Haneen
2015-12-02, 11:29 AM
العناوين:-
خمس ملاحظات على انعقاد المجلس الوطني
§ الكاتب: سفيان أبو زايدة – معا
مروان البرغوثي رئيس لمنظمة التحرير
§ الكاتب: عوني المشني- معا
إبادة الدول والشعوب
§ بقلم - حافظ البرغوثي – الحياة الجديد
الانتصار للذات الوطنية
§ بقلم - عمر حلمي الغول- الحياة الجديدة
حضور الشرعية عامل حاسم
§ بقلم - يحيى رباح- الحياة الجديدة
المشروع الرابع: شروط الكونفدرالية !
§ بقلم- حسن البطل- الايام
أسئلة الهجرة ...
§ بقلم - طلال عوكل- الايام
الهجرة نحو الضياع والموت !!!
§ بقلم سميح شبيب- الايام
ايها السوريون.. أين المفر؟البحر من ورائكم والعدو أمامكم
§ بقلم- إياد أبو شقرا – جريدة القدس
بلير ..ووعد جديد يلغي الدولة الفلسطينية
§ بقلم - حافظ البرغوثي- جريدة القدس
خمس ملاحظات على انعقاد المجلس الوطني
الكاتب: سفيان أبو زايدة – معا
اعتاد الفلسطينيون ان يطلقوا اسماء شهداء على مؤتمراتهم و مجالسهم، سواء منها الوطنية او الفصائلية، و نظرا لمرور فترة طويلة بين دورة المجلس الوطني التي عقدت اخر مرة و بين الدورة التي تقرر ان تعقد في رام الله بين الرابع عشر و الخامس عشر من هذا الشهر ، ونظرا لسقوط عدد كبير من الشهداء و رحيل قادة عظام على رأسهم الشهيد الخالد ياسر عرفات و احمد ياسين و ابو علي مصطفى و العشرات من القيادات و الشخصيات الوطنية حيث القائمة طويلة و طويلة جدا.
من المفترض بعد هذا الغياب الطويل الذي يمتد الى ما يقارب العشرين عاما، ان تكون هذه الدورة هي دورة تعزيز الوحدة الوطنية، دورة لم الشمل الفلسطيني، دورة اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، ولان هناك تحفظات كثيرة عليها فأن الاسم الانسب لها و الاكثر واقعية و منطقية هي ( دورة اقصاء عبد ربه) على اعتبار ان هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف خلف انعقاد هذه الدورة.
و الا كيف يمكن تفسير ما مررنا به كشعب وقضية من احداث و تطورات و انهيارات لم يتم استدعاء المجلس الوطني و فقط عندما قرر الرئيس التخلص من ياسر عبد ربه تمت الدعوة لعقد جلسة مع كل ما احيط بهذه الدعوة من مسرحية الاستقالات لكي تكون استثنائية و تلبي الهدف المنوط بها .
و للتذكير فقط ، خلال هذه الفترة التي لم ترى القيادة ضرورة او وقت لعقد دورة عادية للمجلس الوطني انهارت عملية السلام، و تضاعف الاستيطان عشرات المرات، و تهويد القدس يسير بشكل ممنهج و لم نعد بعيدين كثيرا عن تقسيم الاقصى كما تم تقسيم الحرم الابراهيمي، وخاض الشعب الفلسطيني حرب طاحنه خلال الانتفاضة الثانية انتهت بجدار فصل عنصري و تحويل مدن و قرى الضفة الى كانتونات، ورحل ياسر عرفات ، و خسرت فتح الانتخابات في ٢٠٠٦ وانقسم الشعب الفلسطيني بفعل سيطرة حماس على قطاع غزة و خسرت ايضا فتح الانتخابات البلدية و لم تتجرء على استكمالها في الضفة، و واجهت غزة بلجمها و دمها ثلاثة حروب تركت خلفها الاف الشهداء و الجرحى و كثيرا من الدمار. و لم يستدعي ذلك دعوة المجلس الوطني للانعقاد.
كل هذه التطورات اضافة الى الحاجة الملحة لاعادة تفعيل مؤسسات المنظمة التي شاخت و ترهلت مع تقدم قياداتها في السن، كل ذلك لم يستدعي عقد جلسة عادية توافقية للمجلس الوطني وفقا لما تم توقيعه من اتفاقات بين الفصائل بحيث يحافظ على المنظمة كأطار جامع للكل الفلسطيني بما في ذلك حماس و الجهاد الاسلامي و اجراء الانتخابات اينما امكن و التوافق اينما امكن لكي تبقى المنظمة الخيمة الجامعه للكل الوطني.
و لان كل هذا لم يحدث فأن هناك خمس ملاحظات على( دورة اقصاء عبد ربه) يجب اخذها بعين الاعتبار حيث ستؤثر على نتائج المؤتمر مثار الخلاف.
اولا: على اعتبار ان الدعوة وجهت للاعضاء للمشاركة في دورة عادية مع جدول اعمال، ولكن هذا منوط بتوفر النصاب المطلوب للجلسة العادية وهو ( ثلثي الاعضاء )هل ستنجح جهود الرئيس عباس في تذليل كل العقبات من اجل توفير ذلك النصاب المنشود؟حيث هذا الامر سيتوقف عليه ما سيليه من تطورات و مخرجات. هناك اعضاء لن يشاركوا لمعارضتهم على التوقيت و الالية و شبهات الاستحواذ على القرار و الابتعاد عن التقليد الوطني الفلسطيني بالتحضير الجيد وفقا للتفاهمات الوطنية بين القوى و الفصائل، وهناك من لن يستطيع المشاركة كون الدورة تعقد في رام الله اما لانه يرفض الدخول لمناطق السلطة بأذن اسرائيلي مثل فاروق القدومي و اما لان الاحتلال يرفض ان يمنحه الموافقه مثل نايف حواتمه.
ثانيا: هل ستشارك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و كذلك الجبهة الديموقراطية على اعتبار انهما الفصيلين الكبيرين من بين فصائل منظمة التحرير، مشاركتهما ، احداهما او كليها يضفي شرعية معينة على هذا الاجتماع، و عدم المشاركة تصعب على الرئيس عباس تسويق المخرجات التي يريد. على ما يبدو هناك فارق بين موقف الشعبية و موقف الديموقراطية ، وقد يكون هناك جدل داخلي و مشروع طبعا من حيث المشاركة او عدمها تتعلق بحسابات كل تنظيم الخاصة به.
الديموقراطية على ما يبدوا حسمت موقفها بالمشاركة المشروطة، يعنى ان تعقد الدورة وفقا للقانون ، اي دورة عادية، اذا تعذر النصاب تتحول الى جلسة استثنائية ينحصر مهمتها في املاء الشواغر للجنة التنفيذية فقط و ليس انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وفي حال لم يلتزم الرئيس عباس بالقانون فانهم قد ينسحبون من الجلسة.
اما بالنسبة للجبهة الشعبية، حيث يبدو موقفها اكثر تعقيدا، فهي ضد من حيث المبدأ للشكل و الطريقة و الهدف من عقد هذه الجلسة التي لم تكن بتوافق وطني كما هو التقليد في الساحة الفلسطينية، وهم يدركون ان الهدف ليس استنهاض للمنظمة و القضية بقدر ما هو احكام السيطرة اكثر على مؤسسات المنظمة. مع ذلك الجبهة الشعبية حتى الان لم تعلن بشكل رسمي عن موقفها النهائي من حيث المشاركة او المقاطعة. الاحساس العام هو انهم يتوجهون لخيار المقاطعة و لكن على ما يبدو يجرون حساباتهم السياسية و التنظيمية بدقة متناهية لان عدم المشاركة سيتبعه على الارجح تجفيف للعروق و قطع للماء و الكهرباء. او ربما السبب في تأخير اعلان الموقف هو انتظار رأي الامين العام المعتقل في سجون الاحتلال الرفيق احمد سعدات.
ثالثا: هل ستسمح حماس بخروج اعضاء المجلس الوطني المتواجدين في غزة بالذهاب الى رام الله للمشاركة في هذه الدورة؟ حتى الان موقف حماس غير واضح و مفتوح على كل الاحتمالات، يعتقد ان زيارة صائب عريقات الى قطر يوم امس للالتقاء بخالد مشعل كما اعلن عن هدف الزيارة هو للحصول على موافقة مشعل لخروج اعضاء الوطني من غزة وربما الطلب منه بالعمل على مشاركة اعضاء تشريعي حماس في الضفة . لم يسمع شيء عن هذه الزيارة التي قد يكون لها اهداف اخرى ايضا.
رابعا: على ضوء ذلك، اذا ما كان هناك نصاب ، لن تكون مشكلة و يكون الرئيس عباس قد حقق ما اراد في انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، بدون ياسر عبدربه و بدون بعض الاشخاص الذي يرغب في تغييرهم، و حينها يكون قد عزز مكانته و جدد شرعيتة في المنظمة و عزز مكانة من يريد . هذا اذا ما رشح نفسه مرة اخرى ، اما اذا نفذ ما ابلغ بع اعضاء التنفيذية و المركزية بعدم ترشح نفسه يكون ايضا قد اطمئن على ما يريد من نتائج يعتبرها مريحه له في المستقبل ، وطبعا في هذه الحالة سيحتفظ في منصبيه كرئيس لدولة فلسطين و ر ئيسا للسلطة، اضافه الى كونه رئيسا لحركة فتح، على الاقل في المرحلة المقبلة.
خامسا: اما اذا لم يتحقق النصاب فسيكون امام الرئيس خيارين، الاول محاولة لي عنق القانون و ذلك بجعل الجلسة استثنائية تنتخب اعضاء اللجنة التنفيذية، وفي هذه الحالة سيكون مسمار جديد في نعش الشرعية الفلسطينية ، و اما ان تفشل مهمة الرئيس اذا ما تمسك الاعضاء بالنظام و القانون ، خاصة المناضل الكبير ابو الاديب رئيس المجلس وحارس الشرعية ، وذلك من خلال الاصرار فقط على انتخاب اعضاء بدل الذين قدموا استقالتهم، و بما ان ياسر عبد ربه لم يقدم استقالته فأن كل مهمة الرئيس في اقصاء عبد ربه تكون قد فشلت.
اذا وصل الامر لهذا الحد فأن الاعضاء الذين قدموا استقالتهم ووفقا للقانون لا يحق لهم ترشيح انفسهم مرة اخرى فلن يكون امامهم خيار سوى سحب استقالتهم الذي هو بالاساس عباره عن مسرحيه هدفها فقط عقد الجلسة الاستثنائية.
هذا يعني العودة بالمنظمة الى المربع الاول لكن ليس قبل ان يتم تعميق الجرح الفلسطيني الداخلي بعد محاولة الالتفاف هذه على اخر ما تبقى للفلسطينيين من كيان معنوي و هو منظمة التحرير.
مروان البرغوثي رئيس لمنظمة التحرير
الكاتب: عوني المشني- معا
عندما فكر مروان ان يترشح للرئاسة قبل اكثر من عشر سنوات مارسنا كل جهدنا لثنيه عن هذا القرار ، ولكن اليوم الوضع مختلف ، بل ومختلف جدا ، فاذا ما تأكد عدم ترشح الرئيس لرئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، فان انتخاب مروان البرغوثي لرئاسة اللجنة التنفيذية ستكون الخطوة الصائبة والوطنية والنوعية، وحتى نكون واضحين بما فيه الكفاية فإننا سنسوق المبررات
اولا : مروان البرغوثي اكثر الشخصيات قبولا في المجتمع الفلسطيني ، فصائل ومؤسسات وأطر جماهيرية ، وهو شخصية جامعة اكثر من اي شخصية اخرى ، وحتى الذين يختلفون معه يقبلون به ويعترفون بتقدمه خطوة عليهم ،
ثانيا : وجود مروان في المعتقل كرئيس يساهم وبقوة وفعالية في عزل السياسة الإسرائيلية العنصرية ، ويعزز المقاطعة ، ويحاكي بطريقة او باخرى تجربة مانديلا ، مروان هنا سيشكل اضافة نوعية لجهود المقاطعة ، وسيجعل السياسة الإسرائيلية في زاوية
ثالثا : وجود مروان في رئاسة التنفيذية مصدر تعزيز لاهمية منظمة التحرير الفلسطينية ، ورمزيتها وفعاليتها
رابعا : القوى المختلفة مع منظمة التحرير ستكون في وضع صعب ان تهاجم وتشكك في منظمة التحرير بهذه القيادة
خامسا : وجود مروان في المعتقل لا يعيق عمل المنظمة فيكفي ان يكون أمين سر فاعل ليقوم بالدور التنفيذي المفترض ان يقوم به مروان
سادسا : ستتحول زنزانة مروان البرغوثي الى قبلة للسياسيين والسفراء والشخصيات العامة وهذا سيلقي الضوء كبيرا على قضية الأسرى
ان تحلي أعضاء المجلس الوطني بالمسئولية ، وتخلي البعض عن المماحكة ، وتقديم الوطني على الشخصي والجهوي والفصائلي يجعلنا نذهب في هذا الخيار وصولا لإعادة بوصلة منظمة التحرير من جديد .
