تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء محلي 23/07/2015



Haneen
2015-08-12, 11:50 AM
فــــي هــذا الـــــــــملــــــف :
قانون الحث على إطلاق النار
حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة

أبعاد التصعيد الاستيطاني والعسكري
عزت ضراغمة عن الحياة الجديدة

رسالة تفجيرات غزة
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة

هل ينجح الإسلاميون حيث فشل الشيوعيون والقوميون؟
طلال عوكل عن الأيام

المهادنة
د. ناصر اللحام وكالة معـا


قانون الحث على إطلاق النار
حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
ليس هناك قانون اكثر إجراما من القانون الاسرائيلي الاخير بتغليظ عقوبة الرشق بالحجارة في القدس الى السجن لمدة اقصاها 20 سنة، فالقانون لن يمنع مقاومة الاحتلال باضعف الوسائل وهي الرشق بالحجارة لأن الرشق بالحجر ليس سلاحا مميتا لكن الاحتلال والكنيست اليميني اختار عقوبة لا تتناسب مع الفعل، وهو فعل ليس محرما دوليا طالما هناك احتلال، اذ ان القانون الدولي يسمح لمن هو تحت الاحتلال بالمقاومة بكل الوسائل المتاحة لكن اسرائيل لا تعتبر نفسها قوة احتلال في القدس ولهذا سنت قانونا مجرما بحق من هم تحت الاحتلال. لكن العقوبة مهما كانت قاسية لن تمنع مقاومة هجمات المستوطنين اليومية ولن تخيف احدا بل هي في الحقيقة دعوة لتصعيد المواجهة فاذا تساوت عقوبة الرشق بالحجارة مع عقوبة اطلاق النار فان من اراد الرشق سيتراجع ويبحث عن سلاح ناري طالما ان العقوبة واحدة وبالتالي فان الكنيست الاسرائيلي يتحمل مسؤولية اي دم يسفك في القدس لأنه بهذا القانون انما يشجع على استخدام السلاح بدلا من الحجارة.
لقد استنفد الاحتلال بنك عقوباته لقمع مقاومة اهلنا في القدس لسياسة التطهير العرقي وسلب المنازل وتكثيف الاستيطان وتغيير المعالم الجغرافية والديموغرافية في القدس، فهل يعي المشرعون الاسرائيليون انهم انما يدفعون الامور الى حافة الهاوية ويستمطرون العنف وسفك الدماء بدلا من الحث على السلام والحوار والبحث عن مزايا السلام وليس عن خبائث الحرب والصدام! فالسياسات الحالية لحكومة اليمين والكنيست تؤجج المشاعر وتوسع المقابر وتدفع باتجاه طريق اللاعودة لحل الدولتين وتكرس التوجه نحو سياسة الفصل العنصري اي شعب يحتل وشعب مستعبد تحت الاحتلال وهذه اقصر الطرق لنسف المشروع الاسرائيلي من اساسه وبايدي دعاة الاستيطان انفسهم. فالتاريخ لم يشهد ديمومة لاحتلال ولا بقاء لنظام تمييز عنصري قط.
