Haneen
2015-08-10, 11:53 AM
سلوك لا يستوعبه العقل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الظروف المحيطة بتسلل الشاب الاسرائيلي من أصل اثيوبي الى قطاع غزة، ومحاولة الامن منع نشر تفاضيل القصة منذ ما يقارب العام، والمعاملة الغير لائقة التي تعرضت لها عائلة الشاب)
قضية اختفاء الشاب الإسرائيلي أبرا منغستو في قطاع غزة تعكس السلوك الغريب للدولة والاجهزة الامنية فيها منذ دخول منغستو إلى القطاع في ايلول العام الماضي وحتى قرار المحكمة بالنشر عن الحادث أمس. الحديث الذي دار أمس حول دخول شاب إسرائيلي آخر من أصل بدوي إلى غزة، والذي لم يتم نشر اسمه بعد، يثير التساؤل.
منغستو اجتاز الحدود إلى القطاع بعد اسبوعين من وقف اطلاق النار الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحماس. يبدو أن خلفية القرارات التي اتخذتها قيادة الاجهزة الامنية بخصوص منغستو، تتصل بالحرب، ولا سيما خطف جثث هدار غولدن واورون شاؤول من حماس. لكن فعليا يمكن أن تكون جذور الموضوع دفنت قبل ذلك بخطف الجندي جلعاد شليط في 2006.
في كل الحروب الاخيرة للجيش الإسرائيلي في القطاع كان هناك تصميم على عدم العودة إلى قضية شليط، وعدم ابقاء «ممتلكات» في أيدي حماس كي لا تتمكن من فرض مفاوضات على إسرائيل تؤدي مرة اخرى إلى ضغط جماهيري على الحكومة، واهانة إسرائيل من خلال اطلاق سراح مئات المخربين الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية. لذلك عندما تم خطف جثة شاؤول في المعركة في حي الشجاعية، وجثة غولدن في المعركة في رفح، بذل الجيش جهدا كبيرا في اتجاهين: بداية ـ انهاء عملية الخطف (بالتحديد في رفح حيث استخدم اجراء «هنيبعل» في خلال اطلاق نار مكثف). بعد ذلك الوصول إلى دليل يُمكن الحاخامية العسكرية والاطباء من الاعلان عن الجنود كموتى. الهدف من هذه الخطوات كان منع حماس من الضغط على إسرائيل، الامر الذي سيجبرها على الموافقة على تنازلات كبيرة مقابل اعادة الجثث.
إن محاولة منع حماس من امتلاك ورقة مساومة ولا سيما جنود، تزداد عند الحديث عن مواطن، وبالتحديد مثل الذي اجتاز الحدود إلى غزة بارادته في ظروف غريبة. هنا تم استخدام المثلث غير المقدس لجهاز الامن من خلال متابعة القضية: اصدار أمر شامل ومتواصل لمنع نشر تفاصيل الحادثة بواسطة الجهاز القضائي (رغم أن الامر وجد تفاعلا في اوساط اليهود الاثيوبيين في الشبكات الاجتماعية واحيانا في الانترنت في الخارج). واعطاء معلومات جزئية فقط لوسائل الإعلام والمعاملة الغير لائقة لعائلة الشاب.
هناك بالطبع توتر بين حق الجمهور في المعرفة ورغبة وسائل الإعلام في التغطية من جهة، وبين اعتبارات الدولة في المفاوضات مع من يحتفظ بجندي أو مواطن، من جهة اخرى. لا شك أن الهستيريا الجماهيرية اثناء المفاوضات في قضية شليط والتي رافقتها خطوات من وسائل الإعلام وسياسيين، لا شك قد ساعدت في رفع ثمن الابتزاز من حماس من اجل تنفيذ الصفقة. وفي تلك الاثناء كان منطقيا التوقيع على الصفقة لأن الدولة أثبتت بذلك التزامها تجاه مقاتليها. لكن اعادة شليط تحققت بثمن اشكالي: ليس اطلاق سراح 1027 مخربا فقط، بل ايضا اطلاق سراح خبراء في الإرهاب مثل يحيى السنوار الذي هو اليوم أحد قادة الذراع العسكري لحماس في القطاع، وسجناء آخرون لهم مكانة قيادية في الضفة التي تستخدم الإرهاب بأوامر من قيادة خاصة في غزة.
منع النشر الكامل مدة عشرة اشهر يعكس سياسة اشكالية. مرة اخرى نرى المحاكم مستعدة لأن توافق بسرعة كبيرة على مطالب الجهاز الامني والاستجابة لطلبه. يمكننا تفهم الاعتبار الامني من وراء اخفاء القضية في الاسابيع الاخيرة، من خلال التفكير بأنه يمكن عقد صفقة بهدوء مع حماس قبل أن تفاعل الجمهور مع الامر، وبالتالي رفع الثمن من حماس. لكن تأجيل النشر مدة عشرة اشهر والطلب من المحكمة مرة تلو اخرى التمديد يشيران إلى التوجه الاوسع لتحقيق الهدوء للمستوى السياسي والامني واعفائهما من الاسئلة المقلقة.
قبل اسبوع ونصف، بعد صراع قانوني متواصل وقبل النقاش الذي طلبت فيه صحيفة «هآرتس» تقديم أدلة جديدة حول السلوك الخاطيء للسلطات، تراجعت الاجهزة الامنية عن معارضتها للنشر دون ذكر الاسباب. أما قرار الاعلان أمس بشكل مفاجيء عن وجود مواطن آخر من أصل بدوي في أيدي حماس منذ نيسان الماضي، فهو يسحب البساط من تحت الادعاء فيما يتعلق بمنغستو: لماذا حدث تغيير في هذه القضية دون اجراء نقاش قانوني؟.
في الخلفية لا يمكن تجاهل موضوع لون جلد منغستو لا سيما بعد احتجاج اليهود الأثيوبيين مؤخرا. هل كانت الاجهزة الامنية ستتجرأ (ستنجح) على استخدام نفس الامر لو كان الحديث عن عائلة إسرائيلية قديمة مثل عائلة شليط، أو غولد فاسر أو ريغف؟ صحيح أن هناك فرق: منغستو مواطن قام باجتياز الحدود إلى غزة بمبادرة منه ولدوافع غير معروفة، ومعروف أنه يعاني مشاكل شخصية كثيرة، لهذا لا يجب أن نتوقع من الدولة أن تكون مستعدة لدفع ثمن باهظ مقابل اطلاق سراحه، مثلما حدث مع الجندي الذي تم اختطافه اثناء تأديته الخدمة، شليط.
ومع ذلك: لو كانت حادثة اخرى لما استطاعت الدولة التعتيم بشكل كامل على الحادثة. الجمهور وسذاجة العائلة مكّنا جهاز الامن من متابعة القضية ببطء بل وتعطيل اللقاء الاول مع العائلة حسب شهادة شقيق منغستو، وقد مر اسبوعان قبل أن يلتقي طاقم المفاوضات التابع للاجهزة الامنية مع أبناء العائلة، حيث قدموا لهم تفاصيل أولية عن إبنهم المخطوف.
حدث هنا تأخير لا يمكن استيعابه، وهو يتعلق بشكل مباشر بالاعتبارات الغريبة الموجودة عند القيادة السياسية والامنية على طول معالجة القضية، والدليل على ذلك هو رد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي أعلن أمس أنه قد تحدث هاتفيا مع أبناء العائلة حيث اتفقوا على الالتقاء قريبا. والغريب أن نتنياهو لم يجد الوقت لذلك خلال عشرة اشهر، وباقي اجهزة الرقابة الخارجية على جهاز الامن تصرفت بالمثل. عضو الكنيست افيغدور ليبرمان قال أمس إنه سمع عن القضية الآن فقط رغم أنه كان وزيرا للخارجية وعضوا في الكابنت، وقد استمر في هذا المنصب حتى تشكيل الحكومة الجديدة في أيار. أما رئيس لجنة الخارجية والامن الجديد، عضو الكنيست تساحي هنغبي، قال في مقابلة مع الراديو إنه لم يعرف عن القضية. أمس فقط، مع الغاء أمر منع النشر، سمح مكتب رئيس الحكومة لمصدر أمني بالاجابة باختصار على اسئلة الصحافيين التي تخص القضية. يمكن أن يكون العلاج المتأخر لشكوى العائلة في المرحلة الاولى من القضية يتعلق بتغيير المسؤول عن ملف الأسرى والمفقودين. المسؤول الجديد ليئور لوتان، دخل إلى منصبه بعد أن اجتاز منغستو الحدود باسابيع قليلة، وخلال فترة وجيزة تواصل لوتان مع عائلة منغستو، وهو يتواصل معها بشكل دائما ويشمل ذلك اللقاءات والزيارات ومرافقة الجيش في المكان الذي اجتاز منه إلى القطاع.
المصدر الامني رفض الادعاءات حول التمييز بحق منغستو وقال إن جهدا كبيرا بذل في هذه القضية، «تماما كما كنا سنفعل فيما يتعلق بأي مواطن آخر». وحول السؤال الاهم ـ مصير المخطوف ـ فان الاجهزة الامنية ليست متفائلة. صحيح أن حماس اعترفت في البداية بأن الشاب لديها، لكن حينما اتضح أنه ليس جنديا فقد تم اطلاق سراحه واختفت آثاره. وتستمر إسرائيل في رؤية حماس كمسؤولة عن مصيره، وهي تشك في أن ما قالته المنظمة هو كذب.
