Haneen
2015-09-09, 10:18 AM
أوجه الكراهية
بقلم:اودي سيغل،عن معاريف
المضمون:( يسرد الكاتب ردات الفعل الهزلية للمحكوم عليهم بعد قضايا عمليات كراهية من قبل المتطرفين اليهود)
الابتسامة الاكثر اثارة للجنون هي نفس الابتسامة. الابتسامة على وجه حفيد الحاخام كهانا؛ ابتسامة الاثنين اللذين احرقا المدرسة ثنائية اللغة، اللذين غنيا معا بعد الحكم عليهما بالسجن سنتين؛ الابتسامة التي ظهرت من كلمات جلعاد كلاينر الذي فرح بموت شيرا بنكي، الفتاة البالغة 16 سنة والتي قتلت في مسيرة الفخار؛ هي نفس الابتسامة التي أثارت جنون دولة كاملة قبل عشرين سنة على وجه يغئال عمير الذي مثل أمام المحكمة بعد اطلاقه ثلاث رصاصات على ظهر رئيس الحكومة اسحق رابين.
الابتسامة مقلقة لأنها ساخرة ومتعالية ومنقطعة عن الواقع. ابتسامة تعكس بدون كلمات المواقف التي لا نصدق أنها توجد بيننا. المواقف التي تقول ان هناك اشخاصا يجب ان يموتوا ولا يجب الاسف على موتهم، وان وصية «لا تقتل» لا تشملهم. بل العكس ـ يستحقون الموت، هذا واجب. انها ابتسامة تسخر من القانون العلماني والقيم العلمانية الفارغة، متعالية فوق الدولة وتعتبرها امرا مؤقتا قياسا بالتوراة. هذه الابتسامة تسخر منا، وتعتبر ان الصراع العلماني على شكل الدولة مجرد زبد صدفي على وجه الماء. ابتسامة تقول ان أي صعوبة او ضغط خارجي يجب مواجهتها حسب الاصول الدينية وان كل شيء هو امتحان الهي للشعب المختار، واننا سنخرج في نهاية المطاف اكثر قوة.
هذه الابتسامة توجد على وجه الدولة. انها لا تسخر منا فقط بل تحرض ضد كل العالم.
حكومات اسرائيل من اليسار واليمين تعمل منذ عقدين على اقناع العالم بحقيقتنا الداخلية ـ ان الاسرائيليين يريدون السلام وان اليد التي مدت لجيراننا بقيت وحيدة. هذه سياسة اسرائيل دائما وابدا، التي تمنحنا اعتمادا دوليا محدودا للعمل ضد الارهاب، هي التي تمنع الامريكيين من الانضمام إلى الطلب العام بالضغط على اسرائيل وعدم بيعها السلاح، هي القبة الحديدية السياسية الدعائية ضد دعوات المقاطعة. هذا ما يمنح اسرائيل الوقت والمساحة للمناورة وايضا يمنحها عدد من الاصدقاء.
في العالم
وعندها ياتي هؤلاء المبتسمون، باروكات شعر مجعدة، قبعات كبيرة وابتسامة تعكس السخرية من امم العالم، غير اليهود، وجميع العجلات الفارغة الغير محملة بالحمل الروحاني والديني الصحيح. يشعرون انهم فوق الجميع. صادقون ومخلصون ومنتصرون. الحقيقة هي انهم مخطئون، خائنون لقيم الدولة وعادة ما يخسرون، لكنهم انتصروا هذا الاسبوع للحظة ونحن خسرنا كثيرا.
الضرر السياسي بعيد المدى هو بقاء صيغة ان اسرائيل والفلسطينيين حالة ميئوس منها، وانه لا توجد فرصة للتفاهم بينهم، وان الاستنتاج هو ضرورة فرض الاتفاق او ممارسة الضغط الخارجي الذي يدفعهم على الانفصال إلى دولتين منفصلتين.
الضرر السياسي هو الافضلية الوحيدة لليمين السياسي في اسرائيل في مواجهة العالم. الموقف اليميني المسيطر لدينا بسيط: العرب يريدون القضاء علينا، حاولنا التوصل معهم إلى حل وسط لكن ذلك لم ينجح. يجب التمسك جيدا والحفاظ على ما عندنا دون تنازل. العالم لا يقبل ذلك. موضوع القضاء لا يؤثر فيهم، وبالذات في المواجهة الاخيرة التي قتل فيها ستة اسرائيليين مقابل 2000 في غزة. ايضا موضوع الحفاظ على ما هو موجود، غير مقبول. جميع دول العالم باستثناء واحدة (هي ايضا تفكر بهذا السؤال منذ اربعة عقود) تؤمن انه لا يوجد مبرر للابقاء على المناطق التي احتلت قبل نحو خمسين عاما، وترفض بالطبع قبول المستوطنات.
هناك ادعاء واحد يسمح للعالم بأن يستمع لمن يتلعثم ايضا ـ الادعاء اليميني الذي يتعامل مع الفلسطينيين كامر واقع، ويعترف بهم كمتساوين ويقول ان الحل الوحيد هو التعايش المشترك. اليسار في اسرائيل يريد الانفصال عن العرب، ونحن نريد احتضانهم.
هنا نفهم ان هذا كذب، قد يشتبهون قليلا في العالم لكنهم مستعدون للاستماع. حتى وان كان هذا الاقرب لحل جنوب افريقيا من وجهة النظر الدولية.
وعندها ياتي المبتسمون، يضحكون في وجه اليمين الايديولوجي، لنفرض ان رئيس الدولة رؤوبين ريفلين وتسيبي حوطوبلي يضحكان باستخفاف من فكرة المساواة او المواطنة للعرب ويؤججون الكراهية ويرفضون فكرة التعايش المشترك. سيمنحون العالم الدليل على ان هذا غير ممكن وان هذه مجرد مسرحية مزيفة وانه يجب الفرض على اسرائيل التخلص من العرب. هذا احد اسباب ان رئيس الحكومة دعا الكابنت وقرر استخدام الاعتقال الاداري ضد اليهود ايضا، وقد صادق المستشار القانوني يوم الثلاثاء الماضي على ثلاثة اوامر كهذه.
هذه الابتسامة الساخرة من السلطة الاسرائيلية ومن وجود الدولة تجد تعبيرها في الوثيقة التي عرضها «الشباك» امام هذا الحفيد للحاخام كهانا، الذي يتحدث عن السلطة الاسرائيلية بمفاهيم يستخدمها الإيرانيون وناطوري كارتا: النظام الصهيوني والصهاينة. تحدث نتنياهو عن الذين يضعضعون السلطة ولا يحترمون شيء: «سمعت عن وجود من يقولون ان هناك قانون الهي فوق قانون الدولة، وانا اريد القول انه لا يوجد قانون فوق قوانين الدولة ومن يخل بهذه القوانين سيدفع الثمن». قال. وهذا مهم وضروري لكن الضرر السياسي قد وقع.
مصادر اجنبية تتحدث في نقاشات مغلقة ان هذا نتيجة الاهمال الاسرائيلي المتعمد. أبو مازن يقول لهم ان نتنياهو يريد الانتفاضة لتجنيد العالم ضد الفلسطينيين ومنع الضغط على اسرائيل. في الامم المتحدة يخرجون جميع التقارير حول عنف المستوطنين. ويدفع الفرنسيون بانشاء جهاز دولي لاعادة الاطراف إلى المفاوضات. واسرائيل التي تقاوم المقاطعة من خلال تقليص في وزارة الخارجية ومنع الميزانيات عن جلعاد اردان، بقيت مع هذه الابتسامة الهازئة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ميراث دوما
من الصعب تجسير الهوة التي نشأت مؤخرا بين مملكة اسرائيل ومملكة يهودا
بقلم:الون بن دافيد،عن معاريف
المضمون:( يتحدث الكاتب عن دولتين، دولة اسرائيل، ودولة المستوطنين في الضفة الغربية، ويشير الكاتب الى وجوب القاء القبض على الارهابيين الذين قاموا باحراق الطفل علي دوابشة، ويقول ان سمعة اسرائيل وجهاز امنها الداخلي(الشاباك) على المحك في هذه القضية)
في لحظة واحدة عدنا هذا الاسبوع إلى القبلية. إلى اسرائيل ويهودا. «الشباك» بغطاء من وزير الدفاع يستخدم كل ما لديه لالقاء القبض على المخربين الذين نفذوا العملية في قرية دوما، وهو سيلقي القبض عليهم. سمعته موجودة على المحك، واذا لم يسرع ـ فهناك احتمال بأن يضربوا من جديد. ولكن بعد أن يتم الامساك بهم، واذا نجحت ادانتهم ـ فان الشرخ الذي اوجدته احداث الاسبوعين الاخيرين سيكون من الصعب ازالته.
من جهة اسرائيل، التي شاهدت بخوف متزايد الاحداث التي بدأت في بيوت دراينوف في بيت ايل، ومرورا بجنون يشاي شليسل خلال مسيرة الفخار وانتهاء بقتل الرضيع في دوما، والخوف هو أنه لن يكون القتيل الاخير في هذه العملية. الذين زاروا هذا الاسبوع مستشفى شيبا كانوا كثر. هناك المزيد من الاسرائيليين الذين هم قلقون لأن اسرائيلي يقوم باسم اليهودية بقتل الرضيع. ووصلت ايضا إلى القرية وفود معزين اسرائيليين، وهذا أمر نادر.
تذكرت في هذا الاسبوع الملك الاردني المرحوم الحسين، حيث وصل سريعا وجثم على ركبتيه أمام عائلات الفتيات اللواتي قتلن من أحد جنوده في نهرايم. ليس فقط أن هذا العمل لم يقلل احترامه بل زاده قوة كقائد وكانسان له احترامه واخلاقه. وهذه الصفات غير موجودة عندنا.
