Haneen
2015-02-15, 01:05 PM
هكذا قام الموساد والـ«سي.آي.ايه» بتصفية مغنية
بقلم:يوني هيرش ودافيد بارون،عن اسرائيل اليوم
(يتحدث الكاتبان بطريقة سرد دراماتيكية لعملية اغتيال عماد مغنية عام 2008، ويعتمد الكاتبان في معلوماتهم على ما كشفته صحيفتا الواشنطن بوست والنيويورك الامريكيتان،حول مشاركة السي أي ايه في عملية التصفية)
في مساء يوم 12 شباط 2008 سار عماد مغنية في شارع هاديء في دمشق بعد أن تناول وجبة في مطعم قريب. وعندما مر بالقرب من جيب «ميتسوبيشي» كان يقف بجانب أحد المباني، تم تشغيل عبوة قوية جدا ومليئة بالشظايا، وضعت داخل الدولاب الاحتياطي على الباب الخلفي للجيب. لم يكن أمام مغنية أي احتمال للنجاة، وفي جزء من الثانية فقد حزب الله واحدا من كبار قادته ورموزه.
منذ تمت التصفية فان الافتراض الواسع في العالم هو أن جهاز الامن الاسرائيلي هو الذي وقف من وراء العملية المميزة. لكن يتبين الآن أن اسرائيل لم تعمل بمفردها – لقد كشفت الـ «واشنطن بوست» والـ «نيوز ويك» في نهاية الاسبوع أن مغنية الذي كان مسؤولا عن موت مئات الأمريكيين والاسرائيليين، تمت تصفيته بتعاون مميز بين الموساد الاسرائيلي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. لقد كشف قادة سابقين في الاستخبارات الأمريكية للصحيفتين إلى أي حد كانت عملية التصفية معقدة، وكم كانت معقدة ايضا عملية الاعداد لها. يمكن أن أمر التصفية تم اتخاذه في عهد حكم ريغان في الثمانينيات حيث كان مغنية على رأس قائمة المطلوبين للـ اف.بي.آي بعد أن شارك في تخطيط وتنفيذ سلسلة من العمليات ضد أهداف أمريكية.
دغان وجه وبوش الابن صادق
لقد كان لاسرائيل ايضا حساب طويل مع مغنية – بسبب مشاركته في بضع عمليات منها تفجير السفارة الاسرائيلية في بيونس آيرس في 1992 وتفجير مبنى للجالية اليهودية في المدينة بعد سنتين.
طوال سنوات نجح مغنية في التملص من اجهزة الاستخبارات إلى أن قام رئيس الموساد في 2007 بابلاغ الـ سي.آي.ايه بأن مغنية يختفي في دمشق. رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية، مايكل هايدن في حينه، طالب مصادقة الرئيس الأمريكي في ذلك الحين، جورج بوش الابن. كما جاء في «نيوز ويك» فان رد بوش لم يستغرق سوى نصف دقيقة عندما قال «نعم لماذا لم تقوموا بذلك حتى الآن، الله معكم».
في هذه المرحلة لم يكن السؤال هو ماذا اذا، ولكن كيف نصفي مغنية. إن خيار تسميمه أو اطلاق النار عليه عن طريق قناص تم اسقاطه من الحساب لأن دمشق في ذلك الحين كانت مكتظة برجال المخابرات السوريين. «اذا كنا سنطلق النار كان يجب التأكد من موت الرجل»، هكذا فسر أحد قادة المخابرات، «يجب الاقتراب منه. ولكن كيف سيتم تهريب القاتل؟ حتى لو كان الحديث عن قناص سيطلق النار من بعيد. يجب أن يكون لديه طريق للهرب قبل قيام السوريين باغلاق المنطقة. كما لم يكن هناك خيار خطفه، لهذا وقع الاختيار على استخدام القنبلة».
وهنا برزت مشكلة جديدة. لقد مرت اشهر في محاولة اختيار ما هي العبوة المناسبة. وقد استبعدت الـ سي.آي.ايه عبوة بعد اخرى لأنها كانت كبيرة جدا. وزاد الاحباط ايضا في اسرائيل، «لو كان الامر متعلقا بهم، لكان مغنية قد مات منذ زمن»، قال المصدر الأمريكي. في نهاية الامر صمم وركب الأمريكيون عبوة خاصة، وقد صممت بحيث تكون كل قوتها التفجيرية موجهة باتجاه واحد، لقد تم تجريب العبوة على الاقل 25 مرة في مكان سري للاستخبارات الأمريكية في أوروي بوينت في شمال كارولاينا – بالمناسبة أنشيء هناك مبنى يشبه مخبأ إبن لادن تمهيدا لتصفيته.
العبوة هُربت إلى الاردن
في هذه الاثناء، في دمشق، واصل عملاء الـ سي.آي.ايه والموساد تعقب مغنية والتعرف على نظام حياته اليومي من اجل تحديد نقطة ضعف. كما أن وحدة الشرق الاوسط للـ سي.آي.ايه عملت على تهريب العبوة إلى دمشق. «كان يجب الحصول على سيارة في دمشق نفسها»، قال أحد المشاركين في العملية. «وكان يجب تهريب العبوة إلى سوريا عن طريق الحدود الاردنية».
في عيد الميلاد في 2007 وصلت العبوة إلى العميل الأمريكي في دمشق، الذي قام بشراء جيب «ميتسوبيشي»، وتم تركيب العبوة في الدولاب الخلفي له، وقام رجال الـ سي.آي.ايه باستئجار شقة ليست بعيدة عن مكان التصفية المتوقع – موقف للسيارات في شارع محمود الفحاني في حي كفر سوسة الراقي في مركز دمشق. وبدأ انتظار اللحظة المناسبة.
كان يمكن للقائمين على التصفية وضع السيارة في بضع مربعات للتوقف بالقرب من المبنى، ولكن واحدة منها كان يمكنها خلق القوة الاكبر للتفجير. المشكلة الثانية كانت التنسيق بين المكان الصحيح للجيب وبين اللحظة الصحيحة – حيث يكون مغنية لوحده. «إما أن يكون مع شخص آخر أو أن هناك أولاد يتجولون في المنطقة، أو مارة، أو أنه لم يكن في دمشق»، قال أحد الأمريكيين، «التوجيهات كانت واضحة، ممنوع أن يصاب أحد غير مغنية، وهكذا مر مغنية عشرات المرات بالقرب من الجيب المفخخ ولم نضغط على الزر».
فرصة ذهبية
اذا لم يكن كافيا صعوبة ايجاد اللحظة المناسبة، كان هناك ايضا فرق الثانيتين بين التشخيص المؤكد وبين نقل التقرير عن التشخيص لهيئة الموساد ومنه إلى تشغيل العبوة في دمشق.
إنقضى شهران من التعقب والانتظار حتى جاءت الفرصة المناسبة: مر مغنية بالقرب من الجيب المتوقف في المكان الصحيح وكان وحده. «تأكدنا من شخصيته بواسطة تكنولوجيا لتشخيص الوجه وعندها «بوم»، لقد مزق الانفجار مغنية إلى أشلاء».
جاء في صحيفة «البوست» أنه خلال عملية التعقب تم اضاعة فرصة لتصفية قاسم سليماني، رئيس «قوة القدس» في الحرس الثوري الايراني المسؤول عن عمليات عسكرية خارج ايران، منها اعمال ضد اهداف اسرائيلية. في احدى الأمسيات كان مغنية في جولة مع سليماني. «في وقت ما كان الاثنان بالقرب من الجيب، وكل ما كان يجب عمله هو الضغط على الزر»، قال مصدر أمريكي، ولكن لعملاء الـ سي.آي.ايه لم تكن مصادقة على قتل سليماني ايضا.
في اسرائيل والولايات المتحدة قاموا بنفي كل علاقة بالقتل، وتوعد حزب الله بالانتقام. لكن عضو المنظمة الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الانتقام من اسرائيل تم اتهامه بأنه عميلا لاسرائيل وتم تقديمه مؤخرا للمحاكمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العالم مجنون وليس بالامكان المغامرة
على اسرائيل أن تضع خطوطا حمراء للقوى المحيطة بها وأن تركز على المخاطر التي تواجهها
بقلم: يعقوب عاميدرور،عن اسرائيل اليوم
(تكمن اهمية المقالة من أن الكاتب عميد احتياط يعقوب عاميدرور/مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويحاول الكاتب التشبيه بين ما جرى من مهاجمة للجيش المصري في سيناء وعملية حزب الله الاخيرة في مزارع شبعا المحتلة، وهنا يدعو الكاتب الحكومة الاسرائيلية للعمل مثلما يعمل الجيش المصري بمعاجلة بؤر الارهاب دون الدخول في حروب اقليمية طويلة،وحاول تشبيه منطقة سيناء بالحدود الشمالية لاسرائيل من حيث غياب الامن واسماها المناطق الرمادية في الدول،كما حاول التشبيه بين غزة وحزب الله)
الاحداث الاخيرة – في الشمال ضد الجيش الاسرائيلي، وفي سيناء ضد الجيش المصري – ليست مرتبطة ببعضها، ومع ذلك يصح ربطها معا.
