Haneen
2015-03-14, 11:05 AM
في هذا الملف:
نتنياهو والتهرب المتواصل من عملية السلام
حديث القدس عن أسرة تحرير القدس
علامات على الطريق - في دروب المواجهة
بقلم : يحيى رباح عن الحياة الجديدة
مدارات - مسرحية سوداء
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
مهمة واحدة وحيدة لجدول أعمال المجلس المركزي !!
بقلم : هاني حبيب عن الأيام
المجلس المركزي أمام قرارات مفروضة
بقلم : علي جرادات عن الأيام
نتنياهو والتهرب المتواصل من عملية السلام
حديث القدس عن أسرة تحرير القدس
<tbody>
يقول الكاتب أنه مهما طال الزمن سيصل الشعب الفلسطيني عاجلا أم آجلا إلى أهدافه وستذهب كل المناورات ومحاولات التهرب أدراج الرياح مهما تعددت وتفنن نتنياهو وحكومته في إعدادها إخراجها وتنفيذها على المسرح الأميركي والدولي عامة.
</tbody>
منذ تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه في العام ٢٠٠٩، فقد وضع أجندته السياسية على أساس تجاهل الحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، وحول حل الدولتين الذي أطلقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى حبر على ورق، من خلال تكثيف الاستيطان وإفراغ المحادثات مع الجانب الفلسطيني من أي محتوى أو فعالية.
ومن بين تكتيكات نتنياهو التي اعتمدها خلال هذه الفترة التركيز على ما يسميه بالخطر النووي الإيراني. ولسنا هنا في معرض تقييم هذا الخطر، لأن ما يهمنا بالدرجة الأولى والأخيرة هو إنهاء الاحتلال والاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود العام ١٩٦٧، وتأثير التركيز على الموضوع النووي الإيراني من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي، وجعله الشغل الشاغل للحكومة الاسرائيلية، على ما تسمى بعملية السلام وتحريك هذه العملية المحتضرة منذ وقت طويل.
وهناك تناقض لا يخفى على أحد في شطب الموضوع الفلسطيني من أجندة نتنياهو السياسية من جهة، وتضخيم المسألة الإيرانية النووية من الجهة الأخرى. فلا علاقة بين الموضوعين لأن من الممكن الاهتمام بحل القضية الفلسطينية مع الاهتمام بالموضوع الإيراني في الوقت نفسه، بل ربما يكون إنجاح عملية السلام أمرا مقنعا للعالم الخارجي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي رجل يهتم بالحلول السلمية، وليس بتكريس الاحتلال والاستيطان تحت يافطة وجود خطر "وجودي" على إسرائيل من جانب طهران وبرنامجها النووي.
والخطاب الذي ألقاه نتنياهو بالأمس أمام مجلسي الكونغرس، دون تنسيق مع الإدارة الأميركية وفي استهانة واضحة بها وفقا للمصادر الأميركية نفسها، ليس فيه إشارة للقضية الفلسطينية تستحق الذكر، كل ما فيه هو رفض لأي تسوية دبلوماسية قد تتوصل إليها الإدارة الأميركية والدول الأخرى المعنية لحل موضوع البرنامج النووي الإيراني، ومحاولة لإقناع المشرعين الأميركيين بأن الحل العسكري هو وحده الكفيل بإنهاء هذا الملف، بالطريقة التي تريح نتنياهو وائتلافه الحكومي اليميني، الذي يسعى من خلال هذا الخطاب لاجتذاب أصوات الإسرائيليين لحزبه والمتحالفين معه في الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة- وهذا هو التحليل الذي يراه مراقبون إسرائيليون وأجانب لما يكمن في خلفية زيارة نتنياهو لواشنطن، وخطابه أمام الكونغرس.
والسؤال الذي يطرح نفسه، وما يزال مطروحا خلال السنوات الست الماضية، هو :لماذا يتهرب رئيس الوزراء الاسرائيلي عامدا من الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ويُفشل أي مفاوضات سلمية مع الجانب الفلسطيني بالتمسك بالاستيطان وتكثيف الاستيطان، ورفض التقدم بخريطة لحدود الدولة الفلسطينية التفسير الوحيد لهذا التهرب هو التشبث بالاحتلال والعمل الممنهج من جانب حكومته على تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخلق قضايا تشغل العالم عن الموضوع الفلسطيني وهو الأساس الذي يفترض أن تتم معالجته وتسويته في أقرب الأوقات، وليس وضعه في الثلاجة إلى أجل غير مسمى، بل ربما محاولة دفنه والتخلص منه مرة واحدة وإلى الأبد.
وما يجب التأكيد عليه هو أن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من الصعاب التي يواجهها، والحصار المفروض على قضيته الوطنية وانحياز القوى الدولية الكبرى لصالح اسرائيل، فإن هذا الشعب متمسك بحقوقه الثابتة، ولن يتراجع عن السعي بكل الوسائل المشروعة لتحقيق تطلعاته مهما طال الزمن وكثرت العراقيل والعقبات في طريقه. وسيصل عاجلا أم آجلا إلى أهدافه وستذهب كل المناورات ومحاولات التهرب أدراج الرياح مهما تعددت وتفنن نتنياهو وحكومته في إعدادها إخراجها وتنفيذها على المسرح الأميركي والدولي عامة.
علامات على الطريق - في دروب المواجهة
بقلم : يحيى رباح عن الحياة الجديدة
<tbody>
يوضح الكاتب مدى الضغوط في مواجهة تنفيذ قرارات الشرعية الفلسطينية ويقول رغم هذه الصعوبة الخارقة، فقد عادت إسرائيل رغم انف كل متعصبيها إلى الاعتراف بان الهاجس والكابوس هو الوجود الفلسطيني والحضور الفلسطيني.
</tbody>
أهلا وسهلا بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دورة عادية صباح هذا اليوم في مدينة رام الله، فهو الإطار الوحيد من إطارات الشرعية الفلسطينية الممكن انعقاده الآن حيث الاطار الام وهو المجلس الوطني ليس من السهل انعقاده الان بسبب ظروف المنطقة وما اصاب الفلسطينيين من مآس، اما المجلس التشريعي فهو مستمر في حالة الموت السريري منذ الانقلاب والانقسام قبل اكثر من سبع سنوات.
المجلس المركزي سيطل وجها لوجه على الحالة التي نعيشها فلسطينيا منذ سنوات حين تعثرت المفاوضات، وفي السنوات الأربع الأخيرة التي توسعت فيها رقعة الإحداث العربية التي خلقت واقعا غير مسبوق من الارتباك العربي الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد الضياع، وما يجره ذلك من تأثيرات سلبية على القضية الفلسطينية، لدرجة أن قاموسا كاملا من اللغة السياسية التي تحدثناها عبر نصف قرن لم يعد نافعا اليوم ولو بالحد الادنى.
ولكن المواجهة الأقسى التي نعيشها تبلورت في العام الاخير منذ الاعلان عن بداية تنفيذ المصالحة في نهاية شهر نيسان العام الماضي حسب اتفاق مخيم الشاطيء وتشكيل حكومة التوافق، وذهابنا الى مجلس الامن ومنصات القضاء الدولي، فقد بدأت مرحلة التهديدات الاميركية والاسرائيلية، وهي تهديدات يتم تنفيذها على الفور، واعلن كل طرف في هذه المواجهة عن برنامجه، فنحن نريد صياغة علاقتنا مع اسرائيل بشكل جديد، لا علاقة مع الاحتلال ولا تحمل ادنى مسؤولية نيابة عن الاحتلال، والذهاب قدما الى مرجعية جديدة لا يكون فيها الاحتلال الاسرائيلي هو الخصم والحكم كما تريد السياسة الاميركية.
وفي مواجهة هذا الحق البديهي فان اميركا كشفت عن انحيازها الاعمى لاسرائيل، وقفت في وجهنا صراحة في مجلس الامن تحت يافطة «من المبكر لاوانه» ووقفت ضدنا بالذهاب الى منصات القضاء الدولي، وهددت بقطع المساعدات، والضغط على الدول الاخرى التي يمكن ان تمنحنا صوتها.
