Haneen
2015-12-14, 12:45 PM
<tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
شؤون فتح
مواقع موالية لمحمد دحلان
(مقالات)
</tbody>
<tbody>
الثلاثاء :6-10-2015
</tbody>
</tbody>
المواقع الالكترونية الموالية لتيار دحلان
عناوين مقالات
v المأزق الفلسطيني: هل إلى خروجٍ من سبيل؟
أمد / د. أحمد يوسف
v بالذكري 42 لانتصارات أكتوبر
الكوفية / وفيق زنداح
v "العمليات الاستشهادية"..و"الجهاد"!
أمد / حسن عصفور
v الانتفاضة قادمة، لا تستعجلوها
امد / رشيد شاهين
v فلسطين تكتب بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال
فراس برس / عباس الجمعة
v قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة
امد / د.هاني العقاد
v لسنا وإياكم سواء!
الكرامة / رجب أبو سرية
v في الضفة الغربية ..انتفاضة ثالثة غير مُعلنة
امد / محمود سلامة سعد الريفي
v "اليوم التالي" لخطاب الرئيس
الكرامة / د.هاني المصري
مقـــــــــــــــــالات
المأزق الفلسطيني: هل إلى خروجٍ من سبيل؟
أمد / د. أحمد يوسف
ما تزال الحالة الفلسطينية المتعثرة في أزماتها السياسية تعيش مأزقاً خانقاً، يستدعي الكثير من الحوارات والنقاش بين كوادر النخبة وداخل المؤسسات الفكرية ومراكز الدراسات، بحثاً عن المخارج والحلول.. اليوم، وبالرغم من مرور أكثر من ثمان سنوات على الانقسام، والذي كان - بحق - مأساة وطنية يتحمل الجميع مسئوليتها، إلا أن هذه الحالة الكارثية ما تزال تراوح مكانها!!
وفي سياق البحث عن رؤية للخروج، وطريقٍ للخلاص من المأزق، عقد مركز (بال ثينك للدراسات الاستراتيجية) ومؤسسة (فريدرتش إيبرت) مؤتمراً بعنوان "أزمة القضية الفلسطينية: استراتيجية الخروج من المأزق"، شاركت فيه شخصيات سياسية وفكرية؛ فلسطينية وعربية وغربية، وقد تناولت المداخلات وجهة النظر تجاه انسدادات الواقع القائم، وما الذي يمكن فعله فلسطينياً ودولياً كسبيل لتجاوز حالة الاختناق الوطني، واستعادة زمام المبادرة؟
حاولت جهدي استقراء هذا الواقع، وعرض ما أراه طريقاً آمناً يمكن المرور عليه، والوصول إلى غاياتنا الوطنية المرجوة، وهو ما مثل مساهمتي في اللقاء، الذي كان تشخيصياً بامتياز، وقد جاءت الخلاصات بالقدر الذي قدَّم خارطة للطريق، ونجح في وضع النقاط على الحروف، لكنَّ المهم أننا جميعاً بانتظار "حادي العيس"، الذي يأخذ بخطام القافلة، ويمضي بنا قُدماً باتجاه تحقيق طموحات شعبنا العليا.
المشهد الفلسطيني: ضرورة المراجعة السياسية العاجلة
إن واقعنا السياسي المتردي منذ قرابة قرن من الزمان، والذي كانت ثلث أحداثه ووقائعه قبل النكبة عام 1948م، والباقي هو – بالطبع - ما عايشناه وأدركناه من خلال الدراسة والبحث والتحليل، هذا الواقع يحتاج إلى قراءة وتأمل.. اليوم، نحن شهود عيان على الكثير مما وقعت فيه القيادات من أخطاء، وما ارتكبه البعض من خطايا، تسببت في انحراف البوصلة، وأدت إلى تنكبنا الطريق، وابتعاد الركب عن السبيل.
اليوم، وبعد أكثر من سبعة وستين عاماً قضيناها ونحن نعاني شظف العيش، بسبب التهجير وقسوة الظروف في أماكن اللجوء والشتات، والاخفاق المتكرر في مساعي توحيد الصف الوطني تحت راية واحدة ورؤية جامعة، للأسف ما زلنا - حتى الآن - ندفع أثماناً باهظة جراء هذه الحالة من التخبط، وفقدان القائد والدليل.
الانقسام والحصار والاحتلال من ناحية، وثلاثة حروب ألقت بأوجاعها وتداعياتها الكارثية على كاهل غزة من ناحية أخري، هي اليوم بانوراما المشهد الفلسطيني.
في مطلع التسعينيات، وبعد مؤتمر مدريد في 30 أكتوبر 1991م، والذي جاء عقب حرب الخليج الثانية، وجدت القيادة الفلسطينية نفسها غارقة في بحر من الأزمات، الأمر الذي أجبرها على الدخول في مفاوضات سرية في أوسلو، بمعزل عن المفاوضات العلنية التي كانت تجري في واشنطن برئاسة د. حيدر عبد الشافي (رحمه الله).. ولعل الأسوأ من المفاوضات في ذلك الوقت، كان هو سريتها المطلقة، وعدم كفاءة الفريق المفاوض، وغياب الوضوح في استراتيجية التفاوض، وآليات تنفيذ الاتفاق، حيث انتهت الأمور باتفاقية أوسلو بشكلها الأمني، والتي يعتبرها الخبراء بمثابة الدستور الذي حدد للسلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير المسار المستقبلي.
لقد ارتكبت القيادة الفلسطينية خطأً استراتيجياً في مفاوضات أوسلو، حين أخذت القضية بعيداً عن الحاضنة الدولية، وعندما قامت كذلك بتأجيل التفاوض على القضايا المصيرية (الثوابت الوطنية) إلى مرحلة مفاوضات الحل النهائي. وجاءت أوسلو – للأسف - خارج سياق التوافق الفلسطيني لتأسيس برنامج تصالحي، إلى برنامج وسياسات أمنية تتعارض مع برنامج المقاومة، كما وضعت حداً للمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، وأصبح النظام السياسي الفلسطيني مشوهاً، وذلك بسبب غياب الوعي السياسي والقانوني والإداري، وأصبحت الصلاحيات متنازعاً عليها بين قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ومجلس الوزراء.
اعتمدت القيادة الفلسطينية قرارها بالتصدي للمقاومة، والعمل على تدجينها وكسر شوكتها، فقادت أجهزتها الأمنية عام 1996م سلسلة من الحملات والملاحقات لكوادرها المقاتلة، وفق ما نصَّت عليه اتفاقية أوسلو، وبالتالي أظهرت مدى ارتباطها – طوعاً أو كرهاً - بالاحتلال الإسرائيلي، ومدى ارتهانها للقوى الخارجية، وبالتالي كان مشهد السلطة أمام الشارع الفلسطيني بأنها قيادة على الشعب، وليس قيادة له. كما أن الفترة التي أعقبت تشكيل السلطة، أظهرت حجم التشوه والفساد في إدارتها لملفات الاقتصاد والأمن والسياسة، إضافة لتعثر مسار المفاوضات مع الاحتلال، والمناكفات المستمرة بين فصائل العمل الوطني، والتيارات الإسلامية العاملة على الساحة.
وتأسيساً على ما سبق، لم تستطع القيادة الفلسطينية إدارة العملية التفاوضية بشكل ناجح، كما فشلت في بناء اقتصاد مقاوم بمعزل عن التبعية للاحتلال الإسرائيلي، بل على العكس تماماً، قامت بتوقيع بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي كرّس تبعية الفلسطينيين اقتصادياً لإسرائيل من ناحية، وحرمهم من تصدير منتجاتهم الزراعية من ناحية أخرى.
كانت الانتخابات الفلسطينية في يناير 2006م محطة مهمة للملمة الكل الفلسطيني، بحيث يكون الإسلاميون جزءاً من الخريطة السياسية، والتمكين للصف الفلسطيني من استعادة وحدته تحت مظلة منظمة التحرير، ولكن – للأسف – كانت المناكفات السياسية والأساليب التي تعامل بها الطرفان؛ فتح وحماس، مع بعضهما البعض مخيبة للآمال، وخارج سياق توقعات الشارع الفلسطيني، حيث أحكمت حركة حماس قبضتها على الحكم، ولم تنجح – رغم المحاولة - في بناء شراكة سياسية وتوافق وطني، وكانت خطيئة بعض الجهات داخل حركة فتح هي في تعمدها العمل على إفشال حكومة حماس، وسد الأبواب أمام سفينتها، وتعمد حرمانها من الاقلاع.
المواجهات الفلسطينية المسلحة: الحدث الذي قسم ظهر الوطن
في يونيه 2007م، كانت الأحداث المأسوية والكارثة الوطنية، والتي أعقبتها ثمان سنوات عجاف، دفعنا جميعا ثمنها، وخسرت معها القضية إنجازات – ولو محدودة - كنا حققناها. كانت تلك الأحداث الدامية خطيئة كبرى، ونكبة جديدة حلَّت بالشعب والقضية، وتقع فيها المسئولية على الطرفين؛ فتح وحماس، من حيث غياب الحكمة وسوء التدبير من ناحية، والعداء والمزاجية السياسية والعناد التي صبغت أداء الرئيس (أبو مازن) وبعض بطانته من جهة أخرى.
لقد شهدت مرحلة الانقسام الفلسطيني وما بعدها جملة من الإخفاقات وخيبات الأمل، والتي هي - بالطبع - بفعل تركيبة النظام السياسي، أهمها: حكم الفرد وغياب المرجعية الوطنية، وانعدام الاتفاق حول رؤية واحدة لمشروعنا الوطني، وأيضاً فقدان البرنامج الوطني المشترك، إضافة لتعطيل الحوار الوطني، وغياب ثقافة التعددية السياسية وتقبل الآخر عند كلٍّ من حركتي فتح وحماس، كما أن ارتهان القرار الفلسطيني بشكل عام لتوجهات الأطراف الخارجية هو وراء استبداد كل الأطراف، ورغبتها في التفرد باتخاذ القرار.
باختصار: لا يمكن استثناء أو تبرئة أحد من خطيئة ما وقع، فحركة حماس كجزء من القيادة الفلسطينية وسلطة القرار ارتكبت هي الأخرى جملة من الاجتهادات الخطأ، منها: أنها دخلت الانتخابات بكل ثقلها، وألقت بكامل أوراقها حين فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وارتضت تشكيل الحكومة العاشرة بمفردها، دون إدراك لأبعاد ما كان يبيت لها من مكائد، ويتهددها من أخطار رتبها البعض لها، حيث كان المطلوب هو تدجين الحركة، وتحويل مسارات عملها من العمل الدعوي والفعل المقاوم إلى كواليس الحكم ودهاليز السياسة. بالطبع، لم تتمكن حركة حماس من التكيف مع وضع الحكم الجديد، وبالتالي ظلت تراوح مكانها بطريقة مرهقة، بحيث تشتت جهودها في حسبة غير متوازنة بين متطلبات الحكم، ومقتضيات الدعوة، وتبعات أفعال المقاومة.
لم تتمكن حركة حماس - أيضاً - من الاستقواء بالفصائل المناهضة لحركة فتح، والتي لها تحفظات على قرارات منظمة التحرير، كما أنها لم تنجح في استيعاب اليسار وعمل تشبيك وتقارب معه، علماً بأن الأخير لديه الكثير من العلاقات وأشكال التواصل مع المجتمع الدولي، ويمكن الاعتماد عليه.
التفرد بالحكم: الحالقة وفساد ذات البين
إن واحدة من أكثر الأخطاء القاتلة، والتي تحولت بفعل تأثيراتها القوية على واقعنا السياسي إلى خطيئة ندفع ثمنها اليوم جميعاً، هي حالة التفرد بالقرار، والتي منحناها بأيدينا طائعين إلى شخص واحد، بغض النظر عن أهليته ووطنيته وانتمائه السياسي، وذلك حين سمحنا له – كفرد - بامتلاك كل الصلاحيات، بحيث غدا هو الأول والآخر والظاهر والباطن في صياغة حاضرنا ومستقبلنا السياسي!! اليوم الرئيس - شئنا أم أبينا - ومع كل التقدير لمكانته، هو بمنزلة "الفرعون"، الذي يتمتع بأهلية القول (أنا ربكم الأعلى).!!
نعم؛ هذا الواقع شاركنا جميعاً بصناعته؛ فتح وحماس وباقي فصائل العمل الوطني، وطورنا هذا الخطأ ليتحول إلى خطيئة، يدفع ثمنها – بلا شك – الكل الفلسطيني.
إن استحواذ الرئيس (أبو مازن) على كل المواقع القيادية؛ السياسية والعسكرية والأمنية، وحتى على صندوق الاستثمار الفلسطيني، مع غياب كامل للمؤسسات التشريعية والوطنية، وتعمد تهميش أي دور لها، وأيضاً - وهنا الحالقة - مزاجية الرئيس، وتقلبات علاقاته تجاه الآخرين من أصدقائه أو خصومه السياسيين، والتي جعلت الحالة السياسية الفلسطينية تصل إلى مستويات متدنية، وأوضاع كارثية في كل المجالات؛ مثل: شلل مؤسسات السلطة وتنازعها في ظل الانقسام، وعجز المجلس الوطني على الانعقاد منذ العام 1996م، تكبيل أيدي الفلسطينيين عن التحرك من أجل القدس المسجد الأقصى برغم سياسات التهويد والاقتحامات المستمرة، شرذمة الموقف العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية، تفتيت جبهاتنا الداخلية وخلق حالات من الاصطفاف الحزبي البغيض، تعطيل عمل الإطار القيادي المؤقت وقطع الطريق أمام سبل الإصلاح والتدارك، تعليق الفعل المقاوم وشل فعاليته من خلال التنسيق الأمني، التفرد بملف التفاوض دون مرجعية وطنية، ووضع كل أوراق اللعبة السياسية بأيدي الأمريكان، وتهميش دور المجتمع الدولي بشكل ملحوظ!!
هذه الحالة من التأزيم السياسي، والشلل في علاقاتنا الوطنية، تضعنا أمام السؤال الأهم، ما الذي يجب فعله من الجانب الفلسطيني؟
لا يختلف اثنان بأن الواقع القائم – اليوم – لن يتحسن أو يستقيم بعمليات ترقيع شكلي، بل لا بدَّ من إجراء عملية إصلاح وتغيير جذري، من خلال بناء استراتيجية وطنية واحدة، قائمة على الأركان التالية:
- إننا جميعاً في فصائل العمل الوطني والإسلامي نعتبر أنفسنا جزءاً من حركة التحرر الوطني، ولا ندين بالولاء لغير قضيتنا الفلسطينية وأولوياتنا الوطنية، وأن ارتباطاتنا الخارجية هي فقط لجلب الدعم والتأييد والنصرة لمتطلبات مشروعنا في التحرير والعودة.
- إننا بحاجة ماسة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، كي يتكيف مع الحالة الاحتلالية التي عليها وضعية السلطة الفلسطينية، والتي تستدعي مشاركة الجميع من الكل الوطني والإسلامي في عملية اتخاذ القرار.
- التسليم بمسئولية الجميع عن الخطأ؛ إذ ليس هناك - اليوم - أحدٌ أفضل من أحد، فالكل كان له اجتهاداته الخطأ وأحياناً خطاياه، حيث لحركة فتح أخطاؤها، وكذلك الحال بالنسبة لحركة حماس، فالخلل مرجعه تردي النظام السياسي الفلسطيني، وغياب الشراكة السياسية، وانعدام التوافق الوطني، وتهميش العمق العربي – الإسلامي، وعدم استثمار التعاطف الدولي وشبكات التضامن والتواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل.
- تفعيل المجلس الوطني الفلسطيني بعد سنوات طويلة من الغياب، ليكون هو مظلتنا جميعاً، ومستقر حواراتنا، والقادر على تحديد رؤيتنا السياسية والاستراتيجية، واستعادة عمل المجلس التشريعي الذي تمَّ تعطيله منذ أن وقع الانقسام البغيض في عام 2007م.
- سرعة إجراء الانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، باعتبارها طريق الخلاص وحجر الزاوية، والعمل على تحويل النظام السياسي إلى نظام برلماني، وإعادة بناء المؤسسة الشورية المعبرة عن الكل الوطني والإسلامي في الوطن والشتات.
- تحريك القضية باتجاه الأمم المتحدة، بهدف كسب زخم التأييد وحجم التضامن الذي تحظى به عالمياً، والابتعاد تدريجياً عن دائرة الهيمنة الأمريكية، والتسليم بدور المجتمع الدولي ومنظماته الأممية في دعم المواقف الفلسطينية، المطالبة بإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
- عدم الارتهان للوهم، والاستسلام لدولة الاحتلال؛ فلا سلطة بلا سلطة، ولا احتلال بلا كلفة.
وأخيراً، وفي انتظار تحقيق كل ذلك، وأملاً بطي صفحة الخلاف، والعمل بسياسة "عفى الله عما سلف"، يجب منح الإطار القيادي المؤقت صلاحيات واسعة، بهدف العمل على ترتيب البيت الفلسطيني، والتأكيد من خلال واقع الفعل أنه "لا دولة في قطاع غزة، ولا دولة بدون قطاع غزة"
بالذكري 42 لانتصارات أكتوبر
الكوفية / وفيق زنداح
الاثنين الخامس من يونيو 67 وما سميت بنكسة حزيران.... وما تعرضت له مصر وسوريا والاردن وقطاع غزة من عدوان اسرائيلي أسفر عن احتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس وهضبة الجولان ....حرب مخادعة جاءت كلمح البصر أسفرت عن هذه النكسة التي ألمت بنا وبمعنوياتنا .... وأضعفت فينا كل امكانيات الخروج من هذه الازمة المستعصية ...تولد عن حزيران حالة يرثي لها من عدم التوازن ...والذي لم يطول كثيرا بفعل حرب الاستنزاف والتي شهدت معارك ضارية علي خطوط التماس وداخل خطوط العدو...والتي استطاعت من خلالها القوات المسلحة المصرية أن تؤكد لاسرائيل وقواتها أن نكسة حزيران ...نكسة عابرة ...ونصر وهمي ...وان اسرائيل وقواتها لن تستطيع البقاء داخل الارض العربية دون أن تدفع الثمن غاليا ...وتم تأكيد الرسالة المصرية بفعل عمليات نوعية داخل الخطوط وداخل البحر مما أفقد العدو الاسرائيلي توازنه ما بعد عملية راس العش وتدمير المدمرة الاسرائيلية ايلات والقصف المدفعي الذي طال كافة المواقع علي طول خط التماس وداخل سيناء وما تم من عمليات كوماندو خلف خطوط العدو وتكبيده خسائر فادحة بالأرواح والمعدات مما كان له أكبر الاثر علي معنويات القوات المسلحة والشعب المصري.
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقد كان موضع استهداف من القوي الاستعمارية واسرائيل فكان العدوان الثلاثي في العام 56 في محاولة استعمارية اسرائيلية لفرض شروط الاستسلام ومعادلة العلاقات غير المتوازنة بين مصر وتلك الدول وانهاء المشروع الناصري القومي ورفض القوي الاستعمارية لافكار التحرر والاستقلال وبناء المقومات الذاتية والنهوض بواقع الامة وبناء علاقات سياسية غير خاضعة للابتزاز والضغوط.
استهداف مصر بزعيمها عبد الناصر ...كما استهداف مصر بزعمائها السادات ومبارك وحتي الرئيس السيسي ...فالمؤامرة القديمة الحديثة ....تستكمل خيوطها وتشعباتها فاما حرب نظامية تقودها قوي استعمارية واسرائيل ...واما حرب تنفرد بها اسرائيل وبدعم أمريكي كامل ....واما حرب الارهاب المدعوم من بعض القوي التي لا تريد خيرا لمصر وللعرب.
ونحن أمام الذكري الثانية والاربعون لانتصارات أكتوبر المجيدة ...وفي يوم السبت الموافق السادس من أكتوبر العاشر من رمضان وبما يسمي بعيد الغفران لدي الاسرائيليين وفي تمام الساعة الثانية بعد الظهر قامت الطائرات المصرية بدك حصون العدو الاسرائيلي كما قامت المدفعية الثقيلة بدك تلك الحصون والمواقع علي ضفة القناة ...وتم رفع العلم المصري بعد عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس وهم يرفعون نداء الله أكبر ....ليعلنوا أن مصر لن تكسر ..ولن تهزم ...بفعل حرب ساعات مخادعة ...وها هي القوات المسلحة المصرية تؤكد نصرها وتفوقها وقدرتها علي الدفاع عن أرضها واخراج المحتل منها مهما كان الثمن ومهما بلغت المساعدات من الحليف الامريكي للعدو الاسرائيلي ...الذي لم يتاخر كثيرا حيث قامت الولايات المتحدة بتقديم مساعداتها وبسرعة فائقة بعد أن فقدت جولدا مأئير رئيسه الحكومة توازنها مطالبة بالمساعدة السريعة ... كما الجنرال ديان الذي فقد توازنه أيضا بعد أن تم تدمير خط بارليف وما تولد لديه من شعور الهزيمة بعد أن عاش مشاعر النصر بالعام 67.
حاولت اسرائيل من خلال الضربات العسكرية الموجعة التي تعرضت لها قواتها في سيناء وعبور القوات المسلحة المصرية لقناه السويس أن تحدث ثغرة في منطقة الدفر سوار في محاولة لرفع المعنويات واحداث التفاف عسكري يمكن من خلاله أن يحدث انسحاب متبادل في حالة وقف اطلاق النار... الا ان اسرائيل ومن خلال قائد العملية شارون لم يحققوا أهدافهم وكان بالامكان القضاء عليهم بصورة تامة.
كان الموقف العربي داعم لمصر وتم استخدام سلاح البترول وكان الفضل للمغفور له جلاله الملك فيصل ملك السعودية وللعديد من الدول التي وقفت داعمة ومساندة لمصر التي تحارب في معركة العرب لتحقق النصر للعرب.
