Haneen
2016-01-20, 11:43 AM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.giffile:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
في هذا الملـــف:
مهزلة الكاميرات !!
حديث صحيفة القدس
انحسار الدور الأمريكي في فلسطين
بقلم: الحسين الزاوي عن صحيفة القدس
هل نحتاج الى كاميرات كي ندافع عن الأقصى؟
بقلم: عزام توفيق أبو السعود عن صحيفة القدس
تفاهمات تصب الزيت على النار
بقلم: طلال عوكل عن الأيام
في سوء أحوال إسرائيل
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
خالف القوانين الدولية
بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
قبضة اليمين المتطرف
بقلم: د. أسامة الفرا عن الحياة الجديدة
أبو مازن.. خطاب الضمير
بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
نقاط على حروف المصالحات الفتحاوية ...
بقلم: يونس العموري عن وكالة معــا
بلفور الأمريكي قادم
بقلم: نعمان فيصل عن وكالة PNN
مهزلة الكاميرات !!
حديث صحيفة القدس
حاول البعض اختصار القضية كلها في قضية المسجد الاقصى، واعتقد هؤلاء ان التهدئة تبدأ اساسا من هناك، وفي هذا السياق توصلوا الى اتفاق لوضع كاميرات مراقبة في الحرم القدسي وقد وصفه وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالممتاز ورحب به رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو.
والغريب انه عندما حاولت هيئة الاوقاف الاسلامية المشرفة على الوضع، نصب كاميرات كما نص الاتفاق، تدخلت اسرائيل ومنعت ذلك بذريعة تؤكد النوايا الخاصة بهذه القضية. قالت اسرائيل ان اي كاميرات او اجراءات داخل الحرم لا بد ان تتم بالاتفاق والتنسيق بين الجهات المعنية ومن هذه الجهات، كما يؤكدون، اسرائيل بالطبع. اي انهم يريدون تأكيد مسؤوليتهم في الحرم بما يتناقض مع اقوالهم التي تدعي عدم تغيير الوضع القائم.
وقضية هذه الكاميرات أثارت تساؤلات كثيرة لدى الرأي العام الفلسطيني شعبيا ورسميا. لماذا هذه الكاميرات اساسا ؟ ولمراقبة من ؟ ومن الذي سيتولى محاسبة اي مخالف ؟ وما فائدتها ما دام نتانياهو يصر على حق اليهود بدخول الاقصى في كل وقت بصفتهم "سياحا وزوارا". ثم ان نائبه وزير خارجية اسرائيل تؤكد علنا انها تتمنى ان ترى اليوم الذي يرتفع فيه علم اسرائيل فوق المسجد الاقصى، وقد نشرت صورا لها وهي تحمل العلم وخلفها قبة الصخرة المشرفة. واكثر من ذلك فان اسفل الحرم القدسي الشريف ومحيطه هما جزء لا يتجزأ منه، واسرائيل تواصل الحفريات بما يهدد بنيان المسجد الاقصى من جذوره، كما انها تعمل على تهويد محيطه بمصادرة المباني واقامة الحدائق التوراتية وغير ذلك الكثير من الممارسات.
ان الكاميرات ليست حلا وهي اقرب ما تكون الى المهزلة السياسية، ولا بد من وقف الاقتحامات وعمليات التهويد من اساسها، كما ان القضية ليست في المسجد الاقصى وحده وانما بالاحتلال اساسا ومساعي تهويد القدس وتهجير أبنائها كما هي المخططات الحالية بخصوص عشرات آلاف الفلسطينيين المقدسيين خلف جدار العزل العنصري. ولا حل إلا بانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ..!!
... إنهم يسارعون الى القتل
ويزرعون المزيد من الحقد والكراهية
منذ بداية الهبة الشعبية الحالية استشهد اكثر من ٦٠ شخصا واصيب المئات، اي بمعدل شهيدين يوميا، ومن بني هؤلاء عدد كبير من الفتيان والفتيات دون العشرين واحيانا اطفال دون الخامسة عشرة من العمر.
وتتولى روايات شهود العيان في كثير من الحالات، ان هؤلاء الضحايا لم يكونوا جميعا يحملون السكاكين ولا كانوا يفكرون في عمليات طعن اساسا .. ولكنهم قتلوا ودفعوا الثمن غاليا، بسبب مسارعة جنود الاحتلال او المستوطنين، الى اطلاق النار حتى بمجرد الشبهة او الشك، واحيانا بدافع الحقد والكراهية فقط.
ولقد شاهدنا، كما شاهد المجتمع الدولي بأسره، حالات اطلاق النار والقتل ضد عدد من الشبان بينما كان بالامكان تجريدهم من السكاكين اليت يحملونها، او اطلاق النار عليهم بدون نية القتل، ومن ثم القاء القبض عليهم. ولكن اطلاق النار في غالبية الحالات كان بهدف القتل فقط .. وقد شاهدنا حالات يتم فيها الاعتداء على الجريح وهو يتخبط بدمائه، او الشهيد الذي فارق الحياة.
قد يقولون انها حالات دفاع عن النفس، ولكن الدفاع عن النفس لا يكون بالقتل فقط، خاصة وان كثيرين من الضحايا هم اطفال وفتيان غاضبون وكل اسلحتهم سكين صغيرة ولا تشكل خطرا لدى مواجهتها بالرشاش او البندقية.
والاخطر في هذه الحالات انها لا تشكل قضايا فرديةعابرة وانما هي تعمق روح الكراهية وتستثير آخرين وتزرع المزيد من العداء في وقت نحن جميعا احوج ما نكون فيه الى من يزرع بذور الامل والتفاهم ونبذ العنف والتوتر.
يجب ان يدركوا في اسرائيل ان سياسة المسارعة الى القتل والانتقام التي يمارسونها سوف تنعكس عليهم سلبا بالدرجة الاولى، ولن تعمل على تهدئة الجانب الفلسطيني او اخافته وانما على تصعيد الغضب لدى شبابه وشاباته والاجيال التي يملأها الاحباط والاستياء من الواقع المؤلم والمستقبل المظلم.
كفى للقتل وكفى لتعميق الكراهية والاحقاد، فقد عانينا جميعا الكثير من ذلك وعلى مدى سنوات طوال، وما نزال.
انحسار الدور الأمريكي في فلسطين
بقلم: الحسين الزاوي عن صحيفة القدس
أحرجت الانتفاضة الفلسطينية الجديدة الكثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، لأسباب عدة لعل من أبرزها انشغال مختلف الأطراف بالملف السوري والحرص الذي يبذلونه من أجل أن تظل الأضواء الكاشفة مصوّبة بشكل كامل نحو سوريا، حتى لا يتشتت التركيز وتضيع «الحقائق» تحت وطأة فوضى الأحداث في المنطقة العربية.
وقد يكون الطرف الأمريكي من أكثر الأطراف تأثراً بتداعيات الأحداث على مستوى القضية الفلسطينية، لأنه منشغل انشغالاً غير مسبوق بملفات عاجلة تتعلق بالتحركات الروسية في المنطقة، وبتطورات العلاقات مع الأطراف الفاعلة في منطقة بحر الصين، وتحديداً في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد فيها السياسة الخارجية الأمريكية تراجعاً غير مسبوق على مستوى قدرتها على التأثير في مسار تطور الأحداث في العالم.
وقد عكس التحرك الدبلوماسي الأمريكي المتأخر والعشوائي مدى حيرة وتخبط موقف واشنطن بالنسبة للتعاطي مع الملف الفلسطيني، وبخاصة بعد تراجع كل الأوراق التي تمتلكها الإدارة الأمريكية بالنسبة لمشاريعها المتعلقة بتسوية ملف النزاع العربي- الإسرائيلي، وسقوط مشروع حل الدولتين في مستنقع التعنت الاسرائيلي. وبدا للكثيرين أن موقف كيري بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، كان بروتوكولياً إلى حد بعيد، وكأن الخارجية الأمريكية وصلت إلى مرحلة الإشباع الكلي وربما اليأس الكامل بالنسبة لما يحدث من تداعيات مأساوية فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، لأنها لم تعد قادرة على تقديم وعود جديدة بشأن موضوع التسوية، ولا تستطيع حتى أن تدعو- بشكل جدي - طرفي النزاع إلى إجراء مفاوضات صورية من أجل تخفيف الاحتقان وكسب المزيد من الوقت، لأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية باتت على الأبواب، وينتظر البيت الأبيض نزيلا ًجديداً بعد أن شارفت العهدة الثانية للرئيس أوباما على الانتهاء.
دعوة كيري الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى وقف العنف كانت شبيهة إلى حد بعيد بصرخة مبحوحة في واد، لأنها بيّنت أن أمريكا لم تستوعب كل التحولات التي طرأت على المنطقة، وقد حاول كيري من خلالها أن يساوي بين الضحية والمعتدي، وذلك على خلاف دول أخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل روسيا التي دعت إلى التعامل مع الجانب الإسرائيلي بوصفه يمثل قوة احتلال ويجب أن يتحمل بالتالي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كل ما يقع في الأراضي الفلسطينية، وعلى خلاف الموقف الفرنسي أيضاً الذي فاجأ الكثيرين عندما دعم الممثل الفرنسي فكرة إنشاء قوة دولية لحماية الأماكن الدينية المقدسة في القدس. وكان واضحاً بالنسبة لنتنياهو أن الفلسطينيين بقيادة حماس والسلطة في رام الله، يتحملون لوحدهم «مسؤولية» دوامة العنف التي تشهدها الأراضي المحتلة؛ وكأن سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين بريئون بشأن كل ما يقع من تجاوزات وانتهاكات في أرض فلسطين.
ومن العجب العجاب أن تسعى «الضحية الأبدية»، التي تروّج لها الدعاية الاسرائيلية منذ نهاية الحرب الكونية الثانية، إلى محاولة إعادة كتابة تاريخ المحرقة اليهودية من أجل تبرئة النازية، من خلال القول إن هتلر فعل ما فعله باليهود استجابة لدعوة مفتي القدس، وصولاً مع نهاية هذا التحليل المتهافت إلى اتهام ما يصفونه ب«التطرف الإسلامي» بالمسؤولية عما حدث ويحدث في الأراضي المحتلة.
ونستطيع أن نزعم في هذا السياق أن تذبذب الموقف الأمريكي بشأن القضية الفلسطينية يعكس صراعاً غير مرئي بين النخب السياسية الأمريكية التي ترى أن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط قد بدأت بالانحسار بشكل فعلي نظراً لتراجع أهمية النفط العربي في معادلة السياسة الأمريكية من جهة، واللوبي اليهودي في أمريكا المدعوم من الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري وجماعة حزب الشاي، والذين ينظرون إلى العلاقة مع إسرائيل بأنها علاقة جد خاصة وملزمة بل ومقدسة بالنسبة للإيديولوجية التي يتبناها المحافظون الجدد من جهة أخرى. ومن غير المستبعد بالتالي في حال فوز الجمهوريين بمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة، أن تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية الأطروحات «الإسرائيلية» بشكل كامل وتلجأ إلى الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل وربما تلجأ أيضاً إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية برمتها وبشكل كامل، مستغلة حالة الضعف العربي المتفاقمة نتيجة الحروب الأهلية المنتشرة هنا وهناك في أماكن عديدة من الجغرافيا العربية؛ وهي الحروب التي من غير المستبعد أن تزداد اشتعالاً من خلال تسريع القوى الغربية من وتيرة نشاطاتها الهادفة إلى تأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية في المنطقة.
ويمكن القول عطفاً على ما سبق إن توقيت الانتفاضة الفلسطينية الجديدة جاء محرجاً للولايات المتحدة بشكل لافت، لأن هذا الحدث الفلسطيني البارز، منعها من التركيز على الملف السوري الذي اتخذ منعطفاً جديداً نتيجة للتدخل العسكري الروسي، الذي يسعى إلى التأثير في معادلة التوازنات بين أطرف الصراع؛ وكأن كيري ومن ورائه الإدارة الأمريكية يريد أن يخاطب أبطال الانتفاضة بالقول: أيها الفلسطينيون، الرجاء عدم الإزعاج إننا منشغلون في سوريا.
هل نحتاج الى كاميرات كي ندافع عن الأقصى؟
بقلم: عزام توفيق أبو السعود عن صحيفة القدس
أسئلة كثيرة راودتني منذ اجتماع كيري ونتنياهو، ومنذ اجتماعات عمان بين الرئيس محمود عباس والعاهل الاردني والمسؤولين الأردنيين، وسمعت تصريح نتنياهو المتعجرف، والمهووس بالغطرسة الاسرائيلية المعهودة، بأنه سيسمح للمسلمين بالصلاة في الحرم الشريف، ولغير المسلمين بالزيارة! وكأن صلاة المسلمين بالحرم تحتاج الى إذن من نتنياهو ! حين سمعت بهذه الكلمات شعرت بقوة نتنياهو بالتلاعب بالألفاظ التي تظهر للعالم كرمه ورغبته في تهدئة الأمور والوصول الى حل الدولتين، وبين أفعاله على الأرض التي تناقض كلماته التي يضحك بها على أمريكا، وعلينا أيضا !
فمن نافذة منزلي أستطيع أن أرى الشارع المقابل والكتل الإسمنتية الضخمة التي تسد الشارع وتجعل حياة سكانه أكثر تعقيدا، ومن نافذة منزلي أستطيع أن أرى طابور السيارات تعطله نقطة تفتيش لحاجز عسكري شرطي جديد مقام قرب مستوطنة "زيتيم" في رأس العامود ، هدفه تعطيل انسياب السير، وتعطيل وصول طلاب المنطقة الى مدارسهم وعودتهم منها، وتنغيص حياة العمال والموظفين الذين يحتاجون الى ساعة على الأقل ليمروا من هذا الحاجز، اضافة الى كونه يعطل وصول المصلين من شرق وجنوب شرق القدس الى المسجد الأقصى، وخاصة كبار السن منهم... ومع ذلك يقول نتنياهو للعالم أنه يسمح للمسلمين بالصلاة في المسجد الأقصى.. أليس في كلامه عهر واضح؟!!
