Haneen
2015-06-28, 10:18 AM
تنظيم الدولة يستعمل استراتيجية الكماشة
يتعامل التنظيم في العراق وسوريا بطريقة واحدة لتحقيق أهدافه
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
المضمون:( يرى الكاتب ان تنظيم الدولة وضع منذ الان في مواجهته سورا واقيا في أنه ربط بين الجبهتين السورية و العراقية مما يجعل صعبا جدا التعاون العسكري بين جيشي العراق وسوريا.)
احتلال مدينة تدمر في سوريا في اليومين الاخيرين من تنظيم الدولة الإسلامية هو ضربة لا مرد لها لواحد من الاثار الثقافية الهامة في العالم. وحسب تقارير من سوريا، فقد بدأ مقاتلو تنظيم الدولة منذ الان بتخريب المواقـع الـقـديمة والتخوف المعقول هو أن يصل التراث الآشوري الـذي صمد نحو آلاف السنين إلى منتهاه على ايدي التنـظيم.
في اليومين الماضيين قتل أكثر من اربعمئة شخص في المدينة واعتقل الاف آخرون بعد أن فر جنود الجيش السوري للنجاة بارواحهم رغم عددهم المتفوق ومعداتهم العسكرية الكثيرة التي كانت في حوزتهم. وهكذا نجح تنظيم الدولة، بعد وقت قصير من سيطرته على مدينة الرمادي في العراق، الاستيلاء على كميات هائلة من السلاح والذخيرة المخزنة في مخازن الجيش السوري في المنطقة وشكلت جبهة داخلية حيوية لتموين القوات السورية.
ولكن مثل احتلال الرمادي هكذا ايضا احتلال تدمر ليس حدثا محليا مصادفا، بل جزء من استراتيجية اقليمية تربط بين الجبهة العراقية والجبهة السورية الاخذة في خلق مجال سيطرة واحد.
يبين الاطلاع على الخريطة استراتيجية الاحتلالات التي أكملت في الايام الاخيرة محور حركة متواصل بين الرمادي في الشرق، عبر معبر الحدود تنف الذي بين العراق وسوريامعبر الحدود الاخير مع العراق الذي كان تحت سيطرة النظام السوريومنه إلى تدمر التي تقع على مفترق طرق هام.
تقع تدمر على المحور المركزي إلى دير الزور والى الرقة التي تحت سيطرة تنظيم الدولة في الشمال، وعلى المحور الرئيس بين دير الزور ومدينة حمص الكبرى في الغرب. وتقطع السيطرة على هذه المحاور الجيش السوري عن المحافظات الاساسية التي لا يزال يسيطر فيها في غربي الدولة، ولا تبقي لدى السوريين سوى منظومة المحاور الغربية التي تربط بين دمشق وجبال القلمون ومن هناك إلى محافظة اللاذقية، التي تعتبر المعقل المركزي للنظام.
وفي نفس الوقت، في الجناح الشرقي، يمنع احتلال الرمادي قدرة الجيش العراقي والميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة ايرانية من أن تمد المعونة للقبائل السنية او لادارة معركة لتحرير محافظة الانبار المحاذية لسوريا.
لقد ميزت طريقة احتلال المحاور والمفترقات الرئيسة استراتيجية تنظيم الدولة منذ بداية احتلال العراق في حزيران 2014، حينما بعد احتلال الموصل سارعت قوات التنظيم إلى الاستيلاء على المحاور المؤدية إلى غرب الدولة ومعابر الحدود من اجل خلق تواصل سيطرة قبل أن تتفرغ لاحتلال المدن نفسها والثبات فيها.
هذه الاستراتيجية التي أثبتت حتى الان نجاعتها، تلزم التحالف العربي ولا سيما الولايات المتحدة لان تتعاطى مع العراق وسوريا كجبهة واحدة، وليس كموقعي قتال منفصلين كل منهما يملي قواعد انخراط مختلفة.
وحسب الفهم المتبع، فان الولايات المتحدة ترى في العراق منطقة نار حرة ليست مقيدة من الحكومة العراقية، ايران أو روسيا، بينما الجبهة في سوريا تلزم التحالف بمراعاة مواقف الاخيرين خشية المواجهة الشاملة.
ويخدم هذا التمييز جدا تنظيم الدولة الإسلامية الذي رأى بانه يستغل قيود العمل ضده في سوريا كي يمد منها شرايين سيطرته في العراق. وبهذا الشكل فقد نجح في أن يقيم لنفسه جبهة داخلية لوجستية واقتصادية مزدوجة، واحدة في سوريا والثانية في العراق، بحيث أنه حتى لو انهار في احداهما، فسيكون بوسع الثانية أن تغذية بفضل السيطرة على محاور الحركة. ومن هنا ايضا المنفعة المحدودة التي للهجمات الجوية على منشآت تنظيم الدولة.
وكان السناتور الأمريكي جون ماكين قال يوم الخميس في مقابلة مع «اطلنطيك» ان «75 في المئة من الطائرات التي تنطلق إلى هجمات على قواعدهم تعود دون ان تلقي قنابلها لانه لا يوجد على الارض من يحدد لها الاهداف». ويؤيد ماكين الهجوم البري وارسال الاف الجنود الأمريكيين للمشاركة في المعركة.
ولكن حتى لو تقرر فتح معركة بريةالقرار الذي يبدو في هذه اللحظة بعيدافقد وضع تنظيم الدولة منذ الان في مواجهته سورا واقيا في أنه ربط بين الجبهتين مما يجعل صعبا جدا التعاون العسكري بين جيشي العراق وسوريا.
اما مفترق القرار التالي لتنظيم الدولة فسيكون إذن في أي اتجاه يمد فيه سيطرته. هل يواصل شرقا من الرمادي إلى حبانية وحتى اطراف بغداد في العراق أم يوسع السيطرة في سوريا لاحتلال مدينة حمص ومنها إلى الحدود اللبنانية.
