Haneen
2015-08-27, 08:53 AM
<tbody>
الاحد:7-6-2015
</tbody>
<tbody>
شؤون فتح
مواقع موالية لمحمد دحلان
(مقالات)
</tbody>
<tbody>
</tbody>
المواقع الإلكترونية الموالية لتيار دحلان
عنــــاوين المقــــــــــالات:
v ما (المصالح المشتركة بين إسرائيل وحماس) ؟
الكرامة برس /د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
v اليمن بين الماضي والحاضر
الكرامة برس /أيمن هشام عزريل
v في ذكرى النكسة: واقع واستراتيجية
الكرامة برس /أحمد سمير القدرة
v همسات لأذان صاغيه ..
صوت فتح/ د.ماهر جودة
v نكبة حزيران .. أجواء ما قبل الهزيمة..!
صوت فتح/ أكرم عطا الله
v اسرائيل: خشية من تحولات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضدها!!
صوت فتح/ هاني حبيب
v إسرائيل في القفزة الأخطر
صوت فتح/ يحيى رباح
v لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
امد/ مروان صباح
v الفـيـفـــا والعــلاقـــات المتبـادلـــة
امد/ حمادة فراعنة
v في الرؤية الجديدة : عبور الجسر
امد/ بكر أبو بكر
v المسكوت عنه ثماني سنوات
امد/ د.حسن السعدوني
v مرضى الفشل الكلوي بين مطرقة المعاناة وسندان الإهمال
امد/ أحمد يونس شاهين
v إحساس طبيبة بيطرية
امد/ د. مصطفى يوسف اللداوي
v حل السلطة الفلسطينية والخيارات البديلة !!!
امد/ منصور ابو كريم
v “وعد عريقات”!
فراس برس / حسن عصفور/
v المقاطعة توجع إسرائيل
الكوفية برس / عمر حلمي الغول:
مقــــــــــــــــــــــــــــ ـالات:
ما (المصالح المشتركة بين إسرائيل وحماس) ؟
الكرامة برس /د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
هذا التصريح من جنرال إسرائيلي هو أغرب تصريح سمعته. قال الجنرال (سامى تورجمان) - قائد اللواء الجنوبي- (إن إسرائيل وحماس تملكان أهدافاً ومصالح مشتركة، ولا يوجد بديل لحماس كسلطة سيادية فى قطاع غزة). وأوضح الجنرال ما يعنيه بالنقاط التالية:
-- أن البديل هو الجيش الإسرائيلي أو فوضى السلطة التى لا تقدر على فرض سلطتها هناك، حيث توجد تنظيمات متطرفة لا يلجمها إلا حماس.
-- أن السكان يرون فى حماس عنواناً (مرجعاً) لحل مشكلاتهم، ونحن أيضاً نريد عنواناً، وإلا سيصبح الموضوع الأمني أكثر إشكالاً.
-- كلا الطرفين يريدان الهدوء من أجل النمو والازدهار؛ فهم (أي حماس) يريدون هدوء المواطنين، وفى نفس الوقت تطوير الجانب العسكري - ولا نستطيع منعهم من ذلك - ولكنهم لا يريدون الجهاد العالمي، فهو يهددهم ويهددنا.
-- هناك مصلحة مشتركة فى أن لا تحدث أزمة إنسانية فى غزة.
(مقتبس من الشرق الأوسط فى 13-5-2001).
ما قاله الجنرال إنما هو تغطية لمصلحة مشتركة أكبر، لم يذكرها. فإن بقاء حماس صاحبة للسلطة المهيمنة فى غزة ومحافظة على هدنة هادئة وطويلة مع إسرائيل سوف يعزز الانشقاق الفلسطيني ويبقى الضفة الغربية تحت سلطة مهادنة متعلقة بقرارات دولية لا تنفذ، بينما الاستيطان يقضم الضفة تدريجيا حتى يجعل من إقامة دولة فلسطينية بحدود 67 دخاناً من غير نار وحلماً بعيد التحقيق. وهذا ما تريده إسرائيل، ولا يهمها بعد ذلك أن حماس لن تعترف بدولة إسرائيل، لأنها تتخذ من عدم الاعتراف ذريعة لرفض الاتفاق مع الفلسطينيين بشأن الدولة الفلسطينية. وتلك هي نقطة الالتقاء الرئيسية (أو المصلحة المشتركة الحقيقية) التى عناها الجنرال ولم يذكرها. كلاهما لا يريد دولة على جزء من أرض فلسطين لدوافع إيديولوجية مختلفة. إسرائيل تريد اغتصاب ما تسميه (أرض الميعاد) رويداً رويداً من خلال التوسع الاستيطاني، وتستفيد من عدم اعتراف حماس بها وتطرف برنامجها السياسي فى الادعاء بتهديد وجودها وأمنها وانتزاع الإمداد بالأسلحة الحديثة والدعم المالي والسياسي من حليفتها الكبرى: الولايات المتحدة.
فى إسرائيل يعيش الآن (2013) ستة ملايين إسرائيلي يهودي، ومليون ونصف عربي فلسطيني؛ أما فى الضفة الغربية فهناك (2,8) مليون فلسطيني وفى غزة (1,8) مليون فلسطيني؛ ويستوطن فى الضفة الغربية - بطريقة غير شرعية- (370) ألف إسرائيلي - وقد كانوا فى عام 2000 نصف هذا العدد. أما حماس فهي من جانبها لا تريد دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين، لأن ميثاقها الأساسي الذى يوجه برنامجها السياسي يعتبر كامل أرض فلسطين وقفاً لا يحق لأحد أن يتصرف فيه، وهدفها هو إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني. فعلى ماذا تعوّل حماس فى تحقيق هذا الهدف ؟ من منطلق كونها حركة إسلامية ناشئة من صلب جماعة الإخوان المسلمين، فقد تعوّل على تحقيق حلم دولة الخلافة الإسلامية، ومن منطلق كونها حزبا ذا برنامج سياسي فإنها قد تعوّل على أن يحدث انقلاب على السلطة كما حصل فى غزة عام 2007، وتنشأ دولة فلسطينية (مؤقتة) بحدود عام 67 إلى حين تحقيق الحلم. ثم ماذا ؟ هل هي ستحارب إسرائيل - أو تستفزها على الأقل كما فعلت فى غزة أكثر من مرة - وفى كل مرة تقوم إسرائيل بالتدمير والهدم والتقتيل أو
الاحتلال، ثم تبدأ الكرّة من جديد؟ أم تنتظر حماس قيام دولة الخلافة الإسلامية، ثم تمتشق سيف صلاح الدين الأيوبي لتحرير فلسطين ؟ هذا ليس استهزاءً، بل تعبيراً عن الابتعاد عن الواقع بتحويل الهدف إلى حلم، بدلاً من تحويله إلى واقع. وقد يتحول الحلم نفسه إلى كابوس إذا ظل اللاجئون فى مخيماتهم، والفقر والظلم ينغصان حياتهم، وعامة الشعب الفلسطيني محروم من نعمة الاستقرار والعيش فى وطنه آمناً موفور الكرامة.
سنسمع من يرفع شعار (حرب المائة عام) الذى قاله وطنيون عرب للحبيب بورقيبه ذات يوم، عندما نصحهم بالسلام مع دولة إسرائيل. وها قد مضت خمسون عاماً من تلك المائه، فهل أصبح وضع العرب والفلسطينيين أفضل حالاً ؟ واقع اليوم لا يؤكد ذلك. بالنسبة للفلسطينيين كانت هناك (منذ عام 1964) منظمة واحده تنطق باسمهم، هي منظمة التحرير الفلسطينية (أي قبل تأسيس حركة حماس بثلاث وعشرين سنة)، وزعيم واحد، هو ياسر عرفات، وتبنت المنظمه برنامجاً سياسياً واقعياً هدفه إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة؛ وحتى العرب اتفقوا على هذا الهدف (المبادرة العربية عام2000). أما الظهر العربي الذى كان يستند عليه الفلسطينيون فلم يعد قويا وصلباً، بل تضعضع، فلم يعد قادراً على إسناد نفسه، فكيف بغيره. صدام حسين غزا الكويت بدلاً من تحرير فلسطين، ومن بعده صارت إيران تحكم العراق من خلال عملائها، والشعب السوري يواجه الإبادة من حكامه (أبطال الصمود والتصدى!)، ولبنان ممزق بين طوائفه، ومصر شبعت من خوض حروب خاسرة، وهي مشغولة الآن بمحاربة أعدائها فى الداخل. وإسرائيل من ناحية ثانية دمرت مفاعل العراق الذري (عام1981) ومواقع مشروع مفاعل ذري فى سوريا (2007) ولم يقابل ذلك ردود فعل مكافئة. وكذلك دمرت إسرائيل البنية التحتية فى لبنان ومواقع حزب الله فى حرب (2006)، حتى أن حسن نصرالله تمنى - لو علم أن ذلك سيحدث - لو لم يستفز إسرائيل. ودمرت إسرائيل كذلك البنية التحتية فى غزة وهدمت المساكن على رؤوس أهلها فى عامي (2008 , 2014) رداً على إطلاق حماس لصواريخ على المدن الإسرائيلية. وهكذا فإن أهداف المواقف الثورية إذا اختزلت إلى مجرد إعلان بطولات وتسجيل مواقف أتت بنتائج عكسية تصب فى مصلحة العدو، ويكتوي بنارها الشعب المغلوب على أمره.
إن مصلحة حماس يجب أن تلتقى مع مصلحة الشعب الفلسطيني، وهي تخليصه من البؤس الذى يعيشه والبؤس الذى يحيط به؛ من خلال دولة فلسطينية فيديرالية (اتحادية) تقام على الضفة الغربية وقطاع غزة بحدود 67، إن هذا يتطلب من حماس أن تعيد النظر فى برنامجها السياسي غير الواقعي، وأن توحد أهدافها مع السلطة فى رام الله، بحيث تكون هناك مرجعية فلسطينية واحدة. إن ذلك سيقضى على ظاهرة التمزق والتخاصم المؤلمة والمزمنة، وسيحقق اعتراف العالم بدولة فلسطين وسيبطل حجج إسرائيل فى الاستيطان ويهودية الدولة (باعتبار ذلك عملاً عنصرياً).
إن واقع دولة فلسطينية تقام بحدود 67 سوف ينهى الوضع المأساوي لشعب فلسطين، ويمكّنه من أن يعيش حرّاً مستقلاً وآمناً؛ بل سيجعل المنطقة كلها مستقرة وآمنة من اتخاذ بعض الدول والحركات المتطرفة القضية الفلسطينية ذريعة لبسط نفوذها وهيمنتها على شعوب المنطقة، وكلما طال أمد القضية ازداد الرقص على أنغامها الحزينة؛ وهنا تلتقى المصلحة المشتركة بين إسرائيل والدول والحركات المتطرفة فى استمرار مأساة الفلسطينيين وتعطيل قيام الدولة الفلسطينية.
اليمن بين الماضي والحاضر
الكرامة برس /أيمن هشام عزريل
اليمن وعبر تاريخه الطويل، والمعاصر، شأنه شأن باقي الدول العربية هيمنت عليه تحالفات وقوى خارجية، كان هدفها سلب مقدرات ذلك البلد، وإرثه التاريخي، خرجت أصوات شعبه تطالب بالحرية، والاستقلال، والمستقبل، والوحدة، بعد انقسام طال وقتاً طويلاً، أحدهما شمالي، والآخر جنوبي، لأن طبيعة السياسة التي يشهدها اليمن عبر تاريخه السياسي، ومع ما ينطوي على الحياة السياسية من قوى، وأحزاب، بدأت تأخذ بعداً مختلفاً فرضتها ظروف التقسيم على تلك المسيرة، ودور الحركات الوطنية، حيث كان لكل من شمال اليمن، وجنوبه نطاقه الجغرافي، وحدوده السياسية، ونظامه السياسي، وبنيته الاقتصادية، كما لطبيعة النظامين في كلا الشطرين أجندة مختلفة عن الأخرى في الخصائص السياسية، والجذور الفكرية، والأيديولوجية، والتطلعات السياسية، قبل أن تتهيأ الأوضاع لتحقيق، وحدته الاندماجية.
والسياسية اليمنية في الشمال كذلك الحال في الجنوب تتأثر، بالتوازنات الإقليمية، والدولية، التي أفرزها الواقع الدولي، وخصوصاً اعتبارات بعض القوى الفاعلة في إقليم الخليج والجزيرة العربية، وما فرضته الأحداث، والتحولات السياسية الكبرى، التي شهدتها حقبة ما بعد الحرب الباردة من حقائق، ومعطيات جديدة كانت لها أثارها العكسية على الساحة السياسية في تلك المنطقة، والتي تمثلت بظهور حراك سياسي اجتماعي، فضلاً عن دور المنظمة الدولية في إقرار مبدأ التدخل الإنساني مطلع تسعينيات القرن الماضي، إذ أضحت قضية الديمقراطية، وحقوق الإنسان، مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي، والدعوة إلى التحديث، والإصلاح السياسي.
ومنذ قيام الوحدة بين الدولتين عام ١٩٩٠، وما تلاه من تعديلات دستورية في البلاد، كانت نقطة تحول في الحياة اليمنية السياسية، إذ بدأت الحركات الوطنية في البلاد باتجاه الاقتراب من التعددية، والمشاركة السياسية، والذي تعزز فعلياً، ودستورياً من خلال صدور دستور واحد للدولة، وإقرار قانون القوى السياسية في إطارها، وإجراء أول انتخابات رئاسية، وبرلمانية نقلت البلاد من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية، والسياسية، ثم واجهت دولة الوحدة تحديات جديدة في السنوات اللاحقة أملتها ظروف داخلية تمثلت بصراع الشركاء السياسيين على السلطة، وأخرى خارجية تمثلت بطبيعة التوازنات الإقليمية، والدولية، والتي ألقت بظلالها على الحياة السياسية برمتها، وكادت أن تعصف بالتجربة الديمقراطية، وبالتعددية السياسية، وحتى بتجربة الوحدة التي ولدت من خلالها تلك التجربة.
وقد كان العامل الخارجي المتمثل بالدور الأمريكي حاضراً في التطورات السياسية التي جرت في اليمن في السنوات الأخيرة، وتبدو تجليات ذلك في حالة الحرج التي بدت على صانع القرار الأمريكي في اختلال المعادلة السياسية في هذا البلد نتيجة الضغوط التي أملتها معادلات الربح والخسارة في إطار منظومة المبادئ من جهة، والمصالح من جهة أخرى في التعاطي مع نظام الرئيس صالح المتمسك بالسلطة من جهة، والمعارضة المتمثلة بأغلب أطراف جبهة اللقاء المشترك الساعية لإزاحة الرئيس صالح عن السلطة من جهة أخرى.
إن النقلة النوعية في حياة اليمن السياسية تزامنت مع إعلان دولة الوحدة، وهي الأخرى جاءت بفعل متغيرات إقليمية وداخلية عجلت من قيامها، إذ سجل إعلان الوحدة انعطافة تاريخية باتجاه تطبيع الديمقراطية، والمشاركة السياسية، وإن الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال المرحلة الماضية قد أسهمت في انتهاء حكم الحزبين الحاكمين (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي).. وبذلك يدخل اليمن أول مرة في تاريخه السياسي مرحلة التعددية الحزبية، وقد تعزز ذلك من الناحية الفعلية، والدستورية من خلال صدور دستور دولة الوحدة، الذي منح حق التنظيم السياسي، وحق الأحزاب، والتنظيمات السياسية ممارسة نشاطها إلى جانب الحزبين الحاكمين ثم صدور قانون الانتخابات البرلمانية الذي أقر عام ١٩٩٢، وإجراء أول انتخابات عام ١٩٩٣، تلتها انتخابات عام ١٩٩٧، النيابية بعد إنهاء الحركة الانفصالية التـي فجرها قادة الجنوب عام ١٩٩٤، ثم انتخابات عام ١٩٩٩، تلتها الانتخابات الرئاسية، وكان آخرها انتخابات عام ٢٠٠٦، الرئاسية التي فاز فيها الرئيس علي عبد الله صالح.
إن المتغيرات، والأحداث التي شهدها النظام السياسي الدولي منذ نهاية عقد الثمانينيات نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي، وكتلتـه الشـرقية–بآثارها السلبية، والإيجابية على شطري اليمن، قد عجلت من قيام دولة الوحدة التي بدأت إرهاصاتها الأولى مطلع سبعينيات القرن الماضي بين مد وجزر، تلك الوحدة فضل خيار الديمقراطية، والمشاركة السياسية موحداً سياسياً التي صنعت نظاماً إذعاناً لمتطلبات الوضع السياسي الدولي، وركوب موجة الديمقراطية التي عمت مناطق كثير ة من العالم الثالث.
ناهيك عن طبيعة التفاعلات العربية، والتوازنات الإقليمية المطلوبة في النظام الإقليمي العربي، لابد وأن تدفع باتجاه قيام الوحدة اليمنية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن قادة اليمن الجنوبي أصبحوا خارج تلك التفاعلات مما ولّد الشعور بالعزلة بعد أن فقدوا سندهم الدولي الاتحاد السوفياتي.. مفضلين خيار الانضمام إلى دولة الوحدة.
غير أن اليمن في الوقت الراهن يعيش تحت وطأة أزمات داخلية، وصراعات سياسية من نوع آخر منذ عام ٢٠٠٤، تلك الأزمات التي قد تعصف بوحدته، واستقراره بدءاً بالصراع العسكري الذي يدور بين الحكومة اليمنية، والحوثيين بالحراك
السياسي في الجنوب، وسعي بعض قياداته للانفصال عن الشمال، وانتهاءاً بالأزمة الأخطر، المتمثلة بعودة الجماعات المسلحة، التي صعدت من عملياتها منذ عام ٢٠٠٠، بالهجوم على المدمرة (كول) الأمريكية، حتى وصل الحال إلى حد إعلان اليمن مقراً لقيادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
إن التمرد الذي يجري في الشمال، والحراك السياسي في الجنوب، ما كان ليفعل فعله لولا وجود دعم، وتأييد خارجي من قوى إقليمية، ودولية لها أجنداتها المختلفة، ساهمت في إثارتها بين الحين والآخر، ولاسيما الصراع الدائر مع الحوثيين..وفي مقدمة هذه القوى دون شك–إيران، والولايات المتحدة، والسعودية، ومعها دول الخليج العربي–في إطار صراع المصالح الدائر بين تلك القوى، مما سيلقي بظلاله في المستقبل المنظور على الحياة السياسية اليمنية.
في ذكرى النكسة: واقع واستراتيجية
الكرامة برس /أحمد سمير القدرة
في الخامس من يونيو قبل ثمانية وأربعين سنة, وضمن جولات الصراع العربي – الإسرائيلي, اندلعت الحرب الثالثة بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا ولبنان, والتي سبقتها حرب الـ 48 والعدوان الثلاثي على مصر في الـ 56, وقد كان من نتائج الحرب الثالثة في الـ 67 أن منيت القوات العربية بالهزيمة, واقدمت القوات الإسرائيلية على احتلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وسيناء, وتشريد ونزوح وتهجير الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة.
في أعقاب الحرب عقدت جامعة الدول العربية قمتها الرابعة في شهر أغسطس في مدينة الخرطوم, والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاثة (لا صلح لا اعتراف لا تفاوض), وتمسك المؤتمرون بهذه بالثوابت وعدم التنازل عنها إلى أن تعود الحقوق إلى أصحابها!!. كما أن مجلس الأمن في شهر نوفمبر من نفس السنة أصدر القرار رقم 242, والذي كان بمثابة حل وسط لمجموعة من مشاريع القرارات والمقترحات التي تم طرحها للنقاش بعد الحرب والهزيمة, والذي نص صراحة على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت إثر الحرب, وما لفت الانتباه آنذاك أن كلمة الأراضي التي وردت في القرار قد جاءت في الترجمة الانجليزية أراضي, وفي نص الترجمة الفرنسية الأراضي, فالأولى غير ملزمة بالانسحاب الكامل من الأراضي التي تم احتلالها, والانسحاب الجزئي من بعض الأراضي التي تم احتلالها, أما الثانية فهي تؤكد على ضرورة الانسحاب الكلي من الأراضي التي احتلت, وهو ما تؤكد عليه الدول العربية وتعارضه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
منذ أن أقدمت إسرائيل على احتلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس, شرعت في استكمال سياستها الاحلالية العنصرية القائمة على الاستلاء على الأراضي وطرد السكان منها ومصادرتها وإقامة المستوطنات على تلك الأراضي من خلال المشاريع الاستيطانية كمشروع ألون ومشروع فوخمان ومشروع شارون الأول والثاني وغيرها من المشاريع والتوسع والتمدد المستمر في تلك المستوطنات, إلى جانب إقامة جدار الفصل العنصري الذي أقيم على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية, والاستمرار في انتهاك المقدسات وأعمال الحفريات المستمرة حول وأسفل المسجد الأقصى, وسياسة تهويد الأماكن والمقدسات لطمس الهوية والتراث العربي عن تلك الاماكن والمقدسات, وسعيها للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, بالإضافة إلى تنفيذ الجرائم والاعتداءات والاعتقالات بحق أبناء الشعب الفلسطيني والانتهاك الممنهج للحقوق الفلسطينية, بالتزامن مع الرفض الصارخ وغض الطرف والضرب بعرض الحائط لكافة القوانين والقرارات الدولية الشرعية الداعمة والمساندة للقضية الفلسطينية, والانتهاك المستمر للقوانين والمعاهدات الدولية وارتكابها لجرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي. في شهر سبتمبر 2005 أقدمت إسرائيلي على فك الارتباط من جانب واحد و الانسحاب من قطاع غزة بعد احتلال استمر 38 سنة, وهذا الانسحاب عائد لأسباب سياسية واقتصادية وديمغرافية, تصب جميعها في استهداف المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية, وتقويض فرص إقامة الدولة الفلسطينية بالفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة, من خلال سياسة فرض الوقائع على الأرض باستمرار مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني وبناء جدار الفصل العنصري, وبالرغم من الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة, إلا أن القطاع مازال خاضع للاحتلال والسيطرة الإسرائيلية, من خلال فرض الحصار والتحكم بالمعابر والانتهاكات المستمرة براً وبحراً وجواً, والاعتداءات المتسمرة وارتكاب المجازر من خلال الحروب الثلاثة التي نفذتها تجاه غزة والتي كان آخرها
في صيف 2014. إذ أن هذه السياسة التي أصبحت استراتيجية إسرائيلية ثابتة لم تكن لتستمر وتتجذر لولا الدعم والمساندة السياسية والقانونية والعسكرية الأمريكية لإسرائيل, والصمت والتراجع العربي.
واستذكاراً لمجمل القرارات والمبادرات والمشاريع التي طُرحت سواء عربياً أو إقليمياً أو دولياً من أجل التوصل لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي, بعد حرب يونيو1967 فقد اصدر مجلس الأمن القرار رقم 242, كما صدر القرار رقم 338 بعد حرب 1973, ومن ثم عُقد مؤتمر مدريد عام 1991, وفي عام 2002 أطلقت الجامعة العربية مبادرة السلام العربية, ومن ثم خارطة الطريق التي قدمت من قبل اللجنة الرباعية في ديسمبر 2002, كما تقدمت الدول العربية بمشروع لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في نهاية سنة 2014, ويتم في الوقت الراهن العمل لصياغة مشروع لتحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي من قبل فرنسا, هذا بالإضافة إلى جولات المفاوضات المتعددة بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي منذ اتفاقية أوسلو والتي كان آخرها في 2014 والتي كسابقاتها منيت بالفشل لاستمرار التعنت والرفض الإسرائيلي لكافة المطالب والحقوق الفلسطينية, كما أن كافة القرارات التي صدرت من قبل مجلس الأمن لم يتم تطبيق أي منها, وكافة المبادرات والمشاريع اصطدمت بالتعنت الإسرائيلي والاصطفاف والمساندة الأمريكية لإسرائيل.
وأمام هذا الواقع واستمرار السياسة الإسرائيلية المتعاقبة, والخطر الذي بات يهدد القضية في ظل العنصرية والتطرف التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية, وفشل كافة المساعي العربية والإقليمية والدولية لتحريك عملية السلام للتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية, ومع استمرار التحديات التي تتعرض لها القضية جراء ما يشهده الإقليم من تحولات وتغيرات جيواستراتيجية, فقد تبنت القيادة الفلسطينية استراتيجية التصادم والاشتباك والمواجهة الدبلوماسية من خلال التوجه للمحافل الدولية لانتزاع الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, فتم الاعتراف بفلسطين دولة عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2012, والانضمام للعديد من المنظمات والهيئات والمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات الدولية, والتوقيع على ميثاق روما والانضمام للمحكمة الجنائية الدولية, وهذا يأتي ضمن الاستراتيجية الفلسطينية التي تبنتها القيادة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي من خلال تدويل القضية الفلسطينية, وهذه الاستراتيجية ترتكز على استصدار قرار من مجلس الأمن ينهي الاحتلال للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية, والتأكيد على أن مرجعية السلام هي مبادرة السلام العربية, وضرورة تنفيذ إسرائيل لكافة قرارا الشرعية الدولية, فقد حققت هذه الاستراتيجية خلال الفترة السابقة ثورة في البرلمانية الأوروبية حينما صوتت بالاعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية واعتراف السويد بالدولة الفلسطينية, وحملة المقاطعة التي تمارس ضد إسرائيل من قبل دول أوروبية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأكاديمياً, إلا أنه لا يمكن لهذه الاستراتيجية والمساعي والجهود التي تبذل داخلياً وخارجياً من أن تحقق أهدافها طالما أن الانقسام الفلسطيني مازال مستمر, وطالما أن هناك تشكيك حول التحركات التي تبذلها القيادة والسلطة الفلسطينية والاشتباك السياسي والاعلامي بين أطراف الانقسام, واستمرار لهذه الاستراتيجية وتفعيلها فالمطلوب هو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية, والاتفاق الشامل بين كافة المكونات الفلسطينية على استراتيجية وبرنامج وطني شامل وفق رؤية وطنية مشتركة وتوحيد القرار السياسي الفلسطيني, لمواجهة التحديات والمشاريع التي يتعرض له المشروع الوطني الفلسطيني.
همسات لأذان صاغيه ..
صوت فتح/ د.ماهر جودة
الأخوة المناضلين أبناء حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هيكلاً رسمياً فاعلاُ و جماهير عريضة مناضلة : سأبدأ حديثي مستأذنكم وليس مسقطاً عليكم ما أريد وليس بمنطوق الصليب الأحمر في انهائه للخلافات بين الفرقاء بل بمنطوق أنني ابناَ وفياً لهذه الحركة، أعتز بماضيها وأثمن حاضرها وأتمنى المستقبل الزاهر لها في قيادة الشعب الفلسطيني لاستكمال المشروع الوطني وهو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، ودحر الاحتلال، ولا أرى غضاضة في أن نطرح طرحاً جديداً وحواراً فتحاوياُ جاداً ومعمقاً ومغايراً فالهدف منه هو رأب الصدع داخل هذه الحركة العريضة
المكافحه المجاهدة التي تحملت الكثير لما له من مصلحةً لأبناء هذه الحركة، وكذلك بما يعود بالفائدة المرجوة على الشعب الفلسطيني في إنفاذ وتحقيق مطامحه في التحرر والاستقلال بدلاً من الانخراط والاندماج في خلافات جانبية وهامشية فرعية .
