Haneen
2015-08-12, 11:46 AM
في هذا الملف:
v عام على العدوان وما زال قطاع غزة محاصراً
بقلم: د.ماهر تيسير الطباع – القدس
v نبض الحياة - لنطرق جدار الخزان
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v المراهنة على تمرد أو ثورة على حماس
بقلم: د.ابراهيم أبراش – معا
عام على العدوان وما زال قطاع غزة محاصراً
بقلم: د.ماهر تيسير الطباع – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
تصادف في هذه الأيام الذكرى الأولى للحرب الاسرائيلية الثالثة على قطاع غزة, والتي شنتها إسرائيل خلال الفترة من 7-7-2014 حتى 26-8-2014 واستمرت على مدار 51 يوما متواصلة في ظل أوضاع اقتصادية و إنسانية كارثية في قطاع غزة لم يسبق لها مثيل خلال العقود الاخيرة وذلك بعد حصار ظالم و خانق استمر لمدة ثماني سنوات , حيث تعرض قطاع غزة إلى حرب إسرائيلية شرسة و ضروس و طاحنة استهدفت البشر والشجر و الحجر وحرقت الأخضر واليابس دون تمييز.
واليوم وبعد مرور عام على ذلك العدوان الاسرائيلي لم يتغير شيء على أرض الواقع , فمازال قطاع غزة محاصراً , والأوضاع الإقتصادية تزداد سوءاً, وكافة المؤشرات الإقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية و المحلية تحذر من الإنهيار القادم لقطاع غزة.
المعابر
مازالت كافة المعابر التجارية المحيطة بقطاع غزة -معبر المنطار – معبر الشجاعية – معبر صوفا- مغلقة , بإستثناء معبر كرم أبو سالم الذي يعمل وفق الآليات التي كان يعمل بها قبل الحرب الأخيرة , فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث عدد ساعات العمل , و عدد الشاحنات الواردة , ونوع وكمية البضائع الواردة , والزيادة التي حدثت في عدد الشاحنات الواردة نابعة من زيادة دخول المساعدات الإغاثية ومواد البناء للمشاريع الدولية و المشاريع القطرية التي تنفذ في قطاع غزة و كميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة الإعمار.
ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم خلال النصف الأول من عام 2015 , فقد بلغ عدد الشاحنات الواردة خلال تلك الفترة 41384 شاحنة منها 22898 شاحنة للقطاع الخاص , 14621 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة وهي تشكل 35% من إجمالى الواردات , وبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة ( 230 ) شاحنة خلال تلك الفترة .
وبمقارنة بيانات الشاحنات الواردة خلال النصف الأول لعام 2015 مع النصف الأول لعام 2014 نجد إرتفاع عدد الشاحنات الواردة خلال النصف الاول من عام 2015 بنسبة 51% وإرتفاع عدد الشاحنات الواردة للمؤسسات الدولية و العربية العامل بقطاع غزة 63% , كما إرتفعت نسبة الواردات للقطاع الخاص بنسبة 24%.
أما على صعيد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة إلى العالم الخارجي والضفة الغربية و إسرائيل فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة خلال النصف الأول من عام 2015 حوالي 530 شاحنة من المنتجات الصناعية والزراعية بنسبة إرتفاع عن عام 2014 بحوالي 84% , ويأتي هذا الإرتفاع بعد سماح إسرائيل بتسويق منتجات غزة الزراعية والصناعية بأسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية , وبالرغم من إرتفاع نسبة الصادرات إلا أنها لم ترقى للمطلوب , حيث بلغ معدل عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار بما يزيد عن 5000 شاحنة سنويا , ومازال المصدرين والمسوقين من قطاع غزة يواجهوا العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة و منها عدم توفر الإمكانيات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية و الصناعية إلى الخارج , تنزيل و تحميل البضائع لعدة مرات مما يؤثر على الجودة خصوصا في السلع الزراعية , شروط إسرائيل بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة الغربية و الخارج في شاحنات مغطاة ( ثلاجات) و أن لا يتجاوز ارتفاع الطبلية عن متر هذا بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف و التعبئة , مما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على التاجر وبالتالي على المستهلك.
إعادة إعمار قطاع غزة
حتى هذة اللحظة وبعد مرور عام على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية ولم يتم بناء أي منزل في قطاع غزة من المنازل التي تم تدميرها بشكل كلى , وذلك بالرغم من تصريح البنك الدولى الأخير الذي ذكر فية بأنة حتى منتصف نيسان 2015 قد وصل 1 مليار دولار لإنعاش واعادة إعمار قطاع غزة.
ومن أهم أسباب تعثر عملية إعادة الإعمار إستمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة و إستمرار إدخال مواد البناء وفق الألية الدولية العقيمة المعمول بها حاليا , و التي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع , حيث أن ما تم إدخالة من مادة الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2015 لا يتجاوز 116 الف طن وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن , و مجمل ما تم توريده من الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة لا يتجاوز 135 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار و هذه الكمية لاتكفي احتياج قطاع غزة لمدة 15 يوم من مادة الاسمنت.
وبخصوص الأسمنت تم توريد ما مجملة 18037 طن من جمهورية مصر العربية وذلك خلال الايام القليلة التي تم فيها فتح معبر رفح البري خلال شهري ايار و حزيران وهي تمثل 13% من إجمالي الأسمنت الوارد عبر معبر كرم أبو سالم خلال عام , وساهمت تلك الكميات البسيطة في إنخفاض أسعار الأسمنت في السوق السوداء , وأحدثت إنتعاش إلى حد ما في قطاع الإنشاءات.