الاحداث في الشمال بدأت عندما «زارت» بعثة من كبار قادة حزب الله والحرس الثوري الايراني، هضبة الجولان. التصفية الناجحة المنسوبة لاسرائيل استدعت رد حزب الله في مزارع شبعا، التي انتهت بقتل جنديين اسرائيليين.
الاحداث في سيناء والسويس التي قتل فيها عشرات الجنود والمدنيين المصريين، هي نتيجة هجوم لتنظيم «الدولة الإسلامية». في الشمال عمل الشيعة وفي الجنوب السنة. في الشمال العدو هو اسرائيل وفي الجنوب – النظام المصري.
رغم الفوارق يوجد في هذه الاحداث ما هو مشترك. إننا نشهد نتائج مغامرات الحروب الاقليمية، دول وانظمة، استغلال الوضع الحالي من قبل منظمات متطرفة ودول راديكالية تعمل في مناطق ليس فيها سيادة للدولة، مناطق «رمادية» فيها حارة كل من يده له.
في هذه الفوضى التي تميز المنطقة ليس بوسع اسرائيل «أن تعمل نظاما». إنها تستطيع ويجب عليها تشخيص التهديدات الاكثر صعوبة وتقوم بمعالجتها. هكذا يعمل المصريون: يركزون على ما يهدد النظام في القاهرة، وعلى الاوساط الإرهابية التي سيطرت على أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وليس على الحروب الاقليمية البعيدة عن مصر.
إن فصل قطاع غزة عن سيناء من خلال خلق ممر واسع غير مأهول بالسكان واغلاق الانفاق هو جزء من الجهد المصري الواسع. اسرائيل تستفيد من هذه الجهود – لكن المصريين يعملون لهدف مصري واضح، ليس من اجل اسرائيل ضحى الجنود المصريون بحياتهم، ولكن من اجل وطنهم.
ايضا العملية المنسوبة لاسرائيل في هضبة الجولان تحمل نفس الصفات. في نظر ايران وحزب الله اللذين يحاولان استغلال الفراغ السلطوي في المنطقة تبدو العملية وكأنه يوجد خطوط حمراء ومن يجتازها عليه أن يأخذ في الحسبان رد اسرائيل. اسرائيل لا تستطيع (ولا يجب) أن تعمل ترتيبا في سوريا، كما يجب ألا تحدد من سينتصر في الصراع، ولكن يجب عليها أن تشخص المخاطر الاكبر وهي في مهدها ومنع استخدامهم لها. من لا يحدد خطوط حمراء اليوم سيجد نفسه من غير قدرة رد عندما يتجسد الخطر ويصبح حقيقة واقعة. بالضبط من خلال الدينامية السلبية للعالم من حولنا يجب على اسرائيل أن تحدد ما يجب عليها ألا توافق عليه. المصريون تقريبا تأخروا في سيناء. وعلى اسرائيل ألا تصل إلى ذلك في الجولان.
لمسيرة كهذه، تشمل هجوما مانعا وخلق ردع، هناك ثمن ومخاطرة. هذا ما كان في الشمال – لقد رد حزب الله في مزارع شبعا على العملية التي نسبت لاسرائيل في الجولان. كان يتوجب عليه ذلك نظرا للضربة القاسية والعلنية التي اصيب بها على الحدود السورية. ولكن الطريقة التي رد بها في الحدود الشرقية الجنوبية في المنطقة غير المأهولة، على قافلة عسكرية (على فرض أنه علم ذلك) – تشير إلى حذره. لا يريد حزب الله تدهور الاوضاع وقد فعل كل ما في استطاعته لمنع ذلك رغم رده الاجباري.
المباديء الاساسية التي تؤثر على حذر حزب الله بقيت كما هي: التنظيم اليوم يخوض في سوريا حربا ذات أهمية استراتيجية وحتى وجودية بالنسبة له. بدون سوريا الاسد سيصعب على التنظيم التواجد في لبنان، لأنها مركز اتصاله بايران. لأن كل المساعدات الايرانية إلى إلى سوريا ومن هناك إلى البقاع اللبناني.
سوريا هي مصدر موثوق لجزء مهم من قوته ( اذا أردنا الحديث عن صاروخ الكورنيت الذي أطلق على القافلة الاسرائيلية، فيبدو أنه صاروخ تم بيعه من روسيا إلى سوريا ومنها إلى حزب الله). في لبنان ليس لحزب الله شرعية لفرض الحرب على السكان المحليين التي هي نتيجة مغامراته في سوريا. وأخيرا والاكثر أهمية أن المنظمة وقادتها يذكرون أحداث عملية 2006، ولا يريدون أن يشهدوها ثانية.
معنى هذا واضح جدا: المنطقة حولنا تحولت إلى أقل امكانية على توقع ما سيحدث، أكثر عنفا وتتغير بسرعة. على اسرائيل أن تقرر ما هي الخطوط الحمراء الواجب عليها وضعها أمام القوى التي تحيط بها وأن تكون مستعدة لدفع ثمن ذلك عند الحاجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حزب الله وايران تحت الضغط
العملية الاخيرة في الجولان حققت هدفها في نقل رسالة « أننا لا نتحمل فتح جبهة في الجولان»
بقلم:اليعيزر (تشيني) مروم ٭ لواء احتياط، قائد سلاح البحرية السابق،عن معاريف
تكمن اهمية المقالة ان كاتبها قائد سلاح البحرية السابق، وهوي مقال تحليلي لخطاب حسن نصر الله،ويدعي الكاتب هنا أن حزب الله وايران يتعرضون لضغط كبير،من حيث تلاشي حلمهم في السيطرة على العالم السني،ومن حيث الضغط الاقتصادي التي تتعرض له ايران بسبب انخفاض سعر البترول،ويدعي ان الخطاب يدل على اليأس الذي يتعرض له نصر الله؛بسبب الحرب في سوريا، وانهى الكاتب مقاله بنتيجة ان ايران ليست معنية بالدخول في حرب مع اسرائيل في هذا الوقت)
في خطابه الاخير، كشف نصر الله عن الضغط الذي يوجد فيه حزب الله وايران في ظل الوضع في الشرق الاوسط. تشعر ايران بالضغط المتعاظم للإسلام السني على مناطق تحت سيطرة الإسلام الشيعي بما فيها ايران نفسها.
القاعدة في افغانستان وداعش في سوريا والعراق تهدد وتدق على حدود ايران. جبهة النصرة والمتمردون السنة يهددون نظام الاسد في سوريا وسيطرة حزب الله في لبنان. وصحيح حتى الآن أن انجازات الحوثيين في اليمن هي عزاءهم الوحيد. الضغط الغربي على المشروع النووي، العقوبات والانخفاض الدراماتيكي على أسعار النفط ضرت جدا بالاقتصاد الايراني، ويبدو أن الحلم الشيعي لاحتلال العالم الإسلامي يتضاءل.
خطاب نصر الله جاء بعد أن التقى مع قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الايراني، قاسم سليماني، الذي وصل إلى لبنان للوقوف أمام قبر جهاد مغنية. وصول سليماني إلى لبنان يجسد الصدمة الايرانية من الضربة القاتلة في الجولان.
في لقائهما سمح سليماني لنصر الله أن يقول إنه لم يعد هناك قواعد للاشتباك وكذلك التفوه بأقوال متبجحة يمكن أن نعزوها للضغط الواقع تحته حزب الله وايران. في اقوال نصر الله يختبيء يأسه من الحرب في سوريا، وقد اتهم اسرائيل اتهامات باطلة بدعمها لجبهة النصرة التي تهدد نظام الاسد. في عملية استراتيجية صحيحة ومهمة عملت اسرائيل ضد بعثة حزب الله وايران في هضبة الجولان، من اجل أن توضح أنها لا تتحمل فتح جبهة إرهابية هناك. لقد تم نقل الرسالة بكل ثقلها، ورد حزب الله الذي لم يتأخر حصد ثمنا باهظا يتمثل بجنديين اسرائيليين.