يمكن أن يعطي جواب حماس احتمالين غير متفائلين: الاول، التنظيم يشوش من اجل رفع الثمن. الثاني، يمكن أن يكون شيء قد حدث لمنغستو والمنظمة تحاول تمويه الامر من اجل التملص من المسؤولية. وفيما يتعلق بالإسرائيلي الآخر وهو بدوي من سكان النقب، منع نشر اسمه، اجتاز الحدود في السابق إلى دول مجاورة، فان التقدير في الاجهزة الامنية أنه موجود لدى حماس، ويبدو أننا امام قضية معقدة جدا. تتوقع إسرائيل الحصول على جواب من حماس حول المواطنين المفقودين اضافة إلى غولدن وشاؤول ـ هذه مسألة تحتاج إلى وقت طويل لحلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
رحلة التغلب على الإرهاب
كما هو الحال لدى السلطة الفلسطينية وحماس تفرق إسرائيل بين قطاع غزة والضفة الغربية
بقلم:كوبي ميخال واودي ديكل،عن نظرة عليا
المضمون:( يتحدث الكاتب عن زيادة العلميات ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية المحتلة، كما يتحدث الكاتب عن زيادة عدد الخلايا المكتشفة، ويشير الكاتب ان معظم العمليات، التي لم يتم إحباطها، من الممكن تسميتها كـ "إرهاب شعبي". والتي قام بها منفذون منفردون بطرق متنوعة (إطلاق نار، زجاجات حارقة، محاولات دهس وطعن) في مناطق جغرافية مختلفة).
شهدت الاشهر الاخيرة زيادة في اعداد العمليات الإرهابية في الضفة الغربية، وفي عدد إحباط محاولات اخرى. واطلع رئيس جهاز الشاباك الاسبوع الماضي لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، انه من العام 2012 تم سنويا تسجيل زيادة بنسبة 50 بالمئة في العمليات الإرهابية الشعبية (683 عملية خلال العام 2012 مقابل 1834 عملية مقابل العام 2014)، فيما حدثت القفزة الملموسة جدا خلال عملية «الجرف الصامد». بالاضافة إلى انه في العام 2014 تم إحباط 130 عملية لخلايا إرهابيــة (معظمها ينتمي لحماس)، بينما في العام 2015 (لغاية يوليو) تم إحباط 60 عملية إرهابية.
معظم العمليات، التي لم يتم إحباطها، من الممكن تسميتها كـ «إرهاب شعبي». والتي قام بها منفذون منفردون بطرق متنوعة (إطلاق نار، زجاجات حارقة، محاولات دهس وطعن) في مناطق جغرافية مختلفة. هذه البيانات تستند إلى التقدير، ان الإرهاب البنيوي والمنظم يتم إحباطه في معظم الحالات. ومن ناحية اخرى، فإن حادثتي إطلاق النار التي وقعت مؤخرا في منطقة رام الله تبدو عمليات منظمة، تم القيام بها من قبل خلية إرهابية، على ما يبدو تابعة لحماس.
العدد الاكبر من العمليات المنفردة يشير إلى وجود دافع للقيام بالعملية، وتم القيام بها من قبل اشخاص، لا علاقة لهم بأي تنظيم او كمجموعة متطرفة منتظمة. هذا الدافع يدمج ما بين الجو العام السائد، ورؤية الحافز الشخصي. العمل الإرهابي، عندما يتم الحديث عن معدلات كبرى واجراءاتها لا نراها، ولا يمكنه ان يفسر على انه عمل يائس او احباط لافراد، بل كظاهرة اجتماعية ـ سياسية، تتسع بغطاء اجتماعي شرعي واسع، حيث يحظى المنفذون بالمكافأة الشخصية ـ الرمزية. هذا بالاضافة إلى المكافأة المادية /المالية، والذي تصل لهم مباشرة او لابناء عائلاتهم. على الرغم من ان الجمهور الفلسيطيني في الضفة مهتم تحديدا في السعي إلى المكسب الاقتصادي، الا انه متشائم نسبيا في كل ما يتعلق بمشاركة فاعلة في اعمال الإرهاب، في المظاهرات او اعمال الشغب، ويتحفظ من مواجهة ممكنة مع إسرائيل. ولكن لا يمكننا ان نستنتج من ذلك، ان نفس هذا الجمهور لا يدعم العمليات، وبالتأكيد فهو لا يتحفظ منها بشكل جارف وواسع.
الامر يدفعنا لان نفكر، ان شهر رمضان هو عنصر محفز لموجة العمليات الاخيرة، فيما يشبه العمليات التي تم تسجيلها في الفترة المقابلة من العام الماضي. شهر رمضان، الذي يشعر به معظم المسلمين بالتقرب من القنوات الدينية، من شأنه بالتأكيد ان تبين كعامل محفز. حيث ينساق الكثيرون منهم خلاله بصورة مكثفة بشكل خاص إلى استجابة للخطب دينية، والتي من بينها تحريض واضح ضد إسرائيل، إلى جانب تشجيع الاوساط باسم الدين وايضا بإسم الوطن. بالاضافة، إلى انه من الممكن ان نفسر الظاهرة بتأثير الاحداث الدائرة في العالم العربي وبالافكار المتطرفة في المنطقة، التي يتم نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت. لذلك ينضم كذلك التحريض الممنهج بوسائل الإعلام الفلسطينية وفي الخطاب العام، التي تتم بمعظمها بتجاهل من جانب السلطة الفلسطينيىة، ولكن احيانا تتم ايضا من قبل مسؤوليها، كل ذلك يشكل ارضية من الاجواء والتهيئة النفسية، التي تبث اجواء من المعارضة الوطنية والدينية وتشجع القيام بالعمليات.
من المهم الاشارة، إلى ان العمليات تتم على الرغم من الجهود والتصميم من قبل الاجهزة الامنية في السلطة الفلسطينية، لمنع موجة الإرهاب في الضفة الغربية ولتفكيك الخلايا الإرهابية وتنظيماتها، خاصة حماس. كما انه من المهم لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان يثبت، انه يسيطر على المناطق التي تقع تحت سلطته وانه مصمم على محاربة الإرهاب: عباس قال بوضوح، ان الإرهاب لا يخدم المصالح الفلسطينية ويمس بصورة السلطة وبصورته هو شخصيا كشريك في العملية السلمية، التي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية. ولكن، السلطة تقوم «بدور مزدوج» ـ فإلى جانب الجهود التي تبذلها لاحباط الخلايا الإرهابية لحماس والحفاظ على استمرار التعاون الامني مع إسرائيل، فإن السلطة تعمل بقوة ضد إسرائيل على الساحة الدولية، «اللعبة المزدوجة» للسلطة تم التعبير عنها ايضا في مساعيها لاحباط التفاهمات بين حماس وإسرائيل حول موضوع إعمار قطاع غزة، وفي منع تحويل الاموال إلى القطاع من خلال المس بالاحتياجات الحيوية للسكان الغزيين. اعمال إسرائيل في قطاع غزة ينظر اليها من قبل السلطة الفلسطينية وكذلك من قبل الجمهور الفلسطيني كمحاولة لإضعاف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس. هذا التفسير للتصرفات الإسرائيلية يعزز في اوساط الجمهور الفلسطيني الشعور بأن، العنف يجلب انجازات فعلية في محاربة إسرائيل، وعليه فهي تعزز المعسكر الفلسطيني المتطرف، الذي يلتحق به اولئك الذين يئسوا من ان تحدث السلطة الفلسطينية تغييرا فعليا في اوضاع السكان.
وحماس من جانبها، فهي ايضا تلعب «اللعبة المزدوجة»، فهي تظهر قدرة للتصرف بناء على منطقين في العمل مختلفين وحتى متناقضين، من خلال التمييز بين ساحة غزة، وساحة الضفة. فعلى ساحة غزة تعمل حماس على كبح التنظيمات السلفية وتحاول تحقيق تفاهمات مع إسرائيل بغرض تحريك عملية إعمار قطاع غزة.
ولاجل ذلك فإن حماس على استعداد لان تتعهد بوقف نار طويل الامد. وفي المقابل، فإن حماس تستغل ما يبدو كفرصة استراتيجية، في إطار الحرب على الهيمنة على الساحة الفلسطينية، ولاحراج عباس، ولاضعاف السلطة ولتسريع تفككها لكي ترثها، حماس حريصة على تعزيز صورتها كتنظيم «مقاومة» يقود راية النضال العنيف ضد إسرائيل، ومن اجل تضييق التوتر بين سلوكها في قطاع غزة وصورة النضال العنيف، فهي تشجع الاعمال الإرهابية في الضفة الغربية وتعمل على توسيع وتعزيز الخلايا الإرهابية في المنطقة.
في هذا الاطار، فإن حماس تدفع ليس فقط بإتجاه الاعمال الفردية بل ايضا الإرهاب الذي يتم من قبل خلايا منظمة، والموجه من قبل قيادة التنظيم في اسطنبول بتركيا. وفقا لتقديرات جزء من المختصين، وبنظرة على المدى البعيد، فانه ليس بمقدور اجهزة الامن التابعة للسلطة الفلسطينية منع الفوضى، التي من الممكن ان تنشب إذا سفرت الزيادة في موجة الاعمال الإرهابية عن نتيجة ـ خاصة بعد تسلل افكار تنظيمات متطرفة إلى الضفة – وخصوصا في وقف سيطرة حماس على المنطقة، بدون حضور ونشاط الامني الإسرائيلي السائد في المنطقة.
