تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 27/02/2015



Haneen
2015-03-03, 11:57 AM
ترهات نتنياهو

بقلم: سيما كدمون، عن يديعوت أحرونوت

المضمون: ( قال الكاتب أن نتنياهو يحاول غض النظر عن أزمة الإسكان وترحيل المشكلة الرئيسية إلى إيران، وأشار الكاتب أن لدى نتنياهو فيللا في قيساريا وشقة في القدس وكل نفقات سكنه ومعيشته يدفعها الجمهور).

هذا المديح يفوت هذه المرة رئيس الوزراء: ففي حالة أزمة السكن، لا يبدو أنه كان أول من شخص الحالة. ولا الثاني أيضا.
فحسب تقرير المراقب، احتاج نتنياهو لأكثر من سنة كي يشخص أنه توجد على الاطلاق أزمة في السكن. ولكن هذا لا يزال لا شيء مقارنة بالمدة الزمنية التي مرت منذ أن شخص وحتى يومنا هذا ـ حين لم يحصل أي شيء والأزمة في ذروتها.

تناول نتنياهو أمس تقرير السكن مثلما تناول التقرير عن نفقات منزل رئيس الوزراء: فقد مر عنه مرور الكرام وكأن الحديث يدور عن صغائر، عن شؤون غير هامة ينقض عليها أناس تافهون بدلا من أن ينشغلوا بالأمر الحقيقي. تماما مثلما في الدعاية الانتخابية لليكود، حيث يدخل في كل لحظة أحد ما إلى مكتب رئيس الوزراء ويبلغه بقضية سخيفة أخرى ألصقتها به وسائل الإعلام، هكذا بدا أمس نتنياهو حين عقب لأول مرة على التقرير: «نحن نتحدث عن أسعار السكن، عن غلاء المعيشة»، قال، «أنا لا أنسى للحظة موضوع الحياة نفسها، المعيشة، أي الحياة، والتحدي الأكبر الذي نقف أمامه هو التهديد بتسلح إيران بسلاح نووي مع هدف معلن لإبادتنا».

بتعبير آخر: دعوني من غلاء المعيشة وغلاء السكن. دعوني من المشكلة الأكثر حرجا في دولة إسرائيل، مشكلة مئات آلاف الأزواج الشباب، العاملين، الذين ليس لهم أي احتمال في أن يشتروا شقة، والذين حرموا من هذا الأمر البسيط، المتمثل بإقامة منزل. لرئيس وزرائكم توجد أمور أشد أهمية على الرأس ـ الحياة نفسها. فما الذي تقولونه لي عن اليأس في الحياة اليومية، عن انعدام الأمل، عن أناس ابناء 30، 40، يسحقون رواتبهم على إيجار شقة خيالي، أو يضطرون للسكن لدى الأهل. ما الذي تروونه لي عن أناس يبتعدون من سنة إلى سنة عن حل شراء شقة، في الوقت الذي تقترب فيه إيران من سنة إلى سنة لتكون دولة حافة نووية.

فقط واحد لديه فيللا في قيساريا وشقة أخرى في القدس، وكل نفقات السكن والمعيشة لديه يدفعها الجمهور، يمكن له أن يكون ساخرا بهذا القدر من الأزمة رقم واحد لمواطني دولته. ولماذا نتفاجأ؟ فقبل أسبوع فقط أجرينا جولة بصرية في منزل رئيس الوزراء ورأينا القلق الصادق لربة المنزل على وضعه. وفي أثناء الأسبوع تبين أن السكن الوحيد الذي يعني عائلة نتنياهو هو منازله. كل الثلاثة. وكم سخرية ثمة في قول نتنياهو، في أن الأمر هو إما هذا أو ذاك. وأنه لا يمكن معالجة الأمرين معا. فهو إما النووي الإيراني أو المنزل ـ قرروا أنتم ما هو الافضل.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
قبيلة اسمها الليكود

بقلم: أورئيل بروكاتشيا، عن هآرتس

المضمون: ( يقول الكاتب أن قضية نفقات منازل نتنياهو لن تؤثر على الليكود في الانتخابات، لأن التأييد الذي يحظى به الليكود من فئات كبيرة من الشعب منشأه شعور الانتماء القبلي ).