أبعاد التصعيد الاستيطاني والعسكري
عزت ضراغمة عن الحياة الجديدة
يبدو ان التصعيد العسكري والاستيطاني وعمليات الاعتقال والقتل وتدمير المنازل وتأمين شرطة الاحتلال اقتحامات المستوطنين والمتطرفين اليهود للمسجد الاقصى, والتوغل العسكري الاسرائيلي لمناطق شمال قطاع غزة واستهداف مركب الصيادين هناك, مخطط مدروس ومقصود من قبل حكومة وجيش الاحتلال وليس وليد الساعة او مجرد ممارسة بعيدة عما تهيئ وتمهد له حكومة نتنياهو, لأن ما شهدته الساعات الماضية من اعلان للتوسع الاستيطاني يشمل بناء 886 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، الى جانب اعلان لجنة التخطيط التابعة لما يسمى الادارة المدنية للمصادقة بأثر رجعي على 179 وحدة استيطانية سبق وان بنيت بشكل عشوائي في مستوطنات الضفة, وتجريف عشرات الدونمات من اراضي المواطنين غرب الخليل تمهيدا للاستيلاء عليها, مقابل تسليم قوات الاحتلال نحو خمسة عشر اخطارا لمواطنين في محافظتي قلقيلية وبيت لحم لهدم منازلهم لا يخرج عن اطار ما تعتزم حكومة تل ابيب تنفيذه او تحقيقه في مرحلة لاحقة. التصعيد الاسرائيلي المخطط له عن سابق اصرار شمل ايضا اعدام الشاب محمد احمد علاونة في منطقة جنين, وقيام جيش الاحتلال باعتقال عشرات العمال الفلسطينيين شمال الضفة, وتوفير قوات الاحتلال الحماية لدخول واقتحام عشرات المتطرفين اليهود لباحات وساحات واروقة المسجد الاقصى, وفي الوقت نفسه قصف الزوارق الحربية الاسرائيلية لمراكب الصيادين الفلسطينيين شمال غزة واقتحام الدبابات العسكرية لمناطق في بيت لاهيا, فهل كل هذه الاعتداءات رغم ان الكثير منها يعتبر ممارسات يومية بعيدة عن الصفقة او الصفقات والمخططات التي تعتزم الحكومة الاسرائيلية تنفيذها في غضون الساعات او الايام القليلة المقبلة ؟. ما هو مؤكد حتى الآن هو ان جزءا من هذه الاعتداءات ان لم يكن كلها ما هي الا استرضاء من قبل نتنياهو لوزير خارجية حكومته السابق الاكثر تطرفا افيغدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا, وما يرجح هذا الاعتقاد هو ان ما كشفت عنه صحيفة معاريف العبرية يشمل صفقة تستهدف مشاركة الحزب الذي يقوده ليبرمان بالائتلاف الحكومي الصغير الذي يقف على رأس حكومته نتنياهو بهدف تعزيز وتمكين نتنياهو من المناورة والصمود وعدم تعريض حكومتة للانهيار امام اية هزة او تهديدات من قبل الاحزاب الاخرى المشاركة فيها, وبالتالي يحاول نتنياهو تقديم حسن نوايا كما يسمونها في الحلبة السياسية الاسرائيلية لليبرمان وحزبه, لا سيما ان ليبرمان الذي يعتمد على دعم وتأييد المستوطنين والمتطرفين اليهود طالب اكثر من مرة حكومة نتنياهو اعطاء الضوء الاخضر للمصادقة على مشاريع استيطانية جديدة تخوله اقناع مؤيديه واعضاء حزبه للمشاركة في حكومة نتنياهو, والى جانب ذلك فإن رئيس الوزراء الاسرائيلي يريد ان يثبت لمؤيديه ولليمين وللمتطرفين اليهود انه لا يقل تطرفا ومغالاة واندفاعا عن كل احزاب اليمين نحو المزيد من التوسع الاستيطاني, خاصة وزير التعليم الإسرائيلي زعيم البيت اليهودي نفتالي بينيت الذي دعا حكومة اسرائيل الى تشريع