-
1 مرفق
اقلام واراء محلي 281
اقلام واراء محلي
إنهاء الانقسام... مجرد أوهام
بقلم: رشيد شاهين – وكالة معا
قد يبدو العنوان غريبا، أو ربما كمن يغرد خارج السرب، خاصة وان الأجواء العامة لا تسمح بالحديث بمثل هذه الطريقة "الفجة" أو ربما "المتشائمة"، أو "غير المتوائمة" و"غير المواتية" مع "منطق الأمور" كما هي بادية على السطح.
في خضم "الاحتفاليات بالانتصارات العظيمة" التي تحققت على يدي"فتح وحماس" وهما من تسببا في "قسمة" الوطن الواحد إلى شمال وجنوب، وعدنان وقحطان، وداحس والغبراء، كثر الحديث عن المصالحة وإنهاء الانقسام، مصالحة "لا بد أن تكون ثمرة وتتويجا" لهذه الجهود "الجبارة" التي أسفرت عن انجازات "قل نظيرها" في التاريخ العربي الحديث.
حديث المصالحة وإنهاء الانقسام هذا، ليس سوى محاولة للتناغم مع حالة الإحباط التي تسود أبناء فلسطين، حديث يهدف إلى امتصاص الاحتقان والغضب المعتمل في الصدور، نتيجة لهذا الوضع البائس الذي وصل إليه الشعب الفلسطيني بسبب خطيئة الانقسام الذي جلبته فتح وحماس، حديث يتنافى مع كل ما يجري على الأرض من محاولات تقوم بها حماس من اجل ان تحصد ثمار "انتصارها" في المجابهة غير المتوازنة مع دولة الاحتلال، وفي المقابل لا تقل شهية "غريمتها" فتح عن قطف ثمار ما تحقق لها من انجاز دبلوماسي وسياسي من خلال الاعتراف "المدوي" بدولة فلسطين غير المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الضفة الغربية لنهر الأردن بمن فيها وحكومتها في رام الله تواجه من جهتها "حربا" لا تقل قسوة عما يعانيه قطاع غزة من حصار للحكومة المقالة هناك وشعب فلسطين في القطاع، وكلا "الشطرين" تحت رحمة الاحتلال ذاته، ومن يتحكم بمصائر الناس ومن "يسود الناس" هو ذاته، "كوهين" في بيت ايل، و"شلومو" في معبر ايريز، ومن يحاول قول غير هذا فهو، إما واهم، وإما مخادع.
السيد أبو مازن يعلن وبالفم الملآن، انه لا يمكنه التحرك إلا بإذن "كوهين" في بيت إيل، ولا يمكن للسيد خالد مشعل ان يعبر معبر رفح، وأن يزور غزة، إلا بعد موافقة "شلومو" في معبر ايريز أو في أي مكتب مكيف في تل أبيب أو سواها من المدن، الكل سواسية، وعندما لم يوافق "الضابط شلومو" ولم يتم التنسيق مع دولة الاحتلال على زيارة عبد الله شلح، فإنها لم تتم.
الكل "في رام الله وفي غزة" يراهن على تحقيق اكبر قدر من المصالح والامتيازات نتيجة ما يعتقد بأنه "انتصاره"، وهي بالمناسبة انتصارات يعتقد كثيرون بأنها انتصارات "وهمية وفارغة" ولن تقود إلى شيء برغم الجعجعة الفارغة والتي لا تثمر عن أي "طحين"، وهي إذا ما كانت انتصارات فهي انتصارات الشعب الفلسطيني بما قدم من تضحيات وليست انتصارات هذا القائد الهمام سواء كان فتحاويا أو حمساويا.
حديث إنهاء الانقسام ، يبدو انه ليس سوى للاستهلاك المحلي، ومحاولة لإرضاء "غضب" الجماهير الفلسطينية،التي تطمح ان ينتهي هذا الملف مرة واحدة والى الأبد.
من تابع موضوع احتفالية حركة فتح بذكرى انطلاقتها يدرك حجم الهوة التي تركها الانقسام، حتى لو جاءت النتيجة بالموافقة من حركة حماس، والسؤال الكبير الملح المطروح حاليا وفي المستقبل، إذا كان موضوع احتفال حركة فتح بانطلاقتها تطلب كل هذا الوقت، وكل هذا الجدل، وكل هذه التدخلات، وكل هذا "الخض" حول الموقع الذي يجب ان يكون مكانا للاحتفالية، ترى كيف سيكون عليه الحال في المواضيع الأخرى العالقة، والتي بدون شك، هي أكثر تعقيدا من هذه " القضية "الهايفة" إذا جاز التعبير.
بغض النظر عما تقوله حماس عن "خطايا" فتح، وعما ارتكبته هذه الحركة من "موبقات" فان من غير الممكن استيعاب كل هذا الذي جرى حول موضوع الاحتفالية ومكان انعقادها، إلا ان في ذلك مؤشر على "المعارك الطاحنة" التي سوف نشهدها عندما يأتي الحديث عن ملفات أخرى هي بدون شك أكثر أهمية، والتي تتعلق "بحصة أو نصيب" حماس في المنظمة، والمجلس الوطني ، وماذا عن المقاومة التي "تتبناها" حماس والمفاوضات التي "تنتهجها" فتح، وموضوع القوة التنفيذية "وما أدراك ما القوة التنفيذية".
من الواضح ان هنالك من يضخ في موضوع الانقسام، محاولا الوصول به إلى أقصى مدى ممكن، ومن الواضح أيضا أن هنالك في كلتا الحركتين، من هو على استعداد للمزيد من الضخ والاستمرار به، لا بل والنفخ فيه لتصبح "الفجوة" أكثر عمقا وأكثر اتساعا، لكن أين العقلاء في هاتين الحركتين.
بعد "الانتصارات" التي يعتقد الفريقين انها تحققت، يبدو ان قضية الانقسام وبدلا من ان "تندمل" سوف تتسع، خاصة في ظل حالة الانتظار التي تسود على كلا "الجبهتين"، وفي ظل ما يتم التصريح به من جهات دولية متعددة وإسرائيلية بشكل خاص، تصريحات في تقديرنا ليس سوى محاولات أخرى غير بريئة تهدف في النهاية إلى ذات الهدف الذي يتجسد في إبقاء حال الانقسام والقطيعة بين جناحي الوطن.
فتح وحماس بانتظار "الوسيط" المصري المنشغل بما لديه من مشاكل، "واستقواء" حماس بهذا الوسيط "الجديد"، كونه الحاضنة التي تحتضن حماس، والأصل الذي تتفرع عنه ومنه، وهو الأم الرءوم التي لا يمكن لها ان تتخلى عن "مهجتها".
