Haneen
2015-12-02, 11:33 AM
في هـــذا الملف:
سئمنا بيانات الشجب والاستنكار والتنديد!
بقلم: محمد خضر قرش عن جريدة القدس
من أجل «توافق وطني»!!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
هل يقع انقلاب "حماس" الثاني؟
بقلم: بكر أبو بكر عن الحياة الجديدة
مفاجآة الرئيس عباس
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
من التعجيل إلى التأجيل
بقلم: محمد السهلي عن وكالة pnn
سئمنا بيانات الشجب والاستنكار والتنديد!
بقلم: محمد خضر قرش عن جريدة القدس
ملً وزهق وقرف الفلسطيني والعربي لسماع هذه الكلمات من وسائل الإعلام المختلفة والمنسوبة للمسؤولين العرب والفلسطينيين على حد سواء. ويكاد لا يمر يوم دون أن نسمعها وبصيغ وبتلحينات مختلفة ترتفع وتنخفض وتيرتها أو حدتها تبعا لشدة الواقعة أو الحدث أو العمل الإرهابي الذي حصل سواء من قبل سلطات الاحتلال نفسها أو من المستوطنين.فالإدانة أو التحذير أو الشجب أو الإعراب عن القلق البالغ أو الاستنكار العادي أو المتبوع بأشد العبارات باتت هي السمة الوحيدة المسيطرة على ردود الأفعال العربية وفي المقدمة منها الفلسطينية.
فالاستنكار والشجب القوي محجوز عادة لتهويد القدس والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى والقتل البشع بحق أطفال فلسطين ولبنان ومصر وسوريا واليمن وليبيا وضد العمليات المجنونة بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب التي تقوم بها «داعش» والنصرة ومن لف لفهما.
أما الإعراب عن الأسف بدرجاته المختلفة أو القلق والتحذير من خطورة تردي الأوضاع فهي محجوزة لدول العالم الغربي والشرقي على حد سواء، بالإضافة إلى بعض المسؤولين العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيين. ويمكن لنا أن نقبل كلمات الأسف العادي والشديد والقلق بدرجاته المختلفة والتحذير الذي يصدر عن قادة دول العالم أو الناطقين باسم البيت الأبيض وعشرة «داوننغ ستريت» والاليزيه والكرملين وغيرها، عن التصرفات الإسرائيلية والسلوكيات العدوانية التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته أو ضد ما تقوم به المجموعات الإرهابية كداعش والنصرة بحق المدنيين في سوريا وليبيا واليمن ومصر والعراق ..الخ، لكن صدور الأسف والقلق والتحذير والاستنكار والشجب من المسؤولين الفلسطينيين والعرب فهذا لم يعد له مكان او قبول بل ولا يمكن فهمه أو تبريره، وخاصة إذا كان أو أصبح أو بات روتينيا ومن باب رفع العتب لمجرد القول بأنني هنا.
فهل يعقل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولقادة الفصائل والحركات والسلطة الوطنية مثلا أن تكتفي بالاستنكار والتحذير طيلة العشرين عاما الماضية من استمرار الممارسات العدوانية الإسرائيلية الميدانية على الأرض ضد ما يتم في المسجد الأقصى وهدم البيوت في القدس والمدن الفلسطينية الأخرى وحرق الأطفال والاعتداءات المتواصلة على قطاع غزة؟؟
وهل يمكن تقبل وفهم استمرار صدور بيانات التحذير والاستنكار اللفظي من رئيس ملف القدس في اللجنة التنفيذية ضد ما تقوم به وتمارسه سلطات الاحتلال من تغيير معالم عاصمة دولة فلسطين من تهويد وهدم وتهجير وسحب هويات ومنع دخول المواطنين إلى القدس والأقصى والكنيسة وبناء الجدار العنصري ؟
كما ان من حقي كمقدسي وفلسطيني أن أسأل عن فعاليات ونشاطات المؤتمر الوطني الشعبي الذي عقد في مقر المقاطعة قبل سنوات طويلة وتشكلت أمانته العامة للدفاع عن القدس، ماذا فعل منذ تشكيله للدفاع عن العاصمة وتم تعيين العشرات من الموظفين للعمل بغض النظر عمن يحمل منهم هوية مقدسية أم لا؟ فالمؤتمر قد شُكل خصيصا لهذه الغاية فماذا فعل؟ الاستنكار والشجب والتحذير والإدانة باتت مملة وحيلة العاجز الضعيف والبائس، تماما كالغريق الذي يحاول الإمساك بالقشة للنجاة بنفسه.
وبالجهة المقابلة لهذا التراخي واللامبالاة وانعدام الموقف الوطني الصلب لمنظمة التحرير والفصائل والحركات نسمع التصريحات النارية المجلجلة والتي تتردد أصداؤها في وسائل الإعلام ليلا ونهارا والمنسوبة لبعض المسؤولين الفلسطينيين وآخرهم قبل أسبوعين والصادرة عن احد قادة الحركات في قطاع غزة "بان اليد التي سوف تمتد للعبث وتغير الواقع القائم في الأقصى سوف تقطع" فلربما صاحب هذا التصريح لا يعلم ولا يشاهد ما يتم في ساحات الأقصى من تقسيم زماني ومكاني وعمري ومن تغيير هيكلي في القدس وانتشار التجمعات الاستيطانية بين أزقة وحارات القدس ناهيك عن المستوطنات المحيطة والخانقة للقدس وبعضها يحجب الشمس صباحا ومساء عن قبة الصخرة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
لا نريد سماع كلمات الشجب والاستنكار والتحذير من الممارسات العدوانية الإسرائيلية والإدانة على اختلاف درجاتها، لأنها كلها لم تعد تفيد أو تحقق الغاية من وراء إطلاقها أو تشفي الغليل أو تطفىء الظمأ أو تسمن او تغني من جوع، كما لم تعد تخيف مستوطنا واحدا يسير منفردا في شوارع القدس العتيقة وجوارها وبدون سلاح فردي أيضا.
فأرجوكم يا قادة الحركات والفصائل ويا أعضاء اللجنة التنفيذية أن تكفوا عن إطلاق عبارات الشجب والاستنكار والتحذير والإدانة لأنها ببساطة جدا باتت تقلل من هيبتكم القيادية وتضعف من احترامكم وموضع تندر شعبكم .فحتى تحافظوا على ما تبقى من رصيدكم توقفوا عن مثل هذه التصريحات سواء البائسة منها والضعيفة أو العنترية. فشعب فلسطين وفي مقدمته المقدسيون باقون هنا فوق هذه الأرض وسيدافعون عنها كما كانوا يفعلون قبل اوسلو وبعده. فشعب فلسطين ليس له غير هذا الوطن.
من أجل «توافق وطني»!!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
ثلاثة أشهر، فترة كافية لإعداد جيد لعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني القادمة، وهي فرصة حقيقية لتقييم كافة زوايا الأوضاع الفلسطينية بهدف استكشاف الأخطاء الأمر الذي لا بد منه لتقويم الوضع الفلسطيني الراهن، ثلاثة أشهر من المفترض أن تستغل استغلالاً حثيثاً في كافة أطر ومؤسسات وفصائل وأحزاب المجتمع الفلسطيني، وهو ما يؤدي في هذه الحال، إلى وضع جدول أعمال متفقٍ عليه لأعمال هذه الدورة.
وكان من الواضح أن أحد الأسباب المباشرة لتأجيل عقد هذه الدورة ثلاثة أشهر، يعود إلى التوصل إلى توافقات فلسطينية حول العديد من المسائل المختلف عليها، ومعظمها يأتي تحت عنوان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة هيكلة مؤسساتها لتضم كافة أطياف المجتمع الفلسطيني، وفي هذا السياق، هناك توافق أولي، بأن دعوة «الإطار القيادي» والذي يضم كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي، والذي تأسس في الأصل بهدف تفعيل منظمة التحرير، هذا الإطار من الممكن، لو خلصت النوايا، ان يشكل بحد ذاته اللجنة التحضيرية لأعمال هذه الدورة، وخاصة فيما يتعلق بأجندتها، وإذا كانت هناك حساسية من طرف أو أكثر حول المسمى «الإطار القيادي» فمن الممكن وربما من المفيد أن يتم اختيار اللجنة التحضيرية بتوافق من الإطار القيادي هذا، وهو الأمر المحوري والأولي الذي لا بد منه لإيجاد المناخ المتوافق عليه لعقد دورة المجلس الوطني، كان جدول أعمال أي دورة سابقة، محل خلاف، لكن كان التوافق في نهاية الأمر يحسم هذا الخلاف بتنازلات متبادلة.
وعادة، ما تغلف المسائل والمطالب المتعلقة «بالحصص» في هياكل منظمة التحرير، المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية، بأبعاد سياسية، لذلك، فإن التوافق على المشروع السياسي وخطة التحرك الوطني على كافة الأصعدة، يعتبر أمراً لا بد منه، ويشكل خطوة أساسية لمثل هذا التوافق، وفي هذا السياق، ومرة أخرى إذا ما خلصت النوايا، فإن أمر التوصل إلى مثل هذا التوافق من المفترض ألا يكون صعباً، إذ إننا لا نبدأ من الصفر، فهناك وثيقة التوافق الوطني ـ وثيقة الأسرى ـ التي توافقت كافة القوى الفلسطينية على مضمونها، وشكلت قاسماً مشتركاً للخطوط العريضة للتوجهات السياسية الفلسطينية، ويمكن اعتماد هذه الوثيقة المتفق عليها، لكي تشكل الإطار السياسي للتحرك الفلسطيني.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن سبع سنوات تفصلنا عن إعداد الأسرى الفلسطينيين لهذه الوثيقة التاريخية، جرت في أنهارها مياه كثيرة ومتغيرات عديدة يجب أن تؤخذ بالحسبان، وهذا يتطلب توافقات لتعديل أو إضافة بعض البنود التي تجددها بالأخذ بالاعتبار هذه المستجدات والتداعيات التي لا يمكن تجاهلها بالنظر إلى ارتباطها بالأبعاد الإقليمية والدولية، وحتى الفلسطينية الداخلية، وهو أمر سيكون أكثر سهولة، ولو تم التوافق مبدئياً على أن تشكل وثيقة التوافق الوطني أساساً لرسم المشروع السياسي الفلسطيني المقدم إلى المجلس الوطني في دورته القادمة.