فهل كنا نحتاج لكاميرات إضافية لنعرف من هو المحتل ومن هو الضحية؟
ألم يكف ما وضع من آلاف الكاميرات في أسواق القدس العربية وحاراتها وأزقتها؟
ألم تكفنا وتكفهم صور الكاميرات الشخصية والتلفزيونية وكاميرات الهواتف المحمولة التي تسجل الساعة والدقيقة والثانية لأحداث وثقت عمليات القتل لمن لا ذنب لهم؟
هل بقي أحد لم ير ترك طفلة بريئة أو طفل بريء، أو طالبة مدرسة ، أو ربة بيت، أو عابر سبيل ينزف لمدة ساعة دون أن تنقله سيارة اسعاف إسرائيلية ، أو يسمح لسيارة اسعاف عربية أن تقوم بذلك؟
كم من مرة طلع علينا الناطق بلسان الشرطة أو الجيش الاسرائيلي مدعيا بأنه أو بأنها كانت تحمل سكينا، ثم سحب أقواله بعد أن ينشر فيلم تصادف أنه وثق العملية بكاملها؟
وكم من مرة رأى شهود عيان قتل بريء على يد حرس الحدود أو الشرطة ثم القى بعدها جندي سكينا الى جوار القتيل؟
فهل نحتاج الى كاميرات لنرى ونقتنع بأن الجدار العنصري دمر القدس واقتصادها، وحرم القدس وحرمها الشريف من زواره وعماره ومصليه؟
وهل نحتاج الى كاميرات لنوثق عمليات الإذلال المهين التي يتعرض لها كل من يريد أن يدخل القدس؟
لا يا سادة لا نحتاج الى الكاميرات نحن، ولكنهم يحتاجونها هم ، ومطلوبة لهم لملاحقة من عمر المسجد الأقصى ، ومن فتح المسجد المرواني ، ومن يحمي الأقصى من مصلين ومصليات، ومرابطين ومرابطات!
الى من سيتم بث الصور لو ركبنا كاميرات؟ الى أية عاصمة عربية ، أم الى السلطة الفلسطينية أم الى المسكوبية؟ أنا أعرف لمن سيتم بث الصور، فهلا عرفتم؟
هذا القديم الجديد الذي طلعوا علينا به مجددا، بعد أن ركبوا الكاميرات في معبر رفح.. أين كانت هذه الكاميرات تبث صورها؟ هل كانت تبثها للسلطة الوطنية الفلسطينية؟ أم الى العواصم العربية ؟ أم الى إسرائيل؟ هل سنعود لتجربة المجرب؟ وأين سنجربها هذه المرة؟ أفي مسرى النبي صلى الله عليه وسلم؟!!
والله لن أقول الا ما قاله نلسون منديلا وهو في سجنه للمستعمر المحتل لأرضه... " دع قومي وشأنهم ... إرحل عنهم "
الأقصى في القلب ، وفي بؤبؤ العين وهو مثل الروح في أجسادنا، كما هي الكعبة في عيون وقلوب المسلمين، وكما كنيسة القيامة وكنيسة المهد في عيون وقلوب كل المسيحيين،
رسولنا الكريم قال : " لهدم الكعبة أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم ظلما " فما بال الدماء الزكية الكثيرة التي سالت ، والأرواح التي فاضت الى باريها؟ هل سالت الدماء من أجل أن نركب كاميرات؟!!
لا حول ولا قوة الا بالله!
تفاهمات تصب الزيت على النار
بقلم: طلال عوكل عن الأيام
كان من الطبيعي أن تعبر السلطة والقيادة الفلسطينية عن امتعاضها واعتراضها على التفاهمات الإسرائيلية الأردنية بشأن المسجد الأقصى، فبالإضافة إلى أن الترتيبات التي تم الاتفاق عليها تقصي الطرف الفلسطيني فإنها بحد ذاتها تعطي إسرائيل شرعية متابعة مخططاتها المرحلية تجاه المسجد الأقصى.
نعم تريد إسرائيل في النهاية تدمير المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، ولكنها منذ بعض الوقت تسعى لفرض تقسيم زماني ومكاني يتيح لليهود التواجد داخل حرم المسجد وبالتالي فإن تعهد نتنياهو بأن يحافظ على الوضع القائم، يبدو أنه حماية للمسجد الأقصى من مؤامرة الهدم. على أن التفاهمات تعطي لليهود وهم المقصودون بالزوار الحق في أن يدخلوا المسجد معظم الوقت، فإذا كانت الصلوات الخمس ستستغرق ثماني ساعات بالحد الأقصى، فإنه اليهود بإمكانهم الدخول لست عشرة ساعة في اليوم. بهذا المعنى فإن وجود الكاميرات، سواء كانت بإشراف أردني أو إسرائيلي أو حتى دولي، فإنها ستقدم أدلة على أن المسلمين هم الذين يتعرضون للزوار اليهود، وإلاّ فإن عليهم أن يسكتوا عن استفزازات يتعمد المتطرفون اليهود ممارستها. في كل الأحوال هذا المسجد فلسطيني عربي إسلامي خالص، ولا يجوز إلاّ للفلسطينيين وأشقائهم الأردنيين أن يقرروا حقوق الآخرين تجاهه.
وفي السياق، قد يعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري انه حقق اختراقاً، كان يستحق عناء رحلته الطويلة، لكنه يؤكد المؤكد وهو أن الإدارة الأميركية لا تعمل إلاّ لصالح إسرائيل ولا تتحرك إلاّ على قاعدة حماية أمنها ومصالحها، وهو يعتقد أن سبب الهبة الشعبية، يكمن في الموقف من المسجد الأقصى، فإن تم التفاهم بشأنه تكون الأزمة قد انتهت، ويتحمل الفلسطينيون من وجهة نظره المسؤولية عن استمرار المواجهات.
يعرف كيري وإدارته، ولكنه يتظاهر بأنه لا يعرف بأن أسباب اندلاع الهبة الشعبية، التي قد يكون منشؤها الأول المسجد الأقصى، لكنها هبة في وجه إسرائيل وفي وجه الولايات المتحدة، وفي وجه الرباعية الدولية، والتجاهل العربي، هي هبة تنطوي على صرخة قوية للعالم أجمع، أن يتفهم على نحو موضوعي أسبابها ودوافعها وأهدافها. نعلم قبل أن تنشر وسائل الإعلام، وبدون أن تصدر قرارات أو توصيات من مجلس الشيوخ الأميركي أو من الإدارة، أن الولايات المتحدة ستستخدم وسائل التهديد والضغط على الفلسطينيين، مثلما كانت تفعل دائماً، فهم من وجهة نظرها الطرف الضعيف، والذي عليه أن يقدم تنازلات عند كل أزمة أو خلاف مع الإسرائيليين.
على كل حال لم يطل الأمر كثيراً على تفاهمات عمان حتى عاود المتطرفون اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ورفض الإسرائيليون تركيب الكاميرات من قبل أي طرف آخر، فيما أدلى نتنياهو بتصريح يتحدث فيه عن جبل الهيكل وليس عن المسجد الأقصى.
وخلال حضوره جلسة لجنة الأمن والخارجية في الكنيست طرح نتنياهو مشروعه لسحب الهويات الزرقاء من نحو مئتين وثلاثين ألف فلسطيني في القدس، ما يعني أن إسرائيل ليست في وارد وتخفيف إجراءاتها وعقوباتها الجماعية ضد الفلسطينيين وانها تتمسك بادعاءاتها تجاه القدس كعاصمة أبدية موحدة لها.
في الجلسة ذاتها يؤكد نتنياهو أنه وحكومته ليس مستعداً للبحث مبدئياً في أي تسوية تعطي للفلسطينيين حقوقاً، فهو يعارض فكرة دولة لشعبين ويعارض فكرة دولتين لشعبين ويقول «في هذه الأيام يتوجب علينا السيطرة على كل شبر أرض نراه في مدى النظر». هذا هو نتنياهو وهذه هي إسرائيل دولة احتلالية توسعية، عنصرية، ومتمردة على كل القوانين والأعراف الدولية. نفهم بأن الوقوف على جوهر السياسة الإسرائيلية، وأهدافها، قد لا يتيح للقيادة الفلسطينية المجال للاستدارة الكاملة نحو الصراع ومغادرة كل سياساتها وخياراتها السابقة والحالية، غير أن الوقوف على هذه القناعة، يتطلب استمرار الهبة الشعبية وتوسيع نطاقها بدون عسكرتها، ويتطلب ايضاً اتخاذ خطوات حقيقية ملموسة نحو ترتيب البيت الداخلي ومغادرة حالة الانقسام، وبالإضافة فإن تحقيق الوحدة يؤسس لتفعيل كل طاقات الشعب الفلسطيني في الوطن العربي وفي المهاجر وساحات الاغتراب. وحتى نكون منصفين فإن حركتي حماس وفتح، عليهما التقدم بمبادرات حقيقية، بعيدة عن الحسابات الذاتية، والفصائلية، الأمر الذي سيرفع من مستوى حماس ومشاركة الجماهير الفلسطينية على الانخراط في المواجهات والنضال الوطني بكل متطلباته.
في سوء أحوال إسرائيل
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
بغضّ النظر عما ستسفر عنه المواجهات الحالية مع الاحتلال، وبغض النظر، أيضاً، عما ستتمخض عنه «الجهود» الدولية، وكذلك تلك الإقليمية من نتائج على صعيد محاولات الوصول إلى «تهدئة» سيكون أمرها مرهونا بعوامل لا يمكن التكهن بها، إلاّ أن من الثابت حتى الآن ومنذ الآن أن إسرائيل دخلت في مرحلة جديدة تتسم بالتخبط وانعدام الرؤية في أزمة إرباك غير مسبوقة وتشوش ربما يكون الأول من نوعه منذ عدة عقود إن لم يكن منذ قيامها وحتى الآن.
يعود هذا التشوش والإرباك ـ على ما أعتقد ـ إلى تراكمات أفضت في نهاية الأمر إلى ما أفضت إليه حتى الآن، وهي مرشحة لمزيد من تفاقم سوء أحوال إسرائيل وهي ـ أي التراكمات ـ لن تفضي في المدى المرئي سوى لمزيد من تعمق المأزق وتفاقم الأزمة.
فعلى مدى زمني يزيد على أربعة أو خمسة أعوام سابقة راهنت إسرائيل على ثلاث «مسلّمات» اعتقدت في ضوئها أن «الفرصة التاريخية» لفرض أجندتها قد أصبحت سانحة وفق تصوراتها الفكرية ـ الأيديولوجية، ووفق سياساتها الهادفة لفرض هذه التصورات، ووفق مصالح ومنظور مجموعة الأحزاب والقوى اليمينية واليمينية المتطرفة التي أصبحت تتحكم بالقرار السياسي فيها.
المسلّمة الأولى، هي هشاشة الوضع الداخلي وتعمق وتجذر حالة الانقسام الداخلي وازدياد اعتمادية الفلسطينيين على المساعدات الخارجية وانعدام الفرص الاقتصادية والاجتماعية لديهم، ما أدّى (من وجهة النظر الإسرائيلية) إلى حالة استكانة «تحولت» إلى تسليم بالأمر الواقع أو محدودية الوسائل والأساليب للاحتجاج على واقعهم.
أما المسلّمة الثانية، فهي هذا الحجم الهائل من الدمار الذي وصلت إليه الحالة العربية والحروب التي دمرت دولاً كثيرة ومزقت مجتمعات بكاملها، وهو الأمر الذي يوفر لإسرائيل فرصة نادرة للاستفراد بالفلسطينيين وفرض إرادتها عليهم.
أما المسلّمة الثالثة، فتمثلت في الاعتقاد الإسرائيلي بعجز المجتمع الدولي وافتقاده إلى الرغبة أو الإرادة الكافية بردع إسرائيل، خصوصاً وأن كل «جولات» التحدي التي للمجتمع الدولي بما في ذلك التحدي للإدارة الأميركية لم تؤد إلى ردة فعل رادعة ولو لمرة واحدة، وهو الأمر الذي اعتبرته إسرائيل بمثابة عامل مساعد على المضيّ قدماً في برنامجها الاستيطاني وفي كل سياسات التهويد والنهب التي تمارسها.
انطلاقاً من تصورات إسرائيل لهذه المسلّمات وفي ظل انعدام أية حالة ردع لسياساتها وفي ضوء تحوّل الاحتلال إلى حالة «معتادة» و»هادئة» باشرت إسرائيل بهجوم استيطاني وتهويدي غير مسبوق وتحول المستوطنون إلى رأس حربة في هذا الهجوم.
نقطة التركيز الرئيسية في هذا الهجوم الإسرائيلي الشامل كانت مدينة القدس وتم استحضار الفكر القومي الديني بأكثر نسخه تطرفاً ورجعية وعنصرية فيما يتعلق بالمسجد الأقصى تحديداً. الأمر الذي «حسم» التوجه الإسرائيلي وحوّله إلى خيار «نهائي» هو هذا الانزياح غير المسبوق للجمهور الإسرائيلي نحو المزيد من اليمينية والتطرف والغطرسة، وهذا الفراغ الذي تعيشه إسرائيل للمرة الأولى في تاريخها لجهة وجود معارضة جادة وقيادة بديلة عن الصف القيادي اليميني في إسرائيل.
للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل تتحول المعارضة الفاعلة، من منطقة المركز أو الوسط أو من منطقة ما يسمى باليسار إلى منطقة أقصى اليمين.
المستوطنون هم عنصر التوازن الرئيسي في المعادلة اليمينية القائمة والصراع الحقيقي في إسرائيل في ظل الانزياح الذي أشرنا إليه، هو صراع على الطريق الذي يحقق للمستوطنين أهدافهم وعلى الوسائل التي يتم اعتمادها للسير قدماً في هذا الطريق.