وفتح منشغلة بما فيها من انقسامات وصراعات على الرتب والمراتب والامتيازات، وهي التي تشعر انها صارت "مستهدفة" أكثر من أي وقت مضى، وفي ظل ما تعتقد الحركتين انهما تحققانه من "حصاد" لانتصاراتهما، برغم ما يقال عن الاستهداف، يظل الشعب منتظرا اللحظة "التي لا نعتقد انها آتية" من اجل إعلان إنهاء الانقسام.
حركتا حماس وفتح، برغم ما قدمتاه من تضحيات، إلا انهما يقودان الوطن والقضية والشعب إلى مصير "مجهول" بسبب نوازع ومصالح فئوية ضيقة، لا بل وشخصية في كثير من الأحيان، ومن هنا فانه يأتي دور الكل الفلسطيني الذي لا بد له من ان يقف في وجه هؤلاء، ليؤكد لهما ان الوطن ليس "مزرعة" أو "إقطاعية" تملكتها أو توارثتها هذه الحركة أو تلك عن الآباء والأجداد، وان على الحركتين التوقف عن غيهما من اجل فلسطين والأجيال القادمة، وحتى لا يبقى سيف الانقسام مشرعا على رؤوس الفلسطينيين بيد من يتقنون الابتزاز وهم كثر. فالوطن ليس "للمتاجرة" ودم أطفال فلسطين كذلك، وفلسطين أهم من كل الحسابات "التافهة".
في ظل هيمنة العقلية الفئوية، وفي ظل سيادة المصالح الذاتية، "نبشر" الشعب الفلسطيني انه لن يكون هنالك مصالحة قريبة، وان أملكم في إنهاء الانقسام "كأمل إبليس في الجنة"، وإذا كان لا بد من مصالحة فهي لن تكون كافية لإنهاء الانقسام، وعليه لا بد من البحث عن صيغ أخرى جديدة تربط أو تعيد العلاقة بين شطري الوطن.
العلاقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل ما هو موجود من قيادات في كلتا الحركتين، لن يعيد الأمور إلى سابق عهدها، ولن يكون هنالك مجال سوى للبحث عن صيغ جديدة لعلاقة تبنى على أسس جديدة، مختلفة كل الاختلاف عن تلك التي سادت في السنوات الخوالي التي خبرناها.
هنالك في الشارع من يعتقد، بأنه وبدلا من محاولات إطلاق بالونات اختبار حول الكونفدرالية مع الأردن، خاصة وأن الجميع يعلم ان مثل هذه الصيغة لا تكون إلا بين دولتين مستقلتين، بدلا من ذلك، لا بد من البحث عن صيغ جديدة لعلاقة أفضل بين شطري الوطن، الذي قسمته حماس وفتح، وان موضوع الفيدرالية، قد يكون هو الشكل الأفضل بينهما، وهي دعوة نعتقد بانها أكثر حكمة وأقرب إلى المنطق، من كل محاولات الطحن في الهواء التي عاشتها فلسطين على مدار سنوات، والفيدرالية في نهاية المطاف، هي احد أشكال النظم الموجودة في العديد من دول العالم، وهي ليست اختراعا اكتشفه الفلسطيني ويريد تجربته واختباره.
إن الصيغة الأمثل لمثل هذه العلاقة بين قطاع غزة والضفة الغربية، هي البحث عن شكل من أشكال الفيدرالية بين شطري الوطن، في ظل وجود "زعامتين" متمسكتين بكل ما لديهما من قوة، في موضوع الهيمنة والتفرد وسلخ الوطن، لا بل وذبحه والسيطرة كل على شطره، خاصة وان هنالك من القضايا التي يبدو ان من غير الممكن حلها سوى بالفيدرالية.
من خلال النظام الفيدرالي يمكن الإبقاء على طموحات الطامحين، والإبقاء على امتيازات الطامعين، حيث تبقى الحكومتين كل في مكانها، ويبقي المستفيدين كل على مصالحه، مع تشكيل حكومة مركزية تتعامل مع القضايا التي ينص عليها النظام الفيدرالي، مثل السياسة الخارجية على سبيل المثال، برغم ما لهذا الموضوع من إشكاليات قد لا يتم التوصل إلى حلها بسهولة.
كما انه يمكن تشكيل مجلس تشريعي مشترك يمثل شطري الفيدرالية، عدا عن وجود مجلس تشريعي لكل فيدرالية لا علاقة له بالمجلس الفيدرالي المركزي، والإبقاء على الحكومتين المحليتين، كل واحدة تتابع شؤون إقليمها في كل ما يتعلق بالقضايا الداخلية والتي لا تخضع للنظام الفيدرالي المركزي.
إن أحد الأسباب الرئيسة لبقاء الانقسام، هو في هذا الكم من الامتيازات والمصالح التي أوجدها، والتي لا نعتقد بان من الممكن التنازل عنها بسهولة، كما لا نعتقد ان لها علاقة بكل ما يقوله "أمراء" الانقسام، وعليه فانه يمكن بنظام فيدرالي محكم الصياغة وبالاستعانة بالخبراء سواء المحليين أو من دول الفيدراليات الموجودة في العالم، للاستفادة من تجاربها في هذا المجال، يمكن إبقاء "هؤلاء" في عروشهم والحفاظ على مصالحهم، ويمكن لشطري الوطن "الوحدة" بشكل أو بآخر، وهو أفضل من بقاء الحال على ما هو عليه. هذه ليست دعوة لترسيخ الانقسام بقدر ما هي محاولة للإبقاء على "شعرة معاوية" بين جناحي الوطن، وإلا فالقادم ربما أعظم، لا بل هو بالتأكيد أعظم.
المطلوب ما بعد الدولة الفلسطينية
بقلم: فارس فائق ظاهر – وكالة معا
لقد شكل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 29/11/2012 تتويجا لنضال الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وانتصارا للقرارات الدولية التي أسس لها القرار 181 بحق الفلسطينيين بأن يكون لهم دولة كباقي شعوب المعمورة, ولكن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحصولنا على هذه الدولة لا يمثل نهاية المطاف وإنما يعتبر بمثابة إصدار شهادة ميلاد لهذه الدولة يتطلب تكريسه على أرض الواقع لعمل وجهد دؤوب بتبني إستراتيجية وطنية تعتمد على عمل داخلي وخارجي من أجل تحقيق متطلبات الدولة المستقلة, لأن هذا الانتصار لا يمكن له أن يطبق فعليا إلا من خلال توفر متطلبات تنفيذه على أرض الواقع في ظل الاحتلال وسياسته الرافضة لهذا القرار والمقابلة له بإجراءات استيطانية من أجل إفشاله وإبقائه حبرا على ورق.
