-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 273
اقلام واراء محلي
ابرز ما جاء في هذا الملف:
يجب ألا نكون طرفاً في أية صراعات عربية داخلية
حديث القدس
فرح بسيط ؟
حسن البطل عن الايام
اخطر مما نتوقع !!
موفق مطر عن الحياه الجديده
الازمة المالية
عادل عبد الرحمن عن الحياه الجديدة
أسئلة تبحث عن إجابات
عوني صادق عن القدس
حجز أموال الفلسطينيين بلطجة إسرائيلية
الكاتب: رشيد شاهين : عن وكاله معا
سياسة نتنياهو: إسرائيل في مواجهة مع العالم
أشرف العجرمي عن الايام
علائم الوطن والهوية
عدلي صادق عن الحياه الجديدة
يجب ألا نكون طرفاً في أية صراعات عربية داخلية
حديث القدس
لقد دفعنا ثمناً غالياً وتعلمنا درساً عميقاً في سنوات نضالنا السابقة حين تورطنا او تورط بعضنا في صراعات ونزاعات عربية داخلية كان أبرزها ما حدث في الاردن ولبنان والكويت بعد احتلالها، ومنذ الخروج الفلسطيني الى تونس لترسيخ مفهوم عدم التدخل في أية نزاعات عربية داخلية لان المصلحة الوطنية تقتضي منا ان تكون قضيتنا هي همنا الاول والاخير وان نكون ضيوفاً ملتزمين بقوانين وأنظمة البلد المضيف حتى وإن كانت هذه المعادلة غير مناسبة في كل الظروف والأوقات.
اليوم يواجه أبناء شعبنا اللاجئون الى سوريا وضعاً مأساوياً بكل المفاهيم ولاسيما سكان مخيم اليرموك الذي تعرض للقصف بالطائرات مما أدى الى وقوع العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى والى عملية تشريد جديدة الى المجهول والى مزيد من المعاناة والتعاسة.
وحتى نكون صادقين مع أنفسنا وواضحين في مواقفنا، لابد من القول ان فصيلاً فلسطينياً صغيراً أعلن تأييده للنظام في وجه المعارضة وقيل ان أعضاءه بدأوا في القتال الى جانب جنود النظام، وهذا الموقف هو الذي أدى الى مأساة مخيم اليرموك الحالية التي أدانتها القيادة الفلسطينية والجامعة العربية والامم المتحدة وكل منظمات حقوق الانسان وحذرت وكالة غوث اللاجئين من تداعياتها المدمرة، وأدانها حتى الناطق باسم هذا الفصيل نفسه.
لم يفت الوقت، كما نأمل، لتجنيب اللاجئين الفلسطينيين في سوريا المزيد من التورط في الصراع الدموي الدائر في سوريا، ولابد من تضافر كل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لوقف نزيف الدم بصورة عامة والدم الفلسطيني بصورة خاصة في القطر السوري الشقيق، وكفاه خراباً وقتلاً وتدميراً ومعاناة.
نأمل الا تكون انتكاسة
على طريق المصالحة الطويل!!
وسط الأجواء الايجابية وأحاديث المصالحة وفشل العدوان على غزة وقبول فلسطين عضوا بصفة مراقب في الامم المتحدة، احتفلت «حماس» في كل المدن والميادين بالضفة في ذكرى انطلاقتها، بما في ذلك وسط رام الله، ورفعت الاعلام الحمساوية وألقيت الخطب وردد المنشدون أناشيد حماس وانطلاقتها، وهذا كله جرى لاول مرة منذ الانقسام.
ومع اقتراب الاول من كانون الثاني، بدأت «فتح» هي الاخرى تستعد للاحتفال بذكرى انطلاقتها، وكان المأمول والمتوقع والمنطقي ان تقيم احتفالات ايضاً في كل انحاء القطاع تماماً كما فعلت حماس بالضفة...الا ان الامور سارت، كما يبدو في اتجاه آخر، حين اكد ناطق باسم حماس انهم سوف يسمحون بإقامة احتفال فتح بعد «تخصيص مكان مناسب» لذلك. وهذا المكان المناسب كان ساحة الكتيبة في غزة حيث احتفلت حماس بحضور خالد مشعل بذكرى انطلاقتها، الا ان حماس، كما يؤكد ناطقون باسم فتح، ترفض ذلك، ويقول يحيى رباح القيادي الفتحاوي البارز ان «فتح» تفكر في الغاء المهرجان في حال إصرار حماس على منع إقامته في ساحة الكتيبة، مما يشكل انتكاسة جدية على طريق المصالحة الطويل.
نأمل ان تتطور الامور الى ما هو افضل فقد ازداد تفاؤل شعبنا بالمصالحة وهو غير مستعد لقبول أي تراجع على هذه الطريق.
فرح بسيط ؟
حسن البطل عن الايام
يقول الأميركان: نحن ما نأكل، وقد يقول الصحافي العمودي اليومي: أنا وما أقرأ، وقراءة الصحف حافلة بالمنغّصات (لن أعددها .. عددوها أنتم).. وعندما تناولت مسألة الرواتب بشيء من الفكاهة، عقّب قارئ: "لماذا لا تطلب حجب عمودك في "الأيام" التي لا يكون لديك فكرة ما للكتابة عنها"؟.. طيّب سيّدي: يمكن تعشيت عشاءً فقيراً خفيفاً.
عدد "الأيام"، أمس، حافل بالمنغّصات (لن أعددها) ولكن فيها خيط من الضوء على الصفحة الخامسة.
أطفال فلسطين فازوا بالمركزين الأول والثاني في مسابقة الاتحاد العالمي لحساب الذكاء العقلي، متقدمين على 2500 طفل مدرسة من مدارس العالم (اقرؤوا الخبر مفصّلاً).