أعتقد أننا لا نتحدث بالألغاز أو بالإيماءات بقدر ما نريد أن نفكر سوياَ بصوت عالِ في خلافات الحركة الداخلية بين وجهة نظر سيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن ) رئيس السلطة الوطنية الفلسطنية ورئيس اللجنة المركزيه لحركة فتح وبين والأخ المناضل محمد دحلان (أبو فادي )عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مع أن الخلاف ليس ابتداع أو اختراع بل هوا ديدن الحركات والفصائل الفلسطينية نتيجة للتنوع الفكري داخلها ولكن الخلاف يكبر ويتمدد أمام أعيننا وتعدى رؤية الأخوين في الخلاف بقدر ما استشرى في القاعدة، فرأينا ونرى كل يوم الاصطفاف غير المقنع حتى لأصحابه لدرجة المغالاة فيه من خلال تجمعاتنا وانتخاباتنا الداخلية، لدرجة أننا قد وصلنا إلى التحدث بلغة ليس فيها استفادة بل إذكاءً وتأكيداً للخلاف، فبعد كل انتخابات نسمع أنه في المنطقة كذا لهم ثلاثة ولنا أربعة وفي الإقليم الآخر لهم رقم ولنا رقم ، وحتى عندما يكون تنافسنا مع الغير نسمع نفس اللغة، مما يكرس مبدأ تقسيم المقسم وتجزئة المجزئ والباقي عندكم .
لا نريد إخواني الإسهاب في التشخيص فجلنا بارعين في هذه المهارة، وكثيراً نحن ما نمارسها في أحاديثنا ونقاشاتنا . وكثيراً ما نسمع المحاولات الخليجية أو المصرية لإنهاء الخلاف محورها العين على "أبو مازن" والقلب مع "أبو فادي"، وأخيراً كانت في لبنان واستشعرنا من الجميع الترقب بإيجابية ما سينتج عنه الحوار .
أعتقد إخواني الكرام في علم التفاوض وفي حدود علمي طالما الفريقين قد قبلا الجلوس حتى في وجود وسيط إذاً على الأقل هناك أكثر من 50% قبولاً لرؤية الآخر وإقرارها في إنهاء الخلاف وهذا أمر جيد يبنى عليه . لكن للأسف و هذا ما يحزنني وما دعاني للكتابة الذين يرقبون الحدث التفاوضي والخلاف من مشجعي ومناصري الفريقين ومن على أطرافهما من الطفيليين وهم قله الذين تم الاصطلاح عليهم بأنهم المعتمدون والمستفيدون والمسببون للمرض وكذلك المسؤولون عن انتشاره لما لهم من مصلحة ضعيفة في ذلك يتم تناوله على استحياء، وكأننا عاجزون على أن ندفع ونسجل وقفة جادة في إنهاء الخلاف امتثالاً لقوله تعالى ( ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) وأن نكون كتلة ضاغطة على الفريقين لرص الصفوف داخل مؤسسات الحركة وأكثر من ذلك في التئام الجرح بين أبنائها .
لذا فإنني أتمنى على الجميع وأثق بشجاعتكم وقدراتكم وأثمن نضالكم في أن نعيد التفكير في استراتجية يكون لنا نحن القاعدة دور واضح وحقيقي لما يتناسب مع طبيعة وضعنا الحساس وتحديداً في قطاع غزة ولا ننتظر تعليمات أو تعميمات من هنا وهناك ،لأن القاعدة دائماً هي المرتكز والأساس ّ الحقيقي لنقوم بمد جسور الثقة من جديد وبطريقة عكسية إلى رأسي الهرم، ولو أني لم أسمع رياضياً عن هرم برأسين . لكن في الخلاف قد يكون له عدة رؤوس .
فلعل وعسى أن يكون نهاية بلا رجعة في هذا الخلاف الذي بدأ شخصياً وتمدد سريعاً حتى أصبح مجتمعياً .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ ملاحظة : كل أرائكم في هذا الموضوع هي اراء وطنية تحترم وستكون رافعه في انهاء الخلاف ودمتم
نكبة حزيران .. أجواء ما قبل الهزيمة..!
صوت فتح/ أكرم عطا الله
تبدو العودة إلى ما حدث قبل نصف قرن من كابوس لم تستفق الأمة العربية منه، بعد كل هذا الوقت الطويل، ما يشبه العبث في جرح غائر لم يندمل برغم الزمن، ولكن هذه العودة ضرورية لأن القرار العربي بعد كل هذا التاريخ يعود لنقطة الصفر، مطالباً بما كان يعتبره هزيمة للأمة عندما احتلت إسرائيل مساحة 78% من فلسطين التاريخية، وتتبدى هذه الضرورة أكثر
ونحن نقف على مسافة من تلك الذكرى الكئيبة، لنعرف أن الشعب الفلسطيني دفع عشرات آلاف الشهداء على امتداد ثورته الحديثة، محاولاً استعادة هذا الجزء الذي كان بيد العرب، قانعاً هذا الشعب أو خانعاً.
فقد تحول هذا الذي كان ممكناً إلى حلم لدى الفلسطينيين بعد كل هذه التجربة الطويلة، وعلى وشك أن يتلاشى؛ لأن ما حققته إسرائيل أبعد من طموحاتها وأحلامها حين اكتشفت اكتمال سيطرتها على الضفة الغربية أمام صمت العالم وتجاهل العرب لم تعد مستعدة لإعادتها .. تماماً كما حدث صبيحة انتصارها عام 67 فقد كان قادة إسرائيل وجنرالاتها مأخوذين بنشوة اللحظة، غير قادرين على استيعاب حجم ما تحقق، وعندما أفاقوا من صدمة النصر هالهم أن «انتصارهم أضخم من أن يكون حقيقياً» كما قال رئيس أركان الحرب حينها إسحق رابين.
فقد احتلت إسرائيل أضعاف المساحة التي احتلتها عام 48، وإذا كانت عند إقامتها اعتدت على أراضي دولة واحدة هي فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني؛ ففي حزيران 67 استولت على أراضٍ من ثلاث دول عربية كانت مستقلة في قرارها وجيوشها.
فلا تقل كارثة 67 عن كارثة 48 فقد تبددت حينها أمال العرب بهزيمة إسرائيل، بل إن إسرائيل رسخت نفسها كدولة قوية، بعد أن ظل ذلك مدعاة للشك طوال عقدين، ليس لدى الفلسطينيين والعرب فحسب، بل حتى بالنسبة لليهود والعالم، الذين لم يحزموا حقائبهم فور إقامة الدولة، ولكن بعد تلك الحرب أصبحوا أكثر يقيناً أن هناك جيشاً قادراً على حمايتهم ودولة باقية.
أثير، سابقاً، جدل حول تسميتها بالنكسة على الرغم من ضخامة الكارثة التي تجاوزت بكثير من المقاييس سواء من حيث بقاء الدولة أو انكسار الحلم الفلسطيني أو من حيث ضياع ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، فلماذا الأولى النكبة والثانية تم تخفيف وقعها سميت بـ «النكسة»؟ لقد قدم بعض الكتاب المصريين تفسيراً لذلك، هو أن من أطلق عليها لقب النكسة هو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي كان أحد مستشاري الرئيس جمال عبد الناصر، ولأنه من دائرة القرار ويتحمل المسؤولية عمد إلى تخفيف وطأة الكارثة.
لكن المثير بالعودة إلى تلك الهزيمة هو الأجواء التي سبقتها، والتي كشفتها جملة من الوثائق الإسرائيلية ومحاضر الاجتماعات التي أفرجت عنها إسرائيل، نهاية تسعينيات القرن الماضي، بعد مرور ثلاثة عقود على الحرب.
ففي الوثائق ما يكشف عن المقدمات التي أفضت إلى النتائج، باعتبار أن سياقات الأحداث في حركة التاريخ مترابطة إلى الحد الذي يكفي أن تقرأ أحد أجزائه لتطل على الآخر، فالماضي هو مقدمة الحاضر والحاضر هو امتداد لهذا الماضي، وكلاهما يشكلان مفتاح وخريطة المستقبل.
إن من يقرؤون الحاضر باندهاش مما حدث أو يحدث في الإقليم، بالتأكيد تعوزهم الثقافة لقراءة الماضي القريب والبعيد، والذين كان لديهم أمل في بدايات اضطراب المنطقة والدول المحيطة بما عرف بالربيع العربي، لم تكن لديهم القدرة على الربط بين ماضٍ شكل بكل تفاصيله وصراعاته وخياناته وانكساراته ومستوى ثقافته مقدمة لحاضر دام هو امتداد طبيعي لذلك الإرث، وما يمكن أن يخبئه الأول والثاني لمستقبل المنطقة التي تتفتت بشكل يثير الحزن بدرجة أكبر حتى من النكبة والنكسة في عواصم، انعقد عليها الأمل ذات يوم لإزالة آثار العدوان، أو هكذا رفعت شعارها، لتجد نفسها على وشك أن تزال من الخارطة، هكذا حصل لبغداد ودمشق وكاد يحدث لمصر ..
إن العودة للوثائق وهي كثيرة، بالرغم من أن الكثير أيضاً لم ينشر بعد، وما زال حبيساً في ملفات الأمن الإسرائيلي، تحت تصنيف سري للغاية، لكن ما تيسر يمكن أن يغطي الكثير من الخفايا التي تبرر أو تعترف بأجزاء من أسباب الهزيمة المذلة، وجوانب الضعف لدى الدول والجيوش العربية، وعلى الجانب الآخر عوامل القوة لدى الإسرائيلي ومنها:
1- أن إسرائيل اتخذت قرار الحرب مع نهايات عام 66، وأكثر من وثيقة اجتماع تشير إلى ذلك، بعد أن تمكنت من تصنيع القنبلة النووية التي تضمن حسم الحرب لصالحها إن اضطرت لاستعمالها، وهذا أنجزته خلال عقد ونصف منذ اتخاذ القرار عام 49، فيما كان العرب مشغولين بانقلابات وصراع سلطة.
2- عندما كان النقاش صاخباً في دوائر المؤسسة الإسرائيلية وهي تناقش قرار الحرب وتحدد الأهداف والوسائل، فمثلاً، كان مصطلح اصطياد مصر بـ»الرمح»، وسورية بـ»الشبكة»، أي أن المطلوب أن تجرح مصر وتنزف ..
من يقرأ الوثائق يجد قدراً كبيراً من الاستخفاف بالجيوش العربية وثقة أكبر بالنفس وبالجيش الإسرائيلي، فمنذ كانون الأول 66، كانت النقاشات تتركز ليس على «هل»، بل على «متى» و»كيف»، وفي الوقت الذي كانت تعتبر المؤسسة أن جيش إسرائيل قادر على الانتصار بلا شك، كانت تعرف أن مخازن السلاح الروسية مفتوحة بالمقابل للجيوش العربية، مثل جيشها الذي فتحت له مخازن أخرى، وقد ثبت أن لذلك الاستهتار ولتلك الثقة ما يؤكدهما.
3- قالت الوثائق: إن اثنين من الزعماء العرب كانا ينتظران فرصة القضاء على الجيش المصري بعد استنزافه في اليمن، كانت قيادات إسرائيل السياسية والعسكرية تدير خلافاتها وفقاً لأصول المؤسسة وبدافع الحرص على الدولة أو ما تسميه «الأمة اليهودية»، فيما الأمة العربية تطعن بعضها من الظهر.
4- إن هناك قدراً كبيراً من الجهل لدى العرب في إدارة معاركهم وأجهزة دولهم وحتى تحليل المعلومة والعلاقات الخارجية، فيما على الجانب الآخر قدر من الدهاء أدارت به إسرائيل مقدمات حربها، بدءاً من جهوزية الجيش وأجهزة الأمن وحتى الصحافة، وصولاً لتغيير الموقف الأميركي الذي كان يرفع بطاقة حمراء في وجه إسرائيل، حتى لا تقوم بشن عدوان إلى تغييره للون الأخضر وتغطيته حتى، وكذلك الانتقال السلس من الغطاء الفرنسي للغطاء الأميركي.
العالم العربي اليوم ليس أفضل حالاً بعد كل هذا الزمن الطويل من الانكسار، لكن اللافت أن الجيوش العربية يتم اصطيادها الآن ليس بالرمح أو بالشبكة ولكن بالسيوف وبدعم من دول عربية أخرى ..
الجيش العراقي تفكك والجيش السوري ينزف بشدة فيما الجيش المصري يستدرج في رمال سيناء، هذه كانت أحد تقديرات القوة الإسرائيلية نهاية العام الماضي، وهي تبشر بعوامل القوة الإسرائيلية مطلع العام الجديد في تقرير الأمن السنوي.
إذا كانت المرحلة، التي سبقت حزيران، مشكوكة بالضعف العربي، الآن نحن أمام انكشاف خطير بعد عملية تفكيك الدول والجيوش، هذا أكبر مما أرادت إسرائيل، أو كما قال رابين، ذات يوم حزيراني كئيب وهو يحتفل بالنصر: too good to be true، شيء لا يصدق .. إنها النكبة الثالثة..!
اسرائيل: خشية من تحولات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضدها!!
صوت فتح/ هاني حبيب
للمرة الثانية خلال فترة قصيرة، يلمح البيت الابيض الاميركي، ان الولايات المتحدة، لن تستخدم حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن، لصالح اسرائيل بصورة تلقائية، كما فعلت دائما طوال العقود الماضية، عندما استخدمت هذا الحق بشكل دائم، بصورة اتوماتيكية، ضد اي قرار دولي ينال من اسرائيل ويدين جرائمها، ظل «الفيتو» الاميركي سيفاً مسلطاً على المجموعة الدولية بشكل عام، والقضايا العربية والفلسطينية على وجه الخصوص، كلما كان هناك مشروع مقدم الى مجلس الامن، يفضح اسرائيل ويدين جرائمها المتوالية، وما يشكله هذا المقترح المتكرر من قبل واشنطن حول هذه المسألة، انما هو اعتراف لا اوضح، بأن واشنطن استخدمت هذا الحق، على وجه ينال من العدالة الدولية ويشكل انحيازا سافرا ضد الحق والعدل.
يثير هذا التصريح، المتكرر، العديد من التساؤلات، فيما اذا كانت واشنطن باتت تشعر بحرج متزايد نتيجة لوقوفها السافر دعما للارهاب الاسرائيلي، وفيما اذا كانت اميركا، حقا، ستعيد النظر باوجه استخدام هذا الحق، عندما يتعلق الامر باسرائيل، ام ان هذا التصريح، مجرد اداة من ادوات الضغط، على ضوء توتر العلاقات بين البيت الابيض والادارة الاسرائيلية برئاسة نتنياهو؟!
وللتذكير، ففي الوقت الفاصل بين التصريحين الاميركيين حول هذه المسألة مارست واشنطن المزيد من الضغوط على باريس، كي تؤجل هذه الاخيرة، التوجه الى مجلس الامن بمشروع قرار ينطوي على اجبار اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبالفعل رضخت فرنسا لهذه الضغوط، مبررة ذلك بالانشغال حاليا بالملف الايراني، الامر الذي يشير الى ان واشنطن، رغم تصريحها بشأن حرجها من المواقف الاسرائيلية واعادة النظر باستخدام «الفيتو» الا انها
ما تزال، على سياستها بدعم اسرائيل، وكل ما تفعله هو انقاذها من براثن اي قرار من الممكن ان يصدر عن مجلس الامن، والضغط الاميركي، على فرنسا بهذا الصدد، محاولة للتهرب من الاحراج الذي ستقع تحت طائلته، لو ان فرنسا اقدمت فعلا على التقدم بمشروعها الى مجلس الامن، واضطرار اميركا، بطبيعة الحال، التخلي عن مضمون تصريحها، والوقوف الى جانب اسرائيل باستخدام حق النقض «الفيتو» ضد المشروع الفرنسي، واستجابة باريس لهذه الضغوط وفرت على واشنطن خضوعها للامتحان والاختبار، حول صدقيتها بمضمون تصريحاتها.
مع ذلك، لا يجب التغاضي عن اهمية التصريح الاميركي المشار اليه، اذ انه يمنح المعارضة الاسرائيلية سلاحا بالغ الاهمية، سيتعلق باتهام موضوعي، لحكومة نتنياهو بانه يعرض امن اسرائيل للخطر، بينما تؤدي سياسته التوتيرية مع البيت الابيض، الى دفع الحليف الاستراتيجي الوحيد الموثوق، للتخلي عن معارك اسرائيل السياسية، وتركها وحدها عرضة لمزيد من الحصار السياسي والعزلة الدولية، فيما اسرائيل تخسر المزيد من الحلفاء(!) فان دولة فلسطين وفي نفس الوقت تكسب العديد من الاعترافات والتأييد من قبل الرأي العام الاوروبي، من خلال تصويت برلمانات اساسية لصالح رفع حكومات اوروبا للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية.
ويبدو للوهلة الاولى ان التصريح الاميركي حول استخدام حق النقض، يأتي في اطار التوترات المتزايدة بين البيت الابيض وادارة نتنياهو - كما سبق اشرنا - غير ان هناك بعض المؤشرات التي تشير الى ان هذا التصريح، يعود، ولو جزئياً ، الى متغيرات ذات اهمية لدى الرأي العام الاميركي تجاه اسرائيل، خاصة اثر بعض المواقف التي اتخذتها بعض الجامعات ومراكز الابحاث الاميركية، بمقاطعة نظيراتها في اسرائيل، خاصة تلك الجامعة الرسمية التي اقامتها اسرائيل في احدى مستوطنات الضفة الغربية، غير ان اهم مؤشر في هذا السياق، ان تيارا داخل الحزب الديمقراطي بات يسهم علنا في انشطة BDS حركة المقاطعة الدولية لاسرائيل التي تعتبر اكبر مصدر قلق لاسرائيل نظرا لسعي هذه الحركة، بشكل معلن، لنزع الشرعية الدولية عن الكيان الاسرائيلي، هذا التيار داخل الحزب الديمقراطي، اخذ يتعاطى بنشاط مع جهود هذه الحركة، ما تخشاه اسرائيل تزايد هذا التيار، وتأثيره على الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية، اذ قد يضطر المرشح الديمقراطي، الى تبني شعارات هذا التيار، لكي يفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي.
ان ما اثاره تصريح رئيس شركة «اورانج» من القاهرة، حول وقف عمل الشركة في اسرائيل، من جدل حول المقاطعة، ورغم تراجع رئيس الشركة عن تصريحاته وتفسيرها باعتبارها ذات ابعاد اقتصادية تجارية بحتة، مع ذلك، فإن نجاح الحملة المصرية لمقاطعة شركة «موبينيل» قي مصر، الشريك لشركة بارتنر الاسرائيلية، التي تدعم وحدتين عسكريتين، في الجيش الاسرائيلي وتأثير هذه الحملة على مقاطعة الشركة الأم، اورانج، للشريك الاسرائيلي، يعتبر انتصاراً باهرا لهذه الحركة المصرية العربية التي قادها المناضل حمدين صباحي، وهي نموذج، لما يمكن العمل به، لمقاطعة اوسع، على النطاق العربي، خاصة بعد دعوات لم تثمر بمقاطعة شركة «كاتربلر» التي تقوم جرافاتها بهدم بيوت ومؤسسات الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلة.
إسرائيل في القفزة الأخطر
صوت فتح/ يحيى رباح
إسرائيل، في ظل حكومة نتياهو الرابعة، تقفز القفزة الأخطر في تاريخها، وإذا لم نتصرف بحكمة وشجاعة وتماسك وطني من نوع خارق، لجعل هذه القفزة الاسرائيلية في الفراغ وتصبح الدولة الفلسطينية هي الحل وهي الإنقاذ، فإن القضية الفلسطينية كلها من أولها الى آخرها ستكون في خطر محدق، وبالتالي فإن المنطقة العربية كلها ستصبح تحت سقف سياسي جديد، تكون فيه اسرائيل هي السيد المطلق، وهي المقرر النهائي، وهي التي ترسم الخرائط لاعراق وطوائف في هذه المنطقة كانت الحركة الصهيونية واداتها الوكالة اليهودية على علاقة معها منذ اللحظة الاولى.
دعونا نستعرض بعجالة المنطق السياسي الذي تتعامل به اسرائيل على المكشوف منذ شكل نتنياهو حكومته الرابعة:
نتنياهو يقول ان مبادرة السلام العربية قد تجاوزها الزمن، ومعروف ان هذه المبادرة التي عرضت في القمة العربية 2002 قد تطورت وترسخت في العمل السياسي العربي لتكون هي المبادرة السياسية العربية الأبرز -ان لم تكن الوحيدة- يحيط بها غلاف اسلامي ودولي، وان النظام الاقليمي العربي ظل يتمسك بها، ويعيد طرحها، دون اي نوع من القبول من الجانب الاسرائيلي، ثم تطور نمط العلاقات داخل اسرائيل بحيث اصبحت هذه المبادرة غير قابلة للتداول اسرائيليا، لان اسرائيل– الكيان الوظيفي-، تتعامل مع حقائق الواقع، ومع المستجدات، ولا تتعامل مع النظريات والفرضيات، وفي الثماني سنوات الاخيرة اصبح الانقسام الفلسطيني وما يسمى كذبا بالربيع العربي في خدمة اسرائيل بالمطلق، وفي خدمة التطرف الاسرائيلي بالمطلق، فكيف بالله عليكم لا يكون المجتمع الاسرائيلي متطرفا في مواجهة هذا الانقسام الفلسطيني الرخيص بل المجاني الذي حرضت عليه وتديره حاليا اطراف عربية واسلامية لا وزن لها اطلاقا في معادلات السياسية في االمنطقة.
ونتنياهو يعلن على المكشوف ان عناصر حل الدولتين لم تعد قائمة، وهو نفسه الذي سلم كل صلاحياته للاستيطان، بل ان دولة للمستوطنين في الضفة تلوح في الافق، وسريان القوانين الاسرائيلية على المستوطنات في الضفة هو القاعدة الرئيسية لدولة المستوطنين الذين يسابقون الزمن في فرض الأمر الواقع.
بلا شك، نجحنا فلسطينيا في جعل قضيتنا ومطالبنا وحقوقنا العادلة في حالة من التداول، عبر دخولنا في حيثيات المجتمع الدولي،عبر الإتفاقات الدولية، وعبر طرق أبواب مجلس الأمن، وعبر إدارة ناجحة لما بين أيدينا بشهادة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وإطار الدول المانحة والأمم المتحدة والمؤتمرات التي عقدت لإعادة إعمار غزة، ولكن الانقسام عثرة في طريقنا، والأخطار التي تهدد غزة تستغلها إسرائيل، انظروا مثلا كيف أن إسرائيل تدعي انها تحارب "داعش" الآن في قطاع غزة، وهذا ما حذرنا منه مرارا، لأن حماس التي استعانت على الشرعية الفلسطينية بكل ما هو شاذ، وذهبت الى كل الشياطين كي تبرر لنفسها عدم التقدم باتجاه فلسطين عبر المصالحة، تواجه اليوم ما صنعت يداها، وتعرض قطاع غزة للتدمير النهائي، والانسياق الأعمى لأية مشاريع مثل الذي نسمعه عن دولة مؤقتة، ومنصة بحرية، واتصالات مع اسرائيل دون أن يكون في يدها شيء سوى الأوهام والمقامرة.
لا بد من تصعيد حالة المواجهة الفلسطينية بعيدا عن الأدوات التقليدية مثل البرلمان العربي الإسلامي، فيجب أن نبحث عن الذين هم معنا في دائرة الخطر ليكون الحلف أكثر موضوعية وعملياتية، يجب أن تتغير آليات المواجهة، يجب أن نحول هذا الطموح الإسرائيلي المجنون إلى قفزة قاتلة في الفراغ.
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
امد/ مروان صباح
نحمد الله على إبقاء نعمة الأوكسجين والمطر قرارهما قرار الالهي دون تمكين البشر من التحكم بهما ، ولو كان الأمر غير ذلك لكان الوضع مأساوي ، بل ، قد يعجز الخيال عن تخيل ما يمكن أن يحلّ من كوارث بالبشر ، وقد يكون لجوء الكثير من الناس الي بعض المهن المنافية للآداب العام والتى يشار اليها بالمهن اللأخلاقية ، هي ،نتيجة طبيعية لغياب التكافل والتضامن مع الآخرين بالضّرّاء ، وهذا ، بالطبع ، لجوء فيه بعض الذكاء الخبيث ، لأنه قائم على البحث الدقيق لغرائز الإنسان ، وخصوصاً ، المقتدر ، الذي يحتاج إلى دغدغة غرائزه كي يستخرج المال ، وفي غياب الفئات الثلاثة من المجتمع ، الكاظمين والعافين والمحسنين ، تتحول الحياة إلى مشروع غاب فاشلة ، لا تعترف ، إلا ، بالمعربد والانتهازي وصاحب الحيل ، والحبل يجر من مصطلحات لا نهاية لها ، طالما ، أن الحياة تبنت سلوك الغاب ولكل ما هو شرس فيها دون أن تحتفظ بغزال يذكرها بالتسامح .
لم تكن مسألة أغنياء العصر ، فقط ، ممارسة تخزين المال بقدر حرصهم على التفاني في استعباد وامتلاك من يقع تحت امبراطوريتهم المالية ، وبالتالي ، يسعون بجهد ملفت على ابقاء الأكثرية تحت خط الفقر كي يستمروا بالتحكم بهم ، وطالما القوانين ، مفصلة على قياس من يملك المال والنفوذ ، تصبح تناول الحكاية دون التصدي لها أمر عبثي لا أكثر ، وأيضاً ،
عندما يتحرى المرء بنظرة جريئة يجد ما يثير من مواقف وأوضاع ، هي ، دامية القلب حيث ولدت من ثنايا قاع المأساة ، وقد تكون ظهورها في أسواق التجارية ، فاضحة ، رغم من مأساويتها في البيوت ،هي ،مضاعفة ، بمرات ، ففي البيوت التى تعتمد على الصانعات ، بالطبع ، جاؤوا بهم من جنوب شرق أسيا ، يختفي وراء جدرانها قصص وحكايات يشيب لها الرأس عند سماعها ،لكننا ، نرغب بالقفز عن أمر هؤلاء هذه المرة ، بهدف الاقتراب من بروتوكول عتيق ساد بين التجار كسلوك معتمد ، وقد يكون فعلهم انتقل إلى جميع الحرف والمهن ، وعلى وجه الخصوص ، بين الممثلين والسياسيين ، حيث ، يحرص التاجر على تعليم ولده البكر تفاصيل وأسرار تجارته والتى قامت واستمرت مع مرور الزمن بٍهمة العاملين فيها ، بالإضافة إلى ذلك ، هناك أمر أخر ،هو ، سائد ويتكرر مادام عصي على المعالجة ، التفريق بين ما وهو قريب وبعيد ، فالابن من خلال تجارة ابيه يلاقى معاملة خمسة نجوم ، أمام ، العامل أو الموظف اللذين يشتغيلان في ذات المكان ، لهذا ، من المستحيل أن يتمتع الغريب بذات الاهتمام أو على الأقل بالحد الأدنى من السلامة العامة ، وهي بالتأكيد لا تحتاج إلى شرح مفصل ، طالما ، ينتفض الأب خوفاً على ابنه عندما يراه يحمل شيء ثقيل أو يُصرف في ساعات العمل ، أما ، اذا ، كان الشايل غير ابنه ، يبدي انزعاجه على الفور ، ويبدأ بالتأفف ، كون الإنجاز بطيء والجهد المبذول غير كافي .
