Haneen
2016-01-20, 11:53 AM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.giffile:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
العناوين:-
الصورة التي بحثت عنها إسرائيل
بقلم : برهوم جرايسي – القدس
في رحاب القدس
بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
نبض الحياة - اوقفوا حكم الاعدام
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
أحمد مناصرة وما هو أفظع مما شاهدناه ؟!
بقلم: وليد الهودلي – معا
الصورة التي بحثت عنها إسرائيل
بقلم : برهوم جرايسي – القدس
رافق قرار الحكومة الإسرائيلية الاستبدادي بحظر نشاط الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، الكثير من الجدل الإسرائيلي الداخلي. ونستطيع القول، إنه تم كشف الكثير من الأوراق التي تؤكد أن وراء هذا القرار غايات سياسية استثمارية، ليس فقط لليمين الاسرائيلي المتطرف، وإنما لمجمل السياسة الإسرائيلية. كما أن التوقيت بالذات، أرادت منه إسرائيل الظهور وكأنها في السياق العالمي لـ"محاربة الإرهاب"، في حين أن سياستها واحتلالها هما الإرهاب بعينه.
وهذا هو القرار الثاني الذي تصدره إسرائيل بحظر نشاط حركة فاعلة بين فلسطينيي الـ48؛ فقد أصدرت قرارا كهذا في العام 1965، إبان الحكم العسكري، ضد حركة "الأرض" ذات الطابع القومي، والتي أرادت المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، فتم رفض طلبها، وصدر قرار بحظر نشاطها. ثم ظهر امتدادها لاحقا من خلال حركة "أبناء البلد" في مطلع سنوات السبعينيات، وهي إطار ناشط حتى يومنا هذا.
ولوّحت إسرائيل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، مرارا، بنيتها إخراج هذا الجناح (الشمالي) من الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ رائد صلاح. وتصمه بما تسميه "إرهابا"، مستغلة الأجواء العالمية، في ظل تنامي الحركات الأصولية المتطرفة. واللافت أنه كما كان قبل سنوات، فإن الأمر اليوم، أن جهاز المخابرات العامة "الشاباك"، أبلغ حكومته بأنه ليس لديه ما يربط هذه الحركة بما تسميه "إرهابا". وهذا نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأسبوعين الماضيين. إلا أن أجندة بنيامين نتنياهو مختلفة تماما؛ فهو يسعى، كسابقيه في منصبه، إلى وضع إسرائيل في خانة "الضحية"، وليس أنها مصدر للإرهاب بعينه. وقد أصر على إصدار القرار قبل أسبوعين وبقي طي الكتمان؛ إذ طلب نتنياهو تأجيل التنفيذ إلى حين عودته من الولايات المتحدة، "كي لا يواجه انتقادات هناك". ولا ندري من الذي سينتقده في واشنطن على قرار كهذا؟!
وسارع نتنياهو إلى تنفيذ القرار يوم الثلاثاء الماضي، مستغلا الأجواء العالمية في أعقاب الاعتداءات الإرهابية في بيروت وفرنسا وسيناء وغيرها. وبعث بمئات العناصر من عساكره لتغزو مقرات الحركة الإسلامية ومؤسساتها وبيوت قادتها قبل بزوغ الفجر، مع الكثير من الكاميرات، لتنشر تلك الصور، بموازاة انتشار صور هجوم قوات الأمن في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، على بيوت يشتبه بأنها تؤوي إرهابيين. بمعنى أن نتنياهو لم يسع فقط إلى تنفيذ قرار عنصري استبدادي، موجه ضد كل فلسطينيي 48، وإنما يريد منه أيضا، بث رسالة مزيفة، مفادها أن إسرائيل "تكافح الإرهاب".
ولكن القرار أخطر مما يسعى إليه نتنياهو إعلاميا وعالميا. فهذا قرار يندرج ضمن محاولات إسرائيل تجريم نضال فلسطينيي 48 ضد سياسة الاضطهاد والتمييز القومي العنصري. وهذه العنصرية الصهيونية التي استهدفت اليوم هذا الجناح من الحركة الاسلامية، لن تتوقف عنده. وهذا النهج لم يظهر الآن فجأة، بل هو قائم منذ النكبة وحتى يومنا هذا بأساليب عديدة. فعلى مدى عشرات السنين، تم الزج بالآلاف من فلسطينيي 48 في السجون، ولوحق الناشطون السياسيون طيلة الوقت. وعذابات سنوات الخمسينيات والستينيات إبان الحكم العسكري الذي فرض على فلسطينيي 48، لم تدوّن في كتب التاريخ كما يجب للأسف. وكان الحرمان من العمل، كعقاب على النشاط السياسي، واحدا من أشرس الأساليب.
وفي السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل الملاحقات للناشطين والقيادات السياسية. فالشيخ صلاح ذاته ينتظر حكما جديدا بالسجن لمدة 11 شهرا بسبب خطبة جمعة، وقد قبع في السابق مرتين في السجون. ويقبع حاليا في السجن لمدة عام، عضو الكنيست السابق سعيد نفاع، بسبب زيارته إلى سورية العام 2007، حينما كان نائبا. وقبل بضعة أشهر، انتهت محاكمة النائب السابق، ومن بات اليوم رئيسا للجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، محمد بركة، وقد استمرت 5 سنوات، في أربع تهم تتعلق بالتصدي لجنود الاحتلال وشرطته، والقائمة تطول.
المعركة ضد القرار الاستبدادي بحظر نشاط "الحركة الإسلامية الشمالية" قد بدأت، وستتخذ عدة مسارات في المرحلة القريبة. وليس واضحا كيف ستنتهي، لكن ما هو واضح لفلسطينيي 48، هو أن هذا القرار فاتحة لمرحلة جديدة خطيرة من العنصرية الشرسة.
في رحاب القدس
بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
حظيت الجمعة الماضي بفرصة الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وزيارة المدينة المقدسة.
زيارة تشرح الصدر وتملأ النفس وتثير المشاعر وتشفي الروح.
القدس مدينة الفلسطينيين الأزلية، عاصمتهم الأبدية، محج عيونهم، وموطن حنينهم، وقبلة أرواحهم، ومبتغى نضالهم، وأول كلامهم وآخره، وذروة حلمهم وأجمل صحوهم.