ومن المتوقع أن مسألة المحاصصة، ستظل هي المسألة الشائكة الأكثر حساسية، ونعتقد أنه من الصعوبة بمكان التوافق بشأنها، فكل تنظيم له حساباته وأساسيات واعتبارات لفهم حصته، هناك فصائل أكثر تأثيراً، وهناك فصائل لم يعد لها تأثير، وهناك أخرى ما بين الفريقين، البعض يرى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تشير بوضوح إلى حصة كل فصيل في المجتمع الفلسطيني، لكن المجتمع الفلسطيني ليس قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي دولة كل الفلسطينيين أينما كانوا، وهناك من يرى أن الأبعاد التاريخية لفصائل فلسطينية لعبت دوراً مؤثراً في النضال الوطني، يجب أن تؤخذ بالاعتبار لدى الحديث عن حصتها، بتجربتها وتاريخها النضالي.
كما أن مشكلة «حصة المستقلين» ستكون على رأس الحديث عن الحصص، باعتبار أن المستقلين، ليسوا مستقلين تماماً، خاصة عندما تختارهم أو ترشحهم القوى السياسية، وتعبير «المستقلون» في واقع الأمر، عكس في السابق إمكانية زيادة الحصة الفصائلية من خلال الخداع والتمويه، لكن ذلك ليس بمشكلة إذا ما اتفق الجميع على وضع معايير لفهم هذا المصطلح.
في حين ان حصة الاتحادات الشعبية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، ستبقى مشكلة إضافية إذا عرفنا أن معظم هذه الهيئات، لم تعقد مؤتمراتها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي يبقي على قادتها «التاريخيين» هم الأوفر حظاً في البقاء في مراكزهم في المجلس الوطني.
وحل المسائل الخلافية الأخيرة المشار إليها، بإعادة توزيع الحصص على أسس مختلفة عما كان الأمر عليه في السابق!!
هل يقع انقلاب "حماس" الثاني؟
بقلم: بكر أبو بكر عن الحياة الجديدة
خالط الصراع العربي–الإسرائيلي الممتد منذ زمن طويل فترات صعود وهبوط في أسس التفكير والعمل السياسي والانجازات والإخفاقات إلا أن أهم منجز سياسي استطاعت الثورة تحقيقه في فترة الشتات كان تثبيت فكرة وجود فلسطين على الخريطة السياسية شاء من شاء وأبى من أبى، وفي المعادلة العربية والدولية ما يُحسب للراحل الخالد فينا ياسر عرفات والقيادة الصلبة، وكان ذلك إثر نضال طويل وفي سياق بعث الكيانية الوطنية عبر جهود حركة فتح والفصائل، وفي تحقيق الإجماع عبر إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وعت حركة (فتح) أهمية الدخول في إطار المنظمة وتثويرها (لا تدجينها ولا الانقلاب عليها) من الداخل سياسيا وميدانيا عسكريا وفكريا وفي طريقة النظر وأساليب العمل الديمقراطي داخلها، وهذا ما كان، وإن بصعوبة، إلا أن السقطات اللاذعة التي أصابت جسد المنظمة حتى شاخت كانت في أبرز أسبابها لتعملق السلطة على حساب المنظمة بعد العام 1994 في ظل أولويات عُكسِت، وفي ظل اهتمامات ما كان يجب أن تكون بإهمال دور المنظمة كإطار جامع بكافة الفئات، وليس كمظلة لمجموعة من المتحكمين سواء أكانوا من حركة فتح أو من آخرين خارجها وحولها لنقع اليوم في ورطة الوضع العربي الذي وصل الحضيض.
مفاوضات "حماس" والمنظمة
عن "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) الكثير مما يقال، بدءا من ما يكتبه ميثاقها ضد المنظمة بشكل سافر، إلى الانفصال العملي الحاد والمقصود منفردا عن فعاليات القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى على الأرض حتى الآن، والأمر البيّن والواضح –الآخر- بلا لُبس بالعلاقة بين "حماس" و"المنظمة"، بل بين "حماس" والتنظيمات الأخرى يتمثل فيما ما تردده غالب قيادتها يوميا –وتعبئ به داخليا- وبلا كلل وبتعبئة موجهة أنها لا ترى بذاتها إلا "البديل" الاسلاموي للمجتمع والبديل السياسي للمنظمة التي تصِمها أنها علمانية -على فرضية أن العلمانية بتعريف الاسلامويين المغلقين الأحادي أنها ضد الإسلام أو كفر- كما تدعي، أوأنها تخلت عن المقاومة، بينما "حماس" تسوّق نفسها للجمهور أنها الوكيل الحصري لله جل وعلا، والممثل الأعظم للمقاومة معا، لذا فحجة الضرب على وتر التقصير بالحوار مع "حماس" وإدخالها كحجة ضد المنظمة تسقط منذ حوارات الراحل الخالد ياسر عرفات حتى قبل نشأة "حماس" في الثمانينيات معهم ك"إخوان مسلمين"، ثم الحوارات المطولة اللاحقة بلا طائل، إذ لم ترى "حماس" –بغالبها- حتى الآن ذاتها إلا البديل الجاهز المُمَكّن ما يسقط مفهوم الشراكة في العقل الحمساوي الجمعي كليا ما هو خطر داهم.
دعونا نحسب للمفاوضات الطويلة بين حركة فتح والمنظمة وبين "حماس" بالاتجاه الآخر لنرى فلا نضع مقارنة ظالمة كما يفعل البعض بين التفاوض مع الاسرائيلي ومع "حماس"، نحن نحسب للمفاوضات بين الإسرائيلي والفلسطيني التي دامت أشهرا فقط أنها 20 عاما بينما لا نحسب للمفاوضات مع فصيل حماس منذ العام 2005 على الأقل بنفس المنطق، فلا نقول انها استمرت عشر سنوات سبقتها عشرية أخرى منذ العام 1985 وسبقتها سنوات من الحقد والضغينة والتأليب (تعود مجددا)، أي أن الحوار والتفاوض مع "حماس" لم يتوقف، وفي جميع المراحل كانت تبرز العقبات وفق إرادة هذا المحور الإقليمي أو ذاك وخاصة من قبل "حماس" التي تنقلت بين أحضان النظام السوري (في سوريا طالبت مع الفصائل بإنشاء منظمة بديلة) ثم في أحضان النظام الإيراني، ثم في جعبة نظام "الربيع العربي" براكب الموجة "الاخوان المسلمين" والدول الداعمة خاصة تركيا وقطر، وكانت السيطرة ما جعل أثر الحوارات/المفاوضات مع "حماس" على الأرض بلا قيمة (سواء الأرض الجغرافية أو الأرض الفكرية والتعبوية) لا سيما عندما أقدمت "حماس" على الفعل الأحادي باحتلالها السلطة في غزة وتحقيق (التمكين) لحركة "الاخوان المسلمين" لأول مرة في تاريخهم على ما يعني عدم التفريط بأي شكل من الأشكال بهذا التمكين(الحسم/الانقلاب/تحقيق البديل) ضد أولئك العلمانيين أو اليساريين أو المرتدين أو المستسلمين أو الخونة!
إن المفاوضات التي دامت عشرات السنين مع "حماس" لم تكن لتقنع أصحاب الفكرانيات (الأيديولوجيات) الاقصائية الحادة بإمكانية المشاركة، فما بالك المشاركة في إطار المنظمة؟ (أنظر عدد الاتفاقيات بلا طائل منذ اتفاق مكة -على الأقل- عام 2007 الذي أعقبه الانقلاب الدموي في غزة الذي خلف ما يربو على 700 شهيد بيد مليشيات حماس، رغم أن أول بند باتفاق مكة نص على: تحريم الدم الفلسطيني قطعيا!) وما بالك بعد السيطرة بالسلاح على الأرض في غزة؟ وما بالك بفرضها أمرا واقعا بالقوة وبشكل منفرد؟ لتأتي "حماس" اليوم وتدعي بعد كل ذلك أن خطوة عقد المجلس الوطني – على عللها الكثيرة– هي خطوة منفردة أو تمثل استبدادا وتحكما من الرئيس أبومازن وحركة فتح أو السلطة؟ وفي إطار اعتراضها تدبج الخطاب كالعادة بشحنات وألغام وسيل لا ينقطع من الشتائم والتخوين المتضمن لهذه الاتهامات بشكل مقزز، أنظر من يتكلم بذلك؟ وأنظر من يتهم وهو صاحب الجسد المليء بالثغرات بهذا الأمر ؟ إنه ذاته من يرفض أصلا أن يكون جزء من النسيج الوطني إلا بالهيمنة واستبطان الانقلاب والتمكين والقوة والدم.
الانتخابات الأبدية والانقلاب
تتعلل "حماس" وخاصة تيار غزة بأنها تكتسب شرعيتها عبر الانتخابات التي تمت عام 2006 وتبني على الأرقام حجمها لتفرضه في أي حوار، وفي إطار المنظمة بالطبع دون أدنى جهد لعمل انتخابات جديدة، لا سيما أن تلك الانتخابات التي لحقها اغتصاب للسلطة في غزة بالقوة عبر الانقلاب عام 2007 ما سمته حماس (الحسم العسكري) انتهت مدتها القانونية من سنوات ثلاث، وهي بالانقلاب أخلّت بالعقد الاجتماعي عبر الديمقراطية التي سحقتها تحت ظلال السيوف وأعقاب البنادق.
وهنا نتساءل ضمن فهم عقلية حماس: لم لا يتكرر إحداث الانقلاب الحمساوي في إطار المنظمة عندما تدخلها ثم يتم تأبيدها بيد "حماس" لتنقلب في داخلها، كما هو حاصل مع الانتخابات الأبدية في إطار السلطة التي انتهت مدتها من عام 2006؟ وترفض حماس تجديدها إلا بشروطها؟ كما ترفض انتخابات البلديات والنقابات والجامعات في غزة؟
تضع "حماس" بالإضافة (للحجم) عبر الانتخابات المنتهية صلاحيتها، تضع انتصارات غزة (الحروب الثلاثة المدمرة) على رأس الرمح باعتبارها قائد المقاومة ووكيله عدا عن السياق الإسلاموي-كما أسلفنا- في عقلية استخدام مصطلحات اسلامية بشكل مغلوط كليا مثل: التمكين والولاء والبراء، وعقلية الإقصاء (وهي الفكرانية غير السياسية) أي عقلية الفسطاطين أي (المعسكرين/البديلين/المنهجين/أبيض واسود/الشر والخير...) التي تنكر الآخر ولا تعترف به البتة إلا في سياق مناكفات ومماطلات الى أن يصبح التمكين في غزة منصة للتمكين (وهو ذاته الانقلاب) في المنظمة، أو بديلها الذي عملت عليه في فترات سابقة ولم ينجح معها، فهل ننجحه نحن؟
ورغم عدم إجابة خالد مشعل في خطابه الأخير على سلسلة من الأسئلة بالامتناع والقفز لمواضيع أخرى إلا أن دعوات مشعل الايجابية لتطبيق الاتفاقيات التي منها إعلانه الالتزام بالشكل القادم لمنظمة التحرير الفلسطينية المتفق عليه، تعد أرضا صالحة لاستمرار الحوار، ولكن إن نظرنا لواقع الأمر على الأرض في سلطة "حماس" في غزة خاصة، نرى أن مثل دعوات السلم الأهلي الايجابية التي يطرحها مشعل وأحمد يوسف على سبيل المثال هي دعوات لا حظ لها من الحياة.
