-
1 مرفق
اقلام واراء حماس 225
أقلام وآراء حماس (225)
حماس في الفكر الإسرائيلي (5)
المركز الفلسطيني للإعلام،،، علاء الريماوي
سيناريو سوري قاتم بتوقيع روسي أمريكي
المركز الفلسطيني للإعلام،،، د. إبراهيم حمّامي
مشعل إذ يرسم للفلسطينيين خريطة التحرير
فلسطين الآن،،، مؤمن بسيسو
عبقرية الإفلاس
فلسطين الآن،،، محمود العجرمي
رحلة إلى المجهول
فلسطين الآن،،، أغر ناهض الريس
حماس في الفكر الإسرائيلي (5)
المركز الفلسطيني للإعلام،،، علاء الريماوي
في قراءة التاريخ الحديث يتعب كثرة الاختلاف في تحليل المواقف لكن حين تعيش أنت مراحل الأحداث تنظر من مكان علي، تثبت وتنفي وتسوق الرواية الدقيقة للمستقبل.
هذا الحديث ما تحتاجه اليوم الحركة الفلسطينية من تأصيل، وكتابة وتدقيق للرواية التاريخية التي باتت تندثر مع مرور الزمن وكثرة الأحداث المتكررة.
هذه المقدمة أردتها في سياق الكتابة عن مرحلة مهمة في تاريخ حماس والقضية الفلسطينية والمرتبطة بأحداث الانقسام الفلسطيني ومسبباته وأثره على حركة حماس من وجهة نظر المؤسسة الإسرائيلية.
في متابعتي للأوراق الإسرائيلية وتناولها لمسألة الانقسام كان السلوك الإسرائيلي والغربي لا يعترف بمخرجات الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في العام 2007 فركز التعامل مع مؤسسة الرئاسة وبعض الوزراء خارج حماس مما خلق صورة وتصورا من أن الحكومة القائمة مصادرة الصلاحيات مشلولة التحرك.
برغم هذا المعطى الحقيقي كانت أصابع (إسرائيل) تدعم أطرافا فلسطينية في قطاع غزة تمولها وتفتح لها المجال لبناء قوة قادرة على حسم الأمور حيث اشترك في التأسيس لذلك كل من مصر، دولة الإمارات العربية وبعض من الدول التي تدور في ذات المخطط.
هذا العمل لم يكن بعيدا عن تخطيط رعته ( إسرائيل) حيث كشفت بعض المعطيات كم التعاون مع محمد دحلان ودعمه من خلال حجم السيطرة التابعة له في معبر إيرز وحركة الاتجار الخاصة في بعض الأصناف خاصة الرئيسية منها.
مضافا إلى ذلك وهو الأهم حجم التنسيق ومستواه مع الرجل وطاقمه بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية والتي زودت الجهاز السياسي بدورها بقدرة دحلان على حسم غزة وإنهاء ( حكم حماس ).
هذا الحكم لم يسقط بل كانت المحصلة أن سيطرت الحركة على قطاع غزة وحصلت القطيعة التي قبلتها الحركة وتعاطت معها من خلال بناء قواعد حكمها وفق رؤية أن قطاع غزة يحتاج إلى إعادة صياغة لم يتعودها من قبل، خاصة بعد أعوام الإفساد التي أصابت كل شيء.
هذه الصياغة بدا عليها لون الدم في أكثر من مرحلة حتى إستقر الأمر قبيل حرب غزة في العام 2008 التي وصلت فيها قناعة حكومة أولمرت أن الأوان حان لقطاف نتائج حصار أهلك الحرث والنسل، خاصة بعد ضغط مورس من النظام المصري طلب وبشكل رسمي من دولة الاحتلال أن وضع غزة التي أحرجه وأظهره في شكل الشريك في حصار هو رأس حربته.
هذا الطلب توافق مع قناعة غربية و(إسرائيلية ) ودور دحلاني ساهم في شن حرب أرادت رأس حماس استمرت 30 يوما أظهرت فيها المقاومة قدرة على الصمود أذهلت المؤسسة العسكرية خاصة بعد أن نجحت الداخلية بغزة بقيادة الشهيد سعيد صيام في ضبط الأوضاع الداخلية التي لا بد من أن تسجل لأهل غزة الذين ما تولوا يوم زحف وما ضربوا يوما مقاومتهم في الظهر بل على الدوام كانوا يضربون المثل في التضحية والعطاء.
هذا الصمود أدخل حكومة أولمرت في أزمة الحسم بعد قراءة بدت تطفو على السطح من أن الدخول البري سيكلف إسرائيل قرابة 30 الف قتيل مع احتمال اندلاع حرب على جبهة الشمال التي كانت فيها المقاومة اللبنانية تلوح في هذا الخيار.
أزمة أولمرت وصمود غزة أثمرت نصرا نوعيا في فشل مخطط إسرائيل الذي أعطى حماس شرعية جماهيرية أممية في حكم غزة وأظهر خصومها كأدوات في يد الاحتلال خاصة أن السلطة في رام الله فشلت في إقناع الناس بدورها أثناء الحرب.
هذه النتيجة أدخلت المعادلة الدولية إلى غزة خاصة تركيا، وقطر، وإيران وأكسبت الحركة دعما كويتيا سعوديا غير علني خاصة في تسهيل مهمة منظمات المجتمع المدني التي كان لها دور مهم في دعم صمود غزة.
هذا الواقع عجل في إنهاء حكم حزب كاديما لصالح نتنياهو الذي قبل معادلة التعاطي مع قطاع غزة عبر ما يعرف بسياسة ابتزاز الرئيس عباس من خلال دعاية عدم توفر شريك وروج لها في العالم خاصة بعد ضغط الولايات المتحدة على الكيان بضرورة العودة إلى عملية السلام.
