المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء محلي 14/05/2015



Haneen
2015-06-28, 11:36 AM
في هذا الملف:
في ذكرى النكبة: لن ننسى ومتمسكون بحقوقونا بقوة
حديث صحيفة القدس
حتى يتحقق حلم عريقات إلى حقيقة ...
طلال عوكل عن صحيفة الأيام
هل يفعلها «الإخوان المسلمون»؟
حمادة فراعنة عن صحيفة الأيام
نبض الحياة - النكبة وحق العودة
عمر حلمي الغول عن صحيفة الحياة الجديدة
سيرة وانفتحت - خالدة جرار وشهادة البردويل
حسن سليم عن صحيفة الحياة الجديدة
في ذكرى النكبة-اللاجئون الفلسطينيون من الريادة إلى التهميش والتصفية
بقلم: د.ابراهيم أبراش عن وكالة معــا
«حماس»: رِجل لدى إسرائيل ورِجل في المصالحة..
بقلم: أشرف العجرمي عن وكالة سما
"الوحدة الوطنية تعمل ولا تتكلم "
بقلم :د. حنا عيسى – عن وكالة pnn


في ذكرى النكبة: لن ننسى ومتمسكون بحقوقونا بقوة
حديث صحيفة القدس
تصادف غدا، ١٥ أيار، ذكرى انتهاد الانتداب البريطاني على فلسطين وقيام دولة اسرائيل التي احتلت ارضنا وشردت مذات آلاف الفلسطينيين ودمرت اكثر من ٥٠٠ قرية ومدينة فلسطينية، واصبح ذلك التاريخ ومنذ العام ١٩٤٨، ذكرى النكبة الفلسطينية المستمرة حتى اليوم وبعد احتلال كل اراضي فلسطين التاريخية في حرب ١٩٦٧، واستمرار السياسة التوسعية والاستيطان ومصادرة الارض وتهجير المواطنين وهدم بيوتهم ورفض القبول بالمنطق الدولي والقانوني الذي يقف ضد الاحتلال ويطالب بازالته وقد اصبح آخر احتلال في العالم تقريبا.
لقد تضاعفت اعداد شعبنا منذ النكبة سواد في الداخل الفلسطيني حيث يعيش نحو ١.٥ مليون إنسان، او في الضفة وغزة وكل بلدان المهاجر والشتات، وصار عددنا نحو ١٢ مليونا. وقد احيت، كما هي العادة في كل عام الجماهير الفلسطينية هذه المناسبة بالمسيرات والتجمعات التي رفعت اسماء المدن والقرى التي ينتمي اليها هؤلاء اللاجئون، وبمشاركة اطفال من الجيل الثالث او الرابع للنكبة مما يؤكد ان شعبنا لن ينسى كما قال بن غوريون حين زعم ان الكبار سيموتون والصغار سينسون .. وشعبنا اليوم متمسك بحقوقه كاملة ولن يتنازل عنها مهما كانت التحديات والمصاعب وسيظل كذلك، خاصة مع ازدياد التفهم الدولي لمواقفنا ومطالبنا العادلة ورفض الاحتلال وسياساته التوسعية.
وفي هذه المناسبة لا بد من صرخة قوية في آذان من يعنيهم الامر من القادة والمسؤولين على اختلاف توجهاتهم ومواقعهم وانتماءاتهم السياسية، بان عودوا الى مسؤولياتكم الوطنية وانهوا هذا الانقسام المدمر لان استمرار الانقسام يعني وبكل بساطة، استمرار حالة الضعف واستمرار النكبة باشكال وصور جديدة ...!!
أهمية اعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية !!
اعلنت دولة الفاتيكان، اعترافها بالدولة الفلسطينية في حدود ٥ حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف، كما تم الاعلان عن اتصالات ومسودة اتفاق لتنظيم العلاقات بين الدولتين، وتجيء هذه الخطوة قبيل اعلان قداسة البابا فرنسيس عن اعلان راهبتين فلسطينيتين بمرتبة القديسات وذلك في احتفال كبير سيقام اليوم بحضور الرئيس ابو مازن وعدد كبري من المسؤولين على مستوى العالم وآلاف المواطنين بمن فيهم مجموعة فلسطينية كبيرة.
قد تكون الفاتيكان دولة صغيرة المساحة ولكنها كبيرة النفوذ والتأثير لدى مئات الملايين من المسيحيين الكاثوليك في كل انحاء العالم الذين سيؤيدون موقف الفاتيكان من الدولة الفلسطينية كل في اماكن تواجده، وبهذا تكتسب قضيتنا دعما قويا وواسعا على مستوى العالم، وهذا امر في غاية الاهمية واعتراف يستحق التقدير والاحترام.
وفي هذا السياق ايضا، فقد اعلن كبير اساقفة افريقيا السابق والحائز على جائزة نوبل للسلام في عام ١٩٨٤، ديزموند توتو في رسالة الى الكنائس الانجيلية الالمانية عن دعوته لهم لكي يرفعوا الصوت عاليا والتضامن العلني مع الشعب الفلسطيني لاقامة دولته المستقلة، لان استمرار سياسة القمع والاستيطان الاسرائيلية ستجعل اقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام الى جانب اسرائيل، امرا شبه مستحيل.
والاهم في صرخة كبير الاساقفة توتوهذه قوله لهذه الكنائس: كما صارعتم عام ١٩٨٠ بضمائركم الحرة الابارتهايد في جنوب افريقيا .. عليكم القيام بالعمل نفسه مع الاحتلالالاسرائيلي وممارساته.
ان هذا موقف هام آخر ويطال جانبا مهما من المجتمع الالماني ويجيء من شخصية دولية مرموقة .. مما يؤكد ايضا اتساع دائرة التفهم لنا ولحقوقنا ورفض السياسات الاسرائيلية التوسعية.