أما على صعيد القطاع الخاص فلا يوجد أي جديد على صعيد المنشات الاقتصادية فحالها كما هي , حيث أن ما تم إنجازة في الملف الإقتصادي هو صرف تعويضات للمنشأت الإقتصادية بما لا يتجاوز 9 مليون دولار وصرفت للمنشأت الصغيرة التي بلغ تقيم خسائرها أقل من سبعة الاف دولار.
وفي النهاية أتساءل للمرة المليون ... إلى متى ؟!.... وما الحل؟!
نبض الحياة - لنطرق جدار الخزان
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gifبقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
مرت الذكرى الثالثة والاربعون لرحيل المفكر والاديب والاعلامي غسان كنفاني قبل يومين. في الثامن من تموز/ يوليو 1972. اغتالت إسرائيل ابو فايز، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، ليس لانه قائد في فصيل فلسطيني فقط، بل لانه يحمل رؤية فكرية سياسية وثقافية، وكونه طرق على جدران الخزان الفلسطيني والعربي، ولانه حث الجماهير الشعبية على امتلاك زمام الامور، والخروج من تحت عباءة القوى المعطلة لمسيرة التحرير الوطنية والقومية.
ما احوجنا اليوم لنداء الراحل غسان للطرق على جدران الخزانات الفلسطينية والعربية في آن. حيث تضيع دول وشعوب الامة في متاهة الاسلام السياسي، والمخطط الاميركي الاسرائيلي. تتلاشى الدولة الوطنية، تتمزق الشعوب إلى ديانات وطوائف ومذاهب واعراق، تنهار القيم الوطنية والقومية، جماعات تكفيرية تخريبية، عنوانها الابرز جماعة الاخوان المسلمين، لا تفقه في علوم الدين والدنيا، او بتعبير ادق تلعب دور العراب لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد، وتعمل على اختطاف الامة إلى مستنقعات آسنة باسم "الدين" و"الطائفة"، لإعادة تقسيم وتمزيق نسيج شعوب الامة العربية لدويلات وإمارات تافهة، عبر تكريس الظلامية في اوساطها، وتبديد طاقات شبابها وكفاءاتها في حروب وهمية، ولاستنزاف ثرواتها وخيراتها على شراء وتخزين الاسلحة، ولاسقاط خيار النهضة والتنمية المستدامة، ولتصفية قضية العرب المركزية، وتسييد دولة التطهير العرقي الاسرائيلية على كل الارض الفلسطينية وعموم الارض العربية.
عندما يعيد المرء للذاكرة الوطنية والقومية، دعوة الشهيد القائد والمفكر كنفاني، فانه لا يناشد عواطف النخب السياسية والفكرية والثقافية الاعلامية، إنما يستنهض فيهم، دورهم النهضوي، ويدعوهم لتحمل مسؤولياتهم الشخصية والوطنية والقومية، ويحفزهم للخروج من نفق المراوحة والاسترخاء وانتظار الموت المحتم للأمة وقضاياها، إذا ما استمر أسرى الهزيمة والاستسلام لمشيئة اهل النظام العربي الرسمي المتآكل، الذي مهد الارضية الخصبة للاسلام السياسي التخريبي في الانتشار والحضور المريب في المشهد السياسي العربي، وقدم الدعم لحركة الاخوان المسلمين و"داعش" و"النصرة" و"انصار بيت المقدس"... إلخ من التفريخات المعادية للامة العربية وشعوبها وقضاياها وخاصة قضية فلسطين.
نعم العرب بحاجة ماسة الآن ليطرقوا جميعا، كل من موقعه ومكانته وانتمائه، وكل مؤمن بهويته الوطنية والقومية وبالمشروع القومي التنويري على جدران الخزانات للانتصار على هزيمة الذات، ولحمل راية الوطنية والعروبة، ورفعها عاليا لصد رياح الغرب الاستيطاني وربيبته إسرائيل والفرق المنتجة لمذاهب البداوة والتخلف والظلامية، والحامية لكل ادوات التمزيق للجسد القومي.
آن الاوان لاستعادة زمام الامور، والانبعاث من جديد للدفاع عن النسيج الوطني والقومي الجامع، ولحماية الاثنيات الموجودة في اوساط الشعوب العربية، ومنحها حقوقها في المواطنة الكاملة، وتكريس الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الاخر، وتكريس المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وحماية حقوق الطفل، وتغيير جذري للمناهج التعليمية، وتطويرها بما يتناسب وروح العصر، وفتح الابواب على مصاريعها لنشوء مراكز الابحاث في مجالات العلم والمعرفة والفكر المختلفة، وإحداث ثورة في الخطاب الديني، والعمل بقوة على فصل الدين عن الدولة، وتعزيز دور السلطات التشريعية والقضائية لكبح جماح السلطة التنفيذية، ووفق ظروف كل بلد عربي على حدة، وتعزيز التكامل القومي على المستويات والصعد المختلفة، واعادة نظر جدية في مؤسسة الجامعة العربية، واخراجها من المكانة والدور الشكلي، ودفعها نحو مرحلة نوعية لتلعب فعليا الجسر الحقيقي للتكامل والتكافل العربي العربي، واعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للعرب، وتفعيل اوراق القوة والاسلحة الموجودة باليد العربية لفرض الحل السياسي.
ليتذكر الفلسطينيون والعرب جميعا من الوان الطيف الفكري والسياسي الوطني والقومي واليساري والليبرالي، ان الرافعة الاساسية لشعوب ودول الامة الان، هي القومية العربية المعمدة بالديمقراطية. لانها تحفظ مكانة كل قوة، وتصون استقلاليتها، وتفتح الباب امامها للتكامل والتعاون مع القوى الاخرى، وتصون دولة المواطنة الكاملة. لذا اطرقوا على الجدران كلها، وانهضوا من سباتكم، وانتصروا على هزيمتكم.