هذه العودة كان مفتاحها برأي الدعاية الإسرائيلية عودة القطاع إلى حكم عباس والذي بذل فيه جهدا كبيرا من خلال المصريين اللذين عكفوا على بلورة مقاس لتسوية ستخرج حماس من اللعبة السياسية.
هذا المقاس رفضته حماس وتملصت منه بشكل هادئ حتى جاءت موجة الربيع العربي الذي أضاف لحماس متغيرات قوة سنتحدث عنها في الحلقة السادسة إن شاء الله.
سيناريو سوري قاتم بتوقيع روسي أمريكي
المركز الفلسطيني للإعلام،،، د. إبراهيم حمّامي
واهم من يؤمن بالصدفة في عالم السياسة، وأكثر وهماً من يعتقد أن ما يجري هو من قبيل التزامن البريء بين موقف وآخر، خاصة في ظل تبادل الأدوار الممارس في الشأن السوري بين الشرق والغرب وتحديداً بين روسيا والصين من جهة وبين الولايات المتحدة وأوربا من جهة أخرى، والذي ظهر جلياً في مهزلة مجلس الأمن وعجز العالم عن وقف نزيف الدم السوري في مجلس الأمن تحت حجة الفيتو، وهو ما لم يكن سبباً للعدوان على العراق أو التدخل في البوسنة وكوسوفو.
فجأة لم يعد يشغل كل هؤلاء إلا السلاح الكيماوي الذي يستعد نظام بشار لاستخدامه، لم يبق مسؤول أو زعيم إلا عبّر عن قلقه ومخاوفه من استخدام الكيماوي، وهدد آخرون أنهم على أهبة الاستعداد للتدخل لمنع النظام السوري من استخدام الكيماوي ضد شعبه - وكأن استخدام باقي الأسلحة الفتاكة مسموح ومقبول – وبدأ الاعلام يتحدث عن خطط جاهزة ومناورات في الأردن، وقوات أمريكية اسرائيلية مدربة للسيطرة على الأسلحة الكيماوية خلال دقائق بعد رصد أماكنها، إضافة لأفلام إثارة على بعض المنابر الاعلامية.
وفي تزامن غير بريء وصدفة ليست بصدفة خرجت تصريحات وتقارير لمراكز أبحاث ومواقف جديدة نرصد منها:
• أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اعتراف الولايات المتحدة بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة ممثلا شرعيا للشعب السوري – 11/12/2012.
• أقر المشاركون في اجتماع «أصدقاء سوريا» بمراكش، الذين مثلوا 114 دولة بالاعتراف به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري- 13/12/2012.
• نقلت صحيفة الديلي تلغراف تقرير للمخابرات الأميركية أنها تقدر نهاية رئيس العصابة الأسدية بثمانية إلى عشرة أسابيع فقط بعد النجاحات التي أحرزها الجيش الحر 07/12/2012
• روبرت فورد، السفير الأمريكي لدى سوريا " أيام نظام الأسد في الحكم باتت معدودة، خاصة مع تزايد وتيرة المعارك في محيط العاصمة دمشق" 07/12/2012
• رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي يتوقع "سقوط نظام الاسد في غضون اسابيع قليلة"، داعيا الثوار السوريين الى "التعامل بحكمة مع ابناء الطائفة العلوية"، مضيفاً "المعلومات تشير الى ان الامور ستتغير في سوريا خلال اسابيع"، 06/12/2012.
• ذكرت صحيفة "كومرسانت" الروسية، أن روسيا تقاوم ضغوط الولايات المتحدة؛ كي تقنع الأسد بالاستقالة وقال تقرير الصحيفة إن "روسيا لا تعتزم إقناع الرئيس السوري بترك منصبه طواعية" وأن "موسكو مقتنعة بأن الأسد لن يخرج طواعية"، وتابع التقرير أن وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون أبلغت نظيرها الروسي سيرجي لافروف، خلال اجتماعها مؤخرا في دبلن أن حكومة الأسد ستسقط إن عاجلا أم آجلا، وأنه إذا لم تكن هناك حكومة انتقالية فمن المرجح أن تسقط سورية في الفوضى والعنف والاقتتال الطائفي، 12/12/2012.
• قالت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية اليوم أن المشهد السوري الآن في ظل حصار المعارضة السورية للعاصمة دمشق، يشير إلى أن أيام الرئيس السوري بشار الأسد باتت معدودة، 10/12/2012.
• اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اليوم الخميس أن النظام السوري يفقد سيطرته على البلاد، من دون أن يستبعد احتمال انتصار المعارضة. ونقلت قناة "روسيا اليوم"عن بوغدانوف، قوله في كلمة ألقاها أمام الغرفة الاجتماعية الروسية "يجب النظر إلى الوقائع.. النظام والحكومة السوريين يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر". ، 13/12/2012
• خبراء: سقوط نظام الأسد ليس وشيكاً، تقرير لصحيفة الحياة 16/12/2012
مقابل ذلك، اتخذت الولايات المتحدة خطوة غير مفهومة - في حينها - بإدراج أحد التشكيلات السورية على لائحة الارهاب الخاصة بها - جبهة النصرة - لتتبعها الاستخبارات الاسرائيلة بتقرير يتحدث عن قرب سيطرة جبهة النصرة - هكذا - على أسلحة كيماوية، حيث ذكر تقرير استخباراتي اسرائيلي نُشر الأسبوع الماضي أنه "اذا فشل الاسد في منع مقاتلي "القاعدة" من الوصول الى مخازن السم والاسلحة الكيمائية في "السفيرة" وبالتالي ينجح تنظيم القاعدة ويتسلح بالاسلحة الكيمائية لاول مرة، ساعتئذ تضطر الولايات المتحدة على القيام بهجوم جوي – ليس على جيش الاسد بل على مقاتلي المتمردين الذين يقاتلونه، لانه اذا تمكن مقاتلو القاعدة من السيطرة على مخازن الاسلحة الكيمائية، فمن المتوقع ان يطلقوا الصورايخ ذات الرؤوس الكيمائية ضد مراكز نظام الاسد في دمشق. فسقوط "السفيرة" يحول الحرب الاهلية السورية الى حرب الصواريخ الكيمائية".