قد نختلف مع مروان احيانا ، وقد نختلف حوله ، لكن وبحكم عوامل موضوعية اصبح الشخصية الأهم لرئاسة المنظمة ، لا يهم كثيرا النظر الى تفاصيل واحكام مسبقة وافكار نمطية ، المهم نضاليا ووطنيا اصبح مروان الان ، والآن بالتحديد ، ضرورة لرئاسة المنظمة
إبادة الدول والشعوب
بقلم - حافظ البرغوثي – الحياة الجديد
لم يتعرض شعب للتنكيل والإذلال والتشريد والقتل والسبي بشتى صنوف التعذيب والبطش مثلما تعرض له الشعب السوري ثم العراقي. ولعل الشعب السوري حلت به المحن من كل حدب وصوب فأتى المعارضون بكل الذئاب البشرية من بقاع الارض لمواجهة الذئاب البشرية للنظام والنتيجة أن الذئاب نهشت الشعب السوري فشرد من وطنه او شرد خارج وطنه, لكن في اللجوء ايضا لم يسلم من الذئاب فجاءت ذئاب بشرية ثرية في أرذل عمرها تحت ستار زواج السترة لتحويل البنات الى جاريات وتحويل الرجال الى عبيد سواء في مخيمات الاردن او لبنان او تركيا.. ومن أراد حياة كريمة عبر البحر والنهر نحو اوروبا فغرق من غرق ونجا من نجا.. وحتى نكون دقيقين، فان هناك مئة ألف لاجئ فلسطيني بين هؤلاء غرق منهم من غرق وأذل منهم من أذل في اللجوء. فارض الله واسعة للجميع الا للفلسطيني اللاجئ. والمضحك المبكي ان هناك اصواتا اسرائيلية تطالب باستيعاب لاجئين سوريين لكن اسرائيل ترفض عودة لاجئين فلسطينيين ممن فروا من مخيمات سوريا ولم يجدوا أي ملجأ، فهل الفلسطيني ليس بشرا وهل يحظر عليه اللجوء الى بقايا وطنه؟
اوروبا التي يجتاحها طوفان الهجرة الافريقية عبر المتوسط ساهمت بطريقة او بأخرى في المأساة السورية عندما طبلت وزمرت وشجعت المعارضة على حشد النطيحة والمتردية في اوروبا وسهلت انتقالهم الى سوريا وسلحت ومولت هي ودول عربية والمخابرات الاميركية هذه الجماعات بهدف اسقاط نظام الاسد, وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وكانت نتيجة ذلك زيادة مطردة في اعداد اللاجئين وارتفاع مستوى سفك الدماء دون نتائج سياسية او عسكرية على الارض.
الذين يتباكون على مآسي اللاجئين هم انفسهم ساهموا في صنعها مباشرة او بطريق غير مباشر ولا يلام السوري لاحقا ان انتقم من الذين فعلوا الأفاعيل به وشردوه وافقروه ودمروا ايقونة المتوسط وهي بلاد الشام، ولا يلام الفلسطيني ان واجه الطغيان بالطغيان.
الآن وبعد تسوية مدائن الشام بالارض وتشريد الشعب السوري في وطنه يجري الحديث عن تسوية سلمية في سوريا, وكأن أفق التسوية كان مغلقا منذ البدء. فالهدف لم يكن في يوم من الايام إسقاط نظام أو إعلاء شأن شعب بل تدمير دولة وبنيتها التحتية ومؤسساتها وجيشها وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب، ذلك ان العابثين في الارض العربية لا يريدون في الارض العربية اي قوة ولا يريدون من حول الكيان الاسرائيلي ان يبقى سوى بقايا دول ودويلات وارض خراب بلا منظومات حكم وبشعوب منقسمة على نفسها مذهبيا وعرقيا.
مصر فقط كانت صوتا استثنائيا ودعت الى تسويات سلمية بالحوار في العراق وسوريا واليمن وليبيا لأنها كدولة عميقة الجذور تدرك أبعاد المخططات الذئبية التي تستهدف المنطقة وهي بالطبع مخططات تخدم غير العرب.
الانتصار للذات الوطنية
بقلم - عمر حلمي الغول- الحياة الجديدة
ما زالت الدعوة لدورة المجلس الوطني، تسيطر على اجواء الحوارات الداخلية الفصائلية الوطنية، حتى على المستويين العربي والدولي. المشهد الفلسطيني، يعيش حالة استقطاب وتجاذب بين مؤيد ومعارض لعقد الدورة. وكل فريق لديه اسبابه ودوافعه. والجميع معني وحريص على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، باستثناء قلة غوغائية متطيرة، مسكونة بلغة "تخوين الآخر" الوطني، كشكل من اشكال تصفية حسابات شخصية او فصائلية صغيرة.
من المؤكد، ان الاستقطاب الجاري في الساحة، ليس جديدا؛ لأن كل دورة من دورات المجلس الوطني وحتى دورات المجلس المركزي، كانت تثير جدلا واسعا في الساحة ارتباطا بالعناوين المثارة، العضوية وتشكيل الهيئات القيادية. وبالتالي الصخب الناشىء في الاوساط السياسية والاعلامية والاكاديمية وقطاعات الشعب المختلفة، لا يثير القلق، بل يغني المشهد بالحوار، الذي تحتاجه الساحة. لاسيما وان هناك حالة من الخمول الفكري والسياسي، تسيطر عليها، ناتجة عن حالة المراوحة في المكان. وهي عميقة الصلة بالازمة العامة، التي تعيشها الحركة الوطنية والقضية الفلسطينية عموما.
مع ذلك الدورة الحالية، تختلف عن الدورات السابقة، اولا في شروط اللحظة السياسية، ثانيا الانقسام العامودي والافقي الفلسطيني، الناجم عن الانقلاب الحمساوي الخطير، الذي شكل ويشكل خطرا داهما على المصالح العليا للشعب الفلسطيني. وهو غير الانقسام، الذي شهدته الساحة عام 1975 عندما تشكلت جبهة الرفض، او الانقسام الحاصل بعد اجتياح إسرائيل للاراضي اللبنانية عام 1982، وهو غير الانقسام الناشىء في اعقاب التوقيع على اتفاق اوسلو عام 1993. ثالثا اشتداد الهجمة الاسرائيلية الاستيطانية، التي تهدد المصير الوطني برمته، وتضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل الكفاح الوطني التحرري الفلسطيني. رابعا اختلاف الظروف العربية والدولية المحيطة بالقضية، التي باتت تدير الظهر علنا او مواربة للمشروع الوطني، وتناور تمهيدا للانقضاض على ما تبقى من الاهداف الوطنية.
في ضوء القراءة الموضوعية للجدل الدائر في الساحة، تملي المسؤولية التوقف امام الاسئلة المثارة او بعضها، لعلها تسلط الضوء على النتائج، التي قد تنشأ عن انعقاد الدورة، منها: هل تملي المصلحة الوطنية مواصلة الاستعدادات لعقد الدورة العادية في الموعد المحدد؟ وهل يمكن تأمين النصاب القانوني، اي حضور الثلثين لعقد الدورة العادية؟ واذا لم تتمكن رئاسة المجلس من ذلك، هل ستتم دعوة استثنائية او طارئة بمن حضر مع رئاسة المجلس الوطني واعضاء اللجنة التنفيذية؟ وعندئذ هل هكذا دورة تحقق الغايات والاهداف المرجوة منها؟ وألا تفتح هكذا دورة شهية البعض لتشويه مكانة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على استحضار إنشاء مرجعية بديلة؟ وهل الفصائل والقوى المشاركة، جاهزة باعتماد ممثليها في الهيئات القيادية ام هناك صراع معلن وخفي؟
لم يعد عقد دورة المجلس الوطني مرهونا برغبة الرئيس ابو مازن وحده، وان كانت رغبته لعبت دورا حاسما في دفع الامور قدما لصالح عقدها. بل امست حاجة وطنية، وهي بالاساس استحقاق إنتظره الكل الفلسطيني منذ عقدين من الزمن. واي كانت الملاحظات الموضوعية، التي سجلها البعض على سيناريوهات الاخراج للدعوة، والتعقيدات الناشئة عنها، والاسئلة المثارة والاستنتاجات والقراءات المتناقضة او المتباينة بين فصائل وقوى وشخصيات العمل الوطني، على الجميع العمل على إنجاح عقد الدورة في موعدها، لوضع رؤية برنامجية جديدة، تعيد الاعتبار للقضية الوطنية. وتضع حدا لحالة المراوحة والتراجع، التي تعيشها القضية الفلسطينية، والعمل الفعلي على تصليب عود منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاح حقيقي لبنائها الهيكلي ودوائرها وتجديد هيئاتها القيادية.
الوقوف من قبل البعض في محطات الانتظار والردح والتحريض على شخص الرئيس عباس والمؤيدين لانعقاد الدورة، لا يفيد احدا، بل يخدم القوى المعادية بكل تلاوينها وعناوينها. فهل ينتصر الفلسطينيون لذاتهم، وينهضون بمكانة ممثلهم الشرعي والوحيد، منظمة التحرير؟
حضور الشرعية عامل حاسم
بقلم - يحيى رباح- الحياة الجديدة
كلما اقترب موعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العادية التي تشير كل التقارير الى احتمال توفر نصابها، تواصلت الحملة ضد انعقاد المجلس الوطني الى حد السعار والجنون المكشوف والتناقض الصارخ، وان هذه الحالة الناعقة والنائحة لا تقتصر على بعض مراكز المعارضة التقليدية مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي الداخلة على الخط هذه الايام بأعلى من معدلها التقليدي، لان حركة الجهاد لم تدخل من قبل داخل الإطارات الوطنية, ولم تشترك في اية انتخابات، ولم تشارك في المنظمة وهي لم تشارك في الانقسام، وظلت –كما يقول فقهاء المعتزلة- في المنزلة بين المنزلتين، لا تشارك في الاطار الوطني الفلسطيني ولكنها لا تتورط في العمل ضده! ولكن فشل المحادثات التي اجراها الاخ عزام الاحمد مع امين عام حركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان عبد الله، وهو رجل معروف باتزانه الدقيق ومنطقه التأسيسي سياسيا وفكريا حين يرفض وحين يقبل، هذا الفشل في الاتصالات الاخيرة يعتبر مفاجئا وتطورا سلبيا بعكس فشل المحادثات التي اجراها الدكتور صائب عريقات في قطر مع خالد مشعل الأكثر انفتاحا في حماس كلها لأن موقع المحادثات وهو الشقيقة قطر هو عامل ضاغط باتجاه سلبي، ولأن خالد مشعل بصفته رئيس المكتب السياسي لحماس لم يعد بالقوة التي كان عليها قبل تورط حماس في بحيرات الوحل منذ الانقسام.
ولكني تابعت بشغف واهتمام كبيرين كل ما قاله المعارضون لانعقاد جلسة عادية للمجلس الوطني هذه الأيام، لماذا هم يرفضون؟ ما الذي كانوا ينتظرونه ويخشون فقدانه حين تنعقد هذه الجلسة للمجلس الوطني؟ وهل هؤلاء المعارضون من سرب واحد أم ان مصالحهم وعقولهم وقلوبهم شتى؟
بداية لم أجد في كل الصراخ جملة واحدة مفيدة أو وعدا جديدا بشيء له قيمة، وكان منطقهم يقول: نحن غائبون فليغيب اي اطار فلسطيني! نحن ننتظر الصفقة الوهمية فلينتظر كل شيء فلسطيني! نحن جزء من رهان ما فليصمت الجميع انتظارا لهذا الرهان! مع العلم ان الشعب الفلسطيني الذي يدرك بوعيه العميق انه في ذروة معركة وجودية لا يراهن الآن الا على نفسه وعلى قدرته على المنازلة والمطاولة والصبر والحصانة الوطنية والدفاع عن شرعيته الوطنية الى ان تتغير الظروف والمعطيات السياسية.
واعتقادا ان هذا الرهان هو بصيص الأمل الوحيد الذي التقطه العالم ليحاول خلاله من جديد العمل في اطار القضية الفلسطينية، وهذا هو معنى تصريحات نتنياهو واتصالات جون كيري وترتيبات بان كي مون وترتيبات الاتحاد الاوروبي ودعوة الاطراف العربية للمشاركة في اجتماعات "الرباعية الدولية" في نهاية هذا الشهر.
فكل ذلك مبني على حضور الشرعية الفلسطينية وليس غيابها مجانا كما يريد الصارخون، مذكرا بان استبدال الأحصنة في قلب المعركة لا يتسم بالحكمة أو الحرص، وعلى سبيل المثال فإن ما اطلق عليه اسم" الإطار القيادي المؤقت" لمنظمة التحرير ليس الا لجنة في اطار تطوير وليس بديلا عن المنظمة وحضور اللجنة بديلا عن الكيان الاصلي الشرعي هي محاولة غير بريئة ولكنها محاولة فاشلة بامتياز، وعلينا بكل قوة وذكاء أن ننجز انعقاد اطارنا الأول المجلس الوطني في هذا التوقيت الدقيق.
المشروع الرابع: شروط الكونفدرالية !
بقلم- حسن البطل- الايام
هل أقول: إن الدورة الـ 23 للمجلس الوطني ربما (أو يجب!) أن تكون المفصل الثالث أو الرابع، بعد دورة التأسيس في القدس (الميثاق القومي)، والدورة الـ 12 في القاهرة (برنامج السلطة الوطنية)، والدورة الـ 18 في الجزائر (برنامج الاستقلال والدولة)؟
ليست المسألة مكان انعقاد الدورة في أرض البلاد، فقد سبقتها الدورة الـ 3 في غزة العام 1966، الدورة الـ 21 في غزة 1996، وكانتا عادية، والدورة الـ 22 الخاصة في رام الله 2009 لإلغاء بنود من الميثاق الوطني، وانتخاب أعضاء جدد في ل/ت.