أن تكون في القدس فأنت تعيد نفسك إلى حيث تشتهي، وتقف حيث تشعر قدماك بامتدادهما في عمق الأرض.
في الصباح وقبل أن تشرق الشمس تحركنا عبر معبر بيت حانون (إيرز) حيث يذهب كل يوم جمعة مائتا مواطن من غزة للصلاة في المدينة المقدسة بترتيب من هيئة الشؤون المدينة. يتجمعون في باصات ثم ينطلقون صوب القدس يلبون نداء الروح.
الموظفون مشغولون بإنهاء ترتيبات مرور المصلين، والنسوة عبر الحاجز، والرجال يستعجلون الباص للتحرك حتى ينعموا بزيارة المدينة وكسب المزيد من الوقت فيها، والمشي في شوارعها وأسواقها قبل أن يحين موعد الصلاة.
في الطريق نمر على القرى الفلسطينية المهجرة التي هاجر منها جل سكان قطاع غزة، وكثير من ركاب الحافلة لابد أن يمروا على قريتهم أو بلدتهم التي أبدلتهم إياها النكبة بمخيم للاجئين.
لا شيء يذهب. لا شيء يجعل المرء ينسى، حتى قسوة الحياة وجحيمها. الموظف في الباص مشغول بشرح بعض الإرشادات للركاب حول ضرورة التجمع بعد انتهاء الصلاة حيث سينزلهم الباص قرب باب الساهرة.
يتفقد الركاب راكباً راكباً، ويعيد مرة أخرى تعليمات السلامة والإرشاد، ثم وكلما مر على قرية مهجرة ذكرها بالتفصيل وشرح عن تلك القرى التي تحدها وتجاورها ولا يمكن للراكب أن يراها، ثم يسرد بعض المعلومات المتوفرة لديه عنها أو عن التاريخ المصاحب لحياتها العامرة عبر آلاف السنين منذ الكنعاني الأول.
الرجل تحول إلى مرشد سياحي ودليل ثقافي ووطني. الكثير من ركاب الحافلة من النسوة والرجال الطاعنين في السن بعضهم عاش في تلك القرى بعض السنين قبل النكبة، وأغلبهم شهد سنوات اللجوء الأولى، وربما ولد فيما العائلة تترك مرتع الأحلام إلى شقاء النكبة ونارها اللاهبة.
أقول للصديق ناصر الكيلاني، الذي يجلس بجواري، لو أن أحدهم يقوم بعمل كتابي تثقيفي حول تلك القرى يسرد فيه المعلومات المختلفة والبيانات التي توفرت عنها قبل النكبة، وربما بعض ما علق في كتب التاريخ من أحداث مرت بها وكانت مسرحاً لها، مزوداً بالشروحات والصور المتوفرة.
كتاب يقدم للطفل ربما أو للفتى من الأجيال اللاحقة صورة مستفيضة عن فلسطين التي يحبونها، والتي يريدون أن يتذكروها. يكون مثلاً شيئاً يشبه "في الطريق إلى القدس" أو من غزة إلى القدس، حتى نظل نتذكر أن فلسطين أكبر من تلك الأحلام البسيطة التي حولت حياتنا وسياستنا إلى بعض الصراعات والاختلافات والانقسامات.
فلسطين التي تركض حقولها خلفنا فيما الباص ينهش الطريق كأنه يدرك خفق قلوبنا وهي تشتم رائحة الأرض، ورجفة الأجساد وهي تقترب من عاصمة الكون، ومهد الديانات ومبعث الرسل والقديسين.
تظل الفكرة عالقة في رأسي وأنا أتابع تلك التفاصيل الصغيرة للطريق التي نقطعها وكأننا لا نريد أن نصل ونريد أن نصل.
لا نريد أن نصل، كأنني أتمنى لو أن الباص لا يصل ويبقى يجوب بنا فلسطين، فلسطين أرض الآباء والأجداد، الحلم الأثير لكل فلسطيني أينما رمت به المنافي، وتاهت به سفن العودة.
لابد أن الكثير من الجهد قد عمل في هذا الجانب، بالطبع، ولا بد أن الكثير من الكتب والدراسات قد تمت حول القرى المهجرة، لكن ما كنت أصبو له أنا وصديقي ناصر كان مختلفاً، وربما كان من هاجس اللحظة.
أتذكر حين كنت طالباً في جامعة بيرزيت وكنا نقطع الطريق من غزة بالسيارة مباشرة نحو القدس أو رام الله، في مطالع تسعينيات القرن الماضي، أي قبل عقدين ونصف العقد، كانت سيارات المرسيدس التي تنطلق من "الساحة" أو ميدان فلسطين تمتلئ بنا نحن الطلاب وبعض النسوة والرجال الطاعنين في السن يذهبون للعلاج في القدس أو للصلاة فيها.
وكلما مررنا عن قرية، برعت النسوة أو الرجال في السرد على الشبان الراكبين عن تلك القرى والشرح لها.
وقد يفيض الشوق، وتلسع سياطه عتبات الروح، فيرتجف الجسد وتدمع العيون، خاصة حين يستذكر أحدهم قصة مر بها، أو حادثاً عاشه قرب مكان نمر عليه.
امرأة عجوز ذات نهار طلبت من السائق أن يتوقف قرب المسمية، حيث مازالت شجرة الجميز التي زفت تحتها واقفة شامخة تقول إن التاريخ لا يشترى، وإن المكان يظل المكان حتى لو تغيرت معالمه.
بكت وهي تقف تحت الشجرة تستعيد تلك اللحظات الصاخبة من شبابها حين كانت عروساً وكانت الدنيا تضحك وتضحك، إلى أن التهمت النكبة كل فرح ممكن.
أيضاً في الطريق لابد من رؤية بعض فصول المدرسة الباقية، حيث درس الطفل عبد الله الحوراني الذي نذر حياته بعد ذلك لقضية اللاجئين.
الذاكرة لا تغيب، كما أن الزمن لا يمحو ما يعلق بالروح، لكن لابد من حاجة لإذكاء الروح وتلميع الذاكرة والحفاظ عليها.
في القدس، يتجول المصلون في الطرقات يشترون الهدايا، يأكلون كعك القدس الشهي، ثم يتجولون في كل زاوية في الحرم الشريف، كأنهم يملؤون عيونهم منه، يريدون أن تظل بقايا روائحه عالقة على ملابسهم.