المراهنة على تمرد أو ثورة على حماس
بقلم: د.ابراهيم أبراش – معا
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
استطرادا إلى ما تطرقنا إليه في مقالاتنا السابقة حول صناعة دولة غزة وصمت وتواطؤ اطراف غير حركة حماس على ما يجري . أعتقد البعض أن انقلاب حماس على السلطة لن يستمر طويلا لأن الشعب سيثور على حركة حماس في القطاع وتعزز هذا الاعتقاد أو المراهنة أكثر بعد ثورة 30 يونيو المصرية 2013 . فراهن البعض على إمكانية انسحاب ما جرى في مصر على قطاع غزة ، فيثور أهالي قطاع غزة على حماس الإخوانية كما ثار المصريون على الإخوان المسلمين !.
بالإضافة إلى اختلاف الحالة الفلسطينية عن حالة مصر وبقية الدول العربية من حيث وجود احتلال في فلسطين ولا يوجد في بقية الدول العربية مما يغير في اولويات المواجهة ، فإن هذه المراهنة غير واقعية لأنها دعوة لحرب اهلية .إن حربا أهلية سواء في غزة أو الضفة ستكون نوعا من التدمير الذاتي ولن تخدم إلا إسرائيل ، وشعبنا الفلسطيني لن ينساق لحرب أهلية انصياعا لتحريض من هذا الطرف أو ذاك.
وقبل الاستطراد لا بد من التنديد والتحذير من دعوات هوجاء لقيادات من حركة حماس تطالب باستهداف الاجهزة الفلسطينية في الضفة الغربية كرد على اعتقال أجهزة السلطة لعناصر من حماس ، والتهديد بنقل تجربة غزة – انقلاب 14 يونيو 2007 – إلى الضفة . فهذا التهديد غير مقبول وغير واقعي،لأن قادة حماس يعلمون أنه لولا انسحاب إسرائيل من القطاع ورغبة إسرائيل بفصل غزة عن الضفة ما استطاعت حماس الانقلاب على السلطة في القطاع والاستمرار في حكم قطاع غزة حتى اليوم .
إن مراهنة البعض على تمرد أو ثورة على حركة حماس لإفشال مشروع دولة غزة وعودة اللحمة بين الضفة والقطاع أمر محفوف بالمخاطر ونتائجه غير مضمونة لأسباب سياسية وسسيولوجية وثقافية واقتصادية ،وبعضها سابق لسيطرة حماس على القطاع ، وهذه الأسباب :
1) تميز أهالي قطاع غزة بعمق الانتماء الوطني وحرصهم على الوحدة الوطنية يدفعهم لعدم الاندفاع في مواجهات داخلية خشية من أن أي حرب أهلية ستخدم إسرائيل والتي ستعمل على إطالة أمد هذه الحرب – كما كان لإسرائيل دور رئيس في صناعة الانقسام وإطالة عمره - .أيضا من غير الوارد ثورة أهلنا على السلطة في الضفة الفلسطينية المحتلة .
2) غياب بديل أو جماعة منظمة يمكنها تنظيم وقيادة عملية التمرد أو الثورة ثم الحلول محل حركة حماس . تنظيم حركة فتح ضعيف ومنقسم ويتعثر في استنهاض نفسه ،وغير قادر على لملمة أوضاعه الداخلية وإدارة نفسه في القطاع ، فكيف سيُدير ويَحكم قطاع غزة ؟ ونفس الأمر بالنسبة للمراهنة على السلطة وحركة فتح في الضفة ، أيضا منظمة التحرير والقوى الاخرى أكثر بؤسا وضعفا.
3) لا يلمس فلسطينيو غزة مؤشرات بأن القيادة الفلسطينية – قيادة حركة فتح وقيادة السلطة وقيادة منظمة التحرير - قادرة على مد سلطتها لقطاع غزة ، سواء لأن القيادة تعلم أن إسرائيل لن تسمح لها استعادة قطاع غزة مجددا ،أو لإدراك القيادة بأن المعركة الحقيقية مع الاحتلال تجري في الضفة والقدس وليس في قطاع غزة . وقد لمس فلسطينيو القطاع حرج موقف القيادة تجاه غزة عندما خرج أكثر من نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة في الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاق حركة فتح 2012 دون أي تفاعل إيجابي من القيادة مع الحدث.
4) يلمس فلسطينيو قطاع غزة تزايد تأثير شرائح ونخب تتزايد يوما بعد يوم في الضفة تنظر لقطاع غزة نظرة دونية ولا ترحب بأهله حتى بالمقيمين منهم في الضفة ، ويتعاملون مع قطاع غزة كحديقة خلفية ولسكانها كمواطنين من درجة ثانية وكعبء على الضفة . أيضا في بعض الأحيان كان الإعلام الرسمي وبعض المسئولين في السلطة يستعمل خطابا تحريضيا يتجاوز التحريض على حركة حماس ليمس كل أهالي القطاع ، كمطالبة أحد مستشاري الرئيس بامتداد عاصفة الحزم لغزة وضربها ،وآخرون هددوا باعتبار غزة إقليما متمردا ،وبعضهم هدد بقطع المساعدات والمشاريع والرواتب عن قطاع غزة.
5) سياسة قطع الرواتب ووقف التوظيف في السلطة لأبناء القطاع ، وتهميش واستبعاد أبناء القطاع من السلك الدبلوماسي ومن التوظيف في المؤسسات العربية والدولية الخ عزز حالة القطيعة وإحساس فلسطينيي القطاع أن الرئاسة والسلطة غير مهتمة بهم .