ليس السؤال، أيضاً، هل هي دورة عادية أو استثنائية، أو "ترقيع" أعضاء ل/ت أو انتخاب لجنة جديدة، لكن لنبحث عن تناقض داخلي في الدعوة إلى تفعيل م.ت.ف ومؤسساتها، والدعوة من الجهات ذاتها إلى إلغاء أوسلو، و"حل السلطة". والآن، شكل وزمان استقالة رئيس السلطة والمنظمة والحركة، أو فصل المهام والمناصب بعد فصل السلطات بتشكيل حكومة أولى برئاسة أبو مازن نفسه، ونشوء نظام فلسطيني سلطوي رئاسي ـ برلماني!
سواء استقال الرئيس الثاني للسلطة من منصب واحد أو استقال، لاحقاً، من جميع مناصبه بحكم الشيخوخة، أو انسداد أفق الحل الوطني (إنهاء الانقسام) والحل الدولي (دولتان)، فإن أبو مازن سيكون، على الأغلب آخر رئيس من الرعيل الأول ـ المؤسس للحركة والمنظمة.
هذه المسألة، تطرح قضية "الخلافة" الفلسطينية من رعيل وجيل المنفى إلى رعيل وجيل البلاد، إما عن طريق الانتخاب والاقتراع الشعبي كما في العامين 1996 و2006 للسلطة الوطنية، أو عن طريق انتخاب الدورة الـ 23 رئيساً للجنة التنفيذية، وانتخاب المؤتمر السابع رئيساً للحركة.
تقول استطلاعات متتالية للرأي العام الفلسطيني إن مروان البرغوثي أقوى المرشحين لخلافة الرئيس أبو مازن إذا استقال وجرت انتخابات عامة، وإنه أكثر الفتحاويين تقبُّلاً من "حماس" ولو أن شعبيته تتقدم على شعبية رئيس حكومتها نفسه!
البرغوثي في اعتقال إسرائيلي مؤبد، كما هي حال نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، الذي بقي، مع ذلك، رئيساً معنوياً وفخرياً للمؤتمر الوطني الأفريقي anc الذي قاد كفاح السود المسلح، ثم الكفاح السلمي، حتى تحريره ثم انتخابه رئيساً للبلاد.
هناك، أيضاً، عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني pkk السجين المؤبد في جزيرة صغيرة تركية.
أحد قادة "فتح" قال: نحتاج إلى رئيس يحرّرنا من الاحتلال لا لرئيس نحرّره من الاعتقال، لكن ألا يمكن انتخاب رئيس فعلي للسلطة بالاقتراع الشعبي، أو عَبر المجلس الوطني أو مؤتمر فتح بانتخاب نائب للرئيس يتولى مهامه إلى حين تحرير الرئيس المعتقل، كما صار في جنوب أفريقيا، وقد يصير بعد تحرير أوجلان وعودته لقيادته pkk فعلياً؟
المسألة أبعد من هذا. لماذا؟ المنظمة تشكلت بقرار عربي لما كان المشروع والبرنامج القومي هو تحرير فلسطين. بعد حرب 1973 صار القرار والمشروع والبرنامج هو تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبرنامج "الكيانية الوطنية".
بعد الانتفاضة الأولى والدورة 19 للمجلس الوطني صار برنامجنا السياسي هو الدولة والاستقلال الوطني.
لكن، في الغضون، وبعد أوسلو، توسع الاستيطان، وهو في الأصل والهدف لمنع إقامة الدولة الفلسطينية أو "الحل بدولتين".
من شروط التحرير الشامل، إلى شروط الانسحاب الشامل للاحتلال، إلى شروط الاستقلال و"حل الدولتين" يبدو أننا أمام شروط الكونفدرالية بين إسرائيل وفلسطين؟!
منذ الاحتلال والاستيطان، تحوّل الاقتصاد الفلسطيني إلى "اقتصاد تابع" وهناك جناح في اليمين الإسرائيلي يعمل على "كيان تابع" فلسطيني اقتصادياً وأمنياً وحتى سياسياً.
فلسطين ليست "موناكو" ولا "ليخشتاين" ولا "دولة الفاتيكان".. ولا "فلسرائيل" أو "اسراطين". شروط الحل الكونفدرالي تكون كونفدرالية حقيقية، أو تبقى تغيير حلم الاحتلال إلى واقع الإلحاق!
أسئلة الهجرة ...
بقلم - طلال عوكل- الايام
لا تنتبه وسائل الإعلام العربية، ولا رموز النظام السياسي العربي إلى أن قضية الهجرة الجماعية والفردية، كملف كبير وخطير، مطروحة بقوة منذ الغزو الأميركي للعراق العام 2002، حيث أدى ذلك إلى، هجرة ملايين العراقيين سواء إلى دول الجوار العربي أو إلى دول العالم.
نزيف الهجرة من العراق لا يزال مستمراً حتى الآن، فيما لم يتبق من الفلسطينيين في العراق سوى أعداد قليلة، تمنعها ظروفها من المغادرة، وربما لأنهم يعرفون مصير من سبقوهم.
تتفاقم مشكلة الهجرة العربية، الباحثة عن الأمان، والهاربة من جحيم الصراعات الدموية، والحروب الطائفية، فأصبح عنوانها الرئيس العراق، سورية، والفلسطينيين المقيمين في هذه البلدان.
من يبحث عن عناوين أخرى أقلّ صخباً عليه أن يذهب إلى دول شمال أفريقيا، التي أضيفت إلى تونس والجزائر والمغرب ليبيا، هذه الدول التي تشكل خزاناً دائماً لهجرات غير شرعية.
الدوافع للهجرة الواسعة، لا تعود إلى الفقر، أو أن الهجرات الحالية تشمل، فئات اجتماعية من كافة الطبقات، وربما كان الأغنياء وميسورو الحال، هم الأسبق إليها.
إنه البحث عن ملاذات آمنة للحفاظ على الحياة، وهو أبسط وأول وأهم حقوق الإنسان.
إذا كان السبب معروفاً، فإن المتسببين في هذه الكارثة كثر، تبدأ من السلطات الاستبدادية، إلى الجماعات السياسية لتصل إلى الدول الاستعمارية التي تتباكى على حقوق الإنسان ولكنها تتغذى على دماء ودموع البشر من أجل تلبية مصالحها الأنانية.
الدول التي تتحمل المسؤولية قبل شقيقاتها من دول العالم هي الولايات المتحدة، التي لا تتوقف عن شن الحروب مباشرة، وبالوكالة، وتتصرف على أنها غير مسؤولة، ولا تبدي استعداداً لاستقبال المهاجرين كما فعل العديد من الدول الأوروبية، رغم أنها الأقدر على الاستيعاب.
ثمة مشكلة أخرى تتصل بالدول العربية، سواء منها من يشارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في خلق المأساة، وصب الزيت على نيران الأزمات والحرائق، أو من ينأى بنفسه عن التدخل، ولكنه قادر على تقديم المساعدة.
المهاجرون ليسوا مجرمين، أو مقاتلين، ولا يحملون فيروس التمرد والثورة، فهم يبحثون عن ملاذات آمنة، ومنهم من يملك القدرة على العمل والإنتاج حين تتوفر لهم الفرصة.
بعض دول الخليج، لديها حاجة لليد الماهرة، ولديها الإمكانيات لاستيعاب الملايين، بدلاً من استقدامهم من دول جنوب شرقي آسيا ومن أفريقيا، أوليس الأقربون أولى بالمعروف؟
دول مثل الجزائر والمغرب، تستطيع استيعاب ملايين أما ليبيا فإنها بمساحتها الشاسعة وامكانياتها وقلة عدد سكانها فإنها قادرة على استيعاب كل المهاجرين.
لماذا لا يفتح السودان، أبوابه لاستقبال اللاجئين، وهو بحاجة ماسة إلى من يساعد في البناء في البلد الذي يفترض أنه سلة غذاء العالم العربي، لكنه لا يستطيع إطعام الجائعين فيه من السودانيين؟
لا أريد أن أستغرق في عرض معانيات المهاجرين، الذين لا يكاد يمر يوم واحد، دون أن تنقل لنا وكالات الأنباء، غرق، ووفاة المئات منهم ثم نسأل لماذا تهاجر العقول العربية إلى دول الغرب الرأسمالي، ويتخلون عن مسؤولياتهم تجاه شعوبهم ودولهم.
الأزمة قديمة جديدة متفاقمة وتشكل وصمة عار على جبين النظام الرسمي العربي، والنتيجة هي أن هجرة الملايين، من شأنها أن تترك الساحة للمتحاربين.
أتعتقدون أن هجرة ملايين العراقيين والسوريين، لا تخدم السياسات الطائفية؟ من لا يصدق عليه أن يفحص وسيجد أن أهل السنة هم الذين يشكلون الأغلبية من المهاجرين.
ينبغي أن يخجل أهل النظام الرسمي العربي، الذين يطأطئون رؤوسهم، والأولى أن يدفنوا رؤوسهم في التراب، حين تبادر أنظمة أجنبية لتقديم المساعدة لملايين ضحايا التخلف والقمع.
في هذا الإطار قرأت تصريحاً صادراً عن مسؤول في السلطة الوطنية يناشد المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل، من أجل السماح باستقبال اللاجئين الفلسطينيين من سورية.
لا أريد أن أذهب بعيداً في البحث عن أبعاد ما يتعرض له، اللاجئون الفلسطينيون، وأين أصبح موضوع حقهم في العودة إلى ديارهم الأصلية.
أنا أنصح المسؤولين الفلسطينيين بالاهتمام بتوفير العوامل المناسبة للحدّ من هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، أم انهم لا يعرفون أن هناك ظاهرة متفاقمة، في غياب عوامل الصمود، وغياب المسؤولية، وفي حضور الانقسام وتداعياته الخطيرة.
الهجرة نحو الضياع والموت !!!
سميح شبيب- الايام
منذ بدايات ما سمي "الربيع العربي"، أخذت الهجرة العربية لدول أوروبا، خاصة الاسكندنافية منها، تتزايد، وتتخذ أبعاداً جديدة، غير مألوفة قبلاً. الحلم الأوروبي، والنعيم السرمدي، دار في أذهان الكثير، من الحالمين بواقع مستقر هادئ بعيداً عن الحروب والقتل والدمار والقمع والاستبداد.
كان من الطبيعي والحالة هذه، أن تنشأ تجارة، بحرية وبرية وجوية، لتسهيل أمور الهجرة، وجني الأرباح، بل والأرباح الطائلة من ورائها.
كانت في حقيقة الأمر تلك التجارة، هي تجارة الموت. كم من سفينة مكتظة بالمهاجرين، انطلقت من موانئ مصر، أو ليبيا، أو غيرها، ولاقى الركاب المهاجرون الغرق والموت. كم من المهاجرين، الذين باعوا كل ما يملكون وحملوا أموالهم وبدؤوا رحلة الهجرة، وفي بداياتها أو وسطها، نهبت أموالهم، عنوة وبالقوة، أو بوسائل الاحتيال الناعم.. كم من الأحلام لاقت الموت غرقاً قبل رؤية "الفردوس الأوروبي" وكم.. وكم.. .
صحيح أن صورة الطفل الغريق الذي تركت الأقدار رأسه متجهاً نحو البحر والهجرة، وقدميه مسلطتين على بلاد الاستبداد والحروب والقتل والدمار.. كانت صورة صادمة للجميع، مؤلمة وموجعة، لكن هذه الصورة، مثلت في حقيقة الأمر صورة بشاعة الهجرة ومآسيها.
منذ بدايات الهجرات العربية لدول أوروبا، بعد ما سمي الربيع العربي، كانت بعض أمور الهجرة تستحق المناقشة والتوقف عندها. على رأس هذه الأمور، إعلان دول أوروبية بأنها ستقبل المهاجرين، خاصة السوريين منهم، والفلسطينيين السوريين في حال وصولهم إلى أراضيها.
وكان ما أعلنته تلك الدول، صادقاً وصحيحاً، وما أن يصل هذا المهاجر إلى تلك الأراضي، تفتح له ملفات، وتصرف له بطاقات وراتب.. لم تكن تلك الدول تسأل نفسها، كيف وصل هذا المواطن، وهي تعلم بأن طرق ووسائل التهريب كثيرة ومتعددة، وهي تعلم علم اليقين، كيف أن المهاجرين يتعرضون لمخاطر النهب والقتل، وكيف أن الكثير من البواخر، غير الصالحة أساساً، لنقل الركاب كيف غرقت ومات من فيها...
ألم يكن في مقدور تلك الدول الأوروبية، أن تنظم الهجرة عبر وسائل قانونية، تكفل سلامة المهاجرين، وسلامة الاستيعاب وغيرها من قضايا تتعلق بالهجرة، ألم يكن بالإمكان، أن يتواصل راغبو الهجرة، عبر وسائل سليمة، الكترونية، أو مباشرة، من تقديم طلباتهم وشرح أحوالهم، ومن ثم سفرهم عبر طرق آمنة، جوية، أو بحرية، أو برية، دون التعرض للقتل والنهب والغرق. بالتأكيد، كان هذا ممكنا، فلماذا تم دفع الناس، والراغبين بالهجرة إلى انتهاج طرائق التهريب؟!!
وفي الجانب الآخر، ألم يكن بإمكان الدول، المشاركة في حروب "الربيع العربي" تأمين مناطق آمنة، للهاربين من الموت والدمار والجوع، إلى جغرافيا يتوافر فيها الأمن والأمان والغذاء؟!!