اما على المستوى الإسرائيلي فالمواجهة شاملة، حرب الواحد والخمسين يوما، جنون الاستيطان وتهويد القدس، وسرقة اموالنا علنا، وموجات الاعتقال بما في ذلك الأطفال وتعذيب أسرانا إلى حد قتلهم في السجون بل والتلويح بحرب جديدة.
رغم هذه الصعوبة الخارقة هناك اضاءات كثيرة، فقد عادت إسرائيل رغم انف كل متعصبيها إلى الاعتراف بان الهاجس والكابوس هو الوجود الفلسطيني والحضور الفلسطيني وصلابة القرار الفلسطينيي، قبل سنة كان اليمين الاسرائيلي الحاكم يشيع ان القضية الفلسطينية انتهت واجتاحها الخريف العربي بفواحشه الكثيرة، سواء بقبول الاخوان المسلمين بأن يكونوا طرفا مع اسرائيل في انهاء القضية ودفنها في سيناء من خلال وهم تافه، او من خلال ان هذا الخريف العربي الطويل كشف عن حجم الخراب الذي كان قائما في العديد من مفردات النظام الاقليمي العربي، وحجم الخطط التي كانت معدة سلفا للتوحش الدولي وجزء رئيسي منه التوحش الاسرائيلي.
نحن في اوج المواجهة، ويجب الاعتراف بأن ما حدث كان يفوق توقعاتنا، فمن ذا الذي كان يتوقع فداحة هذا الانقسام ورهان حماس ومعها الاسلام السياسي كله على هذا الانقسام؟ لدرجة اننا ما ان نتقدم مترا واحدا في المصالحة حتى نعود الى الوراء الف فرسخ جديد، لدرجة ان حماس ادخلتنا في استعصاءات جديدة في المنطقة، انظروا الى ردة فعل حماس على حكم المحكمة المصرية، كأنها كانت تنتظره لتتخذ منه ذريعة للنكوص عن ابسط الحقائق، ويعرض قطاع غزة على انه رهينة ليس الا !!! وكيف ان كل حديث عن المصالحة اصبح حديث الجنون.
وفي المواجهة نكتشف بقسوة قلة الامكانيات، وهامشية القرارات اليومية التي تؤخذ حين صدورها بضجيج كبير وتموت حين التنفيذ بصمت رهيب !!! ونتأكد الآن ان علينا فلسطينيا اولا ان نجتاز العتبة الاصعب والاختبار الاصعب، ان نستنفر قدرتنا على الصبر، وان ندير حياتنا في المواجهة بدرجة عالية من الابداع.
في دروب المواجهة الصعبة يجب ان ننجح، ان ننحاز الى انفسنا، ان نخرج من الايقاع العادي، فالعدو يصلب خطته ويشهر اسلحته ويستنفر امكاناته على المكشوف، ولا خيار امامنا سوى الصمود والنجاح، وربما ان المنطقة كلها برغم رزاياها بحاجة الى نجاحنا لتدخل في ميلاد جديد.
مدارات - مسرحية سوداء
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
<tbody>
يشبه الكاتب خطاب نتنياهو في الكونجرس بأنه كلام فارغ وبلا منطق، ويقول فلا ايران أنتجت النووي، ولا هي تريد الحرب، ولا نتنياهو يكره الحرب. وليست هناك دولة في المنطقة، سوى إسرائيل، أنتجت السلاح النووي في المنطقة وسمته سلاحاً رادعاً.
</tbody>
فكرة القلق على الوجود، هي نبراس سياسة إسرائيل الرافضة لإنهاء آخر احتلال عسكري في التاريخ وفي العالم، والمعادية بالممارسة لفكرة السلام من حيث المبدأ. ففي استطراد لتسويق هذه الفكرة، أمام كونغرس أميركي ينظر معظم أعضائه للمنطقة العربية، بغريزته وبسطحيته؛ أراد نتنياهو استدرار العطف، فتحدث عن حرب يريد أن يتحاشاها، ولا نعلم أية حرب هذه التي يقصدها هذا الممثل الرديء الذي يقود تياراً يؤسس للكراهية وللتطرف وللحروب المديدة في المنطقة العربية؟!
يتقمص أمام الكونغرس دور الحكيم الجانح الى السلم، فيقول «ان الصفقة التي وضعت، بين مجموعة 5 زائد 1 وطهران، ستؤدي حتماً الى ايران نووية والى الحرب»، ثم يمضي قائلاً بلغة الناصحين العقلاء المعادين للحروب: «ان بديل هذه الصفقة ليس الحرب مثلما يعتقد البعض، وانما هو صفقة أفضل»!
بالطبع لن يكون من بين مؤيدي نتنياهو في الكونغرس من يشغّل عقله، لكي يختبر مدى علاقة ما يقوله نتنياهو بالمنطق. فايران لم تذهب حتى الآن الى انتاج سلاح نووي. ومجموعة الدول العظمى مع ألمانيا، عندما تتفق معها، ليست غبية ولا متعاطفة مع ايران، ولا متساهلة بخصوص أمن اسرائيل، وليس نتنياهو هو الذكي والمتطير الوحيد من نمو القوة الايرانية والحريص الوحيد على أمن اسرائيل. وفضلا عن كون هذا الكلام، يسبق الانتخابات الاسرائيلية بنحو ثلاثة أسابيع، ويريد نتنياهو أن يعزز القوة الانتخابية له وللتيار المتناغم معه؛ فانه وهو يكذب ويتشكى، يريد أن تهرول البلدان الكبرى الخمسة لاسترضائه، فيربح انتخابيا ويتبدى كجلاب مزيد من عناصر الدعم لاسرائيل لتهدئة روعها المفتعل كذباً، في الوقت الذي أحس العالم كله، أنها تسد آفاق التسوية وأنها هي سبب تهديد الاستقرار في المنطقة الأهم في العالم، وأنها تجثم على أرض شعب آخر، له حقوق ومظلوم تاريخياً. انها مسرحية سوداء لن يكلف عضو من الكونغرس نفسه، تفنيدها أو الاعتراض على حبكتها. ولنأخذها من الناحية الفنية أو الاستراتيجية أو الميدانية، ونفترض أن ايران نووية فعلاً؛ ألا يعلم هؤلاء أن ايران لن تستخدم النووي لكي تضرب أرضاً تتداخل فيها حياة المحتلين والمحتلة أراضيهم، لكي لا يبقى بشراً يسكنون أراضي فلسطين التاريخية؟ أليس هؤلاء الذين يحتلون أراضي الضفة، هم الذين يتذرعون بضيق المسافة بين الجبل والبحر؟! وكيف يصدقهم السذج عندما يتحدثون كما لو أنهم وحدهم على أرض فلسطين، وكما لو أن جوارهم العربي بعيد، بمياهه وهوائه وتجمعاته السكنية التي ستتأثر من أية قنبلة نووية؟! مرة يتذرعون بالتداخل بيننا وبينهم لكي لا يخلعوا من أرضنا، ومرة يتحدثون كما لو أنهم خائفون فعلاً من نووي يطالهم هم ولا يطالنا. فعندما ــ افتراضاً ــ تضرب ايران، وتتجاوز عن مخاطر أن تُضرب من الجميع في الغرب؛ أية قضية تكون أرادت طهران الانتصار فيها أو قضية مَن ستكون، ان كان الجميع سيتأذى؟!
ما يقوله نتنياهو كلام فارغ وبلا منطق. فلا ايران انتجت النووي، ولا هي تريد الحرب، ولا نتنياهو يكره الحرب. وليست هناك دولة في المنطقة، سوى اسرائيل، أنتجت السلاح النووي في المنطقة وسمته سلاحاً رادعاً. ولماذا تستبد بها فكرة الردع النووي؟ لأنها هي التي تناهض كل من يبتغي منع الحرب ويتوخى السلام. خطاب نتنياهو، جاء كمجرد تكثيف لخطاب التدليس والعنصرية ولمقاصد الحرص على أن تخلو المنطقة من الأقوياء، باستثناء دولة المشروع الصهيوني التي سممت المنطقة وأنفلتت عليها وأفلتت العنف وأسست لبغضاء عميقة ومديدة!
مهمة واحدة وحيدة لجدول أعمال المجلس المركزي !!
بقلم : هاني حبيب عن الأيام
<tbody>
يحث الكاتب أعضاء المجلس المركزي بالتصدي لكل الملفات، التي تبدأ من إعادة إعمار قطاع غزة، مروراً بفشل الرهان على التسوية السياسية، ودون أن تنتهي بإنهاء ملف الانقسام إلى مصالحة فلسطينية داخلية جادة ومستمرة ونهائية.