يمرّ الإنسان ـ الطفل بمرحلتي ذكاء: غريزية حتى سن 3ـ4 سنوات، ومكتسبة فيما بعد.. وذهب أطفال مدارسنا الأذكياء إلى مدينة جيننغ الماليزية، حيث مسابقة "ذكاء عقلي" تجري كل أسبوعين. الفائزة الأولى من مخيم جباليا، والثانية من مدينة الخليل. يكفي أن نتفوق على تلاميذ ماليزيا!
أظنّ أن الشاطرتين في مدارس عادية، علماً أن بعض دول العالم تجعل للتلاميذ الأذكياء مدارس (أو فصولا) خاصة، كما أن الذكاء الفطري ـ المدرسي قد ينتكس في مراحل العمر اللاحقة، كالوردة النادرة إن لم تلق عناية كافية.
واضح، أننا أرسلنا بعض أذكى ـ الأذكياء لمسابقة دولية للذكاء العقلي، لكن هذا لا يشير إلى ذكاء البرامج المدرسية، أو ترتيب أوائل الطلاب المتفوقين في الرياضيات والفيزياء مثلاً، وهما عمادا العلوم والاختراعات.
طلاب إسرائيل عادوا لاحتلال مركز في العشرية الأولى للرياضيات على مستوى العالم، بعدما تقهقر مستواهم إلى المرتبة 27 عالمياً، واحتفل الإسرائيليون بهذا "الإنجاز اليهودي" مع أن المدارس التوراتية ـ "الحريدية" هناك (توراته عمله!) لا تدرس العلوم والرياضيات ولا اللغات الأجنبية.
في اليوم العالمي لمحو الأمية أصدر الإحصاء المركزي الفلسطيني ما يفيد أن نسبة الأمية في فلسطين 5,1% بينما هي عالمياً 16,3% (وعربياً قد تصل إلى 50% في بعض الدول). طبعاً، هناك أميّة فك الحرف، وأميّة فهم المقروء.. وربما أميّة المعلم في فقر المعلومات العامة.. وهو معذور في هذا.
عندما كنت في الإعدادية، أي في الصف السابع، طرح المعلم سؤالاً: هل عقل الإنسان محدود أم غير محدود؟ العجيب أنه طرح أمثلة عن محدودية العقل (وكلها فلسفية) وأنا طرحت أمثلة عن لامحدودية الفعل (وكلها علمية).. والآن هناك فلسفة العلوم يا سادة!
يقول علماء الأحياء إن "طفرة الذكاء" في الكائنات الثديية (على قمتها الإنسان) غير عادية في التطور الطبيعي، وأن الطبيعة تلقي معظم الطفرات.. وحتى الآن سلّح الإنسان ذكاءه الفطري والمكتسب بالذكاء الصناعي، وترك للحواسيب العملاقة إجراء مليارات العمليات الحسابية في الثانية الواحدة. ربّك برمج ذكاء عقل الإنسان، وهذا برمج الروبوتات، ولاحقاً الإنسان الآلي خارق الذكاء وبليد الإحساس.
هيا نعود إلى شيء من المنغّصات، تعقيباً على عمود: "ما في رواتب؟ كلوا الزبيب"، الثلاثاء 18 كانون الأول:
"زطّ حكي"!
Manal Al Zaanin: إلى متى؟ إلى متى؟
Hamada Jaber: لماذا لا تطلب حجب عمودك في "الأيام" التي لا يكون لديك فكرة ما للكتابة عنها أو الاستعاضة عنه بـ "قديم حسن البطل" عندما تكون في إجازة مثلاً؟! أو إن الشغلة صفّ حكي وخلص؟ هل سمعت بمرض الانفصام المتعدّد؟ إنه مرض بماركة فلسطينية خالصة!
Malek Abdullah: مقال جميل، مع العلم أن استلال الشعرة من العجين سهل وليس صعبا كما جاء في مقالك، إلاّ إن كنت تقصد أن الشعرة بيضاء.
Sham Decoration: الأسرة تضع ما فوقها وما تحتها وتبني بيتها، والدولة نفس الشيء. أما بالنسبة للتعليقات على المقال هنا، لم أقرأ أي تعليق له علاقة بالموضوع لا من مفيد، بل من بعيد، وكأن الهدف من التعليق (زطّ حكي) من أجل التخريب. يعني ما في نقد من المعلّقين الكرام يستحق القراءة.
Jamal Shaheen:عندما قال شمعون بيريس بعد أوسلو: علينا أن نعطي الفلسطينيين شيئاً ليخسروه كان يعني ما يقول ذلك الثعلب، فقبل أوسلو لم نكن نملك ما نخسره سوى الاحتلال.
اخطر مما نتوقع !!
موفق مطر عن الحياه الجديده
يعرف الشعب الفلسطيني، قياداته وجماهير قواه السياسية، حكومة سلطته الوطنية والموظفين ونقابتهم أن الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عما آلت اليه اوضاع السلطة ماليا واقتصاديا، ويعلم الشعب الفلسطيني سلفا أن ثمن انجازاته السياسية والميدانية وعملية بناء مؤسسات الدولة تتجاوز الصمود المعنوي، أو مخاطبة الدول العربية للوفاء بالتزاماتها، أو التظاهر، أو ارسال رسائل الى من يهمه الأمر، المرتبط معنا بمصلحة بقاء السلطة وحماية مؤسساتها من الانهيار.
