Haneen
2015-12-13, 12:56 PM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.gif
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg
<tbody>
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
</tbody>
المواقع الإلكترونية الموالية لتيار دحلان
عنــــاوين المقــــــــــالات:
v قل خيرا أو..بلاش!
امد / حسن عصفور
v آليات التقاعد المبكر!!
الكرامة / د.هشام صدقي ابويونس
v " شبابنا واليوم العالمي للشباب "
صوت فتح / عبد العزيز الحيلة – أبو جهاد
v د. محمد مصطفى.. قبضة المال
امد / بثينة حمدان
v مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها
صوت فتح / د. حنا عيسى
v مأزق "حماس" و"السلفية" في غزة ؟ (3/3)
امد / بكر أبو بكر
v مَن يُعيق اصلاح النظام السياسي الفلسطيني ؟
امد / أ-د/ إبراهيم ابراش
v الصراع الفكري، والعلمانية
صوت فتح / طلعت الصفدي
v حقيقة الخلاف بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية
امد / د. مصطفى يوسف اللداوي
v غزة تحت رحمة الحر والكهرباء وماذا بعد ؟!
الكرامة / رمزي النجار
v قانون التغذية القصرية للأسري الفلسطينيين مذبحة صهيونية
امد / د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
المقــــــــــــــــــــــــــ ـــــالات:
قل خيرا أو..بلاش!
امد / حسن عصفور
بين حين وآخر، يصر البعض المسؤول في "بقايا الوطن"، من الحديث بطريقة تفرض على الانسان التفكير هل يقرأ هذا أو ذاك ما تلفظ به، تحت بند تصريحات، بعد أن يتم نشرها في مختلف وسائل الإعلام، والتي باتت حاضرة بقوة طاغية، وإن حدث وعاد لها لا نعرف ما سيكون الشعور، هل سيصاب بـ"حالة غثيان" كما هو متوقع من غالبية من قرأ أو إستمع أو سمع لها..وربما يصاب بنوبة بكاء نظرا لما قرأ سخافة وسذاجة وعبطا..
موظف سام كبير بدرجة وزير أو ما يماثل، يتحدث عن أنه بدأت "الترتيبات" للذهاب الى مجلس الأمن من أجل إنتزاع قرار" يضع نهاية للإحتلال الاسرائيلي..ليتزامن معه، وبذات التوقيت مسؤول شريك له، نظريا في مكان "سمع القرار"، الى أن هناك "مشاورات ترمي الى معرفة مدى "جهوزية أو إستعداد الدول لمناقشة قرار في مجلس الأمن حول انهاء الاحتلال"، ليخرج عليك ثالث، صاحب الخبرة الأوسع في "إنتاج اللغو السياسي"، بأن "القيادة" ستبدأ الاتصال بالشقيقة الأردن للإتفاق على "كيفية الذهاب" الى مجلس الأمن..
فيما يقفز الى "المشهد" آخر ليعلن بشكل حاسم جدا، وبـ"ثقة يحسد عليها"، قولا فصلا، ان "القيادة" - لم يعد معلوما لها تعريف – ستفكر في القريب العاجل بتنفيذ قرارات المجلس المركزي، ومنها وقف التنسيق الأمني..
وما أن تخرج من صدمات اللغو ذاك، لتصعق بتصريح لمنصب سامي في فصيل مركزي، يقسم ان الرئيس عباس باق في "مناصبه"، وأن الحديث عن "خلافته ليس سوى أمنية إسرائيلية"..
وتظن أن "شهرازد طلع عليها الصباح لتسكت، ولكن لا شهرزاد ولا شهريار بكل ما لهما من سطو وقوة قادران على وقف ما لا يقف "عكا سياسيا"، ففجأة يخرج عليك "مجاهد اسلاموي" ليعلن باسم الله والمقاومة والشعب وأي مارق طريق، ان حركته "المجاهدة" إنتهت من بناء "جيش تحرير فلسطين والقدس"..وطبعا من شدة الحماس نسي أن يخبر الإمة عن ساعة الصفر ليبدأ "التحرير العام والشامل"..
وبالتزامن معها، تنتشر مقولات أن "باب جهنم" سيفتح على دولة الاحتلال، إن هي استمرت في المضي قدما بارتكاب جرائمها أو تدنيس المقدسات، بل أنها ستدفع الثمن مضاعفا لدم الرضيع ووالده، وانها لن تفلت من العقاب والرد الفوري السريع..
تصريحات لا تحتاج لأن تبذل "جهدا عقليا" لتدرك أنها ليس سوى "طق حنك"، وبلا أي قيمة سياسية وتخلو من أي "صدق"، ولكنها تعكس مدى الاستخفاف الذي انتشر في السنوات الأخيرة بالشعب الفلسطيني، وربما قدرة التحمل التي تميز هذا الشعب يظنها أمثال هؤلاء المستخفين بأنها "استسلام" تتيح لهم المضي قدما في نهج "الاستغباء العام"..
تصريحات كتلك ليست سوى انعكاس لحالة فراغ سياسي حقيقي لفصائل أصحاب الأقوال، بل وتعبير عملي عن "العجز الكلي" لمواجهة الواقع بما فيه والرد عليه، صورة تعكس شكلا من اشكال "الهزيمة الكامنة" أو "الشلل الفعلي" أو "الخوف الكبير" الكامن بداخل مطلقي نظريات "الرد قادم" و"باب جهنم سيفتح"، و"سوف نبدأ" و"سنعمل" و"نفكر"..
وما يتجاهله كل هؤلاء أن الشعب الفلسطيني يعلم يقينا، انهم ينطقون كذبا كما يتنفسون، لأن من يريد أن يفعل لا يتحدث بمثل تلك "الصيغ المجهولة" ..
ليت لهؤلاء أن يتابعوا بعضا مما قالته مجموعات شبابية قبل ايام فقط، لتواجهة "مؤامرة الإونروا"، دون شعارات ضخمة جدا، وبلا أي لغة تهديدية أعلنت أنها بدأت في تنفيذ الرد على تلك المؤامرة..خطوات قد تبدو بسيطة غير حاسمة عند "أصحاب الكلام الكبير"، لكنها خطوات بدأت لتستمر، وهم يؤمنون أن الفعل الكبير يبدأ بخطوة..هكذا تعلموا من مسار الكفاح والثورة..القول والفعل متوازيان..
لذا ومن أجل أن يبقى بعض "الاحترام" لتاريخ فصائل المتحدثين ولهم شخصيا، ليتهم يأخذون "هدنة كلام" أو "فترة صمت" تريح الناس وربما تريحهم أيضا..
هل هذا كثير !
ملاحظة: قرار المحكمة الأميركية بتدفيع منظمة التحرير والسلطة 655 مليون دولار عقوبات، هل من مسؤول يحترم الناس ويحكي لهم شو القصة..أم هذا يحتاج لبحث وتفكير وترو..مصارحة الناس والله ليست عيبا ولا نقيصة..
تنويه خاص: رحل نور الشريف..فنان عشقته فلسطين لأنه عشقها كما لم يعشقها غيره من أهل الفن..نور ذهب وهو يعلم أن شعب الجبارين يحفظ له كل ما قدم لقضيته وأمته وعروبته..سلاما ايها الشريف!
آليات التقاعد المبكر!!
الكرامة / د.هشام صدقي ابويونس
اجزم ان جميع ما تم توظيفهم منذ دخول السلطة الوطنية او الذين عادوا معها سيتم تقاعدهم بحكم القانون في مدة 7 سنوات علي الأقل إلا من كان حديثي السن وهم قله بمعني تحصيل حاصل سيكون هناك متقاعدين ولكن ما يتم نشره واتخاذه من قرارات بخصوص التقاعد المبكر أتمني يكون وفق القانون الأساسي ولا يستحدث قانون جديد للذين تقل أعمارهم عن السن القانوني وهو الستون عاماً وهم لا زالوا في ريعان شبابهم أو من يحملون درجات علمية ومهنية عالية لأنني بكل صدق سأجن بل سنجن جميعاً إذا لم يعرف الوطن حقه اتجاهنا وحقوقنا اٍتجاه هذا الوطن .فحق الوطن علي موظفيه كما تعارفت علية الأمم عندما تريد أن تقاعد موظفيها سواءً العسكريين أو المدنين الذين يتجاوز أعمارهم الستين عاماً قضوها في خدمة العمل وبناء مؤسسات الدولة التي تحملوا علي كاهلهم سنوات طوال من البناء عليهم ووفق السن والقانون وإعطاء فرص للأجيال اللاحقة لان البقاء لله وحدة تقوم بمنحهم تقاعد وبعدها يتم تكريم وإجلال المتقاعدين بعد أن خدموا الدولة هذه السنوات الطويلة التي قدموا فيها لأوطانهم زهرة شبابهم فتكافئهم بالرواتب التقاعدية والتأمينات الصحية التي تحافظ على كرامتهم وتوفر لهم حياة كريمة هذا ما يحدث في الأمم التي تحترم موظفيها المتقاعدين ليس لأنهم خدموا مدة طويلة بل على الأقل لآدميتهم .إلا انه في الواقع في بلدنا يتم تفسير هذه الكلمة بشيء واحد فهي تتكون من جزأين (‘موت) و(قاعد).يعني حتى ممنوع تموت (واقف) أو(نايم) لازم تموت وأنت قاعد لأنها هي قرار حكومي للذين أعطوا أعمارهم لهذا البلد الذي نتغنى به دائماً ونرفع شعاراته.لان قصة معاناة الموظفين اجزم بأنها بدأت بعد الانقسام الأسود المرير والذي نتمنى ان ينتهي إلي غير رجعة فهناك التزم ألاف من الموظفين بقرار من شرعيتهم إلي الجلوس في البيوت وهم ليس مستنكفين ولا رافضين ولا مستكبرين عن العمل بل معتكفين عن الفتنة وملتزمين بما صدر إليهم وشيءً فشيءً تحولوا إلي قاعدين وتحملوا ذلك كما تحملوا بناء الوطن لسنوات والكثير منهم ضحي بحياته إما أسيراً أو مقاتلاً في خنادق المعارك في الشتات ومنهم صاحب علم وفكر وكارزمه ومنهم من قام ببناء مؤسسته حجر حجر. فالتقاعد المبكر الذي يتم تداوله اليوم ما هو إلا إجحاف بالموظفين بصفة عامة والذين التزموا بقرارات مركزية من الشرعية بصفة خاصة او من بلغت خدمتهم ال 18 عام كما يروج له حسب وسائل الإعلام . فاليوم نسمع ونقرأ سيتم تحويلهم من قاعدين إلي متقاعدين وغداً إلي (مات قاعد) وهم في ريعان شبابهم فالمتعارف عليه علمياً ونفسياً إن من سن الأربعين وما فوق يبدأ النضوج الفكري وتبدأ الثورة الفكرية وتبدأ حكمة القيادة إلا في وطننا فيبدو أن يجلس الفكر وتجلس الكارزمه ويجلس أصحاب العلم في البيت حتي تموت وهيا قاعدة، وحتي يتم جني المبالغ الطائلة التي تجبيها مؤسسة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وحتي تستريح الموازنة العامة وتنتعش حصة التأمينات التي لا تدفع المبالغ التي حصلتها من الموظفين طيلة خدماتهم إلا بعد تجاوز خدمتهم 18 عاماً (التقاعد المبكر) أو ببلوغهم الستين (التقاعد النظام) فيصبح بعدها المتقاعدون ممنوعون من التقسيط أو الإقراض أو حتى من التكريم . والمتقاعدون ليس لهم وجود في حفلات الدولة الرسمية وحتى الرياضية والترفيهية. هم ناس (بلا صلاحية) لأن بلادهم قد (مصت) دماءهم. هم فقط لحم وعظم وآهات.. لكن دول الحضارات المتقدمة المتقاعد.. هو أول ضيف للدولة وفي الصفوف الأمامية في مناسباتها الرسمية.والمتقاعد.. يذهب البنك والمصرف إلى بيته..والمتقاعد.. يذهب إليه الطبيب والإسعاف وحتى غرفة نومه والمتقاعد.. له سعر مخفض في مخازن الأغذية والطيران.إلا في بلادنا العربية له الخيار تذهب إلى المسجد أو المقبرة (مُت قاعد.) وإذا فعلا تم تطبيق التقاعد المبكر كما يروج لهذا القرار حلياً والموظفين لازالوا في ريعان شبابهم وعقولهم وعلمهم وفكرهم فسيصبح بدل التكريم والاحترام وتوفير سبل العيش والراحة سيصارع المتقاعد من أجل البقاء على قيد الحياة، فلذا من حقهم أن يبقوا في أماكن عملهم وإعطائهم الرغبة في الاستمرار أو عدمه وليس إرغامهم علي التقاعد ومن ثم ذهابهم إلي المقابر (موت القاعد) بعد إصابتهم بالجلطات والأزمات القلبية واللوثة العقلية هذا ليس من باب الشفقة ولكن من باب الواجب الذي ينبغي أن يؤدى لهم وليس لسواهم، ومن واجبات الوطن اتجاههم لما قدموه له من تضحيات جسام لا تقدر بثمن . فنتمنى كل ما سمعناه عن التقاعد المبكر ما هو إلا نسيج من الخيال ولا أساس له من الصحة وما هو إلا إعلام فقط لأنني أخشي ما أخشاه أن أستيقظ ذات صباح وأجد ألاف من الموظفين سيتحولون من قاعد إلي متقاعد...ألي مُت قاعد.
كاتب ومحلل في الاقتصاد السياسي
" شبابنا واليوم العالمي للشباب "
صوت فتح / عبد العزيز الحيلة – أبو جهاد
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12" آب / أغسطس" من كل عام يوما دولياً للشباب ، وذلك إقراراً وتقديراً من المجتمع الدولي لأهمية وتأثير دور الشباب في تحديد مسار وطبيعة التنمية البشرية للمجتمعات والأمم على مر العصور والحضارات المتعاقبة ، وقد تم أقرار هذا اليوم كمناسبة عالمياً خاصة بالشباب من قبل الأمم المتحدة بتاريخ "17 ديسمبر/عام 1999م " وذلك بناء على التوصيات التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسئولين عن الشباب في دولهم والمنعقد بمدينة لشبونة في صيف 1998"م" .
وفي كل عام يتم اختيار موضوع ما للاحتفال به في هذا اليوم ، وموضع احتفال عام 2015" م " ، سيكون تحت عنوان - إشراك المواطنين الشباب –
فمشاركة الشباب في صناعة ورسم الخطط والبرامج والاستراتيجيات العامة وكذلك إشراكهم المباشر في إدارة شؤون الدولة هو أمر ضروري ومهم لتحقيق تنمية بشرية حقيقة تخدم النهضة الشاملة والمتكاملة للأوطان ، ومع ذلك فالمجالات المتوفرة والمتاحة أمام الشباب للمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي محدودة جدا إن لم تكن معدومة للغاية .
وتشير الإحصاءات الرسمية إن نسبة الشباب من سن (15/29) في فلسطين بلغت (30%) من المجمل العام للمواطنين،علما بأن تقديرات ومعطيات جهاز الإحصاء المركزي تفيد بان عدد السكان الإجمالي منتصف عام 2013) ) بلغ (4.42) مليون نسمة، حيث يظهر التوزيع العمري للسكان أنا المجتمع الفلسطيني هو مجتمع فتي وشاب وسيبقي لفترة زمنية طويلة مجتمعاً فتيا .
لكن رغم الأكثرية الاجتماعية للشباب مازال الشباب الفلسطيني يعيش ظروفاً استثنائية قاسية ، وتحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة ، تحول دون مشاركته الفعالة والحقيقة في عملية التنمية العامة للبلاد ، وذلك في ظل المتغيرات المتلاحقة والسريعة والمنعطفات الحادة التي تشهدها الساحة الفلسطينية بشكل دائم ، ومما لا شك فيه إن التحولات السياسية بالتحديد ، ساهمت وبشكل مباشر وكبير في تغيب دور الشباب عن مجمل المشهد العام بكل تطوراته .
ومازال الشباب الفلسطيني رازح بين المطرقة والسندان ، مطرقة الاحتلال المدمر لكينونتنا البشرية ، وسندان ضعف الإمكانيات المادية وغياب البرامج والمشاريع و الرؤية الواضحة والصادقة تجاه القضايا الوطنية ، التي تهدف إلى صناعة جيل شبابي ريادي قادر على مواجهة التحديات المستقبلية بكل قوة وثبات ، وحينما تكون روح المسؤولية عالية لدي قاده شعبنا تجد هناك حلول إبداعية للتغلب على كل المعيقات والحواجز التي تمنع تقدم وتميز شبابنا .
وفي هذا السياق نؤكد على أن عمليات البناء والتطور والانطلاق بالمجتمع نحو الأفضل لتحقيق أهداف وأمال وتطلعات الأمة ، يكون عبر المشاركة الكاملة للشباب في العمليات والبرامج التنموية ، لما لدي الشباب من قدرات عقلية ومهارات تواصلية وأساليب فكرية وعضلية تمكنه من تنفيذ أهداف وخطط التنمية وتحقيق غاياتها وبناء الاستراتيجيات الناجحة من أجلها، فالمجتمعات التي تتجه نحو التنمية والبناء تتخذ من الشباب نقطة ارتكاز وانطلاق إلى الإمام للالتحاق بركب الدول المتقدمة والمتطورة حيث يكون دور الشباب طليعي وحيوي في كل مراحل البناء والعطاء .
وفي هذا اليوم ندعو كل الجهات الحكومية والأهلية والخاصة إلى الاهتمام بالشباب وقضاياهم ومعالجة مشاكلهم وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم المشروعة والعادلة والتي هي بالأساس هدف استراتيجي للدولة والأمم
د. محمد مصطفى.. قبضة المال
امد / بثينة حمدان
بيده اليمنى يدير المال، وباليسرى يضع خطط الإصلاح والتنمية في دول العالم النامي، كانت آخرها مبادرته لتعزيز المسار الاقتصادي الفلسطيني بتعزيز القدرات المحلية. تركزت تجربته الواسعة في البنك الدولي. لكن هذا كله لا ينفي أنه لا يجيد القيام بأبسط الواجبات المنزلية كالتسوق من متجر صغير! إنه الدكتور محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، من قرية سفارين، مواليد كفر صور عام 1954.
اتسمت حياته بالانشغال الدائم منذ صغره، لذا فاته الكثير من مغامرات ومشاكسات الطفولة والمراهقة. الرجل صاحب الملامح الجادة والعابسة إجمالاً، هو شخصية يصعب قراءة مشاعرها إلا أنه ودود تسعده أبسط المواقف كوجبة همبرغر، وتبكيه أخرى..
ابن الشاويش
هو ابن الشاويش عبد الله محمد مصطفى الذي كان يعمل في حيفا وابن قرية سفارين قضاء طولكرم المعروفة بأعلى نسبة تعليم في فلسطين والمهجر حسب احصائيات منظمة الأمم المتحدة عام 2010، كما يعود اسم القرية إلى الأسفار والكتب.
ولد محمد عام 1954 في قرية كفر صور حيث هاجرت عائلته بعد نكسة عام 1967 وهي بلدة والدته، وفيها أطلق على العائلة لقب "السفاريني" نسبة إلى مسقط رأسه. محمد هو الابن الأوسط بين إخوته الذكور الثلاثة والخامس بين ستة اخوة وأخوات، ورغم أنه ليس الابن البكر ولا آخر العنقود إلا أنه كان الطفل المدلل، ويتهم اخوانه والده دومًا بالتحيز له. ويبدو أنه يستحق ذلك كونه كان طفلاً هادئًا متسامحًا ومتفوقًا، لا يشغل بال والديه، باختصار هو الأقل مشاكل بين اخوته وحياته تسير بسلاسة.
حارس المرمى والسن المكسور
بصعوبة بالغة مستمدة من جديته وتركيزه الذي يبدو وكأنه ملامح عابسة كما يظهر عبر عدسات الكاميرا، بل إن زوجته وصفته بأنه يتصرف كرجل كبير منذ تعرفت عليه وهو في العشرينيات، لذا تحدث عن هواياته صغيرًا بصعوبة، فكان حارس مرمى جيدا في لعبة كرة القدم سواء في فريق المدرسة أو فريق الحي، انكسر سنه الأمامي خلال إحدى المباريات. كان يقضي وقته أيضًا في قيادة الدراجات الهوائية التي يستأجرها وأصدقاؤه ويجوبون بها أراضي لوز وزيتون كفر صور. في المدرسة اعتاد أن يفشي أحد أساتذته له نبأ أنه الأول على صفه، وكانت هذه إشارة واضحة ومباشرة ليجلب في اليوم التالي الحلوان وهو عبارة عن علبة شوكولاتة سلفانا كانت دارجة في ذلك الوقت. اعتاد طوال حياته أن يقضي وقته بين الدراسة والعمل، فأخفق في مهام بسيطة كالتبضع للبيت أو القيام بالواجبات الاجتماعية.