حرب أكتوبر المجيدة لا زالت تشكل حدثا تاريخيا عسكريا ...ولا زال الخبراء العسكريين يدرسون مدي القوة والارادة التي أمتلكها الجيش المصري والتي استطاع من خلالها أن يهزم الجيش الاسرائيلي بتفوقه العسكري وبالانحياز الامريكي له ...هذا النصر الذي حققته القوات المسلحة المصرية علي الجبهة الجنوبية في ظل نصر تحقق علي الجبهة الشمالية من قبل الجيش العربي السوري جعل من الجيشين محل استهداف لقوي الشر التي أنتجتها قوي الاستعمار من أجل تفكيك هذه الجيوش وانهاء هذه الدول ...الا أن مصر وبقواتها المسلحة قادرة علي مواجهه الارهاب والقضاء عليه والمحافظة علي أمن واستقلال هذا البلد الشقيق... لأن روح أكتوبر لا زالت ماثلة ...وسوف يتحقق النصر القريب والكامل علي كافة قوي الشر والارهاب في مصر وسوريا ...حتي ينعم البلدين العربيين بالامن والاستقلال والازدهار.
"العمليات الاستشهادية"..و"الجهاد"!
أمد / حسن عصفور
خلال أيام قصيرة اطلقت بعض مواقع اعلامية، محسوبة على حركة "الجهاد"، وكذا أحد قياديها المعروفين في قطاع غزة، عدة إشارات عن امكانية قيام "الجهاد" بـ"عمليات استشهادية" في قلب دولة الكيان..
ولأن الأخبار انطلقت دون نفي أو توضيح، يمكن اعتبارها بالحد الأدنى، انها "قيد المداولة الداخلية"، وبما أنها تسربت الى العلن، فبات من الحق العام مناقشتها، والتعامل معها باعتبارها "امكانية قائمة" الحدوث في القريب العاجل أم البعيد، لا يهم كثيرا، فليس الزمن هو محل الخلاف مع "الجهاد" بل تلك العمليات ذاتها..
والجدل حول تلك العمليات، بدا منذ ان انطلقت اول علمية قامت بها حماس عام خلال مفاوضات طابا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولم يتوقف حتى تاريخه، وسيبقى مستمرا ما دام هناك من يتطوع بالحديث عنها..
اثارت تلك العمليات ردود فعل مختلفة، بل ومتباينة جدا، في لحظات سياسية معينة، من التأييد الفوري - العاطفي، خاصة خارج فلسطين، من الأشقاء العرب، يرونها "ردا مؤلما جدا للعدو على جرائمه التي لا تتوقف"، فيما يذهب البعض الى "تاييد خجول" يجمع بين "العاطفة الانسانية" و"العقلانية السياسية الخجولة"، بينما هناك فريق كان معارضا لها جملة وتفصيلا، كونها لا تقدم "خدمة كفاحية" بل "ضررا سياسيا" يلحق بالشعب ونضاله، خاصة على الصعيد الدولي..
وبلا اطالة في البحث عن مدى الأهمية تاريخيا، فالحديث عن التفكير بالعودة لها في هذه المرحلة سيكون "خطأ استراتيجيا" يلحق ضررا مضاعفا عما كان في الماضي القريب، خاصة وأن المشهد السياسي الدولي، لا يمكنه مطلقا ان يتفهم أي عمليات من هذا القبيل، مهما حاول البعض أن يتلفح بالجرائم التي ترتكبها دولة الكيان المعادي..
فما تقوم به "داعش" لن يسمح للعالم بتفهم اي عمل "استهادي" من نوعية تلك العمليات التفجيرية في مناطق مدنية، الى جانب أن اي عمل من تلك النوعية، وفي الظروف الراهنة سيمنح المحتل من "الذرائع" لتمرير جرائم الحرب التي يرتكبها كـ"رد فعل" وليس فعل، ومعرفة أهل فلسطين بالحقيقة لا يعني أن العالم ايضا يعرفها بذات المضون..
المواجهة مع المحتل، بكل السبل الممكنة والمتاحة، خاصة المقاومة الشعبية اكدت الأيام أنها أحد أهم اسلحة الشعب الفلسطيني في كشف الزيف "التاريخي" الذي نجحت دولة الكيان بتمريره عالميا، واسقطت مقاومة الشعبية الفلسطينية، وخاصة المظهر الانتفاضي الأبرز ما بعد 1987، في الانتفاضة الوطنية الكبرى، أهم الادعاءات الخادعة بما روجته دولة الكيان والحركة الصهيونية واعلام امريكا عن "البعد الأخلاقي" لها، في ظل غياب اعلام الصورة، حتى سقوط القناع وتبيان الحقيقة..
ولا تزال صورة جيش الاحتلال وهو يقوم بتكسير عظام أطفال فلسطين أحد أبرز الشواهد على لا اخلاقية هذه الدولة، حتى باتت اليوم تعرف بأنها دولة جرائم حرب، ولو ان الرئاسة الفلسطينية تماسكت بما يكفي، ولم تسقط من جدولها "تقرير غولدستون" عن جرائم حرب المحتل ضد قطاع غزة، لكان أمثال نتنياهو في "قفص العدالة" او مطارد لها، ولا زال هناك الكثير لعمله في هذا الشأن، لكنه يحتاج لقرار حقيقي وليس مظهر اعلامي راقص!
المواجهة الشعبية الشاملة، اليوم هي السلاح الأهم سياسيا وتاريخيا في معركة الشعب ضد العدو المحتل، وأي خروج عن هذا السياق سيمثل "انحرافا" غير مقبول، وضار جدا، وسيقدم "خدمات مجانية" للطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب..
الرد على الجرائم المعادية بتطوير قواعد المواجهة والاشتباك داخل الضفة والقدس المحتلة، مناطق تحتاج لأضعاف الجهد القائم، بل حتى الساعة لم تنطلق الامكانيات الوطنية المخزونة، لأسباب بعضها معلوم جدا، في أن البعض الرسمي يعمل جاهدا لتطويق "الغضب الوطني الحقيقي" وتمريره عبر "غضب لغوي كاذب"..الى جانب أن القوى بمختلف مسمياتها لا تزال تقف مترددة بين الانخراط في "هبة الغضب الوطني"، خوفا من "السلطان" الذي لم يلتق بأجهزته الأمنية الا لكي يصدر لها أوامر بتطويق الفعل الوطني المرتقب، فيما غيرها تتحدث أكثر بكثير عما لديها..
الغضب الوطني العام، لا يحتاج لـ"مرشد"، بل يحتاج لمزودينه بطاقة عمل، دون وضع أي مطب في طريقه..و"العمليات الاستشهادية" في هذا التوقيت السياسي العام شكلا من اشكال المطبات الصناعية المعطلة للقوة الشعبية المتوقع انفجارها بلا رجعة، رغم كل محاولات المرتعشين هلعا من انفجار شعبي حقيقي..
رسالة الى الأصدقاء في قيادة "الجهاد"، وبما يملكون من رؤية خاصة لها كل المحبة والتقدير، لا تسمحوا بفعل ما يمكنه أن يمثل "ضررا وطنيا عاما"..وفلسطين ساحة تنتظر فعلا نافعا، والنافع بات معلوما جدا..فليكن هو الخيار لا غيره..!
ملاحظة: كان الأمل ان تكون مقالتي اليوم عن ذكرى النصر التاريخي في 6 اكتوبر عام 1973..نصر لن تزول قيمته التاريخية بانحراف سياسي..كانت ايام عزة للأمة من أقصاها لأقصاها..المجد للقوات المصرية والسورية والفلسطينية، رغم محدوديتها ولكل عربي كان جزءا من لحظة تاريخ..العودة مقبلة لنفخر أكثر!
تنويه خاص: بيان حماس الاتهامي للسلطة الفلسطينية، بأن أجهزتها الأمنية لعبت دورا في تسليم خلية نابلس تحتاج الى توضيح رسمي..الصمت ليست ادانة فحسب، بل هو عار لن يزول!
الانتفاضة قادمة، لا تستعجلوها
امد / رشيد شاهين
تسارع الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأيام القليلة الماضية وانفجارها بشكل مفاجئ، باتت تسيطر على المشهد، وأصبحت محط اهتمام الكثير من الساسة والمراقبين وخاصة في دولة الاحتلال.
المواجهات الضارية مع قوات الاحتلال وانتشارها، دفع كثير من الكتاب والمحللين إلى تحليلات اقرب إلى الحماس وأحيانا التمنيات، للحديث عن انتفاضة ثالثة، تعيد أمجاد الأولى بكل ما كان فيها من زخم وجماهيرية وتضحيات وعفوية، "تحرق" الأرض تحت أقدام الصهاينة، وتزيد من عزلتهم الدولية وافتضاح ديمقراطيتهم المزعومة. انتفاضة ستكون بمثابة "رافعة" تقود إلى التخلص من الانقسام وإعادة اللحمة لشطري الوطن، وتحقق ما عجز عن تحقيقها الساسة والمفاوضات التي طالت لعقدين من الزمن.
باعتقادنا، ان ما يجري في الأرض المحتلة، هو"تدريبات" ومقدمات لانتفاضة ثالثة، ، هو هبة جماهيرية، فيها تعبير عن غضب عارم في الصدور، إلا أن طريقة الصدام مختلفة عن الانتفاضة الأولى، وذلك بسبب المتغيرات التي فرضتها اتفاقات أوسلو، والتي أدت إلى انسحاب قوات الاحتلال من كثير من المناطق المكتظة بشكل خاص، وهذا ما جعل المواجهة على مدار اللحظة واستنزاف قوات الاحتلال وإيقاع الكثير من الأذى والخسائر بها واستنزافها، أصعب كثيرا مما كان عليه الحال في الأولى.
نتذكر جميعا خلال الانتفاضة الأولى كيف كانت قطعان المستوطنين، تخشى المرور عبر المناطق الفلسطينية، وكانت تمر تحت حراسة الجيش الصهيوني، ولم تك تمتلك الجرأة التي تمتلكها هذه الأيام في مواجهة الشارع الفلسطيني، وقلما كانت تتجرأ الهجوم على القرى والتجمعات الفلسطينية، أما اليوم فقد انقلب الحال، وصار هؤلاء "متنمرون" تحرسهم وتشارك وإياهم قوات الاحتلال في الهجمات على الفلسطينيين.
الحديث عن انتفاضة ثالثة "بعيدا عن الحماسة والرغبات" في اللحظة الراهنة، هو حديث بتقديرنا يبتعد عن الواقعية وهو أكثر ميلا ربما للمبالغة وللأماني منه إلى الحقيقة، خاصة في ظل العديد من المعطيات التي استجدت ما بين الانتفاضة الأولى واللحظة، وهذا عائد إلى العديد من الأسباب التي منها:
- إن الكثير ممن يتمنون قيام انتفاضة ثالثة، هم في واقع الحال يعملون على إحباط قيامها، ذلك ان انتفاضة ثالثة تعني وجود قيادات شابة ومزاحمة لهؤلاء على ما يتمتعون به من امتيازات من الصعب التخلي عنها.
- لا يمكن استنساخ ما حدث عام 1987الآن، لاختلاف الظروف وكذلك الواقع.
- عدم وجود قوات احتلال في الكثير من المناطق الفلسطينية للاصطدام معها بشكل مباشر وعلى مدار اللحظة، ذلك ان مناطق التماس الساخنة لم تعد كما كان الحال سابقا في كل زاوية وشارع وزقاق.
- الانقسام الذي ترسخ في ذهنية البعض، برغم انه قد لا يكون باديا على السطح بشكل فج خلال الأحداث والصدامات، إلا انه يمكن ملاحظة عدم المشاركة الواسعة من هذا الفصيل أو ذاك اعتمادا على من يبدأ أو من يدعوا إلى الصدام.
- النتائج "غير المشجعة" التي نتجت عن الانتفاضتين الأولى والثانية رغم التضحيات خلالهما، وما رافقهما من طموحات، وبالتالي الخشية من نتائج قد تكون أكثر احباطا.
- الوضع العربي بخاصة والإسلامي بعامة، حيث من الواضح ان هنالك شعور في الشارع الفلسطيني، بإدارة الظهر ليس فقط لفلسطين بعامة، لا بل وحتى لأحد أهم المقدسات الإسلامية، وهذا يجعل الشعور "بالوحدة" هو السائد، بعكس الانتفاضتين السابقتين.
- في الحديث عن انتفاضة ثالثة، لا يتم عمليا تحديد أي انتفاضة نريد، هل هي على غرار الأولى بكل ما فيها من ألق وسلمية وفضح للاحتلال، أم انتفاضة "مُعَسْكَرَة" كالثانية بكل ما كان لها من نتائج وتداعيات نعلمها جميعا.
اندلاع أعمال مقاومة شاملة تأخذ الرقم ثلاثة، ليست رغبة يمكن ان تتحقق لان هذا القائد أراد أو ذاك أصدر أمرا.
ولا بد هنا من الإشارة إلى ما تقوم به وسائل الإعلام الصهيوني، حيث انها مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية تعمل ليل نهار على التخويف من انتفاضة ثالثة، وهي محاولة لبث الرعب في نفوس المستوطنين بخاصة، كما هي محاولة للتحريض ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتصوير ما يقومون به على أنه أعمال إرهابية وليست أعمال مقاومة، وقد انجر بعض إعلاميينا لذلك من خلال الحديث عن العنف والإرهاب المتبادل، في فهم قاصر لمجريات الأحداث وطبيعة الأمور.
الانتفاضة رقم ثلاثة لا شك انها قادمة، بدون أن يستعجلها هذا القائد او ذاك، وبدون ان يُنَظرْ لها هذا المحلل او سواه، وهي لن تقف منتظرة رهن إشارة هذا الحزب او ذاك، فهي لا تقوم "بكبسة زر" يضغطه فلان أو علان، هي بالتأكيد قادمة، ربما من خلال حدث قد يكون اقل خطورة من حادث الدهس في جباليا الذي أشعل الأولى، أو تدنيس الأقصى كما فعل شارون لتقوم الثانية. هي قادمة، عندما تتوفر " وستتوفر" الظروف والعناصر المناسبة والشاملة التي من شأنها أن تؤدي إلى فعل انتفاضي شامل.
دولة الاغتصاب بكل ما تقوم به على ارض الواقع، تدفع أصلا باتجاه تضييق الخيارات على الفلسطينيين، وهي توفر الظروف سواء بعلمها او بدونه، من اجل انتفاضة لن تبقي ولن تذر، وكل ما يجري على الأرض الفلسطينية يضيق الخيارات والمسافات لقيام انتفاضة ثالثة، وستأتي اللحظة التي تكون خلالها البيئة اللازمة والمناسبة والأسباب والعوامل الناضجة تماما للوصول إلى فعل شامل يحمل اسم "انتفاضة رقم ثلاثة".
فلسطين تكتب بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال
فراس برس / عباس الجمعة
اليوم تكتب فلسطين بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال من خلال هبتها الشعبية بمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، وتعيد القضية الفلسطينية، الى واجهة الاهتمام ، لتؤكد انها قضية شّعب يقاوم ، وان كان هم الشعوب واحد، فالمصير والنّضالات ستكون حتما واحدة، وان مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه في العودة والاستقلال وتقرير مصيره وحقّه في العيش الكريم، بعدالة وحريّة وكرامة، واضحة ، ولا يمكن ان يقبل بأن العيش مع غدة سرطانية مهما كانت التحديات والظروف.
لذلك فان الهبة الشعبية التي تجسد الانتفاضة الثالث سوف تدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، وسيكون لها نفس الموقع والمكانة اللذين احتلتهما انتفاضات شعبنا ، ليس في قولنا هذا أي قدر من المبالغة، فها هي الهبة الشعبية في الضفة والقدس، تواجه على مختلف الصعد الاحتلال وقطعان مستوطنيه بكافة الوسائل النضالية وبمقاومة شعبية جبارة ، ولجان شعبية ضاربة ، وكل ذلك يأتي استنادا لركام هائل من الخبرة النضالية ولشوط طويل تم قطعه على طريق بلورة "العامل الذاتي" الفلسطيني ،وهو الأمر الذي يبدو واضحا من مراجعة حجم التطور الذي طرأ على ارادة الشعب الفلسطيني وشبابه.
من هنا نرى اهمية اخذ الدور من جميع الفصائل والقوى والعمل على دعم الشعب الفلسطيني الذي يبتدع شبابه المنتفض دورا هاما ، وضرورة إيلاء المزيد من الجهد والاهتمام لسد الثغرات القائمة وأية ثغرات قد تنشأ هنا أو هناك، وخصوصا المستوى الوطني، في هذه العملية الكفاحية الطويلة، وليصار إلى إيجاد الصيغ المناسبة لضمان مشاركة جميع القوى والمجموعات والشخصيات في هذه الملحمة البطولية على الرغم من أية خلافات حدثت هنا أو هناك، هذه مهمة ينبغي أن تبقى ماثلة أمام اعين الجميع .
اليوم الهبة الشعبية تدخل كل محافظة ومدينة وقرية ومخيم في الضفة الفلسطينية والقدس ، حيث يشارك فيها الرجال والنساء والشباب والشيوخ والأطفال، من مختلف المهن والشرائح والفئات والطبقات، حيث يصنع الشعب الفلسطيني ملحمته الوطنية كل في ميدانه ووفق طاقاته واختصاصاته مقدما قوافل الشهداء والجرحى والاسرى ، ولقد اصبح واضحا للملأ أن الاحتلال بتهديداته قد أشهر عن إفلاس وسائل سيطرته ، ولم يعد بمقدوره الاستمرار جاثما على صدور شعبنا بنفس هذه الوسائل فلجأ إلى "العنف غير العقلاني" وأطلق التهديدات وهدم منازل الشهداء وجرح واعتقال عشرات الآلاف من أبناء شعبنا حتى يتسنى له البقاء في موقع السيطرة على الأرض والشعب.
ونحن اليوم على ثقة بشعبنا وبشكل لا يقبل الشك أو التأويل، أن إرادته الوطنية وتوقه للحرية والاستقلال والعودة ، أقوى من كل هذه الإجراءات الفاشية، وأنه لم يعد بمقدوره الاستمرار في الخضوع لشروط الاحتلال المذلة، وليس بمقدوره العودة للقبول بها، مهما غلت وتعاظمت التضحيات.
ولقد بات يحدونا كبير الأمل في أن نتيجة هذا الفصل الجديد من فصول الصراع الفلسطيني- الصهيوني والعربي- الصهيوني، سوف تحسم لصالح شعبنا وثورتنا وانتفاضتنا، منطلقين في ذلك من جملة اعتبارات أهمها:
أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال قد تلمس بتجربته الحسية المباشرة خياره الوحيد خيار الاستمرار في النضال والمقاومة الشعبية والهبات المتواصلة والتي ستؤدي حتما الى الانتفاضة الثالثه ، وهذا ما أصبح يلقى التفهم والاستيعاب الكامل على المستويات الإقليمية والدولية، وباتت القضية الفلسطينية وليس الصراع العربي الصهيوني وحده، هي القضية التي تستأثر بالبحث والاهتمام، رغم إدراكنا العميق للعقبات والعراقيل العديدة التي مازالت تعترض سبيل الوصول الى الحقوق الوطنية المشروعة ، ورغم إيماننا التام بأن المسافة للوصول الى الدولة وإقامتها فعليا على الأرض مسافة طويلة ومريرة معبدة بالشهداء والتضحيات والعذابات.
أن الهبة الشعبية التي اتت نتيجة تدنيس المسجد الاقصى لأكثر من مرة ، تتطلب منا الحفاظ على المكاسب والانتصارات التي تتحقق ، والتي سوف تنتهي لصالح شعبنا وقضيتنا فهي المحرك للتعاطف العالمي وهي التي أيقظت ضمير العالم وهي التي ستوصلنا إلى شواطئ الحرية والاستقلال متظافرة مع جهود ونضالات شعبنا في الخارج ومع دعم وإسناد الأشقاء والحلفاء على المستويين القومي والأممي.
كثيرة هي الأسئلة والتساؤلات التي تطرحها الهبة الشعبية ، بعضها يتعلق بالاستراتيجية السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية وانهاء الانقسام الكارثي وبعضها يتصل بالتكتيك والشعارات واللحظة السياسية الراهنة.
وليس من شك في أن هذا أمر طبيعي وضروري، فالاستحقاقات التي داهمت العمل الوطني الفلسطيني كانت تفرض ضرورة إعطاء الأجوبة لماذا الاستمرار في الانقسام ، وهذا سؤال موجه لمن يريدون اتفاق تهدئة وفصل الجغرافيا الفلسطينية ، لأن البعض يهمه ضعف الحضور الفلسطيني وعندها يشغلها لاعبون آخرون ممن ينتمون ويتمنون الغياب الفلسطيني الكامل عن المسرح السياسي.
إن جوابنا على هذه الأسئلة والتساؤلات هو ألم تقرع الهبة الشعبية سؤال الأزمة التي تعانيها الساحة الفلسطينية ،لأن الوفاء لتضحيات شعبنا تتطلب طرح أسئلتها وإشكالياتها الاستراتيجية فضلاً عن التكتيكية والمرحلية، ولعل هذا وحده يوفر لشعبنا المدخل لبحث جدي في الخروج من أزمة حركة التحرر الوطني الفلسطينية، لكن ورغم كل ما يمكن أن يقال عن سمات جديدة ، إلا أن الأمر الذي لا يجوز أن يغيب عن الأذهان للحظة واحدة هو أن العمق القومي لهذا الصراع سيظل قائماً ومطلوباً وضرورياً، فالعدو الصهيوني لا يهدد الشعب الفلسطيني وحده، ومهمة دحر المشروع الصهيوني لن تكون مهمة الشعب الفلسطيني وحده، وهذا الامر بات يفرض نفسه على الفلسطينيين انتزاع زمام المبادرة بأيديهم، تماما كما باتت توجب على فصائل حركة التحرر الوطني العربية وضع مهمة الخروج من نفق الأزمة التي تعيشها على رأس جدول أولوياتها.