اللافت للنظر، والمؤلم حقاً، أن دولاً باتت مصدرة للبشر، وللهجرة نحو الضياع أو الموت، لم تكلف خاطرها، بإصدار تقارير رسمية، تتضمن أعداد المهاجرين وأحوالهم، ومشاكلهم... بل على النقيض من ذلك، أصدرت دول منها، قوانين تتيح سحب الهُويّات والجوازات، وحرمان المهاجرين ـ الضحايا، من الجنسية...
غريب وعجيب هذا العالم حقاً!!
ايها السوريون.. أين المفر؟البحر من ورائكم والعدو أمامكم
بقلم- إياد أبو شقرا – جريدة القدس
ما زال بوتين يروّج لسوريا يبقى فيها بشار الأسد ومن هم وراء بشار الأسد «جزءًا من الحل»، مع أن الحل الوحيد الذي سعى إليه رأس نظام دمشق لمحنة سوريا المتفاقمة منذ (آذار) هو الهروب إلى الأمام، نحو مزيد من القتل والتدمير والتفتيت.
المصير الذي اختاره النظام منذ اليوم الأول للانتفاضة الشعبية تجلى، خلال الأيام الأخيرة فقط، بأوضح صورتين، فإما القتل تفجيرًا كما حدث للشيخ وحيد البلعوس قائد انتفاضة السويداء، أو موت الهاربين واللاجئين غرقًا كحال الطفل إيلان وشقيقه وأمه. وفي هذه الأثناء، تمعن إيران في التغيير الديموغرافي، ويحصد زارعو «داعش» ثمار ما زرعوه سحقًا ومحقًا للماضي والحاضر والمستقبل.
محنة عائلة إيلان هزّت الرأي في الغرب، وكان لا بد لها أن تفعل. ففي بريطانيا تحاشت الصحف الوطنية الكبرى، باستثناء «الإندبندنت» نشر صورة إيلان، ابن الثلاث سنوات، على صفحتها الأولى بعدما لفظته أمواج البحر على الشاطئ التركي في أعقاب موته غرقًا. وفضّلت معظم الصحف استخدام صورة للطفل الغريق أقل دراماتيكية وصدمًا يبدو فيها محمولاً على ذراعي أحد المنقذين. ولكن مع هذا، بلغ تأثر الشارع البريطاني حد ذوبان تشدّد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إزاء موضوع اللاجئين السوريين!
في أوروبا، عمومًا، كان للمشهد المأساوي مدعومًا بالطوفان البشري عبر الأسلاك الحدودية الشائكة في المجر ودول البلقان تداعيات مماثلة، على الرغم من التصريحات الطائفية المخجلة لرئيس وزراء المجر اليميني فيكتور أوروبان، وعلى الرغم من الخلط بين كلمتي «اللاجئون» و«المهاجرون».. وهو خلط كان في بعض الأحيان متعمدًا عند الأوساط المتشددة تقليديًا في مسألة «الهجرة الاقتصادية».
في مطلق الأحوال، جرى استيعاب الصدمة بتسهيل الكثير من الدول الأوروبية دخول اللاجئين السوريين إليها، مع أن العدد بات يقدّر اليوم بمئات الألوف. ومؤقتًا على الأقل، صمتت الأصوات العنصرية والمعادية للأجانب، تاركة «عاصفة إيلان» تمرّ، بأمل أن يحمل الغد معطيات مغايرة.
ثمة قوى طالبت بما هو أكثر من مجرد تسهيل دخول اللاجئين واحتضانهم، وبالأخص، إثر مقارنة ما يحصل اليوم للسوريين مع محنة اليهود إبان «المحرقة» النازية. غير أن قوة الدفع ما زالت دون المطلوب على صعيد العلاج الشافي والحاسم. فمحنة اليهود إبان الحقبة النازية لم تُحَل إلا بعد إسقاط النازية، ومحنة السوريين مع النظام المتسلط عليهم والذي تسبب في تلك المحنة، لا يمكن أن تحلّ جذريًا ولن يتوقف مدّ اللجوء، كما لن تتوقف الويلات والمعاناة في الداخل السوري، إلا بإسقاط ذلك النظام.
هذه هي الحقيقة بكل بساطة.
إن قبول اللاجئين السوريين في الدول التي نجحوا في بلوغها أحياءً أمر ضروري وواجب إنساني، بيد أن للأزمة بعدًا سياسيًا. وهذا يعني وجوب معالجتها سياسيًا بدلاً من تحويلها إلى أزمة إنسانية بحتة يكتفي العالم بالتعامل معها كما لو كانت مجاعة أو زلزالاً أو فيضانًا أو غيرها من النكبات الطبيعية.
ما يعاني منه الشعب السوري أزمة سياسية في المقام الأول، وعليه فالحل يجب أن يكون سياسيًا. وهذا يستوجب إبعاد السبب.. أو المتسبّب، كمقدمة ضرورية للانخراط في مسار سياسي متكامل، يهدف أولاً إلى إعادة بناء سوريا وما تبقى من لحمتها الوطنية، وثانيًا، لتسهيل مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرّف التي نشأت أصلاً كردة فعل على الظلم والقهر قبل أن تجد جهات مشبوهة رعتها وتعهدتها واستغلتها لغايات خبيثة.
إن الاكتفاء بقبول اللاجئين بينما يمارس «الحرس الثوري الإيراني»، بمقاتليه من مختلف الجنسيات، التطهير المذهبي، ثم يفاوض على إجراء تبادل سكاني، كما يحصل في الزبداني ومحيطها بمنطقة وادي بردى وفي الجيوب الشيعية بشمال سوريا (الفوعة وكفريا ونبّل والزهراء)، يعني عمليًا مساعدة نظام الأسد و«حاضنته» سلطات طهران على تنفيذ مؤامرة تقسيم سوريا. ثم إن الإصرار الغربي – وبالذات الأميركي – على رفض إنشاء «ملاذات آمنة» في شمال سوريا وجنوبها يصب في هذا الاتجاه تمامًا لأنه يطيل أمد المواجهات الفئوية، ويغذّي التطرّف، ويسقط يومًا بعد يوم القواسم المشتركة المطلوبة للتعايش بين المكوّنات السورية.
في الشمال، بعدما دعمت واشنطن الميليشيات الكردية وأعانتها على السيطرة على معظم المنطقة الحدودية مع تركيا من شرقي القامشلي شرقًا إلى عين العرب غربًا، ها هي الخطوات تتعثر في القطاع الفاصل بين جرابلس وعفرين، ويُترك هذا القطاع عرضة لهجمات «داعش» بعدما قيل غير مرة أنه سيُعلَن «ملاذًا آمنًا» يحمي حلب وريفها، ويحول دون وصل منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية بالمناطق الكردية الأخرى في الشمال السوري.
أما في الجنوب، إذ انطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية في آذار 2011 من مدينة درعا، فلا مؤشرات البتة على وجود نية حقيقية عند المجتمع الدولي في ضبط جيو – سياسي على الرغم من الأهمية السياسية لهذه المنطقة. ففي الجنوب، هناك الوجود الإسرائيلي في الجزء الجنوبي الغربي من هضبة الجولان، وهناك العمق الأردني لحوران التاريخية حيث تنقسم العائلات وتنتشر العشائر نفسها على جانبي الحدود السورية الأردنية. ثم هناك في محافظة السويداء (جبل العرب) أكبر تجمّع للموحدين الدروز في العالم، وكانت بعض قراهم قد تعرضت لتهديد «داعش» الذي اقترب من المنطقة عبر الصحراء وما زال يحاول احتلال محافظتي السويداء ودرعا، من دون أن يتصدى له النظام السوري ببراميله المتفجرة.. التي يخصّصها فقط لأحياء مدينة درعا وبلدات محافظتها. ولا ينفصل اغتيال الشيخ البلعوس، قائد «مشايخ الكرامة» الدروز، المناهضين للنظام، عن مشروع الفتنة السنّية – الدرزية الذي يعدّ له النظام في الجنوب السوري، مع استغلال «داعش» الذي كان قد طرد من درعا، وينوي العودة إليها للتخفيف عن قوات النظام المحاصرة هناك.
بلير ..ووعد جديد يلغي الدولة الفلسطينية
بقلم - حافظ البرغوثي- جريدة القدس
يقوم مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق توني بلير بجولات مكوكية بين عدد من العواصم بينها «تل أبيب» والقاهرة والدوحة في إطار مساعيه المدفوعة سلفاً لإيحاد تفاهم حول رفع الحصار عن غزة مقابل اتفاق هدنة طويلة الأمد بين الكيان «الإسرائيلي» وحركة حماس.وكان بلير أثناء توليه رئاسة اللجنة الرباعية الدولية ركب موجة الوساطة بين حماس والكيان فور سماعه أنباء عن محاولة قطر ترتيب اتفاق هدنة طويلة لرفع الحصار عن غزة وانفتاح غزة الواقعة تحت سيطرة حلفائها من جماعة الإخوان في غزة نحو تركيا عبر ممر مائي يربط قبرص التركية بمنصة عائمة تقام قبالة غزة يتم تحويلها إلى محطة لتفتيش وإفراغ البضائع المتجهة إلى غزة وبالعكس تحت رقابة «إسرائيلية» تركية.
وأراد بلير الذي فشل في مهمته كرئيس للجنة الرباعية سابقا في إقناع حماس بالموافقة على شروط الرباعية لإضفاء صبغة سياسية على الاتفاق وانتزاع اعتراف من حماس ب «إسرائيل» وإشهار ذلك في مؤتمر صحفي في لندن لتدشين دخول حماس الحلبة السياسية.لكن مثل هذا الطلب يواجه صعوبات لدى أجنحة حماس المختلفة وكذلك يحتاج إلى قرار بريطاني برفع حماس من قائمة الإرهاب، فيما قطر تسعى من جانبها إلى بلورة تفاهم ضمني بين «إسرائيل» وحماس يضمن رفع الحصار وتمديد التهدئة إلى أجل غير مسمى لأن «إسرائيل» تعارض أي اتفاقات سياسية وتريد إملاء شروطها على حماس من موقف قوة، أي هدنة مقابل هدنة ورفع الحصار لا أكثر ولا أقل.
وتعي «إسرائيل» خطورة أي اتفاقات سياسية أو فتح ممر مائي نحو تركيا رغم أن حماس أبدت التزاماً جدياً في ملاحقة مطلقي النار والصواريخ وقمعهم بالقوة واعتقالهم وتعذيبهم وقتل بعضهم.
ف «إسرائيل» لا تريد استفزاز مصر وهي تدرك تردي العلاقات المصرية - التركية والتوتر الشديد بين حماس ومصر وقطر، ولا تستطيع التضحية بعلاقاتها مع مصر مقابل تحويل غزة إلى قاعدة تركية قطرية لجماعة الإخوان والجماعات الإرهابية التي تنشط في سيناء, ولذلك تكتفي بهدنة مقابل هدنة ورفع الحصار، مع أن «إسرائيل» عملياً خففت الحصار فيما أن مصر تفتح المعبر في رفح لفترات طويلة.
وبالتالي فإن ما تعرضه «إسرائيل» هو هدنة مقابل هدنة وقد لا يتضمن ممراً بحريا لعدم الحاجة إليه لنقل البضائع..
بينما سقف مطالب حماس أكبر فهي تطالب بميناء عائم وحركة تنقل للبضائع والأشخاص عبره وبناء ميناء وفتح المطار لاحقاً، لكن «إسرائيل» لن تسمح بإبقاء الوضع التسليحي في غزة على ما هو عليه وتشترط لأي اتفاق نزع السلاح الثقيل والصاروخي ووقف التهريب والتصنيع وهي مطالب لا تستطيع حماس تلبيتها في الظروف الحالية.
عمليا قطر ليست بحاجة إلى جهود توني بلير لأنه يسعى إلى اتفاق سياسي فوق المستطاع، ولذلك فإن الجهود التي يبذلها ممثل قطر لدى حماس في غزة السفير محمد العمادي هي التي ستفرز تفاهما محصلته هدنة مقابل هدنة مع رفع الحصار، وتراهن قطر على مخزون محتمل للغاز في البحر قبالة غزة ليكون مورداً لتمويل غزة في حالة انفصالها عن الضفة الغربية ما يشكل ضربة قوية هي الأقسى للمشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو )1967 ولهذا السبب يرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابلة بلير باعتبار أنه يقوم بجهود لتدمير المشروع الفلسطيني أو كمن يقدم هدية ل «إسرائيل» هي الأكبر منذ وعد بلفور أي تقزيم مشروع الدولة الفلسطينية وحصره في غزة على مقاس حماس.
ورغم أن «إسرائيل» نفت وجود اتصالات بهذا الخصوص إلا أن تأكيدات صحفية ومخاوف أبداها مسؤولون «إسرائيليون» حول ذلك وتأكيدات حماس تعكس الموقف «الإسرائيلي الذي يحاول دائما الابتزاز وفرض املاءاته حيث تقول بعض المصادر إن هناك قناة اتصال سرية بين حماس و«إسرائيل» تتم في دولة إفريقية بمعزل عن جهود بلير والممثل القطري.
وهذه القناة هي الأهم وفيها تحسم الأمور وإن كان الإعلان عنها سيتم عندما تصل إلى نهايتها.
وحتى الآن لا يعرف طريقة تعامل السلطة مع هذا الأمر في حالة حدوثه لأنها تعتبر ذلك انفصالاً لغزة عن الضفة وتكريسا للانقسام، لكن البعض يقدر أن مثل هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلًا ليس أقل من ربيع العام المقبل، لأن المفاوض «الإسرائيلي» ليس في عجلة من أمره ويريد ابتزاز حماس حتى آخر لحظة لتصل إلى اتفاق أوسلو جديد لا لون له ولا طعم وفيه رائحة التنازلات.
