-
1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 228
أقلام وآراء اسرائيلي
الليكود الحقيقي
بقلم: أسرة التحرير عن هآرتس
ان المناكفة اللفظية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت هي مناكفة عابثة. الطرفان الصقريان يخرجان منها كاسبين: ودولة اسرائيل خاسرة. نتنياهو يخرج كاسبا من المناكفة لانها تعرضه في ضوء وهمي من الاعتدال؛ اما بينيت في تصريحاته المتطرفة فيراكم المزيد من المقترعين من اليمين. ولكن الحقيقة هي أنهما كلاهما يقوداننا في ذات الطريق الى نحو ذات الضياع السياسي والفارق بينهما طفيف.
عندما يقول بينيت انه سيرفض اخلاء يهودي من بيته ويرد عليه نتنياهو بان الاقوال خطيرة وانه لن يشرك رافضين في حكومته – ينشأ الانطباع بانه وجهة نتنياهو نحو تسوية سياسية وان بينيت وحده هو العائق الوحيد الذي يقف في طريقه. اما الحقيقة فهي أن ليس لنتنياهو أي نية في الوصول الى تسوية يخلى فيها يهود من بيوتهم ولهذا فان الحديث يدور عن جلبة كبيرة على لا شيء.
ان نتنياهو وبينيت هما ممثلان لليمين المتطرف الذي لا يؤمن بالتسوية مع الفلسطينيين ووجهته نحو تعميق الاحتلال وبناء المزيد فالمزيد من المستوطنات من أجل عرقلة كل فرصة للتسوية. بينيت هو الليكود الحقيقي بقدر لا يقل عن نتنياهو، والاختيار بين الاثنين هو اختيار بين مساري استيطان واحباط للتسوية.
في المقابلات للتلفزيون كرر نتنياهو الرسالة في أن اسرائيل بحاجة الى رئيس وزراء قوي. رئيس وزراء قوي، يواصل ما فعله هو وبالاساس ما لا يفعله، في ولايتيه السابقتين اللتين كان فيهما رئيس وزراء سيء لاسرائيل. ولاية اخرى من الشلل السياسي، من اقعد ولا تفعل شيئا، من تفويت الفرص ومن تعميق عزلة اسرائيل في العالم هي خطر حقيقي.
مع بينيت وبدونه، حكومة الليكود بيتنا لا تعتزم السعي نحو انهاء الاحتلال. نتنياهو في أربع سنواته في رئاسة الوزراء الحالية فعل كل ما في وسعه كي يضعف السلطة الفلسطينية، شريك السلام، وأن يستفز حفنة الاصدقاء الذين تبقوا لاسرائيل في العالم. لا يوجد مؤشر على أن نتنياهو يعتزم في ولايته الثالثة أن يغير طريقه، حتى لو بقي بينيت خارج حكومته. فقيادة الليكود بيتنا مليئة برجال اليمين المتطرف من نوع بينيت، والمعركة معه لا ترمي الا الى طمس هذه الحقيقة المقلقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حكومة البيت اليهودي
بقلم: دوف فايسغلاس عن يديعوت
قال من قال ان المستقبل في اسرائيل معلوم وواضح دائما؛ فهو الماضي الذي يتغير بلا توقف. اجل ان مستقبل اسرائيل السياسي أصبح واضحا جدا، فنتنياهو هو الذي سيشكل الحكومة القادمة. ولم تستطع الاحزاب التي تسمي نفسها «مركزا» أن تتحد وفشلت في عرض مرشح وحيد مناسب في رأي الجمهور لولاية رئاسة الوزراء. ولهذا لن تجد احزاب المركز الأكثرية المطلوبة لانشاء حكومة اخرى.
ستكون حكومة نتنياهو الجديدة حكومة يمين متطرف هي شراكة «طبيعية» بين الليكود واسرائيل بيتنا والبيت اليهودي وشاس والاحزاب الحريدية. وبعد ان يضمن نتنياهو الأكثرية المطلوبة من بين شركائه في الرأي والموقف، يمكن ان يطلب من حزب أو احزاب من المركز ان تنضم الى حكومته لمنحه ظاهر توازن واعتدال – لكن من غير ان يكون للحزب المنضم تأثير حقيقي في مواقف الحكومة السياسية.