لابد من لقاء وطني اليوم قبل الغد، يجلس الجميع على دائرة مستديرة برعاية الرئيس ابو مازن، فيقرأ قادة العمل الوطني السياسي، الواقع الفلسطيني الصعب ومعهم المتخصصون « المبدعون» في ادارة المال والاقتصاد، والنقابيون، واصحاب الرأسمال الوطني، ومنظمات المجتمع المدني الواقع الفلسطيني، يتركون المصالح الحزبية والنقابية -رغم مشروعيتها- في مكتب الاستقبال، ويتصفحون ببصيرة وطنية منفتحة المصالح العليا للشعب الفسطيني، تاركة، يرسمون خططا وبرامج عملية قصيرة وبعيدة المدى، فالكل الوطني مطالب الآن بأن يكون جزءاً من درع حماية المشروع الوطني، فلامجال لفراغ، ولامبررات لتقاعس، ولا وقت لدينا للدخول في جدل مشخصن عقيم، فالجماهير الفلسطينية تتنظر حلا ابداعيا يخفف من تداعيات الأزمة التي كان الرئيس ابو مازن حذر منها قبل شهور من الآن، ومازلت اذكر ملاحظته المباشرة في مهرجان الذكرى الثامنة لاستشهاد القائد ابو عمار عندما صفق الحضور بالتصفيق لقوله: «سنذهب الى الأمم المتحدة للحصول على الدولة « فقال معقبا بنوع من التنبيه:"صفقوا.. لكن لتعلموا أن أمامنا دربا صعبا ستكون تداعياته اخطر مما نتوقع"!.
لا يمكن لوطني فلسطيني أن يفكر أو يقرر ترك حكومة الرئيس ابومازن برئاسة الدكتور سلام فياض وحدها في معركة "الصمود والصبر" التي تأتي الان بعد الانتصار السياسي بمعركة الدولة في الأمم المتحدة، ولا يجوز لأحد القاء العبء كله على الحكومة.
الاحتلال لايمارس حصارا ماليا عقابيا وحسب، بل يسعى لاحتلال وعينا الوطني واستيطانه بخلاصات تفضي الى أن مصيرنا واستقلالنا وحريتنا مرتبطة بارادة وقرارات دولة الاحتلال " اسرائيل" فهدف حكومة نتنياهو هو وأد" مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة " باستخدام سلاح الاقتصاد والمال، حيث يعجز عن اختلاق مبررات لاستخدام اسلحة جيشه المدمرة!.
نفترض تبصر نقابة الموظفين لأبعاد أي خطوات احتجاجية، او مظاهرات مطلبية مشروعة، فهذا الحق مكفول ومضمون في القانون، لكنا نعتقد أن القضايا الوطنية سيتم تقديمها على كل الخيارات الأخرى اذا ما وجدنا انفسنا بين خيارين كما هو حاصل الآن بين رغيف الخبز والحرية... مع التأكيد ألا يأخذ أحد ايا كان، الخيار الوطني سبيلا للتغطية على خلل في الرؤى والبرامج، وادارة المصالح العامة للجمهور الفلسطيني... فالتظاهرات والاضرابات على مشروعيتها يجب ان تدرس بعناية، واستكشاف مردودها السلبي على عموم الجمهور الفلسطيني، بذات الوقت الذي تناقش فيه بدائل عملية ،تلبي الأساسيات الضرورية جدا من حاجات الموظفين باعتبارهم الشريحة الأوسع في المجتمع، فحركة السوق اليومية ( البيع والشراء) ستصاب بضعف شديد مالم يضخ موظفو الحكومة مخصصاتهم الشهرية، أو جزءا منها، ففاتورة المخصصات تبلغ حوالي 170 مليون دولار شهريا، تدفع دماء الحياة في شرايين الاقتصاد الفلسطيني والسوق الداخلية.
الازمة المالية
عادل عبد الرحمن عن الحياه الجديدة
الازمة المالية ليست جديدة في مسيرة دولة فلسطين (السلطة) لسبب رئيسي كان ومازال يلقي بثقله على القيادة والشعب والاقتصاد والموازنة العامة على حد سواء، هو الاحتلال الاسرائيلي الجاثم على الارض الفلسطينية منذ العام 1967.
وما لم تتحرر فلسطين، وتقام الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، فإنها ستبقى تعاني الازمة تلو الازمة، ولن تقوى حكومتها من تأدية مهامها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية، كما ستبقى ازمة فاتورة الراتب تطل مع مطلع كل شهر جديد، وتقض مضاجع الحكومة والرئاسة على حد سواء.
بمعنى الازمة لها طابع موضوعي، لا تملك القيادة السياسية القدرة على فرض إرادتها على دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. كما ان للازمة عوامل اخرى، منها: عدم وفاء الدول العربية بالتزاماتها في تأمين شبكة أمان مالية لموازنة الدولة، ومقدارها (100) مليون دولار اميركي؛ وعدم التزام الدول المانحة بتسديد التزاماتها لموازنة الدولة نتيجة الضغوط الاميركية ؛ ويندرج عدم قيام الدول والاقطاب الدولية بالضغط على إسرائيل لتحويل اموال المقاصة الفلسطينية، التي هي اموال فلسطينية، واسرائيل تحصل على جبايتها عمولة مقدارها 3% ؛ فضلا عن عدم تمكن الحكومة من اشتقاق طرق ووسائل تتيح لها على الاقل تسديد فاتورة الراتب.
هذه العوامل ليست جديدة، تكررت، ويكررها كل شخص وليس كل كاتب او خبير اقتصادي، لانها امست بديهيات. ومع ذلك يميل البعض لتحميل الحكومة والقيادة مسؤولية الازمة؛ او بتعبير آخر، يرش على الموت سكر! دون إعفاء القيادة السياسية والحكومة من مسؤولياتها السياسية والمالية في الازمة. غير ان الموضوعية تؤكد ان عبقرية اي رئيس حكومة او وزير مالية في الظروف المعاشة، لا تسمح له بالخروج من نفق الازمة. وهذا الاستنتاج ليس دفاعا عن شخص ما او مؤسسة بعينها، انما الواقع وبؤسه، هو الذي يشير لذلك.