</tbody>
وأخيراً، وبعد سبات طويل، كاد ينسينا أن هناك مجلساً مركزياً للمنظمة المنسية، منظمة التحرير الفلسطينية، في بعض الأحيان، أن تأتي متأخراً هو أكثر سوءاً من أن لا تأتي أبداً، عكس القول الشائع، ذلك أن الحضور المتأخر، ربما يؤدي إلى فقدان الأمل، مع ذلك، فإننا سنكرر ما اعتدنا عليه في كل مناسبة، أو مؤتمر أو اجتماع، أي ان هذه الدورة المتوقع انعقادها قريباً جداً، تأتي في ظل "ظروف صعبة، خطيرة بالغة التعقيد والخطورة" ونظراً لتكرار هذه التوصيفات بشكل دائم، لم يعد لدي ما أزيد على توصيف مكرور متكرر للحالة الفلسطينية الراهنة التي ينعقد فيها مجلسنا المركزي في دورته الأخيرة المتأخرة جدا.
وربما ينظر لهذه الدورة باعتبار الحاجة الماسة إلى معالجة ملفات عديدة بالغة الصعوبة، تبدأ من إعادة إعمار قطاع غزة، مروراً بفشل الرهان على التسوية السياسية، ودون أن تنتهي بإنهاء ملف الانقسام إلى مصالحة فلسطينية داخلية جادة ومستمرة ونهائية، ملفات عديدة كان يمكن لهذه الدورة معالجتها، وكل ملف بحاجة إلى كثير من الجهد والعمل والمثابرة، والأهم من ذلك، الكثير من حسن النوايا، ولأننا لا نعتقد بقدرة المجلس المركزي سواء في هذه الدورة أو غيرها، معالجة أي من هذه الملفات معالجة ناجحة، فإننا ندعوه إلى عدم التصدي لأي من هذه المشكلات والملفات، ونعلم سلفاً أنه لن يصغي إلى ما ندعو إليه، على الأقل فإن المجلس في هذه الدورة، أو هذه "الورشة" إن صح التعبير لن يجد أمامه سوى الوقوف أمام هذه الملفات، لتبرير انعقاده أولاً، ولأن البيان الختامي كالمعتاد، قد تم إعداده متناولاً "الدعوات" لحل هذه المشكلات والملفات!!
يجب على أعضاء المجلس المركزي التصدي لكل هذه الملفات، كي يتصدى لملف واحد وحيد، من شأنه في حال نجاحه في هذا التصدي، حل معظم هذه الملفات الشائكة إن لم يكن كلها، دعوتنا بأن "يصادر" المجلس المركزي، طالما هو منعقد لمهام "المجلس الوطني" الغائب الأكبر عن ساحة العمل السياسي الفلسطيني، ويبحث في الملف الأكثر سخونة، لكنه الأكثر جدوى، وهو ملف منظمة التحرير الفلسطينية، على أساس إعادة هيكلتها ومحتواها السياسي، شكلاً ومضموناً، فهذه المؤسسة التي كانت ولا تزال تمثل البيت السياسي للفلسطينيين، كممثل وحيد لنضالهم الوطني، مثلها ككل المؤسسات، تنمو وتكبر ثم تشيخ، ولا بد في الحالة الأخيرة من التجديد للحفاظ على شبابها، إلى أن تشيخ بعد وقت طويل من جديد. منظمة التحرير، شاخت شكلاً ومضموناً، وواقع الأمر أنها لم تعد بالمعنى الحقيقي ممثلة حقيقية للمجتمع الفلسطيني. غياب فصائل أساسية، أو حتى أقل شأناً، عن أن تكون ممثلة بشكل واقعي في هذه المنظمة يفقدها، شئنا أم أبينا، درجة تمثيلها لقطاعات الشعب الفلسطيني. يقولون إن مياهاً كثيرة جرت بالنهر، وهذا صحيح تماماً، غير أن المنظمة، التي فقدت دورها، ربما بشكل متعمد، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وفقدت دورها الفاعل في الحياة السياسية الفلسطينية، هذه المنظمة ولكي تعبر عن النضال الوطني الفلسطيني وتطلعات الشعب الفلسطيني، يجب أن توضع على مشرح التشريح والتقييم ليس بهدف إنهاء حياتها، كما يرى البعض أو يرغب، ولكن من أجل مدها بالدماء الجديدة، ليس كأفراد أو منظمات سياسية فحسب، بل من خلال إعادة بناء مؤسساتها وهياكلها القيادية بما يكفل تمثيل مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في البلاد وفي الشتات، وفي هذا السياق، فإن فتح الباب أمام مشاركة باقي الفصائل الوطنية الفلسطينية، حركتي حماس والجهاد والمبادرة الوطنية، يجب أن يتم في إطار إعادة الهيكلة، من دون أن نتجاهل ضرورة أن تشمل هذه الهيكلة إعادة النظر بالاتحادات والنقابات المهنية والشعبية، إذ أن هذه الأطر، ما هي إلاّ امتدادات للفصائل الفلسطينية، وأقصد على هذا الصعيد، إتاحة المجال أمام منظمات المجتمع المدني للمشاركة في الصياغة الجديدة لهيكلية منظمة التحرير الفلسطينية.
نعلم سلفاً، أن هذه المهمة لا يقوى عليها المجلس المركزي، على الأقل كونه سيجتمع من دون أن تكون هناك مقدمات يمكن لها أن تسهم في معالجة هذه المهمة، وأهم هذه المقدمات الغائبة، عملية التحضير لهذه الدورة، وعلى الأخص، في السياق الذي نحن بصدده، ضرورة عقد الاطار القيادي المؤقت للفصائل الفلسطينية، ما يعني سلفا، أن ملف منظمة التحرير الفلسطينية، سيظل مطوياً إلاّ من إشارة هنا وإشارة هناك، دعوات متكررة لا توضع لها وسائل وسياسات تؤدي إلى الهدف المنشود.
الدعوات المستمرة لإعادة الحياة لمنظمة التحرير ودورها الريادي والطليعي، لم تلق آذاناً صاغية من حيث الفعل والعمل. والانشغال "بالسلطة" كان السبب الرئيسي وراء هذا التغييب، والآن هناك دعوات أيضا، لإنهاء السلطة، فإن العودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، يصبح شرطاً لا بد منه الآن أكثر من أي وقت مضى، ولكي لا تظل هذه الدعوات صرخة في واد، فإننا نرى أن انفراد هذا الملف على ما دونه في المشاورات والورش والدورات، قد يشكل نقطة البداية التي لا بد منها للانطلاق نحو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.
المجلس المركزي أمام قرارات مفروضة
بقلم : علي جرادات عن الأيام
<tbody>
يطالب الكاتب، المجلس المركزي في دورته الحالية أن يقف أمام التحديات الكبيرة، التي كان يتهرب في دوراته السابقة من مواجهتها للخروج من المأزق الوطني، سواء على مستوى إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، أو على مستوى إدارة التناقضات الداخلية الثانوية في مرحلة التحرر الوطني التي لم تُنجز مهامها بعد.
</tbody>
يفتتح المجلس المركزي اليوم دورته السابعة والعشرين ليقف أمام المأزق الوطني ذاته الذي لم يتخذ في دوراته السابقة القرارات الكفيلة بفتح طريق الخروج منه كمأزق بنيوي متعدد الأبعاد والأوجه آخذ بالتفاقم والاستفحال، سواء بفعل تصاعد السياسة الإسرائيلية الهجومية الشاملة والمخططة وغير المسبوقة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة لتصفية القضية والحقوق والرواية الفلسطينية وتقويض "البرنامج الوطني المرحلي": العودة والدولة وتقرير المصير، أو بفعل استمرار الانقسام الداخلي وغياب الإرادة السياسية الجادة لإنهائه واستعادة الوحدة الوطنية، أو بفعل رعاية الولايات المتحدة لسياسة العدوان والاستيطان والتهويد المتصاعدة التي تنتهجها حكومة المستوطنين القائمة في إسرائيل، بل ودعمها الثابت للشروط التفاوضية الصهيونية التعجيزية، وناظمها شرط الاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي"، كشرط تتبناه بصيغ مختلفة جميع الأحزاب الصهيونية باستثناء حركة ميرتس.