في المقابل، في مملكة يهودا، كان ابطال الشبكة الذين استمروا في التحريض ضد كل ما لا يعجبهم: اليسار، الفلسطينيون ورئيس الدولة بالتحديد. كان زعماء يمين قد حسنوا قول «نعم ولكن»، وكان رؤساء المستوطنين يهتمون فقط بابعاد أي صلة لهم بالحادثة والقول إنهم ليسوا بحاجة إلى مراجعة النفس. وأن ما حدث في قرية دوما ليس له صلة بما ينشأ على هامش المستوطنات في المناطق.
عند الحديث عن «المستوطنين» كمتساوين فان هذا تعميم خاطيء، حيث أن 400 ألف اسرائيلي يعيشون في المناطق ويوجد بينهم الكثير من التنوع. بين بنات غوش عصيون مع الشريط الرفيع على الشعر والقرط في الأنف وبين سكان يتسهار يوجد الكثير من الفرق في المواقف والالوان.
اغلبيتهم يرفضون ادعاء أن هناك صلة بين الشباب الذين جاءوا إلى بيت ايل لالقاء الحجارة وزجاجات البول على قوات الامن وبين ارهاب «شارة الثمن». من جهتهم يمكن تعليم الشباب على العنف من اجل تطبيق قانون البناء الغير قانوني، دون الخوف من أن يأخذوا خطوة أو اثنتين إلى الأمام.
هنا ايضا يوجد تنوع. سكان عيلي في السامرة فعلوا كل شيء في هذا الاسبوع كي لا يشوش احد على هدم المباني غير القانونية في مستوطنتهم. قوات الامن وصلت في الليل وانتهى الهدم خلال بضع ساعات دون حدوث دراما. من هو المقاول الذي نفذ الهدم؟ يونتان دراينوف.
وزير الدفاع الذي تحول في الاسابيع الاخيرة إلى الاسم السيء في المستوطنات إلى جانب الرئيس ريفلين، بقي مخلصا لسلطة القانون. لكن موشيه يعلون لن يتجاوز صلاحياته ولن يعارض حكومة نتنياهو التي تقوم، كما كشفت القناة 10، باعطاء الاموال لعائلات المخربين اليهود. يعلون سيستمر في نشر اقوال رسمية في الشبكات الاجتماعية وفي خطاباته، لكنه ليس مهيأ بعد لتحدي زعامة نتنياهو.
يبدو أن الفلسطينيين سيستوعبون العملية في دوما. فهم يستمرون في التنسيق الامني ومكافحة الارهاب كما كان قبل العملية. وستنشأ خلايا للمخربين على اسم علي دوابشة ستكلف حياة اسرائيليين، لكن السلطة تصمم على منع اندلاع العنف.
الجيش الاسرائيلي و«الشباك» أعلنا حالة الطواريء بعد العملية، حيث قاما بتعزيز القوات بسبب الخوف الحقيقي من الصدام. هذا الخوف هدأ قليلا لكن ما زالت اغلبية الجيش موجودة في المناطق.
عمل أكثر أولوية
اضافة إلى التحدي الامني يستمر الجيش في مواجهة جباية الثمن الذي تسببت به لجنة لوكر. اثناء زيارته في هذا الاسبوع لكتيبة جفعاتي، سمع رئيس الاركان من قادة الالوية الذين أوصت عليهم لجنة لوكر أنهم سيكونون اول من يترك اذا كان سيحدث تمييز ضد زملاءهم من ضباط التسليح والصيانة. «لا نستطيع الخدمة مع اعطاء امتيازات في الوقت الذي يوجد فيه تمييز ضد ضباط يخدمون معنا»، قال الضباط.
يبدو أن تقرير لوكر سيدفن مع التقارير التي سبقته. لكن التاثير الجماهيري الذي اوجده مستمر. تحدثت هذا الاسبوع مع ضابط في الجيش، تعتبره وسائل الاعلام الاقتصادية انه عاطل عن العمل. فقد طور في السنة الاخيرة جهاز تستخدمه خلايا الهجوم التابعة للجيش الاسرائيلي.
وقد طورت في السابق اجهزة كهذه في شركات خارجية بتكلفة وصلت إلى الملايين. هو ومرؤوسيه الخمسة طوروا الجهاز خلال اسبوع وبتكلفة بلغت ما يعادل خمسة رواتب اسبوعية.
براك (24 سنة) لا يحمل اوسمة مقاتل على صدره، وهو يحصل على راتب جيد (7 آلاف شيكل)، لكنه سيترك الجيش الان. زوجته التي عملت في نفس المجال تسرحت وهي تحصل على راتب مضاعف في السوق المدنية، وهي لديها سيارة أما هو لا.
يتم استدعاءه للعمل في الليل وايام السبت والاعياد، وهي لا. ومع ذلك هو يقول إن ما شجعه على ترك الجيش هو حقيقة أنه في السوبرماركت والبنك وكل مكان عام يتعاملون معه وكأنه يأكل بالمجان ويسرق الاموال العامة.
ان هجوم وسائل الاعلام الاقتصادية على الجيش الاسرائيلي ومن يخدمون فيه يفكك بمنهجية الاسس الانسانية للجيش. حيث يأتي ذلك من كل الاتجاهات: من اليمين، وزراء واعضاء كنيست يؤيدون من يبصق على ممثلي الدولة. من اليسار، منظمات ومجموعات تنضم للفلسطينيين في محاولة لتصوير الجيش على اعتباره مجرم حرب. وفي الوسط وسائل اعلام اقتصادية تحولت إلى جماعة حولت الجيش إلى عدو.
سنستطيع مواجهة الاعداء الخارجيين. فما زال الكثير من الرجال والنساء مستعدين لتحمل كل ذلك والاستمرار في الدفاع عن الدولة. لكن التدمير من الداخل لمملكة اسرائيل قد يؤدي إلى هدم البيت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شلّة متفجرات
أخيرا أصبح للحكومة دور في استخدام وسائل صعبة في مواجهة الإرهاب اليهودي
بقلم:أليكس فيشمان،عن يديعوت
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الخوف الذي يعتري الحاخامات وقادة المستوطنين اليهود، من فقد الدعم المالي من الحكومة الإسرائيلية بعد أعمالهم الإجرامية)
طلب رؤساء «يشع» هذا الاسبوع اموال من وزراء الحكومة مُدعين أنهم يريدون استثمار هذه الاموال في التعليم ومعالجة الثقافة الثانوية الغير قانونية لشباب البؤر الاستيطانية التي تطورت في داخلهم. لا أحد يصدق أنهم اذا حصلوا على هذه الاموال فهي ستذهب للعلاج الجذري، لأن الجذور الفاسدة نشأت عندهم في البيت. لكن هذا التوجه بحد ذاته يظهر الخوف في اوساط قيادة المستوطنين. فهم يعرفون أنهم في مشكلة، وأنهم فقدوا السيطرة على الارض، وأنهم قد يفقدون الحقوق التي حصلوا عليها من اليمين العلماني في اسرائيل.
هذه المرة يشاركهم خوفهم ايضا حاخامات ومنتخبون من الجمهور تابعون للتيار الحريدي القومي الذي يتحفظ من المجتمع الاسرائيلي، ولديه مشكلة مع المملكة الصهيونية. حتى أنهم يبحثون عن طرق لتشبيك الأيدي مع السلطات لاقتلاع الاعشاب السامة التي تم زرعها في تلال بنيامين والسامرة قبل نحو عقدين، ومرت بتناسخ ايديولوجي وتغييرات بين الاجيال، غيرت اسماء وحاخامات والآن هي اعشاب مفترسة.
عند النظر إلى البروفايل والخلفية للنماذج التي صدر بحقها هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري، يمكن ملاحظة نفس التأثيرات التي تصل من ثلاثة مصادر: حركة كاخ للحاخام كهانا وبناتها، نظرية الحاخام غنزبورغ وتأثيراتها المسيحانية المتطرفة ومدرسة هار همور الدينية.
هذه المدرسة مثل عطيرت كوهنيم، والعائدين إلى الخليل ومدارس اخرى تسمى مدارس «الخط»، تعكس التوتر بين الحاجة إلى الانغلاق أمام المجتمع الاسرائيلي ـ الذي يعتبر ما بعد عصري ومندثر ويستحق الاهانة ـ وبين الحاجة إلى الانتماء للمملكة ولا سيما التأثير عليها.
رئيس المعهد الحاخام اسرائيل تاو ما زال ينتمي للجيل الجديد الذي يعتبر دولة اسرائيل «بداية الانبعاث»، لكن جزءً من طلابه يفكرون بشكل مختلف. فهم يتحدثون عن مجتمع اسرائيلي مريض، ويشيرون إلى نخبة قانونية يسارية ونخبة اعلامية يسارية. عندما يقترح عضو الكنيست موتي يوغف ـ عقيد احتياط في الجيش ومن خريجي الوحدة الخاصة ـ الصعود على محكمة العدل العليا بالجرافة، فان هذه ليست زلة لسان؛ هذا جزء من الحوار الداخلي في هذه المعاهد. وعندما يتقاطع هذا مع نظرية الحاخام كهانا والموقف المسيحاني للحاخام غنزبورغ الذي أيد في حينه المجزرة في الحرم الابراهيمي، فاننا نحصل على نماذج مثل مئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا.
طفرة مخيفة
في بداية طريقه حصل اتنغر على الالهام من نظرية الحاخام غنزبورغ، إلى أن قرر أن هذا الاخير ليس فوضويا بما يكفي. فقام بترك المعهد وتجول في التلال (المزيد حول شخصية اتنغر ـ في مقال عوديد شالوم). وقد تحول مع اصدقائه إلى طفرة تبعث الرعب من حولها. ومشكوك فيه أنهم قد خططوا لقتل الرضيع في قرية دوما، وهم لم يفكروا بحمل السلاح، على الأقل في المرحلة الحالية. لكن ليس لديهم مشكلة مبدئية أو ايديولوجية حول قتل العرب.