دعوات الوحدة بين أبومازن ومشعل
نحترم دعوات الرئيس أبومازن المتكررة لفصيل "حماس" (وقبله سعي ياسر عرفات الحثيث لإدخالهم المنظمة بلا مردود) التي كان آخرها أن يتفضلوا للانتخابات التشريعية والرئاسية ما لم يفعلوه، إذ طلب أن يوقعوا موافقتهم فأبوا، وان "يمكنوا" حكومة التوافق فأبوا، وأن يسلموا المعابر فأبوا، وأن يجروا انتخابات البلديات فأبوا، وأن يوقفوا سيل الضرائب على ظهر سكان القطاع فأبوا...الخ من سلسلة الإباء، ومع ذلك لم يكلّ او يتعب الفتحاوي في تواصله بالتقدم بالمبادرات على ظهر حمال الأسية عزام الأحمد (الذي ينال من التعريض من حماس حظا وفيرا) لجذب "حماس" حتى اليوم والى إطار المجلس ذاته الذي ينكرونه وينفرون منه.
هل نتفاءل بدعوة خالد مشعل من أيام للوحدة الوطنية والحوار وإعادة بناء المنظمة؟ وهو الذي يتلفّع مؤخرا برعاية جديدة؟ وهل نتفاءل أنه انتقى كلمات خطابه بدقة كان الأجدر بزملائه بالقيادة والناطقين الحمساويين أن يتعلموا الأدب منه في اللفظ والتعبير, بغض النظر عن اختلافنا مع بعض المضمون، فلا يكفّرون ويخوّنون ويتهمون؟ هل نتفاءل أم تعود (ريما لعادتها القديمة)؟ بعد وقت ليس طويلا؟
ستنعقد اليوم أو غدا، بعد شهور جلسة المجلس الوطني-ما يجب أن يكون من زمن طويل وبشكل دوري ما نؤكد عليه- فهل ستحضر "حماس" لا أعتقد، فهي البديل فكيف تحضر؟ وآمل أن اكون مخطئا فتحضر، سينعقد المجلس خلال مدة قصيرة رغم ما شاب دعوات الانعقاد في شهر أيلول عام 2015 في البداية من ضعف شديد بالدعوة لجلسة طارئة (خاصة) أظهر ارتباك حركة "فتح" والوضع الفلسطيني والعربي عامة، إلا أن تصليح المسار الى جلسة عادية كان يجب احترامه وتقديره والبناء عليه كمقدمة لإعادة بناء جسد المنظمة وتفعيلها بعد هذه الدورة للمجلس، ولكنه بدلا من ذلك بدأت المعاول تهدم في جسد الفعل الوطني الساعي للملمة الأمور ولو بالحد الادنى.
إن خطوة عقد المجلس الوطني الفلسطيني المتوجّب أن تتم ما طال انتظارها بحقّها، والتي أهملت لسنوات طوال ما كان خطأ كبيرا، ورغم ذرائعية عقدها بالبداية كما يثير البعض، ورغم عدد من الخطوات المتعثرة التي أدت إليها، هي رغم كل ذلك خطوة يجب أن تتم بأناة وتروي لتكون مقدمة حقيقية لإعادة تفعيل وبناء المنظمة كمؤسسة حقيقية عبر رفدها بكفاءات وقيادات جديدة فاعلة ومن الجيل الشاب بل والمؤسسات الشبابية من جهة، وفي أمد عام واحد أو اثنين للدورة التي تليها، وعبر برنامج سياسي نضالي وحدوي شامل، ونظام داخلي يتضمن عدم أبدية عضوية المجلس وقصرها على 5-6 سنوات مثلا، وعبر إعادة الهيمنة للميثاق الوطني الفلسطيني وعبر السعي الجاد لمهمة الوحدة الوطنية مع جميع فئات المجتمع ومؤسساته التي تجاوزت تركيبة المنظمة الحالية والتنظيمات، وكذلك الأمر في إعادة تشكيل المجلس بالانتخابات المباشرة لا سيما في فلسطين ليكون التمثيل القادم حقيقيا بلا أدنى شك، وتوافقيا أوعبر النقابات والمنظمات والمؤسسات الشعبية، والمنظمات غير الحكومية الفاعلة والجاليات خارج فلسطين.
إن منظمة التحرير الفلسطينية ليست إطارا فكريا مغلقا أو فكرانيا (أيديولوجيا) تحاول هذه الحركة أوالفصيل أن تبني فيها سياقها الفكراني فتدجنها أو تنقلب عليها ضمن منطق (التقدمية) أو (التمكين) الاقصائي، وليست إطارا حزبيا محدودا، وليست ملكا أبديا لحركة فتح أو للشعبية أو للجهاد أو لحماس او لغيرها، بل هي بناء لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج فهي بوضوح منظمة التحرير الفلسطينية فلا تلزم أحدا بفكره السياسي إلا بمقدار الاتفاق على الأهداف وعبر المجالس، وهي لا تلزم أحدا بفكره الديني أو مذهبه أو اتجاهه أبدا ما نخشى الوقوع به حال الانقلاب فيها وعليها، وإنما هي كما نؤكد إطار مؤسسي سياسي إداري نضالي جامع لكل من ودع الصمت وسعى لتحرير فلسطين.
مفاجآة الرئيس عباس
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
من غير المعروف ما هي المفاجآة التي سيفجرها الرئيس عباس خلال خطابة امام الجمعية العمومية للامم المتحدة نهاية هذا الشهر. و من غير المعروف ايضا ما مدى تأثير فشل انعقاد جلسة المجلس الوطني على فحوى هذه المفاجآة. و لان من الصعب الاعتماد على تصريحات القيادات الفلسطينية المختلفة و التعامل معها كمُسلمات، حيث وفقا للتجربة هناك من لا يقول الصحيح و ربما يقول عكسة تماما, وهناك من هو غير مطلع على ما يجري او ما سيجري و لكن هذا لا يمنعه من الادعاء بأنه يعلم. ما هو اكيد بأن الرئيس عباس سيلقي خطابا يعكس فيه حالة الاحباط نتيجة الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. بلا شك سيتحدث مطولا عن ممارسات المستوطنين و التي ذروتها حرق عائلة دوابشة حتى الموت .
سيتحدث عن تنصل اسرائيل وحكومة نتنياهو اليمينية من عملية السلام و حالة الاحباط و اليأس التي يعيشها الفلسطينيون وحقهم في انهاء آخر احتلال في العالم. القدس و الاجراءات الاسرائيلية هناك ستأخذ نصيبها من هذا الخطاب ايضا . سيكون هناك الكثير من التصفيق و ربما وقوفا تعاطفا مع القضية الفلسطينية حيث الاجواء في الجمعية العمومية دائما مؤيدة و متعاطفه مع الفلسطينين .
المهم بعد كل هذا الخطاب السياسي و العاطفي المؤثر سيكون الجميع في انتظار المفاجآة التي تحدث عنها الرئيس عباس او تحدثت عنها بعض القيادات الفلسطينية و التي قيل انه سيفجرها في الامم المتحدة نهاية هذا الشهر . و فقا لما يدور من تمتمات فأن الرئيس قد يعلن عن " فلسطين دولة تحت الاحتلال" و ربما يذهب اكثر من ذلك بالاعلان عن انهاء اتفاقات اوسلو او ما تبقى منها و اهمها بالنسبة لاسرائيل وهو التنسيق الامني. اذا ما حدث هذا الامر فعلا ، كيف ستكون الترجمة العملية لهذا الاعلان و كيف سينعكس ذلك على منظومة العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية المتشابكة منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو قبل عقدين من الزمان، و الاهم من ذلك كيف ستكون ردود الفعل الاسرائيلية على هذه الخطوة؟
رسائل الاسرائيلين العلنية حتى الان هي بأن شيء لم يتغير. يبررون ذلك بأن مصالح الكثيرين من قيادات السلطة ستتضرر نتيجة اي تغيير في الوضع الحالي، لذلك كل ما يقال عن حل للسلطة ووقف للتنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي هي من وجهة نظرهم ووفقا لتقديراتهم و ربما معلوماتهم بانها تهديدات فارغة من اي مضمون. بمعنى، على الاقل من الناحية الاعلامية و العلنية اسرائيل لا تتعامل بجدية لا مع تهديدات الرئيس بالاستقالة و رمي مفاتيح السلطة في وجه اسرائيل و لا مع التهديدات بوقف التنسيق الامني. هذا لايعني ان لا يوجد نقاش امني و سياسي معمق في الاوساط الاسرائيلية للتعاطي مع هذا السيناريو المظلم بالنسبة لهم، و لاشك ان خلال الاجتماعات الدورية مع قيادات السلطة يحرصون على ايصال ما يريدون من رسائل احيانا تصل الى حد التهديد المبطن و في بعض الاحيان قد يكون مباشر.
حتى الان بالنسبة للاسرائليين ، ما يعتقدونه بأن التهديدات سواء كانت باعلان دولة فلسطين او انهاء اتفاقات اوسلو ووقف التنسيق الامني او استقالة الرئيس عباس هي حتى الان تصريحات بدون رصيد و بالنسبة لهم ليست اكثر من رسائل لم يعد لها اي تأثير ،سيما انها تسمع و ترسل منذ ثلاث سنوات على الاقل وهي ليست اكثر من مجرد رسائل يراد ايصالها للامريكان و الاوروبيين و العرب من اجل الضغط على اسرئيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية و خاصة اجراءاتها في القدس و العودة الى طاولة المفاوضات ، اي بمعنى تهديدات غير جدية و لن يكون لها اي ترجمة عملية على ارض الواقع. مع ذلك مهم للاسرائيلين ما سيقوله الرئيس عباس في الامم المتحدة، ومهم جدا الصيغة التي سيتحدث بها هناك عند الحديث عن قرارات للقيادة الفلسطينية، و الاهم من كل ذلك مدى ترجمة هذه القرارات على ارض الواقع.
اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال و مطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ هذ القرار قد لا يغير كثيرا في الواقع و يستطيع نتنياهو وحكومتة ان يتعايشون مع ذلك. التهديد باعادة النظر في اتفاقات اوسلو و التنسيق الامني ، ايضا قد لا يكترثون له كثيرا، لان اعادة النظر قد تستغرق سنوات. اما اذا كان هناك قرار بوقف التنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي ، هنا تكون كل قوانين اللعبة قد تغيرت، وتكون بالفعل انتهت مرحلة و بدأت مرحلة جديدة.
الخيارات الاسرائيلية قد تكون متعددة و ردود الفعل ستكون بنفس الرتم الذي سينفذ فيه الفلسطينيون تهديداتهم. السيناريو الاصعب بالنسبة للاسرائيليين هو ان يؤدي ذلك الى انهيار السلطة و تحمل مسؤلياتهم كسلطة احتلال ، حيث عبر يعلون بشكل واضح انهم لن يتسلموا المفاتيح مرة اخرى و سيبجثون عن خيارات اخرى . يعلون و المؤسسة العسكرية التي يرئسها يدركون ان السيناريو الاكثر سوداوية بالنسبة لاسرائيل هو حل السلطة و الالقاء بمفاتيحها في وجوههم مرة اخرى بعد الوقف الفعلي للتنسيق الامني. هذا على الرغم انهم يتظاهرون بانهم لا يخشون هدا الخيار و جاهزين للتعاطي معه اذا ما كانوا مجبرين على ذلك.
ما لا يدركه الاسرائيليون ان هناك شعور عام لدى الكل الفلسطيني ، وبغض النظر عن طبيعة المفاجآة التي سيفجرها الرئيس نهاية الشهر ، و بغض النظر عن بعض تصريحات القيادات الاسرائيلية الاستفزازية التي تقول ان منظومة المصالح الخاصة لبعض القيادات الفلسطينية من اصحاب النفوذ و القرار ستجعلهم يفكرون عشرات المرات قبل الاقدام على خطوات من شأنها تغيير الوضع القائم، وخاصة التنسيق الامني . على الرغم من ذلك، الشعور العام ان مرحلة قد اوشكت على الانتهاء و ان مرحله جديدة اصبحت على الابواب.
ليس هناك تقدير او وضوح رؤيا عن طبيعة المرحلة الجديدة المقبلة ، لكن ما هو واضح ان الجميع ، كل بطريقته ووفقا لحساباته و مصالحه و مستوى تأثيرة بدء يجهز نفسه لهذه المرحلة.
من التعجيل إلى التأجيل
بقلم: محمد السهلي عن وكالة pnn
الحالة الفلسطينية أمام فرصة ثمينة لتنفيذ قرارات الحوارات الوطنية السابقة ذات الصلة بمنظمة التحرير ومؤسساتها
على نحو استثنائي، بات صندوق بريد رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني عامرا بـ«الصادر والوارد» بعد سنوات طويلة بدا فيها المجلس أشبه بصرح قديم يذكر بما غبر من أمجاد الثورة والنهوض الوطني الفلسطيني.
باكورة الرسائل جاءت من اللجنة التنفيذية تطلب عقد دورة غير عادية للمجلس وأشفعت طلبها باستقالات عشرة من أعضائها من بينهم رئيسها، كموجب لعقد الدورة. وفيما كان «المطبخ الفلسطيني» يدفع باتجاه إعادة انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، قالت رئاسة المجلس بأن هذا من اختصاص الدورة العادية ومن ضمن جدول أعمال متكامل، ودعت إلى عقد الدورة منتصف الشهر الجاري.
ومع ضيق الوقت المتاح والتهرب من تشكيل لجنة تحضيرية شاملة وانكشاف النوايا المبيتة وراء تسريع انعقاد المجلس، شهدت موضوعة المجلس وانعقاده تفاعلات فلسطينية وإقليمية نشطة كانت حصيلتها الإعلان عن تأجيل الموعد المقرر وعقد اجتماع أخر خلال ثلاثة شهور، وبذلك يطل السؤال الشهير… ما العمل؟
نادرا، ما تنطبق أمثولة «الضارة النافعة» على الحالة الفلسطينية مع تكرار مسلسل إضاعة الفرص. لكن يمكن القول في هذه المرة أن موضوعة المجلس الوطني الفلسطيني وانعقاده أصبحت في الواجهة، والنقطة الإيجابية الأولى أن التأجيل لم يصدر في خانة «إلى إشعار آخر». وهذا يعني أن الحالة الفلسطينية أمام فرصة ليس من السهل تعويضها في جعل موضوعة المجلس مدخلا لتنفيذ قرارات الحوارات الوطنية السابقة ذات الصلة بمنظمة التحرير ومؤسساتها.
وبعد أن أكدت مجريات الأمور خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن فك وتركيب الهيئات والمؤسسات الوطنية والجهوية أعقد بكثير مما اعتقده «المطبخ الفلسطيني»، يتضح أن المصلحة الوطنية العليا تستوجب القطع مع الحسابات الخاصة المحكومة بالهواجس، وبالتالي التوجه نحو انعقاد المجلس الوطني بخطوات واضحة وجامعة. بدءاً من تشكيل لجنة تحضيرية شاملة لا تستثني أحدا.
وهذه الصيغة – فقط – تصلح لأن تضع جميع مكونات الحالة الفلسطينية أمام امتحان الوحدة وإنهاء الانقسام – وبهذه الصيغة – فقط – تمتلك الشرعية الفلسطينية سلاحها الشعبي والسياسي. وبهذه الصيغة أيضاً يكون الصدى الإقليمي العربي إيجابياً تجاه الحراك الداخلي الموحد لتصويب الوضع الفلسطيني الملبَّد بالأزمات المركبة. وربما من المؤشرات الإيجابية تجاه موضوعة المجلس الوطني أن الجهود لتصويب الدعوة لانعقاده لم تنحصر خارج حركة فتح بل كانت هيئات الحركة القيادية في موقف ضاغط باتجاه التصويب وعدم الانفلات باتجاه العبث بالمؤسسات والهيئات. ولعبت في هذا المجال القوى والفصائل اليسارية والليبرالية دورا مؤثرا في كبح الانجرار نحو الزج بالمجلس الوطني بمعارك جانبية مدمرة على خلفية الحسابات الخاصة.
وإذا كان تشكيل اللجنة التحضيرية الشاملة مدخلا واجباً لانجاح أعمال المجلس، فإن اللجنة التنفيذية للمنظمة معنية – كاملة – بالاعداد – تحت إشراف التحضيرية – لعقد الدورة القادمة للمجلس بما يكفل نجاحه بدءاً من إعداد التقارير السياسية والاقتصادية والأمنية التي تضع المجلس في صورة المسار الذي انشغل عليه الفترة الماضية في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة استتباعا. وتظهير قرارات المجلس المركزي وخاصة في دورته الأخيرة ووضع «الوطني» أمام إجابات واضحة عن عدم تنفيذ قرارات «المركزي».
ومع توقف المجلس الوطني خلال السنوات الطويلة الماضية عن الحياة السياسية والبرلمانية تآكلت لجانه المتخصصة وبعضها اندثر تقريبا، ما يوجب إعادة انتخابها وتعزيز صلاحياتها. ومن هذا المدخل يمكن تفعيل عضوية المجلس التي عاشت حالة أقرب من التقاعد (غير المبكر) لذلك فإن التوافق الوطني الجامع حول عضوية المجلس والآليات الضرورية لتجديدها مسألة هامة ربطا بالهدف الوطني من انعقاد دورته القادمة المفترضة.
هذا يعني أن الجهود التي بذلت ونجحت في تصويب الطريق نحو المجلس الوطني والأهداف المتوخاة من انعقاده، هي المعنية بالدرجة الأولى كي تدفع بقوة لتشكيل ورشة عمل وطنية بإسناد شعبي كي نتقدم على طريق حل إشكالات أهم المؤسسات الوطنية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لدوره السياسي والتشريعي والرقابي.
وما يضع الأمر في خانة الانجاز في حال توافرت الإرادة السياسية تلك القرارات التي صدرت عن محطات عدة من الحوار الوطني الفلسطيني ، لذلك، لا تبدأ الحالة الفلسطينية من نقطة الصفر في تصويب أوضاعها الداخلية مع انقضاء نحو عشر سنوات من الحوارات الشاملة.
في المقابل، لا نعقتد أن السكة مفتوحة تماما نحو تحقيق الهدف من اجتماع المجلس الوطني وتوفير عناصر النجاح لأعماله، حيث الخيارات السياسية واتجاهاتها هي ما يحدد التوجه نحو المؤسسات الوطنية والنظر إلى دورها ومدى فاعليتها في المشهد السياسي الفلسطيني. لأن تفعيل هذه المؤسسات وانفتاح الأفاق أمام دورها الوطني لا بد أن يرتبط بانتهاج سياسات تعيد الاعتبار إلى البرنامج الوطني التحرري، وبدون ذلك، ستعود المؤسسات الوطنية إلى الانزواء والانطواء وتكرر تجربة السبات التي تتناقض مع الحد الأدنى من متطلبات مواجهة الاحتلال والتقدم على طريق تجسيد الحقوق الوطنية في العودة والاستقلال الناجز.
وبدون إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري ستدخل المؤسسات الوطنية في حالة من البطالة تتيح للمطابخ الصغيرة أن تنتعش على انقاض مبادئ الشراكة الوطنية والقواعد والأسس التي قامت بموجبها منظمة التحرير الائتلافية ومؤسساتها.
وبدون ذلك، ستتصدر السلطة الفلسطينية وحدها المشهد السياسي مع كل القيود التي تكبل الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وتزيد من معاناته اليومية تحت الاحتلال.
مهام كثيرة ملحة على أجندة العمل الوطني لا يمكن انجازها على نحو جدي من غير إعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية وفي المقدمة المجلس الوطني وهيئاته المختلفة.
التأجيل خطوة متقدمة نحو الأمام، على أن تكون مدخلا واضحا لانعقاد المجلس الوطني قريبا بما يكفل بدء مسيرة الإصلاح في النظام السياسي الفلسطيني الذي تعقدت أزماته وبات يصدر «الجديد» منها مع استمرار الوضع على ما هو عليه…
سئمنا بيانات الشجب والاستنكار والتنديد!