6) لأن سيطرة حماس على قطاع غزة لا يعود لإرادة حمساوية فقط بل جزء من معادلة أو مخطط تشارك به أطراف متعددة على رأسها إسرائيل ، وحيث إن هذه الاطراف ما زالت قوية وفاعلة ومستفيدة من الانقسام ، فلن تسمح بإنهاء سلطة حماس وإنهاء الانقسام ، إلا إذا توفرت إرادة شعبية وتوافق وطني على ذلك.
7) تَحَكم وسيطرة إسرائيل على المنفذ الوحيد - معبر بيت حانون - لتنقل الافراد بين الضفة وغزة يجعلها تُعيق أية تحركات أو تواصل يعزز وحدة الشعب الفلسطيني .وبالتالي وفي حالة التمرد على سلطة حماس وإسقاطها فلن تسمح إسرائيل بالتواصل بين الضفة وغزة وتوحيد شطري الدولة الموعودة ، كما أنها ستتدخل عسكريا لإدامة المواجهات بين سكان غزة وستدعم الطرف الذي يعزز الانقسام ويحافظ على أمنها.
8) حركة حماس أرهبت الشعب من خلال ما قامت به في الأيام الأولى للانقلاب من اعمال دموية ومن خلال ممارسات لاحقة ضد معارضيها وصلت لدرجة إطلاق النار على أقدام المعارضين واعتقالهم وتلفيق التهم والأكاذيب بحقهم . وحماس لا تترك فرصة إلا وتستعرض قواتها لترهب الشعب وتهدد بأشد العقاب مَن يجرؤ على التمرد عليها أو الإخلال بالأمن .
9) استمرار الدعوة للمصالحة وعدم القطع أو الإعلان عن فشل حوارات المصالحة بشكل نهائي ، أيضا تشكيل حكومة توافق والتباس موقف حماس منها ... كل ذلك يجعل فلسطينيي غزة في حالة ترقب ويكبح أية توجهات للتمرد على الوضع ،انتظارا لمصالحة قادمة .
10) حصار القطاع وتزايد حالة الفقر والبطالة واستمرار تشديد مصر لحركة المرور من معبر رفح ، خلق حالة من الكبت والقهر والرغبة في كسر الحصار من خلال ميناء حتى وإن تم ذلك على يد حركة حماس واستمرارها في حكم غزة ، وبغض النظر عن الثمن السياسي لذلك ، وخصوصا أن الكل الوطني وخصوصا السلطة ومنظمة التحرير عجزت طوال ثمان سنوات عن أيجاد حلول لمشاكل القطاع او إيجاد بارقة أمل بفرج قريب .
11) وجود مفوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطر وتركيا وبعض الدول الاوروبية تُوعِد الفلسطينيين في القطاع بمخرج قريب من خلال دولة في غزة وميناء .
12) حقن اهالي قطاع غزة بمسكنات مادية – رواتب ومساعدات مالية وسلعية من السلطة والفصائل والدول والأونروا ومن الشؤون الاجتماعية ، ومشاريع زواج جماعي الخ - تجعلهم على حافة الهاوية بحيث لا يموتون جوعا وفي نفس الوقت لا يصلوا لدرجة الانفجار ، وكل هذه المساعدات تتم على حساب كرامتهم وإنسانيتهم ووطنيتهم.
13) بروز تنظيم الدولة (داعش) في قطاع غزة ،وبغض النظر عن الجهات التي تقف وراء صناعته ، يشكل كابحا أمام من يفكر بانتفاضة على حركة حماس خشية من أن تكون داعش البديل ، وقد بلَّغَت حركة حماس عدة رسائل لسكان غزة ولأطراف أخرى بأن البديل عن سلطة حماس هو تنظيم داعش .
إن شكوكنا وتخوفاتنا من تداعيات ثورة أو تمرد على حركة حماس لا يعني أن الشعب يقبل بسلطة حماس أو أن هناك أفق واعد لقطاع غزة أو للقضية الفلسطينية في ظل استمرار تفرد حماس بالسلطة في القطاع ، بل يمكن القول إن دولة فلسطينية في قطاع غزة تحت حكم منفرد وتسلطي لحركة حماس الإخوانية معناه تدمير الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني ، ومثل هكذا دولة ستبقى تلعب دورا وظيفيا في خدمة الاطراف التي شاركت في صناعتها وخصوصا إسرائيل ،وخاضعة لابتزازها ، ولكننا نخشى في حالة تمرد مسلح او ثورة على حماس مزيدا من إراقة الدماء دون إنهاء الانقسام وإسقاط سلطة حماس ، ويجب الاستفادة مما يجري في سوريا وليبيا واليمن والعراق .عليه يجب البحث عن حل وطني شامل يقطع الطريق على الحرب الأهلية من جانب ،وعلى مخطط دولة في غزة وتقاسم وظيفي في الضفة من جانب آخر ، وهو حل موجود وممكن .