قررت اسرائيل رغم الخسارة والألم ألا ترد، وتم نقل الرسالة بصورة واضحة. من جهة الميزان الاستراتيجي فان الهدف الأعلى الاسرائيلي – منع الاعمال الإرهابية من الجولان التي يمكنها أن تجر اسرائيل إلى المستنقع السوري – تم تحقيقه. لقد فوجيء الايرانيون وحزب الله من العملية، ومن جهتهم فان محاولتهم جر اسرائيل إلى الحرب في سوريا لم تنجح.
بنظرة للمستقبل يثور السؤال: هل في العملية التي نسبت لاسرائيل حافظت على الردع أو قللت منه؟ من اجل الاجابة على هذا السؤال يتوجب علينا فحص المصالح، في البداية المصلحة الايرانية. ليس هناك شك بأن حربا شاملة مع اسرائيل أمر غير مرغوب فيه لايران في هذا الوقت. مصلحتها العليا ومصلحة حزب الله هي الحفاظ على نظام الاسد. إن الربط بين هذه المصلحة وبين تجنب مواجهة شاملة مع الجيش الاسرائيلي، من المعقول أن يبقي الهدوء في الشمال على حاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
إلا هرتسوغ
انتخاب حزب العمل سوف يحظى بقبول عالمي لكن ذلك يزيد من إعاقة الوصول إلى حل الدولتين
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
يحاول الكاتب هنا ان يصور الوضع بعد فوز اليسار في الانتخابات الاسرائيلية،ويقول ان هناك ستكون من كل سياسيي العالم الذين سئمو الاحتلال،ولكن الكاتب يؤكد من خلال احداث تاريخية ومن خلال تصريحات هرتسوغ بأن المفاوضات ستستمر لمدة خمس سنوات والتي يمكن انهاؤها بخمسة اسابيع،وذلك يدلل على عدم نية هرتسوغ للوصول الى تسوية سياسية ولكن الهدف الدخول في عملية سياسية ومفاوضات الى الابد،مع تعميق الاستيطان والاحتلال)
هناك ما هو أسوأ من كابوس إعادة انتخاب نتنياهو، انه انتخاب هرتسوغ وتسيبي ليفني. (اعادة انتخاب نتنياهو كارثة، غير ان انتخاب المعسكر الصهيوني يمكن أن تكون كارثة أكبر). ولا اعتراض على أنه لا يوجد مجال للمقارنة بينهما ولا بين حزبيهما: فهرتسوغ هو شخصية معتدلة، متواضعة، منطقية ولها تقبل اكثر بكثير من نتنياهو، وكذلك الامر بالنسبة لليفني. وكذلك فإن قائمة المعسكر الصهيوني ارفع مستوى في نوعيتها من قائمة معسكر الليكود. وهذا لا يعني ان المعسكر الصهيوني خال من متوحشين كلاميين على شاكلة من هم موجودون في الليكود. او انه خال من اصحاب الاراء القومية والعنصرية والمحرضين والرافضيين يمكن القول ايضا بأن الشخصيات التي تشكل قائمة المعسكر الصهيوني أكثر إثارة للاهتمام بكثير من قائمة الليكود.
لنفترض ان قائمة المعسكر الصهيوني سوف تنتصر. افراح ومسرة. بعد ان تزول ضبابيية الاستمتاع بإسقاط نتنياهو من الحكم – سوف يرتفع في إسرائيل فجر يوم جديد، مع حكومة هرتسوغ وليفني. التغيير الدراماتيكي الاول سوف يأتي بالذات من الخارج: آهة راحة عالمية. لن يتأسف سياسي واحد في العالم على انصراف نتنياهو باستثناء ربما، حسن نصرالله وخالد مشعل. لن تجد من لن يناله السرور على انتصار «المعتدلين» في إسرائيل. العالم سيصفق، وهرتسوغ سوف يستدعى إلى واشنطن، ليفني هي الأخرى إلى لندن وكذلك سيتبادلان الزيارات. بعد قليل من الوقت سوف تبتدئ «المسيرة السياسية»، وليس كما يجب ان يقال «مسيرة السلام». هرتسوغ سيلتقي ابو مازن، ليفني ستلتقي أبو علاء، سيتم التقاط الصور في مناسبات عديدة، والتصفيق الحار سيرتفع في ارجاء العالم.
هذا التغيير سوف يحدث بالذات عندما بدا أن العالم ضجر أخيرا من سياسات إسرائيل، وان صبره قد نفذ، وأن التسامح قد انتهى، وأن إسرائيل لن تستطيع اخيراً ان تواصل التجاهل العلني للقانون الدولي، للولايات المتحدة والاجماع الواسع القائم الآن في المجموعة العالمية: المعارضة الكاسحة والتامة لاستمرار الاحتلال، وكذلك عندما بدا أن المقاطعة على إسرائيل، وهي الوسيلة غير العنفية التي من شأنها دفع إسرائيل لمغادرة المناطق بدأت تشق طريقها، بالذات عند ذلك سوف تحظى اسرائيل بالاستحسان، لن يكون هناك لاهاي ولن يكون هناك مجلس الأمن، لا ضغوط ولا عقوبات، هدوء، انهم يتكلمون، إنها المباحاثات المقدسة بعظمتها.
هذه المفاوضات سوف تستمر كما نعلم بلا نهاية ـ إلا اذا لم يمد محمود عباس يده للإيرانيين. لقد أعلن هرتسوغ منذ الان انه حدد خمس سنوات (!) للمفاوضات، والتي من الممكن إنهاؤها في خمسة أسابيع.
بكلمات أخرى، ليس لهرتسوغ اية نوايا للوصول إلى اتفاق سلام. خلال السنوات الخمس سوف يجمد العالم ضغوطه: فالاطراف يتحدثون، والاحتلال سوف يتعمق اكثر فأكثر، هرتسوغ أعلن منذ البداية ان حكومته سوف تبني في الكتل الاستيطانية، والأمل الوحيد لحل الدولتين، إذا وجد اصلا، سوف يضيع نهائيا.
هرتسوغ وليبني سوف يغمغمان في أرجاء العالم، هذان الاثنان لن يجلبا السلام.
لا يجب على هذه الفرضية ان تفاجئ أحداً: هرتسوغ يقف على رأس حكومة الاحتلال الاسرائيلية، حزب العمل هو الحاضنة المؤسسة لمشروع المستوطنات، حزب العمل لم يخطر على باله يوما ان يوقف هذا المشروع. مسؤلية الحزب التاريخية عن الاحتلال تزيد عن تلك التي لليكود.
غولدا ـ غاليلي ـ دايان اسسوا هذا المشروع، شمعون بيرس استمر به، وهرتسوغ سوف يتبعهم. الاحتلال هو مرض حزب العمل الوراثي اللعين، انه متوغل في الصيغة الجينية، حزب العمل يحتل بنعومة، حزب الليكود واليمين المتدين يحتل بالعنف ـ يا ترى من هو الأكثر سوءا من الآخر؟
انتصار المعسكر الصهيوني سيوقف إلى حد ما استمرار اصدار القوانين غير الديمقراطية، سيوقف التحريض ضد العرب وربما أيضا التعامل المهين مع طالبي الهجرة الأفريقيين، هذه أمور مهمة جداً، ولكن في الموضوع الأكثر مصيرية فإن أضرار المعسكر الصهيوني سوف تعلو على تلك الخاصة بنظيره، حزب السلام الاسرائيلي سوف يخدر العالم، ومن خلال يأسه، سوف يسقط العالم في فخ العسل.
مع انتخاب مجدد لنتنياهو، ذلك لن يحدث.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بين شارلي وبيتار أورشليم
الاصرار على السخرية من النبي محمد مدانة لأنه ليس كل ما هو مسموح بالقانون مقبول أخلاقيا
بقلم:شلومو أفينري،عن هآرتس
في هذه المقالة يحاول الكاتب شرح سبب العملية الارهابية التي حدثت في فرنسا،،ويقول ان هناك فرق بين حرية التعبير وبين سب رموز دينية لاقلية دينية تعيش في دولة ديمقراطية،،كما يحاول ان يلقي اللوم على الحكومة الفرنسية بسبب عدم قدرتها على استيعاب المهاجرين المسلمين في فرنسا والذين يمثلون 10% من السكان ولكنهم لا يصلون الى مراكز صنع قرار في الدولة،كما يشبه الكاتب بين هذه الصحيفة الناشرة للرسوم المسيئة للنبي وبين مشجعي بيتار القدس الذين سشتمون الرسول في كل مباراة تجمعهم مع ابناء سخنين ولكن هؤلاء واولئك يعبرون، باسلوب مختلف وبمستوى مختلف – عن انعدام التسامح والكراهية للآخر).