يعنينا مما تقدم القول: إن المجلس المركزي يقف في دورته الحالية أمام تحديات كبيرة، كان تهرب في دوراته السابقة من مواجهتها للخروج من المأزق الوطني، سواء على مستوى إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، أو على مستوى إدارة التناقضات الداخلية الثانوية في مرحلة التحرر الوطني التي لم تُنجز مهامها بعد، فيما تحقيق الحد الأدنى منها عبر الرهان على الوعود الأميركية ونتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة، هو رهان خاسر، ولن يحصد سوى الخيبة وتعميق المأزق الوطني وتفاقمه واستفحاله. أما لماذا؟
يدور التنافس في هذه الانتخابات بين معسكرين صهيونييْن أساسييْن لديهما لإنهاء الصراع والقضية الفلسطينية خصوصاً برنامج واحد، وإن بلغتيْن مختلفتيْن، أولاهما "خشنة" واضحة يتبناها المعسكر الذي يقوده ويمثله نتنياهو، وثانيهما "ناعمة" مراوغة يتبناها معسكر "التحالف الصهيوني" بقيادة هيرتسوغ وليفني الذي يدعو إلى استئناف المفاوضات الثنائية برعاية أميركية إياها التي لم تجلب سلاماً ولا استعادت أرضاً رغم أنها انطلقت في "مؤتمر مدريد" قبل نحو 25 عاماً على أساس مقاربة "الأرض مقابل السلام"، بينما تستهدف الدعوة إلى استئنافها كبح توجهات قيادة منظمة التحرير الحذرة والمترددة لتدويل القضية الفلسطينية عبر إعادة ملفها إلى هيئة الأمم المتحدة ومطالبتها بعقد مؤتمر دولي مفتوح وكامل الصلاحيات يلزم إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية ذات الصلة بالصراع.
ما يعني أن معسكر "التحالف الصهيوني" إنما يستهدف إخراج إسرائيل من عزلتها ووقف ما تتعرض له من حملات مقاطعة سياسية وأكاديمية واقتصادية عالمية متنامية في ظل تزايد التعاطف الشعبي العالمي، و"الغربي" منه خصوصاً، مع الشعب الفلسطيني وحقوقه، وتراجع السيطرة الأميركية المنفردة على العالم، وتآكل قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة، حسب تصريحات أكثر قادة الاحتلال تطرفاً وعدوانية وعنصرية، منهم ليبرمان على سبيل المثال لا الحصر.
إزاء الحقائق أعلاه لن يفيد في شيء تكرار المجلس المركزي الصياغات الفضفاضة ذاتها، سواء حول أهمية إنهاء الانقسام الداخلي ومحورية استعادة الوحدة الوطنية، أو حول المخاطر الإستراتيجية التي تهدد القضية والحقوق الفلسطينية والمشروع الوطني بفعل تصعيد الهجوم الإسرائيلي الشامل.
فكل هذا بات واضحاً ويعرفه حتى من لا يعرف من السياسة غير اسمها، فيما المطلوب تحديد الآليات العملية لاستعادة الوحدة وبناء إستراتيجية سياسية وطنية جديدة قادرة على مواجهة السياسة الإسرائيلية الهجومية التي بلغت ذروتها في العام 2014 الماضي، من حيث:
*الزيادة غير المسبوقة منذ عقدٍ لعمليات الاستيطان والتهويد، حسب "حركة السلام الآن"، ما يؤكد أن قادة إسرائيل لا يعتبرون أراضي الضفة وقلبها القدس أرضاً محتلة، بل ولا حتى "أرضاً متنازعاً عليها"، إنما "جزء من أرض إسرائيل"، بما لا يترك متسعاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولو على حدود 4 حزيران 67.
*أن ينتهي حرص حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو على استمرار المفاوضات العقيمة إلى تجميدها منذ نيسان 2014، ورفض استئنافها إلا وفق شروطها الصهيونية التعجيزية، وناظمها شرط الاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي"، ذلك يعني وضع حدٍ لمقاربة تسوية الصراع على أساس "الأرض مقابل السلام".
*أن يجمد قادة إسرائيل تحويل عائدات السلطة الفلسطينية ويطالبونها في الوقت ذاته باستمرار التنسيق الأمني، ذلك يعني تكريس معادلة جديدة، جوهرها الأمن مقابل تنقيط لقمة العيش، ما ينسف حتى الشكلي من معادلة الأمن مقابل مكتسبات سياسية التي قام أساسها تعاقد اتفاق أوسلو.
*الأنكى والأكثر دلالة هو أن الولايات المتحدة، راعية مفاوضات تسوية الصراع على أساس "الأرض مقابل السلام"، تختزل عواقب عنجهية قادة إسرائيل في التحذير غير المسنود بإجراءات من انهيار السلطة الفلسطينية بفعل تجميد تحويل عائداتها المالية، بل وتضغط على السلطة الفلسطينية وتحذرها من عواقب إقدام المجلس المركزي على تفعيل التوجهات الفلسطينية لتدويل القضية الفلسطينية وإنهاء التنسيق الأمني ومقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة الجنايات الدولية، ما يعني موافقة أميركية ضمنية على تكريس معادلة الأمن مقابل لقمة العيش.
*أن يكتفي السيد توني بلير، منسق "اللجنة الرباعية" لرعاية المفاوضات بإطلاق تصريح يدعو فيه إلى استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة لتحقيق "حل الدولتين"، وإلى اعتراف حركة "حماس" بشروط الرباعية الشهيرة لتسهيل إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، ذلك يعني أن "اللجنة الرباعية" هذه باتت في خبر كان، وتحولت بالتمام والكمال إلى مجرد أداة تستخدمها الولايات المتحدة لتمرير الشروط التفاوضية الإسرائيلية التعجيزية.
كل ذلك بينما يصمت توابع السياسة الأميركية من الحكام العرب، ويصمت المجتمع الدولي في مستواه الرسمي صمت القبور، على عنجهية قادة إسرائيل، وعلى ما يرتكبونه، برعاية أميركية، بحق الشعب الفلسطيني من جرائم حرب موصوفة وتطهير عرقي مخطط وإبادة جماعية ممنهجة، يشجعهم على ذلك استمرار الانقسام الفلسطيني المدمر، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لمصلحة قضية "محاربة الإرهاب" التي تعود مقدماتها إلى افتعال أو صناعة ما يسمى "الجهاد العالمي" بدءاً من أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
فمن حينه، وبعد أحداث 11 أيلول 2001، تحديداً، راحت قضية الإرهاب ومحاربته تزاحم "قضية فلسطين"، حتى صارت، بفعل حرف الحراك الشعبي العربي عن مساره وأهدافه، القضية الأولى التي تشغل العرب والمنطقة، بل والعالم بأسره.
وهذا مكسب صهيوني لا لبس فيه، كان حذر مبكراً من بلوغه قادة حركة التحرر العربية والفلسطينية ومفكريها بالقول: إن افتعال "الجهاد" ضد "الكفر" السوفييتي، ثم "الصليبي" لاحقاً، سيفضي، عاجلاً أو آجلاً، إلى تهميش القضية الفلسطينية وتراجع الاهتمام بها، كجوهر للصراع العربي الصهيوني وصراعات المنطقة، عموماً، بفعل تقاطع مصالح دعاة "الجهاد العالمي" مع مصالح دعاة "الفوضى الخلاقة" لتجزئة الدولة الوطنية العربية وبناء "إمارات" المذاهب التكفيرية الإرهابية ونظام الملل على أنقاضها.
لكن في الحالات كافة، فإن ما يتناساه كل من يحاول تهميش قضية فلسطين هو أن شعبها بمقاومته التي لم تنقطع وعدالة قضيته وتجذرها في الوجدان الشعبي العربي، ظل عصياً على الاستسلام لاختلال ميزان القوى.
إذا كانت تلك هي مسيرة الشعب الفلسطيني كما أثبت تاريخ الصراع على مدار نحو قرن من الزمان، فإن على المجلس المركزي كقيادة لهذا الشعب التجرؤ على اتخاذ ما يتطلبه راهن الصراع من قرارات مفروضة وغير قابلة للتأجيل بالمعنى السياسي للكلمة.