وتكتمل الصورة بالتحذيرات التي وجهتها أجهزة بشار حول احتمال إطلاق أسلحة كيماوية على المناطق السكنية من قبل "مجموعات إرهابية" لاتهام النظام بها.
زاوية أخرى لا تقل أهمية، وهي التقارير المتواترة التي تتحدث عن فرار قيادات "علوية" كبيرة مع عائلاتها للساحل، وخبر آخر بالأمس عن فرار أحمد جبريل - حوّل فصيله الفلسطيني إلى فصيل شبيح - من مخيم اليرموك إلى طرطوس، وأنباء سابقة عن فتح فرع للمصرف المركزي السوري في منطقة الساحل، وتأهيل مطار زراعي في طرطوس ليصبح مطاراً مدنياً – تصريحات نزار اسماعيل موسى محافظ طرطوس في 20/09/2012، وغيرها من الاستعدادات القائمة على قدم وساق لتجهيز جيب ساحلي – دويلة - يشكل ملاذاً حصيناً لعصابات البعث وبشار، ومن ثم بداية تطبيق السيناريو المرسوم.
لماذا كل ما سبق؟
نضع الإجابة في النقاط التالية:
• وقف العالم "المتحضر" متفرجاً تاركاً الشعب السوري يواجه آلة القتل والاجرام وحده
• من مصلحة روسيا والولايات المتحدة، ومن أجل عيون "اسرائيل" أن يتم تدمير سوريا كبلد ووطن ومؤسسات، وهو ما قام به نظام الاجرام بقيادة بشار
• إطالة أمد الثورة السورية سيحقق المزيد من الدمار، وإضعاف البلاد لسنوات طويلة
• تبادلت الولايات المتحدة وروسيا الأدوار لإجهاض أي قرار في الأمم المتحدة، ولتبرير عدم دعم الشعب السوري
• التدخل سيكون فقط في اللحظات الأخيرة لمنع تحقيق انتصار شعبي على النظام، ولإبقاء الوضع في موضع المراوحة، تماماً كما حدث في البوسنة
• لابد من إيجاد مبررات للتدخل في اللحظات الأخيرة
• لذلك لابد من وجود طرفين "رسميين" متحاربين، وهو الأمر الذي لم يكن حتى تم الاعتراف الأخير بالائتلاف الوطني قبل أيام
• أصبح الآن هناك نظام رسمي هو نظام بشار، وائتلاف يعتبر ممثلاً شرعياً لكن ليس وحيداً، وبالإمكان التدخل للفصل بين الطرفين
• بعد الضربات والهزائم المتتالية سينكفيء بشار وعصابته للساحل لتنفيذ مخططهم بإقامة دويلة حصينة، وهو ما سبق ووضحته تفصيلياً في تقرير مطول تحت عنوان خيار الأسد الأخير – الدولة العلوية:
http://www.drhamami.net/lasthope.pdf
• الخيار بات متداولاً وبشكل كبير، واليوم تتحدث إحدى الصحف البريطانية وبوضوح، حيث تشير صحيفة صندي تايمزإلى أنه "لن يعترف بدويلة الجيب العلوي في الساحل السوري لو قامت سوى إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا" 16/12/2012.
• سيستخدم بشار السلاح الكيماوي من منطقة الساحل ضد باقي المناطق السورية، بعد أن يضيق عليه الخناق، وربما يتهم "العصابات المسلحة" الموضوعة على "قوائم الارهاب" بذلك، لأنه جز لا يتجزأ - أي النظام- من الخطة والمؤامرة على تدمير سوريا.
وهنا يأتي تنفيذ السيناريو المنتظر والمتفق عليه بين روسيا والولايات المتحدة إضافة للمجرم بشار، والذي هيأوا له الأسباب والمبررات على مدى الأسبوعين الماضيين!
سيتم التدخل الدولي العسكري المباشر في سوريا، ليس دفاعاً عن الشعب السوري ولكن إجهاضاً لثورته، ومنعاً له من تحقيق الانتصار الكامل على الطاغية.
يقول ماجد آل عبد الجبار وباختصار شديد لهذا السيناريو "هجرة علوية للساحل مع استعداد عسكري غربي وتهديد بالتدخل عند استعمال الكيمياوي! استخدام!فتدخل!ففصل بين الطرفين وحماية لدولة علوية".
ما يجري ليس صدفة أو تزامن، لا التصريحات ولا التقارير ولا المواقف ولا الاعترافات ولا إدراج جبهة النصرة على قوائم الارهاب، كله يأتي في إطار التمهيد والاستعداد!
هذا ما يريدونه وهذا ما يخططون له وهذا ما ساعدهم ويساعدهم عليه نظام بشار المجرم.
لكننا على ثقة أن الشعب السوري البطل الذي سجل أروع الملاحم في التضحية والفداء والاصرار على نيل الحرية، لن يقبل أبداً بإجهاض ثورته، ولا بتدخل عسكري سافر يأتي فقط لتنفيذ مخطط حماية "اسرائيل" بعد أن أصبح سقوط النظام الحامي لها وشيكاً، حتى لو تطلب الأمر ثورة أخرى جديدة ضد غزاة جدد، تآمروا عليه وشاركوا في ذبحه.