خمس ملاحظات على انعقاد المجلس الوطني
§ الكاتب: سفيان أبو زايدة – معا
مروان البرغوثي رئيس لمنظمة التحرير
§ الكاتب: عوني المشني- معا
إبادة الدول والشعوب
§ بقلم - حافظ البرغوثي – الحياة الجديد
الانتصار للذات الوطنية
§ بقلم - عمر حلمي الغول- الحياة الجديدة
حضور الشرعية عامل حاسم
§ بقلم - يحيى رباح- الحياة الجديدة
المشروع الرابع: شروط الكونفدرالية !
§ بقلم- حسن البطل- الايام
أسئلة الهجرة ...
§ بقلم - طلال عوكل- الايام
الهجرة نحو الضياع والموت !!!
§ بقلم سميح شبيب- الايام
ايها السوريون.. أين المفر؟البحر من ورائكم والعدو أمامكم
§ بقلم- إياد أبو شقرا – جريدة القدس
بلير ..ووعد جديد يلغي الدولة الفلسطينية
§ بقلم - حافظ البرغوثي- جريدة القدس
خمس ملاحظات على انعقاد المجلس الوطني
الكاتب: سفيان أبو زايدة – معا
اعتاد الفلسطينيون ان يطلقوا اسماء شهداء على مؤتمراتهم و مجالسهم، سواء منها الوطنية او الفصائلية، و نظرا لمرور فترة طويلة بين دورة المجلس الوطني التي عقدت اخر مرة و بين الدورة التي تقرر ان تعقد في رام الله بين الرابع عشر و الخامس عشر من هذا الشهر ، ونظرا لسقوط عدد كبير من الشهداء و رحيل قادة عظام على رأسهم الشهيد الخالد ياسر عرفات و احمد ياسين و ابو علي مصطفى و العشرات من القيادات و الشخصيات الوطنية حيث القائمة طويلة و طويلة جدا.
من المفترض بعد هذا الغياب الطويل الذي يمتد الى ما يقارب العشرين عاما، ان تكون هذه الدورة هي دورة تعزيز الوحدة الوطنية، دورة لم الشمل الفلسطيني، دورة اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، ولان هناك تحفظات كثيرة عليها فأن الاسم الانسب لها و الاكثر واقعية و منطقية هي ( دورة اقصاء عبد ربه) على اعتبار ان هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف خلف انعقاد هذه الدورة.
و الا كيف يمكن تفسير ما مررنا به كشعب وقضية من احداث و تطورات و انهيارات لم يتم استدعاء المجلس الوطني و فقط عندما قرر الرئيس التخلص من ياسر عبد ربه تمت الدعوة لعقد جلسة مع كل ما احيط بهذه الدعوة من مسرحية الاستقالات لكي تكون استثنائية و تلبي الهدف المنوط بها .
و للتذكير فقط ، خلال هذه الفترة التي لم ترى القيادة ضرورة او وقت لعقد دورة عادية للمجلس الوطني انهارت عملية السلام، و تضاعف الاستيطان عشرات المرات، و تهويد القدس يسير بشكل ممنهج و لم نعد بعيدين كثيرا عن تقسيم الاقصى كما تم تقسيم الحرم الابراهيمي، وخاض الشعب الفلسطيني حرب طاحنه خلال الانتفاضة الثانية انتهت بجدار فصل عنصري و تحويل مدن و قرى الضفة الى كانتونات، ورحل ياسر عرفات ، و خسرت فتح الانتخابات في ٢٠٠٦ وانقسم الشعب الفلسطيني بفعل سيطرة حماس على قطاع غزة و خسرت ايضا فتح الانتخابات البلدية و لم تتجرء على استكمالها في الضفة، و واجهت غزة بلجمها و دمها ثلاثة حروب تركت خلفها الاف الشهداء و الجرحى و كثيرا من الدمار. و لم يستدعي ذلك دعوة المجلس الوطني للانعقاد.
كل هذه التطورات اضافة الى الحاجة الملحة لاعادة تفعيل مؤسسات المنظمة التي شاخت و ترهلت مع تقدم قياداتها في السن، كل ذلك لم يستدعي عقد جلسة عادية توافقية للمجلس الوطني وفقا لما تم توقيعه من اتفاقات بين الفصائل بحيث يحافظ على المنظمة كأطار جامع للكل الفلسطيني بما في ذلك حماس و الجهاد الاسلامي و اجراء الانتخابات اينما امكن و التوافق اينما امكن لكي تبقى المنظمة الخيمة الجامعه للكل الوطني.
و لان كل هذا لم يحدث فأن هناك خمس ملاحظات على( دورة اقصاء عبد ربه) يجب اخذها بعين الاعتبار حيث ستؤثر على نتائج المؤتمر مثار الخلاف.
اولا: على اعتبار ان الدعوة وجهت للاعضاء للمشاركة في دورة عادية مع جدول اعمال، ولكن هذا منوط بتوفر النصاب المطلوب للجلسة العادية وهو ( ثلثي الاعضاء )هل ستنجح جهود الرئيس عباس في تذليل كل العقبات من اجل توفير ذلك النصاب المنشود؟حيث هذا الامر سيتوقف عليه ما سيليه من تطورات و مخرجات. هناك اعضاء لن يشاركوا لمعارضتهم على التوقيت و الالية و شبهات الاستحواذ على القرار و الابتعاد عن التقليد الوطني الفلسطيني بالتحضير الجيد وفقا للتفاهمات الوطنية بين القوى و الفصائل، وهناك من لن يستطيع المشاركة كون الدورة تعقد في رام الله اما لانه يرفض الدخول لمناطق السلطة بأذن اسرائيلي مثل فاروق القدومي و اما لان الاحتلال يرفض ان يمنحه الموافقه مثل نايف حواتمه.
ثانيا: هل ستشارك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و كذلك الجبهة الديموقراطية على اعتبار انهما الفصيلين الكبيرين من بين فصائل منظمة التحرير، مشاركتهما ، احداهما او كليها يضفي شرعية معينة على هذا الاجتماع، و عدم المشاركة تصعب على الرئيس عباس تسويق المخرجات التي يريد. على ما يبدو هناك فارق بين موقف الشعبية و موقف الديموقراطية ، وقد يكون هناك جدل داخلي و مشروع طبعا من حيث المشاركة او عدمها تتعلق بحسابات كل تنظيم الخاصة به.
الديموقراطية على ما يبدوا حسمت موقفها بالمشاركة المشروطة، يعنى ان تعقد الدورة وفقا للقانون ، اي دورة عادية، اذا تعذر النصاب تتحول الى جلسة استثنائية ينحصر مهمتها في املاء الشواغر للجنة التنفيذية فقط و ليس انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وفي حال لم يلتزم الرئيس عباس بالقانون فانهم قد ينسحبون من الجلسة.
اما بالنسبة للجبهة الشعبية، حيث يبدو موقفها اكثر تعقيدا، فهي ضد من حيث المبدأ للشكل و الطريقة و الهدف من عقد هذه الجلسة التي لم تكن بتوافق وطني كما هو التقليد في الساحة الفلسطينية، وهم يدركون ان الهدف ليس استنهاض للمنظمة و القضية بقدر ما هو احكام السيطرة اكثر على مؤسسات المنظمة. مع ذلك الجبهة الشعبية حتى الان لم تعلن بشكل رسمي عن موقفها النهائي من حيث المشاركة او المقاطعة. الاحساس العام هو انهم يتوجهون لخيار المقاطعة و لكن على ما يبدو يجرون حساباتهم السياسية و التنظيمية بدقة متناهية لان عدم المشاركة سيتبعه على الارجح تجفيف للعروق و قطع للماء و الكهرباء. او ربما السبب في تأخير اعلان الموقف هو انتظار رأي الامين العام المعتقل في سجون الاحتلال الرفيق احمد سعدات.
ثالثا: هل ستسمح حماس بخروج اعضاء المجلس الوطني المتواجدين في غزة بالذهاب الى رام الله للمشاركة في هذه الدورة؟ حتى الان موقف حماس غير واضح و مفتوح على كل الاحتمالات، يعتقد ان زيارة صائب عريقات الى قطر يوم امس للالتقاء بخالد مشعل كما اعلن عن هدف الزيارة هو للحصول على موافقة مشعل لخروج اعضاء الوطني من غزة وربما الطلب منه بالعمل على مشاركة اعضاء تشريعي حماس في الضفة . لم يسمع شيء عن هذه الزيارة التي قد يكون لها اهداف اخرى ايضا.
رابعا: على ضوء ذلك، اذا ما كان هناك نصاب ، لن تكون مشكلة و يكون الرئيس عباس قد حقق ما اراد في انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، بدون ياسر عبدربه و بدون بعض الاشخاص الذي يرغب في تغييرهم، و حينها يكون قد عزز مكانته و جدد شرعيتة في المنظمة و عزز مكانة من يريد . هذا اذا ما رشح نفسه مرة اخرى ، اما اذا نفذ ما ابلغ بع اعضاء التنفيذية و المركزية بعدم ترشح نفسه يكون ايضا قد اطمئن على ما يريد من نتائج يعتبرها مريحه له في المستقبل ، وطبعا في هذه الحالة سيحتفظ في منصبيه كرئيس لدولة فلسطين و ر ئيسا للسلطة، اضافه الى كونه رئيسا لحركة فتح، على الاقل في المرحلة المقبلة.
خامسا: اما اذا لم يتحقق النصاب فسيكون امام الرئيس خيارين، الاول محاولة لي عنق القانون و ذلك بجعل الجلسة استثنائية تنتخب اعضاء اللجنة التنفيذية، وفي هذه الحالة سيكون مسمار جديد في نعش الشرعية الفلسطينية ، و اما ان تفشل مهمة الرئيس اذا ما تمسك الاعضاء بالنظام و القانون ، خاصة المناضل الكبير ابو الاديب رئيس المجلس وحارس الشرعية ، وذلك من خلال الاصرار فقط على انتخاب اعضاء بدل الذين قدموا استقالتهم، و بما ان ياسر عبد ربه لم يقدم استقالته فأن كل مهمة الرئيس في اقصاء عبد ربه تكون قد فشلت.
اذا وصل الامر لهذا الحد فأن الاعضاء الذين قدموا استقالتهم ووفقا للقانون لا يحق لهم ترشيح انفسهم مرة اخرى فلن يكون امامهم خيار سوى سحب استقالتهم الذي هو بالاساس عباره عن مسرحيه هدفها فقط عقد الجلسة الاستثنائية.
هذا يعني العودة بالمنظمة الى المربع الاول لكن ليس قبل ان يتم تعميق الجرح الفلسطيني الداخلي بعد محاولة الالتفاف هذه على اخر ما تبقى للفلسطينيين من كيان معنوي و هو منظمة التحرير.
مروان البرغوثي رئيس لمنظمة التحرير
الكاتب: عوني المشني- معا
عندما فكر مروان ان يترشح للرئاسة قبل اكثر من عشر سنوات مارسنا كل جهدنا لثنيه عن هذا القرار ، ولكن اليوم الوضع مختلف ، بل ومختلف جدا ، فاذا ما تأكد عدم ترشح الرئيس لرئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، فان انتخاب مروان البرغوثي لرئاسة اللجنة التنفيذية ستكون الخطوة الصائبة والوطنية والنوعية، وحتى نكون واضحين بما فيه الكفاية فإننا سنسوق المبررات
اولا : مروان البرغوثي اكثر الشخصيات قبولا في المجتمع الفلسطيني ، فصائل ومؤسسات وأطر جماهيرية ، وهو شخصية جامعة اكثر من اي شخصية اخرى ، وحتى الذين يختلفون معه يقبلون به ويعترفون بتقدمه خطوة عليهم ،
ثانيا : وجود مروان في المعتقل كرئيس يساهم وبقوة وفعالية في عزل السياسة الإسرائيلية العنصرية ، ويعزز المقاطعة ، ويحاكي بطريقة او باخرى تجربة مانديلا ، مروان هنا سيشكل اضافة نوعية لجهود المقاطعة ، وسيجعل السياسة الإسرائيلية في زاوية
ثالثا : وجود مروان في رئاسة التنفيذية مصدر تعزيز لاهمية منظمة التحرير الفلسطينية ، ورمزيتها وفعاليتها
رابعا : القوى المختلفة مع منظمة التحرير ستكون في وضع صعب ان تهاجم وتشكك في منظمة التحرير بهذه القيادة
خامسا : وجود مروان في المعتقل لا يعيق عمل المنظمة فيكفي ان يكون أمين سر فاعل ليقوم بالدور التنفيذي المفترض ان يقوم به مروان
سادسا : ستتحول زنزانة مروان البرغوثي الى قبلة للسياسيين والسفراء والشخصيات العامة وهذا سيلقي الضوء كبيرا على قضية الأسرى
ان تحلي أعضاء المجلس الوطني بالمسئولية ، وتخلي البعض عن المماحكة ، وتقديم الوطني على الشخصي والجهوي والفصائلي يجعلنا نذهب في هذا الخيار وصولا لإعادة بوصلة منظمة التحرير من جديد .
