-
1 مرفق
اقلام واراء عربي 276
اقلام واراء عربي
في هذا الملف
توضيح من الأمير الحسن بن طلال
على الحياة اللندنية(يتحدث عن موضوع فك الإرتباط بين الضفتين)
ﻋﺑﺎس وﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳﻼم ﺑﻌد اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة
روﺑرت ﺑﻠﯾﺗﺷر (ﻣﺪﯾﺮ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻌﺮﺑﻲ - اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻓﻲ «ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ») عن اﻟﺸﺮق اﻻوﺳﻂ
دعوة جيدة وإن كانت متأخرة
رأي القدس العربي
فانتازيا فصل السوري عن الفلسطيني أو العكس
باسل أبو حمدة (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
أنا و'الصهيونية' في زمن الانتصارات السريالية
د. نهى خلف(كاتبة فلسطينية) عن القدس العربي
ما زالت رؤية فياض صائبة !
سلطان الحطاب عن الرأي الأردنية
هيكل سليمان...وعلاقته باحتلال فلسطين؟
المحامي سفيان الشوا عن الدستور الأردنية
قلـق إسرائيلـي مـن إدارة أوبامـا الجديـدة: تهويـل يهـودي ضـد مـرشـح وزارة الدفـاع
حلمي موسى عن السفير
سباق انتخابي إسرائيلي .. على الاستيطان: 6600 وحـدة جديـدة في القـدس المحتلـة
حلمي موسى عن السفير
ارتياح أميركي لنتائج "ضرب" غزة!
سركيس نعوم عن النهار اللبنانية
بيت لحم تبحث عن نجمة الهجرة
سمير عطاالله عن النهار اللبنانية
مذبحة صبرا.. وشاتيلا تتكرر في مخيم اليرموك!
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت
شهداء مع “وقف التنفيذ”
محمد عبيد عن دار الخليج
كم من الموت للفلسطيني
حسن مدن عن دار الخليج
هيهات يا عريان!
حمدي رزق عن المصري اليوم
مراحيض أبوإسماعيل
محمد سلماوي عن المصري اليوم
توضيح من الأمير الحسن بن طلال
على الحياة اللندنية(يتحدث عن موضوع فك الإرتباط بين الضفتين)
جاءنا من مكتب الأمير الحسن بن طلال التوضيح التالي:
نشرت صحيفة «الحياة» الغراء في 5 كانون الأول (ديسمبر) 2012 مقالة للكاتب زياد الدريس تحت عنوان (القدس والأعداء الجدد)، تناول فيها الدور الأردني تجاه المقدسات الإسلامية من وجهة نظره، وأشار إلى حديث للأمير الحسن بن طلال مقتبس -كما قال- من حديث في أحد اللقاءات الحوارية.
وعملاً بحرية الرأي، نرجو نشر التوضيح الآتي:
اولاً: إن الأمير الحسن حريصٌ على التأكيد في جميع لقاءاته وعبر المحافل المحلية والإقليمية والدولية، أن الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، كانت وستبقى وديعة أردنية وعربية وإسلامية يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها لحين تحريرها وعودتها إلى الشعب الفلسطيني، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، وأن موضوع القدس الشريف موضوع سيادي فلسطيني تقرره الحكومة الفلسطينية الشرعية. كما يؤمن الأمير أن الحق الفلسطيني لا يمكن أحداً، أياً كان، تجاوُز مشروعيته وقدسيته بالقدر والمكانة نفسيهما اللذين يحظى بهما حق تقرير المصير الذي يتمتع به الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على ترابه الوطني.
ثانيا: إن إيمان الأمير الحسن المطلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها، لا يساوره أي شك أو نقاش أو اجتهاد، فكيف يكون الحال عندما يتعلق الأمر بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي نشاركه الإيمان بعدالة قضيته وحقه الكامل في تأسيس دولته على كامل ترابه، لذلك وقف الأردن معه بكل ما أوتي من عزم وقوة كي يتمكن الفلسطينيون من إقامة دولتهم المستقلة والقابلة للحياة، ولأجل ذلك يُسخّر الأردن كل جهوده للعمل مع الأشقاء الفلسطينيين لحماية حقوقهم والدفاع عنها، وندعو الكاتب للرجوع إلى كتابَيْ الأمير الحسن «حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني» الصادر عام 1981، و «القدس: دراسة قانونية» الصادر عام 1979.
ثالثاً: أشار الكاتب في مقالته، إلى أن «الأمير الحسن يقوم بدور لتقويض قرار فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية»... إلى آخر كلامه في المقالة المنشورة، ويورد كلاماً منقولاً عن الأمير الحسن يفتقر إلى دقة المعلومات، يشير فيه إلى أنه قاله خلال زيارته مدينة نابلس المحتلة. وفي هذا الصدد، نؤكد أن الأمير لم يقم بأي زيارة إلى مدينة نابلس، ولم يلتق الحشود التي ذكرها الكاتب إطلاقاً.
ﻋﺑﺎس وﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳﻼم ﺑﻌد اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة
روﺑرت ﺑﻠﯾﺗﺷر (ﻣﺪﯾﺮ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻌﺮﺑﻲ - اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻓﻲ «ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ») عن اﻟﺸﺮق اﻻوﺳﻂ
ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻠﺴﺔ ﺗﺼﻮﯾﺖ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ 29/11/2012 اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺖ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ وﺿﻊ ﻋﻀﻮ ﻣﺮاﻗﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ أﺷﺒﮫ ﺑﻌﻤﻞ ﻣﺴﺮﺣﻲ ﺳﯿﺎﺳﻲ. ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﺨﯿﻠﻲ ﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺴﻼم اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ - اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺴﺮح ذا أھﻤﯿﺔ، ﻓﻘﺪ ﻣﻨﺢ ﻋﺮض اﻷﺳﺒﻮع اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺤﻤﻮد ﻋﺒﺎس رﺋﯿﺲ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ورﻓﺎﻗﮫ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﺸﺘﯿﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻋﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮھﻢ اﻷﺧﯿﺮة.
ﻓﻘﺪ ﻗﻀﻮا ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﺻﻌﺒﺎ، ﻟﻢ ﯾﺸﮭﺪ أي ﺗﻘﺪم ﺑﺎﺗﺠﺎه إﻧﮭﺎء اﻻﺣﺘﻼل أو اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺣﻞ ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ وأزﻣﺔ اﻟﻤﯿﺰاﻧﯿﺔ اﻟﻤﻠﺤﺔ واﻟﻤﻈﺎھﺮات اﻟﺘﻲ اﺳﺘﮭﺪﻓﺘﮫ وﻗﺎدة اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ، وﻟﻌﻞ آﺧﺮ ھﺬه اﻷزﻣﺎت ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻋﻤﻮد اﻟﺴﺤﺎب، اﻻﺟﺘﯿﺎح اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻟﻘﻄﺎع ﻏﺰة، اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﻋﺒﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺎﻣﺶ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺣﺼﻠﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻤﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺰﺧﻢ ﻣﻤﺎ اﻋﺘﺒﺮ اﻧﺘﺼﺎرا ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ. ﺑﯿﺪ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاھﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻋﺒﺎس ﻓﺸﻞ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﻧﺠﺰه ﻟﻢ ﯾﻜﻦ واﺿﺤﺎ.
أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب ﻓﻲ ذﻟﻚ، ھﻲ أن ﺗﺤﺮك اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﻘﺪم ﺣﻼ ﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﻋﺒﺎس اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﺴﺘﯿﻘﻆ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﯾﺼﺤﻮ وﻋﺐء ﻋﻘﺪﯾﻦ ﻣﻠﻔﻮف ﺑﻘﻮة ﺣﻮل ﻋﻨﻘﮫ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﯾﮫ وﺳﯿﻠﺔ ﺳﮭﻠﺔ ﻛﻲ ﯾﻨﺠﻮ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻣﻨﮭﺎ، ﻓﺎﻟﺘﺼﺮﯾﺤﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺑﺄن ھﺬا اﻟﺘﺼﻮﯾﺖ ﺳﯿﻨﻘﺬ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺴﻼم ھﻮ ﻛﻼم ﺑﻼ ﻣﻌﻨﻰ - ﺑﻼ طﺎﺋﻞ ﻛﺤﺎل اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﯿﻦ واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺪوا ﻣﺘﺸﺎﺋﻤﯿﻦ ﺣﻮل اﻟﻀﺮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﮭﮭﺎ اﻟﺘﺼﻮﯾﺖ ﻟﻠﻤﻔﺎوﺿﺎت. ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ إﺣﯿﺎء ﻣﺎ ﻣﺎت؛ ﻷﻧﮫ ﺑﺒﺴﺎطﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ أن ﺗﻘﺘﻠﮭﺎ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﯿﺔ.
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﮫ ﻗﺎل ﻋﺒﺎس إﻧﮫ ﺳﯿﻌﻮد إﻟﻰ طﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺼﻮﯾﺖ، ﺑﯿﺪ أﻧﮫ إن ﻓﻌﻞ ﻻ ﯾﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻛﺒﯿﺮا. اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ، أﻧﮫ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻠﺸﻜﻮك اﻟﻜﺒﯿﺮة ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ وإﺳﺮاﺋﯿﻞ واﺳﺘﻌﺪادھﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻟﺘﺠﺎھﻞ اﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة (اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﻮن ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة، واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن ﻋﺒﺮ ﻧﺸﺮ ﺗﺼﺮﯾﺤﺎت ﺟﺪﯾﺪة اﺳﺘﻔﺰازﯾﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص)، ﺳﯿﺠﻌﻞ ﻧﺠﺎح ھﺬه اﻟﺠﻮﻟﺔ أﻗﻞ اﺣﺘﻤﺎﻟﯿﺔ ﻋﻦ ﺳﺎﺑﻘﺘﮭﺎ.
ﯾﻤﻠﻚ ﻋﺒﺎس، ﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل، ﺧﯿﺎرا آﺧﺮ، ﻓﺒﻤﻘﺪوره أن ﯾﺴﺘﺨﺪم رأس اﻟﻤﺎل اﻟﺮﻣﺰي اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ﻧﯿﻮﯾﻮرك ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻊ ﺣﻤﺎس. وﻣﻊ ﺷﻌﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻋﻤﻮد اﻟﺴﺤﺎب واﻟﻤﻌﺴﻜﺮ اﻟﻤﺆﯾﺪ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺤﺔ داﺧﻞ ﺣﻤﺎس اﻟﺬي اﺳﺘﻌﺎد ﻣﺆﺧﺮا ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮة، ﻗﺪ ﺗﺸﻌﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ وﺣﻤﺎس أن اﻟﻮﻗﺖ ھﻮ اﻷﻧﺴﺐ ﻟﻠﻮﺣﺪة. ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻗﺪ ﯾﺠﺪ ﻋﺒﺎس ﻧﻔﺴﮫ ﻣﺘﺤﻔﺰا ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﮭﯿﺌﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮭﺎ اﻵن ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻵﻟﯿﺎت اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ، ﻹﻟﻘﺎء ﻣﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻮط ﻋﻠﻰ إﺳﺮاﺋﯿﻞ. ھﻮ ﻻ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﯾﺪﻓﻊ ﻓﻲ ھﺬا اﻻﺗﺠﺎه، ﻓﻠﻦ ﯾﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣﺘﻌﺎرﺿﺎ ﻣﻊ طﺒﯿﻌﺘﮫ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺑﺪا أﻛﺜﺮ إﺻﺮارا ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﻌﺎدي ﺿﺪ إﺳﺮاﺋﯿﻞ وﻓﻘﻂ، ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮدود اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ واﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ أﻛﺜﺮ ﻗﺴﻮة. وﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻘﯿﻢ ﺑﻌﻨﺎﯾﺔ ﻣﺪى اﺳﺘﻌﺪاده ﻓﻲ اﻟﻤﺨﺎطﺮة ﺣﺘﻰ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ذاﺗﮭﺎ.
ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﺒﺎس اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﯾﻤﻠﻚ ﺧﯿﺎرات، ﻓﺈن اﺳﺘﻌﺪاد اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻟﻼﺧﺘﻼف ﻣﻊ ﺑﻌﻀﮭﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة (16 ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺼﺎﻟﺤﮭﺎ وﺻﻮﺗﺖ ﺟﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﺘﺸﯿﻚ ﻓﻘﻂ ﺑﻼ، ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻣﺘﻨﻌﺖ ﺑﻠﻐﺎرﯾﺎ واﺳﺘﻮﻧﯿﺎ وأﻟﻤﺎﻧﯿﺎ واﻟﻤﺠﺮ وﻻﺗﻔﯿﺎ وﻟﯿﺘﻮاﻧﯿﺎ وھﻮﻟﻨﺪا وﺑﻮﻟﻨﺪا وروﻣﺎﻧﯿﺎ وﺳﻠﻮﻓﺎﻛﯿﺎ واﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻋﻦ اﻟﺘﺼﻮﯾﺖ)، ﯾﻨﺒﻐﻲ ﺣﺴﺎﺑﮫ ﺿﻤﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﯾﺖ. ذﻟﻚ أن إﺻﺮارھﻢ اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ - ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﺪاﺧﻠﻲ، وﻣﺘﻮاﻓﻘﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ، ﻣﻊ اﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة - ﻟﻢ ﯾﻤﻨﺤﮭﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ. ﻻ ﯾﺰال ھﻨﺎك وﻗﺖ طﻮﯾﻞ أﻣﺎم اﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ أو اﻟﺠﻤﺎﻋﯿﺔ ﻛﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﻮﯾﺾ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ.
ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺮ ﯾﺴﺮي ﺑﯿﻦ دول اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ؛ ﺣﯿﺚ أظﮭﺮ وﻗﻒ إطﻼق اﻟﻨﺎر اﻟﺬي أﻧﮭﻰ اﻟﻘﺘﺎل ﻓﻲ ﻏﺰة ﻓﻲ 21 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2012 ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﮫ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ. ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ وﺗﺮﻛﯿﺎ وﻗﻄﺮ واﻟﺪول اﻷﺧﺮى أﻻ ﺗﻘﻮض ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺬي ﺗﻤﻠﻜﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺳﺮاﺋﯿﻞ واﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة. وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى، ﻓﺈن إرث ﺗﺼﻮﯾﺖ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻻ ﯾﻜﻤﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺘﺎر ﻋﺒﺎس ﻧﻔﺴﮫ أن ﯾﻔﻌﻠﮫ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﺮاث ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﻜﻤﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻤﻜﻨﮫ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ.
دعوة جيدة وإن كانت متأخرة
رأي القدس العربي
السلطة الفلسطينية في رام الله تعيش أزمة مالية خانقة حالت دون دفع رواتب موظفيها الذين يزيد تعدادهم عن 60 الف شخص، ويعود ذلك الى اتخاذ الحكومة الاسرائيلية قرارا انتقاميا بعدم تحويل الأموال العائدة للسلطة والمحتجزة لديها.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي يمارس ابشع انواع الابتزاز ضد السلطة ورئيسها محمود عباس، لأن الأخير لم ترهبه التهديدات الاسرائيلية وقرر الذهاب الى الأمم المتحدة للحصول على اعترافها بفلسطين دولة مراقبة فيها.الردّ الاسرائيلي على هذا التحدي انعكس في تحركين: الأول، الاعلان عن بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية في المستوطنات المحيطة بالقدس المحتلة، ولعزلها تماما عن الضفة الغربية، والثاني تمثل في منع تحويل اموال الضرائب العائدة للسلطة، بهدف زعزعة استقرارها، وهزّ الثقة فيها امام جيش موظفيها.
الحكومة الاسرائيلية تدرك تماما ان هذه الضغوط الثأرية لن تؤدي الى تراجع السلطة، مثلما انها لا تغير شيئا من واقعة الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ولكن ما تريده من مواصلة الابتزاز هو منع السلطة من الانضمام الى عضوية محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي، والبدء في ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب الفلسطيني، سواء اثناء العدوانين على قطاع غزة، او في جنين ونابلس وباقي مدن الضفة الغربية.
الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني حثّ بالامس المواطنين الفلسطينيين على مقاطعة المنتجات الاسرائيلية كردّ على تجميد الأموال الفلسطينية المقدرة بحوالى 100 مليون دولار شهريا، في اول دعوة تصدر عن جهة فلسطينية رسمية.
الاحصاءات الرسمية اظهرت ان الفلسطينيين استوردوا بضائع اسرائيلية بما يعادل ثلاثة مليارات دولار سنويا وتصدير ما قيمته 618 مليون دولار من البضائع في العام المنصرم، اي 2011، مما يظهر مدى استفادة الاقتصاد الاسرائيلي من الهيمنة على نظيره الفلسطيني.
دعوة السيد فياض هذه يجب ان تلقى تجاوبا من مختلف ابناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكنا نتمنى لو انها صدرت قبل زمن طويل، لا ان تكون ردا على تجميد اموال الضرائب العائدة للسلطة، فإسرائيل تواصل حصار الضفة والقطاع ماديا ونفسيا، وتنتهك اتفاقات اوسلو التي قامت السلطة على اساسها، وتبني آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية.
المأمول ان يتمسك الدكتور فياض بدعوته هذه، وان لا يتراجع عنها في حال تحويل اسرائيل الأموال العائدة الى السلطة، نتيجة لضغوط الدول المانحة، وان يواصل في الوقت نفسه تعديل بروتوكول باريس الذي ربط الاقتصاد الفلسطيني بنظيره الاسرائيلي، وحرّم على السلطة استيراد بضائع اخرى بديلة للبضائع الاسرائيلية.
الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية باتت ناضجة لانتفاضة ثالثة، احتجاجا على الاستيطان والتنسيق الامني مع اسرائيل، ولعل حكومة نتنياهو بمعاقبتها للسلطة اقتصاديا، ومنع تحويل الاموال العائدة لها، تسرّع في تفجير هذه الانتفاضة التي ينتظرها الفلسطينيون ومعظم العرب والمسلمين.
فانتازيا فصل السوري عن الفلسطيني أو العكس
باسل أبو حمدة (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
كلما طالت الآلة الحربية للنظام السوري أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وفتكت بأبنائها، تعالت الأصوات المنددة والمستنكرة بهذا العمل المدان بحال طبيعته وكثرت حوله التحليلات والقراءات غير الضرورية في معظمها، خاصة تلك التي ما فتئت تؤكد وتعيد التأكيد مرارا وتكرارا على حيادية الفلسطينيين فـــي الشتات وبعدهم عن أي حراك اجتماعي أو سياسي في محيط باتوا يشكلون جزءا لا يتجزأ منه بحكم عوامل جغرافية وديموغـــرافية موضوعية لا دخل فيها لإرادتهم التي لطالما عبروا عنها والمتــــمثلة في رغبتهم الجامحة في ممارسة حقهم في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم التي هجروا منها عنوة على أيدي العصابات الصهيونية عامي 1948 و1967.
في ظل هذا التشابك والتداخل الاجتماعيين والاقتصاديين والنفسيين وغيرهما الكثير، تبدو الدعوة إلى النأي بالنفس ضربا من الفانتازيا العبثية التي لا طائل منها، حيث اثبتت تجارب هؤلاء الفلسطينيين المنكوبين أنهم قابعون في عين أي عاصفة تهب على المنطقة وأنهم دائما يدفعون ثمن صراعات تنشب في ديار مضيفيهم من الأشقاء العرب بغض النظر عما يتخذون من مواقف حيال تلك الصراعات وبعيدا عن مدى انخراطهم فيها من عدمه، حصل ذلك في غير بلد عربي وفي أزمان متباعدة وكانوا جزءا من تلك الصراعات في كل الظروف والأحوال ليس لأنهم فلسطينيون ولا مستضعفون، ولكن لأن العدالة التي تتمتع بها قضيتهم لا تختلف بأي حال من الاحوال عن عدالة قضايا الشعوب المستضيفة لهم، فضلا عن أن الأنظمة التي تحكم تلك الشعوب بالحديد والنار لا توفر لا الأخضر ولا اليابس، كما يقال، فتستعدي كل من لا يقف إلى جانبها، على قاعدة من ليس معي فهو ضدي.
على ضوء ذلك، يمكن القول إنه إذا كان للشعب السوري، على سبيل المثال، سبب للتمرد على النظام السوري، فإن للاجئين الفلسطينيين ألف سبب لأن ينحو نحو أشقائهم السوريين ويقومون على نظام لطالما حاول الاستحواذ على القضية الفلسطينية واستخدامها كورقة سياسية في معاركه الداخلية والاقليمية والدولية على السواء، مشكلا بذلك عقبة في وجه تطورها من خلال العديد من الوسائل الدنيئة على رأسها محاربة منظمة التحرير الفلسطينية وشق فصائلها وانشاء فصائل موازية لها موالية له وزج مناضليها في المعتقلات والمتاجرة في قضيتها على كل المستويات، ما يعني أن عبارات من نوع 'النأي بالنفس' والاقحام'، التي باتت تستخدم على نطاق واسع كلما وجه النظام السوري ضربة جديدة لأبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا، تندرج ضمن المشهد العبثي الذي تعيشه المنطقة برمتها.
عندما نقول المنطقة، فإن ذلك يحيلنا بالضرورة إلى مشهد الحراك السياسي الاجتماعي في بلد عربي آخر مثل الأردن، على سبيل المثال، حيث يتبادر للذهن سؤال تلقائي من نوع: هل يمكن الطلب من الفلسطينيين الذين هجروا بدورهم عنوة أيضا إلى الضفة الشرقية من نهر الأردن أن ينأوا بأنفسهم عن ذلك الحراك؟ ثم ما هي الفوارق الحقيقية التي تفصل بين أوضاع الفلسطينيين في دول الشتات؟
وهل يمكن حصرها في الأوراق الثبوتية والصفات الرسمية التي يحملونها والتي تجاوزها الواقع بقوة شديدة منذ زمن؟ ذلك الواقع الذي يشي بأنه عدا صفة اللاجئ التي يحملها الفلسطيني الذي يعيش في سوريا أو لبنان أو مصر أو العراق، لا فرق بينه وبين الفلسطيني الذي يعيش في الأردن عندما يتعلق الأمر بالظروف الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية بأبعادها الزمنية التي طالت واستطالت إلى حد كبير بحيث بات الفلسطيني في أي من هـــــذه البلـــدان يشكل جزءا من النسيج الاجتماعي العام للمجتمع لا يمكن فصله بأوراق رسمية باهتة اللون أو صفات ظهرت نتيجة ظروف سياسية يعرفها الجميع.
قصة الاقحام واهية في منطلقاتها ومآلاتها وهي خطأ استراتيجي كبير وتجاوز للواقع الجغرافي والديموغرافي وهي في الحالة السورية تشكل أنموذجا مصغرا لحكاية التدخل الخارجي متمثلا بتدخل أطراف اقليمية ودولية ودولية في الشأن السوري نفسه وعلى رأسها روسيا وإيران، بينما تمثل فصائل فلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة وفتح' الانتفاضة' والصاعقة ،إذا كانت لا تزال موجودة، أداة التدخل السوري في الشأن الفلسطيني من خلال استحداث ميليشيات مسلحة تعرف باللجان الشعبية وظيفتها القيام بأدوار تعجز آلة قمع النظام عن القيام بها داخل المخيمات الفلسطينية.
