Haneen
2015-09-09, 10:14 AM
أرض التخصيب لمُحرقي عائلة دوابشة هي جيش الدفاع وما حدث هو نتيجة الواقع الاسرائيلي وأخلاقه وقيمه
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
المضمون:( يحّمل الكاتب الاعمال الارهابية اليهودية الاخيرة لكافة اطياف المجتمع الاسرائيلي من ليبراليين ويمينيين الى المعسكر اليساري ككل)
يطعن الاسرائيليون المثليين ويحرقون الأولاد. لم تعد هناك مبالغة في هذا الوصف. صحيح أن الحديث عن افعال فردية… صحيح أنهم في تكاثر، صحيح أنهم جميعا ـ القتلة والحارقون والطاعنون والمقتلعون ـ يأتون من معسكر واحد، منه فقط. لكن في المعسكر الثاني يتحملون الذنب.
من يعتقد أنه يمكن اقامة جزر ليبرالية في بحر الفاشية الاسرائيلية وجد نفسه مخطئا في نهاية الاسبوع. لا يمكن أداء التحية لقائد كتيبة يقتل شابا والتزعزع من مستوطن يحرق عائلة… تأييد نضال المثليين واقامة مؤتمر في اريئيل… أن تكون حضاريا وتهز الذيل لليمين وتريد الانضمام اليه. ليس هناك حدود للسيء، فهو يبدأ في مكان ما وينتشر بسرعة في كل الاتجاهات.
ارض التخصيب الاولى لمحرقي عائلة دوابشة هي جيش الدفاع الاسرائيلي، حتى وإن لم يخدموا فيه. عندما قتل 500 ولد في غزة كان شرعيا، ولم يتم اجراء النقاش أو محاسبة النفس. ما هو الصعب في حرق بيت بأولاده؟ لأنه ليس هناك فرق بين إلقاء زجاجة حارقة وبين إلقاء قنبلة؟ على المهدف والنية؟ ليس بينهما فرق.
عندما يصبح اطلاق النار على الفلسطينيين عادة يومية تقريبا ـ قُتل اثنان بعد حرق العائلة، الاول في الضفة والثاني على حدود غزة ـ فلماذا نحتج على من يبصقون النار في دوما؟ ذلك أن حياة الفلسطينيين مستهدفة من الجيش ودمهم رخيص من قبل المجتمع، ومسموح ايضا لمليشيات المستوطنين قتلهم… ذلك أن معيار الجيش في غزة هو فعل كل شيء لانقاذ حياة جندي واحد. لماذا اذن التحفظ من اعضاء اليمين أمثال باروخ مرزيل الذي قال لي في نهاية الاسبوع إنه من اجل شعرة واحدة في رأس يهودي مسموح قتل آلاف الفلسطينيين. هذه هي الاجواء وهذه هي النتيجة. والجيش الاسرائيلي هو المسؤول الاول عنها.
الحكومات والسياسيون ليسوا أقل مسؤولية إذ يتسابقون في ما بينهم: من يتقرب اكثر من المستوطنين؟ من يمنحهم 3 آلاف وحدة سكنية جديدة مقابل عنفهم في مستوطنة بيت ايل؟ ويقال لهم: العنف ليس مسموحا فقط بل هو جيد ايضا. والحدود بين القاء أكياس البول على الشرطة وبين القاء الزجاجات الحارقة على بيت سكني لا يمكن رؤيتها.
سلطات تطبيق القانون مسؤولة ايضا وعلى رأسها شرطة شاي. حسب تقرير «بتسيلم» فان تسعة بيوت تم احراقها في السنوات الثلاثة الاخيرة. كم من الجناة تمت محاكمتهم؟ لا أحد. ما الذي حدث اذن أول أمس في دوما؟ الاحراق نجح أكثر من سابقيه، في نظر الجناة ومساعديهم.
مُساعدوهم الذين يصمتون ويعتقدون أن السوء سيبقى إلى الأبد في الضفة الغربية. مُساعدوهم هم الاسرائيليون الذين يقتنعون بأن شعب اسرائيل هو الشعب المختار ـ لذلك مسموح له كل شيء ويشمل ذلك احراق البيوت بساكنيها.
الكثيرون الذين نقضوا ايديهم من هذا العمل – ومنهم من زاروا المصابين في مستشفى شيبا رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس المعارضة ومساعدوهم – رضعوا منذ ولادتهم «أنت اخترتنا»، هذا القول العنصري المستفز. وفي نهاية المطاف هذا الذي يؤدي إلى حرق عائلات لم يخترها الله. ليس هناك قيمة أكثر إفسادا في المجتمع الاسرائيلي من هذه القيمة، ولا يوجد أخطر منها، للأسف الشديد، وأكثر انتشارا. إذا نظرتم جيدا إلى ما يختبيء تحت جلود اغلبية الاسرائيليين فستكتشفون: الشعب المختار. وعندما يكون هذا قيمة أساسية فان الحرق يصبح هو التالي في الطريق.
مُساعدوهم يوجدون في كل مكان، لكن ما حدث يجب ألا يحدث. ما حدث هو نتيجة الواقع الاسرائيلي وأخلاقه وقيمه. ما حدث سيحدث مجددا ـ ولا أحد سيكون معفيا من المسؤولية: اسرائيل أحرقت عائلة دوابشة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الإرهاب اليهودي أعلن الحرب على قيادة إسرائيل نفسها
أعمال فظيعة مثل حرق الطفل هي في نهاية المطاف أعراض مرض عضال
بقلم:دافيد غروسمان،عن هآرتس
المضمون:( ينتقد الكاتب نتنياهو لزيارته لعائلة دوابشة، ويتساءل كيف لنتنياهو –الذي يحمله مسؤولية ما حدث- كيف له ان يفصل بين نار الكراهية التي يؤججها منذ زمن، وبين النار التي احرقت عائلة دوابشة)
هذا الطفل، علي دوابشة، لا يتركني وشأني. والصورة لا تتركني أيضا: يد تفتح النافذة في الليل، وتلقي زجاجة حارقة إلى داخل غرفة ينام فيها الوالدين والابناء. هذه الافكار والصور تفطر القلب. من هو الشخص أو الاشخاص القادرين على فعل هذا؟ هم، أو اصدقاؤهم يتجولون هذا الصباح بيننا. هل يعطيهم هذا العمل أي اشارة؟ وما الذي محوه في داخلهم كي يستطيعوا محو عائلة بأكملها؟.