لا عجب ، من فتيات نجدهم اضطروا للجوء الي امتهان مهن تعود عليهم بالمال الوفير ، وبسرعة صاروخية علا شأنهم ، عندما وجدوا بالعمل التقليدي ، قساوة وبهدلة واستعباد ، الذي اضطرهم إلى استخدام طرق ووسائل اخرى ، هي ، تعتمد على مهارات خاصة يسيل لعاب الأغنياء لمجرد الحصول عليها ، وبهذه الطريقة ، تحولوا مومسات العصر إلى صعاليك اليوم ، عندما اقتادوا نهجهم في تجريد من أحجب ماله عن الفقراء ، بإعادة توزيعها على المحتاجين من أقرباءهم ، ومن خلال التخيل الذي مازال حتى الآن عصي على الرقابة ، يتخيل المرء لو كان الأوكسجين والمطر ، بأيدي مرضا العصر ، ما هو الثمن الذي كان سيُفرض على الفقراء ، وهم الأغلبية الساحقة من البشر ، كي لا يحرموا منهما .
والسلام
الفـيـفـــا والعــلاقـــات المتبـادلـــة
امد/ حمادة فراعنة
سواء صوت جبريل الرجوب ، لصالح الأمير علي بن الحسين ، أو لصالح جوزيف بلاتر ، فالذين رموا حجراً في البئر ، لن يجدوا عدداً كافياً من العقلاء لرفعه وإزالته وترميم أثاره ، ليس لغياب الثقة أو فقدان المصداقية ، بل لغياب برنامج عمل منهجي في كيفية التعامل الأردني الفلسطيني مع بعضه البعض بالإتجاهين ، حيث تسود العفوية بين الناس ، وتقتصر الرسمية بين المؤسسات ، وبين هذه وتلك ، بين الشعبية والرسمية ثمة فجوة تجعل العلاقات المستقرة والأخوية تتآكل مع بروز التباينات واختلاف المصالح أو المواقف أو المواقع وفق تطور الأحداث ومجرياتها ، فأين هي الامتدادات الأسرية ، والعلاقات البرلمانية ، والتشابك الحزبي ، والتداخل النقابي ؟؟ وصولاً للعمل المشترك لمواجهة العدو المشترك الذي استهدف فلسطين ولم يتخلص من أطماعه نحو الأردن ، وعليه من المؤكد أن القرار السياسي الفلسطيني كان خياره التصويت الجدي لصالح الأمير الأردني علي بن الحسين ، وهذا ما تعرفه الأوساط الرسمية الأردنية وتدركه ، خاصة وأن العلاقات بين جبريل الرجوب والأمير علي بن الحسين ، علاقة وطيدة مبنية على الفهم والود والإحترام المتبادل ، مثلما هي مبنية على المصلحة الوطنية للرجلين ، وتعبيراً عن التطلعات المشتركة للشعبين .
ولكن هذا لا ينفي وجود تباينات واجتهادات وأولويات لدى الطرفين وللقيادتين وأمام الشعبين ، وغالباً ما تتم إزاحة الاعتراضات والعقبات بالتفاهم ، وإدراك كل طرف لمصالح الطرف الآخر وتفهمها وأخذها بالاعتبار ، ولكن حينما تفلت زمام المبادرة ، أو تزوغ الادارة لتكون بين أناس يفتقدون للمعلومات ، أو بين أناس لا مصلحة لهم ولا رغبة في استقرار العلاقات وثباتها وتطويرها وتعميقها في الاتجاهين ، تصبح الخلافات هي الطاغية على صورة المشهد الأردني الفلسطيني ، كما في حادثة المسجد الأقصى مع قاضي القضاة المهذب أحمد هليل ، وكما حصل الأن في تصويت ووقائع الفيفا ، ونحو دعم مبادرة الأمير الشجاعة في الأقدام على تولي منصب رفيع المستوى عالمياً .
الشيء المؤكد أن رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب أعطى صوته للمرشح الأردني الأمير علي ، ولكن الشيء المؤكد الأخر الذي كان يجب إدراكه أن مصلحة الفلسطينيين كانت عند جوزيف بلاتر لسببين جوهريين وهما :
الأولى : وقوف جوزيف بلاتر مع الفلسطينيين ، وتعاطفه معهم ، وتبني قضيتهم ، وعمل على معالجة بعض احتياجاتهم بما فيها عقد إتفاق تسوية لتلبية المطالب الفلسطينية الثلاثة التي أعلنها الرجوب أمام الجمعية العامة لهيئة الفيفا ، وتشكيل لجنة مختصة لذلك ، مقابل سحب الاقتراح الفلسطيني بتعليق العضوية الإسرائيلية في مؤسسة الفيفا .
والثانية : كانت مستقبلية بيد بلاتر وإدارته وتتعلق بتشكيل وعمل لجنة المتابعة المعنية بمراقبة الإجراءات التعسفية التي يمارسها المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وحكومته الاستيطانية وجيش الإحتلال ، ضد الرياضة الفلسطينية ومعاناة مؤسساتها وأفرادها جراء هذه الممارسات ، وهذا يعني أن الفلسطينيين بعد نجاح بلاتر كانت لديهم مصلحة في كسب وده وعدم التصادم معه ، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع ويتفهمه ، وهو خيار تدركه القيادة الأردنية وفي طليعتها الأمير علي شخصياً ، ومع ذلك أعطى جبريل الرجوب صوته للأمير علي ، لسبب أكثر جوهرية وهي أن القرار السياسي لفلسطين مع الأردن ومرشح الأردن سمو الأمير علي بن الحسين ، وهذا ما كان يجب أن يدركه الجميع ويعرفه بل ويقدره ، لا أن تفتح النار على الموقف الفلسطيني ومنفذه جبريل الرجوب .
ومع ذلك الرسالة الفلسطينية لم تصل لرجل الشارع الأردني بل لقطاع من الاعلاميين والصحفيين ، كما هي وكما يجب أن تكون ، لا بشأن ما تعرض له قاضي القضاة أحمد هليل في المسجد الأقصى على أيدي نشطاء حزب التحرير الإسلامي ، مثلما لم تصل تفاصيل وحيثيات التصويت الفلسطيني لصالح الأمير علي ، إذ كان من المفترض على جبريل الرجوب الذي لا ينقصه الذكاء والفطنة أن يبادر بعد سحب الأمير ترشيحه في الجولة الثانية ليقدم له الشكر على انسحابه لأنه بذلك جنب أجواء مؤتمر الفيفا الاحراج والانقسام والمواجهة ، فقد امتلك الأمير شجاعة التقدم لمنافسة بلاتر ، مثلما امتلك الحكمة في عدم مواصلة خيار التنافس وسحب الترشيح ، وقبوله بنتائج الجولة الأولى وهي إيجابية لأنها لم تحسم النتائج من الجولة الأولى ، وإن كانت لم تصل إلى مستوى تحقيق الفوز ، ولكن الأمير علي حرّك الجو وأزاح الخوف عن نفوس قطاع واسع من الرياضيين المتضررين من سلوك بلاتر وفساد إدارته ، وفتح بوابة لمنافسة بلاتر والعمل على تغييره مستقبلاً ، وها هو بلاتر ينسحب أمام شدة المواجهة الأوروبية له ورفضها لنتائج التصويت ، لأن التصويت تم على رشاوى مكشوفة .
العلاقات الأردنية الفلسطينية ، لمصلحة الطرفين ، ولن تكون ويجب أن لا تكون لحساب طرف على حساب الطرف الأخر ، ولذلك يجب أن تكون ندية ومتكافئة لخدمة الغرضين والهدفين وأولهما حماية الأردن وأمنه واستقراره ، وثانيهما دعم نضال الشعب العربي الفلسطيني لاستعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة على أرضه : حق المساواة في مناطق 48 ، وحق الاستقلال لمناطق 67 ، والعودة للاجئين واستعادة ممتلكاتهم ، تلك هي المعادلة السوية التي تخدم الشعبين وتطلعاتهما .
h.faraneh@yahoo.com (h.faraneh@yahoo.com)
في الرؤية الجديدة : عبور الجسر
امد/ بكر أبو بكر
إن كنا أكدنا على ضرورة الانتباه والتركيز على "التواصل التنظيمي" كبناء وهياكل باعتباره المجرى الحقيقي للدماء في شبكة العلاقات ضمن نهر التنظيم، والتي بدونها تجف العروق وتتكلس العضلات وقد تتيبس العظام، فيتحرك الجسد بلا حياة أو روح، فإنما لهدف.
فما كان هذا التأكيد منا لإهمال في البُنى الفكرية أو انتقاص من أهميتها وإنما لتنبيه أن الاهتمام بها لا يُعفى المشتغلين حصرا في المجال التنظيمي أو السياسي من اقتباس أو الاستفادة أو الاستماع في الفكر والرأي والتنوع والتجدد من غيرهم، فلا يغطّون أعينهم ويصمّون آذانهم مفترضين امتلاكهم للحقيقة المطلقة واكتفائهم بما لديهم .
إن رسم استراتيجية (سراطية باللفظ العربي) حركية ووطنية في ظل المتغيرات المتواصلة ليس شأنا يسيراً، فالقدرة على الفصل بين المتغيرات من حيث الشدة وقوة التأثير عن تلك بإردة التأثير هي مدخل مطلوب للانتباه لتلك المتغيرات سواء منها المتغيرات الثانوية أو الداهمة والتي سترسم معالم المستقبل القادم.
ادراك المتغيرات ثم ادراك طريقة التعامل معها أما بقبولها أو تعديلها أوالحد من خطرها -إن كانت خطر علينا- أو بتجاوزها يعني أن نستطيع رسم خطين في استراتيجيتنا الأول هو خط الهجوم ومكوناته، ثم رسم خط الدفاع وما بينها من حائط استناد أو حائط صدّ .
قد يفكر صاحب القرار في صومعته وحيدا أو ضمن قلة مختارة مفترضاً امتلاك كل المفاتيح وما ذلك صحيح، فإذا لم ينفتح بالاتجاهات الثلاثة العُلوية والأفقية والسلفية سيكون جزء من المعادلة مغفلا .
الذي يفكر في صومعته مفترضاً كفاية المعلومات والبطانة وتجربته فهو يقع في خطأ استراتيجي .
المتغيرات قد يرصدها أو يتحصل عليها بدقة أكبر من الاتجاهات الثلاثة ولا يمكن أن تكون حقيقية إلا بتقاطع الثلاثة مع ضرورة امتلاك قدرة التحليل والتقنية وتعدد البدائل .
ليرسم صاحب القرار خط الهجوم أو خط الدفاع في استراتيجيته فإن ذلك يقتضي تحليلاً علمياً وهنا يأتي دور مراكز الدراسات وصنع القرار وخلايا التفكير وتقدير الموقف ، وما مخرجات التحليل او الدراسة إلا مشروع قرار أو تقدير موقف محتمل (بديل) من الممكن أن يأخذ به أو يتركه القائد استناداً لعوامل الضرورة والزمن والإمكانيات والمصالح والفرصة المتاحة للتطبيق من عدمه.
يتشكل خط الهجوم من أدوات الفعل الايجابي في حالتنا الفلسطينية (الجاهزية ومكونات البناء والاقدام) ضد العدو أساسا، وبكيفية إذكاء نار النضال والكفاح (بكافة أشكاله) والمقاومة ميدانياً وداخلياً (في الإطار الوطني ) وخارجياً ، وهذه الأدوات ما هي إلا أساسيات تمكن بوجودها لصاحب القرار أن يرسم ويضع البرامج موضع التنفيذ لدى جيش الهجوم ممثلا بالكادرات الملقى على عاتقها التقدم والمؤسسات كل في مجالها.
أما جيش الدفاع – وقد يصبح جيش هجوم في مرحلة من المراحل فهو البحر الهائج الذي لا يمكن تحريكه ليضرب بأمواجه الا عبر الاعصار .
وما الإعصار المحرك إلا التنظيم (كادر التنظيم) ، والبحر الهائج ما هو إلا جيش الدفاع الأخير وهو الجماهير.
إن حائط الاستناد والصد للعدو حين تتقدم جيش الهجوم، أو حين صد جيش الدفاع هو حائط "حب الجماهير وقناعتها وثقتها واندفاعاتها وامتلاكها إرادة التضحية وقيم النضال..." وهو الحائط الذي يجعل من ظهر القيادة صلباً ويمكنه هذا الحب والثقة من القفز على الحواجز وهي مطمئنة، فلا تأتيها العواصف الرملية تعمي عيونها كما يحصل عندما تفقد الصلة مع الناس وقبلها بفقدان الصلة مع الإعصار (النائم) وهو التنظيم .
تتشكل السراطية (الاستراتيجية) من حيث هي قدرات وإمكانيات وفرص (في زمن محدد) بالتحديد الواضح لعوامل التغيير أو طبيعة الهبوب واتجاه الريح ومدى ما نملك من مصدّات هوائية صالحة، وبمعنى آخر من المتوجب معرفة قدرات معسكرنا ، جماهيرنا ، تنظيمنا الذي يشكل بناسه خط الصد والدفاع وقد يكون في مرحلة من المراحل كله على خط الهجوم ضمن استراتيجية العمل الشامل.
إن بناء الإستراتيجية أيضا يقتضي معرفة الطرف الآخر من الجسر الذي سنعبره أي ما هو الهدف الاستراتيجي الذي نبغيه بدقة (هل نريد دولة واحدة، دولتين لشعبين ، دولة لكل مواطنيها ، نضال سلمي طويل الأمد على النموذج الهندي،
مفاوضات وحراك سياسي ومقاومة محدودة ، إسقاط "اسرائيل" بالنموذج الجنوب افريقي ..... )، وهل بهذه الأهداف نستطيع عبور الجسر أم بغيرها، أم بتجزئتها ؟
إن النتيجة أو الهدف يجب أن تكون محددة وواضحة للقائد ضمن الرؤية الشاملة، وعليه فإن عبور الجسر يحتاج لوسيلة نقل قادرة على العبور (ضمن القدرات والزمن وإمكانية التحقق ....) تماما كأن يعبر الجسر بسيارة بلا بنزين (ثقة ومحبة وتمويل للجماهير ، وإعداد وتدريب وتجهيز للمناضلين ....، وتهيئة للظرف الداخلي والخارجي .... ) وقبل كل ذلك من المتوجب أن نعرف على أي أرضية نحن نقف ؟ وهل وصلنا فعلا لمرحلة نستطيع بها أن نعبر الجسر (النضال) أم أن الحالة حالة ركود أو راحة أو تراضي ونحتاج لشحن طويل قبل البدء .
آن الأوان لقيادة الشعب الفلسطيني في ظل الظرف الزلِق الحالي الذي يشي بكرب ما بعده كرب يلحق وسيلحق بالأمة فيزيد من عوامل تفتيتها ودمارها، أن الوقت للتجمع مجددا في هياكل واحدة ورأي موحد وعقل متزن وقلب دافق يتجاوز الحفر والسقطات وكوامن النفس النزقة ومصالح بعض الأحزاب (التنظيمات) النازفة تعصبا ومصلحية بغيضة وللترفع عن سيئات وفساد طويتنا والانتقال لمربع العمل المشترك من حيث هي "فتح" كانت ومازالت صالحة لأن تكون حاضنة النضال الوطني، ومن حيث مازالت راعية الوحدة الوطنية ومن حيث هي قادرة على فرض مشاركة الجميع، ومن حيث هي قادرة على التنازل للأشقاء، ومن حيث هي قاعدة البناء التي لا تنضب، ما يلحقها التفكير المشترك والخروج باستراتيجية جديدة نتحاور ونتشاور ونختلف، ولكن وجب أن نتفق عليها وإن حارت التفاصيل.
المسكوت عنه ثماني سنوات
امد/ د.حسن السعدوني
تعتبر الثورة مرحلة تغيير جذري، من واقع سيء الى واقع أفضل، وتؤكد التجارب السياسية عبرّ التاريخ أن الشعوب تلجأ إلى الثورات أو العصان المدني، كحالة ضرورية عندما تفشل الحكومات في حل مشاكلها اليومية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث أزمات ظاهرها معقد وباطنها مفبرك، هذا بالضرورة يؤدي إلى معادلة متساوية من حيث الهموم والعجز، فكلما كانت الهموم كثيرة ، كانت التركة ثقيلة وبالتالي كان العجز أكبر من الهموم عند الحكومة، ولكن لا يمكن أن نمررها من الناحية الوطنية الخاصة بنا لأنه ما ينطبق علينا لا ينطبق على أحد
فالتضحيات كبيرة والجانب العاطفي متعاظم دائما بحب الوطن والمقاومة .
فعندما نكون في غمار المشروع التحرري فلا يجوز لنا أن ننقلب على الحاكم ضمن مفهوم هوبز المفكر والسياسي الإيطالي الأول لنظرية العقد الاجتماعي ولكن يجوز عند الجيل الثاني من أصحاب النظرية الانقلاب والثورة على الحاكم ومنهم جان لوك وجان جاك روسو ضمن مفاهيم الديمقراطية وأصول الحكم، لأن هذا عقد بالأساس يجب أن يتوفر فيه شروط الرضا .
صحيح أن حياتنا اقتربت وأصبحت متشابه من عام الرمادة زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وأن اختلفت المدة الزمنية والظروف والحيثيات والاختبارات المهم صمدنا وسكتنا ، ولكن هل هذا السكوت سوف نثاب عليه من الله أم أنه سوف يبقى لعنة تطارد الكل الفلسطيني ؟ و باعتقادي الشخصي الموضوع يحتاج إلي علماء الأمة وأن كان قلبي يسير على هدي حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .(أستفتِ قلبك وأن افتوك ).
المعضلة الأساسية هي سنوات الانقسام ، التي ألقت بظلالها على الشعب والقضية ، من حيث تدمير الحلم الخاص والعام ، فمنذ أن نسج الانقسام خيوطه مثل العنكبوت وعشش في عقول القيادة الفلسطينية وأصبحت مدمنة عليه وعملت على إدارته وساعدت في خلق تيار مستفيد من الانقسام، وتجاهلت الشعب الذي ينزف دماء الكرامة والحرية إلى أن وصلت الأمور إلى حد لا يمكن إصلاحه على المدي المنظور، وهذا يرجع لعدة مسلكيات جميعنا شارك فيها، فالسكوت الأول: عندما وافق الشعب على فكرة الانقسام والانقلاب على مفاهيم الشراكة والديمقراطية، وزرع بذور الفتنة والقتل والاغتيال ؟
والسكوت الثاني: كيف سمحت القوي الوطنية والاسلامية التجاوزات الاعلامية التي أججت الصراع إلى أن وصلت الأمور إلى حد الصدام المسلح ؟ والسكوت الثالث: كيف قبل الوجهاء والمثقفون وسجل لهم التاريخ أنهم كانوا متفرجين ( وشهاد زفة ) ؟ والسكوت الرابع: كيف أرتضى الشباب والخريجون القبول بهذا الواقع الاليم والمرير في ظل غياب نافذة الفرص والحياة ،وتدمير أحلام الكل الفلسطيني؟ والسكوت الخامس: كيف لشعب ثائر قبول انهيار قيمه ومبادئه بهذه الطريقة؟ والسكوت السادس: يخص الكل الفلسطيني كيف هان علينا ان نضيع وطناً من اجل اشخاص لديهم فكر عقيم لا يؤمنون بالحلول الخلاقة التي تخرج الشعب من المأزق النضالي و السياسي والاقتصادي والقيمي, وأصروا أن يجسدوا حالة لا يمكن تفسيرها سوى أن العمل في السياسة هو الملجأ الأخير للأشرار.
لهذا كله يجب على الجميع تحمل مسئولياته بالحديث عن آليات التخلص من الانقسام باتخاذ خطوات عملية، تبدأ بتوقيع عريضة من كل أبناء الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام والتوجه الى اتخاذ خطوات ترفض فيها تطبيق قرارات الانقسام وتداعياته، هذا يقع على عاتق التنظيمات، الفلسطينية، ورجال الفكر، ورجال الاصلاح والجامعات ودور العبادة، فأن لم نفعل ونكون على قدر المسؤولية فالقادم لنا جميعا أوحش وخاصة أن الجميع يشعر بالغضب والظلم، في ظل طرح بدائل تنظيمية لها فلاشات مثيرة للإعجاب بين أوساط الشباب (فالمؤمن الكيس الفطن) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فالتقطوا الرسالة يا صانعي القرار الفلسطيني .
مرضى الفشل الكلوي بين مطرقة المعاناة وسندان الإهمال
امد/ أحمد يونس شاهين
منذ أن بدأت كتابة المقالات وقلمي يعتاد على أن يخط حروفه بالسياسة وملامسة هموم المجتمع الفلسطيني بشكل عام، ولكن هذه المرة وجدت نفسي أكتب عن شريحة معينة في مجتمعنا الفلسطيني تعيش فصول من المعاناة والقسوة والألم، إنهم مرضى الفشل الكلوي الذين تبدأ معاناتهم بقصور الكلى وتنتهي عند الكثير منهم بالفشل الكلوي الحاد لأسباب مختلفة، والذي يحتاجون فيه بالنهاية إلى زراعة الكلي التي يسبقها الغسيل الكلوي وما أدراكم ما الغسيل الكلوي، وبعضهم لم يصمد في مواجهة المرض فيكون الموت الفاصل بينهم.
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو زيارتي لقسم الكلية الصناعية في إحدى المستشفيات وشاهدت هؤلاء المرضى على الأسرة يتلقون غسيل الكلى لساعات طويلة تمتد إلى أربع ساعات متواصلة حيث رأيت تعابير الحزن وملامح الألم تظهر في عيونهم، اعتصر قلبي ألماً وحزناً حينما رأيتهم ومنهم الأطفال ذوي الوجوه البريئة، فبأي ذنب يحتل المرض أجسادهم الطاهرة البريئة، إنه قدرهم في هذه الدنيا، وما استنتجته من زيارتي لهم هو سوء الاهتمام بهم وهنا لا أقصد طاقم الأطباء أو التمريض بل كل ما أقصده هو رداءة المكان مقارنة بأقسام الغسيل الكلوي التي زرتها خارج الوطن حيث العناية والاهتمام وتوفير كل سبل الراحة وطيب الطعام والشراب.
مشاكل كثيرة بحاجة إلى حلول جذرية ينتظرها هؤلاء المرضى وذويهم تتمثل في :
1- تجهيز أقسام غسيل كلى مستقلة ومجهزة بكافة وسائل الراحة وتشمل التكييف والطعام والشراب المناسبين والتلفاز والانترنت.
2- أن تكون أقسام الكلى مستقلة بأطبائها وممرضيها.
3- تخصيص غرف علاج لهؤلاء المرضى بعيداً عن باقي المرضي بمختلف أمراضهم وأسباب مكوثهم في المستشفى.
4- عقد لقاءات توعية لهؤلاء المرضى وذويهم يشرف عليها أطباء متخصصين وتوزيع نشرات توعية عليهم.
5- مساعدة من يحتاج من هؤلاء المرضى لزرع الكلى وتسهيل كافة الإجراءات لهم.
6- توفير أجهزة حديثة مخصصة لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للمرضى الذين تلقوا زراعة كلى مما يخفف عنهم أعباء السفر لإجرائها خارج الوطن.
7- توفير جميع الأدوية اللازمة لهم مجاناُ حتى وإن لم يكن لديهم تأمين صحي.
8- بعد زرع المريض كلية له يجب الاهتمام بالمريض وتوفير العلاج والدواء المناسبين لهم.
9- الاهتمام بالمتبرع وتوفير العلاج له بالمجان إن لزم الأمر.
10- تسهيل إصدار التغطية المالية بغرض العلاج لمن يريد زراعة الكلى بأسرع وقت ممكن من قبل وزارة الصحة الفلسطينية.
وتشير الإحصائيات حسب وزارة الصحة إلى أن أكثر من450 مريضاً يتلقون الغسيل الكلوي في قطاع غزة وهذا العدد كثير نوعاً ما بالنسبة لدول أخرى ويعود لأسباب كثيرة ليس بصدد ذكرها لأنها من اختصاص الأطباء، ومن جهة أخرى فيوجد في قطاع غزة عشرات المرضى ممن تم لهم زراعة كلى سواء من متبرعين أو عن طريق شرائها بسبب عدم توفر متبرعين لهم وهذا يرهقهم مالياً، ويبقى السؤال هنا؛ من لا يملك المال أو ليس لديه متبرع فماذا سيفعل؟ هل سيبقى يصارع المرض حتى ينتصر عليه فيكون مصيره الموت؟ من هنا يأتي دور المسئول الغائب لوضع الحلول واتخاذ الإجراءات اللازمة، ومن جهة أخرى لا شك أن الحصار المفروض على قطاع غزة يشكل سبب رئيسي من أسباب معاناة هؤلاء المرضى فمنهم من كان الموت نهايته والسبب عدم سفره لأجل تلقي العلاج أو الزراعة، إنه لمن العيب أن نزج بمرضانا في خضم المناكفات السياسية.
إحساس طبيبة بيطرية
امد/ د. مصطفى يوسف اللداوي
التقيت بطبيبةٍ بيطرية تعمل في مستشفى لرعاية الحيوانات في أمريكا بصحبة والدها الأستاذ الجامعي، الذي يعمل محاضراً بمادة العلوم السياسية في إحدى الجامعات الأمريكية، خلال زيارةٍ لهما إلى بيروت.
سألت ابنته الطبيبة البيطرية بغير قليلٍ من الاستغراب، إن كانت سعيدة في عملها، وراضية عن وظيفتها، ومن قبل عن دراستها واختصاصها العلمي في علاج الحيوانات ورعايتها، وقد كان بإمكانها دراسة الطب البشري، والتخصص في أحد جوانبه الهامة، وهي كثيرةٌ وعديدةٌ، وقد يكون ذلك أنسب لها وأفضل، وأكثر راحةً وطمأنينة، فضلاً عن أي تخصصٍ علميٍ آخر.
أطرقت الطبيبة صامتةً، ولم تحر جواباً، وطال صمتها، حتى ظننت أنني قد أحرجتها بسؤالي، أو قلبت عليها المواجع بموضوعي، وأنها فعلاً تشعر بالندم لأنها تخصصت في علاج الحيوانات ورعايتها، وكدت أتراجع عن سؤالي وأعتذر لها عما سببته لها من حرجٍ أو ضيق.
