Haneen
2015-02-03, 12:17 PM
في هذا الملف
اوهام ليبرمان
بقلم: حديث القدس – القدس
الأحد وكل يوم أحد .. حرية التعبير وازدراء الأديان لا يلتقيان
بقلم: زياد أبو زياد – القدس
البستان يكتب بالندى!
بقلم: حسن عبدالله – القدس
فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية.. مجرد بداية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
الأحزاب الفلسطينية كمنتج لحالة قروية ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
القدس في الأدب العربي
بقلم: عادل الأسطة – الايام
مدارات - قائمة واحدة لفلسطينيي الداخل
بقلم: عدلي صادق – الحياة
تغريدة الصباح - مشهدان من باريس
بقلم: حنان باكير – الحياة
نبض الحياة - إصلاح ام ثورة..
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
سؤال عالماشي - عدالة (كبير العالم) بين المخزي والسخيف
بقلم: موفق مطر – الحياة
اوهام ليبرمان
بقلم: حديث القدس – القدس
وزير خارجية اسرائيل افيغدور ليبرمان شخص معروف بتشدده وتطرفه الذي يتجاوز كل حدود المنطق في غالب الاحيان، وآخر احلامه او اوهامه ما زعمه عن اتفاق مع دول عربية لتوقيع صلح من وراء ظهر الرئيس ابو مازن، يتضمن نقل مناطق فلسطينية داخل الخط الاخضر الى حدود الضفة وضم المستوطنات في الضفة الى اسرائيل، وذلك لمواجهة المأزق السكاني الذي يواجه اسرائيل بسبب ازدياد نسبة الفلسطينيين في الداخل وفي الضفة ايضا مما يهدد الكثرة اليهودية.
وهذا الكلام ليس غير معقول ولا منطقي فقط وانما يدل على سطحية سياسية ناتجة عن التعصب الاعمى. ولم يسأل ليبرمان نفسه من الذي سيوقع الصلح معه ؟ وكيف سيكون اي اتفاق من وراء ظهر الرئيس ابو مازن والسلطة الوطنية الموجودة في الضفة هي وملايين المواطنين ؟
ان محاولة ليبرمان عدم مواجهة الواقع والتعامل معه بمنطق ومسؤولية والهرب الى الاوهام، لن يخدم احدا سوى التطرف والعنف وزيادة التوتر في المنطقة التي تعاني اساسا من التطرف، وهو كلام يندرج في اطار حملة الضغوط بالفعل والتصريحات ضد الرئيس والسلطة، كاحتجز او سرقة مستحقات الضرائب حينا، والقول ان ابو مازن ليس شريكا سياسيا في احيان اخرى.
نحن موجودون هنا، ونحن باقون هنا ولن يمر حل او صلح أو اتفاق بدون موافقتنا سواء ارادت اسرائيل ذلك ام لم ترده، وسواء اقتنعت به او لم تقتنع، وبدل استمرار السير في الاوهام لا بد من التعامل مع الحقائق والمعطيات.
موقف كندا وزيارة وزير خارجيتها ...!!
تتخذ الحكومة الكندية باستمرار مواقف ضد المصالح والمطالب الوطنية الفلسطينية، وهي تصوت في كل المحافل ضد مواقفنا كما حدث لدى انضمام فلسطين لليونيسكو وقبولها دولة بصفة مراقب في الامم المتحدة كما تسعى دائما لدعم المواقف الاسرائيلية وتحريض دول اخرى على الوقوف ضدنا وضد حقنا في تقرير المصير وازالة الاحتلال.
إزاء هذه المواقف المعروفة والواضحة اصدرت حركة الشبيبة الفتحاوية في الضفة بيانا طالبت فيه بعدم استقبال وزير خارجية كندا جون بيرد في زيارته المرتقبة للمنطقة خلال أيام احتجاجا واعتراضا على هذه المواقف المتحيزة وغير المنصفة.
وللشبيبة وجهة نظر محقة في الذي دعت اليه، وقد مارست اسرائيل هذا التصرف اكثر من مرة تجاه وزراء ومسؤولين دوليين ورفضت مقابلتهم او منحهم تأشيرات دخول. واذا رفضنا استقبال وزير خارجية كندا فلن نكون اول من يفعل ذلك تجاه من يعادي حقوقنا وقضيتنا، الا ان هناك وجهة نظر اخرى تؤكد عدم ضرورة رفض اللقاء وانما الاجتماع به وابلاغه رسالة واضحة واطلاعه على حقائق الوضع وممارسات الاحتلال ومعاناة شعبنا وكل ما يتعلق بحقوقنا ورغبتنا بالاستقلال وبناء الدولة والخلاص من آخر احتلال في العالم.
الأحد وكل يوم أحد .. حرية التعبير وازدراء الأديان لا يلتقيان
بقلم: زياد أبو زياد – القدس
لم تكن غالبية الناس تعرف اسم صحيفة تشارلي ابيدو الفرنسية قبل أن تتعرض الأسبوع الماضي إلى هجوم أسفر عن مقتل اثنين من رؤساء تحريرها وعدد من العاملين فيها ، أعقبه وخلال مطاردة الفاعلين هجوم واحتجاز رهائن في سوبرماركت يهودي أسفر عن قتل الرهائن الأربع.
وقبل الخوض في هذا الموضوع لا بد من التأكيد بأننا نرفض وبكل حزم أي اعتداء على الأبرياء لأن ديننا الاسلامي الحنيف يحرم القتل ويأمر بتنفيذ حد القتل على كل من يقتل نفسا بريئة بغير ذنب ، وجزاؤه في الآخرة عذاب جهنم خالدا فيها أبدا. ونحن إذ ندين ونرفض القتل بسبب قناعاتنا الدينية فإننا أيضا نقر بأن هذه القناعات تلتقي بل وتؤسس للقناعة الأخلاقية التي ترفض القتل والاعتداء على الأبرياء ، وهذه أمور لا تقبل في ديننا الجدل أو المعايير المزدوجة.
ومع ذلك فلا بد من التساؤل عن الظروف والحيثيات التي سبقت عملية الهجوم على الجريدة وأعقبتها. فقد كانت هذه الجريدة على وشك الافلاس حيث ابتعد عنها الكثيرون من قرائها بعد أن انتهجت لنفسها خطا يقوم على ازدراء الأديان ونشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من الأنبياء وتظهرهم في أوضاع جنسية مشينة وكذلك نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من السود وتثير النزعة العنصرية والطائفية علاوة على المساس بمشاعر المؤمنين المسلمين والنصارى على حد سواء.
والغريب أن الذين انبروا للدفاع عن الصحيفة ضد الهجوم الذي وقع عليها تذرعوا بحرية الرأي والتعبير واعتبروا ما تنشره الصحيفة من ازدراء وقذف وقدح بالأديان السماوية وإثارة للعنصرية إنما هو أمر يتم تحت غطاء حرية التعبير المقدسة التي تعتبر أهم ركائز الديمقراطية في أي بلد يدين بالديمقراطية والتعددية. ولكن هؤلاء الذين يتغنون بالديمقراطية وحرية التعبير يرفضون وبكل شدة أي رأي مخالف لرأيهم يحاول أن يفسر لهم الدوافع والأسباب التي أدت إلى حدوث ما حدث حتى لو كان ذلك الرأي ضد ما حدث فهم مع حرية التعبير لتلك الصحيفة في نشر أنفاسها الكريهة ، وضد حرية التعبير لغيرها.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ، بل إن فرنسا التي تدعي الديمقراطية وحرية التعبير هي نفسها التي تفرض عقوبة السجن ثلاث سنوات على كل من يشكك أو ينكر جرائم النازية حتى لو كان باحثا أكاديميا أو مؤرخا يبحث عن الحقائق دون أية دوافع أو أغراض سياسية . ففي مجال إنكار النازية ، لا توجد حرية للتعبير ولا يسمح لأحد بأن يناقش أو يفكر أو يبحث !
والأغرب من ذلك ، هو أن فرنسا التي خرجت ضد الهجوم على تلك الصحيفة استضافت مسيرة وصفتها بأنها ضد الارهاب ومع حرية التعبير ، وتقدمها العديد من زعماء العالم من بينهم عدد لا يستهان به من الزعماء الذين قمعوا حرية التعبير في بلادهم وزجوا بالصحفيين وأصحاب الرأي في السجون ، ومن بينهم أيضا من قتلوا الصحفيين ودمروا البيوت فوق رؤوس الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء وأبادوا عائلات عن بكرة أبيها ثم جاؤوا إلى باريس للتظاهر ضد الأرهاب وضد منع حرية التعبير !!..
والغريب أيضا هو أن يخرج عدد من الناطقين العرب والمسلمين ليدينوا الهجوم على الصحيفة التي تروج للعنصرية وتسيء للأنبياء والرسل دون أن يقولوا كلمة حق واحدة من أن هذه الصحيفة هي التي تروج للفتنة والعنصرية وإثارة الفتنة والأحقاد ، فلماذا نضع أنفسنا في قفص الاتهام ؟!
الشابان اللذان قاما بالهجوم على مقر صحيفة تشارلي ابيدو لم يأتيا من أي بلد مسلم أو عربي بل هما شابان فرنسيان ولدا في فرنسا وتعلما في مدارسها ورضعا من ثقافتها وتربيتها. وإذا كانت قيم احترام الذات والحقوق الانسانية والعدالة والديمقراطية التي نشئوا عليها في حضن الثقافة الفرنسية هي التي أوصلتهم إلى القناعة بأن هذه الصحيفة لا تقيم وزنا لهذه القيم فإن أحدا لا يستطيع تجيير محصلة ما قاما به إلى خارج الحدود الفرنسية. وإذا كان هناك من يريد أن يبحث عن الأسباب التي دفعتهما للقيام بما قاما به فإن عليه أن يبحث أولا عن السبب الذي منع اندماج هذين الشابين بالمجتمع الفرنسي ، ومنعهما من الإحساس بالمساواة والعدالة ودفعهما للسير في الطريق الذي سارا به ، فالفشل في ذلك هو من مسؤولية الدولة التي نشأ بها هؤلاء الشبان وأمثالهم .
إن تورط العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا في الأحداث الجارية على طول العالم الاسلامي وعرضه وفي قلبه العديد من الدول العربية ليثبت بأن التدخل في شؤون الدول العربية والاسلامية وإثارة الفتن والحروب الداخلية فيها وتمزيق بناها الاجتماعية وتدمير قواها الاقتصادية والعسكرية لا يمكن بل ويستحيل أن يظل مقتصرا على داخل حدود تلك الدول ولا بد أن يطفح إلى خارجها فيجد التعبير عنه عبر حدود الدول الأوروبية التي تسببت أو تورطت فيه. فالذي يحدث في سوريا وليبيا هذه الأيام ليس بالحدث الداخلي وإنما أصابع أوروبا موغلة فيه حتى العظم ، بل وما زالت. ولقد أخطأت فرنسا وغيرها من الدول الاوروبية حين تبنت السياسة التي رسمها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الذي لم يتردد في القول بأنه يشن حربا صليبية ، والذي ارتكب جريمة تدمير العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقتل وتشريد مئات الآلاف بل الملايين وإخراج المارد الطائفي من القمقم والذي تمدد على مساحة المنطقة عبر الحدود السورية وباتجاه الخليج العربي وبات كابوسا يقض مضاجع الأوروبيين وغيرهم .
وكذلك فإن فشل بعض هذه الدول في فهم الاسلام والمسلمين ووقوعها في فخ إسرائيل والأبواق الموالية لها بوصم الارهاب بالارهاب الأسلامي هو المسؤول عن استمرار الأحداث المؤسفة التي وقعت ، والذي يقتضي من هذه الدول أن تفهم بأن الاسلام هو دين القيم الأخلاقية والتسامح ورفض العنف والارهاب والحرص على حياة الانسان أيا كان دينه وعرقه ، وأن عليها أن تفهم أيضا بأن الارهاب الذي يمارسه بعض من يدعون الاسلام لا صلة له بالاسلام ولا بالمسلمين ، وعليها أن تقف في خندق واحد ضد المساس بالمعتقدات والمشاعر الدينية للمسلمين ولغير المسلمين. ولا يجوز ولا يمكن لأحد أن يسمح بالمساس بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام بحجة أن هذا المساس هو ممارسة للحق في حرية التعبير. وعليهم أن يفهموا ما يقوله المثل العامي : " من يقرع الباب يسمع الجواب ".
الارهاب لا دين ولا هوية له ، ومحاولة إلصاقه بالدين الاسلامي هو جريمة بحد ذاتها لا يجوز التغاضي عنها أو السكوت عليها ، وعلى من يريدون محاربة الارهاب الدولي أن يبحثوا عن أسبابه بدءا بأنفسهم وسياساتهم وممارساتهم.
البستان يكتب بالندى!
بقلم: حسن عبدالله – القدس
تململت الليلة في فراشي طويلاً، فقد عانيت هذا الأسبوع ثقل العمل و المتابعات المهنية، دهمتني أفكارٌ متناقضة حول قضايا خاصة وعامة، واصطرعت في رأسي عديد الخواطر، إشتد التناقض بين ما يجب أن يكون و ألا يكون، حتى شقشق الفجر، فوجدت متنفسي في بستاني الذي كنت زرعته شجرة شجرة في قطعة الارض التي خصني بها والدي في قريتي المجاورة لمدينة رام الله، لأمضي فيه ساعتين أو ثلاث قبل الذهاب إلى العمل.
وعندما وقفت بين يديه، وجدته يستعد لافتتاح يومه ، فقد نهض مع شروق الشمس و نفضت الأشجار عن أغصانها و أوراقها و جدوعها سكون ليلة فائتة. رفعت ذرات التراب رؤوسها إلى السماء معلنة انها باقية مستمرة في أداء دورها في المكان و الزمان. عزفت العصافير نشيد الصباح، وبانت وجوه حبات التفاح من شبابيك الأغصان، وراحت ترقب كل حبة تفاصيل البستان بعينين تفاحيتين.
خرج " حرذون" من جحره، اطمأن بأن كل شئ على ما يرام، وعاد إلى الجحر ثانية، ربما ليخبر زوجته و صغاره، ان الاستمرار في النوم اكثر مما ينبغي ضرب من ضروب المستحيل، ما دامت الحياة دبت في المكان، فطلب الرزق مهمة لا تحتمل الكسل والانتظار. استطلعت فراشة منقوطة الجناحين الموقف في حارة " الورد الجوري" المزروعة في خاصرة البستان، وتنقلت بخفة بين الورد الخمري و الأبيض والاصفر، واعطت بجناحيها شارة لفريق الفراش، للهبوط بسلام على أكتاف الورد الجوري، في حين غادرت هرة مرقطة بيت الجار يحيى، وتسللت عبر فتحة خبرتها في السور، و شرعت في التقاط رزقها من حشرات و بقايا طعام.
همست شجرة لوز فتية في أذن أمها متذمرة من تلك القوة التي ما انفكت تشدها الى الأرض، طالبة مساعدة الأم في التحرر من قوة الجذب إلى الأسفل، فيما حاولت الأم إفهامها بمنطق المجرب الخبير، انها قوة الحياة، وقطع شريان التواصل مع الأرض يقود إلى الموت. نصحت الأم ابنتها "لوزية" بالتعايش مع قوة جذب الأرض، حتى يتسنى لها في المستقبل القريب طرح ثمارها، فتحسست الصغيرة بطنها، و منت النفس بنضج سريع، لتنحب حبات لوز، ويصير لها فلذات كبد تتباهى بها بين الاشجار.