فعلى الصعيد الخارجي يجب على القيادة الفلسطينية تكثيف جهودها سياسيا بتوظيف دبلوماسيتها من أجل خدمة قضيتها الوطنية وحشد الدعم الدولي من أجل تنفيذ هذا القرار وفضح إجراءات الاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه الاستيطانية الهادفة للإبقاء على الاعتراف الأممي بدولة فلسطين حبرا على ورق بشكل يجعل من الاستحالة إقامة دولة متواصلة جغرافيا من خلال تنفيذ خطة(e1) الاستيطانية من جهة والقيام بإجراءات عقابية بحق الحكومة الفلسطينية من شأنها أن تقوض وجودها مما جعلها على حافة الانهيار نتيجة سياستها تجاه حجز أموال العائدات الضريبية مما أثر على مكانتها وقدرتها بالوفاء بالتزاماتها وعدم قدرتها بالوفاء بفاتورتها الشهرية التشغيلية, والذي يتطلب من القيادة الفلسطينية اتخاذ إجراءات لمواجهة خطوات الاحتلال التي تهدد بقاؤها والقيام بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة على الأرض بالشراكة مع المجتمع الدولي والدول التي أيدت قرار قيام دولة فلسطين على حدود السابع من آذار عام 1967 بالبدء بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي تكرس واقع دولة مقابل دولة في العلاقات الثنائية وتطبيق ما جاء في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة وملحقاتها وتأصيل التعاون الدبلوماسي بين الدولة الوليدة والدول التي اعترفت بها وصوتت لصالحها في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنفيذ بنود القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي على دولة فلسطين وانضمامها لاتفاقيتي فينا عامي 1961و1963 المنظمة للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية وما يترتب عليها من التزامات تجاه هذه البعثات ومواطنيها في تلك الدول واستبدال جواز السفر الحالي بجواز سفر يحمل اسم دولة فلسطين مع حفظ كافة الحقوق لحامله كمواطن دولة مستقلة.
وقانونيا يجب الانضمام لمنظمات الأمم المتحدة وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية من أجل ملاحقة الاحتلال ومعاقبته على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني والعمل على تطبيق قرار محكمة لاهاي فيما يتعلق بالجدار وكافة القرارات الدولية المدينة للاحتلال والاستيطان والتي تحرم على الاحتلال استغلال مكونات وثروات أرض الدولة التي يحتلها وإلزامه بالحفاظ على تماسكها الجغرافي وتأدية كافة الحقوق تجاه الشعب الذي يقع تحت احتلالها كونها تقوم باحتلال دولة لها ارض يعيش عليه شعبها, وهذا من شأنه أن يضع حدا لسياسة التهويد والاستيطان التي يمارسها الاحتلال على الأرض بعد أن أخذت صيغة دولة تقع تحت الاحتلال وليس كما يدعي بأنها أرض متنازع عليها.ومن أجل تكريس واقع جديد على الأرض يجب العمل على تنفيذ الاتفاقيات والقرارات الدولية على هذه الدولة الوليدة التي تكفل لها حقها القانوني وحمايتها في حال تعرضت لها أي من الدول الأخرى من خلال العمل على تطبيق بنود اتفاقية الأمم المتحدة المقرة عام:1982 المتعلقة بقانون البحار والحدود الذي يمكنها من فرض سيادتها على كامل حدودها, وحق استخدام الموارد الطبيعية المتوفرة داخل أراضيها التي كان الاحتلال يهيمن عليها, والذي سينعكس إيجابا على الوضع القانوني لأسرانا في سجون الاحتلال وسيزيل عنهم صبغة الإرهاب التي يدعيها الاحتلال لأسرى حرب تنطبق عليهم كافة الأعراف والقوانين الدولية المختصة بمعاملة أسرى الحرب.
وعلى الصعيد الداخلي فنحن الآن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لتبني إستراتيجية وطنية تعمل على ترتيب البيت الداخلي نابعة من الذات الفلسطينية الواحدة بعيدا عن الإملاءات والأجندات الخارجية التي تسعى لبقاء الحال الفلسطيني على ما هو عليه لتبقى أرض فلسطين ساحة لتصدير أزماته الداخلية, والاستفادة من الأجواء الإيجابية بعد الانتصارين العسكري الذي حققته المقاومة في قطاع غزة والسياسي الذي حققته الدبلوماسية الفلسطينية بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالحصول على اعتراف أممي بدولة فلسطين, والذي يترتب عليه إنهاء الانقسام والبدء بتطبيق بنود اتفاق القاهرة لكي يتسنى لنا العمل موحدين على وضع لبنات هذه الدولة على الأرض ومواجهة سياسة الاحتلال المالية والاستيطانية التي تعمل للحيلولة دون تنفيذ هذا القرار مما يتطلب رص الصف الفلسطيني والتعالي على الجراح والخلافات الداخلية في سبيل قضيتنا الأسمى التي دفعنا الغالي والنفيس من أجل وضع اسم دولة فلسطين على خارطة العالم وإنهاء آخر احتلال عسكري معاصر على الأرض.والقيام بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية وإعادة ترتيب منظمة التحرير تمهيدا لإقرار دستور منظم للحياة العامة بالدولة والذي لا يمكن له أن يتحقق إلا من خلال المضي قدما بتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام, فلا يعقل أن يبقى الوضع الفلسطيني الداخلي يعاني من التداعيات السلبية للانقسام التي أثرت بشكل واضح على مكانة السلطة الفلسطينية مهددة بها بالانهيار في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها وإجراءات استيطانية للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية متماسكة جغرافيا بين شطري الوطن لكي نصل في نهاية المطاف لواقع يفرض نفسه على الأرض كتطبيق عملي لخطط تهويدية تحاك في الظلام من أجل تصفية القضية الفلسطينية وتقزيمها لتصبح قضيتنا هي دولة فلسطينية في قطاع غزة مع إمكانية اقتطاع شمال سيناء من الأراضي المصرية لصالحها والعمل على تهويد أرض الضفة الغربية واحتلالها بالكامل ضمن نهائيات إعادة ترتيب المنطقة العربية برؤية صهيو أمريكية طرحت ضمن بنود مشروع الشرق الأوسط الجديد.