نتنياهو والتهرب المتواصل من عملية السلام
حديث القدس عن أسرة تحرير القدس
علامات على الطريق - في دروب المواجهة
بقلم : يحيى رباح عن الحياة الجديدة
مدارات - مسرحية سوداء
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
مهمة واحدة وحيدة لجدول أعمال المجلس المركزي !!
بقلم : هاني حبيب عن الأيام
المجلس المركزي أمام قرارات مفروضة
بقلم : علي جرادات عن الأيام
نتنياهو والتهرب المتواصل من عملية السلام
حديث القدس عن أسرة تحرير القدس
<tbody>
يقول الكاتب أنه مهما طال الزمن سيصل الشعب الفلسطيني عاجلا أم آجلا إلى أهدافه وستذهب كل المناورات ومحاولات التهرب أدراج الرياح مهما تعددت وتفنن نتنياهو وحكومته في إعدادها إخراجها وتنفيذها على المسرح الأميركي والدولي عامة.
</tbody>
منذ تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه في العام ٢٠٠٩، فقد وضع أجندته السياسية على أساس تجاهل الحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، وحول حل الدولتين الذي أطلقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى حبر على ورق، من خلال تكثيف الاستيطان وإفراغ المحادثات مع الجانب الفلسطيني من أي محتوى أو فعالية.
ومن بين تكتيكات نتنياهو التي اعتمدها خلال هذه الفترة التركيز على ما يسميه بالخطر النووي الإيراني. ولسنا هنا في معرض تقييم هذا الخطر، لأن ما يهمنا بالدرجة الأولى والأخيرة هو إنهاء الاحتلال والاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود العام ١٩٦٧، وتأثير التركيز على الموضوع النووي الإيراني من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي، وجعله الشغل الشاغل للحكومة الاسرائيلية، على ما تسمى بعملية السلام وتحريك هذه العملية المحتضرة منذ وقت طويل.
وهناك تناقض لا يخفى على أحد في شطب الموضوع الفلسطيني من أجندة نتنياهو السياسية من جهة، وتضخيم المسألة الإيرانية النووية من الجهة الأخرى. فلا علاقة بين الموضوعين لأن من الممكن الاهتمام بحل القضية الفلسطينية مع الاهتمام بالموضوع الإيراني في الوقت نفسه، بل ربما يكون إنجاح عملية السلام أمرا مقنعا للعالم الخارجي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي رجل يهتم بالحلول السلمية، وليس بتكريس الاحتلال والاستيطان تحت يافطة وجود خطر "وجودي" على إسرائيل من جانب طهران وبرنامجها النووي.
والخطاب الذي ألقاه نتنياهو بالأمس أمام مجلسي الكونغرس، دون تنسيق مع الإدارة الأميركية وفي استهانة واضحة بها وفقا للمصادر الأميركية نفسها، ليس فيه إشارة للقضية الفلسطينية تستحق الذكر، كل ما فيه هو رفض لأي تسوية دبلوماسية قد تتوصل إليها الإدارة الأميركية والدول الأخرى المعنية لحل موضوع البرنامج النووي الإيراني، ومحاولة لإقناع المشرعين الأميركيين بأن الحل العسكري هو وحده الكفيل بإنهاء هذا الملف، بالطريقة التي تريح نتنياهو وائتلافه الحكومي اليميني، الذي يسعى من خلال هذا الخطاب لاجتذاب أصوات الإسرائيليين لحزبه والمتحالفين معه في الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة- وهذا هو التحليل الذي يراه مراقبون إسرائيليون وأجانب لما يكمن في خلفية زيارة نتنياهو لواشنطن، وخطابه أمام الكونغرس.
والسؤال الذي يطرح نفسه، وما يزال مطروحا خلال السنوات الست الماضية، هو :لماذا يتهرب رئيس الوزراء الاسرائيلي عامدا من الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ويُفشل أي مفاوضات سلمية مع الجانب الفلسطيني بالتمسك بالاستيطان وتكثيف الاستيطان، ورفض التقدم بخريطة لحدود الدولة الفلسطينية التفسير الوحيد لهذا التهرب هو التشبث بالاحتلال والعمل الممنهج من جانب حكومته على تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخلق قضايا تشغل العالم عن الموضوع الفلسطيني وهو الأساس الذي يفترض أن تتم معالجته وتسويته في أقرب الأوقات، وليس وضعه في الثلاجة إلى أجل غير مسمى، بل ربما محاولة دفنه والتخلص منه مرة واحدة وإلى الأبد.
وما يجب التأكيد عليه هو أن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من الصعاب التي يواجهها، والحصار المفروض على قضيته الوطنية وانحياز القوى الدولية الكبرى لصالح اسرائيل، فإن هذا الشعب متمسك بحقوقه الثابتة، ولن يتراجع عن السعي بكل الوسائل المشروعة لتحقيق تطلعاته مهما طال الزمن وكثرت العراقيل والعقبات في طريقه. وسيصل عاجلا أم آجلا إلى أهدافه وستذهب كل المناورات ومحاولات التهرب أدراج الرياح مهما تعددت وتفنن نتنياهو وحكومته في إعدادها إخراجها وتنفيذها على المسرح الأميركي والدولي عامة.
علامات على الطريق - في دروب المواجهة
بقلم : يحيى رباح عن الحياة الجديدة
<tbody>
يوضح الكاتب مدى الضغوط في مواجهة تنفيذ قرارات الشرعية الفلسطينية ويقول رغم هذه الصعوبة الخارقة، فقد عادت إسرائيل رغم انف كل متعصبيها إلى الاعتراف بان الهاجس والكابوس هو الوجود الفلسطيني والحضور الفلسطيني.
</tbody>
أهلا وسهلا بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دورة عادية صباح هذا اليوم في مدينة رام الله، فهو الإطار الوحيد من إطارات الشرعية الفلسطينية الممكن انعقاده الآن حيث الاطار الام وهو المجلس الوطني ليس من السهل انعقاده الان بسبب ظروف المنطقة وما اصاب الفلسطينيين من مآس، اما المجلس التشريعي فهو مستمر في حالة الموت السريري منذ الانقلاب والانقسام قبل اكثر من سبع سنوات.
المجلس المركزي سيطل وجها لوجه على الحالة التي نعيشها فلسطينيا منذ سنوات حين تعثرت المفاوضات، وفي السنوات الأربع الأخيرة التي توسعت فيها رقعة الإحداث العربية التي خلقت واقعا غير مسبوق من الارتباك العربي الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد الضياع، وما يجره ذلك من تأثيرات سلبية على القضية الفلسطينية، لدرجة أن قاموسا كاملا من اللغة السياسية التي تحدثناها عبر نصف قرن لم يعد نافعا اليوم ولو بالحد الادنى.
ولكن المواجهة الأقسى التي نعيشها تبلورت في العام الاخير منذ الاعلان عن بداية تنفيذ المصالحة في نهاية شهر نيسان العام الماضي حسب اتفاق مخيم الشاطيء وتشكيل حكومة التوافق، وذهابنا الى مجلس الامن ومنصات القضاء الدولي، فقد بدأت مرحلة التهديدات الاميركية والاسرائيلية، وهي تهديدات يتم تنفيذها على الفور، واعلن كل طرف في هذه المواجهة عن برنامجه، فنحن نريد صياغة علاقتنا مع اسرائيل بشكل جديد، لا علاقة مع الاحتلال ولا تحمل ادنى مسؤولية نيابة عن الاحتلال، والذهاب قدما الى مرجعية جديدة لا يكون فيها الاحتلال الاسرائيلي هو الخصم والحكم كما تريد السياسة الاميركية.
وفي مواجهة هذا الحق البديهي فان اميركا كشفت عن انحيازها الاعمى لاسرائيل، وقفت في وجهنا صراحة في مجلس الامن تحت يافطة «من المبكر لاوانه» ووقفت ضدنا بالذهاب الى منصات القضاء الدولي، وهددت بقطع المساعدات، والضغط على الدول الاخرى التي يمكن ان تمنحنا صوتها.
اما على المستوى الإسرائيلي فالمواجهة شاملة، حرب الواحد والخمسين يوما، جنون الاستيطان وتهويد القدس، وسرقة اموالنا علنا، وموجات الاعتقال بما في ذلك الأطفال وتعذيب أسرانا إلى حد قتلهم في السجون بل والتلويح بحرب جديدة.