وثيقة اقامة البنية التحتية الاخيرة التي يعتبر اتنغر أحد الرواد فيها وجدت في آذار من هذا العام في بيت احدى النشيطات اثناء أحد الاعتقالات «للشباك». كان هذا العمل العلني الاول والاكبر ضد هذه المجموعة. وفي نفس الوقت اعتقل وتم التحقيق مع كثير من اصدقائها، بما في ذلك الشابة التي وجدت الوثيقة في بيتها. كان واضحا في حينه أن اتنغر هو المغناطيس الاول في التسلسل الهرمي، وهو الذي يعرف الجميع بشكل شخصي. الأدلة والمواد التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت سمحت باصدار أمر ابعاده إلى صفد. واعتقل في تلك الفترة افيتار سالونيم الذي يعيش في منطقة الخليل، وقد صدر بحقه هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري. كانت لدى «الشباك» معلومات حول تورط سالونيم في احراق مبنى في قرية كفر الديرات في جبل الخليل. وقد استطاع رب العائلة انقاذ ابناءه في اللحظة الاخيرة. والذي ألقى الزجاجة الحارقة إلى البيت في دوما قام بتحسين أدائه حيث قام بكسر النافذة لضمان أن الزجاجة الحارقة ستدخل كما يجب. لقد كان هدفه الاحراق ـ حرق ابناء العائلة واندلاع الانتفاضة الثالثة.
سالونيم الذي يبلغ 20 سنة من عمره هو الذراع الايمن لاتنغر، وهو نشيط فاعل يمارس العنف ضد الفلسطينيين وضد رجال الامن منذ كان صغيرا. هو وشريكه شيلا بن شاي الذي اشتبه باحراق البيت في قرية الديرات، تم التحقيق معهما في حينه وأصدرت بحقهما أوامر ابعاد من يهودا والسامرة، ولكن لم تكن هناك أدلة كافية لتقديمهم للمحاكمة.
عضو آخر في المجموعة أصدر هذا الاسبوع ضده أمر اعتقال اداري لنصف عام، هو مردخاي ماير من معاليه ادوميم. يبلغ 18 عاما فقط ولكن له ماض حافل في حرق الاملاك والاضرار بالفلسطينيين. هناك اشتباه بأنه عضو في المجموعة التي أحرقت كنيسة الخبز والسمك، وقد تم التحقيق معه في السابق حول احراق كنيسة دورمي تسيون في القدس. إلا ان المحكمة الاسرائيلية تنظر إلى هذه الاعمال على أنها تخريب للممتلكات مع أضرار بسيطة.
الوثيقة التي تم العثور عليها في بيت الفتاة النشيطة كتبها كل من اتنغر وزعيم ايديولوجي آخر في التنظيم: موشيه اورباخ (24 سنة) وقد كان في الماضي أحد نشطاء البؤر الاستيطانية وتم ابعاده مؤخرا إلى بيته في بني براك. الوثيقة شملت مجموعة من الافكار الغريبة: «نقطة الارتكاز للتمرد هي أنه لا يوجد حق في الوجود لدولة اسرائيل، لهذا نحن غير ملزمين بقواعد اللعب». وجاء فيها ايضا أن «دولة اسرائيل هي بناءاساسه ضعيف وجدرانه آيلة للسقوط، وهناك تسرب للمياه من جميع الاتجاهات، ومن الافضل وأقل تكلفة هدم هذا البيت وبناءه من جديد بدلا من محاولة اعادة ترميمه».
طريقة الهدم؟ هي ايضا تم تفصيلها في الوثيقة: «يوجد لدولة اسرائيل الكثير من نقاط الضعف. وما يجب علينا فعله هو اشعال كل براميل المتفجرات هذه. وفي نهاية المطاف فان الهدف هو ضعضعة أسس الدولة إلى أن يضطر اليهود إلى الحسم اذا كانوا يريدون الثورة أو قمع التمرد. لأنه لن يكون بالامكان تجاهل هذا القمع وعدم فعل أي شيء».
الوثيقة تفصل ايضا خمسة براميل للبارود التي يجب تفجيرها: «رفض تنفيذ الأوامر وعدم الاعتراف بالمحكمة»؛ «تأجيج الحرم واغلاقه وتنظيم اقتحامات إلى داخله»؛ «مظاهرات ضد الكنائس والمطالبة بتدميرها، وضد السفارات الاجنبية»؛ «تفجير الموضوع العربي الاسرائيلي، الدروز والبدو» و «فرض الدين على الجمهور». وكل ذلك سيؤدي إلى تحقيق الحلم: تنصيب ملك في اسرائيل، وفرض قانون الدين، وطرد كل من هو غير يهودي، والأهم من كل شيء اقامة الهيكل الثالث.
خلال التفتيش في بيت اورباخ في بني براك تم العثور على وثيقة اخرى تترجم فيها الايديولوجيا إلى افعال ـ ويشمل ذلك كراسة تشمل احراق المساجد والمنازل. «احيانا نمل من التسبب بالضرر للممتلكات، نحن نريد توجيه ضربة تثبت أننا نقدر… نحن نريد احراق البيت نفسه بمن فيه»، كتب اورباخ، «ما الفرق بين البيت والمسجد؟» يسأل ويجيب: «من جهة الصهاينة هذا امر أكثر تعقيدا لأن الحديث يدور عن احراق وعن محاولة للقتل. ويوجد ايضا خطر التصادم المباشر مع سكان المنزل. لذلك يجب التسلح بزجاجة حارقة ويفضل أن تكون بحجم لتر ونصف مع قداحة وقفازات وقناع وهراوة ومطرقة وحقيبة. عندها يتم الوصول إلى القرية والبحث عن منزل بابه مفتوح أو نافذته مفتوحة وبدون حماية. لم تجدوا؟ إذا ابحثوا عن بيت ضعيف يمكن اختراقه بسهولة. وعند فشل الاقتحام يتم خلع نافذة». وهذا ما حدث في دوما بالضبط.
الابتسام في وجه المحققين
هذه المجموعة التي تحتوي على 40 ـ 50 شخصا البعض منهم قاصرون، بدأت عملها في نهاية العام الماضي. وبعد أن تم كشفها كانت هناك محاولة لعلاجها حسب الطرق القديمة في علاج فتيان التلال. هذه المحاولة اصطدمت بالجدار القانوني الاسرائيلي، حيث اعتبرتهم المحاكم مجرد طائشين ويتسببون بالضرر للممتلكات.
حصل «الشباك» في هذا الاسبوع على وسائل لمحاولة تفكيك التنظيم الفوضوي حول اتنغر. ولكن الاهم من ذلك أنه حصل على سلاح الردع الذي من شأنه كبح انتشار هذا الوباء: الاعتقال الاداري وتوسيع صلاحيات التحقيق. هذه هي المرة الاولى التي يبدأ فيها علاج حقيقي لهذه الظاهرة، محظور الصمت في التحقيق، واذا اقتنع القاضي أنه لدى «الشباك» مواد كافية حول خطورة المشبوه، فانه يستطيع الاستمرار بالابتسام في وجه المحققين لكنه سيقبع في السجن ايضا لنصف عام يستمرون خلاله في التحقيق معه ببطء ومن الاساس. لقد تغيرت قواعد اللعب. وعند الحاجة فانه سيكون عند «الشباك» صلاحيات أشد في التحقيق، حسب الاذن الذي يمنحه رئيس «الشباك» اذا اقتنع أن المشبوه توجد لديه معلومات تهدد سلامة الجمهور.
عدد من وزراء المجلس الوزاري الامني المصغر الذين حصلوا هذا الاسبوع على توصيات لزيادة الضغط على التنظيم اليهودي غير القانوني، تحركوا في كراسيهم بطريقة تشير إلى عدم الراحة. فهم يعرفون أنه وراء هؤلاء المُخلين بالنظام توجد تيارات معينة في المستوطنات تابعة لمصادر القوة السياسية الانتخابية في هذه الحكومة. ولولا الاجواء العامة التي وجدت بعد قتل الرضيع في دوما لما تغير شيء. المستشار القانوني للحكومة ايضا، يهودا فينشتاين، ونائبه راز نزري، عادا وأكدا على ضرورة استخدام هذه الوسيلة ـ الاعتقال بدون محاكمة. ويوجد اليوم في الاعتقال الاداري 400 فلسطيني، وفي الماضي غير البعيد كانوا أكثر من 3 آلاف. لكنه لم يتم الاقتراب من الارهاب اليهودي. والذين تم اعتقالهم مؤخرا اثناء هدم البيوت الغير قانونية في بيت ايل تم اطلاق سراحهم من السجن يوم الجمعة الماضي ولم تقدم ضدهم لائحة اتهام واحدة.
وزير الدفاع ـ بتوصية من الجيش و»الشباك» ومنسق العمليات في المناطق ـ كان متشددا في موقفه حول تطبيق الاعتقالات الادارية ضد مواطنين اسرائيليين في الضفة، حينما وقع على ثلاثة أوامر اعتقال اداري بحق مشبوهين. وقد فكر في عملية «تفاحة الذهب». في 1991 عندما كان قائدا جديدا لوحدة في «أيوش»، واجه يعلون عددا من العمليات الصعبة التي لم يتم حل لغزها والتي نُسبت للجبهة الشعبية في رام الله. وأشار «الشباك» إلى صعوبة ترجمة المعلومات الاستخبارية إلى أدلة قضائية. وقد نجح يعلون في الحصول على اذن بالاعتقال الاداري ضد اعضاء الخلية، بما في ذلك اولئك الذين لم يشاركوا في العمليات. وسميت هذه العملية «تفاحة الذهب»، وقد اعتقل فيها 59 من اصل 61 عضوا. وتوقف الارهاب من هذه الجهة تماما. يعلون يؤمن أن الاعتقالات الادارية اضافة إلى الوسائل الاخرى التي منحت للقسم اليهودي في «الشباك» ستقلص بشكل كبير وسريع الجرائم القومية في المناطق.