وفي ظل التغيرات الإقليمية والدولية يبقى تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين على الأرض رهن قدرة هذه الدول على إلزام الاحتلال الإسرائيلي بالرضوخ لقرارات جمعيته العامة ومدى قدرتها على نسج علاقات متبادلة مع هذه الدولة الوليدة كباقي الدول الأخرى من جهة, وداخليا يبقى مرهون بقدرة القيادة الفلسطينية على إجراء تغييرات جذرية برفع مكانتها لدولة بعلاقتها مع المجتمع الدولي في ظل سيطرة الاحتلال على الأرض والانقسام بين شطري الوطن الذي سيتم التوصل في نهاية المطاف لإدارته وليس إنهائه الذي زاد من تعقيدات الوضع الداخلي الذي لا يبشر بقرب إحداث اختراق للوضع القائم والبقاء رسميا دولة حبر على ورق وفعليا دولة تحت احتلال.
نحو وحدة الرايات مجددا
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
وأخيرا، يبدو ان منطق الوحدة التي نبض بها قلب شعبنا في الضفة وغزة والشتات قد تغلب على صوت الانقسام وان منطق العقل تغلب على الاعتبارات الفئوية والحزبية بعد الجهود التي قامت بها فصائل العمل الوطني والاسلامي واعلان حكومة "حماس" في غزة عن موافقتها على اقامة المهرجان المركزي لاحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في السرايا والاعلان عن ان لجان "فتح" في القطاع المنظمة لهذا الاحتفال بدأت استعداداتها لاقامته. وهو تطور هام يعيد الى اجواء المصالحة الوطنية ذلك الزخم الذي تولد مع تجسيد وحدة شعبنا خلال العدوان الاسرائيلي على غزة ثم خلال احتفالات الانجاز الدبلوماسي السياسي بالاعتراف الدولي بفلسطين دولة تحت الاحتلال بصفة مراقب في الامم المتحدة، وهي الاجواء التي بدأت تخبو الاسبوع الماضي بعد ان حاول البعض عرقلة اقامة هذا المهرجان تحت حجج وذرائع واهية.
واذا كان مهرجن الانطلاقة الـ ٤٨ مهرجان وطني بامتياز لأن الثورة الفلسطينية المعاصرة التي اطلقتها "فتح" اواخر عام ١٩٦٤ ومطلع العام ١٩٦٥ هي ثورة الشعب الفلسطيني باسره بعماله وفلاحيه وطلابه ومختلف فئاته الدينية والفكرية وهي الثورة التي جاءت ردا على الاحتلال ومحاولات طمس قضية شعبنا وتصفيتها وردا على محاولات فرض التبعية والوصاية وتكريس اللجوء. ولهذا فأن هذه الثورة العظيمة التي اطلقتها فتح قبل عقود وتواصلت لتحفر اسم فلسطين في ضمير العالم اجمع ولتحقق من الانجازات ما جعل فلسطين رقما صعبا عصيا على النسيان او القفز عنه، هذه الثورة هي ثورة ابناء الشعب الفلسطيني باسره بعيدا عن الفئوية والحزبية. ولهذا كان من المستغرب ان يكون هذا اليوم الوطني الذي يمثل ذكرى الانلاقة التي يفتخر بها كل فلسطيني، موضع تجاذب وخلاف او ان تتم عرقلة احياء مهرجان الانطلاقة.
وفي كل الاحوال، فقد احسن صنعا كل من غلب صوت الوحدة والعقل وبث الأمل مجددا في نفوس ابناء شعبنا بقرب انهاء هذا الانقسام المأساوي لنرى رايات العمل الوطني والاسالمي جنبا الى جنب مرفوعة خفاقة ليس فقط في ذكرى الانطلاقة بل ايضا في مواجهة التحديات الجسيمة التي يفرضها الاحتلال امام شعبنا باسره، لتستعيد ساحتنا السياسية وحدتها ودرع الأمان الواقع في المسيرة الطويلة نحو فلسطين المستقلة.
رسالة واضحة لاسرائيل
تصرخ تسيبي ليفني، زعيمة حزب "كاديما" السابق وحزب "الحركة" الجديد في وجه وزير الخارجية المتشدد ليبرمان الذي دعا الرئيس محمود عباس الى تنفيذ تهديده بحل السلطة الوطنية والاعتذال وتسليم المفاتيح لاسرائيل اذا ما تواصل الجمود الراهن، محذرة نتانياهو ليبرمان من ان هذا الخيار الذ يالمح اليه الرئيس ابو مازن في لقاء مع صحيفة "هارتس" يشكل خطرا على ما اسمته الديمقراطية الاسراذيلية والدولة اليهودية، وهو ما يؤكد ان على اسرائيل ان تختار بين سلام يتمتع فيه الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني مدعوما بقرارات الشرعية الدولية او ان تتحمل مسؤولياتها كقوة احتلال تسعى كل ما بوسعها لاحباط حل الدولتين وتدمير السلطة الوطنية ومواصلة الاستيطان.
ومن الواضح ان الشعب الفلسطيني الذي ايد عملية سلام تقود الى تحرره من الاحتلال واقامة دولته المستقلة، وصبر منذ اتفاقيات اوسلو ١٩٩٣ وحتى اليوم منتظرا تحرره واستقلاله لا يمكن ان يقبل باستمرار الوضع الراهن ولا يمكن ان تقبل ايضا سلطة وطنية غير قادرة على تحقيق الحد الادنى من حقوقه ولا يمكن ان يقبل باستمرار العيش وسط الفاقة والفقر والقيود التي يفرضها الاحتلال تحت يافطة سلام وهمي.
واذا كانت الحكومة الاسرائيلية قد سعت كل ما بوسعها لتدمير السلطة الوطنية واظهارها عاجزة سياسيا واقتصاديا في ظل استمرار الاحتلال والاستيطان، فقد احسن الرئيس صنعا عندما قذف الكرة بقوة الى ساحة الاحتلال ليتحمل مسؤولياته بموجب القانون الدولي طالما ان اسرائيل تصر على استمرار الاحتلال وهو الخيار الذي يرعب قادة اسرائيل الذين يريدون دولة ديمقراطية ويهودية.