تنظيم الدولة ملزم بان يغذي نفسه اقتصاديا وبالتالي فهو مطالبا احتلال المزيد من المناطق المدينية كي ينتزع منها الارباح من الضرائب، التجارة ودفعات الفدية، والا يبذر جهودا كبرى على «المناطق المفتوحة».
وعليه، فان حماس قد تكون اغراء اكبر من حبانية في العراق، فما بالك انه في الجبهة السورية يمكن لتنظيم الدولة أن يستغل في صالحه ايضا الخصومات التي بين الميليشيات المختلفة وبينها بين الجيش السوري وحزب الله.
هذه المنظومة من القوات من شأنها ايضا أن تجبر التحالف العربي على تغيير سياسته تجاه ميليشيات الثوار، ومنح بعضها، مثل جبهة النصرة، وبعض الميليشيات التي تشكل جيش الفتح، شهادة تسويغ لتركيز الجهود ضد تنظيم الدولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل يمكن إسقاط دكتاتور؟
لقد شهد ميدان التحرير ثورتين أطاحتا برئيسين واليوم لا يمكن التظاهر هناك
بقلم: سمدار بيري،عن معاريف
المضمون:( يرى الكاتب ان المصري البسيط لم يعد الناس خائف والذي يحل جميع مشاكله بالمزاح تحول إلى عدائي، تعلم ابن الشارع ان يسمع صوته ورأيه وان يسقط الدكتاتور، السيسي نفسه يفهم انه اذا فشل قد تحدث ثورة. لكن لا اعتقد انهم سينتفضون ضده لان البديل سيء جدا)
القلب النابض لانتفاضة الملايين التي اسقطت نظام حسن مبارك ومحمد مرسي، يبدو في ظهيرة اليوم كممر عبور هاديء من النيل حتى سلسلة المحلات في مدينة القاهرة. هنا وهناك تشاهد نساء يسرن بازواج يتهامسن ويلبسن الحجاب الملون، يسرعن للعمل، لا احد يتوقف ولا احد يبتسم، يحافظن على هدوء كبير، والتصوير ممنوع.
لا توجد في الميدان معالم للاحتجاج وهي نظيفة، وقبل اسبوعين ازيلت النصب التذكارية لشهداء الثورة وبدلا منها رفع العلم المصري عاليا. ومن يصل إلى هنا لا يستطيع تخيل ما حصل خلال الاربع سنوات الماضية.
على الجهة اليمنى لميدان التحرير متحف مصر الوطني، وعلى اليسار مقر الاستخبارات هنا حققوا وهنا قرروا من يحول إلى السجن ومن يعود إلى البيت.
وفي احدى الزوايا تتواجد آليات عسكرية لتذكر بالايام العنيفة التي شهدها ميدان التحرير، من يريد التظاهر من اجل السيسي يجب ان يأخذ اذنا بذلك. على المداخل السبعة لميدان التحرير يتواجد الجيش مع كلاب الاثر بحثا عن المتفجرات.
لم أكن في مصر مدة خمس سنوات واصدقائي في القاهرة علموني أن من يشرب من مياه النيل، سيعود اليها، لكن المكان الذي كان في يوم من الايام بيتي الثاني اغلق بوجههي فجأة.
يوم اندلاع «الربيع العربي» ضد مبارك في كانون ثاني 2011 توقفوا عن اصدار تصاريح دخول للاسرائيليين، وحين حاولت الحصول على فيزا قال دبلوماسي رفيع المستوى في وزارة الخارجية المصرية «هذا ما ينقصنا، ان تتهجم الجموع الغفيرة على صحفي اسرائيلي». لم اقتنع ولم أتنازل ومرة تلو الاخرى عبأت بانضباط أربع نسخ من أجل اذن الدخول. ولم ترد القاهرة حتى قبل اسبوعين.
كنت منفعلة جدا ولم أنم قبل السفر بيومين. قال لي اصدقاء اسرائيليون: هل جننتِ؟؟ من يسافر إلى هناك؟؟ وقال آخرون: يا ليتني اني معك، وبعد أن اشتريت تذاكر السفر ابلغت اصدقائي القدامى انني سازورهم وفي القريب في أم الدنيا. قالوا لي: تعالي وشاهدي التغيير الذي حصل. اصبحنا 90 مليون، وكل واحد الان سياسي، وكل واحد لديه ما يقوله عن السلطة، وكل واحد يقدم للرئيس النصائح ويقدم الدعاوي حول سلوك الدولة. هذا لم يكن في عهد مبارك.
الطائرة التي حطت في مطار القاهرة الدولي مليئة بالمسافرين. لكن ثلاثة فقط نزلوا في مصر اما الباقون سيواصلون باتجاه جنوب افريقيا والهند والشرق الادنى. وبعد ساعة ستعود الطائرة لتل ابيب وعليها طاقم الدبلوماسيين والحراس في السفارة الاسرائيلية من اجل نهاية الاسبوع. لا توجد لهم مكاتب او سفارة، يعملون في بيت السفير. الطاقم مقلص وفي تل أبيب بالمقابل توجد سفارة مصرية ولا يوجد سفير. عليك ان تفهمي، انك لا تعنين شيئا لنا. يقول لي هشام قاسم، وهو الصحفي الذي أسس جريدة «مصر اليوم»: «اسرائيل ليست هي العدو، ولدينا عمل جيد معكم في الشؤون الامنية وتعلم الطرفان ان يعملا بصمت، عند الضرورة، يرفعون السماعة ويتصلون بكم، والعكس»، لا توجد لدى قاسم مشكلة بدعوتي لفنجان قهوة واذا سأله احد عني يقول هذه صحفية اسرائيلية. «لقد كنت معارضا علنيا لحسني مبارك، لم احتمل الفساد، وابتعاد السلطة عن الشعب. قاومت حسني مبارك 20 عام، وانضممت إلى المعارضة التي رشحت منافس لحسني مبارك لكن الاخير وضع المرشح في السجن، وانا تركت السياسة».