هز التطوران المنكران في باريس وعن حق اوروبا وسيؤديان إلى استعداد أشد وأكثر نجاعة في مواجهة الإرهابيين الجهاديين، ولكن الفظاعة تستوجب ايضا بحثا متوازنا وغير حماسي في طبيعة الخطاب العام في المجتمع الديمقراطي.
ان الديمقراطية الليبرالية ملزمة بالدفاع عن حرية التعبير حتى عندما تكون هذه ماسة. ولكن السؤال ليس دستوريا او قانونيا فحسب – فله ايضا جانب اخلاقي، يرتبط بمسألة الانضباط الذاتي. فليس هناك من شك في حق رسامي الكاريكاتير من «شارلي ايبدو» في أن يسخروا بكل من يطيب لهم ان يسخروا منه. ولكن السؤال هو اذا كان مناسبا ان يفعلوا ذلك عندما يدور الحديث عن المس باقلية دينية لم تجد بعد مكانها في المجتمع الفرنسي – وبغير قليل بسبب هذا المجتمع الذي رغم مبادئه السامية، دحرها إلى هوامشه.
يشكل المسلمون نحو 10 في المئة من سكان فرنسا. ولكن كم منهم يوجدون كأعضاء في البرلمان، وكم منهم وصلوا إلى مواقع رفيعة المستوى في الاكاديمية، في الاقتصاد أو في سلك الدولة. فواضح أن فرنسا فشلت فشلا ذريعا في استيعاب مهاجريها المسلمين. مثل هذا الفشل لا يبرر القتل، ولكن لا يمكن تجاهل السياقات الاجتماعية، التي تدل على فجوة هائلة بين مبادىء الجمهورية الفرنسية السامية في المساواة وبين الواقع الاجتماعي البشع فيها.
جرت في الاسابيع الاخيرة – وعن حق محاولة للاشارة إلى التقاليد الفرنسية بعيدة السنين في التفكه اللاذع والمتطرف في الخطاب السياسي الفرنسي: فقد ذكرت التعليقات اللاذعة ضد ماري انطوانيت عشية الثورة الفرنسية، الاوصاف الحادة ورسومات عن مظالم الحكم المطلق والكنيسة الكاثوليكية، كما اشير إلى ان «شارلي ايبدو» تنكل بكاريكاتيراتها ليس فقط بالنبي محمد بل وبالكاثوليكيين، باليهود وبالتأكيد بقادرة الحكم في فرنسا. كل هذا صحيح، ولكنه خارج الموضوع. فمن يراجع اعداد شارلي ايبدو سيجد أن عدد الكاريكاتيرات المناهضة للمسلمين التي تسخر وتهزأ بالمسلمين وبالنبي محمد أكبر بلا قياس.
وفضلا عن ذلك فان كل ديمقراطية وليبرالي ملزم بان يعترف بانه يوجد فارق بين نشر كاريكاتيرات حادة ضد الكنيسة الكاثوليكية وضد الاسرة المالكة في القرن الثامن عشر، وبين نشر كاريكاتيرات ضد رموز الاقلية الإسلامية في بلادهم، اليوم. فالسخرية من الكنيسة الكاثوليكية في عهد فولتير كان تعبيرا عن الشجاعة، اما السخرية بالنبي محمد، في دولة ما بعد المسيحية العلمانية فهي بالذات خطوة متزلفة للناس. فمن كان يسخر في حينه بالكنيسة الكاثوليكية والملكية كان يخاطر بالحبس والنفي؛ اما من يسخر اليوم بالمسلمين، بالنساء المحجبات او بالنبي محمد، فيحظى بالتصفيق من النخبة الثقافية والاجتماعية.
تمثل «شارلي ايبدو» بالفعل، التقاليد العلمانية الجمهورية الفرنسية. ولكن لا يمكن تجاهل ان الهوس المناهض للإسلام لديها يمثل ايضا وجها بشعا للمجتمع الفرنسي: فتحت ستار العلمانية الراديكالية تختبىء احيانا كراهية الاجانب والعنصرية. وهكذا ايضا في كتابات ميشيل فالبك، ولا سيما في كتابه «الاستسلام»، الذي مع كل علمانيته الجمهورية فان ينز عداء للإسلام والمسلمين، ويستند إلى تيارات عميقة جدا في المجتمع الفرنسي. واليهود بالذات ملزمون في أن يكونوا حساسين لهذه الظاهرة، والتي تمثلها مارين لا بن حتى وهي تتبنى مبادىء العلمانية الجمهورية. فغير قليل من منتقدي الإسلام اليوم في فرنسا هم الابناء والاحفاد الروحانيين (ان لم يكن البيولوجيين لمن كانوا في الثلاثينيات من القرن الماضي لا ساميين. اليهم استند في حينه نظام فيشي، الذي تعاون مع النازيين وكان مسؤولا عن طرد يهود فرنسا وارسالهم إلى الابادة – الموضوع الذي فعلت الجمهورية الفرنسية ما بعد الحرب العالمية الثانية هي ايضا كل شيء كي تخفيه وتتنكر له.
ينبغي بالطبع التأييد لحق محرري «شارلي ايبدو» في السخرية: السؤال هو هل جدير السخرية بالمسلمين في ظل عرضهم بشكل مفعم بالنظرة المسبقة، واكثر من ذلك هل جدير السخرية بنبيهم. هذا ليس موضوع حرية تعبير، بل موضوع ضبط للنفس واعطاء احترام لمن يختلف عنك في دينك، في لباسك، في مأكلك، في لغتك وفي اسلوبك. من الصعب ايجاد الكثير من الحب للانسان الاخر والمختلف في «شارلي ايبدو».
من هذه الناحية، يجدر طرح السؤال الصعب: ما هو الفرق بين الكاريكاتورات التي تعرض محمد كإرهابي وبين مؤيدي بيتار اورشليم الذي يهتفون: «محمد مات» أو «الموت للعرب» في اثناء المباراة مع فرقة أبناء سخنين؟ فمؤيدو بيتار هم ايضا يعبرون عن حقهم في حرية التعبير، أليس كذلك؟ بالطبع يوجد فرق: مؤيدو بيتار اورشليم لا يقتبسون فولتير ومعظمهم لم يتربوا بالضبط في حضن التنور العلماني الفرنسي في القرن الـ 18؛ كما أنهم ليسوا مثقفين. ولكن هؤلاء واولئك يعبرون، باسلوب مختلف وبمستوى مختلف – عن انعدام التسامح والكراهية للآخر.
ان القتل في باريس كان وسيبقى مقيتا، وينبغي الامل في أن تستيقظ الحكومات في اوروبا من سباتها وان تحسن معالجة الإرهاب الإسلامي ومخاطره. ولكن يوجد اليو ملايين المسلمين في اوروبا وكانت محقة المستشارة انجيلا ميركيل التي قالت ان الإسلام هو اليوم جزء من المانيا – ومن اوروبا؛ ونحن يمكننا ان نضيف: بالضبط مثل اليهود. صحيح انه يوجد إرهاب اجرامي يرتكب باسم الإسلام (لم يكن أمرا كهذا في اوساط يهود اوروبا)، ولكن ملايين المسلمين في اوروبا ليسوا جديرين بالسخرية وبالهزء على ايمانهم. ومثلما اولئك من مؤيدي بيتار اورشليم ممن يهتفون «محمد مات» ينبذون عن حق كعنصريين، ثمة أساس عنصري جدير بالشجب ايضا في الاصرار على السخرية من النبي محمد. ليس كل ما هو مسموح حسب القانون، جدير من ناحية أخلاقية.
الديمقراطية الليبرالية ليست فقط منظومة حقوق: فهي تستوجب أيضا الاعتراف بالاختلاف، الاستعداد للعيش مع الاخر ومحاولة لخلق التكافل الذي يتضمن ليس فقط من يفكر بالضبط مثلك. وفوق كل شيء: هي واجبة الضبط الذاتي، ولا سيما تجاه الاقليات. فرنسا ليست متميزة اليوم – مثلما لم تتميز في الماضي – في مواجهتها لمن يختلف عن النموذج الجمهور العلماني: التعددية لم تكن ابدا جزء من جيناتها. كما ان مؤيدي الانعتاق لليهود في اثناء الثورة الفرنسية اصروا على منحه لليهود كأفراد وليس لليهود كجماعة.