ومع ذلك فإن الثورات والحروب الاهلية لا تقوم على حسابات عقلانية أو وطنية بل هي اندفاعات وحالة هيجان تتجاوز حسابات العقل وتغذيها إما حالة فقر شديد أو حالة قهر واستبداد سياسي لا يمكن تحمله . لذا فإن كل تحليلاتنا العلمية والعقلانية والمحاذير والتخوفات التي ذكرنا من نتائج تمرد على حركة حماس قد تسقط وتُصبح بلا قيمة إن وصلت الأمور الاقتصادية في القطاع لحد فوق طاقة الشعب على تحمله ، أو كان ثمن دويلة غزة ووقف المقاومة على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
v عام على العدوان وما زال قطاع غزة محاصراً
بقلم: د.ماهر تيسير الطباع – القدس
v نبض الحياة - لنطرق جدار الخزان
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v المراهنة على تمرد أو ثورة على حماس
بقلم: د.ابراهيم أبراش – معا
عام على العدوان وما زال قطاع غزة محاصراً
بقلم: د.ماهر تيسير الطباع – القدس
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
تصادف في هذه الأيام الذكرى الأولى للحرب الاسرائيلية الثالثة على قطاع غزة, والتي شنتها إسرائيل خلال الفترة من 7-7-2014 حتى 26-8-2014 واستمرت على مدار 51 يوما متواصلة في ظل أوضاع اقتصادية و إنسانية كارثية في قطاع غزة لم يسبق لها مثيل خلال العقود الاخيرة وذلك بعد حصار ظالم و خانق استمر لمدة ثماني سنوات , حيث تعرض قطاع غزة إلى حرب إسرائيلية شرسة و ضروس و طاحنة استهدفت البشر والشجر و الحجر وحرقت الأخضر واليابس دون تمييز.
واليوم وبعد مرور عام على ذلك العدوان الاسرائيلي لم يتغير شيء على أرض الواقع , فمازال قطاع غزة محاصراً , والأوضاع الإقتصادية تزداد سوءاً, وكافة المؤشرات الإقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية و المحلية تحذر من الإنهيار القادم لقطاع غزة.
المعابر
مازالت كافة المعابر التجارية المحيطة بقطاع غزة -معبر المنطار – معبر الشجاعية – معبر صوفا- مغلقة , بإستثناء معبر كرم أبو سالم الذي يعمل وفق الآليات التي كان يعمل بها قبل الحرب الأخيرة , فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث عدد ساعات العمل , و عدد الشاحنات الواردة , ونوع وكمية البضائع الواردة , والزيادة التي حدثت في عدد الشاحنات الواردة نابعة من زيادة دخول المساعدات الإغاثية ومواد البناء للمشاريع الدولية و المشاريع القطرية التي تنفذ في قطاع غزة و كميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة الإعمار.
ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم خلال النصف الأول من عام 2015 , فقد بلغ عدد الشاحنات الواردة خلال تلك الفترة 41384 شاحنة منها 22898 شاحنة للقطاع الخاص , 14621 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة وهي تشكل 35% من إجمالى الواردات , وبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة ( 230 ) شاحنة خلال تلك الفترة .
وبمقارنة بيانات الشاحنات الواردة خلال النصف الأول لعام 2015 مع النصف الأول لعام 2014 نجد إرتفاع عدد الشاحنات الواردة خلال النصف الاول من عام 2015 بنسبة 51% وإرتفاع عدد الشاحنات الواردة للمؤسسات الدولية و العربية العامل بقطاع غزة 63% , كما إرتفعت نسبة الواردات للقطاع الخاص بنسبة 24%.
أما على صعيد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة إلى العالم الخارجي والضفة الغربية و إسرائيل فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة خلال النصف الأول من عام 2015 حوالي 530 شاحنة من المنتجات الصناعية والزراعية بنسبة إرتفاع عن عام 2014 بحوالي 84% , ويأتي هذا الإرتفاع بعد سماح إسرائيل بتسويق منتجات غزة الزراعية والصناعية بأسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية , وبالرغم من إرتفاع نسبة الصادرات إلا أنها لم ترقى للمطلوب , حيث بلغ معدل عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار بما يزيد عن 5000 شاحنة سنويا , ومازال المصدرين والمسوقين من قطاع غزة يواجهوا العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة و منها عدم توفر الإمكانيات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية و الصناعية إلى الخارج , تنزيل و تحميل البضائع لعدة مرات مما يؤثر على الجودة خصوصا في السلع الزراعية , شروط إسرائيل بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة الغربية و الخارج في شاحنات مغطاة ( ثلاجات) و أن لا يتجاوز ارتفاع الطبلية عن متر هذا بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف و التعبئة , مما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على التاجر وبالتالي على المستهلك.
إعادة إعمار قطاع غزة
حتى هذة اللحظة وبعد مرور عام على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية ولم يتم بناء أي منزل في قطاع غزة من المنازل التي تم تدميرها بشكل كلى , وذلك بالرغم من تصريح البنك الدولى الأخير الذي ذكر فية بأنة حتى منتصف نيسان 2015 قد وصل 1 مليار دولار لإنعاش واعادة إعمار قطاع غزة.
ومن أهم أسباب تعثر عملية إعادة الإعمار إستمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة و إستمرار إدخال مواد البناء وفق الألية الدولية العقيمة المعمول بها حاليا , و التي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع , حيث أن ما تم إدخالة من مادة الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2015 لا يتجاوز 116 الف طن وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن , و مجمل ما تم توريده من الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة لا يتجاوز 135 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار و هذه الكمية لاتكفي احتياج قطاع غزة لمدة 15 يوم من مادة الاسمنت.
وبخصوص الأسمنت تم توريد ما مجملة 18037 طن من جمهورية مصر العربية وذلك خلال الايام القليلة التي تم فيها فتح معبر رفح البري خلال شهري ايار و حزيران وهي تمثل 13% من إجمالي الأسمنت الوارد عبر معبر كرم أبو سالم خلال عام , وساهمت تلك الكميات البسيطة في إنخفاض أسعار الأسمنت في السوق السوداء , وأحدثت إنتعاش إلى حد ما في قطاع الإنشاءات.