أما قصة الانصهار، فلا تدعمها وقائع الديموغرافيا القائمة على الأرض داخل البلد الواحد فحسب، بل تعززها كذلك مجموعة لا متناهية من العوامل الموضوعية التاريخية والسياسية والعقائدية واللغوية والنفسية، التي جمعت على مدى آلاف السنين بين المكونات السكانية في المنطقة العربية ، ولا داعي أن نذكر هنا بأنه قبل بضع عقود من الزمن لم يعرف سكان المنطقة حدودا تفصل بينهم لا سياسية ولا جغرافية ولا غير ذلك من عوامل فرقة طارئة عليها وجدت بفعل تدخل خارجي من نوع آخر وعلى نطاق كارثي أوسع لا تزال الشعوب العربية تدفع ثمنا باهظا لها في مشهد يحيلنا إلى نوع من 'هويات قاتلة' التسمك بها لن يفضي فقط إلى ترسيخ حالة التجزئة والتقسيم بين شعوب المنطقة فحسب، بل سيمتد إلى مكونات كل شعب على حدا أيضا، خاصة وأن هذه العملية ليست طبيعية لا في منشأها ولا في نتائجها، بل ناجمة عن فعل وإرادة سياسيين بامتياز تحققا بتقاسم تركة إمبراطورية بائدة حكمت المنطقة طوال أربعة قرون من الزمن.
وبينما تتفن بعض الأنظمة في إنزال ما تعتبره عقابا يستحقه اللاجئون الفلسطينيون لأنهم لم يقفوا إلى جانب سياساتها وممارساتها القمعية، تأتي ممارســــات القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية لتزيد الطين بلة حين تكتفي بتصريحاتها 'الاستشراقية' المــــنددة بالمجازر التي ترتكب بحق من يفترض أنها تمثلهم والتي تدعو الفلسطينيين إلى النأي بأنفسهم عن الصراعات الداخلية للدول المضـــيفة لهم من دون أن تقدم لهم بدائل يتمكنون من خلالها من ممارسة حقهم الانساني في الدفاع عن أنفسهم، ذلك أنها ترفـــع بذلك، من حيث تدري أو لا تدري، الغطــــاء السياسي عنهم، خاصة عندما تشمل تلك التصريحات التخلي عن حق العودة أو عندما تنحي هذا الحق من أجندة عملها ومفاوضاتها وتسوياتها التي لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا الويلات، مثلما تتركهم لمصيرهم وترميهم في أتون صراعات لا حول لهم فيها ولا قوة، بعد أن استحلت هذه القيادة السلطة وباتت أقرب بطبيعتها السياسية وأدوات عملها من تلك الأنظمة القامعة لشعوبها وللاجئين الفلسطينيين في آن.
أما السؤال الكبير، الذي يطرح نفسه، في هذه الحالة، فهو: ما الذي تعنيه التقسيمات السياسية والإدارية عندما تكون حياة الانسان، أي انسان، لخطر الهلاك؟.
أنا و'الصهيونية' في زمن الانتصارات السريالية
د. نهى خلف(كاتبة فلسطينية) عن القدس العربي
الصهيونية تتابعني في وجداني وحياتي منذ الصغر فهي تخنقني في كل المجالات والمساحات وألاماكن والأزمنة، قوة هلامية اخطبوطية جبارة فرضت قيودا علي يداى وأجنحتي وساقي وعلى عقلي وفكري ووجداني ونظري بعد ان جردتني من كل شيء ملموس في هذه الدنيا، من الدار والارض والحقل والعائلة والعشيرة واهم من كل ذلك من البحر ومداه الشاسع حيث افقدتني القدرة على التأمل عبره وغسل همومي في مياهه.
تسللت الصهيونية في أوجه واذهان وممارسات وافكار البشر في كل مكان، تسللت حتى اتخذت اشكالا متعددة مختلفة ومغلفة في اقنعة من كل الانواع، أفقدني القدرة على التمييز ما بين الألوان.
الصهيونية هي هذا 'الآخر' القاتل الذي اخترق جسدي مثل قنبلة عنقودية أو سم حتى فتت كل الخلايا لكي تدور في حلقات مفرغة تتخبط وتتسارع بين بعضها لتصيبني بآلام تتركني منهكة فاقدة التوازن، فهي الكارثة واللغز المعقد وسلاح المارد المسلط علي رقبتي.
بحثت منذ زمن بعيد عن طرق واساليب وسبل للقضاء على هذا المارد ومحاربته حتى أتمكن من الانتصار.
تعرضت في كل مفترق وفي كل محاولة لأيادي خفية تمنعني من المصارعة، تشدني الى الخلف، تضع ستارا امامي لأفقد السيطرة وافشل في المبارزة، فتسخر مني الصهيونية وتضحك وتقهقه وتصيح 'ايتها الحمقاء الم تفهمي حتى الآن من 'أنت' ومن 'هم' ومن'أنا؟'.
اتقوقع على نفسي الضئيلة واغرق في مستنقع ازلي لأبحث عن نفسي، من 'أنا'؟
إنني مقيدة فلا انام ولا اتحرك ثم أرتعش وأرى عبر الضباب المحيط انني لست إلا قطرة صغيرة في بحر كبير، وحبة رمل في صحراء ممتدة، ونبرة خافتة من صدى الرياح العاصفة و روح من بين الارواح المتشردة التي همشت وعزلت ثم تبخرت و تاهت في عالم النسيان .
فجأة اسمع صدى اصوات وهتافات بالانتصار ...هناك من يهتف 'لقد انتصرنا'؟ فاغلق عيوني مرة اخرى واسمع نبضات قلبي تتسارع ... انني منهكة ولكني لا زلت على قيد هذه الحياة ولا زالت الدماء تتدفق في شراييني.
يأتيني صوت آخر من بعيد 'يجب ان تفهمي...يجب ان تفكفكي القيود..... يجب ان تزيلي الستار، ان تخلعي الشوكة المزروعة في جسدك ... 'يجب الذي يجب' ....ان تعودي الى البحر لكي تتوحد قطرة الماء مع المياه الجارفة والامواج الغاضبة، يجب ان تتوجهي نحو الصحراء لكي تتوحد حبة الرمل مع العواصف، وتندمج النبرة الخافتة مع الرياح، يجب ان تضمدي جروحك وتفردي اجنحتك وتنطلقي وتتحولي الى طير من طيور البحر لكي تفهمي من 'هم' هؤلاء الذين يصرخون انهم انتصروا بينما 'أنت' قد فشلت وتبخرت؟.
حب المعرفة؟..... البحث عن الحقيقة؟ ... الفضول الذي قد يقتل؟ ...طاقة جبارة تدفعني .. ربما الصحوة الأخيرة قبل الزوال؟
من 'أنا' الراسبة في امتحانات الزمن واختبارات التاريخ ومن 'هم' الذين انتصروا ؟
بقفزة جبارة أطير وانظر من بعيد واتعمق بالمشهد.. وأرى اقنعة عجيبة واياد طويلة ليست غريبة، ربما صادفتني يوما ؟ .... واسمع صوت الصهيونية تسخر مني مرة اخرى: هل فهمت الآن ايتها الحمقاء من 'أنت' وشيئا عن معنى هذا الانتصار؟.
ما زالت رؤية فياض صائبة !
سلطان الحطاب عن الرأي الأردنية
كنت وما زلت أستمع اليه وهو يطلق برنامج إقامة الدولة الفلسطينية من خلال البدء في بنائها على الأرض كان ذلك في يوم الثلاثاء 25/ 8/ 2009 كان سلام فياض رئيس وزراء السلطة الفلسطينية والشخصية المثقفة المستقلة يمسك بالحلم، ويرى أن البناء والإنجاز هو رافعة إزالة الاحتلال وأن الدولة لا بد أن تتكون داخل رحم الاحتلال وتكبر إلى أن تأتي ولادتها وعندها سيعترف العالم بها.
راهن فياض على العمل وطالب الشعب الفلسطيني أن يشمر عن سواعده أجاب على سؤالي «ينبغي على الفلسطينيين أن لا ينتظروا التسوية السلمية النهائية مع اسرائيل ولكن عليهم المضي قدماً في إنشاء دولتهم»
يومها زمّ الكثيرون شفاههم استغراباً معتقدين أن إزالة الاحتلال أولاً حتى قبل دق أي مسمار أو حتى قبل تنظيف الشوارع وربطوا بين ازالة الاحتلال وبين البدء في البناء.
كانت مدرسة فياض هي الأصوب والأكثر عملياً..لم تكن مدرسة ثورية في عرف الثوريين وبالكاد استطاع فياض اقناع مدرسة عرفات بذلك ولكنه مضى، وحين دعونا إلى جمعية الشؤون الدولية عام 2011 بدا متفائلاً أكثر في مشروعه وتحدث عن طموحات كانت قاب قوسين أو أدنى، فقد وثق به المانحون وصدقوه لأنه كان عملياً وكانت تطبيقاته نظيفة كما أنه وضع ميزانية السلطة على شبكة الإنترنت ليجعلها شفافة أمام الجميع في الداخل والخارج.
كان هناك من جابهه حتى في الصف الفلسطيني وداخل السلطة وفي فتح تحت شعار «انا وجدنا آباءنا على هذا وأنا على آثارهم مقتنعون»..
يومها قال فياض، إن التنمية قوة ضاغطة من أجل الاستقلال ولذا دعا المانحين إلى مساعدته لإنشاء مطار في الأغوار وخط جديد للسكة الحديدية يربط فلسطين بالدول المجاورة على أساس الشركة الكاملة في عملية تمام وبناء مؤسسات دولة فلسطين الحرة الديموقراطية والمستقرة.
لم يكن فياض غافلاً ولا ساذجاً ولم يضع رأسه في الرمل حتى لا يرى الاحتلال والاستيطان والحرب على غزة عام 2008/2009 والانقسام المفجع الذي دمّر آمال الفلسطينيين، كان يعلم ذلك ويعتبره جزءا من التحديات التي يجب تجاوزها كانت خطته لسنتين تلد بعدها الدولة من رحم الاحتلال، ولكن ماذا جرى؟ هل انتهى هذا الحلم أم انه ينهض من جديد بعد الانتصار الفلسطيني في الأمم المتحدة حيث يأتي الإطار والبرواز للصورة التي تتكامل.
في المسيرة التي أخذ بها فياض وأعطت ثماراً انعكست على الضفة الغربية، كان هناك تشويش وهجمات وتشكيك بالرجل ودوره وانجازاته، كان هناك استعداء ودس من أصحاب الشعارات والمعطلين والقعدة والذين في نفوسهم مرض، ولكنه مضى لم يكن يعبأ باستجداء الاحتلال أو تقديم الوهم، كان يراهن على الإنجاز على المدرسة والشارع والعيادة والثقافة وقطف الزيتون والرياضة والمواصلات وكل مكونات بناء الشعب وعلى المساعدات الدولية والعربية الصديقة، على الدعم السياسي والمادي والمعنوي كان يريد أن يصل بالدولة إلى البناء المتكامل ثم بعد ذلك ينفخ فيها بروح الاعتراف والمصادقة والذين استعجلوا أو أرادوا الوصول بطريق آخر اختلفوا معه وكان الكثير من اختلافهم غير شريف لدرجة أنهم قالوا أنه لم يرافق الرئيس أبو مازن إلى الأمم المتحدة في حين كان هناك وأنه انشغل بالتفاوض مع اسرائيليين وحضر جلسات في واشنطن فيها ليبرمان وقرأوا على طريقة «ولا تقربوا الصلاة» حاولوا النيل من أحد القادة العمليين الذين أزعجوا الاحتلال لدرجة أن وصف أنه (بن غوريون) فلسطين وأنه يمثل خطورة تفوق من يستعملون السلاح.