بنيامين نتنياهو وعدد من وزراء اليمين سارعوا إلى استنكار هذا العمل بشدة. وقد جاء نتنياهو لزيارة عزاء إلى المستشفى، وعبر عن صدمته من العمل. كان جوابه انسانيا أصيلا، وعملا صائبا. الامر الذي لا يمكن فهمه هو كيف ينجح رئيس الحكومة ووزراءه في الفصل بين النار التي يؤججونها منذ عشرات السنين وبين النار الاخيرة.
من الصعب تفهم قدرتهم على رؤية الصلة بين سلطة الاحتلال التي تستمر منذ 48 سنة وبين الواقع الظلامي المتطرف في مناطق حدود الوعي الاسرائيلي… هذا الواقع الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم ويقترب من المركز ويصبح مقبولا وشرعيا أكثر فأكثر في الشارع الاسرائيلي والكنيست وبالقرب من طاولة الحكومة.
رئيس الحكومة ومؤيدوه يرفضون بشدة فهم القناعات المتبلورة عميقا عند الشعب المحتل بعد خمسين عاما من الاحتلال: هناك نوعان من البشر، وحقيقة أن أحدهما يخضع للآخر معناها أنه بطبيعته أدنى مستوى من الآخر، أي أقل آدمية من المحتل، الامر الذي يُمكن اشخاصا ذوي بنية نفسية معينة ـ أخذ حياة الآخر حتى لو كان عمره سنة ونصف السنة. بهذا المعنى فإن العمليتين العنيفتين في نهاية الاسبوع ـ الطعن في «مسيرة الفخار» المثلية وقتل الطفل ـ ترتبطان ببعضهما بعضا وتنبعان من قناعات مشابهة: في الحالتين الكراهية… نفس الكراهية، مكشوفة وبدائية ـ تشكل عند بعض الاشخاص مبررا وسببا شرعيا وكافيا للقتل وتدمير الانسان المكروه.
الشخص الذي أحرق بيت عائلة دوابشة لم يعرف أي شيء عن أبناء العائلة، عن واقعهم وقلوبهم. عرف فقط أنهم فلسطينيون وهذا كان سببا كافيا حسب رأيه وحسب رأي من يرسله ويؤيده ـ من اجل قتلهم. أي مجرد وجودهم برر قتلهم ومحوهم عن وجه الارض.
يدور الفلسطينيون والاسرائيليون منذ مئة عام في دائرة القتل والانتقام. وخلال صراعهما قتل الفلسطينيون مئات الاطفال والاولاد الاسرائيليين، قتلوا عائلات كاملة ونفذوا جرائم حرب ضد الانسانية. ودولة اسرائيل ايضا فعلت بالفلسطينيين جرائم كهذه بمساعدة الطائرات والدبابات والقناصين. وما زلنا نذكر ما حدث قبل عام في عملية «الجرف الصامد».
لكن العملية التي تحدث في السنوات الاخيرة داخل دولة اسرائيل، قوتها وتشعبها، خطيرة ومدمرة بشكل جديد. الشعور هو أن القيادة الاسرائيلية لم تفهم بعد ـ أو ترفض الاعتراف بالحقيقة ـ أن الإرهاب اليهودي في داخلها أعلن الحرب عليها، وأنها غير قادرة أو تخاف أو غير مواظبة في ما يتعلق بضرورة تحليل هذا الاعلان بكلمات واضحة.
من يوم إلى يوم تتحرر هنا قوى ظلامية واصولية وتؤجج النار بالايمان الديني والقومي. وتتجاهل تماما قيود الواقع وحدود الاخلاق والمنطق البسيط. الأنفس تتحد على الخطوط المتطرفة والاكثر هستيرية في النفس الانسانية. كلما أصبح الوضع العام خطيرا وغير مستقر ـ فإنهم يزدهرون. ولا يمكن التوصل إلى حل وسط مع هؤلاء الناس. على حكومة اسرائيل أن تكافحهم كما تكافح الإرهاب الفلسطيني لأنهم ليسوا أقل خطورة وليسوا أقل تصميما. إنهم اشخاص شموليون وقد يقومون بأفعال شمولية مثل الاضرار بالمساجد في الحرم، حيث تكون النتيجة كارثية لاسرائيل وللشرق الاوسط كله.
هل سيدفع هذا العمل، حرق الطفل، إلى صحوة زعماء اليمين والفهم أخيرا أن الواقع يصرخ في آذانهم منذ سنوات؟ إن استمرار الاحتلال وغياب النقاش مع الفلسطينيين سيُقرب نهاية دولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي؟ كدولة ديمقراطية؟ كمكان يريد الشباب التضامن معه والعيش فيه وتربية ابنائهم فيه؟
هل يفهم نتنياهو بحق أن هذه السنوات التي عمل فيها جاهدا على افشال الاتفاق مع إيران، أصبح يوجد فيها واقعا خطرا لا يقل عن الخطر الإيراني؟ أما هو فيتصرف مثل من لا يجد ما يفعله.
من الصعب رؤية استمرار هذا الوضع. الواقع الذي أوجده نتنياهو واصدقاءه (واغلبية أسلافه في مكتب رئيس الحكومة) وهو غض النظر عن المستوطنين والتضامن معهم ـ هذا الواقع حولهم إلى مشلولين وقليلي الحيلة.