بقلم: محمد خضر قرش عن جريدة القدس
من أجل «توافق وطني»!!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
هل يقع انقلاب "حماس" الثاني؟
بقلم: بكر أبو بكر عن الحياة الجديدة
مفاجآة الرئيس عباس
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
من التعجيل إلى التأجيل
بقلم: محمد السهلي عن وكالة pnn
سئمنا بيانات الشجب والاستنكار والتنديد!
بقلم: محمد خضر قرش عن جريدة القدس
ملً وزهق وقرف الفلسطيني والعربي لسماع هذه الكلمات من وسائل الإعلام المختلفة والمنسوبة للمسؤولين العرب والفلسطينيين على حد سواء. ويكاد لا يمر يوم دون أن نسمعها وبصيغ وبتلحينات مختلفة ترتفع وتنخفض وتيرتها أو حدتها تبعا لشدة الواقعة أو الحدث أو العمل الإرهابي الذي حصل سواء من قبل سلطات الاحتلال نفسها أو من المستوطنين.فالإدانة أو التحذير أو الشجب أو الإعراب عن القلق البالغ أو الاستنكار العادي أو المتبوع بأشد العبارات باتت هي السمة الوحيدة المسيطرة على ردود الأفعال العربية وفي المقدمة منها الفلسطينية.
فالاستنكار والشجب القوي محجوز عادة لتهويد القدس والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى والقتل البشع بحق أطفال فلسطين ولبنان ومصر وسوريا واليمن وليبيا وضد العمليات المجنونة بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب التي تقوم بها «داعش» والنصرة ومن لف لفهما.
أما الإعراب عن الأسف بدرجاته المختلفة أو القلق والتحذير من خطورة تردي الأوضاع فهي محجوزة لدول العالم الغربي والشرقي على حد سواء، بالإضافة إلى بعض المسؤولين العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيين. ويمكن لنا أن نقبل كلمات الأسف العادي والشديد والقلق بدرجاته المختلفة والتحذير الذي يصدر عن قادة دول العالم أو الناطقين باسم البيت الأبيض وعشرة «داوننغ ستريت» والاليزيه والكرملين وغيرها، عن التصرفات الإسرائيلية والسلوكيات العدوانية التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته أو ضد ما تقوم به المجموعات الإرهابية كداعش والنصرة بحق المدنيين في سوريا وليبيا واليمن ومصر والعراق ..الخ، لكن صدور الأسف والقلق والتحذير والاستنكار والشجب من المسؤولين الفلسطينيين والعرب فهذا لم يعد له مكان او قبول بل ولا يمكن فهمه أو تبريره، وخاصة إذا كان أو أصبح أو بات روتينيا ومن باب رفع العتب لمجرد القول بأنني هنا.
فهل يعقل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولقادة الفصائل والحركات والسلطة الوطنية مثلا أن تكتفي بالاستنكار والتحذير طيلة العشرين عاما الماضية من استمرار الممارسات العدوانية الإسرائيلية الميدانية على الأرض ضد ما يتم في المسجد الأقصى وهدم البيوت في القدس والمدن الفلسطينية الأخرى وحرق الأطفال والاعتداءات المتواصلة على قطاع غزة؟؟
وهل يمكن تقبل وفهم استمرار صدور بيانات التحذير والاستنكار اللفظي من رئيس ملف القدس في اللجنة التنفيذية ضد ما تقوم به وتمارسه سلطات الاحتلال من تغيير معالم عاصمة دولة فلسطين من تهويد وهدم وتهجير وسحب هويات ومنع دخول المواطنين إلى القدس والأقصى والكنيسة وبناء الجدار العنصري ؟
كما ان من حقي كمقدسي وفلسطيني أن أسأل عن فعاليات ونشاطات المؤتمر الوطني الشعبي الذي عقد في مقر المقاطعة قبل سنوات طويلة وتشكلت أمانته العامة للدفاع عن القدس، ماذا فعل منذ تشكيله للدفاع عن العاصمة وتم تعيين العشرات من الموظفين للعمل بغض النظر عمن يحمل منهم هوية مقدسية أم لا؟ فالمؤتمر قد شُكل خصيصا لهذه الغاية فماذا فعل؟ الاستنكار والشجب والتحذير والإدانة باتت مملة وحيلة العاجز الضعيف والبائس، تماما كالغريق الذي يحاول الإمساك بالقشة للنجاة بنفسه.
وبالجهة المقابلة لهذا التراخي واللامبالاة وانعدام الموقف الوطني الصلب لمنظمة التحرير والفصائل والحركات نسمع التصريحات النارية المجلجلة والتي تتردد أصداؤها في وسائل الإعلام ليلا ونهارا والمنسوبة لبعض المسؤولين الفلسطينيين وآخرهم قبل أسبوعين والصادرة عن احد قادة الحركات في قطاع غزة "بان اليد التي سوف تمتد للعبث وتغير الواقع القائم في الأقصى سوف تقطع" فلربما صاحب هذا التصريح لا يعلم ولا يشاهد ما يتم في ساحات الأقصى من تقسيم زماني ومكاني وعمري ومن تغيير هيكلي في القدس وانتشار التجمعات الاستيطانية بين أزقة وحارات القدس ناهيك عن المستوطنات المحيطة والخانقة للقدس وبعضها يحجب الشمس صباحا ومساء عن قبة الصخرة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
لا نريد سماع كلمات الشجب والاستنكار والتحذير من الممارسات العدوانية الإسرائيلية والإدانة على اختلاف درجاتها، لأنها كلها لم تعد تفيد أو تحقق الغاية من وراء إطلاقها أو تشفي الغليل أو تطفىء الظمأ أو تسمن او تغني من جوع، كما لم تعد تخيف مستوطنا واحدا يسير منفردا في شوارع القدس العتيقة وجوارها وبدون سلاح فردي أيضا.
فأرجوكم يا قادة الحركات والفصائل ويا أعضاء اللجنة التنفيذية أن تكفوا عن إطلاق عبارات الشجب والاستنكار والتحذير والإدانة لأنها ببساطة جدا باتت تقلل من هيبتكم القيادية وتضعف من احترامكم وموضع تندر شعبكم .فحتى تحافظوا على ما تبقى من رصيدكم توقفوا عن مثل هذه التصريحات سواء البائسة منها والضعيفة أو العنترية. فشعب فلسطين وفي مقدمته المقدسيون باقون هنا فوق هذه الأرض وسيدافعون عنها كما كانوا يفعلون قبل اوسلو وبعده. فشعب فلسطين ليس له غير هذا الوطن.
من أجل «توافق وطني»!!
بقلم: هاني حبيب عن جريدة الأيام
ثلاثة أشهر، فترة كافية لإعداد جيد لعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني القادمة، وهي فرصة حقيقية لتقييم كافة زوايا الأوضاع الفلسطينية بهدف استكشاف الأخطاء الأمر الذي لا بد منه لتقويم الوضع الفلسطيني الراهن، ثلاثة أشهر من المفترض أن تستغل استغلالاً حثيثاً في كافة أطر ومؤسسات وفصائل وأحزاب المجتمع الفلسطيني، وهو ما يؤدي في هذه الحال، إلى وضع جدول أعمال متفقٍ عليه لأعمال هذه الدورة.
وكان من الواضح أن أحد الأسباب المباشرة لتأجيل عقد هذه الدورة ثلاثة أشهر، يعود إلى التوصل إلى توافقات فلسطينية حول العديد من المسائل المختلف عليها، ومعظمها يأتي تحت عنوان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة هيكلة مؤسساتها لتضم كافة أطياف المجتمع الفلسطيني، وفي هذا السياق، هناك توافق أولي، بأن دعوة «الإطار القيادي» والذي يضم كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي، والذي تأسس في الأصل بهدف تفعيل منظمة التحرير، هذا الإطار من الممكن، لو خلصت النوايا، ان يشكل بحد ذاته اللجنة التحضيرية لأعمال هذه الدورة، وخاصة فيما يتعلق بأجندتها، وإذا كانت هناك حساسية من طرف أو أكثر حول المسمى «الإطار القيادي» فمن الممكن وربما من المفيد أن يتم اختيار اللجنة التحضيرية بتوافق من الإطار القيادي هذا، وهو الأمر المحوري والأولي الذي لا بد منه لإيجاد المناخ المتوافق عليه لعقد دورة المجلس الوطني، كان جدول أعمال أي دورة سابقة، محل خلاف، لكن كان التوافق في نهاية الأمر يحسم هذا الخلاف بتنازلات متبادلة.
وعادة، ما تغلف المسائل والمطالب المتعلقة «بالحصص» في هياكل منظمة التحرير، المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية، بأبعاد سياسية، لذلك، فإن التوافق على المشروع السياسي وخطة التحرك الوطني على كافة الأصعدة، يعتبر أمراً لا بد منه، ويشكل خطوة أساسية لمثل هذا التوافق، وفي هذا السياق، ومرة أخرى إذا ما خلصت النوايا، فإن أمر التوصل إلى مثل هذا التوافق من المفترض ألا يكون صعباً، إذ إننا لا نبدأ من الصفر، فهناك وثيقة التوافق الوطني ـ وثيقة الأسرى ـ التي توافقت كافة القوى الفلسطينية على مضمونها، وشكلت قاسماً مشتركاً للخطوط العريضة للتوجهات السياسية الفلسطينية، ويمكن اعتماد هذه الوثيقة المتفق عليها، لكي تشكل الإطار السياسي للتحرك الفلسطيني.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن سبع سنوات تفصلنا عن إعداد الأسرى الفلسطينيين لهذه الوثيقة التاريخية، جرت في أنهارها مياه كثيرة ومتغيرات عديدة يجب أن تؤخذ بالحسبان، وهذا يتطلب توافقات لتعديل أو إضافة بعض البنود التي تجددها بالأخذ بالاعتبار هذه المستجدات والتداعيات التي لا يمكن تجاهلها بالنظر إلى ارتباطها بالأبعاد الإقليمية والدولية، وحتى الفلسطينية الداخلية، وهو أمر سيكون أكثر سهولة، ولو تم التوافق مبدئياً على أن تشكل وثيقة التوافق الوطني أساساً لرسم المشروع السياسي الفلسطيني المقدم إلى المجلس الوطني في دورته القادمة.