الأمر 8 في «الشباك»
ليس الجيش وحده هو الذي دخل إلى حالة التأهب منذ قتل الرضيع في دوما. فرع القدس في «الشباك» ايضا رفع استعداده إلى الحد الاقصى. المركزون في الميدان يعملون على مدار الساعة، ومجسات مختلفة تقوم بدراسة الاجواء العامة، حيث أن الصورة صعبة جدا. المناطق الفلسطينية تريد الانتقام. والامر ليس بالمستوى الذي كان بعد حرق الفتى محمد أبو خضير قبل عام، ولكن منذ يوم الجمعة الثانية صباح الليلة التي أحرق فيها الرضيع علي دوابشة، ساد العنف بشكل كبير. مئات الزجاجات الحارقة واحراق سيارات في بيت حنينا واطلاق النار باتجاه سيارة اسرائيلية في كوخاف هشاحر. المنطقة دخلت إلى فترة انتظار عنيفة. وجنازة اخرى لأحد أبناء عائلة دوابشة الذين ما زالوا يصارعون على حياتهم، أو حادثة استثنائية في الحرم، من شأنها أن ترجح الكفة وتحقق حلم القتلة اليهود في قرية دوما.
أبو مازن الذي يريد أن يصل إلى الامم المتحدة في ايلول، يسيطر على الاحداث، وقد أمر اجهزته الامنية بالاستمرار في التنسيق الامني مع اسرائيل لمنع الاشتعال. وفي الاجهزة الامنية يقولون إنه لا توجد حتى الآن اشارات على انتفاضة عامة شعبية في المناطق. ومع ذلك فهم مستعدون لانتفاضات محلية وعمليات فردية.
حاول «الشباك» أن يضع، بطريقة علمية، بروفايل المخرب الوحيد من اجل تحسين طرق التمشيط والكشف المسبق عن اشخاص كهؤلاء. كان هذا فشلا معروفا مسبقا، واغلبية العمليات العفوية تنفذ من سكان في مناطق الاحتكاك مع الاحياء اليهودية. لكن هذا ليس اشارة واضحة. سائق الجرافة وسائق السيارة أو المخرب الذي يحمل سكينا لا يقومون بالحديث عن نواياهم مسبقا ولا يقيمون أي طقوس دينية ولا يكتبون وصية. قد يكونون ابناء 15 أو 45 سنة. شخص يخرج من بيته، ويرى في طريقه فرصة ـ دهس مارة مثلا ـ ولا يفكر مرتين. إنها عملية بدون الكثير من التفكير أو التخطيط. هو غاضب ويكره أما الباقي فمجرد فرصة. مع هذه المعلومات لا يمكن خلق التحذير المسبق.
العودة إلى الحياة العادية من شأنها أن تقلص نسبة العنف. وستوضع وثيقة استراتيجية قريبا على طاولة وزير الدفاع ـ أعدها «الشباك» ومنسق العمليات في المناطق ـ وفيها عدد من التسهيلات على الفلسطينيين. إنها عملية لمحاولة اعادة الوضع إلى ايام ما قبل الانتفاضة الثانية. وسيشمل هذا تسهيلات عبور العمال في حاجز قلندية وتبييض تواجد العمال غير القانونيين، وزيادة عشرات آلاف التصاريح. وتوجد ايضا فكرة السماح لمن هم فوق سن الخمسين الدخول إلى اسرائيل بدون تصريح. وتوصية بالمساعدة في بناء البنية التحتية في مدينة روابي الجديدة، والسماح لمزيد من الطلاب في السفر وزيادة ساعات العمل في الجسور. وتسهيلات اقتصادية في الاستيراد والتصدير. مثلا ـ تمرير خط غاز اسرائيلي لمحطة الطاقة في غزة.
لننتظر ونرى ما سيقى من كل ذلك. كان للحكومة أخيرا دور في استخدام وسائل صعبة في مواجهة الارهاب اليهودي. هل ستكون لها الجرأة السياسية للقيام بالخطوة الاستراتيجية التي تجعل حياة الفلسطينيين طبيعية؟ وهما وجهان لعملة واحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خامنئي ليس خروتشوف
بقلم:بوعز بسموت،عن إسرائيل اليوم
المضمون:( يتحدث الكاتب عن خطابات اوباما فيما يتعلق بتمرير الاتفاق النووي مع ايران)
قد يستحق باراك أوباما الثناء على اختياره توقف الخطاب (بعد يوم من خطاب نتنياهو) والمكان. وماذا بالنسبة للمضمون؟ لقد كان مخالفا تماما للتسويق: أوباما اقنع المقتنعين وليس المتشككين بانه لا يجب «تعظم الخوف»، كما ادعى ـ بل ببساطة الفهم أين هي الحياة.
أوباما، الذي لم يقرأ الخريطة الدولية على نحو صحيح منذ دخوله البيت الابيض، وزع العلامات على نتنياهو أمس («اعتقد انه مخطيء») فقط لان رئيس وزراء إسرائيل يختلف معه. هي ينبغي تذكير الرئيس بان الرجلين كانا ايضا مختلفين حول حكم الاخوان المسلمين في دول مثل مصر او تونس بعد «ربيع الشعوب العربية»؟ ومن كان محقا في حينه، سيدي الرئيس؟
«كل دول العالم تؤيد الاتفاق النووي باستثناء إسرائيل»، قال أوباما. ولماذا يفاجئنا هذا، إذا اخذنا بالحسبان حقيقة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تسعى إيران إلى ابادتها؟ أوباما لا يفهم بان بالنسبة له الاتفاق هو رهان، اما بالنسبة لنا فهو مسألة وجودية. وعليه، فان تشبيهه هو بالنسبة للفوارق بين الميزانية العسكرية للولايات المتحدة وميزانية إيران يثير الحفيظة: 600 مليار مقابل 15 مليار. نعم، ولكن بفضل الاتفاق فان الميزانية الإيرانية ستتغير بشكل متطرف (ضخ 150 مليار دولار للإيرانيين لن يستغل، على أي حال لغرس الاشجار). واذا لم يكن هذا بكاف، فبالذات بسبب الفوارق الهائلة هذه بين قوة الدولتين كان يمكن لأوباما ان يستخدم قدرة الردع الأمريكية، غير أنه يفضل الانثناء بتنازلات من الحائط إلى الحائط.
لقد اراد أوباما أن يعلمنا امس درسا في التاريخ. احببنا جدا ذكر كيندي وريغان، على ان أوباما ينسى فقط شيئا أوليا واحدا يصنع كل الفرق بين الاتحاد السوفييتي في حينه وبين إيران اليوم: عنصر الدين والجنون الإسلامي وكل المسألة حول عقلانية النظام الشيعي الثوري الإيراني.
قوة عظمى سابقا
لقد نسي أوباما ان يروي لجمهوره امس كيف أن نيكيتا خورتشوف، الزعيم السوفييتي في حينه، شكك بالقوة الأمريكية، وصلابة كيندي في ادارة أزمة الصواريخ في كوبا في 1962. أوباما نسي أيضا أن يروي كيف أن ريغان، بصلابة شديدة امام السوفييت (بالضبط مثلما ادار أزمة مراقبي الطيران)، أدى إلى تراجع غورباتشوف وتفكك الاتحاد السوفييتي. وبشكل عام، فان إيران ليست الاتحاد السوفييتي. الاولى كانت قوة عظمى رأت نفسها خصم مباشر للولايات المتحدة بينما إيران هي قوة عظمى اقليمية، باستثناء أن أوباما رفع مستواها.
يعدنا الرئيس الأمريكي بزيادة المساعدة العسكرية. هذا هو الحد الادنى الذي يمكن أن يفعله بعد أن زاد لنا بشكل واضح التهديد الإيراني. على أن يشرح لنا فقط أي قبة حديدية بالضبط يعتزم ان يزودنا بها في اللحظة التي ستكون فيها إيران ـ مثلما هو نفسه قال في مقابلة اذاعية قبل بضعة اشهر ـ قريبة مسافة صفر من القنبلة «بعد 13، 14، او 15 سنة».
وبشكل عام، أي أوباما نصدق؟ ذاك الذي في المقابلة الاذاعية أو هذا يوم أمس؟ يحتمل ألا يكون الاتفاق واضحا لدرجة ان حتى الادارة لا تفهمه.
لقد وقف أوباما أمس كالبطل وكأنه وقع بالحد الادنى على اتفاق سلام مع إيران. لم يغير الإيرانيين، وهذه هي القصة. اتفاقه اعترف عمليا بالثورة الإسلامية، اتاح لإيران الانضمام إلى اسرة الشعوب، وبالاساس يتيح لها مداخيل اقتصادية كبيرة للغاية.
«إما الاتفاق ـ أو الحرب قريبا»، قال أوباما امس. ولكنه لم يفهم بان الفجوة الهائلة بين القوة العظمى واسمها أمريكا مع باقي الدول لا تفترض الحرب ضد إيران بل ببساطة الضغط حتى الانثناء الإيراني. ولكن من أجل هذا يحتاج أوباما قبل كل شيء ان يكف عن تقزيم بلاده امام باقي الامم.