سيكون حزب البيت اليهودي الذي أخذ يقوى وبخاصة على حساب الليكود، الشريك الرئيس في الائتلاف القادم. ونتنياهو لا يريد ذلك لكن لن يكون له مناص لأن الارقام هي التي ستقرر، وفيما بين ذلك يحاول نتنياهو ان يصد نفتالي بينيت بالتفاف عليه من اليمين – في حمى تصريحات عن بناء متوقع في المنطقة e1 وفي شرقي القدس وفي مناطق يهودا والسامرة؛ والعالم ينفجر. فالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ينددان بتصريحات البناء بلغة لم يسبق لها مثيل في شدتها بيد ان مناضلة البيت اليهودي وبينيت تسبق كل شيء وتسوغ كل ضرر سياسي.
يخطئ من يوهم نفسه بأن الحكومة الجديدة بعد الانتخابات كما هي العادة ستعود الى الاعتدال في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني. لأن قدرة الحكومة الحالية المحدودة جدا على الدفع الى الأمام بمسيرة سياسية ستختفي تماما، فالشريك الائتلافي الكبير للمستقبل، نفتالي بينيت وحزبه، يرفضان اقامة دولة فلسطينية. ويقول بينيت ان الموقف الاسرائيلي الرسمي الذي يعترف بمبدأ الدولتين ويقبله وسيلة لتسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كارثة حكمها ان تبطل. واليهود لن يجلوا عن بيوتهم في اراضي «يهودا والسامرة»؛ وعلى كل حال فانه سيرفض شخصيا تنفيذ كل أمر عسكري يأمر بفعل ذلك. والعالم، بحسب رأيه المدروس، لا يهتم البتة بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني لأن هذا ما استنتجه من عنوان صحيفة في مدينة اميركية غير مهمة تناول بقرة محلية اسمها «متيلدا» ولم يتناول جبل الهيكل (المسجد الاقصى).
ان الحلف المتوقع بين البيت اليهودي وجماعة متطرفي الليكود – التي قويت جدا في الانتخابات التمهيدية – سيسلب نتنياهو ايضا القدرة على التظاهر بأنه يريد دولتين؛ وقد تظل تسمع شعارات خطبة بار ايلان. لكن من الواضح للجميع ان التفاوض السياسي لن يجدد بازاء زخم البناء الواسع في المناطق، وانه لن تنشأ دولة فلسطينية – سواء أكان ذلك خيرا أم شرا – بسبب الرفض المطلق لحل المستوطنات والانسحاب من أكثر المناطق التي تم احتلالها في حرب 1967. ولا أمل ألبتة في ان توافق التركيبة الائتلافية الموصوفة آنفا على وقف البناء أو تفكيك المستوطنات أو انسحاب ما؛ وقد انتهت أصلا رؤيا الدولتين.
ليس من الصعب ان نصف كبر الازمة السياسية التي ستدفع اليها اسرائيل اذا وحينما تحبط انشاء دولة فلسطينية في الظروف المعروفة. ان اسرائيل متعلقة تماما بالتأييد السياسي والعسكري للولايات المتحدة وإن جزءا كبيرا من التصدير الاسرائيلي هو لدول الاتحاد الاوروبي. وإن حكومة – كتلك المتوقعة – تسبب احباط حل الدولتين قد تجلب على اسرائيل ضررا ملموسا بالمصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية الأشد حيوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
صوتوا معارضين
بقلم: عنار شيلو ،عن هآرتس
بأي معنى نقول ان اسرائيل ديمقراطية؟ بلغت الهجمات على سلطة القانون ذروتها في ولاية بنيامين نتنياهو الحالية، وكذلك ايضا مظاهر كراهية الاجانب والأقليات. وليس الاجانب وحدهم بل أصبحت الطبقات الضعيفة ايضا موضوعا للتخلي والتنكيل الزائد من قبل السلطة، وهو ما جعل عدد الفقراء هنا يقترب من عدد المليونين الذي يثير القشعريرة.