حتى يتحقق حلم عريقات إلى حقيقة ...
طلال عوكل عن صحيفة الأيام
بعد ان انتهى الفصل الحرج، والمفاوضات المضنية التي أجراها بنيامين نتنياهو حتى تمكن من تشكيل حكومته اليمينية المتطرفة، من المرجح أن يفتح ذلك، أمام العديد من القوى التي تنتظر، بوابات التحرك من اجل استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
هي حكومة غير مستقرة، ضعيفة، وقابلة للسقوط في أي لحظة، لأن كل فرد فيها، وكل تكتل سيحاول ممارسة ضغوط وابتزاز على رئيس الحكومة وحزبه، لتحقيق المزيد من المكاسب الحزبية. في الواقع لم يكن نتنياهو لينجح في تشكيل الحكومة، ضمن الفترة القانونية، لولا انه اعتمد سياسة الرشوة، والاسترضاء، ولو كان ذلك على حساب الخزينة العامة، حيث انها توصف على انها الأغلى في تاريخ اسرائيل، اذ كلف تشكيلها نحو ستة مليارات من الشواقل، بالاضافة إلى تعديل القانون في الكنيست، نحو زيادة عدد وزراء الحكومة لاسترضاء اعضاء حزبه. حكومة من هذا النوع، عدا ما هو معروف عنها من تطرف، لا يمكن ان تكون حكومة سلام، ولا يمكن ان تكون حكومة مستعدة للتعامل مع الحراك الدولي الباحث عن تحقيق حل الدولتين.
قبل أن تبدأ فرنسا، والولايات المتحدة، جهودهما لتقديم مشاريع قرارات من خلال مجلس الامن الدولي، وقبل ان يبدأ الفلسطينيون التوجه بمشاريع وملفات سواء لمجلس الامن، او للمحكمة الجنائية الدولية، قدم نتنياهو رؤية جديدة للسلام الذي تتظاهر اسرائيل بأنها تسعى اليه.
نتنياهو تحدث عن تسوية اقليمية، يجتزئها من مبادرة السلام العربية وبدون أن تتضمن رؤيته أي حديث عن رؤية الدولتين، او عن اية حقوق اخرى للفلسطينيين.
يعتقد نتنياهو ان الصراعات الخطيرة التي تدور رحاها في المنطقة، ووصلت نيرانها الى منطقة الخليج العربي، تتيح لاسرائيل فرصة نادرة، لإقامة علاقات تعاون مع السعودية ودول الخليج، من واقع عدائهما المشترك لايران، ومعارضتهما لكل ما يتصل بالملف النووي الإيراني.
إسرائيل تعتقد أن المنطقة العربية تعاني من فراغ استراتيجي، في مواجهة مشاريع اقليمية، يتقدمها المشروع الإيراني، لا يستطيع احد في المنطقة سد هذا الفراغ، سواها (إسرائيل) وان العرب سيكونون مضطرين للتعامل مع اسرائيل القوية حفاظاً على مصالحهم، وانظمتهم السياسية. المراهنة الإسرائيلية على حاجة العرب الاضطرارية، من شأنها أن ترفع الغطاء العربي عن القضية الفلسطينية، التي لن تعود في هذه الحالة اولوية بالنسبة للعرب، الذين يتصدر اولوياتهم، الحفاظ على انظمتهم السياسية، المهددة من قبل ايران، والجماعات المتطرفة.
بالنسبة للحقوق الفلسطينية، والرؤية الاسرائيلية لكيفية التعامل مع هذه الحقوق، يتمسك نتنياهو وحكومته، بما يسمى بالسلام الاقتصادي وبتحقيق أو بالأحرى فرض دولة غزة، لا أكثر. اسرائيل تعمل كثيرا وتتحدث قليلا عن دولة غزة، لكنها تعتمد سياسات وإجراءات، نحو تكريس الانقسام الفلسطيني، والسماح ببناء مؤسسات الدولة.
وسواء نجحت الوساطات الأوروبية والعربية، في الحصول على اتفاق بين حماس وإسرائيل، يقضي بهدنة طويلة، مقابل رفع الحصار والسماح بإقامة ميناء ومطار، او لم تنجح هذه المحاولات، فان اسرائيل ستواصل العمل وربما شن المزيد من الحروب، لفرض هذه الدولة. الأمر لا يتعلق بنوايا الفلسطينيين ان كانوا يقبلون او يرفضون خطة دولة غزة، ذلك ان اسرائيل تملك القوة الكافية والظروف المناسبة، لفرض هذا المخطط.
وبالاضافة الى هذه الرؤية الاسرائيلية التي تحمل عنوان التسوية الإقليمية وتمكن الحكومة الإسرائيلية من تدويخ العالم الذي يسعى نحو رؤية الدولتين، فان طبيعة تشكيل الحكومة، تؤمن لنتنياهو القدرة على التهرب من اية التزامات دولية لا ترضي حكومته، وذلك عبر الذهاب مجددا الى انتخابات اخرى مبكرة في حال وجد نفسه في القفص. لا يخفي نتنياهو عداءه للرئيس الأميركي باراك اوباما، ولا يخفي تكتيكاته التي تستهدف تمرير الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأميركي والتي تقارب العام ونصف العام، دون أن يضطر لتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية، الرامية لتنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى.
المشكلة هي ان القوى الكبرى لا تزال تجامل اسرائيل، ولا تزال تقدم لها الدعم، وتوفر لها الذرائع للتهرب، فالمشروع الذي تنوي فرنسا تقديمه إلى مجلس الأمن، يربط بين دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وبين موافقة الفلسطينيين على يهودية الدولة. هذه مساعدة كبيرة وجوهرية لإسرائيل، ذلك أن فرنسا وغيرها، تعرف بأن هذا الربط الاشتراطي، مرفوض كلياً وعلى نحو حاسم من قبل الفلسطينيين، لأن يهودية الدولة هي الترجمة الحقيقية لنكبة أخرى أشد خطورة من كل النكبات السابقة.
في الكواليس، أيضاً، يقال إن الولايات المتحدة تنوي تقديم مشروع قرار الى مجلس الأمن، يقضي بأن تؤجل المحكمة الجنائية الدولية النظر في ملفات جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، لمدة عام كامل. فرنسا، إن كانت تتحرك باسمها أو بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، تعمل من خلال هذه المشاريع على شل السياسة الفلسطينية، والحراك الفلسطيني نحو الأمم المتحدة.
يفترض وعي هذا الحراك الإسرائيلي الأوروبي الأميركي، ان يبادر الفلسطينيون وبسرعة إلى البدء بحوار وطني فلسطيني للتوافق على استراتيجية جديدة، بدأ الدكتور صائب عريقات يتحدث فيها وعنها، ولكن السؤال هو كيف تكون استراتيجية فلسطينية قبل أن ينتهي الانقسام ويشترك الكل في صياغتها؟