منذ عشرات السنين تلقي اسرائيل على الفلسطينيين بظلامها، وهذا الظلام يرتد علينا شيئا فشيئا، وقد سُرعت هذه العملية منذ انتخاب نتنياهو إذ لم تعد هناك قوة تقف في وجه اليمين. اعمال فظيعة مثل حرق الطفل هي في نهاية المطاف أعراض مرض عضال. وهي تعطينا اشارة إلى خطورة وضعنا وتقول لنا بحروف من النار إن الطريق إلى مستقبل أفضل آخذة في الانغلاق أمامنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نتاج المستوطنات
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
المضمون:( ينتقد الكاتب الدوائر الامنية في اسرائيل على خلفية حرق الطفل علي دوابشة وعائلته، ويقول اذا كان الامن الاسرائيلي لم يستطع ان يمنع مذبحة الحرم الابراهيمي في الخليل عام 1994، بسبب عدم وجود مؤشرات لهذه العملية،فعملية حرق الطفل دوابشة كان لها مؤشرات كثيرة قبل وقوعها)
في وقفته أمام لجنة التحقيق في المذبحة في مغارة الماكفيلا (الحرم الابراهيمي) في 1994، ادعى رئيس الاركان في حينه، ايهود باراك، ان جريمة باروخ غولدشتاين أصابت الجيش الاسرائيلي «كالبرق في يوم صاف»، بمعنى، ان المذبحة التي ارتكبها لم تكن قابلة للتوقع والاحباط وعليه فان احدا في المستوى القيادي العسكري والسياسي ليس مسؤولا عنها. كما أنه كان لجهاز الامن العام «الشاباك» معاذير في حينه، وعلى رأسها تحدي «منفذ العملية المنفرد»، ذاك الذي يضرب بلا علائم تنظيمية مسبقة.
قتل الرضيع علي دوابشة في قرية دوما فجر يوم الجمعة لم يكن برقا في يوم صاف. النار التي أكلت علي واصابت افراد عائلته في منامهم اضرمت منذ زمن بعيد وكانت بادية العيان من مسافات بعيدة كالشعلة في ليل مظلم… ليس منفذا منفردا هاجم المواطنين الفلسطينيين بزجاجات حارقة وليس هذا ايضا حدثا فريدا من نوعه. النتائج حتى الان أقل فتكا.
اذا ما تشكلت لجنة تحقيق في العملية في قرية دوما، فإنها ستشخص بسهولة اهمال الدائرة اليهودية في جهاز المخابرات ووحدة الجرائم القومية في لواء «شاي» للقضاء على وباء الإرهاب اليهودي في المناطق. والمسؤولية يجب أن تصعد إلى أعلى فأعلى، حتى رئيس المخابرات، يورام كوهن، وفوق الجميع بنيامين نتنياهو نفسه، وذلك سواء لأن المخابرات تابعة له بشكل مباشر وهو الذي يملي عليها الاولويات والمقدرات، أم لأن رئيس الوزراء يفترض أن ينسق عمل كل محافل الامن والاستخبارات. إذا كانت العملية إرهابا والمخابرات هي المسؤولة عن احباط الإرهاب ـ فإن العنوان في مستويات التنفيذ والحكومة واضح.
ولكن تماما مثلما لم يعمل غولدشتاين وحده حقا، بل في اجواء معادية للمسيرة السياسية والعاطفة على احباطها بكل الوسائل، ومثلما خرج يغئال عمير لاغتيال اسحق رابين على اساس بنية تحتية فكرة وحاخامي مشجعة، هكذا ايضا ولد الاحراق من التحريض بل واكثر من ذلك من اشاحة العقل.
ان التنديدات الصاخبة باغتيال دوابشة تشيح العقل عن الحقيقة الاساسية: المستوطنات في المناطق هي ام كل خطيئة. هي التي تصم بالعار اخلاق المجتمع الاسرائيلي، وتقوض شرعية اسرائيل العالمية والتي حظيت بها ولا تزال تتمتع بها في حدودها القانونية.
ان الفوارق بين الكتل الاستيطانية «الشرعية» حتى في نظر بعض من اعضاء الوسط ـ اليسار وبين فتيان التلال وهمية ومضللة. فهؤلاء واولئك يتسببون، مع موازييهم القوميين المتطرفين في الجانب الفلسطيني، باحتدام النزاع الدموي وتخليده. وطالما تخشى في اسرائيل النهوض زعامة مستقيمة وشجاعة تعترف بذلك، سيضرب بالاسرائيليين والفلسطينيين برق ورعد آخر، جرائم ومصائب اخرى. طالما تواصل المستوطنات فرض اثرها، فتستعبد لرؤياها أرباب دولة اسرائيل، لن يتوقف سفك الدماء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من أحرق الرضيع علي دوابشة لا يختلف عن «داعش» في شيء
فشل المخابرات والشرطة في منع الإرهاب ضد الفلسطينيين ينبع من روح القائد
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
المضمون:( يشبه الكاتب حارقي الطفل دوابشة ،بداعش، ويقول الكاتب ان كافة اطياف المجتمع الاسرائيلي توحدوا في شجب هذا العمل،، ولكن يتساءل الكاتب ماذا بعد ذلك، ويجيب لا شيء!)
ظاهرا، جريمتا الكراهية اللتان هزتا الاسرائيليين في نهاية الاسبوع خلقتا اجماعا نادرا: الجميع، من الرئيس ورئيس الوزراء حتى آخر المعارضة، شجبوا بأشد الكلمات التي تمكنوا من ايجادها، وجميعهم وعدوا الا يهدأوا والا يسكتوا إلى أن يقدم المجرمون للحساب وتتوقف الجرائم. جميعهم هرعوا ليواسوا الجرحى، من مستشفى شيبا، حيث نقل جريحا الاحراق في دوما، وحتى مستشفى هداسا، حيث نقل جرحى مسيرة الفخار في القدس.