الصحفي الجامعي
بعد النكسة أصبح والد محمد يعمل في الكويت وبعد سنوات التحقت به العائلة، كان ذلك عام 1969 أي وهو في الخامسة عشرة من عمره وفيها أنهى الثانوية العامة، ثم درس هندسة الكهرباء في جامعة بغداد، ولم يعد إلى فلسطين إلا بعد عام 2005، وفي الجامعة كان صحفيًّا هاويًا حيث كرس نشاطاته الجامعية القليلة في اصدار مجلة لطلبة الجامعة، وحتى اليوم يشهد له زملاؤه حرصه على سلامة اللغة ومع ذلك فإنه يعتقد أن لغته العربية تأثرت خاصة في مجال الخطابة كونه عاش في أميركا أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا.
فلسفة القراءة
لا أحد ممن قابلتهم للكتابة عن سيرة حياتهم إلا ويمارسون عادة القراءة، فالكتاب لا يزال هو الجندي المجهول الذي يقف وراء الانتصارات والنجاحات، فها هي طفولة محمد الهادئة والمنشغلة بالدراسة حولته إلى قارئ نهم، حتى إنه كان يضع الكتاب إلى جانبه أثناء لعب الورق وهي هواية تركها ربما منتصف العشرينيات لعدم توفر الوقت. القراءة لديه ليست ذات رغبة أو توجه، فقال: "أقرأ في الأدب والفلسفة والسياسة والاقتصاد، ولم تصبح لدي صبغة فكرية أو فلسفية معينة".
لذا لم يكن لديه كاتب مفضل، سوى في فترة واحدة في حياته حين عاش في العراق، حيث راقت له أفكار عالم الاجتماع العراقي علي الوردي وهو أكثر شخصية برأيه فتحت له آفاقًا جديدة في فهم العديد من القضايا، فالوردي عالم اشتهر بأفكاره العلمانية والموضوعية ومن أبرز مؤلفاته "مهزلة العقل البشري" و"وعاظ السلاطين"، وفيها حاول فهم الطبيعة البشرية المترفة بمنطق اجتماعي.
فاته قطار المراهقة
من منا لم يحب في فترة المراهقة أو حتى أوهمته نظرة ما بقصة ما.. يبدو أن الدكتور محمد مصطفى هو الوحيد الذي لم يفعل ذلك، فكان انشغاله بالدراسة واكتظاظ الأرقام في رأسه لا سيما مع عشقه للرياضيات هو الطاغي في حياته. فعلق قائلاً: "أعتقد أنني سأخيب أملك...". ويبدو أنه "يندم" على ما فاته من مغامرات وسهرات.. لكن رغم أنه لم يعش مغامرات الحب إلا أنه استسلم لامرأة واحدة.
محمد مصطفى.. زوج مرفوض!
عندما تخرج عام 1976 عاد إلى الكويت، وكانت تربط عائلته علاقات مع عائلة زوجته آمال القاق ابنة قرية سلوان التي كانت وقتها لم تنه الثانوية العامة، أعجب بها وقبل أن يقع في الغرام كانت المعادلة الرياضية واضحة بالنسبة إليه: "فتاة جميلة ومهذبة+ عائلة محترمة+ اعجاب= زواج". لكن يبدو أن المعادلات الاجتماعية ليست بهذه الدقة فقد تم رفضه ببساطة لأن العائلة تريد لابنتها أن تتابع دراستها، هذا رغم أنه كان يعمل مهندسًا آنذاك في إحدى الشركات الكويتية.
بعد عامين أعاد محمد طلب يدها وكان قد ترفع إلى مسؤول المهندسين في تلك الشركة. وافقت العائلة ووافقت آمال أن ترتبط بـ: "شاب وسيم، طموح، ومهذب" كما قالت لي وتحولت هذه المعادلات إلى زواج عام 1980 ثم عائلة فيها مصعب ويزن. وحول انشغاله وسفره ومسؤولياته الكثيرة البعد عن الزوجة والعائلة إلى حب وشوق أكثر فأكثر...
الطريق إلى الموسيقى
كان له صديق عراقي تركماني أيام الدراسة هو بطل العراق في لعبة الشطرنج والثالث على مستوى العالم، وهو كان السبب في احتراف محمد اللعبة وتعلم الاستماع للموسيقى الكلاسيكية العالمية، ففي العراق أذهلته فكرة وجود أوركسترا كانت تعزف وقتها خلف مايسترو هولندي مكونة من مئة عازف وعازفة تعزف في وقت واحد وضمن نسق وتناغم جميل.. نقل الهوايتين للعائلة؛ فتعلم ولداه الشطرنج واشتركت العائلة في مركز للفنون خلال تواجدهم في أميركا لحضور حفل موسيقي مرة في الشهر على الأقل.
حظ "بفلق" الصخر.. بثلاثين ألف دولار!
كان أول عمل له هو بعد أن تخرج من جامعة بغداد مهندساً في مكتب استشاري، ثم في شركة مقاولات كويتية - إنجليزية مشتركة، وفيها كانت فرصته وحظه "اللي بيفلق الصخر" حيث كان لمشاكل الشركة والإدارة فوائد عليه فكان أول قرار بعد تغيير الإدارة تعيينه رئيسًا للمهندسين، ليصبح وهو في الخامسة والعشرين مسؤولاً عن ثلاثين مهندسًا ونحو ثلاثمئة موظف وموظفة.
لم يكن المنصب فقط التحدي له بل الكارثة التي وقعت فيها الشركة لتفي بالتزاماتها في أحد العطاءات الضخمة التي رست عليها، حيث لم تصل الشحنة التي كانت مقررة من إسبانيا، وكان المطلوب من رئيس المهندسين الجديد الحل، خلال أيام قدم محمد المقترح بالتعامل مع شركة أميركية تستطيع أن توفر الشحنة المطلوبة وبمواصفات قريبة من المطلوب بعد بحث مستفيض عن شركة تستطيع أن تقوم بالمهمة وهو بحث في وقت لم يكن فيها العم "جوجل" موجودًا! وافق مالك الشركة وسافر محمد إلى أميركا ليتمم الاتفاقية وهناك أكل أول وجبة هامبرغر.
كان المقابل مغريًا مقابل إنهاء أزمة الشركة وهو مكافأة قيمتها عشرة آلاف دينار كويتي –ما يعادل ثلاثين ألف دولار- وهو المبلغ الذي سند العائلة عندما قرر الرحيل إلى أميركا للدراسة لاحقًا، فالدكتور وبصراحة اعترف أنه لم يحب مهنة الهندسة الشاقة وابتسم وهو يشير إلى أنه يفضل ربطة العنق فتحول بدراسته نحو المال والأعمال والاقتصاد.
عمل مصطفى في معهد الكويت للأبحاث العلمية والاقتصادية محللاً ومستشارًا اقتصاديًّا للدراسات والمشاريع، وفيها خاض أولى تجارب الخصخصة التي بدأ الكويتيون يتوجهون لها عام 1989 فساهم وزملاؤه بادخال أول شركة موبايل، وفي إعادة تأهيل قطاع الاتصالات وخصخصة وزارة الاتصالات الكويتية.
كتب طرائف.. هدية للرجل العابس!
بعد سبع سنوات من العمل والنجاح في الكويت قرر أن يتابع دراساته العليا ويترك وظيفته وراتبه المغري ليسافر وزوجته وابنه مصعب إلى أميركا حيث تابعت زوجته دراستها، والتحق هو بجامعة جورج تاون وفور التحاقه ببرنامج الماجستير كان أستاذًا مساعدًا في الجامعة، ثم حصل على درجة الدكتوراة وكان عنوان رسالته: "نظام جديد لدعم اتخاذ القرار في تخصيص الموارد المالية للمشروعات العامة في الموازنة، مع مراعاة العوامل المختلفة بما فيها المالية والاقتصادية والاجتماعية".
لا يذكر الدكتور محمد مصطفى أنه كان يلاعب طفليه لكنه كان يصطحبهم بعض الرحلات ويهتم بحضور نشاطاتهما في المدارس ومن بعيد يتابع تفاصيل البيت لحظة بلحظة. وفي الجامعة بأميركا لاحظ زميله أستاذ الرياضيات توم ساعاتي جدية الدكتور، فأحضر له هدية غريبة هي خمسة عشر كتابًا من النكت التي جمعها الأستاذ، فقد وجد ببساطة أن الطلبة بحاجة للتسلية ليستطيعوا فهم المادة العلمية المعقدة التي يشرحها، ضحك محمد مصطفى وهو يقول: "أفكر أن أفعل مثله"!.
الحظ حليفه.. مرة أخرى
بعد الدكتوراة حصل على عرض للعمل في البنك الدولي في إدارة الغاز والبنزين، لكن رغبة العائلة كانت العودة إلى الكويت، وافق الدكتور ولم يرفض عرض العمل، سافروا ليبدأ الاجتياح العراقي للكويت (1990) في الوقت الذي استعدت فيه العائلة لاستقبال الابن الثاني بعد عشر سنوات من الغربة والدراسة والعمل، وبسرعة اتخذ الدكتور قرار العودة إلى أميركا، فيما بقيت زوجته وهي في شهرها الأخير من الحمل، كان لا يريد لابنه أن يتأخر عن دخول الصف الأول فأخذه إلى الأردن وتركه في رعاية أخت زوجته وغادر إلى أميركا، وبعد شهور لحقت به زوجته.
عمل مصطفى في إدارة الصناعة والطاقة لمنطقة افريقيا ثم تنقل بين عدة إدارات في البنك فعمل في قسم أوروبا الشرقية ثم إدارة البنية التحتية والخصخصة لمنطقة الشرق الأوسط واكتسب خبرة في مجال ترخيص وتطوير شركات الاتصالات مثل شركتي أورنج وفاست لينك في الأردن وشركة الاتصالات السعودية، وشركات في مصر ولبنان وأفريقيا وبلغاريا وروسيا إلى أن عاد عام 1995 مع أوسلو ويمضي عامًا ونصف العام للمساهمة في تأسيس قطاع الاتصالات في فلسطين انطلاقاً من خبرته في الدول النامية التي تعيش ظروفاً قاسية وفقيرة مشابهة، ثم عاد للبنك الدولي، وفي عام 2005 عاد نهائيًّا إلى فلسطين.
رحيل الوالدة بين مسؤولياته الكثيرة
كان الوقت ليلاً حين شارك الدكتور في اجتماع للبرلمان الأوروبي في سالزبورغ ضمن وفد مع الرئيس أبو مازن، للخروج من الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية التي ترأسها اسماعيل هنية عام 2006، وفي الصباح سار في جنازة والدته وتقبل واجب العزاء قبل أن يلتحق بالوفد ليلاً. وفي الكواليس وعندما يحتضن وسادته ربما بكى وتذكر أمه التي كانت نحلة البيت التي تستيقظ قبلهم وتصر على أن تقوم بكل شيء بنفسها ابتداءً من حقائب أبنائها المدرسية و"العصرونة" إلى أن تطمئن أنهم يحلمون كلٌّ على وسادته.. ورغم هالة المال والسلطة إلا أنه قد يبكي وفعلها حزنًا على موت والد زوجته الذي كان يحبه.
... وتبقى الدراجة الهوائية
يعتقد محمد مصطفى أنه حقق أكثر مما توقع من قدراته بل إنه لم يتخيل أنه سيكون له كل هذه التجارب وأن الحظ سيكون حليفًا له، وفي عام 2005 أي بعد فوز الرئيس أبو مازن بالانتخابات كان يبحث عن شخص مناسب ليترأس صندوق الاستثمار، ويبدو أنه سمع ممن حوله عن الدكتور مصطفى وخبرته وكانت أول مرة يقابل فيها الرئيس في أيار بعدها استقر في الوطن بعد غياب طويل، عيّنه الرئيس مستشاره الاقتصادي ريثما تصبح وظيفة الصندوق جاهزة بعد شهور قليلة.
رغم المنصب والإنجاز والمسيرة الطويلة يبقى طموح الدكتور محمد مصطفى فلسطينيًّا خالصًا وهو أن يعيش لحظة الاستقلال، وقتها سيعود إلى حياته الطبيعية بعيدًا عن السياسة والاقتصاد. لكن حلمه الشخصي عدا عن رغبته في قضاء وقت مع عائلته أن يقتني دراجة هوائية التي لم يمتلكها يومًا وينطلق..
عن الحياة الجديدة
مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها
صوت فتح / د. حنا عيسى
لقد جرت صياغة مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة على الشكل التالي:
" يمتنع جميع أعضاء منظمة الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه أخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة( الفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة).
و يكمن الشيئ الرئيسي في مضمون مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في حظر الحرب العدوانية, أي حظر اللجوء إلى الحرب في العلاقات بين الدول... لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام "وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الحرب في العلاقات بين الدول... لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام" وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الدولة التي لجأت إلى مثل هذه الحرب
وينص هذا المبدأ على حظر ما يلي:
1. أية إعمال تشكل التهديد باستعمال القوة أو استعمالها المباشر أو غير المباشر بحق دولة أخرى.
2. استعمال القوة أو التهديد باستعمالها بهدف التعدي على سلامة الحدود الدولية لدولة أخرى أو حسم الخلافات الدولية أو حل المسائل المتعلقة بالحدود الدولية أو خرق خطوط الفصل الدولية بما في ذلك خطوط الهدنة.
3. فرض العقوبات باستعمال القوة المسلحة(مثل, الحصار السلمي المزعوم أي ضرب طوق الحصار المستعمل بالقوات المسلحة في زمن السلم ضد دولة أخرى.
4. تشكيل القوات غير النظامية أو العصابات المسلحة بما فيها عصابات المرتزقة أو التشجيع على تشكيلها.
5. تنظيم إعمال الحرب الأهلية أو الأعمال الإرهابية في دولة أخرى أو التحريض على هذه الأعمال أو مساندتها أو المشاركة فيها أو المساعدة على تنظيم النشاط من هذا النوع من حدود الأراضي الوطنية بما في ذلك الأعمال الهادفة إلى التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
6. الاحتلال الحربي لأراضي دولة أخرى و الذي ينجم عن استعمال القوة خلافا لميثاق منظمة الأمم المتحدة.
7. الاستيلاء على الأراضي لدولة أخرى على اثر التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
8. الأعمال التعسفية القمعية التي تحرم الشعوب من حقوقها في تقرير المصير و الحرية و الاستقلال.
ومع إقرارها تعريف العدوان المسلح في عام 1974م وضعت الجمعية العامة قائمة ( غير نهائية) لتلك الأعمال المحظورة بالقانون الدولي التي " تعتبر من اخطر إشكال استعمال القوة غير الشرعي".
هذا ويعد الحق في الدفاع عن النفس أحدى أهم قواعد القانون الدولي المعاصر ذات الصلة الوثيقة بمبدأ تحريم استعمال القوة أو التهديد باستعمال القوة. وتتضمن المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة صيغة لهذه القاعدة, إذ تنص على أن " هذا الميثاق لا يمس أبدا الحق غير قابل للتصرف في الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس, إذا حصل الاعتداء المسلح على عضو من أعضاء المنظمة ".
إن الدفاع عن النفس ليس استثناء من مفعول مبدأ حظر استخدام القوة والذي يعني حظر المبادرة في استعمال القوة
وحق الدفاع عن النفس يشكل حقا في القيام بأعمال جوابية من قبل دولة تعرضت لاستعمال القوة المسلحة ضدها من جانب دولة أخرى. وتحصر المادة 51من ميثاق الأمم المتحدة استعمال القوة المسلحة لدى الدفاع عن النفس بحالات الاعتداء المسلح.
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة ,و بالتالي وفقا للقانون الدولي المعاصر لا يحق لدولة أو دول إن تستعمل القوة المسلحة ضد دولة أخرى إلا في حالتين فقط هما:
1. من خلال المشاركة في تنفيذ الإجراءات بقرار صادر عن مجلس الأمن بهدف درء الحظر على السلام أو إزالته وصد الأعمال العدوانية أو غيرها من انتهاكات السلام (في إطار منظمة الأمم المتحدة).
2. من خلال تحقيق حق الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس في حال التعرض للاعتداء المسلح. وفي هذه الحالة يمكن للدولة أن تعمل ضد المعتدي على انفراد أو في التحالف مع دول أخرى..
هذا ويعتبر حظر الدعاية للحرب جزءا مكونا للمبدأ المذكور, يمكن اعتباره أيضا بصفته قاعدة منفردة.لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م انه"وفقا لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها يتوجب على الدول أن تمتنع عن نشر الدعاية للحروب العدوانية".و تعني القاعدة المشار إليها أن الدول يجب عليها أن تحول دون قيام أجهزتها بنشر الدعاية للحرب.
فضلا عن وجوب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع نشر الدعاية للحروب في أراضي تلك الدول من قبل أشخاص أو منظمات....الخ.
مأزق "حماس" و"السلفية" في غزة ؟ (3/3)
امد / بكر أبو بكر
أشرنا بالحلقتين الاثنتين السابقتين إلى أبرز تعريف للسلفية، والى مؤسسها الأهم حديثا وهو الشيخ محمد بن عبدالوهاب في القرن 18، كما تعرضنا لأقسامها الثلاثة وعرجنا على السلفيين في غزة والشيخ الأسطل الذي تعاديه حماس، ثم عرض لانشقاقات حماس تجاه "السلفية" ، وتعرضنا لهجوم "داعش" ل"حماس" ومحمود طالب كنموذج لرجال "السلفية القتالية" في غزة، وتحدثنا عن منازلة عام 2009 عندما قتلت "حماس" سلفيي رفح-غزة بعنف، لتدخل وساطات خارجية لاخراجهم من السجون وغرف التعذيب، ونكمل
التفجيرات في غزة
عاشت غزة في السنوات ما بعد 2013 حتى اليوم سلسلة من التفجيرات من مثل تفجير منصة الاحتفال باستشهاد الرئيس ياسر عرفات (2014)، وتفجير منزل الرئيس أبو مازن وكذلك منزل النائب العام ، وبوابة وكالة الغوث في غزة ومقرات للأمن الداخلي التابع لحماس ، بل ومساكن لحماس وسياراتهم في سلسلة متواصلة زعزعت (الأمن) الذي لطالما تغنت به "حماس" ففقد الكثيرون من قادتها صوابهم ليوجهوا الاتهام نحو الأيقونة المعروفة أي إلى (الخونة في رام الله) والى "إسرائيل"، وأحيانا يضيفون أجهزة عربية استخبارية.
القيادي السلفي أبو العيناء الأنصاري يعترف جهارا نهارا بأن السلفيين قاموا ب(عمليات فردية) تفجيرية كما أسماها، كما يعترف د.أحمد يوسف بذلك ويسميها "جرائم" إلا أن أمثال صلاح البردويل ويحيى موسى من قيادة "حماس" يستمرون بالتعامي عن الحقائق، وتوجيه المعركة خارج غزة، مع تواصل عمليات الاعتقال والتعذيب للسلفيين وغيرهم.
إن التفجيرات التي تتوزع فيها الاتهامات لحماس نفسها (قول السلفيين) أو لرام الله (قول بعض "حماس") أو تنسب للسلفيين (اعترافات أشرنا لبعضها) جعلت من حماس في حالة توتر دائمة وتحفز ضد السلفيين ما أقلق راحة "حماس" وأجهزتها الأمنية التي تستولي على غزة.
لماذا يعادون حماس؟
بعد هذا الشرح الموجز للعلاقة المتوترة لحماس مع مخالفيها عامة، وبالتخصيص هنا ضد السلفيين، بإمكاننا القول أن أبرز أسباب هذا التوتر او العلاقة المتذبذبة إلى حد العدائية أحيانا يرجع للأسباب التالية (من وجهة نظر السلفيين على الأقل):
1. إن "حماس" لا تطبق الشريعة ، ويصل الاتهام ببعضهم ل"حماس" أنها علمانية، ما يعني بالتعدي أنها كافرة. (بالطبع كما هي حركة فتح أو الشعبية مثلا)
2. انها شاركت في الانتخابات الديمقراطية، والمجلس التشريعي ما هو كفر وشِرك.
3. إنها (أي حماس) انخرطت بالمفاوضات وإن بطريق غير مباشر وبالعملية السلمية ، بل هي وحسب لفظ ايمن الظواهري (لحقت بركب السادات).
4. "حماس" تخضع لدستور وضعي "علماني" (العلمانية مرادف للكفر لدى كثير من التنظيمات الاسلاموية).
5. تتعامل مع أمريكا والقرارات الدولية ، ومع ايران.
6. انها حركة انتهازية لا علاقة لها بالإسلام أو المقاومة.
أين (اسرائيل) من ذلك ؟
لا يمكن عزل العامل الإسرائيلي عن الحدث الفلسطيني مطلقا ، ولا عن الحدث الداخلي فيما بين حركة "فتح" و "حماس"، أو بين السلفيين و"حماس" فالسياسة الإسرائيلية التي تتفلّت من أي التزام بالتسوية تعمل على تخفيض حدة التوتر مع شطري فلسطين السياسية أي غزة والضفة وفق سياسة تعميق الانشقاق والانقسام و الانفصال ، وفيما يتعلق بالوضع دائم الاضطراب في غزة تقول صحيفة المصدر العبرية في (23/5/2015) إن ("حماس" لا تشكل تهديدا فوريا ، وان استمرارها يضمن الانقسام ، بل أن وجودها يعطل حدوث حل شامل ، ما هو جيد للإسرائيليين) .