ومن المتوقع أن مسألة المحاصصة، ستظل هي المسألة الشائكة الأكثر حساسية، ونعتقد أنه من الصعوبة بمكان التوافق بشأنها، فكل تنظيم له حساباته وأساسيات واعتبارات لفهم حصته، هناك فصائل أكثر تأثيراً، وهناك فصائل لم يعد لها تأثير، وهناك أخرى ما بين الفريقين، البعض يرى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تشير بوضوح إلى حصة كل فصيل في المجتمع الفلسطيني، لكن المجتمع الفلسطيني ليس قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي دولة كل الفلسطينيين أينما كانوا، وهناك من يرى أن الأبعاد التاريخية لفصائل فلسطينية لعبت دوراً مؤثراً في النضال الوطني، يجب أن تؤخذ بالاعتبار لدى الحديث عن حصتها، بتجربتها وتاريخها النضالي.
كما أن مشكلة «حصة المستقلين» ستكون على رأس الحديث عن الحصص، باعتبار أن المستقلين، ليسوا مستقلين تماماً، خاصة عندما تختارهم أو ترشحهم القوى السياسية، وتعبير «المستقلون» في واقع الأمر، عكس في السابق إمكانية زيادة الحصة الفصائلية من خلال الخداع والتمويه، لكن ذلك ليس بمشكلة إذا ما اتفق الجميع على وضع معايير لفهم هذا المصطلح.
في حين ان حصة الاتحادات الشعبية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، ستبقى مشكلة إضافية إذا عرفنا أن معظم هذه الهيئات، لم تعقد مؤتمراتها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي يبقي على قادتها «التاريخيين» هم الأوفر حظاً في البقاء في مراكزهم في المجلس الوطني.
وحل المسائل الخلافية الأخيرة المشار إليها، بإعادة توزيع الحصص على أسس مختلفة عما كان الأمر عليه في السابق!!
هل يقع انقلاب "حماس" الثاني؟
بقلم: بكر أبو بكر عن الحياة الجديدة
خالط الصراع العربي–الإسرائيلي الممتد منذ زمن طويل فترات صعود وهبوط في أسس التفكير والعمل السياسي والانجازات والإخفاقات إلا أن أهم منجز سياسي استطاعت الثورة تحقيقه في فترة الشتات كان تثبيت فكرة وجود فلسطين على الخريطة السياسية شاء من شاء وأبى من أبى، وفي المعادلة العربية والدولية ما يُحسب للراحل الخالد فينا ياسر عرفات والقيادة الصلبة، وكان ذلك إثر نضال طويل وفي سياق بعث الكيانية الوطنية عبر جهود حركة فتح والفصائل، وفي تحقيق الإجماع عبر إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وعت حركة (فتح) أهمية الدخول في إطار المنظمة وتثويرها (لا تدجينها ولا الانقلاب عليها) من الداخل سياسيا وميدانيا عسكريا وفكريا وفي طريقة النظر وأساليب العمل الديمقراطي داخلها، وهذا ما كان، وإن بصعوبة، إلا أن السقطات اللاذعة التي أصابت جسد المنظمة حتى شاخت كانت في أبرز أسبابها لتعملق السلطة على حساب المنظمة بعد العام 1994 في ظل أولويات عُكسِت، وفي ظل اهتمامات ما كان يجب أن تكون بإهمال دور المنظمة كإطار جامع بكافة الفئات، وليس كمظلة لمجموعة من المتحكمين سواء أكانوا من حركة فتح أو من آخرين خارجها وحولها لنقع اليوم في ورطة الوضع العربي الذي وصل الحضيض.
مفاوضات "حماس" والمنظمة
عن "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) الكثير مما يقال، بدءا من ما يكتبه ميثاقها ضد المنظمة بشكل سافر، إلى الانفصال العملي الحاد والمقصود منفردا عن فعاليات القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى على الأرض حتى الآن، والأمر البيّن والواضح –الآخر- بلا لُبس بالعلاقة بين "حماس" و"المنظمة"، بل بين "حماس" والتنظيمات الأخرى يتمثل فيما ما تردده غالب قيادتها يوميا –وتعبئ به داخليا- وبلا كلل وبتعبئة موجهة أنها لا ترى بذاتها إلا "البديل" الاسلاموي للمجتمع والبديل السياسي للمنظمة التي تصِمها أنها علمانية -على فرضية أن العلمانية بتعريف الاسلامويين المغلقين الأحادي أنها ضد الإسلام أو كفر- كما تدعي، أوأنها تخلت عن المقاومة، بينما "حماس" تسوّق نفسها للجمهور أنها الوكيل الحصري لله جل وعلا، والممثل الأعظم للمقاومة معا، لذا فحجة الضرب على وتر التقصير بالحوار مع "حماس" وإدخالها كحجة ضد المنظمة تسقط منذ حوارات الراحل الخالد ياسر عرفات حتى قبل نشأة "حماس" في الثمانينيات معهم ك"إخوان مسلمين"، ثم الحوارات المطولة اللاحقة بلا طائل، إذ لم ترى "حماس" –بغالبها- حتى الآن ذاتها إلا البديل الجاهز المُمَكّن ما يسقط مفهوم الشراكة في العقل الحمساوي الجمعي كليا ما هو خطر داهم.
دعونا نحسب للمفاوضات الطويلة بين حركة فتح والمنظمة وبين "حماس" بالاتجاه الآخر لنرى فلا نضع مقارنة ظالمة كما يفعل البعض بين التفاوض مع الاسرائيلي ومع "حماس"، نحن نحسب للمفاوضات بين الإسرائيلي والفلسطيني التي دامت أشهرا فقط أنها 20 عاما بينما لا نحسب للمفاوضات مع فصيل حماس منذ العام 2005 على الأقل بنفس المنطق، فلا نقول انها استمرت عشر سنوات سبقتها عشرية أخرى منذ العام 1985 وسبقتها سنوات من الحقد والضغينة والتأليب (تعود مجددا)، أي أن الحوار والتفاوض مع "حماس" لم يتوقف، وفي جميع المراحل كانت تبرز العقبات وفق إرادة هذا المحور الإقليمي أو ذاك وخاصة من قبل "حماس" التي تنقلت بين أحضان النظام السوري (في سوريا طالبت مع الفصائل بإنشاء منظمة بديلة) ثم في أحضان النظام الإيراني، ثم في جعبة نظام "الربيع العربي" براكب الموجة "الاخوان المسلمين" والدول الداعمة خاصة تركيا وقطر، وكانت السيطرة ما جعل أثر الحوارات/المفاوضات مع "حماس" على الأرض بلا قيمة (سواء الأرض الجغرافية أو الأرض الفكرية والتعبوية) لا سيما عندما أقدمت "حماس" على الفعل الأحادي باحتلالها السلطة في غزة وتحقيق (التمكين) لحركة "الاخوان المسلمين" لأول مرة في تاريخهم على ما يعني عدم التفريط بأي شكل من الأشكال بهذا التمكين(الحسم/الانقلاب/تحقيق البديل) ضد أولئك العلمانيين أو اليساريين أو المرتدين أو المستسلمين أو الخونة!
إن المفاوضات التي دامت عشرات السنين مع "حماس" لم تكن لتقنع أصحاب الفكرانيات (الأيديولوجيات) الاقصائية الحادة بإمكانية المشاركة، فما بالك المشاركة في إطار المنظمة؟ (أنظر عدد الاتفاقيات بلا طائل منذ اتفاق مكة -على الأقل- عام 2007 الذي أعقبه الانقلاب الدموي في غزة الذي خلف ما يربو على 700 شهيد بيد مليشيات حماس، رغم أن أول بند باتفاق مكة نص على: تحريم الدم الفلسطيني قطعيا!) وما بالك بعد السيطرة بالسلاح على الأرض في غزة؟ وما بالك بفرضها أمرا واقعا بالقوة وبشكل منفرد؟ لتأتي "حماس" اليوم وتدعي بعد كل ذلك أن خطوة عقد المجلس الوطني – على عللها الكثيرة– هي خطوة منفردة أو تمثل استبدادا وتحكما من الرئيس أبومازن وحركة فتح أو السلطة؟ وفي إطار اعتراضها تدبج الخطاب كالعادة بشحنات وألغام وسيل لا ينقطع من الشتائم والتخوين المتضمن لهذه الاتهامات بشكل مقزز، أنظر من يتكلم بذلك؟ وأنظر من يتهم وهو صاحب الجسد المليء بالثغرات بهذا الأمر ؟ إنه ذاته من يرفض أصلا أن يكون جزء من النسيج الوطني إلا بالهيمنة واستبطان الانقلاب والتمكين والقوة والدم.
الانتخابات الأبدية والانقلاب
تتعلل "حماس" وخاصة تيار غزة بأنها تكتسب شرعيتها عبر الانتخابات التي تمت عام 2006 وتبني على الأرقام حجمها لتفرضه في أي حوار، وفي إطار المنظمة بالطبع دون أدنى جهد لعمل انتخابات جديدة، لا سيما أن تلك الانتخابات التي لحقها اغتصاب للسلطة في غزة بالقوة عبر الانقلاب عام 2007 ما سمته حماس (الحسم العسكري) انتهت مدتها القانونية من سنوات ثلاث، وهي بالانقلاب أخلّت بالعقد الاجتماعي عبر الديمقراطية التي سحقتها تحت ظلال السيوف وأعقاب البنادق.
وهنا نتساءل ضمن فهم عقلية حماس: لم لا يتكرر إحداث الانقلاب الحمساوي في إطار المنظمة عندما تدخلها ثم يتم تأبيدها بيد "حماس" لتنقلب في داخلها، كما هو حاصل مع الانتخابات الأبدية في إطار السلطة التي انتهت مدتها من عام 2006؟ وترفض حماس تجديدها إلا بشروطها؟ كما ترفض انتخابات البلديات والنقابات والجامعات في غزة؟
تضع "حماس" بالإضافة (للحجم) عبر الانتخابات المنتهية صلاحيتها، تضع انتصارات غزة (الحروب الثلاثة المدمرة) على رأس الرمح باعتبارها قائد المقاومة ووكيله عدا عن السياق الإسلاموي-كما أسلفنا- في عقلية استخدام مصطلحات اسلامية بشكل مغلوط كليا مثل: التمكين والولاء والبراء، وعقلية الإقصاء (وهي الفكرانية غير السياسية) أي عقلية الفسطاطين أي (المعسكرين/البديلين/المنهجين/أبيض واسود/الشر والخير...) التي تنكر الآخر ولا تعترف به البتة إلا في سياق مناكفات ومماطلات الى أن يصبح التمكين في غزة منصة للتمكين (وهو ذاته الانقلاب) في المنظمة، أو بديلها الذي عملت عليه في فترات سابقة ولم ينجح معها، فهل ننجحه نحن؟
ورغم عدم إجابة خالد مشعل في خطابه الأخير على سلسلة من الأسئلة بالامتناع والقفز لمواضيع أخرى إلا أن دعوات مشعل الايجابية لتطبيق الاتفاقيات التي منها إعلانه الالتزام بالشكل القادم لمنظمة التحرير الفلسطينية المتفق عليه، تعد أرضا صالحة لاستمرار الحوار، ولكن إن نظرنا لواقع الأمر على الأرض في سلطة "حماس" في غزة خاصة، نرى أن مثل دعوات السلم الأهلي الايجابية التي يطرحها مشعل وأحمد يوسف على سبيل المثال هي دعوات لا حظ لها من الحياة.
