليون بريطاني غير مرتاح الى مظاهرة كبرى في شوارع لندن احتجاجا ضد الحرب القادمة. حتى في إسرائيل، تجمع مئات الآلاف عام 1982 في ميدان تل أبيب المركزي مطالبين بتحمل المسؤولية وفتح تحقيق رسمي حول المذبحة التي ارتكبتها مليشيات الكتائب اللبنانية في جنوب لبنان بمخيمي اللاجئين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا.
لا شك أن هناك، اختلاف كبير بين حرب الخليج وعمليات إسرائيل في غزة. الصواريخ التي يطلقها حماس تجاه المواقع المدنية الإسرائيلية ليست حقيقة مسهبة، لكن هذا الانتهاك للقانون الإنساني الدولي، كما يؤكد تقرير بتسيلم، لا يعفي إسرائيل من التزاماتها بتطبيق هذا القانون. ولكن هذا التميّز يعني أيضا أنه إذا كان هناك شخص ما الذي عليه أن يتصرف بشكل مغاير وعدم صرف النظر عن المآسي، الألم، والعبثية التي يسببها قصف المنازل السكنية على الجانب الآخر من الحدود، فيتوجب أن يكون الإسرائيليين.
بقلم: عاموس هارئيل، عن هآرتس
لا يبدو أن هذا التشخيص جيد للأذن الإسرائيلية، خصوصا أن الجنديين اللذين قتلا صباح الأربعاء في مزارع شبعا لم يواريا التراب بعد، لكن بدا واضحا بأن الرد الذي اختاره حزب الله على الهجوم الذي اُتهمت به إسرائيل كان ردا محسوبا ومحدودا.
من وجهة نظر الحزب، فقد ضربت إسرائيل في الأسبوع الماضي هدفا نوعيا تابعاً له، أي القافلة التي ضمت ستة نشطاء تنفيذيين كبار، إضافة إلى الجنرال الإيراني. وجاء رد حزب الله بمهاجمة عربات عسكرية (وليس أهدافاً مدنية)، كما أنه وجه هجومه في جبهة سبق له أن اختبرها بعمليات تمت فيها، وهي جبهة هار دوف (مزارع شبعا)، وبالذات في المنطقة المنخفضة على الشارع المؤدي إلى قرية الغجر. في هذه الأثناء، امتنع الحزب عن القيام بعمليات أكثر طموحاً كما امتنع عن فتح جبهات قتالية جديدة.
اقتصر الرد الإسرائيلي على مهاجمة مواقع محتملة للحزب في المناطق القريبة من الحدود. واستمرار ذلك مرهون بالقرارات التي يجري اتخاذها حاليا، على المستوى السياسي وبالتشاور مع منظومة الأمن، وإذا حكمنا وفقا للروحية التي سادت أوساط الجيش منذ حادثة الهجوم على قافلة حزب الله في 18 من الشهر الجاري، سنجد أن إسرائيل تسعى إلى التهدئة وليس إلى التصعيد. حتى لو كان يتوجب على رئيس الوزراء أن يظهر الآن صرامة أمنية عشية الانتخابات (مع افترضنا أن جدول أعمال أمني خاص بالانتخابات سوف يخدمه سياسياً)، فإن حرباً مع حزب الله هي شأن مختلف كلياً. من الصعب أن نعرف كيف يمكن لحرب كهذه أن تخدم نتنياهو، وما الذي يريد أن يحققه من خلالها ولماذا يتوجب عليه أن يفكر بأن مواجهة عسكرية شاملة سوف – تنتهي بانتصار باهر من شأنه أن يدعم وضعه الانتخابي.
لهذه الأسباب، يبدو أن لرئيس الوزراء مصلحة واضحة في إنهاء جولة العنف الحالية قريباً. وكما كان دائماً، يجب أن نميز بين الخطابة العلنية والأعمال على الأرض، على مر السنين، كون الطرفان نظاما من الإشارات مفهوما من قبل الطرفين. إذا أراد نتنياهو أن يهدد حزب الله بسحقهم في الأرض، ما على سلاح الجو سوى الاكتفاء بقصف بضعة تلال خالية في جنوب لبنان، هم أيضا في لبنان يعلمون بأن إسرائيل تسعى وراء الإنهاء.