افتتحت الياسمينة الملاصقة للسور صباحها بترديد أغنية من عطر فواح، وقررت الدخول في مباراة عبقية مع الورد الجوري، اشتدت حمى التنافس بين عطر الطبيعة ، فرقص البستان طرباً وهو يتنشق نسيماً مشبعاً بسخاء العبق. و على أنغام زقزقة العصافير وموسيقى حفيف الاشجار و صباح البستان الممتلىء برائحة الورد و الياسمين والزعتر، أسرني جمال الطبيعة، صار مزاجي في وضع نموذجي. قفز الكاتب من داخلي، طاف في ارجاء البستان بنشاط و حيوية، تسلق الاشجار ، ثم مد يده إلى قلمه، وحينما بدأ يكتب، فوجىء ان ما كتبه كان بحبر عادي . فكف عن المحاولة، مفسحاً في المجال للندى لكي يكتب، بعد أن تأكد له ان حبر الندى أجمل و أنقى واكثر بهاءً وإدهاشاً من حبر القلم. لم يكتب قلم الكاتب هذا الصباح، و انما كانت المهمة حصرية للبستان. انهمك البستان في تجسيد صورة البديعة أما أنا فاكتفيت بمتابعة شجرة السفرجل وهي تستجيب لنداء نسيم الصباح. كانت أغصانها تميل بدلال، تلامس أطراف أغصان شجرة البرقوق، تقول: لها - " صباح الخير يا جارتي العزيزة" ، فترد الجارة التحية بطريقتها البرقوقية المرحة، فتسري البهجة في شرايين اشجار الكرز و الأجاص والخوخ . كان البستان يموج متناغماً مع اهتزاز الاْغصان و حفيف الاْوراق و شذى الورد في مهرجان اعلان يوم جديد في عمر مجتمع الاشجار و النباتات و الزهور. تسمرت أمام عذوبة المشهد و سألت نفسي: هل يمكن لي مهما اجتهدت و أبدعت أن أجسد نصاً في هذه اللحظة يوازي الكتابة بالندى! و هل نستطيع نحن الكتّاب أن نجاري إبداعياً ما تكتبه الطبيعة؟
بقيت اتساءل واتساءل ، قرأت افكاري شجرة زيتون وجدت لنفسها مكاناً طبيعياً في البستان، فشرعت في الاجابة دون أن تلتفت إليّ .. قالت من خلال سطور مكثفة دونتها في دفتر يومياتها :" إن الطبيعة لا تستقيم بمعزل عن الانسان، فهو منها، وهي تمتد وتكبر بحسه وكدحه و عشقه. الطبيعة تستل قلمها من روحها، والانسان يجعل من روحه قلماً إذا استحوذ عليه الابداع".
كان من الصعب الإنفكاك من أسر سحر المكان ، والعودة من" رافات" الى رام الله"، لمباشرة يوم عمل جديد، لكن التنقل بين الشجر في القرية ومهماتي المهنية في المدينة صار جزءاً لا يتجزأ من برنامجي اليومي، القيت نظرة وداع على البستان في انتظار لقاء قريب، وفي اللحظة وشوشني مونولوجي الداخلي:- بستان صغير مثال لتعايش الأشجار والنباتات و الزهور، يحتفل بالصبح على طريقته، يفرح، تصدح موسيقاه، يغني، يعمق جذوره في الأرض، ، يتجدد في الطبيعة وبها ، يسابق الزمن في العطاء، يتعامل مع الانسان كما لو أنه شجرة اذا كان ايجابيا مفيدا، اما عندما تغيب قسماته الانسانية، او ملامحه الشجرية، و يتنكر للأشجار إقتلاعاً و تدميراً، تحت شعار انه يعمّر، يصبح في منطق الاشجار قاتلا، والا ما فائدة قتل شجرة ، لتقام على انقاض جثتها علبة اسمنتية؟!!
أخرجت جسمي وروحي من حضن البستان و غادرت.. كان لزاماً عليّ ان اغادر الى العمل ، رغم إغراءات الطبيعة، لكن عندما ولجت الباب الرئيس للكلية العصرية الجامعية، قاصداً مكتبي، فوجئت بزميل يسألني:- " من اين أتيت ؟" و لما قرأ في وجهي ارتدادات السؤال .. استطرد قائلا:-" سألت بعد ان ادهشتني ملابسك، حسنا فعلت فاستبدال القماش بالياسمين و الميرمية و الجوري، خروج على المألوف و كسر لروتين الملابس المكررة"، تنبهت لنفسي تحسست ملابسي بتلقائية فإذا بنباتات واشجار وورود وأزهار البستان قد تلبسني أوراقاً واغصاناً طرية و رائحة معتقة انتشرت في المكاتب والمقصف وقاعات التدريس، لتنتظم العملية التعليمية في المؤسسة مطعمة برائحة البستان.
فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية.. مجرد بداية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
رفضت إسرائيل دخول أعضاء لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة إليها وإلى دولة فلسطين، هذه اللجنة مكلفة التحقيق بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة إثر عملية «الجرف الصامد». ولاية هذه اللجنة الزمنية هي ذات الولاية الزمنية لمحكمة الجنايات الدولية والتي تشمل ـ بأثر رجعي ـ كافة الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الحرب الإسرائيلية الثالثة على القطاع وليس منذ إعلان فلسطين عن اختصاص محكمة الجنايات الدولية بعد انضمامها إلى المحكمة، إذ ان نفاذ اختصاص المحكمة لن يبدأ مع نيسان القادم، بل منذ الثالث عشر من حزيران 2014، من هنا يمكن فهم الأسباب الإسرائيلية وراء منع لجنة تحقيق مجلس حقوق الإنسان من دخولها إلى فلسطين، إذ ان إسرائيل تدرك أن الولاية الزمنية، لكل من لجنة حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية، يعني أن هناك رؤية أولية ـ على الأقل ـ بأن في واقع الأمر، أسبابا حقيقية وجادة لفتح تحقيقات ـ أولية على الأقل ـ بشأن ما ارتكبته قوات الاحتلال في فلسطين عموماً، وفي قطاع غزة على وجه التحديد.
لم يكن من المتوقع أن تتجاوب محكمة الجنايات الدولية مع المطالب الفلسطينية، بهذه السرعة، عندما أعلنت المحكمة عبر الادعاء العام لديها من أنها ستفتح تحقيقاً أولياً في جرائم حرب محتملة بقطاع غزة والضفة الغربية في أول خطوة رسمية من المحتمل أن تؤدي إلى توجيه اتهامات لمسؤولين عسكريين ومدنيين إسرائيليين، في الوقت الذي ستعمل المحكمة على أساس فتح التحقيقات ـ كما أشرنا ـ بأثر رجعي، أي قبل الموعد المحدد لنفاذ اختصاصها، الأمر الذي قد يؤشر إلى أن تذهب العدالة لإنصاف الشعب الفلسطيني في مواجهة غطرسة ودموية الاحتلال، الأمر الذي يعتبر ثمرة لها أهميتها من ثمرات «تدويل القضية الفلسطينية» بعد الرهان على مفاوضات لم يكتب لها أي نجاح سوى تأكيد ثوابت إسرائيلية واقعية على الأرض الفلسطينية من خلال العملية الاستيطانية.
من المؤكد أن فتح تحقيق أولي، هو مجرد فحص روتيني لدى تبني المحكمة بصورة أولية البحث في أي جريمة من جرائم الحرب، وان الأمر قد يستغرق أشهراً وربما سنوات، إذ ان أمام المحكمة بعد فترة من الزمن تقييم الأمر والوصول إلى خيار واحد من ثلاثة خيارات: اعتبار ما تم الكشف عنه في التحقيقات الأولية، مسوغا لاعتبار الأمر بحاجة إلى فتح تحقيق جاد وشامل، أي قبول القضية بشكل نهائي، وخيار ثانٍ، فيما إذا لم تستكمل التحقيقات الأولية، بالإشارة إلى الاستمرار بالتحقيقات لحين التوصل إلى توصيات نهائية، أما ثالث هذه الخيارات، وهو الأسوأ بالنسبة لنا كفلسطينيين، هو الوصول إلى توصيات من خلال لجنة التحقيق الأولي، على أنه ليس هناك من مؤشرات جدية تؤكد على حصول انتهاكات هي من بين اختصاصات محكمة الجنايات، وبالتالي إغلاق الملف نهائياً!!
وإلى أن يتم هذا، أي التوصل إلى خيار من بين الخيارات الثلاثة، فإن استمرار بحث أمر الجرائم الإسرائيلية في الضفة وغزة، هو بمثابة معركة حقيقية، وهو ما تخشاه إسرائيل وأميركا، حتى قبل صدور أي قرار من المحكمة، ذلك أن استمرار البحث والتدقيق والفحص، من شأنه أن يحيل حكومة الاحتلال إلى محاكمة الرأي العام العالمي يومياً عبر وسائل الإعلام الدولية التي تتابع مجريات جهود محكمة الجنايات الدولية أثناء التحقيقات الأولية، أي ان مجرد وضع ملف جرائم إسرائيل موضع بحث، هو وحده كفيل باستمرار الحصار الدولي من قبل الرأي العام العالمي، لمزيد من فضح سياساتها وعدوانيتها وجرائمها بحق الإنسان الفلسطيني.
إن الخوف الذي أبدته إسرائيل، وكذلك أميركا من طرح جرائم الاحتلال على الرأي العام من خلال محكمة الجنايات الدولية، يشير فعلاً الى أن إسرائيل تدرك أكثر من غيرها أنها أقدمت على جرائم دموية بحق الشعب الفلسطيني، وإلاّ لماذا كل هذا الخوف والجزع؟! على العكس من ذلك، فإن ترحيب حركة حماس بفتح تحقيق أولي في جرائم الحرب الإسرائيلية واستعدادها لتزويد المحكمة بكافة الوثائق اللازمة، لهو دليل على أن الجانب الفلسطيني لم يرتكب سوى «جريمة» الدفاع عن النفس في وجه آلة الموت والدمار الإسرائيلية.
كل ذلك، لا يجب أن يدعنا أكثر اطمئناناً، فالمعركة طويلة ودقيقة، من هنا تأتي أهمية دعوة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للسلطة بالاستعداد الأمثل في إعداد الملفات التي من شأنها أن تقود قادة إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، وذلك من خلال لجنة وطنية مهنية في ظل مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، إذ ان مثل هذه المواجهة القانونية والسياسية بالدرجة الأولى، تستوجب عملاً مهنياً دقيقاً، بعيداً عن الحساسيات السياسية والفصائلية والركون إلى الجانب المهني الوطني، علماً أن فلسطين، وبحكم التجربة والتاريخ، تستحوذ على عدد كبير من الأفراد والمؤسسات ذات السمعة الدولية الممتازة على الصعيد الدولي بشأن حقوق الإنسان، إن هذه المهارات يجب أن توظف في هذه المواجهة مع الاحتلال بعيداً عن أي تفرد فردي أو فصائلي، فالمعركة طويلة وشاقة ودقيقة والعدو الإسرائيلي ـ الأميركي مقتدر ولديه الكثير من الأدوات القادرة على لجم تحركنا الفلسطيني، من هنا، فإن المواجهة تستلزم حشد كل الكفاءات الوطنية الفلسطينية.. وما أكثرها!!
الأحزاب الفلسطينية كمنتج لحالة قروية ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
بقد تفيد العودة للوراء عشر خطوات وربما أكثر في محاولة لحل اللغز القائم، قد تبدو الصورة أكثر وضوحا حين تظهر كل أجزائها مجتمعة أو امتدادها التاريخي على بقعة الأرض هذه، فما حصل من انقسام بين القوتين الأكبر في الساحة الفلسطينية يبدو أنه يحتاج إلى كثير من القراءات أو بانتظار دراسات لم تكتمل بعد وهي تقرأ الراهن منفصلا عن الماضي.
يبدو للحظة أن القصة التي لم تكتمل فصولها بعد لهذا الصراع الداخلي أكبر من خلاف سياسي وأكبر من صراع على السلطة، إذ يبدو أن هناك خللا في الجينات الوراثية الثقافية للوعي الفلسطيني العاجز حتى اللحظة عن إيجاد أي قاسم مشترك بين تجمعين سياسيين فلسطينيين إذ لا حالة توحد أو اندماج واحدة بينما حالات الانفصال والطلاق كانت جزءا من التاريخ الفلسطيني المشبع بالخلافات الطويلة ويبدو أن الانقسام الحالي هو استمرار لهذا التاريخ.
لن نذهب بعيدا في تاريخنا الدموي العربي الذي كتب بالسيوف وبنيت قلاعه على جماجم البشر، بل أن قراءة الحالة الفلسطينية ببعدها السيسيولوجي قد تدلنا على واحدة من ألغاز الحالة السياسية المعاشة أو تساهم ربما في تقديم قراءة متصلة أو جزء من مقدمات الرواية التاريخية المشتتة، وعلى ما يبدو أن الخصوصية الثقافية والاجتماعية الفلسطينية أنتجت هذا السلوك السياسي غير القابل للتغيير.
قبل أن يتشتت المجتمع الفلسطيني في رحلة اللجوء كان المجتمع أقرب للمجتمع القروي منه للمجتمع المدني والبيئة الفلسطينية بيئة زراعية، فقد لعبت الزراعة الدور الأبرز في صياغة الهوية الثقافية الفلسطينية ليس على مدار العقود والقرون الأخيرة بل لأن الزراعة كان سبق اكتشافها في فلسطين واستمر هذا الارتباط الهائل بين المجتمع والزراعة منتجا تركيبته العشائرية كانعكاس طبيعي لواقعه واستمر ذلك إلى منتصف القرن التاسع عشر.
الأساس أن المدينة حالة مستجدة فلسطينيا فلم تتبلور المدينة هنا على الشريط الساحلي سوى في المائة عام الأخيرة التي سبقت النكبة، أي لم تتبلور هويتها المدينية القادرة على إنتاج حالة سياسية متوارثة ومتماسكة فلا تكفي مئة عام لذلك، فأهم مدينتين هما يافا وحيفا، الأولى مع بداية القرن التاسع عشر لم تكن أكثر من قرية صغيرة حيث كان عدد سكانها 2500 نسمة وتضاعفت مع منتصف القرن فيما أن حيفا لم تكن أكثر من قرية صيادين سكنها حوالي ثلاثة آلاف.
صحيح أن المدينتين تطورتا في المائة عام بشكل سريع ومذهل وفاقتا مدنا متوسطة أخرى، ولكن هل كانت تكفي مائة عام من صياغة وعي وهوية سياسية مدينية؟ بالتأكيد لا، لأنه حتى في ظل هذا التطور الهائل فإن ثورة 36 كان الدور القيادي فيها للقرية وليس للمدينة، للداخل وليس الساحل المديني الذي ما أن بدأ الوقوف على قدميه حتى دمرته إسرائيل التي احتلت شريطه المديني المطل على البحر.
ماذا يعني ذلك الاستنتاج؟ يعني ذلك أن كل ما هو لدينا من بنى سياسية هي نتاج مجتمع قروي زراعي وأن النظر لتفاصيل العمل السياسي وطبقاته السياسية ومؤسساته هو أقرب للقرية منها للمدينة وأقرب للعلاقات والتركيب العشائري منها للبنى السياسية الحداثية.
فالسمات الطاغية على القوى السياسية والأحزاب الفلسطينية هي سمات قروية عشائرية لم تتجاوز في وعيها ما يتطلبه أصول العمل السياسي وفنونه ليس فقط لأن التاريخ الموروث وحده العامل الرئيسي هنا بل أيضا لأنها لم تتمكن ولم ترد اعتمادها على البنى التقليدية ولغياب مؤسسات البحث العلمي وعلماء الاجتماع الذين تعتمد عليهم إسرائيل في تفسير وتطور والتحكم بالظواهر الاجتماعية فيما أن أساتذة علم الاجتماع لم يقدموا لدينا دراسات ذات قيمة ربما باستثناء الباحث جميل هلال.
ماذا تعني سمات قروية؟ تعني أن كل قرية منفصلة بذاتها ولديها نظامها السياسي المستقل برئاسة المختار وكل قرية لها أزياؤها الخاصة بها «المرأة الفلسطينية تعرف من أي قرية من ثوبها» وسوقها الخاصة وقلما يحدث زيجات واختلاط خارج القرية، والقرية يغلب عليها الطابع العشائري وأن انتماء أفرادها للعشيرة يفوق أي شيء آخر ولم يحدث اندماج بين قريتين أو يتنازل أحد وجهاء أو مختار أخرى في سبيل هذا الاندماج.