لكنها وقد قرأت في وجهي بعض الحرج الذي شعرت به، ابتسمت وبدا لي من ابتسامتها أنها راضية، وأنها ليست نادمة ولا غاضبة من سؤالي، بل وجدت من كلماتها المسترسلة بهدوء أنها جدُ سعيدةً بعملها، وفرحة في مهمتها، وراضية عن رسالتها، فاستعدت رباطة جأشي، وعدت إلى سؤالي من جديد، وقد تأكد لي أنها فرحة بعملها، وسعيدة بالإجابة على سؤالي لها.
قالت بفرحٍ بادٍ وبنبرةٍ سعيدة، وكأنها كانت تنتظر السؤال فأعدت له الإجابة الشافية، لعلني أقوم برسالةٍ عظيمة، وأطلع بمهمةٍ إنسانية ساميةٍ، وأقوم بما يعجز عن فعله كثيرٌ من الناس، إذ من السهل على الطبيب البشري أن يسأل المريض عن
وجعه، ويستفسر عن موضع ألمه، ويتابع فحصه بالسؤال والمعاينة، فيعينه المريض بشرح حالته، وبيان علته، وتحديد حقيقة وجعه، فلا يجد الطبيب عناءً في تشخيص الحالة أو وصف الدواء، وشرح مراحل العلاج، ويترك للمريض متابعة التعليمات والالتزام بالإرشادات.
أما الحيوان فهو أبكمٌ لا ينطق، وبهيمٌ لا يعبر، ولا يحسن الشكوى بغير الأنين، ولا يقوى على الاستغاثة بغير الألم، وليس فيه إلا عيونه تعبر عن حالته، وهيئته تنبئ عن حقيقته، فيبدو هادئاً من شدة الألم، أو هزيلاً من طول المرض، أو ضعيفاً لا يستطيع الحراك أو الانتقال، أو سقيماً من سوء المعاملة أو بؤس البيئة والمكان الذي يعيش فيه، فلا يجد من يرعاه أو يعيره انتباهاً.
فأن أخفف ألم حيوانٍ، صغيراً كان أو كبيراً، أو أداويه من مرضٍ، أو أضمد جراحه وأوقف نزفه، أو أجبر كسراً في يده أو رجله، وأنا أنظر إلى عيونه فأراه يتألم بصمت، ويئن بلا صوت، ويشكو بلا صخب، أشعر بسعادةٍ بالغةٍ وأنا أرى الحيوان ينتعش من جديد، وتدب فيه الحياة نشطة، وتتحرك أطرافه بقوة، وينتفض كأنه نهض من نومه،
لا يملك الحيوان وهو الأبكم، أن يعبر لي شكره، أو أن يمتن لي عن جهدي، غير عيونه التي ينظر بها إلي بفرح، وكأنه يزجي إلي شكره، أو يطأطئ رأسه امتناناً وعرفاناً، أو يهز ذيله فرحاً وسروراً باستعادة عافيته، وشفائه من مرضه، أو يقترب ملتصقاً بجسده، وكأنه يقول لي شكراً ... أنا أحبك.
لم أجد من الحيوانات التي أعالجها يوماً، ما يجده الطبيب من الإنسان جحوداً ونكراناً، وغضباً واتهاماً، وتهديداً وانتقاماً، بل أجد منهم دوماً شكراً وامتناناً، وعرفاناً ووفاءً، يحفظون الفضل، ويعترفون بالإحسان، ولا ينسون حسن الرعاية، ولا ينقلبون على المريض غضباً أو سخطاً، ولا يعضونه انتقاماً، أو يرفسونه كرهاً، ولا يتهمونه بالإهمال أو التقصير، بل تبقى عيونهم تنظر إلى الطبيب المعالج تحمل حباً فطرياً، فتزرع في القلب سعادةً لا تموت، وترسم على الشفاه بسمةً لا تبهت.
قالت لي بفرح ..... لهذا أنا سعيدة بعملي ... وراضية عن نفسي ... وأحب المهمة التي أقوم بها.
حل السلطة الفلسطينية والخيارات البديلة !!!
امد/ منصور ابو كريم
يعتبر اتفاق أوسلو نهاية لمرحلة طويلة من تاريخ النضال الوطني الفلسطيني اعتمد فيها الكفاح المسلح وسيلة وحيدة للنضال الوطني الفلسطيني من اجل تحرير فلسطين وقيام دولة ديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ، وبداية لمرحلة جديدة تقوم على السلام والتسوية السياسية والتعايش السلمي بين الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي ، وفق قرارات الشرعية والدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام ومشروع التسوية السلمية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ، و كان اتفاق أوسلو بمثابة محصلة موضوعية لميزان قوى , ذاتية ، إقليمية ودولية ، تقدم الفلسطينيون عبره عتبة التاريخ إلي حيّز الجغرافيا السياسية بعد تشكيل أول سلطة وطنية فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م . فقد هيأ اتفاق أوسلو والاتفاقيات الفلسطينية – الإسرائيلية التي تلته ، وما سبقه من مفاوضات علنية وسرية ، لتحولات في الحقل السياسي الفلسطيني ،ولعل ابرز هذه التحولات قيام سلطة وطنية على جزء من إقليمها الفلسطيني ، وقد تمخض عن قيام السلطة الفلسطينية حدوث تغيرات في العلاقات الفلسطينية الإقليمية والدولية ، وتحديداً مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، فقد شكل اتفاق أوسلو الركيزة السياسية لبناء نظام إقليمي شرق أوسطي تلعب فيه إسرائيل دور القوة الإقليمية الكبرى المهيمنة على المنطقة بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية . وعزز امتلاك السلطة الفلسطينية لقاعدة جغرافية أدراية ومالية مميزة ، مكانتها الدولية ،وساعدها علي بناء التأييد الدبلوماسي والحصول على معونة خارجية لميزانيتها واقتصاديها .
ومع موصول عملية السلام إلي طريق مسدود وتعثر مفاوضات المرحلة النهائية وفشلها في الوصول إلي اتفاق سلام نهائي يؤدي إلي قيام دولة فلسطينية وحل قضايا المرحلة النهائية المتمثلة في ( الحدود ، المستوطنات ، القدس ، المياه ، اللاجئين ) بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية ومصادرة الأراضي وبناء جدار العزل العنصري والإجراءات العسكرية الإسرائيلية المعيقة لحركة السكان بسبب الحواجز العسكرية من جانب ،والعمليات التفجيرية الفلسطينية من جانب أخر، فقد أسهمت كل هذه العوامل والأسباب في توقف عملية السلام بشكل تمام واستمرار المرحلة الانتقالية التي كانت من المفترض أن تستمر فقط 5 سنوات ، مما فتح الباب في أكثر من مرة بالحديث عن جدوى بقاء السلطة الفلسطينية وضرورة حلها وإعادة المسؤولية الكاملة على السكان لدولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها مسئوله مسؤولية كاملة ومباشرة عن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال . كأحد الخيارات المطروحة على الساحة السياسية الفلسطينية للخروج من أزمة توقف عملية السلام في ظل تعاقب الحكومات الإسرائيلية اليمنية المتطرفة .
إلا أن هذا الخيار يعتبر الخيار الاسوأ في حالة اتخاذه بالفعل ، نظراً لان السلطة الوطنية الفلسطينية جاءت بعد نضال وكفاح طويل قدمت من أجله الثورة الفلسطينية المعاصرة الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، والمواقف السياسية والدبلوماسية ، وبالتالي التخلي عنها وحلها سوف يقدم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي وللحكومة الإسرائيلية التي تسعي تغيب الشعب الفلسطيني وشطب هويته الوطنية ، فقد كان الشهيد ياسر عرفات وغالبية قيادة حركة فتح ينظرون إلي عودتهم إلي ارض الوطن وتأسيس السلطة الفلسطينية على جزء الأراضي الفلسطينية " حتى لو كانت بشروط أوسلو " بأنها مقدمة ليقام دولة فلسطينية على حدود 1967 ، وفرصة يمكن توظيفها لإجهاض محاولات شطب منظمة التحرير وإلغاء القضية الفلسطينية التي كانت تسعي لها إسرائيل وبعض الأنظمة العربية .
فلا يمكن أن يكون خيار حل السلطة الفلسطينية هو الخيار الصحيح في هذا التوقيت في ظل أزمة تفكك الدولة الوطنية التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي التي أطاحت بعدة أنظمة عربية وتركت تداعيات سلبية كثيرة على الأمن الاستقرار في هذه المنطقة العربية التي تشهد حالة من حالات الفوضى الخلاقة التي سعت لها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة . مما يعني أن فكرة حل السلطة أو تفككها سوف يترك تداعيات سياسية وأمنية كبيرة على الوضع في الأراضي الفلسطينية ، باعتبار أن السلطة الفلسطينية جزء من النظام السياسي العربي وحلها أو تفكيكها سوف يترك تداعيات وسلبيات كثيرة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة على اعتبار أن السلطة الفلسطينية أصبحت رب العمل الوحيد لكثير من أبناء الشعب الفلسطيني مما يعني انه سوف يحول الكثير من هؤلاء الموظفين إلي البطالة ، وسوف يخدم هذا الخيار " حل السلطة " إن حدث الحركات الإسلامية وبالأخص حركة حماس التي ترى في نفسها البديل الأفضل لتعبئة الفراغ السياسي والوظيفي ، يقدم خدمة مجانية لإسرائيل لطالة أمد الاحتلال والتذرع بعدم وجود من هو قادر على تولي المسؤولية السياسية والأمنية في حالة انسحبت من الأرض الفلسطينية .
لذلك أعتقد أن التهديد المتكرر بحل السلطة الوطنية الفلسطينية في محاولة من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لإجبار إسرائيل على التقدم في توقيع على اتفاق سلام لن يجدي نفعاً خصوصاً ، في ظل موجود حكومة يمينية متطرفة تتشكل من أحزاب صهيونية متطرفة كل همها السعي لتخريب عملية السلام وطرد الفلسطينيين من الأرض الفلسطينية ، بالإضافة أن هذه الفكرة أصبحت مستهلكة وعديمة الجدوى والتلويح بها بشكل متكرر يعبر عن ضعف الموقف الفلسطيني السياسي والتفاوضي ويفتح الباب أمام مزودات قادة المعارضة الفلسطينية بالهجوم خيار التسوية السياسية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي أمنت بنهج التسوية السياسية في محاولة لحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ تبني البرنامج المرحلي عام 1974م
وأمام هذه الأزمة والمعضلة المتمثلة في توقف عملية السلام وتعنت الحكومة الإسرائيلية وعجز الراعي الأمريكي عن الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي ، في ظل تشتت الموقف العربي والإسلامي بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تسيطر على العالم العربي ، لذلك كثر الحديث خلال الفترة الماضية عن خيارات بديلة تطرح أمام المفاوض الفلسطيني لمواجهة التعنت والإسرائيلي وفشل عملية السلام ، ومن تلك الخيارات البديلة :
• تفعيل المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة كأحد الخيارات البديلة لمواجهة الجدار والاستيطان والتحديات الإسرائيلية التي من خلالها يستطيع الشعب الفلسطيني تجنيد الرأي العام الدولي للتضامن معه في مواجهة الحكومة المتطرفة الإسرائيلية وسياساتها .
• تفعيل المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية التي أصبحت تأتي بنتائج ايجابية كبيرة على المستوي الدولي والمحلي ،وكان أخرها قرار شركة أورنج وقف نشاطاتها الاقتصادية في إسرائيل.
• استغلال حالة الفتور السياسي في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية خلال الفترة الأخيرة ، خصوصا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع الاستمرار في توفير الحماية لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي إذا ما استمرت الشروط والمطالب الإسرائيلية المعرقلة لعملية السلام
• استغلال هذه الفرصة والفتور في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ، بالذهاب إلي مجلس الأمن مرة أخري من أجل إصدار قرار دولي وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال وقف الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي يعرض إسرائيل لعقوبات في حالة عدم تنفيذه .
• التوقيع المزيد من المعاهدات الاتفاقيات الدولية ،ودعوة الأطراف الموقعة علي معاهدات جنيف الأربعة للانعقاد ، للنظر في أوضاع الأراضي الفلسطينية ، بالتأكيد على إنفاذ وتطبيق هذه المواثيق والمعاهدات الدولية تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
أخيراً يمكننا القول أن خيار حل السلطة الوطنية الفلسطينية أو التلويح به ليس هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي نظراً للأهمية السياسية والمعنوية التي أصبحت تتمتع بها السلطة الوطنية الفلسطينية على المستوي المحلي والدولي والعربي كأحد أهم إنجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة ،والتي تعتبر مقدمة لدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ، مما يفتح الباب أمام تنبي خيارات بديلة كثيرة ومتعددة ومتنوعة قد تكون أفضل وأنجع في مواجهة الحكومات المتطرفة المتعاقبة وعدم الرجوع إلي نقطة الصفر من جديد .
“وعد عريقات”!
فراس برس / حسن عصفور/
قبل اقل من شهر تحدث د.صائب عريقات عضو اللجنتين تنفيذية المنظمة ومركزية فتح، وحامل أعقد ملفين، المفاوضات والمحكمة الجنائية، أمام أعضاء المجلس الوطني في الاردن، وتحديدا بتاريخ 11 مايو 2015، بانه هناك "إستراتيجية فلسطينية جديدة" تقوم على اساس، "تثبيت المفهوم القانوني لدولة فلسطين تحت الاحتلال والانضمام الى المنظمات والمواثيق والاتفاقيات الدولية"، و"أهمية الدعوة لانتخابات برلمان ورئيس دولة فلسطين"
كما أكد عريقات "نريد مؤتمرا دوليا لإنهاء الاحتلال"، موضحا "أننا الآن في مرحلة جديدة في التعامل مع الاحتلال" .
طبعا هناك مضافات غيرها بخصوص الحديث عن محكمة الجنايات الدولية، لكن الاساس هو فيما يتعلق بجوهر "الاستراتيجية الجديدة"، والتي اشاعت "جوا تفاؤليا"، حتى لو أنها لم تصدر عن أي مؤسسة رسمية بحكم أن قائلها من يحمل "مفاتيح اسرار الرئيس عباس السياسية"..
ولكن جاء ما لم يكن بخاطر، حيث اعلن د.عريقات عن أن "مهلة أمام إسرائيل كملاذ أخير الى نهاية العام" و "سيكون على إسرائيل أن تختار قبل نهاية العام: إما أن يكون لدينا عقد وشراكة تؤدي إلى حل الدولتين، أو ستكون إسرائيل المسؤولة الوحيدة [عن المناطق والسكان] من نهر الأردن وحتى البحر الأبيض المتوسط”، ولم ينس أن يعود لشعاره التهديدي الشهير المستمر منذ سنوات بـحل السلطة".
من يقارن بين ما قيل أمام اعضاء المجلس الوطني في الاردن، وأمام حضور في ندوة بمشاركة اجنبية، لأ يمكن أن يظن القارئ انهما لذات الشخص، فلا صلة اطلاقا بينهما، وكأنه لكل مقام تصريح ورؤية وبيان..
بالتأكيد، لا يستطيع المرء ان يتخيل استمرار هذه الحالة الاستخفافية للشعب ولكل الإطر الفلسطينية، بل التعامل وكأنها لم تعد قائمة أو لها صلة بالمشهد السياسي، الا إن تطلب الأمر استخدامها ضد حركة حماس، باعتبارها خارج الشرعية الوطنية، استخدام يمثل نكسة سياسية بكل ما للكلمة من معان وأبعاد..
كيف يمكن لشخص مهما كانت وظيفته وموقعه التنظيمي، أن يعلن بكل ارتياح انه منح دولة الكيان مهلة زمنية الى نهاية العام، كي يبدأ بعدها محاسبتها، كما قال، او أن يسلمها مفتاح السلطة باعتبارانها باتت ملكا خاصا لمجموعة تتصرف بكيان الشعب ومصيره بتلك الروح التي لا صلة لها بما هو وطني فلسطيني..
لم يخبرنا السيد الدكتور ما هي الصلاحيات التي يحق لنتنياهو ان يمارسها في الضفة والقدس والقطاع خلال الشهور الستة، الممنوحة له، كهدية سياسية لفوزه الانتخابي..
هل يمكن اعتبار سريان قانون دولة الكيان على المستوطنات في الضفة جزءا من "حق بيبي" في زمن السماح السياسي العريقاتي"، أم توسيع دائرة الاستيطان وتعزيزه وتهويد ما يمكن تهوديه في القدس وبعض الضفة..
وهل يشمل "الوعد العريقاتي" لحكومة نتنياهو اتاحة الفرصة لها بالعمل بكل طاقة لتنفيذ ما أعلنته نائب وزير الخارجية حكومة نتنياهو قبل ايام من "الوعد الحزيراني"، بأن "الأرض من النهر الى البحر هي أرض لليهود، ولا شعب غيره بها"..
وربما اراد عريقات بهبته الزمنية السياسية ان يتيح المجال لحكومة الكيان ان تتفرغ لمعركتها المقبلة في مواجهة "الانتفاضة السياسية القادمة" وبدأت في اتساع رقعة المقاطعة، ولأن اي إزعاج فلسطيني لحكومة تل أبيب سيعرقل تلك "الجهود المقدسة"..
عندما تصبح أقوال من يصفون أنفسهم بقيادة فلسطينية، وكأنها ليس سوى أقوال "فض مجالس"، فنحن أمام كارثة وطنية كبرى، ليس بما قاله هذا أو ذاك، ولكن لأنه لم يجد احدا من فصائل وقوى ومنظمات يردعه، ويفضح أن ما قاله ليس سوى انحدار بالقضية الوطنية أولا، والغاء لكل الإطر الشرعية ثانيا، وتعدي سافر على قرارات الشرعية الفلسطينية قبل الشرعية الدولية ثالثا..
أي منطق هذا الذي يعلنه حامل "أخطر الملفات ومن لا يفارق الرئيس عباس في رحلة سياسية او خاصة"، وكيف للقوى المناهضة للعنصرية والفاشية أن تتعامل مثل هذه التصريحات بـ"فترة السماح" للكيان، هل يمكنها ان تصدق فعلا أن القيادة الرسمية الفلسطينية تبحث عن "انتفاضة سياسية" ضد الدولة العنصرية..
والأخطر فيما قاله "كاتم أسرار الرئيس"، ان ذلك يعني تأجيل ملف المحكمة الجنائية الدولية، كي لا يقال أنه "خرق لفترة السماح" و"الصمت – الصوم السياسي"..
الا تشكل "هبة عريقات" لحكومة نتنياهو ذريعة لحماس للمضي قدما وبشكل "شرعي" نحو "مشروعها الخاص"، وتطبيق المعالدة الألمانية "التنمية مقابل التهدئة"، اقله لفترة "السماح العريقاتي"!
وبالتأكيد تمثل تلك الاقوال رسالة الى الشعب الفلسطيني والعالم، أن لا شي جديد من الآن الى نهاية العام، وأن قرار الامم المتحدة الخاص بدولة فلسطين بات "غير ذي صلة"..
لعل الحقيقة التي لم يقلها عريقات ان "الأشهر الست المقبلة" هي فترة لأمريكا وغيرها لبحث كيفية تجديد "الحركة التفاوضية" استجابة لخطاب الرئيس عباس في ذكرى النكبة و"شروطه الثلاث"، وايجاد الصيغة الأمثل لتمرير المشروع الفرنسي للخلاص من قرار دولة فلسطين 19/ 67، الذي يشكل عنصر ازعاج للسياسة الأميركية في المنطقة.
عريقات قال ما قاله، معتقدا ان لا راد لكلامه، ولا معترض عليه، فلم يعد للقوى السياسية قوة ردع، وان فترة الانقسام باتت الأفضل لتمرير كل ما يراد تمريره، وحركة حماس غارقة بمشروعها الخاص لا يهمها شيء آخر، بل لعل صمتها على ما يتم فعله من الوجه الآخر لها، هو جزء من الثمن المفوع مسبقا للمضي بمشروعها..
لما لا يقل "مستر إريكات"، كما يحلو لليهود والفرنجة مناداته، ما هي الأسباب التي دفعته لذلك "القرار التاريخي"، وهل له مقابل ما أم كان "هبة لوجه الله والحكومة النتنياهوية الأكثر عنصرية وكراهية للعرب والفلسطيني..
بالمناسبة هل يتذكر عريقات كم مهلة سبق منحها كم من مرة وضع ذات السؤال على اسرائيل ان تختار..والأغريب أنها اختارت منذ زمن بعيد، ولكن يبدو أن خياراتها لم تصل بعد لمنازل السائلين!
أليس مفارقة، لا بعدها مفارقة، أن تأتي هذه "المنحة السياسية" والإمم المتحدة تحت ضغط "توصية زروقي" لادراج الكيان وجيشه في "قائمة العار" لارتكابه مجازر ضد أطفال فلسطين، بدلا من التحرك لفرض التوصية وتحويلها الى قرار، يمكنه أن يكون أحد "روافد محاكمة الكيان وجيشه" في المحكمة الجنائية"، الا اذا كان هناك من يريد للتوصية مصيرا كمصير تقرير "غولدستون الشهير"..
يذكرنا "وعد عريقات" هذا بوعد سبقه بزمن بعيد..قال عنه أهل فلسطين وقيادتهم آنذاك، "من لا يملك منح من لا يستحق"!
ولكن يبدو أن هؤلاء "المانحين" زمنا للمحتل من "لحم الشعب الحي، يتجاهلون تجارب التاريخ الحية بأن "الانفجار لا وقت له"..وعهد الخداع اقتربت نهايته!
ملاحظة: أعترف بأنني احسنت الظن باعتقادي أن الرئيس عباس سيكرم الشهيد القائد ابوعلي شاهين بـ"وسام خاص"، وانه سيخاطب الحضور بكلمة يستحقها تاريح الرجل..لكن المفاجأة لم تحدث، وحضر عنها مقاطعة فتح القيادة الرسمية وأطرها الإحتفال، ومعها قاطعت حماس ايضا..يا مصادفات السياسية العجيبة في "بقايا الوطن"!
تنويه خاص: "تأسيس ممر مائي لغزة هدف لأسطول الحرية الجديد"..هذه جملة قالها المشرف الحمساوي على "الاسطول".. مقدما اسرائيل اذا هيك العنوان فهي حتما لن تمنع "الاسطول" بعد أن حدد هدفه وهدفها أيضا..يبدو أن "أول الانفصال رحلة"!
المقاطعة توجع إسرائيل
الكوفية برس / عمر حلمي الغول:
اتساع دائرة المقاطعة لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في ميادين الحياة المختلفة في دول العالم قاطبة وخاصة في اميركا واوروبا، قض مضاجع المؤسسات التشريعية والتنفيذية والحزبية الاسرائيلية، وأثقل كاهلها. ويعمق من حشرها يوما تلو الاخر في الزاوية، ودفع كتلها البرلمانية لدعوة الكنيست لجلسة طارئة لمناقشة تداعيات اتساع المقاطعة بعد نشر التقرير الاممي لممثلة الامين العام للامم المتحدة للدفاع عن الاطفال، الذي طالب بوضع الجيش الاسرائيلي على قائمة الارهاب، وربط جرائمه ب"داعش" و"بوكو حرام" و"تنظيم القاعدة"، اضف للمحاولة الفلسطينية في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لطرد إسرائيل منه، ثم إعلان اتحاد الطلاب البريطاني، الذي يمثل سبعة ملايين طالب، عن انضمامه لمقاطعة إسرائيل.
المقاطعة تتدحرج ككرة اللهب لتحيط دولة التطهير العرقي الاسرائيلية من جوانبها المختلفة. صحيح ان المقاطعة حتى الان، لم تشكل خطرا حقيقيا عليها، لكن تناميها واتساع انشطة منظمة (بي دي اس) في دول ومؤسسات العالم كافة لسحب استثمارات الشركات منها، من خلال فضحها لانتهاكات وممارسات دولة الحرب والموت الاسرائيلية، إستنفر قادة إسرائيل، وزاد من تخبطهم وجنونهم بحثا عن سبل جديدة تحد من أثار عمليات المقاطعة، والسعي ل"تبييض" صورتها امام الرأي العام العالمي، بعد ان باتت بضاعة "العداء للسامية" مكشوفة ومفضوحة. أضف الى ان ما تدعو اليه وزيرة القضاء، شاكيد، الداعية لمقاطعة من يقاطع إسرائيل، تكشف عقم البدائل الاسرائيلية وافلاسها.
وما يزيد القيادة الاسرائيلية ارباكا وتوترا وجنونا، هو تطور المقاطعة في الدول والمنابر الاممية. لان انتهاكاتها وجرائم حربها المتواصلة، ورفضها لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتخندقها في مربع الاستيطان الاستعماري يميط اللثام عن وجهها القبيح، ويسقط ذراعئها الباهتة، التي لم تعد تنطلي على احد.
كما ان اي قرار من الكونغرس الاميركي والايباك الصهيوني في الولايات المتحدة، لن يفلح في الحد من ازدياد دائرة المقاطعة افقيا وعموديا. ولن ينفعها ايضا الفيتو الاميركي، لان المقاطعة تخرج عن دائرة نفوذ اي من المؤسسات الاميركية او الصهيونية الداعمة والمؤيدة لاسرائيل. وبالتالي رهان إسرائيل على حلفائها في الدول والمؤسسات، هو رهان خاسر بالمعنى الاستراتيجي والبعيد. خاصة وان المنابر والشركات والمؤسسات وحتى الدول كالاتحاد الاوروبي وغيرها، إنسجاما مع توجهاتها السياسية ومع مبادىء الشرعية الدولية وحقوق الانسان، ورفضها لخيار الاستيطان الاسرائيلي المتناقض مع التسوية السياسية، يملي عليها تطوير اشكال المقاطعة، ورفع سقفها للتأثير في صانع القرار الاسرائيلي.
ممكن لحلفاء إسرائيل ان ينجحوا هنا او هناك في محاصرة اوتكبيل بعض المؤسسات والمنابر والشركات الراغبة بمقاطعة إسرائيل، لكنها لن تنجح في المدى المتوسط والبعيد من إيقاف عجلة المقاطعة طالما دولة التطهير العرقي الاسرائيلية تواصل التهويد والمصادرة للاراضي الفلسطينية، وتضرب ركائز الحل السياسي، ولا تتوقف عن نهج الارهاب المنظم ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني ومصالحهم العليا. لكن حتى تتعمق عملية المقاطعة وترتقي إلى مستويات جديدة ومتقدمة ومؤثرة، فإن على القيادة الفلسطينية والاشقاء العرب وانصار السلام في العالم تكثيف النشاط والتواصل مع الدول والهيئات الاممية والقومية السياسية والاكاديمية والثقافية والفنية والاعلامية والاقتصادية والقانونية والرياضية لربطها بعجلة المقاطعة، وتوسيع ثقلها وتأثيرها القوي على صانع القرار الاسرائيلي، من خلال عزله ومحاصرته، وملاحقته في مختلف المنابر كمجرم حرب حتى يقبل بدفع استحقاقات التسوية السياسية وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67. انها حرب البقاء والانتصار على دولة اسرائيل الاستعمارية.