إذا حكمنا وفقا لخطوات حزب الله حتى الآن ـ إطلاق الصواريخ في الجولان يوم الثلاثاء والهجوم يوم الأربعاء ـ فإن الحزب ملتزم بمشاحنة محدودة. وحتى اليوم، أظهر الأمين العام للحزب حسن نصر الله تصرفا يقظاً نسبياً، وذلك على الرغم من عدائة البارز لإسرائيل. أما علامة الاستفهام حول الأسابيع القادمة فترتبط بالكيفية التي يرى فيها حسن نصر الله مقتل جهاد مغنية في العملية التي تمت في الجولان السوري. ذلك أن مغنية الأبن حاز على موقع متميز في الحزب بفضل أبيه الذي الذي اغتيل سابقاً. إذا شذ نصر الله عن حدود ساحة الملعب في عمليات مستقبلية، كمهاجمة أهداف خارجية على سبيل المثال أو قصف العمق الاسرائيلي، فإن هذا سيشكل شاهداً على أنه يسعى إلى تسديد حسابات شخصية خاصة به.
قوة الجيش التي تمت مهاجمتها صباح الأربعاء بالصواريخ المضادة للدروع، جاءت إلى المنطقة كجزء من عملية تعزيز الجبهة في مواجهة التوترات التي سادت المنطقة خلال الأيام العشر الأواخر، الجيب الذي قتل به الجنود لم يكن محصنا ضد الرصاص، حتى لو لم يكن هناك ضمان بأن الجيب المحصن ضد الرصاص سيصمد أمام ضربات دقيقة من صواريخ متطورة مضادة للدبابات مثل صواريخ كورنيت، وإذا أضفنا إلى ذلك بأن الشارع تتجول عليه سيارات مدنية من سكان قرية الغجر، فإن ذلك سيثير لدينا عددا من علامات الاستفهام، في الواقع، فقد مكثت في الجبهة العسكرية الأكثر تقدما على الجبهة اللبنانية والمعروفة على أنها الأكثر توترا، قوة عسكرية غير محصنة كما ينبغي.
هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان الضربة التي وجهت إلى مركز قيادة فرقة المدرعات 188 بداية الحرب على غزة في حزيران، قرب كيبوتس عين هشلوشا. هناك وصلت مجموعة القيادة للقيام بدورية في المنطقة المتقدمة دون أن تكون محمية، وهي المنطقة التي شهدت تحركات للجيش تحت اجراءات عملياتية متشددة، واصطدمت بقوة من حماس تسللت عبر الانفاق، مما أدى إلى مقتل ضابط وجندي.
على الأقل، ووفقا للمعطيات الأولية، يجري الشك بأنه جبل دوب (مزارع شبعا) عادت لتثير المشاكل الدائمة للجيش: فالموقع هو الأكثر إنذارا بالسوء. يتوجب إجراء فحص عملياتي مستنفذ بالكامل، أولا بسبب الثمن الذي دفع، وثانيا بسبب حساسية التوقيت، ففي الخلفية تسود مخاطر تدهور الأوضاع.