وإذا ما دققنا في الأحزاب السياسية الفلسطينية ارتباطا بالسمات القائمة نجد أنها أقرب للتركيب العشائري فلا اندماج بين أي حزبين وأن الانتماء الحزبي للحزب كما العشيرة إذ يتقدم الحزب على أي شيء آخر، وأن راية الحزب تتقدم على راية الوطن «العلم» ويتم تمييز كل حزب من ألوانه الخاصة كما الثوب والزي.
القروي دائما بسيط وطيب وليس ماكرا في نمط تفكيره وهذه الأخيرة أحد متطلبات العمل السياسي وخصوصا حين يكون صاحب قضية مثل الفلسطينيين، فيما قيادة إسرائيل هي منتج المدن الأوروبية التي كانت قد شقت طريقها مبكرا نحو الحداثة، فالسياسة هي ابنة الحداثة، لهذا ليس مصادفة أن تتمكن إسرائيل من مناورة الفلسطينيين طويلا فيما هؤلاء لا زالوا لم يجدوا القاسم المشترك بينهم للمناورة أمامها بل تتسع الهوة إلى الحد الذي يحول دون القدرة على إعادة بناء نظام سياسي موحد.
فمن الطبيعي أن تكون النتائج بالمستوى الذي أمامنا، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن على القوى والفصائل أن تدرك أن هناك خللا بنيويا شاب بنيتها وتركيبتها وأن عليها أن تتوقف أمام واقعها طويلا وأن تدرك أن الشكل القائم أضعف وأكثر سذاجة من الاستمرار بمشروع بحجم قضيتنا الوطنية، وأن عليها الاستفادة من تجارب الماضي وإعادة تشكيل وعيها وفقا لمتطلبات السياسة، ففيما تقبل العشيرة أن يحكمها مختار واحد فإن المدينة يحكمها مجلس المدينة بالمشاركة، وإلى أن تغادر القوى السياسية وعي العشيرة مستندة إلى مؤسسات الفكر كما الدول والأحزاب الحديثة يمكن القول إننا نبدأ السير على الطريق الصحيح .. حالنا يستدعي وقفة طويلة .. وعميقة ودراسات أطول بلا ادعاء وشعارات ساذجة، وطالما استمر هذا الخلاف بالشكل الذي نراه علينا أن نتأكد أكثر بأي مستوى من الوعي تتحلى هذه الفصائل ..!
القدس في الأدب العربي
بقلم: عادل الأسطة – الايام
قد أدرس في هذا الفصل مساق «القدس في الأدب العربي». العنوان واسع وعريض فماذا يمكن أن يدرس المرء في مساق لا يقتصر على جنس أدبي محدد، أو على فترة زمنية محددة، أو على مكان محدد، ويمكن أن يتوسع المرء قليلاً فيكتب : وليس على لغة محددة، إذا ما أدرج المرء ما كتبه أدباء عرب بلغات أخرى، كالإنجليزية أو الفرنسية أو العبرية، عن القدس؟
هناك دراسات كثيرة أنجزت عن القدس في الأدب العربي، وأخرى عنها في الأدب العبري، وهناك دراسات مقارنة بينت صورتها في الشعر الفلسطيني وصورتها في الشعر العبري.
وفي الأدب العربي درست صورة القدس في أدب فترة الحروب الصليبية، ولعلّ أهم تلك الدراسات دراسة د. عبد الجليل عبد المهدي «بيت المقدس في أدب الحروب الصليبية» (1989). طبعاً هناك دراسات عن القدسيات في أدب تلك الفترة. وهناك دراسات تناولت الأدب الحديث، مثل دراسة د. عبد الله الخباص «القدس في الأدب العربي الحديث في فلسطين والأردن» 1989، ومثل دراسة د. فاروق مواسي «القدس في الشعر الفلسطيني الحديث» ودراسة إيمان مصاروة «القدس في الشعر العربي الحديث» (2014). ولا ينسى المرء دراسة محمد الطحل «رواية القدس في القرن الحادي والعشرين» وهي رسالة ماجستير في جامعة النجاح الوطنية قمت بالإشراف عليها.
هل تكفي هذه الكتب، إذا ما استطاع الطلاب دراستها، لدراسة الموضوع، وهل تغني عن العودة إلى النصوص؟
منذ عشرين سنة وأنا أتابع الموضوع على نار هادئة، وكنت أنجزت في العام 1998 دراسة لمؤتمر القدس في جامعة النجاح الوطنية تحت عنوان «القدس في الشعر العربي الحديث» تناولت فيها مجموعة من الشعراء، منهم شاعران عربيان هما مظفر النواب صاحب الصرخة الشهيرة: «القدس عروس عروبتكم» وأمل دنقل الشاعر المصري الذي يعد أمير شعراء الرفض في العالم العربي، بسبب قصيدته الشهيرة «لا تصالح»، وبعدها أنجزت دراسة عن القدس في كتابات كتاب القصة القصيرة الفلسطينية، ولم تخل زاويتي الأسبوعية في جريدة الأيام من كتابة مقالات أتناول فيها هذا الكاتب أو ذاك، وهذه القصة أو تلك الرواية، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك فكتبت عن صورة القدس في رواية (ثيودور هرتسل): «أرض قديمة ـ جديدة».
الموضوع واسع وعريض ويشمل أجناساً أدبية عديدة: اليوميات والسيرة والشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرحية والمذكرات و.. و.. وحتى المقالات، وإذا ما عدنا إلى فترة الحروب الصليبية توقفنا أمام فن الخطابة، وخطبة محيي الدين ابن الزكي الشهيرة في فتح بيت المقدس، وهي مهمة، ومهمة جداً.
وأنا أراجع القصائد التي كتبت في فترة الحروب الصليبية لاحظت أنها قلّما ركزت على المكان. كان الشعراء يذكرون القدس ذكراً عابراً تقريباً، ويركزون على القائد المسلم وعلى عدوه من الفرنجة، ويأتون على المعارك، يهنئون ويواسون ويبشرون وقليلاً ما كتبوا عن حياة الناس.
ربما ذكروا، بل إنهم ذكروا، أماكن العبادة من مساجد وجوامع وكنائس، وربما وصفوا، بل إنهم وصفوا، مشاعر الناس وأحزانهم ومعاناتهم وحسرتهم على ما آلت إليه أماكن العبادة.
وبالكاد يقرأ المرء بضع قصائد يمكن اعتبارها قصائد مكان بالدرجة الأولى.
طبعاً لم أقرأ أدب الرحلات وما ورد فيه من كتابة عن القدس، وربما توسع هؤلاء أكثر بكثير من الشعراء والخطباء في وصف المدينة ومبانيها وشوارعها ومساجدها وكنائسها وأجوائها و.. و.. .
في الأدب العربي الحديث، وفي الشعر بخاصة، كانت القصائد التي أنجزت عن المدينة قبل العام 1948 قليلة. ربما يتذكر المرء بيت الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود مخاطباً الأمير السعودي الذي زار نابلس:
المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
ولكن هل يعرف المرء قصيدة متميزة كتبها أبرز شعراء تلك الفترة: إبراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)؟ والأخير، حين كتب عن مدن فلسطينية، بعد ضياع فلسطين في 1948، كتب عن مدن الوطن السليب وتغنّى بها: تغنّى بيافا والكرمل وعكا وحيفا و.. و.. .
وعموماً يمكن القول إن الكتابة عن القدس ما بين 1948 و1967 ظلت كتابة عابرة، وربما حضرت في شعر شاعر متصوف ارتبط بالمكان ارتباطاً روحياً أو ارتباطاً مباشراً. والكم الهائل من القصائد التي كتبت في المدينة كتبت بعد احتلالها، وهذا ما توقف أمامه د. فاروق مواسي في كتابه «القدس في الشعر الفلسطيني الحديث» وقد جمع فيه مختارات مما قيل في المدينة.
عنوان موضوع المساق هو «القدس في الأدب العربي» لا «القدس في الشعر العربي»، والعنوان يفترض أن تدرس الأدب العربي، لا الأدب الفلسطيني، الأدب العربي القديم والحديث، وهنا يستحضر المرء سطر مظفر النواب الشهير الذي يعد، إلى جانب أغاني فيروز، أشهر ما كتب، وأكثره شيوعاً وانتشاراً: «القدس عروس عروبتنا، فإذا أجن الليل تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا...».
هل هناك شعراء عرب كتبوا، في المنفى، قصائد شاعت كما شاع مقطع مظفر النواب؟ وإذا كان بيت الشعر العربي نصّ:
وكم رجل يعد بألف رجل وكم ألف تمر بلا حساب
فإن سطر مظفر عد بألف قصيدة، تجاوزاً. وحتى قصيدة محمود درويش المبكرة «تحت الشبابيك العتيقة: إلى مدينة القدس وأخواتها» لم تحظ بما حظي به مقطع النواب، وليس هذا ادعاءً أو إساءة، بل إن قصائد لاحقة لدرويش في القدس، لم تحظ بما حظي به مقطع النواب.
في الشعر يقرأ المرء قصائد لأبناء المدينة: فوزي البكري صاحب ديوان «صعلوك من القدس القديمة»، ولزوار المدينة من أبناء فلسطين: راشد حسين ومحمود درويش وسميح القاسم، ولاحقاً لزوارها من فلسطينيي المنفى: تميم البرغوثي الذي اشتهرت قصيدته اشتهاراً لافتا.
هل هناك شعراء عرب من غير الفلسطينيين كتبوا قصائد ذاعت؟ مظفر نفسه لم يكتب قصيدة خصصها للقدس. جاءت كتابته وهو يهجو الواقع العربي بعامة، قارئاً الحاضر في ضوء الماضي ورابطاً بين الفترتين، وبالتالي فإن «وتريات ليلية» لا تعدّ قصيدة قدس، رغم أنها ذاعت وانتشرت واشتهرت.
وإذا كان شعراء فلسطين ممن وردت أسماؤهم كتبوا عن القدس وعلاقتهم بها، فإن الكتابة لدى شعراء آخرين كانت علاقتهم بالمدينة شبه عابرة، ولم يكتبوا عنها في أشعارهم المبكرة، مثل عز الدين المناصرة، فإنهم في العقد الأخير أخذوا يخصصون قصائد للمدينة. هكذا كتب المناصرة قصيدته «القدس عاصمة السماء».
ولكن هل تعد مثل هذه القصيدة قصيدة قدس، ولا ننسى من قبله الشاعر أحمد دحبور.
ربما كان الشعر في القدس الأغزر، ولكن ماذا عن الأجناس الأخرى كالقصة القصيرة والرواية والسيرة، بل واليوميات والمذكرات.
برز من أبناء القدس قاصان هما خليل السواحري ومحمود شقير، وتعد مجموعة الأول «مقهى الباشورة» (1969) من أفضل الأعمال المبكرة التي كتبت عن المدينة. إنها كتابة كاتب عرف المدينة وأماكنها وأجواءها وبشرها وعاداتها واحتلالها و.. و.. وربما تأخر محمود شقير الذي انشغل بالحدث في القصة أكثر من انشغاله بالمكان، ربما تأخر في إنجاز نصوص تركز على المكان بالدرجة الأولى، وهذا ما سينجزه في كتابه «ظل آخر للمدينة» وفي كتب لاحقة.
وفي 70 ق20 سيزور توفيق فياض ابن المقيبلة والناصرة، المدينة، وسيكتب عنها قصته «أبو جابر الخليلي» التي تعد قصة قدس حقاً. وسيعزز أكرم هنية الذي عرف المدينة وعمل في صحافتها الكتابة في هذا الجانب، وسيكتب ثلاث قصص لافتة، سيجعل عنوان واحدة منها عنواناً لمجموعته «عندما أضيء ليل القدس» التي جاءت بعد سبع سنوات من كتابة قصة «بعد الحصار.. قبل الشمس بقليل» التي تنبأ فيها بما جرى للقدس منذ عشرين عاماً.
جاءت القصة القصيرة بعد الشعر، فماذا عن الرواية؟ وهل هناك روائيون عرب كتبوا عن المدينة؟
المجال الأكبر كان من نصيب الكتاب الفلسطينيين الذين عرفوا القدس وزاروها أو أقاموا فيها.
ولأن الرواية في هذه المدينة تأخرت، فقد تأخر حضور القدس في الرواية، وسننتظر حتى تكتب ديمة السمان ومحمود شقير وجميل السلحوت وعارف الحسيني وآخرون، ولم يقتصر الأمر على من عرف المدينة، فهناك فلسطينيون في المنافي، لم يزوروا المدينة، كتبوا عنها مثل حسن حميد. وأما الروائيون العرب فقلة منهم من كتب عنها، مثل علي بدر، وحتى هذا كتب عن القدس من خلال الأطلس والوثائق والروايات العبرية.
ومن المؤكد أن يوميات السكاكيني ومذكرات آخرين وسيرهم، مثل سيرة جبرا، كانت حافلة بالكتابة عن القدس، والتفت محمود شقير إلى بعضها، وربما كانت هذه النصوص الأبكر في الكتابة. ربما!! ولعلني أوفق في إيفاء الموضوع حقه، وأنا أدرس المساق. لعلّني!!
مدارات - قائمة واحدة لفلسطينيي الداخل
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لم نعد في حاجة الى تنظير مطول، نناشد في ختامه، أحزاب جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل (48) أن تنجز بسرعة قائمة موحدة تدخل بها انتخابات الكنيست 20 لكي تتفرغ جميع هذه الأحزاب، خلال المساحة الزمنية الضيقة المتبقية، لتحشيد الناخب العربي الفلسطيني، وتنبيهه الى مخاطر اللامبالاة والاستنكاف عن المشاركة في العملية الانتخابية تحت أية أعذار سياسية او أيديولوجية. ونقول بكل وضوح، إن أحزاباً وشخصيات، كنا نظنها ستكون إيجابية وسلسة على هذا الصعيد؛ بدت في الآونة الأخيرة، بخلاف ما كنا نظن. ونحن، هنا، لا نذهب بعيداً في توقعاتنا للأسباب، ولا نتهم أحداً بشيء، وإنما نقول للقوى والأحزاب وللطيف العربي الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه، إن العنصريين الصهيونيين، يستهدفون حياتكم ومستقبلكم جميعاً، ويدقون الأسافين بينكم، ولن يستثنوا منكم أحداً إن نجحوا في مخططهم. ولم يعد خافياً إن مخطط هؤلاء هو أن تتكسر أحزابكم آحاداً، وتعلمون إنهم لهذا السبب، زجوا بكل ثقلهم لتغيير نسبة الحسم من 2% الى 3.25% وكانوا يراهنون على عجزكم عن استبصار المشتركات بينكم، وعلى عدم قدرتكم على وضع خطوط عامة وملزمة للجميع، لمصلحة الجماهير العربية الراسخة والمستهدفة في وطن الآباء والأجداد. إن دخولكم المعترك بقائمة واحدة، هو الطريق الوحيد لاجتياز نسبة الحسم الأعلى، التي ربما لا يجتازها أي حزب منفرداً!
لا يختلف اثنان، على أن خلافات أقطاب الأحزاب العربية محض شخصية أو ذات علاقة بمصالح ضيقة. ولا يقل هذا سوءاً عن التذرع بالخلاف الأيديولوجي والدعوة الى مقاطعة الانتخابات. ففي وسعنا أن نحسب الربح والخسارة من خياري المشاركة والمقاطعة. ففي حال الثانية ستكون الكتلة الشعبية العربية قد اقصت نفسها بنفسها، عن محفل يتعاطي في شؤون حياتها ومصيرها. وإذا أفادت المقاطعة المتسربلة برأي ديني، اصحابها المفوهون، على صعيد الخطابة المزلزلة من فوق المنابر؛ فإنها ستفاقم اوضاع الكتلة العربية، وستؤذيها بحرمانها من تمثيل مستحق يساوي حجمها. وبمفردات السياسة، بات الموقف اليوم في إسرائيل، أن اليمين العنصري يتخبط في مشكلاته الداخلية، لكنه يرفع وتيرة التطرف ضد الفلسطينيين والعرب، وبات الجنون في العداء والدعوة الى الكراهية، من أهم عدة النصب وخشبة الخلاص من موج بحارهم الهائجة. اليوم، يوجد لدى العنصر العربي الفلسطيني الفرصة لأن يحظى بتمثيل قوي، يكون الرابع في ترتيب القوى في "الكنيست"من حيث عدد المقاعد، وهذا مفيد وليس صحيحاً الافتراض النظري بأن وجود تمثيل عربي فلسطيني في "الكنيست" سيكون بمثابة ورقة التوت التي تغطي عورة الديموقراطية. إن أمريكا هي شجرة التوت كلها، والمحتلون ليسوا في حاجة الى ورقة توت عربية، لكن العرب في أرض وطنهم مضطرون لحضور منتدى البت في قضايا حياتهم، بحجم نسبتهم من السكان.