الخطاب الذي ألقاه وزير الطاقة شتاينتس في مهرجان طائفة المثليين في حديقة مئير في تل ابيب أمس كان يشبه على نحو مدهش الخطاب الذي ألقاه بوجي هرتسوغ قبله، والخطاب الذي ألقاه شمعون بيرس قبلهما، والخطاب الذي ألقاه يئير لبيد بعده. الكل متفقون: من احرق حتى الموت الرضيع علي دوابشة مثله كمثل داعش؛ الكل متفقون: الخوف من المثلية ظاهرة لا تطاق.
وعندها ماذا فعلنا؟ يكاد يكون لا شيء.
كنت في المظاهرتين أمس، مظاهرة «السلام الآن» في ميدان رابين، ومظاهرة الطائفة في حديقة مئير. الجمهور ـ آلاف قليلة في ميدان رابين، ممن انضم بعضهم إلى الآلاف في حديقة مئير ـ كان الجمهور الكلاسيكي لتل أبيب: الكثير من الشباب، الكثير من الشيوخ، وقلة من الجيل الوسط. واكثر مما كان هناك من إبداء للغضب، كان اكتئاب، يأس، احباط. عندما روى صلاح دوابشة، عم القتيل، من على المنصة في الميدان عن العملية التي فتكت بعائلة اخيه، كان هناك من ذرف الدمع. الرسائل السياسية غرقت في الدموع.
لطائفة المثليين مطالب خاصة بها: فهي تريد الاعتراف والميزانيات وتعديلات القانون. وهي تتوقع ان تتلقاها من ائتلاف يستند إلى احزاب ونواب يخافون المثلية. هذا التناقض صعب جدا على التسوية. الوزير شتاينتس، الذي صعد للحديث في المهرجان، استقبل بهتافات تحقير قاسية. الاحتجاج لم يكن عليه شخصيا بل على تركيبة وسياسة الحكومة التي هو عضو فيها. في هذه الحالة، كان الاحتجاج معللا تماما. وقد تصدى له على نحو جميل.
اضاف شتاينتس قبل المهرجان توقيعه على وثيقة تؤيد مطالب الطائفة. آخرون، بينهم يانون مغيل من البيت اليهودي، والذين أرادوا ان يلقوا خطابات ولكنهم لم يوافقوا على التوقيع، طلب منهم أن يبقوا في بيوتهم. لبيد، الذي يغازل في الزمن الاخير بنشاط الحاخامين، استقبل بخليط من هتافات التحقير والتصفيق. ما كان يمكنه أن يتوقع استقبالا آخر.
من زوايا عديدة تعد الطائفة المثلية قصة نجاح. مئات الفتيان والفتيان ممن ارتدوا القمصان الحمراء لشبيبة الفخار في المهرجان أمس هم شهادة حية. والمشاركة الواسعة لاعضاء حركات الشبيبة المختلفة هي دليل آخر. يخيل أن المجتمع الاسرائيلي اليوم أخف، ألطف كي يحمل بفخار رموز الطائفة المثلية من أن يحمل بفخار شعارات اليسار. مشوق أن نفحص هذه الامكانية على مدى الزمن. هذا لا يعني، بالطبع، انه أكثر أمانا أن يكون المرء مثليا من أن يكون يساريا. الفخار في جهة والامان في جهة اخرى.
السؤال هو: ما الذي يمكن عمله غير ذرف الدموع؟ فحص واع للحادثتين لا يقدمنا كثيرا. فالطعنات في مسيرة الفخار في القدس قام بها شخص واحد. بزعمه، الرب بعث به ـ وليس منظمة أو حاخاما. سطحيا، السهولة التي كان يمكن للشرطة فيها ان تعتقله تثير العجب. ولكن بالذات لهذا السبب من الصعب استخلاص الاستنتاجات.
أما العملية في دوما فيمكن أن تتبين هي ايضا كفعلة لعصبة منعزلة، هي ايضا تلقت تعليماتها من الرب وحده.
على الرغم من ذلك، لا يمكن الاكتفاء بالوعود لإلقاء القبض ومعاقبة المذنبين. القصة أوسع بكثير، وأعمق بكثير. المستنقع هو القصة، وليس المفترسين الذين يعومون فيه. في كل ما يتعلق بالإرهاب ضد الفلسطينيين، فإن الفشل المستمر لجهاز المخابرات والشرطة ينبع من روح القائد. المجرمون تحميهم مدارسهم الدينية. الحاخامون، المجتمعات الآهلة. اما الرسالة للوسط بكامله فهي ان العنف مجدٍ. في حالات عديدة الدولة تمول المجرمين بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحقيقة غير مريحة، ولكن يجب الاعتراف بها: فالهيئات القضائية المتدنية، التي يجلب اليها المتهمون من رجال اليمين، مليئة بقضاة يبدون التفهم تجاه هؤلاء المجرمين. سلسلة من وزراء العدل حرصوا على تفضيل محاكمة المرشحين من هذا الوسط. وحظيت هذه العملية بالتعزيز في الحكومة الحالية، إذ ان وزيرة العدل ورئيسة اللجنة لانتخاب القضاة هي آييلت شكيد من «البيت اليهودي» ومندوب المعارضة من اللجنة هو رجل اليمين القومي المتطرف. شكيد هي سياسية مستقيمة ونزيهة، حسب طريقها، ولكن هذا هو عملها.
لقد اقترح هرتسوغ في خطابيه الاعلان عن سلسلة من المنظمات، من «لهفا» وحتى «لا فاميليا» منظمات إرهابية. هذا لن يحصل، ليس في هذه الحكومة. كما أن التحريض ضد اللواطيين، على لسان اعضاء كنيست اصوليين في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الخاصة بهم، لن يتوقف. كلنا نحيي عن حق الموقع الاصولي الذي اجرى لقاء مع الإرهابي شليسل، ما لم تعرفه الشرطة. ولكننا نمتنع عن السؤال لماذا جعلت مواقع اصولية شليسل بطلا آيقونة؟
مللنا التنديدات، قالت زهافا غلئون في ميدان رابين، نريد افعالا… مللنا التنديدات، قال الناطقات والناطقون بلسان الطائفة، نحن نريد افعالا. ولكن للأسف، مشكوك أن تكون هناك أفعال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
المضمون:( يحّمل الكاتب الاعمال الارهابية اليهودية الاخيرة لكافة اطياف المجتمع الاسرائيلي من ليبراليين ويمينيين الى المعسكر اليساري ككل)
يطعن الاسرائيليون المثليين ويحرقون الأولاد. لم تعد هناك مبالغة في هذا الوصف. صحيح أن الحديث عن افعال فردية… صحيح أنهم في تكاثر، صحيح أنهم جميعا ـ القتلة والحارقون والطاعنون والمقتلعون ـ يأتون من معسكر واحد، منه فقط. لكن في المعسكر الثاني يتحملون الذنب.