أما الجنرال الإسرائيلي "غانتس" فيلقي محاضرة في المؤتمر السنوي لمعهد الامن القومي الاسرائيلي ليقرر في ورقته أن "حماس" ليست اللاعب الوحيد في غزة ، ويقدم لها شهادة حسن سلوك بأنها (تحاول منع اطلاق الصورايخ) والحفاظ على التهدئة) وهذا ليس حبا في "حماس"- ما يشير إليه بنفس الوتيرة حين يتحدث الإسرائيليون عن السلطة- وإنما لرغبة وتصميم في زيادة الشرخ الفلسطيني والإمساك بخيوط اللعبة.
أما الإسرائيلي (نمرود شفر) فيكتب في صحيفة "معاريف" (6/7/2015) وهو رئيس شعبه التخطيط في الجيش الإسرائيلي فإنه يعلن (إن "حماس" أبلغت "إسرائيل" عبر الوسيط التركي والمصري أنها تتعاون في إطار جهود القضاء على السلفيين في غزة وسيناء) وهنا مربط الفرس بالنسبة لهذه الورقة في العلاقة بين "حماس" و"السلفيين".
"حماس" إلى متى؟
إن تنظيم "حماس" يحاول أن يتعامل أو أن يوفق بين تقاطعات وتشابكات الداخلي في غزة، والوطني الفلسطيني العام، والإقليمي، بل والدولي فيجد نفسه في بحر متلاطم من التناقضات التي لا يستطيع أن يمر فيها أو يتخطاها أو يتعامل معها بسهولة.
تيارات "حماس" المتوزعة بين غزة والضفة وقطر ، وبين المتشدد الذي لا يجد ولا يرى عدوا له إلا السلطة، وبين ذلك الوسطي أو الواقعي تتخبط التيارات في خضم مصالحا ونزقها في مختلف الملفات سواء بالعلاقة مع المصريين الذين تقدم لهم النوايا الحسنة وتجلدهم ليل نهار عبر فضائياتها أو باللسان المزدوج في التعامل مع حركة فتح.
تتخبط "حماس" عامة بالشأن الفلسطيني حيث رغبة البعض فيها بتسليم السلطة والتفرغ "للمقاومة"، وتحقيق الوحدة الوطنية، لكن إرادة المتنفذين تقضي بعدم التخلي عن الأرض والسلطة والمصالح الحزبية مطلقا، أي ما بين مد الجسور من البعض، وما بين الصوت العالي والسيف المشهر ميدانيا وفضائيا من خلال: اتهام وشتم وتخوين متكرر منذ أعوام (انظر صلاح البردويل ويحيى موسى ومشير المصري ... )، كما يتضح حجم التمسك الرهيب بالسلطة ولذائذها في غزة مقابل اتهام (سلطة رام الله كما تسميها) بكل الرذائل والقبائح والمصائب كعلّاقة (شماعة) تعلق عليها كل مآسي القطاع الحزين.
تحار "حماس" في الاستدلال على طريقة مُثلى لكسب الشارع الفلسطيني خاصة في غزة، فهو شارع واعي ويرى وليس مغفلا أو غبيا، فتعمد أن تكرر يوميا إيهامه بأنها تنظيم ملائكة (أنظر يحيى موسى الذي اعتبر أمن حماس كالملائكة) وأنهم أصحب الحق والشريعة والإسلام (أنظر تصريحات الزهار) أو أنهم حصريو المقاومة ما يكرره الغالب فيهم يوميا ، وما لا يصدقه الواقع البشري والإنساني أصلا ويصب في خانة المبالغة والكِبر والنزق.
وإلى ما سبق يقع تخبطها بين الآراء والتيارات في التعامل مع السلفيين – الذين، وان لم يشكلوا لها مشكلة كبيرة اليوم فإن التوسع خاصة من (السلفية القتالية) مرشح للازدياد حيث تقوم بإتباع الطريقة المثلى لديها والأيسر وهي كتم الصوت وتكيم الأفواه عبر الاعتقالات والتعذيب والسجن ومنع اطلاق الصواريخ ، وتشويه مخالفيها جميعا ، وما بين ادخال وساطات عربية أو داخلية ، وما بين فتح الحوار معها.
إن واقع الأزمة الفلسطينية الداخلية لحركة "حماس" سواء مع السلفيين أوغيرهم مرشح للازدياد ، والحل سواء للقيادة الفلسطينية في السلطة أو لدى حماس معروف ويحتاج منها لمن يعلق الجرس
مَن يُعيق اصلاح النظام السياسي الفلسطيني ؟
امد / أ-د/ إبراهيم ابراش
كثيرون كتبوا وتحدثوا عن الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا ، بل إن العالم كله أصبح يُدرك حقيقة إسرائيل العدوانية والإرهابية ،فجرائم إسرائيل يندى لها جبين البشرية ،وجريمة إحراق الطفل الدوابشة ليست الوحيدة بل تضاف لآلاف الجرائم التي تم ارتكابها منذ أن ظهرت الحركة الصهيونية متحالفة مع القوى الاستعمارية في بداية القرن العشرين. ولكن السؤال يفرض نفسه بعد كل جريمة صهيونية وبعد كل مأزق سياسي أو عدوان عسكري ،ما العمل ؟ وهل يمكن المراهنة على التأييد العالمي فقط حتى تتوقف إسرائيل عن إرهابها وعدوانها ونستعيد حقوقنا ؟ أم هناك حلقة مفقودة تتعلق بنا كفلسطينيين ؟ .
مع اعترافنا بالمسؤولية التاريخية للغرب وللدول العربية عن مأساتنا التاريخية ، وأن المواقف وردود الفعل الدولية والعربية ما زالت قاصرة وليست في المستوى المطلوب للرد على إسرائيل ، إلا أنه ومهما كانت المواقف وردود الافعال الدولية والعربية المؤيدة لنا فإنها لن تشكل بديلا عن فِعلنا الذاتي الوطني ، والعالم لن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين . وعلينا الاعتراف بوجود خلل فلسطيني في إدارة الصراع مع إسرائيل وفي إدارة شؤوننا الداخلية .
لا يمكننا مواجهة الاحتلال وجرائم المستوطنين بنظام سياسي فلسطيني منقسم وعاجز حتى عن إدارة أموره الداخلية ، نظام سياسي تقوده نخب سياسية واجتماعية ،بعضها فاسد ، وكلها لا تستطيع أو لا ترغب بمواجهة الفاسدين . إن أي توجه عملي لمواجهة الاحتلال ومواجهة تردي الحالة الوطنية تُلقي على الشعب والشرفاء في القوى الوطنية والإسلامية مسؤولية خوض معركة على جبهتين : الجبهة الأولى مقاومة الاحتلال وسياساته الاستيطانية والتهويدية وعدوانه وحصاره لغزة ، والجبهة الثانية إصلاح النظام السياسي ووضع استراتيجية وطنية شمولية ، على رأسها محاربة الفاسدين وكشفهم لأنهم أدوات للاحتلال مهمتهم تدمير النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني من داخله.
سيكون واهِما وساذجا كل مّن يًعتقد أننا نستطيع تحقيق أي انتصار أو إنجاز وطني حقيقي سواء على جبهة المقاومة والصدام المباشر مع الاحتلال ، أو على مستوى العمل الدبلوماسي والسياسي في إطار الأمم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية ، في ظل الهياكل والبنى الراهنة للنظام السياسي بكل مكوناته وفي ظل نفس النخب السياسية الراهنة .
حتى نخرج من العدمية السياسية والقدرية السياسية والشعاراتية الفارغة ولا نستمر في دفن الرأس في الرمال يجب استنهاض الحالة الوطنية وتجديد بنيتها وخطابها وعلاقاتها البينية والخارجية. بمقدار النجاح في هذه المعركة أو الجبهة يمكن الانتصار على إسرائيل ،ليس بالضربة القاضية بالضرورة ، ولكن على الأقل وقف حالة التدهور في النظام السياسي والمنظومة الاجتماعية ، وتسجيل نقاط أو انجازات حقيقية لصالحنا ستؤدي بالتراكم إلى إنجاز حقوقنا الوطنية .
والسؤال الذي يتبادر للذهن ،من أين نبدأ عملية الإصلاح أو استنهاض الحالة الوطنية ؟ هل من خلال (ثورة شعبية) على السلطتين والحكومتين في غزة والضفة ،كما هو الحال في البلدان العربية ؟، هل من خلال إصلاح واستنهاض حركة فتح ؟ ، أو استنهاض وإصلاح منظمة التحرير ؟ أم من خلال المصالحة الوطنية ؟ .
تمت مناقشة كل الخيارات السابقة في عشرات جولات حوارات المصالحة الرسمية ومثيلاتها من ندوات وورش عمل نظمتها مراكز ابحاث وجمعيات وعلى رأسها مركز مسارات ،وكلها وصلت لطريق مسدود ،ليس لأنها خيارات غير واقعية وغير قابلة للتحقيق ، بل لأن – بالإضافة إلى إسرائيل - نخبا فاسدة متغلغلة في بنية النظام السياسي وفي كل الفصائل لا تريد الإصلاح وبالتالي عرقلت كل المساعي والجهود التي بُذلت في هذا السياق . هذه النخب الفاسدة ما كانت قادرة على ذلك لولا أن بعضها مرتبط بأجندة ومشاريع خارجية غير معنية بالمشروع الوطني الفلسطيني ، أو مرتبطة بإسرائيل وهي أيضا تريد تدمير المشروع الوطني وإفشال كل مصالحة فلسطينية ، والخطورة عندما تتحالف هذه النخب الفاسدة في طرفي المعادلة بالرغم من اختلافاتها الايديولوجية والسياسية .
قاعدة وبديهية سياسية ، أنه لا يمكن إصلاح نظام سياسي أو استنهاض حالة وطنية بأدوات ونخب فاسدة أو عاجزة ، وبالتالي تصبح المعادلة : حتى نستطيع مواجهة الاحتلال يجب إصلاح النظام السياسي ، ومدخل الإصلاح هو المصالحة الوطنية أو الوحدة الوطنية الحقيقية ، والذين يُعيقون الوحدة الوطنية والمصالحة نخب فاسدة تسللت لمواقع القرار وفي المفاصل الحيوية في النظام السياسي ، والنتيجة المنطقية أن نبدأ بمحاربة الفساد والفاسدين ، أو أن يكون محاربة الفساد على رأس أي عمل جاد لاستنهاض الحالة الوطنية .
قد يقول قائل إن هذا التحليل يُسقط المسؤولية عن إسرائيل وأطراف خارجية ويحرف البوصلة عن إسرائيل العدو الرئيس لشعبنا ، وهو قول غير دقيق ،لأنه ما كانت إسرائيل والأطراف الخارجية تستطيع النفاذ للنظام السياسي وتدميره من داخله وإعاقة كل محاولات الإصلاح لولا وجود نخب فاسدة سياسيا وأخلاقيا وضعت نفسها في خدمة هذه الاطراف ، وسبَّقت مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية ، كما أن الفاسدين لا يقلون خطورة عن إسرائيل ، إنهم الطابور الخامس و أدوات الاحتلال المكلفون بتدميرنا داخلينا بعد أن فشلت إسرائيل عن قهر الشعب بالعمل العسكري .
لا انفصال بين عجز النظام السياسي والفساد المستشري فيه ، فالعجز والفشل لا يعودا دائما لقلة الإمكانيات ،ولا لاختلال موازين القوى مع العدو فقط ، بل لعدم قدرة او رغبة القيادة والنخب السياسية في توظيف الامكانيات الشعبية والتأييد الدولي في المعركة ضد الاحتلال . وبالتالي فالفساد ليس ماليا فقط بل سياسي .
أوجه الفساد السياسي المُعطِل لاستنهاض الحالة الوطنية متعددة : تعطيل قدرات الشعب ومنعه من مواجهة الاحتلال ، احتكار شخص بعينه أكثر من منصب وموقع دون القدرة على تفعيل هذه المواقع والمناصب ،تعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع مهمة وحساسة ، التنسيق مع الاحتلال والتعاون معه خارج إطار التوافق الوطني أو لخدمة مصالح خاصة ،التغرير بالشعب والكذب عليه ، تحقير الشعب والتشكيك بإمكانياته وبتاريخه وثقافته ، توظيف السلطات العامة لخدمة مصالح خاصة ، التلاعب بالمال العام والمساعدات الخارجية كما يجري مع أموال إعمار غزة ، والسكوت عن الفساد والفاسدين أيضا فساد سياسي .
مع إدراكنا أن النخب المستفيدة من الوضع القائم أو المتخوفة من التغيير ومعها الفاسدين ومن يحميهم من النخب السياسية ،يستمرئون إبقاء الأمور على حالها ، سواء كان هؤلاء في حركة فتح أو منظمة التحرير أو السلطة الوطنية أو حركة حماس ، وبالتالي قد يقبلون نظريا فكرة وخطاب الإصلاح والتغيير وقد يرددون هذا الخطاب بل قد يكونوا الأكثر تحمسا وترديدا له ، ولكنهم عمليا يُعيقون أي توجه جاد في هذا الاتجاه ، والفاسدون أكثر من سيحارب ويُعيق الإصلاح واستنهاض الحالة الوطنية ، لأنهم يعتبرون أن أي إصلاح حقيقي للنظام السياسي سيفضح فسادهم وتواطؤهم وسيكون على حسابهم .
أليست مفارقة أنه في الوقت الذي يتراجع فيه مشروعنا الوطني وتزداد إسرائيل عدوانا وإرهابا ، ويزداد الشعب الفلسطيني فقرا وجوعا وتنتشر البطالة ، في هذا الوقت تتضخم ثروات النخب السياسية وتتزايد امتيازاتهم ، ويعيشون في بحبوحة ورغد عيش ويتحركون بسهولة ووقاحة سواء في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية ؟!.
الصراع الفكري، والعلمانية
صوت فتح / طلعت الصفدي
الحلقة الرابعة
شهدت المجتمعات الأوربية التي أنجزت أسس المجتمع المدني الحديث العلماني العقلاني الديمقراطي، مراحل متطورة من أجل احترام حقوق الإنسان، وصيانة حرية الفكر والرأي والتعبير والمعتقد، وسيادة القانون، وخاضت نضالا طويلا من أجل تحريره من سطوة الكنيسة، والفكر الديني المسيطر عليها خلال عصور الظلام في القرون الوسطى، اشتعلت حروب وثورات، بهدف الوصول إلى المجتمع المدني الحديث. عشرات ألألوف من المفكرين والمبدعين، والعلماء الرافضين لسلطة الكنيسة، وتسييس الدين، واستغلالها للسلطتين الدينية والدنيوية، قاوموا رجال الكنيسة، ورفعوا شعارات لتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون، وبضرورة عدم تجاهل وقائع الحياة المتغيرة والمتطورة، وإدانة تحكم رعاة الكنيسة بشئون حياة المواطنين، خصوصا بعد تشكل الدولة القومية الحديثة، ووقفوا ضد موقف الكنيسة العدائي من تطور العلوم والاختراعات التي غيرت وجه البشرية، ومنحت الإنسان سلاحا عقلانيا لمواجهة أخطار الطبيعة، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وكان نتاج الصراع الفكري والدموي، إقرار المجتمعات الأوربية والغربية، بفصل الدين عن الدولة.
كما كان للمفكرين العقلانيين عبر التاريخ، رؤى علمية متقدمة، تجسدت من خلال أفكارهم التنويرية مثل ( أنت لا تستحم في ماء النهر مرتين )، ( إن خصومنا على الأرض، يجب مواجهتهم هنا على الأرض، ولا يليق بنا أن نهرب من هذه المواجهة لنصنع لأنفسنا خصوما في السماء )، ( ما لقيصر لقيصر، وما لله لله)، ( كل شئون الدين للكنيسة، وكل شئون الدنيا للبشر )، ( الدين لله والوطن للجميع) وهذا تأكيد للعلامة والفيلسوف ابن رشد في عبارته المشهورة ( التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل.
العلمانية ترتبط بالعلم والمعرفة، تعني خلاص المجتمع من الموروث المتخلف، وكسر التقاليد المنافية لهما، وتجاوز سلطة العشيرة والطائفة للوصول إلى المجتمع الحديث. إن احد أسس هذا المجتمع إلغاء كل أشكال التمييز بين أبناء الوطن، واحترام مواطنة الإنسان بغض النظر عن الانتماء الديني أو الطائفي أو المذهبي او العرقي او الحزبي، ومساواة الجميع أمام القانون. وعندما يطالب العلمانيون والمفكرون التنويريون، بفصل الدين عن الدولة لا يعني هذا العداء للدين، أو لرجال الدين، ولا يحمل أي استهتار بالدين، بل يسعون لتنزيه الدين من ألاعيب السياسة، وحماية لقيمه، ولا يعني أيضا فصله عن المجتمع، او التقليل من دوره الأخلاقي والروحي في حياة الإنسان الاجتماعية والحياتية . فالعلمانية في مفهومها الحقيقي هي الاهتمام بحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والديمقراطية، حرية الاجتهاد والإبداع ، حقه في المواطنة الحقيقية بعيدا عن التسلط والإكراه والاستغلال والجشع، والمتاجرة بالدين. ان العلمانية ليست فكرا يدعو الى إلغاء الدين من المجتمع، أو حرمان المواطنين من حرية العقيدة، فمقولة كارل ماركس " إن الدين عند الكثيرين هو النظرية العامة لهذا العالم، وهو مجموعة معارفهم الموسوعية، ومنطقهم الذي يتخذ شكلا شعبيا، وهو موضوع اعتزازهم الروحي، وموقع حماسهم، وهو أداة قصاصهم ومنهجهم الأخلاقي" (ماركس- نقد فلسفة القانون عند هيجل). انه تعبير واضح عن فهمه لطبيعة المجتمعات الشرقية، حضارتها وتطورها التاريخي وتراثها وعقيدتها.
ومع أن الإسلام ليس دينا كهنوتيا، إلا أن رجال الدين المتعصبين، يصرون بتحويله إلى سلطة قهرية مطلقة على البشر، مستندين لبعض فتاوى وتفسيرات بعيدة عن الواقع، ودون استيعاب للمتغيرات والتطورات في العالم، ودون فهم لروح الإسلام، وهذا التوجه مناف للإسلام وتعاليمه، ويتناقض مع قول الرسول " انتم أعلم بشئون دنياكم " . إن اخطر هذه الأفكار، ما عبر عنها سيد قطب في كتابه " معالم على الطريق " عندما اعتبر إن كل المجتمعات جاهلية كافرة حتى الأنظمة العربية الإسلامية : " لا رابطة سوى العقيدة، ولا قبول لرابطة الجنس والأرض، واللون واللغة، والوطن والمصالح الأرضية والحدود الإقليمية، إنما هي أصنام يعبدونها من دون الله"، مما يفرغ مضمون الدين الإسلامي، ويشرعن الصراعات الفكرية والجسدية الدموية، بين أبناء الوطن الواحد، ويؤكد رفضهم للوطن والقومية والديمقراطية والتعددية السياسية، وفرض رؤاهم بالقوة والإرهاب على المجتمعات العربية والإسلامية. وما صرح به شارون عند انسحابه الأحادي الجانب من قطاع غزة قائلا : "ان أحد أهداف هذا الانسحاب هو خلق حالة من الصراع، بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية العلمانية، وبين الأصولية الإسلامية، حيث سيتحول هذا الصراع بين الفريقين إلى صراع دموي، وعداء بدلا من أن يتحول صراعهم معنا".
كيف تفسرون، عند سماع آذان المسجد يهرع الناس لتأدية فريضة الصلاة؟؟ وعندما يحس أي مواطن بالألم والوجع فانه يسرع إلى أقرب مستشفى أو مستوصف للعلاج؟؟ .. وماذا يعني ذلك ؟؟ إن الناس يؤمنون ب ( أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا )، وبهذا المعنى والحكمة، فإنهم يتعاملون مع الواقع، ويبحثون عن حل لمشاكلهم السياسية والاجتماعية والديمقراطية والبيئية، عن طريق فهم الواقع، وكشف قوانينه وحركته من خلال العلم والعقلانية، فليس كل من يتبنى فصل الدين عن الدولة هو بالضرورة غير مؤمن أو غير مسلم، وليس كل متدين أو مسلم هو غير علماني، فالعلمانية تعني رؤية العالم، وتفحص الواقع، والتعامل معه بشكل موضوعي بعيدا عن الأحكام المسبقة والمطلقة، وهذا في جوهره لا يعني رفض الدين او القيم او الأخلاق او التراث او البعد الثقافي والروحي للإنسان، أو محاولة رفض الهوية الذاتية والقومية .
في العالم العربي، لا زال الصراع قائما، ولم ترس المراكب بعد في موانئ الاستقرار، فلا زال الصراع قائما بين دعاة الدولة الإسلامية، ودعاة فصل الدين عن الدولة، وتتصاعد الاتهامات ضد العلمانيين، وتكفيرهم وإباحة دمائهم، وتصفيتهم، مما أدت إلى مواجهات دموية وإبادات جسدية، وما يجري اليوم في العالم العربي، يؤكد خطورة التطرف الديني، والإرهاب الفكري على المجتمعات العربية والإسلامية. إن التمسك الحرفي بالأصول ومحاولات سحبها على الواقع الراهن، دون مراعاة للمستجدات والمتغيرات والتطورات العالمية والإقليمية والمحلية، وإخضاع الحاضر للماضي، وتبني تفسيرات بعيدة عن المنطق والاجتهاد، فإنها تتنافى مع العلم، وهي محاولات لي ذراع الحقيقة.