وحين استضافه سامي قموه في منزله واصل الحديث عن الحلم وأثنى على الدور الأردني العملي في اسناده بتدريب الشرطة الفلسطينية التي أصبحت نموذجاً في الانضباط القيافة والمناقبية لتحمي أمن الفلسطينيين في الضفة وتحفظ مكتسباتهم وتمنع عنهم التطرف والانجراف والمغامرات غير المحسوبة.
ما زال فياض مستمراً وما زال يراهن على برنامجه رغم أنه تأخر اذ كان مدته سنتين 2009-2011 وها نحن في عام 2012-2013 فهل ما زال برنامجه ممكناً؟ وهل زاده الاعتراف الدولي بالدولة قيمة؟.
لقد جهز سلام فياض البيت الفلسطيني وها هي شهادة الملكية يجري استخراجها من الأمم المتحدة وهنا المعركة الحاسمة والأساسية ولذا فإن الذين لا يريدون الدولة من اسرائيليين وغيرهم يعملون على تجفيف منابع بقائها ومكوناتها في البنية التحتية بحجز الأموال الفلسطينية ووقف التنمية وافشال المشروع الذي ينتقل من السلطة إلى الدولة ومن الجنين إلى الولادة وإلى المولود الذي سيكبر .
سلام ومدرسته في رأيي جسم مبصر تعلم من النمل كيف بنى بيته لقد حاول مخلصاً رغم التشكيك وتعلم أن التراكم يخلق الجسم وأن الشعارات لا تجدي والمستعجلين لا يصلون.
هيكل سليمان...وعلاقته باحتلال فلسطين؟
المحامي سفيان الشوا عن الدستور الأردنية
تحرص مزامير يهود الجديدة وهو الاعلام الصهيوني على التبشير بقرب اعادة بناء هيكل سليمان وما فيه من الفخامة والضخامة والجمال فهو تاج الحضارة اليهودية المزعومة وهو يصلح قصرا لسكن الرب يهوه.. في القدس الشريف محل المسجد الاقصى المبارك.مما جعلنا نتساءل هل هناك علاقة بين هيكل سليمان وفلسطين..؟ وهل هناك علاقة بين هيكل سليمان وعودة اليهود الي فلسطين من كل ارجاء الدنيا ..؟وماذا عن حق العودة للفلسطينيين بحسب قرارات الامم المتحدة..؟وما يقابله من حق عودة اليهود من الشتات الى ارض الميعاد ارض الاباء والاجداد..؟
بداية نقول ان هيكل سليمان ليس الا اسطورة من خيال حاخامات اليهود كتبوها بايديهم في التوراة.. بجانب قصص عن اخلاق لصوص وقطاع طرق تجسد الارهاب والبربرية بابشع صورها..مما تمتلئ به كتبهم .. ثم يتكلمون عن حضارة يهودية..مزعومة ليس لها وجود تاريخي.فقصة هيكل سليمان وارض الميعاد هي من افكار اليهود الخصبة ذلك ان الاستعمار العسكري الذي كان سائدا قد انتهى بعد ان حاربته جميع الامم ونالت استقلالها فلجأ الصهاينة الى خديعة جديدة وهي ارض الميعاد اي الارض التي وهبها الله الى بني اسرائيل كما ورد في التوراة فقد ورد الاتي:- ( وقال الرب لابرام بعد اعنزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي انت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لان جميع الارض التي انت ترى لك اعطيها ولنسلك الى الابد .) وفي مكان اخر نجد الاتي :- (في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا قائلا:- لنسلك اعطي هذه الارض من نهر مصر الي النهر الكبير نهر الفرات.) وكأن الله جل شأنه يوزع اراضي الكرة الارضية ..على البشر فتصبح الارض العربية من النيل الى الفرات ارضا لليهود او بني اسرائيل بموجب وعد صادر من السماء .. فيصبح وجودهم في فلسطين هو عودة لارض ابائهم واجدادهم..!! .وتأكيدا لهذا فان الحركة الصهيونية منذ انطلاقها زعمت مقولة عجيبة وهي ان اليهود انطلقوا من فلسطين الي الجزيرة العربية والى الشتات.. فكيف ينتقل الناس من بلد متحضر مثل ارض كنعان (فلسطين) الى صحراء تعيش حياة البداوة ..؟ كان في الجزيرة العربية مسيحيون ويهود قبل ظهور الدين الاسلامي فهل انتشرت الديانة المسيحية بين القبائل العربية نتيجة هجرة مسيحيين من فلسطين باعتبارها مهد المسيحية..؟ وهل كان يهود الخزر (المغول) قد جاءوا من فلسطين..؟ للاسف الحركة الصهيونية ثم اسرائيل تصر على ان اليهود كلهم جاءوا من فلسطين وان عودتهم الي اسرائيل هو الوضع الطبيعي فهم يعودون الي وطنهم الذي وعدهم الله به بحسب خرافات الحاخامات. وعلى العكس من هذا تماما فهناك رأي يقول ان بني اسرائيل لم يدخلوا ارض فلسطين في الماضي مطلقا وهذا ما قال به المفكرون والمؤرخون العرب والاوربيون مثل( كارن ارمسترونج ) وما جاء في كتاب (القدس مدينة واحدة ذات عقائد ثلاث ) فلم يثبت في التاريخ القديم وجود هيكل سليمان في فلسطين .واليهود لم يدخلوا فلسطين ولم يقيموا فيها دولة فلم يوجد لهم اي اثر تاريخي سوى ما هو موجود في التوراة.. وهو ما كتبه الحاخامات بخط ايديهم فلا قيمة له ما دام لم يؤيد بأي مصدر تاريخي اخر .ان سيدنا موسى عليه السلام انقذ اليهود من الذل الذي كانوا يعيشون فيه فالفرعون كان يامر بقتل اطفالهم واستعباد رجالهم واستحياء نسائهم وبعد انقاذهم سار بهم سيدنا موسى عليه السلام الى صحراء سيناء حيث تنكر له القوم ورفضوا الذهاب الي الارض المقدسة. وكذلك قالت التوراة وهي الكتاب المقدس عند اليهود فقد ورد في سفر الخروج ما يلي :-
(وكان لما اطلق فرعون الشعب ان الله لم يهدهم في طريق ارض الفلسطينيين مع انها قريبة لئلا يندم الشعب اذا رأوا حربا ويرجعوا الي مصر فادار الله الشعب في طريق بحر سوف) اي البحر الاحمر.هذا الكلام الصريح في التوراة يؤكد ان بني اسرائيل لم يتجهوا الى فلسطين مطلقا وانما اتجهوا الى ساحل البحر الاحمر فكان الخروج عن طريق البحر الى الساحل الشرقي للبحر الاحمر السؤال الخطير هو لماذا الاصرار على ان اليهود خرجوا من فلسطين الي الشتات..؟ فلماذا ينحدرون من جنس واحد ودم واحد واب واحد..؟ هذا لانهم يريدون تبرير احتلالهم لفلسطين بالرغم من ان( التوراة) اعترفت في سفر استير – الاصحاح الثامن بان اقواما كثيرين اعتنقوا اليهودية ولم يكونوا من قوم موسى وذلك في مملكة فارس وهذا يصح ايضا على يهود اوروبا الذين اعتنقوا الديانة اليهودية على ايدي مبشرين يهود فكان التجمع اليهودي في اوروبا في حوض الراين.وهؤلاء بكل تاكيد ليس لهم علاقة بفلسطين. اما ما تزعمه اسرائيل وحاخاماتها من ان اليهود المعاصرين جميعهم هم احفاد اليهود الذين كانوا في فلسطين قبل 2000 عام هذا قول لم يقم عليه اي دليل بل العكس هو الصحيح فنجد اليهود الاوروبيين شقر الوجوه زرق العيون ومنهم السمر ذوي الشعر المجعد وهم يهود الفلاشا ومنهم اليهود الصفر وهم القادمون من المغول وكما قال البروفيسور( اوجيم بيتار) وهو علامه من جامعة جنيف قال :
-الشعوب اليهودية متعددة الاصول فمنهم الخزر من القوقاز وهم اعتنقوا الديانة اليهودية واصلهم من المغول وكذلك يهود الحيشه ويهود اوروبا وكلهم لا تربطهم بموسى عليه السلام اي رابطه.
كل ما سبق يتضح لنا انه لا توجد اي علاقه لليهود بفلسطين وان مزاعمهم وخرافاتهم عن هيكل سليمان وعن الوعد الالهي لهم بوطن قومي. من نسج الخيال وهو وسيلة جهنمية لاحتلال فلسطين بدلا من شعبها الذين هاجروا من فلسطين سنة 1948 وسنة 1967 نتيجة الحرب الاسرائيلية . لتأكيد احلامهم في احتلال الارض العربية من النيل الى الفرات .الا ان النصر سوف يكون للأمة العربية باذن الله .
قلـق إسرائيلـي مـن إدارة أوبامـا الجديـدة: تهويـل يهـودي ضـد مـرشـح وزارة الدفـاع
حلمي موسى عن السفير
تبدي أوساط إسرائيلية ويهودية أميركية قلقاً متزايداً من التشكيلة الجديدة للإدارة الأميركية الجديدة، كما ظهر في التقديرات الأخيرة. ويتركز القلق على الترشيحين الأكثر أهمية في السياسة الخارجية عموماً ولإسرائيل خصوصاً، وهما لوزارتي الخارجية والدفاع. وفي حين كان بوسع هذه الأوساط الإسرائيلية والأميركية ابتلاع المرشح لوزارة الخارجية جون كيري، يبدو أنه من الصعب عليها قبول المرشح الأكثر تقدماً لوزارة الدفاع تشاك هايغل.
وبحسب ما نشر في صحف إسرائيلية فإن هايغل، وهو سيناتور جمهوري، سبق أن أطلق مراراً تصريحات مناهضة لإسرائيل في عدد من المواقف الحساسة. وهايغل، لم يخف معارضته للسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي لبنان. غير أن ما يغيظ الإسرائيليين أكثر من أي شيء آخر هو اعتبارهم له أنه من أصحاب الخط «الحمائمي» في كل ما يتعلق بإيران. ويعتبر هايغل المرشح الأبرز بين قائمة مصغرة من المرشحين لوزارة الدفاع في إدارة أوباما الجديدة.
وهايغل، كما نشرت «يديعوت» يحمل أفكاراً معتدلة، ويرى الرئيس الأميركي باراك أوباما فيه وعبر أمثاله إمكانية لبناء جسور الوحدة بين المعسكرين المتخاصمين في الولايات المتحدة، الديموقراطي والجمهوري. ويُعتبر تعيين سياسي جمهوري في مثل هذا المنصب الرفيع جزءاً من محاولات أوباما للتقريب بين المعسكرين، خصوصاً في ظل حاجته الآن لعون الجمهوريين لمنع أي انهيار اقتصادي.
وكان هايغل مرشح أوباما لمنصب وزارة الدفاع في ولايته الأولى بعد استقالة روبرت غيتس، لكن في النهاية تم اختيار ليون بانيتا. وبرغم ذلك فإن القرار حول هايغل (66 عاماً) ليس نهائياً بعد، وذلك بسبب رغبة أوباما في إدخال امرأة إلى إدارته، خصوصاً بعد تبدد فرص المبعوثة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس إثر اختيار جون كيري في منصب وزير الخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون. لكن هناك من يعتقد أن أوباما قد يسجل سابقة تاريخية بتعيينه امرأة في منصب وزيرة الدفاع.