مؤخرا تسعى إسرائيل إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وتحسين نمط حياة السكان الفلسطينيين. فقد زادت إسرائيل وبصورة ملموسة من اعداد تصاريح العمل في داخلها (حوالي 100 الف عامل يعملون في إسرائيل بموجب تصاريح)، كما قلصت عدد الحواجز في مناطق الضفة الغربية، وسمحت لحافلات فلسطينية بتقل العمال إلى داخل إسرائيل، وحسنت من البنى التحتية للمعابر وترتيبات العبور بصورة تقلل بشكل ملموس من ساعات الانتظار، كما سمحت بتسهيلات فعلية على دخول السكان إلى الحرم القدسي. ومع ذلك، فإن نشوب انتفاضتين دلل، ان التحسين على الواقع الاقتصادي ليس هو بالضرورة العنصر الذي يمنع التصعيد والعنف.
في هذه المرحلة لا يدور الحديث عن انتفاضة، ولكن الزيادة في العمليات تدلل مرة اخرى ان التسهيلات لا تضمن هدوءا امنيا. درس اضافي، يستند إلى تجربة الماضي، وهو، ان تشديد القبضة على السكان الفلسطينيين والمس بمعيشتهم ونمط حياة الكثيرين، الذين لا يشاركون في الاعمال، لا يؤدي إلى تحسين الواقع الامني، بل هي ايضا تحرض الرأي العام العالمي على إسرائيل. مغزى هذا الحديث هو، ان إسرائيل توجد في فخ في كل ما يتعلق بصندوق الادوات الذي تستخدمه بهدف تهدئة الساحة والحفاظ على الوضع القائم، وحسب رأينا فعلى إسرائيل ان تمتنع من اتخاذ خطوات «استثنائية» بإلغاء التسهيلات، التي اتخذتها مؤخرا. او فرض تقييدات على حرية الحركة للسكان الفلسطينيين، حتى ولو تم تبرير ذلك من قبل الجهات الامنية الإسرائيلية كضرورة امنية، فسوف ينظر اليها كعقاب جماعي وكرد غير محسوب.
كما هو الحال لدى السلطة الفلسطينية وحماس فإن إسرائيل تقوم ب «اللعبة المزدوجة» في سياستها التفريقية بين قطاع غزة وبين الضفة الغربية. في حين تحاول إسرائيل بالنسبة لقطاع غزة ان تحرز تقدما في جهود إعادة الاعمار مقابل هدنة طويلة الامد، ومن اجل ذلك هي على استعداد لوضع اسس لتفاهمات مع حماس عبر الحوار غير المباشر، وفي الضفة، فهي تعمل ضد خلايا حماس وبقوة وتصميم كبيرين. إسرائيل متهمة ايضا بممارسة «اللعبة المزدوجة» اذ انها تتحدث عن ضرورة تجديد العملية السلمية، وفي المقابل تقيم وقائع على الارض عن طريق الاستمرار في سياسة بناء المستوطنات. هناك من يدعي، ان تحريك العملية السلمية سوف يؤدي إلى خلق تصعيد في العمليات الإرهابية، ولكن يجب انت نذكر، انه في الماضي، وتحديدا فإن تجدد العملية السلمية حال دون العناصر المتطرفة وممارسة العنف، من اجل احباط هذه الجهود. فالعملية السلمية ليست بالضرورة هي عامل تهدئة.
اللعبة المزدوجة هي اداة يستخدمها اللاعبون على الساحة الفلسطينية، والتي تسمح بتليين المواقف بين البراغماتية والايديولوجيا. ومع ذلك هناك احتمال في فقدان السيطرة على الوضع. من اجل تقليص التهديد، يوصى بأن تنتهج إسرائيل سياسة مختلطة: امام السلطة، عليها الامتناع عن إلغاء التسهيلات على حياة السكان اليومية، في الضفة الغربية وتعزيز التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية. وفي المقابل عليها العمل بتصميم على الساحة الدولية ضد السلطة الفلسطينية، وكشف وجهها الحقيقي، مع التأكيد على سياستها التي تخرب الجهود لاعادة اعمار قطاع غزة، والتحريض على العنف والإرهاب. وامام حماس، على إسرائيل ان تمتنع من التعامل مع «اللعبة المزدوجة» لحماس بين قطاع غزة والضفة. وعليها التعامل مع حماس كرزمة واحدة ـ الحكم عليها في غزة هو كالحكم عليها في الضفة ـ ومنعها من تأسيس قواعد لعبة مريحة لها. وعلى إسرائيل ان توضح للتنظيم، انها لن تحقق معه اي تفاهمات تسمح بإعمار القطاع في الوقت الذي يسعى فيه إلى نقل ساحة الإرهاب الاساسية إلى الضفة الغربية او إلى منطقة سيناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأثر الذي يتركه الإرهاب
رغم نجاح «تنظيم الدولة» إلا أن مكاسبه في مجملها ليس بالصورة التي يحاول الظهور فيها
بقلم:يعقوب عميدرور،عن إسرائيل اليوم
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الاحداث في الشرق الاوسط، ويشير أن الاسلام الرديكالي الذي كان تحت الارض، بدأ في الظهور حيث يعتبر مؤيدي هذه التيارات أن الاسلام كمنهج حياة وسياسة هو الحل الوحيد للمشاكل في العالم العربي)
«الشرق الاوسط يوجد في حالة تغيير دائمة. العملية بدأت في إيران، بعد أن أحدثت الثورة دينامية شيعية تؤثر الآن ايضا على مناطق واسعة ومهمة. وانضمت إلى ذلك قوات إسلام راديكالي كانت تحت الارض منذ انهيار الخلافة الاخيرة – الامبراطورية العثمانية. الإسلام الراديكالي على اختلاف أنواعه، يعتبر أن سيطرة الإسلام هي الحل لمشكلات المنطقة ولضعف المسلمين في العالم، وبديل للعالم العصري وللدولة. تقسيم المنطقة من البريطانيين والفرنسيين قبل مئة عام، حسب احتياجاتهما، أوجد دولا اصطناعية بعضها غاب عن الوجود وبعضها سيتحطم. قوات قديمة، اختفت بسبب أدوات قمع السلطة الدكتاتورية في الدول التي سيطرت في المنطقة، عادت وظهرت. وفي مناطق كثيرة فان العائلة، القبيلة، الطائفة والدين تحولت كلها إلى مركز التضامن والقوة بدل الدولة.
«الاحداث الاساسية التي شكلت المنطقة هي الثورة الإيرانية، صعود الإسلام الراديكالي بشكله السياسي، أحداث الحادي عشر من ايلول في الولايات المتحدة واحتلال العراق ردا على ذلك، الربيع العربي الذي بسببه انهارت بعض الدول وتم اضعاف دول اخرى وازدادت قوة الشارع. ويضاف إلى ذلك ضعف الغرب برئاسة الولايات المتحدة، وعدم نجاعة المؤسسات الدولية، والقوات المحلية التدميرية المتميزة في كل دولة. النتيجة هي الوضع الحالي والمعقد على ضوء حقيقة أن قوات متعددة تحركه، احيانا متناقضة واحيانا تكمل بعضها البعض. الحديث هنا عن الصراع على طابع ومستقبل الأمة العربية أو الإسلام، بين قوات التغيير التي هي فوضوية في بعضها، وبين من يحاول الابقاء على الوضع الراهن. في حين أن العنف الذي تستعمله الاطراف واسع وقبيح، والإرهاب يحتفل.
«العملية في ذروتها، ولا يمكن معرفة كم ستتواصل وما هي نتيجتها. إنها موجة ذات أبعاد تاريخية واسعة في حجمها وعميقة في جوهرها، وبالتالي يصعب التأثير عليها بشكل ايجابي من الخارج». ما جاء أعلاه هو تلخيص لورقة تقييم صدرت هذا الاسبوع في مركز «باسا» في جامعة بار ايلان. عندما كتبت هذه الورقة لم تكن قد ظهرت بعد نجاحات «تنظيم الدولة» الإسلامية. وقد كان هذا قبل أن تثبت احتلالها لشمال سوريا وقبل عملياتها في سيناء ضد الجيش المصري بعملية واسعة مخطط لها. وقد أثبتت هذه العملية أن التنظيم يملك في سيناء قدرة أكبر كثيرا مما كان متوقعا.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا الصعود يغير الصورة بشكل أساسي، كما جاء في ورقة التقييم المذكورة أعلاه، وهل يزدهر التنظيم بشكل لا يمكن وقفه؟.