إن التجارب التاريخية، تؤكد أن الجماعات الأصولية، عندما تدعو إلى نظام إسلامي، ليس في حقيقتها سوى الاستيلاء على السلطة، والحكم باسم الدين، والهيمنة على المجتمع كليا، وهذا يعني المزيد من التخلف، وتدهور حياة المواطنين السياسية والاجتماعية والديمقراطية، وتعميق الأزمة، واستفحال الفقر والجهل والمرض، وتفكك المجتمع إلى قوى متصارعة، تؤول إلى العنف الفكري والجسدي. وتهدف من تشدد هجومها على دعاة العلمانية، ودعاة فصل الدين عن الدولة، وكافة القوى والفصائل السياسية والمجتمعية كأنها معادية للدين، تحاول تزوير الواقع، وتلفيق التهم بحقهم، وتأليب الشارع العربي عليهم، مستخدمين الصحافة، ووسائل الإعلام، والفضائيات، وبعض دور النشر والكتب الصفراء، ويلصقون التهم الباطلة بهم، وكأنهم أدوات بيد الامبريالية الغربية والأمريكية والصهيونية، ومركزا للاستغلال والاستعباد، وقهر إنسانية الإنسان، كما تهدف لاستغلال جهل المواطنين بأهدافهم، مستغلين الدين، لمنع العلمانيين من الوصول إلى السلطة، وإقصائهم عن تحقيق أهدافهم في بناء دولة مدنية حديثة.
إن بعض الجماعات الإسلامية، ربما تختلف في الأسلوب والطريقة مع دعاة الدولة الدينية، ولهذا تكتيكيا لا تمانع وتغض الطرف، من أن لا يتولى رجال الدين الحكم، بل رجال مدنيون محسوبون عليهم، يقومون بتطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملا وشاملا في أجهزة الدولة، ومناحي الحياة في المجتمع سواء في التعليم أو في القضاء او الجامعات... الخ وبهذا تستولي على كل أجهزة السلطة وتضمن لنفسها السيطرة الكاملة على مؤسساتها كافة، وضمان تفردها في الحكم والسلطة لفترة طويلة، وبهذا تستطيع تحقيق أهدافها، تمهيدا لفرض رؤاها على مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والفنية والإبداعية، وتفرض القوانين التي تراها تدعم سلطتها الدينية. بينما تسعى العلمانية إلى تغيير العالم باستخدام آليات العقل والعلم، فالعقل هو أساس فهم الظواهر الكونية والمجتمعية، وفهم الواقع، وتولي اهتمامها ليس لنقض الدين، ولكن لوضع الآليات للخروج من أزمات المجتمعات والشعوب العربية، في مقدمتها فصل التعليم عن سلطة رجال الدين، وتبني النهج الديمقراطي في الحياة المدنية الحديثة، وحرية الرأي والتعبير والإبداع، والمساهمة الفكرية في تجديد الخطاب الديني بما يتلاءم مع متغيرات الواقع . والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة المثقفين والباحثين والمفكرين، ورجال الدين المتنورين... فما هي الأسباب الكامنة والعلنية التي أدت إلى هذه الحالة المتدنية، والتأخر الحضاري على الرغم من امتلاك الشعوب طاقات هائلة بشريا وماديا ؟ وما هو البديل الحقيقي للخروج من الأزمة المستعصية، والتخلص من الخرافة واللاعقلانية ؟؟ولماذا تزداد حالة الإحباط والقلق في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وخصوصا بين الشباب، وازدياد التطرف الديني والتخلف العقلاني والتوجه للانضمام بحماسة إلى منظمات إسلامية متطرفة إرهابية تكفيرية ؟؟ وهل البلدان العربية بحاجة إلى العلمانية للمحافظة على وجودها، واستقلالها السياسي والاجتماعي والديمقراطي ؟؟ وبالتأكيد فان العرب والمسلمين بأمس الحاجة الى دول مدنية حديثة يحكمها القانون.
حقيقة الخلاف بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية
امد / د. مصطفى يوسف اللداوي
مضت سنةٌ كاملةٌ على تسلم رؤوفين ريفلين رئاسة الكيان الصهيوني، الذي انتخب خلفاً لشيمعون بيرس، ليكون بذلك الرئيس العاشر لدولة الكيان الصهيوني، وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى حزب الليكود الحاكم، الذي يترأسه رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو، وقد كان من قبل مرتين رئيساً للكنيست الإسرائيلي، إلا أن الخلافات بينه وبين نتنياهو مستعرةٌ جداً، أو هكذا تبدو للعامة، وربما بدت أكثر وضوحاً بعد أن اطمأن ريفلين في منصبه رئيساً للكيان، وأصبح عنده منبراً يعبر من خلاله عن مواقفه الناقدة لسياسة الحكومة في القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
إذ لا يوجد توافقٌ كبير بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية، وقد أكثر الرئيس من انتقاده لرئيس الحكومة وتوجيه اللوم الشديد له، بصورةٍ معلنةٍ ومكشوفة، وصريحةٍ وواضحة، رغم أن كلاهما ينتمي إلى ذات الحزب، ويحملان نفس الأفكار، ويسعيان لتحقيق ذات الأهداف، ويتطلعان إلى نفس الغايات، وعندهما رؤية استراتيجية واحدة تتفق مع المشروع اليهودي وحلمهم التاريخي، في أن يكون لهم دولةً يهوديةً نقيةً عاصمتها القدس الموحدة.
صحيحٌ أن منصب الرئاسة في الكيان الصهيوني منصبُ فخري، وليس للرئيس دورٌ في إدارة الحياة السياسية، وتحديد توجهاتها العامة، سوى أنه يسمي رئيس الحكومة بناءً على نتائج الانتخابات التشريعية، ويصادق على تعيين السفراء الإسرائيليين، ويستقبل الأجانب المعتمدين في الكيان، إلا أن بعضهم يحاول أن يبدي رأيه، ويبرز موقفه في أداء حكومة كيانه، ويعلن ذلك للملأ، في رغبةٍ منه لتصحيح المسار، أو تقويم الاعوجاج، وقد حاول شيمعون بيرس من قبل ريفلين، أن يلعب دوراً في رسم الخارطة السياسية للكيان، وتشكيل التحالفات، والتأثير على الأوزان السياسية للأحزاب، كما بذل جهوداً كبيرة في تحسين صورة بلاده، ودافع عنها أمام المجتمع الدولي من فوق كبريات المنابر العالمية.
يبدو أن ريفلين يرفض أن يمارس وظيفته الرئاسية صامتاً، رغم أن من سبقه قد رضي بالصمت وتأقلم معه، وقبل بالرئاسة وهو يعلم أنه لا لسان لها ولا قلم، ولا ناطقاً باسمها لا ترجماناً لأقوالها، إلا أن ريفلين يحاول أن يتجنب السكوت ما أمكنه، مستغلاً كل فرصةٍ للحديث، ومناسبة للتعبير، لينقل من خلالها مخاوفه وتوجساته، ويعبر عن مواقفه وآرائه.
حيث أبدى خلال العام الذي مضى عليه في منصبه، معارضته الشديدة لزميله في الحزب ورئيسه السابق بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بسياسته تجاه الإدارة الأمريكية، وخصومته مع رئيسها باراك أوباما، حيث يعتقد ريفلين أن نتنياهو يقامر بأهم علاقة يتميز بها كيانه، ويعرضها للخطر أو لاضطراباتٍ مقلقة، قد تنعكس سلباً على مستقبل كيانه وسلامته وأمنه، وقد تعرض تفوقه للخطر.
ذلك أنه يعتقد أن أهم ما يميز بلاده ويمنحها القوة والتفوق، والثبات والبقاء، هو علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي يجب أن تستمر وتتعمق، وتقوى وتتشعب، وقد تمادى في انتقاده لرئيس حكومة كيانه إلى الدرجة التي اتهمه فيها بأن يضر بالمصالح العليا للشعب اليهودي، ودعاه للكف عن محاولاته الإضرار بالعلاقة مع البيت الأبيض.
كما انتقد بشدةٍ سياسات الحكومة التي أدت إلى تفجر موجة من العنف اليهودي في أرجاء البلاد، ودفعت بمجموعةٍ من الشباب المتطرف إلى إشعال النار في عددٍ من البيوت الفلسطينية، ومنها بيت دوابشة، الأمر الذي أدى إلى مقتل الطفل الرضيع حرقاً، وإصابة والديه وشقيقه بحروقٍ خطرة، قبل أن يستشهد الوالد متأثراً بحروقه الشديدة التي أصيب بها، وأعلن أن هذه السياسة التي تتبعها الحكومة هي التي تشجع على العنف وتدعو إليه، وحملها كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع، وحذر من أنها ستقود البلاد نحو كوارث كبيرة.
يعزو البعض الخلاف بين الرجلين والمؤسستين الرئاسية والحكومية، إلى أن نتنياهو كان معارضاً لترشيح ابن حزبه ريفلين لرئاسة الدولة، وأنه كان يؤيد مرشح الوسط مئير شطريت، الذي خسر المعركة الانتخابية أمام منافسه ريفلين بـ 53 صوتاً مقابل 63 صوتاً، الأمر الذي أسس لخلافٍ دائمٍ بينهما، رغم أن ريفلين ينتمي إلى الجناح الكثر تشدداً في حزب الليكود، وأن الكثير قد وصفوه عندما نُصِّب رئيساً للكيان، بأنه سيكون رئيس دولة إسرائيل الكبرى، وسيبلغ الاستيطان في عهده مداه، ذلك أنه يعشق الاستيطان ويؤمن به سبيلاً لتحقيق حلم الشعب اليهودي باستعادة أرض ممالكه القديمة.
لكن ريفلين بدأ يستشعر أن سياسة الحكومة المعاندة والمتشاكسة مع الإدارة الأمريكية، قد تفقد كيانه الحليف الأكبر، والنصير الأقوى، لإدراكه أنه لا قوة لبلاده دون أمريكا، ولا قدرة لها على الصمود بدونها، ولا حليف لهم مثلها، ولا ناصر لهم غيرها، فهي الحليف الأقوى والأكثر صدقاً، ولكن نتنياهو يقامر ويغامر، وسيخسر المعركة ولو بدا أنه فيها الرابح، لأن الخاسر في معاركه الشخصية هو شعب إسرائيل.
ريفلين لا ينطلق من انتقاده لبنيامين نتنياهو من منطلقاتٍ أخلاقية، وقيم إنسانية، ومفاهيم حضارية، فهو لم يغضب من أجل الرضيع الفلسطيني ولا من أجل والديه، ولم يتضايق لأن مواطنيه يحاولون حماية الحلم اليهودي، وتحصين الحقوق التاريخية والدينية لشعبهم، في ظل تهاون الحكومة، واستعدادها –بزعمهم- لتقديم تنازلاتٍ كبيرة للفلسطينيين، ذلك أنه يميني في أصله، ومتطرفٌ في فكره، ومتشددٌ في سياسته، وهو يرفض أن يكون للفلسطينيين دولة، كما يرفض أي حلولٍ وسطية لمدينة القدس، قد تؤدي إلى تقسيمها أو تقاسم السيادة عليها، فهي عنده العاصمة الأبدية الموحدة لكيانه، وهو أحد المنادين بيهودية الدولة، فلا تغرنا خلافاتهم، ولا توهمنا انتقاداتهم، فهم جميعاً بلا استثناء، وجهان لعملةٍ واحدة، وإن بدوا أنهم نقشٌ وكتابة.
غزة تحت رحمة الحر والكهرباء وماذا بعد ؟!
الكرامة / رمزي النجار
تظل أزمة الكهرباء هي الحديث الأبرز لدى المواطن الغزي مع اشتداد موجة الحر التي اجتاحت القطاع منذ ثلاثة أسابيع وما زالت حتى يومنا هذا، وفي موجة الحر ترفع استهلاك الكهرباء إلى مستوى قياسي، ولكن أين الكهرباء في غزة؟! حصتنا ثمانية ساعات وصل وأخري قطع والبرنامج في تغير مستمر لظروف طارئة وما أكثرها في غزة، وما بين جدول الست ساعات والثماني ساعات مشوار نضالي كبير بدايته صناعة ازمه الكهرباء ونهايته حل المشكلة والعودة لبرنامج الثماني ساعات الوضع الطبيعي لكهرباء غزة، والكل يقع تحت رحمه الكهرباء حتى المرضي يقعون تحت رحمه وقود الكهرباء والمولدات، وأغلب الناس في ظل موجه الحر الشديدة لحظه انقطاع الكهرباء تخرج من بيوتها متوجهين الى شاطئ البحر وهواه النقي للترويح عن أنفسهم بدلا من الجلوس في البيت والرطوبة العالية وعتمة الظلام، الناس تبحث عن الراحة النفسية في أي متنفس في غزة وبعيدا عن الوسواس الشيطان الرجيم والأنس اللئيم، فالبيوت في غزة مهجورة من سكانها والسبب الكهرباء والحر، وما أن اجتمع الاثنان معا تزيد حياه الإنسان تعقيدا، لا كهرباء وأيضا حر شديد لم تتعود عليه غزة من قبل كما تعودت على أزمة الكهرباء التي أصبحت بالقطارة مع خالص التحيات الوطنية لأصحاب القرار.
ولا استغرب صديقي الذي أتصل به تلفونيا منذ أسبوعين لزيارته اجتماعيا ورؤيته والاشتياق للحديث معه أن يقول لي أن كانت الكهرباء جايه فأنا في البيت وان كانت قاطعه فأنا خارج البيت، فرأيته صدفه في إحدى المناسبات قلت له دوما خارج البيت شو حكايتك يا رجل، رد علي لا يوجد كهرباء والحرارة لا تطاق ولا مياه عندنا في البيت، فماذا أفعل إن جلست في البيت، لذلك عند انقطاع الكهرباء أذهب أنا والأولاد الى شاطئ البحر والجلوس قبالته أو السباحة لأخرج من جو نكد الكهرباء وغيره، وطالما لا يوجد كهرباء في البيت لا يمكن أن أعود إليه وأبقى على البحر حتى تأتي الكهرباء، فالبيوت بدون المكيفات والمرواح لا يمكن الجلوس فيها، والبحر هو المتنفس الوحيد عندنا .
هكذا حال عائلات أهل غزة يهربون إلى البحر والاماكن الترفيهية المحصورة لتلتئم العائلة مهما كبرت تحت عنان السماء وليست تحت رحمة المولدات وارتفاع الحرارة، اما الفقراء عديمي الدخل فلا يزالوا يواجهون حر الصيف بصمت قاتل وبدون كهرباء، فالحرارة المرتفعة التي تصل درجاتها المئوية إلى 48 درجة تدفع أهالي غزة للنزوح على شاطئ البحر والحصول على بعض الأجواء اللطيفة قبالته، ليبقي البحر ملاذ الغزيين في ظل موجه الحر وغياب الكهرباء وانقطاع المياه للاستحمام، والزيارات الاجتماعية تحدد حسب جدول الكهرباء وماذا بعد يا غزة ؟!
قانون التغذية القصرية للأسري الفلسطينيين مذبحة صهيونية
امد / د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
لا يتوانى هذا الاحتلال الصهيوني النازي الفاشي التتارى؛ المغولي الداعشي؛ عصابات الهاجنا والشترين والأرجون القديمة الجديدة؛ منذُ بن غوريون المُجرم النازي قديمًا؛ وصولاً حديثًا إلى القاتل زعيم عصابة خنازير المستوطنين نتنياهو، وهم امتداد لفكر كل الطغاة والفراعنة والقتلة والنازيين على مدار التاريخ؛ فلقد فاقت جرائمهم جماعة الحشاشين الاسماعيلية الفارسية والتي كانت تعتمد على القتل والاغتيالات والغدر والخيانة؛ وحاولوا مرات عديدة قتل صلاح الدين الأيوبي؛؛؛ كل هؤلاء المجرمون علي مر الأزمنة يعُتبروا تلاميذ مقابل جرائم الصهاينة قتلة الأنبياء والمرسلين شُذاذ الأفاق جراثيم الأرض؛ وشياطين الإنس؛ والذين لا ضمير ولا أخلاق لهم؛ بل إنهم يقولوا ليس علينا في الأميين سبيل؛ أي أن الناس كلهم من خلال التلمود والتوراة المحرفة الموضوعة بأيديهم الصهيونية الخبيثة يعدون الناس خُدامًا لهم ويجب قتلهم ويعلم المستوطنين أولادهم ويدربونهم على القنص والقتل للعرب؛ وكل هذا واقع اليوم فحادثة إحراق الطفل الشهيد محمد ابو خضير رحمه الله؛ واحراق عائلة الدوابشة ليس عنكمُ ببعيد؛ والعوان الاجرامي على قطاع غزة العام المنصرم مازالت أثارهُ ماثلة أمام ناظرينا بل إن الذاكرة لم ولن تنسي الشهداء الأبطال الذين سحقت عظامهم واختلط لحمهم ودمهم بتراب فلسطين الطاهر، وفاضت ا{واحهم إلى بارئها تشكو ظلم الظالمين المجرمين؛؛؛ ومازال مسلسل القتل والتصفية والتدمير والحرق والنسف والتفجير والسحق الصهيوني مستمرًأ! بل أصبح مُستعرًا ومسعورًا ومتوحشاً؛ وكيف لا وإن كانت العصابة الحاكمة لما يسمي بدولة الكيان المسخ إسرائيل تصدر القوانين وتُشرعن القتل بموجب قانون الارهاب الدولة الصهيوني؛ وتدعم العصابات من المستوطنين جهارًا نهارًا بالمال والسلاح أمام مرأي ونظر العالم الأخرس الظالم وهيئة الأمم الدولية العاجزة المُعاقة الكسيحة ومجلس اللا أمن الدولي الذي يقف متفرجًا على المجازر والجرائم الصهيونية والتي فاقت بشاعتها كل الجرائم على مدار التاريخ البشري؛ وكان أخر تلك الجرائم الارهابية للاحتلال وليس أخرها هو قانون التغذية القسرية للأسري الفلسطينيين الأبطال؛ ومشروع هذا القانون الذي بلورته وزارة القضاء الصهيونية جاء لشرعنة اطعام الاسرى المضربين عن الطعام بالقوة ؛ مما يؤكد على تكامل الأدوار بين مؤسسات الاحتلال التشريعية؛ القضائية؛ والأمنية؛ والعسكرية؛ الهادفة إلى قهر الإنسان الفلسطيني، وسلب أرضه؛ وحريته؛ وحقوقه وكرامته الإنساني؛ وإن إقرار هذا القانون يعكس همجية الاحتلال وطغيانهُ ونازيتهُ؛ والذي دأب على استخدام أبشع أساليب القتل والتعذيب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين فقتل منهم أكثر من 205 أسيراً منذ العام 1967 و74 منهم قضوا نتيجة القتل العمد، بالإضافة الى 71 استشهدوا تحت التعذيب أثناء التحقيق، و54 نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وبمشاركة الجهات الطبية التابعة لمصلحة السجون الصهيونية كما وقع عندما لجأت مصلحة السجون إلى سياسة التغذية القسرية أو ما يعرف ب “الزوندا ” بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سنوات السبعينات والثمانيات والتي أفضت إلى وفاة 3 أسرى: وهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد أثناء الإضراب عن الطعام في سجن عسقلان في تاريخ 11 أيار من العام 1970، والأسيرين راسم حلاوة الذي استشهد في تاريخ 20 تموز 1980، وعلي الجعفري الذي استشهد في تاريخ 24 تموز من العام 1980 أثناء الإضراب عن الطعام في سجن نفحة، وبهذا القرار يستكمل الاحتلال سلسة قوانين وقرارات قضائية ولوائح داخلية صادرة عن مصلحة السجون الصهيونية تعكس عنصرية وهمجية الاحتلال التي تتطلع إلى كسر إرادة الأسرى والمعتقلين وحرمانهم من أبسط حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية المدنيين في أوقات النزاع المسلح والاحتلال وهي بإقرار هذا القانون تكون قد حكمت فعليًا على إعدام الأسري البواسل، وهذا يتطلب منا كسلطة وفصائل ومنظمة تحرير ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الأحزاب والشخصيات الأكاديمية والوجهاء والمخاتير والعائلات والعشائر أن يهبوا نصرًة للأقصى الشريف وللأسري الميامين؛ فما حكّ جِلدُكّ غيرّ ضِفّركّ، والحل هو انتفاضة شعبية ثالثة ضد الاحتلال، وتفعيل سلاح المقاطعة الدولية (بي دي أس) لدولة المستوطنين النازيين الجدد؛ وكذلك جّر العدو لمحكمة الجنايات الدولية؛ ومن هنا نوجه تحية إجلال واكبار لأسرانا العُظماء داخل باستيلات العدو المجرم ونخص بالذكر الأسير البطل المحامي محمد علان والذي يخوض اضرابً مفتوحًا عن الطعام منذ شهرين ويتعرض للتغذية القسرية والموت؛ نقول له وللأسري الأبطال إن فجر الحرية قريب وقريب جدًا إن شاء الله فنحن أهل الحق والصهاينة على الباطل.