طرح قبل ايام الدكتور سلام فياض بعض المخارج، مثل إلزام العرب بدفع فاتورة المئة مليون دولار، وقيام البنوك بالتصرف بالشيكل المتراكم لديها للمساهة في حل الازمة؛ والضغط من قبل الاقطاب الدولية على إلزام إسرائيل بتحويل اموال المقاصة الفلسطينية للموازنة، وعدم التصرف بها تحت طائلة المسؤولية؛ واشار الى استخدام سلاح المقاطعة للبضائع الاسرائيلية وليس فقط البضائع المنتجة في المستوطنات الاستعمارية؛ كما طرح خيار رهن بعض الممتلكات لصندوق الاستثمار مقابل قرض يغطي فاتورة الراتب، واقترح عقد قمة عربية لبحث المسألة اسوة بما حصل عام 2000.
كل الافكار المطروحة على اهميتها لا تحل الازمة إلآ تكتيكيا. لان جذور الازمة مرتبطة بازالة الاحتلال الاسرائيلي، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967. الامر الذي يفرض على القيادة السياسية بوضع اليات عمل تدفع عربة المصالحة للامام، بعد طي صفحة الانقلاب على الشرعية، وتفعيل المقاومة الشعبية في كل المدن والقرى لارغام إسرائيل على الخروج من الاراضي الفلسطينية، وايجاد السبل الكفيلة بدفع العرب والاقطاب الدولية بالضغط على حكومة اقصى اليمين لتحويل اموال الفلسطينيين لهم؛ وايقاف العمل باتفاقية باريس، التي انتهت وظيفتها، ولم يعد لها ما يبررها بعد حصول فلسطين على مكانة دولة مراقب في الامم المتحدة؛ ووقف الاستيطان الاستعماري كمقدمة لتفكيك المستعمرات القائمة على الاراضي المحتلة عام 67، وضمان اقامة دولة فلسطين جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل.
رغم كل ما تقدم، على الحكومة والرئاسة قبلها تسديد فاتورة الراتب للموظفين باي وسيلة او طريقة، من صندوق الاستثمار من البنوك من اي مؤسسة وطنية اوعربية او اسلامية او اممية، المهم لا يجوز مواصلة التخندق في الموقع السلبي، ونفض اليد من المسؤولية. هذا لا يقدم حلا للمواطنين. على القيادة والحكومة على حد سواء اجتراح الاساليب الكفيلة بوضع حل للازمة ولو مؤقتا، لحين التحرر الكلي من الاحتلال الاسرائيلي، وضمان اقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67.
أسئلة تبحث عن إجابات
عوني صادق عن القدس
في حياتنا اليومية نواجه قضايا مختلفة، بعضها حيوي لبقائنا واستمرارنا لا يحتمل الانتظار، وبعضها أقل حيوية وليس ملحاً يمكن أن ينتظر بعض الوقت، وأخرى لا يكون لدينا القدرة على حلها فتظل على الطاولة، ويظل الحديث عنها ينقطع ويتصل لكنها لا تغيب، ! وسأعرض لقضيتين فقط من هذه القضايا: “المصالحة الفلسطينية”، و”عملية السلام” .
في الأسبوعين الأخيرين تحقق للفلسطينيين إنجازان، مواجهة ناجحة للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، واعتراف بفلسطين “دولة مراقب غير عضو” في الأمم المتحدة، فأشاعا أجواء “احتفالية” في القطاع وفي الضفة، تخللتها خطابات وكلمات شاركت فيها الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس، وسمحت بخلق الانطباع بأن الأمور تسير إلى الأحسن، وأن “المصالحة” قد أصبحت وشيكة .
لقد أوحت كلمات المسؤولين، أن كل العقبات أمام المصالحة قد تم تذليلها، أو أصبحت جاهزة لذلك، وتناسوا أن هناك “هوة” لاتزال على حالها. وهناك طرف ثالث “شريك” في تقرير اتجاه الأمور تم تجاهله، هو الطرف الإسرائيلي . وفي جلسة للحكومة الإسرائيلية، انتقد بنيامين نتنياهو الرئيس محمود عباس بسبب “عدم إدانته التصريحات الأخيرة لخالد مشعل”، وأضاف: إن “عباس لم يستنكر أيضاً الاعتداءات الصاروخية المنطلقة من غزة، فضلاً عن سعيه إلى الوحدة مع حماس” . وعليه، جاء الرد الإسرائيلي بوقف دفع الضرائب التي تجمعها السلطات الاسرائيلية من الفلسطينيين ثم تهديدات أفيغدور ليبرمان الذي مددها لأربعة أشهر، إضافة إلى قرار البناء في منطقة إي 1 . لم يكن ذلك فقط بسبب إصرار الرئيس عباس على الذهاب إلى الأمم المتحدة، كما سبق وأعلن، بل قبل ذلك بسبب “التعاطف” الذي أبداه مع غزة أثناء العدوان .
كانت إجراءات نتنياهو كافية لأن “تفرمل” التحركات الفلسطينية، غير أن المسائل “المختلف عليها” التي أعاقت تحقيق المصالحة وجمدتها بعد لقاء القاهرة الأخير، وهي نفسها التي كانت السبب في عرقلتها كل السنوات الماضية، لاتزال كما كانت . وفي مؤتمر عقد في الخليل، وحمل عنوان “الاستراتيجيات الفلسطينية بعد الدولة”، شارك فيه رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك، أكد في كلمة له: إن الهوة بين فتح وحماس لاتزال واسعة، وأنه لا يرى أمامه “آفاقاً حقيقية لمصالحة يمكن أن تنجز قريباً، وبخاصة أن الكل بدأ يتمترس خلف إنجازاته”، في إشارة إلى فتح وما حققته في الأمم المتحدة، وإلى حماس وما حققته في المواجهة الأخيرة مع الجيش الإسرائيلي .
والحقيقة أن الرجل أصاب كبد الحقيقة، حيث إن كلاً من الحركتين تريد أن تستغل ما تعده إنجازاً لها لتفرض شروطها على المصالحة، وهو ما يعني أن لا تقدم يمكن أن يتم إحرازه في هذا المجال .