إن اندلاع الهبة الشعبية في الضفة والقدس في وجه عدو فاشي متغطرس مدجج بالسلاح، يوفر الفرصة الموضوعية ، للبدء بولوج مرحلة المواجهة الجدية الشاملة ، والجميع يدرك الان ان ان الهبة الشعبية اندلعت كردة فعل شعبي وطبيعي على الاحتلال وسياسته وممارساته، وعلى انسداد الافق السياسي وفشل اتفاقات اوسلو وانكشاف استهدافات الاحتلال منها ومخططه لموضوعات التسوية النهائية كما اتضحت بشكل جلي في المفاوضات الثنائية على مدار اكثر من عشرين عاما دون نتيجة ، نعم تفجر الغضب الشعبي عقب قيام وزير الزراعة الصهيوني وجيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه الاستفزارية للمسجد الاقصى، ولادراك الشعب لرسالتها وتزامنها وتداخلها مع سياسات وممارسات الاحتلال ، وفي ظل تأزم الوضع الداخلي الفلسطيني بسبب الاستمرار في الانقسام الكارثي والحديث عن فصل قطاع غزة عن الضفة وفق هدنة طويلة الامد .
مما لا شك فيه نحن امام الهبة الشعبية ، امام نبض الضفة االفلسطينية والقدس لم يهدأ منذ أشهر وليلها تحول الى زمن للمواجهة المستمرة بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال والمستوطنين من جهة اخرى، فما شهدته القدس من عمليات فدائية ألهبت مشاعر الفلسطينيين هنا ولاسيما وان قطعان المستوطنين تركوا من قبل حكومة نتنياهو ليعيثوا فساداً في الضفة الفلسطينية تحت مسمى دفع الثمن، فاصحاب الارض من شمالها الى جنوبها اتخذوا القرار بان يكفوا يد المستوطنين عن ارضهم، وهذا يعود بنا الى الذكرى السنوية لعملية اكيلي لاورو ، وكل ابطالها من شهداء واحياء فهم يستحقون اوسمة الشرف والعزة ، نتذكر الرمز الشهيد القائد الامين العام ابو العباس الذي كان له الدور الرئيسي في صوغ الرؤية النضالية للجبهه وبرامجها وتوجهاتها الفكرية والسياسية والتنظيمية والجماهيرية، والذي لم يكن قائداً ورمزاً جبهاوياً فقط ،بل كان قائداً ورمزاً فلسطينياً وعربياً وأممياً بامتياز،وكان بمثابة البوصلة التي يسير بهديها كل المناضلين والثوريين، حيث شكلت عملية اكيلي لاورو البوصلة الاعلامية التي لاحقت الشهيد القائد تحت عناوين مختلفة .
ان عملية اشدود او اكيلي لاورو كانت من احد اهم العمليات البطولية العابرة للقارات التي اشرف عليها الشهيد القائد الامين العام ابو العباس، هذه العملية التي ورد بحق ابطالها لغط كبير ، وكانت بوصلتها فلسطين ، حيث كتب ابطالها نماذج الفداء التي لا يماري فيها احد ولا يشك فيها عاقل، والتي قيل الكثير عنها بوسائل الإعلام وحاول العالم وصمها بالإرهاب وتم عمل أفلام ومسلسلات في واقعها خطت الكتب والمذكرات التي تستعرض تفاصيلها وتحدث عنها الكثيرون ولكنها ستظل علامة فارقه في نضال شعبنا الفلسطيني وستظل هذه العملية وأبطالها الذين استشهدوا و مازال منهم على قيد الحياة أبطال للشعب الفلسطيني ، وان سفينة اكيلي لاورو كانت وسيلة للوصول الى ميناء اشدود ، وكان هدف العملية واضح هو الرد على مجزرة حمام الشط في تونس الذي ذهب ضحيتها العشرات من الشهداء الفلسطينيون والتونسيون حيث مقر منظمة التحرير الفلسطينية بهدف اغتيال رمز فلسطين الشهيد القائد الرئيس ياسر عرفات، بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان صيف عام 1982، والعمل من اجل اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين ، وإثبتت العملية بانه يمكن للثورة الفلسطينية الوصول إلى أهدافها رغم كل الإجراءات الامنيه المتخذة واجتياز كل العوائق ، وأبراز قضية شعبنا في المحافل الدولية، ولم تكن كما وصفها الاعلام الغربي خطف مواطنين ، وأصبحت هذه العملية هاجس عند الاحتلال ، واثبتت العملية القدرة العالية للمناضلين بالتضحية والاستشهاد من اجل قضيه عادله هي قضية فلسطين التي استشهد من اجلها عشرات الآلاف.
كل هذه الانتصارات التي حققتها القضية الفلسطينية كانت بفضل عمليات مناضلي وفدائيي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية جميعاً وعلى رأسهم الشهيد القائد ابو العباس الذي استطاع ان يجمع بحنكته القيادية النضالية كل مناضلي واحرار العالم حول العمل النضالي والاستشهاد في سبيل القضية الفلسطينية من سوريا ولبنان والعراق والجزائر والمغرب وليبيا وتونس والكويت والاردن وباكستان وامريكا اللاتينية، أولئك الأبطال الميامين الذين سطروا أروع الملاحم البطولية التي هزت الكيان الصهيوني اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا إيماناً من هؤلاء المناضلين الأبطال بصحة وصواب وعدالة النهج الثوري والأهداف والمبادئ التي تناضل من اجلها جبهة التحرير الفلسطينية وعدالة القضية الفلسطينية.
وامام كل الخيارات وبعد رفع علم فلسطين وخطاب الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة ، كان خيار الرد على قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيها ، بالدفاع عن نفسه وعن ارضه ومقدساته ، ومطالبته بحقه بتقرير مصيره وحريته واستقلاله ، وحتى يعلم العالم ان خيار الاستسلام ليس خيارا للشعوب، وبخاصة الشعب الفلسطيني الذي ناضل عشرات السنوات واختزن تجارب غنية.
وفي ظل هذه اللحظات التي تتصاعد الهبة الشعبية على ارض فلسطين وقدس الاقداس ، تأتي الذكرى السنوية لحرب تشرين التي قادها الجيشين العربيين السوري والمصري ومعهم فصائل الثورة الفلسطينية حيث بلورت معاني الصمود والتضحية ، واضافة بعدها انتصارات عظيمة تجلت بانتصار المقاومة في لبنان وصمود وانتصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، ولتسجل اليوم ملاحم بطولية في مكافحة الإرهاب التي تتعرض لها المنطقة ، وبهبة شعبية ومقاومة وطنية على ارض فلسطين في الضفة والقدس بمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه
الذي يتنهك كل الشرائع والمواثيق الدولية فضلاً عن استمراره في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.
ختاما : نقول ان على الجميع ان يدرك بان خيار الصمود والمقاومة يتطلب ترتيب البيت الفلسطيني والتغلب على الصعوبات واسترداد المبادرة السياسية وتعزير صمود الشعب ومتابعة هبته الشعبية وصولا الى الانتفاضة الثالثة بشروط افضل وبما يضمن متابعة مسيرته الكفاحية بانهاء الاحتلال وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فشجرة الحياة الواقفة كما عنب الخليل، وسنديان صفد، وزيتون نابلس، ونخيل بئر السبع، لشعب عنيد (شعب الجبارين) في الضفة والقدس وغزة وفلسطين التاريخية، إنه الشعب الذي صمم رغم المستحيل على بلوغ الهدف الغالي، انتزاع الهوية واسترداد التاريخ والكرامة ، حيث نتحدث عن النضال الحقيقي عن صورة الكفاح الفلسطيني الذي كان لجبهة التحرير الفلسطينية الدور البارز فيه، فيها مسيرة نضال وإيمان لا زال الشعب الفلسطيني تواق لها من اجل رسم تاريخ مشرق على طريق قادة ومناضلين تعملقوا نجوما في سماء فلسطين ، لم يعشقوا سوى فلسطين الوطن والانتماء، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد، وزرعوا أشجار الوطنية لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.
قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة
امد / د.هاني العقاد
لم يكن في حسبان احد ان تتسارع الامور نحو الانفجار في الضفة الغربية بهذا المستوي ولم يكن في حسبان اسرائيل ان تدفع ثمن سياساتها العنصرية الاستيطانية التهويدية بهذه السرعة ,في اقل من 48 ساعة عمليتان موجعتان في ايتمار والقدس وقد نتفاجأ بأكثر من ذلك في الايام القادمة , الموقف على حافة الانفجار باتجاه المواجهة الشاملة ,اسرائيل تدعم المستوطنين لتنفيذ عمليات انتقامية بحق المدنيين الفلسطينيين لتصور للعالم ان الصراع اصبح بين المستوطنين والفلسطينيين وتختبئ هي خلف ذلك لتنفيذ اجندات اكثر قذارة , لم يجد الفلسطينيين امامهم سوي الانتفاض والمواجهة والمبادرة الى الهجوم للدفاع عن انفسهم على غرار ما حدث بالبلدة القديمة بالقدس , لكن العالم يعرف المواجهة ليست مع المستوطنين وحدهم بل جيش الاحتلال الاسرائيلي فكل الشهداء الذين سقطوا حتى الان سقطوا برصاص جيش الاحتلال وبالتالي وجهة الانتفاضة باتجاه جيش الاحتلال والمستوطنين الذين يوفر لهم الحماية ويمدهم بالسلاح, ما تملكه إسرائيل حتى الان استخدام مزيد من القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين وتحميل الرئيس ابو مازن مسؤولية ما يحدث بالضفة الغربية والقدس على انه جاء نتيجة تحريض القيادة الفلسطينية على فعل كل تلك العلميات ولا تملك مسارا اخر غير هذا لأنها حكومة يراسها اقطاب اليمين و الاستيطان الإسرائيلي .
المتفحص والمتتبع لتدحرج الوضع بالضفة والقدس يدرك ان الاحتلال الاسرائيلي هو من دفع بالفلسطينيين للوصول الى مرحلة الاحباط الشديد ولا نتحدث عن مستوي معين بل الفلسطينيين من قيادة وفصائل وشعب بل وان حكومة نتنياهو منذ 24 اب الماضي وهي تدفع الى السير باتجاه الصدام العنيف مع الفلسطينيين لكن الدلائل تشير ان الفلسطينيين لا يريدوا ان يصلوا الى المواجهة الشاملة الان , منذ ان جاءت حكومة اليمين المتطرف ونحن ندرك ان الواقع اصبح مخيفا وان الجميع يتجه نحو المواجهة الشاملة وان الانتفاضة الثالثة مسألة وقت لا اكثر , اليوم نقول ان المرحلة التحضيرية والاولى للانتفاضة قد اجتازها الفلسطينيين فلم تعد السلطة الفلسطينية يهمها ان تتوقف الانتفاضة او تهدأ وتيرتها واعتقد انه بات واضحا ان الالتفاف الجماهيري حول الانتفاضة الشعبية اصبح مرضيا الى حد ما وكل يوم ينضم الالاف للمواجهة مع اسرائيل واصبحنا على يقين ان الامور تتصاعد والقيادة راضية تماما على ما يجري لأنها ادركت ان الحراك على الارض بات مطلوبا الانتفاضة الشعبية المدخل الحقيقي لإعادة القضية الفلسطينية لواجهة الاهتمام الدولي بعد انشغال العالم بقضية النووي الايراني ومحاولة نتنياهو ان يشغل ادارة البيت الابيض بمعارضته لهذا الاتفاق باعتبار انه يشكل خطر على اسرائيل بالإضافة الى الوضع في سوريا.
اليوم قد لا نتحدث عن انتفاضة ثالثة فقط وانما قد يتعدى الامر ابعد من ذلك وصولا للمواجهة الشاملة بين الشعب المحتل وسلطة الاحتلال وجيشه ومستوطنيه يمكن ان يستخدم فيها الشعب المحتل كل ما اتيح له من ادوات لتحقيق النصر و الاهداف الاستراتيجية لذلك وتسبيب وجع كبير لسلطة الاحتلال والمستوطنين لردعهم واعاقة مخططاتهم الاستيطانية واغلاق كافة الطرق امامهم وبالنهاية رفع فاتورة الاحتلال الاسرائيلي , الانتفاضة اليوم كشفت كل مخططات اسرائيل القذرة للعالم لزيادة مدي الدعم الدولي للفلسطينيين ومشاركتهم في مناهضة الاحتلال الطويل والوحيد بالعالم ,وما الانتفاضة الثالثة التي يتحدث عنها الاعلام اليوم سوي مرحلة من مراحل المواجهة الشاملة ,هذه المواجهة بدأت بحرب حقيقية بين المدنيين الفلسطينيين في القري والكفور وكامل مناطق الريف الفلسطيني باعتبار انها مطمع للمستوطنين لحساب التوسع الاستيطاني وتخصيصه كمناطق عازلة للاستيطان يقصد بها ايضا عزل مناطق الضفة ومحافظاتها , هذا بات واضحا من خطة الحكومة الاسرائيلية بتوجيه الجيش الإسرائيلي لمحاولة عزل الريف الفلسطيني عن محيطه المدني وبالتالي يستطيع ايضا ان يعيق عدوي الانتفاضة الشعبية والمواجهة واختباء الفلسطينيين المطلوبين بين القري والكفور والجبال المحيطة .
المرحلة الثانية للمواجهة الشاملة كانت قبل اسابيع وهي تكثيف المواجهة الشعبية ومواجهة قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بكل الطرق وحماية البلدات والقري الفلسطينية ,وهنا نستطيع القول ان الشعب الفلسطيني اجتاز هذه المرحلة ايضا فقد كانت مرحلة قاسية المت الشعب الفلسطينيين كثيرا برؤية أبنائه بحقوله ومساجده وكنائسه تحرق , وهذا كان دافعا لان تتحول اليوم الى انتفاضة يومية وهذا الاسبوع فقط ادرك المراقبين هذا و بدأوا يتعاملوا معها كانتفاضة وليس هبة جماهيرية , هذه الانتفاضة بالطبع تكبر يوما بعد يوم وهذه الانتفاضة سرعان ما تتبناها قيادة فلسطينية موحدة على غرار الانتفاضة السابقة ,والمرحلة الرابعة هي مرحلة المواجهة الشاملة التي لن يدخر فيها الفلسطينيين اي اداة الا وسيتم استخدامها بسبب احتدام المواجه مع جيش الاحتلال والمستوطنين , وهنا قد يجبر بعض الفلسطينيين على استخدام النار للدفاع عن وجودهم التاريخي بالقدس والقري والمحافظات الفلسطينية بالضفة ,ومع المواجهة الشاملة لن تبقي غزة على حال موقف المتفرج بل ستقدم المقاومة الفلسطينية على تنفيذ عمليات نوعية وغير مسبوقة تسبب تعزيزا حقيقيا للانتفاضة الشعبية وصفوف المنتفضين.
قد لا نستطيع التكهن بزمن المواجهة الشاملة ومدي استمرارها فان هذا مرتبط ارتباط وثيق بالدور الذي سيؤديه المجتمع الدولي والاقليمي من توفير حماية للشعب الفلسطيني والضغط المطلوب على دولة الاحتلال لتنهي احتلالها وتسحب جيشها ومستوطنيها من كافة اراضي العام 1967 وهذا يتطلب اقدام المجتمع الدولي على تبني مبادرات سياسية جدية يحتاجها الجميع لحل الصراع على اساس حل الدولتين , واتمنى ان يفهم المجتمع الدولي الحاجة الضرورية لان يتدخل تدخلا ايجابيا وعادلا في الصراع قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة لأنها ستكون ضمن دائرة دم اوسع واكبر بكثير مما يتوقع الجميع .
لسنا وإياكم سواء!
الكرامة / رجب أبو سرية
في عملية نابلس، كان بإمكان المقاومين الفلسطينيين، أن يقتلوا طفلي المستوطن المحتل، الضابط في الأمن الإسرائيلي وزوجته، لكنهما، استقلا سيارتهما ولم يصيبا الطفلين بأي سوء، وكان بإمكان الشهيد مهند الحلبي أن يقتل أيضاً طفل عائلة المستوطنين أو على الأقل أن يطلق عليه النار، أو يحاول طعنه، لكنه لم يفعل، هذا رغم أن الفلسطينيين في أرضهم وعلى تراب وطنهم المحتل منذ عام 1967، وليسوا محتلين أو مغتصبين كما هي حال جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه المحتلين، الذين لم يتورعوا، بل تعمدوا، كما لو كانوا حيوانات، قتل وحرق طفلي عائلة دوابشة، علي وأحمد، حيث استشهد علي، فيما ما زال أخوه الطفل يرقد في المستشفى رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الجريمة، وكما سبق وأن فعلوا مع الشهيد محمد أبو خضير قبل أكثر من عام.
جرائم المحتلين / المستوطنين التي تصل إلى أبعد مدى من الانحطاط بممارسة القتل العمد، ومرافقاً للحرق، بحق الأطفال والرضع (علي «عام ونصف» وأخوه «أربعة أعوام»)، هي أحط من قيام الحيوانات المفترسة بافتراس الحيوانات الأخرى الضعيفة، فمعروف بأن الأسود والنمور لا تفترس إلا إن كانت جائعة، ولا تقتل من أجل القتل، كذلك فإن جرائم المستوطنين / المحتلين تتضاعف في بشاعتها، حين ندرك أنها تصدر عن محتلين لا حق لهم في الإقامة على أرض الغير المصادرة والمسلوبة بقوة السلاح، كذلك تصدر بدعم وتشجيع وتغطية الجيش والحكومة الإسرائيليين!
المهم في الأمر أن إسرائيل بحكومتها ومستوطنيها تسعى إلى جر الجانب الفلسطيني لمواجهة عنيفة، يكون من شأنها فرض حقائق احتلالية نهائية، في استغلال واضح لحالة التردي في الواقع العربي، وحالة الانقسام الداخلي، والانشغال الكوني بما يحدث في أكثر من مكان في الشرق الأوسط، بما في ذلك الهجرة المتدفقة على أوروبا، كذلك عام الانتخابات الأميركية، حيث معروف أن الإدارة الأمريكية في ولاية أولى لرئيس جديد تكون أكثر نشاطاً واهتماماً، لكنها في الولاية الثانية تصبح أقل اهتماماً، وبالطبع في عام الانتخابات تترك واشنطن فراغاً، يصعب ملؤه من الآخرين.
والحقائق الاحتلالية، التي تضع إسرائيل عينها عليها منذ احتلالها لأراضي الدولة الفلسطينية في عام 67 حتى الآن، يتصدرها _ بتقديرها _ أمران هما: القدس وأراضي الضفة الغربية، لذا تكثف هجومها على المسجد الأقصى، وعلى أراضي الضفة الغربية، لكن ما يلاحظ أن هجومها هذه المرة، لم يقتصر على جيشها وجنودها، الذين يمثلون صورة فاقعة وصريحة للاحتلال العسكري، بل تضمن المحتلين / المستوطنين، الذين باتوا عنصراً فاعلاً في السياسة الداخلية الإسرائيلية بعد وصول حزبهم « البيت اليهودي « ليصبح شريكاً أساسياً في الحكومتين الأخيرتين لإسرائيل.
تدرك الحكومة الإسرائيلية، أنه لا يمكنها أن تضع حداً للنشاط السياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي، إلا بالدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مفاوضات ثنائية، إقليمية أو دولية، وبتقديرنا فإنه ليس الجدول الزمني الذي يزعج إسرائيل أكثر، بل الإطار الذي سيحدد مضمون التفاوض، أي أنها حين تضمن أن يدور التفاوض على قاعدة اقتسام المسجد الأقصى وعلى اقتسام الضفة الغربية فإنها ستجلس فوراً لطاولة التفاوض، وستصل إلى حل مع الجانب الفلسطيني خلال أيام!
من خلال تحويل الصراع على القدس إلى صراع ديني، تهدف إسرائيل لفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، حينها يمكن أن تقبل بهذا التقسيم كحل لمشكلة القدس، وحين يدخل المستوطنون / المحتلون على خط التفاوض على الضفة الغربية، فإن ذلك سينتهي بتقاسم الأرض بين الفلسطينيين والمستوطنين.
المخطط الإسرائيلي واضح المعالم وبات مكشوفاً تماماً، فليس صدفة أن تلجأ إسرائيل، هذه المرة إلى المتدينين المتطرفين لخوض معركة القدس، وإلى المستوطنين / المحتلين لخوض معركة الضفة الغربية، حتى تبدو الحكومة بعد ذلك طرفاً «محايداً» أو معتدلاً، أو جهة تطبق القانون، وتفصل العراك بين طرفين متصارعين على الأرض، ويبدو مع تشكيل لجان الحراسة الفلسطينية، فإن طرفي المواجهة الميدانية باتا واضحين ومتواجهين!
يمكن القول أخيراً، إن إسرائيل اقتربت كثيراً من تحقيق ما يرضي غرورها الاحتلالي، وإنها على وشك أن تفرض حلاً مقبولاً على كل مكونات المجتمع الإسرائيلي، اليميني المتطرف على وجه الخصوص، وإنها لا تنتظر تقدم القيادة الفلسطينية باتخاذ قرارات متقدمة من قبيل حل السلطة، أو إعلان التنصل أو الإلغاء النهائي والعلني لاتفاقات أوسلو، فإسرائيل قد تقابل إعلاناً فلسطينياً بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، بانسحاب من جانب واحد من 40% من الأراضي مع إعلان المستوطنين «دولة يهودية» على 60% الباقية! ما يجبر الجانب الفلسطيني على مواجهة دولة «يهودا والسامرة» عسكريا أو / و التفاوض معها وليس مع دولة إسرائيل، تماماً كما حدث مع الصراع القبرصي الداخلي قبل سنوات!