العلم السني
أولا، أريد التأكيد على أنه يجب عدم المبالغة. حتى حادثة سيناء لم يكن التنظيم قد واجه جيشا حقيقيا، وفي مواجهاته الصعبة مع المليشيات الكردية وأذناب الجيش العراقي لم ينتصر دائما. ومهم القول إنه نجح بشكل جزئي في سيناء ولفترة محدودة جدا. وعندما تضامن المصريون وتغلبوا على المفاجأة ـ خرجوا فورا للهجوم المضاد وطردوا عناصر الإرهاب التي نجحت في مفاجأتهم. لقد تكبد الجيش المصري خسائر كبيرة في الارواح، وليس لديه حل لبعض التهديدات على الارض والنتائج ايضا ليست جيدة. لكن ليس هناك مثال على انتصار مجلجل للتنظيم في سيناء، وقد يكون العكس هو الصحيح. صحيح أن هذا صعب على المصريين لأنهم يديرون الحرب في جبهتين؛ في الجبهة الاكثر الحاحا داخل مصر. فهو يخوضون صراعا صعبا ضد الاخوان المسلمين ـ الذين تم اسقاطهم ويقومون بحملة واسعة ضد السيسي، بما في ذلك استخدام الإرهاب في جميع أنحاء مصر. الجبهة الثانية هي محاربة امتداد «تنظيم الدولة» الإسلامية ومنظمات إرهابية اخرى انتشرت في شبه جزيرة سيناء ولم يعالجها أحد بالشكل الصحيح منذ حكم مبارك. ومع ذلك، فان الجيش المصري لم ينسحب وهو فزع. والفهم أن التنظيم قد فشل في نهاية الامر هو شيء مهم، لأنه يعطي بُعدا واقعيا للهالة التي ل»تنظيم الدولة» الإسلامية.
وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل نجاح التنظيم في استقطاب آلاف الاشخاص من العالم العربي والعالم الغربي، من القفقاس وحتى استراليا. يبدو أنه اضافة إلى نجاحه فان قوته تنبع من حملة راية السنّة، ويبرز كونه طاهرا من الناحية الدينية، وسعيه إلى العودة إلى المصادر واعادة الامجاد على شكل الخلافة الإسلامية ودعوته جميع المسلمين لتنفيذ العمليات وأن ينضموا اليه فيزيائيا، أي الهجرة التي هي تقليد لهجرة محمد. التنظيم يستخدم بشكل متعمد المفاهيم المقدسة لأن النبي فعل ذلك قبل 1300 سنة. وهو يحاول إحياء الماضي المجيد وجذب الناس بالاعتماد على الولاء الديني، والرد على البحث عن الهوية للكثيرين من أبناء الجيل الإسلامي الشاب في أنحاء العالم.
ليس مفاجئا أن التنظيم قد بدأ طريقه ونجح في غرس جذوره في المناطق التي تتميز بميزتين: الاولى، لا يوجد فيها سيطرة منظمة. مناطق الفوضى هي مناطق النمو الطبيعي له. والثانية هي أن الحديث يدور عن مناطق احتكاك بين الشيعة والسنة. ويشكل التنظيم إلى حد كبير ردا سنيا على الديناميكية الشيعية التي تحرك الشرق الاوسط منذ 35 سنة. وبعد نجاحه في الهلال الخصيب، في العراق وسوريا، فقد تحول التنظيم إلى قوة مغناطيسية للسنة خارج مناطق الاحتكاك ايضا. سيناء هي منطقة لا توجد فيها سيطرة فعالة، لذلك فهي ملائمة للحاجة الاساسية. ويمكن حدوث شيء مشابه في سوريا ايضا حيث تنضم تنظيمات سنية إلى «تنظيم الدولة» وتضاعف قوته. ونجاح التنظيم يجد رضا من الشباب، وخيبة أمل السنة على ضوء نجاحات حزب الله في مساعدته للعلويين، الامر الذي يخيب آمال الكثيرين من المتمردين.
نجاحات التنظيم في سوريا يمكنها تغيير المعادلة من وجهة نظر العناصر الخارجية المختلفة. الصراع اتضح أكثر ولا يمكن وجود سلطة انتقالية للاقلية العلوية والاغلبية السنية. لن يضع «تنظيم الدولة» يده في يد أحد ـ هو يدير حرب تدميرية دولية، لهذا فان الحسم سيكون بين احتمالين واضحين: ايجاد حل يستند إلى استمرار الوضع الراهن، يمكن أن يكون على حساب الاسد مع الحفاظ على السلطة للاقلية العلوية بتأييد ودعم حزب الله وإيران. أو سيطرة «تنظيم الدولة» على انحاء سوريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الجبهة الإيرانية: بين السيء والاسوأ
بقلم:افرايم سنيه/عميد احتياط، وزير ونائب وزير سابق. رئيس مركز الحوار الاستراتيجي في كلية نتانيا،عن يديعوت
المضمون:( يشير الكاتب وهو عميد، ووزير سابق، ورئيس مركز الحوار الاستراتيجي، يشير الى الحيرة الواقع فيها صانع القرار الاسرائيلي فيما يخص الموضوع الايراني، فايران باتفاق مع الدول العظمة ستصبح خطر استراتيجي بسبب الميليارات التي ستضخ الى اقتصادها، وايران بدون اتفاق مع الدول العظمى ستسرع مشروعها النووي،مما يشكل ايضاً خطرا على اسرائيل)
الموعد الهدف مر والاتفاق بين إيران والقوى العظمى لم يتحقق، ولكن حماسة الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق تزيد احتمال ان يتحقق بالفعل في الزمن القريب القادم. ولكن سواء وقع الاتفاق بين إيران والقوى العظمى أم لا ـ فالنتيجة خطيرة لاسرائيل.
اذا وقع الاتفاق، سنقف حيال إيران التي لعل مشروعها النووي يكون قد جمد، ولكن العديد من المليارات التي ستضخ اليها في أعقاب رفع العقوبات ستزيد من تعاظمها الاستراتيجي ودعمها للإرهاب والمؤامرات. إذا لم يتحقق اتفاق، فان إيران ستسرع سعيها إلى النووي والى الهيمنة الاقليمية. في الحالتين ملزمة باسرائيل بان تتخذ اربعة اعمال، كل واحد منها يجسد واجبا ضروريا.
الواجب الاول، بناء رد عسكري مناسب ـ دفاعي وهجومي. الرد الدفاعي يجب ان يكثف حماية الجبهة الداخلية من عشرات الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الموجهة اليها اليوم. منظومة الدفاع الحالية ليست كافية بعد، كميا ونوعيا، للحماية ضد منظومة صواريخ حزب الله في لبنان. اما الرد الهجومي فيفترض ان يمنح اسرائيل الامكانية للعمل بنفسها ضد مشروع السلاح النووي الإيراني. فقد ينشأ وضع يكون فيه هذا الخيار هو الاخير الذي يتبقى في أيدينا، ومحظور ان تبقى اسرائيل عديمة الوسيلة ومتعلقة برحمة الاخرين في مثل هذه الظروف الصعبة. عنصر آخر من الرد العسكري هو تعزيز القدرات الاستخبارية اللازمة لمتابعة كل تقدم إيراني في تطوير السلاح النووي.
الثاني، تغيير مكانة اسرائيل الدولية. حتى في ظل عدم وجود مواجهة مباشرة بين اسرائيل وإيران، فان المواجهة مع فروعها ـ حزب الله وحماس ـ محتمة في مدى السنوات القريبة القادمة. ونتائج مثل هذه المواجهات، في لبنان وفي غزة، يقررها بمدى كبير توقيت وقفها. فالاسرة الدولية، من خلال مجلس الامن، هي التي تقرر مدى عمل الجيش الاسرائيلي وهل تمكن من تحقيق اهدافه.
لا يمكن لاسرائيل أن تقاتل أعداءها كما ينبغي عندما يكون عبء الاحتلال على ظهرها. وبقدر ما تستمر السياسة التي هدفها منع اقامة دولة فلسطينية، هكذا تزداد العزلة السياسية وتقل حرية العمل العسكري لاسرائيل. وبالتالي فان الواجب الثاني هو الشروع في أقرب وقت ممكن بمفاوضات سياسية غايتها انهاء النزاع واقامة دولة فلسطينية مجردة على خُمس مساحة بلاد اسرائيل.
إن تنفيذ هذان العملان سيسمحان بتحقيق الواجب الثالث ـ اقامة حلف اقليمي من الدول العربية مع اسرائيل. والمقصود مصر، الاردن والسعودية ومعظم دول الخليج. وغاية هذا الحلف الاقليمي هي كبح نظام آيات الله، احباط نواياه وتسريع اسقاطه من الداخل. اسرائيل، كقوة عظمى اقليمية لم تعد تمنع اقامة دولة فلسطينية، ستكون عضوا مرغوبا فيه وهاما في هذا الحلف. الواجب الرابع هو اعادة بناء منظومة العلاقات الخاصة بين حكومة اسرائيل وبين الادارة في واشنطن.
ثمة صلة بين الواجبات الاربعة، وتنفيذ كل واحد منها يعزز الثلاثة الاخرى. ولكن الاساس لنجاح مواجهة اسرائيل لإيران في الواقع الجديد يكمن بالذات في الواجب الثاني، ذاك الواجب موضع الخلاف الداخلي الشديد لدينا. فاقامة الحلف الاقليمي واعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة مشروطان بتغيير مكانة اسرائيل الدولية. وهذا منوط بتغيير السياسة الاسرائيلية من المسألة الاساس ـ دولتان في بلاد اسرائيل أم دولة واحدة.