هل يفعلها «الإخوان المسلمون»؟
حمادة فراعنة عن صحيفة الأيام
حققت حركة الإخوان المسلمين نجاحاً نقابياً ملموساً في كل من فلسطين والأردن خلال فترة زمنية متقاربة، ففي فلسطين يوم 22/4 حققت نجاحاً ملحوظاً في انتخابات جامعة بيرزيت حين حصلت كتلتها الطلابية على 26 مقعداً بمجموع 3400 صوت، في مواجهة حركة فتح التي حصلت كتلتها على 19 مقعداً، بمجموع 2554 صوتاً، بنسبة مشاركة تجاوزت 77 بالمائة من عدد الطلاب الذين يحق لهم التصويت.
وفي الأردن نجح مرشح حركة الإخوان المسلمين المهندس ماجد الطباع في ان يكون نقيباً للمهندسين يوم 8/ أيار بحصوله على 6666 صوتاً، في مواجهة مرشح تحالف القوى الوطنية والقومية واليسارية المهندس خالد رمضان الذي حصل على 5039 صوتاً، من أصل عدد المهندسين المسددين لاشتراكهم البالغ 61 ألفاً و723 عضواً يحق لهم الاقتراع، وهذا يعني غياب أكثر من 48 ألف مهندس ومهندسة بنسبة مشاركة بلغت أقل من 20 بالمائة.
وسواء في فلسطين أو في الأردن، فقد تمت الانتخابات الطلابية والنقابية في ظل أجواء رسمية غير دافئة من قبل أصحاب القرار السياسي والأمني، في عمان ورام الله، نحو حركة الإخوان المسلمين، وبغير رغبة من جانب السلطات الرسمية في كلا البلدين أن يحقق الإخوان المسلمون هذا النجاح، ولا شك أن القرار والأمنيات لدى الطرفين الأردني والفلسطيني هو عدم نجاح الإخوان المسلمين، والعمل على عدم فوزهم ومع ذلك حقق الإخوان المسلمون النجاح وفازوا بالموقعين: في جامعة بيرزيت الفلسطينية، وفي نقابة المهندسين الأردنية.
السؤال ماذا لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي صاحبة القرار السياسي والأمني في البلدين، هل تسمح بإجراء الانتخابات؟؟ وهل تسمح بنجاح قوى المعارضة الوطنية والقومية واليسارية بالفوز في مواجهتها وفي ظل هيمنة رؤيتها الحزبية والعقائدية؟؟ وهل تقبل بالهزيمة والإقرار بفوز القوى والاتجاهات والتيارات السياسية الأخرى المعارضة لها؟؟.
لقد سبق لحركة الإخوان المسلمين – حركة حماس أن فازت في الانتخابات البلدية بعدد ملحوظ من بلديات الضفة الفلسطينية العام 2005، وفازت بالأغلبية البرلمانية لانتخابات المجلس التشريعي العام 2006، وشكلت حكومة حزبية برئاسة إسماعيل هنية اعتماداً على هذه الانتخابات وفي الحالتين تم ذلك في ظل هيمنة إدارة حركة فتح وامتلاك قيادتها لقرار إجراء الانتخابات أو تأجيلها، وسجلت قبولها بل ورضوخها للنتائج الانتخابية عملياً وسياسياً وعلناً، فهل تقبل حركة حماس الإخوانية بنتائج معاكسة لصالح حركة فتح فيما لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي التي تتحكم بسلطة اتخاذ القرار؟؟ وهل تسمح بالوصول إلى مثل هذه النتائج وترضخ لنتائج الهزيمة؟؟.
ها هي حركة الإخوان المسلمين عبر «حماس» تسيطر منفردة على قطاع غزة منذ الانقلاب في حزيران 2007، فهل سمحت بإجراء الانتخابات البلدية والنقابية والطلابية بعد أكثر من سبع سنوات تتحكم وحدها في سلطة اتخاذ القرار؟، هذا هو مصدر القلق الأردني والفلسطيني والعربي عموماً من هيمنة وتسلط الحزب الواحد والعقيدة الواحدة واللون الواحد، أسوة بما كان يفعل معمر القذافي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وغيرهم، وهذا هو أحد أهم أسباب هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي لأنهم قاموا على أسس غير ديمقراطية، ولم يقبلوا التعددية، ورفضوا الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في البلدان الاشتراكية، وهذا هو سبب الاحتجاجات والمظاهرات والثورات الشعبية التي اجتاحت تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية.
فالأنظمة الشمولية اليسارية تمت هزيمتها، والأنظمة القومية في مصر عبد الناصر وعراق صدام حسين وسورية حافظ وبشار الأسد، إضافة إلى اليمن الاشتراكي سجلوا الإخفاق وعدم النجاح، بينما نلحظ أن تجربة منظمة التحرير في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات الجبهوية الوحدوية التي جمعت الكل الفلسطيني من الوطنيين والقوميين واليساريين والمستقلين باستثناء الإخوان المسلمين كانت سبب النجاحات التراكمية المتواصلة التي حققتها في مواجهة أعداء الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة خصوم منظمة التحرير، ولسبب جوهري أنها ضمت القطاع الأوسع من الشعب الفلسطيني في صفوفها ومؤسساتها، وحققت حق تمثيلها لشعبها الفلسطيني سواء من أبناء المخيمات وفي بلدان اللجوء والشتات، أو من قبل أهالي الضفة والقدس والقطاع، أو حتى أبناء مناطق الاحتلال الأولى العام 1948.
مبادرات ارحيل الغرايبة، وشجاعة عبد المجيد الذنيبات ورفاقهما، تم الترحيب بها ولها ومعها ليس لأنها قادت انشقاقات في صفوف حركة الإخوان المسلمين لإضعافها، بل تم النظر لهذه المبادرات والتعامل معها باحترام لأنها قد تستجيب لقيم العصر في قبول الآخر، والإقرار بالتعددية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأن عملهم سياسي له مرجعية إسلامية وبمنطلقات إسلامية حقهم في ذلك مثل حق اليساريين والقوميين والليبراليين في الحياة وفي الانتصار وفي النجاح وفي الشراكة، وأن تجارب الشمولية اليسارية والقومية ذات اللون الواحد كانت حصيلتها الهزيمة والفشل، فالمراد عدم تكرار التسلط والهيمنة واللون الواحد في ظل حركة الإخوان المسلمين أو غيرها من أحزاب التيار الإسلامي، كما حصل في غزة ومصر، وكما يجري الآن من عمليات التصفية الدموية والصراعات المدمرة في كل من ليبيا وسورية واليمن والصومال، على أيدي «داعش» و»القاعدة» وولاية الفقيه وحركة الإخوان المسلمين، ضد بعضهم البعض، وضد خصومهم السياسيين من الاتجاهات أو القوميات أو الديانات أو الطوائف الأخرى.

نبض الحياة - النكبة وحق العودة
عمر حلمي الغول عن صحيفة الحياة الجديدة
تحل الذكرى السابعة والستون للنكبة الفلسطينية، وعيون الشعب بأكمله ترنو نحو اهداف الحرية والاستقلال والعودة، والتخلص من وحشية الاحتلال الاسرائيلي. ولا يمكن لفلسطيني ان يستحضر السجل الاسرائيلي الاسود في النكبة، إلا وهدف العودة يحتل الحيز الاكبر في ذاكرته. لأن العودة كما اشير هنا وفي غير زاوية لكل الكتاب الفلسطينيين والعرب، حق مقدس، لا يمكن التخلي عنه. وهو حق فردي وجمعي، لا يحق لكائن من كان ان يتخلى عنه.
الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، التي مازالت تمد يدها لتحقيق خيار السلام على اساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، تلتزم التزاما ثابتا بضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194 ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ولم تتراجع قيد انملة عن هذا الحق. ومرونتها في التطبيق لهذا الهدف، لا يعني التخلي او التنازل عن هذا، اولا لانها حاملة راية الاهداف الوطنية؛ ثانيا لأنها الامينة على ميراث الشعب الكفاحي؛ ثالثا لأنها الوفية لدماء الشهداء وتضحياتهم الجسام، وتضحيات سجناء الحرية والجرحى في كل معارك الدفاع عن الاهداف الوطنية داخل الوطن وفي الشتات وفي داخل الداخل.
القبول بخيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، لا يحمل في طياته اي تنازل عن الرواية الفلسطينية التاريخية، التي تؤكد ان فلسطين، هي ارض الشعب الفلسطيني، ووطن ابائه واجداده منذ وجود كنعان الاول على ترابها. لان التسوية لا تسقط بالتقادم، ولا يحق لاي تسوية سياسية، ان تسقط من الوعي الجمعي الفلسطيني الانتماء التاريخي للارض، وإلا لماذا يجري التمسك بحق العودة الى المدن والقرى، التي طرد منها الفسطينيون عام النكبة 1948؟ ولماذا تطارد حكومات نتنياهو الاربع للضغط على القيادة الشرعية "الاعتراف بيهودية الدولة" الاسرائيلية؟ ولماذا يتساوق معها بعض الغرب؟ لان هدفهم جميعا، نفي الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، وشطب وتبديد الفصول التاريخية، التي شكلت هوية وشخصية الشعب، وأثرت ثقافته.
وللاسف الشديد، ان قيادة الانقلاب الحمساوية، تلعب منذ وجدت في المشهد السياسي الفلسطيني دورا معطلا ومعرقلا للمشروع الوطني من خلال الاتصالات المباشرة وغير المباشرة مع حكومة نتنياهو بهدف ضرب خيار المصالحة الوطنية، وتبديد المشروع الوطني، وتبهيت وإضعاف دور منظمة التحرير الفلسطينية، والقبول باقامة الدولة القزمية في محافظات الجنوب على حساب الدولة الوطنية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هدف العودة، سيبقى هدفا ثابتا للشعب والقيادة الفلسطينية، ولن تسمح لاي مشاريع مشبوهة وتآمرية، بالاساءة او الالتفاف او ضرب حق العودة للارض والبيت والكرم والمصنع والمؤسسة الفلسطينية. وستبقى الاجيال الفلسطينية تواصل التمسك بهذا الحق الهدف، ولن تنسى الاجيال الجديدة حق العودة، ايا كان مكان لجوئهم واقامتهم، وايا كانت الجنسية، التي يحملونها.