رغم هذه الصعوبة الخارقة هناك اضاءات كثيرة، فقد عادت إسرائيل رغم انف كل متعصبيها إلى الاعتراف بان الهاجس والكابوس هو الوجود الفلسطيني والحضور الفلسطيني وصلابة القرار الفلسطينيي، قبل سنة كان اليمين الاسرائيلي الحاكم يشيع ان القضية الفلسطينية انتهت واجتاحها الخريف العربي بفواحشه الكثيرة، سواء بقبول الاخوان المسلمين بأن يكونوا طرفا مع اسرائيل في انهاء القضية ودفنها في سيناء من خلال وهم تافه، او من خلال ان هذا الخريف العربي الطويل كشف عن حجم الخراب الذي كان قائما في العديد من مفردات النظام الاقليمي العربي، وحجم الخطط التي كانت معدة سلفا للتوحش الدولي وجزء رئيسي منه التوحش الاسرائيلي.
نحن في اوج المواجهة، ويجب الاعتراف بأن ما حدث كان يفوق توقعاتنا، فمن ذا الذي كان يتوقع فداحة هذا الانقسام ورهان حماس ومعها الاسلام السياسي كله على هذا الانقسام؟ لدرجة اننا ما ان نتقدم مترا واحدا في المصالحة حتى نعود الى الوراء الف فرسخ جديد، لدرجة ان حماس ادخلتنا في استعصاءات جديدة في المنطقة، انظروا الى ردة فعل حماس على حكم المحكمة المصرية، كأنها كانت تنتظره لتتخذ منه ذريعة للنكوص عن ابسط الحقائق، ويعرض قطاع غزة على انه رهينة ليس الا !!! وكيف ان كل حديث عن المصالحة اصبح حديث الجنون.
وفي المواجهة نكتشف بقسوة قلة الامكانيات، وهامشية القرارات اليومية التي تؤخذ حين صدورها بضجيج كبير وتموت حين التنفيذ بصمت رهيب !!! ونتأكد الآن ان علينا فلسطينيا اولا ان نجتاز العتبة الاصعب والاختبار الاصعب، ان نستنفر قدرتنا على الصبر، وان ندير حياتنا في المواجهة بدرجة عالية من الابداع.
في دروب المواجهة الصعبة يجب ان ننجح، ان ننحاز الى انفسنا، ان نخرج من الايقاع العادي، فالعدو يصلب خطته ويشهر اسلحته ويستنفر امكاناته على المكشوف، ولا خيار امامنا سوى الصمود والنجاح، وربما ان المنطقة كلها برغم رزاياها بحاجة الى نجاحنا لتدخل في ميلاد جديد.
مدارات - مسرحية سوداء
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
<tbody>
يشبه الكاتب خطاب نتنياهو في الكونجرس بأنه كلام فارغ وبلا منطق، ويقول فلا ايران أنتجت النووي، ولا هي تريد الحرب، ولا نتنياهو يكره الحرب. وليست هناك دولة في المنطقة، سوى إسرائيل، أنتجت السلاح النووي في المنطقة وسمته سلاحاً رادعاً.
</tbody>
فكرة القلق على الوجود، هي نبراس سياسة إسرائيل الرافضة لإنهاء آخر احتلال عسكري في التاريخ وفي العالم، والمعادية بالممارسة لفكرة السلام من حيث المبدأ. ففي استطراد لتسويق هذه الفكرة، أمام كونغرس أميركي ينظر معظم أعضائه للمنطقة العربية، بغريزته وبسطحيته؛ أراد نتنياهو استدرار العطف، فتحدث عن حرب يريد أن يتحاشاها، ولا نعلم أية حرب هذه التي يقصدها هذا الممثل الرديء الذي يقود تياراً يؤسس للكراهية وللتطرف وللحروب المديدة في المنطقة العربية؟!
يتقمص أمام الكونغرس دور الحكيم الجانح الى السلم، فيقول «ان الصفقة التي وضعت، بين مجموعة 5 زائد 1 وطهران، ستؤدي حتماً الى ايران نووية والى الحرب»، ثم يمضي قائلاً بلغة الناصحين العقلاء المعادين للحروب: «ان بديل هذه الصفقة ليس الحرب مثلما يعتقد البعض، وانما هو صفقة أفضل»!
بالطبع لن يكون من بين مؤيدي نتنياهو في الكونغرس من يشغّل عقله، لكي يختبر مدى علاقة ما يقوله نتنياهو بالمنطق. فايران لم تذهب حتى الآن الى انتاج سلاح نووي. ومجموعة الدول العظمى مع ألمانيا، عندما تتفق معها، ليست غبية ولا متعاطفة مع ايران، ولا متساهلة بخصوص أمن اسرائيل، وليس نتنياهو هو الذكي والمتطير الوحيد من نمو القوة الايرانية والحريص الوحيد على أمن اسرائيل. وفضلا عن كون هذا الكلام، يسبق الانتخابات الاسرائيلية بنحو ثلاثة أسابيع، ويريد نتنياهو أن يعزز القوة الانتخابية له وللتيار المتناغم معه؛ فانه وهو يكذب ويتشكى، يريد أن تهرول البلدان الكبرى الخمسة لاسترضائه، فيربح انتخابيا ويتبدى كجلاب مزيد من عناصر الدعم لاسرائيل لتهدئة روعها المفتعل كذباً، في الوقت الذي أحس العالم كله، أنها تسد آفاق التسوية وأنها هي سبب تهديد الاستقرار في المنطقة الأهم في العالم، وأنها تجثم على أرض شعب آخر، له حقوق ومظلوم تاريخياً. انها مسرحية سوداء لن يكلف عضو من الكونغرس نفسه، تفنيدها أو الاعتراض على حبكتها. ولنأخذها من الناحية الفنية أو الاستراتيجية أو الميدانية، ونفترض أن ايران نووية فعلاً؛ ألا يعلم هؤلاء أن ايران لن تستخدم النووي لكي تضرب أرضاً تتداخل فيها حياة المحتلين والمحتلة أراضيهم، لكي لا يبقى بشراً يسكنون أراضي فلسطين التاريخية؟ أليس هؤلاء الذين يحتلون أراضي الضفة، هم الذين يتذرعون بضيق المسافة بين الجبل والبحر؟! وكيف يصدقهم السذج عندما يتحدثون كما لو أنهم وحدهم على أرض فلسطين، وكما لو أن جوارهم العربي بعيد، بمياهه وهوائه وتجمعاته السكنية التي ستتأثر من أية قنبلة نووية؟! مرة يتذرعون بالتداخل بيننا وبينهم لكي لا يخلعوا من أرضنا، ومرة يتحدثون كما لو أنهم خائفون فعلاً من نووي يطالهم هم ولا يطالنا. فعندما ــ افتراضاً ــ تضرب ايران، وتتجاوز عن مخاطر أن تُضرب من الجميع في الغرب؛ أية قضية تكون أرادت طهران الانتصار فيها أو قضية مَن ستكون، ان كان الجميع سيتأذى؟!
ما يقوله نتنياهو كلام فارغ وبلا منطق. فلا ايران انتجت النووي، ولا هي تريد الحرب، ولا نتنياهو يكره الحرب. وليست هناك دولة في المنطقة، سوى اسرائيل، أنتجت السلاح النووي في المنطقة وسمته سلاحاً رادعاً. ولماذا تستبد بها فكرة الردع النووي؟ لأنها هي التي تناهض كل من يبتغي منع الحرب ويتوخى السلام. خطاب نتنياهو، جاء كمجرد تكثيف لخطاب التدليس والعنصرية ولمقاصد الحرص على أن تخلو المنطقة من الأقوياء، باستثناء دولة المشروع الصهيوني التي سممت المنطقة وأنفلتت عليها وأفلتت العنف وأسست لبغضاء عميقة ومديدة!
مهمة واحدة وحيدة لجدول أعمال المجلس المركزي !!
بقلم : هاني حبيب عن الأيام
<tbody>
يحث الكاتب أعضاء المجلس المركزي بالتصدي لكل الملفات، التي تبدأ من إعادة إعمار قطاع غزة، مروراً بفشل الرهان على التسوية السياسية، ودون أن تنتهي بإنهاء ملف الانقسام إلى مصالحة فلسطينية داخلية جادة ومستمرة ونهائية.