الإستيطان في كل أنحاء الاراضي الفلسطينية, وكذلك وزيرة القضاء الإسرائيلي اييلت شكيد العضو في حزب "البيت اليهودي" التي دعت هي الاخرى لشرعنة البؤر الاستيطانية بهدف الاستيلاء على أراضي المواطنين التي أقيمت عليها هذه البؤر وبالتالي قطع الطريق على اي محاولات دولية او خطط سياسية لتحقيق الرؤيا الاميركية باقامة دولة فلسطينية. اما الاعتداءات العسكرية وما يرافقها من عمليات قتل واعتقالات وقصف وتوغلاتها سواء في الضفة او قطاع غزة, فقد تكون تغطية لما هو اكبر واخطر ان لم تكن ممارسات ممنهجة وامرا يوميا اعتاد عليه جيش الاحتلال وقادته, وربما الهدف منه جر الفلسطينيين الى مواجهات جديدة الهدف منها خلط الاوراق واعادة المنطقة الى مربع العنف لمآرب اكبر تخطط لها الحكومة الاسرائيلية. ان دعوة وزارة الخارجية الفلسطينية دول العالم لترجمة ادانتها للاستيطان لخطوات عملية يجب ان تقابل بالدعم العربي المطلق والاستجابة الدولية بلا تردد او فتور, لا سيما من قبل دول الاتحاد الاوروبي وحتى الولايات المتحدة الاميركية طالما تعتبر هذه الدول الاستيطان غير شرعي ويعرقل الجهود السياسية التي تقوم بها, والا فان الحديث عن امكانية احياء اي جهود سياسية سواء خلال هذه الايام او في الاشهر المقبلة سيكون مجرد ذر للرماد في العيون, ولا يخرج في كل الاحوال عن المواقف الخجولة والمخجلة.
رسالة تفجيرات غزة
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
في فجر اليوم الثالث لعيد الفطر، التاسع عشر من تموز الحالي انفجرت خمسة عبوات تحت سيارات تابعة لكوادر من كتائب عز الدين القسام وكتائب بيت المقدس في وقت متزامن ودون إيقاع اية اصابات. حركة الانقلاب الحمساوية وجهت الاتهام اولا للسلطة الوطنية عموما وجهاز المخابرات خصوصا؛ ثانيا اتهمت الجماعات السلفية في قطاع غزة؛ ثالثا آخرون وجهوا الاتهام لحركة حماس نفسها. ويبدو ان الافتراض الاخير، هو الاقرب للواقع. لان التكفيريين اصدروا بيانا، اعلنوا فيه نفيهم للاتهام الحمساوي. اضف الى ان السلطة وجهاز مخابراتها، لم يلجأوا يوما لهذا الخيار منذ الانقلاب اواسط العام 2007، وليس مدرجا على جدول اعمالهم، لان خيارهم يتمثل بانتهاج خيار المصالحة الوطنية. كما ان اجهزة الانقلاب الامنية، تراجعت عن الاتهام الموجه للمخابرات. غير ان الملفت للنظر في الاتهامات آنفة الذكر، غياب إتهام دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. ولم يكن هذا الغياب اعتباطيا او تجاهل غير مقصود، وهذا بحد ذاته، يحمل رسالة جلية لكل ذي بصيرة، واحد عناصر الحصول على شهادة "حسن السير والسلوك" الاسرائيلية. إذاً لماذا التفجيرات الان؟ ولماذا إستهدفت العبوات الناسفة سيارات كوادر حركة الجهاد الاسلامي ايضا ؟ ولماذا توجيه الاتهام لجهاز المخابرات ثم التراجع عنه؟ وكيف استطاعت اجهزة حماس خلال ساعات الاعلان عن القبض عن المنفذين، في حين انها فشلت في الوصول لمن نفذ التفجرات الخمسة عشر في شهر تشرين الثاني 2014 حتى الان، التي طالت قيادات وكوادر حركة فتح ومنصة احياء ذكرى رحيل الزعيم ياسر عرفات؟ اين السر في ذلك؟ وما هي الرسالة او الرسائل، التي أرادت توجيهها حركة حماس للقوى والاطراف المختلفة؟ مما لا شك فيه، ان التفجيرات الاخيرة، واقتصارها على الاضرار المحدودة بالسيارات المستهدفة، كانت تحمل رسائل لاكثر من جهة فلسطينية واسرائيلية. وكان لإدراج سيارات بعض كوادر كتائب بيت المقدس، رسالة وهدف، وما رافقها "التفجيرات" من اتهامات متعددة في آن ايضا رسائل وغايات. تتجلى في، اولا نفي اي تهمة عن حركة الجهاد الاسلامي ؛ ثانيا تحييدهم عن اي اصطدام لاحق مع الجماعات التكفيرية، المنافسين الجدد، وكسبهم (الجهاد) الى جانب حماس، اذا إستدعت الضرورة قبل ان يات دورهم في التصفية؛ ثالثا الزج بالسلطة وجهاز المخابرات العامة، هدف الى التحريض عليها، وتعميق لخيار الانفصال، وفتح الافق لحملة اعتقالات جديدة ضد رجالات السلطة ومنتسبي الاجهزة الامنية الشرعية؛ رابعا كتابة شعارات وتهديدات "داعش" بجوار بعض السيارات المستهدفة، وتسليط الضوء عليها، يعني، الايذان بفتح المعركة مع الجماعات السلفية الجهادية، رغم ان حركة حماس، هي من اوجدها، وهيأ لها التربة للتمظهر في الشارع الفلسطيني (محافظات الجنوب)، إلآ انها في اللحظة السياسية الراهنة، وفي ظل وجود تعارض بين تلك الجماعات وسياسات حركة حماس، امست معنية، بفرض سيطرتها الكلية على الشارع الغزي، وعدم السماح لوجود اي صوت معارض لدردشاتها مع اسرائيل، وبالتالي، ارسال رسالة واضحة لحكومة نتنياهو واجهزتها الامنية، ان حركة الانقلاب، هي من يسيطر على الشارع، وهي القادرة على ضبط الامن في قطاع غزة. ولهذا قامت بحملة اعتقالات طالت عددا من اعضاء وكوادر تلك الجماعات، ومازالت تطارد آخرين. وفيما يتعلق بادعاء القبض على المتهمين من الجماعات السلفية الجهادية، كما اشير آنفا، هي تدشين مرحلة من الصراع بين حماس وتلك الجماعات. وطالما لدى اجهزة حماس الامنية هذه القدرة على اكتشاف الفاعلين للتفجيرات، لماذا لم تكتشف حتى الان، الفاعلين السابقين، الذين إستخدموا ذات الاسلوب في تزامن التفجيرات، وعدم تعريض اصحابها او المواطنين للضرر؟ هل هو عجز ام قرار سياسي لحكومة ظل حماس، وقوى الانفصال المتنفذة على الارض؟ بالتأكيد هو القرار السياسي لقيادة الانقلاب الحمساوية، لانها تدفع نحو التحالف الضمني مع إسرائيل من خلال تجسيد الهدنة الطويلة لقاء تكريس الامارة، وبناء الجسر العائم، وضرب المشروع الوطني.
هل ينجح الإسلاميون حيث فشل الشيوعيون والقوميون؟
طلال عوكل عن الأيام
الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد رفيع المستوى من حركة حماس للمملكة العربية السعودية، وهي زيارة هامة بدون شك، تنطوي على أبعاد وتداعيات استراتيجية، لن تتأخر نتائجها وانعكاساتها على فلسطين والسعودية والمنطقة بشكل عام.
الخطوة عالية المستوى، والترحيب الذي استقبل فيه الملك سلمان الوفد، تشير إلى توافق واسع في استراتيجيات ورؤى الطرفين لطبيعة الصراع الجاري في الإقليم، وآفاق تطوره، ولطبيعة التحالفات الجديدة، بعد تحرر إيران من أثقال برنامجها النووي، وفوزها باعتراف دولي، بمكانتها ودورها كلاعب إقليمي ودولي لا بد أن تؤخذ مصالحه في عين الاعتبار.