في طفولتي كنت نصيرا متحمسا لفريق كرة القدم «هبوعيل رمات غان». صرخت بأعلى صوتي في كافة ملاعب الفريق. عندما كنا نسجل هدفا، كانت روحي ترفرف إلى مستويات عليا من السعادة الروحية. إذا دخل في مرمانا هدف كان قلبي يرزح تحت ثقل وكأنني شاهدت تفسيرات النبوءة الأربع للكارثة التي تخيم على الملعب في غفعاتايم. بعد ذلك قل اهتمامي بكرة القدم. وصارت الألعاب تبدوا لي عديمة الجدوى ومرفوضة إلى حد ما، وخصوصا عندما أنظر إلى الجمهور المستثار، والذي انتميت إليه ذات مرة. فريقي احتل مكانا عديم القيمة في مكان ما من الفئة الثانية، ولم أعد أحفظ اسماء لاعبيه ومدربيه، وتحول إلى ذكرى بعيدة. ومع ذلك، بعد نهاية أسبوع من اللعب، فإن المعلومة الأولى التي افتش عنها في الجريدة تتعلق بمصير فريقي: هل تغلبنا على فريق «هاكوح حيلزون» أم هزمنا لا سمح الله، أمام «مكابي شبلوليا»، والذين سرقوا منا الفوز جزافا لأن الحكم كان إبن زانية.

هذه الظاهرة الغريبة يدعونها الانتماء القبلي. هذه عصبية ليست ذات ارتباط بشيء أي كان. مضمون الفوائد القبلية، إذا وجد شيء كهذا، لا يقدم ولا يؤخر. هذا ولاء يستند على مشاعرالانتماء، وليس على عدالة الطريق. فيما مضى عبر أبناء القبيلة الواحدة عن انتمائهم من خلال وجود أب قديم مشترك، أمَّن لهم أواصر القربى، وفي حالة غياب أب إنساني، حل مكانه حيوان (طوطم). القبلية هي الظاهرة المشتركة لكافة الثقافات القديمة. أما المجتمعات المعاصرة فقد غيرت دوافعها عبر التكتل في مجموعات من مؤيدي الفرق الرياضية، وكهنة الدين، أو تتبع شخوصا كاريزمية. الرغبة في الانتماء تشير إلى أفضلية التطور التي تنص على العيش ضمن مجموعات.

حزب الليكود هو نوع من القبيلة، لقد فاز في الانتخابات وسوف يفوز مجددا طالما لم يغير منافسوه أسلوبهم الدعائي. ذلك أن الليكود نجح في منح ناخبيه مشاعر الانتماء. لم أسمع أبدا شخصا ما يقول أنه انتخب الليكود لأنه متأثر من سياسات نتنياهو الاجتماعية. مقابل ذلك سمعت عشرات التصريحات التي تقول «أنا ليكودي بالدم». هذا انتماء، يا أهبل، وليست سياسات.

لذلك، القول بأن إدارة مقرات رئيس الوزراء وسارة نتنياهو سوف تترك أثرا على الناخبين هو مثل يؤثر بي القول أن لاعب الفريق المفضل لدي تهرب من ضريبة الدخل.

هل هذا كاف كي أكف عن الاهتمام بفريقي؟ ما العلاقة بين هذا وذاك؟ ذات الأمر يحدث في القضايا الأكثر جدية: هل وصل الوضع السياسي للدولة درجة من الانحطاط لم يسبق له مثيل؟ صحيح. وماذا يعني؟ هل نسبة كبيرة من سكان الدولة يعيشون تحت خط الفقر بمن فيهم الأولاد، في حين أن السياسة الحالية لا تفتح أمامهم حتى ولو شقا من الأمل؟

هزة خفيفة في الجناح. هل وسائل القتال الحديثة تتسرب إلى أيدي اعدائنا وتعرض فرص بقائنا في ميدان القتال المستقبلي للخطر، ولهذا فإن أملنا الوحيد موجود فقط في السلام؟ هل هذا كلام جاد؟ كل شيء سيكون بخير. الضغط الخارجي لرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما أو أي كان غيره لن يغير نتائج الانتخابات. الضغط على الفريق المتحكم داخل الليكود سيؤدي فقط إلى رص الصفوف. صدق نتنياهو، من وجهة نظره،عندما قرر الذهاب إلى واشنطن لتلقي البصاق.