ان وسائل الاعلام المستقلة والانتقادية تنحل وتحل بالتدريج وتستبدل بوسائل اعلام موجهة. ويكشف الخطاب الحالي في شأن لائحة الاتهام على افيغدور ليبرمان عن محاولة سافرة لثني جهاز القضاء كي يستصدر بسرعة لم يسبق لها مثيل ورقة تين لستر عورة ليبرمان والليكود بيتنا في الشهر الباقي حتى الانتخابات.
ان الشيء القليل الذي بقي من القيم الديمقراطية هنا هو الانتخابات الحرة. ومع ذلك فان عددا يزداد من المواطنين يرفضون المشاركة في اللعبة الديمقراطية، وانخفضت نسبة التصويت في الانتخابات من 80 في المئة الى 65 في المئة بل قد تكون النسبة أدنى من ذلك في الانتخابات القريبة. وتبين استطلاعات الرأي ان أكثر من ثلث الجمهور لم يستقر رأيهم على من يصوتون له. فحزب الحائرين واليائسين هو اذا الأكبر وعدده أكثر من 40 نائبا. فيستطيع الليكود بيتنا الذي تنخفض نسبته في استطلاعات الرأي ان ينظر اليه في حسد.
يمكن ان نصف مجتمعا يستغل 10 في المئة من المواطنين فيه فقط حقهم في التصويت. فهل هذا مجتمع ديمقراطي؟ من الواضح ان لا. فهو مجتمع تملي فيه أقلية صغيرة شكل القيادة وسياستها في حين تحتج الأكثرية الكبيرة وتبقى غير ممثلة. وان مجتمعا مثل مجتمعنا ايضا حيث تقترب نسبة الاقتراع من 50 في المئة بالتدريج، ليس ديمقراطيا بالضبط.
ان اسباب نسبة الاقتراع المنخفضة كثيرة، فان مواطنين كثيرين يعبرون بذلك عن عدم ثقة بالجهاز السياسي الذي يتآمر عليهم بدل ان يهتم بهم ويمثلهم. وهم لا يجدون حزبا يستطيعون التماهي مع برنامج عمله (إن كان موجودا أصلا) على نحو كامل وحتى حينما يغريهم البرنامج فانهم يشكون في انه سيحقق. والتصويت عند كثيرين ممن يصوتون هو مهادنة مؤلمة تقتضي تناول حبة دواء مضادة للاشمئزاز. وفي المقابل اذا سئل المواطنون لا أي حزب يؤيدون بل أي حزب يعارضونه أكثر من غيره فان نسبة الاجابة ستكون أعلى بما لا يقبل الموازنة. لأنه أسهل ان تلاحظ علما أسود ومواقف سياسية تثير الامتعاض. ويصعب احيانا ان نجد حزبا محبوبا لكنه أسهل بما لا يقبل الموازنة ان نلاحظ الحزب الذي نحتج عليه من أعماق القلوب.
ينبغي ان نزن اذا طريقة يمكن ان نسميها ديمقراطية احتجاج. وفي هذه الطريقة لا يصوت بالتأييد بل يصوت بالمعارضة. فكل مواطن ومواطنة يصوتان لحزب معروف يعارضانه أكثر من غيره وكلما حصل الحزب على عدد أقل من الاصوات زاد عدد اعضاء الكنيست منه على حسب نموذج رياضي يفحص عنه ويتم الاتفاق عليه مسبقا.
لهذه الطريقة مزايا كثيرة لأن نسبة الاقتراع فيها سترتفع كثيرا وتكون مشاركة المواطنين أكبر كثيرا. ويكون التصويت صادقا يوصل الاحتجاجات والتظاهرات الى آفاق سياسية. ونحاول بدل المهمة المتبجحة المثالية شيئا ما وهي انتخاب سلطة محبوبة، ان نضائل الشر وان ننتخب سلطة لها أقل قدر من المعارضة. ومن المنطقي ان نفترض ايضا ان تضائل هذه الطريقة قوة احزاب متطرفة (لأن لها عددا أكبر من الكارهين).