ما يستوجب الان ليس فقط حرب طاحنة وناجعة ضد الإرهاب وضد كراهية الاجانب الفظة الخاصة بـ لا بن ومؤيديها، بل وايضا تنمية الضبط الذاتي: سهل اكثر بكثير السخرية من الاخر ومن الاجنبي من ضبط الذات. ومع كل الصدمة للقتل والحاجة لمكافحة القتلة وايديولوجيتهم، لعله ليس مناسبا ان نكون كلنا شارلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بقلم:يوني هيرش ودافيد بارون،عن اسرائيل اليوم
(يتحدث الكاتبان بطريقة سرد دراماتيكية لعملية اغتيال عماد مغنية عام 2008، ويعتمد الكاتبان في معلوماتهم على ما كشفته صحيفتا الواشنطن بوست والنيويورك الامريكيتان،حول مشاركة السي أي ايه في عملية التصفية)
في مساء يوم 12 شباط 2008 سار عماد مغنية في شارع هاديء في دمشق بعد أن تناول وجبة في مطعم قريب. وعندما مر بالقرب من جيب «ميتسوبيشي» كان يقف بجانب أحد المباني، تم تشغيل عبوة قوية جدا ومليئة بالشظايا، وضعت داخل الدولاب الاحتياطي على الباب الخلفي للجيب. لم يكن أمام مغنية أي احتمال للنجاة، وفي جزء من الثانية فقد حزب الله واحدا من كبار قادته ورموزه.
منذ تمت التصفية فان الافتراض الواسع في العالم هو أن جهاز الامن الاسرائيلي هو الذي وقف من وراء العملية المميزة. لكن يتبين الآن أن اسرائيل لم تعمل بمفردها – لقد كشفت الـ «واشنطن بوست» والـ «نيوز ويك» في نهاية الاسبوع أن مغنية الذي كان مسؤولا عن موت مئات الأمريكيين والاسرائيليين، تمت تصفيته بتعاون مميز بين الموساد الاسرائيلي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. لقد كشف قادة سابقين في الاستخبارات الأمريكية للصحيفتين إلى أي حد كانت عملية التصفية معقدة، وكم كانت معقدة ايضا عملية الاعداد لها. يمكن أن أمر التصفية تم اتخاذه في عهد حكم ريغان في الثمانينيات حيث كان مغنية على رأس قائمة المطلوبين للـ اف.بي.آي بعد أن شارك في تخطيط وتنفيذ سلسلة من العمليات ضد أهداف أمريكية.
دغان وجه وبوش الابن صادق
لقد كان لاسرائيل ايضا حساب طويل مع مغنية – بسبب مشاركته في بضع عمليات منها تفجير السفارة الاسرائيلية في بيونس آيرس في 1992 وتفجير مبنى للجالية اليهودية في المدينة بعد سنتين.
طوال سنوات نجح مغنية في التملص من اجهزة الاستخبارات إلى أن قام رئيس الموساد في 2007 بابلاغ الـ سي.آي.ايه بأن مغنية يختفي في دمشق. رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية، مايكل هايدن في حينه، طالب مصادقة الرئيس الأمريكي في ذلك الحين، جورج بوش الابن. كما جاء في «نيوز ويك» فان رد بوش لم يستغرق سوى نصف دقيقة عندما قال «نعم لماذا لم تقوموا بذلك حتى الآن، الله معكم».
في هذه المرحلة لم يكن السؤال هو ماذا اذا، ولكن كيف نصفي مغنية. إن خيار تسميمه أو اطلاق النار عليه عن طريق قناص تم اسقاطه من الحساب لأن دمشق في ذلك الحين كانت مكتظة برجال المخابرات السوريين. «اذا كنا سنطلق النار كان يجب التأكد من موت الرجل»، هكذا فسر أحد قادة المخابرات، «يجب الاقتراب منه. ولكن كيف سيتم تهريب القاتل؟ حتى لو كان الحديث عن قناص سيطلق النار من بعيد. يجب أن يكون لديه طريق للهرب قبل قيام السوريين باغلاق المنطقة. كما لم يكن هناك خيار خطفه، لهذا وقع الاختيار على استخدام القنبلة».
وهنا برزت مشكلة جديدة. لقد مرت اشهر في محاولة اختيار ما هي العبوة المناسبة. وقد استبعدت الـ سي.آي.ايه عبوة بعد اخرى لأنها كانت كبيرة جدا. وزاد الاحباط ايضا في اسرائيل، «لو كان الامر متعلقا بهم، لكان مغنية قد مات منذ زمن»، قال المصدر الأمريكي. في نهاية الامر صمم وركب الأمريكيون عبوة خاصة، وقد صممت بحيث تكون كل قوتها التفجيرية موجهة باتجاه واحد، لقد تم تجريب العبوة على الاقل 25 مرة في مكان سري للاستخبارات الأمريكية في أوروي بوينت في شمال كارولاينا – بالمناسبة أنشيء هناك مبنى يشبه مخبأ إبن لادن تمهيدا لتصفيته.
العبوة هُربت إلى الاردن
في هذه الاثناء، في دمشق، واصل عملاء الـ سي.آي.ايه والموساد تعقب مغنية والتعرف على نظام حياته اليومي من اجل تحديد نقطة ضعف. كما أن وحدة الشرق الاوسط للـ سي.آي.ايه عملت على تهريب العبوة إلى دمشق. «كان يجب الحصول على سيارة في دمشق نفسها»، قال أحد المشاركين في العملية. «وكان يجب تهريب العبوة إلى سوريا عن طريق الحدود الاردنية».
في عيد الميلاد في 2007 وصلت العبوة إلى العميل الأمريكي في دمشق، الذي قام بشراء جيب «ميتسوبيشي»، وتم تركيب العبوة في الدولاب الخلفي له، وقام رجال الـ سي.آي.ايه باستئجار شقة ليست بعيدة عن مكان التصفية المتوقع – موقف للسيارات في شارع محمود الفحاني في حي كفر سوسة الراقي في مركز دمشق. وبدأ انتظار اللحظة المناسبة.
كان يمكن للقائمين على التصفية وضع السيارة في بضع مربعات للتوقف بالقرب من المبنى، ولكن واحدة منها كان يمكنها خلق القوة الاكبر للتفجير. المشكلة الثانية كانت التنسيق بين المكان الصحيح للجيب وبين اللحظة الصحيحة – حيث يكون مغنية لوحده. «إما أن يكون مع شخص آخر أو أن هناك أولاد يتجولون في المنطقة، أو مارة، أو أنه لم يكن في دمشق»، قال أحد الأمريكيين، «التوجيهات كانت واضحة، ممنوع أن يصاب أحد غير مغنية، وهكذا مر مغنية عشرات المرات بالقرب من الجيب المفخخ ولم نضغط على الزر».
فرصة ذهبية
اذا لم يكن كافيا صعوبة ايجاد اللحظة المناسبة، كان هناك ايضا فرق الثانيتين بين التشخيص المؤكد وبين نقل التقرير عن التشخيص لهيئة الموساد ومنه إلى تشغيل العبوة في دمشق.
إنقضى شهران من التعقب والانتظار حتى جاءت الفرصة المناسبة: مر مغنية بالقرب من الجيب المتوقف في المكان الصحيح وكان وحده. «تأكدنا من شخصيته بواسطة تكنولوجيا لتشخيص الوجه وعندها «بوم»، لقد مزق الانفجار مغنية إلى أشلاء».
جاء في صحيفة «البوست» أنه خلال عملية التعقب تم اضاعة فرصة لتصفية قاسم سليماني، رئيس «قوة القدس» في الحرس الثوري الايراني المسؤول عن عمليات عسكرية خارج ايران، منها اعمال ضد اهداف اسرائيلية. في احدى الأمسيات كان مغنية في جولة مع سليماني. «في وقت ما كان الاثنان بالقرب من الجيب، وكل ما كان يجب عمله هو الضغط على الزر»، قال مصدر أمريكي، ولكن لعملاء الـ سي.آي.ايه لم تكن مصادقة على قتل سليماني ايضا.
في اسرائيل والولايات المتحدة قاموا بنفي كل علاقة بالقتل، وتوعد حزب الله بالانتقام. لكن عضو المنظمة الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الانتقام من اسرائيل تم اتهامه بأنه عميلا لاسرائيل وتم تقديمه مؤخرا للمحاكمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العالم مجنون وليس بالامكان المغامرة
على اسرائيل أن تضع خطوطا حمراء للقوى المحيطة بها وأن تركز على المخاطر التي تواجهها
بقلم: يعقوب عاميدرور،عن اسرائيل اليوم
(تكمن اهمية المقالة من أن الكاتب عميد احتياط يعقوب عاميدرور/مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويحاول الكاتب التشبيه بين ما جرى من مهاجمة للجيش المصري في سيناء وعملية حزب الله الاخيرة في مزارع شبعا المحتلة، وهنا يدعو الكاتب الحكومة الاسرائيلية للعمل مثلما يعمل الجيش المصري بمعاجلة بؤر الارهاب دون الدخول في حروب اقليمية طويلة،وحاول تشبيه منطقة سيناء بالحدود الشمالية لاسرائيل من حيث غياب الامن واسماها المناطق الرمادية في الدول،كما حاول التشبيه بين غزة وحزب الله)
الاحداث الاخيرة – في الشمال ضد الجيش الاسرائيلي، وفي سيناء ضد الجيش المصري – ليست مرتبطة ببعضها، ومع ذلك يصح ربطها معا.