أما على صعيد القطاع الخاص فلا يوجد أي جديد على صعيد المنشات الاقتصادية فحالها كما هي , حيث أن ما تم إنجازة في الملف الإقتصادي هو صرف تعويضات للمنشأت الإقتصادية بما لا يتجاوز 9 مليون دولار وصرفت للمنشأت الصغيرة التي بلغ تقيم خسائرها أقل من سبعة الاف دولار.
وفي النهاية أتساءل للمرة المليون ... إلى متى ؟!.... وما الحل؟!
نبض الحياة - لنطرق جدار الخزان
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gifبقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
مرت الذكرى الثالثة والاربعون لرحيل المفكر والاديب والاعلامي غسان كنفاني قبل يومين. في الثامن من تموز/ يوليو 1972. اغتالت إسرائيل ابو فايز، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، ليس لانه قائد في فصيل فلسطيني فقط، بل لانه يحمل رؤية فكرية سياسية وثقافية، وكونه طرق على جدران الخزان الفلسطيني والعربي، ولانه حث الجماهير الشعبية على امتلاك زمام الامور، والخروج من تحت عباءة القوى المعطلة لمسيرة التحرير الوطنية والقومية.
ما احوجنا اليوم لنداء الراحل غسان للطرق على جدران الخزانات الفلسطينية والعربية في آن. حيث تضيع دول وشعوب الامة في متاهة الاسلام السياسي، والمخطط الاميركي الاسرائيلي. تتلاشى الدولة الوطنية، تتمزق الشعوب إلى ديانات وطوائف ومذاهب واعراق، تنهار القيم الوطنية والقومية، جماعات تكفيرية تخريبية، عنوانها الابرز جماعة الاخوان المسلمين، لا تفقه في علوم الدين والدنيا، او بتعبير ادق تلعب دور العراب لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد، وتعمل على اختطاف الامة إلى مستنقعات آسنة باسم "الدين" و"الطائفة"، لإعادة تقسيم وتمزيق نسيج شعوب الامة العربية لدويلات وإمارات تافهة، عبر تكريس الظلامية في اوساطها، وتبديد طاقات شبابها وكفاءاتها في حروب وهمية، ولاستنزاف ثرواتها وخيراتها على شراء وتخزين الاسلحة، ولاسقاط خيار النهضة والتنمية المستدامة، ولتصفية قضية العرب المركزية، وتسييد دولة التطهير العرقي الاسرائيلية على كل الارض الفلسطينية وعموم الارض العربية.
عندما يعيد المرء للذاكرة الوطنية والقومية، دعوة الشهيد القائد والمفكر كنفاني، فانه لا يناشد عواطف النخب السياسية والفكرية والثقافية الاعلامية، إنما يستنهض فيهم، دورهم النهضوي، ويدعوهم لتحمل مسؤولياتهم الشخصية والوطنية والقومية، ويحفزهم للخروج من نفق المراوحة والاسترخاء وانتظار الموت المحتم للأمة وقضاياها، إذا ما استمر أسرى الهزيمة والاستسلام لمشيئة اهل النظام العربي الرسمي المتآكل، الذي مهد الارضية الخصبة للاسلام السياسي التخريبي في الانتشار والحضور المريب في المشهد السياسي العربي، وقدم الدعم لحركة الاخوان المسلمين و"داعش" و"النصرة" و"انصار بيت المقدس"... إلخ من التفريخات المعادية للامة العربية وشعوبها وقضاياها وخاصة قضية فلسطين.
نعم العرب بحاجة ماسة الآن ليطرقوا جميعا، كل من موقعه ومكانته وانتمائه، وكل مؤمن بهويته الوطنية والقومية وبالمشروع القومي التنويري على جدران الخزانات للانتصار على هزيمة الذات، ولحمل راية الوطنية والعروبة، ورفعها عاليا لصد رياح الغرب الاستيطاني وربيبته إسرائيل والفرق المنتجة لمذاهب البداوة والتخلف والظلامية، والحامية لكل ادوات التمزيق للجسد القومي.
آن الاوان لاستعادة زمام الامور، والانبعاث من جديد للدفاع عن النسيج الوطني والقومي الجامع، ولحماية الاثنيات الموجودة في اوساط الشعوب العربية، ومنحها حقوقها في المواطنة الكاملة، وتكريس الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الاخر، وتكريس المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وحماية حقوق الطفل، وتغيير جذري للمناهج التعليمية، وتطويرها بما يتناسب وروح العصر، وفتح الابواب على مصاريعها لنشوء مراكز الابحاث في مجالات العلم والمعرفة والفكر المختلفة، وإحداث ثورة في الخطاب الديني، والعمل بقوة على فصل الدين عن الدولة، وتعزيز دور السلطات التشريعية والقضائية لكبح جماح السلطة التنفيذية، ووفق ظروف كل بلد عربي على حدة، وتعزيز التكامل القومي على المستويات والصعد المختلفة، واعادة نظر جدية في مؤسسة الجامعة العربية، واخراجها من المكانة والدور الشكلي، ودفعها نحو مرحلة نوعية لتلعب فعليا الجسر الحقيقي للتكامل والتكافل العربي العربي، واعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للعرب، وتفعيل اوراق القوة والاسلحة الموجودة باليد العربية لفرض الحل السياسي.
ليتذكر الفلسطينيون والعرب جميعا من الوان الطيف الفكري والسياسي الوطني والقومي واليساري والليبرالي، ان الرافعة الاساسية لشعوب ودول الامة الان، هي القومية العربية المعمدة بالديمقراطية. لانها تحفظ مكانة كل قوة، وتصون استقلاليتها، وتفتح الباب امامها للتكامل والتعاون مع القوى الاخرى، وتصون دولة المواطنة الكاملة. لذا اطرقوا على الجدران كلها، وانهضوا من سباتكم، وانتصروا على هزيمتكم.