بدل الخطة الحالية والخطيرة التي هي تغيير طريقة الحكم والتي قد توصل قيادة متطرفة بلا توازنات وكوابح الى قدر أكبر من الحكم بل الى الاستبداد – توجد لديمقراطية الاحتجاج مزايا كثيرة يجدر ان نزنها قبل ان يصبح ذلك متأخرا جدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا ميرتس؟
بقلم: رونيت متلون ،عن هآرتس
أثارت بي مقالة ألون عيدان عن ميرتس («حزب بلا»، «هآرتس»، 10/12) تساؤلين: هل نحيا أنا وعيدان في نفس البلد حقا، وهل نحن الاثنان نقرأ حقا وبكامل الجدية نفس الصحيفة التي تنشر فيها مقالاته.
فيما يتصل بالصحيفة، لم يوجد قط صباح في السنتين الاخيرتين لم أفتح فيه صفحات صحيفة «هآرتس» مع شعور بالرجفة الداخلية، أقول أية مبادرة تشريعية حكومية مضادة للديمقراطية تتوقع اليوم. أي مطرقة ستقع وعلى أي مركب بالضبط من مركبات الديمقراطية التي بقيت هنا. ومن سيضايقون في هذه المرة وأي قدم سيقيدون. وكيف سيتم التعبير في هذه المرة عن محاولات التحطيم المكررة للبنى العميقة من الحياة الديمقراطية الاسرائيلية؟.
لأن هذه الحكومة تتجه الى هناك بالضبط وكذلك التي تليها كما يبدو، أعني الى تغييرات منهجية بعيدة المدى تشبه الفاشية في جوهرها في المستويات الأشد عمقا للبنى والمؤسسات الديمقراطية التي نشأت في المجتمع.
لكن الصحيفة مع كل ذلك ليست هي المجتمع الاسرائيلي كله، بل قد لا تكون شيئا قليلا من المجتمع الاسرائيلي. ففي المجتمع الاسرائيلي أوساط كاملة أوسع لا تهمها الديمقراطية ألبتة بل تثير فيها النفور والغضب كالحريديين أو كأكثر القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق ممن يصوتون لـ «اسرائيل بيتنا».
وماذا عن الباقين؟ كما يتبين من توزيع اصوات مصوتي احزاب «المركز» الباقون مستعدون كما يبدو للعيش مع قليل من الديمقراطية فقط لا مع قدر كبير جدا من الديمقراطية. ويجب ألا نبالغ. مثل ديمقراطية لليهود فقط لا للعرب، أو ديمقراطية لا تشتمل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي، أو ديمقراطية لا ترى أية صلة وأية علاقة بين الوضع الاجتماعي الاقتصادي والوضع الامني السياسي، كما يتبين بوضوح من مواقف حزب العمل.
يكشف كل تصوير جوي لبرلماننا عن حقيقة بسيطة قاطعة وهي ان ميرتس هي الحزب الوحيد في الكنيست الذي يناضل عن قيم الديمقراطية. انه الوحيد. وهناك ثلاثة اعضاء كنيست يحملون على كواهلهم وعلى كواهلهم فقط كل عبء الديمقراطية الاسرائيلية ويحاربون حربها. ولا يستحق أي واحد من الاحزاب التي تزين البرلمان كالأثاث في هذه اللحظة ان يتحدث بنقاء كفين باسم الديمقراطية ما عدا ميرتس: لا اليمين والحريديين بالطبع الذين يتحللون من الديمقراطية مباشرة أو غير مباشرة؛ ولا احزاب المركز المفبركة التي تقطع من كعكة الديمقراطية قطعا تلائم حميتها الضئيلة السعرات الحرارية؛ ويؤسفني ايضا أن حداش والاحزاب العربية لا تستحق ذلك وهي التي تؤيد بشار الاسد الذي يقتل شعبه علنا أو صمتا.
يبدو ان ما يوجد في مقدمة برنامج العمل ليس هو ما يسمى «المسيرة السياسية»، والجدل، اذا كان موجودا أصلا، في حل دولتين للشعبين أو دولة ثنائية القومية أو دولة «كل مواطنيها» هو غير واقعي ولا أساس يقوم عليه بقدر كبير مع أخذنا في الحسبان ان حكومة اسرائيل راغبة في ان تحادث نفسها في الأساس لا آخر ما ولا سيما الفلسطيني. ان ما يقف في مقدمة ترتيب الأسبقيات هو أي دولة بالضبط ستصنع أو لا تصنع السلام. وماذا ستكون أصلا. وماذا تكون طبيعة وصورة هذه الدولة وهذا المجتمع.