كي نفك العلاقة بين قيادة الليكود وبين ناخبيه لا يجب أن نسير في طريق العقل، ولكن في طريق العاطفة. لا داعي للإشارة في كل مرة إلى فشل الحزب على وجه التقريب في كافة المجالات. الخطوة الأولى يجب أن تكون دراسة المسيرة التي دفعت كل هذا الجمهور من بيت إسرائيل كي يلتف حول الليكود، وارتبطوا معه بروابط الانتماء. في اعتقادي بأن الخطوة الحاسمة تغذت من شعور التمييز، والذي ولد في زمن حكم ماباي التاريخية. فالتضامن الذي وجد طريقه نحو الليكود ليس تضامنا لأناس قوميين. فعلى الرغم من أن الليكود حزب قومي، وقادته شديدو القومية، لكن الناخبين القوميين الحقيقيين يتسربون خارجه، إلى الحواف المؤيدة للفاشستية.

تضامن المضطهدين لا يحمل كذلك طابعا توراتيا. يوجد لليكود طابع توراتي، صحيح، لكن البذرة الصلبة للأصولية الدينية تجد لها بيوتا أكثر دينية خارج الليكود. الشخصية الانسانية لمؤيدي الليكود هي شخصية إنسان عادي عزَّ عليه أن المجتمع تنكر له واحتقره، وهكذا ولد لديه الشعور ـ غير الصحيح ـ بأن صعوباته جاءته من الآخرين، الشبعانين، الماباينكيم، النخبة، أولئك الذين لهم كافة طيبات البلاد ولا يريدون مشاركة أحد.

لكن الحياة عبارة عن عجل يدور وهناك ما انعكس: الليكود المعاصر هو ماباي التي كانت ذات مرة. زعاماته «اشكنازيم لطفاء»، ينظرون إلى بسطاء الشعب باعتبارهم خطرا ثقافيا. على رأس الحزب يقف شخص لا يخجل من طلب أن يبنوا له غرفة نوم في رحلة قصيرة بالطائرة إلى لندن، وبتكلفة كان بوسعها إعالة الله أعلم كم عائلة. شركاؤه الإئتلافيون يخضعون للتحقيقات بتهم سرقة أموال الجمهور ناهيك عن التشهير. الليكود تحت زعامته تحول إلى زمرة من لاحسي بوظة الفستق، هم بذلك يعكسون صورة مرآه مشوهة لمجموعة عجائز ممن يجبرون على الاختيار بين الطعام والدواء، وأمهات خارج الزواج يائسات، والإهمال التام في منظومة الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي. يدفعون كي يحصلوا عليها من احترامهم الإنساني، في أملهم بحياة طيبة وبالدم. لقد آن الأوان لبناء حلف مظلومين جديد.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

بوادر ربيع إسرائيلي

بقلم: دفني ليف، عن معاريف

المضمون: (يقول الكاتب إنه إذا لم يكن هناك انخفاض في أسعار السكن فسوف يكون هناك احتجاجات جدية في إسرائيل وسيخرج الإسرائيليين إلى الشوارع).

294 صفحة من تقرير مشفوع بالقرائن والبينات. حول مشكلة السكن عن مسؤولية الحكومة في العقد الأخير عن تفاقم المشكلة وعن الاحتجاج الاجتماعي، وأيضا حول العقبات والانجازات غير الكافية في أعقاب الاحتجاج من قبل وزارات الحكومة والسياسيين الذين يجلسون فيها التي يتوجب أن تكون المركز العصبي والقلب النابض للمجتمع الإسرائيلي.

قرأت التقرير وبعد ذلك بدأت بقراءة ردود واستنتاجات الأحزاب المختلفة. حزب الليكود أصدر ردا مقتضبا، يوجد مستقبل يواصل تمسكه بضريبة قيمة مضافة صفر وبإلقاء المسؤولية على الآخرين، الأحزاب التي ما زالت في المعارضة تقوم بما قامت به طوال الولايات السابقة ـ تتحدث عما سيفعلونه بطريقة مختلفة.

لكن هذا التقرير ليس وسيلة لمناكفة السياسيين، هو وثيقة حول تهديد وجودي حقيقي. خطر على البقاء الاقتصادي، حول انهيار عائلات الطبقة الوسطى. هناك خوف من دوام وضع تكون فيه الطبقات الضعيفة تناضل من أجل البقاء في ذلك اليوم، ولا نريد الحديث عن إنهاء الشهر. الجيل الشاب الذي ليس له احتمال أن يمتلك شقة فقط، بل أن يبني حياته بدون مساعدة من البيت أو أن يغرق في الديون.