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg
<tbody>
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif
</tbody>
المواقع الإلكترونية الموالية لتيار دحلان
عنــــاوين المقــــــــــالات:
v قل خيرا أو..بلاش!
امد / حسن عصفور
v آليات التقاعد المبكر!!
الكرامة / د.هشام صدقي ابويونس
v " شبابنا واليوم العالمي للشباب "
صوت فتح / عبد العزيز الحيلة – أبو جهاد
v د. محمد مصطفى.. قبضة المال
امد / بثينة حمدان
v مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها
صوت فتح / د. حنا عيسى
v مأزق "حماس" و"السلفية" في غزة ؟ (3/3)
امد / بكر أبو بكر
v مَن يُعيق اصلاح النظام السياسي الفلسطيني ؟
امد / أ-د/ إبراهيم ابراش
v الصراع الفكري، والعلمانية
صوت فتح / طلعت الصفدي
v حقيقة الخلاف بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية
امد / د. مصطفى يوسف اللداوي
v غزة تحت رحمة الحر والكهرباء وماذا بعد ؟!
الكرامة / رمزي النجار
v قانون التغذية القصرية للأسري الفلسطينيين مذبحة صهيونية
امد / د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
المقــــــــــــــــــــــــــ ـــــالات:
قل خيرا أو..بلاش!
امد / حسن عصفور
بين حين وآخر، يصر البعض المسؤول في "بقايا الوطن"، من الحديث بطريقة تفرض على الانسان التفكير هل يقرأ هذا أو ذاك ما تلفظ به، تحت بند تصريحات، بعد أن يتم نشرها في مختلف وسائل الإعلام، والتي باتت حاضرة بقوة طاغية، وإن حدث وعاد لها لا نعرف ما سيكون الشعور، هل سيصاب بـ"حالة غثيان" كما هو متوقع من غالبية من قرأ أو إستمع أو سمع لها..وربما يصاب بنوبة بكاء نظرا لما قرأ سخافة وسذاجة وعبطا..
موظف سام كبير بدرجة وزير أو ما يماثل، يتحدث عن أنه بدأت "الترتيبات" للذهاب الى مجلس الأمن من أجل إنتزاع قرار" يضع نهاية للإحتلال الاسرائيلي..ليتزامن معه، وبذات التوقيت مسؤول شريك له، نظريا في مكان "سمع القرار"، الى أن هناك "مشاورات ترمي الى معرفة مدى "جهوزية أو إستعداد الدول لمناقشة قرار في مجلس الأمن حول انهاء الاحتلال"، ليخرج عليك ثالث، صاحب الخبرة الأوسع في "إنتاج اللغو السياسي"، بأن "القيادة" ستبدأ الاتصال بالشقيقة الأردن للإتفاق على "كيفية الذهاب" الى مجلس الأمن..
فيما يقفز الى "المشهد" آخر ليعلن بشكل حاسم جدا، وبـ"ثقة يحسد عليها"، قولا فصلا، ان "القيادة" - لم يعد معلوما لها تعريف – ستفكر في القريب العاجل بتنفيذ قرارات المجلس المركزي، ومنها وقف التنسيق الأمني..
وما أن تخرج من صدمات اللغو ذاك، لتصعق بتصريح لمنصب سامي في فصيل مركزي، يقسم ان الرئيس عباس باق في "مناصبه"، وأن الحديث عن "خلافته ليس سوى أمنية إسرائيلية"..
وتظن أن "شهرازد طلع عليها الصباح لتسكت، ولكن لا شهرزاد ولا شهريار بكل ما لهما من سطو وقوة قادران على وقف ما لا يقف "عكا سياسيا"، ففجأة يخرج عليك "مجاهد اسلاموي" ليعلن باسم الله والمقاومة والشعب وأي مارق طريق، ان حركته "المجاهدة" إنتهت من بناء "جيش تحرير فلسطين والقدس"..وطبعا من شدة الحماس نسي أن يخبر الإمة عن ساعة الصفر ليبدأ "التحرير العام والشامل"..
وبالتزامن معها، تنتشر مقولات أن "باب جهنم" سيفتح على دولة الاحتلال، إن هي استمرت في المضي قدما بارتكاب جرائمها أو تدنيس المقدسات، بل أنها ستدفع الثمن مضاعفا لدم الرضيع ووالده، وانها لن تفلت من العقاب والرد الفوري السريع..
تصريحات لا تحتاج لأن تبذل "جهدا عقليا" لتدرك أنها ليس سوى "طق حنك"، وبلا أي قيمة سياسية وتخلو من أي "صدق"، ولكنها تعكس مدى الاستخفاف الذي انتشر في السنوات الأخيرة بالشعب الفلسطيني، وربما قدرة التحمل التي تميز هذا الشعب يظنها أمثال هؤلاء المستخفين بأنها "استسلام" تتيح لهم المضي قدما في نهج "الاستغباء العام"..
تصريحات كتلك ليست سوى انعكاس لحالة فراغ سياسي حقيقي لفصائل أصحاب الأقوال، بل وتعبير عملي عن "العجز الكلي" لمواجهة الواقع بما فيه والرد عليه، صورة تعكس شكلا من اشكال "الهزيمة الكامنة" أو "الشلل الفعلي" أو "الخوف الكبير" الكامن بداخل مطلقي نظريات "الرد قادم" و"باب جهنم سيفتح"، و"سوف نبدأ" و"سنعمل" و"نفكر"..
وما يتجاهله كل هؤلاء أن الشعب الفلسطيني يعلم يقينا، انهم ينطقون كذبا كما يتنفسون، لأن من يريد أن يفعل لا يتحدث بمثل تلك "الصيغ المجهولة" ..
ليت لهؤلاء أن يتابعوا بعضا مما قالته مجموعات شبابية قبل ايام فقط، لتواجهة "مؤامرة الإونروا"، دون شعارات ضخمة جدا، وبلا أي لغة تهديدية أعلنت أنها بدأت في تنفيذ الرد على تلك المؤامرة..خطوات قد تبدو بسيطة غير حاسمة عند "أصحاب الكلام الكبير"، لكنها خطوات بدأت لتستمر، وهم يؤمنون أن الفعل الكبير يبدأ بخطوة..هكذا تعلموا من مسار الكفاح والثورة..القول والفعل متوازيان..
لذا ومن أجل أن يبقى بعض "الاحترام" لتاريخ فصائل المتحدثين ولهم شخصيا، ليتهم يأخذون "هدنة كلام" أو "فترة صمت" تريح الناس وربما تريحهم أيضا..
هل هذا كثير !
ملاحظة: قرار المحكمة الأميركية بتدفيع منظمة التحرير والسلطة 655 مليون دولار عقوبات، هل من مسؤول يحترم الناس ويحكي لهم شو القصة..أم هذا يحتاج لبحث وتفكير وترو..مصارحة الناس والله ليست عيبا ولا نقيصة..
تنويه خاص: رحل نور الشريف..فنان عشقته فلسطين لأنه عشقها كما لم يعشقها غيره من أهل الفن..نور ذهب وهو يعلم أن شعب الجبارين يحفظ له كل ما قدم لقضيته وأمته وعروبته..سلاما ايها الشريف!
آليات التقاعد المبكر!!
الكرامة / د.هشام صدقي ابويونس
اجزم ان جميع ما تم توظيفهم منذ دخول السلطة الوطنية او الذين عادوا معها سيتم تقاعدهم بحكم القانون في مدة 7 سنوات علي الأقل إلا من كان حديثي السن وهم قله بمعني تحصيل حاصل سيكون هناك متقاعدين ولكن ما يتم نشره واتخاذه من قرارات بخصوص التقاعد المبكر أتمني يكون وفق القانون الأساسي ولا يستحدث قانون جديد للذين تقل أعمارهم عن السن القانوني وهو الستون عاماً وهم لا زالوا في ريعان شبابهم أو من يحملون درجات علمية ومهنية عالية لأنني بكل صدق سأجن بل سنجن جميعاً إذا لم يعرف الوطن حقه اتجاهنا وحقوقنا اٍتجاه هذا الوطن .فحق الوطن علي موظفيه كما تعارفت علية الأمم عندما تريد أن تقاعد موظفيها سواءً العسكريين أو المدنين الذين يتجاوز أعمارهم الستين عاماً قضوها في خدمة العمل وبناء مؤسسات الدولة التي تحملوا علي كاهلهم سنوات طوال من البناء عليهم ووفق السن والقانون وإعطاء فرص للأجيال اللاحقة لان البقاء لله وحدة تقوم بمنحهم تقاعد وبعدها يتم تكريم وإجلال المتقاعدين بعد أن خدموا الدولة هذه السنوات الطويلة التي قدموا فيها لأوطانهم زهرة شبابهم فتكافئهم بالرواتب التقاعدية والتأمينات الصحية التي تحافظ على كرامتهم وتوفر لهم حياة كريمة هذا ما يحدث في الأمم التي تحترم موظفيها المتقاعدين ليس لأنهم خدموا مدة طويلة بل على الأقل لآدميتهم .إلا انه في الواقع في بلدنا يتم تفسير هذه الكلمة بشيء واحد فهي تتكون من جزأين (‘موت) و(قاعد).يعني حتى ممنوع تموت (واقف) أو(نايم) لازم تموت وأنت قاعد لأنها هي قرار حكومي للذين أعطوا أعمارهم لهذا البلد الذي نتغنى به دائماً ونرفع شعاراته.لان قصة معاناة الموظفين اجزم بأنها بدأت بعد الانقسام الأسود المرير والذي نتمنى ان ينتهي إلي غير رجعة فهناك التزم ألاف من الموظفين بقرار من شرعيتهم إلي الجلوس في البيوت وهم ليس مستنكفين ولا رافضين ولا مستكبرين عن العمل بل معتكفين عن الفتنة وملتزمين بما صدر إليهم وشيءً فشيءً تحولوا إلي قاعدين وتحملوا ذلك كما تحملوا بناء الوطن لسنوات والكثير منهم ضحي بحياته إما أسيراً أو مقاتلاً في خنادق المعارك في الشتات ومنهم صاحب علم وفكر وكارزمه ومنهم من قام ببناء مؤسسته حجر حجر. فالتقاعد المبكر الذي يتم تداوله اليوم ما هو إلا إجحاف بالموظفين بصفة عامة والذين التزموا بقرارات مركزية من الشرعية بصفة خاصة او من بلغت خدمتهم ال 18 عام كما يروج له حسب وسائل الإعلام . فاليوم نسمع ونقرأ سيتم تحويلهم من قاعدين إلي متقاعدين وغداً إلي (مات قاعد) وهم في ريعان شبابهم فالمتعارف عليه علمياً ونفسياً إن من سن الأربعين وما فوق يبدأ النضوج الفكري وتبدأ الثورة الفكرية وتبدأ حكمة القيادة إلا في وطننا فيبدو أن يجلس الفكر وتجلس الكارزمه ويجلس أصحاب العلم في البيت حتي تموت وهيا قاعدة، وحتي يتم جني المبالغ الطائلة التي تجبيها مؤسسة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وحتي تستريح الموازنة العامة وتنتعش حصة التأمينات التي لا تدفع المبالغ التي حصلتها من الموظفين طيلة خدماتهم إلا بعد تجاوز خدمتهم 18 عاماً (التقاعد المبكر) أو ببلوغهم الستين (التقاعد النظام) فيصبح بعدها المتقاعدون ممنوعون من التقسيط أو الإقراض أو حتى من التكريم . والمتقاعدون ليس لهم وجود في حفلات الدولة الرسمية وحتى الرياضية والترفيهية. هم ناس (بلا صلاحية) لأن بلادهم قد (مصت) دماءهم. هم فقط لحم وعظم وآهات.. لكن دول الحضارات المتقدمة المتقاعد.. هو أول ضيف للدولة وفي الصفوف الأمامية في مناسباتها الرسمية.والمتقاعد.. يذهب البنك والمصرف إلى بيته..والمتقاعد.. يذهب إليه الطبيب والإسعاف وحتى غرفة نومه والمتقاعد.. له سعر مخفض في مخازن الأغذية والطيران.إلا في بلادنا العربية له الخيار تذهب إلى المسجد أو المقبرة (مُت قاعد.) وإذا فعلا تم تطبيق التقاعد المبكر كما يروج لهذا القرار حلياً والموظفين لازالوا في ريعان شبابهم وعقولهم وعلمهم وفكرهم فسيصبح بدل التكريم والاحترام وتوفير سبل العيش والراحة سيصارع المتقاعد من أجل البقاء على قيد الحياة، فلذا من حقهم أن يبقوا في أماكن عملهم وإعطائهم الرغبة في الاستمرار أو عدمه وليس إرغامهم علي التقاعد ومن ثم ذهابهم إلي المقابر (موت القاعد) بعد إصابتهم بالجلطات والأزمات القلبية واللوثة العقلية هذا ليس من باب الشفقة ولكن من باب الواجب الذي ينبغي أن يؤدى لهم وليس لسواهم، ومن واجبات الوطن اتجاههم لما قدموه له من تضحيات جسام لا تقدر بثمن . فنتمنى كل ما سمعناه عن التقاعد المبكر ما هو إلا نسيج من الخيال ولا أساس له من الصحة وما هو إلا إعلام فقط لأنني أخشي ما أخشاه أن أستيقظ ذات صباح وأجد ألاف من الموظفين سيتحولون من قاعد إلي متقاعد...ألي مُت قاعد.
كاتب ومحلل في الاقتصاد السياسي
" شبابنا واليوم العالمي للشباب "
صوت فتح / عبد العزيز الحيلة – أبو جهاد
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12" آب / أغسطس" من كل عام يوما دولياً للشباب ، وذلك إقراراً وتقديراً من المجتمع الدولي لأهمية وتأثير دور الشباب في تحديد مسار وطبيعة التنمية البشرية للمجتمعات والأمم على مر العصور والحضارات المتعاقبة ، وقد تم أقرار هذا اليوم كمناسبة عالمياً خاصة بالشباب من قبل الأمم المتحدة بتاريخ "17 ديسمبر/عام 1999م " وذلك بناء على التوصيات التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسئولين عن الشباب في دولهم والمنعقد بمدينة لشبونة في صيف 1998"م" .
وفي كل عام يتم اختيار موضوع ما للاحتفال به في هذا اليوم ، وموضع احتفال عام 2015" م " ، سيكون تحت عنوان - إشراك المواطنين الشباب –
فمشاركة الشباب في صناعة ورسم الخطط والبرامج والاستراتيجيات العامة وكذلك إشراكهم المباشر في إدارة شؤون الدولة هو أمر ضروري ومهم لتحقيق تنمية بشرية حقيقة تخدم النهضة الشاملة والمتكاملة للأوطان ، ومع ذلك فالمجالات المتوفرة والمتاحة أمام الشباب للمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي محدودة جدا إن لم تكن معدومة للغاية .
وتشير الإحصاءات الرسمية إن نسبة الشباب من سن (15/29) في فلسطين بلغت (30%) من المجمل العام للمواطنين،علما بأن تقديرات ومعطيات جهاز الإحصاء المركزي تفيد بان عدد السكان الإجمالي منتصف عام 2013) ) بلغ (4.42) مليون نسمة، حيث يظهر التوزيع العمري للسكان أنا المجتمع الفلسطيني هو مجتمع فتي وشاب وسيبقي لفترة زمنية طويلة مجتمعاً فتيا .
لكن رغم الأكثرية الاجتماعية للشباب مازال الشباب الفلسطيني يعيش ظروفاً استثنائية قاسية ، وتحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة ، تحول دون مشاركته الفعالة والحقيقة في عملية التنمية العامة للبلاد ، وذلك في ظل المتغيرات المتلاحقة والسريعة والمنعطفات الحادة التي تشهدها الساحة الفلسطينية بشكل دائم ، ومما لا شك فيه إن التحولات السياسية بالتحديد ، ساهمت وبشكل مباشر وكبير في تغيب دور الشباب عن مجمل المشهد العام بكل تطوراته .
ومازال الشباب الفلسطيني رازح بين المطرقة والسندان ، مطرقة الاحتلال المدمر لكينونتنا البشرية ، وسندان ضعف الإمكانيات المادية وغياب البرامج والمشاريع و الرؤية الواضحة والصادقة تجاه القضايا الوطنية ، التي تهدف إلى صناعة جيل شبابي ريادي قادر على مواجهة التحديات المستقبلية بكل قوة وثبات ، وحينما تكون روح المسؤولية عالية لدي قاده شعبنا تجد هناك حلول إبداعية للتغلب على كل المعيقات والحواجز التي تمنع تقدم وتميز شبابنا .
وفي هذا السياق نؤكد على أن عمليات البناء والتطور والانطلاق بالمجتمع نحو الأفضل لتحقيق أهداف وأمال وتطلعات الأمة ، يكون عبر المشاركة الكاملة للشباب في العمليات والبرامج التنموية ، لما لدي الشباب من قدرات عقلية ومهارات تواصلية وأساليب فكرية وعضلية تمكنه من تنفيذ أهداف وخطط التنمية وتحقيق غاياتها وبناء الاستراتيجيات الناجحة من أجلها، فالمجتمعات التي تتجه نحو التنمية والبناء تتخذ من الشباب نقطة ارتكاز وانطلاق إلى الإمام للالتحاق بركب الدول المتقدمة والمتطورة حيث يكون دور الشباب طليعي وحيوي في كل مراحل البناء والعطاء .
وفي هذا اليوم ندعو كل الجهات الحكومية والأهلية والخاصة إلى الاهتمام بالشباب وقضاياهم ومعالجة مشاكلهم وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم المشروعة والعادلة والتي هي بالأساس هدف استراتيجي للدولة والأمم
د. محمد مصطفى.. قبضة المال
امد / بثينة حمدان
بيده اليمنى يدير المال، وباليسرى يضع خطط الإصلاح والتنمية في دول العالم النامي، كانت آخرها مبادرته لتعزيز المسار الاقتصادي الفلسطيني بتعزيز القدرات المحلية. تركزت تجربته الواسعة في البنك الدولي. لكن هذا كله لا ينفي أنه لا يجيد القيام بأبسط الواجبات المنزلية كالتسوق من متجر صغير! إنه الدكتور محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، من قرية سفارين، مواليد كفر صور عام 1954.
اتسمت حياته بالانشغال الدائم منذ صغره، لذا فاته الكثير من مغامرات ومشاكسات الطفولة والمراهقة. الرجل صاحب الملامح الجادة والعابسة إجمالاً، هو شخصية يصعب قراءة مشاعرها إلا أنه ودود تسعده أبسط المواقف كوجبة همبرغر، وتبكيه أخرى..
ابن الشاويش
هو ابن الشاويش عبد الله محمد مصطفى الذي كان يعمل في حيفا وابن قرية سفارين قضاء طولكرم المعروفة بأعلى نسبة تعليم في فلسطين والمهجر حسب احصائيات منظمة الأمم المتحدة عام 2010، كما يعود اسم القرية إلى الأسفار والكتب.
ولد محمد عام 1954 في قرية كفر صور حيث هاجرت عائلته بعد نكسة عام 1967 وهي بلدة والدته، وفيها أطلق على العائلة لقب "السفاريني" نسبة إلى مسقط رأسه. محمد هو الابن الأوسط بين إخوته الذكور الثلاثة والخامس بين ستة اخوة وأخوات، ورغم أنه ليس الابن البكر ولا آخر العنقود إلا أنه كان الطفل المدلل، ويتهم اخوانه والده دومًا بالتحيز له. ويبدو أنه يستحق ذلك كونه كان طفلاً هادئًا متسامحًا ومتفوقًا، لا يشغل بال والديه، باختصار هو الأقل مشاكل بين اخوته وحياته تسير بسلاسة.
حارس المرمى والسن المكسور
بصعوبة بالغة مستمدة من جديته وتركيزه الذي يبدو وكأنه ملامح عابسة كما يظهر عبر عدسات الكاميرا، بل إن زوجته وصفته بأنه يتصرف كرجل كبير منذ تعرفت عليه وهو في العشرينيات، لذا تحدث عن هواياته صغيرًا بصعوبة، فكان حارس مرمى جيدا في لعبة كرة القدم سواء في فريق المدرسة أو فريق الحي، انكسر سنه الأمامي خلال إحدى المباريات. كان يقضي وقته أيضًا في قيادة الدراجات الهوائية التي يستأجرها وأصدقاؤه ويجوبون بها أراضي لوز وزيتون كفر صور. في المدرسة اعتاد أن يفشي أحد أساتذته له نبأ أنه الأول على صفه، وكانت هذه إشارة واضحة ومباشرة ليجلب في اليوم التالي الحلوان وهو عبارة عن علبة شوكولاتة سلفانا كانت دارجة في ذلك الوقت. اعتاد طوال حياته أن يقضي وقته بين الدراسة والعمل، فأخفق في مهام بسيطة كالتبضع للبيت أو القيام بالواجبات الاجتماعية.
الصحفي الجامعي
بعد النكسة أصبح والد محمد يعمل في الكويت وبعد سنوات التحقت به العائلة، كان ذلك عام 1969 أي وهو في الخامسة عشرة من عمره وفيها أنهى الثانوية العامة، ثم درس هندسة الكهرباء في جامعة بغداد، ولم يعد إلى فلسطين إلا بعد عام 2005، وفي الجامعة كان صحفيًّا هاويًا حيث كرس نشاطاته الجامعية القليلة في اصدار مجلة لطلبة الجامعة، وحتى اليوم يشهد له زملاؤه حرصه على سلامة اللغة ومع ذلك فإنه يعتقد أن لغته العربية تأثرت خاصة في مجال الخطابة كونه عاش في أميركا أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا.