خسارة أن كيندي او ريغان لم يكونا في المحيط لانهما كان يمكنهما هما ربما ان يقولا لأوباما: «لا نشكك بنيتك، ولكننا نخشى ان تكون مخطئا».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بقلم:اودي سيغل،عن معاريف
المضمون:( يسرد الكاتب ردات الفعل الهزلية للمحكوم عليهم بعد قضايا عمليات كراهية من قبل المتطرفين اليهود)
الابتسامة الاكثر اثارة للجنون هي نفس الابتسامة. الابتسامة على وجه حفيد الحاخام كهانا؛ ابتسامة الاثنين اللذين احرقا المدرسة ثنائية اللغة، اللذين غنيا معا بعد الحكم عليهما بالسجن سنتين؛ الابتسامة التي ظهرت من كلمات جلعاد كلاينر الذي فرح بموت شيرا بنكي، الفتاة البالغة 16 سنة والتي قتلت في مسيرة الفخار؛ هي نفس الابتسامة التي أثارت جنون دولة كاملة قبل عشرين سنة على وجه يغئال عمير الذي مثل أمام المحكمة بعد اطلاقه ثلاث رصاصات على ظهر رئيس الحكومة اسحق رابين.
الابتسامة مقلقة لأنها ساخرة ومتعالية ومنقطعة عن الواقع. ابتسامة تعكس بدون كلمات المواقف التي لا نصدق أنها توجد بيننا. المواقف التي تقول ان هناك اشخاصا يجب ان يموتوا ولا يجب الاسف على موتهم، وان وصية «لا تقتل» لا تشملهم. بل العكس ـ يستحقون الموت، هذا واجب. انها ابتسامة تسخر من القانون العلماني والقيم العلمانية الفارغة، متعالية فوق الدولة وتعتبرها امرا مؤقتا قياسا بالتوراة. هذه الابتسامة تسخر منا، وتعتبر ان الصراع العلماني على شكل الدولة مجرد زبد صدفي على وجه الماء. ابتسامة تقول ان أي صعوبة او ضغط خارجي يجب مواجهتها حسب الاصول الدينية وان كل شيء هو امتحان الهي للشعب المختار، واننا سنخرج في نهاية المطاف اكثر قوة.
هذه الابتسامة توجد على وجه الدولة. انها لا تسخر منا فقط بل تحرض ضد كل العالم.
حكومات اسرائيل من اليسار واليمين تعمل منذ عقدين على اقناع العالم بحقيقتنا الداخلية ـ ان الاسرائيليين يريدون السلام وان اليد التي مدت لجيراننا بقيت وحيدة. هذه سياسة اسرائيل دائما وابدا، التي تمنحنا اعتمادا دوليا محدودا للعمل ضد الارهاب، هي التي تمنع الامريكيين من الانضمام إلى الطلب العام بالضغط على اسرائيل وعدم بيعها السلاح، هي القبة الحديدية السياسية الدعائية ضد دعوات المقاطعة. هذا ما يمنح اسرائيل الوقت والمساحة للمناورة وايضا يمنحها عدد من الاصدقاء.
في العالم
وعندها ياتي هؤلاء المبتسمون، باروكات شعر مجعدة، قبعات كبيرة وابتسامة تعكس السخرية من امم العالم، غير اليهود، وجميع العجلات الفارغة الغير محملة بالحمل الروحاني والديني الصحيح. يشعرون انهم فوق الجميع. صادقون ومخلصون ومنتصرون. الحقيقة هي انهم مخطئون، خائنون لقيم الدولة وعادة ما يخسرون، لكنهم انتصروا هذا الاسبوع للحظة ونحن خسرنا كثيرا.
الضرر السياسي بعيد المدى هو بقاء صيغة ان اسرائيل والفلسطينيين حالة ميئوس منها، وانه لا توجد فرصة للتفاهم بينهم، وان الاستنتاج هو ضرورة فرض الاتفاق او ممارسة الضغط الخارجي الذي يدفعهم على الانفصال إلى دولتين منفصلتين.
الضرر السياسي هو الافضلية الوحيدة لليمين السياسي في اسرائيل في مواجهة العالم. الموقف اليميني المسيطر لدينا بسيط: العرب يريدون القضاء علينا، حاولنا التوصل معهم إلى حل وسط لكن ذلك لم ينجح. يجب التمسك جيدا والحفاظ على ما عندنا دون تنازل. العالم لا يقبل ذلك. موضوع القضاء لا يؤثر فيهم، وبالذات في المواجهة الاخيرة التي قتل فيها ستة اسرائيليين مقابل 2000 في غزة. ايضا موضوع الحفاظ على ما هو موجود، غير مقبول. جميع دول العالم باستثناء واحدة (هي ايضا تفكر بهذا السؤال منذ اربعة عقود) تؤمن انه لا يوجد مبرر للابقاء على المناطق التي احتلت قبل نحو خمسين عاما، وترفض بالطبع قبول المستوطنات.
هناك ادعاء واحد يسمح للعالم بأن يستمع لمن يتلعثم ايضا ـ الادعاء اليميني الذي يتعامل مع الفلسطينيين كامر واقع، ويعترف بهم كمتساوين ويقول ان الحل الوحيد هو التعايش المشترك. اليسار في اسرائيل يريد الانفصال عن العرب، ونحن نريد احتضانهم.
هنا نفهم ان هذا كذب، قد يشتبهون قليلا في العالم لكنهم مستعدون للاستماع. حتى وان كان هذا الاقرب لحل جنوب افريقيا من وجهة النظر الدولية.
وعندها ياتي المبتسمون، يضحكون في وجه اليمين الايديولوجي، لنفرض ان رئيس الدولة رؤوبين ريفلين وتسيبي حوطوبلي يضحكان باستخفاف من فكرة المساواة او المواطنة للعرب ويؤججون الكراهية ويرفضون فكرة التعايش المشترك. سيمنحون العالم الدليل على ان هذا غير ممكن وان هذه مجرد مسرحية مزيفة وانه يجب الفرض على اسرائيل التخلص من العرب. هذا احد اسباب ان رئيس الحكومة دعا الكابنت وقرر استخدام الاعتقال الاداري ضد اليهود ايضا، وقد صادق المستشار القانوني يوم الثلاثاء الماضي على ثلاثة اوامر كهذه.
هذه الابتسامة الساخرة من السلطة الاسرائيلية ومن وجود الدولة تجد تعبيرها في الوثيقة التي عرضها «الشباك» امام هذا الحفيد للحاخام كهانا، الذي يتحدث عن السلطة الاسرائيلية بمفاهيم يستخدمها الإيرانيون وناطوري كارتا: النظام الصهيوني والصهاينة. تحدث نتنياهو عن الذين يضعضعون السلطة ولا يحترمون شيء: «سمعت عن وجود من يقولون ان هناك قانون الهي فوق قانون الدولة، وانا اريد القول انه لا يوجد قانون فوق قوانين الدولة ومن يخل بهذه القوانين سيدفع الثمن». قال. وهذا مهم وضروري لكن الضرر السياسي قد وقع.
مصادر اجنبية تتحدث في نقاشات مغلقة ان هذا نتيجة الاهمال الاسرائيلي المتعمد. أبو مازن يقول لهم ان نتنياهو يريد الانتفاضة لتجنيد العالم ضد الفلسطينيين ومنع الضغط على اسرائيل. في الامم المتحدة يخرجون جميع التقارير حول عنف المستوطنين. ويدفع الفرنسيون بانشاء جهاز دولي لاعادة الاطراف إلى المفاوضات. واسرائيل التي تقاوم المقاطعة من خلال تقليص في وزارة الخارجية ومنع الميزانيات عن جلعاد اردان، بقيت مع هذه الابتسامة الهازئة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ميراث دوما
من الصعب تجسير الهوة التي نشأت مؤخرا بين مملكة اسرائيل ومملكة يهودا
بقلم:الون بن دافيد،عن معاريف
المضمون:( يتحدث الكاتب عن دولتين، دولة اسرائيل، ودولة المستوطنين في الضفة الغربية، ويشير الكاتب الى وجوب القاء القبض على الارهابيين الذين قاموا باحراق الطفل علي دوابشة، ويقول ان سمعة اسرائيل وجهاز امنها الداخلي(الشاباك) على المحك في هذه القضية)
في لحظة واحدة عدنا هذا الاسبوع إلى القبلية. إلى اسرائيل ويهودا. «الشباك» بغطاء من وزير الدفاع يستخدم كل ما لديه لالقاء القبض على المخربين الذين نفذوا العملية في قرية دوما، وهو سيلقي القبض عليهم. سمعته موجودة على المحك، واذا لم يسرع ـ فهناك احتمال بأن يضربوا من جديد. ولكن بعد أن يتم الامساك بهم، واذا نجحت ادانتهم ـ فان الشرخ الذي اوجدته احداث الاسبوعين الاخيرين سيكون من الصعب ازالته.
من جهة اسرائيل، التي شاهدت بخوف متزايد الاحداث التي بدأت في بيوت دراينوف في بيت ايل، ومرورا بجنون يشاي شليسل خلال مسيرة الفخار وانتهاء بقتل الرضيع في دوما، والخوف هو أنه لن يكون القتيل الاخير في هذه العملية. الذين زاروا هذا الاسبوع مستشفى شيبا كانوا كثر. هناك المزيد من الاسرائيليين الذين هم قلقون لأن اسرائيلي يقوم باسم اليهودية بقتل الرضيع. ووصلت ايضا إلى القرية وفود معزين اسرائيليين، وهذا أمر نادر.
تذكرت في هذا الاسبوع الملك الاردني المرحوم الحسين، حيث وصل سريعا وجثم على ركبتيه أمام عائلات الفتيات اللواتي قتلن من أحد جنوده في نهرايم. ليس فقط أن هذا العمل لم يقلل احترامه بل زاده قوة كقائد وكانسان له احترامه واخلاقه. وهذه الصفات غير موجودة عندنا.