في هذه الدولة هناك أشخاص يعملون لهم تقليصات وهناك من يتلقون تخفيضات في البناء. هناك من يعتقدون أن الوضع الاقتصادي هنا ممتاز ولا توجد لديهم مشكلة في السكن. ليس عليهم القلق من أي حساب أو المطالبة بدفع ما عليهم.
لا يعنيني ما يوجد لدى السياسيين لقوله في هذه المرحلة حول هذا الموضوع، فكلهم يعرفون الكلام ويعرفون كيف يلقون المسؤولية عن أنفسهم وينشغلون في الاتهامات. كلهم يتحدثون وكأنهم قاموا بتشخيص المشكلة، وكأنهم يعرفون أفضل من غيرهم. لكن الحقيقة هي أن الواقع يعبر عن نفسه بصورة أكثر دقة. ربما يجدر بالسياسيين بدلا من الحديث بدون توقف أن يصغوا. أن يصغوا وبعد ذلك يعطوا تعهدا بسيطا بألا يهدأوا، وأنهم سيقلبون كل طاولة، وأنهم سيدرسون الموضوع بعمق ويعملون معا ـ معا، معا ـ من أجل أن يتحرك شيء ما، هنا من أجل المواطنين. المواطنون الذين هم الدولة، الذين يدفعون رواتبهم.

هذه الانتخابات لا تعرض روح جديدة أو اهتمام صادق لمن يسكن هنا. من يختار الدخول إلى السياسة يحصل على الفترة المخصصة له في التلفاز، والراتب، والاحترام ومركز التأثير من أجل أن يعمل. هذه الروح تظهر بأنه لا يتم عمل ما يكفي، وبأن هناك إهمالا حتى في هذا الموضوع الذي هو أساسي وحاسم لنا جميعا.

مكاتب العلاقات العامة تعمل ساعات إضافية لصالح المرشحين، تُعدهم للنقاش في البث المباشر، تعلمهم كيف يتحدثون ويتمسكون برسائلهم الموجهة للجمهور. ليس عبثا أن نتنياهو تقريبا لا يتكلم. ماذا سيقول؟ الحديث يجري عمن عمل كل ما كان في وسعه أن يعمله لتقليل الاحتجاج الاجتماعي، عمن هو غير مستعد لتحمل المسؤولية والاعتراف بأنه لم يفعل ما يكفي. عمن لا يتكلم بشكل مباشر إلى الجمهور، عمن منذ فترة طويلة لا يتجول ومعه محفظة نقود وهو مشغول تماما بالخطاب في الكونغرس الأمريكي في الأسبوع القادم. هذا سيمر، يقولون له هذا بيقين. سيُخرجون غضبهم، وعندها سنعود للحديث عن إيران. لا أعرف كم من الوقت يريد أن يبقى نتنياهو في السياسة، لكن هناك احتمال أن يكون إرثه هو إسرائيل التي يعاني سكانها من مشكلة السكن والمليئة بمدن الصفيح. العنوان كان على الحائط، والآن هو مكتوب بالتفصيل في تقرير المراقب.

ليكن واضحا: إذا لم يكن هناك حل ولم تبدأ الأسعار بالانخفاض والتخفيف من ارتفاع مستوى المعيشة، فسيكون هناك خروج ثانٍ إلى الشوارع ـ هذه المرة سيكون بشكل مختلف تماما عما كان عليه في 2011.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

التهديد الوجودي الجديد

بقلم: آري شفيت، عن هآرتس.

المضمون: ( يقول الكاتب أن إسرائيل تعاني في هذه الفترة من مشكلة مع حلفاءها الخارجيين، وكذلك مع عدة منظمات دولية إنسانية، وحذر الكاتب من ذلك وقال أن هذا بحد ذاته تهديد وجودي).

يشعر معظم الإسرائيليين ـ وعن حق ـ بأن التهديد الوجودي الحقيقي الذي يحوم فوق رؤوسهم هو أسعار السكن. وبالفعل، فإن دولة غير قادرة على أن تسمح لشبابها بشراء شقة معقولة بثمن معقول هي دولة مفلسة.