«بنظرة إلى الوراء، اعتقد ان عاما قد ذهب سدى، الشبان حققوا الهدف ولكن دون خطة عمل بعد ذلك، خطف الاخوان المسلمون السلطة. انا اعتقد انهم حصلوا على الاغلبية في الانتخابات بسبب كراهية مبارك، ولكن حين تبين انهم يريدون تحويل مصر إلى دولة دين إسلامية مثل ايران، وبعد ان زوروا الدستور وحاولوا السيطرة على الجيش، تمت الاطاحة بهم».
«لم يعد الناس خائفين، المصري البسيط الذي يحل جميع مشاكله بالمزاح تحول إلى عدائي، تعلم ابن الشارع ان يسمع صوته ورأيه وان يسقط الدكتاتور، السيسي نفسه يفهم انه اذا فشل قد تحدث ثورة. لكن لا اعتقد انهم سينتفضون ضده لان البديل سيء جدا».
«لقد اثبتت السنوات الاربع الماضية ان مبارك لم يفعل شيئا للحفاظ على السلام مع اسرائيل، لم يغلق الانفاق ولم يحارب حماس، واليوم يوجد تعاون استراتيجي كبير، الدور الاسرائيلي في أمريكا لصالح المساعدات لمصر ولصالح الاعتراف بالسيسي كرئيس شرعي كان أمرا استثنائيا. ويوجد لدينا من يُقدر جهودكم».
«اشخاص مثلي، عارضوا في السابق علاقات طبيعية مع اسرائيل، يقولون اليوم بصوت مرتفع: لا توجد مشكلة في الحديث مع الاسرائيليين، العدو الحقيقي لنا هو حماس وتنظيم الدولة وزعماء يؤيدون الإسلام المتطرف. لا توجد لدي مشكلة في الظهور مع الاسرائيليين أو أن يقولوا عني مطبّع».
من الصعب أن أبتعد عن الميدان، أقف إلى جانب القوى الامنية، رأسي المكشوف لا يثير التفات أحد، أنا أعتبر في نظرهم سائحة ومصر محتاجة للسياحة، مكعبات اسمنتية عالية تحيط بالجامعة الأمريكية. هنا تهجمت مجموعة على الصحفية الأمريكية لارا لوجين وتم سحبها إلى أحد الأزقة والتهجم عليها مثل الحيوانات، لكنها أُنقذت، صعدت إلى الطائرة وغادرت ولم تعد إلى مصر.
الى تلك الأزقة قام متظاهرون بسحب متظاهرات واغتصابهن. احدى هؤلاء البنات قام السيسي بزيارتها في المستشفى، وتعهد أمام الكاميرات أن أمرا كهذا لن يتكرر. لا أحد يتهجم على النساء ويحط من احترامهن، وأنه سيتم القبض على الجناة ومعاقبتهم.
تروي الرسومات على الجدران قصة الثورتين، العنف، الدموع، خيبة الأمل لدى الجيل الشاب الذي خرج لطرد رئيسين. صورة لمصطفى الذي قتل على أيدي الاجهزة الامنية، صورة اخرى لشاب يحمل نصف ساندويش فلافل ويتوسل: «أعطونا عمل، لنجد ما نأكله»، وصورة لوائل غنيم «نبي غوغل» الذي أرسل الملايين عن بعد في الموجة الاولى لمتظاهري التحرير. غنيم لم يعد في مصر منذ زمن، فقد يئس من الثورة، عاد إلى «غوغل» ونشر كتاب حول اسباب عدم خوفه هو ورفاقه من السلطة.
في اليوم التالي ذهبت إلى خان الخليلي. يوجد هناك بوستر يتضمن صور الرؤساء ويظهر فيه جمال عبد الناصر والسادات والسيسي. قلت لصاحب المحل إن صورة أحدهم غير موجودة. «هل جننت.. هل أعلق صورة حسني؟؟ أنا لا أريده، هو غير موجود من ناحيتي».
في الطريق إلى الأهرامات
نتباطأ أمام المدخل إلى المستشفى العسكري الذي أحضر اليه السادات في المعادي، بعد أن أطلقت عليه النار في الذكرى الثامنة لحرب يوم الغفران. نائبه في ذلك الحين، حسني مبارك، يتعالج هنا منذ ثلاث سنوات. لقد تمت تبرئة مبارك من مسؤولية قتل المتظاهرين، لكن البنود حول الفساد في «قصور الرئاسة» لم تسقط بعد، هو حر عمليا ويستطيع العودة إلى البيت، لكنه يفضل البقاء في المستشفى إلى حين انتهاء المحاكمة.
ليست هذه المحاكمة الوحيدة التي تشغل مصر. مرسي حكم عليه هذا الاسبوع بالاعدام. وبعد اسبوعين سيقدم مرة اخرى من اجل سماع الحكم بتهمة الاتصال مع حزب الله، حماس وايران. وكما يعتقدون في القاهرة فان الرئيس السيسي لن يصادق على حكم الاعدام بحق سلفه مرسي. أقف مطولا أمام احدى عجائب الدنيا السبع، بعد ساعة يصل جمال مبارك مع زوجته وابنته، حاملا كاميرا. لقد خرج من السجن منذ فترة قصيرة وهذه هي المرة الثانية التي يظهر فيها على الملأ.