سيرة وانفتحت - خالدة جرار وشهادة البردويل
حسن سليم عن صحيفة الحياة الجديدة
خالدة جرار ابنة الحركة الوطنية منذ نعومة اظفارها، ولونها السياسي كان تميزا ولم يكن يوما حاجزا او مانعا من الاتفاق او الاختلاف معها في وجهة نظرها، لكن صوتها بقي دائما داخل البيت الوطني.. داخل بيت الشرعية، هكذا هي خالدة جرار، ولذلك اعتقلتها اسرائيل، بسبب وطنيتها وانتمائها.
صلاح البردويل المعروف بتصريحاته الموتورة، لم يرق له ان الوطنية سلوكا وممارسة تكون داخل البيت، فقد اعتاد ان يكون عمله في سراديب السفارات، للتدليل على بضاعته، املا في بيعها ولو بثمن بخس. ورغم نجاحه الباهر و" شلته " في البيع الخارجي، احب ان يستزيد البيع في السوق المحلية، فكانت سلعته الاخيرة بما نفث من سموم بان اعتقال النائب خالدة جرار كان بطلب فلسطيني، وللتخلص من الأصوات الحرة التي تزعج الرئيس في أدائه وبرنامجه السياسي. رواية البردويل سرعان ما تم رميها بوجهه من قبل ابناء تنظيم جرار، وعلى لسان عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كايد الغول الذي سخر من روايته، وكان قد سبق في الثامن والعشرين من نيسان الماضي اتهام الأجهزة الأمنية التابعة لحماس في غزة باقتحام مقر الجبهة الشعبية في خان يونس، واعتقال عدد من كوادرها على خلفية البيان الذي اصدرته الجبهة الشعبية بشأن الضرائب، وبسبب اعتراض الجبهة الشعبية على الإجراءات المرفوضة التي تمارسها سلطة حماس بمنع حرية التعبير، والقمع، والمس بمصالح الناس وقوت يومهم، فكان رد حماس عليه بانها اشاعات تحريضية تهدف الى ضرب حالة الاستقرار والأمن في قطاع غزة.
رواية البردويل الموتورة التي لم تنطل على احد سوى من يشاطره فكره وانتماءه، تجيب عليها تصرفات سلطته في غزة، عبر الاعتقال واقتحام المقرات والسيطرة عليها، وتدفيع المواطنين الخاوات جبرا مقابل استمرار بقائهم في سجنهم الكبير، او مقابل الخروج عبر انفاقه، ومن يعترض على اجراءاتهم تنتظره الوصفة الجاهزة بالاتهام بالتحريض وزعزعة الاستقرار المزعوم.
يعلم البردويل جيدا، ولكن يفضل وضع رأسه في الرمال كما اعتاد، بأن الاختلاف في وجهات النظر والمواقف السياسية داخل البيت الفلسطيني الشرعي وعلى مدار عشرات السنوات لم يدفع اياً من الفصائل الفلسطينية الى رفع السلاح في وجه اخوته من الفصائل الأخرى، وهدم البيت على ساكينه، حتى جاءت حماس وفعلتها. وأن الجبهة الشعبية وهي أحد فصائل العمل الوطني المؤسسة لمنظمة التحرير، هي فصيل شريك في المشروع الوطني، وصاحبة يد طولى في النضال الوطني، بالتأكيد لا يسمح لها تاريخها بان يتحدث باسمها طارئ على العمل الوطني، بمواصفات البردويل ليوزع شهادات نضالية وصكوك غفران، يمنحها لمن يشاء ويحرم منها من يشاء.

في ذكرى النكبة .. اللاجئون الفلسطينيون من الريادة إلى التهميش والتصفية
بقلم: د.ابراهيم أبراش عن وكالة معــا
هزيمة حرب 1948 والتي أسموها (النكبة) لم تكن فقط هزيمة عسكرية وليدة لحظتها، بل تتويجا لفجوة بين عقليتين ومشروعين حضاريين مختلفتين في رؤيتهما للحياة ولمصالحهما في فلسطين والمنطقة .جاءت النكبة نتيجة مخطط بدأ من المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا 1897 ،مرورا باتفاقية سايكس – بيكو 1916 ،وعد بلفور ،الانتداب 1920 ،الانقسام الفلسطيني الداخلي قبل النكبة ، ونتيجة تفاهمات سرية وعلنية بين الشريف حسين وإبنه فيصل من جانب والبريطانيين واليهود من جانب آخر .
فهكذا مقدمات لا يمكنها إلا أن تنتج هكذا مخرجات . ولأن النكبة محصلة ونتاج منطقي لعقلانية وموضوعية التاريخ الذي يكتبه ويصنعه الأقوياء ، لذا إن لم نتعامل مع النكبة وتداعياتها ضمن هذا المفهوم الاستراتيجي وبقينا نتعامل معها من منظور الهزيمة العسكرية التي يجب الرد عليها بالسلاح والصورايخ والأنفاق فقط ، أو بالمراهنة على الشرعية الدولية فقط ، فسنبقي بعيدين عن اللحظة التاريخية التي تمكننا من إنجاز مشروعنا الوطني بالدولة وعودة اللاجئين .
من المهم اليوم أن نستمر في إحياء ذكرى النكبة بكل وسائل التعبير والتوصيل المتاحة ، حفاظا على حق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين ،وحفاظا على حق عودة اللاجئين لمدنهم وقراهم ، وحفاظا على ذاكرة الكبار وتغذية ذاكرة الصغار بحقيقة ما جرى في سنة النكبة كأبشع جرائم القرن العشرين وكأبشع صور الاستعمار في العالم ، التي لا تقل عن جرائم النازيين ضد اليهود ، وحتى لا يفلت المجرم الصهيوني بجريمته .
إلا أن مستجدات تستدعي إعادة نظر فيما سبق من نهج في إحياء الذكرى وفي رؤيتنا لمفهوم النكبة وكيفية مواجهة تداعياتها ،وأن تكون الذكرى السابعة والستون مختلفة عن سابقاتها من السنوات التي كانت غالبا عبارة عن مواسم ومهرجانات للشعارات والنحيب وكلام مكرر عن التمسك بالثوابت وعلى رأسها حق العودة ،موسم تنظمه الأحزاب ومئات الجمعيات والتجمعات المتخصصة بقضية اللاجئين الفلسطينيين ، يمتد ليوم أو يومين ثم يتم طي صفحة اللاجئين انتظارا للذكرى القادمة ، وفي كثير من الاحيان يتم طي الملصقات والشعارات والمنشورات والكلمات المكتوبة وحفظها لاستعمالها وتكرارها في السنة الموالية !.
مبررات ضرورة المعالجة المختلفة لرؤيتنا لمفهوم النكبة ولقضية اللاجئين متعددة وأهمها : -
1- فشل المعالجات المجتزأة للقضية الفلسطينية ، ما بين المقاومة بكل اشكالها ،الشرعية الدولية ،وحدة الجبهة الداخلية،ودعم المحيطين العربي والإسلامي على قاعدة المشروع الوطني الفلسطيني . وهذا يعود لعدم الاستيعاب والفهم الدقيق لأسباب النكبة كما ذكرنا أعلاه .
2- ما يتعرض له اللاجئون في سوريا ولبنان من خطر الإبادة والتهجير الجماعي ، وفي الدول الاخرى من إذلال وإهانات .
3- إن جيلا جديدا لم يعاصر النكبة ولم يكتو بنيرانها ولا تختزن ذاكرته ذكريات وطن وأرض وحياة كان يعيشها حرا وسيدا ، جيل انغمس وتم سحقه في هموم الحياة اليومية وفي الصراعات السياسية وبات همه الأول إما تأمين حياة كريمة حيث يعيش ، أو التفكير بالهجرة مما تبقى من أرض الوطن ليلتحق بملايين اللاجئين والمهاجرين؟ .
4- توالي المبادرات والمشاريع الإقليمية والدولية للتسوية والتي تتجاهل قضية اللاجئين أو لا تضعها على سلم اهتماماتها . بدءا من اتفاقية اوسلو إلى مبادرة السلام العربية ومشروع القرار الفلسطيني - العربي المُقدم لمجلس الأمن في ديسمبر 2014 وأخيرا المبادرة الفرنسية محل البحث .
5- تراجع وتهميش دور اللاجئين الفلسطينيين في مراكز صناعة القرار الفلسطيني بعد انتقال مركز ثقل العمل الوطني من الخارج إلى الداخل بعد توقيع اتفاقية أوسلو .
6- تراجع مركزية حق العودة في سلم اهتمامات النخب السياسية ، واستعداد كثير منها لمساومة قضية اللاجئين بقضايا أقل أهمية كالحفاظ على السلطة والحكم سواء في الضفة أو غزة .
دون إنكار او تجاهل الجهود الكبيرة لذوي النوايا الصادقة ممن يشتغلون على قضية اللاجئين سواء من داخل الأحزاب أو من خارجها ، إلا أنه وللأسف فإن البعض ممن يتحمسون لإحياء ذكرى النكبة والندب على اللاجئين وأحوالهم ،وبعد أن تنفض مهرجانات إحياء الذكرى، يقومون بالتآمر على قضية اللاجئين من خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الإسرائيليين والأوروبيين والأمريكيين ، وتبرعهم بعيدا عن موافقة أو استشارة الشعب صاحب الحق والقضية بتقديم مبادرات لحل مشكلة اللاجئين بما يتعارض مع القرار الأممي 191 ، وهو ما أدى لتقزيم قضية اللاجئين مع كل مبادرة جديدة للتسوية . هذا الأمر يستدعي وقفة ومراجعة لاستراتيجيات العمل الوطني تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين سواء كمشكلة سياسية ودولية ووطنية عامة مرتبطة بحق العودة ، أو مشكلة تخص واقع حياة اللاجئين في سوريا ولبنان وما يتعرضون له من عمليات إبادة وتهجير ممنهج ، كذا حال الفلسطينيين في كل مكان خارج فلسطين ،لأن كل من يعيش خارج فلسطين يعتبر لاجئا .
هناك علاقة بين ما يجري في سوريا ولبنان وما يجري في مصر تجاه الفلسطينيين ،فكل ذلك يندرج في إطار تصفية القضية الفلسطينية وكسر العلاقة بين فلسطين وبُعدها القومي العربي بعد النجاح في كسر وتشويه وحرف العلاقة بين فلسطين وعمقها الاسلامي عندما تم صناعة جماعات إسلام سياسي صادرت الدين وجعلت قضية فلسطين في آخر سلم اهتماماتها ،حيث تُقاتِل هذه الجماعات في كل مكان إلا في فلسطين ، بل وتقتل الفلسطينيين في مخيمات سوريا ولبنان وتتآمر بوعي أو بدون وعي على حق العودة .
لا ننكر صعوبة وخطورة التحديات التي تواجه منظمة التحرير والسلطة في مواجهتها للاحتلال الإسرائيلي وتداعيات الانقسام الداخلي ، إلا أن ذلك لا يمنع أن تولي المنظمة والسلطة أهمية لواقع الفلسطينيين في الخارج ومحاولة تصحيح أخطاء تم ارتكابها بحق اللاجئين . وفي هذا السياق ومع صحة القول بأن فلسطينيي سوريا كما كان الأمر مع فلسطينيي لبنان ضحايا صراعات وحروب اهلية ، إلا أن مسؤولية المنظمة والسلطة تتجسد في تجاهل اللاجئين في هذين البلدين منذ ان قررت السلطة وقف دعم وتمويل أهلنا ومقاتلي الثورة في لبنان وسوريا في أواخر عهد الرئيس أبو عمار ،عندما تمت محاصرته ومحاصرة السلطة تحت عنوان الفساد ، فيما كان الهدف فرض رقابة مالية تمنع وصول المال للاجئين والمقاتلين في مخيمات سوريا ولبنان لدعم صمودهم وللحفاظ على الهوية الوطنية ولإبقائهم جزءا من المشروع الوطني ، وهو الأمر الذي أدى إلى فراغ في المخيمات ملأته الأحزاب والجماعات الأخرى ، التي تتقاتل اليوم في مخيم اليرموك وكانت سبب مآسي أهلنا في مخيمات لبنان وخصوصا مخيم نهر البارد .
وأخيرا نذكر بأنه عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة منتصف الستينيات من خارج فلسطين المحتلة ومن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كانت تحت عنوان التحرير والعودة ، ولم تكن مسألة الدولة او السلطة حاضرة آنذاك ، واليوم ينشغل الجميع بالسلطة والحكم تحت الاحتلال ويتم تهميش مشروع التحرير ومشروع عودة اللاجئين .