السؤال من هو المذنب أكثر ـ ايهود اولمرت، بنيامين نتنياهو، يئير لبيد أو أوري أرئيل ـ ليس سؤالا مثيرا للاهتمام. السؤال هو كيف يحتمل أن قرابة عقد من الزمان لم تتمكن الساحة السياسية من مواجهة مشكلة أساسية يعرفها الجميع ويشعر بها الجميع.

السؤال هو لماذا لم تنجح إسرائيل السمينة والشبعة لسنوات الألفين في أن تعمل ما عملته إسرائيل الجوعى للخمسينيات ـ أن تبني لمواطنيها مئات آلاف الشقق. خلافا للتقرير السابق لمراقب الدولة، فإن تقريره الحالي هو تقرير هام جدا يعنى بموضوع حرج. والحكومة الجديدة التي ستقوم هنا قريبا ستكون ملزمة بأن تبادر إلى مشروع وطني يقدم جوابا شاملا وجذريا لأزمة السكن.

يشعر بنيامين نتنياهو ـ وعن حق ـ بأن البرنامج النووي الإيراني هو التهديد الوجودي الذي يتعين على إسرائيل أن تخاف منه. لقد كان نتنياهو من أوائل من فهموا بأنه إذا ما تحولت إيران إلى نووية فإنها ستلقي بظلال جبارة على مستقبل إسرائيل ووضع النووي الإيراني في رأس جدول الأعمال الأمني والدولي. والخيار العسكري الذي دفعه إلى الأمام كان بقدر لا بأس به نجاحا سياسيا: فقد أجبر الغرب على اتخاذ سياسة حازمة تجاه إيران في عامي 2011 ـ 2012.

ولكن، بعد ست سنوات من دخول نتنياهو مكتب رئيس الوزراء، فإن السطر الأخير هو الفشل. فلما لم يكن نتنياهو سخيا في الموضوع الفلسطيني وسحق الشرعية الدولة لإسرائيل ـ فإن العالم لم يعد ينصت لأقواله الصحيحة في الموضوع الإيراني. ولما لم ينجح نتنياهو في العمل مع الإدارة الأمريكية بل عمل ضد الإدارة الأمريكية ـ فإن الإدارة الأمريكية تفضل اليوم طهران على القدس. ليست إيران هي المنعزلة ـ بل إسرائيل.

والسبب في أن رئيس الوزراء يوشك على إلقاء خطاب تحذيري ويائس في الكونغرس الأمريكي هو أنه نفسه يعرف بأنه خسر في اللعبة. عندما تكون القوة العظمى الشيعية هي قوة عظمى على حافة نووية يرحب رئيس الولايات المتحدة بها ـ فإن التهديد الإيراني حقيقي، قريب ويجمد الدماء أكثر من أي وقت مضى.

ولكن يحدق بإسرائيل اليوم تهديد وجودي جديد لا يعطي لا الجمهور الإسرائيلي ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي الرأي فيه. فمنذ تأسست حرصت الصهيونية على أن يكون لها تحالف مصالح مع قوة عظمى. بداية كانت هذه بريطانيا، بعد ذلك فرنسا، بعد ذلك الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت حرصت الصهيونية على أن تكون تتماثل مع القوى التقدمية في العالم ـ المؤمنون بالديمقراطية، بالعدالة الاجتماعية وبحقوق الانسان.

هذان المبدآن في السياسة الصهيونية سمحا لإسرائيل بأن تنشأ، تعيش وتزدهر. ولكن في السنوات الأخيرة تآكل هذان المبدآن. إسرائيل نتنياهو وبينيت تخدم أعداءنا وتسحق صخرة وجودنا: الحلف مع الغرب. إذا لم تتحقق قريبا انعطافة دراماتيكية في السياسة الإسرائيلية، فمن شأننا أن نكتشف بأن أفضل أصدقائنا يديرون لنا ظهر المجن. لا، لن يكون تسونامي سياسي. سيكون تسلل تدريجي ومواظب للمياه العكرة إلى داخل السفينة الإسرائيلية، التي من شأنها أن تنزلها إلى القاع رويدا رويدا.