لقد أعطاني أحد الاصدقاء قبل 12 سنة كتاب وقال لي اقرأيه. كان اسم الكتاب «عمارة يعقوبيان» وتدور قصته حول عمارة تحمل هذا الاسم ويسكن فيها الأغنياء والفقراء الذين يعيشون على السطح مع الدجاج. حتى الآن طبع الكتاب للمرة الـ 14 وترجم إلى 24 لغة وهو الثاني من حيث البيع في العالم العربي بعد القرآن الكريم. الكاتب الاسواني هو نبي الثورة حيث تنبأ بها، ويرفض المرة تلو الاخرى ترجمة الكتاب للغة العبرية ويقرن ذلك بانهاء الصراع مع الفلسطينيين.
وصلت إلى عمارة يعقوبيان بسهولة، وجاء باتجاهي الحارس وكأنه يخرج من الكتاب بلباسه الجلابية. سألته هل قرأت كتاب «عمارة يعقوبيان»، فأجابني نعم قرأته لكن شخصيتي لم تعجبني، فأنا أكثر حذاقة..
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هكذا قال اوباما
ليس هناك في الواقع جمود سياسي ومن يعتقد ذلك يكون واهماً
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
المضمون:( يرى الكاتب ان اسرائيل اذا لم تقم بالمبادرة، فانها ستُجر إلى اماكن غير مرغوب فيها. هذا ليس تخويفا، المخاطر ملموسة. اسرائيل ليست خارج التاريخ. ليس هناك تجميد سياسي ولكن فقط وهم.)
إن تصريح الرئيس اوباما في مقابلة مع قناة «العربية» أنه في السنة القادمة ليس هناك احتمال في تقدم العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، مر من تحت الرادار السياسيالعام في اسرائيل، بدون رد حقيقي. يمكننا أن نفهم هذا على ضوء حقيقة أن اسرائيل منشغلة بالسياسة الداخلية لتشكيل الحكومة وتعيين الوزراء. هذا مؤسف، لأن الموضوع السياسي يحمل في طياته مخاطر مصيرية تجاه اسرائيل.
هكذا قال اوباما: «لا أعتقد أن اتفاقا شاملا هو أمر ممكن مع الاخذ في الاعتبار الحكومة الاسرائيلية الجديدة والتحديات التي يواجهها الرئيس الفلسطيني». يبدو أن الحديث يدور عن قول عابر، لكن مع ذلك توجد فيه رسالة هامة جدا. اوباما يتهميفحصتركيبة حكومة اسرائيل، ويصل إلى استنتاج أن وجهتها ليست نحو العملية السياسية. كذلك ايضا أبو مازن ذُكر كمن يواجه صعوبات كبيرة، لكن الرئيس اختار، لاسبابه الخاصة، ألا يلقي التهمة ايضا على أبو مازن وكأنه لا يريد العملية السياسية، بل كمن يواجه صعوبات كبيرة، أي حماس ومنظمات الرفض الاخرى.
المعنى الوحيد لاقوال اوباما هو أنه حتى نهاية فترة ولايته في كانون الثاني 2017، فان حكومة اسرائيل التي تشكلت في هذه الاثناء تستطيع أن تهدأ وتواصل التمتع بالجمود السياسي الذي جميع اعضاء الحكومة يريدونه جدا. لكن السم في الدسم: من يعتقد أن هناك تجميدا حقيقيا في العالم بشكل عام، وفي الشرق الاوسط بشكل خاص، فانه يخطيء خطأ كبيرا. قبل الغوص في أعماق المخاطر الكامنة في التسليم بنظرية التجميد، نُذكر فقط أن موضوعا تافها مثل خطر ابعاد اسرائيل من الـ «فيفا»، زيارة رئيس الـ «فيفا» بلاتر لاسرائيل وجهود زعماء اسرائيل وقيادات كرة القدم لمنع اقصاء اسرائيلكل ذلك هو مثال لما يمكن أن تتطور اليه الامور في الساحة الدولية ضد اسرائيل.
إن هجمات الادارة الأمريكية، وفيها الرئيس اوباما بصوته، ضد رئيس الحكومة والحكومة الحالية تشير إلى الاحتقار المتبادل. نتنياهو يكثر من الحديث عن الامن لكنه يتجاهل أحد المكونات الهامة لامن اسرائيلالعلاقات مع الولايات المتحدة. من يفهم الوضع بين الدولتين فانه لا يستطيع إلا أن يكون قلقا. الموقف الاسرائيلي الذي يستخف باوباما معروف. علينا أن نتذكر أن للأمريكيين صفة ليست محبوبة جدا: عدم نسيان الاهانة والدفع للمهينين.
من يعرف الجو السائد اليوم في الولايات المتحدة، في الجامعات وفي أروقة الادارة وفي المنظمات الدولية، يعرف جيدا أن المخاطر التي تنتظر باسرائيل كبيرة جدا بدءً من المقاطعة وانتهاء بالمواقف القاسية المناوئة لاسرائيل في الامم المتحدة. يمكن الاستخفاف لكن يجب أن نتذكر أن هناك امكانية لأن تقع علينا مفاجآت غير سارة.
من يعتقد في الحقيقة أنه سيكون هناك تجميد، مخطيء.
اذا لم تقم اسرائيل بالمبادرة، فانها ستُجر إلى اماكن غير مرغوب فيها. هذا ليس تخويفا، المخاطر ملموسة. اسرائيل ليست خارج التاريخ. ليس هناك تجميد سياسي ولكن فقط وهم. تحت البساط تحدث أحداث. المثال الافضل لذلك هو حرب يوم الغفران. غولدا وزملاءها تجاهلوا كل التحذيرات وقدسوا الجمود السياسي. حينذاك حلت مفاجأة يوم الغفران والتهمت الاوراق. احيانا التاريخ يضلل، كما أنه يكرر نفسه بهذا الشكل أو بآخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
يتعامل التنظيم في العراق وسوريا بطريقة واحدة لتحقيق أهدافه
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
المضمون:( يرى الكاتب ان تنظيم الدولة وضع منذ الان في مواجهته سورا واقيا في أنه ربط بين الجبهتين السورية و العراقية مما يجعل صعبا جدا التعاون العسكري بين جيشي العراق وسوريا.)