«حماس»: رِجل لدى إسرائيل ورِجل في المصالحة..
بقلم: أشرف العجرمي عن وكالة سما
ما صرح به قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي حول المصالح المتبادلة بين «حماس» وإسرائيل في استمرار الهدوء في غزة والجبهة الجنوبية والتصدي للتنظيمات المتطرفة، ورغبة إسرائيل في الإبقاء على «حماس» عنواناً قوياً في غزة، ينسجم مع ما تتداوله وسائل الإعلام الإسرائيلية بكثرة عن حوار واتصالات وربما مفاوضات بين «حماس» وإسرائيل حول موضوع التهدئة أو الهدنة طويلة الأمد. ويتوافق مع ما كان صرح به القيادي في «حماس» أحمد يوسف الذي تحدث قبل فترة بكل وضوح وجرأة عن دردشات تجري بين «حماس» وإسرائيل بوساطة أوروبية «تتعلق بملفي التهدئة والميناء»، و»الهدف هو إيجاد مخرج لقضية الحصار، وذلك بفتح ممر بحري للتواصل مع العالم الخارجي».
الحديث عن مفاوضات بين «حماس» وإسرائيل ليس من باب الافتراء على «حماس» أو اتهامها بفعل لم تقم به كنوع من تشويه السمعة أو القذف والتشهير، بل هو في الواقع حقيقة دامغة لا يساعد «حماس» أن ينفي ذلك بعض قادتها مثل اسماعيل رضوان الذي نفى أن يكون د. أحمد يوسف يمثل «حماس» وأن « لا حوار ولا اتصال مع الاحتلال إلا من خلال البندقية»، فالواقع أكبر ولا يحتاج الناس إلى تعليق أحمد يوسف على هذه الأقوال ومطالبته رضوان بالاعتذار عن كلامه.
والهم الأكبر لـ»حماس» هو موضوع الحصار كما يقول يوسف، خاصة بعد أن سقط نظام الرئيس محمد مرسي في مصر وأغلقت مصر الأنفاق والمعبر في وجه «حماس» وغزة بشكل عام. فالضائقة الاقتصادية والسياسية التي تمر بها «حماس» بعد التغيرات في الإقليم في غير صالح حركة «الإخوان المسلمين»، جعلت حركة «حماس» تفكر في مخرج من هذه الأزمة.
والمخرج هنا هو إما الذهاب نحو المصالحة الكاملة وإنهاء الانقسام وعودة قطاع غزة لحضن السلطة الوطنية وتوحيد شقي الوطن، أو الذهاب نحو اتفاق مع إسرائيل على تهدئة طويلة الأمد تسمح فيها الأخيرة بفتح نسبي لقطاع غزة تجاه إسرائيل والعالم الخارجي عبر البحر من خلال ميناء يؤدي الغرض.
«حماس» المحتارة اختارت كلا الخيارين، ولم تحسم باتجاه أي منهما تسير حتى النهاية، فوافقت على اقتراح المصالحة الذي نقله عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد لها فيما عرف لاحقاً باتفاق «الشاطئ» بشكل مفاجئ لدرجة فاجأت الأحمد نفسه، في لحظة كانت «حماس» تشعر بالضعف وتبحث عن خلاص لأنها لم تعد تتحمل عبء غزة ومشاكلها، ونجحت في التخلص من أن تكون عنوان المسؤولية عن مشكلات القطاع وألقت بها على حكومة «التوافق الوطني» الذي ينطبق عليها عنوان مسرحية عادل إمام «شاهد ماشافش حاجة»، فلا هي قادرة على بسط نفوذها وممارسة صلاحياتها في القطاع والقيام بدورها المنوط بها في اعادة الإعمار وفك الحصار، ولا هي خارج مسؤولية من الظلم أن تتحملها. ومن ناحية أخرى أبقت «حماس» الباب مفتوحاً للاتصالات مع الاحتلال علها تصل إلى اتفاق لا يكلفها التخلي عن السيطرة على غزة، خصوصاً وأن مقولة «تخلينا عن الحكومة ولم نتخل عن الحكم» لم تعد تصلح لمعالجة ملف الانقسام.
في الحقيقة «حماس» في وضع لا تحسد عليه أمام انهيار الكثير من الشعارات والأقاويل التي كررتها على مدار سنوات طويلة وخاصة التأكيد على عدم رغبتها في الحكم باعتبارها طالبة «شهادة» وليس طالبة كراسي، ليتضح بشكل لا يقبل التأويل أن المشكلة الأكبر والهدف الأسمى هو الحكم، وكل شيء مباح في سبيل الحفاظ عليه، ولكن في نفس الوقت من الصعب الإعلان عن ذلك صراحة، فالحركة التي تحكم بما «أنزل الله» وتنطق بشرعه، وتتبنى شعارات : لا حوار ولا مفاوضات ولا تنازل عن أرض فلسطين الكاملة باعتبارها وقفاً إسلامياً، تقبل في الواقع ما هو اقل بكثير من الذي قبلت بها فصائل منظمة التحرير وفي مقدمتها حركة «فتح» التي اتهمت بالخيانة على مجرد القبول بحل الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، واتهمت مرة أخرى بالخيانة لقبولها «اتفاق أوسلو».
ومن الطبيعي أن تشعر «حماس» بارتباك شديد وهي تسير بين الخط الذي رسمته الشعارات والواقعية الزائدة التي تتجاوز تنازلات الحد الأدنى المتفق عليها فلسطينياً.
العقل والمنطق يقولان أن الطريق الوحيد لفك الحصار وانهاء معاناة غزة يمر عبر انهاء الانقسام والوحدة الوطنية الكاملة والشراكة السياسية القائمة على اجراء انتخابات جديدة تحدد موازين القوى وحصة كل طرف، وإلى ذلك الحين هناك حلول مؤقتة تقوم على ايجاد صيغ مؤقتة مقبولة على الجميع وتضع حداً لمأساة الانقسام.
والمصلحة الحزبية الضيقة القائمة على الاستئثار بجزء من الوطن باعتباره الحصة المباركة من الكعكة تقول لنذهب نحو اتفاق مع إسرائيل نضمن فيه الحفاظ على سلطتنا وحكمنا إلى أن تتغير الظروف ويتحقق لنا الاستيلاء على باقي الكعكة، وهذه المصلحة محفوفة بالمخاطر ليس فقط على مستوى صدقية الحركة أمام الشعب والقوى الأخرى، بل وأمام أعضائها وكوادرها الذين تربوا على برنامج وشعارات تتهاوى تباعاً على مذبح المصالح الفئوية. وعلى «حماس» أن تختار بين أحد الأمرين لا أن تبقي رِجلاً في خانة المفاوضات مع إسرائيل والرِجل الأخرى في خانة الحوارات من أجل المصالحة. وفي هذا السياق، هناك دور على القوى الوطنية الأُخرى أن تلعبه لجر «حماس» نحو مربع المصالحة وعدم الدفع بها إلى المربع الآخر، وهذه مسؤولية وطنية عليا لا ينبغي اغفالها.