المشكلة التي ما زالت تشجع إسرائيل على التمادي بتنفيذ هذا التصور الشيطاني هو حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، فمع استمرار تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية عن عجز الفلسطينيين على إطلاق انتفاضة أو مقاومة شعبية / سلمية، تواصل تنفيذ مخططها هذا، حيث يمكن القول، إن أسوأ مخاطر الانقسام ليس حصار غزة، بل منع إطلاق تلك المقاومة في الضفة والقدس، لذا فإن إنهاءً فورياً وتاماً للانقسام يمكنه أن يقلب الطاولة فوراً على رأس إسرائيل، وإلا فإن كانتونات فلسطينية «معازل» مع دولة يهودا والسامرة، كما هو حال دويلات ليبيا وسورية والعراق، باتت وشيكة التحقق والظهور والإعلان
في الضفة الغربية ..انتفاضة ثالثة غير مُعلنة
امد / محمود سلامة سعد الريفي
كل المؤشرات والمعطيات الحالية في الضفة الغربية بما فيها المدينة المقدسة تؤكد على وجود انتفاضة شعبية فلسطينية غير مُعلنة رسمياً في رسائل الاعلام المختلفة التي تحاول نقل حقيقة ما يحدث على انه ردود افعال فلسطينية لمجموعات من المتظاهرين يشعلون الاطارات ويقذفون الحجارة وزجاجات المولوتوف وعدم الاعتراف الصريح والواضح بأن ما يحدث في كل مناطق الاحتكاك في الضفة الغربية هي انتفاضة فلسطينية جديدة بزخم وثوب جديد مع تطور سُبل المواجهة مع الاحتلال ودخول لاعبين جدد على خط المواجهة المحتدمة في الضفة الغربية وخاصة في اروقة القدس العتيقة بعد تعرض المستوطنين لعمليات استهداف نوعية رغم الوجود الامني المكثف لقوات الاحتلال يتمكن مقاومون فلسطينيون ان يحققوا اصابات مباشرة في صفوف هؤلاء الشرذمة وبث الخوف في نفوسهم ويحدث ذلك في مناطق تفرض قوات الاحتلال سيطرتها بنسبة 100% ,وتوفر لهم الحماية على مدار الساعة وحدات من الشرطة الاسرائيلية الخاصة وينجح المقاوم الفلسطيني في نهاية المطاف من إصابة المنظومة الامنية في مقتل حتى بات الشعور العام لدي الإسرائيليين انه لا امن و لا امان سواء في القدس المحتلة التي حولتها قوات الاحتلال الى ثكنات عسكرية او في مستوطنات الضفة الغربية المنتشرة على اراضيها او في أي من المدن اليهودية المقامة على اراضي الداخل المحتل,.
عملية مستوطنة "ايتمار" بغض النظر عن الفاعل ليست بالبعيدة ومثلث ترجمة عملية لرفض الفلسطيني للاحتلال والاستيطان وتصميم علي التصدي لكل محاولات مصادرة الاراضي ونهب الموارد وتدنيس المقدسات وحرق الحقول والتضييق المستمر والمتواصل على المواطنين وبناء جدار الفصل العنصري عوامل جميعها تُمثل وقود لانفجار مدوي في وجه الاحتلال ومستوطنيه ويُنذر بمواجهة شاملة فيها المستوطنين لاعبين جدد لا يمكن باي حال ان تضمن القوة العسكرية الاحتلالية امنهم وسلامتهم خاصة مع الطبيعة الجغرافية للضفة الغربية ومواقع المستوطنات المحاذية للتجمعات السكانية الفلسطينية من شأن ذلك ان يسهل الاحتكاك المباشر بين كلا الطرفين وتداعيات ما سينتج عن احتدام المواجهة واقع لا يُمكن ان تحتمله دولة الاحتلال ولا جماعات المستوطنين رديف القوة الاحتلالية في مستوطناتهم , هم اجبن من أن يواجهوا , ومع موجة التوتر الحالية المتصاعدة بدأت تتعالي اصوات تقول : إن المستوطنات غير آمنة للعيش فيها ..!وحالة من الرعب والخوف بدأت تتسلل الى نفوس قاطنيها بعد الاستهداف المباشر لهم, وبحسب تجربتهم مع غزة ابان الاعتداءات الدموية ورد المقاومة الفلسطينية بقصف تجمعات جيش الاحتلال والمستوطنات المحيطة بغلاف عزة غادرها سكانها الى مناطق تُصنف اكثر امناً وبعداً عن مرمي صواريخ المقاومة وهذا يُعزز جانب مهم في التعامل مع هؤلاء الفاشيون والعنصريون الجدد, وتهاوى قوة الردع الاحتلالية امام ضربات المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته.
الضفة الغربية والقدس تشتعل رغم محاولة التقليل مما يحدث على اعتبار انها هبات لأيام ويمكن السيطرة عليها واخمادها وتذهب ادراج الرياح ولكن ما يسجل من اعمال للمقاومة واحتدام المواجهات اليومية في كل مناطق الضفة الغربية والقدس والمداهمة التي تقوم بها قوات الاحتلال وحملات الاعتقالات الواسعة بصفوفهم وسقوط اعداد كبيرة من الجرحى والشهداء وتشديد العقوبة على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة وتكثيف التواجد الامني في كل محاور المواجهة وخاصة في مدينة القدس ونشر الحواجز واغلاق المدن الفلسطينية و تقيد حركة المواطنين لم ولن يمنع الفعاليات المناهضة للاحتلال العنصري ولا يُمكنها ان تحد او تردع الفلسطيني من التعبير عن غضبته بكافة السُبل المتاحة, وكل ما يجري على الارض من مواجهات عنيفة واحداث امنية متلاحقة دليل واضح على انطلاق انتفاضة ثالثة تبدو في بداياتها ويمكنها ان تشتعل وتشمل وتعم كل المناطق المحتلة وصولا ً لأراضينا المحتلة عام 1948م حيث الظروف مهيئة مع وجود بيئة مواتية لاشتعالها تكون اكثر قوة و عنفاً وتأثيراً خاصة مع انعدام أي افق سياسي للوصول سلام عادل يُنهي الاحتلال الاسرائيلي الذي يُعاني منه كل الشعب الفلسطيني على مدار عقود من الاحتلال و القتل ويحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس , ويمكن للانتفاضة ان تعيد القضية الفلسطينية الي واجه الاحداث الدولية و تسلط الضوء عليها من جديد خاصة مع انشغال العالم في قضايا اقليمية نالت القسط الاكبر من الاهتمام و التدخل المباشر المرتبط بمصالحها وما يحدث في الاراضي الفلسطينية المحتلة يُلزم كل القوي السياسية و فصائل العمل الوطني و الاسلامي ان توحد جهودها لرد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المدينة المقدسة من تهويد وتدنيس للمقدسات ومحاولة شطب هويتها الوطنية العربية, وتبني مواقف موحدة مسؤولة بحجم المعاناة وما يتطلبه النضال والكفاح لأجل مشروع التحرر الوطني على اسس توافقية تحقق الوحدة الوطنية كصمام امان للقضية الفلسطينية .
ما يحدث في الضفة الغربية والقدس وما تعرضه وسائل الاعلام تُعيد للأذهان صور الانتفاضة الاولي التي انطلقت شرارتها من مخيم جباليا وانتقالها لكل الأراضي المحتلة يوم التاسع من ديسمبر من العام 1987م بعفويتها ومشاركة كل اطياف الشعب الفلسطيني في المواجهات الى ان تم تشكيل قيادة للانتفاضة توجهها استطاعت ان تُخرج القضية الفلسطينية من حالة التيه وتُعيدها لدائرة الاهتمام الدولي والامر ذاته الان يجب ان يكون مع الاحداث المشتعلة والغاضبة ضد قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه في الاراضي الفلسطينية لن تكون غزة بمنأى عم يحدث رغم جرحها الغائر تبقي ترقب وتنظر دورها وهنا لابد من وجود قيادة وطنية موحدة من كل الفصائل الفلسطينية مهم وضروري لتوجهها وتطوير اداءها وادواتها نحو فعل جماهيري له اهدافه ومهامه واهمها انهاء الانقسام واعادة توحيد كل مكونات الشعب الفلسطيني و توجيه العمل الوطني نحو الاحتلال وحده ليكون مؤثرا بكل فعله متجاوزا كل العوائق في اطار موحد تقوده القوي الحية تنقل المعاناة الفلسطينية لكل العالم ليقف عند مسؤولياته الاخلاقية و الانسانية وينهي احتلال ارض ويرفع المعاناة عن شعب شُرد وطرد من موطنه مبدأ يتناقض مع من ينادوا بضرورة ارساء قواعد الديمقراطية و الحرية و العادلة وكل قرارات الشرعية الدولية والمعاهدات والمواثيق الاممية.
"اليوم التالي" لخطاب الرئيس
الكرامة / د.هاني المصري
بعد خطاب الرئيس، تصاعدت المواجهات الفلسطينية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، واشتد الجدل حول وصف ما يجري، هل هو "انتفاضة"، أم مقدمة لانتفاضة، أم "موجة انتفاضية" ليس من المرجح أن تتحول إلى انتفاضة لأسباب عدة، منها أن القيادة تخشى من خروجها عن السيطرة، ومن نجاح إسرائيل في دفعها نحو مربع تتمكن فيه من استخدام تفوقها العسكري، وكما ظهر ذلك في خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ أكد بأنه سيعتمد الوسائل القانونية والسلمية، إضافة إلى أن إسرائيل لا تريد حتى الآن أن تدفع الأمور إلى تدهور شامل، بدليل التسهيلات التي أقدمت عليها ومستوى العنف الذي تستخدمه.
كما أن هناك أسبابًا أخرى حالت حتى الآن دون اندلاع انتفاضة، أهمها فقدان الأمل بإمكانية الانتصار. فالانتفاضات بحاجة إلى هدف قابل للتحقيق وإلى قيادة وتنظيم وجبهة وطنية وروافع اقتصادية واجتماعية وظرف مناسب. كما أنّ الانتفاضات يحرّكها الأمل الذي يفتح طريق النصر أكثر بكثير مما يحركها اليأس، الذي يمكن أن يفتح طريق الغضب وردات الفعل، وأعمال الدفاع عن النفس في مواجهة استشراس سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين.
لقد فقد الجمهور الفلسطيني أمله بإمكانية إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة على الأرض بعد أن تكثف الاستيطان، إذ أصبح هناك أكثر من 700 ألف مستوطن، ما يجعل الواقع السياسي والديمغرافي يختلف الآن عمّا كان عليه في الانتفاضتين الأولى والثانية، حيث يبدو الصراع الآن وكأنه بين المستوطنين الذين يدعمهم جيش الاحتلال وبين الفلسطينيين، وبعد اتجاه إسرائيل أكثر نحو التطرّف والعنصرية، وما يحرك حكومتها اعتقادها أنها أمام فرصة تاريخية لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه من أهدافها حتى الآن جرّاء الضعف والانقسام والتيه الفلسطيني، وعدم تحمّل القيادة أولًا والقوى ثانيًا لمسؤولياتها، وتغليب مصالحها الفردية والفئوية على المصلحة العامة، إضافة إلى وصول الإستراتيجيات الأحادية الفلسطينية إلى طريق مسدود من دون أن تجرؤ القيادة والقوى الفلسطينية على شق طريق جديد قادر على الحفاظ على القضية الفلسطينية حيّة وفي الصدارة، وتوفير مقومات الصمود والوجود البشري، وإحباط المخططات الإسرائيلية، والحفاظ على ما تبقى من مكتسبات، تمهيدًا للتقدم على طريق الأهداف والحقوق.
حتى خطاب الرئيس على أهمية ما جاء فيه لم يصل إلى حد فتح مسار جديد، بل حاول الجلوس بين كرسيين كلاهما تحت سقف أوسلو:
الحديث عن عدم إمكانية استمرار الأمر الواقع من دون الجرأة على نفض اليد كليًا من "عملية السلام"، بدليل عدم إلغاء الاتفاقيات مع التحذير والتهديد والتلويح بعدم الالتزام بها ما لم تلتزم بها إسرائيل، وعدم إلقاء القنبلة التي هدد بتفجيرها في خطابه، إضافة إلى التمييز بين "إعلان المبادئ" ورسالة الاعتراف التي يُراد الحفاظ عليهما كما فسر الخطاب مستشارو الرئيس والمقربون منه، وبين "بروتوكول باريس الاقتصادي" والترتيبات الأمنية التي يراد تغيير أو تعديل بعض بنودهما تحقيقًا لمبدأ التبادلية.
وبين الحديث عن وقف العمل بالالتزامات دون خطة واضحة، ما يعني إذا استمر الأمر على هذا المنوال أن الهدف محاولة تحسين الوضع مع انتظار نجاح مبادرة جديدة لاستئناف المفاوضات، وهذا لن يحقق في أحسن الأحوال إلا "أوسلو مُحَسّن".
إنّ غموض الخطاب وتناقضه وما يعكسه من غياب الخيارات، قد يؤدي إلى انزلاق الوضع إلى الفوضى من دون قرار، خصوصًا مع إدراك الجميع أن أي مبادرة جدية لإحياء "عملية السلام" الميتة متعذرة بسبب الموقف الأميركي، والعجز الدولي، والضعف والتشرذم الفلسطيني والعربي، وأن أقصى ما يمكن أن يحدث مجرد جولة جديدة من المفاوضات من أجل المفاوضات، وظيفتها التغطية على الموت السريري لما يسمى "عملية السلام" الذي وقع منذ أيار 1999 على الأقل، أي عند انتهاء الفترة المحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي، مع أن هذا الاتفاق مات منذ أن أعلن إسحاق رابين بأن "لا مواعيد مقدّسة"، وتعمق بعد اغتياله عبر تنصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الالتزامات الإسرائيلية فيه.
لم يمنع اللاحسم الفلسطيني إسرائيل من وضع الرئيس بحكم عدم تجاوبه مع شروطها وإملاءاتها تحت دائرة الاستهداف، والشروع في عملية إسقاطه وإيجاد بديل أو بدائل منه.
لقد شكّل رفع العلم وما ينطوي عليه من مغزى انتصارًا للحق الفلسطيني، لكن لا يجب أن يخفي حقيقة ما يحدث من تراجع لمكانة القضية الفلسطينية عالميًا، بدليل سقوطها من كلمات أوباما وبوتين وأولاند، إضافة إلى أن كل ما تقوم به إسرائيل، خصوصًا في القدس وضد الأقصى، لم يؤد سوى إلى صدور بيان من مجلس الأمن يطالب "الطرفين" بضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف والتصعيد.
كما لم تشهد الدورة السنوية للأمم المتحدة – كالعادة - مبادرة دولية أو طرح مشروع قرار، بل حتى المبادرة الفرنسية جمّدت استجابة للرفض الإسرائيلي وانتظارًا لتحقيق الوعد الأميركي بإحياء الجهود لاستئناف المفاوضات بعد الانتهاء من تمرير الاتفاق النووي الإيراني. يضاف إلى ما سبق أن عدد الدول التي صوتت لصالح رفع العلم 119 دولة بينما أيّدت 138 دولة قيام الدولة الفلسطينية، وهذا يعكس التراجع في مكانة القضية رغم أنها لا تزال تحظى بالاهتمام المتزايد لدى الشعوب والرأي العام العالمي.
إن إسرائيل هي التي قتلت ما يسمى "عملية السلام"، ويجب أن تتحمل المسؤولية عن الجريمة، وأن تكون السياسة الفلسطينية البديلة المطالبة بعملية سلام جديدة مختلفة جذريًا، وليس استمرار الرهان رغم كل ما جرى على إحياء "عملية السلام" الميتة، التي يعني إحياؤها عودة الدوامة المدمرة للقضية الفلسطينية.
وحتى تنطلق عملية سلام جديدة لا بد من الكفاح لتغيير حاسم في موازين القوى، والعمل على إحداث تحوّل وتغيير إستراتيجي في كيفية التعامل مع كل الأمور، والانتقال من خانة سلطة الحكم الذاتي المحدود (التي فشلت وستفشل حتمًا لاحقًا بالتحول إلى دولة إذا استمرينا باعتماد نفس السياسات والأدوات والخطط) نحو إستراتيجية وطنية ترتكز على إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرر وطني، وبما يحفظ وحدتها مع الأرض والشعب ووضع البرامج ممكنة التحقيق في كل مرحلة، وصولًا إلى إنجاز الحقوق التاريخية.
وتستند هذه الإستراتيجية إلى وحدة وطنية تضم مختلف ألوان الطيف على أساس شراكة سياسية حقيقية تعطي كل ذي حق حقه، دون إقصاء أو هيمنة أو استئثار أو تفرد ولا تخوين ولا تكفير ولا احتكار للوطنية أو الدين، من خلال العمل على إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير بما يليق بمكانة القضية وكفاح الشعب الفلسطيني وتكون حقًا وقولًا وفعلًا الممثل الشرعي والوحيد له.
كما يتطلب التحول إلى إستراتيجية جديدة وضع السلطة في مكانها الطبيعي كأداة من أدوات المنظمة تخدم الشعب والبرنامج الوطني، لا أن تصبح عبئًا عليهما، وما يقتضيه ذلك من تغيير طبيعة السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، على أساس القناعة بأن إلغاء أوسلو لا يتم عبر خطاب حمّال أوجه، ولا باتخاذ قرارات دون النية أو القدرة على تنفيذها، بل هدف يجب أن تُضع له خطة لتنفيذه تفتح الطريق لعملية كاملة واضحة الهدف منذ البداية، ويتم تطبيقها على مراحل.
يمكن أن يكون ضمن هذه الإستراتيجية البدء بتصعيد المواجهات للاستعمار الاستيطاني العنصري، وتحميل المجتمع الدولي والدول المختلفة مسؤولياتها الجماعية والفردية لمعاقبة إسرائيل على احتلالها واستيطانها وتدفيعها ثمن الاستمرار في ذلك.
على القيادة الفلسطينية أن تتصرف كقيادة للشعب كله وليست قيادة للضفة وقطاع غزة، بما فيها أن تتصرف عمليًا كقيادة لكل المناطق وليس لمناطق (أ) و(ب)، بحيث تتجاوز القيود المجحفة والظالمة المترتبة على اتفاق أوسلو، ولو أدى هذا إلى الاشتباك مع الاحتلال، على أن تقوم الأجهزة الأمنية مع لجان الحراسة الشعبية بالتصدي لاعتداءات المستوطنين.
وعلى الدولة الفلسطينية أن تجسّد نفسها بفرض أمر واقع من دون انتظار تصريح أو اتفاق، بما في ذلك ممارسة سلطتها في مناطق (ج) من خلال البناء والاستثمار، وتعزيز صمود القدس، والتصدي للمخططات الرامية إلى استكمال تهويدها وأسرلتها، ووقف التنسيق الأمني التزامًا في البداية بمبدأ التبادلية، وتمهيدًا للتخلي الكلي عنه، ويمكن تغيير بنود الموازنة بحيث تتغير جذريًا بما يستجيب للاحتياجات والأولويات والمصالح الفلسطينية العامة، فمثلًا يمكن تقليل حصة الأمن المتضخمة جدًا بالتدريج وزيادة حصة الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي ومكافحة البطالة والفساد وسوء الإدارة والمحسوبية، وتحسين الأداء، ووقف استيراد المحروقات من إسرائيل، خصوصًا أن "بروتوكول باريس" لا يلزمنا بذلك، ووقف اتفاقية الغاز، ومحاسبة الإسرائيليين المعتدين أو حتى المرتكبين للجرائم المختلفة، بما فيها مخالفات السير في المناطق المفترض أن تكون تحت السيطرة الفلسطينية.
كما يمكن تعزيز ودعم المقاومة الشعبية، وتبني المقاطعة، وتفعيل الانضمام إلى المؤسسات الدولية، خصوصًا محكمة الجنايات الدولية، والقرارات الدولية الصادرة لصالح الفلسطينيين، بما فيها وعلى رأسها الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
قد يقول قائل إن إسرائيل لن تسمح بتحول السلطة من سلطة تنسيق أمني إلى سلطة مقاومة أو مجاورة للمقاومة، وهذا يعني المواجهة. نعم، هذا ممكن، فالمواجهة ليست اختيارية بل مفروضة على الفلسطينيين، مع ضرورة أن تكون محسوبة وضمن إستراتيجية ومرجعية وطنية واحدة، وضرورية إذا أرادوا التحرر والعودة والاستقلال وهزيمة وتفكيك المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري، وهذا قد يؤدي إلى انهيار السلطة، الأمر الذي تخشاه إسرائيل إذا استمرت السلطة كما هي عليه حتى الآن.
لكن هناك فرق بين أن تُحل السلطة ليحل محلها الفراغ والمجهول الذي يمكن أن تملأه إسرائيل بإعادة ترتيب الحكم الذاتي الفلسطيني كما أعلن موشيه يعالون، وبين انهيار السلطة في سياق بلورة بدائل فلسطينية وطنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، إذ تحل في هذه الحالة المنظمة بمؤسساتها التي يشارك فيها الجميع واللجان الشعبية والقيادة الموحدة على مستوى الوطن وفي كل منطقة محل السلطة، إذ لا يخشى المواطن من أن انهيار السلطة يعني انهيار كل شيء، وهذا يفتح طريق الخلاص ويعيد الثقة بين المواطن وقيادته وقواه ومؤسساته.