المراهنة على تمرد أو ثورة على حماس
بقلم: د.ابراهيم أبراش – معا
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
استطرادا إلى ما تطرقنا إليه في مقالاتنا السابقة حول صناعة دولة غزة وصمت وتواطؤ اطراف غير حركة حماس على ما يجري . أعتقد البعض أن انقلاب حماس على السلطة لن يستمر طويلا لأن الشعب سيثور على حركة حماس في القطاع وتعزز هذا الاعتقاد أو المراهنة أكثر بعد ثورة 30 يونيو المصرية 2013 . فراهن البعض على إمكانية انسحاب ما جرى في مصر على قطاع غزة ، فيثور أهالي قطاع غزة على حماس الإخوانية كما ثار المصريون على الإخوان المسلمين !.
بالإضافة إلى اختلاف الحالة الفلسطينية عن حالة مصر وبقية الدول العربية من حيث وجود احتلال في فلسطين ولا يوجد في بقية الدول العربية مما يغير في اولويات المواجهة ، فإن هذه المراهنة غير واقعية لأنها دعوة لحرب اهلية .إن حربا أهلية سواء في غزة أو الضفة ستكون نوعا من التدمير الذاتي ولن تخدم إلا إسرائيل ، وشعبنا الفلسطيني لن ينساق لحرب أهلية انصياعا لتحريض من هذا الطرف أو ذاك.
وقبل الاستطراد لا بد من التنديد والتحذير من دعوات هوجاء لقيادات من حركة حماس تطالب باستهداف الاجهزة الفلسطينية في الضفة الغربية كرد على اعتقال أجهزة السلطة لعناصر من حماس ، والتهديد بنقل تجربة غزة – انقلاب 14 يونيو 2007 – إلى الضفة . فهذا التهديد غير مقبول وغير واقعي،لأن قادة حماس يعلمون أنه لولا انسحاب إسرائيل من القطاع ورغبة إسرائيل بفصل غزة عن الضفة ما استطاعت حماس الانقلاب على السلطة في القطاع والاستمرار في حكم قطاع غزة حتى اليوم .
إن مراهنة البعض على تمرد أو ثورة على حركة حماس لإفشال مشروع دولة غزة وعودة اللحمة بين الضفة والقطاع أمر محفوف بالمخاطر ونتائجه غير مضمونة لأسباب سياسية وسسيولوجية وثقافية واقتصادية ،وبعضها سابق لسيطرة حماس على القطاع ، وهذه الأسباب :
1) تميز أهالي قطاع غزة بعمق الانتماء الوطني وحرصهم على الوحدة الوطنية يدفعهم لعدم الاندفاع في مواجهات داخلية خشية من أن أي حرب أهلية ستخدم إسرائيل والتي ستعمل على إطالة أمد هذه الحرب – كما كان لإسرائيل دور رئيس في صناعة الانقسام وإطالة عمره - .أيضا من غير الوارد ثورة أهلنا على السلطة في الضفة الفلسطينية المحتلة .
2) غياب بديل أو جماعة منظمة يمكنها تنظيم وقيادة عملية التمرد أو الثورة ثم الحلول محل حركة حماس . تنظيم حركة فتح ضعيف ومنقسم ويتعثر في استنهاض نفسه ،وغير قادر على لملمة أوضاعه الداخلية وإدارة نفسه في القطاع ، فكيف سيُدير ويَحكم قطاع غزة ؟ ونفس الأمر بالنسبة للمراهنة على السلطة وحركة فتح في الضفة ، أيضا منظمة التحرير والقوى الاخرى أكثر بؤسا وضعفا.
3) لا يلمس فلسطينيو غزة مؤشرات بأن القيادة الفلسطينية – قيادة حركة فتح وقيادة السلطة وقيادة منظمة التحرير - قادرة على مد سلطتها لقطاع غزة ، سواء لأن القيادة تعلم أن إسرائيل لن تسمح لها استعادة قطاع غزة مجددا ،أو لإدراك القيادة بأن المعركة الحقيقية مع الاحتلال تجري في الضفة والقدس وليس في قطاع غزة . وقد لمس فلسطينيو القطاع حرج موقف القيادة تجاه غزة عندما خرج أكثر من نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة في الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاق حركة فتح 2012 دون أي تفاعل إيجابي من القيادة مع الحدث.
4) يلمس فلسطينيو قطاع غزة تزايد تأثير شرائح ونخب تتزايد يوما بعد يوم في الضفة تنظر لقطاع غزة نظرة دونية ولا ترحب بأهله حتى بالمقيمين منهم في الضفة ، ويتعاملون مع قطاع غزة كحديقة خلفية ولسكانها كمواطنين من درجة ثانية وكعبء على الضفة . أيضا في بعض الأحيان كان الإعلام الرسمي وبعض المسئولين في السلطة يستعمل خطابا تحريضيا يتجاوز التحريض على حركة حماس ليمس كل أهالي القطاع ، كمطالبة أحد مستشاري الرئيس بامتداد عاصفة الحزم لغزة وضربها ،وآخرون هددوا باعتبار غزة إقليما متمردا ،وبعضهم هدد بقطع المساعدات والمشاريع والرواتب عن قطاع غزة.
5) سياسة قطع الرواتب ووقف التوظيف في السلطة لأبناء القطاع ، وتهميش واستبعاد أبناء القطاع من السلك الدبلوماسي ومن التوظيف في المؤسسات العربية والدولية الخ عزز حالة القطيعة وإحساس فلسطينيي القطاع أن الرئاسة والسلطة غير مهتمة بهم .