وسبق لأوباما أن أفصح عن تقديره لهايغل، وهو المحارب السابق في فييتنام الذي أصيب ونال الكثير من أوسمة التقدير. ورفضت جهات في الإدارة الأميركية أمس الأول، باستهزاء الاتهامات الإسرائيلية التي ادعت أن أوباما يريد تعيين هايغل فقط للانتقام من نتنياهو جراء دعمه للمرشح الجمهوري ميت رومني في المعركة الانتخابية الأخيرة. وأوضحت هذه الجهات أن هذا ليس أسلوب أوباما، فهو «لا يعمل من منطلق الثأر وإنما من منطلق المصالح الأميركية». وأياً يكن الحال، فإن القرار النهائي في الموضوع سيتخذ في الأيام القريبة المقبلة.
وأشاعت أنباء احتمال تعيين هايغل قلقاً شديداً في أوساط المنظمات اليهودية الأميركية. وتستند خشية هذه المنظمات أساساً إلى التصريحات السابقة لهايغل في مسائل حساسة مثل إيران والمستوطنات. وقال رئيس الائتلاف اليهودي الجمهوري مات بروكاس، إن «تعيين هايغل يشكل صفعة لكل أميركي يحرص على أمن إسرائيل».
أما رئيس «منظمة اليهود الأميركيين الصهاينة» مورتون كلاين، فقال إن «هايغل هو أحد أشد المنتقدين المعادين لإسرائيل في مجلس الشيوخ». وأشار ناشط في الحزب الجمهوري إلى أن «هايغل هو أحد السناتورات المعادين لإسرائيل في التاريخ المعاصر»، معتبراً «أنه يناسب أوباما».
وكان هايغل قد رد في الماضي على منتقديه بشأن موقفه من إسرائيل بالقول «أنا سيناتور أميركي، ولست سيناتوراً إسرائيلياً. أنا أؤيد إسرائيل لكن مصلحتي الرئيسية هي أميركا. وعندما أقسم الولاء للمنصب فإنني أقسم للدستور، لا للرئيس، ولا للحزب ولا لإسرائيل».
وكان هايغل في ذروة الانتفاضة الثانية في العام 2002 قد انضم إلى ثلاثة أعضاء من مجلس شيوخ في رفض التوقيع على عريضة تأييد لإسرائيل. كما سبق وأعلن في العام 2006 أنه «يستحيل توقع إجراء الفلسطينيين لإصلاحات ديموقراطية طالما الجيش الإسرائيلي يحتل الأرض، وطالما استمر البناء في المستوطنات»، مضيفاً «على إسرائيل اتخاذ خطوات سلمية». كما أنه كان دعا الرئيس السابق جورج بوش للعمل من أجل وقف فوري لإطلاق النار في لبنان «من أجل وقف الجنون» خلال حرب تموز العام 2006. وقد اتهم حينها إسرائيل بالعمل من أجل تدمير دولة لبنان وشعبها. وطالبه أيضاً بفتح حوار مع إيران من دون شروط مسبقة، معتبراً أن استمرار التعامل بعدائية مع طهران سيقود إلى عزلتها.
ووقع هايغل في العام 2009 على رسالة تدعو أوباما للشروع في حوار مع حركة حماس. وسبق له أن رفض التصويت لمصلحة الحرب على العراق، كما أنه لا يزال يرفض الدعوة للالتزام باستخدام القوة ضد إيران إذا أصرّت على رفضها التخلي عن مشروعها النووي.
عموماً التعيين الأكثر ترجيحاً حتى الآن، هو للسيناتور جون كيري الذي يرأس لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ والذي سيتولى وزارة الخارجية. وترى إسرائيل في كيري «صديقاً» لكن ليس بمستوى صداقة هيلاري كلينتون.
أما في ما يتعلق بهايغل، فيرى معلقون إسرائيليون أن تعيين أشخاص من أمثاله في مناصب حساسة هو مجرد جزء من الثمن الواجب على إسرائيل دفعه جراء تأييد نتنياهو للمرشح الجمهوري ضد أوباما في انتخابات الرئاسة.
سباق انتخابي إسرائيلي .. على الاستيطان: 6600 وحـدة جديـدة في القـدس المحتلـة
حلمي موسى عن السفير
برغم حملات الإدانة الدولية لمشاريع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية كثفت السلطات الإسرائيلية إعلانها عن مخططات استيطانية جديدة. وبدا الأمر كما لو أن المنافسة الانتخابية تتركز هذه المرة على التسابق أكثر على التخطيط للاستيطان أو على تأييده، فقد أعلنت الأحزاب الرئيسية، المعارضة والموالية على حد سواء، تأييدها للاستيطان واستعدادها لتمويله، ولكن وفق خرائط مختلفة.
وسرعت السلطات الإسرائيلية مخططات البناء الاستيطاني بحيث باتت تشمل ما لا يقل عن 6600 وحدة غالبيتها في محيط القدس الشرقية. وأشارت الصحف إلى أن مخطط إنشاء المرحلة الأولى من مستوطنة «جفعات همطوس» أقر يوم الثلاثاء الماضي في لجنة التخطيط والبناء في القدس، وأن المخطط يشمل إنشاء 900 وحدة سكنية في هذه المنطقة الواقعة جنوبي القدس على أراضي قرية بيت صفافا.
ومن المقرر أن تبحث لجنة التخطيط والبناء في القدس اليوم في مشروع بناء استيطاني آخر يشمل 2610 وحدة سكنية في «جفعات همطوس» أيضاً. وإذا أقر المشروع فسينشأ حي استيطاني جديد ولكن في أراض كانت تعتبر خارج القدس. ونشرت وزارة الإسكان الإسرائيلية يوم أمس إعلاناً بطلب مدير لمشروع إنشاء حي جديد في مستوطنة جفعات زئيف شمالي القدس. ومن المقرر أن يشمل هذا المشروع 664 وحدة سكنية أخرى. وكانت لجنة التخطيط والبناء قد أقرت أمس الأول إنشاء 1500 وحدة سكنية في المستوطنة المسماة «رمات شلومو» في منطقة «إي وان» الإستراتيجية التي تفصل شمالي الضفة الغربية عن جنوبها.
ولاحظ إعلاميون أن قاضي المحكمة اللوائية في القدس، موشي سوبول، الذي عرضت أمامه التماسات ضد مصادرة أراضي فلسطينية لغرض البناء الاستيطاني، حثّ وزارة الداخلية على تسريع هدم بيوت عربية في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك 300 أمر هدم بيوت في المنطقة التي تحاول إسرائيل تكريس السيطرة عليها لحث التوسع الاستيطاني في القدس.
ورفض قادة الحكم في إسرائيل، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الكنيست رؤفين ريفلين الإدانات الدولية لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وخصوصا في القدس.
وأعلن بنيامين نتنياهو أن على الأحزاب الصهيونية جميعها تأييد مشاريع البناء في القدس. وقال إن «القدس عاصمة دولة إسرائيل الأبدية ونحن سنواصل البناء فيها. إن وحدة القدس هي التي تعبر عن إجماع وطني واسع». وقالت تسيبي ليفني زعيمة حزب «الحركة» إنه «ينبغي لإسرائيل الاستثمار في الكتل
الاستيطانية التي ستبقى جزءاً من إسرائيل في كل تسوية مستقبلية، وليس رمي الأموال لنقل بيوت من تلة إلى أخرى أو شق طرقات نحو أماكن لن تكون أبداً جزءاً من الدولة في التسوية المقبلة».
وأكد الإسرائيليون أن هذا تدخل في مشاريع تطوير القدس بوصفها العاصمة الأبدية لإسرائيل. كما أن قادة الأحزاب المعارضة، من حزب العمل إلى كديما إلى «هناك مستقبل» يتنافسون مع اليمين في إطلاق التصريحات حول تمويل المستوطنات ما جعل الاستيطان أقرب ما يكون إلى موضع الإجماع الصهيوني. وإذا كانت هناك خلافات فهو حول مقدار الأذى الذي يمكن أن يصيب إسرائيل على الحلبة الدولية من نشر مشاريع الاستيطان بشكل يخدم الدعاية الانتخابية.
وتضاف هذه الأرقام إلى ما كانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت عنه من عطاءات لإنشاء 3000 وحدة سكنية في المستوطنات.
ونشر موقع حركة «السلام الآن» الذي يراقب النشاط الاستيطاني تقريراً يفيد بأن عدد الوحدات السكنية الاستيطانية التي تمر حالياً بمراحل الإقرار بلغ 6600 وحدة سكنية خلال الأيام الأربعة الأخيرة.
وذكر الموقع أن هذه الوحدات تشمل 1600 وحدة في «رامات شلومو» و2160 وحدة في «جفعات همطوس ـ أ» و549 وحدة في «جفعات همطوس ـ ب» و812 وحدة في «جفعات همطوس ـ ج». وهناك 1142 وحدة في «جيلو شمال» و842 وحدة قد يُضاف إليها 300 وحدة أخرى في المنطقة ذاتها.
وكان ممثلو الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن الدولي، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا والبرتغال قد أعلنوا أنهم بصدد إصدار بيان إدانة مشتركة للإجراءات الإسرائيلية. وقد سبقتهم إلى التنديد بالخطوة الاستيطانية الإدارة الأميركية ذاتها. إلا أن إدراك الحكومة الإسرائيلية واقع أن الإدانة لا تتعدى الخدمة اللفظية وأنها حين تقترب من الخطوات الفعلية تغدو ضعيفة، يدفع هذه الحكومة ليس فقط لتجاهل الإدانة وإنما أيضاً لتحديها.
وأعربت دول e4 عن قلقها من واقع أن البناء الاستيطاني يعرض للخطر فرصة حل الدولتين. وقال ديبلوماسيون أوروبيون للصحافيين أن الصيغة النهائية لقرار الإدانة لم يتفق عليه بعد لكنه بات وشيكاً. وأوضح أحد هؤلاء «أننا لا يجب أن نركز فقط على البناء في «إي 1» وإنما على كل البناء في كل واحدة من المستوطنات، بسبب أنه إذا نفذ أحدها فإن ذلك سيعرض للخطر حل الدولتين». وتوقع الديبلوماسيون الأوروبيون أن يصدر بيان الإدانة الأوروبي للمستوطنات خلال الأيام المقبلة.
ارتياح أميركي لنتائج "ضرب" غزة!
سركيس نعوم عن النهار اللبنانية
الفلسطينيون والعرب والمسلمون وخصوصاً "الممانعون" منهم مقتنعون بأن اسرائيل خرجت خاسرة من مواجهتها العسكرية الاخيرة مع "حماس" في قطاع غزة. فالصواريخ "الحمساوية" طاولت عمق اسرائيل وأطرافها البعيدة رغم قصفها الجوي والبري والبحري. لكن حكومة اسرائيل لم تحاول الذهاب ابعد من ذلك لأنها تعرف عجزها عن احتمال الكلفة البشرية والدولية.
إلا أن لعدد من المتابعين الاميركيين ومعهم مسؤولون رأياً آخر في هذا الموضوع يفيد ان اسرائيل ربحت الجولة الاولى من المواجهة مع متطرفي غزة، وانها اظهرت ان في استطاعتها ازالة "اثر التهديد الصاروخي لـ"حزب الله". ويفيد ايضاً ان الاميركيين تأثروا ايجاباً باداء "القبة الحديد" المضادة للصواريخ. ودفع ذلك ادارتهم الى زيادة الاستثمار المالي في مشروعها وذلك بغية تطوير ما تحتاج اليه اسرائيل منها لتغطية اجوائها على نحو تام. ويفيد الرأي نفسه ثالثاً ان الادارة في واشنطن حرّكت في اتجاه الشواطئ الاسرائيلية سفناً حربية ذات قدرات مضادة للصواريخ فاعلة جداً وذلك استعداداً للتعامل مع تهديد الصواريخ الايرانية. علماً ان هذه القدرات موجودة ايضاً في منطقة الخليج. ويفيد اخيراً ان على ايران ان تعيد حساباتها ومعها "حزب الله" لأن ترسانتهما النووية قد لا تكون فاعلة بالقدر الذي تؤكده طهران.