مشعل إذ يرسم للفلسطينيين خريطة التحرير
فلسطين الآن،،، مؤمن بسيسو
أيا كانت القراءات السياسية التي أسهبت في تحليل أبعاد زيارة خالد مشعل لغزة، فإن هذه الزيارة أذنت بمرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وصراعه مع الاحتلال الإسرائيلي، ووجدت ترجمتها العملية وتجسيداتها الحقيقية في الخطاب التاريخي الشامل الذي ألقاه مشعل أمام مئات الألوف بمدينة غزة في ذكرى تأسيس حماس الخامسة والعشرين، وما تلاه من لقاءات مع القوى الفلسطينية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، مما شكل -بحق- خريطة تحرير، شاملة وحقيقية، للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية، ودستورا رصينا للعمل الوطني الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة.
تأصيل المواقف والسياسات
أولى معالم وأصول الخريطة التي رسمها مشعل تمثلت في جمع الموقف الفلسطيني، فصائليا وشعبيا، على الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية بعيدا عن أي بخس أو انتقاص باعتبار ذلك أرضية الانطلاق نحو التحرير، والقاعدة الأساسية التي يرتكز عليها المشروع الوطني الفلسطيني.
مشعل استطاع إعادة الاعتبار لبرنامج الحقوق والثوابت الوطنية الذي أحدث فيه الرئيس أبو مازن ثلمة كبيرة إن لم يكن شرخا واسعا عبر تصريحاته الخطيرة حول حق العودة
وبكثير من الثقة يمكن القول إن مشعل استطاع إعادة الاعتبار لبرنامج الحقوق والثوابت الوطنية الذي أحدث فيه الرئيس أبو مازن ثلمة كبيرة إن لم يكن شرخا واسعا عبر تصريحاته الخطيرة حول حق العودة التي لاقت رفضا فلسطينيا شاملا في الآونة الأخيرة، وضمان انحياز كافة القوى والفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها فتح، لهذا البرنامج، يسنده الانتصار السياسي الفلسطيني في الأمم المتحدة الذي أسهم في رفع سقف الخطاب الرسمي للسلطة وفتح في مواجهة التعنت الإسرائيلي، وسمح -بالتالي- بحالة فلسطينية مواتية أكثر ما تكون اقترابا بين الفصائل الفلسطينية من أي وقت مضى.
ومن هنا فقد التقط مشعل أهمية اللحظة التاريخية السانحة ليضع نواة البرنامج الوطني في حِجْر قوى العمل الوطني الفلسطيني، ويهيئ للخطوة التالية (تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام) التي ستعبد الطريق أمام بلورة الإستراتيجية الفلسطينية الشاملة إبان المرحلة المقبلة.
أولوية المصالحة
يدرك مشعل أن إعادة صياغة الواقع الفلسطيني الداخلي وبناء استراتيجية وطنية شاملة تقود الفلسطينيين نحو النصر والتحرير تبدأ بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام.
لذا، كان مشعل أكثر ما يكون تركيزا على حتمية إنجاز المصالحة الداخلية وطيّ صفحة الانقسام البغيض، وخاصة في ظل التحديات الهائلة التي تعصف بالفلسطينيين وقضيتهم.
وهكذا فإن زيارة مشعل لغزة ولقاءاته المختلفة وخطاباته الشاملة وتصريحاته العميقة استهدفت في جزء محوري منها تذليل كافة العوائق والصعاب أمام مسيرة المصالحة الفلسطينية، إذ أتيح لمشعل مخاطبة قيادات وكوادر وقاعدة حماس وجها لوجه لأول مرة، وملامسة عقولهم وقلوبهم بغية توفير الأرضية المواتية والمناخ الملائم لاستيعاب المتغيرات التي تحملها المصالحة عقب سنين الانقسام العجاف التي أفسدت الحياة الوطنية الفلسطينية وأحدثت شرخا نفسيا واجتماعيا هائلا داخل الكيانية الوطنية والمجتمع الفلسطيني ككل.
وكما قطعت جهيزة قول كل خطيب، فإن خطاب وتصريحات مشعل حول أولوية تطبيق المصالحة قطعت كل قول فلسطيني، إذ أجمعت المكونات السياسية والمجتمعية الفلسطينية على الإشادة بالرؤية العميقة والطرح الشفاف الذي عرضه مشعل بخصوص المصالحة، ولم تجد حركة فتح -قطب الانقسام الآخر على الساحة الفلسطينية- سوى دعم هذه الرؤية من دون أي ملاحظات أو تحفظات.
لقد رسم مشعل أمام القوى والفصائل الفلسطينية خريطة طريق حقيقية حول آليات إنفاذ المصالحة واستعادة التوافق الداخلي، بدءا من ترطيب الأجواء ونبذ لغة التدابر والخصام، مرورا بالتذكير بثقافة التسامح والتفاهم والتعاون والتكافل التي غابت عن الساحة الفلسطينية الداخلية طيلة حقبة الانقسام الماضية، وصولا إلى تقعيد القواعد وتأصيل الأصول الضرورية لإنجاز مسيرة المصالحة على أسس سليمة تتجاوز مطبات الماضي وتتلافى أخطاء وثغرات الاتفاقات السابقة.
ولا ريب أن تشدد مشعل في طرح مفهوم الشراكة الوطنية كشرط لانتشال الفلسطينيين من مأزقهم الداخلي الكبير، وتأكيده على ضرورة التعاون الفصائلي المشترك، أيا كانت الأوزان التمثيلية والثقل السياسي للفصائل، وتشبيهه حركتي حماس وفتح بجناحي الوطن الفلسطيني الذي لا يستطيع أن يحلق بأحدهما بمعزل عن الآخر، يعكس استفادة كبرى من التجارب الماضية ووعيا رفيعا بمتطلبات المرحلة والاستحقاقات المترتبة على إنجاز مسيرة التحرر الوطني الفلسطيني.