"الوحدة الوطنية تعمل ولا تتكلم "
بقلم :د. حنا عيسى – عن وكالة pnn
مفهوم يتألف من عنصري الوحدة و الوطنية، وأن مجموع هذين العنصرين يشكل هذا المفهوم، فالوحدة تعنى تجميع الأشياء المتفرقة في كل واحد مطرد، أما مفهوم الوطنية فقد اختلف فيه الباحثين، فبحسب رأى الباحث سليمان الطماوي أن الوطنية هي انتماء الإنسان إلى دولة معينة، يحمل جنسيتها ويدين بالولاء إليها، على اعتبار أن الدولة ما هي سوى جماعة من الناس تستقر في إقليم محدد وتخضع لحكومة منظمة.
أما رأى عبد العزيز رفاعي فهي تعنى حب الوطن بسبب طول الانتماء إليه ، وأنها تختلف بحسب رأيه عن القومية بما تعنيه من حب للأمة بسبب ترابط أفرادها ببعضهم البعض، بسبب الاعتقاد ، أو وحدة الأصل ، أو الاشتراك بالغة والتاريخ والتماثل في ذكريات الماضي ، لكن بحسب رأيه أن هناك توافق بين الوطنية والقومية على اعتبار أن حب الوطن يتضمن حب الأرض والوطن ، وأن الوطنية تنطبق على القومية بشرط أن يكون الوطن هو مجموع الأراضي التي تعيش عليها الأمة وتدير سياستها الدولة ، ومثال عليها انطباق الوطنية العربية على القومية العربية ، إضافة إلى انطباق القومية الألمانية على الوطنية الألمانية على كل من جزأي ألمانيا ( الشرقية ، والغربية ) خلال فترة الحرب الباردة ، ورغم ذلك قامت ينهما علاقات دبلوماسية دولية ، كما لو كانتا دولتين مختلفتين تماماً .
ويرى بعض الباحثين أن الوحدة بمفهوم الفكر السياسي المعاصر هي اتحادا اختيارياً بين المجموعات التي تدرك أن وحدتها تكسبها نمواً زائداً ، وميزات اقتصادية وسياسية ، تعزز مكانتها العالمية.
وقد رأى الباحث عادل محمد زكى صادق أن مفهوم الوطنية استمد من مفهوم كلمة الوطن الذي هو عامل دائم وأساسي للوحدة الوطنية ، ومنها كانت كلمة وطني ، وهى ما يوصف بها كل شخص يقيم في الوطن كتعبير عن انتمائه لمجتمعه وتفانيه في خدمته والإخلاص له ، و الأساسي في الوحدة الوطنية هو الإنسان الذي يعيش في الوطن ، والذي ارتبط به تاريخياً واجتماعياً واقتصاديا ، وكان اختياره لهذا الوطن عن طيب خاطر.
وقد رأى نفس الباحث السابق أن الوطنية تختلف عن القومية ، على اعتبار أن الوطنية هي العاطفة التي تميز ولاء الإنسان لبلده أو قبليته أو شعبه سواء أكان ذلك في العصور القديمة أم الحديثة ، وأن الولاء يأتي من خلال الاتصال بالعوامل الطبيعية والاجتماعية ، وهى لا تقتصر على جماعة دون أخرى ، وهى تنظر بشكل دائم للماضي ، أما القومية فهي تعنى الخطة الدائمة نحو مستقبل الأمة ، وأنها تقتصر على مجموعة من الناس لهم كيان الأمة ، فقد تقوم فى ظل القومية الواحدة أكثر من دولة لكل منها استقلاليتها ، وفى هذه الحالة يصبح لكل منها وطنيتها الخاصة بها ، بينما القومية تضم كل الدول المتفرقة وتدفعها جميعاً إلى الارتباط برباط عام ، وشامل مستمد من مفهومها ، وعلى ذلك تجمع القومية عدداً من الوطنيات ، ولكن تظل الوطنيات قائمة ولا تنصهر بشكل كلي فيها ، ومثال على ذلك وطنيات الدول العربية.
لكن الوحدة الوطنية والوحدة القومية تشتركان فيما بعض المقومات التي تعتبر ضرورية لقيامها ، مثل العنصر البشرى ، واللغة المشتركة ، والانتماء القومي والحضاري ، بيد أن القومية لا ترتبط بالضرورة بوجود الأرض مثل القومية اليهودية ، ألا أن الوطنية لا تقوم إلا بوجود مجموعات بشرية مرتبطة بإقليم محدد، والوطنية حسب تعريف الثورة الهولندية (1787) هي : " إظهار الحب للبلد من خلال الرغبة بالإصلاح والثورة " ، وحسب تعريف هارت : الوطنية هي: "حب الإنسان لبلاده ، وولاءه للأرض التي يعيش عليها" .
نلاحظ مما سبق أن الوطنية هي: شعور عاطفي بالحب للبلد أو الإقليم الذي يعيش عليه الفرد ، أما القومية فتختلف عنها في أنها : تتقيد بالحب للأمة التي ينتمي إليها الفرد بغض النظر عن الإقليم الذي تعيش فيه هذه الأمة ، لأنها لا ترتبط بوجود الإقليم.
وقد اختلف تعريف الوحدة الوطنية عبر التاريخ ، كما اختلف بين الباحثين المحدثين ، نتيجة لاختلاف الثقافات والبيئة الخارجية الدولية ، فقد رأى أبو حامد الغزالي أن الوحدة الوطنية تتحقق من خلال الحاكم (الإمام) ؛ لأنه هو أساس وحدة الأمة ، وأنه محور اتفاق الإدارات المتناقضة ، والشهوات المتباينة المتنافرة من خلال جمعه لها حول رأى واحد ، بسبب مهابته وشدته وتأييد الأمة له من خلال تعاقد سياسي بينهم وبينه على شرط أن يقوم هذا التعاقد على الرضي لا على الإكراه ، وهذا سيؤدى إلى القضاء على التشتت والتضامن في الجماعة من أجل السلطة.
ورأى ميكافيلى أن مفهوم الوحدة الوطنية هو : ارتقاء الحاكم في الدولة إلى درجة القداسة ، لأنه محور الوحدة الوطنية في الدولة ، وإذعان المحكومين لهذا الحاكم وخشيته من ضرورات هذه الوحدة ، لأن الأخذ بآرائهم سيؤدى إلى الفوضى والاضطراب ، لأنهم لا يمكن أن يكونوا طيبين إلا إذا اضطروا لذلك ، ولا تختلف الوحدة الوطنية عن الوحدة القومية في ذلك، إلا أن ماتزينى يرى أن الوحدة الوطنية هي وعي المحكومين جميعاً بانتمائهم للأرض التي يعيشون عليها واتحادهم وارتباطهم بها