كل شيء في القدس، رغم التهويد والشرطة والمستوطنين، يقول إنها للفلسطينيين.
رائحة المكان، تفاصيله، الأسواق، الأزقة والحارات، قباب المساجد، أجراس الكنائس، رائحة البهارات.
أما ما دون ذلك فليس إلا من بقايا من قد مر في التاريخ، كما سيمر الغزاة الجدد، وتبقى القدس مدينة الصلاة، المدينة حيث يكون لاسم الله كل المعاني المتحققة في كل الأديان، وحيث يكون الإيمان خالصاً لوجهه.
بعد الصلاة سيعود المصلون إلى الباصات حيث يهتم الموظفون بتفاصيل عودتهم ويتأكدون من أن الجميع عاد سالماً.
عيونهم تشخص نحو المدينة وهم يغادرونها، كما تشخص عيون ملايين الفلسطينيين والعرب إلى مدينة مدنيتهم الأولى منذ فجر التاريخ حتى اليوم.
نبض الحياة - اوقفوا حكم الاعدام
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
مع أن الارهاب الاسود يعم الدنيا، لان جذوره مرتبطة بالاستعمار القديم والجديد، ولرغبة بعض الدول في تصفية حساباتها الصغيرة مع دول شقيقة ومجاورة، لذا ترفده بالاموال وادوات الفتك والقتل، ما فتح الابواب كلها لانفلات عقاله ضد شعوب الارض قاطبة. غير ان العالم في الالفية الثالثة، اخذ يتجه لتعزيز مكانة حقوق الانسان، ويحاول قدر الامكان تقييد الدول الاستعمارية والبوليسية والاثنوقراطية، والحد من انتهاكاتها لتلك الحقوق المشروعة والطبيعية.
في هذا الخضم، أصدرت محكمة سعودية الثلاثاء الماضي، حكما باعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض بتهمة الترويج لإفكار إلحادية وسب الذات الالهية. والمحكوم إبن عائلة فلسطينية، مضى على وجودها في المملكة الشقيقة خمسون عاما. أضف إلى ان الشاب سبق وشارك في بينالي البندقية، ممثلا للسعودية بصفة أمين مساعد للجناح السعودي في المعرض، وله نشاطات فنية عديدة. ووفق ما صرح به والده، فإن بعض العاملين في "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لهم حسابات كيدية ضد الشاعر اشرف، ما جعلهم يساهمون في رفع سقف الحكم للاعدام، بعد ان كان السجن اربع سنوات والجلد 800 جلدة.
وحرصا على العلاقات الاخوية بين القيادتين السياسيتين الفلسطينية والسعودية، وتعميقا لاواصر الاخوة بين الشعبين الشقيقين، فإن الضرورة تحتم على خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، العمل على الافراج الفوري عن الشاعر فياض. لانه لم يرتكب شيئا يسيء للمملكة وقيادتها وشعبها. ولانه مثقف حر، ولديه الحق في نظم الاشعار، التي تعكس رؤيته للحياة والمستقبل. وهي اشعار عادية، لا يوجد فيها ما تشير له تهم الهيئة المعادية لحرية الانسان. ولكون التساوق مع الهيئة المذكورة آنفا، لا يستقيم مع روح العصر، ويتنافى مع ابسط حقوق الانسان ومواثيق الامم المتحدة ومنظماتها الاممية.
لا يود المرء، الدخول في المحاججة الدينية، اولا لغياب المعرفة الدقيقة بها، وثانيا لعدم الرغبة في ان تكون اساسا للحوار والنقاش، وثالثا لرفض الانسياق للدائرة المتزمتة والمغلقة عند اولئك الادعياء، الذين لا يعرفوا من الدين إلا الجانب الشكلي. رابعا ولان منطقهم ولد وأصل لنشوء التنظيمات التكفيرية "القاعدة" و"داعش" و"النصرة" .. الخ المسميات. وبالتالي ووفقا لروح العصر، وانسجاما مع مواثيق وقوانين الامم المتحدة، التي كفلت الحق للانسان بحرية الرأي والتعبير والمعرفة، وتفاديا لاية إرباكات لا يرغب بها ابناء الشعب الفلسطيني، فإن المصلحة الوطنية والقومية والانسانية، تفرض الافراج الفوري ودون تردد عن الشاعر الفلسطيني.
كما تعلم قيادة المملكة الشقيقة، ان الاقدام على مغامرة الاعدام للشاعر فياض، لن تكون في مصلحتها، ولن تسجل في قائمة إنجازاتها، بل العكس صحيح. اضف الى ان ردود الفعل على المستويات الوطنية والقومية والعالمية، لن تكون في مصلحة المملكة، وهي ليست بحاجة لمضاعفة الازمات، التي تعيشها. والسبيل الافضل لجهات الاختصاص طي صفحة الملف بهدوء ومن دون ضجيج.
أحمد مناصرة وما هو أفظع مما شاهدناه ؟!
بقلم: وليد الهودلي – معا
بصفتي مكثت مع الأطفال في سجن كفاريونا فترة طويلة وكتبت دراسة عن تجربتي معهم محفوظة في مركز ابو جهاد للحركة الأسيرة/جامعة القدس وخضت تجربة فريدة حيث أطفأت طفلتي الشمعة الثانية من عمرها وهي في السجن .. فاني أقدم شهادتي وأؤكد بأن ما التقطته الكاميرا لمشاهد التحقيق مع الطفل أحمد مناصرة ما هو الا قبس يسير من معاناة الأطفال في السجون الصهيونية وهناك ما هو أفظع وأقسى مما تعرض له هذا الطفل . هناك مخالفات كثيرة يندى لها جبين الإنسانية تخالف كل القوانين والمواثيق الدولية التي تهتم بالأطفال وتضرب بها عرض الحائط ..وهنا أتحدث بكل موضوعية بعيدا عن التهويل أو التهوين .. ولا بد من ملاحظة أن الذي ظهر في الشريط هو الشرطة التي مهمتها تدوين الاتهام وتقديمه للمحكمة ولكن هناك تحقيق آخر يسبق هذا التحقيق وهو تحقيق المخابرات وهذا بالطبع أشد قسوة وأعظم تنكيلا وترويعا .