هل سيتمسك الرئيس اوباما في اول ولايته الثانية بسياسته حيال الشرق الاوسط وتحديداً حيال ايران والصراع الفلسطيني – الاسرائيلي؟ المتابعون الاميركيون انفسهم يعتقدون ذلك، ما لم تستجد تطورات دراماتيكية تفرض تعديلها او تغييرها. ومن اسباب ذلك انشغاله منذ الآن بإعادة تركيب ادارته. ومنها ايضاً اضطراره الى متابعة العمل لايجاد حل للأزمة المالية في ظل الخلاف حولها بينه وبين جمهوريي مجلس النواب. علماً ان سياسته حيال ايران معروفة. وهي تقوم على استمرار محاولة استدراجها لحوار جدي حول ملفها النووي وحول كل القضايا الخلافية معها. وإذا تعذّر ذلك فان الضربة العسكرية ستكون "آخر الدواء". واواخر السنة المقبلة 2013 قد يكون موعد ذلك. اما بالنسبة الى اسرائيل و"فلسطين" فإن المتابعين الاميركيين اياهم يعتقدون ان متطرفي غزة بقيادة "حماس" تخلوا عن ايران "الشيعية" وانضموا الى المعسكر السنّي، وان الادارة الاميركية ستشجع القادرين على مصالحة هؤلاء والسلطة الوطنية و"فتح" ومنظمة التحرير. كما انها ستشجع قادة "حماس" على العمل الجدي لايجاد تسوية مع اسرائيل. وقد يكون لمصر الحالية دور في ذلك، هذا اذا نجحت في تأمين استقرار الاوضاع فيها. والانتخابات الاسرائيلية المرتقبة في شباط 2013 قد تساعد في ذلك، وخصوصاً إذا اسفرت عن مفاجآت مثل فوز ليفني القادرة على جمع الوسط واليسار في بلادها.
ألا ينطوي التوقّع المذكور اعلاه المتعلق بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي على ايجابية مبالغ فيها؟
نعم، يجيب باحث يهودي اميركي بارز آمن "بحل الدولتين" من زمان، وعَمِل له وشنَّ حملات عدة متنوعة على اليمين الاسرائيلي وزعيمه اليوم بنيامين نتنياهو بسبب رفضه له. فهذا الاخير وحلفاؤه وخلافاً لمشروع اوباما للحل لم يعودوا يعترفون بأن هناك أراضي عربية فلسطينية محتلة، إذ صاروا يسمونها أراضي متنازع عليها. وهم يكثفون الاستيطان فيها وذلك بغية الوصول في النهاية الى اسرائيل الكبرى أو معظمها. طبعاً استغل نتنياهو بعد عملية "عمود السحاب" العسكرية الاخيرة في غزة دعوة خالد مشعل احد ابرز قادة "حماس" الى تدمير اسرائيل او إزالتها فدفع حكومته الى اتخاذ قرار ببناء مستوطنات جديدة في القدس. لكنه نسي او تناسى ان مشعل عموماً كان قدّم في السابق وفي اثناء محادثات معه افكاراً أكثر اعتدالاً مثل قبول سلام على اساس دولتين فلسطينية واسرائيلية، يكون نتيجة مفاوضات بين "السلطة الوطنية" واسرائيل، ولكن بعد قبول شعب فلسطين اياه عبر الاستفتاء. كما انه دعم وقف كل اعمال العنف ضد اسرائيل إذا قبلت اسرائيل مبدأ قيام دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 1967. وهذا النسيان او التناسي قد يكون ساد الناخبين الاسرائيليين، وخصوصاً في ظل اتجاه غالبيتهم نحو اليمين الذي يحاول حالياً استغلال تصريحات مشعل و"حماس" لمنع ظهور كتلة نيابية وسطية ويسارية في "الكنيست" الاسرائيلي بعد الانتخابات العامة المقررة في شباط المقبل.
بيت لحم تبحث عن نجمة الهجرة
سمير عطاالله عن النهار اللبنانية
للميلاد الآتي وقعٌ بعيد لم يكن من قبل. كانت الديانات الشرقية في الماضي منقسمة حول المسيح، منها ما يكرّم مجيئه وينفي قيامته، ومنها ما ينكر ظهوره. أما المطروح في الشرق الآن فهو بقاء المسيحيين، من بيت لحم، قرية المغارة، الى مصر، مهرَب الأنبياء والصدّيقين.
يبدو المشهد شبه مأخوذ من أيام المسيحية الأولى، حيث كان المسيحيون يناشدون السماء ان تساعدهم في البقاء على الأرض. أصحاب مُلك وغرباء. أهل بلا صلة. وأقسى ما يخامرهم من مشاعر، هو الشعور بالندم. بدل ان يردوا أسباب المخاوف، راحوا يصفّرون في العتم لطرد الخوف. والعتم طويل.
لست أنكر معرفتي الكافية بالمسيحية، من أجل ان أبرر شططاً أو جهلاً. لكن المسيحية بالنسبة إليَّ، وفي جميع مراحل العمر، لم تتعدَّ الرؤية الطفولية الى أركانها: المحبة والصفح والتضحية، وما عدا ذلك فليس من يسوع بن مريم، الذي عرفناه في الأناجيل وليس في كتب التاريخ. ولعل هذا أحبّ إليه. فالمؤرخون لم يدركوه بالتفاصيل الدنيوية، وهكذا أبقاه مبشِّروه صورة رمزية، مليئة بالروحانيات، وليست رحلة الجسد فيها سوى وسيلة لسرد الدراما وبث الدعوى.
لا يمكن فصل المسيحية عن سيرة المسيح إلا زوراً وتجاوزاً ومكابرة. قال المطران جورج خضر في رثاء اغناطيوس الرابع هزيم: "لتصير بطريركاً أحياناً، ويبقى لك قلب شماس، يؤثرُ أداء التراتيل وبهجة العبادة. الأرثوذكسيون قداس والباقي يُعطى لهم كزيادة". كان اغناطيوس الرابع أرفع من سدة وأبهى من أرجوان. كان شماساً يؤثر بهجة العبادة، خالعاً عنه فقاقيع البهرجة الوثنية، متلحفاً ثوب الوداعة بالمسيح.
فكرت كثيراً في الكتابة عن "الخوري الدرزي"، كما كان يضاحك نفسه الطيبة. لكنني تهيبت، عارفاً ان هذا أدب جورج خضر وحقه في علو الآداب. واغناطيوس الرابع كان آتياً من جذور النسك، كما قال. ومن مهابة التواضع وألَق الخفر البطريركي الأبوي ونقاء الرعاة.
هل حقاً لم يأتِ مولود بيت لحم لينقض وإنما ليتمّم؟ أم أنها وداعة يسوع، لا يريد إزعاج أحد. فالحقيقة ان حياته تبدو نقضاً لما سبق. ففي سفر القضاة (زعماء القبائل) نرى ان صيت شمشون بدأ في يوم عرسه. سوف يقتل ثلاثين رجلاً لأنه احتاج الى ثمن أثوابهم لتسديد رهان. ومن ثم تكرّ المجازر الجماعية، إذ ينتقم لمقتل أبيه وزوجته، بإبادة ألف فلسطيني وإحراق محاصيلهم. وفي جولة أخرى يقتل شمشون ألف رجل (رقم الحظ) مستخدماً في العملية فك حمار (نيع، باللغا اللبنانيي). انتهى؟ لا. باقي ثلاثة آلاف دمّر شمشون على رؤوسهم أعمدة الهيكل، وقضى هو تحت أحد هذه الأعمدة.
كانت هناك أغنية تردّدها الجواري في قصر الملك داود: "شاوول (أول ملوك إسرائيل) قَتل بالآلاف، لكن داود بعشرات الآلاف". حزّت في نفس شاوول وقرر اغتيال المنافس ذي الصوت الساحر، لكنه نجا بأعجوبة.
الفصل التالي نرى خلافاً، بل قُل نزاعاً، بين داود وابنه الثالث إبشالوم. يغتصب الأول امرأةً فيغتصب الثاني عشرا. (مرة واحدة). يحاول إبشالوم الفرار فيعلق شعره (طويلاً مثل جدائل شمشون، كما يبدو) في شجرة، فينقضّ عليه كبير مساعدي داود: ثلاث حرَبات في الصدر. أيضاً، مرة واحدة.
رفض المسيح بن مريم، كل ما كان شائعاً أو عادياً أو بطولياً من قبله. رفض العبودية والقتل الجماعي والاضطهاد والسخرية من الآخرين وكل ما هو عنف وظلم وتوحّش. ليس في سيرته مذابح ولا غزوات ولا اغتصابات ولا رأس يوحنا يُقطع من أجل ليلة مع عاهرة سادية. ولا "قضاة". مجرد حكاية بسيطة، رجل و12 صياداً. لا يُقاتل أعداءه ولا يُبيد أطفالهم ومواشيهم ولا يحرق محاصيلهم. يصل في مذود ويغادر عن طريق الجلجلة، من غير ان ينسى الطلب الأخير: اغفر لهم يا أبتاه.
لا نعثر على عيسى بن مريم في كتب التاريخ. فقط اثنان من الأناجيل الأربعة يرويان سرد المهد: لوقا ومتى. وكلاهما كان محباً لا مؤرخاً. لذلك تختلف أحياناً التفاصيل، ولكن تبقى الرسائل الجوهرية واحدة: خطبة الجبل، مؤاساة المرضى، وحياته الشخصية نفسها. نجار الناصرة لا بيت له، لطيور السماء أوكار وليس لابن الإنسان بيت يأوي إليه. في هذه التفاصيل الدرامية البديعة، يجب العودة الى أرنست رينان، وإن تكن الكنيسة لا تقرّه على تفاسيره.
كان عيسى بن مريم فاصلاً في تاريخ التعاليم البشرية، التي وُلدت في "الخطيئة الأصلية" وكان أول أحداثها، الحسد الذي دبّ في قايين حتى الجريمة. ومن ثم يتدافع التاريخ في الحروب وبطولات الاحتلال والإبادة، هوميروس، الاسكندر، وروما. فإذا مولود المغارة يرفع للمرة الأولى "على الأرض السلام وفي الناس المسرة". يغفر للعشارين ويسامح الفريسيين ويمنع الزناة الكبار من رجم الزانية الصغيرة. لا مكان للأقوياء في شرعه ولا للغضب. طوبى للضعفاء، قال في مكان ما. لا جُند ولا قادة المئة. ولا ثرثرة على الناس: فليكن كلامكم نعم نعم ولا لا. لماذا الغرَق في الثرثرة واللغو واللعيّ؟
ترك لنا الرسامون العظام أجمل اللوحات، لكنها كانت بعيدة من المسيحية. مسيح رافاييل لا وجود له. الناصري كان يجلس على حصيرة لا الى مائدة ضخمة. وكان يصل الى المدينة على جحش ابن أتان. وهكذا إذ بحث جورج خضر عن صفة عليا لاغناطيوس هزيم قال إنه البطريرك الذي ظلّ شماساً، العالِم الذي لم يخلع ثوب القروي. وادع كالحقل وصلب كالفلاحين وحجر الصوان.
الأسبوع الماضي أبلغتنا "النيويورك تايمس" بلاغاً مقلقاً: هجرة كثيفة للأرمن من حلب. ألم تكفِهم هجرات في هذا الشرق المنفرط والمتفرقع مثل بقايا الجمر في الرماد؟ ولكن هل الأرمن وحدهم يهاجرون؟ مَن في هذا الشرق لم يملِّح وجهه البحر وتتناوله الرياح؟ لكن هجرة الأرمن لها بُعد آخر. هؤلاء قوم لا يُقتلعون بسهولة، ولا يَتخلون بخفة. ومدينة سيف الدولة، كلها تحت الركام، في أي حال. وقد أصبحت مجموعة مدن لها حدودها الداخلية، كما يكتب تشارلز غلاس في "نيويورك ريفيو أوف بوكس". لعنةُ الشرق أم فِعلةُ الشرقيين؟ شهد جيلنا ما لم يشهده جيل مماثل في أي أمَّة أو قارة. زالت الاسكندرية "كمدينة للذكريات" كما وصفها لورانس داريل، ودُمِّرت بيروت "كمدينة للمنارات"، كما وصفتها إيزابيل إلليندي، وصار يقال إن بغداد آخر المدن، ولا ليلة فيها من ألف ليلة. وأطفأت القاهرة أضواء النهضة باسم الدستور. وها حلب ودمشق في مرارة المصير وحرقة الأوطان.