الاحد:7-6-2015
</tbody>
<tbody>
شؤون فتح
مواقع موالية لمحمد دحلان
(مقالات)
</tbody>
<tbody>
</tbody>
المواقع الإلكترونية الموالية لتيار دحلان
عنــــاوين المقــــــــــالات:
v ما (المصالح المشتركة بين إسرائيل وحماس) ؟
الكرامة برس /د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
v اليمن بين الماضي والحاضر
الكرامة برس /أيمن هشام عزريل
v في ذكرى النكسة: واقع واستراتيجية
الكرامة برس /أحمد سمير القدرة
v همسات لأذان صاغيه ..
صوت فتح/ د.ماهر جودة
v نكبة حزيران .. أجواء ما قبل الهزيمة..!
صوت فتح/ أكرم عطا الله
v اسرائيل: خشية من تحولات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضدها!!
صوت فتح/ هاني حبيب
v إسرائيل في القفزة الأخطر
صوت فتح/ يحيى رباح
v لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
امد/ مروان صباح
v الفـيـفـــا والعــلاقـــات المتبـادلـــة
امد/ حمادة فراعنة
v في الرؤية الجديدة : عبور الجسر
امد/ بكر أبو بكر
v المسكوت عنه ثماني سنوات
امد/ د.حسن السعدوني
v مرضى الفشل الكلوي بين مطرقة المعاناة وسندان الإهمال
امد/ أحمد يونس شاهين
v إحساس طبيبة بيطرية
امد/ د. مصطفى يوسف اللداوي
v حل السلطة الفلسطينية والخيارات البديلة !!!
امد/ منصور ابو كريم
v “وعد عريقات”!
فراس برس / حسن عصفور/
v المقاطعة توجع إسرائيل
الكوفية برس / عمر حلمي الغول:
مقــــــــــــــــــــــــــــ ـالات:
ما (المصالح المشتركة بين إسرائيل وحماس) ؟
الكرامة برس /د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
هذا التصريح من جنرال إسرائيلي هو أغرب تصريح سمعته. قال الجنرال (سامى تورجمان) - قائد اللواء الجنوبي- (إن إسرائيل وحماس تملكان أهدافاً ومصالح مشتركة، ولا يوجد بديل لحماس كسلطة سيادية فى قطاع غزة). وأوضح الجنرال ما يعنيه بالنقاط التالية:
-- أن البديل هو الجيش الإسرائيلي أو فوضى السلطة التى لا تقدر على فرض سلطتها هناك، حيث توجد تنظيمات متطرفة لا يلجمها إلا حماس.
-- أن السكان يرون فى حماس عنواناً (مرجعاً) لحل مشكلاتهم، ونحن أيضاً نريد عنواناً، وإلا سيصبح الموضوع الأمني أكثر إشكالاً.
-- كلا الطرفين يريدان الهدوء من أجل النمو والازدهار؛ فهم (أي حماس) يريدون هدوء المواطنين، وفى نفس الوقت تطوير الجانب العسكري - ولا نستطيع منعهم من ذلك - ولكنهم لا يريدون الجهاد العالمي، فهو يهددهم ويهددنا.
-- هناك مصلحة مشتركة فى أن لا تحدث أزمة إنسانية فى غزة.
(مقتبس من الشرق الأوسط فى 13-5-2001).
ما قاله الجنرال إنما هو تغطية لمصلحة مشتركة أكبر، لم يذكرها. فإن بقاء حماس صاحبة للسلطة المهيمنة فى غزة ومحافظة على هدنة هادئة وطويلة مع إسرائيل سوف يعزز الانشقاق الفلسطيني ويبقى الضفة الغربية تحت سلطة مهادنة متعلقة بقرارات دولية لا تنفذ، بينما الاستيطان يقضم الضفة تدريجيا حتى يجعل من إقامة دولة فلسطينية بحدود 67 دخاناً من غير نار وحلماً بعيد التحقيق. وهذا ما تريده إسرائيل، ولا يهمها بعد ذلك أن حماس لن تعترف بدولة إسرائيل، لأنها تتخذ من عدم الاعتراف ذريعة لرفض الاتفاق مع الفلسطينيين بشأن الدولة الفلسطينية. وتلك هي نقطة الالتقاء الرئيسية (أو المصلحة المشتركة الحقيقية) التى عناها الجنرال ولم يذكرها. كلاهما لا يريد دولة على جزء من أرض فلسطين لدوافع إيديولوجية مختلفة. إسرائيل تريد اغتصاب ما تسميه (أرض الميعاد) رويداً رويداً من خلال التوسع الاستيطاني، وتستفيد من عدم اعتراف حماس بها وتطرف برنامجها السياسي فى الادعاء بتهديد وجودها وأمنها وانتزاع الإمداد بالأسلحة الحديثة والدعم المالي والسياسي من حليفتها الكبرى: الولايات المتحدة.
فى إسرائيل يعيش الآن (2013) ستة ملايين إسرائيلي يهودي، ومليون ونصف عربي فلسطيني؛ أما فى الضفة الغربية فهناك (2,8) مليون فلسطيني وفى غزة (1,8) مليون فلسطيني؛ ويستوطن فى الضفة الغربية - بطريقة غير شرعية- (370) ألف إسرائيلي - وقد كانوا فى عام 2000 نصف هذا العدد. أما حماس فهي من جانبها لا تريد دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين، لأن ميثاقها الأساسي الذى يوجه برنامجها السياسي يعتبر كامل أرض فلسطين وقفاً لا يحق لأحد أن يتصرف فيه، وهدفها هو إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني. فعلى ماذا تعوّل حماس فى تحقيق هذا الهدف ؟ من منطلق كونها حركة إسلامية ناشئة من صلب جماعة الإخوان المسلمين، فقد تعوّل على تحقيق حلم دولة الخلافة الإسلامية، ومن منطلق كونها حزبا ذا برنامج سياسي فإنها قد تعوّل على أن يحدث انقلاب على السلطة كما حصل فى غزة عام 2007، وتنشأ دولة فلسطينية (مؤقتة) بحدود عام 67 إلى حين تحقيق الحلم. ثم ماذا ؟ هل هي ستحارب إسرائيل - أو تستفزها على الأقل كما فعلت فى غزة أكثر من مرة - وفى كل مرة تقوم إسرائيل بالتدمير والهدم والتقتيل أو
الاحتلال، ثم تبدأ الكرّة من جديد؟ أم تنتظر حماس قيام دولة الخلافة الإسلامية، ثم تمتشق سيف صلاح الدين الأيوبي لتحرير فلسطين ؟ هذا ليس استهزاءً، بل تعبيراً عن الابتعاد عن الواقع بتحويل الهدف إلى حلم، بدلاً من تحويله إلى واقع. وقد يتحول الحلم نفسه إلى كابوس إذا ظل اللاجئون فى مخيماتهم، والفقر والظلم ينغصان حياتهم، وعامة الشعب الفلسطيني محروم من نعمة الاستقرار والعيش فى وطنه آمناً موفور الكرامة.
سنسمع من يرفع شعار (حرب المائة عام) الذى قاله وطنيون عرب للحبيب بورقيبه ذات يوم، عندما نصحهم بالسلام مع دولة إسرائيل. وها قد مضت خمسون عاماً من تلك المائه، فهل أصبح وضع العرب والفلسطينيين أفضل حالاً ؟ واقع اليوم لا يؤكد ذلك. بالنسبة للفلسطينيين كانت هناك (منذ عام 1964) منظمة واحده تنطق باسمهم، هي منظمة التحرير الفلسطينية (أي قبل تأسيس حركة حماس بثلاث وعشرين سنة)، وزعيم واحد، هو ياسر عرفات، وتبنت المنظمه برنامجاً سياسياً واقعياً هدفه إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة؛ وحتى العرب اتفقوا على هذا الهدف (المبادرة العربية عام2000). أما الظهر العربي الذى كان يستند عليه الفلسطينيون فلم يعد قويا وصلباً، بل تضعضع، فلم يعد قادراً على إسناد نفسه، فكيف بغيره. صدام حسين غزا الكويت بدلاً من تحرير فلسطين، ومن بعده صارت إيران تحكم العراق من خلال عملائها، والشعب السوري يواجه الإبادة من حكامه (أبطال الصمود والتصدى!)، ولبنان ممزق بين طوائفه، ومصر شبعت من خوض حروب خاسرة، وهي مشغولة الآن بمحاربة أعدائها فى الداخل. وإسرائيل من ناحية ثانية دمرت مفاعل العراق الذري (عام1981) ومواقع مشروع مفاعل ذري فى سوريا (2007) ولم يقابل ذلك ردود فعل مكافئة. وكذلك دمرت إسرائيل البنية التحتية فى لبنان ومواقع حزب الله فى حرب (2006)، حتى أن حسن نصرالله تمنى - لو علم أن ذلك سيحدث - لو لم يستفز إسرائيل. ودمرت إسرائيل كذلك البنية التحتية فى غزة وهدمت المساكن على رؤوس أهلها فى عامي (2008 , 2014) رداً على إطلاق حماس لصواريخ على المدن الإسرائيلية. وهكذا فإن أهداف المواقف الثورية إذا اختزلت إلى مجرد إعلان بطولات وتسجيل مواقف أتت بنتائج عكسية تصب فى مصلحة العدو، ويكتوي بنارها الشعب المغلوب على أمره.
إن مصلحة حماس يجب أن تلتقى مع مصلحة الشعب الفلسطيني، وهي تخليصه من البؤس الذى يعيشه والبؤس الذى يحيط به؛ من خلال دولة فلسطينية فيديرالية (اتحادية) تقام على الضفة الغربية وقطاع غزة بحدود 67، إن هذا يتطلب من حماس أن تعيد النظر فى برنامجها السياسي غير الواقعي، وأن توحد أهدافها مع السلطة فى رام الله، بحيث تكون هناك مرجعية فلسطينية واحدة. إن ذلك سيقضى على ظاهرة التمزق والتخاصم المؤلمة والمزمنة، وسيحقق اعتراف العالم بدولة فلسطين وسيبطل حجج إسرائيل فى الاستيطان ويهودية الدولة (باعتبار ذلك عملاً عنصرياً).
إن واقع دولة فلسطينية تقام بحدود 67 سوف ينهى الوضع المأساوي لشعب فلسطين، ويمكّنه من أن يعيش حرّاً مستقلاً وآمناً؛ بل سيجعل المنطقة كلها مستقرة وآمنة من اتخاذ بعض الدول والحركات المتطرفة القضية الفلسطينية ذريعة لبسط نفوذها وهيمنتها على شعوب المنطقة، وكلما طال أمد القضية ازداد الرقص على أنغامها الحزينة؛ وهنا تلتقى المصلحة المشتركة بين إسرائيل والدول والحركات المتطرفة فى استمرار مأساة الفلسطينيين وتعطيل قيام الدولة الفلسطينية.
اليمن بين الماضي والحاضر
الكرامة برس /أيمن هشام عزريل
اليمن وعبر تاريخه الطويل، والمعاصر، شأنه شأن باقي الدول العربية هيمنت عليه تحالفات وقوى خارجية، كان هدفها سلب مقدرات ذلك البلد، وإرثه التاريخي، خرجت أصوات شعبه تطالب بالحرية، والاستقلال، والمستقبل، والوحدة، بعد انقسام طال وقتاً طويلاً، أحدهما شمالي، والآخر جنوبي، لأن طبيعة السياسة التي يشهدها اليمن عبر تاريخه السياسي، ومع ما ينطوي على الحياة السياسية من قوى، وأحزاب، بدأت تأخذ بعداً مختلفاً فرضتها ظروف التقسيم على تلك المسيرة، ودور الحركات الوطنية، حيث كان لكل من شمال اليمن، وجنوبه نطاقه الجغرافي، وحدوده السياسية، ونظامه السياسي، وبنيته الاقتصادية، كما لطبيعة النظامين في كلا الشطرين أجندة مختلفة عن الأخرى في الخصائص السياسية، والجذور الفكرية، والأيديولوجية، والتطلعات السياسية، قبل أن تتهيأ الأوضاع لتحقيق، وحدته الاندماجية.
والسياسية اليمنية في الشمال كذلك الحال في الجنوب تتأثر، بالتوازنات الإقليمية، والدولية، التي أفرزها الواقع الدولي، وخصوصاً اعتبارات بعض القوى الفاعلة في إقليم الخليج والجزيرة العربية، وما فرضته الأحداث، والتحولات السياسية الكبرى، التي شهدتها حقبة ما بعد الحرب الباردة من حقائق، ومعطيات جديدة كانت لها أثارها العكسية على الساحة السياسية في تلك المنطقة، والتي تمثلت بظهور حراك سياسي اجتماعي، فضلاً عن دور المنظمة الدولية في إقرار مبدأ التدخل الإنساني مطلع تسعينيات القرن الماضي، إذ أضحت قضية الديمقراطية، وحقوق الإنسان، مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي، والدعوة إلى التحديث، والإصلاح السياسي.
ومنذ قيام الوحدة بين الدولتين عام ١٩٩٠، وما تلاه من تعديلات دستورية في البلاد، كانت نقطة تحول في الحياة اليمنية السياسية، إذ بدأت الحركات الوطنية في البلاد باتجاه الاقتراب من التعددية، والمشاركة السياسية، والذي تعزز فعلياً، ودستورياً من خلال صدور دستور واحد للدولة، وإقرار قانون القوى السياسية في إطارها، وإجراء أول انتخابات رئاسية، وبرلمانية نقلت البلاد من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية، والسياسية، ثم واجهت دولة الوحدة تحديات جديدة في السنوات اللاحقة أملتها ظروف داخلية تمثلت بصراع الشركاء السياسيين على السلطة، وأخرى خارجية تمثلت بطبيعة التوازنات الإقليمية، والدولية، والتي ألقت بظلالها على الحياة السياسية برمتها، وكادت أن تعصف بالتجربة الديمقراطية، وبالتعددية السياسية، وحتى بتجربة الوحدة التي ولدت من خلالها تلك التجربة.
وقد كان العامل الخارجي المتمثل بالدور الأمريكي حاضراً في التطورات السياسية التي جرت في اليمن في السنوات الأخيرة، وتبدو تجليات ذلك في حالة الحرج التي بدت على صانع القرار الأمريكي في اختلال المعادلة السياسية في هذا البلد نتيجة الضغوط التي أملتها معادلات الربح والخسارة في إطار منظومة المبادئ من جهة، والمصالح من جهة أخرى في التعاطي مع نظام الرئيس صالح المتمسك بالسلطة من جهة، والمعارضة المتمثلة بأغلب أطراف جبهة اللقاء المشترك الساعية لإزاحة الرئيس صالح عن السلطة من جهة أخرى.
إن النقلة النوعية في حياة اليمن السياسية تزامنت مع إعلان دولة الوحدة، وهي الأخرى جاءت بفعل متغيرات إقليمية وداخلية عجلت من قيامها، إذ سجل إعلان الوحدة انعطافة تاريخية باتجاه تطبيع الديمقراطية، والمشاركة السياسية، وإن الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال المرحلة الماضية قد أسهمت في انتهاء حكم الحزبين الحاكمين (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي).. وبذلك يدخل اليمن أول مرة في تاريخه السياسي مرحلة التعددية الحزبية، وقد تعزز ذلك من الناحية الفعلية، والدستورية من خلال صدور دستور دولة الوحدة، الذي منح حق التنظيم السياسي، وحق الأحزاب، والتنظيمات السياسية ممارسة نشاطها إلى جانب الحزبين الحاكمين ثم صدور قانون الانتخابات البرلمانية الذي أقر عام ١٩٩٢، وإجراء أول انتخابات عام ١٩٩٣، تلتها انتخابات عام ١٩٩٧، النيابية بعد إنهاء الحركة الانفصالية التـي فجرها قادة الجنوب عام ١٩٩٤، ثم انتخابات عام ١٩٩٩، تلتها الانتخابات الرئاسية، وكان آخرها انتخابات عام ٢٠٠٦، الرئاسية التي فاز فيها الرئيس علي عبد الله صالح.
إن المتغيرات، والأحداث التي شهدها النظام السياسي الدولي منذ نهاية عقد الثمانينيات نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي، وكتلتـه الشـرقية–بآثارها السلبية، والإيجابية على شطري اليمن، قد عجلت من قيام دولة الوحدة التي بدأت إرهاصاتها الأولى مطلع سبعينيات القرن الماضي بين مد وجزر، تلك الوحدة فضل خيار الديمقراطية، والمشاركة السياسية موحداً سياسياً التي صنعت نظاماً إذعاناً لمتطلبات الوضع السياسي الدولي، وركوب موجة الديمقراطية التي عمت مناطق كثير ة من العالم الثالث.
ناهيك عن طبيعة التفاعلات العربية، والتوازنات الإقليمية المطلوبة في النظام الإقليمي العربي، لابد وأن تدفع باتجاه قيام الوحدة اليمنية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن قادة اليمن الجنوبي أصبحوا خارج تلك التفاعلات مما ولّد الشعور بالعزلة بعد أن فقدوا سندهم الدولي الاتحاد السوفياتي.. مفضلين خيار الانضمام إلى دولة الوحدة.
غير أن اليمن في الوقت الراهن يعيش تحت وطأة أزمات داخلية، وصراعات سياسية من نوع آخر منذ عام ٢٠٠٤، تلك الأزمات التي قد تعصف بوحدته، واستقراره بدءاً بالصراع العسكري الذي يدور بين الحكومة اليمنية، والحوثيين بالحراك
السياسي في الجنوب، وسعي بعض قياداته للانفصال عن الشمال، وانتهاءاً بالأزمة الأخطر، المتمثلة بعودة الجماعات المسلحة، التي صعدت من عملياتها منذ عام ٢٠٠٠، بالهجوم على المدمرة (كول) الأمريكية، حتى وصل الحال إلى حد إعلان اليمن مقراً لقيادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
إن التمرد الذي يجري في الشمال، والحراك السياسي في الجنوب، ما كان ليفعل فعله لولا وجود دعم، وتأييد خارجي من قوى إقليمية، ودولية لها أجنداتها المختلفة، ساهمت في إثارتها بين الحين والآخر، ولاسيما الصراع الدائر مع الحوثيين..وفي مقدمة هذه القوى دون شك–إيران، والولايات المتحدة، والسعودية، ومعها دول الخليج العربي–في إطار صراع المصالح الدائر بين تلك القوى، مما سيلقي بظلاله في المستقبل المنظور على الحياة السياسية اليمنية.
في ذكرى النكسة: واقع واستراتيجية
الكرامة برس /أحمد سمير القدرة
في الخامس من يونيو قبل ثمانية وأربعين سنة, وضمن جولات الصراع العربي – الإسرائيلي, اندلعت الحرب الثالثة بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا ولبنان, والتي سبقتها حرب الـ 48 والعدوان الثلاثي على مصر في الـ 56, وقد كان من نتائج الحرب الثالثة في الـ 67 أن منيت القوات العربية بالهزيمة, واقدمت القوات الإسرائيلية على احتلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وسيناء, وتشريد ونزوح وتهجير الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة.
في أعقاب الحرب عقدت جامعة الدول العربية قمتها الرابعة في شهر أغسطس في مدينة الخرطوم, والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاثة (لا صلح لا اعتراف لا تفاوض), وتمسك المؤتمرون بهذه بالثوابت وعدم التنازل عنها إلى أن تعود الحقوق إلى أصحابها!!. كما أن مجلس الأمن في شهر نوفمبر من نفس السنة أصدر القرار رقم 242, والذي كان بمثابة حل وسط لمجموعة من مشاريع القرارات والمقترحات التي تم طرحها للنقاش بعد الحرب والهزيمة, والذي نص صراحة على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت إثر الحرب, وما لفت الانتباه آنذاك أن كلمة الأراضي التي وردت في القرار قد جاءت في الترجمة الانجليزية أراضي, وفي نص الترجمة الفرنسية الأراضي, فالأولى غير ملزمة بالانسحاب الكامل من الأراضي التي تم احتلالها, والانسحاب الجزئي من بعض الأراضي التي تم احتلالها, أما الثانية فهي تؤكد على ضرورة الانسحاب الكلي من الأراضي التي احتلت, وهو ما تؤكد عليه الدول العربية وتعارضه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
منذ أن أقدمت إسرائيل على احتلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس, شرعت في استكمال سياستها الاحلالية العنصرية القائمة على الاستلاء على الأراضي وطرد السكان منها ومصادرتها وإقامة المستوطنات على تلك الأراضي من خلال المشاريع الاستيطانية كمشروع ألون ومشروع فوخمان ومشروع شارون الأول والثاني وغيرها من المشاريع والتوسع والتمدد المستمر في تلك المستوطنات, إلى جانب إقامة جدار الفصل العنصري الذي أقيم على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية, والاستمرار في انتهاك المقدسات وأعمال الحفريات المستمرة حول وأسفل المسجد الأقصى, وسياسة تهويد الأماكن والمقدسات لطمس الهوية والتراث العربي عن تلك الاماكن والمقدسات, وسعيها للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, بالإضافة إلى تنفيذ الجرائم والاعتداءات والاعتقالات بحق أبناء الشعب الفلسطيني والانتهاك الممنهج للحقوق الفلسطينية, بالتزامن مع الرفض الصارخ وغض الطرف والضرب بعرض الحائط لكافة القوانين والقرارات الدولية الشرعية الداعمة والمساندة للقضية الفلسطينية, والانتهاك المستمر للقوانين والمعاهدات الدولية وارتكابها لجرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي. في شهر سبتمبر 2005 أقدمت إسرائيلي على فك الارتباط من جانب واحد و الانسحاب من قطاع غزة بعد احتلال استمر 38 سنة, وهذا الانسحاب عائد لأسباب سياسية واقتصادية وديمغرافية, تصب جميعها في استهداف المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية, وتقويض فرص إقامة الدولة الفلسطينية بالفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة, من خلال سياسة فرض الوقائع على الأرض باستمرار مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني وبناء جدار الفصل العنصري, وبالرغم من الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة, إلا أن القطاع مازال خاضع للاحتلال والسيطرة الإسرائيلية, من خلال فرض الحصار والتحكم بالمعابر والانتهاكات المستمرة براً وبحراً وجواً, والاعتداءات المتسمرة وارتكاب المجازر من خلال الحروب الثلاثة التي نفذتها تجاه غزة والتي كان آخرها
في صيف 2014. إذ أن هذه السياسة التي أصبحت استراتيجية إسرائيلية ثابتة لم تكن لتستمر وتتجذر لولا الدعم والمساندة السياسية والقانونية والعسكرية الأمريكية لإسرائيل, والصمت والتراجع العربي.
واستذكاراً لمجمل القرارات والمبادرات والمشاريع التي طُرحت سواء عربياً أو إقليمياً أو دولياً من أجل التوصل لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي, بعد حرب يونيو1967 فقد اصدر مجلس الأمن القرار رقم 242, كما صدر القرار رقم 338 بعد حرب 1973, ومن ثم عُقد مؤتمر مدريد عام 1991, وفي عام 2002 أطلقت الجامعة العربية مبادرة السلام العربية, ومن ثم خارطة الطريق التي قدمت من قبل اللجنة الرباعية في ديسمبر 2002, كما تقدمت الدول العربية بمشروع لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في نهاية سنة 2014, ويتم في الوقت الراهن العمل لصياغة مشروع لتحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي من قبل فرنسا, هذا بالإضافة إلى جولات المفاوضات المتعددة بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي منذ اتفاقية أوسلو والتي كان آخرها في 2014 والتي كسابقاتها منيت بالفشل لاستمرار التعنت والرفض الإسرائيلي لكافة المطالب والحقوق الفلسطينية, كما أن كافة القرارات التي صدرت من قبل مجلس الأمن لم يتم تطبيق أي منها, وكافة المبادرات والمشاريع اصطدمت بالتعنت الإسرائيلي والاصطفاف والمساندة الأمريكية لإسرائيل.
وأمام هذا الواقع واستمرار السياسة الإسرائيلية المتعاقبة, والخطر الذي بات يهدد القضية في ظل العنصرية والتطرف التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية, وفشل كافة المساعي العربية والإقليمية والدولية لتحريك عملية السلام للتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية, ومع استمرار التحديات التي تتعرض لها القضية جراء ما يشهده الإقليم من تحولات وتغيرات جيواستراتيجية, فقد تبنت القيادة الفلسطينية استراتيجية التصادم والاشتباك والمواجهة الدبلوماسية من خلال التوجه للمحافل الدولية لانتزاع الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, فتم الاعتراف بفلسطين دولة عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2012, والانضمام للعديد من المنظمات والهيئات والمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات الدولية, والتوقيع على ميثاق روما والانضمام للمحكمة الجنائية الدولية, وهذا يأتي ضمن الاستراتيجية الفلسطينية التي تبنتها القيادة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي من خلال تدويل القضية الفلسطينية, وهذه الاستراتيجية ترتكز على استصدار قرار من مجلس الأمن ينهي الاحتلال للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية, والتأكيد على أن مرجعية السلام هي مبادرة السلام العربية, وضرورة تنفيذ إسرائيل لكافة قرارا الشرعية الدولية, فقد حققت هذه الاستراتيجية خلال الفترة السابقة ثورة في البرلمانية الأوروبية حينما صوتت بالاعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية واعتراف السويد بالدولة الفلسطينية, وحملة المقاطعة التي تمارس ضد إسرائيل من قبل دول أوروبية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأكاديمياً, إلا أنه لا يمكن لهذه الاستراتيجية والمساعي والجهود التي تبذل داخلياً وخارجياً من أن تحقق أهدافها طالما أن الانقسام الفلسطيني مازال مستمر, وطالما أن هناك تشكيك حول التحركات التي تبذلها القيادة والسلطة الفلسطينية والاشتباك السياسي والاعلامي بين أطراف الانقسام, واستمرار لهذه الاستراتيجية وتفعيلها فالمطلوب هو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية, والاتفاق الشامل بين كافة المكونات الفلسطينية على استراتيجية وبرنامج وطني شامل وفق رؤية وطنية مشتركة وتوحيد القرار السياسي الفلسطيني, لمواجهة التحديات والمشاريع التي يتعرض له المشروع الوطني الفلسطيني.
همسات لأذان صاغيه ..
صوت فتح/ د.ماهر جودة
الأخوة المناضلين أبناء حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هيكلاً رسمياً فاعلاُ و جماهير عريضة مناضلة : سأبدأ حديثي مستأذنكم وليس مسقطاً عليكم ما أريد وليس بمنطوق الصليب الأحمر في انهائه للخلافات بين الفرقاء بل بمنطوق أنني ابناَ وفياً لهذه الحركة، أعتز بماضيها وأثمن حاضرها وأتمنى المستقبل الزاهر لها في قيادة الشعب الفلسطيني لاستكمال المشروع الوطني وهو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، ودحر الاحتلال، ولا أرى غضاضة في أن نطرح طرحاً جديداً وحواراً فتحاوياُ جاداً ومعمقاً ومغايراً فالهدف منه هو رأب الصدع داخل هذه الحركة العريضة
المكافحه المجاهدة التي تحملت الكثير لما له من مصلحةً لأبناء هذه الحركة، وكذلك بما يعود بالفائدة المرجوة على الشعب الفلسطيني في إنفاذ وتحقيق مطامحه في التحرر والاستقلال بدلاً من الانخراط والاندماج في خلافات جانبية وهامشية فرعية .