أما الوسط و»اليسار» فليس لديهم على ما يبدو القدرة على مواجهة الشارع المتطرف لأنهم ليسوا على استعداد لمواجهة موجة الجنون القائمة في إسرائيل اليوم، كما لم يكونوا على أي استعداد لمواجهة التطرف الذي يضرب إسرائيل منذ سنوات عديدة.
لهذا فإن خروج إسرائيل من حالة الإرباك التي تعيشها ربما سيؤدي فيما سيؤدي إليه إلى جنون أكبر بكثير من حالة الجنون القائمة.
يستطيع المجتمع الدولي إن رغب وامتلك الإرادة أن يكبح جماح هذا الجنون ويستطيع الوضع الإقليمي إن امتلك الشجاعة أن يردع إسرائيل ويوقفها عند حدود ما قبل الهاوية، ولكن انتظار أن يتم وقف الحالة الهستيرية فيها بدون مثل هذا التدخل هو أمر مستحيل مع الأسف.
خالف القوانين الدولية
بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
مطلق انسان، عندما يتولى منصبا عاما، إن كان في إطار دولته أو على المستوى الدولي، فإنه بات مسؤولا عن اقواله وافعاله. ولا يستطيع التصرف دون ضوابط. لان كل كلمة، لا بل كل حرف ينطق به يتحمل مسؤوليته امام المؤسسة، التي يمثلها او امام شعبه او امام العالم، ارتباطا بموقعه ومسؤولياته.
امين عام الامم المتحدة، بان كي مون، الذي يعتبر رأس الشرعية الدولية، والعنوان الاول لتنفيذ قوانينها او التصدي لمن يتجاوز شرائعها ومواثيقها. ويراقب عبر اجهزة ومؤسسات الاختصاص كل منابرها ومنظماتها في التنفيذ الدقيق والامين لسياساتها الاممية، ويعمل على وحدة الخطاب السياسي والاعلامي للمسؤولين وبيانات المنظمات الاممية جميعها، للحيلولة دون اية اخطاء هنا او هناك تسيء لمكانة المنظمة الاممية. ولا يجوز للجغرافيا السياسية التأثير على الخطاب الاممي، لان ذلك يضرب مصداقيتها ومكانتها الدولية.
لكن الامين العام للامم المتحدة شخصيا خالف المعايير المذكورة آنفا. ففي زيارته الاخيرة للمنطقة، لم يكن موفقا في عكس الموقف الدولي في أكثر من مسألة ادلى بها، حيث ساوى بين الضحية والجلاد أثناء مؤتمراته الصحفية مع نتنياهو، وحتى مع الرئيس محمود عباس، وإن استخدم لغة مخففة نسبيا. مع ان كلمته في احتفالية الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة الدولية في مدينة رام الله/ مقر ممثلية الامم المتحدة، كانت جيدة، وعكست موقفا مسؤولا في إنصاف الفلسطينيين. لكن بعدما غادر المنطقة، عاد لذات اللغة السلبية، التي لا تتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، منها: اولا- المساواة بين الضحية والجلاد. ثانيا- الربط بين المسجد الاقصى و"جبل الهيكل"، وهو ما يتناغم ويتساوق مع السياسة الاسرائيلية الاميركية. ثالثا- مطالبته الرئيس محمود عباس لقاء نتنياهو، دون إلزام رئيس الحكومة الاسرائيلية بوقف جرائمه على الاقل. رابعا- زيارته المفاجئة، التي جاءت بناءً على إيعاز اميركي؛ كي يمهد لزيارة جون كيري.
الملاحظات الاربع تعكس سياسة خاطئة، لا تتوافق مع موقع ومكانة الامين العام للامم المتحدة. لان بان كي مون، إرتضى التخلي الطوعي عن دوره كرئيس للشرعية الدولية، وتناغم بقصد او من دون قصد مع الرؤية الاسرائيلية، وهو ما انعكس في المواقف المعلنة، التي لم تتوافق مع قوانين الشرعية الدولية، ولا حتى مع بيان مجلس الامن الاخير، الذي اشار للمسجد الاقصى دون ربطه بما يسمى "جبل الهيكل".
إذا كانت موازين القوى الدولية والاقليمية فرضت الخيار الاسرائيلي الاميركي برعاية عملية السلام، واستطاعت الولايات المتحدة تنصيب نفسها، الراعي الاساسي للتسوية السياسية خلال الـ22 عاما الماضية، كان من الاجدر بالسيد كي مون، ان يؤكد في كل صغيرة وكبيرة على مكانة الامم المتحدة، كعنوان اول لحماية الشرعية الدولية ومكانتها الاممية الاولى في التنفيذ الامين لقراراتها ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي. والتقيد بالنصوص غير الملتبسة او المخلة بالقوانين والمواثيق والقرارات الاممية. وهو يعلم قبل غيره، ان الاحتلال هو وليس شيء آخر، عنوان واساس الارهاب الاسرائيلي المنظم، وهو الذي ينتهك مصالح وحقوق الفلسطينيين. وبالتالي لا يجوز باي حال من الاحوال خلط الامور، و"المساواة" بين الضحية، الشعب الفلسطيني، والجلاد دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وكان عليه عدم التساوق مع السياسة الاسرائيلية الاميركية، التي تنادي بالتفاوض من اجل التفاوض، التي تتناقض مع خيار الشرعية الدولية. اضف إلى ان الامين العام للامم المتحدة، حتى لو مورست عليه ضغوط من هنا او هناك، لا يجوز له التخلي عن اللغة السياسية الواضحة، التي تعيد التذكير بالقرارات الاممية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، دون تحميل نفسه اية اعباء إضافية. فهل يعيد الامين العام للامم المتحدة النظر بسياساته الخاطئة؟
قبضة اليمين المتطرف
بقلم: د. أسامة الفرا عن الحياة الجديدة
قرار رئيس حكومة الاحتلال بمنع أعضاء حكومته من دخول المسجد الأقصى يأتي ضمن محاولته لتهدئة النار المشتعلة، والطلب منهم ومن أعضاء الكنيست عدم الإدلاء بأي تصريحات استفزازية تثير حفيظة الفلسطينيين محاولة منه لمنع صب الزيت على النار، ونتنياهو دون سواه من أجبر نائبة وزير خارجيته "تسيفي حطبولي" على التراجع عن أقوالها التي تتمنى فيها أن ترى العلم الاسرائيلي يرفرف على المسجد الأقصى.
فهل يعني ذلك أن نتنياهو تخلص من قبضة اليمن المتطرف؟ وأنه أدرك بعد سنوات طويلة في الحكم والمعارضة بأن عليه مراجعة فلسفته ومعتقداته؟ وهل يمكن لتصرفاته تلك أن تجعل البعض منا يعتقد بأنه بات أقرب للسلام منه للحرب والدمار؟ والأهم هل من الممكن أن ينقلب نتنياهو على اليمين أو بمعنى أدق على ذاته؟
نتنياهو لم يؤمن يوماً بالسلام، وكرس حياته لإجهاض أي تحرك يمكن له أن يفضي إلى سلام في المنطقة، ولعل رئيس بلدية كرميئيل أصاب حين قال إن قتلة اسحق رابين هم اليوم على سدة الحكم في اسرائيل، رابين الذي تمنى أن يصحو من النوم ليجد البحر قد ابتلع غزة أدرك أن حلمه لن يتحقق، وأيقن بعد فشله في المائة يوم التي قطعها على نفسه لإنهاء الانتفاضة الأولى بأن أمن اسرائيل لن يتحقق على أنقاض الحلم الفلسطيني، لذلك سارع إلى التخلص من الأوهام التي عاش في كنفها قادة الاحتلال، وشق طريقه بمعزل عن اليمين الاسرائيلي المتطرف، كان هو الأقرب لتحقيق سلام في المنطقة، لم تتركه قبضة اليمين يمضي في طريقه، يخطئ من يعتقد أن شاباً "مخبولاً" هو من أطلق الرصاص عليه، منظومة اليمين في اسرائيل هي من أعدت لاغتياله وأشرفت على تنفيذه.
نتنياهو ليس خليفة رابين ولم يكن يوماً من رفاقه، تعلم من سلفه اسحق شامير بأن المفاوضات مع الفلسطينيين هي من أجل المفاوضات، وتفوق على استاذه حين جعل عجلة المفاوضات تسير بالمنطقة إلى الخلف، وهو يعلم أكثر من غيره أن اليمين المتطرف يمسك بتلابيب دولة الاحتلال، لم يحاول يوماً الانعتاق من قبضته بقدر ما استهواه دور "المايسترو" له، هو من يحدد ايقاع العمل ويجيد توزيع الأدوار للعازفين على وتر التطرف، ونجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن ما ينتجه نتنياهو لا يتناغم مع واقع المجتمع الاسرائيلي، ذلك المجتمع الذي باتت مكوناته بقبضة اليمين المتطرف، حيث اختفت فيه أصوات دعاة السلام فيما البقية الباقية منها استسلمت لتغول اليمين المتطرف.
نتنياهو بحاجة لأن يخمد النار المشتعلة ليس من خلال معالجة أسبابها بقدر ما يعمل على محاصرة لهيبها، الحراك الشعبي هو من أجبره على التراجع خطوة إلى الوراء، لكنها بالتأكيد لا تأتي ضمن مراجعة للفلسفة التي تحكمه بقدر ما تحمله من إعادة تموضع ضمن سيناريو لعملية خداع جديدة يحرص أن يكون "للكومبارس الأميركي" مساحة فيه، والحقيقة أنه ممثل بارع يجيد دور بطولتها، لكن ما يفسد عليه ذلك أن مسرحيته الهزلية لم تعد تنطلي على شبل فلسطيني.
أبو مازن.. خطاب الضمير
بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
خطاب مبادئ وقواعد ومعادلات والضلع الرابع فيه الحق، بهذا يمكن وصف خطاب الرئيس ابو مازن امام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة امس الأربعاء.
خطاب قائد وزعيم انساني متحرر من مفردات العدائية والدم و(السيف للأبد)، منسجم مع مقومات الشخصية القيادية السياسية النبيلة، يسمو بلغة القادة لتلامس لغة الفلاسفة والحكماء، لذا كان الاحترام والتعظيم لفلسطين ورئيس شعبها الذي شاهدناه من ممثلي دول العالم بالوقوف والتصفيق لمدة قياسية.
حقوق الانسان تعني، تأمين السلام الفردي والجمعي له، سلام بمعيار ووجه واحد، ليحيا الانسان اينما كان بسلام، فالأصل ان خدمة الانسان تعني ضمان حقوقه التي تمكنه من الحياة بسلام مع نفسه ومع الآخر، وتحريره من الظلم الباعث اصلا على اليأس، سواء كان فرديا او جمعيا او شعبيا، لذا استطاع الرئيس اختراق وجدان من نفترض ايمانهم بشرائع الانسانية الجديدة (حقوق الانسان)، وانار لهم بنبراس الحق، الدرب التي ستمكنهم فعلا من خدمة السلام، أي خدمة عقيدة الانسانية الجديدة والانتصار لها فخاطبهم قائلا: "لا تدفعوا شعبي للمزيد من اليأس كونوا اخوة له في الانسانية، وعوناً له لإحقاق حقوقه، فان فعلتم فإنكم بذلك تخدمون السلام".
ان لم تطفئ النار بالماء، فإنها ستأكل الأخضر بعد اليابس، ان لم تق جسدك فان الأمراض ستفتك بك، ان لم تك مسالما، متحررا من العدائية والعنصرية، فانك ستواجه سبلا غير متوقعة من المظلومين لانتزاع حريتهم، فالسلام يساوي الحرية، الكرامة، السيادة، الحقوق، وهذا ما اكده الرئيس في خطابه بقوله: "إن لم ينعم شعبنا بالحرية والكرامة والسيادة التامة على ترابه الوطني، وفضائه ومياهه وحدوده، فلن ينعم أحد بالسلام والأمن والاستقرار" اذن هي الصيغة الأخرى للتمسك بالمبادئ والقيم النضالية، والصياغة العصرية لمقولة قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات: "السلم يبدأ من فلسطين والحرب تندلع من فلسطين".. فلسطين الحرة، دولة الفلسطينيين المستقلة، ليست ثمنا ولا مكافأة وانما حق تاريخي وطبيعي، والدفاع عنه او انتزاعه عندما يتعرض لسرقة تاريخية كبرى ليس تعليما او دروسا نتلقاها وحسب، بل دماء تجري في عروقنا، تغذي ادمغتنا بمكونات ثقافية رضعناها من حليب امهاتنا اللواتي نبتن من تربة هذه الأرض الطيبة المقدسة، والانسان الوفي لا يخذل امه الطبيعية (الأرض) وانما يدافع عنها من اجل السلام والخير والحياة الكريمة لها، فالأم تعرف أبناءها وتحبهم، وهم يحبونها بلا حدود من هنا قال الرئيس: "أمهاتنا ربيننا منذ الطفولة على الصمود والكرامة، سنستمر في دفاعنا عن شعبنا وقضيتنا بكل الوسائل السلمية والقانونية والسياسية".