علينا أن نأمل، بأن هذه الحادثة المؤلمة ستؤدي إلى اقتراب نهاية الجولة وليس إلى تصعيدها. ولكن على افتراض بأن المشاحنات ستنتهي، يبقى التساؤل مثاراً حول امكانية استمرار التطورات في الجبهة الشمالية. فمن المنطقي الافتراض بأن حزب الله سيواصل الاعتماد على قوافل السلاح المتطور من إيران والتي تصل إلى لبنان عبر الأراضي السورية. في هذه الحالة، هل ستواصل إسرائيل ضرب القوافل التي تنقل السلاح النوعي لحزب الله في المستقبل، مع علمها بأن حزب الله سيرد على هذه الضربات في جبهة الجولان وجبهة هار دوف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حرب بوجود خيار
بقلم: تشيلو روزنبرغ، معاريف
إن الحادث الصعب في مزارع شبعا يمكن أن يجر إسرائيل إلى حرب لا تريدها. إن هذا الحادث هو ذيل آخر من ذيول العملية التي نفذت حسب التقارير الأجنبية قبل عدة أيام في سوريا. التقديرات التي تقول إن أيا من الطرفين لا يريد حربا شاملة – صحيحة. ولكن في بعض الأحيان عندما يكون الخوف من الحرب لا يقل خطرا عنها فان أي من الاطراف المشاركة فيها لا تستطيع أن تقدر بصورة صحيحة ماذا ستكون النتائج.
لقد تحولت سوريا لتصبح منطقة مهجورة ليس فيها حكما أو نظاما، وقد دخل إلى هذا الفراغ قوات كثيرة، يعادي بعضها بعضا إلى درجة مخيفة. ومع ذلك فان القاسم المشترك لكل القوات المقاتلة في سوريا هو إسرائيل. المصلحة الإسرائيلية العليا هي عدم التدخل في ما يجري في سوريا. لأن كل تدخل كهذا من شأنه، من جهة إسرائيل، أن يوحد الجميع ضدها.
ادراك أن إسرائيل هي الدولة الأكثر قوة ليس في مصلحتها. لقد حدث أكثر من مرة أن اندلعت حروب عندما كان واضحا للجهات العربية أن اسرائيل قوية جدا.
تقديرات جهاز الأمن والقرار بإعطاء تعليمات بعودة الحياة إلى طبيعتها اتضح أنها كانت فشلا ذريعا. من المعقول الافتراض أن تلك التقديرات ارتكزت على افتراضات أساسية بأن حزب الله لن يرد نظرا لتورطه في سوريا وفي لبنان. اتضح أن نصر الله لا يعمل لدى الاجهزة الأمنية أو الاجهزة السياسية في القدس وفي تل ابيب. ومن اجل أمن المدنيين كان يتوجب الانتظار أكثر. من اللحظة التي تم فيها فتح النار على القوات الاسرائيلية فليس للجيش الاسرائيلي خيار إلا أن يرد. وهنا بالضبط يُمتحن فهم اسرائيل: هل ستُجر إلى حرب استنزاف أو أنها ستنهي هذه الجولة بأسرع ما يمكن.
يستغل حزب الله الانتخابات الإسرائيلية من خلال الافتراض أن حكومة إسرائيل لن توعز بفتح حرب شاملة في لبنان أو سوريا، وهذا هو السبب في أنه أخذ على عاتقه مسؤولية إطلاق النار على دورية الجيش الإسرائيلي والمس بجنوده. ولكن نصر الله معروف أنه يمكن أن يخطيء أخطاء كبيرة في التقدير، مثلا ما قاله في أعقاب حرب لبنان الثانية، ومع ذلك يمكن أن نقرر أنه بالتدقيق مليا، فليس هناك أية مصلحة لحزب الله في فتح حرب ضد اسرائيل. ايران التي تحرك حزب الله وقامت بجهود كبيرة للحفاظ على نظام الاسد، كما يبدو لن تقوم بتوريط قوتها الضاربة في جبهة جديدة.
حتى لو حاولوا في إسرائيل نفي أي خلط بين الانتخابات وبين أي عملية عسكرية، أو ربما، لا سمح الله، حرب، فلن ينجحوا في ذلك. إن هوس الانتخابات وهوس الحرب يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها. السؤال الكبير هو هل ستكتفي اسرائيل بتصريح نصر الله أن العملية في مزارع شبعا هي ردا على ما نُسب لإسرائيل، حسب المصادر الاجنبية، كأنها تصفية للقادة في سوريا. بهذا يتم تحديد رد اسرائيل ودرجة قوته، والاهداف التي سيتم اختيارها ستحدد فيما اذا كنا سنتورط في حرب أو لا.