ذلك يعيدنا إلى السؤال القديم، أي إلى مسألة “البرنامج السياسي” وعلاقته بالمصالحة . فعلى أي برنامج سياسي يمكن أن تتم المصالحة؟ وقد سبق للإجابات التي أعطيت عن السؤال أن منعت تحقيق المصالحة وهكذا يظل الحديث يدور عن المصالحة، ولا مردود، سوى تقطيع الوقت وملء الفراغ ورفع العتب .
“عملية السلام” هي قضية أخرى . بعد اعتراف الأمم المتحدة، احتفل الجانب الفلسطيني وبعد اجتماع اللجنة الوزارية العربية التي بحثت الوضع، خرج عن نتائج الاجتماع: إنه “تم تشكيل لجنة مصغرة لوضع خطة عمل لمبادرة عربية سيحملها وفد عربي رسمي يرأسه الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، إلى الولايات المتحدة والصين وبريطانيا” . وأضاف: “تنص المبادرة على استئناف المفاوضات من حيث توقفت، على أن تستمر مدة أقصاها ستة أشهر، وتفضي إلى إطلاق سراح المعتقلين، ووقف الاستيطان، وإنهاء الاحتلال”!
فما الجديد الذي جاءت به هذه “المبادرة”؟ لا جديد،حيث يبدو أن “المبادرة” تعني العودة إلى طاولة المفاوضات من دون وقف الاستيطان، مع “فترة سماح” تمتد لستة أشهر . وما دام الأمر مرهوناً بالمفاوضات، فقد تنتهي المدة من دون أن تفضي إلى شيء مما تحدثت عنه المبادرة . فماذا لو حدث ذلك، وقد حدث خلال العشرين سنة الماضية؟ هل نعود نبحث عن “مبادرة” جديدة؟
حجز أموال الفلسطينيين بلطجة إسرائيلية
الكاتب: رشيد شاهين : عن وكاله معا
ليست المرة الأولى التي تقوم بها دولة الاحتلال بحجز الأموال الضريبية المستحقة للفلسطينيين، وهي تمارس هذه السياسة بطريقة فيها الكثير من البلطجة وعقلية العصابة أكثر منها "دولة متحضرة" تحترم القوانين والوثائق والمعاهدات سواء الدولية أو الثنائية.
دولة العصابات لديها الكثير من الوسائل لكي تهدد الشعب الفلسطيني، وهي تعتقد ان بإمكانها ان تبتزه وقيادته وقتما تشاء من خلال سيف الأموال المسلط على رقاب أبنائه، خاصة وان لديها اليد الطولى في كل ما يتعلق بالأراضي المحتلة، أليست هي القوة الغاشمة المسيطرة بالحديد والنار وغطرسة القوة، هذه الحقيقة التي ربما تعتقد قيادة الكيان أنها غائبة عن ذهن أي من أبناء فلسطين في الأرض المحتلة.
ساسة الكيان العنصري كانوا قد هددوا بحجب وقطع الأموال المستحقة منذ أعلنت القيادة الفلسطينية عن نيتها التوجه إلى الأمم المتحدة، وقد نفذوا تهديداتهم بدون تردد، وهم يعلمون تماما ان لا "العالم الحر" ولا العالم العربي ومن خلفه الإسلامي، سوف يجرؤ على القيام بشيء، أو اتخاذ أي موقف من اجل منعها تنفيذ تهديداتها.
ليس صحيحا ان ما تقوم به الدولة المارقة له علاقة بالديون عل شركة الكهرباء أو بأثمان المياه على السلطة الفلسطينية، أو انها تستند إلى مثل هذه الديون كي يكون مبررا لها أمام العالم كما يعتقد البعض الفلسطيني، حيث من غير المعقول ان يسمح هذا العالم "في الظروف الطبيعية"، أن يموت الناس جوعا من اجل ان تقوم دولة ما باسترداد ديونها، وعندما نقول الطبيعية، فان المقصود هو أية دولة أخرى في العالم غير دولة العصابات، حيث ستلاقي مثل هذه الخطوة الإدانة والاستنكار من جميع دول العالم، ولكن في الحالة المتعلقة بدولة الاحتلال، فان أحدا لا يجرؤ على الاستنكار او حتى توجيه الانتقاد او النصح.
الاعتقاد بأن إسرائيل تستند إلى ديونها – الكهرباء والماء- في تجويع الشعب الفلسطيني وحجب الأموال في مواجهة العالم، ليس سوى عبث وسوء تقدير قد يصل إلى "حسن نوايا" تجاه دولة الكيان، حيث أثبتت التجارب التاريخية، ان ممارسات الكيان لا تستند إلى أي من المبررات عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني، وان بإمكان قادة الكيان القيام بما يحلوا لهم دون محاولة منهم لإقناع العالم انهم يقومون بهذا الفعل أو ذاك استنادا إلى هذا المنطق أو ذاك.
المشكلة المالية التي تعاني منها السلطة مرتبطة بشكل مباشر باتفاق أوسلو، وتقع المسؤولية المباشرة على من رفع مسؤولية والتزام الدولة المحتلة المتمثلة بالكيان للأراضي الفلسطينية، هذه المسؤولية القانونية والأخلاقية والإلزامية التي تقع على عاتق دول الاحتلال للأقاليم التي تحتلها، هي من كان يجبر دولة العصابات على دفع رواتب الموظفين منذ عام 1967 حتى العام 1994 تاريخ دخول السلطة، حيث لم تكن هناك مشكلة أبدا في موضوع الرواتب تواجه المواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال.
أما وقد تم توقيع اتفاق أوسلو وبحجة "الاستقلال "الموهوم والمزعوم، فقد سارع من سارع إلى تحمل مسؤولية موظفي "الكيان" الفلسطيني في كل ما يتعلق من رواتب ومسؤوليات، وقد أسهم العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية في هذا العمل، بحيث أصبحت دولة الاحتلال في حِلٍ مِن كل مسؤولياتها في هذا الإطار، وصار على العالم مع الفلسطينيين أن يتحملوا مثل هذه النفقات التي كانت وما زالت مسؤولية دولة الكيان العنصري.