السعودية لا تخفي عداءها لإيران، ليس لأسباب دينية في الأساس، وإنما لأسباب أخرى تتصل بالمصالح الوطنية، والقومية، وبالسياسات الاستراتيجية، ذلك أنها تخشى على النظام السياسي، وعلى وحدة أراضي المملكة، إزاء النفوذ الإيراني المتزايد، وهي خشية لها ما يبررها بعد كل ما تعرضت له دول مركزية مثل العراق وسورية، وأخرى مثل لبنان واليمن والبحرين.
تملي هذه المخاوف الحقيقية على السعودية، أن تتجه نحو استراتيجية هجومية، تضطرها لخوض معارك خارج حدودها، حتى لا تصل النيران إلى داخلها من شقوق التعارضات المذهبية بين سُنّة وشيعة.
تتطلب الاستراتيجية الهجومية، أو لنقل الوقائية، السعي لتشكيل تحالف واسع عربي إسلامي، يحشد الدول العربية، ذات المصلحة والأحزاب والحركات الإسلامية وأهمها جماعة الإخوان المسلمين وربما بعض الدول الإسلامية الأخرى مثل باكستان وتركيا.
غير أن نجاح هذه الاستراتيجية، يحتاج إلى تغييرات أخرى أساسية، قد تضطر السعودية لإجرائها، ولا تنفع الإمكانيات المالية وحدها، في تجاوز العقبات التي تعترض النجاح، في حال استمرت السياسة السعودية على ما هي عليه الآن.
في مركز هذا التحالف تقع مصر، وبدونها، لا يمكن أن يكتب النجاح لهذه الاستراتيجية، لكن ثمة خلافات كبيرة بين مصر والسعودية أهم عناوينها العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، والموقف إزاء سورية وهي عناوين مطلوب من السعودية أن تبادر لمعالجتها.
حدود مشكلة مصر والإخوان تتعدى كثيراً مسألة الأحكام الصادرة بحق قيادات الجماعة في مصر، وتتعداها إلى موقف وسلوك الجماعة من النظام القائم في مصر وما إذا كانت الجماعة مستعدة لمصالحة وطنية ومغادرة سياسة العنف التي تتبعها، سعياً وراء الانتقام أو إسقاط النظام، فيما المحصلة النيل من وحدة المجتمع والدولة المصرية، ومقدرات الشعب. إذا كانت هذه بعض ملامح الاستراتيجية السعودية، فإن حركة حماس، أيضاً، لديها بعض ملامح استراتيجية جديدة، مظهرها العام، مغادرة ما يسمى بمحور الممانعة والانتقال إلى محور الاعتدال. لا يفي هذا المظهر بكل أبعاد الاستراتيجية الجديدة لكنه في الجوهر، إعادة تموضع حماس ضمن محور سياسي، ذات طبيعة مذهبية. تحاول حماس صياغة العلاقة بين الوطني والأممي الإسلامي، بما يسمح لها مرونة التحرك بين المتناقضات الصعبة، غير أن هذه الصياغة غير مضمونة النتائج، وفي حال فشلها فإن الثمن سيكون كبيراً.
لقد حاول الشيوعيون العرب، وفشلوا لأنهم غلبوا الأممي على الوطني، ولم يتمثلوا على نحو جيد مبدأ أن الأممي الجيد هو الوطني الجيد. وحاول القوميون العرب أيضاً ولكنهم فشلوا، في تحقيق التوازن بين القطري والقومي، وخسروا الاثنين معاً.
الأسوأ حين يتداخل السياسي مع الأيديولوجي، إذ يبدو الأمر، كمن يخلط العسل بالخل ويريد أن يحصل على خليط حلو المذاق. الفراق بين حماس وإيران، ينطوي على افتراق في الرؤى، تجاه العناصر الدولية والمحلية، الفاعلة في المنطقة ونقصد الولايات المتحدة وإسرائيل. إيران لا تزال تحافظ على خطابها المعادي والمقاوم للسياسات والأطماع الأميركية الإسرائيلية، وتدعو للمقاومة فهل تتخلى حماس عن هذا النهج، حتى ولو بقيت تلهج به كل الوقت؟ من الواضح أن سعي حماس أو استجابتها للوساطات الدولية والعربية، التي ترضى عنها السعودية، وقد يكون لها دور أكبر فيها، من أجل هدنة طويلة مع إسرائيل، قد يجعل حماس، في حال تحقيق ذلك، تتحدث عن سياسة المقاومة بدون مقاومة، الأمر الذي سيترتب عليه تداعيات وتناقضات ونتائج صعبة على كل فصائل المقاومة.