يجب على النخبة العسكرية والسياسية إجراء نقاش معمق منفصلا عن الانتخابات. الناس سيقولون إن هذا غير ممكن. ولكن بالتأكيد فان الجيش الاسرائيلي سيُقدم توصيات مهنية جدا. يصعب توقع ماذا سيقرر المستوى السياسي. هذا هو المجهول الاكبر في هذا الوقت وغير القابل للتوقع. علينا أن نتذكر جيدا وندرك: الحروب تندلع ايضا من هوس الحرب وليس فقط من اسباب موضوعية. الهدوء والتفكير المعمق هما الطريق الافضل للعمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
المحتوون محدودو *الضمان
بقلم: ناحوم برنياع، يديعوت أحرونوت
عندما يطلق حزب الله النار إلى أراضينا، عندما يقتل ويجرح مقاتلون، عندما توضع قوة الردع الإسرائيلية قيد الاختبار، من الواجب الانتقال إلى الصمت، والوقوف كرجل واحد خلف سياسة حكومة إسرائيل.
أمور غير جيدة تحصل للدولة هذه الأيام. وليست جميعها مرتبطة بالضرورة الواحدة بالأخرى، ولكنها جميعها شؤم. فقد كانت دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس في واشنطن، دعوة عادت إلينا كالسهم المرتد، بشرخ لم يسبق له مثيل لسنوات عديدة بين رئيس وزراء اسرائيل ورئيس الولايات المتحدة؛ كانت العملية في الباص في تل أبيب، واحدة في سلسلة عمليات عفوية، تشير إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يقتربون من نقطة الغليان؛ كانت التصفية للجنرال الايراني ولثلاثة من كبار رجالات حزب الله في الهضبة السورية في الاسبوع الماضي، التصفية التي كل جهة في العالم، وأولا وقبل كل شيء ايران وحزب الله، تعزوها لإسرائيل.
وأمس أطلق حزب الله صواريخ مضادة للدروع أصابت مركبتين للجيش الاسرائيلي، كانتا تسيران على طريق بجوار الغجر، القرية في الطرف الشمالي – الغربي من الجولان، على حدود لبنان.
«من يقف خلف الهجوم اليوم، سيدفع كامل الثمن»، أعلن رئيس الوزراء. عمليا بذلت إسرائيل كل ما في وسعها كي تحتوي الحدث. ضباط الجيش الاسرائيلي، الذين جاءوا لتقويم الوضع في مكتب رئيس الوزراء في تل أبيب تذكروا جيدا التدحرج إلى الحرب في الصيف الماضي. حكومة اسرائيل لم ترغب في الحرب؛ حماس لم ترغب في الحرب. وعلى الرغم من ذلك، تدحرجوا إلى هناك وكأنه يتملكهم الشيطان فقط لأن الطرفين خافا من أنهما لا يردعان الواحد الآخر بما يكفي.
لقد وصف أحد المصادر العلاقات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله بتعابير من مجال السياقة. الطرفان، قال، لا يريدان إلا أن يحتك الواحد بالآخر، جناح يلمس جناحا، صاج يلمس صاجا. ولا ضمانة لهما إلا ينتهي هذا بحادثة طرق جبهوية.
يكاد يكون كل من اجتمع في مكتب رئيس الوزراء أمس افترض بأن خلف تهديد نتنياهو لا تختبىء غير الخطابة. فهو لا يريد حقا أن يتورط في حرب في الشمال الآن. أحد لا يريد، بينت أيضا لا يريد، الذي فجأة صمت. لا صوت ولا واتس أب. ولا ليبرمان ايضا، الذي دعا إلى فتح حملة عسكرية كبيرة في لبنان، ولكن عرف بان احدا لا يأخذ دعوته هذه على محمل الجد.