إن الحركة المتسعة التي تتخذ لها شعارا «إلا بيبي» تفعل كل شيء كي تستخلص الحد الأقصى من تقرير المراقب وتعظيم التهديد الوجودي الداخلي. أما الحركة المتقلصة التي تتخذ لنفسها شعار «فقط بيبي» فتفعل كل شيء كي تستخلص الحد الأقصى من الخطاب في الكونغرس وتعظيم التهديد الوجودي الإيراني. ولكن حان الوقت لأن يفتح مواطنو إسرائيل عيونهم ويروا جبل الثلج المتعاظم للتهديد الوجودي الجديد. لن يكون لنا مستقبل إذا لم نستأنف على الفور الحلف القيمي والإستراتيجي مع الولايات المتحدة والعالم الحر.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

بين مرونة واشنطن وتصلب طهران

المصدر: بوعز بسموت، عن إسرائيل اليوم
المضمون: ( يقول الكاتب أنه بالرغم من الليونة التي أبداها الأمريكان مع إيران، إلا أن إيران لا زالت تظهر تشددها وتمسكها بمواقفها).

في المقال الافتتاحي لـ «نيويورك تايمز» أمس حول الاتفاق المتبلور مع إيران جاء أنه «حتى نهاية آذار سيقوم الطرفان ببلورة اتفاق اطار وسيتم التوقيع على الصيغة النهائية في حزيران» .«ليس هناك ضمانة لذلك، لكن هذه الأنباء تُمكننا من الأمل بالتوصل إلى اتفاق بالطرق السلمية بشأن البرنامج النووي الإيراني«.

في هذه الأثناء الأجواء في إيران مختلفة: على خلفية التقارير حول التقدم في المحادثات فقد بدأت إيران بمناورة عسكرية كبيرة. يبدو أنهم لم يسمعوا عن النية باعطائهم شهادة حسن سلوك، وخلال المناورة اختاروا إغراق سفينة تشبه حاملة الطائرات الامريكية "نايمتس".

الأمريكيون، كما هو مفهوم، لم يتأثروا من إغراق تلك الوسيلة البحرية، يمكن لها بهدوء «أن تندمج جيدا داخل فيلم هوليوودي»، قال المتحدث باسم الأسطول الخامس الأمريكي الموجود في البحرين.

في واشنطن تعاملوا بتساهل مع الخطوة الإيرانية رغم أن المناورة أجريت بالقرب من مضائق هرمز التي كانت تتصدر العناوين قبل ثلاث سنوات حينما هددت إيران بإغلاق هذا الممر ذي الأهمية الاستراتيجية الأمر الذي جر في أعقابه توترا بين طهران وواشنطن. لكن ليست هذه مشكلتنا في هذه المرة؛ ليست المناورة بل أكثر منها العملية الإيرانية الرمزية. في الوقت الذي تُعد فيه واشنطن لإيران الأرضية للعودة إلى أسرة الشعوب فإن طهران اختارت إغراق «وسيلة بحرية أمريكية» وكأن شيئا لم يتغير منذ 1979.

الأمر المقلق هنا هو التراجع الأمريكي أمام الإيرانيين. مسموح لنا التساؤل من هنا يتصرف وكأنه دولة عظمى ومن يتصرف كواحد لديه ما يخسره؟.

بدلا من أن يكون الإيرانيون هم الذين يتراجعون ويتوسلون للتوصل إلى اتفاق ولرفع العقوبات الاقتصادية، نجد أنهم هم الذين يهددون والذين يواصلون التصرف كثوريين إيرانيين.

خلال الاحتفال الذي سبق المناورة العسكرية جلس زعماء المحافظين في النظام وقادة الحرس الثوري الذين يتزعمون الخط المعارض للاتفاق مع الغرب وأسمعوا تصريحات متبجحة. بالضبط في الوقت الذي يُظهر فيه الأمريكيون المرونة فإن إيران تُظهر التصلب، وربما ليس بالضبط، ولكن بسبب.

تتوق إيران إلى التوصل إلى اتفاق يكون جيدا لها من كل النواحي (وسيء لنا): رفع العقوبات الاقتصادية، الحفاظ على الاحترام وروح الثورة، وإذا كان بالإمكان أيضا القنبلة. في الأيام العادية فإن رياح الثورة الإيرانية لم يكن بإمكانها أن تقف ولو للحظة واحدة أمام رياح الحرب الأمريكية. ولسبب ما فإن عواصف غربية لم تعد تهب من جهة الخليج العربي.