<tbody>
</tbody>
<tbody>
شؤون فتح
مواقع موالية لمحمد دحلان
(مقالات)
</tbody>
<tbody>
الثلاثاء :6-10-2015
</tbody>
</tbody>
المواقع الالكترونية الموالية لتيار دحلان
عناوين مقالات
v المأزق الفلسطيني: هل إلى خروجٍ من سبيل؟
أمد / د. أحمد يوسف
v بالذكري 42 لانتصارات أكتوبر
الكوفية / وفيق زنداح
v "العمليات الاستشهادية"..و"الجهاد"!
أمد / حسن عصفور
v الانتفاضة قادمة، لا تستعجلوها
امد / رشيد شاهين
v فلسطين تكتب بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال
فراس برس / عباس الجمعة
v قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة
امد / د.هاني العقاد
v لسنا وإياكم سواء!
الكرامة / رجب أبو سرية
v في الضفة الغربية ..انتفاضة ثالثة غير مُعلنة
امد / محمود سلامة سعد الريفي
v "اليوم التالي" لخطاب الرئيس
الكرامة / د.هاني المصري
مقـــــــــــــــــالات
المأزق الفلسطيني: هل إلى خروجٍ من سبيل؟
أمد / د. أحمد يوسف
ما تزال الحالة الفلسطينية المتعثرة في أزماتها السياسية تعيش مأزقاً خانقاً، يستدعي الكثير من الحوارات والنقاش بين كوادر النخبة وداخل المؤسسات الفكرية ومراكز الدراسات، بحثاً عن المخارج والحلول.. اليوم، وبالرغم من مرور أكثر من ثمان سنوات على الانقسام، والذي كان - بحق - مأساة وطنية يتحمل الجميع مسئوليتها، إلا أن هذه الحالة الكارثية ما تزال تراوح مكانها!!
وفي سياق البحث عن رؤية للخروج، وطريقٍ للخلاص من المأزق، عقد مركز (بال ثينك للدراسات الاستراتيجية) ومؤسسة (فريدرتش إيبرت) مؤتمراً بعنوان "أزمة القضية الفلسطينية: استراتيجية الخروج من المأزق"، شاركت فيه شخصيات سياسية وفكرية؛ فلسطينية وعربية وغربية، وقد تناولت المداخلات وجهة النظر تجاه انسدادات الواقع القائم، وما الذي يمكن فعله فلسطينياً ودولياً كسبيل لتجاوز حالة الاختناق الوطني، واستعادة زمام المبادرة؟
حاولت جهدي استقراء هذا الواقع، وعرض ما أراه طريقاً آمناً يمكن المرور عليه، والوصول إلى غاياتنا الوطنية المرجوة، وهو ما مثل مساهمتي في اللقاء، الذي كان تشخيصياً بامتياز، وقد جاءت الخلاصات بالقدر الذي قدَّم خارطة للطريق، ونجح في وضع النقاط على الحروف، لكنَّ المهم أننا جميعاً بانتظار "حادي العيس"، الذي يأخذ بخطام القافلة، ويمضي بنا قُدماً باتجاه تحقيق طموحات شعبنا العليا.
المشهد الفلسطيني: ضرورة المراجعة السياسية العاجلة
إن واقعنا السياسي المتردي منذ قرابة قرن من الزمان، والذي كانت ثلث أحداثه ووقائعه قبل النكبة عام 1948م، والباقي هو – بالطبع - ما عايشناه وأدركناه من خلال الدراسة والبحث والتحليل، هذا الواقع يحتاج إلى قراءة وتأمل.. اليوم، نحن شهود عيان على الكثير مما وقعت فيه القيادات من أخطاء، وما ارتكبه البعض من خطايا، تسببت في انحراف البوصلة، وأدت إلى تنكبنا الطريق، وابتعاد الركب عن السبيل.
اليوم، وبعد أكثر من سبعة وستين عاماً قضيناها ونحن نعاني شظف العيش، بسبب التهجير وقسوة الظروف في أماكن اللجوء والشتات، والاخفاق المتكرر في مساعي توحيد الصف الوطني تحت راية واحدة ورؤية جامعة، للأسف ما زلنا - حتى الآن - ندفع أثماناً باهظة جراء هذه الحالة من التخبط، وفقدان القائد والدليل.
الانقسام والحصار والاحتلال من ناحية، وثلاثة حروب ألقت بأوجاعها وتداعياتها الكارثية على كاهل غزة من ناحية أخري، هي اليوم بانوراما المشهد الفلسطيني.
في مطلع التسعينيات، وبعد مؤتمر مدريد في 30 أكتوبر 1991م، والذي جاء عقب حرب الخليج الثانية، وجدت القيادة الفلسطينية نفسها غارقة في بحر من الأزمات، الأمر الذي أجبرها على الدخول في مفاوضات سرية في أوسلو، بمعزل عن المفاوضات العلنية التي كانت تجري في واشنطن برئاسة د. حيدر عبد الشافي (رحمه الله).. ولعل الأسوأ من المفاوضات في ذلك الوقت، كان هو سريتها المطلقة، وعدم كفاءة الفريق المفاوض، وغياب الوضوح في استراتيجية التفاوض، وآليات تنفيذ الاتفاق، حيث انتهت الأمور باتفاقية أوسلو بشكلها الأمني، والتي يعتبرها الخبراء بمثابة الدستور الذي حدد للسلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير المسار المستقبلي.
لقد ارتكبت القيادة الفلسطينية خطأً استراتيجياً في مفاوضات أوسلو، حين أخذت القضية بعيداً عن الحاضنة الدولية، وعندما قامت كذلك بتأجيل التفاوض على القضايا المصيرية (الثوابت الوطنية) إلى مرحلة مفاوضات الحل النهائي. وجاءت أوسلو – للأسف - خارج سياق التوافق الفلسطيني لتأسيس برنامج تصالحي، إلى برنامج وسياسات أمنية تتعارض مع برنامج المقاومة، كما وضعت حداً للمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، وأصبح النظام السياسي الفلسطيني مشوهاً، وذلك بسبب غياب الوعي السياسي والقانوني والإداري، وأصبحت الصلاحيات متنازعاً عليها بين قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ومجلس الوزراء.
اعتمدت القيادة الفلسطينية قرارها بالتصدي للمقاومة، والعمل على تدجينها وكسر شوكتها، فقادت أجهزتها الأمنية عام 1996م سلسلة من الحملات والملاحقات لكوادرها المقاتلة، وفق ما نصَّت عليه اتفاقية أوسلو، وبالتالي أظهرت مدى ارتباطها – طوعاً أو كرهاً - بالاحتلال الإسرائيلي، ومدى ارتهانها للقوى الخارجية، وبالتالي كان مشهد السلطة أمام الشارع الفلسطيني بأنها قيادة على الشعب، وليس قيادة له. كما أن الفترة التي أعقبت تشكيل السلطة، أظهرت حجم التشوه والفساد في إدارتها لملفات الاقتصاد والأمن والسياسة، إضافة لتعثر مسار المفاوضات مع الاحتلال، والمناكفات المستمرة بين فصائل العمل الوطني، والتيارات الإسلامية العاملة على الساحة.
وتأسيساً على ما سبق، لم تستطع القيادة الفلسطينية إدارة العملية التفاوضية بشكل ناجح، كما فشلت في بناء اقتصاد مقاوم بمعزل عن التبعية للاحتلال الإسرائيلي، بل على العكس تماماً، قامت بتوقيع بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي كرّس تبعية الفلسطينيين اقتصادياً لإسرائيل من ناحية، وحرمهم من تصدير منتجاتهم الزراعية من ناحية أخرى.
كانت الانتخابات الفلسطينية في يناير 2006م محطة مهمة للملمة الكل الفلسطيني، بحيث يكون الإسلاميون جزءاً من الخريطة السياسية، والتمكين للصف الفلسطيني من استعادة وحدته تحت مظلة منظمة التحرير، ولكن – للأسف – كانت المناكفات السياسية والأساليب التي تعامل بها الطرفان؛ فتح وحماس، مع بعضهما البعض مخيبة للآمال، وخارج سياق توقعات الشارع الفلسطيني، حيث أحكمت حركة حماس قبضتها على الحكم، ولم تنجح – رغم المحاولة - في بناء شراكة سياسية وتوافق وطني، وكانت خطيئة بعض الجهات داخل حركة فتح هي في تعمدها العمل على إفشال حكومة حماس، وسد الأبواب أمام سفينتها، وتعمد حرمانها من الاقلاع.
المواجهات الفلسطينية المسلحة: الحدث الذي قسم ظهر الوطن
في يونيه 2007م، كانت الأحداث المأسوية والكارثة الوطنية، والتي أعقبتها ثمان سنوات عجاف، دفعنا جميعا ثمنها، وخسرت معها القضية إنجازات – ولو محدودة - كنا حققناها. كانت تلك الأحداث الدامية خطيئة كبرى، ونكبة جديدة حلَّت بالشعب والقضية، وتقع فيها المسئولية على الطرفين؛ فتح وحماس، من حيث غياب الحكمة وسوء التدبير من ناحية، والعداء والمزاجية السياسية والعناد التي صبغت أداء الرئيس (أبو مازن) وبعض بطانته من جهة أخرى.
لقد شهدت مرحلة الانقسام الفلسطيني وما بعدها جملة من الإخفاقات وخيبات الأمل، والتي هي - بالطبع - بفعل تركيبة النظام السياسي، أهمها: حكم الفرد وغياب المرجعية الوطنية، وانعدام الاتفاق حول رؤية واحدة لمشروعنا الوطني، وأيضاً فقدان البرنامج الوطني المشترك، إضافة لتعطيل الحوار الوطني، وغياب ثقافة التعددية السياسية وتقبل الآخر عند كلٍّ من حركتي فتح وحماس، كما أن ارتهان القرار الفلسطيني بشكل عام لتوجهات الأطراف الخارجية هو وراء استبداد كل الأطراف، ورغبتها في التفرد باتخاذ القرار.
باختصار: لا يمكن استثناء أو تبرئة أحد من خطيئة ما وقع، فحركة حماس كجزء من القيادة الفلسطينية وسلطة القرار ارتكبت هي الأخرى جملة من الاجتهادات الخطأ، منها: أنها دخلت الانتخابات بكل ثقلها، وألقت بكامل أوراقها حين فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وارتضت تشكيل الحكومة العاشرة بمفردها، دون إدراك لأبعاد ما كان يبيت لها من مكائد، ويتهددها من أخطار رتبها البعض لها، حيث كان المطلوب هو تدجين الحركة، وتحويل مسارات عملها من العمل الدعوي والفعل المقاوم إلى كواليس الحكم ودهاليز السياسة. بالطبع، لم تتمكن حركة حماس من التكيف مع وضع الحكم الجديد، وبالتالي ظلت تراوح مكانها بطريقة مرهقة، بحيث تشتت جهودها في حسبة غير متوازنة بين متطلبات الحكم، ومقتضيات الدعوة، وتبعات أفعال المقاومة.
لم تتمكن حركة حماس - أيضاً - من الاستقواء بالفصائل المناهضة لحركة فتح، والتي لها تحفظات على قرارات منظمة التحرير، كما أنها لم تنجح في استيعاب اليسار وعمل تشبيك وتقارب معه، علماً بأن الأخير لديه الكثير من العلاقات وأشكال التواصل مع المجتمع الدولي، ويمكن الاعتماد عليه.
التفرد بالحكم: الحالقة وفساد ذات البين
إن واحدة من أكثر الأخطاء القاتلة، والتي تحولت بفعل تأثيراتها القوية على واقعنا السياسي إلى خطيئة ندفع ثمنها اليوم جميعاً، هي حالة التفرد بالقرار، والتي منحناها بأيدينا طائعين إلى شخص واحد، بغض النظر عن أهليته ووطنيته وانتمائه السياسي، وذلك حين سمحنا له – كفرد - بامتلاك كل الصلاحيات، بحيث غدا هو الأول والآخر والظاهر والباطن في صياغة حاضرنا ومستقبلنا السياسي!! اليوم الرئيس - شئنا أم أبينا - ومع كل التقدير لمكانته، هو بمنزلة "الفرعون"، الذي يتمتع بأهلية القول (أنا ربكم الأعلى).!!
نعم؛ هذا الواقع شاركنا جميعاً بصناعته؛ فتح وحماس وباقي فصائل العمل الوطني، وطورنا هذا الخطأ ليتحول إلى خطيئة، يدفع ثمنها – بلا شك – الكل الفلسطيني.
إن استحواذ الرئيس (أبو مازن) على كل المواقع القيادية؛ السياسية والعسكرية والأمنية، وحتى على صندوق الاستثمار الفلسطيني، مع غياب كامل للمؤسسات التشريعية والوطنية، وتعمد تهميش أي دور لها، وأيضاً - وهنا الحالقة - مزاجية الرئيس، وتقلبات علاقاته تجاه الآخرين من أصدقائه أو خصومه السياسيين، والتي جعلت الحالة السياسية الفلسطينية تصل إلى مستويات متدنية، وأوضاع كارثية في كل المجالات؛ مثل: شلل مؤسسات السلطة وتنازعها في ظل الانقسام، وعجز المجلس الوطني على الانعقاد منذ العام 1996م، تكبيل أيدي الفلسطينيين عن التحرك من أجل القدس المسجد الأقصى برغم سياسات التهويد والاقتحامات المستمرة، شرذمة الموقف العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية، تفتيت جبهاتنا الداخلية وخلق حالات من الاصطفاف الحزبي البغيض، تعطيل عمل الإطار القيادي المؤقت وقطع الطريق أمام سبل الإصلاح والتدارك، تعليق الفعل المقاوم وشل فعاليته من خلال التنسيق الأمني، التفرد بملف التفاوض دون مرجعية وطنية، ووضع كل أوراق اللعبة السياسية بأيدي الأمريكان، وتهميش دور المجتمع الدولي بشكل ملحوظ!!
هذه الحالة من التأزيم السياسي، والشلل في علاقاتنا الوطنية، تضعنا أمام السؤال الأهم، ما الذي يجب فعله من الجانب الفلسطيني؟
لا يختلف اثنان بأن الواقع القائم – اليوم – لن يتحسن أو يستقيم بعمليات ترقيع شكلي، بل لا بدَّ من إجراء عملية إصلاح وتغيير جذري، من خلال بناء استراتيجية وطنية واحدة، قائمة على الأركان التالية:
- إننا جميعاً في فصائل العمل الوطني والإسلامي نعتبر أنفسنا جزءاً من حركة التحرر الوطني، ولا ندين بالولاء لغير قضيتنا الفلسطينية وأولوياتنا الوطنية، وأن ارتباطاتنا الخارجية هي فقط لجلب الدعم والتأييد والنصرة لمتطلبات مشروعنا في التحرير والعودة.
- إننا بحاجة ماسة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، كي يتكيف مع الحالة الاحتلالية التي عليها وضعية السلطة الفلسطينية، والتي تستدعي مشاركة الجميع من الكل الوطني والإسلامي في عملية اتخاذ القرار.
- التسليم بمسئولية الجميع عن الخطأ؛ إذ ليس هناك - اليوم - أحدٌ أفضل من أحد، فالكل كان له اجتهاداته الخطأ وأحياناً خطاياه، حيث لحركة فتح أخطاؤها، وكذلك الحال بالنسبة لحركة حماس، فالخلل مرجعه تردي النظام السياسي الفلسطيني، وغياب الشراكة السياسية، وانعدام التوافق الوطني، وتهميش العمق العربي – الإسلامي، وعدم استثمار التعاطف الدولي وشبكات التضامن والتواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل.
- تفعيل المجلس الوطني الفلسطيني بعد سنوات طويلة من الغياب، ليكون هو مظلتنا جميعاً، ومستقر حواراتنا، والقادر على تحديد رؤيتنا السياسية والاستراتيجية، واستعادة عمل المجلس التشريعي الذي تمَّ تعطيله منذ أن وقع الانقسام البغيض في عام 2007م.
- سرعة إجراء الانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، باعتبارها طريق الخلاص وحجر الزاوية، والعمل على تحويل النظام السياسي إلى نظام برلماني، وإعادة بناء المؤسسة الشورية المعبرة عن الكل الوطني والإسلامي في الوطن والشتات.
- تحريك القضية باتجاه الأمم المتحدة، بهدف كسب زخم التأييد وحجم التضامن الذي تحظى به عالمياً، والابتعاد تدريجياً عن دائرة الهيمنة الأمريكية، والتسليم بدور المجتمع الدولي ومنظماته الأممية في دعم المواقف الفلسطينية، المطالبة بإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
- عدم الارتهان للوهم، والاستسلام لدولة الاحتلال؛ فلا سلطة بلا سلطة، ولا احتلال بلا كلفة.
وأخيراً، وفي انتظار تحقيق كل ذلك، وأملاً بطي صفحة الخلاف، والعمل بسياسة "عفى الله عما سلف"، يجب منح الإطار القيادي المؤقت صلاحيات واسعة، بهدف العمل على ترتيب البيت الفلسطيني، والتأكيد من خلال واقع الفعل أنه "لا دولة في قطاع غزة، ولا دولة بدون قطاع غزة"
بالذكري 42 لانتصارات أكتوبر
الكوفية / وفيق زنداح
الاثنين الخامس من يونيو 67 وما سميت بنكسة حزيران.... وما تعرضت له مصر وسوريا والاردن وقطاع غزة من عدوان اسرائيلي أسفر عن احتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس وهضبة الجولان ....حرب مخادعة جاءت كلمح البصر أسفرت عن هذه النكسة التي ألمت بنا وبمعنوياتنا .... وأضعفت فينا كل امكانيات الخروج من هذه الازمة المستعصية ...تولد عن حزيران حالة يرثي لها من عدم التوازن ...والذي لم يطول كثيرا بفعل حرب الاستنزاف والتي شهدت معارك ضارية علي خطوط التماس وداخل خطوط العدو...والتي استطاعت من خلالها القوات المسلحة المصرية أن تؤكد لاسرائيل وقواتها أن نكسة حزيران ...نكسة عابرة ...ونصر وهمي ...وان اسرائيل وقواتها لن تستطيع البقاء داخل الارض العربية دون أن تدفع الثمن غاليا ...وتم تأكيد الرسالة المصرية بفعل عمليات نوعية داخل الخطوط وداخل البحر مما أفقد العدو الاسرائيلي توازنه ما بعد عملية راس العش وتدمير المدمرة الاسرائيلية ايلات والقصف المدفعي الذي طال كافة المواقع علي طول خط التماس وداخل سيناء وما تم من عمليات كوماندو خلف خطوط العدو وتكبيده خسائر فادحة بالأرواح والمعدات مما كان له أكبر الاثر علي معنويات القوات المسلحة والشعب المصري.
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقد كان موضع استهداف من القوي الاستعمارية واسرائيل فكان العدوان الثلاثي في العام 56 في محاولة استعمارية اسرائيلية لفرض شروط الاستسلام ومعادلة العلاقات غير المتوازنة بين مصر وتلك الدول وانهاء المشروع الناصري القومي ورفض القوي الاستعمارية لافكار التحرر والاستقلال وبناء المقومات الذاتية والنهوض بواقع الامة وبناء علاقات سياسية غير خاضعة للابتزاز والضغوط.
استهداف مصر بزعيمها عبد الناصر ...كما استهداف مصر بزعمائها السادات ومبارك وحتي الرئيس السيسي ...فالمؤامرة القديمة الحديثة ....تستكمل خيوطها وتشعباتها فاما حرب نظامية تقودها قوي استعمارية واسرائيل ...واما حرب تنفرد بها اسرائيل وبدعم أمريكي كامل ....واما حرب الارهاب المدعوم من بعض القوي التي لا تريد خيرا لمصر وللعرب.
ونحن أمام الذكري الثانية والاربعون لانتصارات أكتوبر المجيدة ...وفي يوم السبت الموافق السادس من أكتوبر العاشر من رمضان وبما يسمي بعيد الغفران لدي الاسرائيليين وفي تمام الساعة الثانية بعد الظهر قامت الطائرات المصرية بدك حصون العدو الاسرائيلي كما قامت المدفعية الثقيلة بدك تلك الحصون والمواقع علي ضفة القناة ...وتم رفع العلم المصري بعد عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس وهم يرفعون نداء الله أكبر ....ليعلنوا أن مصر لن تكسر ..ولن تهزم ...بفعل حرب ساعات مخادعة ...وها هي القوات المسلحة المصرية تؤكد نصرها وتفوقها وقدرتها علي الدفاع عن أرضها واخراج المحتل منها مهما كان الثمن ومهما بلغت المساعدات من الحليف الامريكي للعدو الاسرائيلي ...الذي لم يتاخر كثيرا حيث قامت الولايات المتحدة بتقديم مساعداتها وبسرعة فائقة بعد أن فقدت جولدا مأئير رئيسه الحكومة توازنها مطالبة بالمساعدة السريعة ... كما الجنرال ديان الذي فقد توازنه أيضا بعد أن تم تدمير خط بارليف وما تولد لديه من شعور الهزيمة بعد أن عاش مشاعر النصر بالعام 67.
حاولت اسرائيل من خلال الضربات العسكرية الموجعة التي تعرضت لها قواتها في سيناء وعبور القوات المسلحة المصرية لقناه السويس أن تحدث ثغرة في منطقة الدفر سوار في محاولة لرفع المعنويات واحداث التفاف عسكري يمكن من خلاله أن يحدث انسحاب متبادل في حالة وقف اطلاق النار... الا ان اسرائيل ومن خلال قائد العملية شارون لم يحققوا أهدافهم وكان بالامكان القضاء عليهم بصورة تامة.
كان الموقف العربي داعم لمصر وتم استخدام سلاح البترول وكان الفضل للمغفور له جلاله الملك فيصل ملك السعودية وللعديد من الدول التي وقفت داعمة ومساندة لمصر التي تحارب في معركة العرب لتحقق النصر للعرب.