من يعتقد أنه يمكن اقامة جزر ليبرالية في بحر الفاشية الاسرائيلية وجد نفسه مخطئا في نهاية الاسبوع. لا يمكن أداء التحية لقائد كتيبة يقتل شابا والتزعزع من مستوطن يحرق عائلة… تأييد نضال المثليين واقامة مؤتمر في اريئيل… أن تكون حضاريا وتهز الذيل لليمين وتريد الانضمام اليه. ليس هناك حدود للسيء، فهو يبدأ في مكان ما وينتشر بسرعة في كل الاتجاهات.
ارض التخصيب الاولى لمحرقي عائلة دوابشة هي جيش الدفاع الاسرائيلي، حتى وإن لم يخدموا فيه. عندما قتل 500 ولد في غزة كان شرعيا، ولم يتم اجراء النقاش أو محاسبة النفس. ما هو الصعب في حرق بيت بأولاده؟ لأنه ليس هناك فرق بين إلقاء زجاجة حارقة وبين إلقاء قنبلة؟ على المهدف والنية؟ ليس بينهما فرق.
عندما يصبح اطلاق النار على الفلسطينيين عادة يومية تقريبا ـ قُتل اثنان بعد حرق العائلة، الاول في الضفة والثاني على حدود غزة ـ فلماذا نحتج على من يبصقون النار في دوما؟ ذلك أن حياة الفلسطينيين مستهدفة من الجيش ودمهم رخيص من قبل المجتمع، ومسموح ايضا لمليشيات المستوطنين قتلهم… ذلك أن معيار الجيش في غزة هو فعل كل شيء لانقاذ حياة جندي واحد. لماذا اذن التحفظ من اعضاء اليمين أمثال باروخ مرزيل الذي قال لي في نهاية الاسبوع إنه من اجل شعرة واحدة في رأس يهودي مسموح قتل آلاف الفلسطينيين. هذه هي الاجواء وهذه هي النتيجة. والجيش الاسرائيلي هو المسؤول الاول عنها.
الحكومات والسياسيون ليسوا أقل مسؤولية إذ يتسابقون في ما بينهم: من يتقرب اكثر من المستوطنين؟ من يمنحهم 3 آلاف وحدة سكنية جديدة مقابل عنفهم في مستوطنة بيت ايل؟ ويقال لهم: العنف ليس مسموحا فقط بل هو جيد ايضا. والحدود بين القاء أكياس البول على الشرطة وبين القاء الزجاجات الحارقة على بيت سكني لا يمكن رؤيتها.
سلطات تطبيق القانون مسؤولة ايضا وعلى رأسها شرطة شاي. حسب تقرير «بتسيلم» فان تسعة بيوت تم احراقها في السنوات الثلاثة الاخيرة. كم من الجناة تمت محاكمتهم؟ لا أحد. ما الذي حدث اذن أول أمس في دوما؟ الاحراق نجح أكثر من سابقيه، في نظر الجناة ومساعديهم.
مُساعدوهم الذين يصمتون ويعتقدون أن السوء سيبقى إلى الأبد في الضفة الغربية. مُساعدوهم هم الاسرائيليون الذين يقتنعون بأن شعب اسرائيل هو الشعب المختار ـ لذلك مسموح له كل شيء ويشمل ذلك احراق البيوت بساكنيها.
الكثيرون الذين نقضوا ايديهم من هذا العمل – ومنهم من زاروا المصابين في مستشفى شيبا رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس المعارضة ومساعدوهم – رضعوا منذ ولادتهم «أنت اخترتنا»، هذا القول العنصري المستفز. وفي نهاية المطاف هذا الذي يؤدي إلى حرق عائلات لم يخترها الله. ليس هناك قيمة أكثر إفسادا في المجتمع الاسرائيلي من هذه القيمة، ولا يوجد أخطر منها، للأسف الشديد، وأكثر انتشارا. إذا نظرتم جيدا إلى ما يختبيء تحت جلود اغلبية الاسرائيليين فستكتشفون: الشعب المختار. وعندما يكون هذا قيمة أساسية فان الحرق يصبح هو التالي في الطريق.
مُساعدوهم يوجدون في كل مكان، لكن ما حدث يجب ألا يحدث. ما حدث هو نتيجة الواقع الاسرائيلي وأخلاقه وقيمه. ما حدث سيحدث مجددا ـ ولا أحد سيكون معفيا من المسؤولية: اسرائيل أحرقت عائلة دوابشة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الإرهاب اليهودي أعلن الحرب على قيادة إسرائيل نفسها
أعمال فظيعة مثل حرق الطفل هي في نهاية المطاف أعراض مرض عضال
بقلم:دافيد غروسمان،عن هآرتس
المضمون:( ينتقد الكاتب نتنياهو لزيارته لعائلة دوابشة، ويتساءل كيف لنتنياهو –الذي يحمله مسؤولية ما حدث- كيف له ان يفصل بين نار الكراهية التي يؤججها منذ زمن، وبين النار التي احرقت عائلة دوابشة)
هذا الطفل، علي دوابشة، لا يتركني وشأني. والصورة لا تتركني أيضا: يد تفتح النافذة في الليل، وتلقي زجاجة حارقة إلى داخل غرفة ينام فيها الوالدين والابناء. هذه الافكار والصور تفطر القلب. من هو الشخص أو الاشخاص القادرين على فعل هذا؟ هم، أو اصدقاؤهم يتجولون هذا الصباح بيننا. هل يعطيهم هذا العمل أي اشارة؟ وما الذي محوه في داخلهم كي يستطيعوا محو عائلة بأكملها؟.