لينظر قادة الأحزاب العربية في الداخل، الى ما حدث في الانتخابات المحلية، عندما فشلت الأحزاب في التفاهم على القائمة الواحدة التي تعمل برؤية تختلط فيها التنمية والحفاظ على الهوية الوطنية وثقافتها، بالسياسة التي يتوجب على حكومة إسرائيل ان تتبعها للوصول الى تسوية متوازنة. ولما فشلت الأحزاب، فازت العشائر والأسماء المستقلة، بل تداعت هذه النتائج لتصبح الأحزاب أبعد عن الناس وعن قواعدها الاجتماعية.
في المناسبة الانتخابية يوم 17 آذار المقبل؛ هناك جموح لدى العنصريين للمزيد من الاستقواء في "الكنيست" الجديدة، على الجماهير العربية والتصعيد معها والاستمرار في سياسات التخوين لها وكأن الدولة المارقة تستحق موالين من قومية المظلومين للدفاع عن سياساتها ضدهم وضد البئية الإقليمية وضد العالم!
تغريدة الصباح - مشهدان من باريس
بقلم: حنان باكير – الحياة
مشهدان من باريس، انطبعا في ذاكرتي، لكن بطرق مختلفة. الأول كان قبل سنوات، وفي مطعم صيني في باريس، وفي أحد أركانه تمثال بوذا.
فجأة طلبت مني ابنتي أن أصمت، ففعلت. كانت تصغي لامرأة فرنسية تتحدث مع ابنها، على الطاولة المجاورة، تحاورا لبعض الوقت، ثم قام الولد الذي ربما كان في الثامنة من عمره، تقدم نحو بوذا.. أطبق كفيه وقربهما من وجهه، وانحنى بطريقة إيمانية، ترجمت لي ابنتي حوارهما، فقد سأل الطفل امه عن ذلك التمثال.. فشرحت له شيئا عن الديانة البوذية، بكل احترام، سألها إن كان بإمكانه، أن يحيّيه بنفس الطريقة التي رآها.. فأومأتْ له بالموافقة مع ابتسامة عريضة. أعجبني ذلك التوجيه التربوي.
المشهد الثاني المناقض للأول، كان قبل أيام.. حين اجتمع بعض قادة الإرهاب، للتظاهر ضد الإرهاب، وما زالت ايديهم تعبق بدم طازج لم يجف بعد!
ما حدث لـ "شارلي إيبدو" ارهاب وجريمة، لا تخدم أيّا من قضايا الأمة، التي يدّعي المنفذون الحرص عليها، إنما العكس تماما، فقد أدت الى هجرة يهود فرنسيين الى فلسطين، وهذا النشاط نفسه الذي لجأت اليه الحركة الصهيونية.. القيام بعملية محدودة ضد بعض اليهود، لدفعهم للهجرة الى فلسطين، وكنا نتمنى لو أن هؤلاء وقفوا الى جانب غزة عندما كانت الحمم الفسفورية تتساقط عليها، المجلة زاد انتشارها وازدادت مبيعاتها. ولا ندري حتى الآن كيف سيكون تأثير العملية السلبي على الجاليات العربية والاسلامية؟!
نقد الفكر الديني، أو نقد الحركات الأصولية التي تسيء للدين، حق مشروع، في ظل حرية التعبير.. لكن السخرية من نبيّ، أو من ايّ رمز له مكانته، عند فئة ما، هو سلوك غير لائق ولا يتناسق مع قيم ومبادئ دولة علمانية مثل فرنسا! فالدول العلمانية، تضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، لكل الديانات.
الانتقائية في الموضوعات التي تخضع لحرية التعبير، انما هي انتهاك وتدمير بطيء لها من الداخل. فالاقتراب من المحرقة، ليس ممنوعا فقط، بل ان بعض الدول، سنّت قوانين تعاقب المتهمين باللاسامية.. علما أن بن غوريون نفسه اعترف، بان العرب أول من اعتقدوا بأن الهولوكوست، جريمة شنيعة، وأثبت ذلك ناحوم غولدمان في مذكراته!
بالعودة الى حرية التعبير، وفي باريس أيضا، كتب نائب رئيس راديو فرنسا الدولي "آلان مينارغ" كتابا بعنوان "جدار شارون" منتقدا الجدار، ولم يتطرق الى موضوع الدين.. فوجد المسكينُ نفسه أمام خيار من اثنين.. أن يسحب كتابه من الأسواق ويعتذر، أو ان يقدم استقالته! فانحاز لكرامته وضميره، واختار الأمر الثاني، فوسم باللاسامية.. فأين هي حرية التعبير؟!
وما زلنا في باريس! الكوميدي الفرنسي الأسود، "امبالا ديو ديوني"، لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالدين، فجأة وجد نفسه خارج المسرح، بعد أحد عروضه، بين ايدي عصابة "كسّرته" ونقل الى المستشفى، فقط لأنه أرسل تحية لغزة قبل بدء العرض، كان ذلك قبل سنوات، فأين هي حرية التعبير؟!
نبض الحياة - إصلاح ام ثورة..
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
بعد تسليط الضوء على اسباب نشوء الجماعات التكفيرية الارهابية، يطرح السؤال نفسه على كل القوى المحلية والعربية والاقليمية والدولية، كيف يوضع حد للارهاب؟ وما هي السبل لالغاء وجوده؟ قد يقول قائل، ان العودة للاسباب، تفتح باب الاجابة على الاسئلة آنفة الذكر. لكن يبقى السؤال الاهم، هل معالجة جذور الارهاب والجماعات التكفيرية يحتاج إلى ثورة ام إصلاح؟ ومن هي ادوات التغيير القادرة على حمل راية النهوض بالمجتمعات العربية والاسلامية؟ هل يمكن الاتكاء على النظم السياسية الموجودة وادواتها ام لا؟ وهل الغرب عموما والولايات المتحدة الاميركية خصوصا ومعها إسرائيل ستتخلى عن تلك الجماعات وتمويلها ام العكس؟ او بتعبير آخر، هل يمكن الاعتقاد ان تلك الجماعات استنفذت مهمتها ام مازالت أحد رهانات اميركا وحلفائها في المنطقة؟
واذا بدأ المرء الاجابة من النهاية، فانه يستطيع الجزم، بان صناع القرار في البيت الابيض وتل ابيب ومن يسير في ركابهم، مازالوا يعولون على دور تلك الجماعات في تحقيق مخططهم الشرق اوسط الجديد. كما ان الرهان على الانظمة الاستبدادية القائمة، هو رهان خاسر. لأن فاقد الشيء لا يعطيه. والانظمة كما يعلم الجميع، كانت الوعاء والحاضن والممول للمسميات التكفيرية المتعددة من "داعش" للنصرة" و"بيت المقدس" و"جيش الامة" و"جيش محمد" وغيرها، ورغم ان ارهاب تلك الجماعات ارتد عليها وعلى مصالحها، إلا انها ليست مؤهلة لاحداث النقلة المطلوبة، لانها تعفنت، ولم تعد ادواتها قادرة على حمل اي تغيير. ومن يراقب احوال الانظمة العربية، يلحظ انها تعيش ازمة عميقة، والجراح تصيب كل اعضائها العائلية والعشائرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية/ التعليمية والدينية، فضلا عن التبعية للغرب وبالتحديد لاميركا.
النتيجة المنطقية لمواجهة الارهاب بكل اشكاله وخاصة الاسلاموي، يتمثل بشقين الاول يقوم على ركيزة إصلاح المؤسسة الدينية، وإعادة نظر في الخطاب الديني، لجهة خروجه من نفق البداوة والتخلف، ومواكبته تطور العصر. والتوقف عن إعادة إنتاج السلوكيات السلفية البائدة، والحؤول دون السماح لادعياء الدين بالوقوف على المنابر الاسلامية، وتأهيل رجال الدين ليتوافق خطابهم ورسالتهم مع رسالة المجتمع ككل بمكوناته الاثنية والدينية والثقافية لنشر ثقافة التعددية والتسامح والتواصل والنهوض بالدولة الوطنية على ركائز الديمقراطية ومحاربة كل من يفتي بغير مصالح المجتمع والدولة وشعوب الامة والانسانية.
والشق الثاني يأخذ المنحى الثوري، وهذا مسؤولية قوى التغيير الحية، القادرة على حمل لواء النهوض بالمجتمع من خلال ترسيخ العقد الاجتماعي المدني الديمقراطي بين الحاكم والمحكوم، وتثبيت التداول السلمي للسلطة، والعمل على الارتقاء بالمناهج التعليمية بشكل جذري، بحيث تتناسب مع الحداثة. وتعميم المعرفة والثقافة والفنون في جوانب الحياة كلها. وفصل الدين عن الدولة بشكل كلي. ووضع خطط للتنمية المستدامة، للارتقاء باقتصاد هذا البلد او ذاك. وتعميم المساواة بين افراد المجتمع بغض النظر عن الجنس او اللون او العرق او الدين او الطائفة والمذهب.
كلا الاتجاهين بحاجة إلى إدوات تحرر المجتمعات العربية من الاستبداد والتبعية. ومواكبة الحداثة لاحداث النهضة المطلوبة. وبقدر ما يتمكن المجتمع من التخلص من المثالب والادران العالقة بالدين وادواته المتخلفة والعاجزة، وبقدر ما يتم فصل الدين عن الدولة، وتعزيز مبادئ الديمقراطية، بقدر ما يمكن للمجتمع التخلص من كل الجماعات التكفيرية والارهاب، ليس هذا فحسب، بل بقدر ما يرتقي الى مصاف الدول المتقدمة، ويحرر الاقتصاد من التبعية واخطارها، ويحرر الارادة العربية، وينشر ويعمم السلم الاهلي والاقليمي والعالمي.
سؤال عالماشي - عدالة (كبير العالم) بين المخزي والسخيف
بقلم: موفق مطر – الحياة
بأي حق تطلب الادارة الأميركية مشاركة الدول العربية في الحرب على الارهاب والتطرف، بالتوازي مع اصرارها على حماية ارهاب جنرالات وساسة دولة الاحتلال ( اسرائيل )، المسؤولين عن جرائم حرب وضد الانسانية، فإدارة الدولة الأعظم والأقوى في العالم، تشرعن عملياتها العسكرية ضد جماعات ( داعش والقاعدة والنصرة ) وغيرهم من المتطرفين الارهابيين المقبلين من اسيا واوروبا وافريقيا الى ميداني الصراعات الدولية في سوريا والعراق، لكنها ترفع السدود، والحواجز الثابتة والطيارة حتى، وتصفع بالفيتو وجه الشرعية الدولية، اذا عاينت هذا المرض العالمي، وقررت اجراء عملية جراحية لاستئصال اصل ورم الارهاب وخليته الأم في المنطقة.
تصر الادارة الأميركية على ابقاء منبت الارهاب، ومجرمي الحرب الاسرائيليين خارج نطاق صلاحيات القانون الدولي، فتكون بذلك ( المافيا الأعظم ) التي توفر ( لبلطجييها..وأحصنتها ) في المنطقة حصانة وحماية، وتفتح لهم خطوطا خلفية للهروب والفرار عند اشتداد المواجهة، وما وصفها ( بالمخزي ) قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات اولية بجرائم حرب ارتكبها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة اثناء عملية ( الجرف الصامد ) التي دامت 51 يوما، الا خزي وعار تجلبه هذه الادارة للشعب الأميركي ولثالوث الحرية والعدالة والديمقراطية، واسقاط متعمد لراية المؤمنين بالتعايش والتكامل الحضاري بين الديانات والأعراق والأجناس في العالم، وكأنها بهذه المواقف تبعث للعالم ببرهان لا يحتمل التفسير او التأويل او الاحتمالات، بأن شعب الولايات المتحدة الأميركية مازال بحاجة الى ثورة حقيقية، لتطهير الدولة من عقلية التفوق، والتميز العنصري المعششة في ادمغة معظم اصحاب القرار والتشريع، ولحماية منهج الحياة الانسانية المعاصرة، لشعوب العالم، فأمة الولايات المتحدة، نموذج لتعايش الأعراق والأجناس والقيم والمبادئ والعقائد، صنعة الأميركيين بعقلانية وتضحيات، وبانتصار لقيم الانسان وحقوقه ـ الا ان رماد العبودية، والعنصرية، وجبروت الرأسمالية الاستعمارية ومصالحها المادية المطيحة بالاخلاقية، ما زالت عوامل انسداد في شرايين ( دماغ البيت الأبيض والكونغرس ).
لا تكف حكومات اسرائيل عن تقديم صور العقوق للمجتمع الدولي، فإسرائيل وليد هذا المجتمع بخلاف كل دول العالم، ولا توفر مناسبة لاحتقار (كبير العالم ) وشخصية القانون الدولي فيه، ومواثيق الأمم المتحدة ومنظماتها، ولعمرنا فهذا انعكاس لحقيقة تفكير ونظرة قادة اسرائيل للمجتمع الدولي وتشريعاته ومنظماته وقوانينه.
نحن نعرف وندرك جيدا مكانة المجتمع الدولي وشرعيته لدى اسرائيل، لذا لم نستغرب وصف حكومة نتنياهو قرار الجنائية الدولية بالسخيف، لأن دولة تنظر بغير مستوى التحقير والتسخيف الذي نلمسه من دولة الاحتلال، لما تجرأت على ارتكاب مجازر، وجرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، واباد طيرانها عائلات بأكملها، ودمر احياء تأوي عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين ( حي الشجاعية ) لتأمين انسحاب مجموعة من جنوده وقعوا في مأزق، او لملاحقة مجموعة مقاتلة تمكنت من اسر جندي اسرائيلي داخل حدود قطاع غزة، ولما استخدم جيشها القنابل والقذائف المحرمة دوليا في الحروب...لكن.
ما يثير اهتمامنا كيف ان المجتمع الدولي يقف عاجزا ضعيفا لا يستخدم حق الدفاع عن نفسه الا ضد الضعفاء اصلا، الذين لا يجدون سبيلا الا ارعاب الناس، وتفجير انفسهم وسط الأبرياء، وغدرهم في الأماكن العامة، وخطفهم وذبحهم بسكين الكراهية المشتقة من مفاهيم باطلة اجرامية حتى لو نسبوها للدين لإثبات وجودهم كعصابات تبحث لها عن مكان الى جانب ( عصابات رسمية ) تحظى بميزات ومظاهر دولة.
مبادرة الجنائية الدولية محاولة نتمنى لها النجاح، محاولة لمحو عار الاحتقار والخزي الذي لحق بالمجتمع الدولي ومنظماته منذ وقفته متفرجا على جرائم وليده ( اسرائيل ) منذ نكبة العام 1948 وحتى اليوم، ولم لا فقد تكون بداية لتحريره من هيمنة مجرمي الحرب، المموهين بالديمقراطية.
لا ننسى أن فلسطينيا حرا، مناضلا قال( لا ) عظيمة، متحديا هؤلاء ومنظومتهم الارهابية الدولية، هو المحرض لضمير محكمة الجنايات الدولية للانطلاق بالاتجاه الصحيح. فالرئيس أبو مازن لا يملك قوة دولة، لكنه يملك شرعية تمثيل ارادة الشعب الفلسطيني، وطموحاته وآماله بالحرية والاستقلال والعدالة والديمقراطية، فالاحتلال والاستيطان، افظع اشكال الارهاب، لكن لم يمنعه من التحدي باسم الشعب، فبادر الساهرون على بقاء ميزان العدالة في العالم منصوبا، للسير بذات الاتجاه. فهل ستصدق رؤيتنا ؟!... سنرى.