حرب أكتوبر المجيدة لا زالت تشكل حدثا تاريخيا عسكريا ...ولا زال الخبراء العسكريين يدرسون مدي القوة والارادة التي أمتلكها الجيش المصري والتي استطاع من خلالها أن يهزم الجيش الاسرائيلي بتفوقه العسكري وبالانحياز الامريكي له ...هذا النصر الذي حققته القوات المسلحة المصرية علي الجبهة الجنوبية في ظل نصر تحقق علي الجبهة الشمالية من قبل الجيش العربي السوري جعل من الجيشين محل استهداف لقوي الشر التي أنتجتها قوي الاستعمار من أجل تفكيك هذه الجيوش وانهاء هذه الدول ...الا أن مصر وبقواتها المسلحة قادرة علي مواجهه الارهاب والقضاء عليه والمحافظة علي أمن واستقلال هذا البلد الشقيق... لأن روح أكتوبر لا زالت ماثلة ...وسوف يتحقق النصر القريب والكامل علي كافة قوي الشر والارهاب في مصر وسوريا ...حتي ينعم البلدين العربيين بالامن والاستقلال والازدهار.
"العمليات الاستشهادية"..و"الجهاد"!
أمد / حسن عصفور
خلال أيام قصيرة اطلقت بعض مواقع اعلامية، محسوبة على حركة "الجهاد"، وكذا أحد قياديها المعروفين في قطاع غزة، عدة إشارات عن امكانية قيام "الجهاد" بـ"عمليات استشهادية" في قلب دولة الكيان..
ولأن الأخبار انطلقت دون نفي أو توضيح، يمكن اعتبارها بالحد الأدنى، انها "قيد المداولة الداخلية"، وبما أنها تسربت الى العلن، فبات من الحق العام مناقشتها، والتعامل معها باعتبارها "امكانية قائمة" الحدوث في القريب العاجل أم البعيد، لا يهم كثيرا، فليس الزمن هو محل الخلاف مع "الجهاد" بل تلك العمليات ذاتها..
والجدل حول تلك العمليات، بدا منذ ان انطلقت اول علمية قامت بها حماس عام خلال مفاوضات طابا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولم يتوقف حتى تاريخه، وسيبقى مستمرا ما دام هناك من يتطوع بالحديث عنها..
اثارت تلك العمليات ردود فعل مختلفة، بل ومتباينة جدا، في لحظات سياسية معينة، من التأييد الفوري - العاطفي، خاصة خارج فلسطين، من الأشقاء العرب، يرونها "ردا مؤلما جدا للعدو على جرائمه التي لا تتوقف"، فيما يذهب البعض الى "تاييد خجول" يجمع بين "العاطفة الانسانية" و"العقلانية السياسية الخجولة"، بينما هناك فريق كان معارضا لها جملة وتفصيلا، كونها لا تقدم "خدمة كفاحية" بل "ضررا سياسيا" يلحق بالشعب ونضاله، خاصة على الصعيد الدولي..
وبلا اطالة في البحث عن مدى الأهمية تاريخيا، فالحديث عن التفكير بالعودة لها في هذه المرحلة سيكون "خطأ استراتيجيا" يلحق ضررا مضاعفا عما كان في الماضي القريب، خاصة وأن المشهد السياسي الدولي، لا يمكنه مطلقا ان يتفهم أي عمليات من هذا القبيل، مهما حاول البعض أن يتلفح بالجرائم التي ترتكبها دولة الكيان المعادي..
فما تقوم به "داعش" لن يسمح للعالم بتفهم اي عمل "استهادي" من نوعية تلك العمليات التفجيرية في مناطق مدنية، الى جانب أن اي عمل من تلك النوعية، وفي الظروف الراهنة سيمنح المحتل من "الذرائع" لتمرير جرائم الحرب التي يرتكبها كـ"رد فعل" وليس فعل، ومعرفة أهل فلسطين بالحقيقة لا يعني أن العالم ايضا يعرفها بذات المضون..
المواجهة مع المحتل، بكل السبل الممكنة والمتاحة، خاصة المقاومة الشعبية اكدت الأيام أنها أحد أهم اسلحة الشعب الفلسطيني في كشف الزيف "التاريخي" الذي نجحت دولة الكيان بتمريره عالميا، واسقطت مقاومة الشعبية الفلسطينية، وخاصة المظهر الانتفاضي الأبرز ما بعد 1987، في الانتفاضة الوطنية الكبرى، أهم الادعاءات الخادعة بما روجته دولة الكيان والحركة الصهيونية واعلام امريكا عن "البعد الأخلاقي" لها، في ظل غياب اعلام الصورة، حتى سقوط القناع وتبيان الحقيقة..
ولا تزال صورة جيش الاحتلال وهو يقوم بتكسير عظام أطفال فلسطين أحد أبرز الشواهد على لا اخلاقية هذه الدولة، حتى باتت اليوم تعرف بأنها دولة جرائم حرب، ولو ان الرئاسة الفلسطينية تماسكت بما يكفي، ولم تسقط من جدولها "تقرير غولدستون" عن جرائم حرب المحتل ضد قطاع غزة، لكان أمثال نتنياهو في "قفص العدالة" او مطارد لها، ولا زال هناك الكثير لعمله في هذا الشأن، لكنه يحتاج لقرار حقيقي وليس مظهر اعلامي راقص!
المواجهة الشعبية الشاملة، اليوم هي السلاح الأهم سياسيا وتاريخيا في معركة الشعب ضد العدو المحتل، وأي خروج عن هذا السياق سيمثل "انحرافا" غير مقبول، وضار جدا، وسيقدم "خدمات مجانية" للطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب..
الرد على الجرائم المعادية بتطوير قواعد المواجهة والاشتباك داخل الضفة والقدس المحتلة، مناطق تحتاج لأضعاف الجهد القائم، بل حتى الساعة لم تنطلق الامكانيات الوطنية المخزونة، لأسباب بعضها معلوم جدا، في أن البعض الرسمي يعمل جاهدا لتطويق "الغضب الوطني الحقيقي" وتمريره عبر "غضب لغوي كاذب"..الى جانب أن القوى بمختلف مسمياتها لا تزال تقف مترددة بين الانخراط في "هبة الغضب الوطني"، خوفا من "السلطان" الذي لم يلتق بأجهزته الأمنية الا لكي يصدر لها أوامر بتطويق الفعل الوطني المرتقب، فيما غيرها تتحدث أكثر بكثير عما لديها..
الغضب الوطني العام، لا يحتاج لـ"مرشد"، بل يحتاج لمزودينه بطاقة عمل، دون وضع أي مطب في طريقه..و"العمليات الاستشهادية" في هذا التوقيت السياسي العام شكلا من اشكال المطبات الصناعية المعطلة للقوة الشعبية المتوقع انفجارها بلا رجعة، رغم كل محاولات المرتعشين هلعا من انفجار شعبي حقيقي..
رسالة الى الأصدقاء في قيادة "الجهاد"، وبما يملكون من رؤية خاصة لها كل المحبة والتقدير، لا تسمحوا بفعل ما يمكنه أن يمثل "ضررا وطنيا عاما"..وفلسطين ساحة تنتظر فعلا نافعا، والنافع بات معلوما جدا..فليكن هو الخيار لا غيره..!
ملاحظة: كان الأمل ان تكون مقالتي اليوم عن ذكرى النصر التاريخي في 6 اكتوبر عام 1973..نصر لن تزول قيمته التاريخية بانحراف سياسي..كانت ايام عزة للأمة من أقصاها لأقصاها..المجد للقوات المصرية والسورية والفلسطينية، رغم محدوديتها ولكل عربي كان جزءا من لحظة تاريخ..العودة مقبلة لنفخر أكثر!
تنويه خاص: بيان حماس الاتهامي للسلطة الفلسطينية، بأن أجهزتها الأمنية لعبت دورا في تسليم خلية نابلس تحتاج الى توضيح رسمي..الصمت ليست ادانة فحسب، بل هو عار لن يزول!
الانتفاضة قادمة، لا تستعجلوها
امد / رشيد شاهين
تسارع الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأيام القليلة الماضية وانفجارها بشكل مفاجئ، باتت تسيطر على المشهد، وأصبحت محط اهتمام الكثير من الساسة والمراقبين وخاصة في دولة الاحتلال.
المواجهات الضارية مع قوات الاحتلال وانتشارها، دفع كثير من الكتاب والمحللين إلى تحليلات اقرب إلى الحماس وأحيانا التمنيات، للحديث عن انتفاضة ثالثة، تعيد أمجاد الأولى بكل ما كان فيها من زخم وجماهيرية وتضحيات وعفوية، "تحرق" الأرض تحت أقدام الصهاينة، وتزيد من عزلتهم الدولية وافتضاح ديمقراطيتهم المزعومة. انتفاضة ستكون بمثابة "رافعة" تقود إلى التخلص من الانقسام وإعادة اللحمة لشطري الوطن، وتحقق ما عجز عن تحقيقها الساسة والمفاوضات التي طالت لعقدين من الزمن.
باعتقادنا، ان ما يجري في الأرض المحتلة، هو"تدريبات" ومقدمات لانتفاضة ثالثة، ، هو هبة جماهيرية، فيها تعبير عن غضب عارم في الصدور، إلا أن طريقة الصدام مختلفة عن الانتفاضة الأولى، وذلك بسبب المتغيرات التي فرضتها اتفاقات أوسلو، والتي أدت إلى انسحاب قوات الاحتلال من كثير من المناطق المكتظة بشكل خاص، وهذا ما جعل المواجهة على مدار اللحظة واستنزاف قوات الاحتلال وإيقاع الكثير من الأذى والخسائر بها واستنزافها، أصعب كثيرا مما كان عليه الحال في الأولى.
نتذكر جميعا خلال الانتفاضة الأولى كيف كانت قطعان المستوطنين، تخشى المرور عبر المناطق الفلسطينية، وكانت تمر تحت حراسة الجيش الصهيوني، ولم تك تمتلك الجرأة التي تمتلكها هذه الأيام في مواجهة الشارع الفلسطيني، وقلما كانت تتجرأ الهجوم على القرى والتجمعات الفلسطينية، أما اليوم فقد انقلب الحال، وصار هؤلاء "متنمرون" تحرسهم وتشارك وإياهم قوات الاحتلال في الهجمات على الفلسطينيين.
الحديث عن انتفاضة ثالثة "بعيدا عن الحماسة والرغبات" في اللحظة الراهنة، هو حديث بتقديرنا يبتعد عن الواقعية وهو أكثر ميلا ربما للمبالغة وللأماني منه إلى الحقيقة، خاصة في ظل العديد من المعطيات التي استجدت ما بين الانتفاضة الأولى واللحظة، وهذا عائد إلى العديد من الأسباب التي منها:
- إن الكثير ممن يتمنون قيام انتفاضة ثالثة، هم في واقع الحال يعملون على إحباط قيامها، ذلك ان انتفاضة ثالثة تعني وجود قيادات شابة ومزاحمة لهؤلاء على ما يتمتعون به من امتيازات من الصعب التخلي عنها.
- لا يمكن استنساخ ما حدث عام 1987الآن، لاختلاف الظروف وكذلك الواقع.
- عدم وجود قوات احتلال في الكثير من المناطق الفلسطينية للاصطدام معها بشكل مباشر وعلى مدار اللحظة، ذلك ان مناطق التماس الساخنة لم تعد كما كان الحال سابقا في كل زاوية وشارع وزقاق.
- الانقسام الذي ترسخ في ذهنية البعض، برغم انه قد لا يكون باديا على السطح بشكل فج خلال الأحداث والصدامات، إلا انه يمكن ملاحظة عدم المشاركة الواسعة من هذا الفصيل أو ذاك اعتمادا على من يبدأ أو من يدعوا إلى الصدام.
- النتائج "غير المشجعة" التي نتجت عن الانتفاضتين الأولى والثانية رغم التضحيات خلالهما، وما رافقهما من طموحات، وبالتالي الخشية من نتائج قد تكون أكثر احباطا.
- الوضع العربي بخاصة والإسلامي بعامة، حيث من الواضح ان هنالك شعور في الشارع الفلسطيني، بإدارة الظهر ليس فقط لفلسطين بعامة، لا بل وحتى لأحد أهم المقدسات الإسلامية، وهذا يجعل الشعور "بالوحدة" هو السائد، بعكس الانتفاضتين السابقتين.
- في الحديث عن انتفاضة ثالثة، لا يتم عمليا تحديد أي انتفاضة نريد، هل هي على غرار الأولى بكل ما فيها من ألق وسلمية وفضح للاحتلال، أم انتفاضة "مُعَسْكَرَة" كالثانية بكل ما كان لها من نتائج وتداعيات نعلمها جميعا.
اندلاع أعمال مقاومة شاملة تأخذ الرقم ثلاثة، ليست رغبة يمكن ان تتحقق لان هذا القائد أراد أو ذاك أصدر أمرا.
ولا بد هنا من الإشارة إلى ما تقوم به وسائل الإعلام الصهيوني، حيث انها مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية تعمل ليل نهار على التخويف من انتفاضة ثالثة، وهي محاولة لبث الرعب في نفوس المستوطنين بخاصة، كما هي محاولة للتحريض ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتصوير ما يقومون به على أنه أعمال إرهابية وليست أعمال مقاومة، وقد انجر بعض إعلاميينا لذلك من خلال الحديث عن العنف والإرهاب المتبادل، في فهم قاصر لمجريات الأحداث وطبيعة الأمور.
الانتفاضة رقم ثلاثة لا شك انها قادمة، بدون أن يستعجلها هذا القائد او ذاك، وبدون ان يُنَظرْ لها هذا المحلل او سواه، وهي لن تقف منتظرة رهن إشارة هذا الحزب او ذاك، فهي لا تقوم "بكبسة زر" يضغطه فلان أو علان، هي بالتأكيد قادمة، ربما من خلال حدث قد يكون اقل خطورة من حادث الدهس في جباليا الذي أشعل الأولى، أو تدنيس الأقصى كما فعل شارون لتقوم الثانية. هي قادمة، عندما تتوفر " وستتوفر" الظروف والعناصر المناسبة والشاملة التي من شأنها أن تؤدي إلى فعل انتفاضي شامل.
دولة الاغتصاب بكل ما تقوم به على ارض الواقع، تدفع أصلا باتجاه تضييق الخيارات على الفلسطينيين، وهي توفر الظروف سواء بعلمها او بدونه، من اجل انتفاضة لن تبقي ولن تذر، وكل ما يجري على الأرض الفلسطينية يضيق الخيارات والمسافات لقيام انتفاضة ثالثة، وستأتي اللحظة التي تكون خلالها البيئة اللازمة والمناسبة والأسباب والعوامل الناضجة تماما للوصول إلى فعل شامل يحمل اسم "انتفاضة رقم ثلاثة".
فلسطين تكتب بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال
فراس برس / عباس الجمعة
اليوم تكتب فلسطين بدماء شهدائها تاريخا جديدا في مسيرة النضال من خلال هبتها الشعبية بمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، وتعيد القضية الفلسطينية، الى واجهة الاهتمام ، لتؤكد انها قضية شّعب يقاوم ، وان كان هم الشعوب واحد، فالمصير والنّضالات ستكون حتما واحدة، وان مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه في العودة والاستقلال وتقرير مصيره وحقّه في العيش الكريم، بعدالة وحريّة وكرامة، واضحة ، ولا يمكن ان يقبل بأن العيش مع غدة سرطانية مهما كانت التحديات والظروف.
لذلك فان الهبة الشعبية التي تجسد الانتفاضة الثالث سوف تدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، وسيكون لها نفس الموقع والمكانة اللذين احتلتهما انتفاضات شعبنا ، ليس في قولنا هذا أي قدر من المبالغة، فها هي الهبة الشعبية في الضفة والقدس، تواجه على مختلف الصعد الاحتلال وقطعان مستوطنيه بكافة الوسائل النضالية وبمقاومة شعبية جبارة ، ولجان شعبية ضاربة ، وكل ذلك يأتي استنادا لركام هائل من الخبرة النضالية ولشوط طويل تم قطعه على طريق بلورة "العامل الذاتي" الفلسطيني ،وهو الأمر الذي يبدو واضحا من مراجعة حجم التطور الذي طرأ على ارادة الشعب الفلسطيني وشبابه.
من هنا نرى اهمية اخذ الدور من جميع الفصائل والقوى والعمل على دعم الشعب الفلسطيني الذي يبتدع شبابه المنتفض دورا هاما ، وضرورة إيلاء المزيد من الجهد والاهتمام لسد الثغرات القائمة وأية ثغرات قد تنشأ هنا أو هناك، وخصوصا المستوى الوطني، في هذه العملية الكفاحية الطويلة، وليصار إلى إيجاد الصيغ المناسبة لضمان مشاركة جميع القوى والمجموعات والشخصيات في هذه الملحمة البطولية على الرغم من أية خلافات حدثت هنا أو هناك، هذه مهمة ينبغي أن تبقى ماثلة أمام اعين الجميع .
اليوم الهبة الشعبية تدخل كل محافظة ومدينة وقرية ومخيم في الضفة الفلسطينية والقدس ، حيث يشارك فيها الرجال والنساء والشباب والشيوخ والأطفال، من مختلف المهن والشرائح والفئات والطبقات، حيث يصنع الشعب الفلسطيني ملحمته الوطنية كل في ميدانه ووفق طاقاته واختصاصاته مقدما قوافل الشهداء والجرحى والاسرى ، ولقد اصبح واضحا للملأ أن الاحتلال بتهديداته قد أشهر عن إفلاس وسائل سيطرته ، ولم يعد بمقدوره الاستمرار جاثما على صدور شعبنا بنفس هذه الوسائل فلجأ إلى "العنف غير العقلاني" وأطلق التهديدات وهدم منازل الشهداء وجرح واعتقال عشرات الآلاف من أبناء شعبنا حتى يتسنى له البقاء في موقع السيطرة على الأرض والشعب.
ونحن اليوم على ثقة بشعبنا وبشكل لا يقبل الشك أو التأويل، أن إرادته الوطنية وتوقه للحرية والاستقلال والعودة ، أقوى من كل هذه الإجراءات الفاشية، وأنه لم يعد بمقدوره الاستمرار في الخضوع لشروط الاحتلال المذلة، وليس بمقدوره العودة للقبول بها، مهما غلت وتعاظمت التضحيات.
ولقد بات يحدونا كبير الأمل في أن نتيجة هذا الفصل الجديد من فصول الصراع الفلسطيني- الصهيوني والعربي- الصهيوني، سوف تحسم لصالح شعبنا وثورتنا وانتفاضتنا، منطلقين في ذلك من جملة اعتبارات أهمها:
أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال قد تلمس بتجربته الحسية المباشرة خياره الوحيد خيار الاستمرار في النضال والمقاومة الشعبية والهبات المتواصلة والتي ستؤدي حتما الى الانتفاضة الثالثه ، وهذا ما أصبح يلقى التفهم والاستيعاب الكامل على المستويات الإقليمية والدولية، وباتت القضية الفلسطينية وليس الصراع العربي الصهيوني وحده، هي القضية التي تستأثر بالبحث والاهتمام، رغم إدراكنا العميق للعقبات والعراقيل العديدة التي مازالت تعترض سبيل الوصول الى الحقوق الوطنية المشروعة ، ورغم إيماننا التام بأن المسافة للوصول الى الدولة وإقامتها فعليا على الأرض مسافة طويلة ومريرة معبدة بالشهداء والتضحيات والعذابات.
أن الهبة الشعبية التي اتت نتيجة تدنيس المسجد الاقصى لأكثر من مرة ، تتطلب منا الحفاظ على المكاسب والانتصارات التي تتحقق ، والتي سوف تنتهي لصالح شعبنا وقضيتنا فهي المحرك للتعاطف العالمي وهي التي أيقظت ضمير العالم وهي التي ستوصلنا إلى شواطئ الحرية والاستقلال متظافرة مع جهود ونضالات شعبنا في الخارج ومع دعم وإسناد الأشقاء والحلفاء على المستويين القومي والأممي.
كثيرة هي الأسئلة والتساؤلات التي تطرحها الهبة الشعبية ، بعضها يتعلق بالاستراتيجية السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية وانهاء الانقسام الكارثي وبعضها يتصل بالتكتيك والشعارات واللحظة السياسية الراهنة.
وليس من شك في أن هذا أمر طبيعي وضروري، فالاستحقاقات التي داهمت العمل الوطني الفلسطيني كانت تفرض ضرورة إعطاء الأجوبة لماذا الاستمرار في الانقسام ، وهذا سؤال موجه لمن يريدون اتفاق تهدئة وفصل الجغرافيا الفلسطينية ، لأن البعض يهمه ضعف الحضور الفلسطيني وعندها يشغلها لاعبون آخرون ممن ينتمون ويتمنون الغياب الفلسطيني الكامل عن المسرح السياسي.
إن جوابنا على هذه الأسئلة والتساؤلات هو ألم تقرع الهبة الشعبية سؤال الأزمة التي تعانيها الساحة الفلسطينية ،لأن الوفاء لتضحيات شعبنا تتطلب طرح أسئلتها وإشكالياتها الاستراتيجية فضلاً عن التكتيكية والمرحلية، ولعل هذا وحده يوفر لشعبنا المدخل لبحث جدي في الخروج من أزمة حركة التحرر الوطني الفلسطينية، لكن ورغم كل ما يمكن أن يقال عن سمات جديدة ، إلا أن الأمر الذي لا يجوز أن يغيب عن الأذهان للحظة واحدة هو أن العمق القومي لهذا الصراع سيظل قائماً ومطلوباً وضرورياً، فالعدو الصهيوني لا يهدد الشعب الفلسطيني وحده، ومهمة دحر المشروع الصهيوني لن تكون مهمة الشعب الفلسطيني وحده، وهذا الامر بات يفرض نفسه على الفلسطينيين انتزاع زمام المبادرة بأيديهم، تماما كما باتت توجب على فصائل حركة التحرر الوطني العربية وضع مهمة الخروج من نفق الأزمة التي تعيشها على رأس جدول أولوياتها.