في الانطلاق المخيف غير المكبوح للكنيست والحكومة نحو سحق الديمقراطية يمكن بحسب شعوري ان نطمح فقط الى الخير الممكن لا الى الخير المطلق. والخير الممكن في هذا الوضع الكئيب يعني أمرا واحدا وهو محاولة مصممة وبطولية لمنع أو لمضاءلة الاضرار الكبيرة التي يسببها التهام ارض اسرائيل الجائع لـ «دولة اسرائيل»، قدر المستطاع. وعلى ذلك فان سؤال ماذا سيكون وجه المعارضة في الكنيست القادمة أهم بقليل فقط من سؤال ماذا سيكون وجه الائتلاف. ان المعارضة الحقيقية غير المفرغة من كل مضمون هي ميرتس في هذه اللحظة. ونوابها وهم برلمانيون ممتازون هم الذين يفعلون وسيفعلون العمل الذي أساسه محاولة منع أضرار أو مضاءلتها في الطوفان الكبير وليس هذا أمرا يستهان به.
اليكم قائمة جزئية لأصحاب الذاكرة القصيرة المتسرعة: نضال ميرتس في مواجهة التشريع المضاد للديمقراطية، ومن اجل مساعدة المصانع في ضائقة، ومن اجل زواج وطلاق مدنيين، وفي مواجهة خصخصة مؤسسات العلاج النفسي، وفي مواجهة العنصرية في السكن، ومن اجل تقريب المؤسسات العامة والمشاغل من أصحاب المحدودية، وفي مواجهة التركيزية في الاقتصاد. وكذلك التشريعات الكثيرة التي بادرت اليها ميرتس من اجل النساء اللاتي وقع عليهن العنف، وتأمين دخل النساء الماكثات في الملاجيء، وقانون الحلاقات الذي يضمن المصلحة العامة بدل مصلحة أرباب المال، وقانون حظر التمييز على خلفية ميل جنسي وقانون حماية الأدب والأدباء.
ينبغي ان نسأل الآن: ألا يوجد في كل هذا الفعل الحماسي والمسؤول والذي لا يكل شيئا من الكشف السافر عن «غريزة»، يحتج ألون عيدان على عدم وجودها عند ميرتس. من المؤسف جدا ان عيدان مثل كثيرين جدا في الخطاب الاسرائيلي، يلاحظ بواعث عنيفة حظيت باظهار اعلامي سافر مع غريزية وتحمس. ان الجهاز السياسي الاسرائيلي المريض مشحون بمظاهر البواعث العنيفة، ومليء بدرجات مختلفة من العنف والفراغ القاسي. لكن ينبغي ألا نخلط هذه القسوة بحماسة سياسية عقائدية كما ينبغي ألا ننعت رجلا يفرض نفسه على امرأة بأنه «عاشق».
يخيل إلي في نهاية الامر ان الاحتجاج على عدم وجود «غريزة» في ميرتس ينبع من نفس المكان بالضبط الذي تأتي منه الاصوات التي تشتاق الى زعيمي الحزب السابقين: شولاميت ألوني ويوسي سريد. فينبغي ان نقول من غير ان نقلل من قدر هذين الزعيمين الجليلين الجريئين انه كان ثمن لقدرتهما الخطابية وقوة حضورهما وقد كان هذا الثمن إيحاءا للاستكبار والابتعاد عن الجمهور الاسرائيلي.
صحيح ان زهافا غلئون لم تأت لا من نخبة حزب العمل ولا من نخبة الحركة الكيبوتسية بل مما يسمونه «الميدان»؛ لكن يبدو ان هذه الحقيقة ليست تسوء ميرتس بل هي في مصلحتها خاصة. ولولا ان اللقب شبه العنصري «زعيم أصيل» محفوظ عندنا للشرقيين والعرب فقط لأسموا غلئون «زعيمة أصيلة».