في المقابل، في مملكة يهودا، كان ابطال الشبكة الذين استمروا في التحريض ضد كل ما لا يعجبهم: اليسار، الفلسطينيون ورئيس الدولة بالتحديد. كان زعماء يمين قد حسنوا قول «نعم ولكن»، وكان رؤساء المستوطنين يهتمون فقط بابعاد أي صلة لهم بالحادثة والقول إنهم ليسوا بحاجة إلى مراجعة النفس. وأن ما حدث في قرية دوما ليس له صلة بما ينشأ على هامش المستوطنات في المناطق.
عند الحديث عن «المستوطنين» كمتساوين فان هذا تعميم خاطيء، حيث أن 400 ألف اسرائيلي يعيشون في المناطق ويوجد بينهم الكثير من التنوع. بين بنات غوش عصيون مع الشريط الرفيع على الشعر والقرط في الأنف وبين سكان يتسهار يوجد الكثير من الفرق في المواقف والالوان.
اغلبيتهم يرفضون ادعاء أن هناك صلة بين الشباب الذين جاءوا إلى بيت ايل لالقاء الحجارة وزجاجات البول على قوات الامن وبين ارهاب «شارة الثمن». من جهتهم يمكن تعليم الشباب على العنف من اجل تطبيق قانون البناء الغير قانوني، دون الخوف من أن يأخذوا خطوة أو اثنتين إلى الأمام.
هنا ايضا يوجد تنوع. سكان عيلي في السامرة فعلوا كل شيء في هذا الاسبوع كي لا يشوش احد على هدم المباني غير القانونية في مستوطنتهم. قوات الامن وصلت في الليل وانتهى الهدم خلال بضع ساعات دون حدوث دراما. من هو المقاول الذي نفذ الهدم؟ يونتان دراينوف.
وزير الدفاع الذي تحول في الاسابيع الاخيرة إلى الاسم السيء في المستوطنات إلى جانب الرئيس ريفلين، بقي مخلصا لسلطة القانون. لكن موشيه يعلون لن يتجاوز صلاحياته ولن يعارض حكومة نتنياهو التي تقوم، كما كشفت القناة 10، باعطاء الاموال لعائلات المخربين اليهود. يعلون سيستمر في نشر اقوال رسمية في الشبكات الاجتماعية وفي خطاباته، لكنه ليس مهيأ بعد لتحدي زعامة نتنياهو.
يبدو أن الفلسطينيين سيستوعبون العملية في دوما. فهم يستمرون في التنسيق الامني ومكافحة الارهاب كما كان قبل العملية. وستنشأ خلايا للمخربين على اسم علي دوابشة ستكلف حياة اسرائيليين، لكن السلطة تصمم على منع اندلاع العنف.
الجيش الاسرائيلي و«الشباك» أعلنا حالة الطواريء بعد العملية، حيث قاما بتعزيز القوات بسبب الخوف الحقيقي من الصدام. هذا الخوف هدأ قليلا لكن ما زالت اغلبية الجيش موجودة في المناطق.
عمل أكثر أولوية
اضافة إلى التحدي الامني يستمر الجيش في مواجهة جباية الثمن الذي تسببت به لجنة لوكر. اثناء زيارته في هذا الاسبوع لكتيبة جفعاتي، سمع رئيس الاركان من قادة الالوية الذين أوصت عليهم لجنة لوكر أنهم سيكونون اول من يترك اذا كان سيحدث تمييز ضد زملاءهم من ضباط التسليح والصيانة. «لا نستطيع الخدمة مع اعطاء امتيازات في الوقت الذي يوجد فيه تمييز ضد ضباط يخدمون معنا»، قال الضباط.
يبدو أن تقرير لوكر سيدفن مع التقارير التي سبقته. لكن التاثير الجماهيري الذي اوجده مستمر. تحدثت هذا الاسبوع مع ضابط في الجيش، تعتبره وسائل الاعلام الاقتصادية انه عاطل عن العمل. فقد طور في السنة الاخيرة جهاز تستخدمه خلايا الهجوم التابعة للجيش الاسرائيلي.
وقد طورت في السابق اجهزة كهذه في شركات خارجية بتكلفة وصلت إلى الملايين. هو ومرؤوسيه الخمسة طوروا الجهاز خلال اسبوع وبتكلفة بلغت ما يعادل خمسة رواتب اسبوعية.
براك (24 سنة) لا يحمل اوسمة مقاتل على صدره، وهو يحصل على راتب جيد (7 آلاف شيكل)، لكنه سيترك الجيش الان. زوجته التي عملت في نفس المجال تسرحت وهي تحصل على راتب مضاعف في السوق المدنية، وهي لديها سيارة أما هو لا.
يتم استدعاءه للعمل في الليل وايام السبت والاعياد، وهي لا. ومع ذلك هو يقول إن ما شجعه على ترك الجيش هو حقيقة أنه في السوبرماركت والبنك وكل مكان عام يتعاملون معه وكأنه يأكل بالمجان ويسرق الاموال العامة.
ان هجوم وسائل الاعلام الاقتصادية على الجيش الاسرائيلي ومن يخدمون فيه يفكك بمنهجية الاسس الانسانية للجيش. حيث يأتي ذلك من كل الاتجاهات: من اليمين، وزراء واعضاء كنيست يؤيدون من يبصق على ممثلي الدولة. من اليسار، منظمات ومجموعات تنضم للفلسطينيين في محاولة لتصوير الجيش على اعتباره مجرم حرب. وفي الوسط وسائل اعلام اقتصادية تحولت إلى جماعة حولت الجيش إلى عدو.
سنستطيع مواجهة الاعداء الخارجيين. فما زال الكثير من الرجال والنساء مستعدين لتحمل كل ذلك والاستمرار في الدفاع عن الدولة. لكن التدمير من الداخل لمملكة اسرائيل قد يؤدي إلى هدم البيت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شلّة متفجرات
أخيرا أصبح للحكومة دور في استخدام وسائل صعبة في مواجهة الإرهاب اليهودي
بقلم:أليكس فيشمان،عن يديعوت
المضمون:( يتحدث الكاتب عن الخوف الذي يعتري الحاخامات وقادة المستوطنين اليهود، من فقد الدعم المالي من الحكومة الإسرائيلية بعد أعمالهم الإجرامية)
طلب رؤساء «يشع» هذا الاسبوع اموال من وزراء الحكومة مُدعين أنهم يريدون استثمار هذه الاموال في التعليم ومعالجة الثقافة الثانوية الغير قانونية لشباب البؤر الاستيطانية التي تطورت في داخلهم. لا أحد يصدق أنهم اذا حصلوا على هذه الاموال فهي ستذهب للعلاج الجذري، لأن الجذور الفاسدة نشأت عندهم في البيت. لكن هذا التوجه بحد ذاته يظهر الخوف في اوساط قيادة المستوطنين. فهم يعرفون أنهم في مشكلة، وأنهم فقدوا السيطرة على الارض، وأنهم قد يفقدون الحقوق التي حصلوا عليها من اليمين العلماني في اسرائيل.
هذه المرة يشاركهم خوفهم ايضا حاخامات ومنتخبون من الجمهور تابعون للتيار الحريدي القومي الذي يتحفظ من المجتمع الاسرائيلي، ولديه مشكلة مع المملكة الصهيونية. حتى أنهم يبحثون عن طرق لتشبيك الأيدي مع السلطات لاقتلاع الاعشاب السامة التي تم زرعها في تلال بنيامين والسامرة قبل نحو عقدين، ومرت بتناسخ ايديولوجي وتغييرات بين الاجيال، غيرت اسماء وحاخامات والآن هي اعشاب مفترسة.
عند النظر إلى البروفايل والخلفية للنماذج التي صدر بحقها هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري، يمكن ملاحظة نفس التأثيرات التي تصل من ثلاثة مصادر: حركة كاخ للحاخام كهانا وبناتها، نظرية الحاخام غنزبورغ وتأثيراتها المسيحانية المتطرفة ومدرسة هار همور الدينية.
هذه المدرسة مثل عطيرت كوهنيم، والعائدين إلى الخليل ومدارس اخرى تسمى مدارس «الخط»، تعكس التوتر بين الحاجة إلى الانغلاق أمام المجتمع الاسرائيلي ـ الذي يعتبر ما بعد عصري ومندثر ويستحق الاهانة ـ وبين الحاجة إلى الانتماء للمملكة ولا سيما التأثير عليها.
رئيس المعهد الحاخام اسرائيل تاو ما زال ينتمي للجيل الجديد الذي يعتبر دولة اسرائيل «بداية الانبعاث»، لكن جزءً من طلابه يفكرون بشكل مختلف. فهم يتحدثون عن مجتمع اسرائيلي مريض، ويشيرون إلى نخبة قانونية يسارية ونخبة اعلامية يسارية. عندما يقترح عضو الكنيست موتي يوغف ـ عقيد احتياط في الجيش ومن خريجي الوحدة الخاصة ـ الصعود على محكمة العدل العليا بالجرافة، فان هذه ليست زلة لسان؛ هذا جزء من الحوار الداخلي في هذه المعاهد. وعندما يتقاطع هذا مع نظرية الحاخام كهانا والموقف المسيحاني للحاخام غنزبورغ الذي أيد في حينه المجزرة في الحرم الابراهيمي، فاننا نحصل على نماذج مثل مئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا.
طفرة مخيفة
في بداية طريقه حصل اتنغر على الالهام من نظرية الحاخام غنزبورغ، إلى أن قرر أن هذا الاخير ليس فوضويا بما يكفي. فقام بترك المعهد وتجول في التلال (المزيد حول شخصية اتنغر ـ في مقال عوديد شالوم). وقد تحول مع اصدقائه إلى طفرة تبعث الرعب من حولها. ومشكوك فيه أنهم قد خططوا لقتل الرضيع في قرية دوما، وهم لم يفكروا بحمل السلاح، على الأقل في المرحلة الحالية. لكن ليس لديهم مشكلة مبدئية أو ايديولوجية حول قتل العرب.
