خبير إعلامي ينتقد بث المشاهد الدموية لمقتل القذافي
خبير إعلامي ينتقد بث المشاهد الدموية لمقتل القذافي
اذاعة صوت فلسطين- السبت 22-10-2011- انتقد رئيس دائرة الإعلام في جامعة بيرزيت د.وليد شرفا بشدة البث المكثف والمكرر على مدار ساعات طويلة يوم الخميس الماضي للمشاهد الدموية لمقتل العقيد معمر القذافي عبر الفضائيات العربية مؤكدا ان ما جرى يخالف المعايير المهنية والإنسانية واخلاقيات الاعلام التي تحرم بث هذه المشاهد.
واعتبر الشرفا في حديث لإذاعة صوت فلسطين ان قرار بث صور مقتل القذافي كان سياسيا بامتياز وليس مهنيا؛ خاصة وأننا نتحدث عن "وسائل إعلام تابعة لمؤسسات رسمية وصور تمر عبر قنوات فلترة"، لافتا الى ان الجهات التي تقف وراء تلك القنوات تريد إعادة إنتاج العقل والوعي العربي بـ"صورة تبقى إلى الأبد باعتبار ان هذا هو مصير الطغاة"، ذلك رغم أن "المتحكمين بتلك القنوات –في الغالب- هم أيضا ليسوا ديمقراطيين تماماً وقد يتحولوا في يوم من الايام الى طغاة جدد واكثر شراسة".
واكد الشرفا ان وسائل الاعلام اذرع (ًصور) لمؤسسات تاريخية (دول، احزاب، سياسات) مبينا ان الصورة باتت "اداة انتقامية سياسية" وان البث "تجاوز منطق التغطية والإخبار الى مستوى فرض ثقافة ما يريدها صاحب الصورة ومنتجها".
وتابع د.وليد الشرفا: "ان الدموية في البث -ضمن تعريف الصورة- تعكس الدموية الكامنة في عقلية مَن بث تلك المشاهد"، مشددا على ان هناك شبه قرار مطلق بعدم جواز نقل صور القتلى أوالضحايا، ومبينا ان هذا السياق المهني الاخلاقي للاعلام تلاشى امام سياقات خاصة واعتبارات من بينها "تصفية حسابات سياسية انتقامية ولصالح إنتاج عقلية جديدة وقيم مغايرة".
واوضح الشرفا ان تلك القنوات ترمي لاعادة انتاج الانسان العربي في سياق جديد من "الوحشية والدموية والفوضى واللاخلاقية تحت ستار من الاخلاقية ومقاومة الطغيان والتحرر والثورة"، ومبينا ان الثقافة التي يطرحها علينا هؤلاء "توفر علينا النقاش الاخلاقي لصالح التقاط الصورة وشهوة الدم والانتقام الذي يتم تسويقه باعتباره اصبح اخلاقيا هذه المرة".
واستطرد د.وليد الشرفا مبينا ان ما يجري عبر الفضائيات العربية (او حتى تلك الناطقة بالعربية) عملية تشريع للمشاهد والقيم المحرمة تحت شعارات ومصطلحات اكبر و"كأن عليك ان تختار اما بث تلك الصور أو ان تخسر مشهد (التحرر) كاملا" والحديث يدور عن ليبيا في هذه الحالة.
وردا على سؤال اذا ما كان الاعلام قد تحول الى طاغية هو الاخر، قال د.الشرفا: "اننا نعيش عمليات استنساخ للطغيان، فقد تجاوزنا كافة الاخلاقيات لصالح الانتقام ومواقف سياسية هدفها دفع المواطن العربي الى منطقة من شهوانية الدم واحتقار الانسان حيا او ميتا".
واشار الشرفا الى خطورة دور وتأثير وسائل الاعلام والفضائيات التي باتت كالطوفان خاصة وانها ذات بعد شمولي تطال كافة الفئات العمرية وتمارس عملية تثقيف اجبارية وليست فردية كما في وسائل الاعلام الاجتماعي كموقع فيسبوك مثلا...
وشبه الشرفا ما تبثه الفضائيات العربية بعملية رش غاز على سكان منطقة باسرها مبينا ان ضخ المعلومات والصور بهذه الطريقة يعني انك مجبر على المشاركة واتخاذ مواقف حددها لك السياق الاعلامي المنُتج للمعنى سلفاً، وفي حالة القذافي مثلاً يصبح من الصعب لانسان مهما كان عقلانيا وانسانيا واخلاقيا ان يقاوم ردة فعل الجماهير تجاه "طاغية" أو ان يستخدم اداة (ولكن) لانها اصبحت في هذه الحالة في موضع المحرمات او الشبهات.<hr>