من المؤسف ان عيدان لا يلاحظ الشيء الجديد والمنعش والمهم الموجود لميرتس في نسختها القيادية الحالية وهو الشعور القوي بالمجتمع الاسرائيلي ومشكلاته والذي لا يأتي على حساب الشعور بمشاكل الفلسطينيين والطموح الى انهاء لعنة الاحتلال بل بالعكس تماما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
هيغل هو مقياس الكشف عن اوباما
بقلم: إيزي لبلار ،عن اسرائيل اليوم
ان ترشيح السناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل لمنصب وزير الدفاع سيكون مقياس الكشف عن نية اوباما ان يعود الى الخط المضاد لاسرائيل برغم ان الرئيس أيد اسرائيل في خلال المواجهة العسكرية في غزة واستعمل في الاسبوع الماضي النقض الاميركي في الامم المتحدة.
شكك هيغل، وهو من كبار أعداء اسرائيل في التيار المركزي في الساحة السياسية، في الماضي بوطنية الجماعة اليهودية الاميركية. واتهم اعضاءها بولاء مزدوج باعلانه أن «جماعة الضغط اليهودية تخيف الكثير من الناس»، و»أنا سناتور الولايات المتحدة لا سناتور اسرائيلي».
ان السجل الذي أظهره على اسرائيل كان على الدوام معاديا ومضادا لتوجهات التيار المركزي في مجلس النواب. وهو واحد من السناتورات الاربعة الذين رفضوا التوقيع على رسالة تأييد مجلس الشيوخ لاسرائيل في فترة الانتفاضة الثانية. وفي حرب لبنان الثانية قسم هيغل الاتهام بالمواجهة على نحو متساوٍ بين اسرائيل وحزب الله ورفض بعد ذلك التعبير عن تأييد لجهود اقناع الاوروبيين بالقطيعة مع حزب الله باعتباره منظمة ارهابية. وفي 2009 حث اوباما على بدء محادثات مباشرة مع حماس وفي هذا الشهر في أوله نشر «المجلس الاطلنطي» الذي يرأسه عنوانا على الصفحة الاولى هو «سياسة الفصل العنصري لاسرائيل». وعارض هيغل ايضا بصورة لا تكل فرض عقوبات على ايران أو عملية عسكرية عليها، وقال منذرا ان ايران الذرية أمر لا يمكن منعه بل انه رفض ان يؤيد اضافة الحرس الثوري الايراني الى قائمة كيانات الارهاب.
كان عند هيغل الكثير من الاحترام للاسد الأب وابنه. وفي 2008 شارك مع السناتور كيري (المرشح لمنصب وزير الخارجية) في كتابة مقالة نشرت في صحيفة «وول ستريت جورنال» كان عنوانها «حان الوقت لمحادثة سوريا». «عمل قادة سوريا دائما عن تقديرات باردة من اجل الحفاظ على النفس ويبين التاريخ ان الدبلوماسية النشيطة قد تؤتي أكلها»، كتب، وحث الولايات المتحدة على بدء حوار مع دمشق.
بناءا على السجل السياسي الأدائي الذي لا نظير له هذا، حثت حتى أسرة الـ «واشنطن بوست» الليبرالية اوباما على تأجيل التعيين وأعلنت ان ليس من المناسب ان يشغل هذا المنصب الحساس جدا شخص يتمسك بمواقف تقع «في هامش مجلس الشيوخ». وصرح بيرت ستيفنس، وهو صاحب عمود صحفي كبير في «وول ستريت جورنال» بأن تعيين هيغل سيحقق تصوره الذي يقول ان اوباما ليس صديق اسرائيل.
ان ترشيح هيغل في واقع الامر سيظهر هل الديمقراطيون اليهود الموالون لاسرائيل الذين صوتوا لاوباما لهم تأثير ما أو هل ينظرون اليهم على نحو مفهوم من تلقاء نفسه على أنهم مؤيدو الديمقراطيين دونما صلة بسلوك الحزب نحو الدولة اليهودية.
لخصت منظمة «صهاينة اميركا» شخصية هيغل بأنه «مدافع مخيف وخطير عن مجموعات مثل حماس وحزب الله ومثل النظام الارهابي الايراني ايضا مع كونه ربما واحدا من أشد منتقدي اسرائيل وأكثرهم عداءا لها».