الاحداث في الشمال بدأت عندما «زارت» بعثة من كبار قادة حزب الله والحرس الثوري الايراني، هضبة الجولان. التصفية الناجحة المنسوبة لاسرائيل استدعت رد حزب الله في مزارع شبعا، التي انتهت بقتل جنديين اسرائيليين.
الاحداث في سيناء والسويس التي قتل فيها عشرات الجنود والمدنيين المصريين، هي نتيجة هجوم لتنظيم «الدولة الإسلامية». في الشمال عمل الشيعة وفي الجنوب السنة. في الشمال العدو هو اسرائيل وفي الجنوب – النظام المصري.
رغم الفوارق يوجد في هذه الاحداث ما هو مشترك. إننا نشهد نتائج مغامرات الحروب الاقليمية، دول وانظمة، استغلال الوضع الحالي من قبل منظمات متطرفة ودول راديكالية تعمل في مناطق ليس فيها سيادة للدولة، مناطق «رمادية» فيها حارة كل من يده له.
في هذه الفوضى التي تميز المنطقة ليس بوسع اسرائيل «أن تعمل نظاما». إنها تستطيع ويجب عليها تشخيص التهديدات الاكثر صعوبة وتقوم بمعالجتها. هكذا يعمل المصريون: يركزون على ما يهدد النظام في القاهرة، وعلى الاوساط الإرهابية التي سيطرت على أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وليس على الحروب الاقليمية البعيدة عن مصر.
إن فصل قطاع غزة عن سيناء من خلال خلق ممر واسع غير مأهول بالسكان واغلاق الانفاق هو جزء من الجهد المصري الواسع. اسرائيل تستفيد من هذه الجهود – لكن المصريين يعملون لهدف مصري واضح، ليس من اجل اسرائيل ضحى الجنود المصريون بحياتهم، ولكن من اجل وطنهم.
ايضا العملية المنسوبة لاسرائيل في هضبة الجولان تحمل نفس الصفات. في نظر ايران وحزب الله اللذين يحاولان استغلال الفراغ السلطوي في المنطقة تبدو العملية وكأنه يوجد خطوط حمراء ومن يجتازها عليه أن يأخذ في الحسبان رد اسرائيل. اسرائيل لا تستطيع (ولا يجب) أن تعمل ترتيبا في سوريا، كما يجب ألا تحدد من سينتصر في الصراع، ولكن يجب عليها أن تشخص المخاطر الاكبر وهي في مهدها ومنع استخدامهم لها. من لا يحدد خطوط حمراء اليوم سيجد نفسه من غير قدرة رد عندما يتجسد الخطر ويصبح حقيقة واقعة. بالضبط من خلال الدينامية السلبية للعالم من حولنا يجب على اسرائيل أن تحدد ما يجب عليها ألا توافق عليه. المصريون تقريبا تأخروا في سيناء. وعلى اسرائيل ألا تصل إلى ذلك في الجولان.
لمسيرة كهذه، تشمل هجوما مانعا وخلق ردع، هناك ثمن ومخاطرة. هذا ما كان في الشمال – لقد رد حزب الله في مزارع شبعا على العملية التي نسبت لاسرائيل في الجولان. كان يتوجب عليه ذلك نظرا للضربة القاسية والعلنية التي اصيب بها على الحدود السورية. ولكن الطريقة التي رد بها في الحدود الشرقية الجنوبية في المنطقة غير المأهولة، على قافلة عسكرية (على فرض أنه علم ذلك) – تشير إلى حذره. لا يريد حزب الله تدهور الاوضاع وقد فعل كل ما في استطاعته لمنع ذلك رغم رده الاجباري.
المباديء الاساسية التي تؤثر على حذر حزب الله بقيت كما هي: التنظيم اليوم يخوض في سوريا حربا ذات أهمية استراتيجية وحتى وجودية بالنسبة له. بدون سوريا الاسد سيصعب على التنظيم التواجد في لبنان، لأنها مركز اتصاله بايران. لأن كل المساعدات الايرانية إلى إلى سوريا ومن هناك إلى البقاع اللبناني.
سوريا هي مصدر موثوق لجزء مهم من قوته ( اذا أردنا الحديث عن صاروخ الكورنيت الذي أطلق على القافلة الاسرائيلية، فيبدو أنه صاروخ تم بيعه من روسيا إلى سوريا ومنها إلى حزب الله). في لبنان ليس لحزب الله شرعية لفرض الحرب على السكان المحليين التي هي نتيجة مغامراته في سوريا. وأخيرا والاكثر أهمية أن المنظمة وقادتها يذكرون أحداث عملية 2006، ولا يريدون أن يشهدوها ثانية.
معنى هذا واضح جدا: المنطقة حولنا تحولت إلى أقل امكانية على توقع ما سيحدث، أكثر عنفا وتتغير بسرعة. على اسرائيل أن تقرر ما هي الخطوط الحمراء الواجب عليها وضعها أمام القوى التي تحيط بها وأن تكون مستعدة لدفع ثمن ذلك عند الحاجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حزب الله وايران تحت الضغط
العملية الاخيرة في الجولان حققت هدفها في نقل رسالة « أننا لا نتحمل فتح جبهة في الجولان»
بقلم:اليعيزر (تشيني) مروم ٭ لواء احتياط، قائد سلاح البحرية السابق،عن معاريف
تكمن اهمية المقالة ان كاتبها قائد سلاح البحرية السابق، وهوي مقال تحليلي لخطاب حسن نصر الله،ويدعي الكاتب هنا أن حزب الله وايران يتعرضون لضغط كبير،من حيث تلاشي حلمهم في السيطرة على العالم السني،ومن حيث الضغط الاقتصادي التي تتعرض له ايران بسبب انخفاض سعر البترول،ويدعي ان الخطاب يدل على اليأس الذي يتعرض له نصر الله؛بسبب الحرب في سوريا، وانهى الكاتب مقاله بنتيجة ان ايران ليست معنية بالدخول في حرب مع اسرائيل في هذا الوقت)
في خطابه الاخير، كشف نصر الله عن الضغط الذي يوجد فيه حزب الله وايران في ظل الوضع في الشرق الاوسط. تشعر ايران بالضغط المتعاظم للإسلام السني على مناطق تحت سيطرة الإسلام الشيعي بما فيها ايران نفسها.
القاعدة في افغانستان وداعش في سوريا والعراق تهدد وتدق على حدود ايران. جبهة النصرة والمتمردون السنة يهددون نظام الاسد في سوريا وسيطرة حزب الله في لبنان. وصحيح حتى الآن أن انجازات الحوثيين في اليمن هي عزاءهم الوحيد. الضغط الغربي على المشروع النووي، العقوبات والانخفاض الدراماتيكي على أسعار النفط ضرت جدا بالاقتصاد الايراني، ويبدو أن الحلم الشيعي لاحتلال العالم الإسلامي يتضاءل.
خطاب نصر الله جاء بعد أن التقى مع قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الايراني، قاسم سليماني، الذي وصل إلى لبنان للوقوف أمام قبر جهاد مغنية. وصول سليماني إلى لبنان يجسد الصدمة الايرانية من الضربة القاتلة في الجولان.
في لقائهما سمح سليماني لنصر الله أن يقول إنه لم يعد هناك قواعد للاشتباك وكذلك التفوه بأقوال متبجحة يمكن أن نعزوها للضغط الواقع تحته حزب الله وايران. في اقوال نصر الله يختبيء يأسه من الحرب في سوريا، وقد اتهم اسرائيل اتهامات باطلة بدعمها لجبهة النصرة التي تهدد نظام الاسد. في عملية استراتيجية صحيحة ومهمة عملت اسرائيل ضد بعثة حزب الله وايران في هضبة الجولان، من اجل أن توضح أنها لا تتحمل فتح جبهة إرهابية هناك. لقد تم نقل الرسالة بكل ثقلها، ورد حزب الله الذي لم يتأخر حصد ثمنا باهظا يتمثل بجنديين اسرائيليين.