بنيامين نتنياهو وعدد من وزراء اليمين سارعوا إلى استنكار هذا العمل بشدة. وقد جاء نتنياهو لزيارة عزاء إلى المستشفى، وعبر عن صدمته من العمل. كان جوابه انسانيا أصيلا، وعملا صائبا. الامر الذي لا يمكن فهمه هو كيف ينجح رئيس الحكومة ووزراءه في الفصل بين النار التي يؤججونها منذ عشرات السنين وبين النار الاخيرة.
من الصعب تفهم قدرتهم على رؤية الصلة بين سلطة الاحتلال التي تستمر منذ 48 سنة وبين الواقع الظلامي المتطرف في مناطق حدود الوعي الاسرائيلي… هذا الواقع الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم ويقترب من المركز ويصبح مقبولا وشرعيا أكثر فأكثر في الشارع الاسرائيلي والكنيست وبالقرب من طاولة الحكومة.
رئيس الحكومة ومؤيدوه يرفضون بشدة فهم القناعات المتبلورة عميقا عند الشعب المحتل بعد خمسين عاما من الاحتلال: هناك نوعان من البشر، وحقيقة أن أحدهما يخضع للآخر معناها أنه بطبيعته أدنى مستوى من الآخر، أي أقل آدمية من المحتل، الامر الذي يُمكن اشخاصا ذوي بنية نفسية معينة ـ أخذ حياة الآخر حتى لو كان عمره سنة ونصف السنة. بهذا المعنى فإن العمليتين العنيفتين في نهاية الاسبوع ـ الطعن في «مسيرة الفخار» المثلية وقتل الطفل ـ ترتبطان ببعضهما بعضا وتنبعان من قناعات مشابهة: في الحالتين الكراهية… نفس الكراهية، مكشوفة وبدائية ـ تشكل عند بعض الاشخاص مبررا وسببا شرعيا وكافيا للقتل وتدمير الانسان المكروه.
الشخص الذي أحرق بيت عائلة دوابشة لم يعرف أي شيء عن أبناء العائلة، عن واقعهم وقلوبهم. عرف فقط أنهم فلسطينيون وهذا كان سببا كافيا حسب رأيه وحسب رأي من يرسله ويؤيده ـ من اجل قتلهم. أي مجرد وجودهم برر قتلهم ومحوهم عن وجه الارض.
يدور الفلسطينيون والاسرائيليون منذ مئة عام في دائرة القتل والانتقام. وخلال صراعهما قتل الفلسطينيون مئات الاطفال والاولاد الاسرائيليين، قتلوا عائلات كاملة ونفذوا جرائم حرب ضد الانسانية. ودولة اسرائيل ايضا فعلت بالفلسطينيين جرائم كهذه بمساعدة الطائرات والدبابات والقناصين. وما زلنا نذكر ما حدث قبل عام في عملية «الجرف الصامد».
لكن العملية التي تحدث في السنوات الاخيرة داخل دولة اسرائيل، قوتها وتشعبها، خطيرة ومدمرة بشكل جديد. الشعور هو أن القيادة الاسرائيلية لم تفهم بعد ـ أو ترفض الاعتراف بالحقيقة ـ أن الإرهاب اليهودي في داخلها أعلن الحرب عليها، وأنها غير قادرة أو تخاف أو غير مواظبة في ما يتعلق بضرورة تحليل هذا الاعلان بكلمات واضحة.
من يوم إلى يوم تتحرر هنا قوى ظلامية واصولية وتؤجج النار بالايمان الديني والقومي. وتتجاهل تماما قيود الواقع وحدود الاخلاق والمنطق البسيط. الأنفس تتحد على الخطوط المتطرفة والاكثر هستيرية في النفس الانسانية. كلما أصبح الوضع العام خطيرا وغير مستقر ـ فإنهم يزدهرون. ولا يمكن التوصل إلى حل وسط مع هؤلاء الناس. على حكومة اسرائيل أن تكافحهم كما تكافح الإرهاب الفلسطيني لأنهم ليسوا أقل خطورة وليسوا أقل تصميما. إنهم اشخاص شموليون وقد يقومون بأفعال شمولية مثل الاضرار بالمساجد في الحرم، حيث تكون النتيجة كارثية لاسرائيل وللشرق الاوسط كله.
هل سيدفع هذا العمل، حرق الطفل، إلى صحوة زعماء اليمين والفهم أخيرا أن الواقع يصرخ في آذانهم منذ سنوات؟ إن استمرار الاحتلال وغياب النقاش مع الفلسطينيين سيُقرب نهاية دولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي؟ كدولة ديمقراطية؟ كمكان يريد الشباب التضامن معه والعيش فيه وتربية ابنائهم فيه؟
هل يفهم نتنياهو بحق أن هذه السنوات التي عمل فيها جاهدا على افشال الاتفاق مع إيران، أصبح يوجد فيها واقعا خطرا لا يقل عن الخطر الإيراني؟ أما هو فيتصرف مثل من لا يجد ما يفعله.
من الصعب رؤية استمرار هذا الوضع. الواقع الذي أوجده نتنياهو واصدقاءه (واغلبية أسلافه في مكتب رئيس الحكومة) وهو غض النظر عن المستوطنين والتضامن معهم ـ هذا الواقع حولهم إلى مشلولين وقليلي الحيلة.