هناك مثلا من الأطفال ما مكث في زنازين التحقيق أكثر من سبعين يوما وتعرض للضرب والشبح والإهانة ولكل ما يتعرض له الكبار وأؤكد أنه لا يوجد أية خصوصية للأطفال فالناس سواء أمام التعذيب الممنهج في أقبية التحقيق : الأطفال والنساء والمسنين والمرضى لا يوجد أي اعتبار لأية خصوصية لأي منهم . وهنا نعدد هذه الجرائم التي ما زالت مفتوحة والتي تصر سلطات الاحتلال على ممارستها :
1/ الزنزانة : وضع طفل وحده في زنزانة معتمة كالقبر هذه في حد ذاتها جريمة ثم قضاء فترة طويلة قد تصل الى شهر أو شهرين أو أكثر .. كيف يقضي الطفل وقته في هذه الزنزانة وكيف تكون الانعكاسات النفسية الخطيرة على نفسيته الصغيرة .. كيف يقضي اليوم بأربع وعشرين ساعة ؟ وما الهدف غير القتل المريع والبطيء لكل مكونات هذه النفس الطرية .
2/ التعذيب النفسي وكل أساليب التحقيق القذرة التي تمارس مع الكبار منها الشبح الطويل والمنع من النوم والتهديد والتوبيخ والتعرض للبرد القارص في فصل الشتاء واستمرار فترة التحقيق لتصل الى مدد زمنية طويلة وغير معقولة .
3/ استخدام الأساليب الخبيثة في التحقيق منها ما يسمى العصافير اي العملاء الذين توظفهم المخابرات بغية الوصول الى اعترافات المعتقلين من خلال خداع المعتقل وإيهامه بأنهم مناضلين شرفاء فيقع في شركهم ويبوح لهم بمكنونات صدره قبل أن يكتشف أنهم عملاء يقومون بدور المخابرات تماما .
4/ المحاكم والبوسطات " السفريات " : وهنا حدث ولا حرج .. المحاكم لا تراعي قطعيا الطفولة من حيث الحكم الصادر وهنا استذكر أطفالا حكموا بالمؤبد مثل سلطان العجلوني حيث كان عمره ست عشر سنة حين حكم بالمؤبد وقد ينتظرون دخوله الثامنة عشرة بل الحكم عليه من باب الحيلة القانونية ، وأعرف أسرى في قضايا طعن لم تسفر الا عن جروح بسيطة ولم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة وحكموا بما يزيد عن اثنتا عشر سنة مثل الأسير أيمن عبد ربه .. الأحكام جاءت للردع ولم تراع الطفولة حقها ولم ترعها أي انتباه .. ويربط الأسير الطفل من يديه وقدميه في تنقلات البوسطة حيث يسافر مع الكبار في "بوسطة" مشتركة من السجناء الجنائيين عرب ويهود وأسرى سياسيين .
5/ وفي حياة السجن يحرم الطفل الأسير من أدنى الحقوق فلا يكون السجن مكان للتعلم كما هو في كل أنحاء العالم إذ لا يوضع الطفل في سجن وإنما في مركز إصلاح .. يحرم الطفل الأسير من حقه في التعلم ويحرم من حقه في اللعب فلا يجد المكان المناسب لذلك ولا أدوات اللعب والتعليم .. وكذلك يوضع في ظروف معيشية سيئة حيث الاكتظاظ في الغرف وسوء التهوية والأكل السيئ وغير الكافي وحرمانه من الشراء من الكانتين الا بمبلغ محدود لا يكفي لاحتياجات الطفل المعتادة .
6/ ويحرم أيضا من التواصل مع أهله فيحرم من الاتصال الهاتفي وقد يعاقب بالمنع من الزيارة كما شهدت في سجن هشارون منع الأطفال من زيارة ذويهم لمدة ستة شهور ..
7/ أخيرا وليس آخرا الأطفال الذين يولدون في السجن أو يرافقوا أمهاتهم فتتفتح طفولتهم خلف الأبواب المغلقة والأسوار العالية حيث تقتل الطفولة في مهدها ويرى هذا الطفل المشهد الأول في حياته وقد كبلت يد وقدم أمه في سرير المشفى ويعيش الطفل الأسير حياة الأسرى الكبار متنقلا بين الأسرة الحديدية ولا يرى الا إغلاق الباب الحديدي من قبل وجوه حديدية متجهمة .. فلا حدائق ولا ألعاب الا ما تصنعه أيدي الأسيرات من بيئة تفتقر لكل شيء .. أذكر عندما أفرج عن طفلتي وهي في بداية السنة الثالثة من عمرها كانت تفرح كثيرا وتركض بطلاقة عندما تجد بابا مفتوحا ..
8/ وعندما نتحدث عن أسير مصاب ويحتاج الى العلاج فهنا تتحول الإصابة وطريقة العلاج الى أسلوب للتعذيب والابتزاز وأخذ الاعترافات المطلوبة .. يستغلون الجرح والألم ويضغطون عليه للمزيد من الآلام بدل تسكينها .. آلاف الأسرى المصابين تم الضغط على جروحهم وحرمانهم من المسكنات لأيام طويلة يرى فيها الأسير نجوم الظهر فما بالنا اذا كان هذا الأسير المصاب طفلا فهل يراعون طفولته .. قطعا هذا لم يحدث بتاتا ..
يقف القلم ويتجمد مداده عندما يحاول تصوير حياة هذا الطفل الذي انقضت على طفولته ذئاب مفترسة لا يوجد في قاموسها الا القهر والقمع .
هذه مجرد فكرة سريعة عما يجري للأطفال الأسرى خلف القضبان والحقيقة أشد مرارة إذ أنّى لي أن أصف حياة طفل في الزنازين يمكث فيها سبعين يوما ؟ وأنّى لي أن أحيط بتحقيق طويل يتعاقبه مجموعة من المحققين لا يعرفون فيه إلا عصر الطفل الذي بين أيديهم وإخراج كل ما لديه مما يعتقدون أنها كنز لهم وقد وقعت الفريسة بين أيديهم ؟ كيف يقضي هذا الطفل أيام طويلة من التحقيق ويداه مربوطتان من الخلف وهو جالس على كرسي صغير مربوط هذا الكرسي في الأرض ؟ الأمر كبير ولا يمكن أن يختزل في المشاهد التي رأيناها إذ ما خفي أعظم وما لم تستطع الكاميرا تصويره وتهريبه مريع ويستحق المتابعة والملاحقة لكل أشكال الإجرام التي تمارس ليل نهار مع أطفالنا .