اخترقتُ خصوصية شارل أزنافور على الطائرة الى نيويورك لأخبره أنني لا أحضر حفلات الغناء، ولكن حضرت حفلته في بيروت الصيف الماضي، وفي باريس قبل عامين، هذه أمسيات شعرية. سألني عن لبنان، قلت له، إذا حزم الأرمن الحقائب، دليل غير جيد. قلت له إن الأرمن في كل مكان يشبهون بعضهم بعضا. يذوبون حنيناً الى الماضي، ويتعرّقون دماً من أجل المستقبل. ماهرون في إدراك لعبة الحياة، عاجزون في وجه لعبة الأمم.
كم هو رائع البارون شاهنور فاغهيناغ أزنافوريان. تذكرت أرمن حلب في "النهار". سام، وجورج سمرجيان، وهمبار. البارون سام غيَّر معاني الصورة الفوتوغرافية ونقلها من حدث الى لوحة. وكان يعطي هذه اللوحة لشوقي أبي شقرا "الصفحة الثقافية" فيضع لها عنواناً يجعلها لوحة وقصيدة. كمثل صورة رفّ من السمّن يرتاح على أعمدة التلفون في الخريف: شعراء الصحو، سماها شوقي أبي شقرا، شاعر الغِمام وناي اللغة.
بيت لحم؟ أين بيت لحم؟ ونهر الأردن؟ ماذا على نهر الأردن؟ والقدس، التي كان اغناطيوس الرابع يقول إنها قدسه، أين هي القدس؟ عيد جميل، لأنه للأطفال. ينامون وهم يحلمون بالهدايا، غير عارفين أي أحلام سود يحلم الكبار. أي أفكار كالحة تملأ عقولهم وقلوبهم وأجفانهم. أي مكائد يكيدون وأي حقد تفرز أكبادهم. صفر الوجوه، من غير علَّة.
كنا نفكر في الأعياد في سوريا ونخاف منها، هذا العيد نفكر فيها ونخاف عليها. أبداً ليس على طائفة أو فئة. فكم علّمتنا في الماضي أنها فوق الطوائف وتحت الأديان. وكم أنَّبت الطائفيين. ثم فجأة من عصر فارس الخوري الى زمن الرعب الى الأقليات. هل يسمى أهل البلد أقليات إلا في هذا الشرق المقزّز؟ هل جاؤوا من روديسيا؟ من حرب البوير؟ محزنة سوريا، ليس لأنها في جوارنا، بل لأنها في قلب الأمة. لم يحسن النظام المحافظة عليها ولا على نفسه ولا على علاقتنا بهذا الشق منا.
قال كليمنصو لصحافي أميركي: "مشكلتنا مع ألمانيا أنها تريد ان تفسر انتصارها سيطرة علينا، وهزيمتنا عبودية لها". لا أعرف كم فات من الأوان. لكن الشماتة بسوريا غباوة، والتشفّي بها شؤم، ولعنة. مهما تجبّرت الأنظمة فحالها حال يجول، كما قال المتنبي. ومهما اتضعت الأرض، فهي بقاء.
يحل الميلاد ومسيحيو الشرق خائفون في كل مكان من الشرق. خائفون خصوصاً من رعاعهم وقاصريهم. خائفون على أهلهم في الطوائف الأخرى. وعلى ذلك الزمن الأخلاقي الذي يندثر. هجرة العرب تُقلق، هجرة الأرمن تُخيف. وميلاد سعيد في أي حال. تذكروا أنه اختار ان يبدأ من مذود في بيت لحم، ولم يغير رداءه الصوفي، الذي عليه اقترعوا.
مذبحة صبرا.. وشاتيلا تتكرر في مخيم اليرموك!
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت
جيلُ ما بعد الاستعمار الفرنسي لسورية من قيادات وأحزابٍ، وكامل الشعب هم من ساند وحارب واستضاف الشعب الفلسطيني وسنّ القوانين بكامل حقوقه أسوة بالشعب السوري، لكن المزايدة على القضية بدأت مع نظام الأسد الذي أُجبر على الحرب ضد إسرائيل خوفاً من استفزاز الشعب، وفي ظله احتُل الجولان، وقيل عن تواطؤ واتهامات للأسد الأب، لكن ما يُضحك أن كل إصلاح وعمل سياسي يتوجه للمواطن السوري، كان يصطدم بأن الدولة في حالة حرب ومواجهة، وخرجوا علينا بشعار المقاومة والممانعة في حين لم ترد السلطة على تدمير نواة المفاعل النووي الذي ضربته إسرائيل، وعلى تدمير منصات الصواريخ السورية في البقاع اللبناني، وحتى جبهة الجولان، وبدون توقيع سلام مع إسرائيل، لم تشهد إطلاق رصاصة من دولة الممانعة..
احتضنت حكومة الأسد حماس باتفاق مع إيران، واستطاعت أن تضعها على تقاطع مع السلطة الفلسطينية، إلى حد المناوشات وسجن أعضاء من الطرفين، لكن حماس في سورية ظلت صوتاً بلا فعل بحيث لم يسمح لها بممارسة أي نشاط عسكري ضد إسرائيل بل مجرد رافعة شعارات، لكنها في السنوات الأخيرة شعرت أنها جزء من النظام الذي يريد تحويلها إلى لعبة في يده، ومع انفجار الثورة خرجت بأعضائها إلى قطر..
حالياً تجري حرب مدمرة في مخيم اليرموك الفلسطيني، دمر مسجد آوى الهاربين من القصف ليموتوا داخله بعمل مشابه لما تقوم به إسرائيل، فقط لأن انحياز المخيم للثوار ومناصرة الجيش الحر، اقتضى هروب أحمد جبريل المعروف بولائه للنظام من الجبهة الشعبية - القيادة العامة، ثم لأن المخيم نقطة الهجوم الاستراتيجي على وسط دمشق، لكن الكذبة الكبرى فشلت أن تصدق، فالفلسطيني الذي من أجله قال النظام إنه في حالة حرب مع إسرائيل يهاجم المخيم ويقتل ساكنيه، وبالتالي فالاعتبارات القديمة لم تعد تنطلي على نظام يريد أن يحمي محيط قصره، والتضحية ليس بالشعب السوري، لكن من ادعى أنهم في حمايته..
الشعب الفلسطيني استنكر بكل فصائله ما يجري في مخيم اليرموك، والحكومة الفلسطينية هددت برفع الملف إلى مجلس الأمن ما يؤكد عري حكومة الأسد، وبالتأكيد فإن التضامن الفلسطيني مع السوري المناهض للنظام هو الإدراك المشترك أنهما في خندق واحد، وأن الأسد وجبريل وبعض جبهته ممن زايدوا على فلسطين اتضح وجههم الحقيقي، خاصة وأن الوعي عند المواطن الفلسطيني، وكذلك السوري يفوقان ما كانت تخادع به سلطة دمشق..
إسرائيل مسرورة بما يجري في المخيم، لأن ذبح أي فلسطيني بدءاً من الأرض المحتلة، ومروراً بالأردن ثم لبنان وأخيراً بسورية، يجعلها تحاول توظيف آلة دعايتها بأن الفلسطيني محارَب بين أبناء عمومته، فكيف تستطيع ضمان ولائه وهو الذي يعلن تدميرها؟
ومثل هذه الذرائع تقنع الشعوب التي لا تدري بأسباب الصراع ومنشئه وتطوره، لكن الأسد يحاول تقليد إسرائيل بمذبحة صبرا وشاتيلا داخل مخيم اليرموك وبلا وازع أخلاقي..
وبسقوط النظام سوف تتكشف حقائق خطيرة، سواء التعامل مع إسرائيل، أو لعبة الورقة الفلسطينية واتخاذها هدفاً باطنياً لمؤامرة مشتركة ضدهم مع العدو، فحساب الزمن كبير ولا غطاء على الحقائق الواضحة..
شهداء مع “وقف التنفيذ”
محمد عبيد عن دار الخليج
الحالة المتردية التي وصلت إليها أوضاع أسرى الحرب الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال “الإسرائيلي”، وحالة الموت البطيء التي يجابهونها في عتمة الزنازين، وحالة كثيرين من المكبلين بما يسمى “الاعتقال الإداري”، وتواصل الهجمة الشرسة على كرامتهم وحقهم المقدس في الحياة، إلى جانب ما يعانونه من إهمال وإغفال محلي وإقليمي ودولي، عناصر تلتقي في حقيقة ما يمكن وصفهم به من أنهم “شهداء مع وقف التنفيذ” .
إنهم كذلك، كونهم لايزالون أحياء بالاسم، ولايزالون يتنفسون، مع محاولة الاحتلال مصادرة كل شيء منهم حتى الهواء . وتكفي نظرة واحدة إلى وجه أو حالة أحد الأسرى المضربين عن الطعام انتصاراً للكرامة البشرية، أن تصادق على هذا الوصف، فماذا تبقى أصلاً من إمكانات الحياة للأسير المضرب أيمن الشراونة، وهو يواصل إضراباً عن الطعام منذ أكثر من 174 يوماً، أو الأسير سامر العيساوي المضرب منذ أكثر من 141 يوماً؟
مدونون ونشطاء فلسطينيون أطلقوا أخيراً حملة تضامن “إلكترونية” واسعة، مع الأسرى المضربين، في مسعى للفت أنظار العالم إلى هذه المأساة، وكأن العالم لا يعرف أن مجرد وجود احتلال من عيار الكيان وجلاديه، أكبر مأساة لشعب فلسطين .
لكن ذلك لا يمنع أن تطلق الجهود الحثيثة لإبراز هذه القضية المهمة جداً، كون الأسرى، المضربين منهم وغير المضربين، لا يدافعون عن أنفسهم وحسب، بل يدافعون عما تبقى من كرامة فلسطينية، ويحمون ما تبقى من مياه وجوه الكثيرين ممن انتهجوا النفاق، وتاجروا بقضايا الأوطان .
الموت البطيء مصير محتوم للأسرى الفلسطينيين، فالاحتلال ماضٍ في سياساته وجرائمه بحقهم وبحق شعبهم، ولتذهب التزامات سطّرها الكيان منذ آخر صفقة تبادل للأسرى، (صفقة شاليط)، أدراج الرياح، من دون رقيب ولا حسيب، فلا هو التزم وقف سياسة ما يسمى الاعتقال “الإداري”، ولا أطلق سراح المعتقلين “إدارياً”، وبات الحل والمفتاح بأيدي الأسرى الذين شاهدوا تجارب مشرّفة من إخوان لهم حررتهم عزائمهم وصبرهم، ومقاومتهم السلمية في معركة الأمعاء الخاوية، التي كسرت شوكة الجلاد .
الاحتلال لا يتنازل إلا مدفوعاً أو مهزوماً أو محاصراً، وهذا واقع بات من البداهة بمكان بحيث لا يمكن إنكاره، أو التغاضي عنه، لكن الأزمة على المستوى الفلسطيني أن هناك فقداناً للإرادة من مختلف الأطراف، وهناك تلهّياً بملفات لا طائل منها ولا معنى لها .