منذ عشرات السنين تلقي اسرائيل على الفلسطينيين بظلامها، وهذا الظلام يرتد علينا شيئا فشيئا، وقد سُرعت هذه العملية منذ انتخاب نتنياهو إذ لم تعد هناك قوة تقف في وجه اليمين. اعمال فظيعة مثل حرق الطفل هي في نهاية المطاف أعراض مرض عضال. وهي تعطينا اشارة إلى خطورة وضعنا وتقول لنا بحروف من النار إن الطريق إلى مستقبل أفضل آخذة في الانغلاق أمامنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نتاج المستوطنات
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
المضمون:( ينتقد الكاتب الدوائر الامنية في اسرائيل على خلفية حرق الطفل علي دوابشة وعائلته، ويقول اذا كان الامن الاسرائيلي لم يستطع ان يمنع مذبحة الحرم الابراهيمي في الخليل عام 1994، بسبب عدم وجود مؤشرات لهذه العملية،فعملية حرق الطفل دوابشة كان لها مؤشرات كثيرة قبل وقوعها)
في وقفته أمام لجنة التحقيق في المذبحة في مغارة الماكفيلا (الحرم الابراهيمي) في 1994، ادعى رئيس الاركان في حينه، ايهود باراك، ان جريمة باروخ غولدشتاين أصابت الجيش الاسرائيلي «كالبرق في يوم صاف»، بمعنى، ان المذبحة التي ارتكبها لم تكن قابلة للتوقع والاحباط وعليه فان احدا في المستوى القيادي العسكري والسياسي ليس مسؤولا عنها. كما أنه كان لجهاز الامن العام «الشاباك» معاذير في حينه، وعلى رأسها تحدي «منفذ العملية المنفرد»، ذاك الذي يضرب بلا علائم تنظيمية مسبقة.
قتل الرضيع علي دوابشة في قرية دوما فجر يوم الجمعة لم يكن برقا في يوم صاف. النار التي أكلت علي واصابت افراد عائلته في منامهم اضرمت منذ زمن بعيد وكانت بادية العيان من مسافات بعيدة كالشعلة في ليل مظلم… ليس منفذا منفردا هاجم المواطنين الفلسطينيين بزجاجات حارقة وليس هذا ايضا حدثا فريدا من نوعه. النتائج حتى الان أقل فتكا.
اذا ما تشكلت لجنة تحقيق في العملية في قرية دوما، فإنها ستشخص بسهولة اهمال الدائرة اليهودية في جهاز المخابرات ووحدة الجرائم القومية في لواء «شاي» للقضاء على وباء الإرهاب اليهودي في المناطق. والمسؤولية يجب أن تصعد إلى أعلى فأعلى، حتى رئيس المخابرات، يورام كوهن، وفوق الجميع بنيامين نتنياهو نفسه، وذلك سواء لأن المخابرات تابعة له بشكل مباشر وهو الذي يملي عليها الاولويات والمقدرات، أم لأن رئيس الوزراء يفترض أن ينسق عمل كل محافل الامن والاستخبارات. إذا كانت العملية إرهابا والمخابرات هي المسؤولة عن احباط الإرهاب ـ فإن العنوان في مستويات التنفيذ والحكومة واضح.
ولكن تماما مثلما لم يعمل غولدشتاين وحده حقا، بل في اجواء معادية للمسيرة السياسية والعاطفة على احباطها بكل الوسائل، ومثلما خرج يغئال عمير لاغتيال اسحق رابين على اساس بنية تحتية فكرة وحاخامي مشجعة، هكذا ايضا ولد الاحراق من التحريض بل واكثر من ذلك من اشاحة العقل.
ان التنديدات الصاخبة باغتيال دوابشة تشيح العقل عن الحقيقة الاساسية: المستوطنات في المناطق هي ام كل خطيئة. هي التي تصم بالعار اخلاق المجتمع الاسرائيلي، وتقوض شرعية اسرائيل العالمية والتي حظيت بها ولا تزال تتمتع بها في حدودها القانونية.
ان الفوارق بين الكتل الاستيطانية «الشرعية» حتى في نظر بعض من اعضاء الوسط ـ اليسار وبين فتيان التلال وهمية ومضللة. فهؤلاء واولئك يتسببون، مع موازييهم القوميين المتطرفين في الجانب الفلسطيني، باحتدام النزاع الدموي وتخليده. وطالما تخشى في اسرائيل النهوض زعامة مستقيمة وشجاعة تعترف بذلك، سيضرب بالاسرائيليين والفلسطينيين برق ورعد آخر، جرائم ومصائب اخرى. طالما تواصل المستوطنات فرض اثرها، فتستعبد لرؤياها أرباب دولة اسرائيل، لن يتوقف سفك الدماء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من أحرق الرضيع علي دوابشة لا يختلف عن «داعش» في شيء
فشل المخابرات والشرطة في منع الإرهاب ضد الفلسطينيين ينبع من روح القائد
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
المضمون:( يشبه الكاتب حارقي الطفل دوابشة ،بداعش، ويقول الكاتب ان كافة اطياف المجتمع الاسرائيلي توحدوا في شجب هذا العمل،، ولكن يتساءل الكاتب ماذا بعد ذلك، ويجيب لا شيء!)
ظاهرا، جريمتا الكراهية اللتان هزتا الاسرائيليين في نهاية الاسبوع خلقتا اجماعا نادرا: الجميع، من الرئيس ورئيس الوزراء حتى آخر المعارضة، شجبوا بأشد الكلمات التي تمكنوا من ايجادها، وجميعهم وعدوا الا يهدأوا والا يسكتوا إلى أن يقدم المجرمون للحساب وتتوقف الجرائم. جميعهم هرعوا ليواسوا الجرحى، من مستشفى شيبا، حيث نقل جريحا الاحراق في دوما، وحتى مستشفى هداسا، حيث نقل جرحى مسيرة الفخار في القدس.
الخطاب الذي ألقاه وزير الطاقة شتاينتس في مهرجان طائفة المثليين في حديقة مئير في تل ابيب أمس كان يشبه على نحو مدهش الخطاب الذي ألقاه بوجي هرتسوغ قبله، والخطاب الذي ألقاه شمعون بيرس قبلهما، والخطاب الذي ألقاه يئير لبيد بعده. الكل متفقون: من احرق حتى الموت الرضيع علي دوابشة مثله كمثل داعش؛ الكل متفقون: الخوف من المثلية ظاهرة لا تطاق.