ما كنت انتظره من الرئيس الانسان محمود عباس قد تجلى بأبهى صوره، فيما نسمعه يخاطب ضمائر المجتمع الاسرائيلي عموما، واصحاب الفكر والرأي والسياسة خصوصا، سمعناه وهو يقدم لهم علاجا واقعيا، حقيقيا، للشفاء من وباء (النظام الصهيوني اليهودي) العنصري الاستيطاني الارهابي الذي حولهم بنظر العالم من ضحية الى جلاد، فالرئيس الذي وضع حرية شعبه واستقلاله وسيادته في المقام الأول من اهداف نضاله، لم يغفل عن فكرة تحرير المجتمع الاسرائيلي أيضا من سياسة ومفاهيم وجرائم قادته، فقدم لهم معادلة بسيطة، ليستطيع كل فرد في اسرائيل قراءتها وفهمها والعمل على تطبيقها، فالرئيس الفلسطيني الذي حمل امانة ارواح مئات آلاف الضحايا الفلسطينيين، نراه وقد حمل امانة تحرير الاسرائيليين من وهم التفوق والسيطرة بقوة الاحتلال وارهاب المستوطنين، وهذا ادراك منه بأن السلام القائم على الاقرار والاقتناع بحق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وعاصمته القدس خير وابقى، لذا خاطبهم: "أتوجه بدعوة صادقة لأبناء الشعب الإسرائيلي، وأدعوهم لسلام قائم على الحق والعدل، الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع، بما يكفل لشعبي حقوقه وحريته وكرامته الإنسانية، وأقول لأصحاب الفكر والرأي والساسة في المجتمع الإسرائيلي، بأن السلام في المتناول، والمعادلة بسيطة، وهي أن تقوم دولتكم بإنهاء احتلالها لأرضنا، وأن تتوقف آلة البطش العسكرية عن التنكيل بشعبنا، ووضع حد لهذا الاستيطان الاستعماري وللممارسات الإجرامية للمستوطنين، وبذلك سننعم جميعاً بالسلام والأمن والاستقرار". فهل من خارطة طريق اسهل واقصر واوضح من هذه المعادلة التي يتجلى فيها النبل في الصراع ؟!.
يعلم قائد حركة التحرر الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني، ان الشباب هم دينامو أي ثورة، ومستقبلها، وان آمالهم تكبر باطراد كلما كان السلام اقرب اليهم، وانهم لا يعجزون عن ابداع الوسائل لانتزاع حريتهم، فشباب اليوم هم الأكثر قدرة على التواصل رغم تنوع ثقافتهم، واعراقهم، وجنسياتهم، وسياسات بلدانهم المتناقضة، بإمكانهم التأثير، ولكن بالاتجاه الصحيح، حيث يجب خدمة السلام والانتصار للإخوة في الانسانية.
قال الرئيس الحكيم ابو مازن: "لا شيء أسوأ من اليأس وانعدام الأمل وعدم الثقة في الحاضر والمستقبل، إن شبابنا أيها الجيران، يطمحون إلى العيش في ظل أجواء من الحرية والكرامة ليبنوا مستقبلهم وحياتهم الإنسانية في ظل بيئة آمنة ومواتية، فهم تماماً مثل أبنائكم، لهم آمالهم وأحلامهم بغد مستقر وآمن، فاحتلالكم لأرضنا هو منتهى الظلم، وهو سبب كل المآسي التي يعيشها شعبنا، وهو الذي يُبقي منطقتنا وشعوبها تدور في هذه الدوامة من العنف، فنحن لا نريد العنف، ولكن استمرار الاحتلال يؤدي إلى توسيع دائرة العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء، وهذا ما لا نريده "فهل يسمع شباب اسرائيل هذا النداء، وهل يسمع الآباء والامهات في اسرائيل صوت الضمير الفلسطيني وهو يخاطبهم بهذه العقلانية والنبل والحكمة؟!. ليتهم يسمعون ولا يسمحون للكذابين المتغطرسين المنفوخين بعقدة العنصرية، المستوطنين، جنرالات الحرب والمتكسبين منها، والمافيات المتاجرة بدماء وأمن اليهود في العالم، على رأسهم المشتغلون على تحويل الصراع الى ديني، عليهم ألا يسمحوا لهؤلاء ان يأخذوهم الى مآسٍ اخرى، فالسلام وحده هو الفسحة الفريدة الوحيدة للعيش بأمان، اما الاحتلال فإنه الوصفة السحرية للعنف واراقة الدماء التي لا نريد رؤيتها تسيل في الشوارع ابدا".
نقاط على حروف المصالحات الفتحاوية ...
بقلم: يونس العموري عن وكالة معــا
انه وفي ظل الواقع الفلسطيني الراهن، وفي ظل الهبة الشعبية الجماهيرية التي باغتت الجميع وكانت المفاجأة للكل الوطني وتحديدا للقيادة الرسمية على مختلف مشاربها ومنابعها الايدلوجية ولإطياف الحركة الوطنية وعلى وجه الخصوص لقيادة حركة فتح، التي تجد نفسها عاجزة عن مواكبة الحدث، والتقاط اللحظة التاريخية التي اطلقتها جماهير الاراضي الفلسطينية المحتلة، وامام هكذا وقائع، طالعتنا العديد من وسائل الاعلام وتحديدا الالكترونية منها عن مبادرة من قبل أسرى حركة "فتح" في سجون الاحتلال ، حيث انهم ومن خلال بيان لهم، دعا قيادة الحركة على العمل لإعادة "فتح" لواجهة المشهد مرة أخرى من خلال إجراء مصالحه داخلية والتوحد لمواجهة ما يتعرض له شعبنا على يد المحتل، مؤكدين على قوة أبناء الحركة في السجون الإسرائيلية وقوة جبهتها الداخلية.
وامام هذه المبادرة التي لا نشكك بالمطلق بحقيقتها وبحسن الظن بمنطلقاتها، واهدافها وابعادها، خاصة وانها قد جاءت من هؤلاء القابعين في سجون الاحتلال والذين يراقبوان وقائع الحركة وهم الأكثر تأثرا بواثع الشرذمة المنعكس على اداء فتح، وبالتالي عدم اضطلاعها بدورها وبمسؤولياتها التي يفترض انها تاريخية، وبالتالي نعم لابد من اجراء مصالحات ما بين اقطاب وامراء فتح، الا ان السؤال المكرر لذاته، عن اي مصالحات نتحدث ..؟؟
وفي هذا السياق نلاحظ انه ومرة اخرى تجد حركة فتح نفسها امام استحقاق من نوع جديد واخر، وهو الإستحقاق الذي بدأ البعض بالتنظير له وصولا لجعله مادة اساسية من مواد السجال الفتحاوي الراهن، بالإضافة للكثير من الملفات الأخرى والتي تعصف بها الساحة الفتحاوية حاليا، ولعل ما يسمى بضرورة اجراء المصالحات المحورية ما بين اقطاب حركة فتح سيذهب بفتح الى وقائع جديدة، من اهمها الكثير من التساؤلات والاستفسارات والتي تأتي على شكل اطروحات فكرية سياسية .. حيث التساؤل الابرز يتمثل بكون ان هذه المصالحات ربما ستكون على حساب ادبيات وثوابت ورؤى فتح، الا اذا ما اعتبرنا ان الخلافات الفتحاوية خلافات شخصية بالأساس وهو ما لا نستطيع تثبيته والإعتداد به على اعتبار ان هذه الخلافات بجوهرها ما هي الا نتيجة طبيعية لتضارب المصالح اولا لقادة فتح وما يمثلون (اذا ما جاز التعبير)، ولتضارب المناهج السياسية ثانيا، وهل هذه هذه الدعوات للمصالحة تأتي في سياق التنازع والتصارع على قيادة الحركة ..؟؟ ومحاولة خطفها او اختطافها وجرها الى اماكن اخرى غير اماكنها الطبيعية للتصدى لمهمات من نوع اخر وجديد .. ؟؟ بهدف تمرير الحل السياسي التسووي الذي اصبح بشكل او بأخر احد المهمات الملصقة والمتبعة بفتح قسريا وكأن المسألة التسووية قد اصبحت محتكرة من قبل فتح، وهو ما يسيء وبشدة لحركة بحجم فتح وبتاريخ فتح، الأمر الذي يعني برمجة فتح وفقا لملف تفاوضي ليس اكثر، وممارسة فنون العملية السياسية دون اي إسناذ فعلي من قبل الحركة الجماهيرية الشعبية بما يتوافق وقوانين فعل التحرر من الاحتلال، بل اننا بتنا نسمع الكثير من الاطروحات التي صارت تنادي بضرورة تغير المعالم البنيوية الاساسية في فتح ... واعتقد ان المناخ السياسي الراهن يتسم بضغوط دولية ومكثفة على فتح وقادتها ليقوموا بإخلاع فتح ثوبها الحقيقي وذلك من خلال الكثير من البوابات ...
ان هذه المصالحات التي حتما سـتأتي مع اطراف فتحاوية لها وجهات نطر متناقضة ومتضاربة وفتح ذاتها .... والسؤال الذي يطرح مرارا وتكرارا ما هو مستقبل حركة فتح نتيجة انقساماتها وصراعاتها الداخلية وأزمة القيادة وأزمة الرؤية إضافة إلى هزيمتها "التاريخية" امام حماس في الإنتخابات التشريعية ...؟ وأين هي هذه الحركة التي قادت الشعب أكثر من (4) عقود، هل هي شرائح اجتماعية متناثرة أم تنظيم لجسم هلامي أم مؤسسة حقيقية ولكنها لم تنهض من "الهزيمة"؟ يمكن القول ان هناك أزمة قيادة في حركة فتح، وفي هذا السياق لابد من الإعتراف ان القيادة تخلقها بالأساس المهمات التي تناط بها وفقا وانسجاما والبرامج السسياسية والكفاحية المتوافق عليها بشكل جماعي إجماعي، وحينما تفقد فتح برامجها الإجماعية فحتما ستصاب القيادة بشيء من العجز وهو ما نشهده بالظرف الراهن .... والأهم من كل هذا .... مصالحات مع من ..؟؟ وما هي طبيعة الخلافات بين قادة فتح وامراءها ..؟؟ اعتقد ان المسألة تتمحور ما بين مناهج متضاربة متصارعة بالجسم الفتحاوي ... والقائد او القيادة هنا جزء من فعل الصراع على رأس فتح، وحركة كفتح لا يمكن ان تنهض دون مواجهة ومجابهة نقدية فعلية ما بين قادتها لغربلة الأطروحة السياسية والبرامجية لقادتها وفتح لا يمكن ان تستوي امورها من خلال عقد المصالحات بين القادة بشيء من التنازلات وبناء تحالفات ائتلافية تخدم مرحلة ما بعد المصالحة للعبور الى مجمع المؤتمر السابع ... حيث ان القيادة الراهنة (التي تتصدر فتح )من الواضح انها ليست محاربة وليست زعامتية بالمفهوم القيادي بل هي نسيج من النخبة التقليدية تمارس مهمة وظيفية في مرحلة قد تكملها أو لا تكملها...... وأمامها مهمة تأمين الوقائع المعيشية للشعب الفلسطيني بالتعاون مع اطراف سياسية مستحدثة على الساحة الفلسطينية لها ارادة اخرى غير ارادتها وهو الملموس والواضح في الأداء الفلسطيني الراهن .... وكأن فتح لها دور محدد ومرسوم بالواقع المعاش، يتلخص بمنح الشرعيات من جهة وتوفير شبكات الأمان لمحترفي الفعل السياسي الدبلوماسي حسب نصوص ومفاهيم النظام العالمي الجديد.
ان إجرء المصالحات الداخلية ما بين اقطاب حركة فتح لابد ان تتم على اسس عملية وواقعية، الأمر الذي يعني ان حركة فتح عليها اعادة انتاج خطابها وبرامجها واصلاح أطرها التنظيمية واعادة الحيوية لمؤسساتها وأجهزتها وتجديد لوائحا وتفعيل كادرها وعناصرها وبرمجة نشاطاتها وفعالياتها على اسس عملية التحرير والتحرر وكل ذلك لابد من يرتبط بالإجابة على السؤال الأهم من قبل قادة فتح ومؤسساتها التشريعية، هذا السؤال الذي لابد من ان تجيب عليه فتح حتى يتم تحديد المسار الفعلي لهذه الحركة وهو السؤال الذي من خلاله ستكون اعادة رسم الخارطة الوجودية لفتح وعليه ستتم المصلحات ومن قبلها الإصلاحات. وهو السؤال المرتبط ايضا بتحديد اليات واساليب ووسائل عمل فتح بالظرف الراهن وعلى المدى المنظور بل ان هذا السؤال سيحدد ايضا مصير المصالحات، وعلى أي الأسس ستقوم .. حيث لابد من ان توصف فتح طبيعة المرحلة ومفاهيمها . بمعنى لابد لفتح من ان تجيب على تساؤل ما هية المرحلة بنظرها وهل هي مرحلة تحرر وطني ام انها مرحلة بناء السلطة على طريق بناء الدولة فقط لاغير ...؟؟ بمعنى ان على فتح ان تواجه المرحلة بتحديد مفاهيمها من وجهة نظرها وبالتالي مواجهتها لمتطلبات المرحلة ومجابهة تداعياتها وعلى مختلف المستويات والصعد ... وعدا ذلك تأتي الدعوة للمصالحات في فتح وكأنها محاولات لإعادة انتاج قيادة فتحاوية من الممكن بلورتها لإهداف انتخابية ليس أكثر ....
بلفور الأمريكي قادم
بقلم: نعمان فيصل عن وكالة PNN
رغم مرور قرابة القرن على وعد بلفور، وعصر العولمة، وتراجع النفوذ الاستعماري ومؤسسات حقوق الإنسان، واندحار العنصرية إلا أن ثقافة السيطرة وانتهاك الحقوق لم تفارق العقلية التي تتحكم في مصائر الشعوب المضطهدة، والتي يشكل الشعب الفلسطيني أبرز صورها، من خلال استخدام وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” لأول مرة مصطلح (جبل الهيكل) في إشارة إلى تأكيد حق إسرائيل في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وهو ما يمكن اعتباره (وعد بلفور جديد).
وإذا ما بقي العرب والمسلمون على حالهم من التشتت والاقتتال وتدمير الذات، فإن بلفور الأمريكي قادم لا محالة، وما يحدث الآن في بلدان عدة من الدول العربية إلا مقدمة لهذا البلفور الأمريكي سليل بلفور البريطاني.
وهكذا يتناسخ وعد بلفور، وتتداوله أيدي اللاعبين من عصر إلى آخر، وفي جو ملائم وبيئة متشابهة للوعد الأول، ويتكرر مشهد الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي كلما جاء وقت التنفيذ للوعد، وكأنها لعبة استعمارية موروثة، يورثها الاستعمار لبعضهم البعض، ونورث نحن الانقسام لأحفادنا، فما آن لنا أن نفهم الدرس، ونتعظ من حوادث التاريخ؟.