فلسفة القراءة
لا أحد ممن قابلتهم للكتابة عن سيرة حياتهم إلا ويمارسون عادة القراءة، فالكتاب لا يزال هو الجندي المجهول الذي يقف وراء الانتصارات والنجاحات، فها هي طفولة محمد الهادئة والمنشغلة بالدراسة حولته إلى قارئ نهم، حتى إنه كان يضع الكتاب إلى جانبه أثناء لعب الورق وهي هواية تركها ربما منتصف العشرينيات لعدم توفر الوقت. القراءة لديه ليست ذات رغبة أو توجه، فقال: "أقرأ في الأدب والفلسفة والسياسة والاقتصاد، ولم تصبح لدي صبغة فكرية أو فلسفية معينة".
لذا لم يكن لديه كاتب مفضل، سوى في فترة واحدة في حياته حين عاش في العراق، حيث راقت له أفكار عالم الاجتماع العراقي علي الوردي وهو أكثر شخصية برأيه فتحت له آفاقًا جديدة في فهم العديد من القضايا، فالوردي عالم اشتهر بأفكاره العلمانية والموضوعية ومن أبرز مؤلفاته "مهزلة العقل البشري" و"وعاظ السلاطين"، وفيها حاول فهم الطبيعة البشرية المترفة بمنطق اجتماعي.
فاته قطار المراهقة
من منا لم يحب في فترة المراهقة أو حتى أوهمته نظرة ما بقصة ما.. يبدو أن الدكتور محمد مصطفى هو الوحيد الذي لم يفعل ذلك، فكان انشغاله بالدراسة واكتظاظ الأرقام في رأسه لا سيما مع عشقه للرياضيات هو الطاغي في حياته. فعلق قائلاً: "أعتقد أنني سأخيب أملك...". ويبدو أنه "يندم" على ما فاته من مغامرات وسهرات.. لكن رغم أنه لم يعش مغامرات الحب إلا أنه استسلم لامرأة واحدة.
محمد مصطفى.. زوج مرفوض!
عندما تخرج عام 1976 عاد إلى الكويت، وكانت تربط عائلته علاقات مع عائلة زوجته آمال القاق ابنة قرية سلوان التي كانت وقتها لم تنه الثانوية العامة، أعجب بها وقبل أن يقع في الغرام كانت المعادلة الرياضية واضحة بالنسبة إليه: "فتاة جميلة ومهذبة+ عائلة محترمة+ اعجاب= زواج". لكن يبدو أن المعادلات الاجتماعية ليست بهذه الدقة فقد تم رفضه ببساطة لأن العائلة تريد لابنتها أن تتابع دراستها، هذا رغم أنه كان يعمل مهندسًا آنذاك في إحدى الشركات الكويتية.
بعد عامين أعاد محمد طلب يدها وكان قد ترفع إلى مسؤول المهندسين في تلك الشركة. وافقت العائلة ووافقت آمال أن ترتبط بـ: "شاب وسيم، طموح، ومهذب" كما قالت لي وتحولت هذه المعادلات إلى زواج عام 1980 ثم عائلة فيها مصعب ويزن. وحول انشغاله وسفره ومسؤولياته الكثيرة البعد عن الزوجة والعائلة إلى حب وشوق أكثر فأكثر...
الطريق إلى الموسيقى
كان له صديق عراقي تركماني أيام الدراسة هو بطل العراق في لعبة الشطرنج والثالث على مستوى العالم، وهو كان السبب في احتراف محمد اللعبة وتعلم الاستماع للموسيقى الكلاسيكية العالمية، ففي العراق أذهلته فكرة وجود أوركسترا كانت تعزف وقتها خلف مايسترو هولندي مكونة من مئة عازف وعازفة تعزف في وقت واحد وضمن نسق وتناغم جميل.. نقل الهوايتين للعائلة؛ فتعلم ولداه الشطرنج واشتركت العائلة في مركز للفنون خلال تواجدهم في أميركا لحضور حفل موسيقي مرة في الشهر على الأقل.
حظ "بفلق" الصخر.. بثلاثين ألف دولار!
كان أول عمل له هو بعد أن تخرج من جامعة بغداد مهندساً في مكتب استشاري، ثم في شركة مقاولات كويتية - إنجليزية مشتركة، وفيها كانت فرصته وحظه "اللي بيفلق الصخر" حيث كان لمشاكل الشركة والإدارة فوائد عليه فكان أول قرار بعد تغيير الإدارة تعيينه رئيسًا للمهندسين، ليصبح وهو في الخامسة والعشرين مسؤولاً عن ثلاثين مهندسًا ونحو ثلاثمئة موظف وموظفة.
لم يكن المنصب فقط التحدي له بل الكارثة التي وقعت فيها الشركة لتفي بالتزاماتها في أحد العطاءات الضخمة التي رست عليها، حيث لم تصل الشحنة التي كانت مقررة من إسبانيا، وكان المطلوب من رئيس المهندسين الجديد الحل، خلال أيام قدم محمد المقترح بالتعامل مع شركة أميركية تستطيع أن توفر الشحنة المطلوبة وبمواصفات قريبة من المطلوب بعد بحث مستفيض عن شركة تستطيع أن تقوم بالمهمة وهو بحث في وقت لم يكن فيها العم "جوجل" موجودًا! وافق مالك الشركة وسافر محمد إلى أميركا ليتمم الاتفاقية وهناك أكل أول وجبة هامبرغر.
كان المقابل مغريًا مقابل إنهاء أزمة الشركة وهو مكافأة قيمتها عشرة آلاف دينار كويتي –ما يعادل ثلاثين ألف دولار- وهو المبلغ الذي سند العائلة عندما قرر الرحيل إلى أميركا للدراسة لاحقًا، فالدكتور وبصراحة اعترف أنه لم يحب مهنة الهندسة الشاقة وابتسم وهو يشير إلى أنه يفضل ربطة العنق فتحول بدراسته نحو المال والأعمال والاقتصاد.
عمل مصطفى في معهد الكويت للأبحاث العلمية والاقتصادية محللاً ومستشارًا اقتصاديًّا للدراسات والمشاريع، وفيها خاض أولى تجارب الخصخصة التي بدأ الكويتيون يتوجهون لها عام 1989 فساهم وزملاؤه بادخال أول شركة موبايل، وفي إعادة تأهيل قطاع الاتصالات وخصخصة وزارة الاتصالات الكويتية.
كتب طرائف.. هدية للرجل العابس!
بعد سبع سنوات من العمل والنجاح في الكويت قرر أن يتابع دراساته العليا ويترك وظيفته وراتبه المغري ليسافر وزوجته وابنه مصعب إلى أميركا حيث تابعت زوجته دراستها، والتحق هو بجامعة جورج تاون وفور التحاقه ببرنامج الماجستير كان أستاذًا مساعدًا في الجامعة، ثم حصل على درجة الدكتوراة وكان عنوان رسالته: "نظام جديد لدعم اتخاذ القرار في تخصيص الموارد المالية للمشروعات العامة في الموازنة، مع مراعاة العوامل المختلفة بما فيها المالية والاقتصادية والاجتماعية".
لا يذكر الدكتور محمد مصطفى أنه كان يلاعب طفليه لكنه كان يصطحبهم بعض الرحلات ويهتم بحضور نشاطاتهما في المدارس ومن بعيد يتابع تفاصيل البيت لحظة بلحظة. وفي الجامعة بأميركا لاحظ زميله أستاذ الرياضيات توم ساعاتي جدية الدكتور، فأحضر له هدية غريبة هي خمسة عشر كتابًا من النكت التي جمعها الأستاذ، فقد وجد ببساطة أن الطلبة بحاجة للتسلية ليستطيعوا فهم المادة العلمية المعقدة التي يشرحها، ضحك محمد مصطفى وهو يقول: "أفكر أن أفعل مثله"!.
الحظ حليفه.. مرة أخرى
بعد الدكتوراة حصل على عرض للعمل في البنك الدولي في إدارة الغاز والبنزين، لكن رغبة العائلة كانت العودة إلى الكويت، وافق الدكتور ولم يرفض عرض العمل، سافروا ليبدأ الاجتياح العراقي للكويت (1990) في الوقت الذي استعدت فيه العائلة لاستقبال الابن الثاني بعد عشر سنوات من الغربة والدراسة والعمل، وبسرعة اتخذ الدكتور قرار العودة إلى أميركا، فيما بقيت زوجته وهي في شهرها الأخير من الحمل، كان لا يريد لابنه أن يتأخر عن دخول الصف الأول فأخذه إلى الأردن وتركه في رعاية أخت زوجته وغادر إلى أميركا، وبعد شهور لحقت به زوجته.
عمل مصطفى في إدارة الصناعة والطاقة لمنطقة افريقيا ثم تنقل بين عدة إدارات في البنك فعمل في قسم أوروبا الشرقية ثم إدارة البنية التحتية والخصخصة لمنطقة الشرق الأوسط واكتسب خبرة في مجال ترخيص وتطوير شركات الاتصالات مثل شركتي أورنج وفاست لينك في الأردن وشركة الاتصالات السعودية، وشركات في مصر ولبنان وأفريقيا وبلغاريا وروسيا إلى أن عاد عام 1995 مع أوسلو ويمضي عامًا ونصف العام للمساهمة في تأسيس قطاع الاتصالات في فلسطين انطلاقاً من خبرته في الدول النامية التي تعيش ظروفاً قاسية وفقيرة مشابهة، ثم عاد للبنك الدولي، وفي عام 2005 عاد نهائيًّا إلى فلسطين.
رحيل الوالدة بين مسؤولياته الكثيرة
كان الوقت ليلاً حين شارك الدكتور في اجتماع للبرلمان الأوروبي في سالزبورغ ضمن وفد مع الرئيس أبو مازن، للخروج من الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية التي ترأسها اسماعيل هنية عام 2006، وفي الصباح سار في جنازة والدته وتقبل واجب العزاء قبل أن يلتحق بالوفد ليلاً. وفي الكواليس وعندما يحتضن وسادته ربما بكى وتذكر أمه التي كانت نحلة البيت التي تستيقظ قبلهم وتصر على أن تقوم بكل شيء بنفسها ابتداءً من حقائب أبنائها المدرسية و"العصرونة" إلى أن تطمئن أنهم يحلمون كلٌّ على وسادته.. ورغم هالة المال والسلطة إلا أنه قد يبكي وفعلها حزنًا على موت والد زوجته الذي كان يحبه.
... وتبقى الدراجة الهوائية
يعتقد محمد مصطفى أنه حقق أكثر مما توقع من قدراته بل إنه لم يتخيل أنه سيكون له كل هذه التجارب وأن الحظ سيكون حليفًا له، وفي عام 2005 أي بعد فوز الرئيس أبو مازن بالانتخابات كان يبحث عن شخص مناسب ليترأس صندوق الاستثمار، ويبدو أنه سمع ممن حوله عن الدكتور مصطفى وخبرته وكانت أول مرة يقابل فيها الرئيس في أيار بعدها استقر في الوطن بعد غياب طويل، عيّنه الرئيس مستشاره الاقتصادي ريثما تصبح وظيفة الصندوق جاهزة بعد شهور قليلة.
رغم المنصب والإنجاز والمسيرة الطويلة يبقى طموح الدكتور محمد مصطفى فلسطينيًّا خالصًا وهو أن يعيش لحظة الاستقلال، وقتها سيعود إلى حياته الطبيعية بعيدًا عن السياسة والاقتصاد. لكن حلمه الشخصي عدا عن رغبته في قضاء وقت مع عائلته أن يقتني دراجة هوائية التي لم يمتلكها يومًا وينطلق..
عن الحياة الجديدة
مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها
صوت فتح / د. حنا عيسى
لقد جرت صياغة مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة على الشكل التالي:
" يمتنع جميع أعضاء منظمة الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه أخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة( الفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة).
و يكمن الشيئ الرئيسي في مضمون مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في حظر الحرب العدوانية, أي حظر اللجوء إلى الحرب في العلاقات بين الدول... لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام "وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الحرب في العلاقات بين الدول... لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام" وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الدولة التي لجأت إلى مثل هذه الحرب
وينص هذا المبدأ على حظر ما يلي:
1. أية إعمال تشكل التهديد باستعمال القوة أو استعمالها المباشر أو غير المباشر بحق دولة أخرى.
2. استعمال القوة أو التهديد باستعمالها بهدف التعدي على سلامة الحدود الدولية لدولة أخرى أو حسم الخلافات الدولية أو حل المسائل المتعلقة بالحدود الدولية أو خرق خطوط الفصل الدولية بما في ذلك خطوط الهدنة.
3. فرض العقوبات باستعمال القوة المسلحة(مثل, الحصار السلمي المزعوم أي ضرب طوق الحصار المستعمل بالقوات المسلحة في زمن السلم ضد دولة أخرى.
4. تشكيل القوات غير النظامية أو العصابات المسلحة بما فيها عصابات المرتزقة أو التشجيع على تشكيلها.
5. تنظيم إعمال الحرب الأهلية أو الأعمال الإرهابية في دولة أخرى أو التحريض على هذه الأعمال أو مساندتها أو المشاركة فيها أو المساعدة على تنظيم النشاط من هذا النوع من حدود الأراضي الوطنية بما في ذلك الأعمال الهادفة إلى التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
6. الاحتلال الحربي لأراضي دولة أخرى و الذي ينجم عن استعمال القوة خلافا لميثاق منظمة الأمم المتحدة.
7. الاستيلاء على الأراضي لدولة أخرى على اثر التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
8. الأعمال التعسفية القمعية التي تحرم الشعوب من حقوقها في تقرير المصير و الحرية و الاستقلال.
ومع إقرارها تعريف العدوان المسلح في عام 1974م وضعت الجمعية العامة قائمة ( غير نهائية) لتلك الأعمال المحظورة بالقانون الدولي التي " تعتبر من اخطر إشكال استعمال القوة غير الشرعي".
هذا ويعد الحق في الدفاع عن النفس أحدى أهم قواعد القانون الدولي المعاصر ذات الصلة الوثيقة بمبدأ تحريم استعمال القوة أو التهديد باستعمال القوة. وتتضمن المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة صيغة لهذه القاعدة, إذ تنص على أن " هذا الميثاق لا يمس أبدا الحق غير قابل للتصرف في الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس, إذا حصل الاعتداء المسلح على عضو من أعضاء المنظمة ".
إن الدفاع عن النفس ليس استثناء من مفعول مبدأ حظر استخدام القوة والذي يعني حظر المبادرة في استعمال القوة
وحق الدفاع عن النفس يشكل حقا في القيام بأعمال جوابية من قبل دولة تعرضت لاستعمال القوة المسلحة ضدها من جانب دولة أخرى. وتحصر المادة 51من ميثاق الأمم المتحدة استعمال القوة المسلحة لدى الدفاع عن النفس بحالات الاعتداء المسلح.
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة ,و بالتالي وفقا للقانون الدولي المعاصر لا يحق لدولة أو دول إن تستعمل القوة المسلحة ضد دولة أخرى إلا في حالتين فقط هما:
1. من خلال المشاركة في تنفيذ الإجراءات بقرار صادر عن مجلس الأمن بهدف درء الحظر على السلام أو إزالته وصد الأعمال العدوانية أو غيرها من انتهاكات السلام (في إطار منظمة الأمم المتحدة).
2. من خلال تحقيق حق الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس في حال التعرض للاعتداء المسلح. وفي هذه الحالة يمكن للدولة أن تعمل ضد المعتدي على انفراد أو في التحالف مع دول أخرى..
هذا ويعتبر حظر الدعاية للحرب جزءا مكونا للمبدأ المذكور, يمكن اعتباره أيضا بصفته قاعدة منفردة.لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م انه"وفقا لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها يتوجب على الدول أن تمتنع عن نشر الدعاية للحروب العدوانية".و تعني القاعدة المشار إليها أن الدول يجب عليها أن تحول دون قيام أجهزتها بنشر الدعاية للحرب.
فضلا عن وجوب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع نشر الدعاية للحروب في أراضي تلك الدول من قبل أشخاص أو منظمات....الخ.
مأزق "حماس" و"السلفية" في غزة ؟ (3/3)
امد / بكر أبو بكر
أشرنا بالحلقتين الاثنتين السابقتين إلى أبرز تعريف للسلفية، والى مؤسسها الأهم حديثا وهو الشيخ محمد بن عبدالوهاب في القرن 18، كما تعرضنا لأقسامها الثلاثة وعرجنا على السلفيين في غزة والشيخ الأسطل الذي تعاديه حماس، ثم عرض لانشقاقات حماس تجاه "السلفية" ، وتعرضنا لهجوم "داعش" ل"حماس" ومحمود طالب كنموذج لرجال "السلفية القتالية" في غزة، وتحدثنا عن منازلة عام 2009 عندما قتلت "حماس" سلفيي رفح-غزة بعنف، لتدخل وساطات خارجية لاخراجهم من السجون وغرف التعذيب، ونكمل
التفجيرات في غزة
عاشت غزة في السنوات ما بعد 2013 حتى اليوم سلسلة من التفجيرات من مثل تفجير منصة الاحتفال باستشهاد الرئيس ياسر عرفات (2014)، وتفجير منزل الرئيس أبو مازن وكذلك منزل النائب العام ، وبوابة وكالة الغوث في غزة ومقرات للأمن الداخلي التابع لحماس ، بل ومساكن لحماس وسياراتهم في سلسلة متواصلة زعزعت (الأمن) الذي لطالما تغنت به "حماس" ففقد الكثيرون من قادتها صوابهم ليوجهوا الاتهام نحو الأيقونة المعروفة أي إلى (الخونة في رام الله) والى "إسرائيل"، وأحيانا يضيفون أجهزة عربية استخبارية.
القيادي السلفي أبو العيناء الأنصاري يعترف جهارا نهارا بأن السلفيين قاموا ب(عمليات فردية) تفجيرية كما أسماها، كما يعترف د.أحمد يوسف بذلك ويسميها "جرائم" إلا أن أمثال صلاح البردويل ويحيى موسى من قيادة "حماس" يستمرون بالتعامي عن الحقائق، وتوجيه المعركة خارج غزة، مع تواصل عمليات الاعتقال والتعذيب للسلفيين وغيرهم.
إن التفجيرات التي تتوزع فيها الاتهامات لحماس نفسها (قول السلفيين) أو لرام الله (قول بعض "حماس") أو تنسب للسلفيين (اعترافات أشرنا لبعضها) جعلت من حماس في حالة توتر دائمة وتحفز ضد السلفيين ما أقلق راحة "حماس" وأجهزتها الأمنية التي تستولي على غزة.
لماذا يعادون حماس؟
بعد هذا الشرح الموجز للعلاقة المتوترة لحماس مع مخالفيها عامة، وبالتخصيص هنا ضد السلفيين، بإمكاننا القول أن أبرز أسباب هذا التوتر او العلاقة المتذبذبة إلى حد العدائية أحيانا يرجع للأسباب التالية (من وجهة نظر السلفيين على الأقل):
1. إن "حماس" لا تطبق الشريعة ، ويصل الاتهام ببعضهم ل"حماس" أنها علمانية، ما يعني بالتعدي أنها كافرة. (بالطبع كما هي حركة فتح أو الشعبية مثلا)
2. انها شاركت في الانتخابات الديمقراطية، والمجلس التشريعي ما هو كفر وشِرك.
3. إنها (أي حماس) انخرطت بالمفاوضات وإن بطريق غير مباشر وبالعملية السلمية ، بل هي وحسب لفظ ايمن الظواهري (لحقت بركب السادات).
4. "حماس" تخضع لدستور وضعي "علماني" (العلمانية مرادف للكفر لدى كثير من التنظيمات الاسلاموية).
5. تتعامل مع أمريكا والقرارات الدولية ، ومع ايران.
6. انها حركة انتهازية لا علاقة لها بالإسلام أو المقاومة.
أين (اسرائيل) من ذلك ؟
لا يمكن عزل العامل الإسرائيلي عن الحدث الفلسطيني مطلقا ، ولا عن الحدث الداخلي فيما بين حركة "فتح" و "حماس"، أو بين السلفيين و"حماس" فالسياسة الإسرائيلية التي تتفلّت من أي التزام بالتسوية تعمل على تخفيض حدة التوتر مع شطري فلسطين السياسية أي غزة والضفة وفق سياسة تعميق الانشقاق والانقسام و الانفصال ، وفيما يتعلق بالوضع دائم الاضطراب في غزة تقول صحيفة المصدر العبرية في (23/5/2015) إن ("حماس" لا تشكل تهديدا فوريا ، وان استمرارها يضمن الانقسام ، بل أن وجودها يعطل حدوث حل شامل ، ما هو جيد للإسرائيليين) .