إن اندلاع الهبة الشعبية في الضفة والقدس في وجه عدو فاشي متغطرس مدجج بالسلاح، يوفر الفرصة الموضوعية ، للبدء بولوج مرحلة المواجهة الجدية الشاملة ، والجميع يدرك الان ان ان الهبة الشعبية اندلعت كردة فعل شعبي وطبيعي على الاحتلال وسياسته وممارساته، وعلى انسداد الافق السياسي وفشل اتفاقات اوسلو وانكشاف استهدافات الاحتلال منها ومخططه لموضوعات التسوية النهائية كما اتضحت بشكل جلي في المفاوضات الثنائية على مدار اكثر من عشرين عاما دون نتيجة ، نعم تفجر الغضب الشعبي عقب قيام وزير الزراعة الصهيوني وجيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه الاستفزارية للمسجد الاقصى، ولادراك الشعب لرسالتها وتزامنها وتداخلها مع سياسات وممارسات الاحتلال ، وفي ظل تأزم الوضع الداخلي الفلسطيني بسبب الاستمرار في الانقسام الكارثي والحديث عن فصل قطاع غزة عن الضفة وفق هدنة طويلة الامد .
مما لا شك فيه نحن امام الهبة الشعبية ، امام نبض الضفة االفلسطينية والقدس لم يهدأ منذ أشهر وليلها تحول الى زمن للمواجهة المستمرة بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال والمستوطنين من جهة اخرى، فما شهدته القدس من عمليات فدائية ألهبت مشاعر الفلسطينيين هنا ولاسيما وان قطعان المستوطنين تركوا من قبل حكومة نتنياهو ليعيثوا فساداً في الضفة الفلسطينية تحت مسمى دفع الثمن، فاصحاب الارض من شمالها الى جنوبها اتخذوا القرار بان يكفوا يد المستوطنين عن ارضهم، وهذا يعود بنا الى الذكرى السنوية لعملية اكيلي لاورو ، وكل ابطالها من شهداء واحياء فهم يستحقون اوسمة الشرف والعزة ، نتذكر الرمز الشهيد القائد الامين العام ابو العباس الذي كان له الدور الرئيسي في صوغ الرؤية النضالية للجبهه وبرامجها وتوجهاتها الفكرية والسياسية والتنظيمية والجماهيرية، والذي لم يكن قائداً ورمزاً جبهاوياً فقط ،بل كان قائداً ورمزاً فلسطينياً وعربياً وأممياً بامتياز،وكان بمثابة البوصلة التي يسير بهديها كل المناضلين والثوريين، حيث شكلت عملية اكيلي لاورو البوصلة الاعلامية التي لاحقت الشهيد القائد تحت عناوين مختلفة .
ان عملية اشدود او اكيلي لاورو كانت من احد اهم العمليات البطولية العابرة للقارات التي اشرف عليها الشهيد القائد الامين العام ابو العباس، هذه العملية التي ورد بحق ابطالها لغط كبير ، وكانت بوصلتها فلسطين ، حيث كتب ابطالها نماذج الفداء التي لا يماري فيها احد ولا يشك فيها عاقل، والتي قيل الكثير عنها بوسائل الإعلام وحاول العالم وصمها بالإرهاب وتم عمل أفلام ومسلسلات في واقعها خطت الكتب والمذكرات التي تستعرض تفاصيلها وتحدث عنها الكثيرون ولكنها ستظل علامة فارقه في نضال شعبنا الفلسطيني وستظل هذه العملية وأبطالها الذين استشهدوا و مازال منهم على قيد الحياة أبطال للشعب الفلسطيني ، وان سفينة اكيلي لاورو كانت وسيلة للوصول الى ميناء اشدود ، وكان هدف العملية واضح هو الرد على مجزرة حمام الشط في تونس الذي ذهب ضحيتها العشرات من الشهداء الفلسطينيون والتونسيون حيث مقر منظمة التحرير الفلسطينية بهدف اغتيال رمز فلسطين الشهيد القائد الرئيس ياسر عرفات، بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان صيف عام 1982، والعمل من اجل اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين ، وإثبتت العملية بانه يمكن للثورة الفلسطينية الوصول إلى أهدافها رغم كل الإجراءات الامنيه المتخذة واجتياز كل العوائق ، وأبراز قضية شعبنا في المحافل الدولية، ولم تكن كما وصفها الاعلام الغربي خطف مواطنين ، وأصبحت هذه العملية هاجس عند الاحتلال ، واثبتت العملية القدرة العالية للمناضلين بالتضحية والاستشهاد من اجل قضيه عادله هي قضية فلسطين التي استشهد من اجلها عشرات الآلاف.
كل هذه الانتصارات التي حققتها القضية الفلسطينية كانت بفضل عمليات مناضلي وفدائيي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية جميعاً وعلى رأسهم الشهيد القائد ابو العباس الذي استطاع ان يجمع بحنكته القيادية النضالية كل مناضلي واحرار العالم حول العمل النضالي والاستشهاد في سبيل القضية الفلسطينية من سوريا ولبنان والعراق والجزائر والمغرب وليبيا وتونس والكويت والاردن وباكستان وامريكا اللاتينية، أولئك الأبطال الميامين الذين سطروا أروع الملاحم البطولية التي هزت الكيان الصهيوني اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا إيماناً من هؤلاء المناضلين الأبطال بصحة وصواب وعدالة النهج الثوري والأهداف والمبادئ التي تناضل من اجلها جبهة التحرير الفلسطينية وعدالة القضية الفلسطينية.
وامام كل الخيارات وبعد رفع علم فلسطين وخطاب الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة ، كان خيار الرد على قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيها ، بالدفاع عن نفسه وعن ارضه ومقدساته ، ومطالبته بحقه بتقرير مصيره وحريته واستقلاله ، وحتى يعلم العالم ان خيار الاستسلام ليس خيارا للشعوب، وبخاصة الشعب الفلسطيني الذي ناضل عشرات السنوات واختزن تجارب غنية.
وفي ظل هذه اللحظات التي تتصاعد الهبة الشعبية على ارض فلسطين وقدس الاقداس ، تأتي الذكرى السنوية لحرب تشرين التي قادها الجيشين العربيين السوري والمصري ومعهم فصائل الثورة الفلسطينية حيث بلورت معاني الصمود والتضحية ، واضافة بعدها انتصارات عظيمة تجلت بانتصار المقاومة في لبنان وصمود وانتصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، ولتسجل اليوم ملاحم بطولية في مكافحة الإرهاب التي تتعرض لها المنطقة ، وبهبة شعبية ومقاومة وطنية على ارض فلسطين في الضفة والقدس بمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه
الذي يتنهك كل الشرائع والمواثيق الدولية فضلاً عن استمراره في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.
ختاما : نقول ان على الجميع ان يدرك بان خيار الصمود والمقاومة يتطلب ترتيب البيت الفلسطيني والتغلب على الصعوبات واسترداد المبادرة السياسية وتعزير صمود الشعب ومتابعة هبته الشعبية وصولا الى الانتفاضة الثالثة بشروط افضل وبما يضمن متابعة مسيرته الكفاحية بانهاء الاحتلال وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فشجرة الحياة الواقفة كما عنب الخليل، وسنديان صفد، وزيتون نابلس، ونخيل بئر السبع، لشعب عنيد (شعب الجبارين) في الضفة والقدس وغزة وفلسطين التاريخية، إنه الشعب الذي صمم رغم المستحيل على بلوغ الهدف الغالي، انتزاع الهوية واسترداد التاريخ والكرامة ، حيث نتحدث عن النضال الحقيقي عن صورة الكفاح الفلسطيني الذي كان لجبهة التحرير الفلسطينية الدور البارز فيه، فيها مسيرة نضال وإيمان لا زال الشعب الفلسطيني تواق لها من اجل رسم تاريخ مشرق على طريق قادة ومناضلين تعملقوا نجوما في سماء فلسطين ، لم يعشقوا سوى فلسطين الوطن والانتماء، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد، وزرعوا أشجار الوطنية لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.
قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة
امد / د.هاني العقاد
لم يكن في حسبان احد ان تتسارع الامور نحو الانفجار في الضفة الغربية بهذا المستوي ولم يكن في حسبان اسرائيل ان تدفع ثمن سياساتها العنصرية الاستيطانية التهويدية بهذه السرعة ,في اقل من 48 ساعة عمليتان موجعتان في ايتمار والقدس وقد نتفاجأ بأكثر من ذلك في الايام القادمة , الموقف على حافة الانفجار باتجاه المواجهة الشاملة ,اسرائيل تدعم المستوطنين لتنفيذ عمليات انتقامية بحق المدنيين الفلسطينيين لتصور للعالم ان الصراع اصبح بين المستوطنين والفلسطينيين وتختبئ هي خلف ذلك لتنفيذ اجندات اكثر قذارة , لم يجد الفلسطينيين امامهم سوي الانتفاض والمواجهة والمبادرة الى الهجوم للدفاع عن انفسهم على غرار ما حدث بالبلدة القديمة بالقدس , لكن العالم يعرف المواجهة ليست مع المستوطنين وحدهم بل جيش الاحتلال الاسرائيلي فكل الشهداء الذين سقطوا حتى الان سقطوا برصاص جيش الاحتلال وبالتالي وجهة الانتفاضة باتجاه جيش الاحتلال والمستوطنين الذين يوفر لهم الحماية ويمدهم بالسلاح, ما تملكه إسرائيل حتى الان استخدام مزيد من القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين وتحميل الرئيس ابو مازن مسؤولية ما يحدث بالضفة الغربية والقدس على انه جاء نتيجة تحريض القيادة الفلسطينية على فعل كل تلك العلميات ولا تملك مسارا اخر غير هذا لأنها حكومة يراسها اقطاب اليمين و الاستيطان الإسرائيلي .
المتفحص والمتتبع لتدحرج الوضع بالضفة والقدس يدرك ان الاحتلال الاسرائيلي هو من دفع بالفلسطينيين للوصول الى مرحلة الاحباط الشديد ولا نتحدث عن مستوي معين بل الفلسطينيين من قيادة وفصائل وشعب بل وان حكومة نتنياهو منذ 24 اب الماضي وهي تدفع الى السير باتجاه الصدام العنيف مع الفلسطينيين لكن الدلائل تشير ان الفلسطينيين لا يريدوا ان يصلوا الى المواجهة الشاملة الان , منذ ان جاءت حكومة اليمين المتطرف ونحن ندرك ان الواقع اصبح مخيفا وان الجميع يتجه نحو المواجهة الشاملة وان الانتفاضة الثالثة مسألة وقت لا اكثر , اليوم نقول ان المرحلة التحضيرية والاولى للانتفاضة قد اجتازها الفلسطينيين فلم تعد السلطة الفلسطينية يهمها ان تتوقف الانتفاضة او تهدأ وتيرتها واعتقد انه بات واضحا ان الالتفاف الجماهيري حول الانتفاضة الشعبية اصبح مرضيا الى حد ما وكل يوم ينضم الالاف للمواجهة مع اسرائيل واصبحنا على يقين ان الامور تتصاعد والقيادة راضية تماما على ما يجري لأنها ادركت ان الحراك على الارض بات مطلوبا الانتفاضة الشعبية المدخل الحقيقي لإعادة القضية الفلسطينية لواجهة الاهتمام الدولي بعد انشغال العالم بقضية النووي الايراني ومحاولة نتنياهو ان يشغل ادارة البيت الابيض بمعارضته لهذا الاتفاق باعتبار انه يشكل خطر على اسرائيل بالإضافة الى الوضع في سوريا.
اليوم قد لا نتحدث عن انتفاضة ثالثة فقط وانما قد يتعدى الامر ابعد من ذلك وصولا للمواجهة الشاملة بين الشعب المحتل وسلطة الاحتلال وجيشه ومستوطنيه يمكن ان يستخدم فيها الشعب المحتل كل ما اتيح له من ادوات لتحقيق النصر و الاهداف الاستراتيجية لذلك وتسبيب وجع كبير لسلطة الاحتلال والمستوطنين لردعهم واعاقة مخططاتهم الاستيطانية واغلاق كافة الطرق امامهم وبالنهاية رفع فاتورة الاحتلال الاسرائيلي , الانتفاضة اليوم كشفت كل مخططات اسرائيل القذرة للعالم لزيادة مدي الدعم الدولي للفلسطينيين ومشاركتهم في مناهضة الاحتلال الطويل والوحيد بالعالم ,وما الانتفاضة الثالثة التي يتحدث عنها الاعلام اليوم سوي مرحلة من مراحل المواجهة الشاملة ,هذه المواجهة بدأت بحرب حقيقية بين المدنيين الفلسطينيين في القري والكفور وكامل مناطق الريف الفلسطيني باعتبار انها مطمع للمستوطنين لحساب التوسع الاستيطاني وتخصيصه كمناطق عازلة للاستيطان يقصد بها ايضا عزل مناطق الضفة ومحافظاتها , هذا بات واضحا من خطة الحكومة الاسرائيلية بتوجيه الجيش الإسرائيلي لمحاولة عزل الريف الفلسطيني عن محيطه المدني وبالتالي يستطيع ايضا ان يعيق عدوي الانتفاضة الشعبية والمواجهة واختباء الفلسطينيين المطلوبين بين القري والكفور والجبال المحيطة .
المرحلة الثانية للمواجهة الشاملة كانت قبل اسابيع وهي تكثيف المواجهة الشعبية ومواجهة قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بكل الطرق وحماية البلدات والقري الفلسطينية ,وهنا نستطيع القول ان الشعب الفلسطيني اجتاز هذه المرحلة ايضا فقد كانت مرحلة قاسية المت الشعب الفلسطينيين كثيرا برؤية أبنائه بحقوله ومساجده وكنائسه تحرق , وهذا كان دافعا لان تتحول اليوم الى انتفاضة يومية وهذا الاسبوع فقط ادرك المراقبين هذا و بدأوا يتعاملوا معها كانتفاضة وليس هبة جماهيرية , هذه الانتفاضة بالطبع تكبر يوما بعد يوم وهذه الانتفاضة سرعان ما تتبناها قيادة فلسطينية موحدة على غرار الانتفاضة السابقة ,والمرحلة الرابعة هي مرحلة المواجهة الشاملة التي لن يدخر فيها الفلسطينيين اي اداة الا وسيتم استخدامها بسبب احتدام المواجه مع جيش الاحتلال والمستوطنين , وهنا قد يجبر بعض الفلسطينيين على استخدام النار للدفاع عن وجودهم التاريخي بالقدس والقري والمحافظات الفلسطينية بالضفة ,ومع المواجهة الشاملة لن تبقي غزة على حال موقف المتفرج بل ستقدم المقاومة الفلسطينية على تنفيذ عمليات نوعية وغير مسبوقة تسبب تعزيزا حقيقيا للانتفاضة الشعبية وصفوف المنتفضين.
قد لا نستطيع التكهن بزمن المواجهة الشاملة ومدي استمرارها فان هذا مرتبط ارتباط وثيق بالدور الذي سيؤديه المجتمع الدولي والاقليمي من توفير حماية للشعب الفلسطيني والضغط المطلوب على دولة الاحتلال لتنهي احتلالها وتسحب جيشها ومستوطنيها من كافة اراضي العام 1967 وهذا يتطلب اقدام المجتمع الدولي على تبني مبادرات سياسية جدية يحتاجها الجميع لحل الصراع على اساس حل الدولتين , واتمنى ان يفهم المجتمع الدولي الحاجة الضرورية لان يتدخل تدخلا ايجابيا وعادلا في الصراع قبل الوصول لمرحلة المواجهة الشاملة لأنها ستكون ضمن دائرة دم اوسع واكبر بكثير مما يتوقع الجميع .
لسنا وإياكم سواء!
الكرامة / رجب أبو سرية
في عملية نابلس، كان بإمكان المقاومين الفلسطينيين، أن يقتلوا طفلي المستوطن المحتل، الضابط في الأمن الإسرائيلي وزوجته، لكنهما، استقلا سيارتهما ولم يصيبا الطفلين بأي سوء، وكان بإمكان الشهيد مهند الحلبي أن يقتل أيضاً طفل عائلة المستوطنين أو على الأقل أن يطلق عليه النار، أو يحاول طعنه، لكنه لم يفعل، هذا رغم أن الفلسطينيين في أرضهم وعلى تراب وطنهم المحتل منذ عام 1967، وليسوا محتلين أو مغتصبين كما هي حال جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه المحتلين، الذين لم يتورعوا، بل تعمدوا، كما لو كانوا حيوانات، قتل وحرق طفلي عائلة دوابشة، علي وأحمد، حيث استشهد علي، فيما ما زال أخوه الطفل يرقد في المستشفى رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الجريمة، وكما سبق وأن فعلوا مع الشهيد محمد أبو خضير قبل أكثر من عام.
جرائم المحتلين / المستوطنين التي تصل إلى أبعد مدى من الانحطاط بممارسة القتل العمد، ومرافقاً للحرق، بحق الأطفال والرضع (علي «عام ونصف» وأخوه «أربعة أعوام»)، هي أحط من قيام الحيوانات المفترسة بافتراس الحيوانات الأخرى الضعيفة، فمعروف بأن الأسود والنمور لا تفترس إلا إن كانت جائعة، ولا تقتل من أجل القتل، كذلك فإن جرائم المستوطنين / المحتلين تتضاعف في بشاعتها، حين ندرك أنها تصدر عن محتلين لا حق لهم في الإقامة على أرض الغير المصادرة والمسلوبة بقوة السلاح، كذلك تصدر بدعم وتشجيع وتغطية الجيش والحكومة الإسرائيليين!
المهم في الأمر أن إسرائيل بحكومتها ومستوطنيها تسعى إلى جر الجانب الفلسطيني لمواجهة عنيفة، يكون من شأنها فرض حقائق احتلالية نهائية، في استغلال واضح لحالة التردي في الواقع العربي، وحالة الانقسام الداخلي، والانشغال الكوني بما يحدث في أكثر من مكان في الشرق الأوسط، بما في ذلك الهجرة المتدفقة على أوروبا، كذلك عام الانتخابات الأميركية، حيث معروف أن الإدارة الأمريكية في ولاية أولى لرئيس جديد تكون أكثر نشاطاً واهتماماً، لكنها في الولاية الثانية تصبح أقل اهتماماً، وبالطبع في عام الانتخابات تترك واشنطن فراغاً، يصعب ملؤه من الآخرين.
والحقائق الاحتلالية، التي تضع إسرائيل عينها عليها منذ احتلالها لأراضي الدولة الفلسطينية في عام 67 حتى الآن، يتصدرها _ بتقديرها _ أمران هما: القدس وأراضي الضفة الغربية، لذا تكثف هجومها على المسجد الأقصى، وعلى أراضي الضفة الغربية، لكن ما يلاحظ أن هجومها هذه المرة، لم يقتصر على جيشها وجنودها، الذين يمثلون صورة فاقعة وصريحة للاحتلال العسكري، بل تضمن المحتلين / المستوطنين، الذين باتوا عنصراً فاعلاً في السياسة الداخلية الإسرائيلية بعد وصول حزبهم « البيت اليهودي « ليصبح شريكاً أساسياً في الحكومتين الأخيرتين لإسرائيل.
تدرك الحكومة الإسرائيلية، أنه لا يمكنها أن تضع حداً للنشاط السياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي، إلا بالدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مفاوضات ثنائية، إقليمية أو دولية، وبتقديرنا فإنه ليس الجدول الزمني الذي يزعج إسرائيل أكثر، بل الإطار الذي سيحدد مضمون التفاوض، أي أنها حين تضمن أن يدور التفاوض على قاعدة اقتسام المسجد الأقصى وعلى اقتسام الضفة الغربية فإنها ستجلس فوراً لطاولة التفاوض، وستصل إلى حل مع الجانب الفلسطيني خلال أيام!
من خلال تحويل الصراع على القدس إلى صراع ديني، تهدف إسرائيل لفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، حينها يمكن أن تقبل بهذا التقسيم كحل لمشكلة القدس، وحين يدخل المستوطنون / المحتلون على خط التفاوض على الضفة الغربية، فإن ذلك سينتهي بتقاسم الأرض بين الفلسطينيين والمستوطنين.
المخطط الإسرائيلي واضح المعالم وبات مكشوفاً تماماً، فليس صدفة أن تلجأ إسرائيل، هذه المرة إلى المتدينين المتطرفين لخوض معركة القدس، وإلى المستوطنين / المحتلين لخوض معركة الضفة الغربية، حتى تبدو الحكومة بعد ذلك طرفاً «محايداً» أو معتدلاً، أو جهة تطبق القانون، وتفصل العراك بين طرفين متصارعين على الأرض، ويبدو مع تشكيل لجان الحراسة الفلسطينية، فإن طرفي المواجهة الميدانية باتا واضحين ومتواجهين!
يمكن القول أخيراً، إن إسرائيل اقتربت كثيراً من تحقيق ما يرضي غرورها الاحتلالي، وإنها على وشك أن تفرض حلاً مقبولاً على كل مكونات المجتمع الإسرائيلي، اليميني المتطرف على وجه الخصوص، وإنها لا تنتظر تقدم القيادة الفلسطينية باتخاذ قرارات متقدمة من قبيل حل السلطة، أو إعلان التنصل أو الإلغاء النهائي والعلني لاتفاقات أوسلو، فإسرائيل قد تقابل إعلاناً فلسطينياً بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، بانسحاب من جانب واحد من 40% من الأراضي مع إعلان المستوطنين «دولة يهودية» على 60% الباقية! ما يجبر الجانب الفلسطيني على مواجهة دولة «يهودا والسامرة» عسكريا أو / و التفاوض معها وليس مع دولة إسرائيل، تماماً كما حدث مع الصراع القبرصي الداخلي قبل سنوات!