حماس كبيرة وفاعلة وهي لا تزال درة الحركات الإسلامية وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، وسعي السعودية نحو الفوز بالتحالف معها له معناه، وله ما يبرره، ولكن هل تستطيع حماس تجيير إمكانياتها على الصعيد العربي لصالح الإخوان الذين تنتمي إليهم، بدون أن تخسر على الصعيد الوطني، وعلى مستوى العلاقة مع مصر؟
والسؤال: هل يمكن للسعودية أن تنجح في أن تتوافق مع مصر أو أن تتجاوزها، وتحقق المصالحة الفلسطينية؟ الشكوك هي العنوان الأبرز الذي يمكن أن يكون جواباً على أسئلة كبيرة وكثيرة تطرح على هذه الاستراتيجيات.
وأخيراً، ولأن المقام لا يتسع، نطرح سؤال تفجيرات الشيخ رضوان الأخيرة في غزة، وما إذا كانت تحمل رسائل اعتراض قوية على التوجهات الجديدة لحركة حماس، وما إذا كانت حماس قادرة على إخماد النيران التي تظهر جمراتها ودخانها؟

المهادنة
د. ناصر اللحام وكالة معـا
ارتباك الحاكم ومهادنته للامر الواقع مفهوم ، ويمكن تبرير أمره بضغط العمل وتشبثه بالحكم ، أو عدم الثقة بالنفس أو مسايرة العوام ، أو نقص الخبرة ومحاولة شراء وهم الهدوء بأي ثمن . اما ارتباك المثقف فلا يمكن تبريره ، لان دوره الوظيفي ان يفسر ارتباك الحاكم دون أن يقع فيه .
وما نشهده مؤخرا هو ارتباك للمثقف العربي ، وكلما قرات الصحف العربية صباحا صرت الاحظ ان نفس الكتاب الذين كانوا يدعون ويروّجون لفكرة سابقة او زعيم بائد ، صاروا هم أنفسهم يكتبون ويروّجون لفكرة مغايرة تماما ولزعيم جديد ومختلف ، فهناك ارتباك وخوف عند المثقف العربي كفرد أ والمثقف كمؤسسة ( منظمة حقوق انسان – جامعة – كاتب – مسؤول اعلام – مدير تلفزيون ورئيس البلدية ) . ومهادنة الواقع المتردي تقع مؤخرا بقصد " التعايش " . ذلك لانني وجدت انتشار فيروس المهادنة في البلاد العربية اعلى بكثير مما هو عليه في الاراضي الفلسطينية .
هناك فرق بين الثورة وبين الاصلاح ، فحركة الثورة تهدف الى طرح البديل التقدمي وترسيخ الجديد على أنقاض الماضي الفاشل ( اذا كان الحاضر جيدا وأراد احد او جهة ما النكوص بالواقع الى الوراء فلا تسمى ثورة بل تسمى ثورة مضادة ) . اما الاصلاح فيهدف الى الابقاء على الواقع القائم مع قليل من ادوات التجميل لاقناع الجمهور بقبوله .