العناوين:-
الصورة التي بحثت عنها إسرائيل
بقلم : برهوم جرايسي – القدس
في رحاب القدس
بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
نبض الحياة - اوقفوا حكم الاعدام
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
أحمد مناصرة وما هو أفظع مما شاهدناه ؟!
بقلم: وليد الهودلي – معا
الصورة التي بحثت عنها إسرائيل
بقلم : برهوم جرايسي – القدس
رافق قرار الحكومة الإسرائيلية الاستبدادي بحظر نشاط الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، الكثير من الجدل الإسرائيلي الداخلي. ونستطيع القول، إنه تم كشف الكثير من الأوراق التي تؤكد أن وراء هذا القرار غايات سياسية استثمارية، ليس فقط لليمين الاسرائيلي المتطرف، وإنما لمجمل السياسة الإسرائيلية. كما أن التوقيت بالذات، أرادت منه إسرائيل الظهور وكأنها في السياق العالمي لـ"محاربة الإرهاب"، في حين أن سياستها واحتلالها هما الإرهاب بعينه.
وهذا هو القرار الثاني الذي تصدره إسرائيل بحظر نشاط حركة فاعلة بين فلسطينيي الـ48؛ فقد أصدرت قرارا كهذا في العام 1965، إبان الحكم العسكري، ضد حركة "الأرض" ذات الطابع القومي، والتي أرادت المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، فتم رفض طلبها، وصدر قرار بحظر نشاطها. ثم ظهر امتدادها لاحقا من خلال حركة "أبناء البلد" في مطلع سنوات السبعينيات، وهي إطار ناشط حتى يومنا هذا.
ولوّحت إسرائيل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، مرارا، بنيتها إخراج هذا الجناح (الشمالي) من الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ رائد صلاح. وتصمه بما تسميه "إرهابا"، مستغلة الأجواء العالمية، في ظل تنامي الحركات الأصولية المتطرفة. واللافت أنه كما كان قبل سنوات، فإن الأمر اليوم، أن جهاز المخابرات العامة "الشاباك"، أبلغ حكومته بأنه ليس لديه ما يربط هذه الحركة بما تسميه "إرهابا". وهذا نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأسبوعين الماضيين. إلا أن أجندة بنيامين نتنياهو مختلفة تماما؛ فهو يسعى، كسابقيه في منصبه، إلى وضع إسرائيل في خانة "الضحية"، وليس أنها مصدر للإرهاب بعينه. وقد أصر على إصدار القرار قبل أسبوعين وبقي طي الكتمان؛ إذ طلب نتنياهو تأجيل التنفيذ إلى حين عودته من الولايات المتحدة، "كي لا يواجه انتقادات هناك". ولا ندري من الذي سينتقده في واشنطن على قرار كهذا؟!
وسارع نتنياهو إلى تنفيذ القرار يوم الثلاثاء الماضي، مستغلا الأجواء العالمية في أعقاب الاعتداءات الإرهابية في بيروت وفرنسا وسيناء وغيرها. وبعث بمئات العناصر من عساكره لتغزو مقرات الحركة الإسلامية ومؤسساتها وبيوت قادتها قبل بزوغ الفجر، مع الكثير من الكاميرات، لتنشر تلك الصور، بموازاة انتشار صور هجوم قوات الأمن في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، على بيوت يشتبه بأنها تؤوي إرهابيين. بمعنى أن نتنياهو لم يسع فقط إلى تنفيذ قرار عنصري استبدادي، موجه ضد كل فلسطينيي 48، وإنما يريد منه أيضا، بث رسالة مزيفة، مفادها أن إسرائيل "تكافح الإرهاب".
ولكن القرار أخطر مما يسعى إليه نتنياهو إعلاميا وعالميا. فهذا قرار يندرج ضمن محاولات إسرائيل تجريم نضال فلسطينيي 48 ضد سياسة الاضطهاد والتمييز القومي العنصري. وهذه العنصرية الصهيونية التي استهدفت اليوم هذا الجناح من الحركة الاسلامية، لن تتوقف عنده. وهذا النهج لم يظهر الآن فجأة، بل هو قائم منذ النكبة وحتى يومنا هذا بأساليب عديدة. فعلى مدى عشرات السنين، تم الزج بالآلاف من فلسطينيي 48 في السجون، ولوحق الناشطون السياسيون طيلة الوقت. وعذابات سنوات الخمسينيات والستينيات إبان الحكم العسكري الذي فرض على فلسطينيي 48، لم تدوّن في كتب التاريخ كما يجب للأسف. وكان الحرمان من العمل، كعقاب على النشاط السياسي، واحدا من أشرس الأساليب.
وفي السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل الملاحقات للناشطين والقيادات السياسية. فالشيخ صلاح ذاته ينتظر حكما جديدا بالسجن لمدة 11 شهرا بسبب خطبة جمعة، وقد قبع في السابق مرتين في السجون. ويقبع حاليا في السجن لمدة عام، عضو الكنيست السابق سعيد نفاع، بسبب زيارته إلى سورية العام 2007، حينما كان نائبا. وقبل بضعة أشهر، انتهت محاكمة النائب السابق، ومن بات اليوم رئيسا للجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، محمد بركة، وقد استمرت 5 سنوات، في أربع تهم تتعلق بالتصدي لجنود الاحتلال وشرطته، والقائمة تطول.
المعركة ضد القرار الاستبدادي بحظر نشاط "الحركة الإسلامية الشمالية" قد بدأت، وستتخذ عدة مسارات في المرحلة القريبة. وليس واضحا كيف ستنتهي، لكن ما هو واضح لفلسطينيي 48، هو أن هذا القرار فاتحة لمرحلة جديدة خطيرة من العنصرية الشرسة.
في رحاب القدس
بقلم: د.عاطف أبو سيف – الايام
حظيت الجمعة الماضي بفرصة الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وزيارة المدينة المقدسة.
زيارة تشرح الصدر وتملأ النفس وتثير المشاعر وتشفي الروح.
القدس مدينة الفلسطينيين الأزلية، عاصمتهم الأبدية، محج عيونهم، وموطن حنينهم، وقبلة أرواحهم، ومبتغى نضالهم، وأول كلامهم وآخره، وذروة حلمهم وأجمل صحوهم.