الحديث عن الاحتلال الأقل كلفة او الاحتلال غير المكلف او الاحتلال بلا ثمن، لا يتوقف فقط على عدم دفع الثمن من خلال المواجهة والمقاومة، لا بل يتعدى ذلك ليصل إلى ان هذا الاحتلال لا يتحمل حتى هذه القضية المتعلقة بموضوع الرواتب وإدارة "الأراضي" المحتلة من قبل موظفين من الأوْلى ان تدفع رواتبهم من خزينة الاحتلال وليس من خزائن العالم سواء الغربي او العربي.
لجوء السلطة الفلسطينية إلى الدول العربية من اجل تشكيل "شبكة" أمان كما تردد بغداد والدوحة، كان في الحقيقة إشارة إلى دولة الكيان، ان بإمكانها ان تقوم بما تريد، وان العرب لديهم "الجاهزية" للقيام بدفع ما ترفض دفعه، أو على الأصح ما تقوم بسلبه ورقته من أموال الشعب الفلسطيني، علما بان امة العربان كانت احد أسباب التوقيع غير المسؤول وغير المتوازن على اتفاق أوسلو، ذلك ان اضطرار القيادة الفلسطينية لفعل ذلك، كان بسبب سياسات دول الأمة التي أخذت تضيق على القيادة الفلسطينية في الخارج، وكانت تدفعها دفعا إلى مثل هذا الاتفاق غير المفهوم او المبرر حتى ضمن الواقع الذي كان سائدا في حينه.
توقف دولة الاغتصاب عن دفع الأموال الفلسطينية وحجزها، ليس سوى جريمة أخرى يمكن إضافتها إلى ملف الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان بحق أبناء فلسطين، وهي بمثل هذا الإجراء إنما تقوم بمعاقبة أكثر من مليون فلسطيني، وتمنع عنهم الغذاء والدواء وكل الاحتياجات الضرورية التي تلزمهم من اجل البقاء وليس العيش الكريم.
مثل هذا الفعل ليس مستغربا على دولة العصابات لأنها وخلال حصارها لقطاع غزة، كانت وبحسب مصادر الكيان نفسه، كانت تعد على الفلسطينيين كم من السعرات الحرارية التي تلزم الإنسان للبقاء حيا، هي أرادت ان لا يموت الفلسطيني في القطاع، ولكن فقط ان يعيش، وان يبقى على قيد الحياة، حتى لا يقوم العالم بتحميلها مسؤولية حياة أهالي القطاع فيما لو بدأ هؤلاء بالموت نتيجة فقدان الغذاء.
ان من ابسط حقوق الإنسان ان يحصل على الغذاء والدواء والمسكن، وهاهي دولة العصابات تحاول ان تمنع عن أبناء فلسطين هذا الحق، وهو حق مرتبط ارتباط عضوي بحق الإنسان في الحياة التي تنص عليه المواثيق والقوانين الدولية.
ان الاستمرار في حجز الأموال الفلسطينية قد يؤدي إلى مشاكل لا تحمد عقباها على أبناء الأراضي المحتلة، ولكن هذه المشاكل لن تكون نهاية الدنيا، وهي قد لا تكون مقتصرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وحدها، فهي قد تمتد وبدون سابق إنذار إلى دولة الكيان، وربما ستدفع ثمنا غاليا إذا ما جاع الفلسطيني. رحم الله محمود درويش
أنا لا اكره الناس ولا أسطو على احد
ولكني... إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي
حذار حذار من جوعي ومن غضبي...
سياسة نتنياهو: إسرائيل في مواجهة مع العالم
أشرف العجرمي عن الايام
إذا كان هناك نجاح يمكن أن يسجل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذاهب إلى الانتخابات العامة وربما إلى ولاية ثانية في رئاسة الحكومة بعد قضاء ولاية امتدت نحو ثلاث سنوات فهو النجاح في وضع العالم كله ضد السياسة الإسرائيلية التي يقودها ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان. وتعتبر فترة حكمه الأخيرة مثالاً على الفشل والعجز في كل الميادين. فالعملية السياسية والحمد لله انتهت أو في أحسن الأحوال تعيش حالة موات سريري، وذلك بفضل الاستيطان ووضع العراقيل أمام أية امكانية للتقدم ولو سنتيمتراً إلى الأمام.
صحيح أن نتنياهو يكرر ليل نهار ومعه الكثيرون من الإسرائيليين، الذين بعضهم لا يعلم ماذا يدور حوله في الموضوع السياسي، أنه مستعد للدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، وكل الأمور ستكون مطروحة على الطاولة، وأن الموقف الفلسطيني الذي يربط المفاوضات بوقف الاستيطان هو موقف مناهض للسلام، وأن الرئيس أبو مازن لا يختلف كثيراً عن "حماس" وأنه يتنصل من العملية السياسية، وأشياء شبيهة من هذه الديماغوجية السياسية الكاذبة، ولكن لا يعلم الكثيرون أيضاً أن نتنياهو هو من يضع شروطاً حقيقية في وجه عملية المفاوضات وعملياً هو يقتلها قبل أن تبدأ. فعدا الإصرار على مواصلة البناء الاستيطاني هو يعيد الازمة السياسية التي تحضر معه في كل مناسبة والتي تقول إنه غير مستعد للانسحاب إلى حدود العام 1967 حتى في إطار تبادل للأراضي. ولا يوافق على التفاوض حول القدس، ولا يقبل أي انسحاب من منطقة غور الأردن، ولا يريد حلاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين خارج حدود الدولة الفلسطينية، ثم يضيف شرطاً آخر يتمثل بضرورة الاعتراف مسبقاً بإسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي.