للوقوف امام إيران ثمة حاجة لحسم هذه المسألة، حسما نجح الجميع في التملص منه على مدى نحو عقدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الظروف المحيطة بتسلل الشاب الاسرائيلي من أصل اثيوبي الى قطاع غزة، ومحاولة الامن منع نشر تفاضيل القصة منذ ما يقارب العام، والمعاملة الغير لائقة التي تعرضت لها عائلة الشاب)
قضية اختفاء الشاب الإسرائيلي أبرا منغستو في قطاع غزة تعكس السلوك الغريب للدولة والاجهزة الامنية فيها منذ دخول منغستو إلى القطاع في ايلول العام الماضي وحتى قرار المحكمة بالنشر عن الحادث أمس. الحديث الذي دار أمس حول دخول شاب إسرائيلي آخر من أصل بدوي إلى غزة، والذي لم يتم نشر اسمه بعد، يثير التساؤل.
منغستو اجتاز الحدود إلى القطاع بعد اسبوعين من وقف اطلاق النار الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحماس. يبدو أن خلفية القرارات التي اتخذتها قيادة الاجهزة الامنية بخصوص منغستو، تتصل بالحرب، ولا سيما خطف جثث هدار غولدن واورون شاؤول من حماس. لكن فعليا يمكن أن تكون جذور الموضوع دفنت قبل ذلك بخطف الجندي جلعاد شليط في 2006.
في كل الحروب الاخيرة للجيش الإسرائيلي في القطاع كان هناك تصميم على عدم العودة إلى قضية شليط، وعدم ابقاء «ممتلكات» في أيدي حماس كي لا تتمكن من فرض مفاوضات على إسرائيل تؤدي مرة اخرى إلى ضغط جماهيري على الحكومة، واهانة إسرائيل من خلال اطلاق سراح مئات المخربين الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية. لذلك عندما تم خطف جثة شاؤول في المعركة في حي الشجاعية، وجثة غولدن في المعركة في رفح، بذل الجيش جهدا كبيرا في اتجاهين: بداية ـ انهاء عملية الخطف (بالتحديد في رفح حيث استخدم اجراء «هنيبعل» في خلال اطلاق نار مكثف). بعد ذلك الوصول إلى دليل يُمكن الحاخامية العسكرية والاطباء من الاعلان عن الجنود كموتى. الهدف من هذه الخطوات كان منع حماس من الضغط على إسرائيل، الامر الذي سيجبرها على الموافقة على تنازلات كبيرة مقابل اعادة الجثث.
إن محاولة منع حماس من امتلاك ورقة مساومة ولا سيما جنود، تزداد عند الحديث عن مواطن، وبالتحديد مثل الذي اجتاز الحدود إلى غزة بارادته في ظروف غريبة. هنا تم استخدام المثلث غير المقدس لجهاز الامن من خلال متابعة القضية: اصدار أمر شامل ومتواصل لمنع نشر تفاصيل الحادثة بواسطة الجهاز القضائي (رغم أن الامر وجد تفاعلا في اوساط اليهود الاثيوبيين في الشبكات الاجتماعية واحيانا في الانترنت في الخارج). واعطاء معلومات جزئية فقط لوسائل الإعلام والمعاملة الغير لائقة لعائلة الشاب.
هناك بالطبع توتر بين حق الجمهور في المعرفة ورغبة وسائل الإعلام في التغطية من جهة، وبين اعتبارات الدولة في المفاوضات مع من يحتفظ بجندي أو مواطن، من جهة اخرى. لا شك أن الهستيريا الجماهيرية اثناء المفاوضات في قضية شليط والتي رافقتها خطوات من وسائل الإعلام وسياسيين، لا شك قد ساعدت في رفع ثمن الابتزاز من حماس من اجل تنفيذ الصفقة. وفي تلك الاثناء كان منطقيا التوقيع على الصفقة لأن الدولة أثبتت بذلك التزامها تجاه مقاتليها. لكن اعادة شليط تحققت بثمن اشكالي: ليس اطلاق سراح 1027 مخربا فقط، بل ايضا اطلاق سراح خبراء في الإرهاب مثل يحيى السنوار الذي هو اليوم أحد قادة الذراع العسكري لحماس في القطاع، وسجناء آخرون لهم مكانة قيادية في الضفة التي تستخدم الإرهاب بأوامر من قيادة خاصة في غزة.
منع النشر الكامل مدة عشرة اشهر يعكس سياسة اشكالية. مرة اخرى نرى المحاكم مستعدة لأن توافق بسرعة كبيرة على مطالب الجهاز الامني والاستجابة لطلبه. يمكننا تفهم الاعتبار الامني من وراء اخفاء القضية في الاسابيع الاخيرة، من خلال التفكير بأنه يمكن عقد صفقة بهدوء مع حماس قبل أن تفاعل الجمهور مع الامر، وبالتالي رفع الثمن من حماس. لكن تأجيل النشر مدة عشرة اشهر والطلب من المحكمة مرة تلو اخرى التمديد يشيران إلى التوجه الاوسع لتحقيق الهدوء للمستوى السياسي والامني واعفائهما من الاسئلة المقلقة.
قبل اسبوع ونصف، بعد صراع قانوني متواصل وقبل النقاش الذي طلبت فيه صحيفة «هآرتس» تقديم أدلة جديدة حول السلوك الخاطيء للسلطات، تراجعت الاجهزة الامنية عن معارضتها للنشر دون ذكر الاسباب. أما قرار الاعلان أمس بشكل مفاجيء عن وجود مواطن آخر من أصل بدوي في أيدي حماس منذ نيسان الماضي، فهو يسحب البساط من تحت الادعاء فيما يتعلق بمنغستو: لماذا حدث تغيير في هذه القضية دون اجراء نقاش قانوني؟.
في الخلفية لا يمكن تجاهل موضوع لون جلد منغستو لا سيما بعد احتجاج اليهود الأثيوبيين مؤخرا. هل كانت الاجهزة الامنية ستتجرأ (ستنجح) على استخدام نفس الامر لو كان الحديث عن عائلة إسرائيلية قديمة مثل عائلة شليط، أو غولد فاسر أو ريغف؟ صحيح أن هناك فرق: منغستو مواطن قام باجتياز الحدود إلى غزة بمبادرة منه ولدوافع غير معروفة، ومعروف أنه يعاني مشاكل شخصية كثيرة، لهذا لا يجب أن نتوقع من الدولة أن تكون مستعدة لدفع ثمن باهظ مقابل اطلاق سراحه، مثلما حدث مع الجندي الذي تم اختطافه اثناء تأديته الخدمة، شليط.
ومع ذلك: لو كانت حادثة اخرى لما استطاعت الدولة التعتيم بشكل كامل على الحادثة. الجمهور وسذاجة العائلة مكّنا جهاز الامن من متابعة القضية ببطء بل وتعطيل اللقاء الاول مع العائلة حسب شهادة شقيق منغستو، وقد مر اسبوعان قبل أن يلتقي طاقم المفاوضات التابع للاجهزة الامنية مع أبناء العائلة، حيث قدموا لهم تفاصيل أولية عن إبنهم المخطوف.
حدث هنا تأخير لا يمكن استيعابه، وهو يتعلق بشكل مباشر بالاعتبارات الغريبة الموجودة عند القيادة السياسية والامنية على طول معالجة القضية، والدليل على ذلك هو رد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي أعلن أمس أنه قد تحدث هاتفيا مع أبناء العائلة حيث اتفقوا على الالتقاء قريبا. والغريب أن نتنياهو لم يجد الوقت لذلك خلال عشرة اشهر، وباقي اجهزة الرقابة الخارجية على جهاز الامن تصرفت بالمثل. عضو الكنيست افيغدور ليبرمان قال أمس إنه سمع عن القضية الآن فقط رغم أنه كان وزيرا للخارجية وعضوا في الكابنت، وقد استمر في هذا المنصب حتى تشكيل الحكومة الجديدة في أيار. أما رئيس لجنة الخارجية والامن الجديد، عضو الكنيست تساحي هنغبي، قال في مقابلة مع الراديو إنه لم يعرف عن القضية. أمس فقط، مع الغاء أمر منع النشر، سمح مكتب رئيس الحكومة لمصدر أمني بالاجابة باختصار على اسئلة الصحافيين التي تخص القضية. يمكن أن يكون العلاج المتأخر لشكوى العائلة في المرحلة الاولى من القضية يتعلق بتغيير المسؤول عن ملف الأسرى والمفقودين. المسؤول الجديد ليئور لوتان، دخل إلى منصبه بعد أن اجتاز منغستو الحدود باسابيع قليلة، وخلال فترة وجيزة تواصل لوتان مع عائلة منغستو، وهو يتواصل معها بشكل دائما ويشمل ذلك اللقاءات والزيارات ومرافقة الجيش في المكان الذي اجتاز منه إلى القطاع.
المصدر الامني رفض الادعاءات حول التمييز بحق منغستو وقال إن جهدا كبيرا بذل في هذه القضية، «تماما كما كنا سنفعل فيما يتعلق بأي مواطن آخر». وحول السؤال الاهم ـ مصير المخطوف ـ فان الاجهزة الامنية ليست متفائلة. صحيح أن حماس اعترفت في البداية بأن الشاب لديها، لكن حينما اتضح أنه ليس جنديا فقد تم اطلاق سراحه واختفت آثاره. وتستمر إسرائيل في رؤية حماس كمسؤولة عن مصيره، وهي تشك في أن ما قالته المنظمة هو كذب.