وسارع السياسيون من التيار المركزي للسير على الخط: لا أحد يريد أن يظهر بأنه غير وطني في وقت التوتر الأمني. وقد دعوا بعناية من صفحات الرسائل التي أعدها لهم رجال العلاقات العامة في الحزب، ولم يصدقوا أي كلمة تخرج من أفواههم. لا عومر بارليف، الذي سعى إلى الشد على يد رئيس الوزراء، لا زئيف الكين، الذي دعا إلى ضبط النفس ولكنه تعهد بالانتقام. ففترة الانتخابات ليست ساعتهم الجميلة.
الرسالة التي خرجت من مكتب رئيس الوزراء وتبناها على الفور كل سياسي ومحلل، قال على النحو التالي: ايران أمرت حزب الله أن يستولي على المنطقة على طول حدود اسرائيل، من هار دوف حتى خطوط السفوح في منطقة القنيطرة. ومحظور على اسرائيل أن تسمح لهذا بان يحصل. وقد فعلت كل الاعمال العسكرية اللازمة كي تمنع ذلك. ونتنياهو بنفسه المح بذلك ببيانه أمس.
وأنا أسأل، في واقع الأمر لماذا؟ لنفترض أن ايران أمرت حزب الله بأن يوسع انتشاره حتى شمال الهضبة؛ لنفترض أن حزب الله يعتزم عمل ذلك. فهل هذا سيء جدا؟ هل من الأفضل لإسرائيل أن تجلس في هضبة الجولان أمام قوات داعش أو أمام جبهة النصرة، منظمة مجنونة اخرى متفرعة عن القاعدة؟ فأمام منظمات كهذه نحن نجلس اليوم، من القنيطرة جنوبا، ولم اسمع أن اسرائيل فتحت ضدها حربا. فلماذا نواصل العيش في حنيتا والمطلة، في مسغاف عام وفي دوفيف، في كريات شمونا وفي شلومي. امام حزب ا لله ولا يمكننا أن نعيش امامهم في هضبة الجولان؟
وسؤال آخر، اذا كان مسموحا. لماذا صفي الجنرال الايراني؟ لماذا صفي في عملية شبه علنية؟ ما الذي منعه من قرر هذه العملية، ومن أخاف ومن ردع، باستثناء مئات الاف المواطنين الاسرائيليين الذين يسكنون على حدود الشمال؟ ربما توجد أجوبة جيدة لهذه الاسئلة، ولكن عندما لا يكون أب للعملية اياها فانه لا يوجد من يمكن أن يطالب بها.
بعد عملية حزب الله أمس أملوا في الجيش الاسرائيلي أن يكون بذلك انتهى فصل: نحن فعلنا ما علينا، هم انتقموا نقمتهم. يمكن ان نفتح من جديد جبل الشيخ للمتزلجين، يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية، في كل ما يتعلق بحزب الله قد يكون هذا صحيحا: الحسابات بيننا وبينهم طويلة ومركبة. احيانا يكفي وهم النجاح لتهدئة احد الطرفين وتزييف ردع متبادل.
ولكن اذا كان يعتقد أحد ما بان إيران ستكتفي بذلك فانه يعيش في فيلم. يد الايرانيين طويلة. وذاكرتهم أطول. ومن يعتقد أن العالم سيصدم لموت مقاتلين من جفعاتي، في منطقة محتلة، في مكان ما هناك على الحدود بين اسرائيل، سوريا ولبنان، فيتهم إيران ويشدد العقوبات ضدها، يعيش في ديزني لاند.
