غولدستون ذخيرة يُحظر تبذيرها
ذخيرة يُحظر تبذيرها
يديعوت- اليكس فيشمان
ترجمة مركز الإعلام
القاضي غولدستون هو رجل شجاع على نحو استثنائي. إنه أمر لا يستهان به أن ينهض شخص بمستواه فيعترف، أمام العالم، بالخطأ. الرجل مستعد لأن يفقد كل عالمه، بما في ذلك اسمه الطيب والسمعة التي جمعها، على أن يكون بوسعه أن يعيش بسلام مع ضميره. الأمر الأخير الذي ينبغي لإسرائيل أن تفعله الآن هو أن تنقض عليه وأن تعرضه كعدو للشعب اليهودي باعنا بثمن بخس. كما أن عرضه كشخص غير متوازن ومتقلب هو سخافة أيضا.
يعزز هذا الندم لغولدستون يعزز الموقف الأخلاقي لإسرائيل في العالم الحضاري أكثر من أي شيء آخر. فلا يمكن لأحد أن يتوقع أن يغير ندم غولدستون في شيء موقف العالم الإسلامي من الجيش الإسرائيلي ومن إسرائيل. ولكن يمكنه وينبغي له أن يؤثر على مصممي الرأي العام في الدول الحضارية التي يتغلغل السم المناهض لإسرائيل فيها عبر حركات حقوق الإنسان، الخضر، منظمات اليسار المتطرف والجماعات الهامشية على أنواعها. ارتبطت هذه المجموعات بالحركات الإسلامية المتطرفة فخلقت في العديد من دول أوروبا وفي أجزاء من الولايات المتحدة نزعا لشرعية إسرائيل. هذا السم العنيد – الذي ينتشر في بريطانيا، وإيرلندا، واليونان، وإسبانيا، وفرنسا، والشاطئ الغربي للولايات المتحدة، والدول الاسكندنافية بات يصيب هوامش المؤسسات في هذه الدول. أعضاء البرلمان، والحكومات، والجامعات والمثقفين. تهدد وسائل الإعلام بأن تجعل إسرائيل دولة منبوذة إلى جانب كوريا الشمالية وإيران. وهذه القوى تعد منذ الآن لشهر أيار القريب القادم "أم كل الاساطيل" إلى غزة. لا أحد يعرف كم سفينة ستكون هناك، ولكن هناك من يعتقد بأنها ستكون بالعشرات.
أشعل تقرير غولدستون الكراهية لدولة إسرائيل. وتصريحات غولدستون اذا ما استغلت على نحو سليم يمكنها أن تخفف من هذه الكراهية. فضلا عن ذلك فإن ندم غولدستون يمكن أن يستخدم ذخيرة للأغلبية الصامتة في الدول الغربية غير المكترثة في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني في واقع الأمر، ولكن عندما تشاهد التلفزيون وتسمع زعمائها، تفهم بأن الرواية الفلسطينية هي المحقة وإسرائيل هي النذل في هذه القصة.
كان غولدستون مستقيما بما يكفي حتى يأتي الآن ويقول أن إسرائيل، مع أنها عملت في الحرب على نحو غير سليم، إلا أنها استخلصت الدروس. وبالفعل مسموح لها بأن تعترف بأن تقرير غولدستون – مع كل الضرر الذي ألحقه بدولة إسرائيل – هزنا قليلا وشرح لنا ما هي المكانة الحقيقية لإسرائيل في العالم. كما فحص الجيش نفسه وحاكم الأشخاص الذين من المشكوك فيه أن يكون بوسع غولدستون أن يصل إليهم.
إذا ما اكتفى رجال وزارة الخارجية والوحدات الإعلامية على أنواعها بالشجب وبالشماتة لغولدستون، فإننا نكون قد وقفنا أمام أشخاص قاصرين. فمنذ أمس كان يتعين على الممثلين الإسرائيليين أن يظهروا في كل الشبكات العالمية مع قصة الندم لغولدستون، يغرقوا العالم بالإعلانات وبالمنشورات عبر وسائل الإعلام الحديثة والقديمة. إذا لم يحصل هذا أمس، واليوم وغدا، سيدفع الناس الثمن برؤوسهم. إذ أن الحرب ضد نزع الشرعية عن إسرائيل هي الحرب الأكثر إشكالية من ناحية دولة إسرائيل اليوم، ويُحظر أن نخسر فيها.<hr>