في هذا الملـــف:
مهزلة الكاميرات !!
حديث صحيفة القدس
انحسار الدور الأمريكي في فلسطين
بقلم: الحسين الزاوي عن صحيفة القدس
هل نحتاج الى كاميرات كي ندافع عن الأقصى؟
بقلم: عزام توفيق أبو السعود عن صحيفة القدس
تفاهمات تصب الزيت على النار
بقلم: طلال عوكل عن الأيام
في سوء أحوال إسرائيل
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
خالف القوانين الدولية
بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
قبضة اليمين المتطرف
بقلم: د. أسامة الفرا عن الحياة الجديدة
أبو مازن.. خطاب الضمير
بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
نقاط على حروف المصالحات الفتحاوية ...
بقلم: يونس العموري عن وكالة معــا
بلفور الأمريكي قادم
بقلم: نعمان فيصل عن وكالة PNN
مهزلة الكاميرات !!
حديث صحيفة القدس
حاول البعض اختصار القضية كلها في قضية المسجد الاقصى، واعتقد هؤلاء ان التهدئة تبدأ اساسا من هناك، وفي هذا السياق توصلوا الى اتفاق لوضع كاميرات مراقبة في الحرم القدسي وقد وصفه وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالممتاز ورحب به رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو.
والغريب انه عندما حاولت هيئة الاوقاف الاسلامية المشرفة على الوضع، نصب كاميرات كما نص الاتفاق، تدخلت اسرائيل ومنعت ذلك بذريعة تؤكد النوايا الخاصة بهذه القضية. قالت اسرائيل ان اي كاميرات او اجراءات داخل الحرم لا بد ان تتم بالاتفاق والتنسيق بين الجهات المعنية ومن هذه الجهات، كما يؤكدون، اسرائيل بالطبع. اي انهم يريدون تأكيد مسؤوليتهم في الحرم بما يتناقض مع اقوالهم التي تدعي عدم تغيير الوضع القائم.
وقضية هذه الكاميرات أثارت تساؤلات كثيرة لدى الرأي العام الفلسطيني شعبيا ورسميا. لماذا هذه الكاميرات اساسا ؟ ولمراقبة من ؟ ومن الذي سيتولى محاسبة اي مخالف ؟ وما فائدتها ما دام نتانياهو يصر على حق اليهود بدخول الاقصى في كل وقت بصفتهم "سياحا وزوارا". ثم ان نائبه وزير خارجية اسرائيل تؤكد علنا انها تتمنى ان ترى اليوم الذي يرتفع فيه علم اسرائيل فوق المسجد الاقصى، وقد نشرت صورا لها وهي تحمل العلم وخلفها قبة الصخرة المشرفة. واكثر من ذلك فان اسفل الحرم القدسي الشريف ومحيطه هما جزء لا يتجزأ منه، واسرائيل تواصل الحفريات بما يهدد بنيان المسجد الاقصى من جذوره، كما انها تعمل على تهويد محيطه بمصادرة المباني واقامة الحدائق التوراتية وغير ذلك الكثير من الممارسات.
ان الكاميرات ليست حلا وهي اقرب ما تكون الى المهزلة السياسية، ولا بد من وقف الاقتحامات وعمليات التهويد من اساسها، كما ان القضية ليست في المسجد الاقصى وحده وانما بالاحتلال اساسا ومساعي تهويد القدس وتهجير أبنائها كما هي المخططات الحالية بخصوص عشرات آلاف الفلسطينيين المقدسيين خلف جدار العزل العنصري. ولا حل إلا بانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ..!!
... إنهم يسارعون الى القتل
ويزرعون المزيد من الحقد والكراهية
منذ بداية الهبة الشعبية الحالية استشهد اكثر من ٦٠ شخصا واصيب المئات، اي بمعدل شهيدين يوميا، ومن بني هؤلاء عدد كبير من الفتيان والفتيات دون العشرين واحيانا اطفال دون الخامسة عشرة من العمر.
وتتولى روايات شهود العيان في كثير من الحالات، ان هؤلاء الضحايا لم يكونوا جميعا يحملون السكاكين ولا كانوا يفكرون في عمليات طعن اساسا .. ولكنهم قتلوا ودفعوا الثمن غاليا، بسبب مسارعة جنود الاحتلال او المستوطنين، الى اطلاق النار حتى بمجرد الشبهة او الشك، واحيانا بدافع الحقد والكراهية فقط.
ولقد شاهدنا، كما شاهد المجتمع الدولي بأسره، حالات اطلاق النار والقتل ضد عدد من الشبان بينما كان بالامكان تجريدهم من السكاكين اليت يحملونها، او اطلاق النار عليهم بدون نية القتل، ومن ثم القاء القبض عليهم. ولكن اطلاق النار في غالبية الحالات كان بهدف القتل فقط .. وقد شاهدنا حالات يتم فيها الاعتداء على الجريح وهو يتخبط بدمائه، او الشهيد الذي فارق الحياة.
قد يقولون انها حالات دفاع عن النفس، ولكن الدفاع عن النفس لا يكون بالقتل فقط، خاصة وان كثيرين من الضحايا هم اطفال وفتيان غاضبون وكل اسلحتهم سكين صغيرة ولا تشكل خطرا لدى مواجهتها بالرشاش او البندقية.
والاخطر في هذه الحالات انها لا تشكل قضايا فرديةعابرة وانما هي تعمق روح الكراهية وتستثير آخرين وتزرع المزيد من العداء في وقت نحن جميعا احوج ما نكون فيه الى من يزرع بذور الامل والتفاهم ونبذ العنف والتوتر.
يجب ان يدركوا في اسرائيل ان سياسة المسارعة الى القتل والانتقام التي يمارسونها سوف تنعكس عليهم سلبا بالدرجة الاولى، ولن تعمل على تهدئة الجانب الفلسطيني او اخافته وانما على تصعيد الغضب لدى شبابه وشاباته والاجيال التي يملأها الاحباط والاستياء من الواقع المؤلم والمستقبل المظلم.
كفى للقتل وكفى لتعميق الكراهية والاحقاد، فقد عانينا جميعا الكثير من ذلك وعلى مدى سنوات طوال، وما نزال.
انحسار الدور الأمريكي في فلسطين
بقلم: الحسين الزاوي عن صحيفة القدس
أحرجت الانتفاضة الفلسطينية الجديدة الكثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، لأسباب عدة لعل من أبرزها انشغال مختلف الأطراف بالملف السوري والحرص الذي يبذلونه من أجل أن تظل الأضواء الكاشفة مصوّبة بشكل كامل نحو سوريا، حتى لا يتشتت التركيز وتضيع «الحقائق» تحت وطأة فوضى الأحداث في المنطقة العربية.
وقد يكون الطرف الأمريكي من أكثر الأطراف تأثراً بتداعيات الأحداث على مستوى القضية الفلسطينية، لأنه منشغل انشغالاً غير مسبوق بملفات عاجلة تتعلق بالتحركات الروسية في المنطقة، وبتطورات العلاقات مع الأطراف الفاعلة في منطقة بحر الصين، وتحديداً في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد فيها السياسة الخارجية الأمريكية تراجعاً غير مسبوق على مستوى قدرتها على التأثير في مسار تطور الأحداث في العالم.
وقد عكس التحرك الدبلوماسي الأمريكي المتأخر والعشوائي مدى حيرة وتخبط موقف واشنطن بالنسبة للتعاطي مع الملف الفلسطيني، وبخاصة بعد تراجع كل الأوراق التي تمتلكها الإدارة الأمريكية بالنسبة لمشاريعها المتعلقة بتسوية ملف النزاع العربي- الإسرائيلي، وسقوط مشروع حل الدولتين في مستنقع التعنت الاسرائيلي. وبدا للكثيرين أن موقف كيري بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، كان بروتوكولياً إلى حد بعيد، وكأن الخارجية الأمريكية وصلت إلى مرحلة الإشباع الكلي وربما اليأس الكامل بالنسبة لما يحدث من تداعيات مأساوية فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، لأنها لم تعد قادرة على تقديم وعود جديدة بشأن موضوع التسوية، ولا تستطيع حتى أن تدعو- بشكل جدي - طرفي النزاع إلى إجراء مفاوضات صورية من أجل تخفيف الاحتقان وكسب المزيد من الوقت، لأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية باتت على الأبواب، وينتظر البيت الأبيض نزيلا ًجديداً بعد أن شارفت العهدة الثانية للرئيس أوباما على الانتهاء.
دعوة كيري الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى وقف العنف كانت شبيهة إلى حد بعيد بصرخة مبحوحة في واد، لأنها بيّنت أن أمريكا لم تستوعب كل التحولات التي طرأت على المنطقة، وقد حاول كيري من خلالها أن يساوي بين الضحية والمعتدي، وذلك على خلاف دول أخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل روسيا التي دعت إلى التعامل مع الجانب الإسرائيلي بوصفه يمثل قوة احتلال ويجب أن يتحمل بالتالي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كل ما يقع في الأراضي الفلسطينية، وعلى خلاف الموقف الفرنسي أيضاً الذي فاجأ الكثيرين عندما دعم الممثل الفرنسي فكرة إنشاء قوة دولية لحماية الأماكن الدينية المقدسة في القدس. وكان واضحاً بالنسبة لنتنياهو أن الفلسطينيين بقيادة حماس والسلطة في رام الله، يتحملون لوحدهم «مسؤولية» دوامة العنف التي تشهدها الأراضي المحتلة؛ وكأن سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين بريئون بشأن كل ما يقع من تجاوزات وانتهاكات في أرض فلسطين.
ومن العجب العجاب أن تسعى «الضحية الأبدية»، التي تروّج لها الدعاية الاسرائيلية منذ نهاية الحرب الكونية الثانية، إلى محاولة إعادة كتابة تاريخ المحرقة اليهودية من أجل تبرئة النازية، من خلال القول إن هتلر فعل ما فعله باليهود استجابة لدعوة مفتي القدس، وصولاً مع نهاية هذا التحليل المتهافت إلى اتهام ما يصفونه ب«التطرف الإسلامي» بالمسؤولية عما حدث ويحدث في الأراضي المحتلة.
ونستطيع أن نزعم في هذا السياق أن تذبذب الموقف الأمريكي بشأن القضية الفلسطينية يعكس صراعاً غير مرئي بين النخب السياسية الأمريكية التي ترى أن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط قد بدأت بالانحسار بشكل فعلي نظراً لتراجع أهمية النفط العربي في معادلة السياسة الأمريكية من جهة، واللوبي اليهودي في أمريكا المدعوم من الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري وجماعة حزب الشاي، والذين ينظرون إلى العلاقة مع إسرائيل بأنها علاقة جد خاصة وملزمة بل ومقدسة بالنسبة للإيديولوجية التي يتبناها المحافظون الجدد من جهة أخرى. ومن غير المستبعد بالتالي في حال فوز الجمهوريين بمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة، أن تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية الأطروحات «الإسرائيلية» بشكل كامل وتلجأ إلى الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل وربما تلجأ أيضاً إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية برمتها وبشكل كامل، مستغلة حالة الضعف العربي المتفاقمة نتيجة الحروب الأهلية المنتشرة هنا وهناك في أماكن عديدة من الجغرافيا العربية؛ وهي الحروب التي من غير المستبعد أن تزداد اشتعالاً من خلال تسريع القوى الغربية من وتيرة نشاطاتها الهادفة إلى تأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية في المنطقة.
ويمكن القول عطفاً على ما سبق إن توقيت الانتفاضة الفلسطينية الجديدة جاء محرجاً للولايات المتحدة بشكل لافت، لأن هذا الحدث الفلسطيني البارز، منعها من التركيز على الملف السوري الذي اتخذ منعطفاً جديداً نتيجة للتدخل العسكري الروسي، الذي يسعى إلى التأثير في معادلة التوازنات بين أطرف الصراع؛ وكأن كيري ومن ورائه الإدارة الأمريكية يريد أن يخاطب أبطال الانتفاضة بالقول: أيها الفلسطينيون، الرجاء عدم الإزعاج إننا منشغلون في سوريا.
هل نحتاج الى كاميرات كي ندافع عن الأقصى؟
بقلم: عزام توفيق أبو السعود عن صحيفة القدس
أسئلة كثيرة راودتني منذ اجتماع كيري ونتنياهو، ومنذ اجتماعات عمان بين الرئيس محمود عباس والعاهل الاردني والمسؤولين الأردنيين، وسمعت تصريح نتنياهو المتعجرف، والمهووس بالغطرسة الاسرائيلية المعهودة، بأنه سيسمح للمسلمين بالصلاة في الحرم الشريف، ولغير المسلمين بالزيارة! وكأن صلاة المسلمين بالحرم تحتاج الى إذن من نتنياهو ! حين سمعت بهذه الكلمات شعرت بقوة نتنياهو بالتلاعب بالألفاظ التي تظهر للعالم كرمه ورغبته في تهدئة الأمور والوصول الى حل الدولتين، وبين أفعاله على الأرض التي تناقض كلماته التي يضحك بها على أمريكا، وعلينا أيضا !
فمن نافذة منزلي أستطيع أن أرى الشارع المقابل والكتل الإسمنتية الضخمة التي تسد الشارع وتجعل حياة سكانه أكثر تعقيدا، ومن نافذة منزلي أستطيع أن أرى طابور السيارات تعطله نقطة تفتيش لحاجز عسكري شرطي جديد مقام قرب مستوطنة "زيتيم" في رأس العامود ، هدفه تعطيل انسياب السير، وتعطيل وصول طلاب المنطقة الى مدارسهم وعودتهم منها، وتنغيص حياة العمال والموظفين الذين يحتاجون الى ساعة على الأقل ليمروا من هذا الحاجز، اضافة الى كونه يعطل وصول المصلين من شرق وجنوب شرق القدس الى المسجد الأقصى، وخاصة كبار السن منهم... ومع ذلك يقول نتنياهو للعالم أنه يسمح للمسلمين بالصلاة في المسجد الأقصى.. أليس في كلامه عهر واضح؟!!