</tbody>
وأخيراً، وبعد سبات طويل، كاد ينسينا أن هناك مجلساً مركزياً للمنظمة المنسية، منظمة التحرير الفلسطينية، في بعض الأحيان، أن تأتي متأخراً هو أكثر سوءاً من أن لا تأتي أبداً، عكس القول الشائع، ذلك أن الحضور المتأخر، ربما يؤدي إلى فقدان الأمل، مع ذلك، فإننا سنكرر ما اعتدنا عليه في كل مناسبة، أو مؤتمر أو اجتماع، أي ان هذه الدورة المتوقع انعقادها قريباً جداً، تأتي في ظل "ظروف صعبة، خطيرة بالغة التعقيد والخطورة" ونظراً لتكرار هذه التوصيفات بشكل دائم، لم يعد لدي ما أزيد على توصيف مكرور متكرر للحالة الفلسطينية الراهنة التي ينعقد فيها مجلسنا المركزي في دورته الأخيرة المتأخرة جدا.
وربما ينظر لهذه الدورة باعتبار الحاجة الماسة إلى معالجة ملفات عديدة بالغة الصعوبة، تبدأ من إعادة إعمار قطاع غزة، مروراً بفشل الرهان على التسوية السياسية، ودون أن تنتهي بإنهاء ملف الانقسام إلى مصالحة فلسطينية داخلية جادة ومستمرة ونهائية، ملفات عديدة كان يمكن لهذه الدورة معالجتها، وكل ملف بحاجة إلى كثير من الجهد والعمل والمثابرة، والأهم من ذلك، الكثير من حسن النوايا، ولأننا لا نعتقد بقدرة المجلس المركزي سواء في هذه الدورة أو غيرها، معالجة أي من هذه الملفات معالجة ناجحة، فإننا ندعوه إلى عدم التصدي لأي من هذه المشكلات والملفات، ونعلم سلفاً أنه لن يصغي إلى ما ندعو إليه، على الأقل فإن المجلس في هذه الدورة، أو هذه "الورشة" إن صح التعبير لن يجد أمامه سوى الوقوف أمام هذه الملفات، لتبرير انعقاده أولاً، ولأن البيان الختامي كالمعتاد، قد تم إعداده متناولاً "الدعوات" لحل هذه المشكلات والملفات!!
يجب على أعضاء المجلس المركزي التصدي لكل هذه الملفات، كي يتصدى لملف واحد وحيد، من شأنه في حال نجاحه في هذا التصدي، حل معظم هذه الملفات الشائكة إن لم يكن كلها، دعوتنا بأن "يصادر" المجلس المركزي، طالما هو منعقد لمهام "المجلس الوطني" الغائب الأكبر عن ساحة العمل السياسي الفلسطيني، ويبحث في الملف الأكثر سخونة، لكنه الأكثر جدوى، وهو ملف منظمة التحرير الفلسطينية، على أساس إعادة هيكلتها ومحتواها السياسي، شكلاً ومضموناً، فهذه المؤسسة التي كانت ولا تزال تمثل البيت السياسي للفلسطينيين، كممثل وحيد لنضالهم الوطني، مثلها ككل المؤسسات، تنمو وتكبر ثم تشيخ، ولا بد في الحالة الأخيرة من التجديد للحفاظ على شبابها، إلى أن تشيخ بعد وقت طويل من جديد. منظمة التحرير، شاخت شكلاً ومضموناً، وواقع الأمر أنها لم تعد بالمعنى الحقيقي ممثلة حقيقية للمجتمع الفلسطيني. غياب فصائل أساسية، أو حتى أقل شأناً، عن أن تكون ممثلة بشكل واقعي في هذه المنظمة يفقدها، شئنا أم أبينا، درجة تمثيلها لقطاعات الشعب الفلسطيني. يقولون إن مياهاً كثيرة جرت بالنهر، وهذا صحيح تماماً، غير أن المنظمة، التي فقدت دورها، ربما بشكل متعمد، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وفقدت دورها الفاعل في الحياة السياسية الفلسطينية، هذه المنظمة ولكي تعبر عن النضال الوطني الفلسطيني وتطلعات الشعب الفلسطيني، يجب أن توضع على مشرح التشريح والتقييم ليس بهدف إنهاء حياتها، كما يرى البعض أو يرغب، ولكن من أجل مدها بالدماء الجديدة، ليس كأفراد أو منظمات سياسية فحسب، بل من خلال إعادة بناء مؤسساتها وهياكلها القيادية بما يكفل تمثيل مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في البلاد وفي الشتات، وفي هذا السياق، فإن فتح الباب أمام مشاركة باقي الفصائل الوطنية الفلسطينية، حركتي حماس والجهاد والمبادرة الوطنية، يجب أن يتم في إطار إعادة الهيكلة، من دون أن نتجاهل ضرورة أن تشمل هذه الهيكلة إعادة النظر بالاتحادات والنقابات المهنية والشعبية، إذ أن هذه الأطر، ما هي إلاّ امتدادات للفصائل الفلسطينية، وأقصد على هذا الصعيد، إتاحة المجال أمام منظمات المجتمع المدني للمشاركة في الصياغة الجديدة لهيكلية منظمة التحرير الفلسطينية.
نعلم سلفاً، أن هذه المهمة لا يقوى عليها المجلس المركزي، على الأقل كونه سيجتمع من دون أن تكون هناك مقدمات يمكن لها أن تسهم في معالجة هذه المهمة، وأهم هذه المقدمات الغائبة، عملية التحضير لهذه الدورة، وعلى الأخص، في السياق الذي نحن بصدده، ضرورة عقد الاطار القيادي المؤقت للفصائل الفلسطينية، ما يعني سلفا، أن ملف منظمة التحرير الفلسطينية، سيظل مطوياً إلاّ من إشارة هنا وإشارة هناك، دعوات متكررة لا توضع لها وسائل وسياسات تؤدي إلى الهدف المنشود.
الدعوات المستمرة لإعادة الحياة لمنظمة التحرير ودورها الريادي والطليعي، لم تلق آذاناً صاغية من حيث الفعل والعمل. والانشغال "بالسلطة" كان السبب الرئيسي وراء هذا التغييب، والآن هناك دعوات أيضا، لإنهاء السلطة، فإن العودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، يصبح شرطاً لا بد منه الآن أكثر من أي وقت مضى، ولكي لا تظل هذه الدعوات صرخة في واد، فإننا نرى أن انفراد هذا الملف على ما دونه في المشاورات والورش والدورات، قد يشكل نقطة البداية التي لا بد منها للانطلاق نحو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.
المجلس المركزي أمام قرارات مفروضة
بقلم : علي جرادات عن الأيام
<tbody>
يطالب الكاتب، المجلس المركزي في دورته الحالية أن يقف أمام التحديات الكبيرة، التي كان يتهرب في دوراته السابقة من مواجهتها للخروج من المأزق الوطني، سواء على مستوى إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، أو على مستوى إدارة التناقضات الداخلية الثانوية في مرحلة التحرر الوطني التي لم تُنجز مهامها بعد.
</tbody>
يفتتح المجلس المركزي اليوم دورته السابعة والعشرين ليقف أمام المأزق الوطني ذاته الذي لم يتخذ في دوراته السابقة القرارات الكفيلة بفتح طريق الخروج منه كمأزق بنيوي متعدد الأبعاد والأوجه آخذ بالتفاقم والاستفحال، سواء بفعل تصاعد السياسة الإسرائيلية الهجومية الشاملة والمخططة وغير المسبوقة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة لتصفية القضية والحقوق والرواية الفلسطينية وتقويض "البرنامج الوطني المرحلي": العودة والدولة وتقرير المصير، أو بفعل استمرار الانقسام الداخلي وغياب الإرادة السياسية الجادة لإنهائه واستعادة الوحدة الوطنية، أو بفعل رعاية الولايات المتحدة لسياسة العدوان والاستيطان والتهويد المتصاعدة التي تنتهجها حكومة المستوطنين القائمة في إسرائيل، بل ودعمها الثابت للشروط التفاوضية الصهيونية التعجيزية، وناظمها شرط الاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي"، كشرط تتبناه بصيغ مختلفة جميع الأحزاب الصهيونية باستثناء حركة ميرتس.