وأسمع مدير الاتحاد المضاد للتشهير، إييف فوكسمان، الذي يتهمه يمينيون كثيرون على الدوام بأنه يتنازل للمؤسسة الليبرالية بصورة غير مناسبة، صوته على نحو لا لبس فيه. فقد أعلن ان سجل هيغل فيما يتعلق باسرائيل وعلاقة الولايات المتحدة باسرائيل «مقلق في أحسن الحالات، ومقلق جدا في اسوئها، وتبلغ المشاعر التي عبر عنها فيما يتعلق بجماعة الضغط اليهودية معاداة السامية كما عند الاستاذين الجامعيين جون ميرشهايمر وستيفن وولت والرئيس السابق جيمي كارتر».
وذكر كين باندلر، متحدث اللجنة اليهودية الاميركية، ان هيغل في 1999 كان هو السناتور الوحيد الذي رفض ان يوقع على رسالة حذرت رئيس روسيا يلتسين من انه اذا لم يتخذ خطوات تقضي على معاداة السامية الطاغية في دولته فان الولايات المتحدة لن تؤيده.
ينبغي ان نفترض ان يتم تحدي الموافقة على تعيين هيغل. فبرغم انه يتمسك بمواقف تعارض تماما توجه مجلس النواب في العلاقات الخارجية، سيكون رفض ترشحه مركبا بسبب حقيقة انه سناتور جمهوري سابق.
اذا عين لمنصب وزير الدفاع شخص عارض على الدوام فرض عقوبات على ايران وعملية عسكرية عليها ايضا فسيضعضع ذلك أمن اسرائيل ويثبت مبلغ صدق اوباما في حديثه في خلال الانتخابات الرئاسية حينما عاد وأعلن ان ايران لن تصبح أبدا قوة ذرية في مدة ولايته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ملائم كالقفاز على اليد
بقلم: نداف ايال ،عن معاريف
ثمة شيء ضيق بعض الشيء، إن لم نقل قروي، في فحص تعيين جون كيري فقط من خلال زاوية النظر الإسرائيلية. ففي السنوات القريبة سيكون السناتور القديم مسؤول عن ادارة دبلوماسية القوة العظمى الأهم في العالم. وهو سيكرس للشرق الاوسط زمنا كثيرا، ولكن بالتأكيد ليس جل زمنه. سيقف أمام تحديات احتواء النفوذ الصيني في منطقة آسيا – الهادي، ادارة الخروج من افغانستان، الازمة النووية مع ايران، تواصل العلاقات المعقدة والمتوترة مع روسيا، صعود القوة الاقتصادية لافريقيا وغيرها.
كيري هو احد الأصوات البارزة والرائدة في الحزب الديمقراطي في الشؤون الخارجية منذ سنوات عديدة، لا سيما في العقد الاخير. بطل حرب، ابن لعائلة مميزة وأب دبلوماسي، حلم كيري دوما في أن يكون رئيسا. ولكن بعد أن فشل في انتخابات 2004 توجه الى النشاط التقليدي لسناتور كبير – بناء مكانة شخصية دولية مع تجربة واسعة وعلاقات متفرعة.
علاقاته الطيبة مع اوباما – فان كيري هو المسؤول عن الاختراق الاكبر له في الوعي الوطني في الخطاب في المؤتمر الديمقراطي في 2004 مما ساعده بلا ريب في ترسيخ هذه المكان. كان اوباما هو الذي كلف السناتور الكبير بمهمات كمبعوث شخصي للرئيس وهكذا بناه عن قصد كوريث محتمل لهيلاري كلينتون. قد لا يكون كيري هو الخيار الاول لاوباما – فقد كانت هذه على ما يبدو سوزان رايس – ولكنه اثبت نفسه من ناحية الادارة في الاختبارات الاولى للعمل الدبلوماسي بتكليف من البيت الابيض: قدرة، ولاء وسرية.