قد نختلف مع مروان احيانا ، وقد نختلف حوله ، لكن وبحكم عوامل موضوعية اصبح الشخصية الأهم لرئاسة المنظمة ، لا يهم كثيرا النظر الى تفاصيل واحكام مسبقة وافكار نمطية ، المهم نضاليا ووطنيا اصبح مروان الان ، والآن بالتحديد ، ضرورة لرئاسة المنظمة
إبادة الدول والشعوب
بقلم - حافظ البرغوثي – الحياة الجديد
لم يتعرض شعب للتنكيل والإذلال والتشريد والقتل والسبي بشتى صنوف التعذيب والبطش مثلما تعرض له الشعب السوري ثم العراقي. ولعل الشعب السوري حلت به المحن من كل حدب وصوب فأتى المعارضون بكل الذئاب البشرية من بقاع الارض لمواجهة الذئاب البشرية للنظام والنتيجة أن الذئاب نهشت الشعب السوري فشرد من وطنه او شرد خارج وطنه, لكن في اللجوء ايضا لم يسلم من الذئاب فجاءت ذئاب بشرية ثرية في أرذل عمرها تحت ستار زواج السترة لتحويل البنات الى جاريات وتحويل الرجال الى عبيد سواء في مخيمات الاردن او لبنان او تركيا.. ومن أراد حياة كريمة عبر البحر والنهر نحو اوروبا فغرق من غرق ونجا من نجا.. وحتى نكون دقيقين، فان هناك مئة ألف لاجئ فلسطيني بين هؤلاء غرق منهم من غرق وأذل منهم من أذل في اللجوء. فارض الله واسعة للجميع الا للفلسطيني اللاجئ. والمضحك المبكي ان هناك اصواتا اسرائيلية تطالب باستيعاب لاجئين سوريين لكن اسرائيل ترفض عودة لاجئين فلسطينيين ممن فروا من مخيمات سوريا ولم يجدوا أي ملجأ، فهل الفلسطيني ليس بشرا وهل يحظر عليه اللجوء الى بقايا وطنه؟
اوروبا التي يجتاحها طوفان الهجرة الافريقية عبر المتوسط ساهمت بطريقة او بأخرى في المأساة السورية عندما طبلت وزمرت وشجعت المعارضة على حشد النطيحة والمتردية في اوروبا وسهلت انتقالهم الى سوريا وسلحت ومولت هي ودول عربية والمخابرات الاميركية هذه الجماعات بهدف اسقاط نظام الاسد, وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وكانت نتيجة ذلك زيادة مطردة في اعداد اللاجئين وارتفاع مستوى سفك الدماء دون نتائج سياسية او عسكرية على الارض.
الذين يتباكون على مآسي اللاجئين هم انفسهم ساهموا في صنعها مباشرة او بطريق غير مباشر ولا يلام السوري لاحقا ان انتقم من الذين فعلوا الأفاعيل به وشردوه وافقروه ودمروا ايقونة المتوسط وهي بلاد الشام، ولا يلام الفلسطيني ان واجه الطغيان بالطغيان.
الآن وبعد تسوية مدائن الشام بالارض وتشريد الشعب السوري في وطنه يجري الحديث عن تسوية سلمية في سوريا, وكأن أفق التسوية كان مغلقا منذ البدء. فالهدف لم يكن في يوم من الايام إسقاط نظام أو إعلاء شأن شعب بل تدمير دولة وبنيتها التحتية ومؤسساتها وجيشها وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب، ذلك ان العابثين في الارض العربية لا يريدون في الارض العربية اي قوة ولا يريدون من حول الكيان الاسرائيلي ان يبقى سوى بقايا دول ودويلات وارض خراب بلا منظومات حكم وبشعوب منقسمة على نفسها مذهبيا وعرقيا.
مصر فقط كانت صوتا استثنائيا ودعت الى تسويات سلمية بالحوار في العراق وسوريا واليمن وليبيا لأنها كدولة عميقة الجذور تدرك أبعاد المخططات الذئبية التي تستهدف المنطقة وهي بالطبع مخططات تخدم غير العرب.
الانتصار للذات الوطنية
بقلم - عمر حلمي الغول- الحياة الجديدة
ما زالت الدعوة لدورة المجلس الوطني، تسيطر على اجواء الحوارات الداخلية الفصائلية الوطنية، حتى على المستويين العربي والدولي. المشهد الفلسطيني، يعيش حالة استقطاب وتجاذب بين مؤيد ومعارض لعقد الدورة. وكل فريق لديه اسبابه ودوافعه. والجميع معني وحريص على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، باستثناء قلة غوغائية متطيرة، مسكونة بلغة "تخوين الآخر" الوطني، كشكل من اشكال تصفية حسابات شخصية او فصائلية صغيرة.
من المؤكد، ان الاستقطاب الجاري في الساحة، ليس جديدا؛ لأن كل دورة من دورات المجلس الوطني وحتى دورات المجلس المركزي، كانت تثير جدلا واسعا في الساحة ارتباطا بالعناوين المثارة، العضوية وتشكيل الهيئات القيادية. وبالتالي الصخب الناشىء في الاوساط السياسية والاعلامية والاكاديمية وقطاعات الشعب المختلفة، لا يثير القلق، بل يغني المشهد بالحوار، الذي تحتاجه الساحة. لاسيما وان هناك حالة من الخمول الفكري والسياسي، تسيطر عليها، ناتجة عن حالة المراوحة في المكان. وهي عميقة الصلة بالازمة العامة، التي تعيشها الحركة الوطنية والقضية الفلسطينية عموما.
مع ذلك الدورة الحالية، تختلف عن الدورات السابقة، اولا في شروط اللحظة السياسية، ثانيا الانقسام العامودي والافقي الفلسطيني، الناجم عن الانقلاب الحمساوي الخطير، الذي شكل ويشكل خطرا داهما على المصالح العليا للشعب الفلسطيني. وهو غير الانقسام، الذي شهدته الساحة عام 1975 عندما تشكلت جبهة الرفض، او الانقسام الحاصل بعد اجتياح إسرائيل للاراضي اللبنانية عام 1982، وهو غير الانقسام الناشىء في اعقاب التوقيع على اتفاق اوسلو عام 1993. ثالثا اشتداد الهجمة الاسرائيلية الاستيطانية، التي تهدد المصير الوطني برمته، وتضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل الكفاح الوطني التحرري الفلسطيني. رابعا اختلاف الظروف العربية والدولية المحيطة بالقضية، التي باتت تدير الظهر علنا او مواربة للمشروع الوطني، وتناور تمهيدا للانقضاض على ما تبقى من الاهداف الوطنية.
في ضوء القراءة الموضوعية للجدل الدائر في الساحة، تملي المسؤولية التوقف امام الاسئلة المثارة او بعضها، لعلها تسلط الضوء على النتائج، التي قد تنشأ عن انعقاد الدورة، منها: هل تملي المصلحة الوطنية مواصلة الاستعدادات لعقد الدورة العادية في الموعد المحدد؟ وهل يمكن تأمين النصاب القانوني، اي حضور الثلثين لعقد الدورة العادية؟ واذا لم تتمكن رئاسة المجلس من ذلك، هل ستتم دعوة استثنائية او طارئة بمن حضر مع رئاسة المجلس الوطني واعضاء اللجنة التنفيذية؟ وعندئذ هل هكذا دورة تحقق الغايات والاهداف المرجوة منها؟ وألا تفتح هكذا دورة شهية البعض لتشويه مكانة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على استحضار إنشاء مرجعية بديلة؟ وهل الفصائل والقوى المشاركة، جاهزة باعتماد ممثليها في الهيئات القيادية ام هناك صراع معلن وخفي؟
لم يعد عقد دورة المجلس الوطني مرهونا برغبة الرئيس ابو مازن وحده، وان كانت رغبته لعبت دورا حاسما في دفع الامور قدما لصالح عقدها. بل امست حاجة وطنية، وهي بالاساس استحقاق إنتظره الكل الفلسطيني منذ عقدين من الزمن. واي كانت الملاحظات الموضوعية، التي سجلها البعض على سيناريوهات الاخراج للدعوة، والتعقيدات الناشئة عنها، والاسئلة المثارة والاستنتاجات والقراءات المتناقضة او المتباينة بين فصائل وقوى وشخصيات العمل الوطني، على الجميع العمل على إنجاح عقد الدورة في موعدها، لوضع رؤية برنامجية جديدة، تعيد الاعتبار للقضية الوطنية. وتضع حدا لحالة المراوحة والتراجع، التي تعيشها القضية الفلسطينية، والعمل الفعلي على تصليب عود منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاح حقيقي لبنائها الهيكلي ودوائرها وتجديد هيئاتها القيادية.
الوقوف من قبل البعض في محطات الانتظار والردح والتحريض على شخص الرئيس عباس والمؤيدين لانعقاد الدورة، لا يفيد احدا، بل يخدم القوى المعادية بكل تلاوينها وعناوينها. فهل ينتصر الفلسطينيون لذاتهم، وينهضون بمكانة ممثلهم الشرعي والوحيد، منظمة التحرير؟
حضور الشرعية عامل حاسم
بقلم - يحيى رباح- الحياة الجديدة
كلما اقترب موعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العادية التي تشير كل التقارير الى احتمال توفر نصابها، تواصلت الحملة ضد انعقاد المجلس الوطني الى حد السعار والجنون المكشوف والتناقض الصارخ، وان هذه الحالة الناعقة والنائحة لا تقتصر على بعض مراكز المعارضة التقليدية مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي الداخلة على الخط هذه الايام بأعلى من معدلها التقليدي، لان حركة الجهاد لم تدخل من قبل داخل الإطارات الوطنية, ولم تشترك في اية انتخابات، ولم تشارك في المنظمة وهي لم تشارك في الانقسام، وظلت –كما يقول فقهاء المعتزلة- في المنزلة بين المنزلتين، لا تشارك في الاطار الوطني الفلسطيني ولكنها لا تتورط في العمل ضده! ولكن فشل المحادثات التي اجراها الاخ عزام الاحمد مع امين عام حركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان عبد الله، وهو رجل معروف باتزانه الدقيق ومنطقه التأسيسي سياسيا وفكريا حين يرفض وحين يقبل، هذا الفشل في الاتصالات الاخيرة يعتبر مفاجئا وتطورا سلبيا بعكس فشل المحادثات التي اجراها الدكتور صائب عريقات في قطر مع خالد مشعل الأكثر انفتاحا في حماس كلها لأن موقع المحادثات وهو الشقيقة قطر هو عامل ضاغط باتجاه سلبي، ولأن خالد مشعل بصفته رئيس المكتب السياسي لحماس لم يعد بالقوة التي كان عليها قبل تورط حماس في بحيرات الوحل منذ الانقسام.
ولكني تابعت بشغف واهتمام كبيرين كل ما قاله المعارضون لانعقاد جلسة عادية للمجلس الوطني هذه الأيام، لماذا هم يرفضون؟ ما الذي كانوا ينتظرونه ويخشون فقدانه حين تنعقد هذه الجلسة للمجلس الوطني؟ وهل هؤلاء المعارضون من سرب واحد أم ان مصالحهم وعقولهم وقلوبهم شتى؟
بداية لم أجد في كل الصراخ جملة واحدة مفيدة أو وعدا جديدا بشيء له قيمة، وكان منطقهم يقول: نحن غائبون فليغيب اي اطار فلسطيني! نحن ننتظر الصفقة الوهمية فلينتظر كل شيء فلسطيني! نحن جزء من رهان ما فليصمت الجميع انتظارا لهذا الرهان! مع العلم ان الشعب الفلسطيني الذي يدرك بوعيه العميق انه في ذروة معركة وجودية لا يراهن الآن الا على نفسه وعلى قدرته على المنازلة والمطاولة والصبر والحصانة الوطنية والدفاع عن شرعيته الوطنية الى ان تتغير الظروف والمعطيات السياسية.
واعتقادا ان هذا الرهان هو بصيص الأمل الوحيد الذي التقطه العالم ليحاول خلاله من جديد العمل في اطار القضية الفلسطينية، وهذا هو معنى تصريحات نتنياهو واتصالات جون كيري وترتيبات بان كي مون وترتيبات الاتحاد الاوروبي ودعوة الاطراف العربية للمشاركة في اجتماعات "الرباعية الدولية" في نهاية هذا الشهر.
فكل ذلك مبني على حضور الشرعية الفلسطينية وليس غيابها مجانا كما يريد الصارخون، مذكرا بان استبدال الأحصنة في قلب المعركة لا يتسم بالحكمة أو الحرص، وعلى سبيل المثال فإن ما اطلق عليه اسم" الإطار القيادي المؤقت" لمنظمة التحرير ليس الا لجنة في اطار تطوير وليس بديلا عن المنظمة وحضور اللجنة بديلا عن الكيان الاصلي الشرعي هي محاولة غير بريئة ولكنها محاولة فاشلة بامتياز، وعلينا بكل قوة وذكاء أن ننجز انعقاد اطارنا الأول المجلس الوطني في هذا التوقيت الدقيق.
المشروع الرابع: شروط الكونفدرالية !
بقلم- حسن البطل- الايام
هل أقول: إن الدورة الـ 23 للمجلس الوطني ربما (أو يجب!) أن تكون المفصل الثالث أو الرابع، بعد دورة التأسيس في القدس (الميثاق القومي)، والدورة الـ 12 في القاهرة (برنامج السلطة الوطنية)، والدورة الـ 18 في الجزائر (برنامج الاستقلال والدولة)؟
ليست المسألة مكان انعقاد الدورة في أرض البلاد، فقد سبقتها الدورة الـ 3 في غزة العام 1966، الدورة الـ 21 في غزة 1996، وكانتا عادية، والدورة الـ 22 الخاصة في رام الله 2009 لإلغاء بنود من الميثاق الوطني، وانتخاب أعضاء جدد في ل/ت.