وللاسف فان ما نشهده مؤخرا ، لا هو ثورة ولا هو اصلاح ، وانما مهادنة للطغيان وترديد ببغائي للشعارات الجوفاء باعتبارها مسلمات تحت مسمّى مصلحة الوطن ومصلحة الحزب ومصلحة الامة والمشروع القومي أو المشروع الاسلامي ، وصرنا بين الالحاد العدمي من جهة و التخلف والظلامية من جهة اخرى ، ويقود المرحلة الان مجموعة من المهرجين والبلهاء والافّاقين والفهلويين والمنبوذين وتجار المخدرات وتجار الترامادول ، والاغرب انتشار ظاهرة دخول مجموعة من نوافل العالم السفلي والذين صاروا يدّعون فجأة انهم تابوا الى الله واصبحوا دعاة ورجال دين ويسعون كل يوم لاثارة مشاكل اجتماعية والدعوة لاستخدام العنف ويحرّضون ضد الاديان الاخرى والجماعات الاخرى بحجة انهم – خلال شهور فقط – اصبحوا الاكثر حرصا على الدين والاسلام . والاخطر من جميع هؤلاء من اندسوا الى عالم الفكر والشعر والمسرح وهم لا يملكون فكرا ولا معرفة ولا تجربة ولا منهاج العلمي .
أكبر خطأ أن يهادن المواطن المسؤول ، وان يهادن المسؤول المدير ، وان يهادن المدير الشيخ ، وان يهادن الشيخ الجماعة ، وان يهادن امام المسجد الاذاعة ، والاوقاف تهادن الفيس بوك ، والفيس بوك يهادن تويتر ، والجميع يهادن التلفزيون .
المثقف الفلسطيني – مثله العربي – سيفقد هيبته اذا يهادن في قضايا مصيرية بحجة ان الامر في اطار الليبرالية والتماشي مع الواقع ، في حين يزداد تطرف الراديكاليين أكثر وأكثر ويأخذون أكبر من حجمهم بكثير لانهم لا يهادنون ويرفضون الديموقراطية كمبدأ ، والراديكاليون في كل التنظيمات اخذوا اكبر من حجمهم لان المجتمع افسح لهم طواعية ولم يواجههم ولو بكلمة ، والدول صارت تهادن بعضها بعضا ، والجميع يهادن الدول الغنية حتى لو فسقت ، والمخابرات الصغيرة تهادن المخابرات الكبيرة ، والصحف تهادن الجمهور ، والجمهور يهادن شركة الاتصالات ، والسلفيون يهادنون داعش ، وداعش تهادن شركات النفط الكبرى ، وشركات النفط تهادن شركات السلاح .
المهادنة لا تصنع تاريخا ولا وطنا ، ، وعلى المثقف ان يعرف ان تمسكه بالقانون المدني لا يخجله ، وان مجاراة التخلّف والتعصب والتطرف لا تصنع مجتمعا ، بل تسرّع في ردة الفعل المضادة .
من يحب فلسطين ، عليه ان يحب المواطن الفلسطيني . فما قيمة ان تهتف الدول باسم فلسطين وتسجن الفلسطينيين وتهينهم في المطارات وعلى كل الحدود .
ومن يحب وطنه وشعبه ، عليه ان يكف عن المهادنة والنفاق والتملق ومجاراة التخلف . وطالما ان جميع التنظيمات " تدّعي " انها تريد تطبيق القانون فليكن القانون هو الحكم بيننا . ولن يدمرنا ويعيدنا الف سنة للوراء سوى المهادنة والسكوت امام بعض الجماعات وبعض الرموز ( لغاية الان لا أعرف كيف صاروا هم أنفسهم رموزا لكل الانظمة ولكل الثورات ) .
أي مسؤول او جنرال او شيخ او رجل اعمال أو مثقف يأتي ويشرح لك ان ما يطلبه منك يجب ان تنفذه لمصلحة الدين والوطن . قل له : نحن في مجتمع ديموقراطي مبني على القانون وحرية الاختيار وليس في زريبة بمزرعة ابوك . وانت لك الحق في الاختيار والانضواء الحر وان تنتخب من تريد وتلبس ما يليق بك وتفكر كيفما تريد ، ونختم بعبارة الخليفة عمر بن الخطاب : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ؟