احتلال مدينة تدمر في سوريا في اليومين الاخيرين من تنظيم الدولة الإسلامية هو ضربة لا مرد لها لواحد من الاثار الثقافية الهامة في العالم. وحسب تقارير من سوريا، فقد بدأ مقاتلو تنظيم الدولة منذ الان بتخريب المواقـع الـقـديمة والتخوف المعقول هو أن يصل التراث الآشوري الـذي صمد نحو آلاف السنين إلى منتهاه على ايدي التنـظيم.
في اليومين الماضيين قتل أكثر من اربعمئة شخص في المدينة واعتقل الاف آخرون بعد أن فر جنود الجيش السوري للنجاة بارواحهم رغم عددهم المتفوق ومعداتهم العسكرية الكثيرة التي كانت في حوزتهم. وهكذا نجح تنظيم الدولة، بعد وقت قصير من سيطرته على مدينة الرمادي في العراق، الاستيلاء على كميات هائلة من السلاح والذخيرة المخزنة في مخازن الجيش السوري في المنطقة وشكلت جبهة داخلية حيوية لتموين القوات السورية.
ولكن مثل احتلال الرمادي هكذا ايضا احتلال تدمر ليس حدثا محليا مصادفا، بل جزء من استراتيجية اقليمية تربط بين الجبهة العراقية والجبهة السورية الاخذة في خلق مجال سيطرة واحد.
يبين الاطلاع على الخريطة استراتيجية الاحتلالات التي أكملت في الايام الاخيرة محور حركة متواصل بين الرمادي في الشرق، عبر معبر الحدود تنف الذي بين العراق وسوريامعبر الحدود الاخير مع العراق الذي كان تحت سيطرة النظام السوريومنه إلى تدمر التي تقع على مفترق طرق هام.
تقع تدمر على المحور المركزي إلى دير الزور والى الرقة التي تحت سيطرة تنظيم الدولة في الشمال، وعلى المحور الرئيس بين دير الزور ومدينة حمص الكبرى في الغرب. وتقطع السيطرة على هذه المحاور الجيش السوري عن المحافظات الاساسية التي لا يزال يسيطر فيها في غربي الدولة، ولا تبقي لدى السوريين سوى منظومة المحاور الغربية التي تربط بين دمشق وجبال القلمون ومن هناك إلى محافظة اللاذقية، التي تعتبر المعقل المركزي للنظام.
وفي نفس الوقت، في الجناح الشرقي، يمنع احتلال الرمادي قدرة الجيش العراقي والميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة ايرانية من أن تمد المعونة للقبائل السنية او لادارة معركة لتحرير محافظة الانبار المحاذية لسوريا.
لقد ميزت طريقة احتلال المحاور والمفترقات الرئيسة استراتيجية تنظيم الدولة منذ بداية احتلال العراق في حزيران 2014، حينما بعد احتلال الموصل سارعت قوات التنظيم إلى الاستيلاء على المحاور المؤدية إلى غرب الدولة ومعابر الحدود من اجل خلق تواصل سيطرة قبل أن تتفرغ لاحتلال المدن نفسها والثبات فيها.
هذه الاستراتيجية التي أثبتت حتى الان نجاعتها، تلزم التحالف العربي ولا سيما الولايات المتحدة لان تتعاطى مع العراق وسوريا كجبهة واحدة، وليس كموقعي قتال منفصلين كل منهما يملي قواعد انخراط مختلفة.
وحسب الفهم المتبع، فان الولايات المتحدة ترى في العراق منطقة نار حرة ليست مقيدة من الحكومة العراقية، ايران أو روسيا، بينما الجبهة في سوريا تلزم التحالف بمراعاة مواقف الاخيرين خشية المواجهة الشاملة.
ويخدم هذا التمييز جدا تنظيم الدولة الإسلامية الذي رأى بانه يستغل قيود العمل ضده في سوريا كي يمد منها شرايين سيطرته في العراق. وبهذا الشكل فقد نجح في أن يقيم لنفسه جبهة داخلية لوجستية واقتصادية مزدوجة، واحدة في سوريا والثانية في العراق، بحيث أنه حتى لو انهار في احداهما، فسيكون بوسع الثانية أن تغذية بفضل السيطرة على محاور الحركة. ومن هنا ايضا المنفعة المحدودة التي للهجمات الجوية على منشآت تنظيم الدولة.
وكان السناتور الأمريكي جون ماكين قال يوم الخميس في مقابلة مع «اطلنطيك» ان «75 في المئة من الطائرات التي تنطلق إلى هجمات على قواعدهم تعود دون ان تلقي قنابلها لانه لا يوجد على الارض من يحدد لها الاهداف». ويؤيد ماكين الهجوم البري وارسال الاف الجنود الأمريكيين للمشاركة في المعركة.
ولكن حتى لو تقرر فتح معركة بريةالقرار الذي يبدو في هذه اللحظة بعيدافقد وضع تنظيم الدولة منذ الان في مواجهته سورا واقيا في أنه ربط بين الجبهتين مما يجعل صعبا جدا التعاون العسكري بين جيشي العراق وسوريا.
اما مفترق القرار التالي لتنظيم الدولة فسيكون إذن في أي اتجاه يمد فيه سيطرته. هل يواصل شرقا من الرمادي إلى حبانية وحتى اطراف بغداد في العراق أم يوسع السيطرة في سوريا لاحتلال مدينة حمص ومنها إلى الحدود اللبنانية.