ليس السؤال، أيضاً، هل هي دورة عادية أو استثنائية، أو "ترقيع" أعضاء ل/ت أو انتخاب لجنة جديدة، لكن لنبحث عن تناقض داخلي في الدعوة إلى تفعيل م.ت.ف ومؤسساتها، والدعوة من الجهات ذاتها إلى إلغاء أوسلو، و"حل السلطة". والآن، شكل وزمان استقالة رئيس السلطة والمنظمة والحركة، أو فصل المهام والمناصب بعد فصل السلطات بتشكيل حكومة أولى برئاسة أبو مازن نفسه، ونشوء نظام فلسطيني سلطوي رئاسي ـ برلماني!
سواء استقال الرئيس الثاني للسلطة من منصب واحد أو استقال، لاحقاً، من جميع مناصبه بحكم الشيخوخة، أو انسداد أفق الحل الوطني (إنهاء الانقسام) والحل الدولي (دولتان)، فإن أبو مازن سيكون، على الأغلب آخر رئيس من الرعيل الأول ـ المؤسس للحركة والمنظمة.
هذه المسألة، تطرح قضية "الخلافة" الفلسطينية من رعيل وجيل المنفى إلى رعيل وجيل البلاد، إما عن طريق الانتخاب والاقتراع الشعبي كما في العامين 1996 و2006 للسلطة الوطنية، أو عن طريق انتخاب الدورة الـ 23 رئيساً للجنة التنفيذية، وانتخاب المؤتمر السابع رئيساً للحركة.
تقول استطلاعات متتالية للرأي العام الفلسطيني إن مروان البرغوثي أقوى المرشحين لخلافة الرئيس أبو مازن إذا استقال وجرت انتخابات عامة، وإنه أكثر الفتحاويين تقبُّلاً من "حماس" ولو أن شعبيته تتقدم على شعبية رئيس حكومتها نفسه!
البرغوثي في اعتقال إسرائيلي مؤبد، كما هي حال نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، الذي بقي، مع ذلك، رئيساً معنوياً وفخرياً للمؤتمر الوطني الأفريقي anc الذي قاد كفاح السود المسلح، ثم الكفاح السلمي، حتى تحريره ثم انتخابه رئيساً للبلاد.
هناك، أيضاً، عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني pkk السجين المؤبد في جزيرة صغيرة تركية.
أحد قادة "فتح" قال: نحتاج إلى رئيس يحرّرنا من الاحتلال لا لرئيس نحرّره من الاعتقال، لكن ألا يمكن انتخاب رئيس فعلي للسلطة بالاقتراع الشعبي، أو عَبر المجلس الوطني أو مؤتمر فتح بانتخاب نائب للرئيس يتولى مهامه إلى حين تحرير الرئيس المعتقل، كما صار في جنوب أفريقيا، وقد يصير بعد تحرير أوجلان وعودته لقيادته pkk فعلياً؟
المسألة أبعد من هذا. لماذا؟ المنظمة تشكلت بقرار عربي لما كان المشروع والبرنامج القومي هو تحرير فلسطين. بعد حرب 1973 صار القرار والمشروع والبرنامج هو تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبرنامج "الكيانية الوطنية".
بعد الانتفاضة الأولى والدورة 19 للمجلس الوطني صار برنامجنا السياسي هو الدولة والاستقلال الوطني.
لكن، في الغضون، وبعد أوسلو، توسع الاستيطان، وهو في الأصل والهدف لمنع إقامة الدولة الفلسطينية أو "الحل بدولتين".
من شروط التحرير الشامل، إلى شروط الانسحاب الشامل للاحتلال، إلى شروط الاستقلال و"حل الدولتين" يبدو أننا أمام شروط الكونفدرالية بين إسرائيل وفلسطين؟!
منذ الاحتلال والاستيطان، تحوّل الاقتصاد الفلسطيني إلى "اقتصاد تابع" وهناك جناح في اليمين الإسرائيلي يعمل على "كيان تابع" فلسطيني اقتصادياً وأمنياً وحتى سياسياً.
فلسطين ليست "موناكو" ولا "ليخشتاين" ولا "دولة الفاتيكان".. ولا "فلسرائيل" أو "اسراطين". شروط الحل الكونفدرالي تكون كونفدرالية حقيقية، أو تبقى تغيير حلم الاحتلال إلى واقع الإلحاق!
أسئلة الهجرة ...
بقلم - طلال عوكل- الايام
لا تنتبه وسائل الإعلام العربية، ولا رموز النظام السياسي العربي إلى أن قضية الهجرة الجماعية والفردية، كملف كبير وخطير، مطروحة بقوة منذ الغزو الأميركي للعراق العام 2002، حيث أدى ذلك إلى، هجرة ملايين العراقيين سواء إلى دول الجوار العربي أو إلى دول العالم.
نزيف الهجرة من العراق لا يزال مستمراً حتى الآن، فيما لم يتبق من الفلسطينيين في العراق سوى أعداد قليلة، تمنعها ظروفها من المغادرة، وربما لأنهم يعرفون مصير من سبقوهم.
تتفاقم مشكلة الهجرة العربية، الباحثة عن الأمان، والهاربة من جحيم الصراعات الدموية، والحروب الطائفية، فأصبح عنوانها الرئيس العراق، سورية، والفلسطينيين المقيمين في هذه البلدان.
من يبحث عن عناوين أخرى أقلّ صخباً عليه أن يذهب إلى دول شمال أفريقيا، التي أضيفت إلى تونس والجزائر والمغرب ليبيا، هذه الدول التي تشكل خزاناً دائماً لهجرات غير شرعية.
الدوافع للهجرة الواسعة، لا تعود إلى الفقر، أو أن الهجرات الحالية تشمل، فئات اجتماعية من كافة الطبقات، وربما كان الأغنياء وميسورو الحال، هم الأسبق إليها.
إنه البحث عن ملاذات آمنة للحفاظ على الحياة، وهو أبسط وأول وأهم حقوق الإنسان.
إذا كان السبب معروفاً، فإن المتسببين في هذه الكارثة كثر، تبدأ من السلطات الاستبدادية، إلى الجماعات السياسية لتصل إلى الدول الاستعمارية التي تتباكى على حقوق الإنسان ولكنها تتغذى على دماء ودموع البشر من أجل تلبية مصالحها الأنانية.
الدول التي تتحمل المسؤولية قبل شقيقاتها من دول العالم هي الولايات المتحدة، التي لا تتوقف عن شن الحروب مباشرة، وبالوكالة، وتتصرف على أنها غير مسؤولة، ولا تبدي استعداداً لاستقبال المهاجرين كما فعل العديد من الدول الأوروبية، رغم أنها الأقدر على الاستيعاب.
ثمة مشكلة أخرى تتصل بالدول العربية، سواء منها من يشارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في خلق المأساة، وصب الزيت على نيران الأزمات والحرائق، أو من ينأى بنفسه عن التدخل، ولكنه قادر على تقديم المساعدة.
المهاجرون ليسوا مجرمين، أو مقاتلين، ولا يحملون فيروس التمرد والثورة، فهم يبحثون عن ملاذات آمنة، ومنهم من يملك القدرة على العمل والإنتاج حين تتوفر لهم الفرصة.
بعض دول الخليج، لديها حاجة لليد الماهرة، ولديها الإمكانيات لاستيعاب الملايين، بدلاً من استقدامهم من دول جنوب شرقي آسيا ومن أفريقيا، أوليس الأقربون أولى بالمعروف؟
دول مثل الجزائر والمغرب، تستطيع استيعاب ملايين أما ليبيا فإنها بمساحتها الشاسعة وامكانياتها وقلة عدد سكانها فإنها قادرة على استيعاب كل المهاجرين.
لماذا لا يفتح السودان، أبوابه لاستقبال اللاجئين، وهو بحاجة ماسة إلى من يساعد في البناء في البلد الذي يفترض أنه سلة غذاء العالم العربي، لكنه لا يستطيع إطعام الجائعين فيه من السودانيين؟
لا أريد أن أستغرق في عرض معانيات المهاجرين، الذين لا يكاد يمر يوم واحد، دون أن تنقل لنا وكالات الأنباء، غرق، ووفاة المئات منهم ثم نسأل لماذا تهاجر العقول العربية إلى دول الغرب الرأسمالي، ويتخلون عن مسؤولياتهم تجاه شعوبهم ودولهم.
الأزمة قديمة جديدة متفاقمة وتشكل وصمة عار على جبين النظام الرسمي العربي، والنتيجة هي أن هجرة الملايين، من شأنها أن تترك الساحة للمتحاربين.
أتعتقدون أن هجرة ملايين العراقيين والسوريين، لا تخدم السياسات الطائفية؟ من لا يصدق عليه أن يفحص وسيجد أن أهل السنة هم الذين يشكلون الأغلبية من المهاجرين.
ينبغي أن يخجل أهل النظام الرسمي العربي، الذين يطأطئون رؤوسهم، والأولى أن يدفنوا رؤوسهم في التراب، حين تبادر أنظمة أجنبية لتقديم المساعدة لملايين ضحايا التخلف والقمع.
في هذا الإطار قرأت تصريحاً صادراً عن مسؤول في السلطة الوطنية يناشد المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل، من أجل السماح باستقبال اللاجئين الفلسطينيين من سورية.
لا أريد أن أذهب بعيداً في البحث عن أبعاد ما يتعرض له، اللاجئون الفلسطينيون، وأين أصبح موضوع حقهم في العودة إلى ديارهم الأصلية.
أنا أنصح المسؤولين الفلسطينيين بالاهتمام بتوفير العوامل المناسبة للحدّ من هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، أم انهم لا يعرفون أن هناك ظاهرة متفاقمة، في غياب عوامل الصمود، وغياب المسؤولية، وفي حضور الانقسام وتداعياته الخطيرة.
الهجرة نحو الضياع والموت !!!
سميح شبيب- الايام
منذ بدايات ما سمي "الربيع العربي"، أخذت الهجرة العربية لدول أوروبا، خاصة الاسكندنافية منها، تتزايد، وتتخذ أبعاداً جديدة، غير مألوفة قبلاً. الحلم الأوروبي، والنعيم السرمدي، دار في أذهان الكثير، من الحالمين بواقع مستقر هادئ بعيداً عن الحروب والقتل والدمار والقمع والاستبداد.
كان من الطبيعي والحالة هذه، أن تنشأ تجارة، بحرية وبرية وجوية، لتسهيل أمور الهجرة، وجني الأرباح، بل والأرباح الطائلة من ورائها.
كانت في حقيقة الأمر تلك التجارة، هي تجارة الموت. كم من سفينة مكتظة بالمهاجرين، انطلقت من موانئ مصر، أو ليبيا، أو غيرها، ولاقى الركاب المهاجرون الغرق والموت. كم من المهاجرين، الذين باعوا كل ما يملكون وحملوا أموالهم وبدؤوا رحلة الهجرة، وفي بداياتها أو وسطها، نهبت أموالهم، عنوة وبالقوة، أو بوسائل الاحتيال الناعم.. كم من الأحلام لاقت الموت غرقاً قبل رؤية "الفردوس الأوروبي" وكم.. وكم.. .
صحيح أن صورة الطفل الغريق الذي تركت الأقدار رأسه متجهاً نحو البحر والهجرة، وقدميه مسلطتين على بلاد الاستبداد والحروب والقتل والدمار.. كانت صورة صادمة للجميع، مؤلمة وموجعة، لكن هذه الصورة، مثلت في حقيقة الأمر صورة بشاعة الهجرة ومآسيها.
منذ بدايات الهجرات العربية لدول أوروبا، بعد ما سمي الربيع العربي، كانت بعض أمور الهجرة تستحق المناقشة والتوقف عندها. على رأس هذه الأمور، إعلان دول أوروبية بأنها ستقبل المهاجرين، خاصة السوريين منهم، والفلسطينيين السوريين في حال وصولهم إلى أراضيها.
وكان ما أعلنته تلك الدول، صادقاً وصحيحاً، وما أن يصل هذا المهاجر إلى تلك الأراضي، تفتح له ملفات، وتصرف له بطاقات وراتب.. لم تكن تلك الدول تسأل نفسها، كيف وصل هذا المواطن، وهي تعلم بأن طرق ووسائل التهريب كثيرة ومتعددة، وهي تعلم علم اليقين، كيف أن المهاجرين يتعرضون لمخاطر النهب والقتل، وكيف أن الكثير من البواخر، غير الصالحة أساساً، لنقل الركاب كيف غرقت ومات من فيها...
ألم يكن في مقدور تلك الدول الأوروبية، أن تنظم الهجرة عبر وسائل قانونية، تكفل سلامة المهاجرين، وسلامة الاستيعاب وغيرها من قضايا تتعلق بالهجرة، ألم يكن بالإمكان، أن يتواصل راغبو الهجرة، عبر وسائل سليمة، الكترونية، أو مباشرة، من تقديم طلباتهم وشرح أحوالهم، ومن ثم سفرهم عبر طرق آمنة، جوية، أو بحرية، أو برية، دون التعرض للقتل والنهب والغرق. بالتأكيد، كان هذا ممكنا، فلماذا تم دفع الناس، والراغبين بالهجرة إلى انتهاج طرائق التهريب؟!!
وفي الجانب الآخر، ألم يكن بإمكان الدول، المشاركة في حروب "الربيع العربي" تأمين مناطق آمنة، للهاربين من الموت والدمار والجوع، إلى جغرافيا يتوافر فيها الأمن والأمان والغذاء؟!!