يمكن أن يعطي جواب حماس احتمالين غير متفائلين: الاول، التنظيم يشوش من اجل رفع الثمن. الثاني، يمكن أن يكون شيء قد حدث لمنغستو والمنظمة تحاول تمويه الامر من اجل التملص من المسؤولية. وفيما يتعلق بالإسرائيلي الآخر وهو بدوي من سكان النقب، منع نشر اسمه، اجتاز الحدود في السابق إلى دول مجاورة، فان التقدير في الاجهزة الامنية أنه موجود لدى حماس، ويبدو أننا امام قضية معقدة جدا. تتوقع إسرائيل الحصول على جواب من حماس حول المواطنين المفقودين اضافة إلى غولدن وشاؤول ـ هذه مسألة تحتاج إلى وقت طويل لحلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
رحلة التغلب على الإرهاب
كما هو الحال لدى السلطة الفلسطينية وحماس تفرق إسرائيل بين قطاع غزة والضفة الغربية
بقلم:كوبي ميخال واودي ديكل،عن نظرة عليا
المضمون:( يتحدث الكاتب عن زيادة العلميات ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية المحتلة، كما يتحدث الكاتب عن زيادة عدد الخلايا المكتشفة، ويشير الكاتب ان معظم العمليات، التي لم يتم إحباطها، من الممكن تسميتها كـ "إرهاب شعبي". والتي قام بها منفذون منفردون بطرق متنوعة (إطلاق نار، زجاجات حارقة، محاولات دهس وطعن) في مناطق جغرافية مختلفة).
شهدت الاشهر الاخيرة زيادة في اعداد العمليات الإرهابية في الضفة الغربية، وفي عدد إحباط محاولات اخرى. واطلع رئيس جهاز الشاباك الاسبوع الماضي لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، انه من العام 2012 تم سنويا تسجيل زيادة بنسبة 50 بالمئة في العمليات الإرهابية الشعبية (683 عملية خلال العام 2012 مقابل 1834 عملية مقابل العام 2014)، فيما حدثت القفزة الملموسة جدا خلال عملية «الجرف الصامد». بالاضافة إلى انه في العام 2014 تم إحباط 130 عملية لخلايا إرهابيــة (معظمها ينتمي لحماس)، بينما في العام 2015 (لغاية يوليو) تم إحباط 60 عملية إرهابية.
معظم العمليات، التي لم يتم إحباطها، من الممكن تسميتها كـ «إرهاب شعبي». والتي قام بها منفذون منفردون بطرق متنوعة (إطلاق نار، زجاجات حارقة، محاولات دهس وطعن) في مناطق جغرافية مختلفة. هذه البيانات تستند إلى التقدير، ان الإرهاب البنيوي والمنظم يتم إحباطه في معظم الحالات. ومن ناحية اخرى، فإن حادثتي إطلاق النار التي وقعت مؤخرا في منطقة رام الله تبدو عمليات منظمة، تم القيام بها من قبل خلية إرهابية، على ما يبدو تابعة لحماس.
العدد الاكبر من العمليات المنفردة يشير إلى وجود دافع للقيام بالعملية، وتم القيام بها من قبل اشخاص، لا علاقة لهم بأي تنظيم او كمجموعة متطرفة منتظمة. هذا الدافع يدمج ما بين الجو العام السائد، ورؤية الحافز الشخصي. العمل الإرهابي، عندما يتم الحديث عن معدلات كبرى واجراءاتها لا نراها، ولا يمكنه ان يفسر على انه عمل يائس او احباط لافراد، بل كظاهرة اجتماعية ـ سياسية، تتسع بغطاء اجتماعي شرعي واسع، حيث يحظى المنفذون بالمكافأة الشخصية ـ الرمزية. هذا بالاضافة إلى المكافأة المادية /المالية، والذي تصل لهم مباشرة او لابناء عائلاتهم. على الرغم من ان الجمهور الفلسيطيني في الضفة مهتم تحديدا في السعي إلى المكسب الاقتصادي، الا انه متشائم نسبيا في كل ما يتعلق بمشاركة فاعلة في اعمال الإرهاب، في المظاهرات او اعمال الشغب، ويتحفظ من مواجهة ممكنة مع إسرائيل. ولكن لا يمكننا ان نستنتج من ذلك، ان نفس هذا الجمهور لا يدعم العمليات، وبالتأكيد فهو لا يتحفظ منها بشكل جارف وواسع.
الامر يدفعنا لان نفكر، ان شهر رمضان هو عنصر محفز لموجة العمليات الاخيرة، فيما يشبه العمليات التي تم تسجيلها في الفترة المقابلة من العام الماضي. شهر رمضان، الذي يشعر به معظم المسلمين بالتقرب من القنوات الدينية، من شأنه بالتأكيد ان تبين كعامل محفز. حيث ينساق الكثيرون منهم خلاله بصورة مكثفة بشكل خاص إلى استجابة للخطب دينية، والتي من بينها تحريض واضح ضد إسرائيل، إلى جانب تشجيع الاوساط باسم الدين وايضا بإسم الوطن. بالاضافة، إلى انه من الممكن ان نفسر الظاهرة بتأثير الاحداث الدائرة في العالم العربي وبالافكار المتطرفة في المنطقة، التي يتم نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت. لذلك ينضم كذلك التحريض الممنهج بوسائل الإعلام الفلسطينية وفي الخطاب العام، التي تتم بمعظمها بتجاهل من جانب السلطة الفلسطينيىة، ولكن احيانا تتم ايضا من قبل مسؤوليها، كل ذلك يشكل ارضية من الاجواء والتهيئة النفسية، التي تبث اجواء من المعارضة الوطنية والدينية وتشجع القيام بالعمليات.
من المهم الاشارة، إلى ان العمليات تتم على الرغم من الجهود والتصميم من قبل الاجهزة الامنية في السلطة الفلسطينية، لمنع موجة الإرهاب في الضفة الغربية ولتفكيك الخلايا الإرهابية وتنظيماتها، خاصة حماس. كما انه من المهم لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان يثبت، انه يسيطر على المناطق التي تقع تحت سلطته وانه مصمم على محاربة الإرهاب: عباس قال بوضوح، ان الإرهاب لا يخدم المصالح الفلسطينية ويمس بصورة السلطة وبصورته هو شخصيا كشريك في العملية السلمية، التي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية. ولكن، السلطة تقوم «بدور مزدوج» ـ فإلى جانب الجهود التي تبذلها لاحباط الخلايا الإرهابية لحماس والحفاظ على استمرار التعاون الامني مع إسرائيل، فإن السلطة تعمل بقوة ضد إسرائيل على الساحة الدولية، «اللعبة المزدوجة» للسلطة تم التعبير عنها ايضا في مساعيها لاحباط التفاهمات بين حماس وإسرائيل حول موضوع إعمار قطاع غزة، وفي منع تحويل الاموال إلى القطاع من خلال المس بالاحتياجات الحيوية للسكان الغزيين. اعمال إسرائيل في قطاع غزة ينظر اليها من قبل السلطة الفلسطينية وكذلك من قبل الجمهور الفلسطيني كمحاولة لإضعاف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس. هذا التفسير للتصرفات الإسرائيلية يعزز في اوساط الجمهور الفلسطيني الشعور بأن، العنف يجلب انجازات فعلية في محاربة إسرائيل، وعليه فهي تعزز المعسكر الفلسطيني المتطرف، الذي يلتحق به اولئك الذين يئسوا من ان تحدث السلطة الفلسطينية تغييرا فعليا في اوضاع السكان.
وحماس من جانبها، فهي ايضا تلعب «اللعبة المزدوجة»، فهي تظهر قدرة للتصرف بناء على منطقين في العمل مختلفين وحتى متناقضين، من خلال التمييز بين ساحة غزة، وساحة الضفة. فعلى ساحة غزة تعمل حماس على كبح التنظيمات السلفية وتحاول تحقيق تفاهمات مع إسرائيل بغرض تحريك عملية إعمار قطاع غزة.
ولاجل ذلك فإن حماس على استعداد لان تتعهد بوقف نار طويل الامد. وفي المقابل، فإن حماس تستغل ما يبدو كفرصة استراتيجية، في إطار الحرب على الهيمنة على الساحة الفلسطينية، ولاحراج عباس، ولاضعاف السلطة ولتسريع تفككها لكي ترثها، حماس حريصة على تعزيز صورتها كتنظيم «مقاومة» يقود راية النضال العنيف ضد إسرائيل، ومن اجل تضييق التوتر بين سلوكها في قطاع غزة وصورة النضال العنيف، فهي تشجع الاعمال الإرهابية في الضفة الغربية وتعمل على توسيع وتعزيز الخلايا الإرهابية في المنطقة.
في هذا الاطار، فإن حماس تدفع ليس فقط بإتجاه الاعمال الفردية بل ايضا الإرهاب الذي يتم من قبل خلايا منظمة، والموجه من قبل قيادة التنظيم في اسطنبول بتركيا. وفقا لتقديرات جزء من المختصين، وبنظرة على المدى البعيد، فانه ليس بمقدور اجهزة الامن التابعة للسلطة الفلسطينية منع الفوضى، التي من الممكن ان تنشب إذا سفرت الزيادة في موجة الاعمال الإرهابية عن نتيجة ـ خاصة بعد تسلل افكار تنظيمات متطرفة إلى الضفة – وخصوصا في وقف سيطرة حماس على المنطقة، بدون حضور ونشاط الامني الإسرائيلي السائد في المنطقة.