دعوات الوحدة بين أبومازن ومشعل
نحترم دعوات الرئيس أبومازن المتكررة لفصيل "حماس" (وقبله سعي ياسر عرفات الحثيث لإدخالهم المنظمة بلا مردود) التي كان آخرها أن يتفضلوا للانتخابات التشريعية والرئاسية ما لم يفعلوه، إذ طلب أن يوقعوا موافقتهم فأبوا، وان "يمكنوا" حكومة التوافق فأبوا، وأن يسلموا المعابر فأبوا، وأن يجروا انتخابات البلديات فأبوا، وأن يوقفوا سيل الضرائب على ظهر سكان القطاع فأبوا...الخ من سلسلة الإباء، ومع ذلك لم يكلّ او يتعب الفتحاوي في تواصله بالتقدم بالمبادرات على ظهر حمال الأسية عزام الأحمد (الذي ينال من التعريض من حماس حظا وفيرا) لجذب "حماس" حتى اليوم والى إطار المجلس ذاته الذي ينكرونه وينفرون منه.
هل نتفاءل بدعوة خالد مشعل من أيام للوحدة الوطنية والحوار وإعادة بناء المنظمة؟ وهو الذي يتلفّع مؤخرا برعاية جديدة؟ وهل نتفاءل أنه انتقى كلمات خطابه بدقة كان الأجدر بزملائه بالقيادة والناطقين الحمساويين أن يتعلموا الأدب منه في اللفظ والتعبير, بغض النظر عن اختلافنا مع بعض المضمون، فلا يكفّرون ويخوّنون ويتهمون؟ هل نتفاءل أم تعود (ريما لعادتها القديمة)؟ بعد وقت ليس طويلا؟
ستنعقد اليوم أو غدا، بعد شهور جلسة المجلس الوطني-ما يجب أن يكون من زمن طويل وبشكل دوري ما نؤكد عليه- فهل ستحضر "حماس" لا أعتقد، فهي البديل فكيف تحضر؟ وآمل أن اكون مخطئا فتحضر، سينعقد المجلس خلال مدة قصيرة رغم ما شاب دعوات الانعقاد في شهر أيلول عام 2015 في البداية من ضعف شديد بالدعوة لجلسة طارئة (خاصة) أظهر ارتباك حركة "فتح" والوضع الفلسطيني والعربي عامة، إلا أن تصليح المسار الى جلسة عادية كان يجب احترامه وتقديره والبناء عليه كمقدمة لإعادة بناء جسد المنظمة وتفعيلها بعد هذه الدورة للمجلس، ولكنه بدلا من ذلك بدأت المعاول تهدم في جسد الفعل الوطني الساعي للملمة الأمور ولو بالحد الادنى.
إن خطوة عقد المجلس الوطني الفلسطيني المتوجّب أن تتم ما طال انتظارها بحقّها، والتي أهملت لسنوات طوال ما كان خطأ كبيرا، ورغم ذرائعية عقدها بالبداية كما يثير البعض، ورغم عدد من الخطوات المتعثرة التي أدت إليها، هي رغم كل ذلك خطوة يجب أن تتم بأناة وتروي لتكون مقدمة حقيقية لإعادة تفعيل وبناء المنظمة كمؤسسة حقيقية عبر رفدها بكفاءات وقيادات جديدة فاعلة ومن الجيل الشاب بل والمؤسسات الشبابية من جهة، وفي أمد عام واحد أو اثنين للدورة التي تليها، وعبر برنامج سياسي نضالي وحدوي شامل، ونظام داخلي يتضمن عدم أبدية عضوية المجلس وقصرها على 5-6 سنوات مثلا، وعبر إعادة الهيمنة للميثاق الوطني الفلسطيني وعبر السعي الجاد لمهمة الوحدة الوطنية مع جميع فئات المجتمع ومؤسساته التي تجاوزت تركيبة المنظمة الحالية والتنظيمات، وكذلك الأمر في إعادة تشكيل المجلس بالانتخابات المباشرة لا سيما في فلسطين ليكون التمثيل القادم حقيقيا بلا أدنى شك، وتوافقيا أوعبر النقابات والمنظمات والمؤسسات الشعبية، والمنظمات غير الحكومية الفاعلة والجاليات خارج فلسطين.
إن منظمة التحرير الفلسطينية ليست إطارا فكريا مغلقا أو فكرانيا (أيديولوجيا) تحاول هذه الحركة أوالفصيل أن تبني فيها سياقها الفكراني فتدجنها أو تنقلب عليها ضمن منطق (التقدمية) أو (التمكين) الاقصائي، وليست إطارا حزبيا محدودا، وليست ملكا أبديا لحركة فتح أو للشعبية أو للجهاد أو لحماس او لغيرها، بل هي بناء لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج فهي بوضوح منظمة التحرير الفلسطينية فلا تلزم أحدا بفكره السياسي إلا بمقدار الاتفاق على الأهداف وعبر المجالس، وهي لا تلزم أحدا بفكره الديني أو مذهبه أو اتجاهه أبدا ما نخشى الوقوع به حال الانقلاب فيها وعليها، وإنما هي كما نؤكد إطار مؤسسي سياسي إداري نضالي جامع لكل من ودع الصمت وسعى لتحرير فلسطين.
مفاجآة الرئيس عباس
بقلم: سفيان ابو زايدة عن وكالة سما
من غير المعروف ما هي المفاجآة التي سيفجرها الرئيس عباس خلال خطابة امام الجمعية العمومية للامم المتحدة نهاية هذا الشهر. و من غير المعروف ايضا ما مدى تأثير فشل انعقاد جلسة المجلس الوطني على فحوى هذه المفاجآة. و لان من الصعب الاعتماد على تصريحات القيادات الفلسطينية المختلفة و التعامل معها كمُسلمات، حيث وفقا للتجربة هناك من لا يقول الصحيح و ربما يقول عكسة تماما, وهناك من هو غير مطلع على ما يجري او ما سيجري و لكن هذا لا يمنعه من الادعاء بأنه يعلم. ما هو اكيد بأن الرئيس عباس سيلقي خطابا يعكس فيه حالة الاحباط نتيجة الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. بلا شك سيتحدث مطولا عن ممارسات المستوطنين و التي ذروتها حرق عائلة دوابشة حتى الموت .
سيتحدث عن تنصل اسرائيل وحكومة نتنياهو اليمينية من عملية السلام و حالة الاحباط و اليأس التي يعيشها الفلسطينيون وحقهم في انهاء آخر احتلال في العالم. القدس و الاجراءات الاسرائيلية هناك ستأخذ نصيبها من هذا الخطاب ايضا . سيكون هناك الكثير من التصفيق و ربما وقوفا تعاطفا مع القضية الفلسطينية حيث الاجواء في الجمعية العمومية دائما مؤيدة و متعاطفه مع الفلسطينين .
المهم بعد كل هذا الخطاب السياسي و العاطفي المؤثر سيكون الجميع في انتظار المفاجآة التي تحدث عنها الرئيس عباس او تحدثت عنها بعض القيادات الفلسطينية و التي قيل انه سيفجرها في الامم المتحدة نهاية هذا الشهر . و فقا لما يدور من تمتمات فأن الرئيس قد يعلن عن " فلسطين دولة تحت الاحتلال" و ربما يذهب اكثر من ذلك بالاعلان عن انهاء اتفاقات اوسلو او ما تبقى منها و اهمها بالنسبة لاسرائيل وهو التنسيق الامني. اذا ما حدث هذا الامر فعلا ، كيف ستكون الترجمة العملية لهذا الاعلان و كيف سينعكس ذلك على منظومة العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية المتشابكة منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو قبل عقدين من الزمان، و الاهم من ذلك كيف ستكون ردود الفعل الاسرائيلية على هذه الخطوة؟
رسائل الاسرائيلين العلنية حتى الان هي بأن شيء لم يتغير. يبررون ذلك بأن مصالح الكثيرين من قيادات السلطة ستتضرر نتيجة اي تغيير في الوضع الحالي، لذلك كل ما يقال عن حل للسلطة ووقف للتنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي هي من وجهة نظرهم ووفقا لتقديراتهم و ربما معلوماتهم بانها تهديدات فارغة من اي مضمون. بمعنى، على الاقل من الناحية الاعلامية و العلنية اسرائيل لا تتعامل بجدية لا مع تهديدات الرئيس بالاستقالة و رمي مفاتيح السلطة في وجه اسرائيل و لا مع التهديدات بوقف التنسيق الامني. هذا لايعني ان لا يوجد نقاش امني و سياسي معمق في الاوساط الاسرائيلية للتعاطي مع هذا السيناريو المظلم بالنسبة لهم، و لاشك ان خلال الاجتماعات الدورية مع قيادات السلطة يحرصون على ايصال ما يريدون من رسائل احيانا تصل الى حد التهديد المبطن و في بعض الاحيان قد يكون مباشر.
حتى الان بالنسبة للاسرائليين ، ما يعتقدونه بأن التهديدات سواء كانت باعلان دولة فلسطين او انهاء اتفاقات اوسلو ووقف التنسيق الامني او استقالة الرئيس عباس هي حتى الان تصريحات بدون رصيد و بالنسبة لهم ليست اكثر من رسائل لم يعد لها اي تأثير ،سيما انها تسمع و ترسل منذ ثلاث سنوات على الاقل وهي ليست اكثر من مجرد رسائل يراد ايصالها للامريكان و الاوروبيين و العرب من اجل الضغط على اسرئيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية و خاصة اجراءاتها في القدس و العودة الى طاولة المفاوضات ، اي بمعنى تهديدات غير جدية و لن يكون لها اي ترجمة عملية على ارض الواقع. مع ذلك مهم للاسرائيلين ما سيقوله الرئيس عباس في الامم المتحدة، ومهم جدا الصيغة التي سيتحدث بها هناك عند الحديث عن قرارات للقيادة الفلسطينية، و الاهم من كل ذلك مدى ترجمة هذه القرارات على ارض الواقع.
اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال و مطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ هذ القرار قد لا يغير كثيرا في الواقع و يستطيع نتنياهو وحكومتة ان يتعايشون مع ذلك. التهديد باعادة النظر في اتفاقات اوسلو و التنسيق الامني ، ايضا قد لا يكترثون له كثيرا، لان اعادة النظر قد تستغرق سنوات. اما اذا كان هناك قرار بوقف التنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي ، هنا تكون كل قوانين اللعبة قد تغيرت، وتكون بالفعل انتهت مرحلة و بدأت مرحلة جديدة.
الخيارات الاسرائيلية قد تكون متعددة و ردود الفعل ستكون بنفس الرتم الذي سينفذ فيه الفلسطينيون تهديداتهم. السيناريو الاصعب بالنسبة للاسرائيليين هو ان يؤدي ذلك الى انهيار السلطة و تحمل مسؤلياتهم كسلطة احتلال ، حيث عبر يعلون بشكل واضح انهم لن يتسلموا المفاتيح مرة اخرى و سيبجثون عن خيارات اخرى . يعلون و المؤسسة العسكرية التي يرئسها يدركون ان السيناريو الاكثر سوداوية بالنسبة لاسرائيل هو حل السلطة و الالقاء بمفاتيحها في وجوههم مرة اخرى بعد الوقف الفعلي للتنسيق الامني. هذا على الرغم انهم يتظاهرون بانهم لا يخشون هدا الخيار و جاهزين للتعاطي معه اذا ما كانوا مجبرين على ذلك.
ما لا يدركه الاسرائيليون ان هناك شعور عام لدى الكل الفلسطيني ، وبغض النظر عن طبيعة المفاجآة التي سيفجرها الرئيس نهاية الشهر ، و بغض النظر عن بعض تصريحات القيادات الاسرائيلية الاستفزازية التي تقول ان منظومة المصالح الخاصة لبعض القيادات الفلسطينية من اصحاب النفوذ و القرار ستجعلهم يفكرون عشرات المرات قبل الاقدام على خطوات من شأنها تغيير الوضع القائم، وخاصة التنسيق الامني . على الرغم من ذلك، الشعور العام ان مرحلة قد اوشكت على الانتهاء و ان مرحله جديدة اصبحت على الابواب.
ليس هناك تقدير او وضوح رؤيا عن طبيعة المرحلة الجديدة المقبلة ، لكن ما هو واضح ان الجميع ، كل بطريقته ووفقا لحساباته و مصالحه و مستوى تأثيرة بدء يجهز نفسه لهذه المرحلة.
من التعجيل إلى التأجيل
بقلم: محمد السهلي عن وكالة pnn
الحالة الفلسطينية أمام فرصة ثمينة لتنفيذ قرارات الحوارات الوطنية السابقة ذات الصلة بمنظمة التحرير ومؤسساتها
على نحو استثنائي، بات صندوق بريد رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني عامرا بـ«الصادر والوارد» بعد سنوات طويلة بدا فيها المجلس أشبه بصرح قديم يذكر بما غبر من أمجاد الثورة والنهوض الوطني الفلسطيني.
باكورة الرسائل جاءت من اللجنة التنفيذية تطلب عقد دورة غير عادية للمجلس وأشفعت طلبها باستقالات عشرة من أعضائها من بينهم رئيسها، كموجب لعقد الدورة. وفيما كان «المطبخ الفلسطيني» يدفع باتجاه إعادة انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، قالت رئاسة المجلس بأن هذا من اختصاص الدورة العادية ومن ضمن جدول أعمال متكامل، ودعت إلى عقد الدورة منتصف الشهر الجاري.
ومع ضيق الوقت المتاح والتهرب من تشكيل لجنة تحضيرية شاملة وانكشاف النوايا المبيتة وراء تسريع انعقاد المجلس، شهدت موضوعة المجلس وانعقاده تفاعلات فلسطينية وإقليمية نشطة كانت حصيلتها الإعلان عن تأجيل الموعد المقرر وعقد اجتماع أخر خلال ثلاثة شهور، وبذلك يطل السؤال الشهير… ما العمل؟
نادرا، ما تنطبق أمثولة «الضارة النافعة» على الحالة الفلسطينية مع تكرار مسلسل إضاعة الفرص. لكن يمكن القول في هذه المرة أن موضوعة المجلس الوطني الفلسطيني وانعقاده أصبحت في الواجهة، والنقطة الإيجابية الأولى أن التأجيل لم يصدر في خانة «إلى إشعار آخر». وهذا يعني أن الحالة الفلسطينية أمام فرصة ليس من السهل تعويضها في جعل موضوعة المجلس مدخلا لتنفيذ قرارات الحوارات الوطنية السابقة ذات الصلة بمنظمة التحرير ومؤسساتها.
وبعد أن أكدت مجريات الأمور خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن فك وتركيب الهيئات والمؤسسات الوطنية والجهوية أعقد بكثير مما اعتقده «المطبخ الفلسطيني»، يتضح أن المصلحة الوطنية العليا تستوجب القطع مع الحسابات الخاصة المحكومة بالهواجس، وبالتالي التوجه نحو انعقاد المجلس الوطني بخطوات واضحة وجامعة. بدءاً من تشكيل لجنة تحضيرية شاملة لا تستثني أحدا.
وهذه الصيغة – فقط – تصلح لأن تضع جميع مكونات الحالة الفلسطينية أمام امتحان الوحدة وإنهاء الانقسام – وبهذه الصيغة – فقط – تمتلك الشرعية الفلسطينية سلاحها الشعبي والسياسي. وبهذه الصيغة أيضاً يكون الصدى الإقليمي العربي إيجابياً تجاه الحراك الداخلي الموحد لتصويب الوضع الفلسطيني الملبَّد بالأزمات المركبة. وربما من المؤشرات الإيجابية تجاه موضوعة المجلس الوطني أن الجهود لتصويب الدعوة لانعقاده لم تنحصر خارج حركة فتح بل كانت هيئات الحركة القيادية في موقف ضاغط باتجاه التصويب وعدم الانفلات باتجاه العبث بالمؤسسات والهيئات. ولعبت في هذا المجال القوى والفصائل اليسارية والليبرالية دورا مؤثرا في كبح الانجرار نحو الزج بالمجلس الوطني بمعارك جانبية مدمرة على خلفية الحسابات الخاصة.
وإذا كان تشكيل اللجنة التحضيرية الشاملة مدخلا واجباً لانجاح أعمال المجلس، فإن اللجنة التنفيذية للمنظمة معنية – كاملة – بالاعداد – تحت إشراف التحضيرية – لعقد الدورة القادمة للمجلس بما يكفل نجاحه بدءاً من إعداد التقارير السياسية والاقتصادية والأمنية التي تضع المجلس في صورة المسار الذي انشغل عليه الفترة الماضية في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة استتباعا. وتظهير قرارات المجلس المركزي وخاصة في دورته الأخيرة ووضع «الوطني» أمام إجابات واضحة عن عدم تنفيذ قرارات «المركزي».
ومع توقف المجلس الوطني خلال السنوات الطويلة الماضية عن الحياة السياسية والبرلمانية تآكلت لجانه المتخصصة وبعضها اندثر تقريبا، ما يوجب إعادة انتخابها وتعزيز صلاحياتها. ومن هذا المدخل يمكن تفعيل عضوية المجلس التي عاشت حالة أقرب من التقاعد (غير المبكر) لذلك فإن التوافق الوطني الجامع حول عضوية المجلس والآليات الضرورية لتجديدها مسألة هامة ربطا بالهدف الوطني من انعقاد دورته القادمة المفترضة.
هذا يعني أن الجهود التي بذلت ونجحت في تصويب الطريق نحو المجلس الوطني والأهداف المتوخاة من انعقاده، هي المعنية بالدرجة الأولى كي تدفع بقوة لتشكيل ورشة عمل وطنية بإسناد شعبي كي نتقدم على طريق حل إشكالات أهم المؤسسات الوطنية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لدوره السياسي والتشريعي والرقابي.
وما يضع الأمر في خانة الانجاز في حال توافرت الإرادة السياسية تلك القرارات التي صدرت عن محطات عدة من الحوار الوطني الفلسطيني ، لذلك، لا تبدأ الحالة الفلسطينية من نقطة الصفر في تصويب أوضاعها الداخلية مع انقضاء نحو عشر سنوات من الحوارات الشاملة.
في المقابل، لا نعقتد أن السكة مفتوحة تماما نحو تحقيق الهدف من اجتماع المجلس الوطني وتوفير عناصر النجاح لأعماله، حيث الخيارات السياسية واتجاهاتها هي ما يحدد التوجه نحو المؤسسات الوطنية والنظر إلى دورها ومدى فاعليتها في المشهد السياسي الفلسطيني. لأن تفعيل هذه المؤسسات وانفتاح الأفاق أمام دورها الوطني لا بد أن يرتبط بانتهاج سياسات تعيد الاعتبار إلى البرنامج الوطني التحرري، وبدون ذلك، ستعود المؤسسات الوطنية إلى الانزواء والانطواء وتكرر تجربة السبات التي تتناقض مع الحد الأدنى من متطلبات مواجهة الاحتلال والتقدم على طريق تجسيد الحقوق الوطنية في العودة والاستقلال الناجز.
وبدون إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري ستدخل المؤسسات الوطنية في حالة من البطالة تتيح للمطابخ الصغيرة أن تنتعش على انقاض مبادئ الشراكة الوطنية والقواعد والأسس التي قامت بموجبها منظمة التحرير الائتلافية ومؤسساتها.
وبدون ذلك، ستتصدر السلطة الفلسطينية وحدها المشهد السياسي مع كل القيود التي تكبل الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وتزيد من معاناته اليومية تحت الاحتلال.
مهام كثيرة ملحة على أجندة العمل الوطني لا يمكن انجازها على نحو جدي من غير إعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية وفي المقدمة المجلس الوطني وهيئاته المختلفة.
التأجيل خطوة متقدمة نحو الأمام، على أن تكون مدخلا واضحا لانعقاد المجلس الوطني قريبا بما يكفل بدء مسيرة الإصلاح في النظام السياسي الفلسطيني الذي تعقدت أزماته وبات يصدر «الجديد» منها مع استمرار الوضع على ما هو عليه…