وثيقة اقامة البنية التحتية الاخيرة التي يعتبر اتنغر أحد الرواد فيها وجدت في آذار من هذا العام في بيت احدى النشيطات اثناء أحد الاعتقالات «للشباك». كان هذا العمل العلني الاول والاكبر ضد هذه المجموعة. وفي نفس الوقت اعتقل وتم التحقيق مع كثير من اصدقائها، بما في ذلك الشابة التي وجدت الوثيقة في بيتها. كان واضحا في حينه أن اتنغر هو المغناطيس الاول في التسلسل الهرمي، وهو الذي يعرف الجميع بشكل شخصي. الأدلة والمواد التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت سمحت باصدار أمر ابعاده إلى صفد. واعتقل في تلك الفترة افيتار سالونيم الذي يعيش في منطقة الخليل، وقد صدر بحقه هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري. كانت لدى «الشباك» معلومات حول تورط سالونيم في احراق مبنى في قرية كفر الديرات في جبل الخليل. وقد استطاع رب العائلة انقاذ ابناءه في اللحظة الاخيرة. والذي ألقى الزجاجة الحارقة إلى البيت في دوما قام بتحسين أدائه حيث قام بكسر النافذة لضمان أن الزجاجة الحارقة ستدخل كما يجب. لقد كان هدفه الاحراق ـ حرق ابناء العائلة واندلاع الانتفاضة الثالثة.
سالونيم الذي يبلغ 20 سنة من عمره هو الذراع الايمن لاتنغر، وهو نشيط فاعل يمارس العنف ضد الفلسطينيين وضد رجال الامن منذ كان صغيرا. هو وشريكه شيلا بن شاي الذي اشتبه باحراق البيت في قرية الديرات، تم التحقيق معهما في حينه وأصدرت بحقهما أوامر ابعاد من يهودا والسامرة، ولكن لم تكن هناك أدلة كافية لتقديمهم للمحاكمة.
عضو آخر في المجموعة أصدر هذا الاسبوع ضده أمر اعتقال اداري لنصف عام، هو مردخاي ماير من معاليه ادوميم. يبلغ 18 عاما فقط ولكن له ماض حافل في حرق الاملاك والاضرار بالفلسطينيين. هناك اشتباه بأنه عضو في المجموعة التي أحرقت كنيسة الخبز والسمك، وقد تم التحقيق معه في السابق حول احراق كنيسة دورمي تسيون في القدس. إلا ان المحكمة الاسرائيلية تنظر إلى هذه الاعمال على أنها تخريب للممتلكات مع أضرار بسيطة.
الوثيقة التي تم العثور عليها في بيت الفتاة النشيطة كتبها كل من اتنغر وزعيم ايديولوجي آخر في التنظيم: موشيه اورباخ (24 سنة) وقد كان في الماضي أحد نشطاء البؤر الاستيطانية وتم ابعاده مؤخرا إلى بيته في بني براك. الوثيقة شملت مجموعة من الافكار الغريبة: «نقطة الارتكاز للتمرد هي أنه لا يوجد حق في الوجود لدولة اسرائيل، لهذا نحن غير ملزمين بقواعد اللعب». وجاء فيها ايضا أن «دولة اسرائيل هي بناءاساسه ضعيف وجدرانه آيلة للسقوط، وهناك تسرب للمياه من جميع الاتجاهات، ومن الافضل وأقل تكلفة هدم هذا البيت وبناءه من جديد بدلا من محاولة اعادة ترميمه».
طريقة الهدم؟ هي ايضا تم تفصيلها في الوثيقة: «يوجد لدولة اسرائيل الكثير من نقاط الضعف. وما يجب علينا فعله هو اشعال كل براميل المتفجرات هذه. وفي نهاية المطاف فان الهدف هو ضعضعة أسس الدولة إلى أن يضطر اليهود إلى الحسم اذا كانوا يريدون الثورة أو قمع التمرد. لأنه لن يكون بالامكان تجاهل هذا القمع وعدم فعل أي شيء».
الوثيقة تفصل ايضا خمسة براميل للبارود التي يجب تفجيرها: «رفض تنفيذ الأوامر وعدم الاعتراف بالمحكمة»؛ «تأجيج الحرم واغلاقه وتنظيم اقتحامات إلى داخله»؛ «مظاهرات ضد الكنائس والمطالبة بتدميرها، وضد السفارات الاجنبية»؛ «تفجير الموضوع العربي الاسرائيلي، الدروز والبدو» و «فرض الدين على الجمهور». وكل ذلك سيؤدي إلى تحقيق الحلم: تنصيب ملك في اسرائيل، وفرض قانون الدين، وطرد كل من هو غير يهودي، والأهم من كل شيء اقامة الهيكل الثالث.
خلال التفتيش في بيت اورباخ في بني براك تم العثور على وثيقة اخرى تترجم فيها الايديولوجيا إلى افعال ـ ويشمل ذلك كراسة تشمل احراق المساجد والمنازل. «احيانا نمل من التسبب بالضرر للممتلكات، نحن نريد توجيه ضربة تثبت أننا نقدر… نحن نريد احراق البيت نفسه بمن فيه»، كتب اورباخ، «ما الفرق بين البيت والمسجد؟» يسأل ويجيب: «من جهة الصهاينة هذا امر أكثر تعقيدا لأن الحديث يدور عن احراق وعن محاولة للقتل. ويوجد ايضا خطر التصادم المباشر مع سكان المنزل. لذلك يجب التسلح بزجاجة حارقة ويفضل أن تكون بحجم لتر ونصف مع قداحة وقفازات وقناع وهراوة ومطرقة وحقيبة. عندها يتم الوصول إلى القرية والبحث عن منزل بابه مفتوح أو نافذته مفتوحة وبدون حماية. لم تجدوا؟ إذا ابحثوا عن بيت ضعيف يمكن اختراقه بسهولة. وعند فشل الاقتحام يتم خلع نافذة». وهذا ما حدث في دوما بالضبط.
الابتسام في وجه المحققين
هذه المجموعة التي تحتوي على 40 ـ 50 شخصا البعض منهم قاصرون، بدأت عملها في نهاية العام الماضي. وبعد أن تم كشفها كانت هناك محاولة لعلاجها حسب الطرق القديمة في علاج فتيان التلال. هذه المحاولة اصطدمت بالجدار القانوني الاسرائيلي، حيث اعتبرتهم المحاكم مجرد طائشين ويتسببون بالضرر للممتلكات.
حصل «الشباك» في هذا الاسبوع على وسائل لمحاولة تفكيك التنظيم الفوضوي حول اتنغر. ولكن الاهم من ذلك أنه حصل على سلاح الردع الذي من شأنه كبح انتشار هذا الوباء: الاعتقال الاداري وتوسيع صلاحيات التحقيق. هذه هي المرة الاولى التي يبدأ فيها علاج حقيقي لهذه الظاهرة، محظور الصمت في التحقيق، واذا اقتنع القاضي أنه لدى «الشباك» مواد كافية حول خطورة المشبوه، فانه يستطيع الاستمرار بالابتسام في وجه المحققين لكنه سيقبع في السجن ايضا لنصف عام يستمرون خلاله في التحقيق معه ببطء ومن الاساس. لقد تغيرت قواعد اللعب. وعند الحاجة فانه سيكون عند «الشباك» صلاحيات أشد في التحقيق، حسب الاذن الذي يمنحه رئيس «الشباك» اذا اقتنع أن المشبوه توجد لديه معلومات تهدد سلامة الجمهور.
عدد من وزراء المجلس الوزاري الامني المصغر الذين حصلوا هذا الاسبوع على توصيات لزيادة الضغط على التنظيم اليهودي غير القانوني، تحركوا في كراسيهم بطريقة تشير إلى عدم الراحة. فهم يعرفون أنه وراء هؤلاء المُخلين بالنظام توجد تيارات معينة في المستوطنات تابعة لمصادر القوة السياسية الانتخابية في هذه الحكومة. ولولا الاجواء العامة التي وجدت بعد قتل الرضيع في دوما لما تغير شيء. المستشار القانوني للحكومة ايضا، يهودا فينشتاين، ونائبه راز نزري، عادا وأكدا على ضرورة استخدام هذه الوسيلة ـ الاعتقال بدون محاكمة. ويوجد اليوم في الاعتقال الاداري 400 فلسطيني، وفي الماضي غير البعيد كانوا أكثر من 3 آلاف. لكنه لم يتم الاقتراب من الارهاب اليهودي. والذين تم اعتقالهم مؤخرا اثناء هدم البيوت الغير قانونية في بيت ايل تم اطلاق سراحهم من السجن يوم الجمعة الماضي ولم تقدم ضدهم لائحة اتهام واحدة.
وزير الدفاع ـ بتوصية من الجيش و»الشباك» ومنسق العمليات في المناطق ـ كان متشددا في موقفه حول تطبيق الاعتقالات الادارية ضد مواطنين اسرائيليين في الضفة، حينما وقع على ثلاثة أوامر اعتقال اداري بحق مشبوهين. وقد فكر في عملية «تفاحة الذهب». في 1991 عندما كان قائدا جديدا لوحدة في «أيوش»، واجه يعلون عددا من العمليات الصعبة التي لم يتم حل لغزها والتي نُسبت للجبهة الشعبية في رام الله. وأشار «الشباك» إلى صعوبة ترجمة المعلومات الاستخبارية إلى أدلة قضائية. وقد نجح يعلون في الحصول على اذن بالاعتقال الاداري ضد اعضاء الخلية، بما في ذلك اولئك الذين لم يشاركوا في العمليات. وسميت هذه العملية «تفاحة الذهب»، وقد اعتقل فيها 59 من اصل 61 عضوا. وتوقف الارهاب من هذه الجهة تماما. يعلون يؤمن أن الاعتقالات الادارية اضافة إلى الوسائل الاخرى التي منحت للقسم اليهودي في «الشباك» ستقلص بشكل كبير وسريع الجرائم القومية في المناطق.