أن تكون في القدس فأنت تعيد نفسك إلى حيث تشتهي، وتقف حيث تشعر قدماك بامتدادهما في عمق الأرض.
في الصباح وقبل أن تشرق الشمس تحركنا عبر معبر بيت حانون (إيرز) حيث يذهب كل يوم جمعة مائتا مواطن من غزة للصلاة في المدينة المقدسة بترتيب من هيئة الشؤون المدينة. يتجمعون في باصات ثم ينطلقون صوب القدس يلبون نداء الروح.
الموظفون مشغولون بإنهاء ترتيبات مرور المصلين، والنسوة عبر الحاجز، والرجال يستعجلون الباص للتحرك حتى ينعموا بزيارة المدينة وكسب المزيد من الوقت فيها، والمشي في شوارعها وأسواقها قبل أن يحين موعد الصلاة.
في الطريق نمر على القرى الفلسطينية المهجرة التي هاجر منها جل سكان قطاع غزة، وكثير من ركاب الحافلة لابد أن يمروا على قريتهم أو بلدتهم التي أبدلتهم إياها النكبة بمخيم للاجئين.
لا شيء يذهب. لا شيء يجعل المرء ينسى، حتى قسوة الحياة وجحيمها. الموظف في الباص مشغول بشرح بعض الإرشادات للركاب حول ضرورة التجمع بعد انتهاء الصلاة حيث سينزلهم الباص قرب باب الساهرة.
يتفقد الركاب راكباً راكباً، ويعيد مرة أخرى تعليمات السلامة والإرشاد، ثم وكلما مر على قرية مهجرة ذكرها بالتفصيل وشرح عن تلك القرى التي تحدها وتجاورها ولا يمكن للراكب أن يراها، ثم يسرد بعض المعلومات المتوفرة لديه عنها أو عن التاريخ المصاحب لحياتها العامرة عبر آلاف السنين منذ الكنعاني الأول.
الرجل تحول إلى مرشد سياحي ودليل ثقافي ووطني. الكثير من ركاب الحافلة من النسوة والرجال الطاعنين في السن بعضهم عاش في تلك القرى بعض السنين قبل النكبة، وأغلبهم شهد سنوات اللجوء الأولى، وربما ولد فيما العائلة تترك مرتع الأحلام إلى شقاء النكبة ونارها اللاهبة.
أقول للصديق ناصر الكيلاني، الذي يجلس بجواري، لو أن أحدهم يقوم بعمل كتابي تثقيفي حول تلك القرى يسرد فيه المعلومات المختلفة والبيانات التي توفرت عنها قبل النكبة، وربما بعض ما علق في كتب التاريخ من أحداث مرت بها وكانت مسرحاً لها، مزوداً بالشروحات والصور المتوفرة.
كتاب يقدم للطفل ربما أو للفتى من الأجيال اللاحقة صورة مستفيضة عن فلسطين التي يحبونها، والتي يريدون أن يتذكروها. يكون مثلاً شيئاً يشبه "في الطريق إلى القدس" أو من غزة إلى القدس، حتى نظل نتذكر أن فلسطين أكبر من تلك الأحلام البسيطة التي حولت حياتنا وسياستنا إلى بعض الصراعات والاختلافات والانقسامات.
فلسطين التي تركض حقولها خلفنا فيما الباص ينهش الطريق كأنه يدرك خفق قلوبنا وهي تشتم رائحة الأرض، ورجفة الأجساد وهي تقترب من عاصمة الكون، ومهد الديانات ومبعث الرسل والقديسين.
تظل الفكرة عالقة في رأسي وأنا أتابع تلك التفاصيل الصغيرة للطريق التي نقطعها وكأننا لا نريد أن نصل ونريد أن نصل.
لا نريد أن نصل، كأنني أتمنى لو أن الباص لا يصل ويبقى يجوب بنا فلسطين، فلسطين أرض الآباء والأجداد، الحلم الأثير لكل فلسطيني أينما رمت به المنافي، وتاهت به سفن العودة.
لابد أن الكثير من الجهد قد عمل في هذا الجانب، بالطبع، ولا بد أن الكثير من الكتب والدراسات قد تمت حول القرى المهجرة، لكن ما كنت أصبو له أنا وصديقي ناصر كان مختلفاً، وربما كان من هاجس اللحظة.
أتذكر حين كنت طالباً في جامعة بيرزيت وكنا نقطع الطريق من غزة بالسيارة مباشرة نحو القدس أو رام الله، في مطالع تسعينيات القرن الماضي، أي قبل عقدين ونصف العقد، كانت سيارات المرسيدس التي تنطلق من "الساحة" أو ميدان فلسطين تمتلئ بنا نحن الطلاب وبعض النسوة والرجال الطاعنين في السن يذهبون للعلاج في القدس أو للصلاة فيها.
وكلما مررنا عن قرية، برعت النسوة أو الرجال في السرد على الشبان الراكبين عن تلك القرى والشرح لها.
وقد يفيض الشوق، وتلسع سياطه عتبات الروح، فيرتجف الجسد وتدمع العيون، خاصة حين يستذكر أحدهم قصة مر بها، أو حادثاً عاشه قرب مكان نمر عليه.
امرأة عجوز ذات نهار طلبت من السائق أن يتوقف قرب المسمية، حيث مازالت شجرة الجميز التي زفت تحتها واقفة شامخة تقول إن التاريخ لا يشترى، وإن المكان يظل المكان حتى لو تغيرت معالمه.
بكت وهي تقف تحت الشجرة تستعيد تلك اللحظات الصاخبة من شبابها حين كانت عروساً وكانت الدنيا تضحك وتضحك، إلى أن التهمت النكبة كل فرح ممكن.
أيضاً في الطريق لابد من رؤية بعض فصول المدرسة الباقية، حيث درس الطفل عبد الله الحوراني الذي نذر حياته بعد ذلك لقضية اللاجئين.
الذاكرة لا تغيب، كما أن الزمن لا يمحو ما يعلق بالروح، لكن لابد من حاجة لإذكاء الروح وتلميع الذاكرة والحفاظ عليها.
في القدس، يتجول المصلون في الطرقات يشترون الهدايا، يأكلون كعك القدس الشهي، ثم يتجولون في كل زاوية في الحرم الشريف، كأنهم يملؤون عيونهم منه، يريدون أن تظل بقايا روائحه عالقة على ملابسهم.