ومهما كان الهدف من التصريحات التي ادلى بها الرئيس للرأي العام الاسرائيلي ضمن الواضح ان القيادة الفلسطينية لا يمكن ان تقبل باستمرار الجمود الحالي ولا ان تكون السلطة الوطنية مجرد اسم دون صلاحيات فعلية ودون انجازات حقيقية وبالتالي فان على اسرائيل ان تختار بين منطق الاحتلال والحرب ودوامات العنف وبين منطق السلام، اما ان تواصل مهزلة الاحتلال ومأساة شعب باكمله تحت يافطة مضللة هي مفاوضات السلام المفرغة من اي مضمون فهذا ما يرفضه الشعب الفلسطيني وقيادته وهي الرسالة الرئيسية التي وجهها الرئيس عباس الى اسرائيل في مقابلته المذكورة.
السعي لإعادة إنتاج "الكرامة"
بقلم: صادق الشافعي – جريدة الايام
"الكرامة" هنا هي المعركة البطولية، في آذار 1968، التي تصدى فيها مقاتلو الثورة الفلسطينية "الفدائيون"، بإسناد قوي من الجيش الأردني الباسل، لقوات العدو الصهيوني التي اقتحمت الحدود الأردنية بهدف الإجهاز عليهم، وأوقعوا فيها خسائر فادحة اضطرتها إلى الانسحاب خائبة، فكانت بذلك أول نصر عربي بعد هزيمة 1967.
يومها شارك في المعركة كل فدائي وجد على أرض الكرامة من أي تنظيم كان، لكن لواء قرار المعركة وقيادتها انعقد لحركة فتح ولشخص ياسر عرفات.
كانت للكرامة الكثير من النتائج العظيمة والتداعيات على كل المستويات الوطنية والعربية:
- بعد الكرامة، حسمت قيادة الثورة لصالح "فتح" تماماً، وتضاعف ـ ربما مرات ـ حجم فدائييها وإمكانياتها وقدراتها.
- بعد الكرامة بشهور معدودة حسمت "فتح" أمرها بالدخول إلى منظمة التحرير، وشكلت العمود الفقري المقرر لقيادتها ولكل أجهزتها ومؤسساتها. ودخلت معها كل تنظيمات الثورة. وتكرست المنظمة بكونها الكيان السياسي للشعب الفلسطيني.
وكان لذلك ما بعده الكثير، إن بالنسبة للنضال الوطني الفلسطيني وإن بالنسبة لـ"فتح" ذاتها، وعلى كل المستويات.
- بعد الكرامة تكرّس ياسر عرفات بوصفه القائد الفلسطيني الكاريزمي الذي يحظى بالقبول الشعبي وقبول تنظيمات الثورة، وبالقبول العربي. واستمر كذلك حتى يوم استشهاده.
وقد تنبه أبو عمار منذ البداية الأولى إلى أهمية الوحدة الوطنية لكل التنظيمات والقوى والشخصيات والهيئات المدنية في إطار المنظمة وتمسك بها بقوة، ونجح في استمرارها.
كما وعى مبكراً أهمية النضال السياسي إلى جانب النضال الكفاحي، واستعمل لغته وأدواته المناسبة.
- بعد الكرامة، تبنت مصر عبد الناصر حركة فتح، وفتحت لها الطريق إلى قيادة منظمة التحرير، كما فتحت لها أبواب العلاقة مع قوى ودول عديدة أهمها الاتحاد السوفيتي ومعه دول الكتلة الشرقية. وكذلك فعلت الأنظمة العربية.
هل تعيد معركة غزة إنتاج معركة الكرامة ونتائجها وتداعياتها، وإن ببعض الاختلاف والتمايز بسبب تغير الزمن والظروف، متمثلة هذه المرة في تنظيم "حماس" وفي شخص خالد مشعل؟ وهل تسعى "حماس" إلى ذلك؟
للمقارنة:
- كرست معركة غزة الأخيرة وضع حماس كقيادة مطلقة للقطاع.
وجرى تجيير كل فعل الصمود والرد العسكري المؤثر لصالحها، حتى مع مشاركة الجميع في إنجازه، وبفعل عسكري لبعضها لا يقل عن فعل حماس.
وخرجت من المعركة أيضاً بزخم كبير يشجعها على التطلع بقوة إلى قيادة عموم الوضع الفلسطيني.
- حماس تعطي الأولوية (بالتوجه والتوقيت)، في مساعي المصالحة الفلسطينية، إلى إعادة بناء منظمة التحرير، بما يشكل الولادة الثالثة للمنظمة كما صرح بذلك خالد مشعل في وقت سابق.
( في الولادة الأولى رئسها الشقيري، وفي الثانية عرفات، وفي الثالثة... ؟).
يشجعها على ذلك، تصورها أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي سينتخب اللجنة التنفيذية، سيتم تعيين معظم أعضائه، أو كلهم ربما، بالتوافق بين فتح وحماس أساساً، وهذا وضع في مصلحتها بالزخم الذي خرجت به من معركة غزة، والاستفادة من دعم أنظمة عربية مؤثرة.
- وحماس ليست مستعجلة ولا متشجعة على توحيد السلطة الوطنية بمؤسساتها وأجهزتها، بما يترجم أجواء المصالحة الاحتفالية إلى واقع إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
والفرق بينها بيّن.
خصوصاً أن مفتاح التوحيد وخطوته الأولى هي الذهاب إلى انتخابات عامة لا تبدو حماس راغبة بها أو جاهزة لها الآن.
أولوية حماس، في هذا المجال، هي تشكيل الحكومة المؤقتة. وهي (الحكومة) تنضج الظروف المناسبة للانتخابات، في مدى زمني لا يعلمه إلا الله.
وهي تبدي حرصها على استمرار أجواء المصالحة الاحتفالية.
هذه الأجواء لا يمكن ضمان استمرارها، وما رفض حماس إقامة حفل انطلاقة فتح في ساحة الكتيبة، وما يحدثه من خلاف، خير شاهد.
عدم الاستعجال هذا بقدر ما ينسجم مع إعطاء الأولوية لإنجاز موضوع المنظمة، فإنه يخدم حاجة حماس إلى الوقت لاستكمال انتخاباتها الداخلية وترتيب أوضاعها الذاتية، وحشد قواها وبناء استعداداتها في الضفة في أجواء المصالحة السائدة، لخوض الانتخابات بجاهزية عالية، إذا ومتى ما نضجت ظروفها.
- أظهرت معركة غزة بجلاء أن دولاً عربيةً مؤثرةً تدعم حماس وتتعامل معها على قدم المساواة لتعاملها مع قيادة السلطة الوطنية، إن لم يكن أقوى، بالذات دولة مصر بنظامها الجديد.
- خلال معركة غزة وبعدها حرص خالد مشعل على تقديم نفسه بوصفه القائد الفلسطيني إلى درجة أن الكثيرين قارنوه بالشهيد ياسر عرفات.