مؤخرا تسعى إسرائيل إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وتحسين نمط حياة السكان الفلسطينيين. فقد زادت إسرائيل وبصورة ملموسة من اعداد تصاريح العمل في داخلها (حوالي 100 الف عامل يعملون في إسرائيل بموجب تصاريح)، كما قلصت عدد الحواجز في مناطق الضفة الغربية، وسمحت لحافلات فلسطينية بتقل العمال إلى داخل إسرائيل، وحسنت من البنى التحتية للمعابر وترتيبات العبور بصورة تقلل بشكل ملموس من ساعات الانتظار، كما سمحت بتسهيلات فعلية على دخول السكان إلى الحرم القدسي. ومع ذلك، فإن نشوب انتفاضتين دلل، ان التحسين على الواقع الاقتصادي ليس هو بالضرورة العنصر الذي يمنع التصعيد والعنف.
في هذه المرحلة لا يدور الحديث عن انتفاضة، ولكن الزيادة في العمليات تدلل مرة اخرى ان التسهيلات لا تضمن هدوءا امنيا. درس اضافي، يستند إلى تجربة الماضي، وهو، ان تشديد القبضة على السكان الفلسطينيين والمس بمعيشتهم ونمط حياة الكثيرين، الذين لا يشاركون في الاعمال، لا يؤدي إلى تحسين الواقع الامني، بل هي ايضا تحرض الرأي العام العالمي على إسرائيل. مغزى هذا الحديث هو، ان إسرائيل توجد في فخ في كل ما يتعلق بصندوق الادوات الذي تستخدمه بهدف تهدئة الساحة والحفاظ على الوضع القائم، وحسب رأينا فعلى إسرائيل ان تمتنع من اتخاذ خطوات «استثنائية» بإلغاء التسهيلات، التي اتخذتها مؤخرا. او فرض تقييدات على حرية الحركة للسكان الفلسطينيين، حتى ولو تم تبرير ذلك من قبل الجهات الامنية الإسرائيلية كضرورة امنية، فسوف ينظر اليها كعقاب جماعي وكرد غير محسوب.
كما هو الحال لدى السلطة الفلسطينية وحماس فإن إسرائيل تقوم ب «اللعبة المزدوجة» في سياستها التفريقية بين قطاع غزة وبين الضفة الغربية. في حين تحاول إسرائيل بالنسبة لقطاع غزة ان تحرز تقدما في جهود إعادة الاعمار مقابل هدنة طويلة الامد، ومن اجل ذلك هي على استعداد لوضع اسس لتفاهمات مع حماس عبر الحوار غير المباشر، وفي الضفة، فهي تعمل ضد خلايا حماس وبقوة وتصميم كبيرين. إسرائيل متهمة ايضا بممارسة «اللعبة المزدوجة» اذ انها تتحدث عن ضرورة تجديد العملية السلمية، وفي المقابل تقيم وقائع على الارض عن طريق الاستمرار في سياسة بناء المستوطنات. هناك من يدعي، ان تحريك العملية السلمية سوف يؤدي إلى خلق تصعيد في العمليات الإرهابية، ولكن يجب انت نذكر، انه في الماضي، وتحديدا فإن تجدد العملية السلمية حال دون العناصر المتطرفة وممارسة العنف، من اجل احباط هذه الجهود. فالعملية السلمية ليست بالضرورة هي عامل تهدئة.
اللعبة المزدوجة هي اداة يستخدمها اللاعبون على الساحة الفلسطينية، والتي تسمح بتليين المواقف بين البراغماتية والايديولوجيا. ومع ذلك هناك احتمال في فقدان السيطرة على الوضع. من اجل تقليص التهديد، يوصى بأن تنتهج إسرائيل سياسة مختلطة: امام السلطة، عليها الامتناع عن إلغاء التسهيلات على حياة السكان اليومية، في الضفة الغربية وتعزيز التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية. وفي المقابل عليها العمل بتصميم على الساحة الدولية ضد السلطة الفلسطينية، وكشف وجهها الحقيقي، مع التأكيد على سياستها التي تخرب الجهود لاعادة اعمار قطاع غزة، والتحريض على العنف والإرهاب. وامام حماس، على إسرائيل ان تمتنع من التعامل مع «اللعبة المزدوجة» لحماس بين قطاع غزة والضفة. وعليها التعامل مع حماس كرزمة واحدة ـ الحكم عليها في غزة هو كالحكم عليها في الضفة ـ ومنعها من تأسيس قواعد لعبة مريحة لها. وعلى إسرائيل ان توضح للتنظيم، انها لن تحقق معه اي تفاهمات تسمح بإعمار القطاع في الوقت الذي يسعى فيه إلى نقل ساحة الإرهاب الاساسية إلى الضفة الغربية او إلى منطقة سيناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأثر الذي يتركه الإرهاب
رغم نجاح «تنظيم الدولة» إلا أن مكاسبه في مجملها ليس بالصورة التي يحاول الظهور فيها
بقلم:يعقوب عميدرور،عن إسرائيل اليوم
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الاحداث في الشرق الاوسط، ويشير أن الاسلام الرديكالي الذي كان تحت الارض، بدأ في الظهور حيث يعتبر مؤيدي هذه التيارات أن الاسلام كمنهج حياة وسياسة هو الحل الوحيد للمشاكل في العالم العربي)
«الشرق الاوسط يوجد في حالة تغيير دائمة. العملية بدأت في إيران، بعد أن أحدثت الثورة دينامية شيعية تؤثر الآن ايضا على مناطق واسعة ومهمة. وانضمت إلى ذلك قوات إسلام راديكالي كانت تحت الارض منذ انهيار الخلافة الاخيرة – الامبراطورية العثمانية. الإسلام الراديكالي على اختلاف أنواعه، يعتبر أن سيطرة الإسلام هي الحل لمشكلات المنطقة ولضعف المسلمين في العالم، وبديل للعالم العصري وللدولة. تقسيم المنطقة من البريطانيين والفرنسيين قبل مئة عام، حسب احتياجاتهما، أوجد دولا اصطناعية بعضها غاب عن الوجود وبعضها سيتحطم. قوات قديمة، اختفت بسبب أدوات قمع السلطة الدكتاتورية في الدول التي سيطرت في المنطقة، عادت وظهرت. وفي مناطق كثيرة فان العائلة، القبيلة، الطائفة والدين تحولت كلها إلى مركز التضامن والقوة بدل الدولة.
«الاحداث الاساسية التي شكلت المنطقة هي الثورة الإيرانية، صعود الإسلام الراديكالي بشكله السياسي، أحداث الحادي عشر من ايلول في الولايات المتحدة واحتلال العراق ردا على ذلك، الربيع العربي الذي بسببه انهارت بعض الدول وتم اضعاف دول اخرى وازدادت قوة الشارع. ويضاف إلى ذلك ضعف الغرب برئاسة الولايات المتحدة، وعدم نجاعة المؤسسات الدولية، والقوات المحلية التدميرية المتميزة في كل دولة. النتيجة هي الوضع الحالي والمعقد على ضوء حقيقة أن قوات متعددة تحركه، احيانا متناقضة واحيانا تكمل بعضها البعض. الحديث هنا عن الصراع على طابع ومستقبل الأمة العربية أو الإسلام، بين قوات التغيير التي هي فوضوية في بعضها، وبين من يحاول الابقاء على الوضع الراهن. في حين أن العنف الذي تستعمله الاطراف واسع وقبيح، والإرهاب يحتفل.
«العملية في ذروتها، ولا يمكن معرفة كم ستتواصل وما هي نتيجتها. إنها موجة ذات أبعاد تاريخية واسعة في حجمها وعميقة في جوهرها، وبالتالي يصعب التأثير عليها بشكل ايجابي من الخارج». ما جاء أعلاه هو تلخيص لورقة تقييم صدرت هذا الاسبوع في مركز «باسا» في جامعة بار ايلان. عندما كتبت هذه الورقة لم تكن قد ظهرت بعد نجاحات «تنظيم الدولة» الإسلامية. وقد كان هذا قبل أن تثبت احتلالها لشمال سوريا وقبل عملياتها في سيناء ضد الجيش المصري بعملية واسعة مخطط لها. وقد أثبتت هذه العملية أن التنظيم يملك في سيناء قدرة أكبر كثيرا مما كان متوقعا.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا الصعود يغير الصورة بشكل أساسي، كما جاء في ورقة التقييم المذكورة أعلاه، وهل يزدهر التنظيم بشكل لا يمكن وقفه؟.