تنظيم الدولة ملزم بان يغذي نفسه اقتصاديا وبالتالي فهو مطالبا احتلال المزيد من المناطق المدينية كي ينتزع منها الارباح من الضرائب، التجارة ودفعات الفدية، والا يبذر جهودا كبرى على «المناطق المفتوحة».
وعليه، فان حماس قد تكون اغراء اكبر من حبانية في العراق، فما بالك انه في الجبهة السورية يمكن لتنظيم الدولة أن يستغل في صالحه ايضا الخصومات التي بين الميليشيات المختلفة وبينها بين الجيش السوري وحزب الله.
هذه المنظومة من القوات من شأنها ايضا أن تجبر التحالف العربي على تغيير سياسته تجاه ميليشيات الثوار، ومنح بعضها، مثل جبهة النصرة، وبعض الميليشيات التي تشكل جيش الفتح، شهادة تسويغ لتركيز الجهود ضد تنظيم الدولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل يمكن إسقاط دكتاتور؟
لقد شهد ميدان التحرير ثورتين أطاحتا برئيسين واليوم لا يمكن التظاهر هناك
بقلم: سمدار بيري،عن معاريف
المضمون:( يرى الكاتب ان المصري البسيط لم يعد الناس خائف والذي يحل جميع مشاكله بالمزاح تحول إلى عدائي، تعلم ابن الشارع ان يسمع صوته ورأيه وان يسقط الدكتاتور، السيسي نفسه يفهم انه اذا فشل قد تحدث ثورة. لكن لا اعتقد انهم سينتفضون ضده لان البديل سيء جدا)
القلب النابض لانتفاضة الملايين التي اسقطت نظام حسن مبارك ومحمد مرسي، يبدو في ظهيرة اليوم كممر عبور هاديء من النيل حتى سلسلة المحلات في مدينة القاهرة. هنا وهناك تشاهد نساء يسرن بازواج يتهامسن ويلبسن الحجاب الملون، يسرعن للعمل، لا احد يتوقف ولا احد يبتسم، يحافظن على هدوء كبير، والتصوير ممنوع.
لا توجد في الميدان معالم للاحتجاج وهي نظيفة، وقبل اسبوعين ازيلت النصب التذكارية لشهداء الثورة وبدلا منها رفع العلم المصري عاليا. ومن يصل إلى هنا لا يستطيع تخيل ما حصل خلال الاربع سنوات الماضية.
على الجهة اليمنى لميدان التحرير متحف مصر الوطني، وعلى اليسار مقر الاستخبارات هنا حققوا وهنا قرروا من يحول إلى السجن ومن يعود إلى البيت.
وفي احدى الزوايا تتواجد آليات عسكرية لتذكر بالايام العنيفة التي شهدها ميدان التحرير، من يريد التظاهر من اجل السيسي يجب ان يأخذ اذنا بذلك. على المداخل السبعة لميدان التحرير يتواجد الجيش مع كلاب الاثر بحثا عن المتفجرات.
لم أكن في مصر مدة خمس سنوات واصدقائي في القاهرة علموني أن من يشرب من مياه النيل، سيعود اليها، لكن المكان الذي كان في يوم من الايام بيتي الثاني اغلق بوجههي فجأة.
يوم اندلاع «الربيع العربي» ضد مبارك في كانون ثاني 2011 توقفوا عن اصدار تصاريح دخول للاسرائيليين، وحين حاولت الحصول على فيزا قال دبلوماسي رفيع المستوى في وزارة الخارجية المصرية «هذا ما ينقصنا، ان تتهجم الجموع الغفيرة على صحفي اسرائيلي». لم اقتنع ولم أتنازل ومرة تلو الاخرى عبأت بانضباط أربع نسخ من أجل اذن الدخول. ولم ترد القاهرة حتى قبل اسبوعين.
كنت منفعلة جدا ولم أنم قبل السفر بيومين. قال لي اصدقاء اسرائيليون: هل جننتِ؟؟ من يسافر إلى هناك؟؟ وقال آخرون: يا ليتني اني معك، وبعد أن اشتريت تذاكر السفر ابلغت اصدقائي القدامى انني سازورهم وفي القريب في أم الدنيا. قالوا لي: تعالي وشاهدي التغيير الذي حصل. اصبحنا 90 مليون، وكل واحد الان سياسي، وكل واحد لديه ما يقوله عن السلطة، وكل واحد يقدم للرئيس النصائح ويقدم الدعاوي حول سلوك الدولة. هذا لم يكن في عهد مبارك.
الطائرة التي حطت في مطار القاهرة الدولي مليئة بالمسافرين. لكن ثلاثة فقط نزلوا في مصر اما الباقون سيواصلون باتجاه جنوب افريقيا والهند والشرق الادنى. وبعد ساعة ستعود الطائرة لتل ابيب وعليها طاقم الدبلوماسيين والحراس في السفارة الاسرائيلية من اجل نهاية الاسبوع. لا توجد لهم مكاتب او سفارة، يعملون في بيت السفير. الطاقم مقلص وفي تل أبيب بالمقابل توجد سفارة مصرية ولا يوجد سفير. عليك ان تفهمي، انك لا تعنين شيئا لنا. يقول لي هشام قاسم، وهو الصحفي الذي أسس جريدة «مصر اليوم»: «اسرائيل ليست هي العدو، ولدينا عمل جيد معكم في الشؤون الامنية وتعلم الطرفان ان يعملا بصمت، عند الضرورة، يرفعون السماعة ويتصلون بكم، والعكس»، لا توجد لدى قاسم مشكلة بدعوتي لفنجان قهوة واذا سأله احد عني يقول هذه صحفية اسرائيلية. «لقد كنت معارضا علنيا لحسني مبارك، لم احتمل الفساد، وابتعاد السلطة عن الشعب. قاومت حسني مبارك 20 عام، وانضممت إلى المعارضة التي رشحت منافس لحسني مبارك لكن الاخير وضع المرشح في السجن، وانا تركت السياسة».