وهو أيضاً، كعرفات أظهر وعياً بأهمية العمل السياسي إلى جانب النضال الكفاحي، فخاطب جماهير غزة بمنطق ولغة الكفاح والمقاومة وتحرير كل الوطن التاريخي، بينما خاطب "الآخر" بلغة السياسة وبمنطق سياسي يقترب كثيراً من منطق رجل الدولة، كما في مقابلته مع شبكة (سي.أن.أن) الأميركية مثلاً.
إذا كان المسعى هو إعادة نتائج "الكرامة" فعلاً، فإنه يقوم على الرهان على عامل الزمن وعامل مآل المتغيرات في البلدان العربية وما قد يخلقان من حقائق جديدة.
وربما الرهان على عوامل أخرى.
شرعية أبو مازن.. وهذيان ليبرمان
بقلم عبد الناصر النجار- جريدة الايام
عادت أسطوانة ليبرمان تعزف نشازاً ملوثاً، وعنصرية رجل مافيا لم تحمله كفاءته إلى السلطة في إسرائيل، وإنما جمهور يميل بشكل متواصل منذ عقدين نحو التطرّف والولوج في وحل العرق المتفوّق.
في تصريحاته لصحيفة (هآرتس) العبرية، أول من أمس، كان الرئيس أبو مازن واضحاً، إذا لم يحصل تقدم واضح في المسيرة السياسية، وإذا ما استمر التدهور الاقتصادي وتواصل الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية؛ فالبديل هو أن يتسلّم نتنياهو المسؤولية عن الضفة الغربية، ولا يمكن القبول بالاحتلال غير المباشر الرابض خارج المدن، والذي عاد خلال الأسابيع الماضية لاحتلال مباشر بكل معنى الكلمة حتى للمناطق المصنفة (أ)، والتي من المفترض أن تكون خاضعةً بشكل كلّيٍّ للسلطة الفلسطينية، ولا يحقّ للإسرائيليين دخولها إلا بتنسيق مسبق مع السلطة.. لم يعد هذا الأمر قائماً في ظل الاقتحامات اليومية والاعتقالات والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، دون أي اعتبار للسلطة، وهذا يحمل رسالةً واضحةً مفادها السعي إلى إنهاء السلطة وهيبتها ومقومات وجودها.
في ظل هذه المعطيات تصبح تصريحات أبو مازن واقعيةً جداً، وهو كان دائم الحديث عن هذا الوضع مع كل من يلتقيه في اجتماع مغلق أو مفتوح، ثنائياً أكان أم جماعياً.
تحدث أبو مازن، سابقاً، عن احتمال انهيار السلطة وليس حلّها؛ لأن عوامل الانهيار تأتي بسبب الاعتداءات الإسرائيلية. وتكثيف هذه الاعتداءات، مؤخراً، وخاصةً الحصار والعربدة المالية وسرقة مستحقات السلطة من الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون؛ أوصل الأمور إلى عدم قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها عدة أشهر، وبالتالي أصبح انهيار السلطة شبه قائم.
ولكن، ثمن انهيار السلطة سيدفعه الذي تسبب به، وهو الاحتلال وقادته من أمثال نتنياهو والمأفون ليبرمان... وسيتحمّل الإسرائيليون المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار، الذي لن يقابل بالصمت أو تقديم الشكر؛ لأنه سينشئ واقعاً جديداً... القادة الإسرائيليون أعلم به... .
ليبرمان الذي ينتظر "وصمة العار" في نهاية محاكمته عن جرائم الفساد، يرد على "أبو مازن" بالقول: "إنه ينتظر اليوم الذي يذهب فيه أبو مازن، لأن الأمور ستكون ناضجةً لاستئناف عملية السلام". ونحن لا ندري عن أي عملية سلام يتحدث هذا العنصري، ومع من سيستأنف المحادثات.
إذا اعتقد ليبرمان والقيادة الإسرائيلية أن هناك "روابط قرى" جديدة أو "لحد" جديد فهم مخطئون، بل واهمون، وهم بحاجة إلى إعادة قراءة التاريخ الفلسطيني القديم والحديث كي يتأكدوا مما سيواجه الاحتلال إذا ما انهارت السلطة.
عندما يتحدث ليبرمان عن خيارات فلسطينية كثيرة، فهو يعيش في عالم آخر؛ لأن الخيارات الفلسطينية يقررها الشعب الفلسطيني وليس المحتل... والخيار الفلسطيني اليوم وغداً واضح وساطع وغير قابل للمناقشة.
هنا قيادة وطنية فلسطينية مناضلة وشرعية منتخبة من الشعب.. أي أن صناديق الاقتراع هي من أعطت الشرعية للرئيس أبو مازن.. وليس المهاجر والدخيل على هذه الأرض الفلسطينية المقدسة من كل أصقاع الدنيا.
سياسة العزل والاغتيال التي مارستها إسرائيل بحق الرئيس الشهيد ياسر عرفات لن تمر هذه المرة... وكل التحريض الذي يمارسه المجرم ليبرمان لن يؤثر في قدرة الشعب الفلسطيني على الدفاع عن رموز الشرعية الوطنية وحمايتها.
ما بعد صلح الحديبية هنا وهناك يأتي الفتح المبين
بقلم : حسين حجازي – جريدة الايام
أخيراً وبعد أخذ ورد، وتدخل الوجهاء وبعد مخاض عسير من المتوقع أن يكون الدخان الأبيض، قد صعد من منزل الأخ إسماعيل هنية رئيس الحكومة الغزية، في مخيم الشاطئ إيذاناً بالموافقة على عقد المهرجان في ساحة المبنى القديم للسرايا الحكومية، في غزة كبشرى وفاتحة سارة، تستبشرون فيها عامكم الجديد، كل عام وأنتم وفلسطين بخير. بعودة "فتح" إلى الساحة بعد غياب خمس سنوات لتكون بمثابة الإشارة الأكثر رمزية وعاطفية عن قرب انتصار الفلسطينيين هذه المرة، "فتح" و"حماس" معاً على انقسامهما المدمر، بعد أن لم يعد ممكناً للمزاج الفلسطيني تقبل هذا الانقسام، ولا المماحكات أو التلكؤ في تجاوز هذا القطوع.