كل شيء في القدس، رغم التهويد والشرطة والمستوطنين، يقول إنها للفلسطينيين.
رائحة المكان، تفاصيله، الأسواق، الأزقة والحارات، قباب المساجد، أجراس الكنائس، رائحة البهارات.
أما ما دون ذلك فليس إلا من بقايا من قد مر في التاريخ، كما سيمر الغزاة الجدد، وتبقى القدس مدينة الصلاة، المدينة حيث يكون لاسم الله كل المعاني المتحققة في كل الأديان، وحيث يكون الإيمان خالصاً لوجهه.
بعد الصلاة سيعود المصلون إلى الباصات حيث يهتم الموظفون بتفاصيل عودتهم ويتأكدون من أن الجميع عاد سالماً.
عيونهم تشخص نحو المدينة وهم يغادرونها، كما تشخص عيون ملايين الفلسطينيين والعرب إلى مدينة مدنيتهم الأولى منذ فجر التاريخ حتى اليوم.
نبض الحياة - اوقفوا حكم الاعدام
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
مع أن الارهاب الاسود يعم الدنيا، لان جذوره مرتبطة بالاستعمار القديم والجديد، ولرغبة بعض الدول في تصفية حساباتها الصغيرة مع دول شقيقة ومجاورة، لذا ترفده بالاموال وادوات الفتك والقتل، ما فتح الابواب كلها لانفلات عقاله ضد شعوب الارض قاطبة. غير ان العالم في الالفية الثالثة، اخذ يتجه لتعزيز مكانة حقوق الانسان، ويحاول قدر الامكان تقييد الدول الاستعمارية والبوليسية والاثنوقراطية، والحد من انتهاكاتها لتلك الحقوق المشروعة والطبيعية.
في هذا الخضم، أصدرت محكمة سعودية الثلاثاء الماضي، حكما باعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض بتهمة الترويج لإفكار إلحادية وسب الذات الالهية. والمحكوم إبن عائلة فلسطينية، مضى على وجودها في المملكة الشقيقة خمسون عاما. أضف إلى ان الشاب سبق وشارك في بينالي البندقية، ممثلا للسعودية بصفة أمين مساعد للجناح السعودي في المعرض، وله نشاطات فنية عديدة. ووفق ما صرح به والده، فإن بعض العاملين في "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لهم حسابات كيدية ضد الشاعر اشرف، ما جعلهم يساهمون في رفع سقف الحكم للاعدام، بعد ان كان السجن اربع سنوات والجلد 800 جلدة.
وحرصا على العلاقات الاخوية بين القيادتين السياسيتين الفلسطينية والسعودية، وتعميقا لاواصر الاخوة بين الشعبين الشقيقين، فإن الضرورة تحتم على خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، العمل على الافراج الفوري عن الشاعر فياض. لانه لم يرتكب شيئا يسيء للمملكة وقيادتها وشعبها. ولانه مثقف حر، ولديه الحق في نظم الاشعار، التي تعكس رؤيته للحياة والمستقبل. وهي اشعار عادية، لا يوجد فيها ما تشير له تهم الهيئة المعادية لحرية الانسان. ولكون التساوق مع الهيئة المذكورة آنفا، لا يستقيم مع روح العصر، ويتنافى مع ابسط حقوق الانسان ومواثيق الامم المتحدة ومنظماتها الاممية.
لا يود المرء، الدخول في المحاججة الدينية، اولا لغياب المعرفة الدقيقة بها، وثانيا لعدم الرغبة في ان تكون اساسا للحوار والنقاش، وثالثا لرفض الانسياق للدائرة المتزمتة والمغلقة عند اولئك الادعياء، الذين لا يعرفوا من الدين إلا الجانب الشكلي. رابعا ولان منطقهم ولد وأصل لنشوء التنظيمات التكفيرية "القاعدة" و"داعش" و"النصرة" .. الخ المسميات. وبالتالي ووفقا لروح العصر، وانسجاما مع مواثيق وقوانين الامم المتحدة، التي كفلت الحق للانسان بحرية الرأي والتعبير والمعرفة، وتفاديا لاية إرباكات لا يرغب بها ابناء الشعب الفلسطيني، فإن المصلحة الوطنية والقومية والانسانية، تفرض الافراج الفوري ودون تردد عن الشاعر الفلسطيني.
كما تعلم قيادة المملكة الشقيقة، ان الاقدام على مغامرة الاعدام للشاعر فياض، لن تكون في مصلحتها، ولن تسجل في قائمة إنجازاتها، بل العكس صحيح. اضف الى ان ردود الفعل على المستويات الوطنية والقومية والعالمية، لن تكون في مصلحة المملكة، وهي ليست بحاجة لمضاعفة الازمات، التي تعيشها. والسبيل الافضل لجهات الاختصاص طي صفحة الملف بهدوء ومن دون ضجيج.
أحمد مناصرة وما هو أفظع مما شاهدناه ؟!
بقلم: وليد الهودلي – معا
بصفتي مكثت مع الأطفال في سجن كفاريونا فترة طويلة وكتبت دراسة عن تجربتي معهم محفوظة في مركز ابو جهاد للحركة الأسيرة/جامعة القدس وخضت تجربة فريدة حيث أطفأت طفلتي الشمعة الثانية من عمرها وهي في السجن .. فاني أقدم شهادتي وأؤكد بأن ما التقطته الكاميرا لمشاهد التحقيق مع الطفل أحمد مناصرة ما هو الا قبس يسير من معاناة الأطفال في السجون الصهيونية وهناك ما هو أفظع وأقسى مما تعرض له هذا الطفل . هناك مخالفات كثيرة يندى لها جبين الإنسانية تخالف كل القوانين والمواثيق الدولية التي تهتم بالأطفال وتضرب بها عرض الحائط ..وهنا أتحدث بكل موضوعية بعيدا عن التهويل أو التهوين .. ولا بد من ملاحظة أن الذي ظهر في الشريط هو الشرطة التي مهمتها تدوين الاتهام وتقديمه للمحكمة ولكن هناك تحقيق آخر يسبق هذا التحقيق وهو تحقيق المخابرات وهذا بالطبع أشد قسوة وأعظم تنكيلا وترويعا .