اللافت للنظر، والمؤلم حقاً، أن دولاً باتت مصدرة للبشر، وللهجرة نحو الضياع أو الموت، لم تكلف خاطرها، بإصدار تقارير رسمية، تتضمن أعداد المهاجرين وأحوالهم، ومشاكلهم... بل على النقيض من ذلك، أصدرت دول منها، قوانين تتيح سحب الهُويّات والجوازات، وحرمان المهاجرين ـ الضحايا، من الجنسية...
غريب وعجيب هذا العالم حقاً!!
ايها السوريون.. أين المفر؟البحر من ورائكم والعدو أمامكم
بقلم- إياد أبو شقرا – جريدة القدس
ما زال بوتين يروّج لسوريا يبقى فيها بشار الأسد ومن هم وراء بشار الأسد «جزءًا من الحل»، مع أن الحل الوحيد الذي سعى إليه رأس نظام دمشق لمحنة سوريا المتفاقمة منذ (آذار) هو الهروب إلى الأمام، نحو مزيد من القتل والتدمير والتفتيت.
المصير الذي اختاره النظام منذ اليوم الأول للانتفاضة الشعبية تجلى، خلال الأيام الأخيرة فقط، بأوضح صورتين، فإما القتل تفجيرًا كما حدث للشيخ وحيد البلعوس قائد انتفاضة السويداء، أو موت الهاربين واللاجئين غرقًا كحال الطفل إيلان وشقيقه وأمه. وفي هذه الأثناء، تمعن إيران في التغيير الديموغرافي، ويحصد زارعو «داعش» ثمار ما زرعوه سحقًا ومحقًا للماضي والحاضر والمستقبل.
محنة عائلة إيلان هزّت الرأي في الغرب، وكان لا بد لها أن تفعل. ففي بريطانيا تحاشت الصحف الوطنية الكبرى، باستثناء «الإندبندنت» نشر صورة إيلان، ابن الثلاث سنوات، على صفحتها الأولى بعدما لفظته أمواج البحر على الشاطئ التركي في أعقاب موته غرقًا. وفضّلت معظم الصحف استخدام صورة للطفل الغريق أقل دراماتيكية وصدمًا يبدو فيها محمولاً على ذراعي أحد المنقذين. ولكن مع هذا، بلغ تأثر الشارع البريطاني حد ذوبان تشدّد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إزاء موضوع اللاجئين السوريين!
في أوروبا، عمومًا، كان للمشهد المأساوي مدعومًا بالطوفان البشري عبر الأسلاك الحدودية الشائكة في المجر ودول البلقان تداعيات مماثلة، على الرغم من التصريحات الطائفية المخجلة لرئيس وزراء المجر اليميني فيكتور أوروبان، وعلى الرغم من الخلط بين كلمتي «اللاجئون» و«المهاجرون».. وهو خلط كان في بعض الأحيان متعمدًا عند الأوساط المتشددة تقليديًا في مسألة «الهجرة الاقتصادية».
في مطلق الأحوال، جرى استيعاب الصدمة بتسهيل الكثير من الدول الأوروبية دخول اللاجئين السوريين إليها، مع أن العدد بات يقدّر اليوم بمئات الألوف. ومؤقتًا على الأقل، صمتت الأصوات العنصرية والمعادية للأجانب، تاركة «عاصفة إيلان» تمرّ، بأمل أن يحمل الغد معطيات مغايرة.
ثمة قوى طالبت بما هو أكثر من مجرد تسهيل دخول اللاجئين واحتضانهم، وبالأخص، إثر مقارنة ما يحصل اليوم للسوريين مع محنة اليهود إبان «المحرقة» النازية. غير أن قوة الدفع ما زالت دون المطلوب على صعيد العلاج الشافي والحاسم. فمحنة اليهود إبان الحقبة النازية لم تُحَل إلا بعد إسقاط النازية، ومحنة السوريين مع النظام المتسلط عليهم والذي تسبب في تلك المحنة، لا يمكن أن تحلّ جذريًا ولن يتوقف مدّ اللجوء، كما لن تتوقف الويلات والمعاناة في الداخل السوري، إلا بإسقاط ذلك النظام.
هذه هي الحقيقة بكل بساطة.
إن قبول اللاجئين السوريين في الدول التي نجحوا في بلوغها أحياءً أمر ضروري وواجب إنساني، بيد أن للأزمة بعدًا سياسيًا. وهذا يعني وجوب معالجتها سياسيًا بدلاً من تحويلها إلى أزمة إنسانية بحتة يكتفي العالم بالتعامل معها كما لو كانت مجاعة أو زلزالاً أو فيضانًا أو غيرها من النكبات الطبيعية.
ما يعاني منه الشعب السوري أزمة سياسية في المقام الأول، وعليه فالحل يجب أن يكون سياسيًا. وهذا يستوجب إبعاد السبب.. أو المتسبّب، كمقدمة ضرورية للانخراط في مسار سياسي متكامل، يهدف أولاً إلى إعادة بناء سوريا وما تبقى من لحمتها الوطنية، وثانيًا، لتسهيل مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرّف التي نشأت أصلاً كردة فعل على الظلم والقهر قبل أن تجد جهات مشبوهة رعتها وتعهدتها واستغلتها لغايات خبيثة.
إن الاكتفاء بقبول اللاجئين بينما يمارس «الحرس الثوري الإيراني»، بمقاتليه من مختلف الجنسيات، التطهير المذهبي، ثم يفاوض على إجراء تبادل سكاني، كما يحصل في الزبداني ومحيطها بمنطقة وادي بردى وفي الجيوب الشيعية بشمال سوريا (الفوعة وكفريا ونبّل والزهراء)، يعني عمليًا مساعدة نظام الأسد و«حاضنته» سلطات طهران على تنفيذ مؤامرة تقسيم سوريا. ثم إن الإصرار الغربي – وبالذات الأميركي – على رفض إنشاء «ملاذات آمنة» في شمال سوريا وجنوبها يصب في هذا الاتجاه تمامًا لأنه يطيل أمد المواجهات الفئوية، ويغذّي التطرّف، ويسقط يومًا بعد يوم القواسم المشتركة المطلوبة للتعايش بين المكوّنات السورية.
في الشمال، بعدما دعمت واشنطن الميليشيات الكردية وأعانتها على السيطرة على معظم المنطقة الحدودية مع تركيا من شرقي القامشلي شرقًا إلى عين العرب غربًا، ها هي الخطوات تتعثر في القطاع الفاصل بين جرابلس وعفرين، ويُترك هذا القطاع عرضة لهجمات «داعش» بعدما قيل غير مرة أنه سيُعلَن «ملاذًا آمنًا» يحمي حلب وريفها، ويحول دون وصل منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية بالمناطق الكردية الأخرى في الشمال السوري.
أما في الجنوب، إذ انطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية في آذار 2011 من مدينة درعا، فلا مؤشرات البتة على وجود نية حقيقية عند المجتمع الدولي في ضبط جيو – سياسي على الرغم من الأهمية السياسية لهذه المنطقة. ففي الجنوب، هناك الوجود الإسرائيلي في الجزء الجنوبي الغربي من هضبة الجولان، وهناك العمق الأردني لحوران التاريخية حيث تنقسم العائلات وتنتشر العشائر نفسها على جانبي الحدود السورية الأردنية. ثم هناك في محافظة السويداء (جبل العرب) أكبر تجمّع للموحدين الدروز في العالم، وكانت بعض قراهم قد تعرضت لتهديد «داعش» الذي اقترب من المنطقة عبر الصحراء وما زال يحاول احتلال محافظتي السويداء ودرعا، من دون أن يتصدى له النظام السوري ببراميله المتفجرة.. التي يخصّصها فقط لأحياء مدينة درعا وبلدات محافظتها. ولا ينفصل اغتيال الشيخ البلعوس، قائد «مشايخ الكرامة» الدروز، المناهضين للنظام، عن مشروع الفتنة السنّية – الدرزية الذي يعدّ له النظام في الجنوب السوري، مع استغلال «داعش» الذي كان قد طرد من درعا، وينوي العودة إليها للتخفيف عن قوات النظام المحاصرة هناك.
بلير ..ووعد جديد يلغي الدولة الفلسطينية
بقلم - حافظ البرغوثي- جريدة القدس
يقوم مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق توني بلير بجولات مكوكية بين عدد من العواصم بينها «تل أبيب» والقاهرة والدوحة في إطار مساعيه المدفوعة سلفاً لإيحاد تفاهم حول رفع الحصار عن غزة مقابل اتفاق هدنة طويلة الأمد بين الكيان «الإسرائيلي» وحركة حماس.وكان بلير أثناء توليه رئاسة اللجنة الرباعية الدولية ركب موجة الوساطة بين حماس والكيان فور سماعه أنباء عن محاولة قطر ترتيب اتفاق هدنة طويلة لرفع الحصار عن غزة وانفتاح غزة الواقعة تحت سيطرة حلفائها من جماعة الإخوان في غزة نحو تركيا عبر ممر مائي يربط قبرص التركية بمنصة عائمة تقام قبالة غزة يتم تحويلها إلى محطة لتفتيش وإفراغ البضائع المتجهة إلى غزة وبالعكس تحت رقابة «إسرائيلية» تركية.
وأراد بلير الذي فشل في مهمته كرئيس للجنة الرباعية سابقا في إقناع حماس بالموافقة على شروط الرباعية لإضفاء صبغة سياسية على الاتفاق وانتزاع اعتراف من حماس ب «إسرائيل» وإشهار ذلك في مؤتمر صحفي في لندن لتدشين دخول حماس الحلبة السياسية.لكن مثل هذا الطلب يواجه صعوبات لدى أجنحة حماس المختلفة وكذلك يحتاج إلى قرار بريطاني برفع حماس من قائمة الإرهاب، فيما قطر تسعى من جانبها إلى بلورة تفاهم ضمني بين «إسرائيل» وحماس يضمن رفع الحصار وتمديد التهدئة إلى أجل غير مسمى لأن «إسرائيل» تعارض أي اتفاقات سياسية وتريد إملاء شروطها على حماس من موقف قوة، أي هدنة مقابل هدنة ورفع الحصار لا أكثر ولا أقل.
وتعي «إسرائيل» خطورة أي اتفاقات سياسية أو فتح ممر مائي نحو تركيا رغم أن حماس أبدت التزاماً جدياً في ملاحقة مطلقي النار والصواريخ وقمعهم بالقوة واعتقالهم وتعذيبهم وقتل بعضهم.
ف «إسرائيل» لا تريد استفزاز مصر وهي تدرك تردي العلاقات المصرية - التركية والتوتر الشديد بين حماس ومصر وقطر، ولا تستطيع التضحية بعلاقاتها مع مصر مقابل تحويل غزة إلى قاعدة تركية قطرية لجماعة الإخوان والجماعات الإرهابية التي تنشط في سيناء, ولذلك تكتفي بهدنة مقابل هدنة ورفع الحصار، مع أن «إسرائيل» عملياً خففت الحصار فيما أن مصر تفتح المعبر في رفح لفترات طويلة.
وبالتالي فإن ما تعرضه «إسرائيل» هو هدنة مقابل هدنة وقد لا يتضمن ممراً بحريا لعدم الحاجة إليه لنقل البضائع..
بينما سقف مطالب حماس أكبر فهي تطالب بميناء عائم وحركة تنقل للبضائع والأشخاص عبره وبناء ميناء وفتح المطار لاحقاً، لكن «إسرائيل» لن تسمح بإبقاء الوضع التسليحي في غزة على ما هو عليه وتشترط لأي اتفاق نزع السلاح الثقيل والصاروخي ووقف التهريب والتصنيع وهي مطالب لا تستطيع حماس تلبيتها في الظروف الحالية.
عمليا قطر ليست بحاجة إلى جهود توني بلير لأنه يسعى إلى اتفاق سياسي فوق المستطاع، ولذلك فإن الجهود التي يبذلها ممثل قطر لدى حماس في غزة السفير محمد العمادي هي التي ستفرز تفاهما محصلته هدنة مقابل هدنة مع رفع الحصار، وتراهن قطر على مخزون محتمل للغاز في البحر قبالة غزة ليكون مورداً لتمويل غزة في حالة انفصالها عن الضفة الغربية ما يشكل ضربة قوية هي الأقسى للمشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو )1967 ولهذا السبب يرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابلة بلير باعتبار أنه يقوم بجهود لتدمير المشروع الفلسطيني أو كمن يقدم هدية ل «إسرائيل» هي الأكبر منذ وعد بلفور أي تقزيم مشروع الدولة الفلسطينية وحصره في غزة على مقاس حماس.
ورغم أن «إسرائيل» نفت وجود اتصالات بهذا الخصوص إلا أن تأكيدات صحفية ومخاوف أبداها مسؤولون «إسرائيليون» حول ذلك وتأكيدات حماس تعكس الموقف «الإسرائيلي الذي يحاول دائما الابتزاز وفرض املاءاته حيث تقول بعض المصادر إن هناك قناة اتصال سرية بين حماس و«إسرائيل» تتم في دولة إفريقية بمعزل عن جهود بلير والممثل القطري.
وهذه القناة هي الأهم وفيها تحسم الأمور وإن كان الإعلان عنها سيتم عندما تصل إلى نهايتها.
وحتى الآن لا يعرف طريقة تعامل السلطة مع هذا الأمر في حالة حدوثه لأنها تعتبر ذلك انفصالاً لغزة عن الضفة وتكريسا للانقسام، لكن البعض يقدر أن مثل هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلًا ليس أقل من ربيع العام المقبل، لأن المفاوض «الإسرائيلي» ليس في عجلة من أمره ويريد ابتزاز حماس حتى آخر لحظة لتصل إلى اتفاق أوسلو جديد لا لون له ولا طعم وفيه رائحة التنازلات.