والواقع أنه حسناً تغلبت "حماس" على بقايا ترددها وفضلت في هذا الاختبار الأول والمباشر بعد التغير الكبير الذي حدث أواخر العام، أن تكيف موقفها بالانسجام مع المزاج الفلسطيني. إذا كان حتى ظهور "فتح بعد غياب عن الحضور الجماهيري على الساحة بحشد قوي لا يمكنه أن ينتقص من الوزن والحضور الجماهيري الفاعل لـ"حماس". ومن شأن ذلك أن يصب في إعادتنا إلى المربع الأول والقديم أي التنافس الحر والشريف، التنافس الذي يوصف بكونه الأكثر أخلاقية واستقامة بين حركتين كبيرتين يملك كل منهما جمهوره وشارعه، وهذه العودة إلى الملعب الأول هي التي تسمح لنا البناء عليها لاحقاً، بتجاوز أحقاد ورواسب الانقسام إذا كان في ذلك أي القبول بقواعد اللعبة النزيهة والنظيفة، بمثابة كسر الحاجز النفسي الأكبر، رهاب الخوف من الحضور الاحتفالي للآخر براياته ورموزه، وخطابه. هنا لا خوف عليكم من رؤية الآخر بعظم حضوره، ومن الانتخابات القادمة إذا كان هذا التحول في المشهد الذي يحيلنا إلى معاينة كلينا الآخر وجهاً لوجه، هو الذي من شأنه فقط أن يجعل كلاً من الآخر مرآة عاكسة. وللشعب أن يقرر بحريته وإرادته التصويت، لكن بعد إزاحة هذه القشرة المضللة والحارفة للأبصار، من قبيل الشعور بالتعاطف مع حركة هنا تتعرض للاضطهاد وحركة هناك تتعرض لاضطهاد مقابل. اضطهاد "فتح" في غزة واضطهاد "حماس" في الضفة.
هيا إذن نتحرر من القيود والإرث السيئ الذي صنعناه، كل منا حول الآخر . هيا نحرر انفسنا من هذا العفن، فنحن المضطهدون من الاحتلال لا نملك هذا الترف أن نمارس الاضطهاد على أنفسنا، وان مجمل التجربة السياسية على طول تاريخنا، تاريخ الحركة الوطنية التحررية لم تكن تطرح علينا خياراً آخر سوى ممارسة الديمقراطية، والوحدة في إطار الصراع، التنافس بين الأضداد. الستينيات والسبعينات، القومية واليسارية مقابل التيار الوطني "الوطنية الخالصة"، هذا الصراع الذي سمي أيديولوجياً باليمين واليسار. واليوم فإن ذلك في مصر وتونس وفلسطين، لا يختلف في المضمون بين الإسلام السياسي أو الراديكالي، وبين تيار الوطنية القومي أو العلماني، وانه في جميع هذه التجارب اليوم لا بديل عن الحوار والاتفاق على الشراكة الوطنية الجامعة.
والواقع أن المفارقة، المعضلة في الأزمة الراهنة التي تشهدها تونس ومصر وحتى سورية ونحن هنا في فلسطين.
إن الإسلام السياسي الراديكالي لا يصعد في حقبته التاريخية على جثة هامدة من الفراغ التاريخي للمكون الآخر، كما كان الحال في لحظة نادرة، عقد الخمسينيات والستينيات خلال الصعود الكاسح لتيار القومية واليسار وهذا يعني في الحالة الفلسطينية أن "فتح" وهي في عمر الثامنة والأربعين أي في أزمة منتصف العمر، لا تبدو كما لو أنها حركة تعاني من أعراض الانحلال التاريخي تماماً كما يبدو حزب البعث، والتيار القومي السوري العلماني الذي يحكم سورية، على هذا القدر من الصلابة وعدم القابلية للانكسار حتى في ظل هجمة دولية لا سابق لها.
هيا نفهم المسألة في إطارها التاريخي، فإن "فتح" التي تبرهن اليوم، أنها ليست حركة طارئة في تاريخ الشعب الفلسطيني، فإن صمودها وبقاءها بل بقاءها إلى اليوم إنما يعزى إلى القرينة الوحيدة هنا، وهي عدم نفاد دورها التاريخي، أي دافع وجودها ومبرر بقائها هو مشروعها الخلاصي من الاحتلال، وتحقيق التحرر والاستقلال، بوصفها التيار الوطني الجامع للشعب الفلسطيني، أو الحركة الأم.
لا تموت الحركات الثورية الكبيرة ذات الجذور العميقة والمتأصلة، في تربتها الوطنية والحاملة لهوية وطنية، هكذا كانحلال مفاجئ على فراش المرض. وهي يمكن أن تمر بانتكاسات وتحولات بل تقلبات، وحتى بعد فقدان الغالبية العظمى من صفوتها القيادية، المؤسسين فإنها تملك استناداً إلى تراكم وعظمة تجربتها ومعاركها وحروبها هذه القدرة على مواصلة البقاء، كنوع من التراجيديا الإغريقية. لتبدو عند هذا العمر المتطاول أقرب إلى حكمة وتعقل واتزان الشيوخ، كما القدرة والمرونة على إحداث التكيفات مع الواقع، ولكن دون إبداء أي علامة على التصدع أو الانهيار.
ولعله من المناسب اليوم التأمل في هذه المفارقة التي يطرحها الواقع السياسي الفلسطيني، في الفارق الذي يطرحه العمر، بين فتوة "حماس" كحركة شابة، مفعمة بالحماس والعنفوان، وبين "فتح" كبيرة السن. شباب وشيوخ. حين تطرح السبابة التي ترمز إلى الحقبة البطولية من العمر، الفتوة والشباب مسألة القيادة والأيديولوجية، الأفكار الكبيرة والمثالية عن تغيير العالم، بينما جيل الشيوخ أقرب في نظرتهم وأفكارهم للواقع، والأكثر شكاً في أفكار ومعتقدات الشباب. إن شكلاً من صراع الأجيال ما ينطبق أيضاً على العلاقة، الصراع غير الخفي بين "فتح" و"حماس". صراع على القيادة.