شروط نتنياهو هذه لا تجعل امكانية التفاوض واردة، ولن تكون في حال بدأت تحت أي ظرف من الظروف أكثر من عملية عبثية تساعد على شرعنة النشاطات الاستيطانية وتسهيلها. ولا يقبل اي قائد فلسطيني أن يذهب نحو عملية تفاوضية محكوم عليها بالفشل المؤكد، ولا توجد أمامها أية فرصة أو احتمال. وإذا كان الفلسطينيون فشلوا في شرح وجهة نظرهم أمام أوسع قطاعات الجمهور الإسرائيلي بحيث استطاع نتنياهو أن يخدع مواطنيه، وأضحى الرأي العام الإسرائيلي مقتنعاً بصورة كبيرة بأن المشكلة هي لدى القيادة الفلسطينية التي لا ترد بالايجاب على يد نتنياهو الممدودة للسلام، فهو لم ينجح في خداع النخب الإسرائيلية كما أنه لم ينجح في إقناع المجتمع الدولي بأنه يريد السلام فعلاً، ولعل اللجنة الرباعية الدولية هي الأكثر احتكاكاً بمواقفه السلبية.
سياسة نتنياهو هذه قادت إلى انهاء العملية السياسية وجعل الفلسطينيين يبحثون عن خيارات وبدائل أخرى ليست ضد فكرة المفاوضات بالضرورة أو هي تمثل تخلياً عن مرجعيات العملية السياسية القائمة أساساً على قراري مجلس الأمن 242 و 338 والمبادرة العربية للسلام و"خارطة الطريق" وكل مالا يعترف به نتنياهو، وهذه البدائل تهدف إلى إحياء العملية السياسية ولكن على أسس واضحة غير قابلة للاختلاف حوله وخاصة مسألة الحدود.
المسعى الفلسطيني كان يمكن أن يسهل الطريق على نتنياهو لو أراد فعلاً انقاذ العملية السياسية، فالاعتراف الدولي بدولة فلسطين كدولة غير عضو أو بصفة مراقب في حدود العام 1967 يساهم في انهاء الجدل حول الحدود ويمكن أن يشكل أرضية مناسبة للمفاوضات وحتى لمواجهة من يرفضون فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين، وذلك من خلال الإقرار بالإرادة الدولية الواضحة والموقف الذي لم يعد يقبل الجدل حول مبدأ التسوية السياسية. لكن نتنياهو واصل الهروب إلى الأمام بقفزة غبية في الهواء عندما نجح في اغضاب كل أطراف المجتمع الدولي حتى أصدقاء إسرائيل الذين عارض بعضهم الاعتراف بفلسطين بقرار البناء في المنطقة الواقعة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" ومدينة القدس. فهذا الإعلان يثبت بشكل قاطع أن نتنياهو يكذب بشكل وقح حين يقول إنه يؤيد حل الدولتين كما أعلن في خطابه الشهير في بار إيلان.
الطريق الوحيدة التي أبقاها نتنياهو أمام الفلسطينيين هي اللجوء للمجتمع الدولي والأمم المتحدة على وجه الخصوص لإنقاذ عملية السلام كفرصة أخيرة لم يتبق لها الكثير من الوقت. لكن خطوات نتنياهو المتسارعة قد تقود إلى القضاء على هذا الجهد الإيجابي وتضع المنطقة من جديد في دوامة من العنف. لا يبدو نتنياهو غبياً بحيث لا يحسب ما يترتب على خطواته التي يتخذها ضد السلطة الوطنية مثل وقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية لخزينة السلطة، فمن الواضح أن نتنياهو يريد التسبب في انهيار السلطة التي لم يعد يربط الناس بها الكثير عدا الرواتب بعد فشل عملية "أوسلو" في تحقيق حلم الدولة.
لا شك أن نتنياهو يلعب بالنار لأنه يريد خلق وضع لا تستطيع فيه أجهزة السلطة بما فيها الأمنية القيام بوظيفتها في حفظ النظام والهدوء والأمن في مناطق السلطة. فعدم دفع الرواتب لعناصر وقادة هذه الأجهزة سيؤدي إلى تفككها وإلى انهيار السلطة، وكذلك إلى انفجار الوضع في وجه إسرائيل. هذا الوضع قد يحقق لنتنياهو الانتقام لكرامته المهدورة وهو يحصد الفشل تلو الآخر ولكن سيضع مواطني اسرائيل أمام واقع مرير وقاسٍ سينتهي بحرب واسعة يتدخل فيها العالم مجدداً ضد إسرائيل، ولكن بطريقة تجعل نتنياهو يذهب إلى التسوية صاغراً، وبثمن كبير من الضحايا.
في اسرائيل يحصون اخفاقات نتنياهو ليس فقط في المجال السياسي وفي عزل اسرائيل دولياً، وفي هزيمتها معنوياً مقابل فصائل المقاومة في غزة، وإنما أيضاً في المجال الاقتصادي حيث تفوق نتنياهو على غيره في جعل الغلاء فاحشاً بصورة لم يعد يحتملها الاسرائيليون. وفي عهده انطلقت أوسع حركة احتجاج جماهيرية ضد الغلاء وسياسة الحكومة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. والسؤال الموجه للإسرائيليين هو ما حاجتهم برئيس وزراء يعترفون ويقرون أنه فاشل.