«بنظرة إلى الوراء، اعتقد ان عاما قد ذهب سدى، الشبان حققوا الهدف ولكن دون خطة عمل بعد ذلك، خطف الاخوان المسلمون السلطة. انا اعتقد انهم حصلوا على الاغلبية في الانتخابات بسبب كراهية مبارك، ولكن حين تبين انهم يريدون تحويل مصر إلى دولة دين إسلامية مثل ايران، وبعد ان زوروا الدستور وحاولوا السيطرة على الجيش، تمت الاطاحة بهم».
«لم يعد الناس خائفين، المصري البسيط الذي يحل جميع مشاكله بالمزاح تحول إلى عدائي، تعلم ابن الشارع ان يسمع صوته ورأيه وان يسقط الدكتاتور، السيسي نفسه يفهم انه اذا فشل قد تحدث ثورة. لكن لا اعتقد انهم سينتفضون ضده لان البديل سيء جدا».
«لقد اثبتت السنوات الاربع الماضية ان مبارك لم يفعل شيئا للحفاظ على السلام مع اسرائيل، لم يغلق الانفاق ولم يحارب حماس، واليوم يوجد تعاون استراتيجي كبير، الدور الاسرائيلي في أمريكا لصالح المساعدات لمصر ولصالح الاعتراف بالسيسي كرئيس شرعي كان أمرا استثنائيا. ويوجد لدينا من يُقدر جهودكم».
«اشخاص مثلي، عارضوا في السابق علاقات طبيعية مع اسرائيل، يقولون اليوم بصوت مرتفع: لا توجد مشكلة في الحديث مع الاسرائيليين، العدو الحقيقي لنا هو حماس وتنظيم الدولة وزعماء يؤيدون الإسلام المتطرف. لا توجد لدي مشكلة في الظهور مع الاسرائيليين أو أن يقولوا عني مطبّع».
من الصعب أن أبتعد عن الميدان، أقف إلى جانب القوى الامنية، رأسي المكشوف لا يثير التفات أحد، أنا أعتبر في نظرهم سائحة ومصر محتاجة للسياحة، مكعبات اسمنتية عالية تحيط بالجامعة الأمريكية. هنا تهجمت مجموعة على الصحفية الأمريكية لارا لوجين وتم سحبها إلى أحد الأزقة والتهجم عليها مثل الحيوانات، لكنها أُنقذت، صعدت إلى الطائرة وغادرت ولم تعد إلى مصر.
الى تلك الأزقة قام متظاهرون بسحب متظاهرات واغتصابهن. احدى هؤلاء البنات قام السيسي بزيارتها في المستشفى، وتعهد أمام الكاميرات أن أمرا كهذا لن يتكرر. لا أحد يتهجم على النساء ويحط من احترامهن، وأنه سيتم القبض على الجناة ومعاقبتهم.
تروي الرسومات على الجدران قصة الثورتين، العنف، الدموع، خيبة الأمل لدى الجيل الشاب الذي خرج لطرد رئيسين. صورة لمصطفى الذي قتل على أيدي الاجهزة الامنية، صورة اخرى لشاب يحمل نصف ساندويش فلافل ويتوسل: «أعطونا عمل، لنجد ما نأكله»، وصورة لوائل غنيم «نبي غوغل» الذي أرسل الملايين عن بعد في الموجة الاولى لمتظاهري التحرير. غنيم لم يعد في مصر منذ زمن، فقد يئس من الثورة، عاد إلى «غوغل» ونشر كتاب حول اسباب عدم خوفه هو ورفاقه من السلطة.
في اليوم التالي ذهبت إلى خان الخليلي. يوجد هناك بوستر يتضمن صور الرؤساء ويظهر فيه جمال عبد الناصر والسادات والسيسي. قلت لصاحب المحل إن صورة أحدهم غير موجودة. «هل جننت.. هل أعلق صورة حسني؟؟ أنا لا أريده، هو غير موجود من ناحيتي».
في الطريق إلى الأهرامات
نتباطأ أمام المدخل إلى المستشفى العسكري الذي أحضر اليه السادات في المعادي، بعد أن أطلقت عليه النار في الذكرى الثامنة لحرب يوم الغفران. نائبه في ذلك الحين، حسني مبارك، يتعالج هنا منذ ثلاث سنوات. لقد تمت تبرئة مبارك من مسؤولية قتل المتظاهرين، لكن البنود حول الفساد في «قصور الرئاسة» لم تسقط بعد، هو حر عمليا ويستطيع العودة إلى البيت، لكنه يفضل البقاء في المستشفى إلى حين انتهاء المحاكمة.
ليست هذه المحاكمة الوحيدة التي تشغل مصر. مرسي حكم عليه هذا الاسبوع بالاعدام. وبعد اسبوعين سيقدم مرة اخرى من اجل سماع الحكم بتهمة الاتصال مع حزب الله، حماس وايران. وكما يعتقدون في القاهرة فان الرئيس السيسي لن يصادق على حكم الاعدام بحق سلفه مرسي. أقف مطولا أمام احدى عجائب الدنيا السبع، بعد ساعة يصل جمال مبارك مع زوجته وابنته، حاملا كاميرا. لقد خرج من السجن منذ فترة قصيرة وهذه هي المرة الثانية التي يظهر فيها على الملأ.