الخيارات السياسية والوطنية
المعلم الثالث في خريطة الطريق، التي رسمها مشعل للفلسطينيين نحو النصر والتحرير، يكمن في تنقية الخيارات السياسية والوطنية التي شابتها الأخلاط والشوائب طيلة المرحلة الماضية بفعل نشأة السلطة الفلسطينية عقب توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993م، وانخراط حركة حماس التي تشكل رأس حربة المقاومة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية عام 2006م.
التحدي الأساسي الذي يخوضه مشعل هذه الأيام يكمن في السعي المتدرج لإعادة صوغ الخيارات السياسية والوطنية للمجموع الفلسطيني السلطوي والفصائلي من جديد على أسس صحيحة
لقد أعادت الكلمات الثاقبة التي أطلقها مشعل في مهرجان ذكرى انطلاقة حماس بخصوص التحرير قبل الدولة سريان الروح في جسد المشروع الوطني الفلسطيني من جديد، وصححت مفاهيميا الخطأ الإستراتيجي الكبير الذي تغافل عن تأسيس السلطة تحت الاحتلال قبل إنجاز مشروع التحرير.
ولئن بدا تصحيح مشعل مفاهيميا لم يتجاوز إطاره النظري في نظر البعض إلا أن مشعل اتخذ خطوة عملية هامة اجترت استدراكا هاما ينحاز إلى سياسة تقليل الخسائر الوطنية إلى حدها الأدنى عبر إعادة صياغة وظائف السلطة بعيدا عن الأمن والسياسة الخادمة لمصالح الاحتلال لجهة خدمة مصالح شعبنا وقضيته الوطنية.
وبهذا فإن مشعل ابتغى إحداث مقاربة جديدة تحاول استدراك الأخطاء الكارثية التي ترتبت على واقع السلطة الراهن عبر محاولة نزع المهام الوظيفية للسلطة عن سياقها السياسي والأمني الذي يصب أساسا في خدمة الاحتلال وقصرها على الجوانب الخدمية وإدارة الشؤون الحياتية للفلسطينيين، وإعادة بناء منظمة التحرير كي تصبح ممثلا حقيقيا لجميع الفلسطينيين.
ومع ذلك يدرك مشعل أن غايته ليست سهلة المنال، لكنه يؤمن في الوقت ذاته بأن إنجاز مسيرة المصالحة الفلسطينية والانخراط الفعلي في مسار الشراكة الوطنية من شأنه أن يقرب الفلسطينيين من بعضهم بعضا أكثر فأكثر، ويباعد بينهم وبين الإسرائيليين شيئا فشيئا، وخصوصا في ظل سيادة أجواء التوتر الحالية التي تصبغ العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية الرسمية عقب خطوة الأمم المتحدة، ورفض السلطة العودة غير المشروطة إلى طاولة المفاوضات، وتهديد أبو مازن باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية حال تصعيد إسرائيل لمشاريعها الاستيطانية.
إن التحدي الأساسي الذي يخوضه مشعل هذه الأيام يكمن في السعي المتدرج لإعادة صوغ الخيارات السياسية والوطنية للمجموع الفلسطيني السلطوي والفصائلي من جديد على أسس صحيحة، بما يجعلها أكثر تلاحما مع الحقوق والثوابت الوطنية، بدءا من تطهير السلطة من رجس الوظيفة الأمنية التي لوثتها منذ نشأتها وحتى اليوم، وليس انتهاء بحمل السلطة على الاستقامة في المواقف والسياسات التي تتسق مع القيم والحقوق الوطنية.
إدارة الصراع مع الاحتلال
المعلم الرابع في خريطة الطريق التي رسمها مشعل، يتمثل في إرساء رؤية أو إستراتيجية لإدارة الصراع مع الاحتلال، والتوقف عن انتهاج الأساليب العشوائية والفوضوية والابتعاد عن تحكيم القناعات والنوازع الشخصية في غمار معركة الوجود والمصير مع الاحتلال.
ولعل الحديث عن إدارة الصراع مع الاحتلال لامس ميقاته السليم أكثر ما يكون إثر انتصار المقاومة في الحرب الأخيرة والانتصار الدبلوماسي في الأمم المتحدة، وما رافق ذلك من تهديدات إسرائيلية بشن حرب جديدة على غزة على المستوى العسكري، وفرض عقوبات قاسية على السلطة على المستوى الاقتصادي والسياسي.
وهكذا فإن موضوع إدارة الصراع مع الاحتلال تحول اليوم إلى ضرورة وطنية ملحة لا فكاك عنها، ولم يعد بالإمكان تأجيلها والتسويف بشأنها أو الالتفاف عليها وإخضاعها للأجندة الخاصة التي حكمت أمرها حتى اليوم.
تأسيسا على ذلك، فإن مقاربات مشعل على هذا الصعيد ترتكز على جمع الصف الوطني الفلسطيني على رؤية موحدة إزاء إدارة الصراع مع الاحتلال سياسيا وعسكريا، وهي مقاربة منطقية وواقعية وبعيدة عن التنطّع والمثالية بحيث تجنح إلى التوافق الوطني الشامل على التحلل التدريجي من قيود اتفاق أوسلو وملحقاته الأمنية واتفاقية باريس الاقتصادية، وفتح الخيارات في مواجهة الاحتلال، والتسلح بموقف فلسطيني جمعي للتحرك الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي في مواجهة الاحتلال، واختيار أوقات التهدئة والتصعيد وأساليب النضال وأشكال المقاومة الملائمة بما يتناسب مع طبيعة المرحلة ومقتضيات المصلحة الفلسطينية العليا.