فهل كنا نحتاج لكاميرات إضافية لنعرف من هو المحتل ومن هو الضحية؟
ألم يكف ما وضع من آلاف الكاميرات في أسواق القدس العربية وحاراتها وأزقتها؟
ألم تكفنا وتكفهم صور الكاميرات الشخصية والتلفزيونية وكاميرات الهواتف المحمولة التي تسجل الساعة والدقيقة والثانية لأحداث وثقت عمليات القتل لمن لا ذنب لهم؟
هل بقي أحد لم ير ترك طفلة بريئة أو طفل بريء، أو طالبة مدرسة ، أو ربة بيت، أو عابر سبيل ينزف لمدة ساعة دون أن تنقله سيارة اسعاف إسرائيلية ، أو يسمح لسيارة اسعاف عربية أن تقوم بذلك؟
كم من مرة طلع علينا الناطق بلسان الشرطة أو الجيش الاسرائيلي مدعيا بأنه أو بأنها كانت تحمل سكينا، ثم سحب أقواله بعد أن ينشر فيلم تصادف أنه وثق العملية بكاملها؟
وكم من مرة رأى شهود عيان قتل بريء على يد حرس الحدود أو الشرطة ثم القى بعدها جندي سكينا الى جوار القتيل؟
فهل نحتاج الى كاميرات لنرى ونقتنع بأن الجدار العنصري دمر القدس واقتصادها، وحرم القدس وحرمها الشريف من زواره وعماره ومصليه؟
وهل نحتاج الى كاميرات لنوثق عمليات الإذلال المهين التي يتعرض لها كل من يريد أن يدخل القدس؟
لا يا سادة لا نحتاج الى الكاميرات نحن، ولكنهم يحتاجونها هم ، ومطلوبة لهم لملاحقة من عمر المسجد الأقصى ، ومن فتح المسجد المرواني ، ومن يحمي الأقصى من مصلين ومصليات، ومرابطين ومرابطات!
الى من سيتم بث الصور لو ركبنا كاميرات؟ الى أية عاصمة عربية ، أم الى السلطة الفلسطينية أم الى المسكوبية؟ أنا أعرف لمن سيتم بث الصور، فهلا عرفتم؟
هذا القديم الجديد الذي طلعوا علينا به مجددا، بعد أن ركبوا الكاميرات في معبر رفح.. أين كانت هذه الكاميرات تبث صورها؟ هل كانت تبثها للسلطة الوطنية الفلسطينية؟ أم الى العواصم العربية ؟ أم الى إسرائيل؟ هل سنعود لتجربة المجرب؟ وأين سنجربها هذه المرة؟ أفي مسرى النبي صلى الله عليه وسلم؟!!
والله لن أقول الا ما قاله نلسون منديلا وهو في سجنه للمستعمر المحتل لأرضه... " دع قومي وشأنهم ... إرحل عنهم "
الأقصى في القلب ، وفي بؤبؤ العين وهو مثل الروح في أجسادنا، كما هي الكعبة في عيون وقلوب المسلمين، وكما كنيسة القيامة وكنيسة المهد في عيون وقلوب كل المسيحيين،
رسولنا الكريم قال : " لهدم الكعبة أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم ظلما " فما بال الدماء الزكية الكثيرة التي سالت ، والأرواح التي فاضت الى باريها؟ هل سالت الدماء من أجل أن نركب كاميرات؟!!
لا حول ولا قوة الا بالله!
تفاهمات تصب الزيت على النار
بقلم: طلال عوكل عن الأيام
كان من الطبيعي أن تعبر السلطة والقيادة الفلسطينية عن امتعاضها واعتراضها على التفاهمات الإسرائيلية الأردنية بشأن المسجد الأقصى، فبالإضافة إلى أن الترتيبات التي تم الاتفاق عليها تقصي الطرف الفلسطيني فإنها بحد ذاتها تعطي إسرائيل شرعية متابعة مخططاتها المرحلية تجاه المسجد الأقصى.
نعم تريد إسرائيل في النهاية تدمير المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، ولكنها منذ بعض الوقت تسعى لفرض تقسيم زماني ومكاني يتيح لليهود التواجد داخل حرم المسجد وبالتالي فإن تعهد نتنياهو بأن يحافظ على الوضع القائم، يبدو أنه حماية للمسجد الأقصى من مؤامرة الهدم. على أن التفاهمات تعطي لليهود وهم المقصودون بالزوار الحق في أن يدخلوا المسجد معظم الوقت، فإذا كانت الصلوات الخمس ستستغرق ثماني ساعات بالحد الأقصى، فإنه اليهود بإمكانهم الدخول لست عشرة ساعة في اليوم. بهذا المعنى فإن وجود الكاميرات، سواء كانت بإشراف أردني أو إسرائيلي أو حتى دولي، فإنها ستقدم أدلة على أن المسلمين هم الذين يتعرضون للزوار اليهود، وإلاّ فإن عليهم أن يسكتوا عن استفزازات يتعمد المتطرفون اليهود ممارستها. في كل الأحوال هذا المسجد فلسطيني عربي إسلامي خالص، ولا يجوز إلاّ للفلسطينيين وأشقائهم الأردنيين أن يقرروا حقوق الآخرين تجاهه.
وفي السياق، قد يعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري انه حقق اختراقاً، كان يستحق عناء رحلته الطويلة، لكنه يؤكد المؤكد وهو أن الإدارة الأميركية لا تعمل إلاّ لصالح إسرائيل ولا تتحرك إلاّ على قاعدة حماية أمنها ومصالحها، وهو يعتقد أن سبب الهبة الشعبية، يكمن في الموقف من المسجد الأقصى، فإن تم التفاهم بشأنه تكون الأزمة قد انتهت، ويتحمل الفلسطينيون من وجهة نظره المسؤولية عن استمرار المواجهات.
يعرف كيري وإدارته، ولكنه يتظاهر بأنه لا يعرف بأن أسباب اندلاع الهبة الشعبية، التي قد يكون منشؤها الأول المسجد الأقصى، لكنها هبة في وجه إسرائيل وفي وجه الولايات المتحدة، وفي وجه الرباعية الدولية، والتجاهل العربي، هي هبة تنطوي على صرخة قوية للعالم أجمع، أن يتفهم على نحو موضوعي أسبابها ودوافعها وأهدافها. نعلم قبل أن تنشر وسائل الإعلام، وبدون أن تصدر قرارات أو توصيات من مجلس الشيوخ الأميركي أو من الإدارة، أن الولايات المتحدة ستستخدم وسائل التهديد والضغط على الفلسطينيين، مثلما كانت تفعل دائماً، فهم من وجهة نظرها الطرف الضعيف، والذي عليه أن يقدم تنازلات عند كل أزمة أو خلاف مع الإسرائيليين.
على كل حال لم يطل الأمر كثيراً على تفاهمات عمان حتى عاود المتطرفون اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ورفض الإسرائيليون تركيب الكاميرات من قبل أي طرف آخر، فيما أدلى نتنياهو بتصريح يتحدث فيه عن جبل الهيكل وليس عن المسجد الأقصى.
وخلال حضوره جلسة لجنة الأمن والخارجية في الكنيست طرح نتنياهو مشروعه لسحب الهويات الزرقاء من نحو مئتين وثلاثين ألف فلسطيني في القدس، ما يعني أن إسرائيل ليست في وارد وتخفيف إجراءاتها وعقوباتها الجماعية ضد الفلسطينيين وانها تتمسك بادعاءاتها تجاه القدس كعاصمة أبدية موحدة لها.
في الجلسة ذاتها يؤكد نتنياهو أنه وحكومته ليس مستعداً للبحث مبدئياً في أي تسوية تعطي للفلسطينيين حقوقاً، فهو يعارض فكرة دولة لشعبين ويعارض فكرة دولتين لشعبين ويقول «في هذه الأيام يتوجب علينا السيطرة على كل شبر أرض نراه في مدى النظر». هذا هو نتنياهو وهذه هي إسرائيل دولة احتلالية توسعية، عنصرية، ومتمردة على كل القوانين والأعراف الدولية. نفهم بأن الوقوف على جوهر السياسة الإسرائيلية، وأهدافها، قد لا يتيح للقيادة الفلسطينية المجال للاستدارة الكاملة نحو الصراع ومغادرة كل سياساتها وخياراتها السابقة والحالية، غير أن الوقوف على هذه القناعة، يتطلب استمرار الهبة الشعبية وتوسيع نطاقها بدون عسكرتها، ويتطلب ايضاً اتخاذ خطوات حقيقية ملموسة نحو ترتيب البيت الداخلي ومغادرة حالة الانقسام، وبالإضافة فإن تحقيق الوحدة يؤسس لتفعيل كل طاقات الشعب الفلسطيني في الوطن العربي وفي المهاجر وساحات الاغتراب. وحتى نكون منصفين فإن حركتي حماس وفتح، عليهما التقدم بمبادرات حقيقية، بعيدة عن الحسابات الذاتية، والفصائلية، الأمر الذي سيرفع من مستوى حماس ومشاركة الجماهير الفلسطينية على الانخراط في المواجهات والنضال الوطني بكل متطلباته.
في سوء أحوال إسرائيل
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
بغضّ النظر عما ستسفر عنه المواجهات الحالية مع الاحتلال، وبغض النظر، أيضاً، عما ستتمخض عنه «الجهود» الدولية، وكذلك تلك الإقليمية من نتائج على صعيد محاولات الوصول إلى «تهدئة» سيكون أمرها مرهونا بعوامل لا يمكن التكهن بها، إلاّ أن من الثابت حتى الآن ومنذ الآن أن إسرائيل دخلت في مرحلة جديدة تتسم بالتخبط وانعدام الرؤية في أزمة إرباك غير مسبوقة وتشوش ربما يكون الأول من نوعه منذ عدة عقود إن لم يكن منذ قيامها وحتى الآن.
يعود هذا التشوش والإرباك ـ على ما أعتقد ـ إلى تراكمات أفضت في نهاية الأمر إلى ما أفضت إليه حتى الآن، وهي مرشحة لمزيد من تفاقم سوء أحوال إسرائيل وهي ـ أي التراكمات ـ لن تفضي في المدى المرئي سوى لمزيد من تعمق المأزق وتفاقم الأزمة.
فعلى مدى زمني يزيد على أربعة أو خمسة أعوام سابقة راهنت إسرائيل على ثلاث «مسلّمات» اعتقدت في ضوئها أن «الفرصة التاريخية» لفرض أجندتها قد أصبحت سانحة وفق تصوراتها الفكرية ـ الأيديولوجية، ووفق سياساتها الهادفة لفرض هذه التصورات، ووفق مصالح ومنظور مجموعة الأحزاب والقوى اليمينية واليمينية المتطرفة التي أصبحت تتحكم بالقرار السياسي فيها.
المسلّمة الأولى، هي هشاشة الوضع الداخلي وتعمق وتجذر حالة الانقسام الداخلي وازدياد اعتمادية الفلسطينيين على المساعدات الخارجية وانعدام الفرص الاقتصادية والاجتماعية لديهم، ما أدّى (من وجهة النظر الإسرائيلية) إلى حالة استكانة «تحولت» إلى تسليم بالأمر الواقع أو محدودية الوسائل والأساليب للاحتجاج على واقعهم.
أما المسلّمة الثانية، فهي هذا الحجم الهائل من الدمار الذي وصلت إليه الحالة العربية والحروب التي دمرت دولاً كثيرة ومزقت مجتمعات بكاملها، وهو الأمر الذي يوفر لإسرائيل فرصة نادرة للاستفراد بالفلسطينيين وفرض إرادتها عليهم.
أما المسلّمة الثالثة، فتمثلت في الاعتقاد الإسرائيلي بعجز المجتمع الدولي وافتقاده إلى الرغبة أو الإرادة الكافية بردع إسرائيل، خصوصاً وأن كل «جولات» التحدي التي للمجتمع الدولي بما في ذلك التحدي للإدارة الأميركية لم تؤد إلى ردة فعل رادعة ولو لمرة واحدة، وهو الأمر الذي اعتبرته إسرائيل بمثابة عامل مساعد على المضيّ قدماً في برنامجها الاستيطاني وفي كل سياسات التهويد والنهب التي تمارسها.
انطلاقاً من تصورات إسرائيل لهذه المسلّمات وفي ظل انعدام أية حالة ردع لسياساتها وفي ضوء تحوّل الاحتلال إلى حالة «معتادة» و»هادئة» باشرت إسرائيل بهجوم استيطاني وتهويدي غير مسبوق وتحول المستوطنون إلى رأس حربة في هذا الهجوم.
نقطة التركيز الرئيسية في هذا الهجوم الإسرائيلي الشامل كانت مدينة القدس وتم استحضار الفكر القومي الديني بأكثر نسخه تطرفاً ورجعية وعنصرية فيما يتعلق بالمسجد الأقصى تحديداً. الأمر الذي «حسم» التوجه الإسرائيلي وحوّله إلى خيار «نهائي» هو هذا الانزياح غير المسبوق للجمهور الإسرائيلي نحو المزيد من اليمينية والتطرف والغطرسة، وهذا الفراغ الذي تعيشه إسرائيل للمرة الأولى في تاريخها لجهة وجود معارضة جادة وقيادة بديلة عن الصف القيادي اليميني في إسرائيل.
للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل تتحول المعارضة الفاعلة، من منطقة المركز أو الوسط أو من منطقة ما يسمى باليسار إلى منطقة أقصى اليمين.
المستوطنون هم عنصر التوازن الرئيسي في المعادلة اليمينية القائمة والصراع الحقيقي في إسرائيل في ظل الانزياح الذي أشرنا إليه، هو صراع على الطريق الذي يحقق للمستوطنين أهدافهم وعلى الوسائل التي يتم اعتمادها للسير قدماً في هذا الطريق.