المشكلة التي ما زالت تشجع إسرائيل على التمادي بتنفيذ هذا التصور الشيطاني هو حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، فمع استمرار تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية عن عجز الفلسطينيين على إطلاق انتفاضة أو مقاومة شعبية / سلمية، تواصل تنفيذ مخططها هذا، حيث يمكن القول، إن أسوأ مخاطر الانقسام ليس حصار غزة، بل منع إطلاق تلك المقاومة في الضفة والقدس، لذا فإن إنهاءً فورياً وتاماً للانقسام يمكنه أن يقلب الطاولة فوراً على رأس إسرائيل، وإلا فإن كانتونات فلسطينية «معازل» مع دولة يهودا والسامرة، كما هو حال دويلات ليبيا وسورية والعراق، باتت وشيكة التحقق والظهور والإعلان
في الضفة الغربية ..انتفاضة ثالثة غير مُعلنة
امد / محمود سلامة سعد الريفي
كل المؤشرات والمعطيات الحالية في الضفة الغربية بما فيها المدينة المقدسة تؤكد على وجود انتفاضة شعبية فلسطينية غير مُعلنة رسمياً في رسائل الاعلام المختلفة التي تحاول نقل حقيقة ما يحدث على انه ردود افعال فلسطينية لمجموعات من المتظاهرين يشعلون الاطارات ويقذفون الحجارة وزجاجات المولوتوف وعدم الاعتراف الصريح والواضح بأن ما يحدث في كل مناطق الاحتكاك في الضفة الغربية هي انتفاضة فلسطينية جديدة بزخم وثوب جديد مع تطور سُبل المواجهة مع الاحتلال ودخول لاعبين جدد على خط المواجهة المحتدمة في الضفة الغربية وخاصة في اروقة القدس العتيقة بعد تعرض المستوطنين لعمليات استهداف نوعية رغم الوجود الامني المكثف لقوات الاحتلال يتمكن مقاومون فلسطينيون ان يحققوا اصابات مباشرة في صفوف هؤلاء الشرذمة وبث الخوف في نفوسهم ويحدث ذلك في مناطق تفرض قوات الاحتلال سيطرتها بنسبة 100% ,وتوفر لهم الحماية على مدار الساعة وحدات من الشرطة الاسرائيلية الخاصة وينجح المقاوم الفلسطيني في نهاية المطاف من إصابة المنظومة الامنية في مقتل حتى بات الشعور العام لدي الإسرائيليين انه لا امن و لا امان سواء في القدس المحتلة التي حولتها قوات الاحتلال الى ثكنات عسكرية او في مستوطنات الضفة الغربية المنتشرة على اراضيها او في أي من المدن اليهودية المقامة على اراضي الداخل المحتل,.
عملية مستوطنة "ايتمار" بغض النظر عن الفاعل ليست بالبعيدة ومثلث ترجمة عملية لرفض الفلسطيني للاحتلال والاستيطان وتصميم علي التصدي لكل محاولات مصادرة الاراضي ونهب الموارد وتدنيس المقدسات وحرق الحقول والتضييق المستمر والمتواصل على المواطنين وبناء جدار الفصل العنصري عوامل جميعها تُمثل وقود لانفجار مدوي في وجه الاحتلال ومستوطنيه ويُنذر بمواجهة شاملة فيها المستوطنين لاعبين جدد لا يمكن باي حال ان تضمن القوة العسكرية الاحتلالية امنهم وسلامتهم خاصة مع الطبيعة الجغرافية للضفة الغربية ومواقع المستوطنات المحاذية للتجمعات السكانية الفلسطينية من شأن ذلك ان يسهل الاحتكاك المباشر بين كلا الطرفين وتداعيات ما سينتج عن احتدام المواجهة واقع لا يُمكن ان تحتمله دولة الاحتلال ولا جماعات المستوطنين رديف القوة الاحتلالية في مستوطناتهم , هم اجبن من أن يواجهوا , ومع موجة التوتر الحالية المتصاعدة بدأت تتعالي اصوات تقول : إن المستوطنات غير آمنة للعيش فيها ..!وحالة من الرعب والخوف بدأت تتسلل الى نفوس قاطنيها بعد الاستهداف المباشر لهم, وبحسب تجربتهم مع غزة ابان الاعتداءات الدموية ورد المقاومة الفلسطينية بقصف تجمعات جيش الاحتلال والمستوطنات المحيطة بغلاف عزة غادرها سكانها الى مناطق تُصنف اكثر امناً وبعداً عن مرمي صواريخ المقاومة وهذا يُعزز جانب مهم في التعامل مع هؤلاء الفاشيون والعنصريون الجدد, وتهاوى قوة الردع الاحتلالية امام ضربات المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته.
الضفة الغربية والقدس تشتعل رغم محاولة التقليل مما يحدث على اعتبار انها هبات لأيام ويمكن السيطرة عليها واخمادها وتذهب ادراج الرياح ولكن ما يسجل من اعمال للمقاومة واحتدام المواجهات اليومية في كل مناطق الضفة الغربية والقدس والمداهمة التي تقوم بها قوات الاحتلال وحملات الاعتقالات الواسعة بصفوفهم وسقوط اعداد كبيرة من الجرحى والشهداء وتشديد العقوبة على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة وتكثيف التواجد الامني في كل محاور المواجهة وخاصة في مدينة القدس ونشر الحواجز واغلاق المدن الفلسطينية و تقيد حركة المواطنين لم ولن يمنع الفعاليات المناهضة للاحتلال العنصري ولا يُمكنها ان تحد او تردع الفلسطيني من التعبير عن غضبته بكافة السُبل المتاحة, وكل ما يجري على الارض من مواجهات عنيفة واحداث امنية متلاحقة دليل واضح على انطلاق انتفاضة ثالثة تبدو في بداياتها ويمكنها ان تشتعل وتشمل وتعم كل المناطق المحتلة وصولا ً لأراضينا المحتلة عام 1948م حيث الظروف مهيئة مع وجود بيئة مواتية لاشتعالها تكون اكثر قوة و عنفاً وتأثيراً خاصة مع انعدام أي افق سياسي للوصول سلام عادل يُنهي الاحتلال الاسرائيلي الذي يُعاني منه كل الشعب الفلسطيني على مدار عقود من الاحتلال و القتل ويحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس , ويمكن للانتفاضة ان تعيد القضية الفلسطينية الي واجه الاحداث الدولية و تسلط الضوء عليها من جديد خاصة مع انشغال العالم في قضايا اقليمية نالت القسط الاكبر من الاهتمام و التدخل المباشر المرتبط بمصالحها وما يحدث في الاراضي الفلسطينية المحتلة يُلزم كل القوي السياسية و فصائل العمل الوطني و الاسلامي ان توحد جهودها لرد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المدينة المقدسة من تهويد وتدنيس للمقدسات ومحاولة شطب هويتها الوطنية العربية, وتبني مواقف موحدة مسؤولة بحجم المعاناة وما يتطلبه النضال والكفاح لأجل مشروع التحرر الوطني على اسس توافقية تحقق الوحدة الوطنية كصمام امان للقضية الفلسطينية .
ما يحدث في الضفة الغربية والقدس وما تعرضه وسائل الاعلام تُعيد للأذهان صور الانتفاضة الاولي التي انطلقت شرارتها من مخيم جباليا وانتقالها لكل الأراضي المحتلة يوم التاسع من ديسمبر من العام 1987م بعفويتها ومشاركة كل اطياف الشعب الفلسطيني في المواجهات الى ان تم تشكيل قيادة للانتفاضة توجهها استطاعت ان تُخرج القضية الفلسطينية من حالة التيه وتُعيدها لدائرة الاهتمام الدولي والامر ذاته الان يجب ان يكون مع الاحداث المشتعلة والغاضبة ضد قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه في الاراضي الفلسطينية لن تكون غزة بمنأى عم يحدث رغم جرحها الغائر تبقي ترقب وتنظر دورها وهنا لابد من وجود قيادة وطنية موحدة من كل الفصائل الفلسطينية مهم وضروري لتوجهها وتطوير اداءها وادواتها نحو فعل جماهيري له اهدافه ومهامه واهمها انهاء الانقسام واعادة توحيد كل مكونات الشعب الفلسطيني و توجيه العمل الوطني نحو الاحتلال وحده ليكون مؤثرا بكل فعله متجاوزا كل العوائق في اطار موحد تقوده القوي الحية تنقل المعاناة الفلسطينية لكل العالم ليقف عند مسؤولياته الاخلاقية و الانسانية وينهي احتلال ارض ويرفع المعاناة عن شعب شُرد وطرد من موطنه مبدأ يتناقض مع من ينادوا بضرورة ارساء قواعد الديمقراطية و الحرية و العادلة وكل قرارات الشرعية الدولية والمعاهدات والمواثيق الاممية.
"اليوم التالي" لخطاب الرئيس
الكرامة / د.هاني المصري
بعد خطاب الرئيس، تصاعدت المواجهات الفلسطينية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، واشتد الجدل حول وصف ما يجري، هل هو "انتفاضة"، أم مقدمة لانتفاضة، أم "موجة انتفاضية" ليس من المرجح أن تتحول إلى انتفاضة لأسباب عدة، منها أن القيادة تخشى من خروجها عن السيطرة، ومن نجاح إسرائيل في دفعها نحو مربع تتمكن فيه من استخدام تفوقها العسكري، وكما ظهر ذلك في خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ أكد بأنه سيعتمد الوسائل القانونية والسلمية، إضافة إلى أن إسرائيل لا تريد حتى الآن أن تدفع الأمور إلى تدهور شامل، بدليل التسهيلات التي أقدمت عليها ومستوى العنف الذي تستخدمه.
كما أن هناك أسبابًا أخرى حالت حتى الآن دون اندلاع انتفاضة، أهمها فقدان الأمل بإمكانية الانتصار. فالانتفاضات بحاجة إلى هدف قابل للتحقيق وإلى قيادة وتنظيم وجبهة وطنية وروافع اقتصادية واجتماعية وظرف مناسب. كما أنّ الانتفاضات يحرّكها الأمل الذي يفتح طريق النصر أكثر بكثير مما يحركها اليأس، الذي يمكن أن يفتح طريق الغضب وردات الفعل، وأعمال الدفاع عن النفس في مواجهة استشراس سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين.
لقد فقد الجمهور الفلسطيني أمله بإمكانية إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة على الأرض بعد أن تكثف الاستيطان، إذ أصبح هناك أكثر من 700 ألف مستوطن، ما يجعل الواقع السياسي والديمغرافي يختلف الآن عمّا كان عليه في الانتفاضتين الأولى والثانية، حيث يبدو الصراع الآن وكأنه بين المستوطنين الذين يدعمهم جيش الاحتلال وبين الفلسطينيين، وبعد اتجاه إسرائيل أكثر نحو التطرّف والعنصرية، وما يحرك حكومتها اعتقادها أنها أمام فرصة تاريخية لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه من أهدافها حتى الآن جرّاء الضعف والانقسام والتيه الفلسطيني، وعدم تحمّل القيادة أولًا والقوى ثانيًا لمسؤولياتها، وتغليب مصالحها الفردية والفئوية على المصلحة العامة، إضافة إلى وصول الإستراتيجيات الأحادية الفلسطينية إلى طريق مسدود من دون أن تجرؤ القيادة والقوى الفلسطينية على شق طريق جديد قادر على الحفاظ على القضية الفلسطينية حيّة وفي الصدارة، وتوفير مقومات الصمود والوجود البشري، وإحباط المخططات الإسرائيلية، والحفاظ على ما تبقى من مكتسبات، تمهيدًا للتقدم على طريق الأهداف والحقوق.
حتى خطاب الرئيس على أهمية ما جاء فيه لم يصل إلى حد فتح مسار جديد، بل حاول الجلوس بين كرسيين كلاهما تحت سقف أوسلو:
الحديث عن عدم إمكانية استمرار الأمر الواقع من دون الجرأة على نفض اليد كليًا من "عملية السلام"، بدليل عدم إلغاء الاتفاقيات مع التحذير والتهديد والتلويح بعدم الالتزام بها ما لم تلتزم بها إسرائيل، وعدم إلقاء القنبلة التي هدد بتفجيرها في خطابه، إضافة إلى التمييز بين "إعلان المبادئ" ورسالة الاعتراف التي يُراد الحفاظ عليهما كما فسر الخطاب مستشارو الرئيس والمقربون منه، وبين "بروتوكول باريس الاقتصادي" والترتيبات الأمنية التي يراد تغيير أو تعديل بعض بنودهما تحقيقًا لمبدأ التبادلية.
وبين الحديث عن وقف العمل بالالتزامات دون خطة واضحة، ما يعني إذا استمر الأمر على هذا المنوال أن الهدف محاولة تحسين الوضع مع انتظار نجاح مبادرة جديدة لاستئناف المفاوضات، وهذا لن يحقق في أحسن الأحوال إلا "أوسلو مُحَسّن".
إنّ غموض الخطاب وتناقضه وما يعكسه من غياب الخيارات، قد يؤدي إلى انزلاق الوضع إلى الفوضى من دون قرار، خصوصًا مع إدراك الجميع أن أي مبادرة جدية لإحياء "عملية السلام" الميتة متعذرة بسبب الموقف الأميركي، والعجز الدولي، والضعف والتشرذم الفلسطيني والعربي، وأن أقصى ما يمكن أن يحدث مجرد جولة جديدة من المفاوضات من أجل المفاوضات، وظيفتها التغطية على الموت السريري لما يسمى "عملية السلام" الذي وقع منذ أيار 1999 على الأقل، أي عند انتهاء الفترة المحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي، مع أن هذا الاتفاق مات منذ أن أعلن إسحاق رابين بأن "لا مواعيد مقدّسة"، وتعمق بعد اغتياله عبر تنصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الالتزامات الإسرائيلية فيه.
لم يمنع اللاحسم الفلسطيني إسرائيل من وضع الرئيس بحكم عدم تجاوبه مع شروطها وإملاءاتها تحت دائرة الاستهداف، والشروع في عملية إسقاطه وإيجاد بديل أو بدائل منه.
لقد شكّل رفع العلم وما ينطوي عليه من مغزى انتصارًا للحق الفلسطيني، لكن لا يجب أن يخفي حقيقة ما يحدث من تراجع لمكانة القضية الفلسطينية عالميًا، بدليل سقوطها من كلمات أوباما وبوتين وأولاند، إضافة إلى أن كل ما تقوم به إسرائيل، خصوصًا في القدس وضد الأقصى، لم يؤد سوى إلى صدور بيان من مجلس الأمن يطالب "الطرفين" بضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف والتصعيد.
كما لم تشهد الدورة السنوية للأمم المتحدة – كالعادة - مبادرة دولية أو طرح مشروع قرار، بل حتى المبادرة الفرنسية جمّدت استجابة للرفض الإسرائيلي وانتظارًا لتحقيق الوعد الأميركي بإحياء الجهود لاستئناف المفاوضات بعد الانتهاء من تمرير الاتفاق النووي الإيراني. يضاف إلى ما سبق أن عدد الدول التي صوتت لصالح رفع العلم 119 دولة بينما أيّدت 138 دولة قيام الدولة الفلسطينية، وهذا يعكس التراجع في مكانة القضية رغم أنها لا تزال تحظى بالاهتمام المتزايد لدى الشعوب والرأي العام العالمي.
إن إسرائيل هي التي قتلت ما يسمى "عملية السلام"، ويجب أن تتحمل المسؤولية عن الجريمة، وأن تكون السياسة الفلسطينية البديلة المطالبة بعملية سلام جديدة مختلفة جذريًا، وليس استمرار الرهان رغم كل ما جرى على إحياء "عملية السلام" الميتة، التي يعني إحياؤها عودة الدوامة المدمرة للقضية الفلسطينية.
وحتى تنطلق عملية سلام جديدة لا بد من الكفاح لتغيير حاسم في موازين القوى، والعمل على إحداث تحوّل وتغيير إستراتيجي في كيفية التعامل مع كل الأمور، والانتقال من خانة سلطة الحكم الذاتي المحدود (التي فشلت وستفشل حتمًا لاحقًا بالتحول إلى دولة إذا استمرينا باعتماد نفس السياسات والأدوات والخطط) نحو إستراتيجية وطنية ترتكز على إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرر وطني، وبما يحفظ وحدتها مع الأرض والشعب ووضع البرامج ممكنة التحقيق في كل مرحلة، وصولًا إلى إنجاز الحقوق التاريخية.
وتستند هذه الإستراتيجية إلى وحدة وطنية تضم مختلف ألوان الطيف على أساس شراكة سياسية حقيقية تعطي كل ذي حق حقه، دون إقصاء أو هيمنة أو استئثار أو تفرد ولا تخوين ولا تكفير ولا احتكار للوطنية أو الدين، من خلال العمل على إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير بما يليق بمكانة القضية وكفاح الشعب الفلسطيني وتكون حقًا وقولًا وفعلًا الممثل الشرعي والوحيد له.
كما يتطلب التحول إلى إستراتيجية جديدة وضع السلطة في مكانها الطبيعي كأداة من أدوات المنظمة تخدم الشعب والبرنامج الوطني، لا أن تصبح عبئًا عليهما، وما يقتضيه ذلك من تغيير طبيعة السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، على أساس القناعة بأن إلغاء أوسلو لا يتم عبر خطاب حمّال أوجه، ولا باتخاذ قرارات دون النية أو القدرة على تنفيذها، بل هدف يجب أن تُضع له خطة لتنفيذه تفتح الطريق لعملية كاملة واضحة الهدف منذ البداية، ويتم تطبيقها على مراحل.
يمكن أن يكون ضمن هذه الإستراتيجية البدء بتصعيد المواجهات للاستعمار الاستيطاني العنصري، وتحميل المجتمع الدولي والدول المختلفة مسؤولياتها الجماعية والفردية لمعاقبة إسرائيل على احتلالها واستيطانها وتدفيعها ثمن الاستمرار في ذلك.
على القيادة الفلسطينية أن تتصرف كقيادة للشعب كله وليست قيادة للضفة وقطاع غزة، بما فيها أن تتصرف عمليًا كقيادة لكل المناطق وليس لمناطق (أ) و(ب)، بحيث تتجاوز القيود المجحفة والظالمة المترتبة على اتفاق أوسلو، ولو أدى هذا إلى الاشتباك مع الاحتلال، على أن تقوم الأجهزة الأمنية مع لجان الحراسة الشعبية بالتصدي لاعتداءات المستوطنين.
وعلى الدولة الفلسطينية أن تجسّد نفسها بفرض أمر واقع من دون انتظار تصريح أو اتفاق، بما في ذلك ممارسة سلطتها في مناطق (ج) من خلال البناء والاستثمار، وتعزيز صمود القدس، والتصدي للمخططات الرامية إلى استكمال تهويدها وأسرلتها، ووقف التنسيق الأمني التزامًا في البداية بمبدأ التبادلية، وتمهيدًا للتخلي الكلي عنه، ويمكن تغيير بنود الموازنة بحيث تتغير جذريًا بما يستجيب للاحتياجات والأولويات والمصالح الفلسطينية العامة، فمثلًا يمكن تقليل حصة الأمن المتضخمة جدًا بالتدريج وزيادة حصة الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي ومكافحة البطالة والفساد وسوء الإدارة والمحسوبية، وتحسين الأداء، ووقف استيراد المحروقات من إسرائيل، خصوصًا أن "بروتوكول باريس" لا يلزمنا بذلك، ووقف اتفاقية الغاز، ومحاسبة الإسرائيليين المعتدين أو حتى المرتكبين للجرائم المختلفة، بما فيها مخالفات السير في المناطق المفترض أن تكون تحت السيطرة الفلسطينية.
كما يمكن تعزيز ودعم المقاومة الشعبية، وتبني المقاطعة، وتفعيل الانضمام إلى المؤسسات الدولية، خصوصًا محكمة الجنايات الدولية، والقرارات الدولية الصادرة لصالح الفلسطينيين، بما فيها وعلى رأسها الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
قد يقول قائل إن إسرائيل لن تسمح بتحول السلطة من سلطة تنسيق أمني إلى سلطة مقاومة أو مجاورة للمقاومة، وهذا يعني المواجهة. نعم، هذا ممكن، فالمواجهة ليست اختيارية بل مفروضة على الفلسطينيين، مع ضرورة أن تكون محسوبة وضمن إستراتيجية ومرجعية وطنية واحدة، وضرورية إذا أرادوا التحرر والعودة والاستقلال وهزيمة وتفكيك المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري، وهذا قد يؤدي إلى انهيار السلطة، الأمر الذي تخشاه إسرائيل إذا استمرت السلطة كما هي عليه حتى الآن.
لكن هناك فرق بين أن تُحل السلطة ليحل محلها الفراغ والمجهول الذي يمكن أن تملأه إسرائيل بإعادة ترتيب الحكم الذاتي الفلسطيني كما أعلن موشيه يعالون، وبين انهيار السلطة في سياق بلورة بدائل فلسطينية وطنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، إذ تحل في هذه الحالة المنظمة بمؤسساتها التي يشارك فيها الجميع واللجان الشعبية والقيادة الموحدة على مستوى الوطن وفي كل منطقة محل السلطة، إذ لا يخشى المواطن من أن انهيار السلطة يعني انهيار كل شيء، وهذا يفتح طريق الخلاص ويعيد الثقة بين المواطن وقيادته وقواه ومؤسساته.