وبقراءة متأنية يمكن الجزم بأن ما يطرحه مشعل اليوم يعبر عن رؤية منطقية تستجيب بشكل طبيعي لاحتياجات ومتطلبات الواقع الفلسطيني، وهي رؤية أشد ما تكون ضرورية وإلحاحا في هذه المرحلة التي تشهد بدايات صعود فلسطيني وانكسار إسرائيلي، وتبدو فرص نجاحها وإنفاذها عالية وسط المعطيات الواقعية المتراكمة التي تشدّ الفلسطينيين إلى بعضهم بعضا خلافا للمراحل الماضية التي دَاخَلها قلة وعي وإدراك وصاحبها حسابات خاطئة ممزوجة بتدخلات خارجية أحبطت كل فرص التوافق الداخلي وجعلت من وحدة الكلمة والصف الفلسطيني أمرا متعذرا.
وهنا يمكن فهم موقف مشعل حين حرص على وضع خطوة إنجاز الدولة في الأمم المتحدة في سياقها الوطني السليم الذي ينتظم إستراتيجية فلسطينية شاملة تعنى بإدارة توافقية للصراع مع الاحتلال بعيدا عن أي قطع أو اجتزاء قد يفرغ الخطوة من مضمونها مستقبلا، وحين أشاد بوحدة الموقف العسكري الذي تجسد إبان الحرب الأخيرة من خلال غرفة العمليات العسكرية المشتركة التي شكلتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، والتي ينبغي توسعتها لتشمل كافة قوى المقاومة الفلسطينية خلال الفترة المقبلة.
رسالة الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي
المعلم الخامس والأخير في خريطة التحرير التي رسمها مشعل يكمّن في الرسالة التي حملها للجوار الإقليمي والمجتمع الدولي، وهي رسالة تتباين في محتواها الخاص بالجوار الإقليمي عنه في المجتمع الدولي، وتنم عن رؤية بعيدة المدى وواثقة لطبيعة التحالفات المرجوّة وحتمية التمكين والنصر القريب على المشروع الصهيوني.
رسالة مشعل للجوار الإقليمي والمجتمع الدولي تتباين في محتواها الخاص بالجوار الإقليمي عنه في المجتمع الدولي، وتنم عن رؤية بعيدة المدى وواثقة لطبيعة التحالفات المرجوّة وحتمية التمكين والنصر القريب على المشروع الصهيوني
في رسالته إلى الجوار الإقليمي يؤكد مشعل على الدور العربي والإسلامي بوصفه عمقا إستراتيجيا للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، ويستوحي الدعم الكبير غير المسبوق الذي حازته غزة في غمرة العدوان، ومستوى التفاعل العربي والإسلامي الرسمي الذي ارتقى إلى مستويات مشهودة، كي يبني أساس العلاقة الطبيعية، الواضحة والراسخة والمتينة، بين الفلسطينيين وجوارهم العربي والإسلامي، التي تضررت في حضرة الأنظمة الاستبدادية السابقة، ويزرع حاضنة جديدة ومثمرة للقضية الفلسطينية في قلب المنظومة الدولية التقليدية الممالئة لإسرائيل والمعادية لطموحات الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة.
وفي ذلك إشارة بالغة الدلالة إلى طبيعة الدور العربي والإسلامي المؤثر والداعم للفلسطينيين وقضيتهم، والكابح لغلواء وشطحات السياسة والمخططات الإسرائيلية خلال المرحلة المقبلة.
أما رسالته للمجتمع الدولي فقد كانت رسالة تحذير بالدرجة الأولى تعكس نديّة في النظرة والموقف، ولا تحمل أي معنى من معاني الاستجداء التي درجت على إتيانها السلطة الفلسطينية طيلة المراحل الزمنية الماضية.
ومن شأن هذه الرسالة الواثقة المستندة إلى الانتصارات الميدانية والسياسية الأخيرة على الاحتلال الإسرائيلي، وفشل سياسات الحصار والعزل والعدوان الإسرائيلية، أن تُحدث مزيدا من الجدل والانقسامات على الساحة الدولية بشأن جدوى سياسة العزل السياسي المفروضة على حماس واستمرار وضعها في خانة المنظمات الإرهابية، وتمنح حماس حصانة مهمة ونقاط قوة إضافية في وجه المواقف والاشتراطات الدولية المعروفة تجاه الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين السلطة وإسرائيل.
وختاما.. فإن مشعل الذي يرسم للفلسطينيين اليوم خريطة التحرير من أرض غزة العزة والانتصار والتضحيات يخلع عن نفسه العباءة الحزبية الضيقة، ويتقدم في ذات الوقت زعيما توافقيا لكل الفلسطينيين خلال المرحلة المقبلة.
رحلة إلى المجهول
فلسطين الآن،،، أغر ناهض الريس
طلبت مدرّسة ابنتي الصغيرة من تلاميذ الفصل كواجب مدرسي أن يرسموا وسيلة مواصلات كما يتخيلوها في المستقبل. وبعد أن أنهت ابنتي رسم غواصة سألتني كيف أرى وسائل النقل في المستقبل؟ وحيث إني لم استطع أن أفكر بشيء على نفس المستوى من الإبداع بدأت أردد ما رأيته في أفلام الخيال العملي من سيارات تطير في أنابيب معلقة في الهواء، ورحلات مكوكية ترفيهية إلى القمر والمريخ وغيرها مما جادت به قريحة هوليوود. سألتني عندها إن كنت أعتقد أن هذا خيال علمي أم حقيقة ستعيشها في حياتها؟ أجبتها أن كثيراً مما كان يعتبر خيالاً علمياً في طفولتي أصبح حقيقة وواقعاً نعيشه اليوم!