من ذلك التلهي أحاديث وتصريحات المصالحة الفلسطينية التي يكاد السامعون يرون فيها رابع المستحيلات، لكثرة ما وعد الساسة بإنجازها ومن ثم لعقوا وعودهم، والتلهي أيضاً بتراشق الاتهامات بين طرفين أو أطراف التشظي والتشرذم، وتالياً لكل ذلك التلهي بالشكليات على حساب المضامين، والهرب إلى الأمام من استحقاقات المرحلة، وما أكثرها .
على المستوى العالمي، حدّث ولا حرج، فهناك جوقة نفاق متناغمة من مشارق الأرض إلى مغاربها، تبرع في تصدير المواقف والرياء لهذا وذاك، كما تبرع في تجاهل القضايا الحقيقية، ولو كان لدى شهود الزور هؤلاء الذين يتنادون إلى إدانة حادثة جنائية وقعت في أقاصي الأرض، فيرسلون التعازي والإدانات عبر أثير الإعلام، مثقال ذرة من ضمير إنساني واعٍ لكانوا أدانوا كيان العنصرية والإجرام والقتل، واستباحة المحرمات الدينية والدولية والإنسانية، لو كان لديهم مثقال ذرة من صدق لما تمكّن الاحتلال منهم ومن دولهم، ولما أمكنه أن يسيّر سياساتهم بما يخدم مصالحه وحده .
النفاق ليس حالة بشرية، بل حالة دول وأنظمة ومنظمات دولية وإقليمية أيضاً، وإلا فكيف يمكن تفسير سلوك تلك جميعاً أمام مجرم يعلن مسبقاً تفاصيل جريمته والمستهدف بها، ويقدم الدلائل والبينات على ارتكابها عن سابق تصميم وترصّد؟
كم من الموت للفلسطيني
حسن مدن عن دار الخليج
كم من البقع العربية سيلاحق فيها الموت الإنسان الفلسطيني، فالفلسطيني الذي يحسب أنه نجا، بقدرة قادر، من الموت في بقعة سيذهل حين يرى هذا الموت يلاحقه في بقعة عربية أخرى، وإن لم يكن الموت هو القدر، فالتشرد والمخيم المؤقت الذي ما أكثر ما استطال ليصبح دائماً . خرج الفلسطينيون من بلادهم مُكرهين أكثر من مرة، ليتوزعوا على المنافي العربية وغير العربية، لكن الموت لم يكف يسعى إليهم حتى وهم في شتاتهم .
وما أكثر ما وجدت أنظمة الاستبداد العربي في الفلسطيني هدفاً لها . في إحدى نزواته ألقى القذافي بالفلسطينيين العاملين في ليبيا في الصحراء على الحدود، لأن وجودهم في بلادٍ يحكمها يعيق قيام دولة فلسطين، وحين اجتاح صدام حسين الكويت دفع الفلسطينيون المقيمون فيها الثمن مضاعفاً، وحين اجتاحت القوات الأمريكية العراق وجد الفلسطينيون أنفسهم في خيام على الحدود مع الأردن، لأنه لم يعد لهم مكان في العراق المحتل .
وفي لبنان: كم من الحصارات والموت واجه الفلسطينيون ببنادق ودبابات العدو والشقيق، منذ ملحمة تل الزعتر، مروراً بمجازر صبرا وشاتيلا، فضلاً عن حروب المخيمات المتكررة التي كانت أجساد الفلسطينيين فيها حقل تجارب للموت العبثي المجاني في لعبة السياسة المقيتة .
وأخيراً أتى دور الفلسطينيين في سوريا، ها هو طيران وقذائف المتقاتلين هناك تحصدهم في مخيماتهم في اليرموك وسواها، وهم الذين نأوا بأنفسهم منذ بداية الأزمة عن التورط فيها .
عشرات من المثقفين الفلسطينيين بعثوا برسالة إلى قيادتهم في رام الله، تحدثوا فيها عن الأوقات العصيبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون بسوريا حيث قام النظام السوري بقصف منطقة سكنية في قلب مخيم اليرموك راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى، مطالبين برفع الغطاء عن الفصائل التي تحاول جر الفلسطينيين الى معركةٍ ليست لهم، وحاثين المنظمات الدولية على فرض الحماية على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا .
في نهاية رواية “نجران تحت الصفر” ليحيى يخلف التي تدور أحداثها على الحدود السعودية اليمنية، فترة الحرب الأهلية في اليمن بين الملكيين والجمهوريين في ستينات القرن العشرين، يموت، خطأ، في قصف للطيران معلم فلسطيني لاجىء من بلاده، أتى ليعلم التلاميذ في تلك المنطقة العربية النائية مبادىء الحساب وحروف الأبجدية .
ختم الراوي الرواية بالقول:
“مضى الزمن الذي يموتُ فيه الفلسطيني بالخطأ” . لقد أصبح الفلسطيني هدفاً للموت .
هيهات يا عريان!
حمدي رزق عن المصري اليوم
«إن العرب على بداية طريق طويل ستتحقق خلاله آمال «البوعزيزى» فى الكرامة وفرص العمل والعدالة الاجتماعية والرفاهية».. من تغريدة عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، فى الذكرى الثانية لاستشهاد مفجر الثورات العربية محمد بوعزيزى.
بذمتك، فاكر بوعزيزى، وفاكر آماله وأحلامه، يا عريان لا تتدثّر بقميص بوعزيزى، لا تُخفِ عورتك بتغريدة إلكترونية، ورق التوت لا يستر عورة، بوعزيزى لا يستر بل يفضح ظلمكم للناس، لو كان بوعزيزى حياً لأحرق نفسه بدلاً من المرة ألف مرة أمام قصر الاتحادية، بوعزيزى ثار على ظلم، فصار كمن يستجير من الرمضاء بالنار، من نظم عسكرية فاشستية أذاقته الهوان إلى نظم دينية فاشستية تذيقه العذاب ألواناً.
لو كان بوعزيزى حياً لقال لمرشدكم «لا» ثم أضرم النار فى جسده لتشتعل الثورة مرة أخرى، لنالكم شرر من الحريق، لذقتم من مر قهر أذقتموه للشباب المصرى، لأوقد فى نفسه ناراً أمام الرئيس فى الاتحادية. يصلى بعد أن حنث بعهده وقسمه أن يبر الثورة فنكث عن وعدها، وتركها نهباً موزعاً فى الميادين، وخطب فى جماعته أن أعينونى عليهم، على المعارضة، وكأنهم أعداء فألّف بين قلوبهم فأصبحوا بسياساته إخواناً.
بوعزيزى برىء منك ومن إخوانك الذين سطوا على ثورات الربيع العربى، فحوَّلوا ربيعها خريفاً، الثورات العربية تنتحر يأساً، وفى شتاء حكمكم القارس أقسموا «جماعة حازم لازم ولابد» ليصرمنّها مصبحين ولا يستثنون، صبيحة خلع الديكتاتور، وتكالبوا على الثورة تكالب الأكلة على قصعتها، يكفّرون هذا، ويخوِّنون ذاك، ويحرّضون، ويستقوون، ويتخرصون فى حق عباد الله الثوريين، ويخوضون فى أعراض المناهضين، ويتهمون الآمنين، ويهاجمون المعتصمين السلميين، ويحاصرون الأفواه والأقلام والمحكمة الدستورية، وينالون من القضاة.. هيهات يا عريان لا تُخفِ علامات الهوى، كاد المريب أن يقول خذونى!!
تتمسح فى بوعزيزى يا عريان، والله بوعزيزى لو كان حياً لعرّاك على عريك البائس من كل فضيلة، لفضح تغريدتك الموالسة، ولنسخ تغريدتك بتغريدة تقول «إن المصريين على بداية طريق ستتحقق خلاله آمال (جيكا) شهيد محمد محمود فى الكرامة والعدالة والقصاص»، القصاص ممن ظلمنا، وعلى الباغى تدور الدوائر.
هذه شجرة الثوار يا عريان، أن ارحل، غرّد على شجرة أخرى، هناك شجرة أمام مقر المرشد، شجرة الزقوم، انعق عليها، انعق على ميليشياتك، أن اضربوا، واسحلوا، واقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، ما ضر العريان من البلل؟!، خضت فى دماء زكية، وسير بهية، ونلت من سمعة الصادقين المخلصين، كفاك، كفاكم تلاعباً بالثورات العربية ورموزها الأطهار، كفى تشييعاً مزيفاً للشهداء، أتشترون جثث الشهداء وتدّعون أنهم إخوان؟!.. الحمد لله بوعزيزى ليس مصرياً وإلا حسبته من شهداء الإخوان الأبرار الأخيار، وإلا تم تشهيله بضاعة لصالح المشروع الإخوانى، حتى بوعزيزى تغازله بتغريدة فى قبره عسى أن ينفعكم أو تتخذوه ولداً!
مراحيض أبوإسماعيل
محمد سلماوي عن المصري اليوم
ما هذه القذارة التى ينثرها أتباع الإخوان والسلفيين حول أنفسهم فى كل مكان؟ إن بذاءة ألفاظهم لا يضاهيها إلا قذارة اعتصاماتهم التى أصبحت تؤذى كل حواس النظر والسمع والشم.
إن مشهد الخيام المتسخة التى مازالت تحاصر المبنى المهيب للمحكمة الدستورية العليا أصبح مثار تقزز كل سكان الأحياء المجاورة، الذين يمرون عليه يومياً ويلاحظون كيف يزداد المكان اتساخاً مع كل يوم جديد. ما هذه الهمجية والتخلف اللذان لا يضاهيهما إلا موقع الاعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى؟!
لقد تعلمنا أن النظافة من الإيمان، فما بال هؤلاء الذين يتدنى إيمانهم إلى هذا الحد الذى يجعلهم يقيمون أياماً متصلة فى ظروف قد تنفر منها الحيوانات؟!
إن الهرج والمرج الذى استمر طوال الأيام الأولى لموقع اعتصام أتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل قد زادت عليه تلك المراحيض القبيحة، التى أقامها لهم فى الطريق العام بدون ترخيص وبالمخالفة لكل القوانين واللوائح.
هل من حق أى شخص أن يأتى بسيارات النقل المحملة بالطوب الأحمر وبشكائر الأسمنت ويقوم ببناء مراحيض هكذا فى الهواء الطلق بدون الرجوع للجهات المعنية والحصول على التصاريح الواجبة؟ ما هذه البلطجة وكيف يترك هؤلاء يفعلون ما يريدون وكأنهم أصحاب البلد يفعلون به ما يحلو لهم دون الرجوع لأحد ودون مراجعة من أى جهة؟!
لقد كنا نشكو مما آل إليه ميدان التحرير بعد أن غادره الثوار الذين كنسوا الأرصفة خلفهم واحتله بعدهم الباعة الجائلون، وقد وجدنا السلطات تتدخل على الفور وتخلى الميدان من القذارة التى خلفوها، فما بال السلطات تسكت هذه المرة على ما يحدث على كورنيش المعادى وأمام مدينة الإنتاج الإعلامى، التى تقدم لنا صورة صادقة عما يمكن لهؤلاء أن يحيلوا إليه البلاد من تخلف وقبح وقذارة، لو أن الأمر كان بيدهم؟!
لقد نحروا الذبائح وأكلوها حيث يعتصمون ثم أقاموا بعدها تلك المراحيض البدائية القبيحة التى جعلت شباب الثورة يطلقون عليهم على «فيس بوك» اسم «حاذقون» بدلاً من «حازمون»، بينما وصمهم آخرون باسم «شخاخون»، فما هذا الذى وصلنا إليه؟ وهل قامت مصر بثورة ضحت فيها بدماء أبنائها الزكية من أجل هذه البلطجة والهمجية والتخلف والقبح والقذارة؟!
إن أشد ما يؤلم الإنسان أن يرتكب كل ذلك باسم الدين الذى حث على التحضر والرقى وعلى النظافة والجمال.<hr>