اوهام ليبرمان
بقلم: حديث القدس – القدس
الأحد وكل يوم أحد .. حرية التعبير وازدراء الأديان لا يلتقيان
بقلم: زياد أبو زياد – القدس
البستان يكتب بالندى!
بقلم: حسن عبدالله – القدس
فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية.. مجرد بداية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
الأحزاب الفلسطينية كمنتج لحالة قروية ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
القدس في الأدب العربي
بقلم: عادل الأسطة – الايام
مدارات - قائمة واحدة لفلسطينيي الداخل
بقلم: عدلي صادق – الحياة
تغريدة الصباح - مشهدان من باريس
بقلم: حنان باكير – الحياة
نبض الحياة - إصلاح ام ثورة..
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
سؤال عالماشي - عدالة (كبير العالم) بين المخزي والسخيف
بقلم: موفق مطر – الحياة
اوهام ليبرمان
بقلم: حديث القدس – القدس
وزير خارجية اسرائيل افيغدور ليبرمان شخص معروف بتشدده وتطرفه الذي يتجاوز كل حدود المنطق في غالب الاحيان، وآخر احلامه او اوهامه ما زعمه عن اتفاق مع دول عربية لتوقيع صلح من وراء ظهر الرئيس ابو مازن، يتضمن نقل مناطق فلسطينية داخل الخط الاخضر الى حدود الضفة وضم المستوطنات في الضفة الى اسرائيل، وذلك لمواجهة المأزق السكاني الذي يواجه اسرائيل بسبب ازدياد نسبة الفلسطينيين في الداخل وفي الضفة ايضا مما يهدد الكثرة اليهودية.
وهذا الكلام ليس غير معقول ولا منطقي فقط وانما يدل على سطحية سياسية ناتجة عن التعصب الاعمى. ولم يسأل ليبرمان نفسه من الذي سيوقع الصلح معه ؟ وكيف سيكون اي اتفاق من وراء ظهر الرئيس ابو مازن والسلطة الوطنية الموجودة في الضفة هي وملايين المواطنين ؟
ان محاولة ليبرمان عدم مواجهة الواقع والتعامل معه بمنطق ومسؤولية والهرب الى الاوهام، لن يخدم احدا سوى التطرف والعنف وزيادة التوتر في المنطقة التي تعاني اساسا من التطرف، وهو كلام يندرج في اطار حملة الضغوط بالفعل والتصريحات ضد الرئيس والسلطة، كاحتجز او سرقة مستحقات الضرائب حينا، والقول ان ابو مازن ليس شريكا سياسيا في احيان اخرى.
نحن موجودون هنا، ونحن باقون هنا ولن يمر حل او صلح أو اتفاق بدون موافقتنا سواء ارادت اسرائيل ذلك ام لم ترده، وسواء اقتنعت به او لم تقتنع، وبدل استمرار السير في الاوهام لا بد من التعامل مع الحقائق والمعطيات.
موقف كندا وزيارة وزير خارجيتها ...!!
تتخذ الحكومة الكندية باستمرار مواقف ضد المصالح والمطالب الوطنية الفلسطينية، وهي تصوت في كل المحافل ضد مواقفنا كما حدث لدى انضمام فلسطين لليونيسكو وقبولها دولة بصفة مراقب في الامم المتحدة كما تسعى دائما لدعم المواقف الاسرائيلية وتحريض دول اخرى على الوقوف ضدنا وضد حقنا في تقرير المصير وازالة الاحتلال.
إزاء هذه المواقف المعروفة والواضحة اصدرت حركة الشبيبة الفتحاوية في الضفة بيانا طالبت فيه بعدم استقبال وزير خارجية كندا جون بيرد في زيارته المرتقبة للمنطقة خلال أيام احتجاجا واعتراضا على هذه المواقف المتحيزة وغير المنصفة.
وللشبيبة وجهة نظر محقة في الذي دعت اليه، وقد مارست اسرائيل هذا التصرف اكثر من مرة تجاه وزراء ومسؤولين دوليين ورفضت مقابلتهم او منحهم تأشيرات دخول. واذا رفضنا استقبال وزير خارجية كندا فلن نكون اول من يفعل ذلك تجاه من يعادي حقوقنا وقضيتنا، الا ان هناك وجهة نظر اخرى تؤكد عدم ضرورة رفض اللقاء وانما الاجتماع به وابلاغه رسالة واضحة واطلاعه على حقائق الوضع وممارسات الاحتلال ومعاناة شعبنا وكل ما يتعلق بحقوقنا ورغبتنا بالاستقلال وبناء الدولة والخلاص من آخر احتلال في العالم.
الأحد وكل يوم أحد .. حرية التعبير وازدراء الأديان لا يلتقيان
بقلم: زياد أبو زياد – القدس
لم تكن غالبية الناس تعرف اسم صحيفة تشارلي ابيدو الفرنسية قبل أن تتعرض الأسبوع الماضي إلى هجوم أسفر عن مقتل اثنين من رؤساء تحريرها وعدد من العاملين فيها ، أعقبه وخلال مطاردة الفاعلين هجوم واحتجاز رهائن في سوبرماركت يهودي أسفر عن قتل الرهائن الأربع.
وقبل الخوض في هذا الموضوع لا بد من التأكيد بأننا نرفض وبكل حزم أي اعتداء على الأبرياء لأن ديننا الاسلامي الحنيف يحرم القتل ويأمر بتنفيذ حد القتل على كل من يقتل نفسا بريئة بغير ذنب ، وجزاؤه في الآخرة عذاب جهنم خالدا فيها أبدا. ونحن إذ ندين ونرفض القتل بسبب قناعاتنا الدينية فإننا أيضا نقر بأن هذه القناعات تلتقي بل وتؤسس للقناعة الأخلاقية التي ترفض القتل والاعتداء على الأبرياء ، وهذه أمور لا تقبل في ديننا الجدل أو المعايير المزدوجة.
ومع ذلك فلا بد من التساؤل عن الظروف والحيثيات التي سبقت عملية الهجوم على الجريدة وأعقبتها. فقد كانت هذه الجريدة على وشك الافلاس حيث ابتعد عنها الكثيرون من قرائها بعد أن انتهجت لنفسها خطا يقوم على ازدراء الأديان ونشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من الأنبياء وتظهرهم في أوضاع جنسية مشينة وكذلك نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من السود وتثير النزعة العنصرية والطائفية علاوة على المساس بمشاعر المؤمنين المسلمين والنصارى على حد سواء.
والغريب أن الذين انبروا للدفاع عن الصحيفة ضد الهجوم الذي وقع عليها تذرعوا بحرية الرأي والتعبير واعتبروا ما تنشره الصحيفة من ازدراء وقذف وقدح بالأديان السماوية وإثارة للعنصرية إنما هو أمر يتم تحت غطاء حرية التعبير المقدسة التي تعتبر أهم ركائز الديمقراطية في أي بلد يدين بالديمقراطية والتعددية. ولكن هؤلاء الذين يتغنون بالديمقراطية وحرية التعبير يرفضون وبكل شدة أي رأي مخالف لرأيهم يحاول أن يفسر لهم الدوافع والأسباب التي أدت إلى حدوث ما حدث حتى لو كان ذلك الرأي ضد ما حدث فهم مع حرية التعبير لتلك الصحيفة في نشر أنفاسها الكريهة ، وضد حرية التعبير لغيرها.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ، بل إن فرنسا التي تدعي الديمقراطية وحرية التعبير هي نفسها التي تفرض عقوبة السجن ثلاث سنوات على كل من يشكك أو ينكر جرائم النازية حتى لو كان باحثا أكاديميا أو مؤرخا يبحث عن الحقائق دون أية دوافع أو أغراض سياسية . ففي مجال إنكار النازية ، لا توجد حرية للتعبير ولا يسمح لأحد بأن يناقش أو يفكر أو يبحث !
والأغرب من ذلك ، هو أن فرنسا التي خرجت ضد الهجوم على تلك الصحيفة استضافت مسيرة وصفتها بأنها ضد الارهاب ومع حرية التعبير ، وتقدمها العديد من زعماء العالم من بينهم عدد لا يستهان به من الزعماء الذين قمعوا حرية التعبير في بلادهم وزجوا بالصحفيين وأصحاب الرأي في السجون ، ومن بينهم أيضا من قتلوا الصحفيين ودمروا البيوت فوق رؤوس الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء وأبادوا عائلات عن بكرة أبيها ثم جاؤوا إلى باريس للتظاهر ضد الأرهاب وضد منع حرية التعبير !!..
والغريب أيضا هو أن يخرج عدد من الناطقين العرب والمسلمين ليدينوا الهجوم على الصحيفة التي تروج للعنصرية وتسيء للأنبياء والرسل دون أن يقولوا كلمة حق واحدة من أن هذه الصحيفة هي التي تروج للفتنة والعنصرية وإثارة الفتنة والأحقاد ، فلماذا نضع أنفسنا في قفص الاتهام ؟!
الشابان اللذان قاما بالهجوم على مقر صحيفة تشارلي ابيدو لم يأتيا من أي بلد مسلم أو عربي بل هما شابان فرنسيان ولدا في فرنسا وتعلما في مدارسها ورضعا من ثقافتها وتربيتها. وإذا كانت قيم احترام الذات والحقوق الانسانية والعدالة والديمقراطية التي نشئوا عليها في حضن الثقافة الفرنسية هي التي أوصلتهم إلى القناعة بأن هذه الصحيفة لا تقيم وزنا لهذه القيم فإن أحدا لا يستطيع تجيير محصلة ما قاما به إلى خارج الحدود الفرنسية. وإذا كان هناك من يريد أن يبحث عن الأسباب التي دفعتهما للقيام بما قاما به فإن عليه أن يبحث أولا عن السبب الذي منع اندماج هذين الشابين بالمجتمع الفرنسي ، ومنعهما من الإحساس بالمساواة والعدالة ودفعهما للسير في الطريق الذي سارا به ، فالفشل في ذلك هو من مسؤولية الدولة التي نشأ بها هؤلاء الشبان وأمثالهم .
إن تورط العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا في الأحداث الجارية على طول العالم الاسلامي وعرضه وفي قلبه العديد من الدول العربية ليثبت بأن التدخل في شؤون الدول العربية والاسلامية وإثارة الفتن والحروب الداخلية فيها وتمزيق بناها الاجتماعية وتدمير قواها الاقتصادية والعسكرية لا يمكن بل ويستحيل أن يظل مقتصرا على داخل حدود تلك الدول ولا بد أن يطفح إلى خارجها فيجد التعبير عنه عبر حدود الدول الأوروبية التي تسببت أو تورطت فيه. فالذي يحدث في سوريا وليبيا هذه الأيام ليس بالحدث الداخلي وإنما أصابع أوروبا موغلة فيه حتى العظم ، بل وما زالت. ولقد أخطأت فرنسا وغيرها من الدول الاوروبية حين تبنت السياسة التي رسمها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الذي لم يتردد في القول بأنه يشن حربا صليبية ، والذي ارتكب جريمة تدمير العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقتل وتشريد مئات الآلاف بل الملايين وإخراج المارد الطائفي من القمقم والذي تمدد على مساحة المنطقة عبر الحدود السورية وباتجاه الخليج العربي وبات كابوسا يقض مضاجع الأوروبيين وغيرهم .
وكذلك فإن فشل بعض هذه الدول في فهم الاسلام والمسلمين ووقوعها في فخ إسرائيل والأبواق الموالية لها بوصم الارهاب بالارهاب الأسلامي هو المسؤول عن استمرار الأحداث المؤسفة التي وقعت ، والذي يقتضي من هذه الدول أن تفهم بأن الاسلام هو دين القيم الأخلاقية والتسامح ورفض العنف والارهاب والحرص على حياة الانسان أيا كان دينه وعرقه ، وأن عليها أن تفهم أيضا بأن الارهاب الذي يمارسه بعض من يدعون الاسلام لا صلة له بالاسلام ولا بالمسلمين ، وعليها أن تقف في خندق واحد ضد المساس بالمعتقدات والمشاعر الدينية للمسلمين ولغير المسلمين. ولا يجوز ولا يمكن لأحد أن يسمح بالمساس بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام بحجة أن هذا المساس هو ممارسة للحق في حرية التعبير. وعليهم أن يفهموا ما يقوله المثل العامي : " من يقرع الباب يسمع الجواب ".
الارهاب لا دين ولا هوية له ، ومحاولة إلصاقه بالدين الاسلامي هو جريمة بحد ذاتها لا يجوز التغاضي عنها أو السكوت عليها ، وعلى من يريدون محاربة الارهاب الدولي أن يبحثوا عن أسبابه بدءا بأنفسهم وسياساتهم وممارساتهم.
البستان يكتب بالندى!
بقلم: حسن عبدالله – القدس
تململت الليلة في فراشي طويلاً، فقد عانيت هذا الأسبوع ثقل العمل و المتابعات المهنية، دهمتني أفكارٌ متناقضة حول قضايا خاصة وعامة، واصطرعت في رأسي عديد الخواطر، إشتد التناقض بين ما يجب أن يكون و ألا يكون، حتى شقشق الفجر، فوجدت متنفسي في بستاني الذي كنت زرعته شجرة شجرة في قطعة الارض التي خصني بها والدي في قريتي المجاورة لمدينة رام الله، لأمضي فيه ساعتين أو ثلاث قبل الذهاب إلى العمل.
وعندما وقفت بين يديه، وجدته يستعد لافتتاح يومه ، فقد نهض مع شروق الشمس و نفضت الأشجار عن أغصانها و أوراقها و جدوعها سكون ليلة فائتة. رفعت ذرات التراب رؤوسها إلى السماء معلنة انها باقية مستمرة في أداء دورها في المكان و الزمان. عزفت العصافير نشيد الصباح، وبانت وجوه حبات التفاح من شبابيك الأغصان، وراحت ترقب كل حبة تفاصيل البستان بعينين تفاحيتين.
خرج " حرذون" من جحره، اطمأن بأن كل شئ على ما يرام، وعاد إلى الجحر ثانية، ربما ليخبر زوجته و صغاره، ان الاستمرار في النوم اكثر مما ينبغي ضرب من ضروب المستحيل، ما دامت الحياة دبت في المكان، فطلب الرزق مهمة لا تحتمل الكسل والانتظار. استطلعت فراشة منقوطة الجناحين الموقف في حارة " الورد الجوري" المزروعة في خاصرة البستان، وتنقلت بخفة بين الورد الخمري و الأبيض والاصفر، واعطت بجناحيها شارة لفريق الفراش، للهبوط بسلام على أكتاف الورد الجوري، في حين غادرت هرة مرقطة بيت الجار يحيى، وتسللت عبر فتحة خبرتها في السور، و شرعت في التقاط رزقها من حشرات و بقايا طعام.
همست شجرة لوز فتية في أذن أمها متذمرة من تلك القوة التي ما انفكت تشدها الى الأرض، طالبة مساعدة الأم في التحرر من قوة الجذب إلى الأسفل، فيما حاولت الأم إفهامها بمنطق المجرب الخبير، انها قوة الحياة، وقطع شريان التواصل مع الأرض يقود إلى الموت. نصحت الأم ابنتها "لوزية" بالتعايش مع قوة جذب الأرض، حتى يتسنى لها في المستقبل القريب طرح ثمارها، فتحسست الصغيرة بطنها، و منت النفس بنضج سريع، لتنحب حبات لوز، ويصير لها فلذات كبد تتباهى بها بين الاشجار.