قررت اسرائيل رغم الخسارة والألم ألا ترد، وتم نقل الرسالة بصورة واضحة. من جهة الميزان الاستراتيجي فان الهدف الأعلى الاسرائيلي – منع الاعمال الإرهابية من الجولان التي يمكنها أن تجر اسرائيل إلى المستنقع السوري – تم تحقيقه. لقد فوجيء الايرانيون وحزب الله من العملية، ومن جهتهم فان محاولتهم جر اسرائيل إلى الحرب في سوريا لم تنجح.
بنظرة للمستقبل يثور السؤال: هل في العملية التي نسبت لاسرائيل حافظت على الردع أو قللت منه؟ من اجل الاجابة على هذا السؤال يتوجب علينا فحص المصالح، في البداية المصلحة الايرانية. ليس هناك شك بأن حربا شاملة مع اسرائيل أمر غير مرغوب فيه لايران في هذا الوقت. مصلحتها العليا ومصلحة حزب الله هي الحفاظ على نظام الاسد. إن الربط بين هذه المصلحة وبين تجنب مواجهة شاملة مع الجيش الاسرائيلي، من المعقول أن يبقي الهدوء في الشمال على حاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
إلا هرتسوغ
انتخاب حزب العمل سوف يحظى بقبول عالمي لكن ذلك يزيد من إعاقة الوصول إلى حل الدولتين
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
يحاول الكاتب هنا ان يصور الوضع بعد فوز اليسار في الانتخابات الاسرائيلية،ويقول ان هناك ستكون من كل سياسيي العالم الذين سئمو الاحتلال،ولكن الكاتب يؤكد من خلال احداث تاريخية ومن خلال تصريحات هرتسوغ بأن المفاوضات ستستمر لمدة خمس سنوات والتي يمكن انهاؤها بخمسة اسابيع،وذلك يدلل على عدم نية هرتسوغ للوصول الى تسوية سياسية ولكن الهدف الدخول في عملية سياسية ومفاوضات الى الابد،مع تعميق الاستيطان والاحتلال)
هناك ما هو أسوأ من كابوس إعادة انتخاب نتنياهو، انه انتخاب هرتسوغ وتسيبي ليفني. (اعادة انتخاب نتنياهو كارثة، غير ان انتخاب المعسكر الصهيوني يمكن أن تكون كارثة أكبر). ولا اعتراض على أنه لا يوجد مجال للمقارنة بينهما ولا بين حزبيهما: فهرتسوغ هو شخصية معتدلة، متواضعة، منطقية ولها تقبل اكثر بكثير من نتنياهو، وكذلك الامر بالنسبة لليفني. وكذلك فإن قائمة المعسكر الصهيوني ارفع مستوى في نوعيتها من قائمة معسكر الليكود. وهذا لا يعني ان المعسكر الصهيوني خال من متوحشين كلاميين على شاكلة من هم موجودون في الليكود. او انه خال من اصحاب الاراء القومية والعنصرية والمحرضين والرافضيين يمكن القول ايضا بأن الشخصيات التي تشكل قائمة المعسكر الصهيوني أكثر إثارة للاهتمام بكثير من قائمة الليكود.
لنفترض ان قائمة المعسكر الصهيوني سوف تنتصر. افراح ومسرة. بعد ان تزول ضبابيية الاستمتاع بإسقاط نتنياهو من الحكم – سوف يرتفع في إسرائيل فجر يوم جديد، مع حكومة هرتسوغ وليفني. التغيير الدراماتيكي الاول سوف يأتي بالذات من الخارج: آهة راحة عالمية. لن يتأسف سياسي واحد في العالم على انصراف نتنياهو باستثناء ربما، حسن نصرالله وخالد مشعل. لن تجد من لن يناله السرور على انتصار «المعتدلين» في إسرائيل. العالم سيصفق، وهرتسوغ سوف يستدعى إلى واشنطن، ليفني هي الأخرى إلى لندن وكذلك سيتبادلان الزيارات. بعد قليل من الوقت سوف تبتدئ «المسيرة السياسية»، وليس كما يجب ان يقال «مسيرة السلام». هرتسوغ سيلتقي ابو مازن، ليفني ستلتقي أبو علاء، سيتم التقاط الصور في مناسبات عديدة، والتصفيق الحار سيرتفع في ارجاء العالم.
هذا التغيير سوف يحدث بالذات عندما بدا أن العالم ضجر أخيرا من سياسات إسرائيل، وان صبره قد نفذ، وأن التسامح قد انتهى، وأن إسرائيل لن تستطيع اخيراً ان تواصل التجاهل العلني للقانون الدولي، للولايات المتحدة والاجماع الواسع القائم الآن في المجموعة العالمية: المعارضة الكاسحة والتامة لاستمرار الاحتلال، وكذلك عندما بدا أن المقاطعة على إسرائيل، وهي الوسيلة غير العنفية التي من شأنها دفع إسرائيل لمغادرة المناطق بدأت تشق طريقها، بالذات عند ذلك سوف تحظى اسرائيل بالاستحسان، لن يكون هناك لاهاي ولن يكون هناك مجلس الأمن، لا ضغوط ولا عقوبات، هدوء، انهم يتكلمون، إنها المباحاثات المقدسة بعظمتها.
هذه المفاوضات سوف تستمر كما نعلم بلا نهاية ـ إلا اذا لم يمد محمود عباس يده للإيرانيين. لقد أعلن هرتسوغ منذ الان انه حدد خمس سنوات (!) للمفاوضات، والتي من الممكن إنهاؤها في خمسة أسابيع.
بكلمات أخرى، ليس لهرتسوغ اية نوايا للوصول إلى اتفاق سلام. خلال السنوات الخمس سوف يجمد العالم ضغوطه: فالاطراف يتحدثون، والاحتلال سوف يتعمق اكثر فأكثر، هرتسوغ أعلن منذ البداية ان حكومته سوف تبني في الكتل الاستيطانية، والأمل الوحيد لحل الدولتين، إذا وجد اصلا، سوف يضيع نهائيا.
هرتسوغ وليبني سوف يغمغمان في أرجاء العالم، هذان الاثنان لن يجلبا السلام.
لا يجب على هذه الفرضية ان تفاجئ أحداً: هرتسوغ يقف على رأس حكومة الاحتلال الاسرائيلية، حزب العمل هو الحاضنة المؤسسة لمشروع المستوطنات، حزب العمل لم يخطر على باله يوما ان يوقف هذا المشروع. مسؤلية الحزب التاريخية عن الاحتلال تزيد عن تلك التي لليكود.
غولدا ـ غاليلي ـ دايان اسسوا هذا المشروع، شمعون بيرس استمر به، وهرتسوغ سوف يتبعهم. الاحتلال هو مرض حزب العمل الوراثي اللعين، انه متوغل في الصيغة الجينية، حزب العمل يحتل بنعومة، حزب الليكود واليمين المتدين يحتل بالعنف ـ يا ترى من هو الأكثر سوءا من الآخر؟
انتصار المعسكر الصهيوني سيوقف إلى حد ما استمرار اصدار القوانين غير الديمقراطية، سيوقف التحريض ضد العرب وربما أيضا التعامل المهين مع طالبي الهجرة الأفريقيين، هذه أمور مهمة جداً، ولكن في الموضوع الأكثر مصيرية فإن أضرار المعسكر الصهيوني سوف تعلو على تلك الخاصة بنظيره، حزب السلام الاسرائيلي سوف يخدر العالم، ومن خلال يأسه، سوف يسقط العالم في فخ العسل.
مع انتخاب مجدد لنتنياهو، ذلك لن يحدث.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بين شارلي وبيتار أورشليم
الاصرار على السخرية من النبي محمد مدانة لأنه ليس كل ما هو مسموح بالقانون مقبول أخلاقيا
بقلم:شلومو أفينري،عن هآرتس
في هذه المقالة يحاول الكاتب شرح سبب العملية الارهابية التي حدثت في فرنسا،،ويقول ان هناك فرق بين حرية التعبير وبين سب رموز دينية لاقلية دينية تعيش في دولة ديمقراطية،،كما يحاول ان يلقي اللوم على الحكومة الفرنسية بسبب عدم قدرتها على استيعاب المهاجرين المسلمين في فرنسا والذين يمثلون 10% من السكان ولكنهم لا يصلون الى مراكز صنع قرار في الدولة،كما يشبه الكاتب بين هذه الصحيفة الناشرة للرسوم المسيئة للنبي وبين مشجعي بيتار القدس الذين سشتمون الرسول في كل مباراة تجمعهم مع ابناء سخنين ولكن هؤلاء واولئك يعبرون، باسلوب مختلف وبمستوى مختلف – عن انعدام التسامح والكراهية للآخر).