علائم الوطن والهوية
عدلي صادق عن الحياه الجديدة
قبل نحو عامين، كتبنا منوّهين الى قصور عدة وزارات حكومية، على صعيد التعريف بفلسطين وحضارتها وتاريخها، في الكتيّبات الإيضاحية التي يبتاعها الحجاج المسيحيون الذين يؤمون بيت لحم والقدس، من محال التذكارات «السوفينير». ففي المحال الفلسطينية المطلة على ساحة المهد في بيت لحم، لا يلتقط سائح أو حاج، من المحال، كتيباً إلا وفيه تعريف لبيت لحم كمدينة إسرائيلية، وذلك على النحو الذي تستحي وتتحرج منه مكاتب السياحة في اوروبا. فإن كانت اتفاقية «اوسلو» على قصورها، اعترفت ببيت لحم كمدينة فلسطينية، وإن كانت المدينة التي يحيط بها الاستيطان الطفيلي غير الشرعي، تقع الآن تحت الإدارة الفلسطينية الأمنية والشرطية، فكيف تعجز الحكومة على مر أكثر من خمس عشرة سنة، عن ضبط عملية التعريف بالمدينة، ومنع المحال من تقديم المنشورات التي تطبعها الشركات السياحية الإسرائيلية. وقد خاطبنا المؤسسات غير الحكومية، التي تتلقى تمويلاً من الخارج، بأن تعطي للجغرافيا التي أتاحت لها كل هذا «الخير» التمويلي، أن تتنبه لعلائم وطنها وأن توليها بعض الاهتمام، حتى في حال تقصير الحكومة وتجلطها الفكري. فمن يسافر من رام الله الى جنين مثلاً، لا يرى لافتة واحدة تعرّف بالبلدات الفلسطينية البديعة التي يراها على الطريق. فلو لم يكن معه رفيق من المنطقة، سوف يمر عن ترمسعيا أو حوارة مثلاً، دون أن يعرف عن أية بلدة يمر، وهنا يتبدى جلياً ومعيباً، عجز الوزارات والبلديات المعنية بهكذا أمر. فكل ما يراه المسافر على الطريق، هو اللوحات الزرقاء والخضراء الإسرائيلية، التي تعرّف على كل أربعة مواضع لمستوطنين طارئين، بأحرف كبيرة. أما بلداتنا فلا اسم لها ظاهراً ولا لافتات للتعريف، اللهم إن تكرمت اللافتات الإسرائيلية فأشارت اليها بالعبرية والعربية. وللأسف مر عامان على التنويه في صحيفتنا هذه، دون أن يتغير شيء. وكأن الفلسطيني الذي يضطلع بالشأن العام، غير معني بهذا الأمر. وكأن الفلسطينيين عاجزون عن الاستعانة بمصورين، لالتقاط الصور والمشاهد لكنيسة المهد، وتصوير كل سنتمتر من الكنيسة العتيقة، ووضع الشروحات المتعلقة بكل زاوية أو ركن من هذا الشاهد التاريخي والحضاري والديني الذي تمثله الكنيسة أو الدير المسيحي. وظلت الطرق على حالها، بلا لافتات فلسطينية عند مداخل القرى والبلدات، بينما اللافتات الإسرائيلية ثابتة وقوية وجيدة الصناعة والتركيب. كأن وجودنا، نحن وقرانا وبلداتنا، هو الطارئ المكتوب بالطباشر ـ إن كُتب ـ ويسهل محوه، بينما الراسخ هو الاحتلال وعلائمه ومستوطناته غير الشرعية.
في تقديرنا إنها مشكلة وعي. كأن الشريحة المتنفذة التي تدير الشأن العام، ضعيفة الحساسية حيال كل ما هو رمزي. وربما يعزز القول بأنها مشكلة ثقافة؛ ما جاء على لسان رئيس الحكومة من حديث عن ضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية. فكأن الثقافة التي تُملي على كل الفلسطينيين مقاطعة بضائع الاحتلال حتى دون أن يبالغ هذا الاحتلال في العربدة، يتم اكتشافها بفضل الشديد القوي من مفاعيل الحصار والخنق اليومي، التي بها يمعن المحتلون فينا تقطيعاً ومقاطعة. وجاءت ممارسات الحصار واحتباس مال الضرائب الفلسطينية، لتتوجب الدعوة الى مقاطعة بضائع شلومو، وكأننا ندعو الى مناسبة استوجبها الشديد القوي، بينما الطبيعي هو أن تعمل الحكومة على توفير السلع البديلة ولو بالاستيراد من دول صديقة، لكي لا يضطر الفلسطيني الى شراء المنتج الإسرائيلي الذي لا بديل فلسطينياً له.
الرئاسة الفلسطينية، دعت الى الدفاع عن تراث بيت لحم وهويتها في وجه محاولات تغيير الهوية والطابع الفلسطيني للمكان. وفي الحقيقة كان انقلاب «حماس» ومن ثم الانقسام، سبباً في فقداننا للمؤسسة التي تراقب وتضطلع بالتشريع، وتعمل على تصويب خطى الحكومة. وقبل الانقلاب، مرت عشر سنين، على قصور الأداء الحكومي والنقابي الذي يطرح رؤية وينفذ المستطاع. وليس أسهل، في دائرة المستطاع، من انتاج كتيبات إيضاحية عن الأماكن المقدسة التي يرتادها المؤمنون المسيحيون، من كل أنحاء العالم، في بيت لحم والقدس. لذا فإن دعوة الرئاسة الفلسطينية تتطلب ورش عمل تنعقد سريعاً، لوضع خطط التعريف بالهوية، وصولاً الى فعاليات الدفاع عنها وحمايتها. أما وزارات الشؤون الدينية، والشؤون البلدية، والسياحة والإعلام فإنها ملومة على تقصيرها. وبصراحة لم تعد بيانات المناسبات تفيد، بل إنها باتت كاريكاتورية شأنها في ذلك، شأن البيانات التي تصدرها الفصائل تعقيباً على كل جريمة اسرائيلية فــ «تشجب وتستنكر». وكأن هناك افتراضا، بأن حزباً في كوستاريكا يؤيد ولا يشجب. المسائل كلها كانت تحتاج الى قوى سياسية واعية تتصدر عملاً نوعياً على كل صعيد، بحيث نتغزل ونفتتن، بوطننا وعلائمه، دفاعاً عن هويته، أكثر من غزلنا وافتناننا بفصائلنا. والله من وراء القصد!<hr>