افتتحت الياسمينة الملاصقة للسور صباحها بترديد أغنية من عطر فواح، وقررت الدخول في مباراة عبقية مع الورد الجوري، اشتدت حمى التنافس بين عطر الطبيعة ، فرقص البستان طرباً وهو يتنشق نسيماً مشبعاً بسخاء العبق. و على أنغام زقزقة العصافير وموسيقى حفيف الاشجار و صباح البستان الممتلىء برائحة الورد و الياسمين والزعتر، أسرني جمال الطبيعة، صار مزاجي في وضع نموذجي. قفز الكاتب من داخلي، طاف في ارجاء البستان بنشاط و حيوية، تسلق الاشجار ، ثم مد يده إلى قلمه، وحينما بدأ يكتب، فوجىء ان ما كتبه كان بحبر عادي . فكف عن المحاولة، مفسحاً في المجال للندى لكي يكتب، بعد أن تأكد له ان حبر الندى أجمل و أنقى واكثر بهاءً وإدهاشاً من حبر القلم. لم يكتب قلم الكاتب هذا الصباح، و انما كانت المهمة حصرية للبستان. انهمك البستان في تجسيد صورة البديعة أما أنا فاكتفيت بمتابعة شجرة السفرجل وهي تستجيب لنداء نسيم الصباح. كانت أغصانها تميل بدلال، تلامس أطراف أغصان شجرة البرقوق، تقول: لها - " صباح الخير يا جارتي العزيزة" ، فترد الجارة التحية بطريقتها البرقوقية المرحة، فتسري البهجة في شرايين اشجار الكرز و الأجاص والخوخ . كان البستان يموج متناغماً مع اهتزاز الاْغصان و حفيف الاْوراق و شذى الورد في مهرجان اعلان يوم جديد في عمر مجتمع الاشجار و النباتات و الزهور. تسمرت أمام عذوبة المشهد و سألت نفسي: هل يمكن لي مهما اجتهدت و أبدعت أن أجسد نصاً في هذه اللحظة يوازي الكتابة بالندى! و هل نستطيع نحن الكتّاب أن نجاري إبداعياً ما تكتبه الطبيعة؟
بقيت اتساءل واتساءل ، قرأت افكاري شجرة زيتون وجدت لنفسها مكاناً طبيعياً في البستان، فشرعت في الاجابة دون أن تلتفت إليّ .. قالت من خلال سطور مكثفة دونتها في دفتر يومياتها :" إن الطبيعة لا تستقيم بمعزل عن الانسان، فهو منها، وهي تمتد وتكبر بحسه وكدحه و عشقه. الطبيعة تستل قلمها من روحها، والانسان يجعل من روحه قلماً إذا استحوذ عليه الابداع".
كان من الصعب الإنفكاك من أسر سحر المكان ، والعودة من" رافات" الى رام الله"، لمباشرة يوم عمل جديد، لكن التنقل بين الشجر في القرية ومهماتي المهنية في المدينة صار جزءاً لا يتجزأ من برنامجي اليومي، القيت نظرة وداع على البستان في انتظار لقاء قريب، وفي اللحظة وشوشني مونولوجي الداخلي:- بستان صغير مثال لتعايش الأشجار والنباتات و الزهور، يحتفل بالصبح على طريقته، يفرح، تصدح موسيقاه، يغني، يعمق جذوره في الأرض، ، يتجدد في الطبيعة وبها ، يسابق الزمن في العطاء، يتعامل مع الانسان كما لو أنه شجرة اذا كان ايجابيا مفيدا، اما عندما تغيب قسماته الانسانية، او ملامحه الشجرية، و يتنكر للأشجار إقتلاعاً و تدميراً، تحت شعار انه يعمّر، يصبح في منطق الاشجار قاتلا، والا ما فائدة قتل شجرة ، لتقام على انقاض جثتها علبة اسمنتية؟!!
أخرجت جسمي وروحي من حضن البستان و غادرت.. كان لزاماً عليّ ان اغادر الى العمل ، رغم إغراءات الطبيعة، لكن عندما ولجت الباب الرئيس للكلية العصرية الجامعية، قاصداً مكتبي، فوجئت بزميل يسألني:- " من اين أتيت ؟" و لما قرأ في وجهي ارتدادات السؤال .. استطرد قائلا:-" سألت بعد ان ادهشتني ملابسك، حسنا فعلت فاستبدال القماش بالياسمين و الميرمية و الجوري، خروج على المألوف و كسر لروتين الملابس المكررة"، تنبهت لنفسي تحسست ملابسي بتلقائية فإذا بنباتات واشجار وورود وأزهار البستان قد تلبسني أوراقاً واغصاناً طرية و رائحة معتقة انتشرت في المكاتب والمقصف وقاعات التدريس، لتنتظم العملية التعليمية في المؤسسة مطعمة برائحة البستان.
فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية.. مجرد بداية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
رفضت إسرائيل دخول أعضاء لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة إليها وإلى دولة فلسطين، هذه اللجنة مكلفة التحقيق بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة إثر عملية «الجرف الصامد». ولاية هذه اللجنة الزمنية هي ذات الولاية الزمنية لمحكمة الجنايات الدولية والتي تشمل ـ بأثر رجعي ـ كافة الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الحرب الإسرائيلية الثالثة على القطاع وليس منذ إعلان فلسطين عن اختصاص محكمة الجنايات الدولية بعد انضمامها إلى المحكمة، إذ ان نفاذ اختصاص المحكمة لن يبدأ مع نيسان القادم، بل منذ الثالث عشر من حزيران 2014، من هنا يمكن فهم الأسباب الإسرائيلية وراء منع لجنة تحقيق مجلس حقوق الإنسان من دخولها إلى فلسطين، إذ ان إسرائيل تدرك أن الولاية الزمنية، لكل من لجنة حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية، يعني أن هناك رؤية أولية ـ على الأقل ـ بأن في واقع الأمر، أسبابا حقيقية وجادة لفتح تحقيقات ـ أولية على الأقل ـ بشأن ما ارتكبته قوات الاحتلال في فلسطين عموماً، وفي قطاع غزة على وجه التحديد.
لم يكن من المتوقع أن تتجاوب محكمة الجنايات الدولية مع المطالب الفلسطينية، بهذه السرعة، عندما أعلنت المحكمة عبر الادعاء العام لديها من أنها ستفتح تحقيقاً أولياً في جرائم حرب محتملة بقطاع غزة والضفة الغربية في أول خطوة رسمية من المحتمل أن تؤدي إلى توجيه اتهامات لمسؤولين عسكريين ومدنيين إسرائيليين، في الوقت الذي ستعمل المحكمة على أساس فتح التحقيقات ـ كما أشرنا ـ بأثر رجعي، أي قبل الموعد المحدد لنفاذ اختصاصها، الأمر الذي قد يؤشر إلى أن تذهب العدالة لإنصاف الشعب الفلسطيني في مواجهة غطرسة ودموية الاحتلال، الأمر الذي يعتبر ثمرة لها أهميتها من ثمرات «تدويل القضية الفلسطينية» بعد الرهان على مفاوضات لم يكتب لها أي نجاح سوى تأكيد ثوابت إسرائيلية واقعية على الأرض الفلسطينية من خلال العملية الاستيطانية.
من المؤكد أن فتح تحقيق أولي، هو مجرد فحص روتيني لدى تبني المحكمة بصورة أولية البحث في أي جريمة من جرائم الحرب، وان الأمر قد يستغرق أشهراً وربما سنوات، إذ ان أمام المحكمة بعد فترة من الزمن تقييم الأمر والوصول إلى خيار واحد من ثلاثة خيارات: اعتبار ما تم الكشف عنه في التحقيقات الأولية، مسوغا لاعتبار الأمر بحاجة إلى فتح تحقيق جاد وشامل، أي قبول القضية بشكل نهائي، وخيار ثانٍ، فيما إذا لم تستكمل التحقيقات الأولية، بالإشارة إلى الاستمرار بالتحقيقات لحين التوصل إلى توصيات نهائية، أما ثالث هذه الخيارات، وهو الأسوأ بالنسبة لنا كفلسطينيين، هو الوصول إلى توصيات من خلال لجنة التحقيق الأولي، على أنه ليس هناك من مؤشرات جدية تؤكد على حصول انتهاكات هي من بين اختصاصات محكمة الجنايات، وبالتالي إغلاق الملف نهائياً!!
وإلى أن يتم هذا، أي التوصل إلى خيار من بين الخيارات الثلاثة، فإن استمرار بحث أمر الجرائم الإسرائيلية في الضفة وغزة، هو بمثابة معركة حقيقية، وهو ما تخشاه إسرائيل وأميركا، حتى قبل صدور أي قرار من المحكمة، ذلك أن استمرار البحث والتدقيق والفحص، من شأنه أن يحيل حكومة الاحتلال إلى محاكمة الرأي العام العالمي يومياً عبر وسائل الإعلام الدولية التي تتابع مجريات جهود محكمة الجنايات الدولية أثناء التحقيقات الأولية، أي ان مجرد وضع ملف جرائم إسرائيل موضع بحث، هو وحده كفيل باستمرار الحصار الدولي من قبل الرأي العام العالمي، لمزيد من فضح سياساتها وعدوانيتها وجرائمها بحق الإنسان الفلسطيني.
إن الخوف الذي أبدته إسرائيل، وكذلك أميركا من طرح جرائم الاحتلال على الرأي العام من خلال محكمة الجنايات الدولية، يشير فعلاً الى أن إسرائيل تدرك أكثر من غيرها أنها أقدمت على جرائم دموية بحق الشعب الفلسطيني، وإلاّ لماذا كل هذا الخوف والجزع؟! على العكس من ذلك، فإن ترحيب حركة حماس بفتح تحقيق أولي في جرائم الحرب الإسرائيلية واستعدادها لتزويد المحكمة بكافة الوثائق اللازمة، لهو دليل على أن الجانب الفلسطيني لم يرتكب سوى «جريمة» الدفاع عن النفس في وجه آلة الموت والدمار الإسرائيلية.
كل ذلك، لا يجب أن يدعنا أكثر اطمئناناً، فالمعركة طويلة ودقيقة، من هنا تأتي أهمية دعوة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للسلطة بالاستعداد الأمثل في إعداد الملفات التي من شأنها أن تقود قادة إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، وذلك من خلال لجنة وطنية مهنية في ظل مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، إذ ان مثل هذه المواجهة القانونية والسياسية بالدرجة الأولى، تستوجب عملاً مهنياً دقيقاً، بعيداً عن الحساسيات السياسية والفصائلية والركون إلى الجانب المهني الوطني، علماً أن فلسطين، وبحكم التجربة والتاريخ، تستحوذ على عدد كبير من الأفراد والمؤسسات ذات السمعة الدولية الممتازة على الصعيد الدولي بشأن حقوق الإنسان، إن هذه المهارات يجب أن توظف في هذه المواجهة مع الاحتلال بعيداً عن أي تفرد فردي أو فصائلي، فالمعركة طويلة وشاقة ودقيقة والعدو الإسرائيلي ـ الأميركي مقتدر ولديه الكثير من الأدوات القادرة على لجم تحركنا الفلسطيني، من هنا، فإن المواجهة تستلزم حشد كل الكفاءات الوطنية الفلسطينية.. وما أكثرها!!
الأحزاب الفلسطينية كمنتج لحالة قروية ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
بقد تفيد العودة للوراء عشر خطوات وربما أكثر في محاولة لحل اللغز القائم، قد تبدو الصورة أكثر وضوحا حين تظهر كل أجزائها مجتمعة أو امتدادها التاريخي على بقعة الأرض هذه، فما حصل من انقسام بين القوتين الأكبر في الساحة الفلسطينية يبدو أنه يحتاج إلى كثير من القراءات أو بانتظار دراسات لم تكتمل بعد وهي تقرأ الراهن منفصلا عن الماضي.
يبدو للحظة أن القصة التي لم تكتمل فصولها بعد لهذا الصراع الداخلي أكبر من خلاف سياسي وأكبر من صراع على السلطة، إذ يبدو أن هناك خللا في الجينات الوراثية الثقافية للوعي الفلسطيني العاجز حتى اللحظة عن إيجاد أي قاسم مشترك بين تجمعين سياسيين فلسطينيين إذ لا حالة توحد أو اندماج واحدة بينما حالات الانفصال والطلاق كانت جزءا من التاريخ الفلسطيني المشبع بالخلافات الطويلة ويبدو أن الانقسام الحالي هو استمرار لهذا التاريخ.
لن نذهب بعيدا في تاريخنا الدموي العربي الذي كتب بالسيوف وبنيت قلاعه على جماجم البشر، بل أن قراءة الحالة الفلسطينية ببعدها السيسيولوجي قد تدلنا على واحدة من ألغاز الحالة السياسية المعاشة أو تساهم ربما في تقديم قراءة متصلة أو جزء من مقدمات الرواية التاريخية المشتتة، وعلى ما يبدو أن الخصوصية الثقافية والاجتماعية الفلسطينية أنتجت هذا السلوك السياسي غير القابل للتغيير.
قبل أن يتشتت المجتمع الفلسطيني في رحلة اللجوء كان المجتمع أقرب للمجتمع القروي منه للمجتمع المدني والبيئة الفلسطينية بيئة زراعية، فقد لعبت الزراعة الدور الأبرز في صياغة الهوية الثقافية الفلسطينية ليس على مدار العقود والقرون الأخيرة بل لأن الزراعة كان سبق اكتشافها في فلسطين واستمر هذا الارتباط الهائل بين المجتمع والزراعة منتجا تركيبته العشائرية كانعكاس طبيعي لواقعه واستمر ذلك إلى منتصف القرن التاسع عشر.
الأساس أن المدينة حالة مستجدة فلسطينيا فلم تتبلور المدينة هنا على الشريط الساحلي سوى في المائة عام الأخيرة التي سبقت النكبة، أي لم تتبلور هويتها المدينية القادرة على إنتاج حالة سياسية متوارثة ومتماسكة فلا تكفي مئة عام لذلك، فأهم مدينتين هما يافا وحيفا، الأولى مع بداية القرن التاسع عشر لم تكن أكثر من قرية صغيرة حيث كان عدد سكانها 2500 نسمة وتضاعفت مع منتصف القرن فيما أن حيفا لم تكن أكثر من قرية صيادين سكنها حوالي ثلاثة آلاف.
صحيح أن المدينتين تطورتا في المائة عام بشكل سريع ومذهل وفاقتا مدنا متوسطة أخرى، ولكن هل كانت تكفي مائة عام من صياغة وعي وهوية سياسية مدينية؟ بالتأكيد لا، لأنه حتى في ظل هذا التطور الهائل فإن ثورة 36 كان الدور القيادي فيها للقرية وليس للمدينة، للداخل وليس الساحل المديني الذي ما أن بدأ الوقوف على قدميه حتى دمرته إسرائيل التي احتلت شريطه المديني المطل على البحر.
ماذا يعني ذلك الاستنتاج؟ يعني ذلك أن كل ما هو لدينا من بنى سياسية هي نتاج مجتمع قروي زراعي وأن النظر لتفاصيل العمل السياسي وطبقاته السياسية ومؤسساته هو أقرب للقرية منها للمدينة وأقرب للعلاقات والتركيب العشائري منها للبنى السياسية الحداثية.
فالسمات الطاغية على القوى السياسية والأحزاب الفلسطينية هي سمات قروية عشائرية لم تتجاوز في وعيها ما يتطلبه أصول العمل السياسي وفنونه ليس فقط لأن التاريخ الموروث وحده العامل الرئيسي هنا بل أيضا لأنها لم تتمكن ولم ترد اعتمادها على البنى التقليدية ولغياب مؤسسات البحث العلمي وعلماء الاجتماع الذين تعتمد عليهم إسرائيل في تفسير وتطور والتحكم بالظواهر الاجتماعية فيما أن أساتذة علم الاجتماع لم يقدموا لدينا دراسات ذات قيمة ربما باستثناء الباحث جميل هلال.
ماذا تعني سمات قروية؟ تعني أن كل قرية منفصلة بذاتها ولديها نظامها السياسي المستقل برئاسة المختار وكل قرية لها أزياؤها الخاصة بها «المرأة الفلسطينية تعرف من أي قرية من ثوبها» وسوقها الخاصة وقلما يحدث زيجات واختلاط خارج القرية، والقرية يغلب عليها الطابع العشائري وأن انتماء أفرادها للعشيرة يفوق أي شيء آخر ولم يحدث اندماج بين قريتين أو يتنازل أحد وجهاء أو مختار أخرى في سبيل هذا الاندماج.