أما الوسط و»اليسار» فليس لديهم على ما يبدو القدرة على مواجهة الشارع المتطرف لأنهم ليسوا على استعداد لمواجهة موجة الجنون القائمة في إسرائيل اليوم، كما لم يكونوا على أي استعداد لمواجهة التطرف الذي يضرب إسرائيل منذ سنوات عديدة.
لهذا فإن خروج إسرائيل من حالة الإرباك التي تعيشها ربما سيؤدي فيما سيؤدي إليه إلى جنون أكبر بكثير من حالة الجنون القائمة.
يستطيع المجتمع الدولي إن رغب وامتلك الإرادة أن يكبح جماح هذا الجنون ويستطيع الوضع الإقليمي إن امتلك الشجاعة أن يردع إسرائيل ويوقفها عند حدود ما قبل الهاوية، ولكن انتظار أن يتم وقف الحالة الهستيرية فيها بدون مثل هذا التدخل هو أمر مستحيل مع الأسف.
خالف القوانين الدولية
بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
مطلق انسان، عندما يتولى منصبا عاما، إن كان في إطار دولته أو على المستوى الدولي، فإنه بات مسؤولا عن اقواله وافعاله. ولا يستطيع التصرف دون ضوابط. لان كل كلمة، لا بل كل حرف ينطق به يتحمل مسؤوليته امام المؤسسة، التي يمثلها او امام شعبه او امام العالم، ارتباطا بموقعه ومسؤولياته.
امين عام الامم المتحدة، بان كي مون، الذي يعتبر رأس الشرعية الدولية، والعنوان الاول لتنفيذ قوانينها او التصدي لمن يتجاوز شرائعها ومواثيقها. ويراقب عبر اجهزة ومؤسسات الاختصاص كل منابرها ومنظماتها في التنفيذ الدقيق والامين لسياساتها الاممية، ويعمل على وحدة الخطاب السياسي والاعلامي للمسؤولين وبيانات المنظمات الاممية جميعها، للحيلولة دون اية اخطاء هنا او هناك تسيء لمكانة المنظمة الاممية. ولا يجوز للجغرافيا السياسية التأثير على الخطاب الاممي، لان ذلك يضرب مصداقيتها ومكانتها الدولية.
لكن الامين العام للامم المتحدة شخصيا خالف المعايير المذكورة آنفا. ففي زيارته الاخيرة للمنطقة، لم يكن موفقا في عكس الموقف الدولي في أكثر من مسألة ادلى بها، حيث ساوى بين الضحية والجلاد أثناء مؤتمراته الصحفية مع نتنياهو، وحتى مع الرئيس محمود عباس، وإن استخدم لغة مخففة نسبيا. مع ان كلمته في احتفالية الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة الدولية في مدينة رام الله/ مقر ممثلية الامم المتحدة، كانت جيدة، وعكست موقفا مسؤولا في إنصاف الفلسطينيين. لكن بعدما غادر المنطقة، عاد لذات اللغة السلبية، التي لا تتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، منها: اولا- المساواة بين الضحية والجلاد. ثانيا- الربط بين المسجد الاقصى و"جبل الهيكل"، وهو ما يتناغم ويتساوق مع السياسة الاسرائيلية الاميركية. ثالثا- مطالبته الرئيس محمود عباس لقاء نتنياهو، دون إلزام رئيس الحكومة الاسرائيلية بوقف جرائمه على الاقل. رابعا- زيارته المفاجئة، التي جاءت بناءً على إيعاز اميركي؛ كي يمهد لزيارة جون كيري.
الملاحظات الاربع تعكس سياسة خاطئة، لا تتوافق مع موقع ومكانة الامين العام للامم المتحدة. لان بان كي مون، إرتضى التخلي الطوعي عن دوره كرئيس للشرعية الدولية، وتناغم بقصد او من دون قصد مع الرؤية الاسرائيلية، وهو ما انعكس في المواقف المعلنة، التي لم تتوافق مع قوانين الشرعية الدولية، ولا حتى مع بيان مجلس الامن الاخير، الذي اشار للمسجد الاقصى دون ربطه بما يسمى "جبل الهيكل".
إذا كانت موازين القوى الدولية والاقليمية فرضت الخيار الاسرائيلي الاميركي برعاية عملية السلام، واستطاعت الولايات المتحدة تنصيب نفسها، الراعي الاساسي للتسوية السياسية خلال الـ22 عاما الماضية، كان من الاجدر بالسيد كي مون، ان يؤكد في كل صغيرة وكبيرة على مكانة الامم المتحدة، كعنوان اول لحماية الشرعية الدولية ومكانتها الاممية الاولى في التنفيذ الامين لقراراتها ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي. والتقيد بالنصوص غير الملتبسة او المخلة بالقوانين والمواثيق والقرارات الاممية. وهو يعلم قبل غيره، ان الاحتلال هو وليس شيء آخر، عنوان واساس الارهاب الاسرائيلي المنظم، وهو الذي ينتهك مصالح وحقوق الفلسطينيين. وبالتالي لا يجوز باي حال من الاحوال خلط الامور، و"المساواة" بين الضحية، الشعب الفلسطيني، والجلاد دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وكان عليه عدم التساوق مع السياسة الاسرائيلية الاميركية، التي تنادي بالتفاوض من اجل التفاوض، التي تتناقض مع خيار الشرعية الدولية. اضف إلى ان الامين العام للامم المتحدة، حتى لو مورست عليه ضغوط من هنا او هناك، لا يجوز له التخلي عن اللغة السياسية الواضحة، التي تعيد التذكير بالقرارات الاممية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، دون تحميل نفسه اية اعباء إضافية. فهل يعيد الامين العام للامم المتحدة النظر بسياساته الخاطئة؟
قبضة اليمين المتطرف
بقلم: د. أسامة الفرا عن الحياة الجديدة
قرار رئيس حكومة الاحتلال بمنع أعضاء حكومته من دخول المسجد الأقصى يأتي ضمن محاولته لتهدئة النار المشتعلة، والطلب منهم ومن أعضاء الكنيست عدم الإدلاء بأي تصريحات استفزازية تثير حفيظة الفلسطينيين محاولة منه لمنع صب الزيت على النار، ونتنياهو دون سواه من أجبر نائبة وزير خارجيته "تسيفي حطبولي" على التراجع عن أقوالها التي تتمنى فيها أن ترى العلم الاسرائيلي يرفرف على المسجد الأقصى.
فهل يعني ذلك أن نتنياهو تخلص من قبضة اليمن المتطرف؟ وأنه أدرك بعد سنوات طويلة في الحكم والمعارضة بأن عليه مراجعة فلسفته ومعتقداته؟ وهل يمكن لتصرفاته تلك أن تجعل البعض منا يعتقد بأنه بات أقرب للسلام منه للحرب والدمار؟ والأهم هل من الممكن أن ينقلب نتنياهو على اليمين أو بمعنى أدق على ذاته؟
نتنياهو لم يؤمن يوماً بالسلام، وكرس حياته لإجهاض أي تحرك يمكن له أن يفضي إلى سلام في المنطقة، ولعل رئيس بلدية كرميئيل أصاب حين قال إن قتلة اسحق رابين هم اليوم على سدة الحكم في اسرائيل، رابين الذي تمنى أن يصحو من النوم ليجد البحر قد ابتلع غزة أدرك أن حلمه لن يتحقق، وأيقن بعد فشله في المائة يوم التي قطعها على نفسه لإنهاء الانتفاضة الأولى بأن أمن اسرائيل لن يتحقق على أنقاض الحلم الفلسطيني، لذلك سارع إلى التخلص من الأوهام التي عاش في كنفها قادة الاحتلال، وشق طريقه بمعزل عن اليمين الاسرائيلي المتطرف، كان هو الأقرب لتحقيق سلام في المنطقة، لم تتركه قبضة اليمين يمضي في طريقه، يخطئ من يعتقد أن شاباً "مخبولاً" هو من أطلق الرصاص عليه، منظومة اليمين في اسرائيل هي من أعدت لاغتياله وأشرفت على تنفيذه.
نتنياهو ليس خليفة رابين ولم يكن يوماً من رفاقه، تعلم من سلفه اسحق شامير بأن المفاوضات مع الفلسطينيين هي من أجل المفاوضات، وتفوق على استاذه حين جعل عجلة المفاوضات تسير بالمنطقة إلى الخلف، وهو يعلم أكثر من غيره أن اليمين المتطرف يمسك بتلابيب دولة الاحتلال، لم يحاول يوماً الانعتاق من قبضته بقدر ما استهواه دور "المايسترو" له، هو من يحدد ايقاع العمل ويجيد توزيع الأدوار للعازفين على وتر التطرف، ونجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن ما ينتجه نتنياهو لا يتناغم مع واقع المجتمع الاسرائيلي، ذلك المجتمع الذي باتت مكوناته بقبضة اليمين المتطرف، حيث اختفت فيه أصوات دعاة السلام فيما البقية الباقية منها استسلمت لتغول اليمين المتطرف.
نتنياهو بحاجة لأن يخمد النار المشتعلة ليس من خلال معالجة أسبابها بقدر ما يعمل على محاصرة لهيبها، الحراك الشعبي هو من أجبره على التراجع خطوة إلى الوراء، لكنها بالتأكيد لا تأتي ضمن مراجعة للفلسفة التي تحكمه بقدر ما تحمله من إعادة تموضع ضمن سيناريو لعملية خداع جديدة يحرص أن يكون "للكومبارس الأميركي" مساحة فيه، والحقيقة أنه ممثل بارع يجيد دور بطولتها، لكن ما يفسد عليه ذلك أن مسرحيته الهزلية لم تعد تنطلي على شبل فلسطيني.
أبو مازن.. خطاب الضمير
بقلم: موفق مطر عن الحياة الجديدة
خطاب مبادئ وقواعد ومعادلات والضلع الرابع فيه الحق، بهذا يمكن وصف خطاب الرئيس ابو مازن امام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة امس الأربعاء.
خطاب قائد وزعيم انساني متحرر من مفردات العدائية والدم و(السيف للأبد)، منسجم مع مقومات الشخصية القيادية السياسية النبيلة، يسمو بلغة القادة لتلامس لغة الفلاسفة والحكماء، لذا كان الاحترام والتعظيم لفلسطين ورئيس شعبها الذي شاهدناه من ممثلي دول العالم بالوقوف والتصفيق لمدة قياسية.
حقوق الانسان تعني، تأمين السلام الفردي والجمعي له، سلام بمعيار ووجه واحد، ليحيا الانسان اينما كان بسلام، فالأصل ان خدمة الانسان تعني ضمان حقوقه التي تمكنه من الحياة بسلام مع نفسه ومع الآخر، وتحريره من الظلم الباعث اصلا على اليأس، سواء كان فرديا او جمعيا او شعبيا، لذا استطاع الرئيس اختراق وجدان من نفترض ايمانهم بشرائع الانسانية الجديدة (حقوق الانسان)، وانار لهم بنبراس الحق، الدرب التي ستمكنهم فعلا من خدمة السلام، أي خدمة عقيدة الانسانية الجديدة والانتصار لها فخاطبهم قائلا: "لا تدفعوا شعبي للمزيد من اليأس كونوا اخوة له في الانسانية، وعوناً له لإحقاق حقوقه، فان فعلتم فإنكم بذلك تخدمون السلام".
ان لم تطفئ النار بالماء، فإنها ستأكل الأخضر بعد اليابس، ان لم تق جسدك فان الأمراض ستفتك بك، ان لم تك مسالما، متحررا من العدائية والعنصرية، فانك ستواجه سبلا غير متوقعة من المظلومين لانتزاع حريتهم، فالسلام يساوي الحرية، الكرامة، السيادة، الحقوق، وهذا ما اكده الرئيس في خطابه بقوله: "إن لم ينعم شعبنا بالحرية والكرامة والسيادة التامة على ترابه الوطني، وفضائه ومياهه وحدوده، فلن ينعم أحد بالسلام والأمن والاستقرار" اذن هي الصيغة الأخرى للتمسك بالمبادئ والقيم النضالية، والصياغة العصرية لمقولة قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات: "السلم يبدأ من فلسطين والحرب تندلع من فلسطين".. فلسطين الحرة، دولة الفلسطينيين المستقلة، ليست ثمنا ولا مكافأة وانما حق تاريخي وطبيعي، والدفاع عنه او انتزاعه عندما يتعرض لسرقة تاريخية كبرى ليس تعليما او دروسا نتلقاها وحسب، بل دماء تجري في عروقنا، تغذي ادمغتنا بمكونات ثقافية رضعناها من حليب امهاتنا اللواتي نبتن من تربة هذه الأرض الطيبة المقدسة، والانسان الوفي لا يخذل امه الطبيعية (الأرض) وانما يدافع عنها من اجل السلام والخير والحياة الكريمة لها، فالأم تعرف أبناءها وتحبهم، وهم يحبونها بلا حدود من هنا قال الرئيس: "أمهاتنا ربيننا منذ الطفولة على الصمود والكرامة، سنستمر في دفاعنا عن شعبنا وقضيتنا بكل الوسائل السلمية والقانونية والسياسية".