الأمر 8 في «الشباك»
ليس الجيش وحده هو الذي دخل إلى حالة التأهب منذ قتل الرضيع في دوما. فرع القدس في «الشباك» ايضا رفع استعداده إلى الحد الاقصى. المركزون في الميدان يعملون على مدار الساعة، ومجسات مختلفة تقوم بدراسة الاجواء العامة، حيث أن الصورة صعبة جدا. المناطق الفلسطينية تريد الانتقام. والامر ليس بالمستوى الذي كان بعد حرق الفتى محمد أبو خضير قبل عام، ولكن منذ يوم الجمعة الثانية صباح الليلة التي أحرق فيها الرضيع علي دوابشة، ساد العنف بشكل كبير. مئات الزجاجات الحارقة واحراق سيارات في بيت حنينا واطلاق النار باتجاه سيارة اسرائيلية في كوخاف هشاحر. المنطقة دخلت إلى فترة انتظار عنيفة. وجنازة اخرى لأحد أبناء عائلة دوابشة الذين ما زالوا يصارعون على حياتهم، أو حادثة استثنائية في الحرم، من شأنها أن ترجح الكفة وتحقق حلم القتلة اليهود في قرية دوما.
أبو مازن الذي يريد أن يصل إلى الامم المتحدة في ايلول، يسيطر على الاحداث، وقد أمر اجهزته الامنية بالاستمرار في التنسيق الامني مع اسرائيل لمنع الاشتعال. وفي الاجهزة الامنية يقولون إنه لا توجد حتى الآن اشارات على انتفاضة عامة شعبية في المناطق. ومع ذلك فهم مستعدون لانتفاضات محلية وعمليات فردية.
حاول «الشباك» أن يضع، بطريقة علمية، بروفايل المخرب الوحيد من اجل تحسين طرق التمشيط والكشف المسبق عن اشخاص كهؤلاء. كان هذا فشلا معروفا مسبقا، واغلبية العمليات العفوية تنفذ من سكان في مناطق الاحتكاك مع الاحياء اليهودية. لكن هذا ليس اشارة واضحة. سائق الجرافة وسائق السيارة أو المخرب الذي يحمل سكينا لا يقومون بالحديث عن نواياهم مسبقا ولا يقيمون أي طقوس دينية ولا يكتبون وصية. قد يكونون ابناء 15 أو 45 سنة. شخص يخرج من بيته، ويرى في طريقه فرصة ـ دهس مارة مثلا ـ ولا يفكر مرتين. إنها عملية بدون الكثير من التفكير أو التخطيط. هو غاضب ويكره أما الباقي فمجرد فرصة. مع هذه المعلومات لا يمكن خلق التحذير المسبق.
العودة إلى الحياة العادية من شأنها أن تقلص نسبة العنف. وستوضع وثيقة استراتيجية قريبا على طاولة وزير الدفاع ـ أعدها «الشباك» ومنسق العمليات في المناطق ـ وفيها عدد من التسهيلات على الفلسطينيين. إنها عملية لمحاولة اعادة الوضع إلى ايام ما قبل الانتفاضة الثانية. وسيشمل هذا تسهيلات عبور العمال في حاجز قلندية وتبييض تواجد العمال غير القانونيين، وزيادة عشرات آلاف التصاريح. وتوجد ايضا فكرة السماح لمن هم فوق سن الخمسين الدخول إلى اسرائيل بدون تصريح. وتوصية بالمساعدة في بناء البنية التحتية في مدينة روابي الجديدة، والسماح لمزيد من الطلاب في السفر وزيادة ساعات العمل في الجسور. وتسهيلات اقتصادية في الاستيراد والتصدير. مثلا ـ تمرير خط غاز اسرائيلي لمحطة الطاقة في غزة.
لننتظر ونرى ما سيقى من كل ذلك. كان للحكومة أخيرا دور في استخدام وسائل صعبة في مواجهة الارهاب اليهودي. هل ستكون لها الجرأة السياسية للقيام بالخطوة الاستراتيجية التي تجعل حياة الفلسطينيين طبيعية؟ وهما وجهان لعملة واحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خامنئي ليس خروتشوف
بقلم:بوعز بسموت،عن إسرائيل اليوم
المضمون:( يتحدث الكاتب عن خطابات اوباما فيما يتعلق بتمرير الاتفاق النووي مع ايران)
قد يستحق باراك أوباما الثناء على اختياره توقف الخطاب (بعد يوم من خطاب نتنياهو) والمكان. وماذا بالنسبة للمضمون؟ لقد كان مخالفا تماما للتسويق: أوباما اقنع المقتنعين وليس المتشككين بانه لا يجب «تعظم الخوف»، كما ادعى ـ بل ببساطة الفهم أين هي الحياة.
أوباما، الذي لم يقرأ الخريطة الدولية على نحو صحيح منذ دخوله البيت الابيض، وزع العلامات على نتنياهو أمس («اعتقد انه مخطيء») فقط لان رئيس وزراء إسرائيل يختلف معه. هي ينبغي تذكير الرئيس بان الرجلين كانا ايضا مختلفين حول حكم الاخوان المسلمين في دول مثل مصر او تونس بعد «ربيع الشعوب العربية»؟ ومن كان محقا في حينه، سيدي الرئيس؟
«كل دول العالم تؤيد الاتفاق النووي باستثناء إسرائيل»، قال أوباما. ولماذا يفاجئنا هذا، إذا اخذنا بالحسبان حقيقة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تسعى إيران إلى ابادتها؟ أوباما لا يفهم بان بالنسبة له الاتفاق هو رهان، اما بالنسبة لنا فهو مسألة وجودية. وعليه، فان تشبيهه هو بالنسبة للفوارق بين الميزانية العسكرية للولايات المتحدة وميزانية إيران يثير الحفيظة: 600 مليار مقابل 15 مليار. نعم، ولكن بفضل الاتفاق فان الميزانية الإيرانية ستتغير بشكل متطرف (ضخ 150 مليار دولار للإيرانيين لن يستغل، على أي حال لغرس الاشجار). واذا لم يكن هذا بكاف، فبالذات بسبب الفوارق الهائلة هذه بين قوة الدولتين كان يمكن لأوباما ان يستخدم قدرة الردع الأمريكية، غير أنه يفضل الانثناء بتنازلات من الحائط إلى الحائط.
لقد اراد أوباما أن يعلمنا امس درسا في التاريخ. احببنا جدا ذكر كيندي وريغان، على ان أوباما ينسى فقط شيئا أوليا واحدا يصنع كل الفرق بين الاتحاد السوفييتي في حينه وبين إيران اليوم: عنصر الدين والجنون الإسلامي وكل المسألة حول عقلانية النظام الشيعي الثوري الإيراني.
قوة عظمى سابقا
لقد نسي أوباما ان يروي لجمهوره امس كيف أن نيكيتا خورتشوف، الزعيم السوفييتي في حينه، شكك بالقوة الأمريكية، وصلابة كيندي في ادارة أزمة الصواريخ في كوبا في 1962. أوباما نسي أيضا أن يروي كيف أن ريغان، بصلابة شديدة امام السوفييت (بالضبط مثلما ادار أزمة مراقبي الطيران)، أدى إلى تراجع غورباتشوف وتفكك الاتحاد السوفييتي. وبشكل عام، فان إيران ليست الاتحاد السوفييتي. الاولى كانت قوة عظمى رأت نفسها خصم مباشر للولايات المتحدة بينما إيران هي قوة عظمى اقليمية، باستثناء أن أوباما رفع مستواها.
يعدنا الرئيس الأمريكي بزيادة المساعدة العسكرية. هذا هو الحد الادنى الذي يمكن أن يفعله بعد أن زاد لنا بشكل واضح التهديد الإيراني. على أن يشرح لنا فقط أي قبة حديدية بالضبط يعتزم ان يزودنا بها في اللحظة التي ستكون فيها إيران ـ مثلما هو نفسه قال في مقابلة اذاعية قبل بضعة اشهر ـ قريبة مسافة صفر من القنبلة «بعد 13، 14، او 15 سنة».
وبشكل عام، أي أوباما نصدق؟ ذاك الذي في المقابلة الاذاعية أو هذا يوم أمس؟ يحتمل ألا يكون الاتفاق واضحا لدرجة ان حتى الادارة لا تفهمه.
لقد وقف أوباما أمس كالبطل وكأنه وقع بالحد الادنى على اتفاق سلام مع إيران. لم يغير الإيرانيين، وهذه هي القصة. اتفاقه اعترف عمليا بالثورة الإسلامية، اتاح لإيران الانضمام إلى اسرة الشعوب، وبالاساس يتيح لها مداخيل اقتصادية كبيرة للغاية.
«إما الاتفاق ـ أو الحرب قريبا»، قال أوباما امس. ولكنه لم يفهم بان الفجوة الهائلة بين القوة العظمى واسمها أمريكا مع باقي الدول لا تفترض الحرب ضد إيران بل ببساطة الضغط حتى الانثناء الإيراني. ولكن من أجل هذا يحتاج أوباما قبل كل شيء ان يكف عن تقزيم بلاده امام باقي الامم.
خسارة أن كيندي او ريغان لم يكونا في المحيط لانهما كان يمكنهما هما ربما ان يقولا لأوباما: «لا نشكك بنيتك، ولكننا نخشى ان تكون مخطئا».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