أعتقد أننا لا نتحدث بالألغاز أو بالإيماءات بقدر ما نريد أن نفكر سوياَ بصوت عالِ في خلافات الحركة الداخلية بين وجهة نظر سيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن ) رئيس السلطة الوطنية الفلسطنية ورئيس اللجنة المركزيه لحركة فتح وبين والأخ المناضل محمد دحلان (أبو فادي )عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مع أن الخلاف ليس ابتداع أو اختراع بل هوا ديدن الحركات والفصائل الفلسطينية نتيجة للتنوع الفكري داخلها ولكن الخلاف يكبر ويتمدد أمام أعيننا وتعدى رؤية الأخوين في الخلاف بقدر ما استشرى في القاعدة، فرأينا ونرى كل يوم الاصطفاف غير المقنع حتى لأصحابه لدرجة المغالاة فيه من خلال تجمعاتنا وانتخاباتنا الداخلية، لدرجة أننا قد وصلنا إلى التحدث بلغة ليس فيها استفادة بل إذكاءً وتأكيداً للخلاف، فبعد كل انتخابات نسمع أنه في المنطقة كذا لهم ثلاثة ولنا أربعة وفي الإقليم الآخر لهم رقم ولنا رقم ، وحتى عندما يكون تنافسنا مع الغير نسمع نفس اللغة، مما يكرس مبدأ تقسيم المقسم وتجزئة المجزئ والباقي عندكم .
لا نريد إخواني الإسهاب في التشخيص فجلنا بارعين في هذه المهارة، وكثيراً نحن ما نمارسها في أحاديثنا ونقاشاتنا . وكثيراً ما نسمع المحاولات الخليجية أو المصرية لإنهاء الخلاف محورها العين على "أبو مازن" والقلب مع "أبو فادي"، وأخيراً كانت في لبنان واستشعرنا من الجميع الترقب بإيجابية ما سينتج عنه الحوار .
أعتقد إخواني الكرام في علم التفاوض وفي حدود علمي طالما الفريقين قد قبلا الجلوس حتى في وجود وسيط إذاً على الأقل هناك أكثر من 50% قبولاً لرؤية الآخر وإقرارها في إنهاء الخلاف وهذا أمر جيد يبنى عليه . لكن للأسف و هذا ما يحزنني وما دعاني للكتابة الذين يرقبون الحدث التفاوضي والخلاف من مشجعي ومناصري الفريقين ومن على أطرافهما من الطفيليين وهم قله الذين تم الاصطلاح عليهم بأنهم المعتمدون والمستفيدون والمسببون للمرض وكذلك المسؤولون عن انتشاره لما لهم من مصلحة ضعيفة في ذلك يتم تناوله على استحياء، وكأننا عاجزون على أن ندفع ونسجل وقفة جادة في إنهاء الخلاف امتثالاً لقوله تعالى ( ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) وأن نكون كتلة ضاغطة على الفريقين لرص الصفوف داخل مؤسسات الحركة وأكثر من ذلك في التئام الجرح بين أبنائها .
لذا فإنني أتمنى على الجميع وأثق بشجاعتكم وقدراتكم وأثمن نضالكم في أن نعيد التفكير في استراتجية يكون لنا نحن القاعدة دور واضح وحقيقي لما يتناسب مع طبيعة وضعنا الحساس وتحديداً في قطاع غزة ولا ننتظر تعليمات أو تعميمات من هنا وهناك ،لأن القاعدة دائماً هي المرتكز والأساس ّ الحقيقي لنقوم بمد جسور الثقة من جديد وبطريقة عكسية إلى رأسي الهرم، ولو أني لم أسمع رياضياً عن هرم برأسين . لكن في الخلاف قد يكون له عدة رؤوس .
فلعل وعسى أن يكون نهاية بلا رجعة في هذا الخلاف الذي بدأ شخصياً وتمدد سريعاً حتى أصبح مجتمعياً .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ ملاحظة : كل أرائكم في هذا الموضوع هي اراء وطنية تحترم وستكون رافعه في انهاء الخلاف ودمتم
نكبة حزيران .. أجواء ما قبل الهزيمة..!
صوت فتح/ أكرم عطا الله
تبدو العودة إلى ما حدث قبل نصف قرن من كابوس لم تستفق الأمة العربية منه، بعد كل هذا الوقت الطويل، ما يشبه العبث في جرح غائر لم يندمل برغم الزمن، ولكن هذه العودة ضرورية لأن القرار العربي بعد كل هذا التاريخ يعود لنقطة الصفر، مطالباً بما كان يعتبره هزيمة للأمة عندما احتلت إسرائيل مساحة 78% من فلسطين التاريخية، وتتبدى هذه الضرورة أكثر
ونحن نقف على مسافة من تلك الذكرى الكئيبة، لنعرف أن الشعب الفلسطيني دفع عشرات آلاف الشهداء على امتداد ثورته الحديثة، محاولاً استعادة هذا الجزء الذي كان بيد العرب، قانعاً هذا الشعب أو خانعاً.
فقد تحول هذا الذي كان ممكناً إلى حلم لدى الفلسطينيين بعد كل هذه التجربة الطويلة، وعلى وشك أن يتلاشى؛ لأن ما حققته إسرائيل أبعد من طموحاتها وأحلامها حين اكتشفت اكتمال سيطرتها على الضفة الغربية أمام صمت العالم وتجاهل العرب لم تعد مستعدة لإعادتها .. تماماً كما حدث صبيحة انتصارها عام 67 فقد كان قادة إسرائيل وجنرالاتها مأخوذين بنشوة اللحظة، غير قادرين على استيعاب حجم ما تحقق، وعندما أفاقوا من صدمة النصر هالهم أن «انتصارهم أضخم من أن يكون حقيقياً» كما قال رئيس أركان الحرب حينها إسحق رابين.
فقد احتلت إسرائيل أضعاف المساحة التي احتلتها عام 48، وإذا كانت عند إقامتها اعتدت على أراضي دولة واحدة هي فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني؛ ففي حزيران 67 استولت على أراضٍ من ثلاث دول عربية كانت مستقلة في قرارها وجيوشها.
فلا تقل كارثة 67 عن كارثة 48 فقد تبددت حينها أمال العرب بهزيمة إسرائيل، بل إن إسرائيل رسخت نفسها كدولة قوية، بعد أن ظل ذلك مدعاة للشك طوال عقدين، ليس لدى الفلسطينيين والعرب فحسب، بل حتى بالنسبة لليهود والعالم، الذين لم يحزموا حقائبهم فور إقامة الدولة، ولكن بعد تلك الحرب أصبحوا أكثر يقيناً أن هناك جيشاً قادراً على حمايتهم ودولة باقية.
أثير، سابقاً، جدل حول تسميتها بالنكسة على الرغم من ضخامة الكارثة التي تجاوزت بكثير من المقاييس سواء من حيث بقاء الدولة أو انكسار الحلم الفلسطيني أو من حيث ضياع ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، فلماذا الأولى النكبة والثانية تم تخفيف وقعها سميت بـ «النكسة»؟ لقد قدم بعض الكتاب المصريين تفسيراً لذلك، هو أن من أطلق عليها لقب النكسة هو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي كان أحد مستشاري الرئيس جمال عبد الناصر، ولأنه من دائرة القرار ويتحمل المسؤولية عمد إلى تخفيف وطأة الكارثة.
لكن المثير بالعودة إلى تلك الهزيمة هو الأجواء التي سبقتها، والتي كشفتها جملة من الوثائق الإسرائيلية ومحاضر الاجتماعات التي أفرجت عنها إسرائيل، نهاية تسعينيات القرن الماضي، بعد مرور ثلاثة عقود على الحرب.
ففي الوثائق ما يكشف عن المقدمات التي أفضت إلى النتائج، باعتبار أن سياقات الأحداث في حركة التاريخ مترابطة إلى الحد الذي يكفي أن تقرأ أحد أجزائه لتطل على الآخر، فالماضي هو مقدمة الحاضر والحاضر هو امتداد لهذا الماضي، وكلاهما يشكلان مفتاح وخريطة المستقبل.
إن من يقرؤون الحاضر باندهاش مما حدث أو يحدث في الإقليم، بالتأكيد تعوزهم الثقافة لقراءة الماضي القريب والبعيد، والذين كان لديهم أمل في بدايات اضطراب المنطقة والدول المحيطة بما عرف بالربيع العربي، لم تكن لديهم القدرة على الربط بين ماضٍ شكل بكل تفاصيله وصراعاته وخياناته وانكساراته ومستوى ثقافته مقدمة لحاضر دام هو امتداد طبيعي لذلك الإرث، وما يمكن أن يخبئه الأول والثاني لمستقبل المنطقة التي تتفتت بشكل يثير الحزن بدرجة أكبر حتى من النكبة والنكسة في عواصم، انعقد عليها الأمل ذات يوم لإزالة آثار العدوان، أو هكذا رفعت شعارها، لتجد نفسها على وشك أن تزال من الخارطة، هكذا حصل لبغداد ودمشق وكاد يحدث لمصر ..
إن العودة للوثائق وهي كثيرة، بالرغم من أن الكثير أيضاً لم ينشر بعد، وما زال حبيساً في ملفات الأمن الإسرائيلي، تحت تصنيف سري للغاية، لكن ما تيسر يمكن أن يغطي الكثير من الخفايا التي تبرر أو تعترف بأجزاء من أسباب الهزيمة المذلة، وجوانب الضعف لدى الدول والجيوش العربية، وعلى الجانب الآخر عوامل القوة لدى الإسرائيلي ومنها:
1- أن إسرائيل اتخذت قرار الحرب مع نهايات عام 66، وأكثر من وثيقة اجتماع تشير إلى ذلك، بعد أن تمكنت من تصنيع القنبلة النووية التي تضمن حسم الحرب لصالحها إن اضطرت لاستعمالها، وهذا أنجزته خلال عقد ونصف منذ اتخاذ القرار عام 49، فيما كان العرب مشغولين بانقلابات وصراع سلطة.
2- عندما كان النقاش صاخباً في دوائر المؤسسة الإسرائيلية وهي تناقش قرار الحرب وتحدد الأهداف والوسائل، فمثلاً، كان مصطلح اصطياد مصر بـ»الرمح»، وسورية بـ»الشبكة»، أي أن المطلوب أن تجرح مصر وتنزف ..
من يقرأ الوثائق يجد قدراً كبيراً من الاستخفاف بالجيوش العربية وثقة أكبر بالنفس وبالجيش الإسرائيلي، فمنذ كانون الأول 66، كانت النقاشات تتركز ليس على «هل»، بل على «متى» و»كيف»، وفي الوقت الذي كانت تعتبر المؤسسة أن جيش إسرائيل قادر على الانتصار بلا شك، كانت تعرف أن مخازن السلاح الروسية مفتوحة بالمقابل للجيوش العربية، مثل جيشها الذي فتحت له مخازن أخرى، وقد ثبت أن لذلك الاستهتار ولتلك الثقة ما يؤكدهما.
3- قالت الوثائق: إن اثنين من الزعماء العرب كانا ينتظران فرصة القضاء على الجيش المصري بعد استنزافه في اليمن، كانت قيادات إسرائيل السياسية والعسكرية تدير خلافاتها وفقاً لأصول المؤسسة وبدافع الحرص على الدولة أو ما تسميه «الأمة اليهودية»، فيما الأمة العربية تطعن بعضها من الظهر.
4- إن هناك قدراً كبيراً من الجهل لدى العرب في إدارة معاركهم وأجهزة دولهم وحتى تحليل المعلومة والعلاقات الخارجية، فيما على الجانب الآخر قدر من الدهاء أدارت به إسرائيل مقدمات حربها، بدءاً من جهوزية الجيش وأجهزة الأمن وحتى الصحافة، وصولاً لتغيير الموقف الأميركي الذي كان يرفع بطاقة حمراء في وجه إسرائيل، حتى لا تقوم بشن عدوان إلى تغييره للون الأخضر وتغطيته حتى، وكذلك الانتقال السلس من الغطاء الفرنسي للغطاء الأميركي.
العالم العربي اليوم ليس أفضل حالاً بعد كل هذا الزمن الطويل من الانكسار، لكن اللافت أن الجيوش العربية يتم اصطيادها الآن ليس بالرمح أو بالشبكة ولكن بالسيوف وبدعم من دول عربية أخرى ..
الجيش العراقي تفكك والجيش السوري ينزف بشدة فيما الجيش المصري يستدرج في رمال سيناء، هذه كانت أحد تقديرات القوة الإسرائيلية نهاية العام الماضي، وهي تبشر بعوامل القوة الإسرائيلية مطلع العام الجديد في تقرير الأمن السنوي.
إذا كانت المرحلة، التي سبقت حزيران، مشكوكة بالضعف العربي، الآن نحن أمام انكشاف خطير بعد عملية تفكيك الدول والجيوش، هذا أكبر مما أرادت إسرائيل، أو كما قال رابين، ذات يوم حزيراني كئيب وهو يحتفل بالنصر: too good to be true، شيء لا يصدق .. إنها النكبة الثالثة..!
اسرائيل: خشية من تحولات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضدها!!
صوت فتح/ هاني حبيب
للمرة الثانية خلال فترة قصيرة، يلمح البيت الابيض الاميركي، ان الولايات المتحدة، لن تستخدم حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن، لصالح اسرائيل بصورة تلقائية، كما فعلت دائما طوال العقود الماضية، عندما استخدمت هذا الحق بشكل دائم، بصورة اتوماتيكية، ضد اي قرار دولي ينال من اسرائيل ويدين جرائمها، ظل «الفيتو» الاميركي سيفاً مسلطاً على المجموعة الدولية بشكل عام، والقضايا العربية والفلسطينية على وجه الخصوص، كلما كان هناك مشروع مقدم الى مجلس الامن، يفضح اسرائيل ويدين جرائمها المتوالية، وما يشكله هذا المقترح المتكرر من قبل واشنطن حول هذه المسألة، انما هو اعتراف لا اوضح، بأن واشنطن استخدمت هذا الحق، على وجه ينال من العدالة الدولية ويشكل انحيازا سافرا ضد الحق والعدل.
يثير هذا التصريح، المتكرر، العديد من التساؤلات، فيما اذا كانت واشنطن باتت تشعر بحرج متزايد نتيجة لوقوفها السافر دعما للارهاب الاسرائيلي، وفيما اذا كانت اميركا، حقا، ستعيد النظر باوجه استخدام هذا الحق، عندما يتعلق الامر باسرائيل، ام ان هذا التصريح، مجرد اداة من ادوات الضغط، على ضوء توتر العلاقات بين البيت الابيض والادارة الاسرائيلية برئاسة نتنياهو؟!
وللتذكير، ففي الوقت الفاصل بين التصريحين الاميركيين حول هذه المسألة مارست واشنطن المزيد من الضغوط على باريس، كي تؤجل هذه الاخيرة، التوجه الى مجلس الامن بمشروع قرار ينطوي على اجبار اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبالفعل رضخت فرنسا لهذه الضغوط، مبررة ذلك بالانشغال حاليا بالملف الايراني، الامر الذي يشير الى ان واشنطن، رغم تصريحها بشأن حرجها من المواقف الاسرائيلية واعادة النظر باستخدام «الفيتو» الا انها
ما تزال، على سياستها بدعم اسرائيل، وكل ما تفعله هو انقاذها من براثن اي قرار من الممكن ان يصدر عن مجلس الامن، والضغط الاميركي، على فرنسا بهذا الصدد، محاولة للتهرب من الاحراج الذي ستقع تحت طائلته، لو ان فرنسا اقدمت فعلا على التقدم بمشروعها الى مجلس الامن، واضطرار اميركا، بطبيعة الحال، التخلي عن مضمون تصريحها، والوقوف الى جانب اسرائيل باستخدام حق النقض «الفيتو» ضد المشروع الفرنسي، واستجابة باريس لهذه الضغوط وفرت على واشنطن خضوعها للامتحان والاختبار، حول صدقيتها بمضمون تصريحاتها.
مع ذلك، لا يجب التغاضي عن اهمية التصريح الاميركي المشار اليه، اذ انه يمنح المعارضة الاسرائيلية سلاحا بالغ الاهمية، سيتعلق باتهام موضوعي، لحكومة نتنياهو بانه يعرض امن اسرائيل للخطر، بينما تؤدي سياسته التوتيرية مع البيت الابيض، الى دفع الحليف الاستراتيجي الوحيد الموثوق، للتخلي عن معارك اسرائيل السياسية، وتركها وحدها عرضة لمزيد من الحصار السياسي والعزلة الدولية، فيما اسرائيل تخسر المزيد من الحلفاء(!) فان دولة فلسطين وفي نفس الوقت تكسب العديد من الاعترافات والتأييد من قبل الرأي العام الاوروبي، من خلال تصويت برلمانات اساسية لصالح رفع حكومات اوروبا للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية.
ويبدو للوهلة الاولى ان التصريح الاميركي حول استخدام حق النقض، يأتي في اطار التوترات المتزايدة بين البيت الابيض وادارة نتنياهو - كما سبق اشرنا - غير ان هناك بعض المؤشرات التي تشير الى ان هذا التصريح، يعود، ولو جزئياً ، الى متغيرات ذات اهمية لدى الرأي العام الاميركي تجاه اسرائيل، خاصة اثر بعض المواقف التي اتخذتها بعض الجامعات ومراكز الابحاث الاميركية، بمقاطعة نظيراتها في اسرائيل، خاصة تلك الجامعة الرسمية التي اقامتها اسرائيل في احدى مستوطنات الضفة الغربية، غير ان اهم مؤشر في هذا السياق، ان تيارا داخل الحزب الديمقراطي بات يسهم علنا في انشطة BDS حركة المقاطعة الدولية لاسرائيل التي تعتبر اكبر مصدر قلق لاسرائيل نظرا لسعي هذه الحركة، بشكل معلن، لنزع الشرعية الدولية عن الكيان الاسرائيلي، هذا التيار داخل الحزب الديمقراطي، اخذ يتعاطى بنشاط مع جهود هذه الحركة، ما تخشاه اسرائيل تزايد هذا التيار، وتأثيره على الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية، اذ قد يضطر المرشح الديمقراطي، الى تبني شعارات هذا التيار، لكي يفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي.
ان ما اثاره تصريح رئيس شركة «اورانج» من القاهرة، حول وقف عمل الشركة في اسرائيل، من جدل حول المقاطعة، ورغم تراجع رئيس الشركة عن تصريحاته وتفسيرها باعتبارها ذات ابعاد اقتصادية تجارية بحتة، مع ذلك، فإن نجاح الحملة المصرية لمقاطعة شركة «موبينيل» قي مصر، الشريك لشركة بارتنر الاسرائيلية، التي تدعم وحدتين عسكريتين، في الجيش الاسرائيلي وتأثير هذه الحملة على مقاطعة الشركة الأم، اورانج، للشريك الاسرائيلي، يعتبر انتصاراً باهرا لهذه الحركة المصرية العربية التي قادها المناضل حمدين صباحي، وهي نموذج، لما يمكن العمل به، لمقاطعة اوسع، على النطاق العربي، خاصة بعد دعوات لم تثمر بمقاطعة شركة «كاتربلر» التي تقوم جرافاتها بهدم بيوت ومؤسسات الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلة.
إسرائيل في القفزة الأخطر
صوت فتح/ يحيى رباح
إسرائيل، في ظل حكومة نتياهو الرابعة، تقفز القفزة الأخطر في تاريخها، وإذا لم نتصرف بحكمة وشجاعة وتماسك وطني من نوع خارق، لجعل هذه القفزة الاسرائيلية في الفراغ وتصبح الدولة الفلسطينية هي الحل وهي الإنقاذ، فإن القضية الفلسطينية كلها من أولها الى آخرها ستكون في خطر محدق، وبالتالي فإن المنطقة العربية كلها ستصبح تحت سقف سياسي جديد، تكون فيه اسرائيل هي السيد المطلق، وهي المقرر النهائي، وهي التي ترسم الخرائط لاعراق وطوائف في هذه المنطقة كانت الحركة الصهيونية واداتها الوكالة اليهودية على علاقة معها منذ اللحظة الاولى.
دعونا نستعرض بعجالة المنطق السياسي الذي تتعامل به اسرائيل على المكشوف منذ شكل نتنياهو حكومته الرابعة:
نتنياهو يقول ان مبادرة السلام العربية قد تجاوزها الزمن، ومعروف ان هذه المبادرة التي عرضت في القمة العربية 2002 قد تطورت وترسخت في العمل السياسي العربي لتكون هي المبادرة السياسية العربية الأبرز -ان لم تكن الوحيدة- يحيط بها غلاف اسلامي ودولي، وان النظام الاقليمي العربي ظل يتمسك بها، ويعيد طرحها، دون اي نوع من القبول من الجانب الاسرائيلي، ثم تطور نمط العلاقات داخل اسرائيل بحيث اصبحت هذه المبادرة غير قابلة للتداول اسرائيليا، لان اسرائيل– الكيان الوظيفي-، تتعامل مع حقائق الواقع، ومع المستجدات، ولا تتعامل مع النظريات والفرضيات، وفي الثماني سنوات الاخيرة اصبح الانقسام الفلسطيني وما يسمى كذبا بالربيع العربي في خدمة اسرائيل بالمطلق، وفي خدمة التطرف الاسرائيلي بالمطلق، فكيف بالله عليكم لا يكون المجتمع الاسرائيلي متطرفا في مواجهة هذا الانقسام الفلسطيني الرخيص بل المجاني الذي حرضت عليه وتديره حاليا اطراف عربية واسلامية لا وزن لها اطلاقا في معادلات السياسية في االمنطقة.
ونتنياهو يعلن على المكشوف ان عناصر حل الدولتين لم تعد قائمة، وهو نفسه الذي سلم كل صلاحياته للاستيطان، بل ان دولة للمستوطنين في الضفة تلوح في الافق، وسريان القوانين الاسرائيلية على المستوطنات في الضفة هو القاعدة الرئيسية لدولة المستوطنين الذين يسابقون الزمن في فرض الأمر الواقع.
بلا شك، نجحنا فلسطينيا في جعل قضيتنا ومطالبنا وحقوقنا العادلة في حالة من التداول، عبر دخولنا في حيثيات المجتمع الدولي،عبر الإتفاقات الدولية، وعبر طرق أبواب مجلس الأمن، وعبر إدارة ناجحة لما بين أيدينا بشهادة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وإطار الدول المانحة والأمم المتحدة والمؤتمرات التي عقدت لإعادة إعمار غزة، ولكن الانقسام عثرة في طريقنا، والأخطار التي تهدد غزة تستغلها إسرائيل، انظروا مثلا كيف أن إسرائيل تدعي انها تحارب "داعش" الآن في قطاع غزة، وهذا ما حذرنا منه مرارا، لأن حماس التي استعانت على الشرعية الفلسطينية بكل ما هو شاذ، وذهبت الى كل الشياطين كي تبرر لنفسها عدم التقدم باتجاه فلسطين عبر المصالحة، تواجه اليوم ما صنعت يداها، وتعرض قطاع غزة للتدمير النهائي، والانسياق الأعمى لأية مشاريع مثل الذي نسمعه عن دولة مؤقتة، ومنصة بحرية، واتصالات مع اسرائيل دون أن يكون في يدها شيء سوى الأوهام والمقامرة.
لا بد من تصعيد حالة المواجهة الفلسطينية بعيدا عن الأدوات التقليدية مثل البرلمان العربي الإسلامي، فيجب أن نبحث عن الذين هم معنا في دائرة الخطر ليكون الحلف أكثر موضوعية وعملياتية، يجب أن تتغير آليات المواجهة، يجب أن نحول هذا الطموح الإسرائيلي المجنون إلى قفزة قاتلة في الفراغ.
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
امد/ مروان صباح
نحمد الله على إبقاء نعمة الأوكسجين والمطر قرارهما قرار الالهي دون تمكين البشر من التحكم بهما ، ولو كان الأمر غير ذلك لكان الوضع مأساوي ، بل ، قد يعجز الخيال عن تخيل ما يمكن أن يحلّ من كوارث بالبشر ، وقد يكون لجوء الكثير من الناس الي بعض المهن المنافية للآداب العام والتى يشار اليها بالمهن اللأخلاقية ، هي ،نتيجة طبيعية لغياب التكافل والتضامن مع الآخرين بالضّرّاء ، وهذا ، بالطبع ، لجوء فيه بعض الذكاء الخبيث ، لأنه قائم على البحث الدقيق لغرائز الإنسان ، وخصوصاً ، المقتدر ، الذي يحتاج إلى دغدغة غرائزه كي يستخرج المال ، وفي غياب الفئات الثلاثة من المجتمع ، الكاظمين والعافين والمحسنين ، تتحول الحياة إلى مشروع غاب فاشلة ، لا تعترف ، إلا ، بالمعربد والانتهازي وصاحب الحيل ، والحبل يجر من مصطلحات لا نهاية لها ، طالما ، أن الحياة تبنت سلوك الغاب ولكل ما هو شرس فيها دون أن تحتفظ بغزال يذكرها بالتسامح .
لم تكن مسألة أغنياء العصر ، فقط ، ممارسة تخزين المال بقدر حرصهم على التفاني في استعباد وامتلاك من يقع تحت امبراطوريتهم المالية ، وبالتالي ، يسعون بجهد ملفت على ابقاء الأكثرية تحت خط الفقر كي يستمروا بالتحكم بهم ، وطالما القوانين ، مفصلة على قياس من يملك المال والنفوذ ، تصبح تناول الحكاية دون التصدي لها أمر عبثي لا أكثر ، وأيضاً ،
عندما يتحرى المرء بنظرة جريئة يجد ما يثير من مواقف وأوضاع ، هي ، دامية القلب حيث ولدت من ثنايا قاع المأساة ، وقد تكون ظهورها في أسواق التجارية ، فاضحة ، رغم من مأساويتها في البيوت ،هي ،مضاعفة ، بمرات ، ففي البيوت التى تعتمد على الصانعات ، بالطبع ، جاؤوا بهم من جنوب شرق أسيا ، يختفي وراء جدرانها قصص وحكايات يشيب لها الرأس عند سماعها ،لكننا ، نرغب بالقفز عن أمر هؤلاء هذه المرة ، بهدف الاقتراب من بروتوكول عتيق ساد بين التجار كسلوك معتمد ، وقد يكون فعلهم انتقل إلى جميع الحرف والمهن ، وعلى وجه الخصوص ، بين الممثلين والسياسيين ، حيث ، يحرص التاجر على تعليم ولده البكر تفاصيل وأسرار تجارته والتى قامت واستمرت مع مرور الزمن بٍهمة العاملين فيها ، بالإضافة إلى ذلك ، هناك أمر أخر ،هو ، سائد ويتكرر مادام عصي على المعالجة ، التفريق بين ما وهو قريب وبعيد ، فالابن من خلال تجارة ابيه يلاقى معاملة خمسة نجوم ، أمام ، العامل أو الموظف اللذين يشتغيلان في ذات المكان ، لهذا ، من المستحيل أن يتمتع الغريب بذات الاهتمام أو على الأقل بالحد الأدنى من السلامة العامة ، وهي بالتأكيد لا تحتاج إلى شرح مفصل ، طالما ، ينتفض الأب خوفاً على ابنه عندما يراه يحمل شيء ثقيل أو يُصرف في ساعات العمل ، أما ، اذا ، كان الشايل غير ابنه ، يبدي انزعاجه على الفور ، ويبدأ بالتأفف ، كون الإنجاز بطيء والجهد المبذول غير كافي .