كل هذا يعيدنا إلى سلسلة الأمور غير الطيبة التي تحصل هنا. إذا كان يريد نتنياهو مساعدة الإدارة الأمريكية في حل المشكلة مع حزب الله، مشكوك أن يتلقاها. الهواتف في واشنطن لا ترد. ولا يتبقى له غير الامل بوجود راشد مسؤول في طهران، او في القبو، في الضاحية، في بيروت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العودة إلى قواعد اللعب
بقلم: ران إدلست، معاريف
حتى كتابة هذه السطور، في مساء يوم الأربعاء، عاد الجيش الإسرائيلي إلى قواعد اللعب المتبعة بيننا وبين حزب الله – لقد أطلقنا وهم أطلقوا، كل جانب حسب درجة الضرر أو الفائدة التي سيجنيها من الاطلاق، بدون الانجرار إلى دوران يصعب إصلاح نتائجه. إذا قرأتم هذه المقالة في الصباح ولم يستمر الجيش الاسرائيلي في زيادة ضرباته في الليل، فهذا مؤشر على أن الجانبين يريدان الهدوء. من هنا فصاعدا علينا أن نفهم كيف ولماذا وصلنا إلى شفا الانفجار الذي يمكن أن يحدث اذا تم التقرير في اسرائيل أن يرفعوا سقف الرد.
من جهة حزب الله، تصفية القافلة كانت انحرافا عن قواعد اللعب، واستمرارا لضرب القوافل والمخازن في الماضي. من جهة الجيش الإسرائيلي، فان جنودا مقتولين في عملية يتم المبادرة إليها، بخلاف إطلاق قذائف مدفعية عارض، أيضا في حدود لبنان، هو ذريعة للحرب (لجنة تحقيق). من جهة السياسيين في فترة الانتخابات، فشل سياسي ووهن في الرد، هو الاختبار الأكبر. السؤال هو أن تُنتخب أو لا تُنتخب.
ليس مناسبا الآن أن نسأل كيف حدث هذا؟ هل هذا يشكل فشلا أو خللا بسيطا؟ لكن السؤال هو ماذا سنفعل بعد. بصورة عامة هناك بنك أهداف جاهز (ومحسوب) الذي تم استخدامه فورا بعد اطلاق الصواريخ. من أجل رفع سقف الأهداف هناك حاجة إلى تقييم الوضع الذي يجب أن يقوم به وزير الأمن ورئيس الحكومة ومن ثم يقررا. تقييمات الوضع السابقة القائلة إن حزب الله سيُبعد العملية إلى الخارج – تلقت ضربة قوية، قتلى وجرحى، وفي الأساس أسئلة فيما يتعلق بالاستخبارات وأجهزة الانذار في منطقة الحادث، كما أن تقييمات الوضع التي ترافق اقتراحات برد الجيش الإسرائيلي، علينا أن نأخذها بثقة محدودة الضمان وخصوصا تقييم الوضع باتجاه رد حزب الله اذا تم رفع السقف من جهتنا.
إن الترسانة محددة تماما: رد على النار من الطرف الآخر (مدفعية أو من الطائرات) مهما كانت قوتها تشمل رؤية الدمار، لا تكفي لطلب الانتقام بالشكل الذي أراده ليبرمان (ضربة شديدة وما أشبه) يمكن أن تشكل وسيلة في أيدي اليمين في الانتخابات، الذي لن يعتذر حتى إذا قُتل مئات من الناس. الدخول البري غير وارد. ليس لأن الجيش الإسرائيلي يخاف، ولكن لأنه لن يحل شيئا ويشكل مدخلا مؤكدا للتورط في المستنقع اللبناني، لمن يتوق لذلك. عملية «جراحية» في (الجبهة الداخلية للعدو) من شأنها أن تجلب قدرا معينا من التصفيق والهتاف، ولكن دائما هناك احتمال ولو قليل للفشل، أنظروا إلى عملية النعيمة في 1988 والانصارية في 1997.
باستثناء الحادث الأخير، هناك صراع تكتيكي بين إسرائيل والمحور الثلاثي – إيران، حزب الله وسوريا – على السيطرة على موقع القنيطرة وجنوب هضبة الجولان، والهدف الاستراتيجي للمحور الثلاثي هو السيطرة على لبنان كله. لإسرائيل ليس هناك سيطرة على الهدف الاستراتيجي للمحور الثلاثي في لبنان، والخطر هو أن حربا شاملة في أعقاب رد زائد لإسرائيل ستُقربهم من تحقيق هدفهم هذا. في هذا الوضع المضطرب وهذا الجنون الشرق اوسطي محظور أن يكون جنود الجيش الإسرائيلي وسيلة لجعل حزب الله وايران يسيطران على لبنان بسبب الحسابات الانتخابية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
كيف يؤيد 95 بالمئة من الإسرائيليين قصف منازل غزة؟
بقلم: ميخال ليفيرتوف، عن إسرائيل24.