وإذا ما دققنا في الأحزاب السياسية الفلسطينية ارتباطا بالسمات القائمة نجد أنها أقرب للتركيب العشائري فلا اندماج بين أي حزبين وأن الانتماء الحزبي للحزب كما العشيرة إذ يتقدم الحزب على أي شيء آخر، وأن راية الحزب تتقدم على راية الوطن «العلم» ويتم تمييز كل حزب من ألوانه الخاصة كما الثوب والزي.
القروي دائما بسيط وطيب وليس ماكرا في نمط تفكيره وهذه الأخيرة أحد متطلبات العمل السياسي وخصوصا حين يكون صاحب قضية مثل الفلسطينيين، فيما قيادة إسرائيل هي منتج المدن الأوروبية التي كانت قد شقت طريقها مبكرا نحو الحداثة، فالسياسة هي ابنة الحداثة، لهذا ليس مصادفة أن تتمكن إسرائيل من مناورة الفلسطينيين طويلا فيما هؤلاء لا زالوا لم يجدوا القاسم المشترك بينهم للمناورة أمامها بل تتسع الهوة إلى الحد الذي يحول دون القدرة على إعادة بناء نظام سياسي موحد.
فمن الطبيعي أن تكون النتائج بالمستوى الذي أمامنا، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن على القوى والفصائل أن تدرك أن هناك خللا بنيويا شاب بنيتها وتركيبتها وأن عليها أن تتوقف أمام واقعها طويلا وأن تدرك أن الشكل القائم أضعف وأكثر سذاجة من الاستمرار بمشروع بحجم قضيتنا الوطنية، وأن عليها الاستفادة من تجارب الماضي وإعادة تشكيل وعيها وفقا لمتطلبات السياسة، ففيما تقبل العشيرة أن يحكمها مختار واحد فإن المدينة يحكمها مجلس المدينة بالمشاركة، وإلى أن تغادر القوى السياسية وعي العشيرة مستندة إلى مؤسسات الفكر كما الدول والأحزاب الحديثة يمكن القول إننا نبدأ السير على الطريق الصحيح .. حالنا يستدعي وقفة طويلة .. وعميقة ودراسات أطول بلا ادعاء وشعارات ساذجة، وطالما استمر هذا الخلاف بالشكل الذي نراه علينا أن نتأكد أكثر بأي مستوى من الوعي تتحلى هذه الفصائل ..!
القدس في الأدب العربي
بقلم: عادل الأسطة – الايام
قد أدرس في هذا الفصل مساق «القدس في الأدب العربي». العنوان واسع وعريض فماذا يمكن أن يدرس المرء في مساق لا يقتصر على جنس أدبي محدد، أو على فترة زمنية محددة، أو على مكان محدد، ويمكن أن يتوسع المرء قليلاً فيكتب : وليس على لغة محددة، إذا ما أدرج المرء ما كتبه أدباء عرب بلغات أخرى، كالإنجليزية أو الفرنسية أو العبرية، عن القدس؟
هناك دراسات كثيرة أنجزت عن القدس في الأدب العربي، وأخرى عنها في الأدب العبري، وهناك دراسات مقارنة بينت صورتها في الشعر الفلسطيني وصورتها في الشعر العبري.
وفي الأدب العربي درست صورة القدس في أدب فترة الحروب الصليبية، ولعلّ أهم تلك الدراسات دراسة د. عبد الجليل عبد المهدي «بيت المقدس في أدب الحروب الصليبية» (1989). طبعاً هناك دراسات عن القدسيات في أدب تلك الفترة. وهناك دراسات تناولت الأدب الحديث، مثل دراسة د. عبد الله الخباص «القدس في الأدب العربي الحديث في فلسطين والأردن» 1989، ومثل دراسة د. فاروق مواسي «القدس في الشعر الفلسطيني الحديث» ودراسة إيمان مصاروة «القدس في الشعر العربي الحديث» (2014). ولا ينسى المرء دراسة محمد الطحل «رواية القدس في القرن الحادي والعشرين» وهي رسالة ماجستير في جامعة النجاح الوطنية قمت بالإشراف عليها.
هل تكفي هذه الكتب، إذا ما استطاع الطلاب دراستها، لدراسة الموضوع، وهل تغني عن العودة إلى النصوص؟
منذ عشرين سنة وأنا أتابع الموضوع على نار هادئة، وكنت أنجزت في العام 1998 دراسة لمؤتمر القدس في جامعة النجاح الوطنية تحت عنوان «القدس في الشعر العربي الحديث» تناولت فيها مجموعة من الشعراء، منهم شاعران عربيان هما مظفر النواب صاحب الصرخة الشهيرة: «القدس عروس عروبتكم» وأمل دنقل الشاعر المصري الذي يعد أمير شعراء الرفض في العالم العربي، بسبب قصيدته الشهيرة «لا تصالح»، وبعدها أنجزت دراسة عن القدس في كتابات كتاب القصة القصيرة الفلسطينية، ولم تخل زاويتي الأسبوعية في جريدة الأيام من كتابة مقالات أتناول فيها هذا الكاتب أو ذاك، وهذه القصة أو تلك الرواية، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك فكتبت عن صورة القدس في رواية (ثيودور هرتسل): «أرض قديمة ـ جديدة».
الموضوع واسع وعريض ويشمل أجناساً أدبية عديدة: اليوميات والسيرة والشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرحية والمذكرات و.. و.. وحتى المقالات، وإذا ما عدنا إلى فترة الحروب الصليبية توقفنا أمام فن الخطابة، وخطبة محيي الدين ابن الزكي الشهيرة في فتح بيت المقدس، وهي مهمة، ومهمة جداً.
وأنا أراجع القصائد التي كتبت في فترة الحروب الصليبية لاحظت أنها قلّما ركزت على المكان. كان الشعراء يذكرون القدس ذكراً عابراً تقريباً، ويركزون على القائد المسلم وعلى عدوه من الفرنجة، ويأتون على المعارك، يهنئون ويواسون ويبشرون وقليلاً ما كتبوا عن حياة الناس.
ربما ذكروا، بل إنهم ذكروا، أماكن العبادة من مساجد وجوامع وكنائس، وربما وصفوا، بل إنهم وصفوا، مشاعر الناس وأحزانهم ومعاناتهم وحسرتهم على ما آلت إليه أماكن العبادة.
وبالكاد يقرأ المرء بضع قصائد يمكن اعتبارها قصائد مكان بالدرجة الأولى.
طبعاً لم أقرأ أدب الرحلات وما ورد فيه من كتابة عن القدس، وربما توسع هؤلاء أكثر بكثير من الشعراء والخطباء في وصف المدينة ومبانيها وشوارعها ومساجدها وكنائسها وأجوائها و.. و.. .
في الأدب العربي الحديث، وفي الشعر بخاصة، كانت القصائد التي أنجزت عن المدينة قبل العام 1948 قليلة. ربما يتذكر المرء بيت الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود مخاطباً الأمير السعودي الذي زار نابلس:
المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
ولكن هل يعرف المرء قصيدة متميزة كتبها أبرز شعراء تلك الفترة: إبراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)؟ والأخير، حين كتب عن مدن فلسطينية، بعد ضياع فلسطين في 1948، كتب عن مدن الوطن السليب وتغنّى بها: تغنّى بيافا والكرمل وعكا وحيفا و.. و.. .
وعموماً يمكن القول إن الكتابة عن القدس ما بين 1948 و1967 ظلت كتابة عابرة، وربما حضرت في شعر شاعر متصوف ارتبط بالمكان ارتباطاً روحياً أو ارتباطاً مباشراً. والكم الهائل من القصائد التي كتبت في المدينة كتبت بعد احتلالها، وهذا ما توقف أمامه د. فاروق مواسي في كتابه «القدس في الشعر الفلسطيني الحديث» وقد جمع فيه مختارات مما قيل في المدينة.
عنوان موضوع المساق هو «القدس في الأدب العربي» لا «القدس في الشعر العربي»، والعنوان يفترض أن تدرس الأدب العربي، لا الأدب الفلسطيني، الأدب العربي القديم والحديث، وهنا يستحضر المرء سطر مظفر النواب الشهير الذي يعد، إلى جانب أغاني فيروز، أشهر ما كتب، وأكثره شيوعاً وانتشاراً: «القدس عروس عروبتنا، فإذا أجن الليل تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا...».
هل هناك شعراء عرب كتبوا، في المنفى، قصائد شاعت كما شاع مقطع مظفر النواب؟ وإذا كان بيت الشعر العربي نصّ:
وكم رجل يعد بألف رجل وكم ألف تمر بلا حساب
فإن سطر مظفر عد بألف قصيدة، تجاوزاً. وحتى قصيدة محمود درويش المبكرة «تحت الشبابيك العتيقة: إلى مدينة القدس وأخواتها» لم تحظ بما حظي به مقطع النواب، وليس هذا ادعاءً أو إساءة، بل إن قصائد لاحقة لدرويش في القدس، لم تحظ بما حظي به مقطع النواب.
في الشعر يقرأ المرء قصائد لأبناء المدينة: فوزي البكري صاحب ديوان «صعلوك من القدس القديمة»، ولزوار المدينة من أبناء فلسطين: راشد حسين ومحمود درويش وسميح القاسم، ولاحقاً لزوارها من فلسطينيي المنفى: تميم البرغوثي الذي اشتهرت قصيدته اشتهاراً لافتا.
هل هناك شعراء عرب من غير الفلسطينيين كتبوا قصائد ذاعت؟ مظفر نفسه لم يكتب قصيدة خصصها للقدس. جاءت كتابته وهو يهجو الواقع العربي بعامة، قارئاً الحاضر في ضوء الماضي ورابطاً بين الفترتين، وبالتالي فإن «وتريات ليلية» لا تعدّ قصيدة قدس، رغم أنها ذاعت وانتشرت واشتهرت.
وإذا كان شعراء فلسطين ممن وردت أسماؤهم كتبوا عن القدس وعلاقتهم بها، فإن الكتابة لدى شعراء آخرين كانت علاقتهم بالمدينة شبه عابرة، ولم يكتبوا عنها في أشعارهم المبكرة، مثل عز الدين المناصرة، فإنهم في العقد الأخير أخذوا يخصصون قصائد للمدينة. هكذا كتب المناصرة قصيدته «القدس عاصمة السماء».
ولكن هل تعد مثل هذه القصيدة قصيدة قدس، ولا ننسى من قبله الشاعر أحمد دحبور.
ربما كان الشعر في القدس الأغزر، ولكن ماذا عن الأجناس الأخرى كالقصة القصيرة والرواية والسيرة، بل واليوميات والمذكرات.
برز من أبناء القدس قاصان هما خليل السواحري ومحمود شقير، وتعد مجموعة الأول «مقهى الباشورة» (1969) من أفضل الأعمال المبكرة التي كتبت عن المدينة. إنها كتابة كاتب عرف المدينة وأماكنها وأجواءها وبشرها وعاداتها واحتلالها و.. و.. وربما تأخر محمود شقير الذي انشغل بالحدث في القصة أكثر من انشغاله بالمكان، ربما تأخر في إنجاز نصوص تركز على المكان بالدرجة الأولى، وهذا ما سينجزه في كتابه «ظل آخر للمدينة» وفي كتب لاحقة.
وفي 70 ق20 سيزور توفيق فياض ابن المقيبلة والناصرة، المدينة، وسيكتب عنها قصته «أبو جابر الخليلي» التي تعد قصة قدس حقاً. وسيعزز أكرم هنية الذي عرف المدينة وعمل في صحافتها الكتابة في هذا الجانب، وسيكتب ثلاث قصص لافتة، سيجعل عنوان واحدة منها عنواناً لمجموعته «عندما أضيء ليل القدس» التي جاءت بعد سبع سنوات من كتابة قصة «بعد الحصار.. قبل الشمس بقليل» التي تنبأ فيها بما جرى للقدس منذ عشرين عاماً.
جاءت القصة القصيرة بعد الشعر، فماذا عن الرواية؟ وهل هناك روائيون عرب كتبوا عن المدينة؟
المجال الأكبر كان من نصيب الكتاب الفلسطينيين الذين عرفوا القدس وزاروها أو أقاموا فيها.
ولأن الرواية في هذه المدينة تأخرت، فقد تأخر حضور القدس في الرواية، وسننتظر حتى تكتب ديمة السمان ومحمود شقير وجميل السلحوت وعارف الحسيني وآخرون، ولم يقتصر الأمر على من عرف المدينة، فهناك فلسطينيون في المنافي، لم يزوروا المدينة، كتبوا عنها مثل حسن حميد. وأما الروائيون العرب فقلة منهم من كتب عنها، مثل علي بدر، وحتى هذا كتب عن القدس من خلال الأطلس والوثائق والروايات العبرية.
ومن المؤكد أن يوميات السكاكيني ومذكرات آخرين وسيرهم، مثل سيرة جبرا، كانت حافلة بالكتابة عن القدس، والتفت محمود شقير إلى بعضها، وربما كانت هذه النصوص الأبكر في الكتابة. ربما!! ولعلني أوفق في إيفاء الموضوع حقه، وأنا أدرس المساق. لعلّني!!
مدارات - قائمة واحدة لفلسطينيي الداخل
بقلم: عدلي صادق – الحياة
لم نعد في حاجة الى تنظير مطول، نناشد في ختامه، أحزاب جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل (48) أن تنجز بسرعة قائمة موحدة تدخل بها انتخابات الكنيست 20 لكي تتفرغ جميع هذه الأحزاب، خلال المساحة الزمنية الضيقة المتبقية، لتحشيد الناخب العربي الفلسطيني، وتنبيهه الى مخاطر اللامبالاة والاستنكاف عن المشاركة في العملية الانتخابية تحت أية أعذار سياسية او أيديولوجية. ونقول بكل وضوح، إن أحزاباً وشخصيات، كنا نظنها ستكون إيجابية وسلسة على هذا الصعيد؛ بدت في الآونة الأخيرة، بخلاف ما كنا نظن. ونحن، هنا، لا نذهب بعيداً في توقعاتنا للأسباب، ولا نتهم أحداً بشيء، وإنما نقول للقوى والأحزاب وللطيف العربي الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه، إن العنصريين الصهيونيين، يستهدفون حياتكم ومستقبلكم جميعاً، ويدقون الأسافين بينكم، ولن يستثنوا منكم أحداً إن نجحوا في مخططهم. ولم يعد خافياً إن مخطط هؤلاء هو أن تتكسر أحزابكم آحاداً، وتعلمون إنهم لهذا السبب، زجوا بكل ثقلهم لتغيير نسبة الحسم من 2% الى 3.25% وكانوا يراهنون على عجزكم عن استبصار المشتركات بينكم، وعلى عدم قدرتكم على وضع خطوط عامة وملزمة للجميع، لمصلحة الجماهير العربية الراسخة والمستهدفة في وطن الآباء والأجداد. إن دخولكم المعترك بقائمة واحدة، هو الطريق الوحيد لاجتياز نسبة الحسم الأعلى، التي ربما لا يجتازها أي حزب منفرداً!
لا يختلف اثنان، على أن خلافات أقطاب الأحزاب العربية محض شخصية أو ذات علاقة بمصالح ضيقة. ولا يقل هذا سوءاً عن التذرع بالخلاف الأيديولوجي والدعوة الى مقاطعة الانتخابات. ففي وسعنا أن نحسب الربح والخسارة من خياري المشاركة والمقاطعة. ففي حال الثانية ستكون الكتلة الشعبية العربية قد اقصت نفسها بنفسها، عن محفل يتعاطي في شؤون حياتها ومصيرها. وإذا أفادت المقاطعة المتسربلة برأي ديني، اصحابها المفوهون، على صعيد الخطابة المزلزلة من فوق المنابر؛ فإنها ستفاقم اوضاع الكتلة العربية، وستؤذيها بحرمانها من تمثيل مستحق يساوي حجمها. وبمفردات السياسة، بات الموقف اليوم في إسرائيل، أن اليمين العنصري يتخبط في مشكلاته الداخلية، لكنه يرفع وتيرة التطرف ضد الفلسطينيين والعرب، وبات الجنون في العداء والدعوة الى الكراهية، من أهم عدة النصب وخشبة الخلاص من موج بحارهم الهائجة. اليوم، يوجد لدى العنصر العربي الفلسطيني الفرصة لأن يحظى بتمثيل قوي، يكون الرابع في ترتيب القوى في "الكنيست"من حيث عدد المقاعد، وهذا مفيد وليس صحيحاً الافتراض النظري بأن وجود تمثيل عربي فلسطيني في "الكنيست" سيكون بمثابة ورقة التوت التي تغطي عورة الديموقراطية. إن أمريكا هي شجرة التوت كلها، والمحتلون ليسوا في حاجة الى ورقة توت عربية، لكن العرب في أرض وطنهم مضطرون لحضور منتدى البت في قضايا حياتهم، بحجم نسبتهم من السكان.