ما كنت انتظره من الرئيس الانسان محمود عباس قد تجلى بأبهى صوره، فيما نسمعه يخاطب ضمائر المجتمع الاسرائيلي عموما، واصحاب الفكر والرأي والسياسة خصوصا، سمعناه وهو يقدم لهم علاجا واقعيا، حقيقيا، للشفاء من وباء (النظام الصهيوني اليهودي) العنصري الاستيطاني الارهابي الذي حولهم بنظر العالم من ضحية الى جلاد، فالرئيس الذي وضع حرية شعبه واستقلاله وسيادته في المقام الأول من اهداف نضاله، لم يغفل عن فكرة تحرير المجتمع الاسرائيلي أيضا من سياسة ومفاهيم وجرائم قادته، فقدم لهم معادلة بسيطة، ليستطيع كل فرد في اسرائيل قراءتها وفهمها والعمل على تطبيقها، فالرئيس الفلسطيني الذي حمل امانة ارواح مئات آلاف الضحايا الفلسطينيين، نراه وقد حمل امانة تحرير الاسرائيليين من وهم التفوق والسيطرة بقوة الاحتلال وارهاب المستوطنين، وهذا ادراك منه بأن السلام القائم على الاقرار والاقتناع بحق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وعاصمته القدس خير وابقى، لذا خاطبهم: "أتوجه بدعوة صادقة لأبناء الشعب الإسرائيلي، وأدعوهم لسلام قائم على الحق والعدل، الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع، بما يكفل لشعبي حقوقه وحريته وكرامته الإنسانية، وأقول لأصحاب الفكر والرأي والساسة في المجتمع الإسرائيلي، بأن السلام في المتناول، والمعادلة بسيطة، وهي أن تقوم دولتكم بإنهاء احتلالها لأرضنا، وأن تتوقف آلة البطش العسكرية عن التنكيل بشعبنا، ووضع حد لهذا الاستيطان الاستعماري وللممارسات الإجرامية للمستوطنين، وبذلك سننعم جميعاً بالسلام والأمن والاستقرار". فهل من خارطة طريق اسهل واقصر واوضح من هذه المعادلة التي يتجلى فيها النبل في الصراع ؟!.
يعلم قائد حركة التحرر الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني، ان الشباب هم دينامو أي ثورة، ومستقبلها، وان آمالهم تكبر باطراد كلما كان السلام اقرب اليهم، وانهم لا يعجزون عن ابداع الوسائل لانتزاع حريتهم، فشباب اليوم هم الأكثر قدرة على التواصل رغم تنوع ثقافتهم، واعراقهم، وجنسياتهم، وسياسات بلدانهم المتناقضة، بإمكانهم التأثير، ولكن بالاتجاه الصحيح، حيث يجب خدمة السلام والانتصار للإخوة في الانسانية.
قال الرئيس الحكيم ابو مازن: "لا شيء أسوأ من اليأس وانعدام الأمل وعدم الثقة في الحاضر والمستقبل، إن شبابنا أيها الجيران، يطمحون إلى العيش في ظل أجواء من الحرية والكرامة ليبنوا مستقبلهم وحياتهم الإنسانية في ظل بيئة آمنة ومواتية، فهم تماماً مثل أبنائكم، لهم آمالهم وأحلامهم بغد مستقر وآمن، فاحتلالكم لأرضنا هو منتهى الظلم، وهو سبب كل المآسي التي يعيشها شعبنا، وهو الذي يُبقي منطقتنا وشعوبها تدور في هذه الدوامة من العنف، فنحن لا نريد العنف، ولكن استمرار الاحتلال يؤدي إلى توسيع دائرة العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء، وهذا ما لا نريده "فهل يسمع شباب اسرائيل هذا النداء، وهل يسمع الآباء والامهات في اسرائيل صوت الضمير الفلسطيني وهو يخاطبهم بهذه العقلانية والنبل والحكمة؟!. ليتهم يسمعون ولا يسمحون للكذابين المتغطرسين المنفوخين بعقدة العنصرية، المستوطنين، جنرالات الحرب والمتكسبين منها، والمافيات المتاجرة بدماء وأمن اليهود في العالم، على رأسهم المشتغلون على تحويل الصراع الى ديني، عليهم ألا يسمحوا لهؤلاء ان يأخذوهم الى مآسٍ اخرى، فالسلام وحده هو الفسحة الفريدة الوحيدة للعيش بأمان، اما الاحتلال فإنه الوصفة السحرية للعنف واراقة الدماء التي لا نريد رؤيتها تسيل في الشوارع ابدا".
نقاط على حروف المصالحات الفتحاوية ...
بقلم: يونس العموري عن وكالة معــا
انه وفي ظل الواقع الفلسطيني الراهن، وفي ظل الهبة الشعبية الجماهيرية التي باغتت الجميع وكانت المفاجأة للكل الوطني وتحديدا للقيادة الرسمية على مختلف مشاربها ومنابعها الايدلوجية ولإطياف الحركة الوطنية وعلى وجه الخصوص لقيادة حركة فتح، التي تجد نفسها عاجزة عن مواكبة الحدث، والتقاط اللحظة التاريخية التي اطلقتها جماهير الاراضي الفلسطينية المحتلة، وامام هكذا وقائع، طالعتنا العديد من وسائل الاعلام وتحديدا الالكترونية منها عن مبادرة من قبل أسرى حركة "فتح" في سجون الاحتلال ، حيث انهم ومن خلال بيان لهم، دعا قيادة الحركة على العمل لإعادة "فتح" لواجهة المشهد مرة أخرى من خلال إجراء مصالحه داخلية والتوحد لمواجهة ما يتعرض له شعبنا على يد المحتل، مؤكدين على قوة أبناء الحركة في السجون الإسرائيلية وقوة جبهتها الداخلية.
وامام هذه المبادرة التي لا نشكك بالمطلق بحقيقتها وبحسن الظن بمنطلقاتها، واهدافها وابعادها، خاصة وانها قد جاءت من هؤلاء القابعين في سجون الاحتلال والذين يراقبوان وقائع الحركة وهم الأكثر تأثرا بواثع الشرذمة المنعكس على اداء فتح، وبالتالي عدم اضطلاعها بدورها وبمسؤولياتها التي يفترض انها تاريخية، وبالتالي نعم لابد من اجراء مصالحات ما بين اقطاب وامراء فتح، الا ان السؤال المكرر لذاته، عن اي مصالحات نتحدث ..؟؟
وفي هذا السياق نلاحظ انه ومرة اخرى تجد حركة فتح نفسها امام استحقاق من نوع جديد واخر، وهو الإستحقاق الذي بدأ البعض بالتنظير له وصولا لجعله مادة اساسية من مواد السجال الفتحاوي الراهن، بالإضافة للكثير من الملفات الأخرى والتي تعصف بها الساحة الفتحاوية حاليا، ولعل ما يسمى بضرورة اجراء المصالحات المحورية ما بين اقطاب حركة فتح سيذهب بفتح الى وقائع جديدة، من اهمها الكثير من التساؤلات والاستفسارات والتي تأتي على شكل اطروحات فكرية سياسية .. حيث التساؤل الابرز يتمثل بكون ان هذه المصالحات ربما ستكون على حساب ادبيات وثوابت ورؤى فتح، الا اذا ما اعتبرنا ان الخلافات الفتحاوية خلافات شخصية بالأساس وهو ما لا نستطيع تثبيته والإعتداد به على اعتبار ان هذه الخلافات بجوهرها ما هي الا نتيجة طبيعية لتضارب المصالح اولا لقادة فتح وما يمثلون (اذا ما جاز التعبير)، ولتضارب المناهج السياسية ثانيا، وهل هذه هذه الدعوات للمصالحة تأتي في سياق التنازع والتصارع على قيادة الحركة ..؟؟ ومحاولة خطفها او اختطافها وجرها الى اماكن اخرى غير اماكنها الطبيعية للتصدى لمهمات من نوع اخر وجديد .. ؟؟ بهدف تمرير الحل السياسي التسووي الذي اصبح بشكل او بأخر احد المهمات الملصقة والمتبعة بفتح قسريا وكأن المسألة التسووية قد اصبحت محتكرة من قبل فتح، وهو ما يسيء وبشدة لحركة بحجم فتح وبتاريخ فتح، الأمر الذي يعني برمجة فتح وفقا لملف تفاوضي ليس اكثر، وممارسة فنون العملية السياسية دون اي إسناذ فعلي من قبل الحركة الجماهيرية الشعبية بما يتوافق وقوانين فعل التحرر من الاحتلال، بل اننا بتنا نسمع الكثير من الاطروحات التي صارت تنادي بضرورة تغير المعالم البنيوية الاساسية في فتح ... واعتقد ان المناخ السياسي الراهن يتسم بضغوط دولية ومكثفة على فتح وقادتها ليقوموا بإخلاع فتح ثوبها الحقيقي وذلك من خلال الكثير من البوابات ...
ان هذه المصالحات التي حتما سـتأتي مع اطراف فتحاوية لها وجهات نطر متناقضة ومتضاربة وفتح ذاتها .... والسؤال الذي يطرح مرارا وتكرارا ما هو مستقبل حركة فتح نتيجة انقساماتها وصراعاتها الداخلية وأزمة القيادة وأزمة الرؤية إضافة إلى هزيمتها "التاريخية" امام حماس في الإنتخابات التشريعية ...؟ وأين هي هذه الحركة التي قادت الشعب أكثر من (4) عقود، هل هي شرائح اجتماعية متناثرة أم تنظيم لجسم هلامي أم مؤسسة حقيقية ولكنها لم تنهض من "الهزيمة"؟ يمكن القول ان هناك أزمة قيادة في حركة فتح، وفي هذا السياق لابد من الإعتراف ان القيادة تخلقها بالأساس المهمات التي تناط بها وفقا وانسجاما والبرامج السسياسية والكفاحية المتوافق عليها بشكل جماعي إجماعي، وحينما تفقد فتح برامجها الإجماعية فحتما ستصاب القيادة بشيء من العجز وهو ما نشهده بالظرف الراهن .... والأهم من كل هذا .... مصالحات مع من ..؟؟ وما هي طبيعة الخلافات بين قادة فتح وامراءها ..؟؟ اعتقد ان المسألة تتمحور ما بين مناهج متضاربة متصارعة بالجسم الفتحاوي ... والقائد او القيادة هنا جزء من فعل الصراع على رأس فتح، وحركة كفتح لا يمكن ان تنهض دون مواجهة ومجابهة نقدية فعلية ما بين قادتها لغربلة الأطروحة السياسية والبرامجية لقادتها وفتح لا يمكن ان تستوي امورها من خلال عقد المصالحات بين القادة بشيء من التنازلات وبناء تحالفات ائتلافية تخدم مرحلة ما بعد المصالحة للعبور الى مجمع المؤتمر السابع ... حيث ان القيادة الراهنة (التي تتصدر فتح )من الواضح انها ليست محاربة وليست زعامتية بالمفهوم القيادي بل هي نسيج من النخبة التقليدية تمارس مهمة وظيفية في مرحلة قد تكملها أو لا تكملها...... وأمامها مهمة تأمين الوقائع المعيشية للشعب الفلسطيني بالتعاون مع اطراف سياسية مستحدثة على الساحة الفلسطينية لها ارادة اخرى غير ارادتها وهو الملموس والواضح في الأداء الفلسطيني الراهن .... وكأن فتح لها دور محدد ومرسوم بالواقع المعاش، يتلخص بمنح الشرعيات من جهة وتوفير شبكات الأمان لمحترفي الفعل السياسي الدبلوماسي حسب نصوص ومفاهيم النظام العالمي الجديد.
ان إجرء المصالحات الداخلية ما بين اقطاب حركة فتح لابد ان تتم على اسس عملية وواقعية، الأمر الذي يعني ان حركة فتح عليها اعادة انتاج خطابها وبرامجها واصلاح أطرها التنظيمية واعادة الحيوية لمؤسساتها وأجهزتها وتجديد لوائحا وتفعيل كادرها وعناصرها وبرمجة نشاطاتها وفعالياتها على اسس عملية التحرير والتحرر وكل ذلك لابد من يرتبط بالإجابة على السؤال الأهم من قبل قادة فتح ومؤسساتها التشريعية، هذا السؤال الذي لابد من ان تجيب عليه فتح حتى يتم تحديد المسار الفعلي لهذه الحركة وهو السؤال الذي من خلاله ستكون اعادة رسم الخارطة الوجودية لفتح وعليه ستتم المصلحات ومن قبلها الإصلاحات. وهو السؤال المرتبط ايضا بتحديد اليات واساليب ووسائل عمل فتح بالظرف الراهن وعلى المدى المنظور بل ان هذا السؤال سيحدد ايضا مصير المصالحات، وعلى أي الأسس ستقوم .. حيث لابد من ان توصف فتح طبيعة المرحلة ومفاهيمها . بمعنى لابد لفتح من ان تجيب على تساؤل ما هية المرحلة بنظرها وهل هي مرحلة تحرر وطني ام انها مرحلة بناء السلطة على طريق بناء الدولة فقط لاغير ...؟؟ بمعنى ان على فتح ان تواجه المرحلة بتحديد مفاهيمها من وجهة نظرها وبالتالي مواجهتها لمتطلبات المرحلة ومجابهة تداعياتها وعلى مختلف المستويات والصعد ... وعدا ذلك تأتي الدعوة للمصالحات في فتح وكأنها محاولات لإعادة انتاج قيادة فتحاوية من الممكن بلورتها لإهداف انتخابية ليس أكثر ....
بلفور الأمريكي قادم
بقلم: نعمان فيصل عن وكالة PNN
رغم مرور قرابة القرن على وعد بلفور، وعصر العولمة، وتراجع النفوذ الاستعماري ومؤسسات حقوق الإنسان، واندحار العنصرية إلا أن ثقافة السيطرة وانتهاك الحقوق لم تفارق العقلية التي تتحكم في مصائر الشعوب المضطهدة، والتي يشكل الشعب الفلسطيني أبرز صورها، من خلال استخدام وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” لأول مرة مصطلح (جبل الهيكل) في إشارة إلى تأكيد حق إسرائيل في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وهو ما يمكن اعتباره (وعد بلفور جديد).
وإذا ما بقي العرب والمسلمون على حالهم من التشتت والاقتتال وتدمير الذات، فإن بلفور الأمريكي قادم لا محالة، وما يحدث الآن في بلدان عدة من الدول العربية إلا مقدمة لهذا البلفور الأمريكي سليل بلفور البريطاني.
وهكذا يتناسخ وعد بلفور، وتتداوله أيدي اللاعبين من عصر إلى آخر، وفي جو ملائم وبيئة متشابهة للوعد الأول، ويتكرر مشهد الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي كلما جاء وقت التنفيذ للوعد، وكأنها لعبة استعمارية موروثة، يورثها الاستعمار لبعضهم البعض، ونورث نحن الانقسام لأحفادنا، فما آن لنا أن نفهم الدرس، ونتعظ من حوادث التاريخ؟.