نشرت صحيفة معاريف على موقعها مقالة خاصة بعنوان "القاموس اللغوي الكامل لعملية الجرف الصامد". وذلك عشرة أيام بعد انطلاق العراك الصيفي في الجنوب، بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2014، وعند الحرف "هـ" بالعبرية تجدون كلمة "هفتاعوت" -مفاجئات.
إسرائيل وحماس حاولتا على حد سواء المس بمعنويات الطرف الآخر مستخدمان تكتيكيات غير متوقعة، جاء في المقال، ولكن بفضل الاستخبارات الجيدة، تغلبت إسرائيل على محاولات حماس لضربها بشكل مفاجئ عبر الأنفاق، الطائرات بدون طيار أو المارينز.
وفقا للمقالة مفاجئة الجيش الإسرائيلي لحماس، كانت "إطلاق النار المقصود تجاه المباني التي يقطنها قادة من المستوى المنخفض أو الأوسط". حتى تلك اللحظة قضى ثلث الضحايا الفلسطينيين نحبهم بهجمات كهذه. وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية التي اقتبستها صحيفة هآرتس في ذلك الصباح، 71 منهم كانوا أطفالا، 25 امرأة و17 مسنا. ولكن عنوان معاريف المتبجح كان "عنوان اللعبة هو ‘قنابل مصغّرة‘. هذه القنابل التي طورتها إسرائيل خدمت كتحذير للسكان الفلسطينيين كي يقوموا بإخلاء المناطق التي كانت على وشك أن تقصف بقنابل جو أرض من نصف طن".
فشلت معاريف باختبار الواقعية لم يكن فقط بخصوص الجانب الفلسطيني فحسب، بل أيضا بتبجحها بقدرات الجيش الإسرائيلي على كشف تكتيكات حماس الجديدة ولكنها أثبتت مسبقة لأوانها: 9 جنود إسرائيليين على الأقل قتلوا خلال عملية "الجرف الصامد" بأيدي قوات حماس التي استخدمت هذه التكتيكات. اثنان منهم في اليوم ذاته الذي نشر به التقرير.
ولكن بينما كسبت الأنفاق في الأسابيع اللاحقة معظم الانتباه في الحوار والنقاش الدائر بالبلاد وبحق، بقيت فظائع الـ"طرق على السقف"، كما لقب سياسة القنابل المخففة، على هامش اهتمامات لمعظم الإسرائيليين.
العواقب الوخيمة لهذه السياسة تصب في قلب تقرير جديد نشرته منظمة حقوق الإنسان بتسيلم أمس الأربعاء. تحت عنوان "الراية السوداء – العواقب القانونية والأخلاقية لسياسة مهاجمة المباني السكنية في قطاع غزة، صيف 2014"، ويشير التقرير الى أن أكثر من ربع القتلى الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 2,200 قتيل في عملية "الجرف الصامد" قتلوا بهجمات كهذه. 70% من الأحداث الـ606 التي عاينتها المؤسسة على الأغلب لم يكونوا جزءا من الأعمال العدائية. إما كانوا دون سن الـ18، فوق الستين من العمر، أو نساء.
كما يكشف التقرير، ليس فقط أن العديد من المنازل المستهدفة لم تلائم المعايير وفقا للقانون الإنساني الدولي لما يعرف بأنه "أهداف عسكرية"، بل أن في عدد كبير من الحالات لم يتلقَ السكان أية تحذير مسبق على الإطلاق. آخرون، وفقا للتقرير، قتلوا بعد أن تم إخلاءهم من المنازل الى ما اعتبروها أحياء آمنة، أو عندما لم يكن لديهم أي مكان بديل ينتقلوا إليه.