هناك مثلا من الأطفال ما مكث في زنازين التحقيق أكثر من سبعين يوما وتعرض للضرب والشبح والإهانة ولكل ما يتعرض له الكبار وأؤكد أنه لا يوجد أية خصوصية للأطفال فالناس سواء أمام التعذيب الممنهج في أقبية التحقيق : الأطفال والنساء والمسنين والمرضى لا يوجد أي اعتبار لأية خصوصية لأي منهم . وهنا نعدد هذه الجرائم التي ما زالت مفتوحة والتي تصر سلطات الاحتلال على ممارستها :
1/ الزنزانة : وضع طفل وحده في زنزانة معتمة كالقبر هذه في حد ذاتها جريمة ثم قضاء فترة طويلة قد تصل الى شهر أو شهرين أو أكثر .. كيف يقضي الطفل وقته في هذه الزنزانة وكيف تكون الانعكاسات النفسية الخطيرة على نفسيته الصغيرة .. كيف يقضي اليوم بأربع وعشرين ساعة ؟ وما الهدف غير القتل المريع والبطيء لكل مكونات هذه النفس الطرية .
2/ التعذيب النفسي وكل أساليب التحقيق القذرة التي تمارس مع الكبار منها الشبح الطويل والمنع من النوم والتهديد والتوبيخ والتعرض للبرد القارص في فصل الشتاء واستمرار فترة التحقيق لتصل الى مدد زمنية طويلة وغير معقولة .
3/ استخدام الأساليب الخبيثة في التحقيق منها ما يسمى العصافير اي العملاء الذين توظفهم المخابرات بغية الوصول الى اعترافات المعتقلين من خلال خداع المعتقل وإيهامه بأنهم مناضلين شرفاء فيقع في شركهم ويبوح لهم بمكنونات صدره قبل أن يكتشف أنهم عملاء يقومون بدور المخابرات تماما .
4/ المحاكم والبوسطات " السفريات " : وهنا حدث ولا حرج .. المحاكم لا تراعي قطعيا الطفولة من حيث الحكم الصادر وهنا استذكر أطفالا حكموا بالمؤبد مثل سلطان العجلوني حيث كان عمره ست عشر سنة حين حكم بالمؤبد وقد ينتظرون دخوله الثامنة عشرة بل الحكم عليه من باب الحيلة القانونية ، وأعرف أسرى في قضايا طعن لم تسفر الا عن جروح بسيطة ولم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة وحكموا بما يزيد عن اثنتا عشر سنة مثل الأسير أيمن عبد ربه .. الأحكام جاءت للردع ولم تراع الطفولة حقها ولم ترعها أي انتباه .. ويربط الأسير الطفل من يديه وقدميه في تنقلات البوسطة حيث يسافر مع الكبار في "بوسطة" مشتركة من السجناء الجنائيين عرب ويهود وأسرى سياسيين .
5/ وفي حياة السجن يحرم الطفل الأسير من أدنى الحقوق فلا يكون السجن مكان للتعلم كما هو في كل أنحاء العالم إذ لا يوضع الطفل في سجن وإنما في مركز إصلاح .. يحرم الطفل الأسير من حقه في التعلم ويحرم من حقه في اللعب فلا يجد المكان المناسب لذلك ولا أدوات اللعب والتعليم .. وكذلك يوضع في ظروف معيشية سيئة حيث الاكتظاظ في الغرف وسوء التهوية والأكل السيئ وغير الكافي وحرمانه من الشراء من الكانتين الا بمبلغ محدود لا يكفي لاحتياجات الطفل المعتادة .
6/ ويحرم أيضا من التواصل مع أهله فيحرم من الاتصال الهاتفي وقد يعاقب بالمنع من الزيارة كما شهدت في سجن هشارون منع الأطفال من زيارة ذويهم لمدة ستة شهور ..
7/ أخيرا وليس آخرا الأطفال الذين يولدون في السجن أو يرافقوا أمهاتهم فتتفتح طفولتهم خلف الأبواب المغلقة والأسوار العالية حيث تقتل الطفولة في مهدها ويرى هذا الطفل المشهد الأول في حياته وقد كبلت يد وقدم أمه في سرير المشفى ويعيش الطفل الأسير حياة الأسرى الكبار متنقلا بين الأسرة الحديدية ولا يرى الا إغلاق الباب الحديدي من قبل وجوه حديدية متجهمة .. فلا حدائق ولا ألعاب الا ما تصنعه أيدي الأسيرات من بيئة تفتقر لكل شيء .. أذكر عندما أفرج عن طفلتي وهي في بداية السنة الثالثة من عمرها كانت تفرح كثيرا وتركض بطلاقة عندما تجد بابا مفتوحا ..
8/ وعندما نتحدث عن أسير مصاب ويحتاج الى العلاج فهنا تتحول الإصابة وطريقة العلاج الى أسلوب للتعذيب والابتزاز وأخذ الاعترافات المطلوبة .. يستغلون الجرح والألم ويضغطون عليه للمزيد من الآلام بدل تسكينها .. آلاف الأسرى المصابين تم الضغط على جروحهم وحرمانهم من المسكنات لأيام طويلة يرى فيها الأسير نجوم الظهر فما بالنا اذا كان هذا الأسير المصاب طفلا فهل يراعون طفولته .. قطعا هذا لم يحدث بتاتا ..
يقف القلم ويتجمد مداده عندما يحاول تصوير حياة هذا الطفل الذي انقضت على طفولته ذئاب مفترسة لا يوجد في قاموسها الا القهر والقمع .
هذه مجرد فكرة سريعة عما يجري للأطفال الأسرى خلف القضبان والحقيقة أشد مرارة إذ أنّى لي أن أصف حياة طفل في الزنازين يمكث فيها سبعين يوما ؟ وأنّى لي أن أحيط بتحقيق طويل يتعاقبه مجموعة من المحققين لا يعرفون فيه إلا عصر الطفل الذي بين أيديهم وإخراج كل ما لديه مما يعتقدون أنها كنز لهم وقد وقعت الفريسة بين أيديهم ؟ كيف يقضي هذا الطفل أيام طويلة من التحقيق ويداه مربوطتان من الخلف وهو جالس على كرسي صغير مربوط هذا الكرسي في الأرض ؟ الأمر كبير ولا يمكن أن يختزل في المشاهد التي رأيناها إذ ما خفي أعظم وما لم تستطع الكاميرا تصويره وتهريبه مريع ويستحق المتابعة والملاحقة لكل أشكال الإجرام التي تمارس ليل نهار مع أطفالنا .