6) لأن سيطرة حماس على قطاع غزة لا يعود لإرادة حمساوية فقط بل جزء من معادلة أو مخطط تشارك به أطراف متعددة على رأسها إسرائيل ، وحيث إن هذه الاطراف ما زالت قوية وفاعلة ومستفيدة من الانقسام ، فلن تسمح بإنهاء سلطة حماس وإنهاء الانقسام ، إلا إذا توفرت إرادة شعبية وتوافق وطني على ذلك.
7) تَحَكم وسيطرة إسرائيل على المنفذ الوحيد - معبر بيت حانون - لتنقل الافراد بين الضفة وغزة يجعلها تُعيق أية تحركات أو تواصل يعزز وحدة الشعب الفلسطيني .وبالتالي وفي حالة التمرد على سلطة حماس وإسقاطها فلن تسمح إسرائيل بالتواصل بين الضفة وغزة وتوحيد شطري الدولة الموعودة ، كما أنها ستتدخل عسكريا لإدامة المواجهات بين سكان غزة وستدعم الطرف الذي يعزز الانقسام ويحافظ على أمنها.
8) حركة حماس أرهبت الشعب من خلال ما قامت به في الأيام الأولى للانقلاب من اعمال دموية ومن خلال ممارسات لاحقة ضد معارضيها وصلت لدرجة إطلاق النار على أقدام المعارضين واعتقالهم وتلفيق التهم والأكاذيب بحقهم . وحماس لا تترك فرصة إلا وتستعرض قواتها لترهب الشعب وتهدد بأشد العقاب مَن يجرؤ على التمرد عليها أو الإخلال بالأمن .
9) استمرار الدعوة للمصالحة وعدم القطع أو الإعلان عن فشل حوارات المصالحة بشكل نهائي ، أيضا تشكيل حكومة توافق والتباس موقف حماس منها ... كل ذلك يجعل فلسطينيي غزة في حالة ترقب ويكبح أية توجهات للتمرد على الوضع ،انتظارا لمصالحة قادمة .
10) حصار القطاع وتزايد حالة الفقر والبطالة واستمرار تشديد مصر لحركة المرور من معبر رفح ، خلق حالة من الكبت والقهر والرغبة في كسر الحصار من خلال ميناء حتى وإن تم ذلك على يد حركة حماس واستمرارها في حكم غزة ، وبغض النظر عن الثمن السياسي لذلك ، وخصوصا أن الكل الوطني وخصوصا السلطة ومنظمة التحرير عجزت طوال ثمان سنوات عن أيجاد حلول لمشاكل القطاع او إيجاد بارقة أمل بفرج قريب .
11) وجود مفوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطر وتركيا وبعض الدول الاوروبية تُوعِد الفلسطينيين في القطاع بمخرج قريب من خلال دولة في غزة وميناء .
12) حقن اهالي قطاع غزة بمسكنات مادية – رواتب ومساعدات مالية وسلعية من السلطة والفصائل والدول والأونروا ومن الشؤون الاجتماعية ، ومشاريع زواج جماعي الخ - تجعلهم على حافة الهاوية بحيث لا يموتون جوعا وفي نفس الوقت لا يصلوا لدرجة الانفجار ، وكل هذه المساعدات تتم على حساب كرامتهم وإنسانيتهم ووطنيتهم.
13) بروز تنظيم الدولة (داعش) في قطاع غزة ،وبغض النظر عن الجهات التي تقف وراء صناعته ، يشكل كابحا أمام من يفكر بانتفاضة على حركة حماس خشية من أن تكون داعش البديل ، وقد بلَّغَت حركة حماس عدة رسائل لسكان غزة ولأطراف أخرى بأن البديل عن سلطة حماس هو تنظيم داعش .
إن شكوكنا وتخوفاتنا من تداعيات ثورة أو تمرد على حركة حماس لا يعني أن الشعب يقبل بسلطة حماس أو أن هناك أفق واعد لقطاع غزة أو للقضية الفلسطينية في ظل استمرار تفرد حماس بالسلطة في القطاع ، بل يمكن القول إن دولة فلسطينية في قطاع غزة تحت حكم منفرد وتسلطي لحركة حماس الإخوانية معناه تدمير الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني ، ومثل هكذا دولة ستبقى تلعب دورا وظيفيا في خدمة الاطراف التي شاركت في صناعتها وخصوصا إسرائيل ،وخاضعة لابتزازها ، ولكننا نخشى في حالة تمرد مسلح او ثورة على حماس مزيدا من إراقة الدماء دون إنهاء الانقسام وإسقاط سلطة حماس ، ويجب الاستفادة مما يجري في سوريا وليبيا واليمن والعراق .عليه يجب البحث عن حل وطني شامل يقطع الطريق على الحرب الأهلية من جانب ،وعلى مخطط دولة في غزة وتقاسم وظيفي في الضفة من جانب آخر ، وهو حل موجود وممكن .
ومع ذلك فإن الثورات والحروب الاهلية لا تقوم على حسابات عقلانية أو وطنية بل هي اندفاعات وحالة هيجان تتجاوز حسابات العقل وتغذيها إما حالة فقر شديد أو حالة قهر واستبداد سياسي لا يمكن تحمله . لذا فإن كل تحليلاتنا العلمية والعقلانية والمحاذير والتخوفات التي ذكرنا من نتائج تمرد على حركة حماس قد تسقط وتُصبح بلا قيمة إن وصلت الأمور الاقتصادية في القطاع لحد فوق طاقة الشعب على تحمله ، أو كان ثمن دويلة غزة ووقف المقاومة على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.