أما الجنرال الإسرائيلي "غانتس" فيلقي محاضرة في المؤتمر السنوي لمعهد الامن القومي الاسرائيلي ليقرر في ورقته أن "حماس" ليست اللاعب الوحيد في غزة ، ويقدم لها شهادة حسن سلوك بأنها (تحاول منع اطلاق الصورايخ) والحفاظ على التهدئة) وهذا ليس حبا في "حماس"- ما يشير إليه بنفس الوتيرة حين يتحدث الإسرائيليون عن السلطة- وإنما لرغبة وتصميم في زيادة الشرخ الفلسطيني والإمساك بخيوط اللعبة.
أما الإسرائيلي (نمرود شفر) فيكتب في صحيفة "معاريف" (6/7/2015) وهو رئيس شعبه التخطيط في الجيش الإسرائيلي فإنه يعلن (إن "حماس" أبلغت "إسرائيل" عبر الوسيط التركي والمصري أنها تتعاون في إطار جهود القضاء على السلفيين في غزة وسيناء) وهنا مربط الفرس بالنسبة لهذه الورقة في العلاقة بين "حماس" و"السلفيين".
"حماس" إلى متى؟
إن تنظيم "حماس" يحاول أن يتعامل أو أن يوفق بين تقاطعات وتشابكات الداخلي في غزة، والوطني الفلسطيني العام، والإقليمي، بل والدولي فيجد نفسه في بحر متلاطم من التناقضات التي لا يستطيع أن يمر فيها أو يتخطاها أو يتعامل معها بسهولة.
تيارات "حماس" المتوزعة بين غزة والضفة وقطر ، وبين المتشدد الذي لا يجد ولا يرى عدوا له إلا السلطة، وبين ذلك الوسطي أو الواقعي تتخبط التيارات في خضم مصالحا ونزقها في مختلف الملفات سواء بالعلاقة مع المصريين الذين تقدم لهم النوايا الحسنة وتجلدهم ليل نهار عبر فضائياتها أو باللسان المزدوج في التعامل مع حركة فتح.
تتخبط "حماس" عامة بالشأن الفلسطيني حيث رغبة البعض فيها بتسليم السلطة والتفرغ "للمقاومة"، وتحقيق الوحدة الوطنية، لكن إرادة المتنفذين تقضي بعدم التخلي عن الأرض والسلطة والمصالح الحزبية مطلقا، أي ما بين مد الجسور من البعض، وما بين الصوت العالي والسيف المشهر ميدانيا وفضائيا من خلال: اتهام وشتم وتخوين متكرر منذ أعوام (انظر صلاح البردويل ويحيى موسى ومشير المصري ... )، كما يتضح حجم التمسك الرهيب بالسلطة ولذائذها في غزة مقابل اتهام (سلطة رام الله كما تسميها) بكل الرذائل والقبائح والمصائب كعلّاقة (شماعة) تعلق عليها كل مآسي القطاع الحزين.
تحار "حماس" في الاستدلال على طريقة مُثلى لكسب الشارع الفلسطيني خاصة في غزة، فهو شارع واعي ويرى وليس مغفلا أو غبيا، فتعمد أن تكرر يوميا إيهامه بأنها تنظيم ملائكة (أنظر يحيى موسى الذي اعتبر أمن حماس كالملائكة) وأنهم أصحب الحق والشريعة والإسلام (أنظر تصريحات الزهار) أو أنهم حصريو المقاومة ما يكرره الغالب فيهم يوميا ، وما لا يصدقه الواقع البشري والإنساني أصلا ويصب في خانة المبالغة والكِبر والنزق.
وإلى ما سبق يقع تخبطها بين الآراء والتيارات في التعامل مع السلفيين – الذين، وان لم يشكلوا لها مشكلة كبيرة اليوم فإن التوسع خاصة من (السلفية القتالية) مرشح للازدياد حيث تقوم بإتباع الطريقة المثلى لديها والأيسر وهي كتم الصوت وتكيم الأفواه عبر الاعتقالات والتعذيب والسجن ومنع اطلاق الصواريخ ، وتشويه مخالفيها جميعا ، وما بين ادخال وساطات عربية أو داخلية ، وما بين فتح الحوار معها.
إن واقع الأزمة الفلسطينية الداخلية لحركة "حماس" سواء مع السلفيين أوغيرهم مرشح للازدياد ، والحل سواء للقيادة الفلسطينية في السلطة أو لدى حماس معروف ويحتاج منها لمن يعلق الجرس
مَن يُعيق اصلاح النظام السياسي الفلسطيني ؟
امد / أ-د/ إبراهيم ابراش
كثيرون كتبوا وتحدثوا عن الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا ، بل إن العالم كله أصبح يُدرك حقيقة إسرائيل العدوانية والإرهابية ،فجرائم إسرائيل يندى لها جبين البشرية ،وجريمة إحراق الطفل الدوابشة ليست الوحيدة بل تضاف لآلاف الجرائم التي تم ارتكابها منذ أن ظهرت الحركة الصهيونية متحالفة مع القوى الاستعمارية في بداية القرن العشرين. ولكن السؤال يفرض نفسه بعد كل جريمة صهيونية وبعد كل مأزق سياسي أو عدوان عسكري ،ما العمل ؟ وهل يمكن المراهنة على التأييد العالمي فقط حتى تتوقف إسرائيل عن إرهابها وعدوانها ونستعيد حقوقنا ؟ أم هناك حلقة مفقودة تتعلق بنا كفلسطينيين ؟ .
مع اعترافنا بالمسؤولية التاريخية للغرب وللدول العربية عن مأساتنا التاريخية ، وأن المواقف وردود الفعل الدولية والعربية ما زالت قاصرة وليست في المستوى المطلوب للرد على إسرائيل ، إلا أنه ومهما كانت المواقف وردود الافعال الدولية والعربية المؤيدة لنا فإنها لن تشكل بديلا عن فِعلنا الذاتي الوطني ، والعالم لن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين . وعلينا الاعتراف بوجود خلل فلسطيني في إدارة الصراع مع إسرائيل وفي إدارة شؤوننا الداخلية .
لا يمكننا مواجهة الاحتلال وجرائم المستوطنين بنظام سياسي فلسطيني منقسم وعاجز حتى عن إدارة أموره الداخلية ، نظام سياسي تقوده نخب سياسية واجتماعية ،بعضها فاسد ، وكلها لا تستطيع أو لا ترغب بمواجهة الفاسدين . إن أي توجه عملي لمواجهة الاحتلال ومواجهة تردي الحالة الوطنية تُلقي على الشعب والشرفاء في القوى الوطنية والإسلامية مسؤولية خوض معركة على جبهتين : الجبهة الأولى مقاومة الاحتلال وسياساته الاستيطانية والتهويدية وعدوانه وحصاره لغزة ، والجبهة الثانية إصلاح النظام السياسي ووضع استراتيجية وطنية شمولية ، على رأسها محاربة الفاسدين وكشفهم لأنهم أدوات للاحتلال مهمتهم تدمير النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني من داخله.
سيكون واهِما وساذجا كل مّن يًعتقد أننا نستطيع تحقيق أي انتصار أو إنجاز وطني حقيقي سواء على جبهة المقاومة والصدام المباشر مع الاحتلال ، أو على مستوى العمل الدبلوماسي والسياسي في إطار الأمم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية ، في ظل الهياكل والبنى الراهنة للنظام السياسي بكل مكوناته وفي ظل نفس النخب السياسية الراهنة .
حتى نخرج من العدمية السياسية والقدرية السياسية والشعاراتية الفارغة ولا نستمر في دفن الرأس في الرمال يجب استنهاض الحالة الوطنية وتجديد بنيتها وخطابها وعلاقاتها البينية والخارجية. بمقدار النجاح في هذه المعركة أو الجبهة يمكن الانتصار على إسرائيل ،ليس بالضربة القاضية بالضرورة ، ولكن على الأقل وقف حالة التدهور في النظام السياسي والمنظومة الاجتماعية ، وتسجيل نقاط أو انجازات حقيقية لصالحنا ستؤدي بالتراكم إلى إنجاز حقوقنا الوطنية .
والسؤال الذي يتبادر للذهن ،من أين نبدأ عملية الإصلاح أو استنهاض الحالة الوطنية ؟ هل من خلال (ثورة شعبية) على السلطتين والحكومتين في غزة والضفة ،كما هو الحال في البلدان العربية ؟، هل من خلال إصلاح واستنهاض حركة فتح ؟ ، أو استنهاض وإصلاح منظمة التحرير ؟ أم من خلال المصالحة الوطنية ؟ .
تمت مناقشة كل الخيارات السابقة في عشرات جولات حوارات المصالحة الرسمية ومثيلاتها من ندوات وورش عمل نظمتها مراكز ابحاث وجمعيات وعلى رأسها مركز مسارات ،وكلها وصلت لطريق مسدود ،ليس لأنها خيارات غير واقعية وغير قابلة للتحقيق ، بل لأن – بالإضافة إلى إسرائيل - نخبا فاسدة متغلغلة في بنية النظام السياسي وفي كل الفصائل لا تريد الإصلاح وبالتالي عرقلت كل المساعي والجهود التي بُذلت في هذا السياق . هذه النخب الفاسدة ما كانت قادرة على ذلك لولا أن بعضها مرتبط بأجندة ومشاريع خارجية غير معنية بالمشروع الوطني الفلسطيني ، أو مرتبطة بإسرائيل وهي أيضا تريد تدمير المشروع الوطني وإفشال كل مصالحة فلسطينية ، والخطورة عندما تتحالف هذه النخب الفاسدة في طرفي المعادلة بالرغم من اختلافاتها الايديولوجية والسياسية .
قاعدة وبديهية سياسية ، أنه لا يمكن إصلاح نظام سياسي أو استنهاض حالة وطنية بأدوات ونخب فاسدة أو عاجزة ، وبالتالي تصبح المعادلة : حتى نستطيع مواجهة الاحتلال يجب إصلاح النظام السياسي ، ومدخل الإصلاح هو المصالحة الوطنية أو الوحدة الوطنية الحقيقية ، والذين يُعيقون الوحدة الوطنية والمصالحة نخب فاسدة تسللت لمواقع القرار وفي المفاصل الحيوية في النظام السياسي ، والنتيجة المنطقية أن نبدأ بمحاربة الفساد والفاسدين ، أو أن يكون محاربة الفساد على رأس أي عمل جاد لاستنهاض الحالة الوطنية .
قد يقول قائل إن هذا التحليل يُسقط المسؤولية عن إسرائيل وأطراف خارجية ويحرف البوصلة عن إسرائيل العدو الرئيس لشعبنا ، وهو قول غير دقيق ،لأنه ما كانت إسرائيل والأطراف الخارجية تستطيع النفاذ للنظام السياسي وتدميره من داخله وإعاقة كل محاولات الإصلاح لولا وجود نخب فاسدة سياسيا وأخلاقيا وضعت نفسها في خدمة هذه الاطراف ، وسبَّقت مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية ، كما أن الفاسدين لا يقلون خطورة عن إسرائيل ، إنهم الطابور الخامس و أدوات الاحتلال المكلفون بتدميرنا داخلينا بعد أن فشلت إسرائيل عن قهر الشعب بالعمل العسكري .
لا انفصال بين عجز النظام السياسي والفساد المستشري فيه ، فالعجز والفشل لا يعودا دائما لقلة الإمكانيات ،ولا لاختلال موازين القوى مع العدو فقط ، بل لعدم قدرة او رغبة القيادة والنخب السياسية في توظيف الامكانيات الشعبية والتأييد الدولي في المعركة ضد الاحتلال . وبالتالي فالفساد ليس ماليا فقط بل سياسي .
أوجه الفساد السياسي المُعطِل لاستنهاض الحالة الوطنية متعددة : تعطيل قدرات الشعب ومنعه من مواجهة الاحتلال ، احتكار شخص بعينه أكثر من منصب وموقع دون القدرة على تفعيل هذه المواقع والمناصب ،تعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع مهمة وحساسة ، التنسيق مع الاحتلال والتعاون معه خارج إطار التوافق الوطني أو لخدمة مصالح خاصة ،التغرير بالشعب والكذب عليه ، تحقير الشعب والتشكيك بإمكانياته وبتاريخه وثقافته ، توظيف السلطات العامة لخدمة مصالح خاصة ، التلاعب بالمال العام والمساعدات الخارجية كما يجري مع أموال إعمار غزة ، والسكوت عن الفساد والفاسدين أيضا فساد سياسي .
مع إدراكنا أن النخب المستفيدة من الوضع القائم أو المتخوفة من التغيير ومعها الفاسدين ومن يحميهم من النخب السياسية ،يستمرئون إبقاء الأمور على حالها ، سواء كان هؤلاء في حركة فتح أو منظمة التحرير أو السلطة الوطنية أو حركة حماس ، وبالتالي قد يقبلون نظريا فكرة وخطاب الإصلاح والتغيير وقد يرددون هذا الخطاب بل قد يكونوا الأكثر تحمسا وترديدا له ، ولكنهم عمليا يُعيقون أي توجه جاد في هذا الاتجاه ، والفاسدون أكثر من سيحارب ويُعيق الإصلاح واستنهاض الحالة الوطنية ، لأنهم يعتبرون أن أي إصلاح حقيقي للنظام السياسي سيفضح فسادهم وتواطؤهم وسيكون على حسابهم .
أليست مفارقة أنه في الوقت الذي يتراجع فيه مشروعنا الوطني وتزداد إسرائيل عدوانا وإرهابا ، ويزداد الشعب الفلسطيني فقرا وجوعا وتنتشر البطالة ، في هذا الوقت تتضخم ثروات النخب السياسية وتتزايد امتيازاتهم ، ويعيشون في بحبوحة ورغد عيش ويتحركون بسهولة ووقاحة سواء في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية ؟!.
الصراع الفكري، والعلمانية
صوت فتح / طلعت الصفدي
الحلقة الرابعة
شهدت المجتمعات الأوربية التي أنجزت أسس المجتمع المدني الحديث العلماني العقلاني الديمقراطي، مراحل متطورة من أجل احترام حقوق الإنسان، وصيانة حرية الفكر والرأي والتعبير والمعتقد، وسيادة القانون، وخاضت نضالا طويلا من أجل تحريره من سطوة الكنيسة، والفكر الديني المسيطر عليها خلال عصور الظلام في القرون الوسطى، اشتعلت حروب وثورات، بهدف الوصول إلى المجتمع المدني الحديث. عشرات ألألوف من المفكرين والمبدعين، والعلماء الرافضين لسلطة الكنيسة، وتسييس الدين، واستغلالها للسلطتين الدينية والدنيوية، قاوموا رجال الكنيسة، ورفعوا شعارات لتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون، وبضرورة عدم تجاهل وقائع الحياة المتغيرة والمتطورة، وإدانة تحكم رعاة الكنيسة بشئون حياة المواطنين، خصوصا بعد تشكل الدولة القومية الحديثة، ووقفوا ضد موقف الكنيسة العدائي من تطور العلوم والاختراعات التي غيرت وجه البشرية، ومنحت الإنسان سلاحا عقلانيا لمواجهة أخطار الطبيعة، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وكان نتاج الصراع الفكري والدموي، إقرار المجتمعات الأوربية والغربية، بفصل الدين عن الدولة.
كما كان للمفكرين العقلانيين عبر التاريخ، رؤى علمية متقدمة، تجسدت من خلال أفكارهم التنويرية مثل ( أنت لا تستحم في ماء النهر مرتين )، ( إن خصومنا على الأرض، يجب مواجهتهم هنا على الأرض، ولا يليق بنا أن نهرب من هذه المواجهة لنصنع لأنفسنا خصوما في السماء )، ( ما لقيصر لقيصر، وما لله لله)، ( كل شئون الدين للكنيسة، وكل شئون الدنيا للبشر )، ( الدين لله والوطن للجميع) وهذا تأكيد للعلامة والفيلسوف ابن رشد في عبارته المشهورة ( التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل.
العلمانية ترتبط بالعلم والمعرفة، تعني خلاص المجتمع من الموروث المتخلف، وكسر التقاليد المنافية لهما، وتجاوز سلطة العشيرة والطائفة للوصول إلى المجتمع الحديث. إن احد أسس هذا المجتمع إلغاء كل أشكال التمييز بين أبناء الوطن، واحترام مواطنة الإنسان بغض النظر عن الانتماء الديني أو الطائفي أو المذهبي او العرقي او الحزبي، ومساواة الجميع أمام القانون. وعندما يطالب العلمانيون والمفكرون التنويريون، بفصل الدين عن الدولة لا يعني هذا العداء للدين، أو لرجال الدين، ولا يحمل أي استهتار بالدين، بل يسعون لتنزيه الدين من ألاعيب السياسة، وحماية لقيمه، ولا يعني أيضا فصله عن المجتمع، او التقليل من دوره الأخلاقي والروحي في حياة الإنسان الاجتماعية والحياتية . فالعلمانية في مفهومها الحقيقي هي الاهتمام بحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والديمقراطية، حرية الاجتهاد والإبداع ، حقه في المواطنة الحقيقية بعيدا عن التسلط والإكراه والاستغلال والجشع، والمتاجرة بالدين. ان العلمانية ليست فكرا يدعو الى إلغاء الدين من المجتمع، أو حرمان المواطنين من حرية العقيدة، فمقولة كارل ماركس " إن الدين عند الكثيرين هو النظرية العامة لهذا العالم، وهو مجموعة معارفهم الموسوعية، ومنطقهم الذي يتخذ شكلا شعبيا، وهو موضوع اعتزازهم الروحي، وموقع حماسهم، وهو أداة قصاصهم ومنهجهم الأخلاقي" (ماركس- نقد فلسفة القانون عند هيجل). انه تعبير واضح عن فهمه لطبيعة المجتمعات الشرقية، حضارتها وتطورها التاريخي وتراثها وعقيدتها.
ومع أن الإسلام ليس دينا كهنوتيا، إلا أن رجال الدين المتعصبين، يصرون بتحويله إلى سلطة قهرية مطلقة على البشر، مستندين لبعض فتاوى وتفسيرات بعيدة عن الواقع، ودون استيعاب للمتغيرات والتطورات في العالم، ودون فهم لروح الإسلام، وهذا التوجه مناف للإسلام وتعاليمه، ويتناقض مع قول الرسول " انتم أعلم بشئون دنياكم " . إن اخطر هذه الأفكار، ما عبر عنها سيد قطب في كتابه " معالم على الطريق " عندما اعتبر إن كل المجتمعات جاهلية كافرة حتى الأنظمة العربية الإسلامية : " لا رابطة سوى العقيدة، ولا قبول لرابطة الجنس والأرض، واللون واللغة، والوطن والمصالح الأرضية والحدود الإقليمية، إنما هي أصنام يعبدونها من دون الله"، مما يفرغ مضمون الدين الإسلامي، ويشرعن الصراعات الفكرية والجسدية الدموية، بين أبناء الوطن الواحد، ويؤكد رفضهم للوطن والقومية والديمقراطية والتعددية السياسية، وفرض رؤاهم بالقوة والإرهاب على المجتمعات العربية والإسلامية. وما صرح به شارون عند انسحابه الأحادي الجانب من قطاع غزة قائلا : "ان أحد أهداف هذا الانسحاب هو خلق حالة من الصراع، بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية العلمانية، وبين الأصولية الإسلامية، حيث سيتحول هذا الصراع بين الفريقين إلى صراع دموي، وعداء بدلا من أن يتحول صراعهم معنا".
كيف تفسرون، عند سماع آذان المسجد يهرع الناس لتأدية فريضة الصلاة؟؟ وعندما يحس أي مواطن بالألم والوجع فانه يسرع إلى أقرب مستشفى أو مستوصف للعلاج؟؟ .. وماذا يعني ذلك ؟؟ إن الناس يؤمنون ب ( أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا )، وبهذا المعنى والحكمة، فإنهم يتعاملون مع الواقع، ويبحثون عن حل لمشاكلهم السياسية والاجتماعية والديمقراطية والبيئية، عن طريق فهم الواقع، وكشف قوانينه وحركته من خلال العلم والعقلانية، فليس كل من يتبنى فصل الدين عن الدولة هو بالضرورة غير مؤمن أو غير مسلم، وليس كل متدين أو مسلم هو غير علماني، فالعلمانية تعني رؤية العالم، وتفحص الواقع، والتعامل معه بشكل موضوعي بعيدا عن الأحكام المسبقة والمطلقة، وهذا في جوهره لا يعني رفض الدين او القيم او الأخلاق او التراث او البعد الثقافي والروحي للإنسان، أو محاولة رفض الهوية الذاتية والقومية .
في العالم العربي، لا زال الصراع قائما، ولم ترس المراكب بعد في موانئ الاستقرار، فلا زال الصراع قائما بين دعاة الدولة الإسلامية، ودعاة فصل الدين عن الدولة، وتتصاعد الاتهامات ضد العلمانيين، وتكفيرهم وإباحة دمائهم، وتصفيتهم، مما أدت إلى مواجهات دموية وإبادات جسدية، وما يجري اليوم في العالم العربي، يؤكد خطورة التطرف الديني، والإرهاب الفكري على المجتمعات العربية والإسلامية. إن التمسك الحرفي بالأصول ومحاولات سحبها على الواقع الراهن، دون مراعاة للمستجدات والمتغيرات والتطورات العالمية والإقليمية والمحلية، وإخضاع الحاضر للماضي، وتبني تفسيرات بعيدة عن المنطق والاجتهاد، فإنها تتنافى مع العلم، وهي محاولات لي ذراع الحقيقة.