فكم حلمنا أن نحمل هاتفاً نقّالاً يصلنا بالعالم حيثما كنا في زمن الهاتف الأرضي ذي القرص الدوّار الذي اعتبر أيامها صاحبه من الأعيان؟! أما اليوم فالهاتف الذكي النقال أصبح في متناول الجميع بل أصبح الاستغناء عنه مستحيلاً ,إذ لم يعد وسيلة اتصال مرئية ومسموعة فحسب بل مفكرة وكتاب ومصدر معلومات في آن واحد.
أما التلفاز فحدّث ولا حرج فمن الأبيض والأسود العملاق إلى الملون ذي القناتين إلى أن وصلنا إلى تلفزيونات غاية في الرقة ثلاثية الأبعاد تفاعلية تبث قنوات لا تعد ولا تحصى. أما الانترنت، ولعلها أهم اختراعات العصر، فلم تكن حتى لتخطر على بال مبدعي هوليوود من رواد الخيال العلمي، أما اليوم فالعالم كله على مرمى نقرة من المعلومة. كل هذا أصبح واقعاً نتيجة طفرة تكنولوجية حديثة العهد من شأنها دون شك أن تحلق بالسيارات عالياً وتأخذنا إلى المريخ.
أخذت ابنتي تقفز فرحاً إذ اعتبرت نفسها محظوظة لأنها ولدت في زمن بلغ فيه التطور التقني أوجه, فلا بد أن هذه الوسائل التكنولوجية المثيرة ستكون مصدر سعادة وراحة لجيلها وجيل من بعدها. أخذت أراقبها وهي تقفز وأنا أسأل نفسي "هل نحن حقاً أكثر سعادة من أسلافنا الذين حرموا نعمة الهاتف النقال والتلفاز والانترنت وغيرها من وسائل الراحة؟" جال في خاطري عندها عبارة رددتها كما رددها العديدون "ساق الله أيام زمان، أيام الخير والبركة". في تلك الأيام كان أحدنا أكثر نشاطاً وحيوية يقضي جلّ وقته مع أهله وأحبائه قبل أن يستولي جهاز على حياته وحياة أهله وأحبائه. في الأيام الخالية كانت الحياة أكثر بساطة وأقل هماً؟ أما الآن فالمسؤوليات تلاحقنا حتى فرش نومنا منذرة بليال ملؤها القلق والأرق.
في الأيام لخالية كان المرء يعيش حتى أرذل العمر دون أن يقلق من كولسترول أو حريرات زائدة في طعامه أو من ترهل في جسمه نتيجة قلة الحركة أو انهيار في أعصابه نتيجة ضغوطات الحياة،أما اليوم فيجب علينا مراقبة طعامنا وشرابنا وممارسة الرياضة واليوغا وتجنب الغضب والعصبية الزائدة. لست ادّعي أن الهاتف الذكي أو التلفاز التفاعلي أو غيرها من وسائل التكنولوجيا هي السبب في كل هذا ولكنها بالتأكيد بعض أدواتها.
لا أعرف إن كان من الحكمة أن أشارك ابنتي الصغيرة هذه المخاوف فلعلها تستمتع بما بقي في الحياة من حياة قبل أن تقودها السيارات الطائرة ورحلات الفضاء إلى مستقبل مجهول.
عبقرية الإفلاس
فلسطين الآن،،، محمود العجرمي
موقع "ستراتفور للاستخبارات الدولية" الذي يديره البروفيسور فريدمان، المحاضر في أكاديمية الدفاع الوطني الأميركية، يؤكد في تحليله الاستخباراتي بعد عدوان الثمانية أيام الذي أسمته "المقاومة الفلسطينية" "حجارة السجيل" بأن قيادات الشعب الفلسطيني تخضع لتغيير كبير وأنها تذهب مع مرور الزمن واختبار الحياة باتجاه تكريس شعبية "حركة حماس" لتكون في المقدمة في الوقت الذي يتآكل فيه وبشكل مستمر التأييد لمنافستها "حركة فتح"!!
ويضيف "الموقع" المذكور أن المدى الاستراتيجي والعمق الشعبي للتيار الإسلامي داخل وخارج فلسطين يصبح أكثر تجذراً وزخماً في ظل الثورات العربية وتنامي قوى الثورة عند الشعوب التي جَرَّبت حَدَّ الإدمان برامج الحركات القومية واليسارية وما بينهما من ليبرالية "ووطنية" فلم تحصد غير الخيبة والهزائم بل والتبعية للنظام الرسمي العربي للهيمنة الغربية للاستعمارات البريطانية والأميركية وغيرهما من دول الاستكبار العالمي.
وكانت مقدمة ذلك وصول رئيس الوزراء المصري إلى غزة وسط وفد وزاري رفيع لم تشهده غزة أو فلسطين وهي تحت نار الصواريخ الارتجاجية والفراغية والعنقودية والجرثومية والفسفور الأبيض والدايم، وكلها محرمة دولياً لغارات الطائرات الأميركية ومدفعية الميدان الثقيلة بعيدة المدى والبحرية والطائرات السمتية والاستطلاعية.
وهي زيارة دعم وتعزيز لصمود شعب فلسطين في دفاعه عن وجوده ولاستعادة حقوقه. الرئيس المصري، ابن مصر الجديدة، مصر المعز لدين الله الفاطمي، وسليل حركة الإخوان المسلمين وكفاح يمتد لأربع وثمانين عاماً مجيداً في وجه الملكية المنحلة وأنظمة الاستبداد والالحاق.
د. محمد مرسي يقول للرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الدماء الفلسطينية هي الدماء المصرية وأن مصر العظيمة والكبيرة لن تسمح باستمرار هذا النزيف أيّاً كان الثمن.
الوفود التونسية والليبية والمغربية والجزائرية والموريتانية والأردنية والعراقية والسورية والسودانية واللبنانية والخليجية، وفود من الكل العربي والإسلامي، بل ومن الأحرار في أوروبا وأميركا شمالاً وجنوباً ومن أفريقيا.