وعندها ماذا فعلنا؟ يكاد يكون لا شيء.
كنت في المظاهرتين أمس، مظاهرة «السلام الآن» في ميدان رابين، ومظاهرة الطائفة في حديقة مئير. الجمهور ـ آلاف قليلة في ميدان رابين، ممن انضم بعضهم إلى الآلاف في حديقة مئير ـ كان الجمهور الكلاسيكي لتل أبيب: الكثير من الشباب، الكثير من الشيوخ، وقلة من الجيل الوسط. واكثر مما كان هناك من إبداء للغضب، كان اكتئاب، يأس، احباط. عندما روى صلاح دوابشة، عم القتيل، من على المنصة في الميدان عن العملية التي فتكت بعائلة اخيه، كان هناك من ذرف الدمع. الرسائل السياسية غرقت في الدموع.
لطائفة المثليين مطالب خاصة بها: فهي تريد الاعتراف والميزانيات وتعديلات القانون. وهي تتوقع ان تتلقاها من ائتلاف يستند إلى احزاب ونواب يخافون المثلية. هذا التناقض صعب جدا على التسوية. الوزير شتاينتس، الذي صعد للحديث في المهرجان، استقبل بهتافات تحقير قاسية. الاحتجاج لم يكن عليه شخصيا بل على تركيبة وسياسة الحكومة التي هو عضو فيها. في هذه الحالة، كان الاحتجاج معللا تماما. وقد تصدى له على نحو جميل.
اضاف شتاينتس قبل المهرجان توقيعه على وثيقة تؤيد مطالب الطائفة. آخرون، بينهم يانون مغيل من البيت اليهودي، والذين أرادوا ان يلقوا خطابات ولكنهم لم يوافقوا على التوقيع، طلب منهم أن يبقوا في بيوتهم. لبيد، الذي يغازل في الزمن الاخير بنشاط الحاخامين، استقبل بخليط من هتافات التحقير والتصفيق. ما كان يمكنه أن يتوقع استقبالا آخر.
من زوايا عديدة تعد الطائفة المثلية قصة نجاح. مئات الفتيان والفتيان ممن ارتدوا القمصان الحمراء لشبيبة الفخار في المهرجان أمس هم شهادة حية. والمشاركة الواسعة لاعضاء حركات الشبيبة المختلفة هي دليل آخر. يخيل أن المجتمع الاسرائيلي اليوم أخف، ألطف كي يحمل بفخار رموز الطائفة المثلية من أن يحمل بفخار شعارات اليسار. مشوق أن نفحص هذه الامكانية على مدى الزمن. هذا لا يعني، بالطبع، انه أكثر أمانا أن يكون المرء مثليا من أن يكون يساريا. الفخار في جهة والامان في جهة اخرى.
السؤال هو: ما الذي يمكن عمله غير ذرف الدموع؟ فحص واع للحادثتين لا يقدمنا كثيرا. فالطعنات في مسيرة الفخار في القدس قام بها شخص واحد. بزعمه، الرب بعث به ـ وليس منظمة أو حاخاما. سطحيا، السهولة التي كان يمكن للشرطة فيها ان تعتقله تثير العجب. ولكن بالذات لهذا السبب من الصعب استخلاص الاستنتاجات.
أما العملية في دوما فيمكن أن تتبين هي ايضا كفعلة لعصبة منعزلة، هي ايضا تلقت تعليماتها من الرب وحده.
على الرغم من ذلك، لا يمكن الاكتفاء بالوعود لإلقاء القبض ومعاقبة المذنبين. القصة أوسع بكثير، وأعمق بكثير. المستنقع هو القصة، وليس المفترسين الذين يعومون فيه. في كل ما يتعلق بالإرهاب ضد الفلسطينيين، فإن الفشل المستمر لجهاز المخابرات والشرطة ينبع من روح القائد. المجرمون تحميهم مدارسهم الدينية. الحاخامون، المجتمعات الآهلة. اما الرسالة للوسط بكامله فهي ان العنف مجدٍ. في حالات عديدة الدولة تمول المجرمين بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحقيقة غير مريحة، ولكن يجب الاعتراف بها: فالهيئات القضائية المتدنية، التي يجلب اليها المتهمون من رجال اليمين، مليئة بقضاة يبدون التفهم تجاه هؤلاء المجرمين. سلسلة من وزراء العدل حرصوا على تفضيل محاكمة المرشحين من هذا الوسط. وحظيت هذه العملية بالتعزيز في الحكومة الحالية، إذ ان وزيرة العدل ورئيسة اللجنة لانتخاب القضاة هي آييلت شكيد من «البيت اليهودي» ومندوب المعارضة من اللجنة هو رجل اليمين القومي المتطرف. شكيد هي سياسية مستقيمة ونزيهة، حسب طريقها، ولكن هذا هو عملها.
لقد اقترح هرتسوغ في خطابيه الاعلان عن سلسلة من المنظمات، من «لهفا» وحتى «لا فاميليا» منظمات إرهابية. هذا لن يحصل، ليس في هذه الحكومة. كما أن التحريض ضد اللواطيين، على لسان اعضاء كنيست اصوليين في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الخاصة بهم، لن يتوقف. كلنا نحيي عن حق الموقع الاصولي الذي اجرى لقاء مع الإرهابي شليسل، ما لم تعرفه الشرطة. ولكننا نمتنع عن السؤال لماذا جعلت مواقع اصولية شليسل بطلا آيقونة؟
مللنا التنديدات، قالت زهافا غلئون في ميدان رابين، نريد افعالا… مللنا التنديدات، قال الناطقات والناطقون بلسان الطائفة، نحن نريد افعالا. ولكن للأسف، مشكوك أن تكون هناك أفعال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