يعنينا مما تقدم القول: إن المجلس المركزي يقف في دورته الحالية أمام تحديات كبيرة، كان تهرب في دوراته السابقة من مواجهتها للخروج من المأزق الوطني، سواء على مستوى إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، أو على مستوى إدارة التناقضات الداخلية الثانوية في مرحلة التحرر الوطني التي لم تُنجز مهامها بعد، فيما تحقيق الحد الأدنى منها عبر الرهان على الوعود الأميركية ونتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة، هو رهان خاسر، ولن يحصد سوى الخيبة وتعميق المأزق الوطني وتفاقمه واستفحاله. أما لماذا؟
يدور التنافس في هذه الانتخابات بين معسكرين صهيونييْن أساسييْن لديهما لإنهاء الصراع والقضية الفلسطينية خصوصاً برنامج واحد، وإن بلغتيْن مختلفتيْن، أولاهما "خشنة" واضحة يتبناها المعسكر الذي يقوده ويمثله نتنياهو، وثانيهما "ناعمة" مراوغة يتبناها معسكر "التحالف الصهيوني" بقيادة هيرتسوغ وليفني الذي يدعو إلى استئناف المفاوضات الثنائية برعاية أميركية إياها التي لم تجلب سلاماً ولا استعادت أرضاً رغم أنها انطلقت في "مؤتمر مدريد" قبل نحو 25 عاماً على أساس مقاربة "الأرض مقابل السلام"، بينما تستهدف الدعوة إلى استئنافها كبح توجهات قيادة منظمة التحرير الحذرة والمترددة لتدويل القضية الفلسطينية عبر إعادة ملفها إلى هيئة الأمم المتحدة ومطالبتها بعقد مؤتمر دولي مفتوح وكامل الصلاحيات يلزم إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية ذات الصلة بالصراع.
ما يعني أن معسكر "التحالف الصهيوني" إنما يستهدف إخراج إسرائيل من عزلتها ووقف ما تتعرض له من حملات مقاطعة سياسية وأكاديمية واقتصادية عالمية متنامية في ظل تزايد التعاطف الشعبي العالمي، و"الغربي" منه خصوصاً، مع الشعب الفلسطيني وحقوقه، وتراجع السيطرة الأميركية المنفردة على العالم، وتآكل قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة، حسب تصريحات أكثر قادة الاحتلال تطرفاً وعدوانية وعنصرية، منهم ليبرمان على سبيل المثال لا الحصر.
إزاء الحقائق أعلاه لن يفيد في شيء تكرار المجلس المركزي الصياغات الفضفاضة ذاتها، سواء حول أهمية إنهاء الانقسام الداخلي ومحورية استعادة الوحدة الوطنية، أو حول المخاطر الإستراتيجية التي تهدد القضية والحقوق الفلسطينية والمشروع الوطني بفعل تصعيد الهجوم الإسرائيلي الشامل.
فكل هذا بات واضحاً ويعرفه حتى من لا يعرف من السياسة غير اسمها، فيما المطلوب تحديد الآليات العملية لاستعادة الوحدة وبناء إستراتيجية سياسية وطنية جديدة قادرة على مواجهة السياسة الإسرائيلية الهجومية التي بلغت ذروتها في العام 2014 الماضي، من حيث:
*الزيادة غير المسبوقة منذ عقدٍ لعمليات الاستيطان والتهويد، حسب "حركة السلام الآن"، ما يؤكد أن قادة إسرائيل لا يعتبرون أراضي الضفة وقلبها القدس أرضاً محتلة، بل ولا حتى "أرضاً متنازعاً عليها"، إنما "جزء من أرض إسرائيل"، بما لا يترك متسعاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولو على حدود 4 حزيران 67.
*أن ينتهي حرص حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو على استمرار المفاوضات العقيمة إلى تجميدها منذ نيسان 2014، ورفض استئنافها إلا وفق شروطها الصهيونية التعجيزية، وناظمها شرط الاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي"، ذلك يعني وضع حدٍ لمقاربة تسوية الصراع على أساس "الأرض مقابل السلام".
*أن يجمد قادة إسرائيل تحويل عائدات السلطة الفلسطينية ويطالبونها في الوقت ذاته باستمرار التنسيق الأمني، ذلك يعني تكريس معادلة جديدة، جوهرها الأمن مقابل تنقيط لقمة العيش، ما ينسف حتى الشكلي من معادلة الأمن مقابل مكتسبات سياسية التي قام أساسها تعاقد اتفاق أوسلو.
*الأنكى والأكثر دلالة هو أن الولايات المتحدة، راعية مفاوضات تسوية الصراع على أساس "الأرض مقابل السلام"، تختزل عواقب عنجهية قادة إسرائيل في التحذير غير المسنود بإجراءات من انهيار السلطة الفلسطينية بفعل تجميد تحويل عائداتها المالية، بل وتضغط على السلطة الفلسطينية وتحذرها من عواقب إقدام المجلس المركزي على تفعيل التوجهات الفلسطينية لتدويل القضية الفلسطينية وإنهاء التنسيق الأمني ومقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة الجنايات الدولية، ما يعني موافقة أميركية ضمنية على تكريس معادلة الأمن مقابل لقمة العيش.
*أن يكتفي السيد توني بلير، منسق "اللجنة الرباعية" لرعاية المفاوضات بإطلاق تصريح يدعو فيه إلى استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة لتحقيق "حل الدولتين"، وإلى اعتراف حركة "حماس" بشروط الرباعية الشهيرة لتسهيل إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، ذلك يعني أن "اللجنة الرباعية" هذه باتت في خبر كان، وتحولت بالتمام والكمال إلى مجرد أداة تستخدمها الولايات المتحدة لتمرير الشروط التفاوضية الإسرائيلية التعجيزية.
كل ذلك بينما يصمت توابع السياسة الأميركية من الحكام العرب، ويصمت المجتمع الدولي في مستواه الرسمي صمت القبور، على عنجهية قادة إسرائيل، وعلى ما يرتكبونه، برعاية أميركية، بحق الشعب الفلسطيني من جرائم حرب موصوفة وتطهير عرقي مخطط وإبادة جماعية ممنهجة، يشجعهم على ذلك استمرار الانقسام الفلسطيني المدمر، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لمصلحة قضية "محاربة الإرهاب" التي تعود مقدماتها إلى افتعال أو صناعة ما يسمى "الجهاد العالمي" بدءاً من أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
فمن حينه، وبعد أحداث 11 أيلول 2001، تحديداً، راحت قضية الإرهاب ومحاربته تزاحم "قضية فلسطين"، حتى صارت، بفعل حرف الحراك الشعبي العربي عن مساره وأهدافه، القضية الأولى التي تشغل العرب والمنطقة، بل والعالم بأسره.
وهذا مكسب صهيوني لا لبس فيه، كان حذر مبكراً من بلوغه قادة حركة التحرر العربية والفلسطينية ومفكريها بالقول: إن افتعال "الجهاد" ضد "الكفر" السوفييتي، ثم "الصليبي" لاحقاً، سيفضي، عاجلاً أو آجلاً، إلى تهميش القضية الفلسطينية وتراجع الاهتمام بها، كجوهر للصراع العربي الصهيوني وصراعات المنطقة، عموماً، بفعل تقاطع مصالح دعاة "الجهاد العالمي" مع مصالح دعاة "الفوضى الخلاقة" لتجزئة الدولة الوطنية العربية وبناء "إمارات" المذاهب التكفيرية الإرهابية ونظام الملل على أنقاضها.
لكن في الحالات كافة، فإن ما يتناساه كل من يحاول تهميش قضية فلسطين هو أن شعبها بمقاومته التي لم تنقطع وعدالة قضيته وتجذرها في الوجدان الشعبي العربي، ظل عصياً على الاستسلام لاختلال ميزان القوى.
إذا كانت تلك هي مسيرة الشعب الفلسطيني كما أثبت تاريخ الصراع على مدار نحو قرن من الزمان، فإن على المجلس المركزي كقيادة لهذا الشعب التجرؤ على اتخاذ ما يتطلبه راهن الصراع من قرارات مفروضة وغير قابلة للتأجيل بالمعنى السياسي للكلمة.