ويرى هوبز أن الوحدة الوطنية : هي سيطرة الدولة وزيادة مقومتها من خلال الحكم المطلق الذي سيسهم في إضعاف المناوئين لها أو المنافسين لها ، كما يجب على الدولة غرس صفات الولاء وحب الوطن عند الأفراد عن طريق برامج التعليم والتدريب والتوجيه السياسي.
أما عند رسو فالوحدة الوطنية : هي قيام عقد اجتماعي بين الشعب والنظام السياسي القائم ، بحيث يتوحد الشعب في وحدة قومية مصيرية ، وفى إطار من مسؤولية مشتركة يطيع فيها الفرد الحكومة ، التي هي نظام اجتماعي ارتضاه عن طواعية واختيار ، والربط بين السيادة في توحيد الشعب وقيمه ، والتعبير عن إرادته المندمجة في الإدارة العامة ، التي هي محصلة إيرادات الأفراد ، والتي تختلف في مجموعها عن الإيرادات الفردية على اعتبار أنها ليست تعبيراً عن شيء عفوي طارئ ، وإنما هي تعبير عن الوطنية التي تستند إلى القيم والمثاليات ، وتقترن هذه الوحدة بالديمقراطية من خلال حكومة ديمقراطية يستطيع الشعب في ظلها أن يجتمع ، وأن يتمكن كل مواطن من التعرف على غيره من المواطنين.
والوحدة الوطنية عند هيجل هي طاعة القانون في إطار الحرية الممنوحة منه على أن يتوافق القانون مع منطق العدل الذي هو منطق التاريخ ، وقد فسر هيجل هذا التعريف من خلال فلسفته التي رمى فيها إلى تمجيد القومية الألمانية ، وتأكيده أن رسالة الشعب الألماني تجاه العالم هي رسالة مقدسة ، وقد كان لهذه الفلسفة دوراً كبيراً في قيام حركة وحدة ألمانيا ، التي تحققت في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.
الوحدة الوطنية عند فيختيه هي اعتبار اللغة العامل الأول في تكوين الشعب الألماني وتاريخه وثقافته القومية ، على اعتبار أن ثقافة هذا الشعب هي ثقافة نقية أصيلة ، فالشعب الواحد يتكون من خلال اللغة القومية الواحدة.
وعند رينان الوحدة الوطنية هي : الاشتراك في تراث ثمين من الذكريات الماضية مع الرغبة في العيش المشترك والحفاظ على التراث المعنوي المشترك والسعي لزيادة قيمة ذلك التراث، وعلى أساس هذا التعريف نرى أن الوحدة الوطنية تتمثل في أمرين : الأول يتعلق بالماضي ، والآخر يتعلق بالحاضر ، أي أنها قيم روحية وأخلاقية قبل كل شيء ، لأن الوحدة الوطنية تظهر في الأمة التي تشترك في أمجاد الماضي من ناحية ، ورغبات الحاضر ، وآمال المستقبل من ناحية أخرى ، كما أن الآلام المشتركة تربط وتوحد الأفراد أكثر مما توحدهم الأفراح المشتركة.
والوحدة الوطنية عند ماركس : هي القضاء على الصراع والانقسام بين الأفراد في المجتمع ، من خلال القضاء التام على الملكية الخاصة التي كانت السبب في صراعات الماضي ، لأن وجود تفاوت طبقي اقتصادي في المجتمع هو السبب في ذلك الصراع وتلك الانقسامات ، ويتحقق القضاء على الملكية الخاصة والتفاوت الطبقي الاقتصادي من خلال سيطرة البروليتاريا على مقاليد الحكم في الدولة ، وتحويل الإنتاج إلى الملكية العامة للمجتمع ، وتفسير حالة الصراع والانقسام بنظره ، أن تقسيم العمل قد أنتج الطبقات الاجتماعية التي يقوم التمايز بينها على أساس التخصص في العمل والإنتاج ، ويقع التناقض الأساسي بين طبقتين ، تسعى كلا منهما للسيطرة على المجتمع وتسخيره لحاجتها ، ولكن اتساع الهوة بينهما في النهاية سيؤدى إلى الصدام الحتمي والمصيري أي بين الطبقة التي تملك قوة العمل وبين الطبقة التي تسيطر وتتحكم في هذه القوة.
ويرى لينين أن الوحدة الوطنية هي تحقيق المساواة التامة في الحقوق بين الأمم ، وحق الأمم في تقرير مصيرها ، واتحاد عمال جميع للأمم كلهم هو البرنامج القومي للعمال والفلاحين والمثقفين الأمميين ، وعلى هذا الأساس تتحقق الوحدة الأممية، أما ستالين فله تعريفان للوحدة الوطنية : أما تعريفه الأول فهو يرى أن اشتراك الأفراد في اللغة والأرض والحياة الاقتصادية أو في التكوين النفسي الذي يتجلى في الخصائص التي تصف الثقافة القومية ، ويكون ذلك الاشتراك من خلال استقرار الأفراد تاريخياً على أرض محددة، أما تعريفه الثاني فهو يرى أنّ إلغاء جميع الإمتيازات القومية لأفراد الدولة من خلال قانون يسرى على جميع أنحاء الدولة ، ويمنع كل تقييد على حقوق الأقليات مهما كان أصلها أو دينها سيحقق ذلك الوحدة الوطنية.
والوحدة الوطنية عند لوك : هي قيام سلطة عامة يقبل بها جميع أفراد الشعب وفق إيراداتهم الحرة ، فتكون السيادة للشعب ، ويجب أن ياتى الحكام من الشعب ، وأن تتطابق مصالحهم وإيراداتهم مع مصالح وإيرادات الشعب.
والوحدة الوطنية عند انجل : هي نوع من التكامل التفاعلي المستمد من علاقات التأثير والتأثر المتبادل بين الفرد والجماعة التي ينتمي إليها ، وبين الجماعات بعضها مع البعض الآخر، والمستمد من كل ما من شأنه أن يزيد من تماسك الأفراد والجماعات ويدعم تضمانهم الداخلي.
وعند بلاك الوحدة الوطنية : هي البوتقة التي انصهرت فيها القوميات والجماعات الثقافية ذات اللغات المتعددة والأديان المختلفة.
لكن يرى الباحث الكندي "غلين ويكشفن" ، أن الوحدة الوطنية هي الأثر الذي يحدث نتيجة أسباب معينة في المجتمع ، حيث تقود هذه الأسباب إلى ترابط الشعب مع بعضه البعض؛ بحيث يمنع هذا الترابط أي دعوات انفصالية في البلاد ، وأنه لإدامة الوحدة الوطنية لابد من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى تدميرها، مثل :انعدام الأمن ،وتأكيد المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ،و التمييز بين المواطنين من قبل الحكومة ، ووجود محسوبية في أجهزة الدولة ، كما يرى نفس الباحث أن زيادة الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية ليس حلاً لتحقيق الوحدة الوطنية ، بل إن أفضل الحلول هو: التأكيد على الحريات الفردية للمواطنين.
كما عرفها عدداً من الباحثين العرب المعاصرين ، واختلفت تعريفاتهم حولها أيضاً ، بسبب اختلاف ثقافاتهم وتأثرهم بالمدارس الفكرية الغربية ، واختلاف أيديولوجياتهم السياسية ، وأوضاع الدول العربية التي نشأوا فيها .
فحسب رأي محمد سليمان الطماوى أن الوحدة الوطنية هي قيام رابطة قوية بين مواطني دولة معينة ، تقوم على عناصر واضحة يحس بها الجميع ويؤمنون بها ، ويستعدون للتضحية في الدفاع عنها.
ويرى جواد بولس : " أنها تعنى التعايش بين المجموعات الدينية والعرقية داخل الدولة ".
أما عبد العزيز الرفاعى ، فيرى أنها تجمع كل المواطنين تحت راية واحدة من أجل تحقيق هدف سام هو فوق أي خلاف أو تحزب في ظل ولاء أسمى يدين به كل فرد من أفراد المجتمع ، ويحكم انتمائه للوطن ، بحيث يجب هذا الانتماء أي انتماء طائفي أو مذهبي.
وهى عند عبد الرحمن خليفة تعني : عدم وجود صراع محلي في المجتمع أو عدم وجود تفاعلات تتصف بالعنف.
وعند عادل محمد زكى صادق هي : حاصل لإيرادات مجموعات بشرية مختلفة النزعات والغايات والمصالح ، رأت أن في صالحها قيامها ، وبناءاً على ذلك فهي محصلة مجموع الإيرادات المختلفة ، وهى صورة حقيقية وصادقة لجميع الاتجاهات والأبعاد ، وهذا يعطيها قوة وسلطة تستطيع أن تعكس كل ما كان يحمل في نفوس هؤلاء الأفراد المختلفين في أصولهم ونزعاتهم ، وقد جمعتهم الأرض الواحدة ، وقام بينهم اقتناع شامل بأبعاد كل ما يعترى علاقاتهم من تناقضات وصراعات وانفعالات ويعملون من أجل غاية واحدة.
ويرى محمد عمارة أن الوحدة الوطنية هي التآلف بين أبناء الأمة الواحدة من خلال الروابط القومية على أساس من حقوق المواطنة التي ترفض التمييز والتفرقة بين أبناء الأمة بسبب المعتقد والدين.
كما يرى عبد الرحمن الكواكبى أنها : تجمع الناس على أساس قومي بغض النظر عن الاختلاف في العقائد والمذاهب الدينية.
ويعتبر التكامل القومي مرادفاً للوحدة الوطنية وقد عرفه الباحث قاسم جميل قاسم بأنه تجميع الجماعة المتباعدة من المجتمع ودمجها في كل أكثر تكاملاً أو محاولة خلق قومية واحدة من عدة جماعات صغيرة من خلال ربط الجماعات وتحقيق التماسك فيما بينها ، ويكون الغرض من التكامل القومي هو التحول بالولاء من المجتمعات الصغيرة المتعددة إلى المجتمع الكبير الواحد.
وبحسب تعريف عبد السلام إبراهيم بغدادي أن الوحدة الوطنية هي وجود نوع من الاتفاق والوفاق على ثقافة وطنية مشتركة وإطار من التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين النظام السياسي وأعضاء الجماعة الوطنية من جانب ، وبين الجماعات الإثنية المختلفة (بعضها عن بعض) من جانب آخر ، يحدث يتحقق التفاعل والتلاحم بين جميع أعضاء الجماعة الوطنية (عموم سكان دولة) ، بغض النظر عن إنتماءآتهم الإثنية المختلفة ( بين أغلبية وأقليات ) أو خليفاتهم الثقافية السياسية الفرعية أو انتمائهم الإقليمية أو القبلية.
كما أورد نفس الباحث السابق تعريفاً آخر للوحدة الوطنية ، حيث عرًفها بأنها الظاهرة أو الواقعة الاجتماعية التي تتجسد في تفاعل وتواصل جميع أعضاء الجماعة الوطنية ، أي جميع سكان الدولة من أجل تحقيق أهداف مشتركة تخدم مصالحهم جميعاًُ ، دون أن يعنى ذلك إلغاء الخصوصيات الفرعية لبعض أعضاء الجماعة الوطنية ( عموم السكان) من جانب ، وبما يميزهم ككل من جانب آخر عن غيرهم من الجماعات الوطنية الأخرى بسمات ثقافية معينة ، بحيث لا تشكل تلك الخصوص
يات الفرعية عائقاً أو مانعاً ، أمام إظهار جميع أعضاء الجماعة الوطنية الواحدة ، أي أبناء الوطن الواحد ( أغلبية أو أقليات) في هوية ثقافية وطنية واحدة أو مشتركة ، إزاء غيرهم من الجماعات الوطنية الأخرى أي أبناء الأوطان أو الدول الأخرى.
وبناءً على هذين التعريفين يكون مفهومنا المعتمد للوحدة الوطنية لكن بعد أن نزيد عليهما عنصر آخر وهو أن يكون عنصر هوية الجيش ( المؤسسة العسكرية) منبثقاً من الشعب بحيث يتحقق الاندماج والانصهار بين المؤسسة العسكرية وأفراد الشعب بجميع فئاتهم ، وعلى هذا الأساس تكون الوحدة الوطنية حسب مفهوم هذه الدراسة بأنها تعني : تحقيق التفاعل والتلاحم والتعاضد بين جميع أفراد الشعب بغض النظر عن إنتماءآتهم الأيديولوجية أو الثقافية أو الدينية أو المذهبية أو الإثنية أو اللغوية أو الإقليمية أو الطبقية أو العشائرية بما يساهم في تحقيق الأهداف التالية :