العلم السني
أولا، أريد التأكيد على أنه يجب عدم المبالغة. حتى حادثة سيناء لم يكن التنظيم قد واجه جيشا حقيقيا، وفي مواجهاته الصعبة مع المليشيات الكردية وأذناب الجيش العراقي لم ينتصر دائما. ومهم القول إنه نجح بشكل جزئي في سيناء ولفترة محدودة جدا. وعندما تضامن المصريون وتغلبوا على المفاجأة ـ خرجوا فورا للهجوم المضاد وطردوا عناصر الإرهاب التي نجحت في مفاجأتهم. لقد تكبد الجيش المصري خسائر كبيرة في الارواح، وليس لديه حل لبعض التهديدات على الارض والنتائج ايضا ليست جيدة. لكن ليس هناك مثال على انتصار مجلجل للتنظيم في سيناء، وقد يكون العكس هو الصحيح. صحيح أن هذا صعب على المصريين لأنهم يديرون الحرب في جبهتين؛ في الجبهة الاكثر الحاحا داخل مصر. فهو يخوضون صراعا صعبا ضد الاخوان المسلمين ـ الذين تم اسقاطهم ويقومون بحملة واسعة ضد السيسي، بما في ذلك استخدام الإرهاب في جميع أنحاء مصر. الجبهة الثانية هي محاربة امتداد «تنظيم الدولة» الإسلامية ومنظمات إرهابية اخرى انتشرت في شبه جزيرة سيناء ولم يعالجها أحد بالشكل الصحيح منذ حكم مبارك. ومع ذلك، فان الجيش المصري لم ينسحب وهو فزع. والفهم أن التنظيم قد فشل في نهاية الامر هو شيء مهم، لأنه يعطي بُعدا واقعيا للهالة التي ل»تنظيم الدولة» الإسلامية.
وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل نجاح التنظيم في استقطاب آلاف الاشخاص من العالم العربي والعالم الغربي، من القفقاس وحتى استراليا. يبدو أنه اضافة إلى نجاحه فان قوته تنبع من حملة راية السنّة، ويبرز كونه طاهرا من الناحية الدينية، وسعيه إلى العودة إلى المصادر واعادة الامجاد على شكل الخلافة الإسلامية ودعوته جميع المسلمين لتنفيذ العمليات وأن ينضموا اليه فيزيائيا، أي الهجرة التي هي تقليد لهجرة محمد. التنظيم يستخدم بشكل متعمد المفاهيم المقدسة لأن النبي فعل ذلك قبل 1300 سنة. وهو يحاول إحياء الماضي المجيد وجذب الناس بالاعتماد على الولاء الديني، والرد على البحث عن الهوية للكثيرين من أبناء الجيل الإسلامي الشاب في أنحاء العالم.
ليس مفاجئا أن التنظيم قد بدأ طريقه ونجح في غرس جذوره في المناطق التي تتميز بميزتين: الاولى، لا يوجد فيها سيطرة منظمة. مناطق الفوضى هي مناطق النمو الطبيعي له. والثانية هي أن الحديث يدور عن مناطق احتكاك بين الشيعة والسنة. ويشكل التنظيم إلى حد كبير ردا سنيا على الديناميكية الشيعية التي تحرك الشرق الاوسط منذ 35 سنة. وبعد نجاحه في الهلال الخصيب، في العراق وسوريا، فقد تحول التنظيم إلى قوة مغناطيسية للسنة خارج مناطق الاحتكاك ايضا. سيناء هي منطقة لا توجد فيها سيطرة فعالة، لذلك فهي ملائمة للحاجة الاساسية. ويمكن حدوث شيء مشابه في سوريا ايضا حيث تنضم تنظيمات سنية إلى «تنظيم الدولة» وتضاعف قوته. ونجاح التنظيم يجد رضا من الشباب، وخيبة أمل السنة على ضوء نجاحات حزب الله في مساعدته للعلويين، الامر الذي يخيب آمال الكثيرين من المتمردين.
نجاحات التنظيم في سوريا يمكنها تغيير المعادلة من وجهة نظر العناصر الخارجية المختلفة. الصراع اتضح أكثر ولا يمكن وجود سلطة انتقالية للاقلية العلوية والاغلبية السنية. لن يضع «تنظيم الدولة» يده في يد أحد ـ هو يدير حرب تدميرية دولية، لهذا فان الحسم سيكون بين احتمالين واضحين: ايجاد حل يستند إلى استمرار الوضع الراهن، يمكن أن يكون على حساب الاسد مع الحفاظ على السلطة للاقلية العلوية بتأييد ودعم حزب الله وإيران. أو سيطرة «تنظيم الدولة» على انحاء سوريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الجبهة الإيرانية: بين السيء والاسوأ
بقلم:افرايم سنيه/عميد احتياط، وزير ونائب وزير سابق. رئيس مركز الحوار الاستراتيجي في كلية نتانيا،عن يديعوت
المضمون:( يشير الكاتب وهو عميد، ووزير سابق، ورئيس مركز الحوار الاستراتيجي، يشير الى الحيرة الواقع فيها صانع القرار الاسرائيلي فيما يخص الموضوع الايراني، فايران باتفاق مع الدول العظمة ستصبح خطر استراتيجي بسبب الميليارات التي ستضخ الى اقتصادها، وايران بدون اتفاق مع الدول العظمى ستسرع مشروعها النووي،مما يشكل ايضاً خطرا على اسرائيل)
الموعد الهدف مر والاتفاق بين إيران والقوى العظمى لم يتحقق، ولكن حماسة الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق تزيد احتمال ان يتحقق بالفعل في الزمن القريب القادم. ولكن سواء وقع الاتفاق بين إيران والقوى العظمى أم لا ـ فالنتيجة خطيرة لاسرائيل.
اذا وقع الاتفاق، سنقف حيال إيران التي لعل مشروعها النووي يكون قد جمد، ولكن العديد من المليارات التي ستضخ اليها في أعقاب رفع العقوبات ستزيد من تعاظمها الاستراتيجي ودعمها للإرهاب والمؤامرات. إذا لم يتحقق اتفاق، فان إيران ستسرع سعيها إلى النووي والى الهيمنة الاقليمية. في الحالتين ملزمة باسرائيل بان تتخذ اربعة اعمال، كل واحد منها يجسد واجبا ضروريا.
الواجب الاول، بناء رد عسكري مناسب ـ دفاعي وهجومي. الرد الدفاعي يجب ان يكثف حماية الجبهة الداخلية من عشرات الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الموجهة اليها اليوم. منظومة الدفاع الحالية ليست كافية بعد، كميا ونوعيا، للحماية ضد منظومة صواريخ حزب الله في لبنان. اما الرد الهجومي فيفترض ان يمنح اسرائيل الامكانية للعمل بنفسها ضد مشروع السلاح النووي الإيراني. فقد ينشأ وضع يكون فيه هذا الخيار هو الاخير الذي يتبقى في أيدينا، ومحظور ان تبقى اسرائيل عديمة الوسيلة ومتعلقة برحمة الاخرين في مثل هذه الظروف الصعبة. عنصر آخر من الرد العسكري هو تعزيز القدرات الاستخبارية اللازمة لمتابعة كل تقدم إيراني في تطوير السلاح النووي.
الثاني، تغيير مكانة اسرائيل الدولية. حتى في ظل عدم وجود مواجهة مباشرة بين اسرائيل وإيران، فان المواجهة مع فروعها ـ حزب الله وحماس ـ محتمة في مدى السنوات القريبة القادمة. ونتائج مثل هذه المواجهات، في لبنان وفي غزة، يقررها بمدى كبير توقيت وقفها. فالاسرة الدولية، من خلال مجلس الامن، هي التي تقرر مدى عمل الجيش الاسرائيلي وهل تمكن من تحقيق اهدافه.
لا يمكن لاسرائيل أن تقاتل أعداءها كما ينبغي عندما يكون عبء الاحتلال على ظهرها. وبقدر ما تستمر السياسة التي هدفها منع اقامة دولة فلسطينية، هكذا تزداد العزلة السياسية وتقل حرية العمل العسكري لاسرائيل. وبالتالي فان الواجب الثاني هو الشروع في أقرب وقت ممكن بمفاوضات سياسية غايتها انهاء النزاع واقامة دولة فلسطينية مجردة على خُمس مساحة بلاد اسرائيل.
إن تنفيذ هذان العملان سيسمحان بتحقيق الواجب الثالث ـ اقامة حلف اقليمي من الدول العربية مع اسرائيل. والمقصود مصر، الاردن والسعودية ومعظم دول الخليج. وغاية هذا الحلف الاقليمي هي كبح نظام آيات الله، احباط نواياه وتسريع اسقاطه من الداخل. اسرائيل، كقوة عظمى اقليمية لم تعد تمنع اقامة دولة فلسطينية، ستكون عضوا مرغوبا فيه وهاما في هذا الحلف. الواجب الرابع هو اعادة بناء منظومة العلاقات الخاصة بين حكومة اسرائيل وبين الادارة في واشنطن.
ثمة صلة بين الواجبات الاربعة، وتنفيذ كل واحد منها يعزز الثلاثة الاخرى. ولكن الاساس لنجاح مواجهة اسرائيل لإيران في الواقع الجديد يكمن بالذات في الواجب الثاني، ذاك الواجب موضع الخلاف الداخلي الشديد لدينا. فاقامة الحلف الاقليمي واعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة مشروطان بتغيير مكانة اسرائيل الدولية. وهذا منوط بتغيير السياسة الاسرائيلية من المسألة الاساس ـ دولتان في بلاد اسرائيل أم دولة واحدة.
للوقوف امام إيران ثمة حاجة لحسم هذه المسألة، حسما نجح الجميع في التملص منه على مدى نحو عقدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