لكن تراه ما هو الطريق من هنا لتسلم زمام القيادة ما بعد صلح الحديبية وإرساء أسس دولة المدينة في يثرب، في تصور "حماس" إذا كنا عرفنا الآن ما بعد صلح الحديبية، خاصية عرفات وأبو مازن و"فتح" في اوسلو. صلح الحديبية هنا المقابل لاتفاق الهدنة في غزة، بعد الحرب الأخيرة التي اعتبرت انتصاراً. فما المشروع الذي تملكونه يا "حماس" بعد أن أرسيتم دولة المدينة إذا كان المشروع المقابل هناك، ما بعد الحديبية في اوسلو هو الإقرار بالدولة الفلسطينية المعترف بها على حدود الرابع من حزيران 1967 بما يشمل الضفة وغزة، يثرب ومكة ومعاً. هذا هو السؤال المفصلي يا "حماس" الذي نقف معكم عنده. ماذا بعد صلح الحديبية وان الجواب عليه هو من يحدد جدارة القيادة. وأقول لكم اليوم إن جدارة القيادة تتحدد الآن بكلمة واحدة الركض مسرعين بأقصى طاقة إلى استعادة الوحدة مع "فتح"، رام الله تماماً كما يقول سوفوكليس في "مأساة أوديب ملكا" إن سعادة الإنسان في أن لا يأتي إلى هذه الدنيا أبداً، ولكن أما وقد حدث ذلك فعليه أن يحث الخطى مسرعاً للعودة للمكان الذي جاء منه. العودة الآن جميعاً إلى المكان الذي جئنا منه إلى حضن البيت الفلسطيني الواحد. لكيما نكون قادرين سوياً على مواجهة لا شقاء الوجود في هذه الدنيا ولكن شقاء الوجود في هذه الدنيا تحت الاحتلال واشتمام روث هذا الاحتلال على حد سواء. وإذا كانت فقط اسرائيل هي التي لها المصلحة الأكبر في إخراج غزة، فصل يثرب عن مكة التي هي القدس والضفة الغربية. وكل عام وأنتم بخير.
الفلسطيني تحت الحصار
بقلم: حافظ البرغوثي – جريدة الحياة
القرار السيادي المفاجئ الذي أصدره الجيش المصري حول تملك الأراضي على الحدود الشرقية في سيناء ومنع غير المصريين من التملك، جاء وسط سيل من التكهنات والوقائع حول انتقال ملكية أراض في سيناء الى جهات وشركات وأشخاص فلسطينيين من غزة، وجاء مناقضاً لقرار أصدره الرئيس المصري بإلغاء النص الدستوري الصادر عام 1971 الذي كان يحظر بيع الأراضي في سيناء ويتيح للرئيس المصري الجديد التصرف في الأراضي بموافقة مجلس الشعب.
ما زالت عقيدة الجيش المصري حتى الآن تقوم على أساس أن الخطر على مصر يأتي من الجبهة الشرقية.. وكانت كل مناورات الجيش المصري حتى في زمن مبارك تستند الى هذه العقيدة العسكرية، وقد استشعر الجيش المصري مؤخراً ان هناك عمليات شراء أراض لشركات وأشخاص غير مصريين ونصف مصريين مثلاً في سيناء وخاصة العريش بالتزامن مع الحديث عن دولة فلسطينية في غزة جرى الهمس بها إبان المشاورات حول التهدئة الأخيرة، بل ان القرار العسكري المصري جاء مع بدء اتصالات سرية بإشراف أميركي قطري بين حماس واسرائيل لصياغة تسوية مؤقتة حول إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في غزة، وهو مشروع اسرائيلي سبق للرئيس الراحل أبو عمار أن رفضه في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات عندما طرحه مناحيم بيغن ثم أعاد شمعون بيريس طرحه في نهاية المرحلة الانتقالية على أبو عمار ورفضه وسبق للملك الأردني الراحل الملك حسين أن حذر أبو عمار من القبول به قبل ذلك، لأن دولة فلسطينية في غزة تعني شطب قيامها في الضفة الغربية والقدس حتى لو امتدت دولة غزة الى العريش، كما اقترح بيغن وبيريس، لكن حركة حماس وضعت الدولة ذات الحدود المؤقتة في صلب عقيدتها السياسية وأيدته سراً وعلانية حتى اشترط الرئيس أبو مازن على خالد مشعل في دمشق اعلان معارضته لهذا المشروع في مؤتمر صحفي مشترك.
الحرب الأخيرة في غزة جاءت عملياً لتعميد هذا المشروع مجدداً وكانت شخصيات وجهات مقربة من حماس عملت في السنوات الأخيرة على شراء أراض متاخمة لغزة في سيناء، وأعاد الاسرائيليون الحديث عنه كما أسلفنا في أكثر من مقال في حينه وجددوا القول ان سيناء عملياً هي أرض فلسطينية فصلها خط الحدود التركي عام 1906 وليس غريباً أن يعقد زعيم الاخوان في الاردن همام سعيد وقادة حماس اجتماعاً في تركيا لبحث المشروع باعتبار انه يعفي جماعة الاخوان ككل من التفاوض مع اسرائيل ويتيح اقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة وقلب الوضع في الضفة لاحقاً لمصلحة حماس ربما بمساعدة اسرائيلية وإقامة فيدرالية أو كونفدرالية مع الاردن باعتبار أن جماعة الاخوان الأم في مصر توصلت الىتفاهمات مع الادارة الاميركية تتيح لها تسلم الحكم تباعاً في مسلسل الربيع العربي قيد البث.
ولعلنا نشير هنا الى ان مشروع دولة غزة أولاً أو الدولة المؤقتة لاحقاً كان في صلب مشروع شارون للانسحاب الأحادي من غزة أولاً ثم ترسيم الحدود من جانب واحد في الضفة دون الدخول في مفاوضات مع السلطة الوطنية. وهو ينص على الانسحاب من غزة ثم الانسحاب لاحقاً من جزء من الضفة يتجاوز المنطقة «أ» بقليل، ولعل المشروع الاستيطاني الأخير لحكومة نتنياهو في القدس جاء ضمن هذا السياق أي لمنع قيام دولة فلسطينية متصلة الأجزاء بقطع الضفة من منطقة القدس ضمن مشروع «e1» الاستيطاني وترحيل قضايا الحل النهائي كالقدس واللاجئين والحدود الى ما لا نهاية.
بالنسبة لحركة حماس كما يتبين فإن الهم ليس استعادة الأرض، بل السيطرة على أي جزء من الأرض والسكان وترك القضايا العالقة للمستقبل. وهذا التقاطع بين المفهومين الاسرائيلي والحمساوي الاخواني هو مدار البحث حالياً بين اسرائيل والادارة الاميركية ومصر وحماس وقطر وتركيا بالتزامن مع الغضب الاميركي الشديد على القيادة الفلسطينية للجوئها الى الجمعية العامة ورفع مكانة فلسطين الى دولة غير عضو ويكفي الاستدلال بعبارة قالها الرئيس الاميركي أوباما في رسالة الى الرئيس عباس قبل ساعات من التصويت في الجمعية العامة تقول «انكم تتجاوزون الخطوط الحمراء» فهل اقامة الدولة الفلسطينية خط أميركي أحمر والمؤقتة هي الأخضر؟<hr>