1- احترام وحدة البلاد ولغتها الرسمية ( لغة الأغلبية ، وثقافتها الوطنية).

2- تحقيق الحرية والعدالة والمساواة لجميع فئات الشعب أمام القانون .

4- تحقيق التفاعل السياسي والاقتصادي والإجتماعى بين الشعب والنظام السياسي بما يحقق الرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع.

5- التأكيد على الهوية الوطنية للجيش ( المؤسسة العسكرية ) على اعتبار أنه ملك للجميع ولا يخص فئة معينة من فئات المجتمع.

نلاحظ مما سبق أن هذا البحث قد أوضح اختلاف مفهوم الوحدة الوطنية في الدولة بين المنظرين والقادة السياسيين ، بسبب اختلاف أيدلوجيات وثقافات وبيئات كل هؤلاء عن بعضهم البعض ، لكن اتفقوا جميعاً على أن الوحدة الوطنية ، هي انصهار جميع أبناء الشعب في بوتقة واحدة وكيان واحد ، وعدم وجود أي صراع فيما بينهم ، بحيث يؤمن الجميع أنهم أبناء وطن واحد ، إلا أن وسيلة تحقيق ذلك قد اختلف معظم الباحثين حولها ، فبعضهم رأى أن اللغة هي مصدر الوحدة الوطنية ،وبعضهم الآخر رأى أن إيمان الشعب بالحاكم وطاعته هي أساس هذه الوحدة ، وبعضهم رأى أن الإرادة الحرة للأفراد هي التي تصنع الوحدة الوطنية ، وآخرون رؤوا أن إنهاء الصراع الطبقي في المجتمع هو السبيل إليها ، وعلى هذا فان للوحدة الوطنية هدف واحد لكن وسائلها قد اختلفت باختلاف الباحثين نتيجة اختلاف أوضاعهم عن بعضهم البعض.