هز التطوران المنكران في باريس وعن حق اوروبا وسيؤديان إلى استعداد أشد وأكثر نجاعة في مواجهة الإرهابيين الجهاديين، ولكن الفظاعة تستوجب ايضا بحثا متوازنا وغير حماسي في طبيعة الخطاب العام في المجتمع الديمقراطي.
ان الديمقراطية الليبرالية ملزمة بالدفاع عن حرية التعبير حتى عندما تكون هذه ماسة. ولكن السؤال ليس دستوريا او قانونيا فحسب – فله ايضا جانب اخلاقي، يرتبط بمسألة الانضباط الذاتي. فليس هناك من شك في حق رسامي الكاريكاتير من «شارلي ايبدو» في أن يسخروا بكل من يطيب لهم ان يسخروا منه. ولكن السؤال هو اذا كان مناسبا ان يفعلوا ذلك عندما يدور الحديث عن المس باقلية دينية لم تجد بعد مكانها في المجتمع الفرنسي – وبغير قليل بسبب هذا المجتمع الذي رغم مبادئه السامية، دحرها إلى هوامشه.
يشكل المسلمون نحو 10 في المئة من سكان فرنسا. ولكن كم منهم يوجدون كأعضاء في البرلمان، وكم منهم وصلوا إلى مواقع رفيعة المستوى في الاكاديمية، في الاقتصاد أو في سلك الدولة. فواضح أن فرنسا فشلت فشلا ذريعا في استيعاب مهاجريها المسلمين. مثل هذا الفشل لا يبرر القتل، ولكن لا يمكن تجاهل السياقات الاجتماعية، التي تدل على فجوة هائلة بين مبادىء الجمهورية الفرنسية السامية في المساواة وبين الواقع الاجتماعي البشع فيها.
جرت في الاسابيع الاخيرة – وعن حق محاولة للاشارة إلى التقاليد الفرنسية بعيدة السنين في التفكه اللاذع والمتطرف في الخطاب السياسي الفرنسي: فقد ذكرت التعليقات اللاذعة ضد ماري انطوانيت عشية الثورة الفرنسية، الاوصاف الحادة ورسومات عن مظالم الحكم المطلق والكنيسة الكاثوليكية، كما اشير إلى ان «شارلي ايبدو» تنكل بكاريكاتيراتها ليس فقط بالنبي محمد بل وبالكاثوليكيين، باليهود وبالتأكيد بقادرة الحكم في فرنسا. كل هذا صحيح، ولكنه خارج الموضوع. فمن يراجع اعداد شارلي ايبدو سيجد أن عدد الكاريكاتيرات المناهضة للمسلمين التي تسخر وتهزأ بالمسلمين وبالنبي محمد أكبر بلا قياس.
وفضلا عن ذلك فان كل ديمقراطية وليبرالي ملزم بان يعترف بانه يوجد فارق بين نشر كاريكاتيرات حادة ضد الكنيسة الكاثوليكية وضد الاسرة المالكة في القرن الثامن عشر، وبين نشر كاريكاتيرات ضد رموز الاقلية الإسلامية في بلادهم، اليوم. فالسخرية من الكنيسة الكاثوليكية في عهد فولتير كان تعبيرا عن الشجاعة، اما السخرية بالنبي محمد، في دولة ما بعد المسيحية العلمانية فهي بالذات خطوة متزلفة للناس. فمن كان يسخر في حينه بالكنيسة الكاثوليكية والملكية كان يخاطر بالحبس والنفي؛ اما من يسخر اليوم بالمسلمين، بالنساء المحجبات او بالنبي محمد، فيحظى بالتصفيق من النخبة الثقافية والاجتماعية.
تمثل «شارلي ايبدو» بالفعل، التقاليد العلمانية الجمهورية الفرنسية. ولكن لا يمكن تجاهل ان الهوس المناهض للإسلام لديها يمثل ايضا وجها بشعا للمجتمع الفرنسي: فتحت ستار العلمانية الراديكالية تختبىء احيانا كراهية الاجانب والعنصرية. وهكذا ايضا في كتابات ميشيل فالبك، ولا سيما في كتابه «الاستسلام»، الذي مع كل علمانيته الجمهورية فان ينز عداء للإسلام والمسلمين، ويستند إلى تيارات عميقة جدا في المجتمع الفرنسي. واليهود بالذات ملزمون في أن يكونوا حساسين لهذه الظاهرة، والتي تمثلها مارين لا بن حتى وهي تتبنى مبادىء العلمانية الجمهورية. فغير قليل من منتقدي الإسلام اليوم في فرنسا هم الابناء والاحفاد الروحانيين (ان لم يكن البيولوجيين لمن كانوا في الثلاثينيات من القرن الماضي لا ساميين. اليهم استند في حينه نظام فيشي، الذي تعاون مع النازيين وكان مسؤولا عن طرد يهود فرنسا وارسالهم إلى الابادة – الموضوع الذي فعلت الجمهورية الفرنسية ما بعد الحرب العالمية الثانية هي ايضا كل شيء كي تخفيه وتتنكر له.
ينبغي بالطبع التأييد لحق محرري «شارلي ايبدو» في السخرية: السؤال هو هل جدير السخرية بالمسلمين في ظل عرضهم بشكل مفعم بالنظرة المسبقة، واكثر من ذلك هل جدير السخرية بنبيهم. هذا ليس موضوع حرية تعبير، بل موضوع ضبط للنفس واعطاء احترام لمن يختلف عنك في دينك، في لباسك، في مأكلك، في لغتك وفي اسلوبك. من الصعب ايجاد الكثير من الحب للانسان الاخر والمختلف في «شارلي ايبدو».
من هذه الناحية، يجدر طرح السؤال الصعب: ما هو الفرق بين الكاريكاتورات التي تعرض محمد كإرهابي وبين مؤيدي بيتار اورشليم الذي يهتفون: «محمد مات» أو «الموت للعرب» في اثناء المباراة مع فرقة أبناء سخنين؟ فمؤيدو بيتار هم ايضا يعبرون عن حقهم في حرية التعبير، أليس كذلك؟ بالطبع يوجد فرق: مؤيدو بيتار اورشليم لا يقتبسون فولتير ومعظمهم لم يتربوا بالضبط في حضن التنور العلماني الفرنسي في القرن الـ 18؛ كما أنهم ليسوا مثقفين. ولكن هؤلاء واولئك يعبرون، باسلوب مختلف وبمستوى مختلف – عن انعدام التسامح والكراهية للآخر.
ان القتل في باريس كان وسيبقى مقيتا، وينبغي الامل في أن تستيقظ الحكومات في اوروبا من سباتها وان تحسن معالجة الإرهاب الإسلامي ومخاطره. ولكن يوجد اليو ملايين المسلمين في اوروبا وكانت محقة المستشارة انجيلا ميركيل التي قالت ان الإسلام هو اليوم جزء من المانيا – ومن اوروبا؛ ونحن يمكننا ان نضيف: بالضبط مثل اليهود. صحيح انه يوجد إرهاب اجرامي يرتكب باسم الإسلام (لم يكن أمرا كهذا في اوساط يهود اوروبا)، ولكن ملايين المسلمين في اوروبا ليسوا جديرين بالسخرية وبالهزء على ايمانهم. ومثلما اولئك من مؤيدي بيتار اورشليم ممن يهتفون «محمد مات» ينبذون عن حق كعنصريين، ثمة أساس عنصري جدير بالشجب ايضا في الاصرار على السخرية من النبي محمد. ليس كل ما هو مسموح حسب القانون، جدير من ناحية أخلاقية.
الديمقراطية الليبرالية ليست فقط منظومة حقوق: فهي تستوجب أيضا الاعتراف بالاختلاف، الاستعداد للعيش مع الاخر ومحاولة لخلق التكافل الذي يتضمن ليس فقط من يفكر بالضبط مثلك. وفوق كل شيء: هي واجبة الضبط الذاتي، ولا سيما تجاه الاقليات. فرنسا ليست متميزة اليوم – مثلما لم تتميز في الماضي – في مواجهتها لمن يختلف عن النموذج الجمهور العلماني: التعددية لم تكن ابدا جزء من جيناتها. كما ان مؤيدي الانعتاق لليهود في اثناء الثورة الفرنسية اصروا على منحه لليهود كأفراد وليس لليهود كجماعة.
ما يستوجب الان ليس فقط حرب طاحنة وناجعة ضد الإرهاب وضد كراهية الاجانب الفظة الخاصة بـ لا بن ومؤيديها، بل وايضا تنمية الضبط الذاتي: سهل اكثر بكثير السخرية من الاخر ومن الاجنبي من ضبط الذات. ومع كل الصدمة للقتل والحاجة لمكافحة القتلة وايديولوجيتهم، لعله ليس مناسبا ان نكون كلنا شارلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