والان بالنسبة لإسرائيل. الرئيس الاميركي هو مثالي في السياسة الداخلية وواقعي برغماتي في السياسة الخارجية. اميركا اوباما تعمل في العالم انطلاقا من اعتبارات واقعية، باردة وشبه محافظة. وخلافا لجورج بوش، الذي تبنى اراء رومانسية (الديمقراطية في العالم العربي، معاقبة محور الشر)، فان اوباما برغماتي وأكثر توازنا. ليس لديه مكان للولاءات القديمة، ليس لبريطانيا «التحالف التاريخي» وليس للباكستان باسم «التعاون الامني».
توجد كلمتان تقودانه: مصلحة اميركا؛ بالنسبة لاوباما، في السياسة الخارجية (خلافا للسياسة الداخلية) يوجد مكان محدود للقيم. النماذج: لو كان نجح مبارك في أن يقمع بالقوة الثورة المصرية في غضون اسبوع، لكانت ادارة اوباما عانقته بحرارة. وادارته هي أيضا التي تجاهلت الثورة الخضراء في ايران. عندنا، عندما كان احساس بانه يمكن تحقيق تقدم في المسيرة السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية، فقد حاول اوباما؛ ولكن عندما فشلت المحاولة اعلن بان «نحن لا يمكننا أن نرغب في السلام أكثر من الطرفين»، وترك الشرق الاوسط على راحته.
كيري مناسب لاوباما كالقفاز لليد. واضح أنه عند مراجعة تصريحاته في شؤون اسرائيل، فانه يعارض المستوطنات، مثلما اشير هنا في نهاية الاسبوع. كل مسؤول اميركي (بما في ذلك الجمهوريين) شغل هذه المناصب – من هيلاري كلينتون وحتى جيمز بيكر عبر كونداليزا رايس وكولين باول – عارض بشدة البناء في المستوطنات. ولكن يجدر الانتباه الى تصريحات كيري التي تتناول الطلب الاميركي للوقف المؤقت للبناء في المستوطنات كشرط للمفاوضات مع الفلسطينيين، الطلب الذي طرحه في حينه الرئيس اوباما على نتنياهو (الذي وافق عليه).
«عارضت الجهد العلني المتواصل هذا (وقف البناء) في المستوطنات لاني لم أعتقد أبدا بان هذا سينجح، وعمليا، اضعنا سنة ونصف على شيء لم يكن عمليا، لكل أنواع الاسباب، قابلا للتحقق. فالمفتاح (لتحقيق الاتفاق) هو الوصول الى ترسيم الحدود ومتطلبات الامن، واذا ما توصلت الى ترسيم الحدود فانك تكون قد حللت بذلك مشكلة المستوطنات».
بتعبير آخر – فان كل طلب «مبدئي» من نوع الشرط الاولي هو عقيم في نظر كيري. وهو يركز على الهدف – تحقيق تسوية دائمة، يتقرر فيها مصير المستوطنات. هذا نهج برغماتي على نحو رائع. فمع أن السناتور الكبير من مساشوستس يعتبر صديقا قريبا لاسرائيل، الا ان التزامه أدنى من التزام هيلاري كلينتون. والسبب مزدوج. فكلينتون كانت تلهو، وربما لا تزال تلهو بفكرة الترشح للرئاسة في 2016، وهذا يلزمها في ان تكون حذرة جدا في مواجهة محتملة مع اسرائيل. اما الامال الرئاسية لكيري فليست قائمة. فقد خسرها في 2004، وهذه هي محطته الاخيرة. كما أن كلينتون تشعر بالتزام عاطفي، شبه عائلي، لاسرائيل. اما كيري فيمكن أن يسمح لنفسه ببعض الابتعاد.
وبالمناسبة، في أمر واحد نجدهما متشابهين: محافل في واشنطن تبلغ عن أن جون كيري يكن لرئيس الوزراء نتنياهو ذات مستوى العطف مثل كلينتون – مستوى منخفض جدا، لمن له شك، كالمستوى الذي نشأ في الولاية الاولى تجاه نتنياهو في أعقاب علاقاته المهزوزة مع بيل كلينتون. لهذه العناصر الشخصية توجد اهمية محدودة، بالطبع. نتنياهو، كيري وكلينتون يعرفون كيف يضعون جانبا المشاعر الشخصية من أجل المصالح المشتركة، ولكن بالتأكيد لا يدور الحديث عن قفزة درجة في الكيمياء الشخصية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>