برنامج المقاومة، برنامج الأغلبية الوطنية الذي انتصر في فلسطين عام 2006، جاء لتدشين هذا الصراط المستقيم لتتويج مسار الثورات العربية التي انفجرت تِباعاً في وجه جلادي شعوب أُمتنا العربية والإسلامية، ولم تزل تمتد فصولاً لتجتاح ما تبقى منهم وفي القلب من كل هذا نرى جلياً مشروع تحرير فلسطين موازياً للهموم الداخلية للشعوب العربية الشقيقة.
إن ضمانة أيّ مصالحة فلسطينية جدّية قادمة هي في قراءة تاريخ الشعوب التي قدمت دماء الأعز من بنيها عربوناً وقرباناً لانتصاراتها المجيدة.
وفي هذا المقام أوجه نداء صادقاً في أنْ تعود "حركة فتح" إلى جذورها وإلى غابر تاريخها المُشَرِّف "حركة تحرير وطني فلسطينية"، الحركة التي أعادت الألق والمعنى لاسم فلسطين قضية عادلة لشعب مظلوم فيصبح مركزاً للكون.
ولا أعتقد أن هناك كثيرين سيختلفون مع ما أذهب إليه، في أن "حركة فتح" قد اختطفها حِفنة من المنتفعين الذين يأنفون التضحية ويمتهنون تاريخ الحركة الحافل بالشهداء، ويأخذونها إلى تفاوض عقيم وغطاء لاستيطان وتهويد لا يُبقي ولا يذر من أرض وأبناء الوطن العربي الغالي فلسطين!
هذا النفر الضّال يُحَوّلُ حركة بقامة "فتح" التي خبرها الشعب في ميدان الكفاح، إلى ظاهرة صوتية خرساء تتعاون مع العدو وتُحقِّقُ الأمان للمستوطنين وتمنح الزمن طليقاً لتسارع بناء الآلاف المؤلفة للوحدات السكنية غير الشرعية لأكثر من عقدين وحتى الآن؟!
عبقرية الإفلاس البغيضة تصل إلى الحد الذي يُفاخِرُ فيه بعضهم بالتنازل عن أكثر من 80% من فلسطين.
أَيَملكُ كائنٌ من كان بيع بئر السبع ومنعي وربعي من العودة إليها؟! هل فوّضَ واحدٌ منّا، رئيساً أو فرّاشاً بالتنازل عن حيفا أو عكا أو حتى صفد؟!
وهل يُعطى دستور أي دولة على وجه الأرض الحق للرئيس بالتلاعب بثوابت البلاد وفي مقدمتها إقليم هذه الدولة؟!
وهل منصوص على ذلك في قانوننا الأساس والتعديلات التي أُجريت عليه عامي 2003-2005؟!
وكذلك، أين يرد هذا في مشروع دستور دولة فلسطين، وأنا عضو في لجنة الصياغة؟!
ثم، هل يحق لفصيلٍ أيّاً كان، حتى لو حاز الأغلبية أن يتصرف بمستقبل شعب في أرض وطنه؟! وكيف إذا كان مُمثِّلاً لأقلية كحركة "فتح"؟!
أسئلةٌ كثيرةٌ، لدينا جميعاً، وإجابتها واضحة لنا جميعاً أيضاً!!
الفشل المُزمن الذي يُرافق محاولات استعادة الوحدة، عائد إلى أن هناك برنامجا يؤكد على الثوابت الوطنية ويعتمد برنامجاً يناضل ويقدم كل عزيز وغالٍ لاستعادتها، وبرنامج آخر صنع الانقلاب على خيار الشعب وبرنامجه فَدَشّنَ الانقسام الذي نُعاني منه، يفاوض العدو والنتائج صفر، وينسق مع الاحتلال في سابقة لم يشهدها التاريخ.
ما يجري اليوم من إرهاصات نحو الوحدة، ناجم عن قرار الشعب بِفَرضها على المكابرين، أما مَن لا يرى ذلك، فإن هناك مشكلة في عقله!!
الحقيقة واضحة، جليّة، ولكن فقط لمن يريد الوصول إليها؟؟؟
تقول الصُحف "الإسرائيلية" إن كتائب جديدة ظهرت، وتبدأ حراكها في الضفة الفلسطينية المحتلة وهي: "كتائب الوحدة الوطنية - الانتفاضة الثالثة"، وأن مكوّنات هذه الكتائب تتشكل من "حركة حماس"، "حركة فتح"، "الجهاد الإسلامي" و "الجبهة الشعبية".
أَدّعي اليوم، أن الشعب كله مع هذه "الكتائب" التي تقول إنها قد بدأت فصلاً جديداً لانتفاضة الشعب الذي بات على ثقة بأن اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو هي وحدة الشعب حول برنامج مقاومته وبكل أشكال النضال المسلحة والسلمية حتى دحره عن كل ذرة تراب من أرض فلسطين ومن النهر إلى البحر.
الشعب الفلسطيني يعلم يقيناً أن التفاوض مشروع إسرائيلي/ أميركي بامتياز، وأن التنسيق الأمني سابقة لا يستفيد منها غير الاحتلال وكل أدوات التعاون معه على حِساب حقوق الشعب وثوابته المقدسة.
إعصار الانتفاضة الشعبية سيزلزل الاحتلال وركائزه المتآمرة، وهي تمتد كل يوم من الخليل إلى نابلس إلى طولكرم وجنين ورام الله وقلقيلية وبيت لحم وفي كل المدن والقرى المحتلة في ضفة المقاومة، ضفة القسام وفي كل فلسطين المحتلة وهي تعيش اليوم الدعم العربي والإسلامي وكل أحرار العالم.<hr>