لا عجب ، من فتيات نجدهم اضطروا للجوء الي امتهان مهن تعود عليهم بالمال الوفير ، وبسرعة صاروخية علا شأنهم ، عندما وجدوا بالعمل التقليدي ، قساوة وبهدلة واستعباد ، الذي اضطرهم إلى استخدام طرق ووسائل اخرى ، هي ، تعتمد على مهارات خاصة يسيل لعاب الأغنياء لمجرد الحصول عليها ، وبهذه الطريقة ، تحولوا مومسات العصر إلى صعاليك اليوم ، عندما اقتادوا نهجهم في تجريد من أحجب ماله عن الفقراء ، بإعادة توزيعها على المحتاجين من أقرباءهم ، ومن خلال التخيل الذي مازال حتى الآن عصي على الرقابة ، يتخيل المرء لو كان الأوكسجين والمطر ، بأيدي مرضا العصر ، ما هو الثمن الذي كان سيُفرض على الفقراء ، وهم الأغلبية الساحقة من البشر ، كي لا يحرموا منهما .
والسلام
الفـيـفـــا والعــلاقـــات المتبـادلـــة
امد/ حمادة فراعنة
سواء صوت جبريل الرجوب ، لصالح الأمير علي بن الحسين ، أو لصالح جوزيف بلاتر ، فالذين رموا حجراً في البئر ، لن يجدوا عدداً كافياً من العقلاء لرفعه وإزالته وترميم أثاره ، ليس لغياب الثقة أو فقدان المصداقية ، بل لغياب برنامج عمل منهجي في كيفية التعامل الأردني الفلسطيني مع بعضه البعض بالإتجاهين ، حيث تسود العفوية بين الناس ، وتقتصر الرسمية بين المؤسسات ، وبين هذه وتلك ، بين الشعبية والرسمية ثمة فجوة تجعل العلاقات المستقرة والأخوية تتآكل مع بروز التباينات واختلاف المصالح أو المواقف أو المواقع وفق تطور الأحداث ومجرياتها ، فأين هي الامتدادات الأسرية ، والعلاقات البرلمانية ، والتشابك الحزبي ، والتداخل النقابي ؟؟ وصولاً للعمل المشترك لمواجهة العدو المشترك الذي استهدف فلسطين ولم يتخلص من أطماعه نحو الأردن ، وعليه من المؤكد أن القرار السياسي الفلسطيني كان خياره التصويت الجدي لصالح الأمير الأردني علي بن الحسين ، وهذا ما تعرفه الأوساط الرسمية الأردنية وتدركه ، خاصة وأن العلاقات بين جبريل الرجوب والأمير علي بن الحسين ، علاقة وطيدة مبنية على الفهم والود والإحترام المتبادل ، مثلما هي مبنية على المصلحة الوطنية للرجلين ، وتعبيراً عن التطلعات المشتركة للشعبين .
ولكن هذا لا ينفي وجود تباينات واجتهادات وأولويات لدى الطرفين وللقيادتين وأمام الشعبين ، وغالباً ما تتم إزاحة الاعتراضات والعقبات بالتفاهم ، وإدراك كل طرف لمصالح الطرف الآخر وتفهمها وأخذها بالاعتبار ، ولكن حينما تفلت زمام المبادرة ، أو تزوغ الادارة لتكون بين أناس يفتقدون للمعلومات ، أو بين أناس لا مصلحة لهم ولا رغبة في استقرار العلاقات وثباتها وتطويرها وتعميقها في الاتجاهين ، تصبح الخلافات هي الطاغية على صورة المشهد الأردني الفلسطيني ، كما في حادثة المسجد الأقصى مع قاضي القضاة المهذب أحمد هليل ، وكما حصل الأن في تصويت ووقائع الفيفا ، ونحو دعم مبادرة الأمير الشجاعة في الأقدام على تولي منصب رفيع المستوى عالمياً .
الشيء المؤكد أن رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب أعطى صوته للمرشح الأردني الأمير علي ، ولكن الشيء المؤكد الأخر الذي كان يجب إدراكه أن مصلحة الفلسطينيين كانت عند جوزيف بلاتر لسببين جوهريين وهما :
الأولى : وقوف جوزيف بلاتر مع الفلسطينيين ، وتعاطفه معهم ، وتبني قضيتهم ، وعمل على معالجة بعض احتياجاتهم بما فيها عقد إتفاق تسوية لتلبية المطالب الفلسطينية الثلاثة التي أعلنها الرجوب أمام الجمعية العامة لهيئة الفيفا ، وتشكيل لجنة مختصة لذلك ، مقابل سحب الاقتراح الفلسطيني بتعليق العضوية الإسرائيلية في مؤسسة الفيفا .
والثانية : كانت مستقبلية بيد بلاتر وإدارته وتتعلق بتشكيل وعمل لجنة المتابعة المعنية بمراقبة الإجراءات التعسفية التي يمارسها المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وحكومته الاستيطانية وجيش الإحتلال ، ضد الرياضة الفلسطينية ومعاناة مؤسساتها وأفرادها جراء هذه الممارسات ، وهذا يعني أن الفلسطينيين بعد نجاح بلاتر كانت لديهم مصلحة في كسب وده وعدم التصادم معه ، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع ويتفهمه ، وهو خيار تدركه القيادة الأردنية وفي طليعتها الأمير علي شخصياً ، ومع ذلك أعطى جبريل الرجوب صوته للأمير علي ، لسبب أكثر جوهرية وهي أن القرار السياسي لفلسطين مع الأردن ومرشح الأردن سمو الأمير علي بن الحسين ، وهذا ما كان يجب أن يدركه الجميع ويعرفه بل ويقدره ، لا أن تفتح النار على الموقف الفلسطيني ومنفذه جبريل الرجوب .
ومع ذلك الرسالة الفلسطينية لم تصل لرجل الشارع الأردني بل لقطاع من الاعلاميين والصحفيين ، كما هي وكما يجب أن تكون ، لا بشأن ما تعرض له قاضي القضاة أحمد هليل في المسجد الأقصى على أيدي نشطاء حزب التحرير الإسلامي ، مثلما لم تصل تفاصيل وحيثيات التصويت الفلسطيني لصالح الأمير علي ، إذ كان من المفترض على جبريل الرجوب الذي لا ينقصه الذكاء والفطنة أن يبادر بعد سحب الأمير ترشيحه في الجولة الثانية ليقدم له الشكر على انسحابه لأنه بذلك جنب أجواء مؤتمر الفيفا الاحراج والانقسام والمواجهة ، فقد امتلك الأمير شجاعة التقدم لمنافسة بلاتر ، مثلما امتلك الحكمة في عدم مواصلة خيار التنافس وسحب الترشيح ، وقبوله بنتائج الجولة الأولى وهي إيجابية لأنها لم تحسم النتائج من الجولة الأولى ، وإن كانت لم تصل إلى مستوى تحقيق الفوز ، ولكن الأمير علي حرّك الجو وأزاح الخوف عن نفوس قطاع واسع من الرياضيين المتضررين من سلوك بلاتر وفساد إدارته ، وفتح بوابة لمنافسة بلاتر والعمل على تغييره مستقبلاً ، وها هو بلاتر ينسحب أمام شدة المواجهة الأوروبية له ورفضها لنتائج التصويت ، لأن التصويت تم على رشاوى مكشوفة .
العلاقات الأردنية الفلسطينية ، لمصلحة الطرفين ، ولن تكون ويجب أن لا تكون لحساب طرف على حساب الطرف الأخر ، ولذلك يجب أن تكون ندية ومتكافئة لخدمة الغرضين والهدفين وأولهما حماية الأردن وأمنه واستقراره ، وثانيهما دعم نضال الشعب العربي الفلسطيني لاستعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة على أرضه : حق المساواة في مناطق 48 ، وحق الاستقلال لمناطق 67 ، والعودة للاجئين واستعادة ممتلكاتهم ، تلك هي المعادلة السوية التي تخدم الشعبين وتطلعاتهما .
h.faraneh@yahoo.com (h.faraneh@yahoo.com)
في الرؤية الجديدة : عبور الجسر
امد/ بكر أبو بكر
إن كنا أكدنا على ضرورة الانتباه والتركيز على "التواصل التنظيمي" كبناء وهياكل باعتباره المجرى الحقيقي للدماء في شبكة العلاقات ضمن نهر التنظيم، والتي بدونها تجف العروق وتتكلس العضلات وقد تتيبس العظام، فيتحرك الجسد بلا حياة أو روح، فإنما لهدف.
فما كان هذا التأكيد منا لإهمال في البُنى الفكرية أو انتقاص من أهميتها وإنما لتنبيه أن الاهتمام بها لا يُعفى المشتغلين حصرا في المجال التنظيمي أو السياسي من اقتباس أو الاستفادة أو الاستماع في الفكر والرأي والتنوع والتجدد من غيرهم، فلا يغطّون أعينهم ويصمّون آذانهم مفترضين امتلاكهم للحقيقة المطلقة واكتفائهم بما لديهم .
إن رسم استراتيجية (سراطية باللفظ العربي) حركية ووطنية في ظل المتغيرات المتواصلة ليس شأنا يسيراً، فالقدرة على الفصل بين المتغيرات من حيث الشدة وقوة التأثير عن تلك بإردة التأثير هي مدخل مطلوب للانتباه لتلك المتغيرات سواء منها المتغيرات الثانوية أو الداهمة والتي سترسم معالم المستقبل القادم.
ادراك المتغيرات ثم ادراك طريقة التعامل معها أما بقبولها أو تعديلها أوالحد من خطرها -إن كانت خطر علينا- أو بتجاوزها يعني أن نستطيع رسم خطين في استراتيجيتنا الأول هو خط الهجوم ومكوناته، ثم رسم خط الدفاع وما بينها من حائط استناد أو حائط صدّ .
قد يفكر صاحب القرار في صومعته وحيدا أو ضمن قلة مختارة مفترضاً امتلاك كل المفاتيح وما ذلك صحيح، فإذا لم ينفتح بالاتجاهات الثلاثة العُلوية والأفقية والسلفية سيكون جزء من المعادلة مغفلا .
الذي يفكر في صومعته مفترضاً كفاية المعلومات والبطانة وتجربته فهو يقع في خطأ استراتيجي .
المتغيرات قد يرصدها أو يتحصل عليها بدقة أكبر من الاتجاهات الثلاثة ولا يمكن أن تكون حقيقية إلا بتقاطع الثلاثة مع ضرورة امتلاك قدرة التحليل والتقنية وتعدد البدائل .
ليرسم صاحب القرار خط الهجوم أو خط الدفاع في استراتيجيته فإن ذلك يقتضي تحليلاً علمياً وهنا يأتي دور مراكز الدراسات وصنع القرار وخلايا التفكير وتقدير الموقف ، وما مخرجات التحليل او الدراسة إلا مشروع قرار أو تقدير موقف محتمل (بديل) من الممكن أن يأخذ به أو يتركه القائد استناداً لعوامل الضرورة والزمن والإمكانيات والمصالح والفرصة المتاحة للتطبيق من عدمه.
يتشكل خط الهجوم من أدوات الفعل الايجابي في حالتنا الفلسطينية (الجاهزية ومكونات البناء والاقدام) ضد العدو أساسا، وبكيفية إذكاء نار النضال والكفاح (بكافة أشكاله) والمقاومة ميدانياً وداخلياً (في الإطار الوطني ) وخارجياً ، وهذه الأدوات ما هي إلا أساسيات تمكن بوجودها لصاحب القرار أن يرسم ويضع البرامج موضع التنفيذ لدى جيش الهجوم ممثلا بالكادرات الملقى على عاتقها التقدم والمؤسسات كل في مجالها.
أما جيش الدفاع – وقد يصبح جيش هجوم في مرحلة من المراحل فهو البحر الهائج الذي لا يمكن تحريكه ليضرب بأمواجه الا عبر الاعصار .
وما الإعصار المحرك إلا التنظيم (كادر التنظيم) ، والبحر الهائج ما هو إلا جيش الدفاع الأخير وهو الجماهير.
إن حائط الاستناد والصد للعدو حين تتقدم جيش الهجوم، أو حين صد جيش الدفاع هو حائط "حب الجماهير وقناعتها وثقتها واندفاعاتها وامتلاكها إرادة التضحية وقيم النضال..." وهو الحائط الذي يجعل من ظهر القيادة صلباً ويمكنه هذا الحب والثقة من القفز على الحواجز وهي مطمئنة، فلا تأتيها العواصف الرملية تعمي عيونها كما يحصل عندما تفقد الصلة مع الناس وقبلها بفقدان الصلة مع الإعصار (النائم) وهو التنظيم .
تتشكل السراطية (الاستراتيجية) من حيث هي قدرات وإمكانيات وفرص (في زمن محدد) بالتحديد الواضح لعوامل التغيير أو طبيعة الهبوب واتجاه الريح ومدى ما نملك من مصدّات هوائية صالحة، وبمعنى آخر من المتوجب معرفة قدرات معسكرنا ، جماهيرنا ، تنظيمنا الذي يشكل بناسه خط الصد والدفاع وقد يكون في مرحلة من المراحل كله على خط الهجوم ضمن استراتيجية العمل الشامل.
إن بناء الإستراتيجية أيضا يقتضي معرفة الطرف الآخر من الجسر الذي سنعبره أي ما هو الهدف الاستراتيجي الذي نبغيه بدقة (هل نريد دولة واحدة، دولتين لشعبين ، دولة لكل مواطنيها ، نضال سلمي طويل الأمد على النموذج الهندي،
مفاوضات وحراك سياسي ومقاومة محدودة ، إسقاط "اسرائيل" بالنموذج الجنوب افريقي ..... )، وهل بهذه الأهداف نستطيع عبور الجسر أم بغيرها، أم بتجزئتها ؟
إن النتيجة أو الهدف يجب أن تكون محددة وواضحة للقائد ضمن الرؤية الشاملة، وعليه فإن عبور الجسر يحتاج لوسيلة نقل قادرة على العبور (ضمن القدرات والزمن وإمكانية التحقق ....) تماما كأن يعبر الجسر بسيارة بلا بنزين (ثقة ومحبة وتمويل للجماهير ، وإعداد وتدريب وتجهيز للمناضلين ....، وتهيئة للظرف الداخلي والخارجي .... ) وقبل كل ذلك من المتوجب أن نعرف على أي أرضية نحن نقف ؟ وهل وصلنا فعلا لمرحلة نستطيع بها أن نعبر الجسر (النضال) أم أن الحالة حالة ركود أو راحة أو تراضي ونحتاج لشحن طويل قبل البدء .
آن الأوان لقيادة الشعب الفلسطيني في ظل الظرف الزلِق الحالي الذي يشي بكرب ما بعده كرب يلحق وسيلحق بالأمة فيزيد من عوامل تفتيتها ودمارها، أن الوقت للتجمع مجددا في هياكل واحدة ورأي موحد وعقل متزن وقلب دافق يتجاوز الحفر والسقطات وكوامن النفس النزقة ومصالح بعض الأحزاب (التنظيمات) النازفة تعصبا ومصلحية بغيضة وللترفع عن سيئات وفساد طويتنا والانتقال لمربع العمل المشترك من حيث هي "فتح" كانت ومازالت صالحة لأن تكون حاضنة النضال الوطني، ومن حيث مازالت راعية الوحدة الوطنية ومن حيث هي قادرة على فرض مشاركة الجميع، ومن حيث هي قادرة على التنازل للأشقاء، ومن حيث هي قاعدة البناء التي لا تنضب، ما يلحقها التفكير المشترك والخروج باستراتيجية جديدة نتحاور ونتشاور ونختلف، ولكن وجب أن نتفق عليها وإن حارت التفاصيل.
المسكوت عنه ثماني سنوات
امد/ د.حسن السعدوني
تعتبر الثورة مرحلة تغيير جذري، من واقع سيء الى واقع أفضل، وتؤكد التجارب السياسية عبرّ التاريخ أن الشعوب تلجأ إلى الثورات أو العصان المدني، كحالة ضرورية عندما تفشل الحكومات في حل مشاكلها اليومية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث أزمات ظاهرها معقد وباطنها مفبرك، هذا بالضرورة يؤدي إلى معادلة متساوية من حيث الهموم والعجز، فكلما كانت الهموم كثيرة ، كانت التركة ثقيلة وبالتالي كان العجز أكبر من الهموم عند الحكومة، ولكن لا يمكن أن نمررها من الناحية الوطنية الخاصة بنا لأنه ما ينطبق علينا لا ينطبق على أحد
فالتضحيات كبيرة والجانب العاطفي متعاظم دائما بحب الوطن والمقاومة .
فعندما نكون في غمار المشروع التحرري فلا يجوز لنا أن ننقلب على الحاكم ضمن مفهوم هوبز المفكر والسياسي الإيطالي الأول لنظرية العقد الاجتماعي ولكن يجوز عند الجيل الثاني من أصحاب النظرية الانقلاب والثورة على الحاكم ومنهم جان لوك وجان جاك روسو ضمن مفاهيم الديمقراطية وأصول الحكم، لأن هذا عقد بالأساس يجب أن يتوفر فيه شروط الرضا .
صحيح أن حياتنا اقتربت وأصبحت متشابه من عام الرمادة زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وأن اختلفت المدة الزمنية والظروف والحيثيات والاختبارات المهم صمدنا وسكتنا ، ولكن هل هذا السكوت سوف نثاب عليه من الله أم أنه سوف يبقى لعنة تطارد الكل الفلسطيني ؟ و باعتقادي الشخصي الموضوع يحتاج إلي علماء الأمة وأن كان قلبي يسير على هدي حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .(أستفتِ قلبك وأن افتوك ).
المعضلة الأساسية هي سنوات الانقسام ، التي ألقت بظلالها على الشعب والقضية ، من حيث تدمير الحلم الخاص والعام ، فمنذ أن نسج الانقسام خيوطه مثل العنكبوت وعشش في عقول القيادة الفلسطينية وأصبحت مدمنة عليه وعملت على إدارته وساعدت في خلق تيار مستفيد من الانقسام، وتجاهلت الشعب الذي ينزف دماء الكرامة والحرية إلى أن وصلت الأمور إلى حد لا يمكن إصلاحه على المدي المنظور، وهذا يرجع لعدة مسلكيات جميعنا شارك فيها، فالسكوت الأول: عندما وافق الشعب على فكرة الانقسام والانقلاب على مفاهيم الشراكة والديمقراطية، وزرع بذور الفتنة والقتل والاغتيال ؟
والسكوت الثاني: كيف سمحت القوي الوطنية والاسلامية التجاوزات الاعلامية التي أججت الصراع إلى أن وصلت الأمور إلى حد الصدام المسلح ؟ والسكوت الثالث: كيف قبل الوجهاء والمثقفون وسجل لهم التاريخ أنهم كانوا متفرجين ( وشهاد زفة ) ؟ والسكوت الرابع: كيف أرتضى الشباب والخريجون القبول بهذا الواقع الاليم والمرير في ظل غياب نافذة الفرص والحياة ،وتدمير أحلام الكل الفلسطيني؟ والسكوت الخامس: كيف لشعب ثائر قبول انهيار قيمه ومبادئه بهذه الطريقة؟ والسكوت السادس: يخص الكل الفلسطيني كيف هان علينا ان نضيع وطناً من اجل اشخاص لديهم فكر عقيم لا يؤمنون بالحلول الخلاقة التي تخرج الشعب من المأزق النضالي و السياسي والاقتصادي والقيمي, وأصروا أن يجسدوا حالة لا يمكن تفسيرها سوى أن العمل في السياسة هو الملجأ الأخير للأشرار.
لهذا كله يجب على الجميع تحمل مسئولياته بالحديث عن آليات التخلص من الانقسام باتخاذ خطوات عملية، تبدأ بتوقيع عريضة من كل أبناء الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام والتوجه الى اتخاذ خطوات ترفض فيها تطبيق قرارات الانقسام وتداعياته، هذا يقع على عاتق التنظيمات، الفلسطينية، ورجال الفكر، ورجال الاصلاح والجامعات ودور العبادة، فأن لم نفعل ونكون على قدر المسؤولية فالقادم لنا جميعا أوحش وخاصة أن الجميع يشعر بالغضب والظلم، في ظل طرح بدائل تنظيمية لها فلاشات مثيرة للإعجاب بين أوساط الشباب (فالمؤمن الكيس الفطن) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فالتقطوا الرسالة يا صانعي القرار الفلسطيني .
مرضى الفشل الكلوي بين مطرقة المعاناة وسندان الإهمال
امد/ أحمد يونس شاهين
منذ أن بدأت كتابة المقالات وقلمي يعتاد على أن يخط حروفه بالسياسة وملامسة هموم المجتمع الفلسطيني بشكل عام، ولكن هذه المرة وجدت نفسي أكتب عن شريحة معينة في مجتمعنا الفلسطيني تعيش فصول من المعاناة والقسوة والألم، إنهم مرضى الفشل الكلوي الذين تبدأ معاناتهم بقصور الكلى وتنتهي عند الكثير منهم بالفشل الكلوي الحاد لأسباب مختلفة، والذي يحتاجون فيه بالنهاية إلى زراعة الكلي التي يسبقها الغسيل الكلوي وما أدراكم ما الغسيل الكلوي، وبعضهم لم يصمد في مواجهة المرض فيكون الموت الفاصل بينهم.
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو زيارتي لقسم الكلية الصناعية في إحدى المستشفيات وشاهدت هؤلاء المرضى على الأسرة يتلقون غسيل الكلى لساعات طويلة تمتد إلى أربع ساعات متواصلة حيث رأيت تعابير الحزن وملامح الألم تظهر في عيونهم، اعتصر قلبي ألماً وحزناً حينما رأيتهم ومنهم الأطفال ذوي الوجوه البريئة، فبأي ذنب يحتل المرض أجسادهم الطاهرة البريئة، إنه قدرهم في هذه الدنيا، وما استنتجته من زيارتي لهم هو سوء الاهتمام بهم وهنا لا أقصد طاقم الأطباء أو التمريض بل كل ما أقصده هو رداءة المكان مقارنة بأقسام الغسيل الكلوي التي زرتها خارج الوطن حيث العناية والاهتمام وتوفير كل سبل الراحة وطيب الطعام والشراب.
مشاكل كثيرة بحاجة إلى حلول جذرية ينتظرها هؤلاء المرضى وذويهم تتمثل في :
1- تجهيز أقسام غسيل كلى مستقلة ومجهزة بكافة وسائل الراحة وتشمل التكييف والطعام والشراب المناسبين والتلفاز والانترنت.
2- أن تكون أقسام الكلى مستقلة بأطبائها وممرضيها.
3- تخصيص غرف علاج لهؤلاء المرضى بعيداً عن باقي المرضي بمختلف أمراضهم وأسباب مكوثهم في المستشفى.
4- عقد لقاءات توعية لهؤلاء المرضى وذويهم يشرف عليها أطباء متخصصين وتوزيع نشرات توعية عليهم.
5- مساعدة من يحتاج من هؤلاء المرضى لزرع الكلى وتسهيل كافة الإجراءات لهم.
6- توفير أجهزة حديثة مخصصة لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للمرضى الذين تلقوا زراعة كلى مما يخفف عنهم أعباء السفر لإجرائها خارج الوطن.
7- توفير جميع الأدوية اللازمة لهم مجاناُ حتى وإن لم يكن لديهم تأمين صحي.
8- بعد زرع المريض كلية له يجب الاهتمام بالمريض وتوفير العلاج والدواء المناسبين لهم.
9- الاهتمام بالمتبرع وتوفير العلاج له بالمجان إن لزم الأمر.
10- تسهيل إصدار التغطية المالية بغرض العلاج لمن يريد زراعة الكلى بأسرع وقت ممكن من قبل وزارة الصحة الفلسطينية.
وتشير الإحصائيات حسب وزارة الصحة إلى أن أكثر من450 مريضاً يتلقون الغسيل الكلوي في قطاع غزة وهذا العدد كثير نوعاً ما بالنسبة لدول أخرى ويعود لأسباب كثيرة ليس بصدد ذكرها لأنها من اختصاص الأطباء، ومن جهة أخرى فيوجد في قطاع غزة عشرات المرضى ممن تم لهم زراعة كلى سواء من متبرعين أو عن طريق شرائها بسبب عدم توفر متبرعين لهم وهذا يرهقهم مالياً، ويبقى السؤال هنا؛ من لا يملك المال أو ليس لديه متبرع فماذا سيفعل؟ هل سيبقى يصارع المرض حتى ينتصر عليه فيكون مصيره الموت؟ من هنا يأتي دور المسئول الغائب لوضع الحلول واتخاذ الإجراءات اللازمة، ومن جهة أخرى لا شك أن الحصار المفروض على قطاع غزة يشكل سبب رئيسي من أسباب معاناة هؤلاء المرضى فمنهم من كان الموت نهايته والسبب عدم سفره لأجل تلقي العلاج أو الزراعة، إنه لمن العيب أن نزج بمرضانا في خضم المناكفات السياسية.
إحساس طبيبة بيطرية
امد/ د. مصطفى يوسف اللداوي
التقيت بطبيبةٍ بيطرية تعمل في مستشفى لرعاية الحيوانات في أمريكا بصحبة والدها الأستاذ الجامعي، الذي يعمل محاضراً بمادة العلوم السياسية في إحدى الجامعات الأمريكية، خلال زيارةٍ لهما إلى بيروت.
سألت ابنته الطبيبة البيطرية بغير قليلٍ من الاستغراب، إن كانت سعيدة في عملها، وراضية عن وظيفتها، ومن قبل عن دراستها واختصاصها العلمي في علاج الحيوانات ورعايتها، وقد كان بإمكانها دراسة الطب البشري، والتخصص في أحد جوانبه الهامة، وهي كثيرةٌ وعديدةٌ، وقد يكون ذلك أنسب لها وأفضل، وأكثر راحةً وطمأنينة، فضلاً عن أي تخصصٍ علميٍ آخر.
أطرقت الطبيبة صامتةً، ولم تحر جواباً، وطال صمتها، حتى ظننت أنني قد أحرجتها بسؤالي، أو قلبت عليها المواجع بموضوعي، وأنها فعلاً تشعر بالندم لأنها تخصصت في علاج الحيوانات ورعايتها، وكدت أتراجع عن سؤالي وأعتذر لها عما سببته لها من حرجٍ أو ضيق.