إن التجارب التاريخية، تؤكد أن الجماعات الأصولية، عندما تدعو إلى نظام إسلامي، ليس في حقيقتها سوى الاستيلاء على السلطة، والحكم باسم الدين، والهيمنة على المجتمع كليا، وهذا يعني المزيد من التخلف، وتدهور حياة المواطنين السياسية والاجتماعية والديمقراطية، وتعميق الأزمة، واستفحال الفقر والجهل والمرض، وتفكك المجتمع إلى قوى متصارعة، تؤول إلى العنف الفكري والجسدي. وتهدف من تشدد هجومها على دعاة العلمانية، ودعاة فصل الدين عن الدولة، وكافة القوى والفصائل السياسية والمجتمعية كأنها معادية للدين، تحاول تزوير الواقع، وتلفيق التهم بحقهم، وتأليب الشارع العربي عليهم، مستخدمين الصحافة، ووسائل الإعلام، والفضائيات، وبعض دور النشر والكتب الصفراء، ويلصقون التهم الباطلة بهم، وكأنهم أدوات بيد الامبريالية الغربية والأمريكية والصهيونية، ومركزا للاستغلال والاستعباد، وقهر إنسانية الإنسان، كما تهدف لاستغلال جهل المواطنين بأهدافهم، مستغلين الدين، لمنع العلمانيين من الوصول إلى السلطة، وإقصائهم عن تحقيق أهدافهم في بناء دولة مدنية حديثة.
إن بعض الجماعات الإسلامية، ربما تختلف في الأسلوب والطريقة مع دعاة الدولة الدينية، ولهذا تكتيكيا لا تمانع وتغض الطرف، من أن لا يتولى رجال الدين الحكم، بل رجال مدنيون محسوبون عليهم، يقومون بتطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملا وشاملا في أجهزة الدولة، ومناحي الحياة في المجتمع سواء في التعليم أو في القضاء او الجامعات... الخ وبهذا تستولي على كل أجهزة السلطة وتضمن لنفسها السيطرة الكاملة على مؤسساتها كافة، وضمان تفردها في الحكم والسلطة لفترة طويلة، وبهذا تستطيع تحقيق أهدافها، تمهيدا لفرض رؤاها على مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والفنية والإبداعية، وتفرض القوانين التي تراها تدعم سلطتها الدينية. بينما تسعى العلمانية إلى تغيير العالم باستخدام آليات العقل والعلم، فالعقل هو أساس فهم الظواهر الكونية والمجتمعية، وفهم الواقع، وتولي اهتمامها ليس لنقض الدين، ولكن لوضع الآليات للخروج من أزمات المجتمعات والشعوب العربية، في مقدمتها فصل التعليم عن سلطة رجال الدين، وتبني النهج الديمقراطي في الحياة المدنية الحديثة، وحرية الرأي والتعبير والإبداع، والمساهمة الفكرية في تجديد الخطاب الديني بما يتلاءم مع متغيرات الواقع . والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة المثقفين والباحثين والمفكرين، ورجال الدين المتنورين... فما هي الأسباب الكامنة والعلنية التي أدت إلى هذه الحالة المتدنية، والتأخر الحضاري على الرغم من امتلاك الشعوب طاقات هائلة بشريا وماديا ؟ وما هو البديل الحقيقي للخروج من الأزمة المستعصية، والتخلص من الخرافة واللاعقلانية ؟؟ولماذا تزداد حالة الإحباط والقلق في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وخصوصا بين الشباب، وازدياد التطرف الديني والتخلف العقلاني والتوجه للانضمام بحماسة إلى منظمات إسلامية متطرفة إرهابية تكفيرية ؟؟ وهل البلدان العربية بحاجة إلى العلمانية للمحافظة على وجودها، واستقلالها السياسي والاجتماعي والديمقراطي ؟؟ وبالتأكيد فان العرب والمسلمين بأمس الحاجة الى دول مدنية حديثة يحكمها القانون.
حقيقة الخلاف بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية
امد / د. مصطفى يوسف اللداوي
مضت سنةٌ كاملةٌ على تسلم رؤوفين ريفلين رئاسة الكيان الصهيوني، الذي انتخب خلفاً لشيمعون بيرس، ليكون بذلك الرئيس العاشر لدولة الكيان الصهيوني، وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى حزب الليكود الحاكم، الذي يترأسه رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو، وقد كان من قبل مرتين رئيساً للكنيست الإسرائيلي، إلا أن الخلافات بينه وبين نتنياهو مستعرةٌ جداً، أو هكذا تبدو للعامة، وربما بدت أكثر وضوحاً بعد أن اطمأن ريفلين في منصبه رئيساً للكيان، وأصبح عنده منبراً يعبر من خلاله عن مواقفه الناقدة لسياسة الحكومة في القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
إذ لا يوجد توافقٌ كبير بين الرئاسة والحكومة الإسرائيلية، وقد أكثر الرئيس من انتقاده لرئيس الحكومة وتوجيه اللوم الشديد له، بصورةٍ معلنةٍ ومكشوفة، وصريحةٍ وواضحة، رغم أن كلاهما ينتمي إلى ذات الحزب، ويحملان نفس الأفكار، ويسعيان لتحقيق ذات الأهداف، ويتطلعان إلى نفس الغايات، وعندهما رؤية استراتيجية واحدة تتفق مع المشروع اليهودي وحلمهم التاريخي، في أن يكون لهم دولةً يهوديةً نقيةً عاصمتها القدس الموحدة.
صحيحٌ أن منصب الرئاسة في الكيان الصهيوني منصبُ فخري، وليس للرئيس دورٌ في إدارة الحياة السياسية، وتحديد توجهاتها العامة، سوى أنه يسمي رئيس الحكومة بناءً على نتائج الانتخابات التشريعية، ويصادق على تعيين السفراء الإسرائيليين، ويستقبل الأجانب المعتمدين في الكيان، إلا أن بعضهم يحاول أن يبدي رأيه، ويبرز موقفه في أداء حكومة كيانه، ويعلن ذلك للملأ، في رغبةٍ منه لتصحيح المسار، أو تقويم الاعوجاج، وقد حاول شيمعون بيرس من قبل ريفلين، أن يلعب دوراً في رسم الخارطة السياسية للكيان، وتشكيل التحالفات، والتأثير على الأوزان السياسية للأحزاب، كما بذل جهوداً كبيرة في تحسين صورة بلاده، ودافع عنها أمام المجتمع الدولي من فوق كبريات المنابر العالمية.
يبدو أن ريفلين يرفض أن يمارس وظيفته الرئاسية صامتاً، رغم أن من سبقه قد رضي بالصمت وتأقلم معه، وقبل بالرئاسة وهو يعلم أنه لا لسان لها ولا قلم، ولا ناطقاً باسمها لا ترجماناً لأقوالها، إلا أن ريفلين يحاول أن يتجنب السكوت ما أمكنه، مستغلاً كل فرصةٍ للحديث، ومناسبة للتعبير، لينقل من خلالها مخاوفه وتوجساته، ويعبر عن مواقفه وآرائه.
حيث أبدى خلال العام الذي مضى عليه في منصبه، معارضته الشديدة لزميله في الحزب ورئيسه السابق بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بسياسته تجاه الإدارة الأمريكية، وخصومته مع رئيسها باراك أوباما، حيث يعتقد ريفلين أن نتنياهو يقامر بأهم علاقة يتميز بها كيانه، ويعرضها للخطر أو لاضطراباتٍ مقلقة، قد تنعكس سلباً على مستقبل كيانه وسلامته وأمنه، وقد تعرض تفوقه للخطر.
ذلك أنه يعتقد أن أهم ما يميز بلاده ويمنحها القوة والتفوق، والثبات والبقاء، هو علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي يجب أن تستمر وتتعمق، وتقوى وتتشعب، وقد تمادى في انتقاده لرئيس حكومة كيانه إلى الدرجة التي اتهمه فيها بأن يضر بالمصالح العليا للشعب اليهودي، ودعاه للكف عن محاولاته الإضرار بالعلاقة مع البيت الأبيض.
كما انتقد بشدةٍ سياسات الحكومة التي أدت إلى تفجر موجة من العنف اليهودي في أرجاء البلاد، ودفعت بمجموعةٍ من الشباب المتطرف إلى إشعال النار في عددٍ من البيوت الفلسطينية، ومنها بيت دوابشة، الأمر الذي أدى إلى مقتل الطفل الرضيع حرقاً، وإصابة والديه وشقيقه بحروقٍ خطرة، قبل أن يستشهد الوالد متأثراً بحروقه الشديدة التي أصيب بها، وأعلن أن هذه السياسة التي تتبعها الحكومة هي التي تشجع على العنف وتدعو إليه، وحملها كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع، وحذر من أنها ستقود البلاد نحو كوارث كبيرة.
يعزو البعض الخلاف بين الرجلين والمؤسستين الرئاسية والحكومية، إلى أن نتنياهو كان معارضاً لترشيح ابن حزبه ريفلين لرئاسة الدولة، وأنه كان يؤيد مرشح الوسط مئير شطريت، الذي خسر المعركة الانتخابية أمام منافسه ريفلين بـ 53 صوتاً مقابل 63 صوتاً، الأمر الذي أسس لخلافٍ دائمٍ بينهما، رغم أن ريفلين ينتمي إلى الجناح الكثر تشدداً في حزب الليكود، وأن الكثير قد وصفوه عندما نُصِّب رئيساً للكيان، بأنه سيكون رئيس دولة إسرائيل الكبرى، وسيبلغ الاستيطان في عهده مداه، ذلك أنه يعشق الاستيطان ويؤمن به سبيلاً لتحقيق حلم الشعب اليهودي باستعادة أرض ممالكه القديمة.
لكن ريفلين بدأ يستشعر أن سياسة الحكومة المعاندة والمتشاكسة مع الإدارة الأمريكية، قد تفقد كيانه الحليف الأكبر، والنصير الأقوى، لإدراكه أنه لا قوة لبلاده دون أمريكا، ولا قدرة لها على الصمود بدونها، ولا حليف لهم مثلها، ولا ناصر لهم غيرها، فهي الحليف الأقوى والأكثر صدقاً، ولكن نتنياهو يقامر ويغامر، وسيخسر المعركة ولو بدا أنه فيها الرابح، لأن الخاسر في معاركه الشخصية هو شعب إسرائيل.
ريفلين لا ينطلق من انتقاده لبنيامين نتنياهو من منطلقاتٍ أخلاقية، وقيم إنسانية، ومفاهيم حضارية، فهو لم يغضب من أجل الرضيع الفلسطيني ولا من أجل والديه، ولم يتضايق لأن مواطنيه يحاولون حماية الحلم اليهودي، وتحصين الحقوق التاريخية والدينية لشعبهم، في ظل تهاون الحكومة، واستعدادها –بزعمهم- لتقديم تنازلاتٍ كبيرة للفلسطينيين، ذلك أنه يميني في أصله، ومتطرفٌ في فكره، ومتشددٌ في سياسته، وهو يرفض أن يكون للفلسطينيين دولة، كما يرفض أي حلولٍ وسطية لمدينة القدس، قد تؤدي إلى تقسيمها أو تقاسم السيادة عليها، فهي عنده العاصمة الأبدية الموحدة لكيانه، وهو أحد المنادين بيهودية الدولة، فلا تغرنا خلافاتهم، ولا توهمنا انتقاداتهم، فهم جميعاً بلا استثناء، وجهان لعملةٍ واحدة، وإن بدوا أنهم نقشٌ وكتابة.
غزة تحت رحمة الحر والكهرباء وماذا بعد ؟!
الكرامة / رمزي النجار
تظل أزمة الكهرباء هي الحديث الأبرز لدى المواطن الغزي مع اشتداد موجة الحر التي اجتاحت القطاع منذ ثلاثة أسابيع وما زالت حتى يومنا هذا، وفي موجة الحر ترفع استهلاك الكهرباء إلى مستوى قياسي، ولكن أين الكهرباء في غزة؟! حصتنا ثمانية ساعات وصل وأخري قطع والبرنامج في تغير مستمر لظروف طارئة وما أكثرها في غزة، وما بين جدول الست ساعات والثماني ساعات مشوار نضالي كبير بدايته صناعة ازمه الكهرباء ونهايته حل المشكلة والعودة لبرنامج الثماني ساعات الوضع الطبيعي لكهرباء غزة، والكل يقع تحت رحمه الكهرباء حتى المرضي يقعون تحت رحمه وقود الكهرباء والمولدات، وأغلب الناس في ظل موجه الحر الشديدة لحظه انقطاع الكهرباء تخرج من بيوتها متوجهين الى شاطئ البحر وهواه النقي للترويح عن أنفسهم بدلا من الجلوس في البيت والرطوبة العالية وعتمة الظلام، الناس تبحث عن الراحة النفسية في أي متنفس في غزة وبعيدا عن الوسواس الشيطان الرجيم والأنس اللئيم، فالبيوت في غزة مهجورة من سكانها والسبب الكهرباء والحر، وما أن اجتمع الاثنان معا تزيد حياه الإنسان تعقيدا، لا كهرباء وأيضا حر شديد لم تتعود عليه غزة من قبل كما تعودت على أزمة الكهرباء التي أصبحت بالقطارة مع خالص التحيات الوطنية لأصحاب القرار.
ولا استغرب صديقي الذي أتصل به تلفونيا منذ أسبوعين لزيارته اجتماعيا ورؤيته والاشتياق للحديث معه أن يقول لي أن كانت الكهرباء جايه فأنا في البيت وان كانت قاطعه فأنا خارج البيت، فرأيته صدفه في إحدى المناسبات قلت له دوما خارج البيت شو حكايتك يا رجل، رد علي لا يوجد كهرباء والحرارة لا تطاق ولا مياه عندنا في البيت، فماذا أفعل إن جلست في البيت، لذلك عند انقطاع الكهرباء أذهب أنا والأولاد الى شاطئ البحر والجلوس قبالته أو السباحة لأخرج من جو نكد الكهرباء وغيره، وطالما لا يوجد كهرباء في البيت لا يمكن أن أعود إليه وأبقى على البحر حتى تأتي الكهرباء، فالبيوت بدون المكيفات والمرواح لا يمكن الجلوس فيها، والبحر هو المتنفس الوحيد عندنا .
هكذا حال عائلات أهل غزة يهربون إلى البحر والاماكن الترفيهية المحصورة لتلتئم العائلة مهما كبرت تحت عنان السماء وليست تحت رحمة المولدات وارتفاع الحرارة، اما الفقراء عديمي الدخل فلا يزالوا يواجهون حر الصيف بصمت قاتل وبدون كهرباء، فالحرارة المرتفعة التي تصل درجاتها المئوية إلى 48 درجة تدفع أهالي غزة للنزوح على شاطئ البحر والحصول على بعض الأجواء اللطيفة قبالته، ليبقي البحر ملاذ الغزيين في ظل موجه الحر وغياب الكهرباء وانقطاع المياه للاستحمام، والزيارات الاجتماعية تحدد حسب جدول الكهرباء وماذا بعد يا غزة ؟!
قانون التغذية القصرية للأسري الفلسطينيين مذبحة صهيونية
امد / د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
لا يتوانى هذا الاحتلال الصهيوني النازي الفاشي التتارى؛ المغولي الداعشي؛ عصابات الهاجنا والشترين والأرجون القديمة الجديدة؛ منذُ بن غوريون المُجرم النازي قديمًا؛ وصولاً حديثًا إلى القاتل زعيم عصابة خنازير المستوطنين نتنياهو، وهم امتداد لفكر كل الطغاة والفراعنة والقتلة والنازيين على مدار التاريخ؛ فلقد فاقت جرائمهم جماعة الحشاشين الاسماعيلية الفارسية والتي كانت تعتمد على القتل والاغتيالات والغدر والخيانة؛ وحاولوا مرات عديدة قتل صلاح الدين الأيوبي؛؛؛ كل هؤلاء المجرمون علي مر الأزمنة يعُتبروا تلاميذ مقابل جرائم الصهاينة قتلة الأنبياء والمرسلين شُذاذ الأفاق جراثيم الأرض؛ وشياطين الإنس؛ والذين لا ضمير ولا أخلاق لهم؛ بل إنهم يقولوا ليس علينا في الأميين سبيل؛ أي أن الناس كلهم من خلال التلمود والتوراة المحرفة الموضوعة بأيديهم الصهيونية الخبيثة يعدون الناس خُدامًا لهم ويجب قتلهم ويعلم المستوطنين أولادهم ويدربونهم على القنص والقتل للعرب؛ وكل هذا واقع اليوم فحادثة إحراق الطفل الشهيد محمد ابو خضير رحمه الله؛ واحراق عائلة الدوابشة ليس عنكمُ ببعيد؛ والعوان الاجرامي على قطاع غزة العام المنصرم مازالت أثارهُ ماثلة أمام ناظرينا بل إن الذاكرة لم ولن تنسي الشهداء الأبطال الذين سحقت عظامهم واختلط لحمهم ودمهم بتراب فلسطين الطاهر، وفاضت ا{واحهم إلى بارئها تشكو ظلم الظالمين المجرمين؛؛؛ ومازال مسلسل القتل والتصفية والتدمير والحرق والنسف والتفجير والسحق الصهيوني مستمرًأ! بل أصبح مُستعرًا ومسعورًا ومتوحشاً؛ وكيف لا وإن كانت العصابة الحاكمة لما يسمي بدولة الكيان المسخ إسرائيل تصدر القوانين وتُشرعن القتل بموجب قانون الارهاب الدولة الصهيوني؛ وتدعم العصابات من المستوطنين جهارًا نهارًا بالمال والسلاح أمام مرأي ونظر العالم الأخرس الظالم وهيئة الأمم الدولية العاجزة المُعاقة الكسيحة ومجلس اللا أمن الدولي الذي يقف متفرجًا على المجازر والجرائم الصهيونية والتي فاقت بشاعتها كل الجرائم على مدار التاريخ البشري؛ وكان أخر تلك الجرائم الارهابية للاحتلال وليس أخرها هو قانون التغذية القسرية للأسري الفلسطينيين الأبطال؛ ومشروع هذا القانون الذي بلورته وزارة القضاء الصهيونية جاء لشرعنة اطعام الاسرى المضربين عن الطعام بالقوة ؛ مما يؤكد على تكامل الأدوار بين مؤسسات الاحتلال التشريعية؛ القضائية؛ والأمنية؛ والعسكرية؛ الهادفة إلى قهر الإنسان الفلسطيني، وسلب أرضه؛ وحريته؛ وحقوقه وكرامته الإنساني؛ وإن إقرار هذا القانون يعكس همجية الاحتلال وطغيانهُ ونازيتهُ؛ والذي دأب على استخدام أبشع أساليب القتل والتعذيب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين فقتل منهم أكثر من 205 أسيراً منذ العام 1967 و74 منهم قضوا نتيجة القتل العمد، بالإضافة الى 71 استشهدوا تحت التعذيب أثناء التحقيق، و54 نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وبمشاركة الجهات الطبية التابعة لمصلحة السجون الصهيونية كما وقع عندما لجأت مصلحة السجون إلى سياسة التغذية القسرية أو ما يعرف ب “الزوندا ” بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سنوات السبعينات والثمانيات والتي أفضت إلى وفاة 3 أسرى: وهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد أثناء الإضراب عن الطعام في سجن عسقلان في تاريخ 11 أيار من العام 1970، والأسيرين راسم حلاوة الذي استشهد في تاريخ 20 تموز 1980، وعلي الجعفري الذي استشهد في تاريخ 24 تموز من العام 1980 أثناء الإضراب عن الطعام في سجن نفحة، وبهذا القرار يستكمل الاحتلال سلسة قوانين وقرارات قضائية ولوائح داخلية صادرة عن مصلحة السجون الصهيونية تعكس عنصرية وهمجية الاحتلال التي تتطلع إلى كسر إرادة الأسرى والمعتقلين وحرمانهم من أبسط حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية المدنيين في أوقات النزاع المسلح والاحتلال وهي بإقرار هذا القانون تكون قد حكمت فعليًا على إعدام الأسري البواسل، وهذا يتطلب منا كسلطة وفصائل ومنظمة تحرير ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الأحزاب والشخصيات الأكاديمية والوجهاء والمخاتير والعائلات والعشائر أن يهبوا نصرًة للأقصى الشريف وللأسري الميامين؛ فما حكّ جِلدُكّ غيرّ ضِفّركّ، والحل هو انتفاضة شعبية ثالثة ضد الاحتلال، وتفعيل سلاح المقاطعة الدولية (بي دي أس) لدولة المستوطنين النازيين الجدد؛ وكذلك جّر العدو لمحكمة الجنايات الدولية؛ ومن هنا نوجه تحية إجلال واكبار لأسرانا العُظماء داخل باستيلات العدو المجرم ونخص بالذكر الأسير البطل المحامي محمد علان والذي يخوض اضرابً مفتوحًا عن الطعام منذ شهرين ويتعرض للتغذية القسرية والموت؛ نقول له وللأسري الأبطال إن فجر الحرية قريب وقريب جدًا إن شاء الله فنحن أهل الحق والصهاينة على الباطل.