لينظر قادة الأحزاب العربية في الداخل، الى ما حدث في الانتخابات المحلية، عندما فشلت الأحزاب في التفاهم على القائمة الواحدة التي تعمل برؤية تختلط فيها التنمية والحفاظ على الهوية الوطنية وثقافتها، بالسياسة التي يتوجب على حكومة إسرائيل ان تتبعها للوصول الى تسوية متوازنة. ولما فشلت الأحزاب، فازت العشائر والأسماء المستقلة، بل تداعت هذه النتائج لتصبح الأحزاب أبعد عن الناس وعن قواعدها الاجتماعية.
في المناسبة الانتخابية يوم 17 آذار المقبل؛ هناك جموح لدى العنصريين للمزيد من الاستقواء في "الكنيست" الجديدة، على الجماهير العربية والتصعيد معها والاستمرار في سياسات التخوين لها وكأن الدولة المارقة تستحق موالين من قومية المظلومين للدفاع عن سياساتها ضدهم وضد البئية الإقليمية وضد العالم!
تغريدة الصباح - مشهدان من باريس
بقلم: حنان باكير – الحياة
مشهدان من باريس، انطبعا في ذاكرتي، لكن بطرق مختلفة. الأول كان قبل سنوات، وفي مطعم صيني في باريس، وفي أحد أركانه تمثال بوذا.
فجأة طلبت مني ابنتي أن أصمت، ففعلت. كانت تصغي لامرأة فرنسية تتحدث مع ابنها، على الطاولة المجاورة، تحاورا لبعض الوقت، ثم قام الولد الذي ربما كان في الثامنة من عمره، تقدم نحو بوذا.. أطبق كفيه وقربهما من وجهه، وانحنى بطريقة إيمانية، ترجمت لي ابنتي حوارهما، فقد سأل الطفل امه عن ذلك التمثال.. فشرحت له شيئا عن الديانة البوذية، بكل احترام، سألها إن كان بإمكانه، أن يحيّيه بنفس الطريقة التي رآها.. فأومأتْ له بالموافقة مع ابتسامة عريضة. أعجبني ذلك التوجيه التربوي.
المشهد الثاني المناقض للأول، كان قبل أيام.. حين اجتمع بعض قادة الإرهاب، للتظاهر ضد الإرهاب، وما زالت ايديهم تعبق بدم طازج لم يجف بعد!
ما حدث لـ "شارلي إيبدو" ارهاب وجريمة، لا تخدم أيّا من قضايا الأمة، التي يدّعي المنفذون الحرص عليها، إنما العكس تماما، فقد أدت الى هجرة يهود فرنسيين الى فلسطين، وهذا النشاط نفسه الذي لجأت اليه الحركة الصهيونية.. القيام بعملية محدودة ضد بعض اليهود، لدفعهم للهجرة الى فلسطين، وكنا نتمنى لو أن هؤلاء وقفوا الى جانب غزة عندما كانت الحمم الفسفورية تتساقط عليها، المجلة زاد انتشارها وازدادت مبيعاتها. ولا ندري حتى الآن كيف سيكون تأثير العملية السلبي على الجاليات العربية والاسلامية؟!
نقد الفكر الديني، أو نقد الحركات الأصولية التي تسيء للدين، حق مشروع، في ظل حرية التعبير.. لكن السخرية من نبيّ، أو من ايّ رمز له مكانته، عند فئة ما، هو سلوك غير لائق ولا يتناسق مع قيم ومبادئ دولة علمانية مثل فرنسا! فالدول العلمانية، تضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، لكل الديانات.
الانتقائية في الموضوعات التي تخضع لحرية التعبير، انما هي انتهاك وتدمير بطيء لها من الداخل. فالاقتراب من المحرقة، ليس ممنوعا فقط، بل ان بعض الدول، سنّت قوانين تعاقب المتهمين باللاسامية.. علما أن بن غوريون نفسه اعترف، بان العرب أول من اعتقدوا بأن الهولوكوست، جريمة شنيعة، وأثبت ذلك ناحوم غولدمان في مذكراته!
بالعودة الى حرية التعبير، وفي باريس أيضا، كتب نائب رئيس راديو فرنسا الدولي "آلان مينارغ" كتابا بعنوان "جدار شارون" منتقدا الجدار، ولم يتطرق الى موضوع الدين.. فوجد المسكينُ نفسه أمام خيار من اثنين.. أن يسحب كتابه من الأسواق ويعتذر، أو ان يقدم استقالته! فانحاز لكرامته وضميره، واختار الأمر الثاني، فوسم باللاسامية.. فأين هي حرية التعبير؟!
وما زلنا في باريس! الكوميدي الفرنسي الأسود، "امبالا ديو ديوني"، لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالدين، فجأة وجد نفسه خارج المسرح، بعد أحد عروضه، بين ايدي عصابة "كسّرته" ونقل الى المستشفى، فقط لأنه أرسل تحية لغزة قبل بدء العرض، كان ذلك قبل سنوات، فأين هي حرية التعبير؟!
نبض الحياة - إصلاح ام ثورة..
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
بعد تسليط الضوء على اسباب نشوء الجماعات التكفيرية الارهابية، يطرح السؤال نفسه على كل القوى المحلية والعربية والاقليمية والدولية، كيف يوضع حد للارهاب؟ وما هي السبل لالغاء وجوده؟ قد يقول قائل، ان العودة للاسباب، تفتح باب الاجابة على الاسئلة آنفة الذكر. لكن يبقى السؤال الاهم، هل معالجة جذور الارهاب والجماعات التكفيرية يحتاج إلى ثورة ام إصلاح؟ ومن هي ادوات التغيير القادرة على حمل راية النهوض بالمجتمعات العربية والاسلامية؟ هل يمكن الاتكاء على النظم السياسية الموجودة وادواتها ام لا؟ وهل الغرب عموما والولايات المتحدة الاميركية خصوصا ومعها إسرائيل ستتخلى عن تلك الجماعات وتمويلها ام العكس؟ او بتعبير آخر، هل يمكن الاعتقاد ان تلك الجماعات استنفذت مهمتها ام مازالت أحد رهانات اميركا وحلفائها في المنطقة؟
واذا بدأ المرء الاجابة من النهاية، فانه يستطيع الجزم، بان صناع القرار في البيت الابيض وتل ابيب ومن يسير في ركابهم، مازالوا يعولون على دور تلك الجماعات في تحقيق مخططهم الشرق اوسط الجديد. كما ان الرهان على الانظمة الاستبدادية القائمة، هو رهان خاسر. لأن فاقد الشيء لا يعطيه. والانظمة كما يعلم الجميع، كانت الوعاء والحاضن والممول للمسميات التكفيرية المتعددة من "داعش" للنصرة" و"بيت المقدس" و"جيش الامة" و"جيش محمد" وغيرها، ورغم ان ارهاب تلك الجماعات ارتد عليها وعلى مصالحها، إلا انها ليست مؤهلة لاحداث النقلة المطلوبة، لانها تعفنت، ولم تعد ادواتها قادرة على حمل اي تغيير. ومن يراقب احوال الانظمة العربية، يلحظ انها تعيش ازمة عميقة، والجراح تصيب كل اعضائها العائلية والعشائرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية/ التعليمية والدينية، فضلا عن التبعية للغرب وبالتحديد لاميركا.
النتيجة المنطقية لمواجهة الارهاب بكل اشكاله وخاصة الاسلاموي، يتمثل بشقين الاول يقوم على ركيزة إصلاح المؤسسة الدينية، وإعادة نظر في الخطاب الديني، لجهة خروجه من نفق البداوة والتخلف، ومواكبته تطور العصر. والتوقف عن إعادة إنتاج السلوكيات السلفية البائدة، والحؤول دون السماح لادعياء الدين بالوقوف على المنابر الاسلامية، وتأهيل رجال الدين ليتوافق خطابهم ورسالتهم مع رسالة المجتمع ككل بمكوناته الاثنية والدينية والثقافية لنشر ثقافة التعددية والتسامح والتواصل والنهوض بالدولة الوطنية على ركائز الديمقراطية ومحاربة كل من يفتي بغير مصالح المجتمع والدولة وشعوب الامة والانسانية.
والشق الثاني يأخذ المنحى الثوري، وهذا مسؤولية قوى التغيير الحية، القادرة على حمل لواء النهوض بالمجتمع من خلال ترسيخ العقد الاجتماعي المدني الديمقراطي بين الحاكم والمحكوم، وتثبيت التداول السلمي للسلطة، والعمل على الارتقاء بالمناهج التعليمية بشكل جذري، بحيث تتناسب مع الحداثة. وتعميم المعرفة والثقافة والفنون في جوانب الحياة كلها. وفصل الدين عن الدولة بشكل كلي. ووضع خطط للتنمية المستدامة، للارتقاء باقتصاد هذا البلد او ذاك. وتعميم المساواة بين افراد المجتمع بغض النظر عن الجنس او اللون او العرق او الدين او الطائفة والمذهب.
كلا الاتجاهين بحاجة إلى إدوات تحرر المجتمعات العربية من الاستبداد والتبعية. ومواكبة الحداثة لاحداث النهضة المطلوبة. وبقدر ما يتمكن المجتمع من التخلص من المثالب والادران العالقة بالدين وادواته المتخلفة والعاجزة، وبقدر ما يتم فصل الدين عن الدولة، وتعزيز مبادئ الديمقراطية، بقدر ما يمكن للمجتمع التخلص من كل الجماعات التكفيرية والارهاب، ليس هذا فحسب، بل بقدر ما يرتقي الى مصاف الدول المتقدمة، ويحرر الاقتصاد من التبعية واخطارها، ويحرر الارادة العربية، وينشر ويعمم السلم الاهلي والاقليمي والعالمي.
سؤال عالماشي - عدالة (كبير العالم) بين المخزي والسخيف
بقلم: موفق مطر – الحياة
بأي حق تطلب الادارة الأميركية مشاركة الدول العربية في الحرب على الارهاب والتطرف، بالتوازي مع اصرارها على حماية ارهاب جنرالات وساسة دولة الاحتلال ( اسرائيل )، المسؤولين عن جرائم حرب وضد الانسانية، فإدارة الدولة الأعظم والأقوى في العالم، تشرعن عملياتها العسكرية ضد جماعات ( داعش والقاعدة والنصرة ) وغيرهم من المتطرفين الارهابيين المقبلين من اسيا واوروبا وافريقيا الى ميداني الصراعات الدولية في سوريا والعراق، لكنها ترفع السدود، والحواجز الثابتة والطيارة حتى، وتصفع بالفيتو وجه الشرعية الدولية، اذا عاينت هذا المرض العالمي، وقررت اجراء عملية جراحية لاستئصال اصل ورم الارهاب وخليته الأم في المنطقة.
تصر الادارة الأميركية على ابقاء منبت الارهاب، ومجرمي الحرب الاسرائيليين خارج نطاق صلاحيات القانون الدولي، فتكون بذلك ( المافيا الأعظم ) التي توفر ( لبلطجييها..وأحصنتها ) في المنطقة حصانة وحماية، وتفتح لهم خطوطا خلفية للهروب والفرار عند اشتداد المواجهة، وما وصفها ( بالمخزي ) قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات اولية بجرائم حرب ارتكبها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة اثناء عملية ( الجرف الصامد ) التي دامت 51 يوما، الا خزي وعار تجلبه هذه الادارة للشعب الأميركي ولثالوث الحرية والعدالة والديمقراطية، واسقاط متعمد لراية المؤمنين بالتعايش والتكامل الحضاري بين الديانات والأعراق والأجناس في العالم، وكأنها بهذه المواقف تبعث للعالم ببرهان لا يحتمل التفسير او التأويل او الاحتمالات، بأن شعب الولايات المتحدة الأميركية مازال بحاجة الى ثورة حقيقية، لتطهير الدولة من عقلية التفوق، والتميز العنصري المعششة في ادمغة معظم اصحاب القرار والتشريع، ولحماية منهج الحياة الانسانية المعاصرة، لشعوب العالم، فأمة الولايات المتحدة، نموذج لتعايش الأعراق والأجناس والقيم والمبادئ والعقائد، صنعة الأميركيين بعقلانية وتضحيات، وبانتصار لقيم الانسان وحقوقه ـ الا ان رماد العبودية، والعنصرية، وجبروت الرأسمالية الاستعمارية ومصالحها المادية المطيحة بالاخلاقية، ما زالت عوامل انسداد في شرايين ( دماغ البيت الأبيض والكونغرس ).
لا تكف حكومات اسرائيل عن تقديم صور العقوق للمجتمع الدولي، فإسرائيل وليد هذا المجتمع بخلاف كل دول العالم، ولا توفر مناسبة لاحتقار (كبير العالم ) وشخصية القانون الدولي فيه، ومواثيق الأمم المتحدة ومنظماتها، ولعمرنا فهذا انعكاس لحقيقة تفكير ونظرة قادة اسرائيل للمجتمع الدولي وتشريعاته ومنظماته وقوانينه.
نحن نعرف وندرك جيدا مكانة المجتمع الدولي وشرعيته لدى اسرائيل، لذا لم نستغرب وصف حكومة نتنياهو قرار الجنائية الدولية بالسخيف، لأن دولة تنظر بغير مستوى التحقير والتسخيف الذي نلمسه من دولة الاحتلال، لما تجرأت على ارتكاب مجازر، وجرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، واباد طيرانها عائلات بأكملها، ودمر احياء تأوي عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين ( حي الشجاعية ) لتأمين انسحاب مجموعة من جنوده وقعوا في مأزق، او لملاحقة مجموعة مقاتلة تمكنت من اسر جندي اسرائيلي داخل حدود قطاع غزة، ولما استخدم جيشها القنابل والقذائف المحرمة دوليا في الحروب...لكن.
ما يثير اهتمامنا كيف ان المجتمع الدولي يقف عاجزا ضعيفا لا يستخدم حق الدفاع عن نفسه الا ضد الضعفاء اصلا، الذين لا يجدون سبيلا الا ارعاب الناس، وتفجير انفسهم وسط الأبرياء، وغدرهم في الأماكن العامة، وخطفهم وذبحهم بسكين الكراهية المشتقة من مفاهيم باطلة اجرامية حتى لو نسبوها للدين لإثبات وجودهم كعصابات تبحث لها عن مكان الى جانب ( عصابات رسمية ) تحظى بميزات ومظاهر دولة.
مبادرة الجنائية الدولية محاولة نتمنى لها النجاح، محاولة لمحو عار الاحتقار والخزي الذي لحق بالمجتمع الدولي ومنظماته منذ وقفته متفرجا على جرائم وليده ( اسرائيل ) منذ نكبة العام 1948 وحتى اليوم، ولم لا فقد تكون بداية لتحريره من هيمنة مجرمي الحرب، المموهين بالديمقراطية.
لا ننسى أن فلسطينيا حرا، مناضلا قال( لا ) عظيمة، متحديا هؤلاء ومنظومتهم الارهابية الدولية، هو المحرض لضمير محكمة الجنايات الدولية للانطلاق بالاتجاه الصحيح. فالرئيس أبو مازن لا يملك قوة دولة، لكنه يملك شرعية تمثيل ارادة الشعب الفلسطيني، وطموحاته وآماله بالحرية والاستقلال والعدالة والديمقراطية، فالاحتلال والاستيطان، افظع اشكال الارهاب، لكن لم يمنعه من التحدي باسم الشعب، فبادر الساهرون على بقاء ميزان العدالة في العالم منصوبا، للسير بذات الاتجاه. فهل ستصدق رؤيتنا ؟!... سنرى.