لكنها وقد قرأت في وجهي بعض الحرج الذي شعرت به، ابتسمت وبدا لي من ابتسامتها أنها راضية، وأنها ليست نادمة ولا غاضبة من سؤالي، بل وجدت من كلماتها المسترسلة بهدوء أنها جدُ سعيدةً بعملها، وفرحة في مهمتها، وراضية عن رسالتها، فاستعدت رباطة جأشي، وعدت إلى سؤالي من جديد، وقد تأكد لي أنها فرحة بعملها، وسعيدة بالإجابة على سؤالي لها.
قالت بفرحٍ بادٍ وبنبرةٍ سعيدة، وكأنها كانت تنتظر السؤال فأعدت له الإجابة الشافية، لعلني أقوم برسالةٍ عظيمة، وأطلع بمهمةٍ إنسانية ساميةٍ، وأقوم بما يعجز عن فعله كثيرٌ من الناس، إذ من السهل على الطبيب البشري أن يسأل المريض عن
وجعه، ويستفسر عن موضع ألمه، ويتابع فحصه بالسؤال والمعاينة، فيعينه المريض بشرح حالته، وبيان علته، وتحديد حقيقة وجعه، فلا يجد الطبيب عناءً في تشخيص الحالة أو وصف الدواء، وشرح مراحل العلاج، ويترك للمريض متابعة التعليمات والالتزام بالإرشادات.
أما الحيوان فهو أبكمٌ لا ينطق، وبهيمٌ لا يعبر، ولا يحسن الشكوى بغير الأنين، ولا يقوى على الاستغاثة بغير الألم، وليس فيه إلا عيونه تعبر عن حالته، وهيئته تنبئ عن حقيقته، فيبدو هادئاً من شدة الألم، أو هزيلاً من طول المرض، أو ضعيفاً لا يستطيع الحراك أو الانتقال، أو سقيماً من سوء المعاملة أو بؤس البيئة والمكان الذي يعيش فيه، فلا يجد من يرعاه أو يعيره انتباهاً.
فأن أخفف ألم حيوانٍ، صغيراً كان أو كبيراً، أو أداويه من مرضٍ، أو أضمد جراحه وأوقف نزفه، أو أجبر كسراً في يده أو رجله، وأنا أنظر إلى عيونه فأراه يتألم بصمت، ويئن بلا صوت، ويشكو بلا صخب، أشعر بسعادةٍ بالغةٍ وأنا أرى الحيوان ينتعش من جديد، وتدب فيه الحياة نشطة، وتتحرك أطرافه بقوة، وينتفض كأنه نهض من نومه،
لا يملك الحيوان وهو الأبكم، أن يعبر لي شكره، أو أن يمتن لي عن جهدي، غير عيونه التي ينظر بها إلي بفرح، وكأنه يزجي إلي شكره، أو يطأطئ رأسه امتناناً وعرفاناً، أو يهز ذيله فرحاً وسروراً باستعادة عافيته، وشفائه من مرضه، أو يقترب ملتصقاً بجسده، وكأنه يقول لي شكراً ... أنا أحبك.
لم أجد من الحيوانات التي أعالجها يوماً، ما يجده الطبيب من الإنسان جحوداً ونكراناً، وغضباً واتهاماً، وتهديداً وانتقاماً، بل أجد منهم دوماً شكراً وامتناناً، وعرفاناً ووفاءً، يحفظون الفضل، ويعترفون بالإحسان، ولا ينسون حسن الرعاية، ولا ينقلبون على المريض غضباً أو سخطاً، ولا يعضونه انتقاماً، أو يرفسونه كرهاً، ولا يتهمونه بالإهمال أو التقصير، بل تبقى عيونهم تنظر إلى الطبيب المعالج تحمل حباً فطرياً، فتزرع في القلب سعادةً لا تموت، وترسم على الشفاه بسمةً لا تبهت.
قالت لي بفرح ..... لهذا أنا سعيدة بعملي ... وراضية عن نفسي ... وأحب المهمة التي أقوم بها.
حل السلطة الفلسطينية والخيارات البديلة !!!
امد/ منصور ابو كريم
يعتبر اتفاق أوسلو نهاية لمرحلة طويلة من تاريخ النضال الوطني الفلسطيني اعتمد فيها الكفاح المسلح وسيلة وحيدة للنضال الوطني الفلسطيني من اجل تحرير فلسطين وقيام دولة ديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ، وبداية لمرحلة جديدة تقوم على السلام والتسوية السياسية والتعايش السلمي بين الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي ، وفق قرارات الشرعية والدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام ومشروع التسوية السلمية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ، و كان اتفاق أوسلو بمثابة محصلة موضوعية لميزان قوى , ذاتية ، إقليمية ودولية ، تقدم الفلسطينيون عبره عتبة التاريخ إلي حيّز الجغرافيا السياسية بعد تشكيل أول سلطة وطنية فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م . فقد هيأ اتفاق أوسلو والاتفاقيات الفلسطينية – الإسرائيلية التي تلته ، وما سبقه من مفاوضات علنية وسرية ، لتحولات في الحقل السياسي الفلسطيني ،ولعل ابرز هذه التحولات قيام سلطة وطنية على جزء من إقليمها الفلسطيني ، وقد تمخض عن قيام السلطة الفلسطينية حدوث تغيرات في العلاقات الفلسطينية الإقليمية والدولية ، وتحديداً مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، فقد شكل اتفاق أوسلو الركيزة السياسية لبناء نظام إقليمي شرق أوسطي تلعب فيه إسرائيل دور القوة الإقليمية الكبرى المهيمنة على المنطقة بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية . وعزز امتلاك السلطة الفلسطينية لقاعدة جغرافية أدراية ومالية مميزة ، مكانتها الدولية ،وساعدها علي بناء التأييد الدبلوماسي والحصول على معونة خارجية لميزانيتها واقتصاديها .
ومع موصول عملية السلام إلي طريق مسدود وتعثر مفاوضات المرحلة النهائية وفشلها في الوصول إلي اتفاق سلام نهائي يؤدي إلي قيام دولة فلسطينية وحل قضايا المرحلة النهائية المتمثلة في ( الحدود ، المستوطنات ، القدس ، المياه ، اللاجئين ) بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية ومصادرة الأراضي وبناء جدار العزل العنصري والإجراءات العسكرية الإسرائيلية المعيقة لحركة السكان بسبب الحواجز العسكرية من جانب ،والعمليات التفجيرية الفلسطينية من جانب أخر، فقد أسهمت كل هذه العوامل والأسباب في توقف عملية السلام بشكل تمام واستمرار المرحلة الانتقالية التي كانت من المفترض أن تستمر فقط 5 سنوات ، مما فتح الباب في أكثر من مرة بالحديث عن جدوى بقاء السلطة الفلسطينية وضرورة حلها وإعادة المسؤولية الكاملة على السكان لدولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها مسئوله مسؤولية كاملة ومباشرة عن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال . كأحد الخيارات المطروحة على الساحة السياسية الفلسطينية للخروج من أزمة توقف عملية السلام في ظل تعاقب الحكومات الإسرائيلية اليمنية المتطرفة .
إلا أن هذا الخيار يعتبر الخيار الاسوأ في حالة اتخاذه بالفعل ، نظراً لان السلطة الوطنية الفلسطينية جاءت بعد نضال وكفاح طويل قدمت من أجله الثورة الفلسطينية المعاصرة الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، والمواقف السياسية والدبلوماسية ، وبالتالي التخلي عنها وحلها سوف يقدم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي وللحكومة الإسرائيلية التي تسعي تغيب الشعب الفلسطيني وشطب هويته الوطنية ، فقد كان الشهيد ياسر عرفات وغالبية قيادة حركة فتح ينظرون إلي عودتهم إلي ارض الوطن وتأسيس السلطة الفلسطينية على جزء الأراضي الفلسطينية " حتى لو كانت بشروط أوسلو " بأنها مقدمة ليقام دولة فلسطينية على حدود 1967 ، وفرصة يمكن توظيفها لإجهاض محاولات شطب منظمة التحرير وإلغاء القضية الفلسطينية التي كانت تسعي لها إسرائيل وبعض الأنظمة العربية .
فلا يمكن أن يكون خيار حل السلطة الفلسطينية هو الخيار الصحيح في هذا التوقيت في ظل أزمة تفكك الدولة الوطنية التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي التي أطاحت بعدة أنظمة عربية وتركت تداعيات سلبية كثيرة على الأمن الاستقرار في هذه المنطقة العربية التي تشهد حالة من حالات الفوضى الخلاقة التي سعت لها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة . مما يعني أن فكرة حل السلطة أو تفككها سوف يترك تداعيات سياسية وأمنية كبيرة على الوضع في الأراضي الفلسطينية ، باعتبار أن السلطة الفلسطينية جزء من النظام السياسي العربي وحلها أو تفكيكها سوف يترك تداعيات وسلبيات كثيرة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة على اعتبار أن السلطة الفلسطينية أصبحت رب العمل الوحيد لكثير من أبناء الشعب الفلسطيني مما يعني انه سوف يحول الكثير من هؤلاء الموظفين إلي البطالة ، وسوف يخدم هذا الخيار " حل السلطة " إن حدث الحركات الإسلامية وبالأخص حركة حماس التي ترى في نفسها البديل الأفضل لتعبئة الفراغ السياسي والوظيفي ، يقدم خدمة مجانية لإسرائيل لطالة أمد الاحتلال والتذرع بعدم وجود من هو قادر على تولي المسؤولية السياسية والأمنية في حالة انسحبت من الأرض الفلسطينية .
لذلك أعتقد أن التهديد المتكرر بحل السلطة الوطنية الفلسطينية في محاولة من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لإجبار إسرائيل على التقدم في توقيع على اتفاق سلام لن يجدي نفعاً خصوصاً ، في ظل موجود حكومة يمينية متطرفة تتشكل من أحزاب صهيونية متطرفة كل همها السعي لتخريب عملية السلام وطرد الفلسطينيين من الأرض الفلسطينية ، بالإضافة أن هذه الفكرة أصبحت مستهلكة وعديمة الجدوى والتلويح بها بشكل متكرر يعبر عن ضعف الموقف الفلسطيني السياسي والتفاوضي ويفتح الباب أمام مزودات قادة المعارضة الفلسطينية بالهجوم خيار التسوية السياسية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي أمنت بنهج التسوية السياسية في محاولة لحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ تبني البرنامج المرحلي عام 1974م
وأمام هذه الأزمة والمعضلة المتمثلة في توقف عملية السلام وتعنت الحكومة الإسرائيلية وعجز الراعي الأمريكي عن الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي ، في ظل تشتت الموقف العربي والإسلامي بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تسيطر على العالم العربي ، لذلك كثر الحديث خلال الفترة الماضية عن خيارات بديلة تطرح أمام المفاوض الفلسطيني لمواجهة التعنت والإسرائيلي وفشل عملية السلام ، ومن تلك الخيارات البديلة :
• تفعيل المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة كأحد الخيارات البديلة لمواجهة الجدار والاستيطان والتحديات الإسرائيلية التي من خلالها يستطيع الشعب الفلسطيني تجنيد الرأي العام الدولي للتضامن معه في مواجهة الحكومة المتطرفة الإسرائيلية وسياساتها .
• تفعيل المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية التي أصبحت تأتي بنتائج ايجابية كبيرة على المستوي الدولي والمحلي ،وكان أخرها قرار شركة أورنج وقف نشاطاتها الاقتصادية في إسرائيل.
• استغلال حالة الفتور السياسي في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية خلال الفترة الأخيرة ، خصوصا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع الاستمرار في توفير الحماية لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي إذا ما استمرت الشروط والمطالب الإسرائيلية المعرقلة لعملية السلام
• استغلال هذه الفرصة والفتور في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ، بالذهاب إلي مجلس الأمن مرة أخري من أجل إصدار قرار دولي وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال وقف الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي يعرض إسرائيل لعقوبات في حالة عدم تنفيذه .
• التوقيع المزيد من المعاهدات الاتفاقيات الدولية ،ودعوة الأطراف الموقعة علي معاهدات جنيف الأربعة للانعقاد ، للنظر في أوضاع الأراضي الفلسطينية ، بالتأكيد على إنفاذ وتطبيق هذه المواثيق والمعاهدات الدولية تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
أخيراً يمكننا القول أن خيار حل السلطة الوطنية الفلسطينية أو التلويح به ليس هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي نظراً للأهمية السياسية والمعنوية التي أصبحت تتمتع بها السلطة الوطنية الفلسطينية على المستوي المحلي والدولي والعربي كأحد أهم إنجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة ،والتي تعتبر مقدمة لدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 ، مما يفتح الباب أمام تنبي خيارات بديلة كثيرة ومتعددة ومتنوعة قد تكون أفضل وأنجع في مواجهة الحكومات المتطرفة المتعاقبة وعدم الرجوع إلي نقطة الصفر من جديد .
“وعد عريقات”!
فراس برس / حسن عصفور/
قبل اقل من شهر تحدث د.صائب عريقات عضو اللجنتين تنفيذية المنظمة ومركزية فتح، وحامل أعقد ملفين، المفاوضات والمحكمة الجنائية، أمام أعضاء المجلس الوطني في الاردن، وتحديدا بتاريخ 11 مايو 2015، بانه هناك "إستراتيجية فلسطينية جديدة" تقوم على اساس، "تثبيت المفهوم القانوني لدولة فلسطين تحت الاحتلال والانضمام الى المنظمات والمواثيق والاتفاقيات الدولية"، و"أهمية الدعوة لانتخابات برلمان ورئيس دولة فلسطين"
كما أكد عريقات "نريد مؤتمرا دوليا لإنهاء الاحتلال"، موضحا "أننا الآن في مرحلة جديدة في التعامل مع الاحتلال" .
طبعا هناك مضافات غيرها بخصوص الحديث عن محكمة الجنايات الدولية، لكن الاساس هو فيما يتعلق بجوهر "الاستراتيجية الجديدة"، والتي اشاعت "جوا تفاؤليا"، حتى لو أنها لم تصدر عن أي مؤسسة رسمية بحكم أن قائلها من يحمل "مفاتيح اسرار الرئيس عباس السياسية"..
ولكن جاء ما لم يكن بخاطر، حيث اعلن د.عريقات عن أن "مهلة أمام إسرائيل كملاذ أخير الى نهاية العام" و "سيكون على إسرائيل أن تختار قبل نهاية العام: إما أن يكون لدينا عقد وشراكة تؤدي إلى حل الدولتين، أو ستكون إسرائيل المسؤولة الوحيدة [عن المناطق والسكان] من نهر الأردن وحتى البحر الأبيض المتوسط”، ولم ينس أن يعود لشعاره التهديدي الشهير المستمر منذ سنوات بـحل السلطة".
من يقارن بين ما قيل أمام اعضاء المجلس الوطني في الاردن، وأمام حضور في ندوة بمشاركة اجنبية، لأ يمكن أن يظن القارئ انهما لذات الشخص، فلا صلة اطلاقا بينهما، وكأنه لكل مقام تصريح ورؤية وبيان..
بالتأكيد، لا يستطيع المرء ان يتخيل استمرار هذه الحالة الاستخفافية للشعب ولكل الإطر الفلسطينية، بل التعامل وكأنها لم تعد قائمة أو لها صلة بالمشهد السياسي، الا إن تطلب الأمر استخدامها ضد حركة حماس، باعتبارها خارج الشرعية الوطنية، استخدام يمثل نكسة سياسية بكل ما للكلمة من معان وأبعاد..
كيف يمكن لشخص مهما كانت وظيفته وموقعه التنظيمي، أن يعلن بكل ارتياح انه منح دولة الكيان مهلة زمنية الى نهاية العام، كي يبدأ بعدها محاسبتها، كما قال، او أن يسلمها مفتاح السلطة باعتبارانها باتت ملكا خاصا لمجموعة تتصرف بكيان الشعب ومصيره بتلك الروح التي لا صلة لها بما هو وطني فلسطيني..
لم يخبرنا السيد الدكتور ما هي الصلاحيات التي يحق لنتنياهو ان يمارسها في الضفة والقدس والقطاع خلال الشهور الستة، الممنوحة له، كهدية سياسية لفوزه الانتخابي..
هل يمكن اعتبار سريان قانون دولة الكيان على المستوطنات في الضفة جزءا من "حق بيبي" في زمن السماح السياسي العريقاتي"، أم توسيع دائرة الاستيطان وتعزيزه وتهويد ما يمكن تهوديه في القدس وبعض الضفة..
وهل يشمل "الوعد العريقاتي" لحكومة نتنياهو اتاحة الفرصة لها بالعمل بكل طاقة لتنفيذ ما أعلنته نائب وزير الخارجية حكومة نتنياهو قبل ايام من "الوعد الحزيراني"، بأن "الأرض من النهر الى البحر هي أرض لليهود، ولا شعب غيره بها"..
وربما اراد عريقات بهبته الزمنية السياسية ان يتيح المجال لحكومة الكيان ان تتفرغ لمعركتها المقبلة في مواجهة "الانتفاضة السياسية القادمة" وبدأت في اتساع رقعة المقاطعة، ولأن اي إزعاج فلسطيني لحكومة تل أبيب سيعرقل تلك "الجهود المقدسة"..
عندما تصبح أقوال من يصفون أنفسهم بقيادة فلسطينية، وكأنها ليس سوى أقوال "فض مجالس"، فنحن أمام كارثة وطنية كبرى، ليس بما قاله هذا أو ذاك، ولكن لأنه لم يجد احدا من فصائل وقوى ومنظمات يردعه، ويفضح أن ما قاله ليس سوى انحدار بالقضية الوطنية أولا، والغاء لكل الإطر الشرعية ثانيا، وتعدي سافر على قرارات الشرعية الفلسطينية قبل الشرعية الدولية ثالثا..
أي منطق هذا الذي يعلنه حامل "أخطر الملفات ومن لا يفارق الرئيس عباس في رحلة سياسية او خاصة"، وكيف للقوى المناهضة للعنصرية والفاشية أن تتعامل مثل هذه التصريحات بـ"فترة السماح" للكيان، هل يمكنها ان تصدق فعلا أن القيادة الرسمية الفلسطينية تبحث عن "انتفاضة سياسية" ضد الدولة العنصرية..
والأخطر فيما قاله "كاتم أسرار الرئيس"، ان ذلك يعني تأجيل ملف المحكمة الجنائية الدولية، كي لا يقال أنه "خرق لفترة السماح" و"الصمت – الصوم السياسي"..
الا تشكل "هبة عريقات" لحكومة نتنياهو ذريعة لحماس للمضي قدما وبشكل "شرعي" نحو "مشروعها الخاص"، وتطبيق المعالدة الألمانية "التنمية مقابل التهدئة"، اقله لفترة "السماح العريقاتي"!
وبالتأكيد تمثل تلك الاقوال رسالة الى الشعب الفلسطيني والعالم، أن لا شي جديد من الآن الى نهاية العام، وأن قرار الامم المتحدة الخاص بدولة فلسطين بات "غير ذي صلة"..
لعل الحقيقة التي لم يقلها عريقات ان "الأشهر الست المقبلة" هي فترة لأمريكا وغيرها لبحث كيفية تجديد "الحركة التفاوضية" استجابة لخطاب الرئيس عباس في ذكرى النكبة و"شروطه الثلاث"، وايجاد الصيغة الأمثل لتمرير المشروع الفرنسي للخلاص من قرار دولة فلسطين 19/ 67، الذي يشكل عنصر ازعاج للسياسة الأميركية في المنطقة.
عريقات قال ما قاله، معتقدا ان لا راد لكلامه، ولا معترض عليه، فلم يعد للقوى السياسية قوة ردع، وان فترة الانقسام باتت الأفضل لتمرير كل ما يراد تمريره، وحركة حماس غارقة بمشروعها الخاص لا يهمها شيء آخر، بل لعل صمتها على ما يتم فعله من الوجه الآخر لها، هو جزء من الثمن المفوع مسبقا للمضي بمشروعها..
لما لا يقل "مستر إريكات"، كما يحلو لليهود والفرنجة مناداته، ما هي الأسباب التي دفعته لذلك "القرار التاريخي"، وهل له مقابل ما أم كان "هبة لوجه الله والحكومة النتنياهوية الأكثر عنصرية وكراهية للعرب والفلسطيني..
بالمناسبة هل يتذكر عريقات كم مهلة سبق منحها كم من مرة وضع ذات السؤال على اسرائيل ان تختار..والأغريب أنها اختارت منذ زمن بعيد، ولكن يبدو أن خياراتها لم تصل بعد لمنازل السائلين!
أليس مفارقة، لا بعدها مفارقة، أن تأتي هذه "المنحة السياسية" والإمم المتحدة تحت ضغط "توصية زروقي" لادراج الكيان وجيشه في "قائمة العار" لارتكابه مجازر ضد أطفال فلسطين، بدلا من التحرك لفرض التوصية وتحويلها الى قرار، يمكنه أن يكون أحد "روافد محاكمة الكيان وجيشه" في المحكمة الجنائية"، الا اذا كان هناك من يريد للتوصية مصيرا كمصير تقرير "غولدستون الشهير"..
يذكرنا "وعد عريقات" هذا بوعد سبقه بزمن بعيد..قال عنه أهل فلسطين وقيادتهم آنذاك، "من لا يملك منح من لا يستحق"!
ولكن يبدو أن هؤلاء "المانحين" زمنا للمحتل من "لحم الشعب الحي، يتجاهلون تجارب التاريخ الحية بأن "الانفجار لا وقت له"..وعهد الخداع اقتربت نهايته!
ملاحظة: أعترف بأنني احسنت الظن باعتقادي أن الرئيس عباس سيكرم الشهيد القائد ابوعلي شاهين بـ"وسام خاص"، وانه سيخاطب الحضور بكلمة يستحقها تاريح الرجل..لكن المفاجأة لم تحدث، وحضر عنها مقاطعة فتح القيادة الرسمية وأطرها الإحتفال، ومعها قاطعت حماس ايضا..يا مصادفات السياسية العجيبة في "بقايا الوطن"!
تنويه خاص: "تأسيس ممر مائي لغزة هدف لأسطول الحرية الجديد"..هذه جملة قالها المشرف الحمساوي على "الاسطول".. مقدما اسرائيل اذا هيك العنوان فهي حتما لن تمنع "الاسطول" بعد أن حدد هدفه وهدفها أيضا..يبدو أن "أول الانفصال رحلة"!
المقاطعة توجع إسرائيل
الكوفية برس / عمر حلمي الغول:
اتساع دائرة المقاطعة لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في ميادين الحياة المختلفة في دول العالم قاطبة وخاصة في اميركا واوروبا، قض مضاجع المؤسسات التشريعية والتنفيذية والحزبية الاسرائيلية، وأثقل كاهلها. ويعمق من حشرها يوما تلو الاخر في الزاوية، ودفع كتلها البرلمانية لدعوة الكنيست لجلسة طارئة لمناقشة تداعيات اتساع المقاطعة بعد نشر التقرير الاممي لممثلة الامين العام للامم المتحدة للدفاع عن الاطفال، الذي طالب بوضع الجيش الاسرائيلي على قائمة الارهاب، وربط جرائمه ب"داعش" و"بوكو حرام" و"تنظيم القاعدة"، اضف للمحاولة الفلسطينية في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لطرد إسرائيل منه، ثم إعلان اتحاد الطلاب البريطاني، الذي يمثل سبعة ملايين طالب، عن انضمامه لمقاطعة إسرائيل.
المقاطعة تتدحرج ككرة اللهب لتحيط دولة التطهير العرقي الاسرائيلية من جوانبها المختلفة. صحيح ان المقاطعة حتى الان، لم تشكل خطرا حقيقيا عليها، لكن تناميها واتساع انشطة منظمة (بي دي اس) في دول ومؤسسات العالم كافة لسحب استثمارات الشركات منها، من خلال فضحها لانتهاكات وممارسات دولة الحرب والموت الاسرائيلية، إستنفر قادة إسرائيل، وزاد من تخبطهم وجنونهم بحثا عن سبل جديدة تحد من أثار عمليات المقاطعة، والسعي ل"تبييض" صورتها امام الرأي العام العالمي، بعد ان باتت بضاعة "العداء للسامية" مكشوفة ومفضوحة. أضف الى ان ما تدعو اليه وزيرة القضاء، شاكيد، الداعية لمقاطعة من يقاطع إسرائيل، تكشف عقم البدائل الاسرائيلية وافلاسها.
وما يزيد القيادة الاسرائيلية ارباكا وتوترا وجنونا، هو تطور المقاطعة في الدول والمنابر الاممية. لان انتهاكاتها وجرائم حربها المتواصلة، ورفضها لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتخندقها في مربع الاستيطان الاستعماري يميط اللثام عن وجهها القبيح، ويسقط ذراعئها الباهتة، التي لم تعد تنطلي على احد.
كما ان اي قرار من الكونغرس الاميركي والايباك الصهيوني في الولايات المتحدة، لن يفلح في الحد من ازدياد دائرة المقاطعة افقيا وعموديا. ولن ينفعها ايضا الفيتو الاميركي، لان المقاطعة تخرج عن دائرة نفوذ اي من المؤسسات الاميركية او الصهيونية الداعمة والمؤيدة لاسرائيل. وبالتالي رهان إسرائيل على حلفائها في الدول والمؤسسات، هو رهان خاسر بالمعنى الاستراتيجي والبعيد. خاصة وان المنابر والشركات والمؤسسات وحتى الدول كالاتحاد الاوروبي وغيرها، إنسجاما مع توجهاتها السياسية ومع مبادىء الشرعية الدولية وحقوق الانسان، ورفضها لخيار الاستيطان الاسرائيلي المتناقض مع التسوية السياسية، يملي عليها تطوير اشكال المقاطعة، ورفع سقفها للتأثير في صانع القرار الاسرائيلي.
ممكن لحلفاء إسرائيل ان ينجحوا هنا او هناك في محاصرة اوتكبيل بعض المؤسسات والمنابر والشركات الراغبة بمقاطعة إسرائيل، لكنها لن تنجح في المدى المتوسط والبعيد من إيقاف عجلة المقاطعة طالما دولة التطهير العرقي الاسرائيلية تواصل التهويد والمصادرة للاراضي الفلسطينية، وتضرب ركائز الحل السياسي، ولا تتوقف عن نهج الارهاب المنظم ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني ومصالحهم العليا. لكن حتى تتعمق عملية المقاطعة وترتقي إلى مستويات جديدة ومتقدمة ومؤثرة، فإن على القيادة الفلسطينية والاشقاء العرب وانصار السلام في العالم تكثيف النشاط والتواصل مع الدول والهيئات الاممية والقومية السياسية والاكاديمية والثقافية والفنية والاعلامية والاقتصادية والقانونية والرياضية لربطها بعجلة المقاطعة، وتوسيع ثقلها وتأثيرها القوي على صانع القرار الاسرائيلي، من خلال عزله ومحاصرته، وملاحقته في مختلف المنابر كمجرم حرب حتى يقبل بدفع استحقاقات التسوية السياسية وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67. انها حرب البقاء والانتصار على دولة اسرائيل الاستعمارية.