لقد أعطاني أحد الاصدقاء قبل 12 سنة كتاب وقال لي اقرأيه. كان اسم الكتاب «عمارة يعقوبيان» وتدور قصته حول عمارة تحمل هذا الاسم ويسكن فيها الأغنياء والفقراء الذين يعيشون على السطح مع الدجاج. حتى الآن طبع الكتاب للمرة الـ 14 وترجم إلى 24 لغة وهو الثاني من حيث البيع في العالم العربي بعد القرآن الكريم. الكاتب الاسواني هو نبي الثورة حيث تنبأ بها، ويرفض المرة تلو الاخرى ترجمة الكتاب للغة العبرية ويقرن ذلك بانهاء الصراع مع الفلسطينيين.
وصلت إلى عمارة يعقوبيان بسهولة، وجاء باتجاهي الحارس وكأنه يخرج من الكتاب بلباسه الجلابية. سألته هل قرأت كتاب «عمارة يعقوبيان»، فأجابني نعم قرأته لكن شخصيتي لم تعجبني، فأنا أكثر حذاقة..
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هكذا قال اوباما
ليس هناك في الواقع جمود سياسي ومن يعتقد ذلك يكون واهماً
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
المضمون:( يرى الكاتب ان اسرائيل اذا لم تقم بالمبادرة، فانها ستُجر إلى اماكن غير مرغوب فيها. هذا ليس تخويفا، المخاطر ملموسة. اسرائيل ليست خارج التاريخ. ليس هناك تجميد سياسي ولكن فقط وهم.)
إن تصريح الرئيس اوباما في مقابلة مع قناة «العربية» أنه في السنة القادمة ليس هناك احتمال في تقدم العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، مر من تحت الرادار السياسيالعام في اسرائيل، بدون رد حقيقي. يمكننا أن نفهم هذا على ضوء حقيقة أن اسرائيل منشغلة بالسياسة الداخلية لتشكيل الحكومة وتعيين الوزراء. هذا مؤسف، لأن الموضوع السياسي يحمل في طياته مخاطر مصيرية تجاه اسرائيل.
هكذا قال اوباما: «لا أعتقد أن اتفاقا شاملا هو أمر ممكن مع الاخذ في الاعتبار الحكومة الاسرائيلية الجديدة والتحديات التي يواجهها الرئيس الفلسطيني». يبدو أن الحديث يدور عن قول عابر، لكن مع ذلك توجد فيه رسالة هامة جدا. اوباما يتهميفحصتركيبة حكومة اسرائيل، ويصل إلى استنتاج أن وجهتها ليست نحو العملية السياسية. كذلك ايضا أبو مازن ذُكر كمن يواجه صعوبات كبيرة، لكن الرئيس اختار، لاسبابه الخاصة، ألا يلقي التهمة ايضا على أبو مازن وكأنه لا يريد العملية السياسية، بل كمن يواجه صعوبات كبيرة، أي حماس ومنظمات الرفض الاخرى.
المعنى الوحيد لاقوال اوباما هو أنه حتى نهاية فترة ولايته في كانون الثاني 2017، فان حكومة اسرائيل التي تشكلت في هذه الاثناء تستطيع أن تهدأ وتواصل التمتع بالجمود السياسي الذي جميع اعضاء الحكومة يريدونه جدا. لكن السم في الدسم: من يعتقد أن هناك تجميدا حقيقيا في العالم بشكل عام، وفي الشرق الاوسط بشكل خاص، فانه يخطيء خطأ كبيرا. قبل الغوص في أعماق المخاطر الكامنة في التسليم بنظرية التجميد، نُذكر فقط أن موضوعا تافها مثل خطر ابعاد اسرائيل من الـ «فيفا»، زيارة رئيس الـ «فيفا» بلاتر لاسرائيل وجهود زعماء اسرائيل وقيادات كرة القدم لمنع اقصاء اسرائيلكل ذلك هو مثال لما يمكن أن تتطور اليه الامور في الساحة الدولية ضد اسرائيل.
إن هجمات الادارة الأمريكية، وفيها الرئيس اوباما بصوته، ضد رئيس الحكومة والحكومة الحالية تشير إلى الاحتقار المتبادل. نتنياهو يكثر من الحديث عن الامن لكنه يتجاهل أحد المكونات الهامة لامن اسرائيلالعلاقات مع الولايات المتحدة. من يفهم الوضع بين الدولتين فانه لا يستطيع إلا أن يكون قلقا. الموقف الاسرائيلي الذي يستخف باوباما معروف. علينا أن نتذكر أن للأمريكيين صفة ليست محبوبة جدا: عدم نسيان الاهانة والدفع للمهينين.
من يعرف الجو السائد اليوم في الولايات المتحدة، في الجامعات وفي أروقة الادارة وفي المنظمات الدولية، يعرف جيدا أن المخاطر التي تنتظر باسرائيل كبيرة جدا بدءً من المقاطعة وانتهاء بالمواقف القاسية المناوئة لاسرائيل في الامم المتحدة. يمكن الاستخفاف لكن يجب أن نتذكر أن هناك امكانية لأن تقع علينا مفاجآت غير سارة.
من يعتقد في الحقيقة أنه سيكون هناك تجميد، مخطيء.
اذا لم تقم اسرائيل بالمبادرة، فانها ستُجر إلى اماكن غير مرغوب فيها. هذا ليس تخويفا، المخاطر ملموسة. اسرائيل ليست خارج التاريخ. ليس هناك تجميد سياسي ولكن فقط وهم. تحت البساط تحدث أحداث. المثال الافضل لذلك هو حرب يوم الغفران. غولدا وزملاءها تجاهلوا كل التحذيرات وقدسوا الجمود السياسي. حينذاك حلت مفاجأة يوم الغفران والتهمت الاوراق. احيانا التاريخ يضلل، كما أنه يكرر نفسه بهذا الشكل أو بآخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