أهمية تقيري بتسيلم تكمن في تركيزه على مسؤولية وضرورة محاسبة القيادة الإسرائيلية على هذه النتائج. ويقول التقرير: "بضعة أيام بعد بدء القتال، لم يكن لدى متخذي القرارات أي شك بشأن النتائج المتوقعة من مواصلة سياسة مهاجمة المنازل".
دون شك أن التقرير يثبت، أن حصة الأسد من المسؤولية لهذه الفظائع تقع على أكتاف متخذي القرارات المنتخبين والمعيّنين في البلاد. ولكن ليس أقل قلقا من ذلك هو عدم الاكتراث للرأي العام، والذي عبّر بشكل مباشر عن عدم رغبة للتشكيك في هذه السياسة، ولم يظهر هؤلاء أي ألم بالنتائج الوشيكة، وبشكل عام، حظيت عملية "الجرف الصامد" بدعم بنسبة 95% من اليهود الإسرائيليين.
إضافة الى ذلك: وبعكس التصريح الرسمي من الأيام اللاحقة الذي يدعي أن فقط المنازل التي حوّلتها حماس الى مقرات عسكرية تم تدميرها، وصفت معاريف – كما فعلت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية – هدف تفجير المنازل كأخلاقي جدا: تدمير روح حماس. مقالة معاريف تشرح دون خجل بأن القيام بـ"الطرق على السقف" هدف أيضا الى توجيه رسالة الى حزب الله بأن التلاعب مع إسرائيل سيكلف ثمنا باهظا.
بينما حاولت السلطات الإسرائيلية – وإن كان ذلك نابعا فقط من خشية النتائج والأصداء القانونية – على الأقل أن تربط بين تفجيرات المدنيين وبين الاحتياجات العسكرية، لم يكن لدى الجمهور الإسرائيلي العام وصائغو الرأي العام في الإعلام أية مشكلة بفكرة أنه تم محو عائلات كاملة من على وجه البسيطة لأجل دافع معنوي أو لأجل تلقين خصمنا المخيف أكثر من الشمال.
بالطبع ليس المجتمع الإسرائيلي الأول لدعم سياسة النظام في أوقات حرب – حتى عندما تكون الإنجازات المرجوة مشكوك فيها كونها تضمن الدمار للمدنيين. ولكن في حين أطلق الوطنيون الأمريكان عام 2003 على البطاطس المقلية (بالإنجليزية French-fries) اسم بطاطس الحرية (freedom-fries) لأن فرنسا رفضت الانضمام الى التحالف الذي اجتاح العراق، دعم قرار جورج دبليو بوش باستخدام القوة العسكرية في العراق لم تتعد بأعلى نسبها الـ72%. في شباط/ فبراير هذا العام خرج مليون بريطاني غير مرتاح الى مظاهرة كبرى في شوارع لندن احتجاجا ضد الحرب القادمة. حتى في إسرائيل، تجمع مئات الآلاف عام 1982 في ميدان تل أبيب المركزي مطالبين بتحمل المسؤولية وفتح تحقيق رسمي حول المذبحة التي ارتكبتها مليشيات الكتائب اللبنانية في جنوب لبنان بمخيمي اللاجئين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا.
لا شك أن هناك، اختلاف كبير بين حرب الخليج وعمليات إسرائيل في غزة. الصواريخ التي يطلقها حماس تجاه المواقع المدنية الإسرائيلية ليست حقيقة مسهبة، لكن هذا الانتهاك للقانون الإنساني الدولي، كما يؤكد تقرير بتسيلم، لا يعفي إسرائيل من التزاماتها بتطبيق هذا القانون. ولكن هذا التميّز يعني أيضا أنه إذا كان هناك شخص ما الذي عليه أن يتصرف بشكل مغاير وعدم صرف النظر عن المآسي، الألم، والعبثية التي يسببها قصف المنازل السكنية على الجانب الآخر من الحدود، فيتوجب أن يكون الإسرائيليين.